The witness version of Ziyād b. ʿAbd Allāh b. al-Ṭufayl al-Kūfī al-Bakkāʾī al-ʿĀmirī

السيرة النبوية لمحمد بن اسحاق في روية زياد بن عبد الله البكائي

محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي



كتاب المبعث

HSNXV01P003B

قال أبو محمد عبد الملك بن هشام حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي بهذا الذي ذكرت من نسب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم عليه السلام وما فيه من حديث إدريس وغيره.


سياقة النسب من ولد إسماعيل عليه السلام *

HSNXV01P004E

قال ابن هشام حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام اثني عشر رجلا نابتا وكان أكبرهم § وقيذر وأذبل ومبشا ومسمعا وماشي ودما وأذر وطيما ويطور ونبش وقيذما وأمهم رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي.


HSNXV01P005C

قال ابن إسحاق جرهم بن يقطن بن عيبر بن شالخ ويقطن هو قحطان بن عيبر بن شالخ.


عمر إسماعيل عليه السلام ومدفنه *

HSNXV01P005E

قال ابن إسحاق وكان عمر إسماعيل فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات رحمة الله وبركاته عليه ودفن في الحجر مع أمه هاجر رحمهم الله تعالى.


وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل مصر وسبب ذلك *
HSNXV01P007B

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فقلت لمحمد بن مسلم الزهري ما الرحم التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم فقال كانت هاجر أم إسماعيل منهم.


أصل العرب *
HSNXV01P007E

قال ابن إسحاق عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح وثمود وجديس ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح وطسم وعملاق وأميم بنو لاوذ بن سام بن نوح عرب كلهم فولد نابت بن إسماعيل يشجب بن نابت فولد يشجب يعرب بن يشجب فولد يعرب تيرح بن يعرب فولد تيرح § ناحور بن تيرح فولد ناحور مقوم بن ناحور أدد بن مقوم فولد مقوم فولد أدد عدنان بن أدد.


أولاد عدنان *
HSNXV01P008C

قال ابن إسحاق فمن عدنان تفرقت القبائل من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فولد عدنان رجلين معد بن عدنان وعك بن عدنان.


أولاد معد *
HSNXV01P010C

قال ابن إسحاق فولد معد بن عدنان أربعة نفر نزار بن معد وقضاعة ابن معد وكان قضاعة بكر معد الذي به يكنى فيما يزعمون وقنص بن معد وإياد بن معد فأما قضاعة فتيامنت إلى حمير بن سبأ وكان اسم سبأ عبد شمس وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبى في العرب ابن يشجب بن يعرب بن قحطان.


قنص بن معد ونسب النعمان بن المنذر *
HSNXV01P011C

قال ابن إسحاق وأما قنص بن معد فهلكت بقيتهم فيما يزعم نساب معد وكان منهم النعمان بن المنذر ملك الحيرة.


HSNXV01P011D

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري أن النعمان بن المنذر كان من ولد قنص بن معد.


HSNXV01P011E

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن شيخ من الأنصار من بني زريق أنه حدثه § أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أتي بسيف النعمان بن المنذر دعا جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي وكان جبير من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة وكان يقول إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أبو بكر الصديق أنسب العرب فسلحه إياه ثم قال ممن كان يا جبير النعمان بن المنذر فقال كان من أشلاء قنص بن معد.


HSNXV01P012B

قال ابن إسحاق فأما سائر العرب فيزعمون أنه كان رجلا من لخم من ولد ربيعة بن نصر فالله أعلم أي ذلك كان.


أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن وقصة شق وسطيح الكاهنين معه *

HSNXV01P015C

قال ابن إسحاق وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه فقال لهم إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بها وبتأويلها قالوا له اقصصها علينا نخبرك بتأويلها قال إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها فقال له رجل منهم فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق فإنه ليس أحد أعلم منهما فهما يخبرانه بما سأل عنه.


نسب سطيح وشق *
HSNXV01P015E

واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان وشق ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنمار بن نزار وأنمار أبو بجيلة وخثعم.


نسب بجيلة *

ربيعة بن نصر وسطيح *

HSNXV01P016C

قال ابن إسحاق فبعث إليهما فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها قال أفعل رأيت حممه خرجت من ظلمه فوقعت بأرض تهمه فأكلت منها كل ذات جمجمه فقال له الملك ما أخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها فقال أحلف بما بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش فلتملكن ما بين أبين إلى جرش فقال له الملك § وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني هذا أم بعده قال لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين قال أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع قال لا بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال ومن يلي من ذلك من قتلهم وإخراجهم قال يليه إرم بن ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع قال لا بل ينقطع قال ومن يقطعه قال نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي قال وممن هذا النبي قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر قال وهل للدهر من آخر قال نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون قال أحق ما تخبرني قال نعم والشفق والغسق والفلق إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق.


ربيعة بن نصر وشق *
HSNXV01P017C

ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان فقال نعم رأيت حممه خرجت من ظلمه فوقعت بين روضة وأكمه فأكلت منها كل ذات نسمه § قال فلما قال له ذلك وعرف أنهما قد اتفقا وأن قولهما واحد إلا أن سطيحا قال وقعت بأرض تهمه فأكلت منها كل ذات جمجمه وقال شق وقعت بين روضة وأكمه فأكلت منها كل ذات نسمه فقال له الملك ما أخطأت يا شق منها شيئا فما عندك في تأويلها قال أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران فقال له الملك وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده قال لا بل بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن ويذيقهم أشد الهوان قال ومن هذا العظيم الشان قال غلام ليس بدني ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن فلا يترك أحدا منهم باليمن قال أفيدوم سلطانه أم ينقطع قال بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل قال وما يوم الفصل قال يوم تجزى فيه الولاة ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات ويجمع فيه بين الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات قال أحق ما تقول قال إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.


استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب *

HSNXV01P019D

قال ابن إسحاق فلما هلك ربيعة بن نصر رجع ملك اليمن كله إلى حسان بن تبان أسعد أبي كرب وتبان أسعد هو تبع الآخر ابن كلي كرب بن زيد وزيد هو تبع الأول بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الريش.


HSNXV01P019F

قال ابن إسحاق ابن عدي بن صيفي ابن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظلم بن زيد بن سهل بن عمرو § ابن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج والعرنجج حمير بن سبأ الأكبر ابن يعرب بن يشجب بن قحطان.


شيء من سيرة تبان *
HSNXV01P020C

قال ابن إسحاق وتبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة وساق الحبرين من يهود المدينة إلى اليمن وعمر البيت الحرام وكساه وكان ملكه قبل ملك ربيعة بن نصر.


غضب تبان على أهل المدينة، وسبب ذلك *
HSNXV01P020E

قال ابن إسحاق وكان قد جعل طريقه حين أقبل من المشرق على المدينة وكان قد مر بها في بدأته فلم يهج أهلها وخلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها فجمع له هذا الحي من الأنصار ورئيسهم عمرو بن طلة أخو بني النجار ثم أحد بني عمرو بن مبذول واسم مبذول عامر بن مالك بن النجار واسم النجار § تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.


سبب قتال تبان لأهل المدينة *
HSNXV01P021E

قال ابن إسحاق وقد كان رجل من بني عدي بن النجار يقال له أحمر عدا على رجل من أصحاب تبع حين نزل بهم فقتله وذلك أنه وجده في عذق له يجده فضربه بمنجله فقتله وقال إنما التمر لمن أبره فزاد ذلك تبعا حنقا عليهم فاقتتلوا فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم ويقول والله إن قومنا لكرام فبينا تبع على ذلك من قتالهم إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة وقريظة والنضير والنجام وعمرو وهو هدل بنو الخزرج بن الصريح بن التوأمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النجام بن تنحوم بن عازر بن عزرى بن هارون بن عمران بن يصهر بن قاهث ابن لاوى بن يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله § عليهم عالمان راسخان في العلم حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة فقال لهما ولم ذاك فقالا هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون داره وقراره فتناهى عن ذلك ورأى أن لهما علما وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة واتبعهما على دينهما فقال خالد بن عبد العزى بن غزية بن عمرو ابن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار يفخر بعمرو بن طلة أصحا أم قد نهى ذكره أم قضى من لذة وطره أم تذكرت الشباب وما ذكرك الشباب أو عصره إنها حرب رباعية مثلها أتى الفتى عبره فاسألا عمران أو أسدا إذ أتت عدوا مع الزهره فيلق فيها أبو كرب سبغ أبدانها ذفره ثم قالوا من نؤم بها أبني عوف أن النجره § بل بني النجار إن لنا فيهم قتلى وإن تره فتلقتهم مسايفة مدها كالغبية النثره فيهم عمرو بن طلة ملى الإله قومه عمره سيد سامي الملوك ومن رام عمرا لا يكن قدره وهذا الحي من الأنصار يزعمون أنه إنما كان حنق تبع على هذا الحي من يهود الذين كانوا بين أظهرهم وإنما أراد هلاكهم فمنعوهم منه حتى انصرف عنهم ولذلك قال في شعره حنقا على سبطين حلا يثربا أولى لهم بعقاب يوم مفسد.


اعتناق تبان النصرانية وكسوته البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك *
HSNXV01P023D

قال ابن إسحاق وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها فتوجه إلى مكة وهي طريقه إلى اليمن حتى إذا كان بين عسفان وأمج أتاه نفر من § ههذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد فقالوا له أيها الملك ألا ندلك على بيت مال داثر أغفلته الملوك قبلك فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة قال بلى قالوا بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك فقالا له ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك ما نعلم بيتا لله اتخذه في الأرض لنفسه غيره ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا قال فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه قالا تصنع عنده ما يصنع أهله تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنده وتذل له حتى تخرج من عنده قال فما يمنعكما أنتما من ذلك قال أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم وإنه لكما أخبرناك ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماء التي يهرقون عنده وهم نجس أهل شرك أو كما قالا له فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل وأرى في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاء والوصائل فكان تبع فيما يزعمون § أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دما ولا ميتة ولا مئلاة وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا وقالت سبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة لابن لها منه يقال له خالد تعظم عليه حرمة مكة وتنهاه عن البغي فيها وتذكر تبعا وتذلله لها وما صنع بها أبني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير واحفظ محارمها بنى ولا يغرنك الغرور أبني من يظلم بمكة يلق أطراف الشرور § أبني يضرب وجهه ويلح بخديه السعير أبني قد جربتها فوجدت ظالمها يبور الله أمنها وما بنيت بعرصتها قصور والله أمن طيرها والعصم تأمن في ثبير ولقد غزاها تبع فكسا بنيتها الحبير وأذل ربي ملكه فيها فأوفى بالنذور يمشي إليها حافيا بفنائها ألفا بعير ويظل يطعم أهلها لحم المهارى والجزور يسقيهم العسل المصفى والرحيض من الشعير والفيل أهلك جيشه يرمون فيها بالصخور والملك في أقصى البلاد وفي الأعاجم والخزير فاسمع إذا حدثت وافهم كيف عاقبة الأمور


دعوة تبان قومه إلى النصرانية وتحكيمهم النار بينهم وبينه *
HSNXV01P026D

ثم خرج منها متوجها إلى اليمن بمن معه من جنوده وبالحبرين حتى إذا دخل § اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه فأبوا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.


HSNXV01P027B

قال ابن إسحاق حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يحدث أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك وقالوا لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه وقال إنه خير من دينكم فقالوا فحاكمنا إلى النار قال نعم قال وكانت باليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه تأكل الظالم ولا تضر المظلوم فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه فخرجت النار إليهم فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها فذمرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضرهما فأصفقت عند ذلك حمير على دينه فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن.


HSNXV01P027C

قال ابن إسحاق وقد حدثني محدث أن الحبرين ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها وقالوا من ردها فهو أولى بالحق فدنا منها رجال من حمير بأوثانهم ليردوها فدنت منهم لتأكلهم فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة وتنكص عنهما حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما والله أعلم أي ذلك كان.


رئام وما صار إليه *
HSNXV01P027E

قال ابن إسحاق وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون § منه إذ كانوا على شركهم فقال الحبران لتبع إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخل بيننا وبينه قال فشأنكما به فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت فبقاياه اليوم كما ذكر لي بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.


ملك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه له *

HSNXV01P028D

فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق.


HSNXV01P028F

كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم فكلموا أخا له يقال له عمرو وكان معه في جيشه فقالوا له اقتل أخاك حسان ونملكك علينا وترجع بنا إلى بلادنا فأجابهم فاجتمعت على ذلك إلا ذا رعين الحميري فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه فقال ذو رعين ألا من يشتري سهرا بنوم سعيد من يبيت قرير عين فأما حمير غدرت وخانت فمعذرة الإله لذي رعين ثم كتبهما في رقعة وختم عليها ثم أتى بها عمرا فقال له ضع لي هذا الكتاب عندك ففعل ثم قتل عمرو أخاه حسان ورجع بمن معه إلى اليمن فقال رجل من حمير § لاه عينا الذي رأى مثل حسان قتيلا في سالف الأحقاب قتلته مقاول خشية الحبس غداة قالوا لباب لباب ميتكم خيرنا وحيكم رب علينا وكلكم أربابي.


HSNXV01P029B

قال ابن إسحاق وقوله لباب لباب لا بأس لا بأس بلغة حمير.


ندم عمرو وهلاكه *
HSNXV01P029D

قال ابن إسحاق فلما نزل عمرو بن تبان اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به فقال له قائل منهم إنه والله ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رحمه بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر فلما قيل له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن حتى خلص إلى ذي رعين فقال له ذو رعين إن لي عندك براءة فقال وما هي قال الكتاب الذي دفعت إليك فأخرجه فإذا فيه البيتان فتركه ورأى أنه قد نصحه وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.


وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن *

HSNXV01P029G

فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة يقال له لخنيعة ينوف § ذو شناتر فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم فقال قائل من حمير للخنيعة تقتل أبناها وتنفي سراتها وتبني بأيديها لها الذل حمير تدمر دنياها بطيش حلومها وما ضيعت من دينها فهو أكثر كذاك القرون قبل ذاك بظلمها وإسرافها تأتي الشرور فتخسر وكان لخنيعة امرأ فاسقا يعمل عمل قوم لوط فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك لئلا يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده قد أخذ مسواكا فجعله في فيه أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان وكان صبيا صغيرا حين قتل حسان ثم شب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه فأخذ سكينا حديدا لطيفا فخبأه بين قدمه ونعله ثم أتاه فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس فوجأه حتى قتله ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها ووضع مسواكه في فيه ثم خرج على الناس فقالوا له ذا نواس أرطب أم يباس فقال سل نخماس استرطبان ذو نواس استرطبان لا باس.


HSNXV01P031B

فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع فخرجوا في إثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا ما ينبغي أن يملكنا غيرك إذ أرحتنا من هذا الخبيث فملكوه واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن فكان آخر ملوك حمير وهو صاحب الأخدود وتسمى يوسف فأقام في ملكه زمانا وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم عليه السلام على الإنجيل أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها وذلك أن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين يقال له فيميون وقع بين أظهرهم فحملهم عليه فدانوا به.


ابتداء وقوع النصرانية بنجران *

HSNXV01P031E

قال ابن إسحاق حدثني المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهمم § أأن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى بن مريم يقال له فيميون وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بين القرى لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف بها وكان لا يأكل إلا من كسب يديه وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الأحد فإذا كان يوم الأحد لم يعمل فيه شيئا وخرج إلى فلاة من الأرض يصلي بها حتى يمسي قال وكان في قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخفيا ففطن لشأنه رجل من أهلها يقال له صالح فأحبه صالح حبا لم يحبه شيئا كان قبله فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح وفيميون لا يدري فجلس صالح منه منظر العين مستخفيا منه لا يحب أن يعلم بمكانه وقام فيميون يصلي فبينما هو يصلي إذ أقبل نحوه التنين الحية ذات الرءوس السبعة فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخافها عليه فعيل عوله فصرخ يا فيميون التنين قد أقبل نحوك فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها وأمسى فانصرف وعرف أنه قد عرف وعرف صالح أنه قد رأى مكانه فقال له يا فيميون تعلم والله أني ما أحببت شيئا قط حبك وقد أردت صحبتك والكينونة معك حيث كنت فقال ما شئت أمري كما ترى فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم فلزمه صالح وقد كاد أهل القرية يفطنون لشأنه وكان إذا فاجأه العبد به الضر دعا له فشفي وإذا دعي إلى أحد به ضر لم يأته وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير فسأل عن شأن فيميون فقيل له إنه لا يأتي أحدا دعاه ولكنه رجل يعمل للناس البنيان بالأجر فعمد الرجل إلى ابنه ذلك فوضعه في حجرته وألقى عليه ثوبا ثم جاءه فقال له § يا فيميون إني قد أردت أن أعمل في بيتي عملا فانطلق معي إليه حتى تنظر إليه فأشارطك عليه فانطلق معه حتى دخل حجرته ثم قال له ما تريد أن تعمل في بيتك هذا قال كذا وكذا ثم انتشط الرجل الثوب عن الصبي ثم قال له يا فيميون عبد من عباد الله أصابه ما ترى فادع الله له فدعا له فيميون فقام الصبي ليس به بأس وعرف فيميون أنه قد عرف فخرج من القرية واتبعه صالح فبينما هو يمشي في بعض الشام إذ مر بشجرة عظيمة فناداه منها رجل فقال يا فيميون قال نعم قال ما زلت أنظرك وأقول متى هو جاء حتى سمعت صوتك فعرفت أنك هو لا تبرح حتى تقوم علي فإني ميت الآن قال فمات وقام عليه حتى واراه ثم انصرف وتبعه صالح حتى وطئا بعض أرض العرب فعدوا عليهما فاختطفتهما سيارة من بعض العرب فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران وأهل نجران يومئذ على دين العرب يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلي النساء ثم خرجوا إليها فعكفوا عليها يوما فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر فكان فيميون إذا قام من الليل يتهجد في بيت له أسكنه إياه سيده يصلي استسرج له البيت نورا حتى يصبح من غير مصباح فرأى ذلك سيده فأعجبه ما يرى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون إنما أنتم في باطل إن هذه النخلة لا تضر ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها وهو الله وحده لا شريك له قال فقال له سيده فافعل فإنك إن فعلت دخلنا في دينك وتركنا ما نحن عليه قال فقام فيميون فتطهر وصلى ركعتين ثم دعا الله عليها فأرسل الله عليها ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه فحملهم على الشريعة من دين عيسى بن مريم عليه السلام ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على أهل § دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران في أرض العرب.


HSNXV01P034B

قال ابن إسحاق فهذا حديث وهب بن منبه عن أهل نجران.


أمر عبد الله بن الثامر وقصة أصحاب الأخدود *

HSNXV01P034E

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان وكان في قرية من قراها قريبا من نجران ونجران القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر فلما نزلها فيميون ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منبه قالوا رجل نزلها ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي بها الساحر فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر فبعث إليه الثامر ابنه عبد الله بن الثامر مع غلمان أهل نجران فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى منه من صلاته وعبادته فجعل يجلس إليه ويسمع منه حتى أسلم فوحد الله وعبده وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم وكان يعلمه فكتمه إياه وقال له يا بن أخي إنك لن تحمله أخشى عليك ضعفك عنه والثامر أبو عبد الله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه وتخوف ضعفه فيه عمد إلى أقداح فجمعها ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه في قدح ولكل اسم قدح حتى إذا أحصاها أوقد لها نارا ثم جعل يقذفها فيها قدحا قدحا حتى إذا مر بالاسم الأعظم قذف فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا فأخذه ثم أتى صاحبه فأخبره بأنه قد علم الاسم الذي كتمه فقال وما هو قال هو كذا وكذا قال وكيف § علمته فأخبره بما صنع قال أي ابن أخي قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظن أن تفعل.


ابن الثامر ودعوته إلى النصرانية بنجران *
HSNXV01P035C

فجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال له يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء فيقول نعم فيوحد الله ويسلم ويدعو له فيشفى حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه فاتبعه على أمره ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران فدعاه فقال له أفسدت علي أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي لأمثلن بك قال لا تقدر على ذلك قال فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ليس به بأس وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس فلما غلبه قال له عبد الله بن الثامر إنك والله لن تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به فإنك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتني قال فوحد الله تعالى ذلك الملك وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة فقتله ثم هلك الملك مكانه واستجمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر وكان على ما جاء به عيسى بن مريم من الإنجيل وحكمه ثم أصابهم مثل ما أصاب أهل دينهم من الأحداث فمن هنالك كان أصل النصرانية بنجران والله أعلم بذلك.


HSNXV01P035D

قال ابن إسحاق فهذا حديث محمد بن كعب القرظي وبعض أهل نجران عن عبد الله بن الثامر والله أعلم أي ذلك كان فسار إليهم ذو نواس بجنوده فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل فخد لهم الأخدود فحرق من حرق بالنار وقتل بالسيف ومثل به حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا في ذي نواس وجنده تلك أنزل الله تعالى على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قتل أصحاب § الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.


مقتل ابن الثامر *
HSNXV01P036E

قال ابن إسحاق ويقال كان فيمن قتل ذو نواس عبد الله بن الثامر رأسهم وإمامهم.


ما يروى عن ابن الثامر في قبره *
HSNXV01P036G

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجلا من أهل نجران كان في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته فوجدوا عبد الله بن الثامر تحت دفن منها قاعدا واضعا يده على ضربة في رأسه ممسكا بيده عليها فإذا أخرت يده عنها تنبعث دما وإذا أرسلت يده ردها عليها فأمسكت دمها وفي يده خاتم § مكتوب فيه ربي الله فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب يخبر بأمره فكتب إليهم عمر رضي الله عنه أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ففعلوا.


أمر دوس ذي ثعلبان وابتداء ملك الحبشة وذكر أرباط المستولي على اليمن *

HSNXV01P037D

قال ابن إسحاق وأفلت منهم رجل من سبأ يقال له دوس ذو ثعلبان على فرس له فسلك الرمل فأعجزهم فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم فقال له بعدت بلادك منا ولكني سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين وهو أقرب إلى بلادك وكتب إليه يأمره بنصره والطلب بثأره فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة وأمر عليهم رجلا منهم يقال له أرياط ومعه في جنده أبرهة الأشرم فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن ومعه دوس ذو ثعلبان وسار إليه ذو نواس في حمير ومن أطاعه من قبائل اليمن فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه فدخل به فخاض به ضحضاح البحر حتى أفضى به إلى غمره فأدخله فيه وكان آخر العهد به ودخل أرياط اليمن فملكها § فقال رجل من أهل اليمن وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة لا كدوس ولا كأعلاق رحله فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم وقال ذو جدن الحميري هونك ليس يرد الدمع ما فاتا لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا أبعد بينون لا عين ولا أثر وبعد سلحين يبني الناس أبياتا بينون وسلحين وغمدان من حصون اليمن التي هدمها أرياط ولم يكن في الناس مثلها وقال ذو جدن أيضا دعيني لا أبا لك لن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي لدي عزف القيان إذ انتشبنا وإذ نسقى من الخمر الرحيق وشرب الخمر ليس علي عارا إذا لم يشكني فيها رفيقي فإن الموت لا ينهاه ناه ولو شرب الشفاء مع النشوق § ولا مترهب في أسطوان يناطح جدره بيض الأنوق وغمدان الذي حدثت عنه بنوه مسمكا في رأس نيق بمنهمة وأسفله جرون وحر الموحل اللثق الزليق مصابيح السليط تاوح فيه إذا يمسي كتوماض البروق ونخلته التي غرست إليه يكاد اليسر يهصر بالعذوق فأصبح بعد جدته رمادا وغير حسنه لهب الحريق وأسلم ذو نواس مستكينا وحذر قومه ضنك المضيق وقال ابن الذئبة الثقفي في ذلك.


غلب أبرهة الأشرم على أمر اليمن وقتل أرياط *

HSNXV01P041I

قال ابن إسحاق فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك ثم نازعه § في أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي وكان في جنده حتى تفرقت الحبشة عليهما فانحاز إلى كل واحد منهما طائفة منهم ثم سار أحدهما إلى الآخر فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط إنك لا تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا فابرز إلي وأبرز إليك فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده فأرسل إليه أرباط أنصفت فخرج إليه أبرهة وكان رجلا قصيرا لحيما حادرا وكان ذا دين في النصرانية وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا وفي يده حربة له وخلف أبرهة غلام له يقال له عتودة يمنع ظهره فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته فبذلك سمي أبرهة الأشرم وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله وانصرف جند أرياط إلى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة أرياط فلما بلغ ذلك النجاشي غضب غضبا شديدا وقال عدا على أميري فقتله بغير أمرى ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن ثم بعث به إلى النجاشي ثم كتب إليه أيها الملك إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك وكل طاعته لك إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري فأقام أبرهة باليمن § ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ثم كتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجل من النسأة أحد بني فقيم ابن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس من مضر والنسأة الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله .


تاريخ النسء عند العرب *
HSNXV01P044C

قال ابن إسحاق وكان أول من نسأ الشهور على العرب فأحلت منها ما أحل وحرمت منها ما حرم القلمس وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد بن حذيفة ثم قام بعد عباد قلع بن عباد ثم قام بعد قلع أمية ابن قلع ثم قام بعد أمية عوف بن أمية ثم قام بعد عوف أبو ثمامة جنادة بن عوف وكان آخرهم وعليه قام الإسلام وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فحرم الأشهر الحرم الأربعة رجبا وذا القعدة وذا الحجة والمحرم فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم فأحلوه وحرم مكانه صفر فحرموه ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحرم فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال اللهم إني قد أحللت لك أحد الصفرين الصفر الأول ونسأت الآخر للعام المقبل § فقال في ذلك عمير بن قيس جذل الطعان أحد بني فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة يفخر بالنسأة على العرب لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما فأي الناس فاتونا بوتر وأي الناس لم نعلك لجاما ألسنا الناسئين على معد شهور الحل نجعلها حراما.


إحداث الكناني في القليس وحملة أبرهة على الكعبة *
HSNXV01P045D

قال ابن إسحاق فخرج الكناني حتى أتى القليس فقعد فيها.


HSNXV01P045F

قال ابن إسحاق ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر بذلك أبرهة فقال من صنع هذا فقيل له صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك أصرف إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك بأهل فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام § فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريد من هدمه وإخرابه فأجابه إلى ذلك من أجابه ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق وكان أبرهة رجلا حليما ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتي به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم شهران وناهس بالسمع والطاعة فخلى سبيله وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن مرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف واسم ثقيف قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان § قال أمية بن أبي الصلت الثقفي قومي إياد لو أنهم أمم أولو أقاموا فتهزل النعم قوم لهم ساحة العراق إذا ساروا جميعا والقط والقلم وقال أمية بن أبي الصلت أيضا فإما تسألي عني لبينى وعن نسبي أخبرك اليقينا فإنا للنبيت أبي قسي لمنصور بن يقدم الأقدمينا.


استسلام أهل الطائف لأبرهة *
HSNXV01P047D

قال ابن إسحاق فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد يعنون اللات إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم واللات بيت لهم بالطائف كانوا .يعظمونه نحو تعظيم الكعبة


معونة أبي رغال لأبرهة وموته وقبره *
HSNXV01P047I

قال ابن إسحاق فبعثوا معه أبار غال يدله على الطريق إلى مكة فخرج أبرهة § ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس فلما نزل أبرهة المغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم من سائر الناس بقتاله ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ثم قل له إن الملك يقول لك إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فإن هو لم يرد حربي فأتني به فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام أو كما قال فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه وإن يخل بينه وبينه فو الله ما عندنا دفع § عنه فقال له حناطة فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقا حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا فقال له ذو نفر وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي وسأرسل إليه فأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك فقال حسبي فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش في رءوس الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير فاستأذن له عليه وانفعه عنده بما استطعت فقال أفعل فكلم أنيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة وهو يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك فيكلمك في حاجته وأحسن إليه قال فأذن له أبرهة قال وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له حاجتك فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه § قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد المطلب إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كان ليمتنع مني قال أنت وذاك وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حناطة يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر وخويلد بن واثلة الهذلي وهو يومئذ سيد هذيل فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم والله أعلم أكان ذلك أم لا فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة § لاهم إن العبد يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك زاد الواقدي إن كنت تاركهم و قبلتنا فأمر ما بدا لك.


شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود *
HSNXV01P051D

قال ابن إسحاق وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ابن قصى لاهم أخز الأسود بن مقصود الآخذ الهجمة فيها التقليد بين حراء وثبير فالبيد يحبسها وهي أولات التطريد فضمها إلى طماطم سود أخفره يا رب وأنت محمود.


HSNXV01P052B

قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبى جيشه وكان اسم الفيل محمودا وأبرهة مجمع لهدم البيت ثم الانصراف إلى اليمن فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل § الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب.


HSNXV01P053C

قال ابن إسحاق وقال نفيل أيضا ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم مع الإصباح عينا أتانا قابس منكم عشاء فلم يقدر لقابسكم لدينا ردينة لو رأيت ولا تريه لدى جنب المحصب ما رأينا إذا لعذرتني وحمدت أمري ولم تأسي على ما فات بينا حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا وكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا § فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط أنامله أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.


HSNXV01P054B

قال ابن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام.


ما ذكر في القرآن عن قصة الفيل وشرح ابن هشام لمفرداته *
HSNXV01P054D

قال ابن إسحاق فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال الله تبارك وتعالى ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول وقال § لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.


ما أصاب قائد الفيل وسائسه *
HSNXV01P057B

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.


ما قيل في صفة الفيل من الشعر *

HSNXV01P057E

قال ابن إسحاق فلما رد الله الحبشة عن مكة وأصابهم بما أصابهم به من النقمة أعظمت العرب قريشا وقالوا هم أهل الله قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم فقالوا في ذلك أشعارا يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة وما رد عن قريش من كيدهم فقال عبد الله بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر تنكلوا عن بطن مكة إنها كانت قديما لا يرام حريمها لم تخلق الشعرى ليالي حرمت إذ لا عزيز من الأنام يرومها سائل أمير الجيش عنها ما رأى ولسوف ينبي الجاهلين عليمها § ستون ألفا لم يثوبوا أرضهم ولم يعش بعد الإياب سقيمها كانت بها عاد وجرهم قبلهم والله من فوق العباد يقيمها.


HSNXV01P058B

قال ابن إسحاق يعني ابن الزبعرى بقوله بعد الإياب سقيمها أبرهة إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه حتى مات بصنعاء وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ثم الخطمي واسمه صيفي.


HSNXV01P059B

قال ابن إسحاق وقال أبو قيس بن الأسلت فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب فعندكم منه بلاء مصدق غداة أبي يكسوم هادي الكتائب كتيبته بالسهل تمسي ورجله على القاذفات في رءوس المناقب فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملحبش غير عصائب.


شعر طالب في وقعة الفيل *
HSNXV01P059E

قال ابن إسحاق وقال طالب بن أبي طالب بن عبد المطلب ألم تعلموا ما كان في حرب داحس وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا فلولا دفاع الله لا شيء غيره لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا.


شعر أبي الصلت في وقعة الفيل *
HSNXV01P060C

قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي في شأن الفيل ويذكر الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام.


ملك يكسوم ثم مسروق على اليمن *
HSNXV01P061C

قال ابن إسحاق فلما هلك أبرهة ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة وبه § كان يكنى فلما هلك يكسوم بن أبرهة ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق ابن أبرهة فلما طال البلاء على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه ولم يجد عنده شيئا مما يريد فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم فيما يزعمون يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل § ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.


HSNXV01P063D

قال ابن إسحاق ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة فقال له كسرى أي الأغربة الحبشة أم السند فقال بل الحبشة فجئتك لتنصرني ويكون ملك بلادي لك قال بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها فجمع كسرى مرازبته فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له فقال قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمان مائة رجل واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن § ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا قال له وهرز أنصفت وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء قال نعم قالوا ذاك ملكهم فقال اتركوه فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على الفرس قال اتركوه فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على البغلة قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس وانهزموا فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته فقال سيف بن ذي يزن الحميري § يظن الناس بالملكين أنهما قد التأما ومن يسمع بلأمهما فإن الخطب قد فقما قتلنا القيل مسروقا وروينا الكثيب دما وإن القيل قيل الناس وهرز مقسم قسما يذوق مشعشعا حتى يفيء السبي والنعما.


HSNXV01P065C

قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي.


HSNXV01P067B

وقال ابن إسحاق وقال عدي بن زيد الحيري وكان أحد بني تميم.


HSNXV01P067D

ما بعد صنعاء كان يعمرها %~% ولاة ملك جزل مواهبها رفعها من بنى لدى قزع المزن وتندى مسكا محاربها محفوفة بالجبال دون عرى الكائد ما ترتقى غواربها يأنس فيها صوت النهام إذا جاوبها بالعشي قاصبها ساقت إليها الأسباب جند بني الأحرار فرسانها مواكبها وفوزت بالبغال توسق بالحتف وتسعى بها توالبها حتى رآها الأقوال من طرف المنقل مخضرة كتائبها § يوم ينادون آل بربر و اليكسوم لا يفلحن هاربها وكان يوم باقي الحديث وزالت إمة ثابت مراتبها وبدل الفيج بالزرافة والأيام جون جم عجائبها بعد بني تبع نخاورة قد اطمأنت بها مرازبها.

COMMENT

ذكر ما انتهى إليه أمر الفرس باليمن *

HSNXV01P068F

قال ابن إسحاق فأقام وهرز والفرس باليمن فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم وكان ملك الحبشة باليمن فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة وأخرجت الحبشة اثنتين وسبعين سنة توارث § ذلك منهم أربعة أرياط ثم أبرهة ثم يكسوم بن أبرهة ثم مسروق بن أبرهة


الحجر الذي وجد باليمن *
HSNXV01P070F

قال ابن إسحاق وكان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول لمن ملك ذمار لحمير الأخيار لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار لفارس الأحرار لمن ملك ذمار لقريش التجار وذمار اليمن أو صنعاء


شعر الأعشى في نبوءة سطيح وشق *
HSNXV01P070H

قال ابن إسحاق وقال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقا كما صدق الذئبي إذا سجعا وكانت العرب تقول لسطيح الذئبي لأنه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب.


ذكر ولد نزار بن معد *

HSNXV01P073D

قال ابن إسحاق فولد نزار بن معد ثلاثة نفر مضر بن نزار وربيعة ابن نزار وأنمار بن نزار.


أولاد أنمار *
HSNXV01P074C

قال ابن إسحاق فأنمار أبو خثعم وبجيلة قال جرير بن عبد الله البجلي وكان سيد بجيلة وهو الذي يقول له القائل لولا جرير هلكت بجيله نعم الفتى وبئست القبيله وهو ينافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي بن عقال بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع وقال § ابني نزار انصرا أخاكما إن أبي وجدته أباكما لن يغلب اليوم أخ والاكما وقد تيامنت فلحقت باليمن.


أولاد مضر *
HSNXV01P075D

قال ابن إسحاق فولد مضر بن نزار رجلين إلياس بن مضر وعيلان ابن مضر.


أولاد إلياس *
HSNXV01P075F

قال ابن إسحاق فولد إلياس بن مضر ثلاثة نفر مدركة بن إلياس وطابخة ابن إلياس وقمعة بن إلياس وأمهم خندف امرأة عن اليمن.


شيء عن خندف وأولادها *
HSNXV01P075I

قال ابن إسحاق وكان اسم مدركة عامرا واسم طابخة عمرا وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه وعدت عادية على إبلهما فقال عامر لعمرو أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد فقال عمرو بل أطبخ فلحق عامر بالإبل فجاء بها فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما § فقال لعامر أنت مدركة وقال لعمرو وأنت طابخة وخرجت أمهم لما بلغها الخبر وهي مسرعة فقال لها تخندفين فسميت خندف وأما قمعة فيزعم نساب مضر أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس.


قصة عمرو بن لحي وذكر أصنام العرب *

HSNXV01P076D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار فسألته عمن بيني وبينه من الناس فقال هلكوا قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة.


أول عبادة الحجارة كانت في بني إسماعيل *
HSNXV01P077D

قال ابن إسحاق ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة § والمزدلفة وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده يقول ال له تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أي ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر اتخذوا سواعا فكان لهم برهاط وكلب بن وبرة من قضاعة اتخذوا ودا بدومة الجندل.


HSNXV01P078E

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك الأنصاري وننسى اللات والعزى وودا ونسلبها القلائد والشنوفا.


يغوث وعبدته *
HSNXV01P079B

قال ابن إسحاق وأنعم من طيئ وأهل جرش من مذحج اتخذوا يغوث بجرش.


يعوق وعبدته *
HSNXV01P079F

قال ابن إسحاق وخيوان بطن من همدان اتخذوا يعوق بأرض همدان من أرض اليمن.


نسر وعبدته *
HSNXV01P080E

قال ابن إسحاق وذو الكلاع من حمير اتخذوا نسرا بأرض حمير وكان لخولان صنم يقال له عميانس بأرض خولان يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسم بينه وبين الله بزعمهم فما دخل في حق عميانس من حق الله تعالى الذي سموه له تركوه له وما دخل في حق الله تعالى من حق عميانس ردوه عليه وهم بطن من خولان يقال لهم الأديم وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى فيما يذكرون وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل § إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون .


سعد وعبدته *
HSNXV01P081D

قال ابن إسحاق وكان لبني ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر صنم يقال له سعد صخرة بفلاة من أرضهم طويلة فأقبل رجل من بني ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه التماس بركته فيما يزعم فلما رأته الإبل وكانت مرعية لا تركب وكان يهراق عليه الدماء نفرت منه فذهبت في كل وجه وغضب ربها الملكاني فأخذ حجرا فرماه به ثم قال لا بارك الله فيك نفرت علي إبلي ثم خرج في طلبها حتى جمعها فلما اجتمعت له قال أتينا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد وهل سعد إلا صخرة بتنوفة من الأرض لا تدعو لغي ولا رشد وكان في دوس صنم لعمرو بن حممة الدوسي.


هبل *
HSNXV01P082E

قال ابن إسحاق وكانت قريش قد اتخذت صنما على بئر في جوف الكعبة يقال له هبل.


إساف ونائلة وحديث عائشة عنهما *
HSNXV01P082H

قال ابن إسحاق واتخذوا إسافا ونائلة على موضع زمزم ينحرون عندهما وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم هو إساف بن بغي ونائلة بنت ديك فوقع إساف على نائلة في الكعبة فمسخهما الله حجرين.


HSNXV01P082I

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها قالت § سمعت عائشة رضي الله عنها تقول ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم أحدثا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين والله أعلم.


HSNXV01P083B

قال ابن إسحاق وقال أبو طالب وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم بمفضى السيول من إساف ونائل.


ما كان يفعله العرب مع الأصنام *
HSNXV01P083E

قال ابن إسحاق واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة لها سدنة وحجاب وتهدي لها كما تهدي للكعبة وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها وهى تعرف فضل الكعبة عليها لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده فكانت لقريش وبني كنانة العزى § بنخلة وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم.


HSNXV01P084B

قال ابن إسحاق فقال شاعر من العرب لقد أنكحت أسماء رأس بقيرة من الأدم أهداها امرؤ من بني غنم رأى قدعا في عينها إذ يسوقها إلى غبغب العزى فوسع في القسم وكذلك كانوا يصنعون إذا نحروا هديا قسموه في من حضرهم والغبغب المنحر ومهراق الدماء.


اللات وسدنتها *
HSNXV01P085E

قال ابن إسحاق وكانت اللات لثقيف بالطائف وكان سدنتها وحجابها بنو معتب من ثقيف.


مناة وسدنتها وهدمها *
HSNXV01P085H

قال ابن إسحاق وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد.


ذو الخلصة وسدنته وهدمه *
HSNXV01P086C

قال ابن إسحاق وكان ذو الخلصة لدوس وخثعم وبجيلة ومن كان ببلادهم من العرب بتبالة.


فلس وسدنته وهدمه *
HSNXV01P087B

قال ابن إسحاق وكانت فلس لطيئ ومن يليها بجبلي طيئ يعني سلمى وأجأ.


رئام *
HSNXV01P087E

قال ابن إسحاق وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنعاء يقال له رئام.


رضاء وسدنته *
HSNXV01P087G

قال ابن إسحاق وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام ولقد شددت على رضاء شدة %~% فتركتها قفرا بقاع أسحما.


ذو الكعبات وسدنته *
HSNXV01P088E

قال ابن إسحاق وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة بين الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الكعبات من سنداد.


أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي *

HSNXV01P089D

قال ابن إسحاق فأما البحيرة فهي بنت السائبة والسائبة الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها فهي البحيرة بنت السائبة والوصيلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر جعلت وصيلة قالوا قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون إناثهم إلا أن يموت منها شيء فيشتركوا في أكله ذكورهم وإناثهم.


HSNXV01P089F

قال ابن إسحاق والحامي الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر حمي ظهره فلم يركب ولم يجز وبره وخلي في إبله يضرب فيها لا ينتفع منه بغير ذلك.


HSNXV01P089H

قال ابن إسحاق فالبحيرة عندهم الناقة تشق أذنها فلا يركب ظهرها ولا يجز وبرها ولا يشرب لبنها إلا ضيف أو يتصدق به § وتهمل لآلهتهم والسائبة التي ينذر الرجل أن يسيبها إن بريء من مرضه أو إن أصاب أمرا يطلبه فإذا كان أساب ناقة من إبله أو جملا لبعض آلهتهم فسابت فرعت لا ينتفع بها والوصيلة التي تلد أمها اثنين في كل بطن فيجعل صاحبها لآلهته الإناث منها ولنفسه الذكور منها فتلدها أمها ومعها ذكر في بطن فيقولون وصلت أخاها فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به.


عدنا إلى سياقة النسب *

HSNXV01P091D

قال ابن إسحاق وخزاعة تقول نحن بنو عمرو بن عامر من اليمن.


أولاد مدركة وخزيمة *
HSNXV01P092D

قال ابن إسحاق فولد مدركة بن إلياس رجلين خزيمة بن مدركة وهذيل بن مدركة وأمهما امرأة من قضاعة فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر كنانة بن خزيمة وأسد بن خزيمة وأسدة بن خزيمة § والهون بن خزيمة فأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.


أولاد كنانة وأمهاتهم *
HSNXV01P093D

قال ابن إسحاق فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر النضر بن كنانة ومالك بن كنانة وعبد مناة بن كنانة وملكان بن كنانة فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وسائر بنيه لامرأة أخرى.


HSNXV01P0934B

قال ابن إسحاق ويقال إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من بعد تفرقها ويقال للتجمع التقرش فولد النضر بن كنانة رجلين مالك بن النضر ويخلد بن النضر فأم مالك عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان ولا أدري أهي أم يخلد أم لا.


ولد مالك بن النضر وأمه *
HSNXV01P095C

قال ابن إسحاق فولد مالك بن النضر فهر بن مالك وأمه جندلة بنت الحارث بن مضاض الجرهمي.


أولاد فهر وأمهاتهم *
HSNXV01P095F

قال ابن إسحاق فولد فهر بن مالك أربعة نفر غالب بن فهر ومحارب ابن فهر والحارث بن فهر وأسد بن فهر وأمهم ليلى بنت سعد بن هذيل ابن مدركة.


أولاد غالب وأمهاتهم *
HSNXV01P095I

قال ابن إسحاق فولد غالب بن فهر رجلين لؤي بن غالب وتيم بن غالب وأمهما سلمى بنت عمرو الخزاعي وتيم بن غالب الذين يقال لهم بنو الأدرم.


أولاد لؤي وأمهاتهم *
HSNXV01P096C

قال ابن إسحاق فولد لؤي بن غالب أربعة نفر كعب بن لؤي وعامر ابن لؤي وسامة بن لؤي وعوف بن لؤي فأم كعب وعامر وسامة ماوية بنت كعب بن القين بن جسر من قضاعة.


أمر سامة *

HSNXV01P097D

قال ابن إسحاق فأما سامة بن لؤي فخرج إلى عمان وكان بها ويزعمون أن عامر بن لؤي أخرجه وذلك أنه كان بينهما شيء ففقأ سامة عين عامر فأخافه عامر فخرج إلى عمان فيزعمون أن سامة بن لؤي بينا هو يسير على ناقته إذ وضعت رأسها ترتع فأخذت حية بمشفرها فهصرتها حتى وقعت الناقة لشقها ثم نهشت سامة فقتلته فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون § عين فابكي لسامة بن لؤي علقت ساق سامة العلاقه لا أرى مثل سامة بن لؤي يوم حلوا به قتيلا لناقه بلغا عامرا وكعبا رسولا أن نفسي إليهما مشتاقه إن تكن في عمان داري فإني غالبي خرجت من غير ناقه رب كأس هرقت يا بن لؤي حذر الموت لم تكن مهراقه رمت دفع الحتوف يا بن لؤي ما لمن رام ذاك بالحتف طاقه وخروس السرى تركت رديا بعد جد وجدة ورشاقه.


أمر عوف بن لؤي ونقلته *

HSNXV01P098E

قال ابن إسحاق وأما عوف بن لؤي فإنه خرج فيما يزعمون في ركب من قريش حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان أبطئ به فانطلق من كان معه من قومه فأتاه ثعلبة بن سعد وهو أخوه في نسب بني ذبيان ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان § وعوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان فحبسه وزوجه والتاطه وآخاه فشاع نسبه في بني ذبيان وثعلبة فيما يزعمون الذي يقول لعوف حين أبطئ به فتركه قومه احبس علي ابن لؤي جملك تركك القوم ولا منزل لك.


HSNXV01P099B

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير أو محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن حصين أن عمر بن الخطاب قال لو كنت مدعيا حيا من العرب أو ملحقهم بنا لادعيت بني مرة بن عوف إنا لنعرف فيهم الأشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع يعني عوف بن لؤي.


نسب مرة *
HSNXV01P099D

قال ابن إسحاق فهو في نسب غطفان مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النسب ما ننكره وما نجحده وإنه لأحب النسب إلينا وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع.


HSNXV01P099F

حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش فما قومي بثعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا وقومي إن سألت بنو لؤي بمكة علموا مضر الضرابا سفهنا باتباع بني بغيض وترك الأقربين لنا انتسابا § سفاهة مخلف لما تروى هراق الماء واتبع السرابا فلو طووعت عمرك كنت فيهم وما ألفيت أنتجع السحابا وخش رواحة القرشي رحلي بناجية ولم يطلب ثوابا.

COMMENT

HSNXV01P100C

قال ابن إسحاق فقال الحسين بن الحمام المري ثم أحد بني سهم بن مرة يرد على الحارث بن ظالم وينتمي إلى غطفان ألا لستم منا ولسنا إليكم %~% برئنا إليكم من لؤي بن غالب أقمنا على عز الحجاز وأنتم بمعتلج البطحاء بين الأخاشب يعني قريشا ثم ندم الحصين على ما قال وعرف ما قال الحارث بن ظالم فانتمى إلى قريش وأكذب نفسه فقال ندمت على قول مضى كنت قلته تبينت فيه أنه قول كاذب فليت لساني كان نصفين منهما بكيم ونصف عند مجرى الكواكب أبونا كناني بمكة قبره بمعتلج البطحاء بين الأخاشب لنا الربع من بيت الحرام وراثة وربع البطاح عند دار ابن حاطب أي أن بني لؤي كانوا أربعة كعبا وعامرا وسامة وعوفا.


HSNXV01P100D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجال من بني مرة إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا إليه.


سادات مرة *
HSNXV01P101B

قال ابن إسحاق وكان القوم أشرافا في غطفان وهم سادتهم وقادتهم منهم هرم بن سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة وخارجة بن سنان بن أبي حارثة والحارث بن عوف والحصين بن الحمام وهاشم بن حرملة الذي يقول له القائل أحيا أباه هاشم بن حرمله %~% يوم الهباآت ويوم اليعمله ترى الملوك عنده مغربله يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له.


مرة والبسل *
HSNXV01P102D

قال ابن إسحاق قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها فأقاموا على نسبهم وفيهم كان البسل والبسل فيما يزعمون ثمانية أشهر حرم لهم من كل سنة من بين العرب قد عرفت ذلك لهم العرب لا ينكرونه ولا يدفعونه يسيرون به إلى أي بلاد العرب شاءوا لا يخافون منهم شيئا قال زهير بن أبي سلمى يعني بني مرة.


HSNXV01P103A

تأمل فإن تقو المروراة منهم %~% وداراتها لا تقو منهم إذا نخل بلاد بها نادمتهم وألفتهم %~% فإن تقويا منهم فإنهم بسل يقول ساروا في حرمهم.


HSNXV01P103C

قال ابن إسحاق وقال أعشى بن قيس بن ثعلبة أجارتكم بسل علينا محرم وجارتنا حل لكم وحليلها.


أولاد كعب وأمهم *
HSNXV01P103F

قال ابن إسحاق فولد كعب بن لؤي ثلاثة نفر مرة بن كعب وعدي ابن كعب وهصيص بن كعب وأمهم وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر فولد مرة بن كعب ثلاثة نفر كلاب بن مرة وتيم بن مرة ويقظة بن مرة فأم كلاب هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك § ابن النضر بن كنانة بن خزيمة وأم يقظة البارقية امرأة من بارق من الأسد من اليمن ويقال هي أم تيم ويقال تيم لهند بنت سرير أم كلاب.


ولدا كلاب وأمهما *
HSNXV01P104E

قال ابن إسحاق فولد كلاب بن مرة رجلين قصي بن كلاب وزهرة بن كلاب وأمهما فاطمة بنت سعد بن سيل أحد بني الجدرة من جعثمة الأزد من اليمن حلفاء في بني الديل بن بكر بن عبد مناف ابن كنانة.


نسب جعثمة *
HSNXV01P105C

قال ابن إسحاق ولسعد بن سيل يقول الشاعر ما نرى في الناس شخصا واحدا من علمناه كسعد بن سيل فارسا أضبط فيه عسرة وإذا ما واقف القرن نزل فارسا يستدرج الخيل كما استدرج الحر القطامي الحجل.


أولاد قصي وأمهم *
HSNXV01P105H

قال ابن إسحاق فولد قصي بن كلاب أربعة نفر وامرأتين عبد مناف § ابن قصي وعبد الدار بن قصي وعبد العزى بن قصي وعبد قصي بن قصي وتخمر بنت قصي وبرة بنت قصي وأمهم حبي بنت حليل بن حبشية بن سلول ابن كعب بن عمرو الخزاعي.


أولاد عبد مناف وأمهاتهم *
HSNXV01P106D

قال ابن إسحاق فولد عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي أربعة نفر هاشم بن عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف والمطلب بن عبد مناف وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة ونوفل بن عبد مناف وأمه واقدة بنت عمرو المازنية مازن بن منصور بن عكرمة.


إشارة إلى ذكر احتفار زمزم *

HSNXV01P110F

قال محمد بن إسحاق المطلبي بينما عبد المطلب بن هاشم نائم في الحجر إذ § أتي فأمر بحفر زمزم وهي دفن بين صنمي قريش إساف ونائلة عند منحر قريش وكانت جرهم دفنتها حين ظعنوا من مكة وهي بئر إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام التي سقاه الله حين ظمئ وهو صغير فالتمست له أمه ماء فلم تجده فقامت إلى الصفا تدعو الله وتستغيثه لإسماعيل ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك وبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فهمز له بعقبه في الأرض فظهر الماء وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه فجاءت تشتد نحوه فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب فجعلته حسيا.


أمر جرهم ودفن زمزم *

HSNXV01P111D

قال ابن هشام وكان من حديث جرهم ودفنها زمزم وخروجها من مكة ومن ولي أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبد المطلب زمزم ما حدثنا به زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال لما توفي إسماعيل بن إبراهيم ولي البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه ثم ولي البيت بعده مضاض بن عمرو الجرهمي.


جرهم وقطوراء وما كان بينهما *
HSNXV01P111G

قال ابن إسحاق وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو § وأخوالهم من جرهم وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة وهما ابنا عم وكانا ظعنا من اليمن فأقبلا سيارة وعلى جرهم مضاض بن عمرو وعلى قطوراء السميدع رجل منهم وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر فأعجبهما فنزلا به فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز ونزل السميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد فما حاز فكان مضاض يعثر من دخل مكة من أعلاها وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه ثم إن جرهم وقطوراء بغى بعضهم على بعض وتنافسوا الملك بها ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت وإليه ولاية البيت دون السميدع فسار بعضهم إلى بعض فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان في كتيبته سائرا إلى السميدع ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب يقعقع بذلك معه فيقال ما سمي قعيقعان بقعيقعان إلا لذلك وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال فيقال ما سمي أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه فالتقوا بفاضح واقتتلوا قتالا شديدا فقتل السميدع وفضحت قطوراء فيقال ما سمي فاضح فاضحا إلا لذلك ثم إن القوم تداعوا § إلى الصلح فساروا حتى نزلوا المطابخ شعبا بأعلى مكة واصطلحوا به وأسلموا الأمر إلى مضاض فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له نحر للناس فأطعمهم فاطبخ الناس ويأكلوا فيقال ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ لما كان تبع نحر بها وأطعم وكانت منزله فكان الذي كان بين مضاض والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة وأخوالهم من جرهم ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخؤولتهم وقرابتهم وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغي أو قتال فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد فلا يناوئون قوما إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم ثم إن جرهما بغوا بمكة واستحلوا خلالا من الحرمة فظلموا من دخلها من غير أهلها وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها فرق أمرهم فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وغبشان من خزاعة ذلك أجمعوا § لحربهم وإخراجهم من مكة فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا فغلبتهم بنو بكر وغبشان فنفوهم من مكة وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلما ولا بغيا ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته فكانت تسمى الناسة ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك مكانه فيقال إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا.


بكة لغة *
HSNXV01P114C

قال ابن إسحاق فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا فقال عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض في ذلك وليس بمضاض الأكبر وقائلة والدمع سكب مبادر وقد شرقت بالدمع منها المحاجر § كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر فقلت لها والقلب مني كأنما يلجلجه بين الجناحين طائر بلى نحن كنا أهلها فأزالنا صروف الليالي والجدود العواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابت نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ونحن ولينا البيت من بعد نابت بعز فما يحظى لدينا المكاثر ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا فليس لحي غيرنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته فأبناوه منا ونحن الأصاهر فإن تنثن الدنيا علينا بحالها فإن لها حالا وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة كذلك يا للناس تجري المقادر أقول إذا نام الخلي ولم أنم أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر وبدلت منها أوجها لا أحبها قبائل منها حمير ويحابر وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة بذلك عضتنا السنون الغوابر فسحت دموع العين تبكي لبلدة بها حرم أمن وفيها المشاعر وتبكي لبيت ليس يوذى حمامه يظل به أمنا وفيه العصافر § وفيه وحوش لا ترام أنيسة إذا خرجت منه فليست تغادر.


HSNXV01P116C

قال ابن إسحاق وقال عمرو بن الحارث أيضا يذكر بكرا وغبشان وساكني مكة الذين خلفوا فيها بعدهم يا أيها الناس سيروا إن قصركم أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا حثوا المطي وأرخوا من أزمتها قبل الممات وقضوا ما تقضونا كنا أناسا كما كنتم فغيرنا دهر فأنتم كما كنا تكونونا.


استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت *

HSNXV01P117B

قال ابن إسحاق ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بني بكر بن عبد مناة وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.


تزوج قصي بن كلاب حبى بنت حليل *

HSNXV01P117F

قال ابن إسحاق ثم إن قصي بن كلاب خطب إلى حليل بن حبشية ابنته حبى فرغب فيه حليل فزوجه فولدت له عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وعبدا فلما انتشر ولد قصي وكثر ماله وعظم شرفه هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر وأن قريشا قرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده فكلم رجالا من قريش وبني كنانة § ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة فأجابوه وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعد هلك كلاب فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل وزهرة يومئذ رجل وقصي فطيم فاحتملها إلى بلاده فحملت قصيا معها وأقام زهرة فولدت لربيعة رزاحا فلما بلغ قصي وصار رجلا أتى مكة فأقام بها فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة يدعوه إلى نصرته والقيام معه فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته حن بن ربيعة ومحمود بن ربيعة وجلهمة بن ربيعة وهم لغير فاطمة فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب وهم مجمعون لنصرة قصي وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر وقال أنت أولى بالكعبة وبالقيام عليها وبأمر مكة من خزاعة فعند ذلك طلب قصي ما طلب ولم نسمع ذلك من غيرهم فالله أعلم أي ذلك كان § وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة وولده من بعده وكان يقال له ولولده صوفة وإنما ولي ذلك الغوث بن مر لأن أمه كانت امرأة من جرهم وكانت لا تلد فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها ويقوم عليها فولدت الغوث فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم فولي الإجازة بالناس من عرفة لمكانه الذي كان به من الكعبة وولده من بعده حتى انقرضوا فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه إني جعلت رب من بييه %~% ربيطة بمكة العليه فباركن لي بها أليه واجعله لي من صالح البريه وكان الغوث بن مر فيما زعموا إذا دفع بالناس قال لا هم إني تابع تباعه إن كان إثم فعلى قضاعه.


HSNXV01P120A

قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة وتجيز بهم إذا نفروا من منى فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار ورجل من صوفة يرمي للناس لا يرمون حتى يرمي فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه فيقولون له قم فارم حتى نرمي معك فيقول لا والله حتى تميل الشمس فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة ويستعجلونه بذلك ويقولون له ويلك قم فارم فيأبى عليهم حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه.


تولي بني سعد أمر البيت بعد صوفة *
HSNXV01P120E

قال ابن إسحاق فإذا فرغوا من رمي الجمار وأرادوا النفر من منى أخذت صوفة بجانبي العقبة فحبسوا الناس وقالوا أجيرى صوفة فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا فإذا نفرت صوفة ومضت خلي سبيل الناس فانطلقوا بعدهم فكانوا كذلك حتى انقرضوا فورثهم ذلك من بعدهم بالقعدد بنو سعد بن زياد مناة بن تميم وكانت من بني سعد في آل صفوان بن الحارث بن شجنة.


صفوان وكرب والإجازة في الحج *
HSNXV01P121B

قال ابن إسحاق وكان صفوان هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة ثم بنوه من بعده حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام كرب بن صفوان وقال أوس بن تميم بن مغراء السعدي لا يبرح الناس ما حجوا معرفهم حتى يقال أجيزوا آل صفوانا.


ما كانت عليه عدوان من إفاضة المزدلفة *

HSNXV01P121F

وأما قول ذي الإصبع العدواني واسمه حرثان من عدوان بن عمرو وإنما سمي ذا الإصبع لأنه كان له إصبع فقطعها عذير الحي من عدوان كانوا حية الأرض بغى بعضهم ظلما فلم يرع على بعض ومنهم كانت السادات والموفون بالقرض ومنهم من يجيز الناس بالسنة والفرض ومنهم حكم يقضي فلا ينقض ما يقضي § وهذه الأبيات في قصيدة له فلأن الإفاضة من المزدلفة كانت في عدوان فيما حدثني زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة عميلة بن الأعزل ففيه يقول شاعر من العرب نحن دفعنا عن أبي سياره وعن مواليه بني فزاره حتى أجاز سالما حماره مستقبل القبلة يدعو جاره قال وكان أبو سيارة يدفع بالناس على أتان له فلذلك يقول سالما حماره.


أمر عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان *

HSNXV01P122E

قال ابن إسحاق وقوله حكم يقضي يعني عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان العدواني وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ثم رضوا بما قضى فيه فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه في رجل خنثى له ما للرجل وله ما للمرأة فقالوا أتجعله رجلا أو امرأة ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه فقال حتى أنظر في أمركم فو الله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب فاستأخروا عنه فبات ليلته ساهرا يقلب أمره وينظر في شأنه لا يتوجه له منه وجه وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول صبحت والله § يا سخيل وإذا أراحت عليه قال مسيت والله يا سخيل وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس وتؤخر الإراحة حتى يسبقها بعض فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت ما لك لا أبا لك ما عراك في ليلتك هذه قال ويلك دعيني أمر ليس من شأنك ثم عادت له بمثل قولها فقال في نفسه عسى أن تأتي مما أنا فيه بفرج فقال ويحك اختصم إلي في ميراث خنثى أأجعله رجلا أو امرأة فو الله ما أدري ما أصنع وما يتوجه لي فيه وجه قال فقالت سبحان الله لا أبا لك أتبع القضاء المبال أقعده فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهي امرأة قال مسي سخيل بعدها أو صبحي فرجتها والله ثم خرج على الناس حين أصبح فقضى بالذي أشارت عليه به.


غلب قصي بن كلاب على أمر مكة وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له *

HSNXV01P123D

قال ابن إسحاق فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل وقد عرفت ذلك لها العرب وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة فقال لنحن أولى بهذا منكم فقاتلوه فاقتتل الناس قتالا شديدا ثم انهزمت صوفة وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة فلما انحازوا عنه باداهم § وأجمع لحربهم وثبت معه أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه من قومه من قضاعة وخرجت له خزاعة وبنو بكر فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعا ثم إنهم تداعوا إلى الصلح وإلى أن يحكموا بينهم رجلا من العرب فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يشدخه تحت قدميه وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة وأن يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة فسمي يعمر بن عوف يومئذ الشداخ لما شدخ من الدماء ووضع منها.


قصي أميرا على مكة وسبب تسميته مجمعا *
HSNXV01P124F

قال ابن إسحاق فولي قصي البيت وأمر مكة وجمع قومه من منازلهم إلى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه وذلك أنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغي تغييره فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه فكانت § إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كله وقطع مكة رباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم فقطعها قصي بيده وأعوانه فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها وتيمنت بأمره فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش وما يتشاورون في أمر نزل بهم ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره يعقده لهم بعض ولده وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه ثم ينطلق بها إلى أهلها فكان أمره في قومه من قريش في حياته ومن بعد موته كالدين المتبع لا يعمل بغيره واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضي أمورها.


HSNXV01P126B

قال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه قال سمعت السائب ابن خباب صاحب المقصورة يحدث أنه سمع رجلا يحدث عمر بن الخطاب وهو خليفة حديث قصي بن كلاب وما جمع من أمر قومه وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة وولايته البيت وأمر مكة فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره.


شعر رزاح في نصرته قصيا ورد قصي عليه *
HSNXV01P126D

قال ابن إسحاق فلما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه وقال رزاح في إجابته قصيا لما أتى من قصي رسول فقال الرسول أجيبوا الخليلا نهضنا إليه نقود الجياد ونطرح عنا الملول الثقيلا نسير بها الليل حتى الصباح ونكمي النهار لئلا نزولا فهن سراع كورد القطا يجبن بنا من قصي رسولا جمعنا من السر من أشمذين ومن كل حي جمعنا قبيلا فيا لك حلبة ما ليلة تزيد على الألف سببا رسيلا فلما مررن على عسجد وأسهلن من مستناخ سبيلا § وجاوزن بالركن من ورقان وجاوزن بالعرج حيا حلولا مررن على الحل ما ذقنه وعالجن من مر ليلا طويلا ندني من العوذ أفلاءها إرادة أن يسترقن الصهيلا فلما انتهينا إلى مكة أبحنا الرجال قبيلا قبيلا نعاورهم ثم حد السيوف وفي كل أوب خلسنا العقولا نخبزهم بصلاب النسور خبز القوي العزيز الذليلا قتلنا خزاعة في دارها وبكرا قتلنا وجيلا فجيلا § نفيناهم من بلاد المليك كما لا يحلون أرضا سهولا فأصبح سبيهم في الحديد ومن كل حي شفينا الغليلا وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان بن الحارث بن سعد هذيم القضاعي في ذلك من أمر قصي حين دعاهم فأجابوه جلبنا الخيل مضمرة تغالي من الأعراف أعراف الجناب إلى غورى تهامة فالتقينا من الفيفاء في قاع يباب فأما صوفة الخنثى فخلوا منازلهم محاذرة الضراب وقام بنو علي إذ رأونا إلى الأسياف كالإبل الطراب وقال قصي بن كلاب أنا ابن العاصمين بني لؤي بمكة منزلي وبها ربيت إلى البطحاء قد علمت معد ومروتها رضيت بها رضيت فلست لغالب إن لم تأثل بها أولاد قيذر والنبيت رزاح ناضري وبه أسامي فلست أخاف ضيما ما حييت فلما استقر رزاح بن ربيعة في بلاده نشره الله ونشرحنا فهما قبيلا عذرة اليوم وقد كان بين رزاح بن ربيعة حين قدم بلاده وبين نهد بن زيد وحوتكة بن أسلم وهما بطنان من قضاعة شيء فأخافهم حتى لحقوا باليمن وأجلوا من بلاد قضاعة فهم اليوم باليمن فقال قصي بن كلاب وكان يحب قضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها لما بينه وبين رزاح من الرحم ولبلائهم عنده إذ أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته وكره ما صنع بهم رزاح ألا من مبلغ عني رزاحا فإني قد لحيتك في اثنتين لحيتك في بني نهد بن زيد كما فرقت بينهم وبيني وحوتكة بن أسلم إن قوما عنوهم بالمساءة قد عنوني.


ما آثر به قصي عبد الدار *
HSNXV01P129E

قال ابن إسحاق فلما كبر قصي ورق عظمه وكان عبد الدار بكره وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وذهب كل مذهب وعبد العزى وعبد قال قصي لعبد الدار أما والله يا بني لألحقنك بالقوم وإن كانوا قد شرفوا عليك لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك ولا تقطع قريش § أمرا من أمورها إلا في دارك فأعطاه داره دار الندوة التي لا تقضي قريش أمرا من أمورها إلا فيها وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفاة وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب فيصنع به طعاما للحاج فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد وذلك أن قصيا فرضه على قريش فقال لهم حين أمرهم به يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق الضيف بالكرامة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج.


HSNXV01P130D

قال ابن إسحاق حدثني بهذا من أمر قصي بن كلاب وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده أبي إسحاق بن يسار عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار يقال له نبيه بن وهب بن عامر بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي قال الحسن فجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه.


ذكر ما جرى من اختلاف قريش بعد قصي وحلف المطيبين *

HSNXV01P130G

قال ابن إسحاق ثم إن قصي بن كلاب هلك فأقام أمره في قومه وفي غيرهم بنوه من بعده فاختطوا مكة رباعا بعد الذي كان قطع § لقومه بها فكانوا يقطعونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ويبيعونها فأقامت على ذلك قريش معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع ثم إن بني عبد مناف ابن قصي عبد شمس وهاشما والمطلب ونوفلا أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم فتفرقت عند ذلك قريش فكانت طائفة مع بني عبد مناف على رأيهم يرون أنهم أحق به من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم وكانت طائفة مع بني عبد الدار يرون أن لا ينزع منهم ما كان قصي جعل إليهم فكان صاحب أمر بني عبد مناف عبد شمس بن عبد مناف وذلك أنه كان أسن بني عبد مناف وكان صاحب أمر بني عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة بن كعب وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر مع بني عبد مناف وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو عدي بن كعب مع بني عبد الدار وخرجت عامر بن لؤي ومحارب بن فهر فلم يكونوا مع واحد من الفريقين فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة § فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فيزعمون أن بعض نساء بني عبد مناف أخرجتها لهم فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها فتعاقدوا وتعاهدوا هم وحلفاؤهم ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم فسموا المطيبين وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا هم وحلفاؤهم عند الكعبة حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا فسموا الأحلاف ثم سوند بين القبائل ولز بعضها ببعض فعبيت بنو عبد مناف لبني سهم وعبيت بنو أسد لبني عبد الدار وعبيت زهرة لبني جمح وعبيت بنو تيم لبني مخزوم وعبيت بنو الحارث بن فهر لبني عدي بن كعب ثم قالوا لتفن كل قبيلة من أسند إليها فبينا الناس على ذلك قد أجمعوا للحرب إذ تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت ففعلوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك وتحاجز الناس عن الحرب وثبت كل قوم مع من حالفوا فلم يزالوا على ذلك حتى جاء الله تعالى بالإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة.


حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلف الفضول *
HSNXV01P134C

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت.


نازع الحسين الوليد في حق وهدد بالدعوة إلى حلف الفضول *
HSNXV01P134E

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي أن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وبين الوليد ابن عتبة بن أبي سفيان والوليد يومئذ أمير على المدينة أمره عليها عمه معاوية § ابن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة فكان الوليد تحامل على الحسين رضي الله عنه في حقه لسلطانه فقال له الحسين أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول قال فقال عبد الله بن الزبير وهو عند الوليد حين قال الحسين رضي الله عنه ما قال وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا قال فبلغت المسور ابن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي.


سأل عبد الملك محمد بن جبير عن عبد شمس وبني نوفل ودخولهما في حلف الفضول فأخبره بخروجهما منه *
HSNXV01P135C

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال قدم محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان محمد ابن جبير أعلم قريش على عبد الملك بن مروان بن الحكم حين قتل ابن الزبير واجتمع الناس على عبد الملك فلما دخل عليه قال له يا أبا سعيد ألم نكن نحن وأنتم يعني بني عبد شمس بن عبد مناف وبني نوفل بن عبد مناف في حلف الفضول قال أنت أعلم قال عبد الملك لتخبرني يا أبا سعيد بالحق من ذلك فقال لا والله لقد خرجنا نحن وأنتم منه قال صدقت. تم خبر حلف الفضول.


ولاية هاشم الرفادة والسقاية وما كان يصنع إذا قدم الحاج *
HSNXV01P135E

قال ابن إسحاق فولي الرفادة والسقاية هاشم بن عبد مناف وذلك أن عبد شمس كان رجلا سفارا قلما يقيم بمكة وكان مقلا ذا ولد وكان هاشم موسرا فكان فيما يزعمون إذا حضر الحاج قام في قريش فقال يا معشر § قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله وحجاج بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بد لهم من الإقامة بها فإنه والله لو كان مالي يسع لذلك ما كلفتكموه فيخرجون لذلك خرجا من أموالهم كل امرئ بقدر ما عنده فيصنع به للحجاج طعاما حتى يصدروا منها وكان هاشم فيما يزعمون أول من سن الرحلتين لقريش رحلتي الشتاء والصيف وأول من أطعم الثريد بمكة وإنما كان اسمه عمرا فما سمي هاشما إلا بهشمه الخبر بمكة لقومه فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب عمرو الذي هشم الثريد لقومه قوم بمكة مسنتين عجاف سنت إليه الرحلتان كلاهما سفر الشتاء ورحلة الأصياف.


ولاية المطلب الرفادة والسقاية *
HSNXV01P137B

قال ابن إسحاق ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا فولي السقاية والرفادة من بعده المطلب بن عبد مناف وكان أصغر من عبد شمس وهاشم وكان ذا شرف في قومه وفضل وكانت قريش إنما تسميه الفيض لسماحته وفضله وكان هاشم بن عبد مناف قدم المدينة فتزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي ابن النجار وكانت قبله عند أحيحة بن الجلاح بن الحريش. قال ابن هشام ويقال الحريس ابن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس فولدت له عمرو بن أحيحة وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا لها أن أمرها بيدها إذا كرهت رجلا فارقته فولدت لهاشم عبد المطلب فسمته شيبة فتركه هاشم عندها حتى كان وصيفا أو فوق ذلك ثم خرج إليه عمه المطلب ليقبضه فيلحقه ببلده وقومه فقالت له سلمى لست بمرسلته معك فقال لها المطلب إني غير منصرف حتى § أخرج به معي إن ابن أخي قد بلغ وهو غريب في غير قومه ونحن أهل بيت شرف في قومنا نلي كثيرا من أمورهم وقومه وبلده وعشيرته خير له من الإقامة في غيرهم أو كما قال وقال شيبة لعمه المطلب فيما يزعمون لست بمفارقها إلا أن تأذن لي فأذنت له ودفعته إليه فاحتمله فدخل به مكة مردفه معه على بعيره فقالت قريش عبد المطلب ابتاعه فبها سمي شيبة عبد المطلب فقال المطلب ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم قدمت به من المدينة ثم هلك المطلب بردمان من أرض اليمن فقال رجل من العرب يبكيه قد ظمئ الحجيج بعد المطلب بعد الجفان والشراب المنثعب ليت قريشا بعده على نصب وقال مطرود بن كعب الخزاعي يبكي المطلب وبني عبد مناف جميعا حين أتاه نعي نوفل بن عبد مناف وكان نوفل آخرهم هلكا يا ليلة هيجت ليلاتي إحدى ليالي القسيات وما أقاسي من هموم وما عالجت من رزء المنيات إذا تذكرت أخي نوفلا ذكرني بالأوليات ذكرني بالأزر الحمر و الأردية الصفر القشيبات أربعة كلهم سيد أبناء سادات لسادات ميت بردمان وميت بسلمان وميت عند غزات § وميت أسكن لحدا لدى المحجوب شرقي البنيات أخلصهم عبد مناف فهم من لوم من لام بمنجاة إن المغيرات وأبناءها من خير أحياء وأموات وكان اسم عبد مناف المغيرة وكان أول بني عبد مناف هلكا هاشم بغزة من أرض الشام ثم عبد شمس بمكة ثم المطلب بردمان من أرض اليمن ثم نوفلا بسلمان من ناحية العراق فقيل لمطرود فيما يزعمون لقد قلت فأحسنت ولو كان أفحل مما قلت كان أحسن فقال أنظرني ليالي فمكث أياما ثم قال يا عين جوى وأذري الدمع وانهمري وابكي على السر من كعب المغيرات يا عين واسحنفري بالدمع واحتفلي وابكي خبيئة نفسي في الملمات وابكي على كل فياض أخي ثقة ضخم الدسيعة وهاب الجزيلات محض الضريبة عالي الهم مختلق جلد النحيزة ناء بالعظيمات صعب البديهة لا نكس ولا وكل ماضي العزيمة متلاف الكريمات § صقر توسط من كعب إذا نسبوا بحبوحة المجد والشم الرفيعات ثم اندبي الفيض والفياض مطلبا واستخرطي بعد فيضات بجمات أمسى بردمان عنا اليوم مغتربا يا لهف نفسي عليه بين أموات وابكي لك الويل إما كنت باكية لعبد شمس بشرقي البنيات وهاشم في ضريح وسط بلقعة تسفى الرياح عليه بين غزات ونوفل كان دون القوم خالصتي أمسى بسلمان في رمس بموماة لم ألق مثلهم عجما ولا عربا إذا استقلت بهم أدم المطيات أمست ديارهم منهم معطلة وقد يكونون زينا في السريات أفناهم الدهر أم كلت سيوفهم أم كل من عاش أزواد المنيات أصبحت أرضى من الأقوام بعدهم بسط الوجوه وإلقاء التحيات يا عين فابكي أبا الشعث الشجيات يبكينه حسرا مثل البليات § يبكين أكرم من يمشي على قدم يعولنه بدموع بعد عبرات يبكين شخصا طويل الباع ذا فجر آبي الهضيمة فراج الجليلات يبكين عمرو العلا إذ حان مصرعه سمح السجية بسام العشيات يبكينه مستكينات على حزن يا طول ذلك من حزن وعولات يبكين لما جلاهن الزمان له خضر الخدود كأمثال الحميات محتزمات على أوساطهن لما جر الزمان من أحداث المصيبات أبيت ليلي أراعي النجم من ألم أبكي وتبكي معي شجوي بنياتي ما في القروم لهم عدل ولا خطر ولا لمن تركوا شروى بقبات أبناؤهم خير أبناء وأنفسهم خير النفوس لدى جهاد الأليات كم وهبوا من طمر سابح أرن ومن طمرة نهب في طمرات ومن سيوف من الهندي مخلصة ومن رماح كأشطان الركيات ومن توابع مما يفضلون بها عند المسائل من بذل العطيات فلو حسبت وأحصى الحاسبون معي لم أقض أفعالهم تلك الهنيات هم المدلون إما معشر فخروا عند الفخار بأنساب نقيات زين البيوت التي خلوا مساكنها فأصبحت منهم وحشا خليات § أقول والعين لا ترقى مدامعها لا يبعد الله أصحاب الرزيات.


HSNXV01P142C

قال ابن إسحاق أبو الشعث الشجيات هاشم بن عبد مناف.


ولاية عبد المطلب السقاية والرفادة *
HSNXV01P142E

قال ثم ولي عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب فأقامها للناس وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من أمرهم وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه وأحبه قومه وعظم خطره فيهم ثم إن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم.


HSNXV01P142F

قال ابن إسحاق وكان أول ما ابتدئ به عبد المطلب من حفرها كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله § ابن زرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها قال قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال احفر طيبة قال قلت وما طيبة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر برة قال وما برة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر المضنونة قال فقلت وما المضنونة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر زمزم قال قلت وما زمزم قال لا تنزف أبدا ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل.


عبد المطلب وابنه الحارث وما كان بينهما وبين قريش عند حفرهما زمزم *
HSNXV01P143C

قال ابن إسحاق فلما بين له شأنها ودل على موضعها وعرف أنه صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ ولد § غيره فحفر فيها فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها قال ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم فقالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها قال فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني سعد هذيم قال نعم قال وكانت بأشراف الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر قال والأرض إذ ذاك مفاوز قال فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا إنا بمفازة ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال ماذا ترون قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا بما شئت قال فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن من القوة فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا قالوا نعم ما أمرت به فقام كل واحد منهم فحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب في الأرض ولا نبتغي لأنفسنا لعجز فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارتحلوا فارتحلوا حتى إذا فرغوا ومن معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر § عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتى ملئوا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش فقال هلم إلى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا فجاءوا فشربوا واستقوا ثم قالوا قد والله قضي لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخاصمك في زمزم أبدا إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبينها.


HSNXV01P145B

قال ابن إسحاق فهذا الذي بلغني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمزم وقد سمعت من يحدث عن عبد المطلب أنه قيل له حين أمر بحفر زمزم ثم ادع بالماء الروى غير الكدر يسقي حجيج الله في كل مبر ليس يخاف منه شيء ما عمر فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش فقال تعلموا أني قد أمرت أن أحفر لكم زمزم فقالوا فهل بين لك أين هي قال لا قالوا فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت فإن يك حقا من الله يبين لك وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك فرجع عبد المطلب إلى مضجعه فنام فيه فأتي فقيل له احفر زمزم إنك إن حفرتها لم تندم وهي تراث من أبيك الأعظم لا تنزف أبدا ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم مثل نعام حافل لم يقسم ينذر فيها ناذر لمنعم تكون ميراثا وعقدا محكم ليست كبعض ما قد تعلم وهي بين الفرث والدم.


HSNXV01P146B

قال ابن إسحاق فزعموا أنه حين قيل له ذلك قال وأين هي قيل له عند قرية النمل حيث ينقر الغراب غدا والله أعلم أي ذلك كان فعدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره فوجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين إساف ونائلة اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحها فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر فقامت إليه قريش حين رأوا جده فقالوا والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما فقال عبد المطلب لابنه الحارث ذد عني حتى أحفر فو الله لأمضين لما أمرت به فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر وكفوا عنه فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطي فكبر وعرفوا أنه قد صدق فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعا فقالت له قريش يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق قال لا ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها بالقداح قالوا وكيف تصنع قال § أجعل للكعبة قدحين ولي قدحين ولكم قدحين فمن خرج له قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له قالوا أنصفت فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين لعبد المطلب وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطوا القداح صاحب القداح الذي يضرب بها عند هبل وهبل صنم في جوف الكعبة وهو أعظم أصنامهم وهو الذي يعني أبو سفيان ابن حرب يوم أحد حين قال أعل هبل أي أظهر دينك وقام عبد المطلب يدعو الله عز وجل فضرب صاحب القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة وخرج الأسودان على الأسياف والأدراع لعبد المطلب وتخلف قدحا قريش فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة وضرب في الباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حليته الكعبة فيما يزعمون ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج قال ابن هشام وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال § حفر عبد شمس بن عبد مناف الطوي وهي البئر التي بأعلى مكة عند البيضاء دار محمد بن يوسف الثقفي وحفر هاشم بن عبد مناف بذر وهي البئر التي عند المستنذر خطم الخندمة على فم شعب أبي طالب وزعموا أنه قال حين حفرها لأجعلنها بلاغا للناس.


سجلة ومن حفرها *
HSNXV01P148E

قال ابن إسحاق وحفر سجلة وهي بئر المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف التي يسقون عليها اليوم ويزعم بنو نوفل أن المطعم ابتاعها من أسد بن هاشم ويزعم بنو هاشم أنه وهبها له حين ظهرت زمزم فاستغنوا بها عن تلك الآباروحفر أمية بن عبد شمس الحفر لنفسه وحفرت بنو أسد بن عبد العزى سقية وهي بئر بني أسد وحفرت بنو عبد الدار أم أحراد وحفرت بنو جمح السنبلة وهي بئر خلف بن وهب وحفرت بنو سهم الغمر وهي بئر بني سهم وكانت آبار حفائر خارجا من مكة قديمة من عهد مرة بن كعب وكلاب § ابن مرة وكبراء قريش الأوائل منها يشربون وهي رم ورم بئر مرة ابن كعب بن لؤي وخم وخم بئر بني كلاب بن مرة والحفر قال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي.


فضل زمزم وما قيل فيها من شعر *
HSNXV01P150D

قال ابن إسحاق فعفت زمزم على البئار التي كانت قبلها يسقي عليها الحاج وانصرف الناس إليها لمكانها من المسجد الحرام ولفضلها على ما سواها من المياه ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وافتخرت بها بنو عبد مناف على قريش كلها وعلى سائر العرب فقال مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو يفخر على قريش بما ولوا عليهم من السقاية والرفادة وما أقاموا للناس من ذلك وبزمزم حين ظهرت لهم وإنما كان بنو عبد مناف أهل بيت واحد شرف بعضهم لبعض شرف وفضل بعضهم لبعض فضل § ورثنا المجد من آبائنا فنمى بنا صعدا ألم نسق الحجيج وننحر الدلافة الرفدا ونلقى عند تصريف المنايا شددا رفدا فإن نهلك فلم نملك ومن ذا خالد أبدا وزمزم في أرومتنا ونفقأ عين من حسدا.


HSNXV01P151C

قال ابن إسحاق وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي وساقي الحجيج ثم للخير هاشم وعبد مناف ذلك السيد الفهري طوى زمزما عند المقام فأصبحت سقايته فخرا على كل ذي فخر.


ذكر نذر عبد المطلب ذبح ولده *
HSNXV01P151E

قال ابن إسحاق وكان عبد المطلب بن هاشم فيما يزعمون والله أعلم قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة فلما توافى بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك فأطاعوه وقالوا كيف نصنع قال ليأخذ كل رجل منكم قدحا § ثم يكتب فيه اسمه ثم ائتوني ففعلوا ثم أتوه فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة وكان هبل على بئر في جوف الكعبة وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة وكان عند هبل قداح سبعة كل قدح منها فيه كتاب قدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوه يضرب به في القداح فإن خرج قدح نعم عملوا به وقدح فيه لا إذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح فإن خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر وقدح فيه منكم وقدح فيه ملصق وقدح فيه من غيركم وقدح فيه المياه إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح فحيثما خرج عملوا به وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما أو ينكحوا منكحا أو يدفنوا ميتا أو شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه ثم يقولون لصاحب القداح اضرب فإن خرج عليه منكم كان منهم وسيطا وإن خرج عليه من غيركم كان حليفا وإن خرج عليه ملصق كان على منزلته فيهم لا نسب له ولا حلف وإن خرج فيه شيء مما سوى هذا مما يعملون به نعم عملوا به § وإن خرج لا أخروه عامه ذلك حتى يأتوه به مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح فقال عبد المطلب لصاحب القداح اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر فأعطاه كل رجل منهم قدحه الذي فيه اسمه وكان عبد الله بن عبد المطلب أصغر بني أبيه كان هو والزبير وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.


خروج القدح على عبد الله وشروع أبيه في ذبحه ومنع قريش له *
HSNXV01P153F

قال ابن إسحاق وكان عبد الله فيما يزعمون أحب ولد عبد المطلب إليه فكان عبد المطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى وهو أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها قام عبد المطلب عند هبل يدعو الله ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه فقامت إليه قريش من أنديتها فقالوا ماذا تريد يا عبد المطلب قال أذبحه فقالت له قريش وبنوه والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه فما بقاء الناس على هذا وقال له المغيرة بن عبد الله § ابن عمرو بن مخزوم بن يقظة وكان عبد الله ابن أخت القوم والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه وقالت له قريش وبنوه لا تفعل وانطلق به إلى الحجاز فإن به عرافة لها تابع فسلها ثم أنت على رأس أمرك إن أمرتك بذبحه ذبحته وإن أمرتك بأمر لك وله فيه فرج قبلته فانطلقوا حتى قدموا المدينة فوجودها فيما يزعمون بخيبر فركبوا حتى جاءوها فسألوها وقص عليها عبد المطلب خبره وخبر ابنه وما أراد به ونذره فيه فقالت لهم ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فرجعوا من عندها فلما خرجوا عنها قام عبد المطلب يدعو الله ثم غدوا عليها فقالت لهم قد جاءني الخبر كم الدية فيكم قالوا عشر من الإبل وكانت كذلك قالت فارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشرا من الإبل ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم فخرجوا حتى قدموا مكة فلما أجمعوا على ذلك من الأمر قام عبد المطلب يدعو الله ثم قربوا عبد الله وعشرا من الإبل وعبد المطلب قائم عند هبل يدعو الله عز وجل ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل عشرين وقام عبد المطلب يدعو الله عز وجل ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ثلاثين § وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل أربعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل خمسين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ستين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل سبعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ثمانين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل تسعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل مائة وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل فقالت قريش ومن حضر قد انتهى رضا ربك يا عبد المطلب فزعموا أن عبد المطلب قال لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضربوا على عبد الله وعلى الإبل وقام عبد المطلب يدعو الله فخرج القدح على الإبل ثم عادوا الثانية وعبد المطلب قائم يدعو الله فضربوا فخرج القدح على الإبل ثم عادوا الثالثة وعبد المطلب قائم يدعو الله فضربوا فخرج القدح على الإبل فنحرت ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا يمنع.


ذكر المرأة المتعرضة لنكاح عبد الله بن عبد المطلب *

HSNXV01P155F

قال ابن إسحاق ثم انصرف عبد المطلب آخذا بيد عبد الله فمر به فيما § يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله قال مع أبي قالت لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن قال أنا مع أبي ولا أستطيع خلافه ولا فراقه فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا وهي لبرة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وبرة لأم حبيب بنت أسد بن عبد العزى ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وأم حبيب لبرة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه فوقع عليها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت § فقال لها ما لك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت علي بالأمس قالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب أنه سيكون في هذه الأمة نبي.


HSNXV01P157B

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار أنه حدث أن عبد الله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وهب وقد عمل في طين له وبه آثار من الطين فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت به من أثر الطين فخرج من عندها فتوضأ وغسل ما كان به من ذلك الطين ثم خرج عامدا إلى آمنة فمر بها فدعته إلى نفسها فأبى عليها وعمد إلى آمنة فدخل عليها فأصابها فحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم مر بامرأته تلك فقال لها هل لك قالت لا مررت بي وبين عينيك غرة بيضاء فدعوتك فأبيت علي ودخلت على آمنة فذهبت بها.


HSNXV01P157C

قال ابن إسحاق فزعموا أن امرأته تلك كانت تحدث أنه مر بها وبين عينيه غرة مثل غرة الفرس قالت فدعوته رجاء أن تكون تلك بي فأبى علي ودخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط قومه نسبا وأعظمهم شرفا من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحدث § أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هلك وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به.


ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاعته *

HSNXV01P158F

قال ابن إسحاق ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل.


رواية قيس بن مخرمة عن مولده صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P159B

قال ابن إسحاق حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قيس بن مخرمة قال ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل فنحن لدان.


رواية حسان بن ثابت عن مولده صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P159D

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري قال حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب يا معشر يهود حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له ويلك مالك قال طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به قال محمد بن إسحاق فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقلت ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال ابن ستين سنة وقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين.


إعلام أمه جده بولادته صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P159F

قال ابن إسحاق فلما وضعته أمه صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جده § عبد المطلب أنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه فأتاه فنظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت به أن تسميه فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرضعاء.


نسب حليمة ونسب أبيها *
HSNXV01P160E

قال ابن إسحاق فاسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة ابنة أبي ذؤيب وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان § واسم أبيه الذي أرضعه صلى الله عليه وسلم الحارث بن عبد العزى بن رفاعة ابن ملان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن.


إخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاع *
HSNXV01P161E

قال ابن إسحاق وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء غلب ذلك على اسمها فلا تعرف في قومها إلا به وهم لحليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها إذا كان عندهم.


حديث حليمة عما رأته من الخير بعد تسلمها له صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P162B

قال ابن إسحاق وحدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحي عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أو عمن حدثه عنه قال كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء قالت وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئا قالت فخرجت على أتان لي قمراء معنا شارف لنا والله ما نبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغديه.


HSNXV01P162D

ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله § عليه وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه قال لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة قالت فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره قالت فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة قالت يقول صاحبي حين أصبحنا تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة قالت فقلت والله إني لأرجو ذلك قالت ثم خرجنا وركبت أنا أتاني وحملته عليها معى فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليها § شيء من حمرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي يا بنة أبي ذؤيب ويحك اربعي علينا أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى والله إنها لهي هي فيقلن والله إن لها لشأنا قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا قالت فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وبأ مكة قالت فلم نزل بها حتى ردته معنا قالت فرجعنا به فو الله إنه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه § قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدنا قائما منتقعا وجهه قالت فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له مالك يا بني قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا أدري ما هو قالت فرجعنا به إلى خبائنا قالت وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به قالت فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك قالت فقلت قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه فأديته إليك كما تحبين قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك قالت فلم تدعني حتى أخبرتها قالت أفتخوفت عليه الشيطان قالت قلت نعم قالت كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره قالت قلت بلى قالت رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام ثم حملت به فو الله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء دعيه عنك وانطلقي راشدة.


تعريفه صلى الله عليه وسلم بنفسه وقد سئل عن ذلك *
HSNXV01P166B

قال ابن إسحاق وحدثني ثور بن يزيد عن بعض أهل العلم ولا أحسبه إلا عن خالد بن معدان الكلاعي أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له يا رسول الله أخبرنا عن نفسك قال نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا ثم أخذاني فشقا بطني واستخرجا قلبي فشقاه فاستخرجنا منه علقة سوداء فطرحاها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم فقال دعه § عنك فو الله لو وزنته بأمته لوزنها.


هو والأنبياء قبله رعوا الغنم *
HSNXV01P167C

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي إلا وقد رعى الغنم قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا.


اعتزازه صلى الله عليه وسلم بقرشيته واسترضاعه في بني سعد *
HSNXV01P167E

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه أنا أعربكم أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر.


افتقدته حليمة صلى الله عليه وسلم حين رجوعها به ووجده ورقة بن نوفل *
HSNXV01P167G

قال ابن إسحاق وزعم الناس فيما يتحدثون والله أعلم أن أمه السعدية لما قدمت به مكة أضلها في الناس وهي مقبلة به نحو أهله فالتمسته فلم تجده فأتت عبد المطلب فقالت له إني قد قدمت بمحمد هذه الليلة فلما كنت بأعلى مكة أضلنى فو الله ما أدري أين هو فقام عبد المطلب عند الكعبة يدعو الله أن يرده فيزعمون أنه وجده ورقة بن نوفل بن أسد ورجل آخر من قريش فأتيا به عبد المطلب فقالا له هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة فأخذه عبد المطلب فجعله على عنقه وهو يطوف بالكعبة يعوذه ويدعو له ثم أرسل به إلى أمه آمنة.


HSNXV01P167H

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن مما هاج أمه السعدية على رده إلى أمه مع ما ذكرت لأمه مما أخبرتها عنه أن نفرا من الحبشة نصارى رأوه معها حين رجعت به بعد فطامه فنظروا إليه وسألوها عنه وقلبوه ثم قالوا لها لنأخذن هذا الغلام فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا فإن هذا غلام كائن له شأن نحن نعرف أمره فزعم الذي حدثني أنها لم تكد تنفلت به منهم.


وفاة آمنة وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بعدها *

HSNXV01P168C

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب.


HSNXV01P168D

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة.


إكرام عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم وهو صغير *
HSNXV01P168G

قال ابن إسحاق فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب ابن هاشم وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني فو الله إن له لشأنا ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع § فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم وذلك بعد الفيل بثماني سنين.


وفاة عبد المطلب. وما رثي به من الشعر *

HSNXV01P169C

قال ابن إسحاق حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس عن بعض أهله أن عبد المطلب توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثماني سنين.


HSNXV01P169D

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن سعيد بن المسيب أن عبد المطلب لما حضرته الوفاة وعرف أنه ميت جمع بناته وكن ست نسوة صفية وبرة وعاتكة وأم حكيم البيضاء وأميمة وأروى فقال لهن ابكين علي حتى أسمع ما تقلن قبل أن أموت.


رثاء صفية لأبيها عبد المطلب *
HSNXV01P169G

فقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أباها أرقت لصوت نائحة بليل على رجل بقارعة الصعيد ففاضت عند ذلكم دموعي على خدي كمنحدر الفريد § على رجل كريم غير وغل له الفضل المبين على العبيد على الفياض شيبة ذي المعالي أبيك الخير وارث كل جود صدوق في المواطن غير نكس ولا شخت المقام ولا سنيد طويل الباع أروع شيظمي مطاع في عشيرته حميد رفيع البيت أبلج ذي فضول وغيث الناس في الزمن الحرود كريم الجد ليس بذي وصوم يروق على المسود والمسود عظيم الحلم من نفر كرام خضارمة ملاوثة أسود فلو خلد امرؤ لقديم مجد ولكن لا سبيل إلى الخلود لكان مخلدا أخرى الليالي لفضل المجد والحسب التليد وقالت برة بنت عبد المطلب تبكي أباها أعيني جودا بدمع درر على طيب الخم والمعتصر على ماجد الجد وارى الزناد جميل المحيا عظيم الخطر على شيبة الحمد ذي المكرمات وذي المجد والعز والمفتخر § وذي الحلم والفصل في النائبات كثير المكارم جم الفجر له فضل مجد على قومه منير يلوح كضوء القمر أتته المنايا فلم تشوه بصرف الليالي وريب القدر وقالت عاتكة بنت عبد المطلب تبكي أباها أعيني جودا ولا تبخلا بدمعكما بعد نوم النيام أعيني واسحنفرا واسكبا وشوبا بكاء كما بالتدام أعيني واستخرطا واسجما على رجل غير نكس كهام على الجحفل الغمر في النائبات كريم المساعي وفي الذمام على شيبة الحمد وارى الزناد وذي مصدق بعد ثبت المقام وسيف لدى الحرب صمصامة ومردى المخاصم عند الخصام وسهل الخليفة طلق اليدين وفي عدملي صميم لهام تبنك في باذخ بيته رفيع الذؤابة صعب المرام وقالت أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب تبكي أباها ألا يا عين جودي واستهلي وبكي ذا الندى والمكرمات § ألا يا عين ويحك أسعفيني بدمع من دموع هاطلات وبكي خير من ركب المطايا أباك الخير تيار الفرات طويل الباع شيبة ذا المعالي كريم الخيم محمود الهبات وصولا للقرابة هبرزيا وغيثا في السنين الممحلات وليثا حين تشتجر العوالي تروق له عيون الناظرات عقيل بني كنانة والمرجى إذا ما الدهر أقبل بالهنات ومفزعها إذا ما هاج هيج بداهية وخصم المعضلات فبكيه ولا تسمي بحزن وبكي ما بقيت الباكيات وقالت أميمة بنت عبد المطلب تبكي أباها ألا هلك الراعي العشيرة ذو الفقد وساقي الحجيج والمحامي عن المجد ومن يؤلف الضيف الغريب بيوته إذا ما سماء الناس تبخل بالرعد كسبت وليدا خير ما يكسب الفتى فلم تنفك تزداد يا شيبة الحمد أبو الحارث الفياض خلى مكانه فلا تبعدن فكل حي إلى بعد فإني لباك ما بقيت وموجع وكان له أهلا لما كان من وجدي § سقاك ولي الناس في القبر ممطرا فسوف أبكيه وإن كان في اللحد فقد كان زينا للعشيرة كلها وكان حميدا حيث ما كان من حمد وقالت أروى بنت عبد المطلب تبكي أباها بكت عيني وحق لها البكاء على سمح سجيته الحياء على سهل الخليقة أبطحي كريم الخيم نيته العلاء على الفياض شيبة ذي المعالي أبيك الخير ليس له كفاء طويل الباع أملس شيظمي أغر كأن غرته ضياء أقب الكشح أروع ذي فضول له المجد المقدم والسناء أبي الضيم أبلج هبرزي قديم المجد ليس له خفا ومعقل مالك وربيع فهر وفاصلها إذا التمس القضاء وكان هو الفتى كرما وجودا وبأسا حين تنسكب الدماء إذا هاب الكماة الموت حتى كأن قلوب أكثرهم هواء مضى قدما بذي ربد خشيب عليه حين تبصره البهاء.


HSNXV01P173D

قال ابن إسحاق فزعم لي محمد بن سعيد بن المسيب أنه أشار برأسه وقد أصمت أن هكذا فابكينني.


رثاء حذيفة لعبد المطلب *
HSNXV01P174D

قال ابن إسحاق وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي يبكي عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ويذكر فضله وفضل قصي على قريش وفضل ولده من بعده عليهم وذلك أنه أخذ بغرم أربعة آلاف درهم بمكة فوقف بها فمر به أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب فافتكه أعيني جودا بالدموع على الصدر ولا تسأما أسقيتما سبل القطر وجودا بدمع واسفحا كل شارق بكاء امرئ لم يشوه نائب الدهر وسحا وجما واسجما ما بقيتما على ذي حياء من قريش وذي ستر على رجل جلد القوى ذي حفيظة جميل المحيا غير نكس ولا هذر § على الماجد البهلول ذي الباع والندى ربيع لؤي في المحوط وفي العسر على خير حاف من معد وناعل كريم المسمى طيب الخيم والنجر وخيرهم أصلا وفرعا ومعدنا وأحظاهم بالمكرمات وبالذكر وأولاهم بالمجد والحلم والنهى وبالفضل عند المجحفات من الغبر على شيبة الحمد الذي كان وجهه يضيء سواد الليل كالقمر البدر وساقي الحجيج ثم للخير هاشم وعبد مناف ذلك السيد الفهري طوى زمزما عند المقام فأصبحت سقايته فخرا على كل ذي فخر ليبك عليه كل عان بكربة وآل قصي من مقل وذي وفر بنوه سراة كهلهم وشبابهم تفلق عنهم بيضة الطائر الصقر قصي الذي عادى كنانة كلها ورابط بيت الله في العسر واليسر فإن تك غالته المنايا وصرفها فقد عاش ميمون النقيبة والأمر وأبقى رجالا سادة غير عزل مصاليت أمثال الردينية السمر أبو عتبة الملقى إلي حباؤه أغر هجان اللون من نفر غر وحمزة مثل البدر يهتز للندى نقي الثياب والذمام من الغدر § وعبد مناف ماجد ذو حفيظة وصول لذي القربى رحيم بذي الصهر كهولهم خير الكهول ونسلهم كتسل الملوك لا تبور ولا تحرى متى ما تلاقي منهم الدهر ناشئا تجده بإجريا أوائله بجرى هم ملئوا البطحاء مجدا وعزة إذا استبق الخيرات في سالف العصر وفيهم بناة للعلا وعمارة وعبد مناف جدهم جابر الكسر بإنكاح عوف بنته ليجيرنا من أعدائنا إذ أسلمتنا بنو فهر فسرنا تهامي البلاد ونجدها بأمنه حتى خاضت العير في البحر وهم حضروا والناس باد فريقهم وليس بها إلا شيوخ بني عمرو بنوها ديارا جمة وطووا بها بئارا تسح الماء من ثبج بحر لكي يشرب الحجاج منها وغيرهم إذا ابتدروها صبح تابعة النحر § ثلاثة أيام تظل ركابهم مخيسة بين الأخاشب والحجر وقدما غنينا قبل ذلك حقبة ولا نستقي إلا بخم أو الحفر وهم يغفرون الذنب ينقم دونه ويعفون عن قول السفاهة والهجر وهم جمعوا حلف الأحابيش كلها وهم نكلوا عنا غواة بني بكر فخارج إما أهلكن فلا تزل لهم شاكرا حتى تغيب في القبر ولا تنس ما أسدى ابن لبنى فإنه قد أسدى يدا محقوقة منك بالشكر وأنت ابن لبنى من قصي إذا انتموا بحيث انتهى قصد الفؤاد من الصدر وأنت تناولت العلا فجمعتها إلى محتد للمجد ذي ثبج جسر سبقت وفت القوم بذلا ونائلا وسدت وليدا كل ذي سودد غمر وأمك سر من خزاعة جوهر إذا حصل الأنساب يوما ذوو الخبر إلى سبأ الأبطال تنمى وتنتمي فأكرم بها منسوبة في ذرا الزهر أبو شمر منهم وعمرو بن مالك وذو جدن من قومها وأبو الجبر وأسعد قاد الناس عشرين حجة يؤيد في تلك المواطن بالنصر.


رثاء مطرود لعبد المطلب وبني عبد مناف *
HSNXV01P178C

قال ابن إسحاق وقال مطرود بن كعب الخزاعي يبكي عبد المطلب وبني عبد مناف يا أيها الرجل المحول رحله هلا سألت عن آل عبد مناف هبلتك أمك لو حللت بدارهم ضمنوك من جرم ومن إقراف الخالطين غنيهم بفقيرهم حتى يعود فقيرهم كالكافي المنعمين إذا النجوم تغيرت والظاعنين لرحلة الإيلاف والمطعمين إذا الرياح تناوحت حتى تغيب الشمس في الرجاف إما هلكت أبا الفعال فما جرى من فوق مثلك عقد ذات نطاف إلا أبيك أخي المكارم وحده والفيض مطلب أبي الأضياف.


ولاية العباس على سقاية زمزم *
HSNXV01P178E

قال ابن إسحاق فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولي زمزم والسقاية عليها بعده العباس ابن عبد المطلب وهو يومئذ من أحدث إخوته سنا فلم § تزل إليه حتى قام الإسلام وهي بيده فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم له على ما مضى من ولايته فهي إلى آل العباس بولاية العباس إياها إلى هذا اليوم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب وكان عبد المطلب فيما يزعمون يوصي به عمه أبا طالب وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا طالب أخوان لأب وأم أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.


ولاية أبي طالب لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P179G

قال ابن إسحاق وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده فكان إليه ومعه.


نبوءة رجل من لهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P179I

قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه حدثه أن رجلا من لهب.


HSNXV01P179J

كان § عائفا فكان إذا قدم مكة أتاه رجال قريش بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم قال فأتى به أبو طالب وهو غلام مع من يأتيه فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم شغله عنه شيء فلما فرغ قال الغلام علي به فلما رأى أبو طالب حرصه عليه غيبه عنه فجعل يقول ويلكم ردوا علي الغلام الذي رأيت آنفا فو الله ليكونن له شأن قال فانطلق أبو طالب.


قصة بحيرى *

HSNXV01P180D

قال ابن إسحاق ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا أو كما قال فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام § وبهما راهب يقال له بحيرى في صومعة له وكان إليه علم أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيها فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته ثم أرسل إليهم فقال إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم فما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم قال له بحيرى صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلوا منه كلكم فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي قالوا له يا بحيرى ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدث القوم سنا فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم قال فقال رجل من قريش مع القوم واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من § بيننا ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرى فقال له يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لا تسألني باللات والعزى فو الله ما أبغضت شيئا قط بغضهما فقال له بحيرى فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده.


HSNXV01P182C

قال ابن إسحاق فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له ما هذا الغلام منك قال ابني قال له بحيرى ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده.


رجوع أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان من زرير وصاحبيه *
HSNXV01P183B

فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس أن زريرا وتماما ودريسا وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب فأرادوه فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه فشب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية لما يريد به من كرامته ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا وأفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم حسبا وأحسنهم جوارا وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وأعظمهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه قال لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليك إزارك قال فأخذته وشددته علي ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي.


حرب الفجار *

HSNXV01P186F

قال ابن إسحاق هاجت حرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة وإنما سمي يوم الفجار بما استحل هذان الحيان كنانة وقيس عيلان فيه من المحارم بينهم وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس وكان الظفر § في أول النهار لقيس على كنانة حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس.


حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها *

HSNXV01P187E

قال ابن إسحاق وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال § تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال له من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا § وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له فيما يزعمون يا بن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأم فاطمة هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن عمرو بن منفذ بن عمرو ابن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأم هالة قلابة بنت سعيد ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لا عمامة فخرج معه § عمه حمزة بن عبد المطلب رحمه الله حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها


أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة *
HSNXV01P190D

قال ابن إسحاق فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم القاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم والطاهر والطيب وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة عليهم السلام.


HSNXV01P190F

قال ابن إسحاق فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا في الجاهلية § وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم.


حديث خديجة مع ورقة وصدق نبوءة ورقة فيه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P191E

قال ابن إسحاق وكانت خديجة بنت خويلد قد ذكرت لورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه فقال ورقة لئن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبي هذه الأمة وقد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه أو كما قال قال فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول حتى متى فقال ورقة في ذلك لججت وكنت في الذكرى لجوجا لهم طالما بعث النشيجا ووصف من خديجة بعد وصف فقد طال انتظاري يا خديجا ببطن المكتين على رجائي حديثك أن أرى منه خروجا § مما خبرتنا من قول قس من الرهبان أكره أن يعوجا بأن محمدا سيسود فينا ويخصم من يكون له حجيجا ويظهر في البلاد ضياء نور يقيم به البرية أن تموجا فيلقى من يحاربه خسارا ويلقى من يسالمه فلوجا فيا ليتني إذا ما كان ذاكم شهدت فكنت أولهم ولوجا ولوجا في الذي كرهوا قريش ولو عجت بمكتها عجيجا رجى بالذي كرهوا جميعا إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا وهل أمر السفالة غير كفر بمن يختار من سمك البروجا فإن يبقوا وأبق تكن أمور يضج الكافرون لها ضجيجا وإن أهلك فكل فتى سيلقى من الأقدار متلفة حروجا.


حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر *

HSNXV01P192D

قال ابن إسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها § وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها وذلك أن نفرا سرقوا كنزا للكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة.


HSNXV01P194C

قال ابن إسحاق وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي أنه حدث عن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي أنه رأى ابنا لجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو يطوف بالبيت فسأل عنه فقيل هذا ابن لجعدة بن هبيرة فقال عبد الله بن صفوان عند ذلك جد هذا يعني أبا وهب الذي أخذ حجرا من الكعبة حين أجمعت قريش لهدمها فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال عند ذلك يا معشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا لا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس.


قرابة أبي وهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P194E

قال ابن إسحاق وأبو وهب خال أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شريفا وله يقول شاعر من العرب ولو بأبي وهب أنخت مطيتي غدت من نداه رحلها غير خائب بأبيض من فرعي لؤي بن غالب إذا حصلت أنسابها في الذوائب أبي لأخذ الضيم يرتاح للندى توسط جداه فروع الأطايب § عظيم رماد القدر يملا جفانه من الخبز يعلوهن مثل السبائب ثم إن قريشا جزأت الكعبة فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن العزى بن قصي ولبني عدي بن كعب بن لؤي وهو الحطيم ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول اللهم لم ترع اللهم إنا لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية.


HSNXV01P195G

الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا فهدمنا فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم عليه السلام أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها بعضا.


HSNXV01P195H

قال ابن إسحاق فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش § ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس.


HSNXV01P196B

قال ابن إسحاق وحدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من يهود فإذا هو أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض وصورت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن.


HSNXV01P196D

قال ابن إسحاق وحدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه مكة بيت الله الحرام يأتيها رزقها من ثلاثة سبل لا يحلها أول من أهلها.


HSNXV01P196E

قال ابن إسحاق وزعم ليث بن أبي سليم أنهم وجدوا حجرا في الكعبة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة إن كان ما ذكر حقا مكتوبا فيه من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة تعملون السيئات وتجزون الحسنات أجل كما لا يجتنى من الشوك العنب.


اختلاف قريش فيمن يضع الحجر ولعقة الدم *
HSNXV01P196G

قال ابن إسحاق ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي § ابن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا لعقة الدم فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم هلم إلي ثوبا فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بنى عليه § وكانت قريش تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها عجبت لما تصوبت العقاب إلى الثعبان وهي لها اضطراب وقد كانت يكون لها كشيش وأحيانا يكون لها وثاب إذا قمنا إلى التأسيس شدت تهيبنا البناء وقد تهاب فلما أن خشينا الرجز جاءت عقاب تتلئب لها انصباب فضمتها إليها ثم خلت لنا البنيان ليس له حجاب فقمنا حاشدين إلى بناء لنا منه القواعد والتراب غداة نرفع التأسيس منه وليس على مسوينا ثياب أعز به المليك بني لؤي فليس لأصله منهم ذهاب وقد حشدت هناك بنو عدي ومرة قد تقدمها كلاب فبوأنا المليك بذاك عزا وعند الله يلتمس الثواب.


حديث الحمس *

HSNXV01P199D

قال ابن إسحاق وقد كانت قريش لا أدري أقبل الفيل أم بعده ابتدعت رأي الحمس رأيا رأوه وأداروه فقالوا نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وساكنها فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها إلا أنهم قالوا نحن أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس والحمس أهل الحرم ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكن الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم § وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.


ما زادته العرب في الحمس *
HSNXV01P202B

قال ابن إسحاق ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن لهم حتى قالوا لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسلئوا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتا من شعر ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حرما ثم رفعوا في ذلك فقالوا لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل إلى الحرم إذا جاءوا حجاجا أو عمارا ولا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة فإن تكرم منهم متكرم من رجل أو امرأة ولم يجد ثياب الحمس فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها إذا فرغ من طوافه ثم لم ينتفع بها ولم يمسها هو ولا أحد غيره أبدا فكانت العرب تسمي تلك الثياب اللقى فحملوا على ذلك العرب فدانت به ووقفوا على عرفات وأفاضوا منها وطافوا بالبيت عراة أما الرجال فيطوفون عراة وأما النساء فضع إحداهن ثيابها كلها إلا درعا مفرجا عليها ثم تطوف فيه فقالت امرأة من العرب وهي كذلك تطوف بالبيت اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله § ومن طاف منهم في ثيابه التي جاء فيها من الحل ألقاها فلم ينتفع بها هو ولا غيره فقال قائل من العرب يذكر شيئا تركه من ثيابه فلا يقربه وهو يحبه كفى جزنا كرى عليها كأنها لقى بين أيدي الطائفين حريم يقول لا تمس فكانوا كذلك حتى بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه حين أحكم له دينه وشرع له سنن حجه ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم يعني قريشا والناس العرب فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات والوقوف عليها والإفاضة منها وأنزل الله عليه فيما كانوا حرموا على الناس من طعامهم ولبوسهم عند البيت حين طافوا عراة وحرموا ما جاءوا به من الحل من الطعام @QURS007A031_BEG يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون @QURS007A032_END فوضع الله تعالى أمر الحمس وما كانت قريش ابتدعت منه على الناس بالإسلام حين بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV01P203D

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم § عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم عن عمه نافع بن جبير عن أبيه جبير بن مطعم قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس من بين قومه حتى يدفع معهم منها توفيقا من الله له صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا.


إخبار الكهان من العرب والأحبار من يهود والرهبان من النصارى *

HSNXV01P204D

قال ابن إسحاق وكانت الأحبار من يهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه لما تقارب من زمانه أما الأحبار من يهود والرهبان من النصارى فعما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن فيما تسترق من السمع إذ كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما ذكر بعض أموره لا تلقي العرب لذلك فيه بالا حتى بعثه الله تعالى ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها فلما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضر مبعثه حجبت الشياطين عن السمع وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد لاستراق السمع فيها فرموا بالنجوم فعرفت الجن أن ذلك لأمر حدث من أمر الله في العباد § يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حين بعثه وهو يقص عليه خبر الجن إذ حجبوا عن السمع فعرفوا ما عرفوا وما أنكروا من ذلك حين رأوا ما رأوا قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا إلى قوله @QURS072A009_BEG وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا @QURS072A010_BEG وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا فلما سمعت الجن القرآن عرفت أنها إنما منعت من السمع قبل ذلك لئلا يشكل الوحي بشيء من خبر السماء فيلتبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله فيه لوقوع الحجة وقطع الشبهة فآمنوا وصدقوا ثم @QURS46A029_BEG ولوا إلى قومهم منذرين @QURS46A030_BEG قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم الآية وكان قول الجن وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا أنه كان الرجل من العرب من قريش وغيرهم § إذا سافر فنزل بطن واد من الأرض ليبيت فيه قال إني أعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة من شر ما فيه.


فزع ثقيف من رمي الجن بالنجوم وسؤاله عمرو بن أمية *
HSNXV01P206C

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها هذا الحي من ثقيف وأنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له عمرو بن أمية أحد بني علاج قال وكان أدهى العرب وأنكرها رأيا فقالوا له يا عمرو ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم قال بلى فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس § في معايشهم هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا وهلاك هذا الخلق الذي فيها وإن كانت نجوما غيرها وهي ثابتة على حالها فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فما هو.


حديثه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في رمي الجن بالنجوم *
HSNXV01P207C

قال ابن إسحاق وذكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عن عبد الله بن العباس عن نفر من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم ماذا كنتم تقولون في هذا النجم الذي يرمى به قالوا يا نبي الله كنا نقول حين رأيناها يرمى بها مات ملك ملك ملك ولد مولود مات مولود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذلك كذلك ولكن الله تبارك وتعالى كان إذا قضى في خلقه أمرا سمعه حملة العرش فسبحوا فسبح من تحتهم فسبح لتسبيحهم من تحت ذلك فلا يزال التسبيح يهبط حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيسبحوا ثم يقول بعضهم لبعض مم سبحتم فيقولون سبح من فوقنا فسبحنا لتسبيحهم فيقولون ألا تسألون من فوقكم مم سبحوا فيقولون مثل ذلك حتى ينتهوا إلى حملة العرش فيقال لهم مم سبحتم فيقولون قضى الله في خلقه كذا وكذا للأمر الذي كان فيهبط به الخبر من سماء إلى سماء حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيتحدثوا به فتسترقه الشياطين بالسمع على توهم واختلاف ثم يأتوا به الكهان من أهل الأرض فيحدثوهم به فيخطئون ويصيبون فيتحدث به الكهان فيصيبون بعضا ويخطئون بعضا ثم إن الله عز وجل حجب الشياطين بهذه النجوم التي يقذفون بها فانقطعت الكهانة اليوم فلا كهانة.


HSNXV01P208A

قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه بمثل حديث ابن شهاب عنه.


الغيطلة وما حدثت به بني سهم *
HSNXV01P208C

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم إن امرأة من بني سهم يقال لها الغيطلة كانت كاهنة في الجاهلية جاءها صاحبها ليلة من الليالي فانقض تحتها ثم قال أدر ما أدر يوم عقر ونحر فقالت قريش حين بلغها ذلك ما يريد ثم جاءها ليلة أخرى فانقض تحتها ثم قال شعوب ما شعوب تصرع فيه كعب لجوب فلما بلغ ذلك قريشا قالوا ماذا يريد إن هذا لأمر هو كائن فانظروا ما هو فما عرفوه حتى كانت وقعة بدر وأحد بالشعب فعرفوا أنه الذي كان جاء به إلى صاحبته.


حديث كاهن جنب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P209C

قال ابن إسحاق وحدثني علي بن نافع الجرشي أن جنبا بطنا من اليمن كان لهم كاهن في الجاهلية فلما ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر في العرب قالت له جنب انظر لنا في أمر هذا الرجل واجتمعوا له في أسفل جبله فنزل عليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائما متكئا على قوس له فرفع رأسه إلى السماء طويلا ثم جعل ينزو ثم قال أيها الناس إن الله أكرم محمدا واصطفاه وطهر قلبه وحشاه ومكثه فيكم أيها الناس قليل ثم أسند في جبله راجعا من حيث جاء.


ما جرى بين عمر بن الخطاب وسواد بن قارب *
HSNXV01P209E

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أنه حدث أن عمر بن الخطاب بينا هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من العرب داخلا المسجد يريد عمر بن الخطاب فلما نظر إليه عمر رضي الله عنه قال إن هذا الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر رضي الله عنه هل أسلمت قال نعم يا أمير المؤمنين قال له § فهل كنت كاهنا في الجاهلية فقال الرجل سبحان الله يا أمير المؤمنين لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت فقال عمر اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا نعبد الأصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله برسوله وبالإسلام قال نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية قال فأخبرني ما جاءك به صاحبك قال جاءني قبل الإسلام بشهر أو شيعه فقال ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإياسها من دينها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها.


HSNXV01P211C

قال ابن إسحاق فهذا ما بلغنا من الكهان من العرب.


إنذار يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P211F

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا لما كنا نسمع من رجال يهود و كنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين.


حديث سلمة عن اليهودي الذي أنذر بالرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P212C

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود ابن لبيد أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش وكان سلمة من أصحاب بدر قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة وأنا يومئذ من أحدث من فيه سنا علي بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار قال فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت فقالوا له ويحك يا فلان أوترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به ولود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه بأن ينجو من تلك النار غدا فقالوا له ويحك يا فلان فما آية ذلك قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة واليمن فقالوا ومتى تراه قال فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا فقال إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة فو الله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا قال فقلنا له ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت قال بلى ولكن ليس به.


إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية وأسد بن عبيد *
HSNXV01P213B

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال لي هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد ابن عبيد نفر من بني هدل إخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم ثم كانوا سادتهم في الإسلام قال قلت لا والله قال فإن رجلا من يهود من أهل الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبيل الإسلام بسنين فحل بين أظهرنا لا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس أفضل منه فأقام عندنا فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له اخرج يا بن الهيبان فاستسق لنا فيقول لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة فنقول له كم فيقول صاعا من تمر أو مدين من شعير قال فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقي الله لنا فو الله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ونسقى قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث قال ثم حضرته الوفاة عندنا فلما عرف أنه ميت قال يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع قال قلنا إنك أعلم قال فإني إنما قدمت هذه § البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه وهذه البلدة مهاجره فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن خالفه فلا يمنعكم ذلك منه فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة قال هؤلاء الفتية وكانوا شبابا أحداثا يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان قالوا ليس به قالوا بلى والله إنه لهو بصفته فنزلوا وأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم.


HSNXV01P214B

قال ابن إسحاق فهذا ما بلغنا عن أخبار يهود.


حديث إسلام سلمان رضي الله عنه *

HSNXV01P214E

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود ابن لبيد عن عبد الله بن عباس قال حدثني سلمان الفارسي وأنا أسمع من فيه قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار § الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوما فقال لي يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد ثم قال لي ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري قال فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه فو الله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله فلما جئته قال أي بني أين كنت أولم أكن عهدت إليك ما عهدت قال قلت له يا أبت مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فو الله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه قال قلت له كلا والله إنه لخير من ديننا قال فخافني فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته قال وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم قال فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين علما قالوا الأسقف في الكنيسة § قال فجئته فقلت له إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك وأخدمك في كنيستك فأتعلم منك وأصلي معك قال ادخل فدخلت معه قال وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قال فقالوا لي وما علمك بذلك قال قلت لهم أنا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه قال فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا قال فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدا قال فصلبوه ورجموه بالحجارة وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه قال يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه كان أفضل منه و أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه قال فأحببته حبا لم أحبه شيئا قبله قال فأقمت معه زمانا طويلا ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان إني قد كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال أي بني والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه فقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فالحق به § قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره فقال لي أقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبه فقال أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فو الله ما لبث أن نزل به الموت فلما حضر قلت له يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك قال فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم قال واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة قال ثم نزل به أمر الله تعالى فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إلى § فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال أي بني والله ما أعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك به أن تأتيه ولكنه قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل قال ثم مات وغيب ومكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتهموها وحملوني معهم حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا فكنت عنده ورأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي فبينا أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فو الله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.


HSNXV01P219B

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس قال قال سلمان فلما سمعتها أخذتني العرواء.


HSNXV01P219D

فإن كان مع ذلك عرق فهي الرحضاء وكلاهما ممدود حتى ظننت أني سأسقط على سيدي فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول ماذا تقول فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قال قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء قد كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم قال فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل قال فقلت في نفسي هذه واحدة قال ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به فقلت له إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه قال فقلت في نفسي هاتان ثنتان § ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه و علي شملتان لي وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد قال سلمان ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين ودية والرجل بخمس عشرة ودية والرجل بعشر يعين الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت § فأتني أكن أنا أضعها بيدي قال ففقرت وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا فو الذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة قال فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال ما فعل الفارسي المكاتب قال فدعيت له فقال خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان قال قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي فقال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك قال فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم منها وعتق سلمان فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حرا ثم لم يفتني معه مشهد


HSNXV01P221B

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن رجل من عبد القيس عن سلمان أنه قال لما قلت وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ثم قال خذها فأوفهم منها فأخذتها فأوفيتهم منها حقهم كله أربعين أوقية.


HSNXV01P221C

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال حدثني من لا أتهم عن عمر بن عبد العزيز بن مروان قال حدثت عن سلمان الفارسي أنه قال.


سلمان والرجل الذي كان يخرج بين غيضتين بعمورية *
HSNXV01P221E

حدثت عن سلمان الفارسي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبره خبره إن صاحب عمورية قال له ائت كذا وكذا من أرض الشام فإن بها رجلا بين غيضتين يخرج في كل سنة من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة مستجيزا يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي فاسأله عن هذا § الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه قال سلمان فخرجت حتى أتيت حيث وصف لي فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هنالك حتى خرج لهم تلك الليلة مستجيزا من إحدى الغيضتين إلى أخرى فغشيه الناس بمرضاهم لا يدعو لمريض إلا شفي وغلبوني عليه فلم أخلص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه قال فتناولته فقال من هذا والتفت إلي فقلت يرحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم قال إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم قد أظلك زمان نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم فأته فهو يحملك عليه قال ثم دخل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم على نبينا وعليه السلام.


ذكر ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وعبيد الله بن جحش وعثمان بن الحويرث وزيد بن عمرو بن نفيل *

HSNXV01P222D

قال ابن إسحاق واجتمعت قريش يوما في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به وكان ذلك عيدا لهم في كل سنة يوما فخلص منهم أربعة نفر نجيا ثم قال بعضهم لبعض تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض قالوا أجل وهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي § وعبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب وعثمان ابن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل ابن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب ابن لؤي فقال بعضهم لبعض تعلموا والله ما قومكم على شيء لقد أخطئوا دين أبيهم إبراهيم ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع يا قوم التمسوا لأنفسكم دينا فإنكم والله ما أنتم على شيء فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما من أهل الكتاب وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس حتى أسلم ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ومعه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان مسلمة فلما قدمها تنصر وفارق الإسلام حتى هلك هنالك نصرانيا.


ما كان يفعله ابن جحش بعد تنصره بمسلمي الحبشة *
HSNXV01P223E

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عبيد الله ابن جحش حين تنصر يمر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم هنالك من أرض الحبشة فيقول فقحنا وصأصأتم أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر § ولم تبصروا بعد وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه لينظر صأصأ لينظر وقوله فقح فتح عينيه.


زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة ابن جحش بعد موته *
HSNXV01P224C

قال ابن إسحاق وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.


HSNXV01P224D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث فيها إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري فخطبها عليه النجاشي فزوجه إياها وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة دينار فقال محمد بن علي ما نرى عبد الملك بن مروان وقف صداق النساء على أربع مائة دينار إلا عن ذلك وكان الذي أملكها النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد ابن العاص.


تنصر ابن الحويرث وذهابه إلى قيصر *
HSNXV01P224F

قال ابن إسحاق وأما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم فتنصر وحسلت منزلته عنده.


زيد بن عمرو وما وصل إليه وشيء عنه *
HSNXV01P224I

قال ابن إسحاق وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي § تذبح على الأوثان ونهى عن قتل الموءودة وقال أعبد رب إبراهيم وبادى قومه بعيب ما هم عليه.


HSNXV01P225B

قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول يا معشر قريش والذي نفس زيد ابن عمرو بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ثم يقول اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ولكني لا أعلمه ثم يسجد على راحته.


HSNXV01P226A

قال ابن إسحاق وحدثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب وهو ابن عمه قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنستغفر لزيد بن عمرو قال نعم فإنه يبعث أمة وحده.


شعر زيد في فراق دين قومه *
HSNXV01P226C

وقال زيد بن عمرو بن نفيل في فراق دين قومه وما كان لقي منهم في ذلك أربا واحدا أم ألف رب أدين إذا تقسمت الأمور عزلت اللات والعزى جميعا كذلك يفعل الجلد الصبور فلا العزى أدين ولا ابنتيها ولا صنمي بني عمرو أزور ولا هبلا أدين وكان ربا لنا في الدهر إذ حلمي يسير عجبت وفي الليالي معجبات وفي الأيام يعرفها البصير بأن الله قد أفنى رجالا كثيرا كان شأنهم الفجور وأبقى آخرين ببر قوم فيربل منهم الطفل الصغير § وبينا المرء يفتر ثاب يوما كما يتروح الغصن المطير ولكن أعبد الرحمن ربي ليغفر ذنبي الرب الغفور فتقوى الله ربكم احفظ ها متى ما تحفظوها لا تبوروا ترى الأبرار دارهم جنان وللكفار حامية سعير وخزي في الحياة وإن يموتوا يلاقوا ما تضيق به الصدور وقال زيد بن عمرو بن نفيل أيضا.


HSNXV01P227C

إلى الله أهدي مدحتي وثنائيا %~% وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه إله ولا رب يكون مدانيا ألا أيها الإنسان إياك والردى فإنك لا تخفي من الله خافيا وإياك لا تجعل مع الله غيره فإن سبيل الرشد أصبح باديا حنانيك إن الحن كانت رجاءهم وأنت إلهي ربنا ورجائيا § رضيت بك اللهم ربا فلن أرى أدين إلها غيرك الله ثانيا أدين لرب يستجاب ولا أرى أدين لمن لم يسمع الدهر داعيا وأنت الذي من فضل من ورحمة بعثت إلى موسى رسولا مناديا فقلت له يا اذهب وهارون فادعوا إلى الله فرعون الذي كان طاغيا وقولا له أأنت سويت هذه بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا وقولا له أأنت رفعت هذه بلا عمد أرفق إذا بك بانيا وقولا له أأنت سويت وسطها منيرا إذا ما جنه الليل هاديا وقولا له من يرسل الشمس غدوة فيصبح ما مست من الأرض ضاحيا وقولا له من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا ويخرج منه حبه في رءوسه وفي ذاك آيات لمن كان واعيا وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا وإني و لو سبحت باسمك ربنا لأكثر إلا ما غفرت خطائيا § فرب العباد ألق سيبا ورحمة علي وبارك في بني وماليا وقال زيد بن عمرو يعاتب امرأته صفية بنت الحضرمي


شعر زيد في عتاب زوجته على اتفاقها مع الخطاب في معاكسته *
HSNXV01P229E

قال ابن إسحاق وكان زيد بن عمرو قد أجمع الخروج من مكة ليضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم فكانت صفية بنت الحضرمي كلما رأته قد تهيأ للخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل وكان الخطاب ابن نفيل عمه وأخاه لأمه وكان يعاتبه على فراق دين قومه وكان الخطاب قد وكل صفية به وقال إذا رأيتيه قد هم بأمر فآذنيني به فقال زيد لا تحبسينى في الهوان صفي ما دابي ودابه إني إذا خفت الهوان مشيع ذلل ركابه دعموص أبواب الملوك وجائب للخرق نابه § قطاع أسباب تذل بغير أقران صعابه وإنما أخذ الهوان العير إذ يوهى إهابه ويقول إني لا أذل بصك جنبيه صلابه وأخي ابن أمى ثم عمي لا يواتيني خطابه وإذا يعاتبني بسوء قلت أعياني جوابه ولو أشاء لقلت ما عندي مفاتحه وبابه.


شعر زيد حين كان يستقبل الكعبة *
HSNXV01P230C

قال ابن إسحاق وحدثت عن بعض أهل زيد بن عمرو بن نفيل أن زيدا كان إذا استقبل الكعبة داخل المسجد قال لبيك حقا حقا تعبدا ورقا عذت بما عاذ به إبراهم مستقبل القبلة وهو قائم إذ قال أنفي لك اللهم عان راغم مهما تجشمني فإني جاشم البر أبغي لا الخال ليس مهجر كمن قال.


HSNXV01P230E

قال ابن إسحاق وقال زيد بن عمرو بن نفيل § وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا إذا هي سيقت إلى بلدة أطاعت فصبت عليها سجالا وكان الخطاب قد آذى زيدا حتى أخرجه إلى أعلى مكة فنزل حراء مقابل مكة ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفهائها فقال لهم لا تتركوه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلا سرا منهم فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم وأن يتابعه أحد منهم على فراقه فقال وهو يعظم حرمته على من استحل منه ما استحل من قومه لا هم إني محرم لا حله وإن بيتي أوسط المحله عند الصفا ليس بذي مضله ثم خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها ثم أقبل فجال الشام كله حتى انتهى إلى راهب بميفعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم فقال إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ولكن قد أظل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها يبعث بدين إبراهيم الحنيفية فالحق بها فإنه مبعوث الآن هذا زمانه وقد كان § شام اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئا منهما فخرج سريعا حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا توسط بلاد لخم عدوا عليه فقتلوه فقال ورقة بن نوفل بن أسد يبكيه رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس رب كمثله وتركك أوثان الطواغي كما هيا وإدراكك الدين الذي قد طلبته ولم تك عن توحيد ربك ساهيا فأصبحت في دار كريم مقامها تعلل فيها بالكرامة لاهيا تلاقي خليل الله فيها ولم تكن من الناس جبارا إلى النار هاويا وقد تدرك الإنسان رحمة ربه ولو كان تحت الأرض سبعين واديا.


صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنجيل *

HSNXV01P232G

قال ابن إسحاق وقد كان فيما بلغني عما كان وضع عيسى بن مريم فيما جاءه من الله في الإنجيل لأهل الإنجيل من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثبت يحنس الحواري لهم حين نسخ لهم الإنجيل عن عهد عيسى بن مريم عليه السلام § في رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أنه قال من أبغضني فقد أبغض الرب ولولا أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا وظنوا أنهم يعزونني وأيضا للرب ولكن لا بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس أنهم أبغضوني مجانا أي باطلا فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب و روح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضا لأنكم قديما كنتم معي في هذا قلت لكم لكيما لا تشكوا والمنحمنا بالسريانية محمد وهو بالرومية البرقليطس صلى الله عليه وآله وسلم.


مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما *

HSNXV01P233C

قال ابن إسحاق فلما بلغ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا وكان الله تبارك وتعالى قد أخذ الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له والنصر له على من خالفه وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال § أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري أي ثقل ما حملتكم من عهدي قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فأخذ الله ميثاق النبيين جميعا بالتصديق له والنصر له ممن خالفه وأدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم من أهل هذين الكتابين.


أول ما بدئ به الرسول صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة *
HSNXV01P234C

قال ابن إسحاق فذكر الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته أن أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصادقة لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح قالت وحبب الله تعالى إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده.


تسليم الحجارة والشجر عليه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P234E

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الملك بن عبيد الله بن أبي سفيان بن العلاء ابن جارية الثقفي وكان واعية عن أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراده الله بكرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها فلا يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله قال فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله § وعن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يرى ويسمع ما شاء الله أن يمكث ثم جاءه جبريل عليه السلام بما جاءه من كرامة الله وهو بحراء في شهر رمضان.


ابتداء نزول جبريل عليه السلام *
HSNXV01P235C

قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين جاءه جبريل عليه السلام قال فقال عبيد وأنا حاضر يحدث عبد الله ابن الزبير ومن عنده من الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهرا وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر.


HSNXV01P235D

قال ابن إسحاق وقال أبو طالب وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه وراق ليرقى في حراء ونازل.


بحث لغوي لابن هشام في معنى التحنث *
HSNXV01P236C

قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان قال قال عبيد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه الله تعالى فيها وذلك الشهر شهر رمضان خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ قال قلت ما أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال قلت ما أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال قلت ماذا أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه § الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال فقلت ماذا أقرأ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم قال فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا قال فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء قال فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا إليها فقالت يا أبا القاسم أين كنت فو الله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة § ورجعوا لي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر يا بن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عمها وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة بن نوفل قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال يا بن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ورقة والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله.


امتحان خديجة برهان الوحي *
HSNXV01P238E

قال ابن إسحاق وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه حدث § عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك قال نعم قالت فإذا جاءك فأخبرني به فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني قالت قم يا بن عم فاجلس على فخذي اليسرى قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عليها قالت هل تراه قال نعم قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليمنى فقالت هل تراه قال نعم قالت فتحول فاجلس في حجري قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في حجرها قالت هل تراه قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها ثم قالت له هل تراه قال لا قالت يا بن عم اثبت وأبشر فو الله إنه لملك وما هذا بشيطان.


HSNXV01P239B

قال ابن إسحاق وقد حدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث فقال قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة إلا أني سمعتها تقول أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبريل فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا لملك وما هو بشيطان.


ابتداء تنزيل القرآن *

HSNXV01P240B

قال ابن إسحاق وحدثني أبو جعفر محمد بن علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون ببدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان.


HSNXV01P240C

قال ابن إسحاق ثم تتام الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن بالله مصدق بما جاءه منه قد قبله بقبوله وتحمل منه ما حمله على رضا العباد وسخطهم والنبوة أثقال ومؤنة لا يحملها ولا يستطيع بها إلا أهل القوة والعرم من الرسل بعون الله تعالى وتوفيقه لما يلقون من الناس وما يرد عليهم مما جاءوا به عن الله سبحانه وتعالى قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى وآمنت به خديجة بنت خويلد وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدق بما جاء منه فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس رحمها الله تعالى.


تبشير الرسول لخديجة ببيت من قصب *
HSNXV01P241B

قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.


فترة الوحي ونزول سورة الضحى *
HSNXV01P241E

قال ابن إسحاق ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من ذلك حتى شق ذلك عليه فأحزنه فجاءه جبريل بسورة الضحى يقسم له ربه وهو الذي أكرمه بما أكرمه به ما ودعه وما قلاه فقال تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى يقول ما صرمك فتركك وما أبغضك منذ أحبك وللآخرة خير لك من الأولى أي لما عندي من مرجعك إلي خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا ولسوف يعطيك ربك فترضى من الفلج في الدنيا والثواب في الآخرة ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ومنه عليه في يتمه وعيلته وضلالته واستنقاذه من ذلك كله برحمته.


HSNXV01P243B

فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر أي لا تكن جبارا ولا متكبرا ولا فحاشا فظا على الضعفاء من عباد الله وأما بنعمة ربك فحدث أي بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فحدث أي اذكرها وادع إليها فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله.


ابتداء فرض الصلاة *

HSNXV01P243D

وافترضت الصلاة عليه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.


افترضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم زيدت *
HSNXV01P243F

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما افترضت عليه ركعتين ركعتين كل صلاة ثم إن الله تعالى أتمها في الحضر أربعا وأقرها في السفر على فرضها الأول ركعتين.


تعليم جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة *
HSNXV01P244B

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل توضأ ثم قام به جبريل فصلى به وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ثم انصرف جبريل عليه السلام فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتوضأ لها ليريها كيف الطهور للصلاة كما أراه جبريل فتوضأت كما توضأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم صلى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام كما صلى به جبريل فصلت بصلاته.


تعيين جبريل أوقات الصلاة للرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P245B

قال ابن إسحاق وحدثني عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن نافع بن جبير بن مطعم وكان نافع كثير الرواية عن ابن عباس قال لما افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام فصلى به الظهر حين مالت الشمس ثم صلى به العصر حين كان ظله مثله ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب الشفق ثم صلى به الصبح حين طلع الفجر ثم جاءه فصلى به الظهر من غد حين كان ظله مثله ثم صلى به العصر حين كان ظله مثليه ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس لوقتها بالأمس ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل الأول ثم صلى به الصبح مسفرا غير مشرق ثم قال يا محمد الصلاة فيما بين صلاتك اليوم وصلاتك بالأمس.


ذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول ذكر أسلم *

HSNXV01P245D

قال ابن إسحاق ثم كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معه وصدق بما جاءه من الله تعالى علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم رضوان الله وسلامه عليه وهو يومئذ ابن عشر سنين وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام.


HSNXV01P246A

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب ومما صنع الله له وأراده به من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان من أيسر بني هاشم يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق بنا إليه فلنخفف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكلهما عنه فقال العباس نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما.


HSNXV01P246C

فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا فاتبعه علي رضي الله عنه وآمن به وصدقه ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.


خروج علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة يصليان ووقوف أبي طالب على أمرهما *
HSNXV01P246E

قال ابن إسحاق وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها § فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا بن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به قال أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم أو كما قال صلى الله عليه وسلم بعثني الله به رسولا إلى العباد وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه أو كما قال فقال أبو طالب أي ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت وذكروا أنه قال لعلي أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه فقال يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدقته بما جاء به وصليت معه لله واتبعته فزعموا أنه قال له أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.


إسلام زيد بن حارثة ثانيا *

HSNXV01P247C

قال ابن إسحاق ثم أسلم زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى ابن امرئ القيس الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب.


إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وشأنه *

HSNXV01P249D

قال ابن إسحاق ثم أسلم أبو بكر بن أبي قحافة واسمه عتيق واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.


إسلامه *
HSNXV01P249F

قال ابن إسحاق فلما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله وكان أبو بكر رجلا مألفا لقومه محببا سهلا وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه قال فأسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة § ابن كعب بن لؤي وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وسعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن مرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله § عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بلغني ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة ما عكم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه.


HSNXV01P252C

قال ابن إسحاق فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جاءه من الله ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر وأبو سلمة واسمه عبد الله ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب § ابن لؤي والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد وكان أسد يكنى أبا جندب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ابن لؤي وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي وأخواه قدامة وعبد الله ابنا مظعون بن حبيب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله § ابن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي وامرأته فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي أخت عمر بن الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي يومئذ صغيرة وخباب بن الأرت حليف بني زهرة.


إسلام عمير وابن مسعود وابن القاري *
HSNXV01P254D

قال ابن إسحاق وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل § ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل ومسعود بن القاري وهو مسعود ابن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب بن محلم بن عائذة ابن سبيع بن الهون بن خزيمة من القارة.


إسلام سليط وأخيه وعياش وامرأته وخنيس وعامر *
HSNXV01P256B

قال ابن إسحاق وسليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأخوه حاطب بن عمرو وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته أسماء بنت سلامة ابن مخربة التميمية وخنيس بن حذافة بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي وعامر بن ربيعة § من عنز بن وائل حليف آل الخطاب بن نفيل بن عبد العزى.


إسلام ابني جحش وجعفر وامرأته وأولاد الحارث ونسائهم والسائب والمطلب وامرأته *
HSNXV01P257D

قال ابن إسحاق وعبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وأخوه أبو أحمد بن جحش حليفا بني أمية بن عبد شمس وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك بن قحافة من خثعم وحاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن § عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وامرأته فاطمة بنت المجلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأخوه حطاب بن الحارث وامرأته فكيهة بنت يسار ومعمر بن الحارث ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والسائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب والمطلب ابن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد أخو بني عدي بن كعب بن لؤي.


إسلام عامر بن فهيرة ونسبه *
HSNXV01P259C

قال ابن إسحاق وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه.


إسلام خالد بن سعيد وامرأته أمينة *
HSNXV01P259F

قال ابن إسحاق وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة.


إسلام حاطب وأبي حذيفة وإسلام واقد وشيء عنه *
HSNXV01P259I

قال ابن إسحاق وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر § ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأبو حذيفة واسمه مهشم.


إسلام بني البكير وعمار بن ياسر *
HSNXV01P260D

قال ابن إسحاق وخالد وعامر وعاقل وإياس بنو البكير § ابن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حلفاء بني عدي بن كعب وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم بن يقظة.


إسلام صهيب ونسبه *
HSNXV01P261D

قال ابن إسحاق وصهيب بن سنان أحد النمر بن قاسط حليف بني تيم بن مرة.


مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وما كان منهم *

HSNXV01P262D

قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاءه منه وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه وكان بين ما أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره واستتر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ثم قال الله تعالى له فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين وقال تعالى وأنذر § عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقل إني أنا النذير المبين .


خروج الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى شعاب مكة وما فعله سعد *
HSNXV01P263E

قال ابن إسحاق وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب من شعاب مكة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه فكان أول دم هريق في الإسلام.


إظهار قومه صلى الله عليه وسلم العداوة له وحدب عمه أبي طالب عليه *
HSNXV01P264B

قال ابن إسحاق فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه فيما بلغني حتى ذكر آلهتهم وعابها فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله مظهرا لأمره لا يرده عنه شيء فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.


HSNXV01P264D

قال ابن إسحاق وأبو البختري واسمه العاص بن هشام بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي.


HSNXV01P265A

قال ابن إسحاق والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وأبو جهل واسمه عمرو وكان يكنى أبا الحكم بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة ابن كعب بن لؤي والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة ابن مرة بن كعب بن لؤي ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والعاص بن وائل.


وفد قريش مع أبي طالب في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P265D

قال ابن إسحاق أو من مشى منهم فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها فتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا عليه ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا له يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد § الفريقين أو كما قالوا له ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه.


طلب أبي طالب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الكف عن الدعوة وجوابه له *
HSNXV01P266C

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا للذي كانوا قالوا له فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق قال فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته قال ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل يا بن أخي قال فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فو الله لا أسلمك لشيء أبدا.


مشي قريش إلى أبي طالب ثالثة بعمارة بن الوليد المخزومي *
HSNXV01P266E

قال ابن إسحاق ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له فيما بلغني يا أبا طالب هذا عمارة § ابن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل فقال والله لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه هذا والله ما لا يكون أبدا قال فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا فقال أبو طالب للمطعم والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك أو كما قال فحقب الأمر وحميت الحرب وتنابذ القوم وبادى بعضهم بعضا فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من بني عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم ألا قل لعمرو والوليد ومطعم ألا ليت حظي من حياطتكم بكر من الخور حبحاب كثير رغاؤه يرش على الساقين من بوله قطر § تخلف خلف الورد ليس بلاحق إذا ما علا الفيفاء قيل له وبر أرى أخوينا من أبينا وأمنا إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر بلى لهما أمر ولكن تجرجما كما جرجمت من رأس ذي علق الصخر أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر هما أغمزا للقوم في أخويهما فقد أصبحا منهم أكفهما صفر هما أشركا في المجد من لا أبا له من الناس إلا أن يرس له ذكر وتيم ومخزوم وزهرة منهم وكانوا لنا مولى إذا بغى النصر فو الله لا تنفك منا عداوة ولا منهم ما كان من نسلنا شفر فقد سفهت أحلامهم وعقولهم وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر.


ذكر ما فتنت به قريش المؤمنين وعذبتهم على الإيمان *
HSNXV01P268D

قال ابن إسحاق ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب § رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم منهم بعمه أبي طالب وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه إلا ما كان من أبي لهب عدو الله الملعون فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه وحدبهم عليه جعل يمدحهم ويذكر قديمهم ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ومكانه منهم ليشد لهم رأيهم وليحدبوا معه على أمره فقال إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر فعبد مناف سرها وصميمها وإن حصلت أشراف عبد منافها ففي هاشم أشرافها وقديمها وإن فخرت يوما فإن محمدا هو المصطفى من سرها وكريمها تداعت قريش غثها وسمينها علينا فلم تظفر وطاشت حلومها وكنا قديما لا نقر ظلامة إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها ونحمي حماها كل يوم كريهة ونضرب عن أجحارها من يرومها بنا انتعش العود الذواء وإنما بأكنافنا تندى وتنمى أرومها § ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ويرد قولكم بعضه بعضا قالوا فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به قال بل أنتم فقولوا أسمع قالوا نقول كاهن قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه قالوا فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا فما نقول يا أبا عبد شمس قال والله إن لقوله لحلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة.


HSNXV01P270C

وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء § وزوجته وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا أي خصيما.


ما أنزل الله في النفر الذين كانوا مع المغيرة *
HSNXV01P271D

قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول § في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به من الله تعالى كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون .


تفرق النفر في قريش يشوهون رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P272D

قال ابن إسحاق فجعل أولئك النفر يقولون ذلك في رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.


شعر أبي طالب في استعطاف قريش *
HSNXV01P272F

فلما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه فقال ولما رأيت القوم لا ود فيهم وقد قطعوا كل العرى والوسائل وقد صارحونا بالعداوة والأذى وقد طاوعوا أمر العدو المزايل وقد حالفوا قوما علينا أظنة يعضون غيظا خلفنا بالأنامل صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة وأبيض عضب من تراث المقاول § وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي وأمسكت من أثوابه بالوصائل قياما معا مستقبلين رتاجه لدى حيث يقضي حلفه كل نافل وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم بمفضى السيول من إساف ونائل موسمة الأعضاد أو قصراتها مخيسة بين السديس وبازل ترى الودع فيها والرخام وزينة بأعناقها معقودة كالعثاكل أعوذ برب الناس من كل طاعن علينا بسوء أو ملح بباطل ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة ومن ملحق في الدين ما لم نحاول وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه وراق ليرقى في حراء ونازل وبالبيت حق البيت من بطن مكة وبالله إن الله ليس بغافل وبالحجر المسود إذ يمسحونه إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافيا غير ناعل § وأشواط بين المروتين إلى الصفا وما فيهما من صورة وتماثل ومن حج بيت الله من كل راكب ومن كل ذي نذر ومن كل راجل وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له إلال إلى مفضى الشراج القوابل وتوقافهم فوق الجبال عشية يقيمون بالأيدي صدور الرواحل وليلة جمع والمنازل من منى وهل فوقها من حرمة ومنازل وجمع إذ ما المقربات أجزنه سراعا كما يخرجن من وقع وابل وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها يؤمون قذفا رأسها بالجنادل وكندة إذا هم بالحصاب عشية تجيز بهم حجاج بكر بن وائل حليفان شدا عقد ما احتلفا له وردا عليه عاطفات الوسائل وحطمهم سمر الصفاح وسرحه § وشبرقه وخد النعام الجوافل فهل بعد هذا من معاذ لعائذ وهل من معيذ يتقي الله عاذل يطاع بنا العدى وودوا لو اننا تسد بنا أبواب ترك وكابل كذبتم وبيت الله نترك مكة ونظعن إلا أمركم في بلابل كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل وينهض قوم في الحديد إليكم نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل وحتى ترى ذا الضغن يركب ردعه من الطعن فعل الأنكب المتحامل وإنا لعمر الله إن جد ما أرى لتلتبسن أسيافنا بالأماثل بكفي فتى مثل الشهاب سميدع أخي ثقة حامي الحقيقة باسل § شهورا وأياما وحولا مجرما علينا وتأتي حجة بعد قابل وما ترك قوم لا أبا لك سيدا يحوط الذمار غير ذرب مواكل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاف من آل هاشم فهم عنده في رحمة وفواضل لعمري لقد أجرى أسيد وبكره إلى بغضنا وجزآنا لآكل وعثمان لم يربع علينا وقنفذ ولكن أطاعا أمر تلك القبائل أطاعا أبيا وابن عبد يغوثهم ولم يرقبا فينا مقالة قائل كما قد لقينا من سبيع ونوفل وكل تولى معرضا لم يجامل فإن يلقيا أو يمكن الله منهما نكل لهما صاعا بصاع المكايل وذاك أبو عمرو أبى غير بغضنا ليظعننا في أهل شاء وجامل يناجي بنا في كل ممسى ومصبح فناج أبا عمرو بنا ثم خاتل ويؤلى لنا بالله ما إن يغشنا بلى قد نراه جهرة غير حائل أضاق عليه بغضنا كل تلعة من الأرض بين أخشب فمجادل § وسائل أبا الوليد ماذا حبوتنا بسعيك فينا معرضا كالمخاتل وكنت امرأ ممن يعاش برأيه ورحمته فينا ولست بجاهل فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح حسود كذوب مبغض ذي دغاول ومر أبو سفيان عني معرضا كما مر قيل من عظام المقاول يفر إلى نجد وبرد مياهه ويزعم أني لست عنكم بغافل ويخبرنا فعل المناصح أنه شفيق ويخفي عارمات الدواخل أمطعم لم أخذلك في يوم نجدة ولا معظم عند الأمور الجلائل ولا يوم خصم إذا أتوك ألدة أولي جدل من الخصوم المساجل أمطعم إن القوم ساموك خطة وإني متى أوكل فلست بوائل جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجلا غير آجل بميزان قسط لا يخس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل § لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا بني خلف قيضا بنا والغياطل ونحن الصميم من ذؤابة هاشم وآل قصي في الخطوب الأوائل وسهم ومخزوم تمالوا وألبوا علينا العدا من كل طمل وخامل فعبد مناف أنتم خير قومكم فلا تشركوا في أمركم كل واغل لعمري لقد وهنتم وعجزتم وجئتم بأمر مخطئ للمفاصل وكنتم حديثا حطب قدر وأنتم الآن حطاب أقدر ومراجل ليهنئ بني عبد مناف عقوقنا وخذلاننا وتركنا في المعاقل فإن نك قوما نتئر ما صنعتم وتحتلبوها لقحة غير باهل وسائط كانت في لؤي بن غالب نفاهم إلينا كل صقر حلاحل ورهط نفيل شر من وطئ الحصى وألأم حاف من معد وناعل فأبلغ قصيا أن سينشر أمرنا وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل ولو طرقت ليلا قصيا عظيمة إذا ما لجأنا دونهم في المداخل ولو صدقوا ضربا خلال بيوتهم لكنا أسى عند النساء المطافل فكل صديق وابن أخت نعده لعمري وجدنا غبه غير طائل § سوى أن رهطا من كلاب بن مرة براء إلينا من معقة خاذل وهنا لهم حتى تبدد جمعهم ويحسر عنا كل باغ وجاهل وكان لنا حوض السقاية فيهم ونحن الكدى من غالب والكواهل شباب من المطيبين وهاشم كبيض السيوف بين أيدي الصياقل فما أدركوا ذحلا ولا سفكوا دما ولا حالفوا إلا شرار القبائل بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم ضواري أسود فوق لحم خرادل بني أمة محبوبة هندكية بني جمح عبيد قيس بن عاقل ولكننا نسل كرام لسادة بهم نعي الأقوام عند البواطل ونعم ابن أخت القوم غير مكذب زهير حساما مفردا من حمائل أشم من الشم البهاليل ينتمي إلى حسب في حومة المجد فاضل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد وإخوته دأب المحب المواصل فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها وزينا لمن والاه رب المشاكل § فمن مثله في الناس أي مؤمل إذا قاسه الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش يوالي إلها ليس عنه بغافل فو الله لولا أن أجيء بسنة تجر على أشياخنا في المحافل لكنا اتبعناه على كل حالة من الدهر جدا غير قول التهازل لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل فأصبح فينا أحمد في أرومة تقصر عنه سورة المتطاول حدبت بنفسي دونه وحميته ودافعت عنه بالذرى والكلاكل فأيده رب العباد بنصره وأظهر دينا حقه غير باطل رجال كرام غير ميل نماهم إلى الخير آباء كرام المحاصل فإن تك كعب من لؤي صقيبة فلا بد يوما مرة من تزايل.


الأسماء التي وردت في قصيدة أبي طالب *
HSNXV01P281D

قال ابن إسحاق والغياطل من بني سهم بن عمرو بن هصيص وأبو سفيان ابن حرب ابن أمية ومطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وزهير § ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأمه عاتكة بنت عبد المطلب.


HSNXV01P282B

قال ابن إسحاق وأسيد وبكره عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وعثمان بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله التيمي وقنفذ بن عمير بن جدعان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وأبو الوليد عتبة بن ربيعة وأبي الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة بن كلاب.


شعر ابن الأسلت في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P283E

قال ابن إسحاق فقال أبو قيس بن الأسلت وكان يحب قريشا وكان لهم صهرا كانت عنده أرنب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي وكان يقيم عندهم السنين بامرأته قصيدة يعظم فيها الحرمة وينهى قريشا فيها عن الحرب ويأمرهم بالكف بعضهم عن بعض ويذكر فضلهم وأحلامهم ويأمرهم بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرهم بلاء الله عندهم ودفعه عنهم الفيل وكيده عنهم فقال يا راكبا إما عرضت فبلغن مغلغلة عني لؤي بن غالب رسول امرئ قد راعه ذات بينكم على النأي محزون بذلك ناصب وقد كان عندي للهموم معرس فلم أقض منها حاجتي ومآربي نبيتكم شرجين كل قبيلة لها أزمل من بين مذك وحاطب § أعيذكم بالله من شر صنعكم وشر تباغيكم ودس العقارب وإظهار أخلاق ونجوى سقيمة كوخز الأشافي وقعها حق صائب فذكرهم بالله أول وهلة وإحلال أحرام الظباء الشوازب وقل لهم والله يحكم حكمه ذروا الحرب تذهب عنكم في المراحب متى تبعثوها تبعثوها ذميمة هي الغول للأقصين أو للأقارب تقطع أرحاما وتهلك أمة وتبري السديف من سنام وغارب وتستبدلوا بالأتحمية بعدها شليلا وأصداء ثياب المحارب وبالمسك والكافور غبرا سوابغا كأن قتيريها عيون الجنادب فإياكم والحرب لا تعلقنكم وحوضا وخيم الماء مر المشارب تزين للأقوام ثم يرونها بعاقبة إذ بينت أم صاحب تحرق لا تشوي ضعيفا وتنتحي ذوي العز منكم بالحتوف الصوائب ألم تعلموا ما كان في حرب داحس فتعتبروا أو كان في حرب حاطب وكم قد أصابت من شريف مسود طويل العماد ضيفه غير خائب § عظيم رماد النار يحمد أمره وذي شيمة محض كريم المضارب وماء هريق في الضلال كأنما أذاعت به ريح الصبا والجنائب يخبركم عنها امرؤ حق عالم بأيامها والعلم علم التجارب فبيعوا الحراب ملمحارب واذكروا حسابكم والله خير محاسب ولي امرئ فاختار دينا فلا يكن عليكم رقيبا غير رب الثواقب أقيموا لنا دينا حنيفا فأنتم لنا غاية قد يهتدى بالذوائب وأنتم لهذا الناس نور وعصمة تؤمون والأحلام غير عوازب وأنتم إذا ما حصل الناس جوهر لكم سرة البطحاء شم الأرانب تصونون أجسادا كراما عتيقة مهذبة الأنساب غير أشائب ترى طالب الحاجات نحو بيوتكم عصائب هلكى تهتدي بعصائب لقد علم الأقوام أن سراتكم على كل حال خير أهل الجباجب وأفضله رأيا وأعلاه سنة وأقوله للحق وسط المواكب فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب فعندكم منه بلاء ومصدق غداة أبي يكسوم هادي الكتائب كتيبته بالسهل تمسي ورجله على القاذفات في رءوس المناقب § فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملحبش غير عصائب فإن تهلكوا نهلك وتهلك مواسم يعاش بها قول امرئ غير كاذب.


شعر حكيم بن أمية في صد قومه عن عداوة النبي صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P288C

قال ابن إسحاق وقال حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي حليف بني أمية وقد أسلم يورع قومه عما أجمعوا عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيهم شريفا مطاعا § هل قائل قولا هو الحق قاعد عليه وهل غضبان للرشد سامع وهل سيد ترجو العشيرة نفعه لأقصى الموالي والأقارب جامع تبرأت إلا وجه من يملك الصبا وأهجركم ما دام مدل ونازع وأسلم وجهي للإله ومنطقي ولو راعني من الصديق روائع.


ذكر لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه *

HSNXV01P289D

قال ابن إسحاق ثم إن قريشا اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم سفهاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مظهر لأمر الله لا يستخفي به مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم واعتزال أوثانهم وفراقه إياهم على كفرهم.


حديث ابن العاص عن أكثر ما رأى قريشا نالته من رسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P289F

قال ابن إسحاق فحدثني يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يظهرون من عداوته قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما مر بهم غمزوه § ببعض القول قال فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فوقف ثم قال أتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح قال فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم فو الله ما كنت جهولا قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه فبينما هم في ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون أنت الذي تقول كذا وكذا لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا الذي أقول ذلك قال فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه قال فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه وهو يبكي ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عنه فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط.


بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P290C

قال ابن إسحاق وحدثني بعض آل أم كلثوم بنت أبي بكر أنها قالت لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه مما جبذوه بلحيته وكان رجلا كثير الشعر.


إسلام حمزة رحمه الله *

HSNXV01P291E

قال ابن إسحاق حدثني رجل من أسلم كان واعية أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة § في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز فتى في قريش وأشد شكيمة فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام وجنده هاهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى ولم يقف على أحد معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول فرد ذلك علي إن استطعت فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.


قول عتبة بن ربيعة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P293C

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا قال يوما وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون فقالوا بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمه فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد أسمع قال يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه § أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال أقد فرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فاسمع مني قال أفعل فقال بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه فلما سمعها منه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد ثم قال قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد قال ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به قالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.


ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رؤساء قريش وتفسير لسورة الكهف *

HSNXV01P294F

قال ابن إسحاق ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنساء وقريش تحبس من قدرت على حبسه وتفتن من استطاعت § فتنته من المسلمين ثم إن أشراف قريش من كل قبيلة كما حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب والنضر ابن الحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار وأبو البختري بن هشام والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل ابن هشام وعبد الله بن أبي أمية والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان وأمية بن خلف أو من اجتمع منهم قال اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ثم قال بعضهم لبعض ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فأتهم فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا له يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك أو كما قالوا له فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا فربما كان ذلك بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم § ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم أو كما قال صلى الله عليه وسلم قالوا يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليفجر لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك من الله وأنه بعثك رسولا كما تقول فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فإذا لم تفعل هذا لنا § فخذ لنفسك سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا أو كما قال فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إلى الله إن شاء أن يفعله بكم فعل قالوا يا محمد أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نملكك أو تهلكنا وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا § فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قام عنهم وقام معه عبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو ابن عمته فهو لعاتكة بنت عبد المطلب فقال له يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل أو كما قال له فو الله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا آسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه ولما رأى من مباعدتهم إياه فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وشتم آلهتنا وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله أو كما قال فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه فأسلموني عند ذلك أو امنعوني فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم قالوا والله لا نسلمك لشيء أبدا فامض لما تريد فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا كما وصف ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقبلته إلى الشام فكان إذا صلى صلى بين § الركن اليماني والحجر الأسود وجعل الكعبة بينه وبين الشام فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده وقامت إليه رجال قريش فقالوا له ما لك يا أبا الحكم قال قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط فهم بي أن يأكلني.


HSNXV01P299C

قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه فلما قال لهم ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.


HSNXV01P299E

قال ابن إسحاق فقال يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم § ساحر لا والله ما هو بساحر لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم وقلتم كاهن لا والله ما هو بكاهن قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم وقلتم شاعر لا والله ما هو بشاعر قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه وقلتم مجنون لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه يا معشر قريش فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم واسبنديار فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فذكر فيه بالله وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ثم قال أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلم إلي فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار ثم يقول بماذا محمد أحسن حديثا مني.


HSNXV01P300E

قال ابن إسحاق وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول فيما بلغني نزل فيه ثمان آيات من القرآن قول الله عز وجل إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن.


أرسلت قريش النضر وابن أبي معيط إلى أحبار يهود يسألانهم عن محمد صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P300G

فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا من علم § الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا فقالت لهما أحبار يهود سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجب وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هي فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي حتى قدما مكة على قريش فقالا يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها فإن أخبركم عنها فهو نبي وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها وأخبرنا عن الروح ما هي قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبركم بما سألتم عنه غدا ولم يستثن فانصرفوا عنه فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرحف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي § عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الله الفتية والرجل الطواف والروح.


ما أنزل الله في قريش حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغاب عنه الوحي مدة *
HSNXV01P302C

قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل حين جاءه لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا فقال له جبريل وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا فافتتح السورة تبارك وتعالى بحمده وذكر نبوة رسوله لما أنكروه عليه من ذلك فقال الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب يعني محمدا صلى الله عليه وسلم إنك رسول مني أي تحقيق لما سألوه عنه من نبوتك ولم يجعل له عوجا قيما أي معتدلا لا اختلاف فيه لينذر بأسا شديدا من لدنه أي عاجل عقوبته في الدنيا وعذابا أليما في الآخرة أي من عند ربك الذي بعث رسولا ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا أي دار الخلد لا يموتون فيها الذين صدقوك بما جئت به مما كذبك به غيرهم وعملوا بما أمرتهم به من الأعمال وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا يعني قريشا في قولهم إنا نعبد الملائكة وهي بنات الله ما لهم به من علم ولا لآبائهم الذين أعظموا فراقهم وعيب دينهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم أي لقولهم إن الملائكة بنات الله إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك يا محمد على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا أي لحزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو نهم أي لا تفعل.


HSNXV01P303A

HSNXV01P303B

قال ابن إسحاق أي أيهم أتبع لأمري وأعمل بطاعتي وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أي الأرض وإن ما عليها لفان وزائل وإن المرجع إلي فأجزي كلا بعمله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى فيها.


ما أنزله الله تعالى في قصة أصحاب الكهف *
HSNXV01P303F

قال ابن إسحاق ثم استقبل قصة الخبر فيما سألوه عنه من شأن الفتية فقال أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي قد كان من آياتي فيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعجب من ذلك.


HSNXV01P305B

ذلك من آيات الله أي في الحجة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب ممن أمر هؤلاء بمسألتك عنهم في صدق نبوتك بتحقيق الخبر عنهم من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد .


HSNXV01P305D

لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا § إلى قوله قال الذين غلبوا على أمرهم أهل السلطان والملك منهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون يعني أحبار يهود الذين أمروهم بالمسألة عنهم @QURS018A022_END ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب @QURS018A022_END أي لا علم لهم ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا أي لا تكابرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا فإنهم لا علم لهم بهم ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا أي ولا تقولن لشيء سألوك عنه كما قلت في هذا إني مخبركم غدا واستثن شيئة الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لخير مما سألتموني عنه رشدا فإنك لا تدري ما أنا صانع في ذلك ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا أي سيقولون ذلك قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا أي لم يخف عليه شيء مما سألوك عنه وقال فيما سألوه عنه من أمر الرجل الطواف ويسئلونك عن ذي القرنين § قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى انتهى إلى آخر قصة خبره وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتي ما لم يؤت أحد غيره فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها لا يطأ أرضا إلا سلط على أهلها حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق.


HSNXV01P307B

قال ابن إسحاق فحدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان بن مرذبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح.


HSNXV01P307D

قال ابن إسحاق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب وقال خالد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة.


HSNXV01P308A

قال ابن إسحاق الله أعلم أي ذلك كان أقال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا فإن كان قاله فالحق ما قال وقال تعالى فيما سألوه عنه من أمر الروح ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.


سؤال يهود المدينة للرسول صلى الله عليه وسلم عن المراد من قوله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 17 85 *
HSNXV01P308E

قال ابن إسحاق وحدثت عن ابن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالت أحبار يهود يا محمد أرأيت قولك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إيانا تريد أم قومك قال كلا قالوا فإنك تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها في علم الله قليل وعندكم في ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه قال فأنزل الله تعالى عليه فيما سألوه عنه من ذلك ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم أي أن التوراة في هذا من علم الله قليل قال وأنزل الله تعالى عليه فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال § وتقطيع الأرض وبعث من مضى من آبائهم من الموتى @QURS0131A031_BEG ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا @QURS013A031_END أي لا أصنع من ذلك إلا ما شئت وأنزل عليه في قولهم خذ لنفسك ما سألوه أن يأخذ لنفسه أن يجعل له جنانا وقصورا وكنوزا ويبعث معه ملكا يصدقه بما يقول ويرد عنه وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك أي من أن تمشي في الأسواق وتلتمس المعاش جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا وأنزل عليه في ذلك من قولهم وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفوا لفعلت وأنزل الله عليه فيما قال عبد الله بن أبي أمية وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا .


ما أنزله الله تعالى ردا على قولهم إنما يعلمك رجل باليمامة *
HSNXV01P312B

يقول شداد وهذا البيت في أبيات له وقال صخر بن عبد الله الهذلي وهو صخر الغي ومن كبير نفر زبانيه § وهذا البيت في أبيات له.


ما أنزله تعالى فيما عرضوه عليه عليه الصلاة والسلام من أموالهم *
HSNXV01P313C

قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى عليه فيما عرضوا عليه من أموالهم قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرفوا من الحق وعرفوا صدقه فيما حدث وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب حين سألوه عما سألوا عنه حال الحسد منهم له بينهم وبين اتباعه وتصديقه فعتوا على الله وتركوا أمره عيانا ولجوا فيما هم عليه من الكفر فقال قائلهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون أي اجعلوه لغوا وباطلا واتخذوه هزوا لعلكم تغلبونه بذلك فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه يوما غلبكم فقال أبو جهل يوما وهو يهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد أنما جنود الله الذين يعذبونكم في النار ويحبسونكم فيها تسعة عشر وأنتم أكثر الناس عددا وكثرة أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قوله وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا إلى آخر القصة فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وهو يصلي يتفرقون عنه ويأبون أن يستمعوا له فكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم § قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع وإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يستمعون شيئا من قراءته وسمع هو شيئا دونهم أصاخ له يستمع منه.


سبب نزول آية ولا تجهر 17 110 إلخ *
HSNXV01P314C

قال ابن إسحاق حدثني داود بن الحصين مولى عمرو بن عثمان أن عكرمة مولى ابن عباس حدثهم أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حدثهم إنما أنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا من أجل أولئك النفر يقول لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به.


أول من جهر بالقرآن *

HSNXV01P314F

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه قال كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط فمن رجل يسمعهموه فقال عبد الله بن مسعود أنا قالوا إنا نخشاهم عليك إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه قال دعوني فإن الله سيمنعني قال فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم رافعا بها صوته الرحمن علم القرآن قال ثم استقبلها يقرؤها قال فتأملوه فجعلوا يقولون ماذا قال § ابن أم عبد قال ثم قالوا إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه فقالوا له هذا الذي خشينا عليك فقال ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا قالوا لا حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.


قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P315D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد فقال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها § ولا ما يراد بها قال الأخنس وأنا الذي حلفت به كذلك قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد فقال ماذا سمعت تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه قال فقام عنه الأخنس وتركه.


تعنت قريش في عدم استماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزله تعالى *
HSNXV01P316E

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله قالوا يهزءون به قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه لا نفقه ما تقول وفي آذاننا وقر لا نسمع ما تقول ومن بيننا وبينك حجاب قد حال بيننا وبينك فاعمل بما أنت عليه إننا عاملون بما نحن عليه إنا لا نفقه عنك شيئا فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا إلى قوله وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا وبينك وبينهم حجابا بزعمهم أي إني لم أفعل ذلك نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا § أي أخطئوا المثل الذي ضربوا لك فلا يصيبون به هدى ولا يعتدل لهم فيه قول وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا أي قد جئت تخبرنا أنا سنبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا وذلك ما لا يكون قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة أي الذي خلقكم مما تعرفون فليس خلقكم من تراب بأعز من ذلك عليه.


HSNXV01P317B

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سألته عن قول الله تعالى @QURS017A050_END أو خلقا مما يكبر في صدوركم ما الذي أراد الله به فقال الموت.


ذكر عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة *

HSNXV01P317E

قال ابن إسحاق ثم إنهم عدوا على من أسلم واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر من استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبه ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم وكان بلال مولى أبي بكر رضي الله عنهما لبعض بني جمح مولدا من مولديهم وهو بلال بن رباح وكان اسم أمه حمامة وكان صادق الإسلام طاهر القلب وكان أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يخرجه إذا § حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتتوضع على صدره ثم يقول له لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فيقول وهو في ذلك البلاء أحد أحد.


HSNXV01P318B

قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب بذلك وهو يقول أحد أحد فيقول أحد أحد والله يا بلال ثم يقبل على أمية بن خلف ومن يصنع ذلك به من بني جمح فيقول أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا حتى مر به أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة رضي الله عنه يوما وهم يصنعون ذلك به وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية بن خلف ألا تتقي الله في هذا المسكين حتى متى قال أنت الذي أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به قال قد قبلت فقال هو لك فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك وأخذه فأعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأم عبيس وزنيرة وأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان فرد الله بصرها وأعتق النهدية وبنتها وكانتا لامرأة من بني عبد الدار فمر بهما وقد بعثتهما § سيدتهما بطحين لها وهي تقول والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر رضي الله عنه حل يا أم فلان فقالت حل أنت أفسدتهما فأعتقهما قال فبكم هما قالت بكذا وكذا قال قد أخذتهما وهما حرتان أرجعا إليها طحينها قالتا أونفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها قال وذلك إن شئتما ومر بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وهو يضربها حتى إذا مل قال إني أعتذر إليك إني لم أتركك إلا ملالة فتقول كذلك فعل الله بك فابتاعها أبو بكر فأعتقها.


لام أبو قحافة ابنه لعتقه من أعتق فرد عليه *
HSNXV01P319C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض أهله قال قال أبو قحافة لأبي بكر يا بني إني أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك قال فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل قال فيتحدث أنه ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال له أبوه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى إلى قوله تعالى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى .


تعذيب قريش لابن ياسر وتصبير رسول الله صلى الله عليه وسلم له *
HSNXV01P319E

قال ابن إسحاق وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه § وأمه وكانوا أهل بيت إسلام إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول فيما بلغني صبرا آل ياسر موعدكم الجنة فأما أمه فقتلوها وهي تأبى إلا الإسلام وكان أبو جهل الفاسق الذي يغري بهم في رجال من قريش إذا سمع بالرجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وقال تركت دين أبيك وهو خير منك لنسفهن حلمك ولنفيلن رأيك ولنضعن شرفك وإن كان تاجرا قال والله لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به.


سئل ابن عباس عن عذر من امتنع عن الإسلام لسبب تعذيبه فأجاز *
HSNXV01P320D

قال ابن إسحاق وحدثني حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير قال قلت لعبد الله بن عباس أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم قال نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة حتى يقولوا له آللات والعزى إلهك من دون الله فيقول نعم حتى إن الجعل ليمر بهم فيقولون له أهذا الجعل إلهك من دون الله فيقول نعم افتداء منهم مما يبلغون من جهده.


رفض هشام تسليم أخيه لقريش ليقتلوه على إسلامه وشعره في ذلك *
HSNXV01P321B

قال ابن إسحاق وحدثني الزبير بن عكاشة بن عبد الله بن أبي أحمد أنه حدث أن رجالا من بني مخزوم مشوا إلى هشام بن الوليد حين أسلم أخوه الوليد بن الوليد بن المغيرة وكانوا قد أجمعوا على أن يأخذوا فتية منهم كانوا قد أسلموا منهم سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة قال فقالوا له وخشوا شرهم إنا قد أردنا أن نعاتب هؤلاء الفتية على هذا الدين الذي أحدثوا فإنا نأمن بذلك في غيرهم قال هذا فعليكم به فعاتبوه وإياكم ونفسه وأنشأ يقول ألا لا يقتلن أخي عييس فيبقى بيننا أبدا تلاحي احذروا على نفسه فأقسم الله لئن قتلتموه لأقتلن أشرفكم رجلا قال فقالوا اللهم العنه من يغرر بهذا الحديث فو الله لو أصيب في أيدينا لقتل أشرفنا رجلا قال فتركوه ونزعوا عنه قال وكان ذلك مما دفع الله به عنهم.


ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة *

HSNXV01P321E

قال ابن إسحاق فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا § مما أنتم فيه فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ومن بني مخزوم ابن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب من عنز بن وائل.


HSNXV01P322C

معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم ابن عامر بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ومن بني عامر بن لؤي أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس § ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ويقال بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ويقال هو أول من قدمها ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني.


HSNXV01P323C

قال ابن إسحاق ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة فكانوا بها منهم من خرج بأهله معه ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه و من بني هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم معه امرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك بن قحافة بن خثعم ولدت له بأرض الحبشة عبد الله بن جعفر رجل ومن بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس معه امرأته رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو بن سعيد بن العاص بن أمية معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية ابن محرث بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج الكناني وأخوه خالد بن سعيد بن العاص بن أمية معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة.


HSNXV01P323I

قال ابن إسحاق ولدت له بأرض الحبشة سعيد بن خالد وأمة بنت خالد § فتزوج أمة بعد ذلك الزبير بن العوام فولدت له عمرو بن الزبير وخالد بن الزبير ومن حلفائهم من بني أسد بن خزيمة عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد وأخوه عبيد الله ابن جحش معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وقيس ابن عبد الله رجل من بني أسد بن خزيمة معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية ومعيقيب بن أبي فاطمة وهؤلاء آل سعيد بن العاص سبعة نفر.


من رحل إلى الحبشة من بني عبد شمس *
HSNXV01P324F

قال ابن إسحاق ومن بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس وأبو موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس حليف آل عتبة بن ربيعة رجلان ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان حليف لهم رجل ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد أربعة نفر ومن بني عبد بن قصي طليب بن عمير بن وهب بن أبي كبير بن عبد ابن قصي رجل § ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار وجهم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة بن أقيش بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة وابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم وأبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار خمسة نفر ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد ابن الحارث بن زهرة وعامر بن أبي وقاص وأبو وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم ولدت له بأرض الحبشة عبد الله بن المطلب ومن حلفائهم من هذيل عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل وأخوه عتبة بن مسعود ومن بهراء المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد § ابن أبي أهوز بن أبي فائش بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة.


HSNXV01P326C

قال ابن إسحاق وكان يقال له المقداد بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب ابن عبد مناف بن زهرة وذلك أنه تبناه في الجاهلية وحالفه ستة نفر ومن بني تيم بن مرة الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن عمرو ابن كعب بن سعد بن تيم معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم ولدت له بأرض الحبشة موسى بن الحارث وعائشة بنت الحارث وزينب بنت الحارث وفاطمة بنت الحارث وعمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومعه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة واسم أبي سلمة عبد الله واسم أم سلمة هند وشماس بن عثمان بن الشريد ابن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم.


HSNXV01P327C

قال ابن إسحاق وهبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأخوه عبد الله بن سفيان وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وسلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن حلفائهم معتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة وهو الذي يقال له عيهامة ثمانية نفر.


من هاجر إلى الحبشة من بني سهم *
HSNXV01P328A

قال ابن إسحاق وعثمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح أحد عشر رجلا ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وعبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهل وهشام بن العاص بن وائل بن سعد بن سهم.


HSNXV01P328D

قال ابن إسحاق وقيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم والحارث بن الحارث بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم ومعمر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد ابن سهم وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأخ له من أمه من بني تميم يقال له سعيد بن عمرو وسعيد بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد ابن سهم وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشم بن سعد بن سهم ومحمية بن الجزاء حليف لهم من بني زبيد أربعة عشر رجلا ومن بني عدي بن كعب معمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وعروة بن عبد العزى بن حرثان ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وعدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان § ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وابنه النعمان بن عدي وعامر بن ربيعة حليف لآل الخطاب من عنز بن وائل معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة ابن غانم خمسة نفر ومن بني عامر بن لؤي أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وسليط بن عمرو بن عبد شمس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وأخوه السكران بن عمرو معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ومالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان ابن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وسعد ابن خولة حليف لهم ثمانية نفر.


من هاجر إلى الحبشة من بني الحارث *
HSNXV01P329F

قال ابن إسحاق ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر § وسهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة ابن الحارث ولكن أمه غلبت على نسبه فهو ينسب إليها وهي دعد بنت جحدم بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر وكانت تدعى بيضاء وعمرو ابن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وعياض بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ويقال بل ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وعثمان ابن عبد غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر والحارث بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر ثمانية نفر فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغارا وولدوا بها ثلاثة وثمانين رجلا إن كان عمار ابن ياسر فيهم وهو يشك فيه وكان مما قيل من الشعر في الحبشة أن عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي ابن سعد بن سهم حين أمنوا بأرض الحبشة وحمدوا جوار النجاشي وعبدوا الله لا يخافون على ذلك أحدا وقد أحسن النجاشي جوارهم حين نزلوا به قال يا راكبا بلغن عنى مغلغلة من كان يرجو بلاغ الله والدين § كل امرئ من عباد الله مضطهد ببطن مكة مقهور ومفتون أنا وجدنا بلاد الله واسعة تنجي من الذل والمخزاة والهون فلا تقيموا على ذل الحياة وخزى في الممات وعيب غير مأمون إنا تبعنا رسول الله واطرحوا قول النبي وعالوا في الموازين فاجعل عذابك بالقوم الذين بغوا وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني وقال عبد الله بن الحارث أيضا يذكر نفي قريش إياهم من بلادهم ويعاتب بعض قومه في ذلك أبت كبدي لا أكذبنك قتالهم علي وتأباه علي أناملي وكيف قتالي معشرا أدبوكم على الحق أن لا تأشبوه بباطل نفتهم عباد الجن من حر أرضهم فأضحوا على أمر شديد البلابل فإن تك كانت في عدي أمانة عدي بن سعد عن تقى أو تواصل فقد كنت أرجو أن ذلك فيكم بحمد الذي لا يطبى بالجعائل وبدلت شبلا شل كل خبيثة بذي فجر مأوى الضعاف الأرامل وقال عبد الله بن الحارث أيضا وتلك قريش تجحد الله حقه كما جحدت عاد ومدين والحجر فإن أنا لم أبرق فلا يسعنني من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر بأرض بها عبد الإله محمد أبين ما في النفس إذ بلغ النقر § فسمي عبد الله بن الحارث يرحمه الله لبيته الذي قال المبرق وقال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وهو ابن عمه وكان يؤذيه في إسلامه وكان أمية شريفا في قومه في زمانه ذلك أتيم بن عمرو للذي جاء بغضة ومن دونه الشرمان والبرك أكتع أأخرجتني من بطن مكة آمنا وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع تريش نبالا لا يواتيك ريشها وتبرى نبالا ريشها لك أجمع وحاربت أقواما كراما أعزة وأهلكت أقواما بهم كنت تفزع ستعلم إن نابتك يوما ملمة وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع وتيم بن عمرو الذي يدعو عثمان جمح كان اسمه تيما.


إرسال قريش إلى الحبشة في طلب المهاجرين إليها *

HSNXV01P333B

قال ابن إسحاق فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة وأنهم قد أصابوا بها دارا وقرارا ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جلدين إلى النجاشي فيردهم عليهم ليفتنوهم في دينهم ويخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها فبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بن وائل وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته ثم بعثوهما إليه فيهم فقال أبو طالب حين رأى ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه أبياتا للنجاشي يحضه على حسن جوارهم والدفع عنهم ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر وعمرو وأعداء العدو الأقارب § وهل نالت أفعال النجاشي جعفرا وأصحابه أو عاق ذلك شاغب تعلم أبيت اللعن أنك ماجد كريم فلا يشقى لديك المجانب تعلم بأن الله زادك بسطة وأسباب خير كلها بك لازب وأنك فيض ذو سجال غزيرة ينال الأعادي نفعها والأقارب


حديث أم سلمة عن رسولي قريش مع النجاشي *
HSNXV01P334C

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام المخزومي عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم وقالوا لهما ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ثم قدما إلى النجاشي هداياه ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم قالت فخرجا حتى قدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار عند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي وقالا لكل بطريق منهم إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان § سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما نعم ثم إنهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه قالت ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو ابن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي قالت فقالت بطارقته حوله صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم قالت فغضب النجاشي ثم قال لاها الله إذن لا أسلمهم إليهما ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني قالت ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاءوا وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به § في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك قالت فقال له النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت فقال له جعفر نعم فقال له النجاشي فاقرأه علي قالت فقرأ عليه صدرا من كهيعص قالت فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ثم قال لهم النجاشي إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا § فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون قالت فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أثقى الرجلين فينا لا نفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد قالت ثم غدا عليه من الغد فقال له أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم ليسألهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثلها قط فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه قالوا نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن قالت فلما دخلوا عليه قال لهم ماذا تقولون في عيسى ابن مريم قالت فقال جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم يقول هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول قالت فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود قالت فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي والشيوم الآمنون من سبكم غرم ثم قال من سبكم § غرم ثم قال من سبكم غرم ما أحب أن لي دبرا من ذهب وأني آذيت رجلا منكم.


HSNXV01P338C

ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار قالت فو الله إنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه قالت فو الله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد علينا من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت وسار إليه النجاشي وبينهما عرض النيل قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت فقال الزبير بن العوام أنا قالوا فأنت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده قالت فو الله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى فلمع بثوبه وهو يقول ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي وأهلك الله عدوه ومكن له في بلاده قالت فو الله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها قالت ورجع النجاشي وقد أهلك الله عدوه ومكن له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة.


قصة تملك النجاشي على الحبشة *

HSNXV01P339C

قال ابن إسحاق قال الزهري فحدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر ابن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل تدري ما قوله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه قال قلت لا قال فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلا النجاشي وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلا وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة فقالت الحبشة بينها لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام وإن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلا فتوارثوا ملكه من بعده بقيت الحبشة بعده دهرا فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك حينا ونشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبا حازما من الرجال فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه وإنا لنتخوف أن يملكه علينا وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه فمشوا إلى عمه فقالوا إما أن تقتل هذا الفتى وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فإنا قد خفناه على أنفسنا قال ويلكم قتلت أباه بالأمس وأقتله اليوم بل أخرجه من بلادكم قالت فخرجوا به إلى السوق فباعوه من رجل من التجار بست مائة درهم فقذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته قالت ففزعت الحبشة إلى § ولده فإذا هو محمق ليس في ولده خير فمرج على الحبشة أمرهم فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض تعلموا والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه الآن قالت فخرجوا في طلبه وطلب الرجل الذي باعوه منه حتى أدركوه فأخذوه منه ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير الملك فملكوه فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه فقال إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه في ذلك قالوا لا نعطيك شيئا قال إذن والله أكلمه قالوا فدونك وإياه قالت فجاءه فجلس بين يديه فقال أيها الملك ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مائة درهم فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي حتى إذا سرت بغلامي أدركوني فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي قالت فقال لهم النجاشي لتعطنه دراهمه أو ليضعن غلامه يده في يده فليذهبن به حيث شاء قالوا بل نعطيه دراهمه قالت فلذلك يقول ما أخذ الله مني رشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه قالت وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه.


HSNXV01P340F

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.


خروج الحبشة على النجاشي *

HSNXV01P340H

قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال اجتمعت الحبشة § فقالوا للنجاشي إنك قد فارقت ديننا وخرجوا عليه فأرسل إلى جعفر وأصحابه فهيأ لهم سفنا وقال اركبوا فيها وكونوا كما أنتم فإن هزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم وإن ظفرت فاثبتوا ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن وخرج إلى الحبشة وصفوا له فقال يا معشر الحبشة ألست أحق الناس بكم قالوا بلى قال فكيف رأيتم سيرتي فيكم قالوا خير سيرة قال فما بالكم قالوا فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد قال فما تقولون أنتم في عيسى قالوا نقول هو ابن الله فقال النجاشي ووضع يده على صدره على قبائه هو يشهد أن عيسى بن مريم لم يزد على هذا شيئا وإنما يعني ما كتب فرضوا وانصرفوا عنه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات النجاشي صلى عليه واستغفر له.


إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه *

HSNXV01P342C

قال ابن إسحاق ولما قدم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهما النجاشي بما يكرهون وأسلم عمر بن الخطاب وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة حتى عازوا قريشا وكان عبد الله بن مسعود يقول ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة قال البكائي قال حدثني مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود إن إسلام عمر كان فتحا وإن هجرته كانت نصرا وإن إمارته كانت رحمة ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه.


حديث أم عبد الله عن إسلام عمر *
HSNXV01P342E

قال ابن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا إذا § أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه قالت وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا قالت فقال إنه للانطلاق يا أم عبد الله قالت فقلت نعم والله لنخرجن في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله مخرجا قالت فقال صحبكم الله ورأيت له رقة لم أكن أراها ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا قالت فجاء عامر بحاجته تلك فقلت له يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا قال أطمعت في إسلامه قالت قلت نعم قال فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب قالت يأسا منه لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام.


حديث آخر عن إسلام عمر *
HSNXV01P343C

قال ابن إسحاق وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر وكان نعيم بن عبد الله النحام رجل من قومه من بني عدي بن كعب قد أسلم وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه قد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة § ابن عبد المطلب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ممن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة فلقيه نعيم بن عبد الله فقال له أين تريد يا عمر فقال أريد محمدا هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله فقال له نعيم والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم قال وأي أهل بيتي قال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد والله أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما قال فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم أو في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما فلما دخل قال ما هذه الهينمة التي سمعت قالا له ما سمعت شيئا قال بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته إنا نخشاك عليها قال لا تخافي وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت له يا أخي إنك نجس على § شركك وإنه لا يمسها إلا الطاهر فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ منها صدرا قال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه فلما سمع ذلك خباب خرج إليه فقال له يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب فالله الله يا عمر فقال له عند ذلك عمر فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا § صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا السيف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف فقال حمزة بن عبد المطلب فأذن له فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ حجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه به جبذة شديدة وقال ما جاء بك يا بن الخطاب فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم.


رواية عطاء ومجاهد عن إسلام عمر *
HSNXV01P346C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي عن أصحابه عطاء ومجاهد أو عمن روى ذلك أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأسر بها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة عند دور آل عمر § ابن عبد بن عمران المخزومي قال فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك قال فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا قال فقلت لو أني جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها قال فخرجت فجئته فلم أجده قال فقلت فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين قال فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني قال فقلت حين رأيته والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول قال فقلت لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت أمشي رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة قال فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين وكانت طريقه حتى يجزع المسعى ثم يسلك بين دار عباس بن المطلب وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري ثم على دار الأخنس بن شريق حتى يدخل بيته وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان قال عمر رضي الله عنه فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني فظن § رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة قال قلت جئت لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله قال فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال قد هداك الله يا عمر ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته


HSNXV01P348B

قال ابن إسحاق والله أعلم أي ذلك كان.


ذكر قوة عمر في الإسلام وجلده *
HSNXV01P348D

قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال لما أسلم أبي عمر قال أي قريش أنقل للحديث فقيل له جميل بن معمر § الجمحي قال فغدا عليه قال عبد الله بن عمر فغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال له أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد قال فو الله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش وهم في أنديتهم حول الكعبة ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ قال و يقول عمر من خلفه كذب ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم قال وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول افعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاث مائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا قال فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى حتى وقف عليهم فقال ما شأنكم قالوا صبا عمر فقال فمه رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا خلوا عن الرجل قال فو الله لكأنما كانوا ثوبا كشط عنه قال فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك فقال ذاك أي بني العاص بن وائل السهمي.


HSNXV01P349B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر أو بعض أهله قال قال عمر لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت قال قلت أبو جهل وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة قال فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه قال فخرج إلي أبو جهل فقال مرحبا وأهلا بابن أختي ما جاء بك قال جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد وصدقت بما جاء به قال فضرب الباب في وجهي وقال قبحك الله وقبح ما جئت به.


خبر الصحيفة *

HSNXV01P350D

قال ابن إسحاق فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة بن عبد المطلب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجعل الإسلام يفشو في القبائل اجتمعوا وائتمروا بينهم أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.


HSNXV01P350F

فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشل بعض أصابعه.


HSNXV01P351A

قال ابن إسحاق فلما فعلت ذلك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبد المطلب فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه وخرج من بني هاشم أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب إلى قريش فظاهرهم.


تهكم أبي لهب بالرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله فيه *
HSNXV01P351C

قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله أن أبا لهب لقي هند بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه وظاهر عليهم قريشا فقال يا بنت عتبة هل نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقهما وظاهر عليهما قالت نعم فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة.


HSNXV01P351D

قال ابن إسحاق وحدثت أنه كان يقول في بعض ما يقول يعدني محمد أشياء لا أراها يزعم أنها كائنة بعد الموت فماذا وضع في يدي بعد ذلك ثم ينفخ في يديه ويقول تبا لكما ما أرى فيكما شيئا مما يقول محمد فأنزل الله تعالى فيه تبت يدا أبي لهب وتب.


شعر أبي طالب في قريش حين تظاهروا على الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P352C

قال ابن إسحاق فلما اجتمعت على ذلك قريش وصنعوا فيه الذي صنعوا قال أبو طالب ألا أبلغا عني على ذات بيننا لؤيا وخصا من لؤي بني كعب ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة ولا خير ممن خصه الله بالحب § وأن الذي ألصقتم من كتابكم لكم كائن نحسا كراغية السقب أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا أواصرنا بعد المودة والقرب وتستجلبوا حربا عوانا وربما أمر على من ذاقه جلب الحرب فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا لعزاء من عض الزمان ولا كرب ولما تبن منا ومنكم سوالف وأيد أترت بالقساسية الشهب بمعترك ضيق ترى كسر القنا به والنسور الطخم يعكفن كالشرب كأن مجال الخيل في حجراته ومعمعة الأبطال معركة الحرب أليس أبونا هاشم شد أزره وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب ولسنا نمل الحرب حتى تملنا ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب ولكننا أهل الحفائظ والنهى إذا طار أرواح الكماة من الرعب فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا لا يصل إليهم شيء إلا سرا مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش وقد كان أبو جهل بن هشام فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد § ابن أسد معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه في الشعب فتعلق به وقال أتذهب بالطعام إلى بني هاشم والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد فقال مالك وله فقال يحمل الطعام إلى بني هاشم فقال له أبو البختري طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها خل سبيل الرجل فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه فأخذ له أبو البختري لحي بعير فضربه به فشجه ووطئه وطأ شديدا وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا مباديا بأمر الله لا يتقي فيه أحدا من الناس فجعلت قريش حين منعه الله منها وقام عمه وقومه من بني هاشم وبني المطلب دونه وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به يهمزونه ويستهزءون به ويخاصمونه وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم وفيمن نصب لعداوته منهم ومنهم من سمي لنا ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار فكان ممن سمي لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن عمه أبو لهب بن عبد المطلب § وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب لأنها كانت فيما بلغني تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر فأنزل الله تعالى فيهما تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد .


أم جميل ورد الله كيدها عن الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P355E

قال ابن إسحاق فذكر لي أن أم جميل حمالة الحطب حين سمعت § ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر فقالت يا أبا بكر أين صاحبك فقد بلغني أنه يهجوني والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه أما والله إني لشاعرة ثم قالت مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا ثم انصرفت فقال أبو بكر يا رسول الله أما تراها رأتك فقال ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها عني.


HSNXV01P356B

قال ابن إسحاق وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما ثم يسبونه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قريش يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه فأنزل الله تعالى فيه ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة .


ما كان يؤذي به العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل فيه *
HSNXV01P357C

قال ابن إسحاق والعاص بن وائل السهمي كان خباب بن الأرت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قينا بمكة يعمل السيوف وكان قد باع من العاص ابن وائل سيوفا عملها له حتى كان له عليه مال فجاءه يتقاضاه فقال له يا خباب أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم قال خباب بلى قال فأنظرني إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك فو الله لا تكون أنت وصاحبك يا خباب آثر عند الله مني ولا أعظم حظا في ذلك فأنزل الله تعالى فيه أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب إلى قوله تعالى ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ولقي أبو جهل بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني فقال له والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد فأنزل الله تعالى فيه ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كف عن سب آلهتهم وجعل يدعوهم إلى الله § والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فدعا فيه إلى الله تعالى وتلا فيه القرآن وحذر فيه قريشا ما أصاب الأمم الخالية خلفه في مجلسه إذا قام فحدثهم عن رستم السنديد وعن أسفنديار وملوك فارس ثم يقول والله ما محمد بأحسن حديثا مني وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتها فأنزل الله فيه وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا @QURS068A015_BEG قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما @QURS025A006_END ونزل فيه إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ونزل فيه ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم .


HSNXV01P358D

قال ابن إسحاق وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم في المجلس وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه § ثم تلا عليه وعليهم إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون.


مقالة ابن الزبعرى وما أنزل الله فيه *
HSNXV01P359C

قال ابن إسحاق ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم فقال عبد الله بن الزبعرى أما والله لو وجدته لخصمته فسلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى بن مريم عليهما السلام فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قول ابن الزبعرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته فأنزل الله تعالى عليه في ذلك إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم § في ما اشتهت أنفسهم خالدون أي عيسى بن مريم وعزيرا ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون إلى قوله ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ونزل فيما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون أي يصدون عن أمرك بذلك من قولهم ثم ذكر عيسى بن مريم فقال إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم الأخنس بن شريق وما أنزل الله فيه.


HSNXV01P360B

قال ابن إسحاق والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة وكان من أشراف القوم وممن يستمع منه فكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد عليه فأنزل الله تعالى فيه ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم إلى قوله تعالى زنيم ولم يقل زنيم لعيب في نسبه لأن الله لا يعيب أحدا بنسب ولكنه حقق § بذلك نعته ليعرف والزنيم العديد للقوم وقد قال الخطيم التميمي في الجاهلية زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع والوليد بن المغيرة قال أينزل على محمد وأترك وأنا كبير قريش وسيدها ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف ونحن عظيما القريتين فأنزل الله تعالى فيه فيما بلغني نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم إلى قوله تعالى مما يجمعون وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وعقبة بن أبي معيط وكانا متصافيين حسنا ما بينهما فكان عقبة قد جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه فبلغ ذلك أبيا فأتى عقبة فقال له ألم يبلغني أنك جالست محمدا وسمعت منه وجهي من وجهك حرام أن أكلمك واستغلظ من اليمين إن أنت جلست إليه أو سمعت منه أو لم تأته فتتفل في وجهه ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله فأنزل الله تعالى فيهما ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا إلى قوله تعالى للإنسان خذولا ومشى أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم بال قد ارفت فقال يا محمد أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم ثم فته § في يده ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا أقول ذلك يبعثه الله وإياك بعد ما تكونان هكذا ثم يدخلك الله النار فأنزل الله تعالى فيه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون واعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة فيما بلغني الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي وكانوا ذوي أسنان في قومهم فقالوا يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الأمر فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه فأنزل الله تعالى فيهم قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين أي إن كنتم لا تعبدون إلا الله إلا أن أعبد ما تعبدون فلا حاجة لي بذلك منكم لكم دينكم جميعا ولي ديني وأبو جهل بن هشام لما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفا بها لهم قال يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد قالوا لا قال عجوة يثرب بالزبد والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقما فأنزل الله تعالى فيه إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم أي ليس كما يقول.


HSNXV01P363F

قال ابن إسحاق فأنزل الله تعالى فيه والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ووقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه وقد طمع في إسلامه فبينا هو في ذلك إذ مر به § ابن أم مكتوم الأعمى فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يستقرئه القرآن فشق ذلك منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضجره وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد وما طمع فيه من إسلامه فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا وتركه فأنزل الله تعالى فيه عبس وتولى أن جاءه الأعمى إلى قوله تعالى في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة أي إنما بعثتك بشيرا ونذيرا لم أخص بك أحدا دون أحد فلا تمنعه ممن ابتغاه ولا تتصدين به لمن لا يريده.


ذكر من عاد من أرض الحبشة لما بلغهم إسلام أهل مكة *

HSNXV01P364E

قال ابن إسحاق وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا إلى أرض الحبشة إسلام أهل مكة فأقبلوا لما بلغهم من ذلك حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلا فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار أو مستخفيا. § فكان ممن قدم عليه مكة منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد معه بدرا وأحدا ومن حبس عنه حتى فاته بدر وغيره ومن مات بمكة منهم من بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس و معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس و امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو ومن حلفائهم عبد الله بن جحش بن رئاب ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان حليف لهم من قيس بن عيلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وسويبط بن سعد بن حرملة § ومن بني عبد بن قصي طليب بن عمير بن وهب بن عبد ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والمقداد بن عمرو حليف لهم وعبد الله بن مسعود حليف لهم ومن بني مخزوم بن يقظة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة وشماس § ابن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم وسلمة بن هشام بن المغيرة حبسه عمه بمكة فلم يقدم إلا بعد بدر وأحد والخندق وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة هاجر معه إلى المدينة ولحق به أخواه لأمه أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام فرجعا به إلى مكة فحبساه بها حتى مضى بدر وأحد والخندق ومن حلفائهم عمار بن ياسر يشك فيه أكان خرج إلى الحبشة أم لا ومعتب بن عوف بن عامر من خزاعة ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح وابنه السائب بن عثمان وقدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب خنيس بن حذافة بن § قيس بن عدي وهشام بن العاص بن وائل حبس بمكة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى قدم بعد بدر وأحد والخندق ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف لهم معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم ومن بني عامر بن لؤي عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس وعبد الله بن سهيل بن عمرو وكان حبس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة حتى كان يوم بدر فانحاز من المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد معه بدرا وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو والسكران بن عمرو بن عبد شمس معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس مات بمكة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم § إلى المدينة فخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته سودة بنت زمعة ومن حلفائهم سعد بن خولة ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله ابن الجراح وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد وسهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة ابن هلال فجميع من قدم عليه مكة من أصحابه من أرض الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلا فكان من دخل منهم بجوار فيمن سمي لنا عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي دخل بجوار من الوليد بن المغيرة وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم دخل بجوار من أبي طالب بن عبد المطلب وكان خاله وأم أبي سلمة برة بنت عبد المطلب.


قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد *

HSNXV01P370C

قال ابن إسحاق فأما عثمان بن مظعون فإن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثني عمن حدثه عن عثمان قال لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة قال والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له يا أبا عبد شمس وفت ذمتك قد رددت إليك جوارك فقال له لم يا بن أخي لعله آذاك أحد من قومي قال لا ولكني أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره قال فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية قال فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري قال صدق قد وجدته وفيا كريم الجوار ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله فقد رددت عليه جواره ثم انصرف عثمان ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل قال عثمان صدقت قال لبيد وكل نعيم لا محالة زائل قال عثمان كذبت نعيم الجنة لا يزول قال لبيد بن ربيعة يا معشر قريش والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم فقال رجل من القوم إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها § والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان فقال أما والله يا بن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية لقد كنت في ذمة منيعة قال يقول عثمان بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس فقال له الوليد هلم يا بن أخي إن شئت فعد إلى جوارك فقال لا.


قصة أبي سلمة رضي الله عنه في جواره *

HSNXV01P371D

قال ابن إسحاق وأما أبو سلمة بن عبد الأسد فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة أنه حدثه أن أبا سلمة لما استجار بأبي طالب مشى إليه رجال من بني مخزوم فقالوا له يا أبا طالب لقد منعت منا ابن أخيك محمدا فما لك ولصاحبنا تمنعه منا قال إنه استجار بي وهو ابن أختي وإن أنا لم أمنع ابن أختي لم أمنع ابن أخي فقام أبو لهب فقال يا معشر قريش والله لقد أكثرتم على هذا الشيخ ما تزالون توثبون عليه في جواره من بين قومه والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه في كل ما قام فيه حتى يبلغ ما أراد قال فقالوا بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة وكان لهم وليا وناصرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقوا على ذلك فطمع فيه أبو طالب حين سمعه يقول ما يقول ورجا أن يقوم معه في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب يحرض أبا لهب على نصرته ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن امرأ أبو عتيبة عمه لفي روضة ما إن يسام المظالما أقول له وأين منه نصيحتي أبا معتب ثبت سوادك قائما § ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة تسب بها إما هبطت المواسما وول سبيل العجز غيرك منهم فإنك لم تخلق على العجز لازما وحارب فإن الحرب نصف ولن ترى أخا الحرب يعطى الخسف حتى يسالما وكيف ولم يجنوا عليك عظيمة ولم يخذلوك غانما أو مغارما جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا وتيما ومخزوما عقوقا ومأثما بتفريقهم من بعد ود وألفة جماعتنا كيما ينالوا المحارما كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ولما تروا يوما لدى الشعب قائما.


دخول أبي بكر في جوار ابن الدغنة ورد جواره عليه *

HSNXV01P372E

قال ابن إسحاق وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما حدثني محمد ابن مسلم ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنهما حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى ورأى من تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما رأى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فأذن له فخرج أبو بكر مهاجرا حتى إذا سار من مكة يوما أو يومين لقيه ابن الدغنة أخو بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد.


الأحابيش *
HSNXV01P373B

قال ابن إسحاق والأحابيش بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة والهون ابن خزيمة بن مدركة وبنو المصطلق من خزاعة.


HSNXV01P373D

قال ابن إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت فقال ابن الدغنة أين يا أبا بكر قال أخرجني قومي وآذوني وضيقوا علي قال ولم فو الله إنك لتزين العشيرة وتعين على النوائب وتفعل المعروف وتكسب المعدوم ارجع فأنت في جواري فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام ابن الدغنة فقال يا معشر قريش إني قد أجرت ابن أبي قحافة فلا يعرضن له أحد إلا بخير قالت فكفوا عنه قالت وكان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بني جمح فكان يصلي فيه وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء يعجبون لما يرون من هيئته قالت فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة فقالوا له يا بن الدغنة إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق ويبكي وكانت له هيئة ونحو فنحن نتخوف على صبياننا ونسائنا وضعفتنا أن يفتنهم فأته فمره أن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء قالت فمشى ابن الدغنة إليه فقال له يا أبا بكر § إني لم أجرك لتؤذي قومك إنهم قد كرهوا مكانك الذي أنت فيه وتأذوا بذلك منك فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت قال أوأرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله قال فاردد علي جواري قال قد رددته عليك قالت فقام ابن الدغنة فقال يا معشر قريش إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري فشأنكم بصاحبكم.


HSNXV01P374B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد قال لقيه سفيه من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابا قال فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة أو العاص بن وائل قال فقال أبو بكر ألا ترى إلى ما يصنع هذا السفيه قال أنت فعلت ذلك بنفسك قال وهو يقول أي رب ما أحلمك أي رب ما أحلمك أي رب ما أحلمك.


حديث نقض الصحيفة *

HSNXV01P374E

قال ابن إسحاق وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن نصر بن جذيمة ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم ابن عبد مناف لأمه فكان هشام لبني هاشم واصلا وكان ذا شرف في قومه § فكان فيما بلغني يأتي بالبعير وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا قد أوقره طعاما حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا فيفعل به مثل ذلك.


سعي هشام في ضم زهير بن أبي أمية له *
HSNXV01P375C

قال ابن إسحاق ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا قال ويحك يا هشام فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها قال قد وجدت رجلا قال فمن هو قال أنا قال له زهير أبغنا رجلا ثالثا فذهب إلى المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقال له يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا قال ويحك فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد قال قد وجدت ثانيا قال من هو قال أنا قال أبغنا ثالثا قال قد فعلت قال من هو قال زهير بن أبي أمية قال أبغنا رابعا فذهب إلى البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي § فقال وهل من أحد يعين على هذا قال نعم قال من هو قال زهير ابن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك قال أبغنا خامسا فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال له وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد قال نعم ثم سمى له القوم فاتعدوا خطم الحجون ليلا بأعلى مكة فاجتمعوا هنالك فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها وقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس فقال يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة قال أبو جهل وكان في ناحية المسجد كذبت والله لا تشق قال زمعة بن الأسود أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حيث كتبت قال أبو البختري صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به قال المطعم بن عدي صدقتما وكذب من قال غير ذلك نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها قال هشام ابن عمرو نحوا من ذلك فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل تشوور فيه بغير هذا المكان قال وأبو طالب جالس في ناحية المسجد فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا باسمك اللهم § وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة فشلت يده فيما يزعمون.


شعر أبي طالب في مدح النفر الذين نقضوا الصحيفة *
HSNXV01P377F

قال ابن إسحاق فلما مزقت الصحيفة وبطل ما فيها قال أبو طالب فيما كان من أمر أولئك النفر الذين قاموا في نقضها يمدحهم § ألا هل أتى بحرينا صنع ربنا على نأيهم والله بالناس أرود فيخبرهم أن الصحيفة مزقت وأن كل ما لم يرضه الله مفسد تراوحها إفك وسحر مجمع ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد تداعى لها من ليس فيها بقرقر فطائرها في رأسها يتردد وكانت كفاء رقعة بأثيمة ليقطع منها ساعد ومقلد ويظعن أهل المكتين فيهربوا فرائصهم من خشية الشر ترعد ويترك حراث يقلب أمره أيتهم فيهم عند ذاك وينجد وتصعد بين الأخشبين كتيبة لها حدج سهم وقوس ومرهد فمن ينش من حضار مكة عزه فعزتنا في بطن مكة أتلد نشأنا بها والناس فيها قلائل فلم ننفكك نزداد خيرا ونحمد § ونطعم حتى يترك الناس فضلهم إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد جزى الله رهطا بالحجون تبايعوا على ملأ يهدي لحزم ويرشد قعودا لدى خطم الحجون كأنهم مقاولة بل هم أعز وأمجد أعان عليها كل صقر كأنه إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد جري على جلى الخطوب كأنه شهاب بكفي قابس يتوقد من الأكرمين من لؤي بن غالب إذا سيم خسفا وجهه يتربد طويل النجاد خارج نصف ساقه على وجهه يسقى الغمام ويسعد عظيم الرماد سيد وابن سيد يحض على مقرى الضيوف ويحشد ويبني لأبناء العشيرة صالحا إذا نحن طفنا في البلاد ويمهد ألظ بهذا الصلح كل مبرأ عظيم اللواء أمره ثم يحمد قضوا ما قضوا في ليلهم ثم أصبحوا على مهل وسائر الناس رقد هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا وسر أبو بكر بها ومحمد متى شرك الأقوام في جل أمرنا وكنا قديما قبلها نتودد وكنا قديما لا نقر ظلامة وندرك ما شئنا ولا نتشدد § فيا لقصى هل لكم في نفوسكم وهل لكم فيما يجيء به غد فإني وإياكم كما قال قائل لديك البيان لو تكلمت أسود وقال حسان بن ثابت يبكي المطعم بن عدي حين مات ويذكر قيامه في نقض الصحيفة أيا عين فابكي سيد القوم واسفحي بدمع وإن أنزفته فاسكبي الدما وبكي عظيم المشعرين كليهما على الناس معروفا له ما تكلما فلو كان مجد يخلد الدهر واحدا من الناس أبقى مجده اليوم مطعما أجرت رسول الله منهم فأصبحوا عبيدك ما لبى مهل وأحرما فلو سئلت عنه معد بأسرها وقحطان أو باقي بقية جرهما لقالوا هو الموفي بخفرة جاره وذمته يوما إذا ما تذمما فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم على مثله فيهم أعز وأعظما وآبى إذا يأبى وألين شيمة وأنوم عن جار إذا الليل أظلما.


مدح حسان لهشام بن عمرو لقيامه في الصحيفة *
HSNXV01P381E

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضا يمدح هشام بن عمرو لقيامه في الصحيفة هل يوفين بنو أمية ذمة عقدا كما أو في جوار هشام من معشر لا يغدرون بجارهم للحارث بن حبيب بن سخام وإذا بنو حسل أجاروا ذمة أوفوا وأدوا جارهم بسلام وكان هشام أحد سحام بالضم.


قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي *

HSNXV01P382D

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه وجعلت قريش حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها فمشى إليه رجال من قريش وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا وقد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا قال فو الله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه قال فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة قال فقمت منه قريبا فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله قال فسمعت كلاما حسنا قال فقلت في نفسي § وا ثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وإن كان قبيحا تركته قال فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت يا محمد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا فو الله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك فسمعته قولا حسنا فاعرض علي أمرك قال فعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه قال فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال اللهم اجعل له آية قال فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم قال فتحول فوقع في رأس سوطي قال فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أهبط إليهم من الثنية قال حتى جئتهم فأصبحت فيهم قال فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخا كبيرا قال فقلت إليك عني يا أبت فلست منك ولست مني قال ولم يا بني قال قلت أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم قال أي بني فديني دينك قال § فقلت فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ثم تعال حتى أعلمك ما علمت قال فذهب فاغتسل وطهر ثيابه قال ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم قال ثم أتتني صاحبتي فقلت إليك عني فلست منك ولست مني قالت لم بأبي أنت وأمي قال قلت قد فرق بيني وبينك الإسلام وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم قالت فديني دينك قال قلت فاذهبي إلى حنا ذي الشرى.


HSNXV01P384B

فتطهري منه قال وكان ذو الشرى صنما لدوس وكان الحمى حمى حموه له و به وشل من ماء يهبط من جبل قال فقلت بأبي أنت وأمي أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا قال قلت لا أنا ضامن لذلك فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطئوا علي ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقلت له يا نبي الله إنه قد غلبني على دوس الزنا فادع الله عليهم فقال اللهم اهد دوسا ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم قال فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق ثم قدمت على رسول الله § صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين ثم لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فتح الله عليه مكة قال قلت يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه.


HSNXV01P385C

قال ابن إسحاق فخرج إليه فجعل طفيل يوقد عليه النار ويقول يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حشوت النار في فؤادكا قال ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فسار معهم حتى فرغوا من طليحة ومن أرض نجد كلها ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل فرأى رؤيا وهو متوجه إلى اليمامة فقال لأصحابه إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي رأيت أن رأسي حلق وأنه خرج من فمي طائر وأنه لقيتني امرأة فأدخلتني في فرجها وأرى ابني يطلبني حثيثا ثم رأيته حبس عني قالوا خيرا قال أما أنا والله فقد أولتها قالوا ماذا قال أما حلق رأسي فوضعه وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي وأما المرأة التي أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي فأغيب فيها وأما طلب ابني إياي ثم حبسه عني فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني فقتل رحمه الله شهيدا باليمامة وجرح ابنه جراحة شديدة ثم استبل منها ثم قتل عام اليرموك في زمن عمر رضي الله عنه شهيدا.


أمر أعشى بني قيس بن ثعلبة *

HSNXV01P388E

قال ابن إسحاق وقد كان عدو الله أبو جهل بن هشام مع عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضه إياه وشدته عليه يذله الله له إذا رآه.


أمر الإراشي الذي باع أبا جهل إبله *

HSNXV01P389C

قال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان الثقفي وكان واعية قال قدم رجل من إراش.


HSNXV01P389E

بإبل له مكة فابتاعها منه أبو جهل فمطله بأثمانها فأقبل الإراشي حتى وقف على ناد من قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس فقال يا معشر قريش من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام فإني رجل غريب ابن سبيل وقد غلبني على حقي قال فقال له أهل ذلك المجلس أترى ذلك الرجل الجالس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهزءون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة اذهب إليه فإنه يؤديك عليه فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله وأنا رجل غريب ابن سبيل وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه يأخذ لي حقي منه فأشاروا لي إليك فخذ لي حقي منه يرحمك الله قال انطلق إليه وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم اتبعه فانظر ماذا يصنع قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه § فقال من هذا قال محمد فاخرج إلي فخرج إليه وما في وجهه من رائحة قد انتقع لونه فقال أعط هذا الرجل حقه قال نعم لا تبرح حتى أعطيه الذي له قال فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه قال ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للإراشي الحق بشأنك فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال جزاه الله خيرا فقد والله أخذ لي حقي قال وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا ويحك ماذا رأيت قال عجبا من العجب والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج إليه وما معه روحه فقال له أعط هذا حقه فقال نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه فدخل فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه قال ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء فقالوا له ويلك ما لك والله ما رأينا مثل ما صنعت قط قال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي وسمعت صوته فملئت رعبا ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط والله لو أبيت لأكلني.


أمر ركانة المطلبي ومصارعته للنبي صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P390F

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار قال كان ركانة § ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف أشد قريش فخلا يوما برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض شعاب مكة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه قال إني لو أعلم أن الذي تقول حق لاتبعتك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق قال نعم قال فقم حتي أصارعك قال فقام إليه ركانة يصارعه فلما بطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعه وهو لا يملك من نفسه شيئا ثم قال عد يا محمد فعاد فصرعه فقال يا محمد والله إن هذا للعجب أتصرعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه إن اتقيت الله واتبعت أمري قال ما هو قال أدعو لك هذه الشجرة التي ترى فتأتيني قال ادعها فدعاها فأقبلت حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال لها ارجعي إلى مكانك قال فرجعت إلى مكانها قال فذهب ركانة إلى قومه فقال يا بني عبد مناف ساحروا بصاحبكم أهل الأرض فو الله ما رأيت أسحر منه قط ثم أخبرهم بالذي رأى والذي صنع.


أمر وفد النصارى الذين أسلموا *

HSNXV01P391D

قال ابن إسحاق ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة فوجدوه في المسجد فجلسوا إليه وكلموه وسألوه ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن فلما سمعوا § القرآن فاضت أعينهم من الدمع ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل ابن هشام في نفر من قريش فقالوا لهم خيبكم الله من ركب بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال ما نعلم ركبا أحمق منكم أو كما قالوا فقالوا لهم سلام عليكم لا نجاهلكم لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه لم نأل أنفسنا خيرا ويقال إن النفر من النصارى من أهل نجران فالله أعلم أي ذلك كان فيقال والله أعلم فيهم نزلت هؤلاء الآيات الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين إلى قوله لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين .


HSNXV01P392D

قال ابن إسحاق وقد سألت ابن شهاب الزهري عن هؤلاء الآيات فيمن أنزلن فقال لي ما أسمع من علمائنا أنهن أنزلن في النجاشي وأصحابه والآية من سورة المائدة من قوله ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون إلى قوله فاكتبنا مع الشاهدين .


تهكم المشركين بمن من الله عليهم ونزول آيات في ذلك *
HSNXV01P392F

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد فجلس إليه المستضعفون من أصحابه خباب وعمار وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية بن محرث وصهيب وأشباههم من المسلمين هزئت بهم قريش وقال بعضهم لبعض هؤلاء أصحابه كما ترون أهؤلاء من الله عليهم من بيننا بالهدى والحق لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه § وما خصهم الله به دوننا فأنزل الله تعالى فيهم ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني كثيرا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر عبد لبني الحضرمي فكانوا يقولون والله ما يعلم محمدا كثيرا مما يأتي به إلا جبر النصراني غلام بني الحضرمي فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .


نزول سورة الكوثر *

HSNXV01P393G

قال ابن إسحاق وكان العاص بن وائل السهمي فيما بلغني إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو مات لانقطع ذكره واسترحتم منه فأنزل الله في ذلك إنا أعطيناك الكوثر ما هو خير لك من الدنيا وما فيها والكوثر العظيم.


صاحبا ملحوب والرداع *
HSNXV01P394B

قال ابن إسحاق قال لبيد بن ربيعة الكلابي وصاحب ملحوب فجعنا بيومه وعند الرداع بيت آخر كوثر يقول عظيم.


سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ما هو فأجاب *
HSNXV01P394E

قال ابن إسحاق حدثني جعفر بن عمرو. § ابن أمية الضمري عن عبد الله بن مسلم أخي محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل له يا رسول الله ما الكوثر الذي أعطاك الله قال نهر كما بين صنعاء إلى أيلة آنيته كعدد نجوم السماء ترده طيور لها أعناق كأعناق الإبل قال يقول عمر بن الخطاب إنها يا رسول الله لناعمة قال آكلها أنعم منها.


HSNXV01P395B

قال ابن إسحاق وقد سمعت في هذا الحديث أو غيره أنه قال صلى الله عليه وسلم من شرب منه لا يظمأ أبدا.


نزول وقالوا لولا أنزل عليه ملك 6 8 *

HSNXV01P395E

قال ابن إسحاق ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فقال له زمعة بن الأسود والنضر بن الحارث والأسود بن عبد يغوث وأبي بن خلف والعاص بن وائل لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى معك فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون .


نزول ولقد استهزئ برسل من قبلك 6 10 *

HSNXV01P395H

قال ابن إسحاق ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني بالوليد § ابن المغيرة وأمية بن خلف وبأبي جهل بن هشام فهمزوه واستهزءوا به فغاظه ذلك فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من أمرهم ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن.


ذكر الإسراء والمعراج *

HSNXV01P396D

قال ابن إسحاق كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن أبي الحسن البصري وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم وأم هانئ بنت أبي طالب ما اجتمع في هذا الحديث كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به صلى الله عليه وسلم وكان في مسراه وما ذكر عنه بلاء وتمحيص وأمر من أمر § الله عز وجل في قدرته وسلطانه فيه عبرة لأولي الألباب وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء ليريه من آياته ما أراد حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التي يصنع بها ما يريد فكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني عنه يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها فحمل عليها ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم ثم أتي بثلاثة آنية إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته قال فأخذت إناء اللبن فشربت منه فقال لي جبريل عليه السلام هديت وهديت أمتك يا محمد.


حديث الحسن عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P397E

قال ابن إسحاق وحدثت عن الحسن أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم في الحجر إذ جاءني جبريل فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا فعدت إلى مضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا فعدت إلى مضجعي فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي فقمت معه فخرج بي إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض بين البغل والحمار في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه يضع يده في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.


حديث قتادة عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P398B

قال ابن إسحاق وحدثت عن قتادة أنه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع فو الله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه قال فاستحيا حتى ارفض عرقا ثم قر حتى ركبته قال الحسن في حديثه فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى جبريل عليه السلام معه حتى انتهى به إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثم أتي بإناءين في أحدهما خمر وفي الآخر لبن قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر قال فقال له جبريل هديت للفطرة وهديت أمتك يا محمد وحرمت عليكم الخمر ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر فقال أكثر الناس هذا والله الإمر البين والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة وشهرا مقبلة أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة قال فارتد كثير ممن كان أسلم وذهب الناس إلى أبي بكر § فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة قال فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه فقالوا بلى ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس فقال أبو بكر والله لئن كان قاله لقد صدق فما يعجبكم من ذلك فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون منه ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة قال نعم قال يا نبي الله فصفه لي فإني قد جئته قال الحسن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت أشهد أنك رسول الله كلما وصف له منه شيئا قال صدقت أشهد أنك رسول الله حتى إذا انتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق قال الحسن وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دخل فيه من حديث قتادة.


حديث عائشة عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P399C

قال ابن إسحاق وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الله أسرى بروحه.


حديث معاوية عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P400B

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت رؤيا من الله تعالى صادقة فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن إن هذه الآية نزلت في ذلك قول الله تبارك وتعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ولقول الله تعالى في الخبر عن إبراهيم عليه السلام إذ قال لابنه يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ثم مضى على ذلك فعرفت أن الوحي من الله يأتي الأنبياء أيقاظا ونياما.


HSNXV01P400D

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول تنام عيناي وقلبي يقظان والله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين فيه ما عاين من أمر الله على أي حاليه كان نائما أو يقظان كل ذلك حق وصدق.


وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبراهيم وموسى وعيسى *
HSNXV01P400F

قال ابن إسحاق وزعم الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة فقال أما إبراهيم فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه وأما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة وأما عيسى بن مريم فرجل أحمر بين القصير والطويل سبط الشعر كثير خيلان الوجه كأنه خرج من ديماس تخال رأسه يقطر ماء وليس به ماء أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي.


حديث أم هانئ عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P402C

قال محمد بن إسحاق وكان فيما بلغني عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها واسمها هند في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي نام عندي تلك الليلة في بيتي فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا معه قال يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين ثم قام ليخرج فأخذت بطرف ردائه فتكشف عن بطنه كأنه قبطية مطوية فقلت له يا نبي الله لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك قال والله لأحدثنهموه قالت فقلت لجارية لي حبشية ويحك اتبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسمعي ما يقول للناس وما يقولون له فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أخبرهم فعجبوا وقالوا ما آية ذلك يا محمد فإنا لم نسمع بمثل هذا قط قال آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فأنفرهم حس الدابة فندلهم بعير فدللتهم عليه وأنا موجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه § ثم غطيت عليه كما كان وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ثنية التنعيم يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء قالت فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ولم يجدوا فيه ماء وسألوا الآخرين وهم بمكة فقالوا صدق والله لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر وند لنا بعير فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه.


قصة المعراج *

HSNXV01P403D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما فرغت مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج ولم أر شيئا قط أحسن منه وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة عليه ملك من الملائكة يقال له إسماعيل تحت يديه اثنا عشر ألف ملك تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث بهذا الحديث وما يعلم جنود ربك إلا هو فلما دخل بي قال من هذا يا جبريل قال هذا محمد قال أوقد بعث قال نعم قال فدعا لي بخير وقاله.


عدم ضحك خازن النار للرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P404B

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا يقول خيرا ويدعو به حتى لقيني ملك من الملائكة فقال مثل ما قالوا ودعا بمثل ما دعوا به إلا أنه لم يضحك ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره فقلت لجبريل يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم قال فقال لي جبريل أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك هذا مالك خازن النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لجبريل وهو من الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم مطاع ثم أمين ألا تأمره أن يريني النار فقال بلى يا مالك أر محمدا النار قال فكشف عنها غطاءها ففارت وارتفعت حتى ظننت لتأخذن ما أرى قال فقلت لجبريل يا جبريل مره فليردها إلى مكانها قال فأمره فقال لها اخبي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها § و قال أبو سعيد الخدري في حديثه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما دخلت السماء الدنيا رأيت بها رجلا جالسا تعرض عليه أرواح بني آدم فيقول لبعضها إذا عرضت عليه خيرا ويسر به ويقول روح طيبة خرجت من جسد طيب ويقول لبعضها إذا عرضت عليه أف ويعبس بوجهه ويقول روح خبيثة خرجت من جسد خبيث قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أبوك آدم تعرض عليه أرواح ذريته فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها وقال روح طيبة خرجت من جسد طيب وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها وساء ذلك وقال روح خبيثة خرجت من جسد خبيث قال ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل في أيديهم قطع من نار كالأفهار يقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما قال ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يعرضون على النار يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك قال قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا § قال ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن ويتركون السمين الطيب قال قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن قال ثم رأيت نساء معلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم.


HSNXV01P406D

قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن عمرو عن القاسم بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فأكل حرائبهم واطلع على عوراتهم.


عود إلى حديث الخدري عن المعراج *
HSNXV01P406F

ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري قال ثم أصعدني إلى السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا قال ثم أصعدني إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب قال ثم أصعدني إلى السماء الرابعة فإذا فيها رجل فسألته من هو قال هذا إدريس قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعناه مكانا عليا قال ثم أصعدني إلى السماء الخامسة § فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون لم أر كهلا أجمل منه قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران قال ثم أصعدني إلى السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى كأنه من رجال شنوءة فقلت له من هذا يا جبريل قال هذا أخوك موسى بن عمران ثم أصعدني إلى السماء السابعة فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أبوك إبراهيم قال ثم دخل بي الجنة فرأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت وقد أعجبتني حين رأيتها فقالت لزيد ابن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة قال ابن إسحاق ومن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السموات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها من هذا يا جبريل فيقول محمد فيقولون أوقد بعث فيقول نعم فيقولون حياه الله من أخ وصاحب حتى انتهى به إلى السماء السابعة ثم انتهى به إلى ربه ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت راجعا فلما مررت بموسى بن عمران ونعم الصاحب كان لكم سألني كم فرض عليك من الصلاة فقلت خمسين صلاة كل يوم فقال إن الصلاة ثقيلة وإن أمتك ضعيفة فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك فرجعت فسألت § ربي أن يخفف عني وعن أمتي فوضع عني عشرا ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك فرجعت فسألت ربي فوضع عني عشرا ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك فرجعت فسألته فوضع عني عشرا ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك كلما رجعت إليه قال فارجع فاسأل حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة ثم رجعت إلى موسى فقال لي مثل ذلك فقلت قد راجعت ربي وسألته حتى استحييت منه فما أنا بفاعل فمن أداهن منكم إيمانا بهن واحتسابا لهن كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة.


كفاية الله أمر المستهزءين *

HSNXV01P408C

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله تعالى صابرا محتسبا مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء وكان عظماء المستهزءين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر من قومهم وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه به فقال اللهم أعم بصره وأثكله ولده ومن بني زهرة بن كلاب الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف ابن زهرة ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب العاص بن وائل بن هشام.


المستهزءون بالرسول من خزاعة *
HSNXV01P409K

ومن بني خزاعة الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد عمرو بن لؤي بن ملكان فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى عليه فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون.


ما أصاب المستهزءين *
HSNXV01P410B

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه حبنا ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله كان أصابه قبل ذلك بسنين وهو يجر سبله وذلك أنه مر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء فانتقض به فقتله ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله وخرج على حمار له يريد الطائف فربض به على شبارقة فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخض قيحا فقتله.


قصة أبي أزيهر الدوسي *

HSNXV01P410E

قال ابن إسحاق فلما حضرت الوليد الوفاة دعا بنيه وكانوا ثلاثة هشام ابن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن الوليد فقال لهم أي بني أوصيكم بثلاث فلا تضيعوا فيهن دمي في خزاعة فلا تطلنه والله إني لأعلم أنهم § منه برآء ولكني أخشى أن تسبوا به بعد اليوم ورباي في ثقيف فلا تدعوه حتى تأخذوه وعقري عند أبي أزيهر فلا يفوتنكم به وكان أبو أزيهر قد زوجه بنتا ثم أمسكها عنه فلم يدخلها عليه حتى مات فلما هلك الوليد بن المغيرة وثبت بنو مخزوم على خزاعة يطلبون منهم عقل الوليد وقالوا إنما قتله سهم صاحبكم وكان لبني كعب حلف من بني عبد المطلب بن هاشم فأبت عليهم خزاعة ذلك حتى تقاولوا أشعارا وغلظ بينهم الأمر وكان الذي أصاب الوليد سهمه رجلا من بني كعب بن عمرو من خزاعة فقال عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إني زعيم أن تسيروا فتهربوا وأن تتركوا الظهران تعوي ثعالبه وأن تتركوا ماء بجزعة أطرقا وأن تسألوا أي الأراك أطايبه فإنا أناس لا تطل دماؤنا ولا يتعالى صاعدا من نحاربه وكانت الظهران والأراك منازل بني كعب من خزاعة فأجابه الجون بن أبي الجون أخو بني كعب بن عمرو الخزاعي فقال والله لا نؤتي الوليد ظلامة ولما تروا يوما تزول كواكبه ويصرع منكم مسمن بعد مسمن وتفتح بعد الموت قسرا مشاربه § إذا ما أكلتم خبزكم وخزيركم فكلكم باكي الوليد ونادبه ثم إن الناس ترادوا وعرفوا أنما يخشى القوم السبة فأعطتهم خزاعة بعض العقل وانصرفوا عن بعض فلما اصطلح القوم قال الجون بن أبي الجون وقائلة لما اصطلحنا تعجبا لما قد حملنا للوليد وقائل ألم تقسموا تؤتوا الوليد ظلامة ولما تروا يوما كثير البلابل فنحن خلطنا الحرب بالسلم فاستوت فأم هواه آمنا كل راحل ثم لم ينته الجون بن أبي الجون حتى افتخر بقتل الوليد وذكر أنهم أصابوه وكان ذلك باطلا فلحق بالوليد و بولده وقومه من ذلك ما حذره فقال الجون بن أبي الجون ألا زعم المغيرة أن كعبا بمكة منهم قدر كثير فلا تفخر مغيرة أن تراها بها يمشي المعلهج والمهير بها آباؤنا وبها ولدنا كما أرسى بمثبته ثبير وما قال المغيرة ذاك إلا ليعلم شأننا أو يستثير فإن دم الوليد يطل إنا نطل دماء أنت بها خبير كساه الفاتك الميمون سهما زعافا وهو ممتلئ بهير § فخر ببطن مكة مسلحبا كأنه عند وجبته بعير سيكفيني مطال أبي هشام صغار جعدة الأوبار خور


مقتل أبي أزيهر وثورة بني عبد مناف لذلك *
HSNXV01P413D

قال ابن إسحاق ثم عدا هشام بن الوليد على أبي أزيهر وهو بسوق ذي المجاز وكانت عند أبي سفيان بن حرب عاتكة بنت أبي أزيهر وكان أبو أزيهر رجلا شريفا في قومه فقتله بعقر الوليد الذي كان عنده لوصية أبيه إياه وذلك بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأصيب به من أصيب من أشراف قريش من المشركين فخرج يزيد بن أبي سفيان فجمع بني عبد مناف وأبو سفيان بذي المجاز فقال الناس أخفر أبو سفيان في صهره فهو ثائر به فلما سمع أبو سفيان بالذي صنع ابنه يزيد وكان أبو سفيان رجلا حليما منكرا يحب قومه حبا شديدا انحط سريعا إلى مكة وخشي أن يكون بين قريش حدث في أبي أزيهر فأتى ابنه وهو في الحديد في قومه من بني عبد مناف والمطيبين فأخذ الرمح من يده ثم ضرب به على رأسه ضربة هده منها ثم قال له قبحك الله أتريد أن تضرب قريشا بعضهم ببعض في رجل من دوس سنؤتيهم العقل إن قبلوه وأطفأ ذلك الأمر فانبعث حسان بن ثابت يحرض في دم أبي أزيهر ويعير أبا سفيان خفرته ويجبنه فقال § غدا أهل ضوجي ذي المجاز كليهما %~% وجار ابن حرب بالمغمس ما يغدو ولم يمنع العير الضروط ذماره وما منعت مخزاة والدها هند كساك هشام بن الوليد ثيابه فأبل وأخلف مثلها جددا بعد قضى وطرا منه فأصبح ماجدا وأصبحت رخوا ما تخب وما تعدو فلو أن أشياخا ببدر تشاهدوا لبل نعال القوم معتبط ورد فلما بلغ أبا سفيان قول حسان قال يريد حسان أن يضرب بعضنا ببعض في رجل من دوس بئس والله ما ظن ولما أسلم أهل الطائف كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في ربا الوليد الذي كان في ثقيف لما كان أبوه أوصاه به


HSNXV01P414D

قال ابن إسحاق فذكر لي بعض أهل العلم أن هؤلاء الآيات من تحريم ما بقي من الربا بأيدي الناس نزلن في ذلك من طلب خالد الربا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين إلى آخر القصة فيها ولم يكن في أبي أزيهر ثأر نعلمه حتى حجز الإسلام بين الناس إلا أن ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس فنزلوا على امرأة يقال لها أم غيلان مولاة لدوس وكانت تمشط النساء وتجهز العرائس فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر فقامت دونهم أم غيلان ونسوة معها حتى منعتهم فقال ضرار بن الخطاب في ذلك § جزى الله عنا أم غيلان صالحا ونسوتها إذ هن شعث عواطل فهن دفعن الموت بعد اقترابه وقد برزت للثائرين المقاتل دعت دعوة دوسا فسالت شعابها بعز وأدتها الشراج القوابل وعمرا جزاه الله خيرا فما ونى وما بردت منه لدي المفاصل فجردت سيفي ثم قمت بنصله وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل.


وفاة أبي طالب وخديجة *

HSNXV01P415I

قال ابن إسحاق وكان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم § في بيته أبا لهب والحكم بن العاص بن أمية وعقبة بن أبي معيط وعدي بن حمراء الثقفي وابن الأصداء الهذلي وكانوا جيرانه لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص فكان أحدهم فيما ذكر لي يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلي وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا يستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى كما حدثني عمر ابن عبد الله بن عروة بن الزبير عن عروة بن الزبير يخرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم على العود فيقف به على بابه ثم يقول يا بني عبد مناف أي جوار هذا ثم يلقيه في الطريق.


طمع المشركين في الرسول بعد وفاة أبي طالب وخديجة *
HSNXV01P416C

قال ابن إسحاق ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها وبهلك عمه أبي طالب وكان له عضدا وحرزا في أمره ومنعة وناصرا على قومه وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابا.


HSNXV01P416D

قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال لما نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك التراب دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك قال ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب.


المشركون عند أبي طالب لما ثقل به المرض يطلبون عهدا بينهم وبين الرسول *
HSNXV01P417B

قال ابن إسحاق ولما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله قالت قريش بعضها لبعض إن حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها فانطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا.


HSNXV01P417C

قال ابن إسحاق فحدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن بعض أهله عن ابن عباس قال مشوا إلى أبي طالب فكلموه وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف وأبو سفيان بن حرب في رجال من أشرافهم فقالوا يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك فادعه فخذ له منا وخذ لنا منه ليكف عنا ونكف عنه وليدعنا وديننا وندعه ودينه فبعث إليه أبو طالب فجاءه فقال يا بن أخي هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليعطوك وليأخذوا منك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم قال فقال أبو جهل نعم وأبيك وعشر كلمات قال تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه قال فصفقوا بأيديهم ثم قالوا أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحدا إن أمرك لعجب قال ثم قال بعضهم لبعض إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه قال ثم تفرقوا § فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله يا بن أخي ما رأيتك سألتهم شططا قال فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسلامه فجعل يقول له أي عم فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة قال فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قال يا بن أخي والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أني إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها لا أقولها إلا لأسرك بها قال فلما تقارب من أبي طالب الموت قال نظر العباس إليه يحرك شفتيه قال فأصغى إليه بأذنه قال فقال يا بن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمع قال وأنزل الله تعالى في الرهط الذين كانوا اجتمعوا إليه وقال لهم ما قال وردوا عليه ما ردوا ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق إلى قوله تعالى @QURS038A005_BEG أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب @QURS038A005_BEG @QURS038A006_BEG وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد @QURS038A006_BEG ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة § يعنون النصارى لقولهم إن الله ثالث ثلاثة .إن هذا إلا اختلاق ثم هلك أبو طالب.


سعي الرسول إلى ثقيف يطلب النصرة *

HSNXV01P419C

قال ابن إسحاق ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل فخرج إليهم وحده.


نزول الرسول بثلاثة من أشرافهم وتحريضهم عليه *
HSNXV01P419E

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل بن عمرو بن عمير ومسعود بن عمرو بن عمير وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه فقال له أحدهم هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك وقال الآخر أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خبر ثقيف وقد قال لهم فيما ذكر لي إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه فيذئرهم ذلك عليه.


عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل *

HSNXV01P422D

قال ابن إسحاق ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم إذا كانت على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين لهم الله ما بعثه به.


HSNXV01P422E

قال ابن إسحاق فحدثني من أصحابنا من لا أتهم عن زيد بن أسلم عن § ربيعة بن عباد الديلي أو من حدثه أبو الزناد عنه قال ابن هشام ربيعة ابن عباد.


HSNXV01P423B

قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال سمعت ربيعة بن عباد يحدثه أبي قال إني لغلام شاب مع أبي بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب فيقول يا بني فلان إني رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به قال وخلفه رجل أحول وضيء له غديرتان عليه حلة عدنية فإذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه قال ذلك الرجل يا بني فلان إن هذا إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه قال فقلت لأبي يا أبت من هذا الذي يتبعه ويرد عليه ما يقول قال هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب أبو لهب.


HSNXV01P424B

قال ابن إسحاق حدثنا ابن شهاب الزهري أنه أتى كندة في منازلهم وفيهم سيد لهم يقال له مليح فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فأبوا عليه.


عرض الرسول نفسه على بني كلب *
HSNXV01P424D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين أنه أتى كلبا في منازلهم إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبد الله فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه حتى إنه ليقول لهم يا بني عبد الله إن الله عز وجل قد أحسن اسم أبيكم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.


عرض الرسول نفسه على بني حنيفة *
HSNXV01P424F

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا عن عبد الله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حنيفة في منازلهم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردا منهم.


عرض الرسول نفسه على بني عامر *
HSNXV01P424H

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم يقال له بيحرة ابن فراس.


HSNXV01P424J

والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ثم قال أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم § أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك قال الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء قال فقال له أفتهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كانت أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا قال فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال يا بني عامر هل لها من تلاف هل لذناباها من مطلب والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط وإنها لحق فأين رأيكم كان عنكم.


عرض الرسول نفسه على العرب في المواسم *
HSNXV01P425C

قال ابن إسحاق فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمره كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من الله من الهدى والرحمة وهو لا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب له اسم وشرف إلا تصدى له فدعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده.


سويد بن صامت ورسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P425E

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ثم الظفري عن أشياخ من قومه قالوا قدم سويد بن صامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا § وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه وهو الذي يقول ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى مقالته بالغيب ساءك ما يفري مقالته كالشهد ما كان شاهدا وبالغيب مأثور على ثغرة النحر يسرك باديه وتحت أديمه نميمة غش تبتري عقب الظهر تبين لك العينان ما هو كاتم من الغل والبغضاء بالنظر الشزر فرشني بخير طالما قد بريتني فخير الموالي من يريش ولا يبري وهو الذي يقول ونافر رجلا من بني سليم ثم أحد بني زعب بن مالك مائة ناقة إلى كاهنة من كهان العرب فقضت له فانصرف عنها هو والسلمي ليس معهما غيرها فلما فرقت بينهما الطريق قال ما لي يا أخا بني سليم قال أبعث إليك به قال فمن لي بذلك إذا فتني به قال أنا قال كلا والذي نفس سويد بيده لا تفارقني حتى أوتى بمالي فاتخذا فضرب به الأرض ثم أوثقه رباطا ثم انطلق به إلى دار بني عمرو بن عوف فلم يزل عنده حتى بعثت إليه سليم بالذي له فقال في ذلك لا تحسبني يا بن زعب بن مالك كمن كنت تردي بالغيوب وتختل تحولت قرنا إذ صرعت بعزة كذلك إن الحازم المتحول § ضربت به إبط الشمال فلم يزل على كل حال خده هو أسفل في أشعار كثيرة كان يقولها فتصدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به فدعاه إلى الله وإلى الإسلام فقال له سويد فلعل الذي معك مثل الذي معي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما الذي معك قال مجلة لقمان يعني حكمة لقمان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اعرضها علي فعرضها عليه فقال له إن هذا لكلام حسن والذي معي أفضل من هذا قرآن أنزله الله تعالى علي هو هدى ونور فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ودعاه إلى الإسلام فلم يبعد منه وقال إن هذا لقول حسن ثم انصرف عنه فقدم المدينة على قومه فلم يلبث أن قتلته الخزرج فان كان رجال من قومه ليقولون إنا لنراه قد قتل وهو مسلم وكان قتله قبل يوم بعاث.


إسلام إياس بن معاذ وقصة أبي الحيسر *

HSNXV01P427C

قال ابن إسحاق وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن لبيد قال لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم هل لكم في خير مما جئتم له فقالوا له وما ذاك قال أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وأنزل علي الكتاب قال ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن قال فقال إياس § ابن معاذ وكان غلاما حدثا أي قوم هذا والله خير مما جئتم له قال فيأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من تراب البطحاء فضرب بها وجه إياس ابن معاذ وقال دعنا منك فلعمري لقد جئنا لغير هذا قال فصمت إياس وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وانصرفوا إلى المدينة وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج قال ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك قال محمود بن لبيد فأخبرني من حضره من قومه عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله تعالى ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات فما كانوا يشكون أن قد مات مسلما لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع.


بدء إسلام الأنصار *

HSNXV01P428D

قال ابن إسحاق فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا.


HSNXV01P428E

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم من أنتم قالوا نفر من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن قال وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان وكانوا قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم إن § نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك وتعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا.


أسماء الرهط الخزرجيين الذين التقوا بالرسول عند العقبة *
HSNXV01P429C

قال ابن إسحاق وهم فيما ذكر لي ستة نفر من الخزرج منهم من بني النجار وهو تيم الله ثم من بني مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن عمرو بن عامر أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو أبو أمامة وعوف بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهو ابن عفراء.


HSNXV01P429E

قال ابن إسحاق ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك ابن غضب بن جشم بن الخزرج رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق.


HSNXV01P430B

قال ابن إسحاق ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن ساردة بن تزيد ابن جشم بن الخزرج ثم من بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة ابن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم بن سواد.


HSNXV01P430D

قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام ومن بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة جابر بن عبد الله ابن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم § حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة قال وهي العقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب منهم من بني النجار ثم من بني مالك بن النجار أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو أبو أمامة وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهما ابنا عفراء ومن بني زريق بن عامر رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق.


HSNXV01P431I

ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج وهم القواقل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم § ابن فهر بن ثعلبة بن غنم وأبو عبد الرحمن وهو يزيد بن ثعلبة بن خزمة ابن أصرم بن عمرو بن عمارة من بني غصينة من بلي حليف لهم.


HSNXV01P432F

قال ابن إسحاق ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج ثم من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن سلمة عقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة بن عامر بن حديدة ابن عمرو بن غنم بن سواد § وشهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أبو الهيثم بن التيهان واسمه مالك.


HSNXV01P433E

ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس عويم بن ساعدة.


عهد الرسول على مبايعي العقبة *
HSNXV01P433G

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض الحرب على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر.


HSNXV01P434A

قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن عائذ الله بن عبد الله الخولاني أبي إدريس أن عبادة بن الصامت حدثه أنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر.


إرسال الرسول مصعبا مع وفد العقبة *
HSNXV01P434C

قال ابن إسحاق فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين فكان يسمى المقرئ بالمدينة مصعب وكان منزله على أسعد بن زرارة بن عدس أبي أمامة.


HSNXV01P434D

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه كان يصلي بهم وذلك § أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض.


أول جمعة أقيمت بالمدينة *

HSNXV01P435D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أبي أمامة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت قائد أبي كعب ابن مالك حين ذهب بصره فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فمكث حينا على ذلك لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلى عليه واستغفر له قال فقلت في نفسي والله إن هذا بي لعجز ألا أسأله ما له إذا سمع الأذان للجمعة صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فخرجت به في يوم جمعة كما كنت أخرج فلما سمع الأذان للجمعة صلى عليه واستغفر له قال فقلت له يا أبت ما لك إذا سمعت الأذان للجمعة صليت على أبي أمامة قال فقال أي بني كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرة بني بياضة يقال له نقيع الخضمات قال قلت وكم أنتم يومئذ قال أربعون رجلا.


أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير وإسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير *
HSNXV01P435F

قال ابن إسحاق وحدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقب وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر وكان سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن خالة أسعد بن زرارة فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر.


HSNXV01P436A

قالا على بئر يقال لها بئر مرق فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه فلما سمعا به قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير لا أبا لك انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما قال فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد ابن زرارة قال لمصعب بن عمير هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه قال مصعب إن يجلس أكلمه قال فوقف عليهما متشتما فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أوتجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره قال أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فو الله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك قال فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة § من يده ثم قال والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارينا بما نكره وقد قال أسعد ابن زرارة لمصعب بن عمير أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان قال فقال له مصعب أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين قالا تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين قال فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير قال فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا وأوصلنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله قالا فو الله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وهم من الأوس بن حارثة وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت وهو صيفي وكان شاعرا لهم قائدا يستمعون منه ويطيعونه فوقف بهم عن § الإسلام فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق وقال فيما رأى من الإسلام وما اختلف الناس فيه من أمره أرب الناس أشياء ألمت يلف الصعب منها بالذلول أرب الناس أما إذ ضللنا فيسرنا لمعروف السبيل فلولا ربنا كنا يهودا وما دين اليهود بذي شكول ولولا ربنا كنا نصارى مع الرهبان في جبل الجليل ولكنا خلقنا إذ خلقنا حنيفا ديننا عن كل جيل نسوق الهدي ترسف مذعنات مكشفة المناكب في الجلول.


أمر العقبة الثانية *

HSNXV01P438E

قال ابن إسحاق ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وأهله.


البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة *
HSNXV01P439B

قال ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أخو بني سلمة أن أخاه عبد الله بن كعب وكان من أعلم الأنصار حدثه أن أباه كعبا حدثه وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا فلما وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء لنا يا هؤلاء إني قد رأيت رأيا فو الله ما أدري أتوافقونني عليه أم لا قال قلنا وما ذاك قال قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر يعني الكعبة وأن أصلي إليها قال فقلنا والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه قال فقال إني لمصل إليها قال فقلنا له لكنا لا نفعل قال فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة حتى قدمنا مكة قال وقد كنا عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الإقامة على ذلك فلما قدمنا مكة قال لي يا بن أخي انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه قال فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل تعرفانه فقلنا لا قال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه قال قلنا نعم قال وقد كنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا قال فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس معه فسلمنا ثم § جلسنا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال فو الله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لشاعر قال نعم قال فقال له البراء بن معرور يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وقد هداني الله للإسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء فماذا ترى يا رسول الله قال قد كنت على قبلة لو صبرت عليها قال فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معنا إلى الشام قال وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات وليس ذلك كما قالوا نحن أعلم به منهم.


إسلام عبد الله بن عمرو *
HSNXV01P440D

قال ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب أن أخاه عبد الله بن كعب حدثه أن أباه كعب بن مالك حدثه قال كعب ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق قال فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ومعنا عبد الله بن عمرو § ابن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا أخذناه معنا وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا له يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة قال فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا قال فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لمعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل تسلل القطا مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائنا نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي إحدى نساء بني سلمة وهي أم منيع قال فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب فقال يا معشر الخزرج قال وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج خزرجها وأوسها إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه فهو في عز من قومه ومنعة في بلده وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك وإن § كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده قال فقلنا له قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت قال فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر قال فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها يعني اليهود فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم.


HSNXV01P443B

قال كعب بن مالك وقد كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.


أسماء النقباء الاثني عشر وتمام خبر العقبة *

HSNXV01P443E

قال ابن هشام من الخزرج فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد ابن إسحاق المطلبي أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج وسعد ابن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحارث بن الخزرج وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحادث بن الخزرج ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر ابن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج والبراء § ابن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج وعبادة ابن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج.


HSNXV01P444C

قال ابن إسحاق وسعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة ابن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج.


نقباء الأوس *
HSNXV01P444F

ومن الأوس أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس ابن زيد بن عبد الأشهل وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس ورفاعة بن عبد المنذر بن زبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو ابن عوف بن مالك بن الأوس.


HSNXV01P446A

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنقباء أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي يعني المسلمين قالوا نعم.


كلمة العباس بن عبادة في الخزرج قبل المبايعة *
HSNXV01P446C

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل قالوا نعم قال إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك قال الجنة قالوا ابسط يدك فبسط يده فبايعوه وأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال والله ما قال ذلك العباس إلا ليشد العقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أعناقهم وأما عبد الله بن أبي بكر فقال ما قال ذلك العباس إلا ليؤخر القوم تلك الليلة رجاء أن يحضرها عبد الله بن أبي ابن سلول فيكون أقوى لأمر القوم فالله أعلم أي ذلك كان.


أول من ضرب على يد الرسول في بيعة العقبة الثانية *
HSNXV01P447B

قال ابن إسحاق فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الأشهل يقولون بل أبو الهيثم بن التيهان.


HSNXV01P447C

قال ابن إسحاق فأما معبد بن كعب بن مالك فحدثني في حديثه عن أخيه عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم بايع بعد القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط يا أهل الجباجب والجباجب المنازل هل لكم في مذمم والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب.


HSNXV01P447E

أتسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفضوا إلى رحالكم قال § فقال له العباس بن عبادة بن نضلة والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم قال فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا قال فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم قال فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه قال وقد صدقوا لم يعلموه قال وبعضنا ينظر إلى بعض قال ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان له جديدان قال فقلت له كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا يا أبا جابر أما تستطيع أن تتخذ وأنت سيد من ساداتنا مثل نعلي هذا الفتى من قريش قال فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلي وقال والله لتنتعلنهما قال يقول أبو جابر مه أحفظت والله الفتى فاردد إليه نعليه قال قلت والله لا أردهما فأل والله صالح لئن صدق الفأل لأسلبنه.


HSNXV01P448D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنهم أتوا عبد الله بن أبي § ابن سلول فقالوا له مثل ما قال كعب من القول فقال لهم والله إن هذا الأمر جسيم ما كان قومي ليتفوتوا علي بمثل هذا وما علمته كان قال فانصرفوا عنه قال ونفر الناس من منى فتنطس القوم الخبر فوجدوه قد كان وخرجوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر والمنذر بن عمرو أخا بني ساعدة بن كعب بن الخزرج وكلاهما كان نقيبا فأما المنذر فأعجز القوم وأما سعد فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه بجمته وكان ذا شعر كثير قال سعد فو الله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش فيهم رجل وضيء أبيض شعشاع حلو من الرجال قال فقلت في نفسي إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا قال فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة قال فقلت في نفسي لا والله § ما عندهم بعد هذا من خير قال فو الله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ويحك أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد قال قلت بلى والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف تجارة وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي وللحارث ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف قال ويحك فاهتف باسم الرجلين واذكر ما بينك وبينهما قال ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما فوجدهما في المسجد عند الكعبة فقال لهما إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينه وبينكما جوارا قالا ومن هو قال سعد بن عبادة قالا صدق والله إن كان ليجير لنا تجارنا ويمنعهم أن يظلموا ببلده قال فجاءا فخلصا سعدا من أيديهم فانطلق وكان الذي لكم سعدا سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي.


HSNXV01P450C

قال ابن إسحاق وكان أول شعر قيل في الهجرة بيتين قالهما ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر فقال تداركت سعدا عنوة فأخذته § وكان شفاء لو تداركت منذرا ولو نلته طلت هناك جراحه وكانت حريا أن يهان ويهدرا.


HSNXV01P451C

قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت فيهما فقال لست إلى سعد ولا المرء منذر إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا فلولا أبو وهب لمرت قصائد على شرف البرقاء يهوين حسرا أتفخر بالكتان لما لبسته وقد تلبس الأنباط ريطا مقصرا فلا تك كالوسنان يحلم أنه بقرية كسرى أو بقرية قيصرا ولا تك كالثكلى وكانت بمعزل عن الثكل لو كان الفؤاد تفكرا ولا تك كالشاة التي كان حتفها بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا ولا تك كالعاوي فأقبل نحره ولم يخشه سهما من النبل مضمرا § فإنا ومن يهدي القصائد نحونا كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك منهم عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم ابن كعب بن سلمة وكان ابنه معاذ بن عمرو شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وكان عمرو بن الجموح سيدا من سادات بني سلمة وشريفا من أشرافهم وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له مناة كما كانت الأشراف يصنعون تتخذه إلها تعظمه وتطهره فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل وابنه معاذ بن عمرو بن الجموح في فتيان منهم ممن أسلم وشهد العقبة كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه فإذا أصبح عمرو قال ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة قال ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ثم قال أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى فيغسله ويطهره ويطيبه ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مثل ذلك فلما أكثروا عليه § استخرجه من حيث ألقوه يوما فغسله وطهره وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك فلما أمسى ونام عمرو عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر من عذر الناس ثم غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت فلما رآه وأبصر شأنه وكلمه من أسلم من رجال قومه فأسلم برحمة الله وحسن إسلامه فقال حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن أف لملقاك إلها مستدن الآن فتشناك عن سوء الغبن الحمد لله العلي ذي المنن الواهب الرزاق ديان الدين هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مرتهن بأحمد المهدي النبي المرتهن.


شروط البيعة في العقبة الأخيرة *

HSNXV01P454B

قال ابن إسحاق وكانت بيعة الحرب حين أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال شروطا سوى شرطه عليهم في العقبة الأولى كانت الأولى على بيعة النساء وذلك أن الله تعالى لم يكن أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في الحرب فلما أذن الله له فيها وبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الأخيرة على حرب الأحمر والأسود أخذ لنفسه واشترط على القوم لربه وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة.


HSNXV01P454C

قال ابن إسحاق فحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه الوليد عن جده عبادة بن الصامت وكان أحد النقباء قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب وكان عبادة من الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى على بيعة النساء على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.


أسماء من شهد العقبة *

HSNXV01P454F

قال ابن إسحاق وهذا تسمية من شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها من الأوس والخزرج وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين شهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل ابن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أسيد § ابن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل نقيب لم يشهد بدرا وأبو الهيثم بن التيهان واسمه مالك شهد بدرا وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل شهد بدرا ثلاثة نفر.


HSNXV01P455C

قال ابن إسحاق ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة وأبو بردة بن نيار واسمه هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم ابن ذبيان بن هميم بن كامل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لهم شهد بدرا ونهير بن الهيثم من بني نابي بن مجدعة ابن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس ثم § من آل السواف بن قيس بن عامر بن نابي بن مجدعة بن حارثة ثلاثة نفر ومن بني عمرو بن عوف مالك بن الأوس سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس ابن مالك بن الأوس نقيب شهد بدرا فقتل به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا.


HSNXV01P456E

قال ابن إسحاق ورفاعة بن عبد المنذر بن زنبر بن زيد بن أمية بن زيد ابن مالك بن عوف بن عمرو نقيب شهد بدرا وعبد الله بن جبير بن النعمان ابن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة.


HSNXV01P456G

قال ابن إسحاق ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة حليف لهم من بلي شهد بدرا وأحدا والخندق ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها قتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعويم بن ساعدة شهد بدرا وأحدا والخندق خمسة نفر فجميع من شهد العقبة من الأوس أحد عشر رجلا وشهدها من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو أيوب وهو خالد بن زيد § ابن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مات بأرض الروم غازيا في زمن معاوية بن أبي سفيان ومعاذ بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها وهو ابن عفراء وأخوه عوف بن الحارث شهد بدرا وقتل به شهيدا وهو لعفراء وأخوه معوذ بن الحارث شهد بدرا وقتل به شهيدا وهو الذي قتل أبا جهل بن هشام بن المغيرة وهو لعفراء.


HSNXV01P457C

وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها قتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة ابن غنم بن مالك بن النجار نقيب مات قبل بدر ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبنى وهو أبو أمامة ستة نفر ومن بني عمرو بن مبذول ومبذول عامر بن مالك بن النجار سهل ابن عتيك بن نعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو شهد بدرا رجل.


HSNXV01P457E

أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار شهد بدرا وأبو طلحة وهو زيد بن سهل § ابن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار شهد بدرا رجلان ومن بني مازن بن النجار قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن شهد بدرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله على الساقة يومئذ وعمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن رجلان فجميع من شهد العقبة من بني النجار أحد عشر رجلا.


HSNXV01P458G

قال ابن إسحاق ومن بلحارث بن الخزرج سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث نقيب شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وخارجة بن زيد ابن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحارث شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وعبد الله بن رواحة ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث نقيب شهد بدرا وأحدا والخندق ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها إلا الفتح وما بعده وقتل يوم مؤتة شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث أبو النعمان § ابن بشير شهد بدرا وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد الله بن زيد مناة ابن الحارث بن الخزرج شهد بدرا وهو الذي أري النداء للصلاة فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو ابن حارثة بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج شهد بدرا وأحدا والخندق وقتل يوم بني قريظة شهيدا طرحت عليه رحى من أطم من أطامها فشدخته شدخا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون إن له لأجر شهيدين وعقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة ابن عسيرة بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج وهو أبو مسعود وكان أحدث من شهد العقبة سنا مات في أيام معاوية لم يشهد بدرا سبعة نفر ومن بني بياضة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية ابن بياضة شهد بدرا وفروة بن عمرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة شهد بدرا.


HSNXV01P460A

قال ابن إسحاق وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة شهد بدرا ثلاثة نفر ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم ابن الخزرج رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق نقيب وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق وكان خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه بمكة وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فكان يقال له مهاجري أنصاري شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وعباد بن قيس بن عامر بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق شهد بدرا والحارث بن قيس بن خالد بن مخلد بن عامر بن زريق وهو أبو خالد شهد بدرا أربعة نفر ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة البراء بن معرور ابن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم نقيب وهو الذي تزعم § بنو سلمة أنه كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط له واشترط عليه ثم توفي قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وابنه بشر بن البراء بن معزور شهد بدرا وأحدا والخندق ومات بخيبر من أكلة أكلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة التي سم فيها وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأل بني سلمة من سيدكم يا بني سلمة فقالوا الجد بن قيس على بخله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي داء أكبر من البخل سيد بني سلمة الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور وسنان بن صيفى بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا وقتل يوم الخندق شهيدا والطفيل بن النعمان بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا وقتل يوم الخندق شهيدا ومعقل بن المنذر بن سرح ابن خناس بن سنان بن عبيد شهد بدرا و أخوه يزيد بن المنذر شهد بدرا ومسعود بن يزيد بن سبيع بن خنساء بن سنان بن عبيد والضحاك ابن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد شهد بدرا ويزيد بن حرام بن سبيع بن خنساء بن سنان بن عبيد وجبار بن صخر بن أمية بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا.


HSNXV01P462A

قال ابن إسحاق والطفيل بن مالك بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا أحد عشر رجلا ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني كعب بن سواد كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب رجل ومن بني غنم بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة سليم بن عمرو بن حديدة ابن عمرو بن غنم شهد بدرا وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم شهد بدرا و أخوه يزيد بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم وهو أبو المنذر شهد بدرا وأبو اليسر واسمه كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو ابن غنم شهد بدرا وصيفي بن سواد بن عباد بن عمرو بن غنم خمسة نفر.


HSNXV01P463B

قال ابن إسحاق ومن بني نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثعلبة بن غنمة بن عدي بن نابي شهد بدرا وقتل بالخندق شهيدا وعمرو ابن غنمة بن عدي بن نابي وعبس بن عامر بن عدي بن نابي شهد بدرا وعبد الله بن أنيس حليف لهم من قضاعة وخالد بن عمرو بن عدي بن نابي خمسة نفر.


HSNXV01P463D

قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام نقيب شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وابنه جابر بن عبد الله ومعاذ بن عمرو بن الجموح بن يزيد بن حرام شهد بدرا وثابت بن الجذع والجذع ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام شهد بدرا وقتل بالطائف شهيدا وعمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن حرام شهد بدرا.


HSNXV01P463F

قال ابن إسحاق وخديج بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر حليف لهم من بلي ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد بن علي بن أسد ويقال أسد بن ساردة § ابن تزيد بن جشم بن الخزرج وكان في بني سلمة شهد بدرا والمشاهد كلها ومات بعمواس عام الطاعون بالشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإنما ادعته بنو سلمة أنه كان أخا سهل بن محمد بن الجد بن قيس بن صخر ابن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة لأمه سبعة نفر.


HSNXV01P464D

قال ابن إسحاق ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني سالم بن عوف بن عمرو ابن عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة ابن غنم بن سالم بن عوف نقيب شهد بدرا والمشاهد كلها.


HSNXV01P464F

قال ابن إسحاق والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فأقام معه بها فكان يقال له مهاجري أنصاري وقتل يوم أحد شهيدا § وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة حليف لهم من بني غصينة من بلي وعمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة أربعة نفر وهم القواقل ومن بني سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج وهم بنو الحبلي.


HSNXV01P465E

لعظم بطنه رفاعة ابن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم بن غنم شهد بدرا وهو أبو الوليد.


HSNXV01P465G

قال ابن إسحاق وعقبة بن وهب بن كلدة بن الجعد بن هلال بن الحارث ابن عمرو بن عدي بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان حليف لهم شهد بدرا وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا من المدينة إلى مكة فكان يقال له مهاجري أنصاري.


HSNXV01P466B

قال ابن إسحاق ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة نقيب والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة ابن جشم بن الخزرج بن ساعدة نقيب شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان يقال له أعنق ليموت رجلان.


HSNXV01P466D

قال ابن إسحاق فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان منهم يزعمون أنهما قد بايعتا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء إنما كان يأخذ عليهن فإذا أقررن قال اذهبن فقد بايعتكن ومن بني مازن بن النجار نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف من مبذول ابن عمرو بن غنم بن مازن وهي أم عمارة كانت شهدت الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معها أختها وزوجها زيد بن عاصم بن كعب وابناها حبيب بن زيد وعبد الله بن زيد وابنها حبيب الذي أخذه مسيلمة الكذاب الحنفي صاحب اليمامة فجعل يقول له أتشهد أن محمدا رسول الله فيقول نعم فيقول أفتشهد أني رسول الله فيقول لا أسمع فجعل يقطعه عضوا عضوا حتى مات في يده لا يزيده على ذلك إذا ذكر له § رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به وصلى عليه وإذا ذكر له مسيلمة قال لا أسمع فخرجت إلى اليمامة مع المسلمين فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله مسيلمة ورجعت وبها اثنا عشر جرحا من بين طعنة وضربة قال ابن إسحاق حدثني هذا الحديث عنها محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ومن بني سلمة أم منيع واسمها أسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة.


نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال *

HSNXV01P467F

بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد ابن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم فهم من بين مفتون في دينه ومن بين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فرارا منهم منهم من بأرض الحبشة ومنهم من بالمدينة وفي كل وجه فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال لمن بغى عليهم فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء قول الله تبارك وتعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا § الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور أي أني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظلموا ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إلا أن يعبدوا الله وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون الدين لله أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره.


ذكر المهاجرين إلى المدينة

HSNXV01P468C

قال ابن إسحاق فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في الحرب وبايعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه وأوى إليهم من المسلمين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار وقال إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا أرسالا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم واسمه عبد الله هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة فلما آذته قريش وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار خرج إلى المدينة مهاجرا.


HSNXV01P469A

قال ابن إسحاق فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن سلمة بن عبد الله بن عمر ابن أبي سلمة عن جدته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري ثم خرج بي يقود بي بعيره فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتك هذه علام نتركك تسير بها في البلاد قالت فنزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه قالت وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبي سلمة فقالوا لا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا قالت فتجاذبوا بني سلمة بينهم حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة قالت ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني قالت فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسى سنة أو قريبا منها حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة ألا تخرجون هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها قالت فقالوا لي الحقي بزوجك إن شئت قالت ورد بنو عبد الأسد إلي عند ذلك ابني قالت فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة قالت وما معي أحد من خلق الله قالت فقلت أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم علي زوجي حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار فقال لي إلى أين يا بنت أبي أمية قالت فقلت أريد زوجي بالمدينة قال أوما معك أحد قالت فقلت لا والله إلا الله وبني هذا قال والله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوى بى فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني حتى إذا نزلت استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة ثم تنحى § عني إلى شجرة فاضطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ثم استأخر عني وقال اركبي فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال زوجك في هذه القرية وكان أبو سلمة بها نازلا فادخليها على بركة الله ثم انصرف راجعا إلى مكة قال فكانت تقول والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة.


هجرة عامر وزوجه وهجرة بني جحش *
HSNXV01P470C

قال ابن إسحاق ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة عامر ابن ربيعة حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عدي بن كعب ثم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس احتمل بأهله وبأخيه عبد بن جحش وهو أبو أحمد وكان أبو أحمد رجلا ضرير البصر وكان يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد وكان شاعرا وكانت عنده الفرعة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم فغلقت دار بني جحش هجرة فمر بها عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبو جهل بن هشام بن المغيرة وهي دار أبان § ابن عثمان اليوم التي بالردم وهم مصعدون إلى أعلى مكة فنظر إليها عتبة بن ربيعة تخفق أبوابها يبابا ليس فيها ساكن فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ثم قال وكل دار وإن طالت سلامتها يوما ستدركها النكباء والحوب.


HSNXV01P471C

قال ابن إسحاق ثم قال عتبة بن ربيعة أصبحت دار بني جحش خلاء من أهلها فقال أبو جهل وما تبكي عليه من قل بن قل.


HSNXV01P471E

قال ابن إسحاق ثم قال هذا عمل ابن أخي هذا فرق جماعتنا وشتت أمرنا وقطع بيننا فكان منزل أبي سلمة بن عبد الأسد وعامر بن ربيعة § وعبد الله بن جحش وأخيه أبي أحمد بن جحش على مبشر بن عبد المنذر بن زنبر بقباء في بني عمرو بن عوف ثم قدم المهاجرون أرسالا وكان بنو غنم ابن دودان أهل إسلام قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساءهم عبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد ابن جحش وعكاشة بن محصن وشجاع وعقبة ابنا وهب وأربد ابن حميرة.


هجرة قوم شتى *
HSNXV01P472D

قال ابن إسحاق ومنقذ بن نباتة وسعيد بن رقيش ومحرز بن نضلة ويزيد بن رقيش وقيس بن جابر وعمرو بن محصن ومالك بن عمرو وصفوان بن عمرو وثقف بن عمرو وربيعة بن أكثم والزبير بن عبيد وتمام بن عبيدة وسخبرة بن عبيدة ومحمد بن عبد الله بن جحش ومن نسائهم زينب بنت جحش وأم حبيب بنت جحش وجذامة بنت جندل وأم قيس بنت محصن وأم حبيب بنت ثمامة وآمنة بنت رقيش وسخبرة بنت تميم وحمنة بنت جحش وقال أبو أحمد بن جحش بن رئاب وهو يذكر هجرة بني أسد بن خزيمة من قومه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وإيعابهم في ذلك حين دعوا إلى الهجرة ولو حلفت بين الصفا أم أحمد ومروتها بالله برت يمينها § لنحن الألى كنا بها ثم لم نزل بمكة حتى عاد غثا سمينها بها خيمت غنم بن دودان وابتنت وما إن غدت غنم وخف قطينها إلى الله تغدو بين مثنى وواحد ودين رسول الله بالحق دينها وقال أبو أحمد بن جحش أيضا لما رأتني أم أحمد غاديا بذمة من أخشى بغيب وأرهب تقول فإما كنت لا بد فاعلا فيمم بنا البلدان ولتنأ يثرب فقلت لها بل يثرب اليوم وجهنا وما يشإ الرحمن فالعبد يركب إلى الله وجهي والرسول ومن يقم إلى الله يوما وجهه لا يخيب فكم قد تركنا من حميم مناصح وناصحة تبكي بدمع وتندب ترى أن وترا نأينا عن بلادنا ونحن نرى أن الرغائب نطلب دعوت بني غنم لحقن دمائهم وللحق لما لاح للناس ملحب أجابوا بحمد الله لما دعاهم إلى الحق داع والنجاح فأوعبوا وكنا وأصحابا لنا فارقوا الهدى أعانوا علينا بالسلاح وأجلبوا كفوجين أما منهما فموفق على الحق مهدي وفوج معذب طغوا وتمنوا كذبة وأزلهم عن الحق إبليس فخابوا وخيبوا § ورعنا إلى قول النبي محمد فطاب ولاة الحق منا وطيبوا نمت بأرحام إليهم قريبة ولا قرب بالأرحام إذ لا نقرب فأي ابن أخت بعدنا يأمننكم وأية صهر بعد صهري ترقب ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا وزيل أمر الناس للحق أصوب.


هجرة عمر وقصة عياش معه *

HSNXV01P474E

قال ابن إسحاق ثم خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة المخزومي حتى قدما المدينة فحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب قال اتعدت لما أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف وقلنا أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه قال فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب وحبس عنا هشام وفتن فافتتن فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء وخرج أبو جهل بن هشام § والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فكلماه وقالا إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك فرق لها فقلت له يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم فو الله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت قال فقال أبر قسم أمي ولي هنالك مال فآخذه قال فقلت والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهما قال فأبى علي إلا أن يخرج معهما فلما أبى إلا ذلك قال قلت له أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها فخرج عليها معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل يا بن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبني على ناقتك هذه قال بلى قال فأناخ وأناخا ليتحول عليها فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن.


HSNXV01P475B

قال ابن إسحاق فحدثني به بعض آل عياش بن أبي ربيعة أنهما حين دخلا به مكة دخلا به نهارا موثقا ثم قالا يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.


كتاب عمر إلى هشام بن العاصي *
HSNXV01P475D

قال ابن إسحاق وحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر في حديثه قال فكنا نقول ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم قال وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب § ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون قال عمر بن الخطاب فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال فقال هشام بن العاصي فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوب ولا أفهمها حتى قلت اللهم فهمنيها قال فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا قال فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.


منازل المهاجرين بالمدينة *

HSNXV01P476F

قال ابن إسحاق ونزل عمر بن الخطاب حين قدم المدينة ومن لحق به من أهله وقومه وأخوه زيد بن الخطاب وعمرو وعبد الله ابنا سراقة بن المعتمر وخنيس § ابن حذافة السهمي وكان صهره على ابنته حفصة بنت عمر فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وواقد بن عبد الله التميمي حليف لهم وخولي بن أبي خولي ومالك بن أبي خولي حليفان لهم.


HSNXV01P477C

قال ابن إسحاق وبنو البكير أربعتهم إياس بن البكير وعاقل بن البكير وعامر بن البكير وخالد بن البكير وحلفاؤهم من بني سعد بن ليث على رفاعة ابن عبد المنذر بن زنبر في بني عمرو بن عوف بقباء وقد كان منزل عياش بن أبي ربيعة معه عليه حين قدما المدينة ثم تتابع المهاجرون فنزل طلحة بن عبيد الله بن عثمان وصهيب بن سنان على خبيب بن إساف أخي بلحارث بن الخزرج بالسنح ويقال بل نزل طلحة بن عبيد الله على أسعد بن زرارة أخي بني النجار.


منزل حمزة وزيد وأبي مرثد وابنه وأنسة وأبي كبشة *
HSNXV01P478B

قال ابن إسحاق ونزل حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأبو مرثد كناز بن حصن.


HSNXV01P478D

وابنه مرثد الغنويان حليفا حمزة ابن عبد المطلب وأنسة وأبو كبشة موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف بقباء ويقال بل نزلوا على سعد بن خيثمة ويقال بل نزل حمزة بن عبد المطلب على أسعد بن زرارة أخي بني النجار كل ذلك يقال ونزل عبيدة بن الحارث بن المطلب وأخوه الطفيل بن الحارث والحصين ابن الحارث ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب وسويبط بن سعد بن حريملة أخو بني عبد الدار وطليب بن عمير أخو بني عبد بن قصي وخباب مولى عتبة بن غزوان على عبد الله بن سلمة أخي بلعجلان بقباء § ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع أخي بلحارث بن الخزرج في دار بلحارث بن الخزرج ونزل الزبير بن العوام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على منذر ابن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بالعصبة دار بني جحجبى ونزل مصعب بن عمير بن هاشم أخو بني عبد الدار على سعد بن معاذ بن النعمان أخي بني عبد الأشهل في دار بني عبد الأشهل ونزل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسالم مولى أبي حذيفة.


HSNXV01P479J

قال ابن إسحاق ونزل عتبة بن غزوان بن جابر على عباد بن بشر بن وقش أخي بني عبد الأشهل في دار عبد الأشهل ونزل عثمان بن عفان على أوس بن ثابت بن المنذر أخي حسان بن ثابت في دار بني النجار فلذلك كان حسان يحب عثمان ويبكيه حين قتل § وكان يقال نزل الأعزاب من المهاجرين على سعد بن خيثمة وذلك أنه كان عزبا فالله أعلم أي ذلك كان.


كتاب المغازي

هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P480D

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا فيطمع أبو بكر أن يكونه.


اجتماع الملأ من قريش وتشاورهم في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P480F

قال ابن إسحاق ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه.


HSNXV01P480G

قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبير أبي الحجاج وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل § عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش من بني عبد شمس عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وأبو سفيان بن حرب ومن بني نوفل بن عبد مناف طعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر بن نوفل ومن بني عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة ومن بني أسد بن عبد العزى أبو البختري ابن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام ومن بني مخزوم أبو جهل بن هشام ومن بني سهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج ومن بني جمح أمية بن خلف ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش فقال بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا قال فتشاوروا ثم قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم فقال الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم § دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ثم قال قائل منهم نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا أخرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت فقال الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا قال فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا وما هو يا أبا الحكم قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم قال فقال الشيخ النجدي القول ما قال الرجل هذا الرأي الذي لا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه قال فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسج ببردي هذا § الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.


HSNXV01P483B

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها قال وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال أنا أقول ذلك أنت أحدهم وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم إلى قوله فأغشيناهم فهم لا يبصرون حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون هاهنا قالوا محمدا قال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش فقالوا والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.


ما نزل من القرآن في تربص المشركين بالنبي *
HSNXV01P484B

HSNXV01P484D

قال ابن إسحاق وأذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عند ذلك في الهجرة.


طمع أبي بكر في أن يكون صاحب النبي في الهجرة وما أعد لذلك *
HSNXV01P484F

قال ابن إسحاق وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك.


حديث هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة *
HSNXV01P484H

قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول § الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عني من عندك فقال يا رسول الله إنما هما ابنتاي وما ذاك فداك أبي وأمي فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة قالت فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ثم قال يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا فاستأجرا عبد الله بن أرقط رجلا من بني الدئل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.


من كان يعلم بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P485C

قال ابن إسحاق ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.


قصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الغار *
HSNXV01P485E

قال ابن إسحاق فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر ابن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمد إلى غار بثور جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما يأتيهما إذا أمسى في الغار وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما.


ابنا أبي بكر وابن فهيرة يقومون بشئون الرسول وصاحبه وهما في الغار *
HSNXV01P486C

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما بسفرتهما ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام فتحل نطاقها فتجعله عصاما ثم علقتها به فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاق لذلك.


أبو بكر يقدم راحلة للرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P486F

قال ابن إسحاق فلما قرب أبو بكر رضي الله عنه الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما ثم قال اركب فداك أبي وأمي § فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أركب بعيرا ليس لي قال فهي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال لا ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به قال كذا وكذا قال قد أخذتها به قال هي لك يا رسول الله فركبا وانطلقا وأردف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عامر بن فهيرة مولاه خلفه ليخدمهما في الطريق.


ضرب أبي جهل لأسماء *
HSNXV01P487C

قال ابن إسحاق فحدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل ابن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا بنت أبي بكر قالت قلت لا أدري والله أين أبي قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي قالت ثم انصرفوا فمكثنا ثلاث ليال وما ندري أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر ثم تروحا فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد.


HSNXV01P488B

قال ابن إسحاق قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وعامر ابن فهيرة مولى أبي بكر وعبد الله بن أرقط دليلهما.


أبو قحافة وأسماء بعد هجرة أبي بكر *
HSNXV01P488E

قال ابن إسحاق فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه قالت قلت كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا قالت فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت يا أبت ضع يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك.


سراقة وركوبه في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P489B

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم قال فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا حتى وقف علينا فقال والله لقد رأيت ركبه ثلاثة مروا علي آنفا إني لأراهم محمدا وأصحابه قال فأومأت إليه بعيني أن اسكت ثم قلت إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم قال لعله ثم سكت قال ثم مكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي ثم أمرت بفرسي فقيد لي إلى بطن الوادي وأمرت بسلاحي فأخرج لي من دبر حجرتي ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم انطلقت فلبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال وكنت أرجو أن أرده على قريش فآخذ المائة الناقة قال فركبت على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه قال فقلت ما هذا قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال فأبيت إلا أن أتبعه قال فركبت في أثره فبينا فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه قال فقلت ما هذا قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال فأبيت إلا أن أتبعه فركبت في أثره فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي فذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار قال فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني وأنه ظاهر قال فناديت القوم فقلت أنا سراقة بن جعشم انظرونى أكلمكم فو الله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء § تكرهونه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر قل له وما تبتغي منا قال فقال ذلك أبو بكر قال قلت تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك قال اكتب له يا أبا بكر قال فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خزفة ثم ألقاه إلي فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف خرجت ومعي الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرانة قال فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار قال فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك إليك ماذا تريد قال فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة قال فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت يا رسول الله هذا كتابك لي أنا سراقة بن جعشم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاء وبر ادنه قال فدنوت منه فأسلمت ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره إلا أني قلت يا رسول الله الضالة من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لإبلي هل لي من أجر في أن أسقيها قال نعم في كل ذات كبد حرى أجر قال ثم رجعت إلى قومي فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي.


طريقه صلى الله عليه وسلم في هجرته *
HSNXV01P491D

قال ابن إسحاق فلما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط سلك بهما أسفل مكة ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عسفان ثم سلك بهما على أسفل أمج ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قديدا ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار ثم سلك بهما ثنية المرة ثم سلك بهما لقفا.


HSNXV01P491F

قال ابن إسحاق ثم أجاز بهما مدلجة لقف ثم استبطن بهما مدلجة محاج.


HSNXV01P491H

ثم سلك بهما مرجح محاج ثم تبطن بهما مرجح من ذي الغضوين.


HSNXV01P491J

ثم بطن ذي كشر ثم أخذ بهما على الجداجد ثم على الأجرد ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة تعهن ثم على العبابيد.


HSNXV01P491L

قال ابن إسحاق ثم أجاز بهما الفاجة.


قدومه صلى الله عليه وسلم قباء *
HSNXV01P492C

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويمر بن ساعدة قال حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا وذلك في أيام حارة حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء قال فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك.


منازله صلى الله عليه وسلم بقباء *
HSNXV01P493B

قال ابن إسحاق فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف ثم أحد بني عبيد ويقال بل نزل على سعد بن خيثمة ويقول من يذكر أنه نزل على كلثوم بن هدم إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من منزل كلثوم بن هدم جلس للناس في بيت سعد بن خيثمة وذلك أنه كان عزبا لا أهل له وكان منزل الأعزاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين فمن هنالك يقال نزل على سعد بن خيثمة وكان يقال لبيت سعد بن خيثمة بيت الأعزاب فالله أعلم أي ذلك كان كلا قد سمعنا ونزل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على خبيب بن إساف أحد بني الحارث الخزرج بالسنح ويقول قائل كان منزله على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج وأقام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم فكان علي بن أبي طالب وإنما كانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين يقول كانت بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة قال فرأيت إنسانا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه قال فاستربت § بشأنه فقلت لها يا أمة الله من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئا لا أدري ما هو وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك قالت هذا سهل بن حنيف بن واهب قد عرف أني امرأة لا أحد لي فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها فقال احتطبي بهذا فكان علي رضي الله عنه يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حتى هلك عنده بالعراق.


HSNXV01P494B

قال ابن إسحاق وحدثني هذا من حديث علي رضي الله عنه هند بن سعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه.


بناء مسجد قباء *
HSNXV01P494D

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجده ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك فالله أعلم أي ذلك كان فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة فأتاه عتبان بن مالك وعباس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم ابن عوف فقالوا يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة لناقته فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة § فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعد ابن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحارث ابن الخزرج فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار وهم أخواله دنيا أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو إحدى نسائهم اعترضه سليط بن قيس وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عدي بن النجار فقالوا يا رسول الله هلم إلى أخوالك إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني النجار ثم من بني مالك بن النجار وهما في حجر معاذ بن عفراء سهل وسهيل ابني عمرو فلما بركت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عليها لم ينزل وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ثم تحلحلت وزمت ووضعت § جرانها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتمل أبو أيوب خالد ابن زيد رحله فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عن المربد لمن هو فقال له معاذ بن عفراء هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه فاتخذه مسجدا قال فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجدا ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرغب المسلمين في العمل فيه فعمل فيه المهاجرون والأنصار ودأبوا فيه فقال قائل من المسلمين لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل وارتجز المسلمون وهم يبنونه يقولون لا عيش إلا عيش الآخره اللهم ارحم الأنصار والمهاجره.


إخبار الرسول لعمار بقتل الفئة الباغية له
HSNXV01P49E

قال ابن إسحاق فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عيش إلا عيش الآخرة اللهم ارحم المهاجرين والأنصار قال فدخل عمار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن فقال يا رسول الله § قتلوني يحملون علي ما لا يحملون قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته بيده وكان رجلا جعدا وهو يقول ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك إنما تقتلك الفئة الباغية وارتجز علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيه قائما وقاعدا ومن يرى عن الغبار حائدا.


ما كان بين عمار وأحد الصحابة من مشادة *
HSNXV01P497F

قال ابن إسحاق فأخذها عمار بن ياسر فجعل يرتجز بها.


وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعمار *
HSNXV01P497I

قال ابن إسحاق فقال قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك قال وفي يده عصا قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه.


منزله صلى الله عليه وسلم من بيت أبي أيوب وشيء من أدبه في ذلك *
HSNXV01P498D

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب حتى بني له مسجده ومساكنه ثم انتقل إلى مساكنه من بيت أبي أيوب رحمة الله عليه ورضوانه.


HSNXV01P498E

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي رهم السماعي قال حدثني أبو أيوب قال لما نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل وأنا وأم أيوب في العلو فقلت له يا نبي الله بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل فقال يا أبا أيوب إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن § فلقد انكسر حب لنا فيه ماء فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه قال وكنا نصنع له العشاء ثم نبعث به إليه فإذا رد علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة حتى بعثنا إليه ليلة بعشائه وقد جعلنا له بصلا أو ثوما فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر ليده فيه أثرا قال فجئته فزعا فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك وكنت إذا رددته علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك نبتغي بذلك البركة قال إني وجدت فيه ريح هذه الشجرة وأنا رجل أناجي فأما أنتم فكلوه قال فأكلناه ولم نصنع له تلك الشجرة بعد.


تلاحق المهاجرين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة *
HSNXV01P499C

قال ابن إسحاق وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق بمكة منهم أحد إلا مفتون أو محبوس ولم يوعب أهل هجرة من مكة بأهليهم وأموالهم إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهل دور مسمون بنو مظعون من بني جمح وبنو جحش بن رئاب حلفاء بني أمية وبنو البكير من بني سعد بن ليث حلفاء بني عدي بن كعب فإن دورهم غلقت بمكة هجرة ليس فيها ساكن ولما خرج بنو جحش بن رئاب من دارهم عدا عليها أبو سفيان بن حرب فباعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامر بن لؤي فلما بلغ بني جحش ما صنع أبو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبد الله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا خيرا منها في الجنة قال بلى قال فذلك لك فلما افتتح رسول الله § صلى الله عليه وسلم مكة كلمه أبو أحمد في دارهم فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس لأبي أحمد يا أبا أحمد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن ترجعوا في شيء من أموالكم أصيب منكم في الله عز وجل فأمسك عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأبي سفيان أبلغ أبا سفيان عن أمر عواقبه ندامه دار ابن عمك بعتها تقضي بها عنك الغرامه وحليفكم بالله رب الناس مجتهد القسامه اذهب بها اذهب بها طوقتها طوق الحمامه.


انتشار الإسلام ومن بقي على شركه *
HSNXV01P500C

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قدمها شهر ربيع الأول إلى صفر من السنة الداخلة حتى بني له فيها مسجده ومساكنه واستجمع له إسلام هذا الحي من الأنصار فلم يبق دار من دور الأنصار إلا أسلم أهلها إلا ما كان من خطمة وواقف ووائل وأمية وتلك أوس الله وهم حي من الأوس فإنهم أقاموا على شركهم وكانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن نعوذ بالله أن نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل أنه قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت § لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


خطبته الثانية صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P501C

قال ابن إسحاق ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى قد أفلح من زينه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وأبلغه أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقس عنه قلوبكم فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ومن كل ما أوتي الناس الحلال والحرام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم.


كتابه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وموادعة يهود *
HSNXV01P501E

قال ابن إسحاق وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون § بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.


HSNXV01P502C

وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وإن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافرا على مؤمن وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وإن المؤمنين بعضهم § موالي بعض دون الناس وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وإن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا وإن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه وإنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن وإنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول وإن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وإن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف وإن البر دون الإثم وإن موالي ثعلبة كأنفسهم وإن بطانة يهود كأنفسهم وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم وإنه لا ينحجز على ثأر جرح وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم وإن الله على أبر هذا وإن على اليهود نفقتهم § وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه وإن النصر للمظلوم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها وإن بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة.


HSNXV01P504C

قال ابن إسحاق وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم وإن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار *

HSNXV01P504F

قال ابن إسحاق وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين § والأنصار فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوين وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة ومعاذ بن جبل أخو بني سلمة أخوين.


HSNXV01P505C

قال ابن إسحاق وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابن أبي قحافة وخارجة بن زهير أخو بلحارث بن الخزرج أخوين وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعتبان بن مالك أخو بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج أخوين وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله وسعد بن معاذ بن النعمان أخو بني عبد الأشهل أخوين وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن الربيع أخو بلحارث بن الخزرج أخوين والزبير بن العوام وسلامة ابن سلامة بن وقش أخو بني عبد الأشهل أخوين ويقال بل الزبير وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة أخوين وعثمان بن عفان وأوس ابن ثابت بن المنذر أخو بني النجار أخوين وطلحة بن عبيد الله وكعب ابن مالك أخو بني سلمة أخوين وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبي § ابن كعب أخو بني النجار أخوين ومصعب بن عمير بن هاشم وأبو أيوب خالد بن زيد أخو بني النجار أخوين وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وعباد بن بشر بن وقش أخو بني عبد الأشهل أخوين وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم وحذيفة بن اليمان أخو بني عبد عبس حليف بني عبد الأشهل أخوين ويقال ثابت بن قيس بن الشماس أخو بلحارث بن الخزرج خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار بن ياسر أخوين وأبو ذر وهو برير بن جنادة الغفاري المنذر بن عمرو المعنق ليموت أخو بني ساعدة بن كعب بن الخزرج أخوين.


HSNXV01P506C

قال ابن إسحاق وكان حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى وعويم بن ساعدة أخو بني عمرو بن عوف أخوين وسلمان الفارسي وأبو الدرداء عويمر بن ثعلبة أخو بلحارث بن الخزرج أخوين.


HSNXV01P506E

قال ابن إسحاق وبلال مولى أبي بكر رضي الله عنهما مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي ثم أحد § الفزع أخوين فهؤلاء من سمي لنا ممن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهم من أصحابه فلما دون عمر بن الخطاب الدواوين بالشام وكان بلال قد خرج إلى الشام فأقام بها مجاهدا فقال عمر لبلال إلى من تجعل ديوانك يا بلال قال مع أبي رويحة لا أفارقه أبدا للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد بينه وبيني فضم إليه وضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال منهم فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام.


أبو أمامة *

HSNXV01P507E

قال ابن إسحاق وهلك في تلك الأشهر أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أخذته الذبحة أو الشهقة.


موته وما قاله اليهود في ذلك *
HSNXV01P507G

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بئس الميت أبو أمامة ليهود ومنافقي العرب يقولون لو كان نبيا لم يمت صاحبه ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئا.


بموته كان النبي صلى الله عليه وسلم نقيبا لبني النجار *
HSNXV01P507I

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري أنه لما مات أبو أمامة أسعد بن زرارة اجتمعت بنو النجار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو أمامة نقيبهم فقالوا له يا رسول الله إن هذا قد كان منا حيث قد علمت فاجعل منا رجلا مكانه يقيم من أمرنا ما كان يقيم فقال § رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أنتم أخوالي وأنا بما فيكم وأنا نقيبكم وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخص بها بعضهم دون بعض فكان من فضل بني النجار الذي يعدون على قومهم أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبهم.


خبر الأذان *

HSNXV01P508D

قال ابن إسحاق فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة واجتمع إليه إخوانه من المهاجرين واجتمع أمر الأنصار استحكم أمر الإسلام فقامت الصلاة وفرضت الزكاة والصيام وقامت الحدود وفرض الحلال والحرام وتبوأ الإسلام بين أظهرهم وكان هذا الحي من الأنصار هم الذين تبوءوا الدار والإيمان وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم ثم كرهه ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين للصلاة فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه أخو بلحارث بن الخزرج النداء فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس قال وما تصنع به قال قلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على خير من ذلك قال قلت وما هو قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله § فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فإنه أندى صوتا منك فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه وهو يقول يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد على ذلك.


رؤيا عمر في الأذان وسبق الوحي به *
HSNXV01P509D

قال ابن إسحاق حدثني بهذا الحديث محمد بن إبراهيم بن الحارث عن محمد ابن عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه عن أبيه.


ما كان يقوله بلال قبل الأذان *
HSNXV01P509G

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن عليه للفجر كل غداة فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينتظر الفجر فإذا رآه تمطى ثم قال اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا على دينك قالت والله ما علمته كان يتركها ليلة واحدة.


أبو قيس بن أبي أنس *

HSNXV01P510B

قال ابن إسحاق فلما اطمأنت برسول الله صلى الله عليه وسلم داره وأظهر الله بها دينه وسره بما جمع إليه من المهاجرين والأنصار من أهل ولايته قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس أخو بني عدي بن النجار.


إسلامه وشيء من شعره *
HSNXV01P510F

قال ابن إسحاق وكان رجلا قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وهم بالنصرانية ثم أمسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا تدخله عليه فيه طامث ولا جنب وقال أعبد رب إبراهيم حين فارق الأوثان وكرهها حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وحسن إسلامه وهو شيخ كبير وكان قوالا بالحق معظما لله عز وجل في جاهليته يقول أشعارا في ذلك حسانا وهو الذي يقول يقول أبو قيس وأصبح غاديا ألا ما استطعتم من وصاتى فافعلوا فأوصيكم بالله والبر والتقى وأعراضكم والبر بالله أول وإن قومكم سادوا فلا تحسدنهم وإن كنتم أهل الرئاسة فاعدلوا وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم فأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا وإن ناب غرم فادح فارفقوهم وما حملوكم في الملمات فاحملوا وإن أنتم أمعرتم فتعففوا وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا.


HSNXV01P511A

قال ابن إسحاق وقال أبو قيس صرمة أيضا سبحوا الله شرق كل صباح طلعت شمسه وكل هلال عالم السر والبيان لدينا ليس ما قال ربنا بضلال وله الطير تستريد وتأوي في وكور من آمنات الجبال وله الوحش بالفلاة تراها في حقاف وفي ظلال الرمال وله هودت يهود ودانت كل دين إذا ذكرت عضال وله شمس النصارى وقاموا كل عيد لربهم واحتفال وله الراهب الحبيس تراه رهن بوس وكان ناعم بال يا بني الأرحام لا تقطعوها وصلوها قصيرة من طوال واتقوا الله في ضعاف اليتامى ربما يستحل غير الحلال واعلموا أن لليتيم وليا عالما يهتدي بغير السؤال ثم مال اليتيم لا تأكلوه إن مال اليتيم يرعاه والي يا بني التخوم لا تخزلوها إن خزل التخوم ذو عقال يا بني الأيام لا تأمنوها واحذروا مكرها ومر الليالي § واعلموا أن مرها لنفاد الخلق ما كان من جديد وبالي واجمعوا أمركم على البر والتقوى وترك الخنا وأخذ الحلال وقال أبو قيس صرمة أيضا يذكر ما أكرمهم الله تبارك وتعالى به من الإسلام وما خصهم الله به من نزول رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه فلم ير من يؤوى ولم ير داعيا فلما أتانا أظهر الله دينه فأصبح مسرورا بطيبة راضيا وألفى صديقا واطمأنت به النوى وكان له عونا من الله باديا يقص لنا ما قال نوح لقومه وما قال موسى إذ أجاب المناديا فأصبح لا يخشى من الناس واحدا قريبا ولا يخشى من الناس نائيا بذلنا له الأموال من حل مالنا وأنفسنا عند الوغى والتآسيا ونعلم أن الله لا شيء غيره ونعلم أن الله أفضل هاديا نعادي الذي عادى من الناس كلهم جميعا وإن كان الحبيب المصافيا أقول إذا أدعوك في كل بيعة تباركت قد أكثرت لاسمك داعيا أقول إذا جاوزت أرضا مخوفة حنانيك لا تظهر علي الأعاديا فطأ معرضا إن الحتوف كثيرة وإنك لا تبقي لنفسك باقيا فو الله ما يدري الفتى كيف يتقي إذا هو لم يجعل له الله واقيا ولا تحفل النخل المعيمة ربها إذا أصبحت ريا وأصبحت ثاويا.


الأعداء من يهود *

HSNXV01P513D

قال ابن إسحاق ونصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسي على جاهليته فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه فظهروا بالإسلام واتخذوه جنة من القتل ونافقوا في السر وكان هواهم مع يهود لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم وجحودهم الإسلام وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها § منهم حيي بن أخطب وأخواه أبو ياسر بن أخطب وجدي بن أخطب وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع الأعور وهو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وعمرو بن جحاش وكعب ابن الأشرف وهو من طيئ ثم أحد بني نبهان وأمه من بني النضير والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف وكردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف فهؤلاء من بني النضير ومن بني ثعلبة ابن الفطيون عبد الله بن صوريا الأعور ولم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه وابن صلوبا ومخيريق وكان حبرهم أسلم ومن بني قينقاع زيد بن اللصيت.


HSNXV01P514F

وسعد بن حنيف ومحمود بن سيحان وعزيز بن أبي عزيز وعبد الله بن صيف.


HSNXV01P514H

قال ابن إسحاق وسويد بن الحارث ورفاعة بن قيس وفنحاص وأشيع ونعمان بن أضا وبحري بن عمرو وشأس بن عدي وشأس ابن قيس وزيد بن الحارث ونعمان بن عمرو وسكين بن أبي سكين وعدي بن زيد ونعمان بن أبي أوفى أبو أنس ومحمود بن دحية ومالك ابن صيف.


HSNXV01P515A

قال ابن إسحاق وكعب بن راشد وعازر ورافع بن أبي رافع وخالد وأزار بن أبي أزار.


HSNXV01P515C

قال ابن إسحاق ورافع بن حارثة ورافع بن حريملة ورافع بن خارجة ومالك بن عوف ورفاعة بن زيد بن التابوت وعبد الله بن سلام بن الحارث وكان حبرهم وأعلمهم وكان اسمه الحصين فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فهؤلاء من بني قينقاع ومن بني قريظة الزبير بن باطا بن وهب وعزال بن شمويل وكعب ابن أسد وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب وشمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة والنحام بن زيد وقردم بن كعب ووهب ابن زيد ونافع بن أبي نافع وأبو نافع وعدي بن زيد والحارث بن عوف وكردم بن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن رميلة وجبل بن أبي قشير ووهب بن يهوذا فهؤلاء من بني قريظة ومن يهود بني زريق لبيد بن أعصم وهو الذي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه § ومن يهود بني حارثة كنانة بن صوريا ومن يهود بني عمرو بن عوف قردم بن عمرو ومن يهود بني النجار سلسلة بن برهام فهؤلاء أحبار اليهود أهل الشرور والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأصحاب المسألة والنصب لأمر الإسلام الشرور ليطفئوه إلا ما كان من عبد الله بن سلام ومخيريق.


إسلام عبد الله بن سلام *

HSNXV01P516I

قال ابن إسحاق وكان من حديث عبد الله بن سلام كما حدثني بعض أهله عنه وعن إسلامه حين أسلم وكان حبرا عالما قال لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا تتوكف له فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما نزل بقباء في بني عمرو بن عوف أقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت فقالت لي عمتي حين سمعت تكبيري خيبك الله والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت قال فقلت لها أي عمة هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث § بما بعث به قال فقالت أي ابن أخي أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة قال فقلت لها نعم قال فقالت فذاك إذا قال ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ثم رجعت إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلموا قال وكتمت إسلامي من يهود ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إن يهود قوم بهت وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك وتغيبني عنهم ثم تسألهم عني حتى يخبروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني قال فأدخلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيوته ودخلوا عليه فكلموه وساءلوه ثم قال لهم أي رجل الحصين بن سلام فيكم قالوا سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا قال فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم فقلت لهم يا معشر يهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به فو الله إنكم لتعلمون إنه لرسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته فإني أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأومن به وأصدقه وأعرفه فقالوا كذبت ثم وقعوا بي قال فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور قال فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث فحسن إسلامها.


حديث مخيريق *

HSNXV01P518C

قال ابن إسحاق وكان من حديث مخيريق وكان حبرا عالما وكان رجلا غنيا كثير الأموال من النخل وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته وما يجد في علمه وغلب عليه إلف دينه فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد وكان يوم أحد يوم السبت قال يا معشر يهود والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق قالوا إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ما أراه الله فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول مخيريق خير يهود وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها.


شهادة عن صفية *

HSNXV01P518E

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت كنت أحب ولد § أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه قالت فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين قالت فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس قالت فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى قالت فهششت إليهما كما كنت أصنع فو الله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم قالت وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب أهو هو قال نعم والله قال أتعرفه وتثبته قال نعم قال فما في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت.


من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار *

HSNXV01P519D

قال ابن إسحاق وكان ممن انضاف إلى يهود ممن سمي لنا من المنافقين من الأوس والخزرج والله أعلم من الأوس ثم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف زوي بن الحارث ومن بنى حبيب بن عمرو بن عوف جلاس بن سويد بن الصامت وأخوه الحارث بن سويد وجلاس الذي قال وكان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر فرفع ذلك من قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد أحدهم وكان في حجر جلاس خلف جلاس على أمه بعد أبيه فقال له عمير بن سعد والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي وأحسنهم عندي يدا وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنك ولئن صمت عليها § ليهلكن ديني ولإحداهما أيسر علي من الأخرى ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال جلاس فحلف جلاس بالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كذب علي عمير وما قلت ما قال عمير بن سعد فأنزل الله عز وجل فيه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير .


HSNXV01P520C

قال ابن إسحاق فزعموا أنه تاب فحسنت توبته حتى عرف منه الخير والإسلام وأخوه الحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن ذياد البلوي وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد خرج مع المسلمين وكان منافقا فلما التقى الناس عدا عليهما فقتلهما ثم لحق بقريش.


HSNXV01P520E

قال ابن إسحاق قتل سويد بن صامت معاذ بن عفراء غيلة في غير حرب رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث.


HSNXV01P521A

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ففاته فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه جلاس يطلب التوبة ليرجع إلى قومه فأنزل الله تبارك وتعالى فيه فيما بلغني عن ابن عباس كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين إلى آخر القصة ومن بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بجاد بن عثمان بن عامر ومن بني لوذان بن عمرو بن عوف نبتل بن الحارث وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني من أحب أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث وكان رجلا جسيما أذلم ثائر شعر الرأس أحمر العينين أسفع الخدين وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه ثم ينقل حديثه إلى المنافقين وهو الذي قال إنما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه فأنزل الله عز وجل فيه ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم .


HSNXV01P521F

قال ابن إسحاق وحدثني بعض رجال بلعجلان أنه حدث أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إنه يجلس إليك رجل أذلم ثائر شعر الرأس أسفع الخدين أحمر العينين كأنهما قدران من صفر كبده § أغلظ من كبد الحمار ينقل حديثك إلى المنافقين فاحذره وكانت تلك صفة نبتل بن الحارث فيما يذكرون ومن بني ضبيعة أبو حبيبة بن الأزعر وكان ممن بنى مسجد الضرار وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين إلخ القصة ومعتب الذي قال يوم أحد لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا إلى آخر القصة وهو الذي قال يوم الأحزاب كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط فأنزل الله عز وجل فيه وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا والحارث بن حاطب.


HSNXV01P522F

قال ابن إسحاق وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف وبحزج وهم ممن كان بنى مسجد الضرار وعمرو بن خذام وعبد الله بن نبتل ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف جارية بن عامر بن العطاف وابناه زيد ومجمع ابنا جارية وهم ممن اتخذ مسجد الضرار وكان مجمع غلاما حدثا قد جمع من القرآن أكثره وكان يصلي بهم فيه ثم إنه لما أخرب المسجد وذهب § رجال من بني عمرو بن عوف كانوا يصلون ببني عمرو بن عوف في مسجدهم وكان زمان عمر بن الخطاب كلم في مجمع ليصلي بهم فقال لا أوليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار فقال لعمر يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو ما علمت بشيء من أمرهم ولكني كنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا لا قرآن معهم فقدموني أصلي بهم وما أرى أمرهم إلا على أحسن ما ذكروا فزعموا أن عمر تركه فصلى بقومه ومن بني أمية بن زيد بن مالك وديعة بن ثابت وهو ممن بنى مسجد الضرار وهو الذي قال إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله تبارك وتعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن إلى آخر القصة ومن بني عبيد بن زيد بن مالك خذام بن خالد وهو الذي أخرج مسجد الضرار من داره وبشر ورافع ابنا زيد ومن بني النبيت.


HSNXV01P523H

قال ابن إسحاق ثم من بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس مربع بن قيظي وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجاز في حائطه ورسول الله صلى الله عليه وسلم عامد إلى أحد لا أحل لك يا محمد إن كنت نبيا أن تمر في حائطي وأخذ في يده حفنة من تراب ثم قال والله لو أعلم أني لا أصيب بهذا التراب غيرك لرميتك به فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصيرة فضربه سعد بن زيد أخو § بني عبد الأشهل بالقوس فشجه وأخوه أوس بن قيظي وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق يا رسول الله إن بيوتنا عورة فأذن لنا فلنرجع إليها فأنزل الله تعالى فيه يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا .


HSNXV01P524D

قال ابن إسحاق ومن بني ظفر واسم ظفر كعب بن الحارث بن الخزرج حاطب بن أمية بن رافع وكان شيخا جسيما قد عسا في جاهليته وكان له ابن من خيار المسلمين يقال له يزيد بن حاطب أصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات فحمل إلى دار بني ظفر.


HSNXV01P524E

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو بالموت فجعلوا يقولون أبشر يا بن حاطب بالجنة قال فنجم نفاقه حينئذ فجعل يقول أبوه أجل جنة والله من حرمل غررتم والله هذا المسكين من نفسه.


HSNXV01P524F

قال ابن إسحاق وبشير بن أبيرق وهو أبو طعمة سارق الدرعين الذي أنزل الله تعالى فيه ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما وقزمان حليف لهم.


HSNXV01P525A

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إنه لمن أهل النار فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا حتى قتل بضعة نفر من المشركين فأثبتته الجراحات فحمل إلى دار بني ظفر فقال له رجال من المسلمين أبشر يا قزمان فقد أبليت اليوم وقد أصابك ما ترى في الله قال بماذا أبشر فو الله ما قاتلت إلا حمية عن قومي فلما اشتدت به جراحاته وآذته أخذ سهما من كنانته فقطع به رواهش يده فقتل نفسه.


HSNXV01P525C

قال ابن إسحاق ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم إلا أن الضحاك بن ثابت أحد بني كعب رهط سعد بن زيد قد كان يتهم بالنفاق وحب يهود قال حسان بن ثابت من مبلغ الضحاك أن عروقه أعيت على الإسلام أن تتمجدا § أتحب يهدان الحجاز ودينهم كبد الحمار ولا تحب محمدا دينا لعمري لا يوافق ديننا ما استن آل في الفضاء وخودا وكان جلاس بن سويد بن صامت قبل توبته فيما بلغني ومعتب ابن قشير ورافع بن زيد وبشر وكانوا يدعون بالإسلام فدعاهم رجال من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام أهل الجاهلية فأنزل الله عز وجل فيهم ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا إلى آخر القصة ومن الخزرج ثم من بني النجار رافع بن وديعة وزيد بن عمرو وعمرو بن قيس وقيس بن عمرو بن سهل ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة الجد بن قيس وهو الذي يقول يا محمد ائذن لي ولا تفتني فأنزل الله تعالى فيه ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين إلى آخر القصة ومن بني عوف بن الخزرج عبد الله بن أبي بن سلول وكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون وهو الذي قال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل في غزوة بني المصطلق وفي قوله ذلك نزلت سورة المنافقين بأسرها وفيه وفي وديعة رجل من بني عوف ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس وهم من رهط عبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن أبي بن سلول فهؤلاء النفر من قومه الذين كانوا يدسون إلى بني النضير حين حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثبتوا فو الله لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا § أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم فأنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ثم القصة من السورة حتى انتهى إلى قوله @QURS059A016_BEG كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين @QURS059A016_BEG.


من أسلم من أحبار يهود نفاقا *

HSNXV01P527C

قال ابن إسحاق وكان ممن تعوذ بالإسلام ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو منافق من أحبار يهود من بني قينقاع سعد بن حنيف وزيد بن اللصيت ونعمان بن أوفى بن عمرو وعثمان بن أوفى وزيد بن اللصيت الذي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسوق بني قينقاع وهو الذي قال حين ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه الخبر بما قال عدو الله في رحله ودل الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ناقته إن قائلا قال يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء ولا يدري أين ناقته وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها فهي في هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها فذهب رجال من المسلمين فوجدوها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما وصف ورافع بن حريملة وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حين مات قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين ورفاعة بن زيد بن التابوت وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين § هبت عليه الريح وهو قافل من غزوة بني المصطلق فاشتدت عليه حتى أشفق المسلمون منها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد رفاعة بن زيد بن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح وسلسلة ابن برهام وكنانة بن صوريا وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزءون بدينهم فاجتمع يوما في المسجد منهم ناس فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم خافضي أصواتهم قد لصق بعضهم ببعض فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا فقام أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب إلى عمر بن قيس أحد بني غنم بن مالك بن النجار كان صاحب آلهتهم في الجاهلية فأخذ برجله فسحبه حتى أخرجه من المسجد وهو يقول أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة ثم أقبل أبو أيوب أيضا إلى رافع بن وديعة أحد بني النجار فلببه بردائه ثم نتره نترا شديدا ولطم وجهه ثم أخرجه من المسجد وأبو أيوب يقول له أف لك منافقا خبيثا أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV01P528E

وقام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو وكان رجلا طويل اللحية فأخذ بلحيته فقاده بها قودا عنيفا حتى أخرجه من المسجد ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمة خر منها قال يقول خدشتني يا عمارة قال § أبعدك الله يا منافق فما أعد الله لك من العذاب أشد من ذلك فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


ما نزل من البقرة في المنافقين ويهود

HSNXV01P529C

قال ابن إسحاق وقام أبو محمد رجل من بني النجار كان بدريا وأبو محمد مسعود بن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار إلى قيس بن عمرو بن سهل وكان قيس غلاما شابا وكان لا يعلم في المنافقين شاب غيره فجعل يدفع في قفاه حتى أخرجه من المسجد وقام رجل من بلخدرة بن الخزرج رهط أبي سعيد الخدري يقال له عبد الله بن الحارث حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج المنافقين من المسجد إلى رجل يقال له الحارث بن عمرو وكان ذا جمة فأخذ بجمته فسحبه بها سحبا عنيفا على ما مر به من الأرض حتى أخرجه من المسجد قال يقول المنافق لقد أغلظت يا بن الحارث فقال له إنك أهل لذلك أي عدو الله لما أنزل الله فيك فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك نجس وقام رجل من بني عمرو بن عوف إلى أخيه زوي بن الحارث فأخرجه من المسجد إخراجا عنيفا وأفف منه وقال غلب عليك الشيطان وأمره فهؤلاء من حضر المسجد يومئذ من المنافقين وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراجهم § ففي هؤلاء من أحبار يهود والمنافقين من الأوس والخزرج نزل صدر سورة البقرة إلى المائة منها فيما بلغني والله أعلم يقول الله سبحانه وبحمده الم ذلك الكتاب لا ريب فيه أي لا شك فيه.


HSNXV01P530E

هدى للمتقين أي الذين يحذرون من الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته بالتصديق بما جاءهم منه الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أي يقيمون الصلاة بفرضها ويؤتون الزكاة احتسابا لها والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك أي يصدقونك بما جئت به من الله عز وجل وما جاء به من قبلك من المرسلين لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاءوهم به من ربهم وبالآخرة هم يوقنون أي بالبعث والقيامة والجنة والنار والحساب § والميزان أي هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما كان من قبلك وبما جاءك من ربك أولئك على هدى من ربهم أي على نور من ربهم واستقامة على ما جاءهم وأولئك هم المفلحون أي الذين أدركوا ما طلبوا ونجوا من شر ما منه هربوا إن الذين كفروا أي بما أنزل إليك وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاءنا قبلك سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون أي أنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك وجحدوا ما أخذ عليهم الميثاق لك فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم به غيرك فكيف يستمعون منك إنذارا أو تحذيرا وقد كفروا بما عندهم من علمك ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة أي عن الهدى أن يصيبوه أبدا يعني بما كذبوك به من الحق الذي جاءك من ربك حتى يؤمنوا به وإن آمنوا بكل ما كان قبلك ولهم بما هم عليه من خلافك عذاب عظيم فهذا في الأحبار من يهود فيما كذبوا به من الحق بعد معرفته ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يعني المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على أمرهم يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض أي شك فزادهم الله مرضا أي شكا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب يقول الله تعالى ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم من يهود الذين يأمرونهم بالتكذيب بالحق وخلاف ما جاء به الرسول قالوا إنا معكم أي إنا على مثل ما أنتم عليه إنما نحن مستهزؤن أي إنما نستهزئ بالقوم ونلعب بهم يقول § الله عز وجل الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون .


HSNXV01P532D

وهذا البيت في أرجوزة له فالعمه جمع عامه وأما عمه فجمعه عمهون والمرأة عمهة وعمهاء أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى أي الكفر بالإيمان فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين .


HSNXV01P532E

قال ابن إسحاق ثم ضرب لهم مثلا فقال تعالى كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون أي لا يبصرون الحق ويقولون به حتى إذا خرجوا به من ظلمة الكفر أطفئوه بكفرهم به ونفاقهم فيه فتركهم الله في ظلمات الكفر فهم لا يبصرون هدى ولا يستقيمون على حق صم بكم عمي فهم لا يرجعون أي لا يرجعون إلى الهدى صم بكم عمي عن الخير لا يرجعون إلى خير ولا يصيبون نجاة ما كانوا على ما هم عليه أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين.


HSNXV01P533B

قال ابن إسحاق أي هم من ظلمة ما هم فيه من الكفر والحذر من القتل من الذي هم عليه من الخلاف والتخوف لكم على مثل ما وصف من الذي هو في ظلمة الصيب يجعل أصابعه في أذنيه من الصواعق حذر الموت يقول والله منزل ذلك بهم من النقمة أي هو محيط بالكافرين يكاد البرق يخطف أبصارهم أي لشدة ضوء الحق كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا أي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم من قولهم به على استقامة فإذا ارتكسوا منه في الكفر قاموا متحيرين ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم أي لما تركوا من الحق بعد معرفته إن الله على كل شيء قدير ثم قال يا أيها الناس اعبدوا ربكم للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين أي وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون .


HSNXV01P533D

قال ابن إسحاق أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تنفع ولا تضر وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا أي في شك مما جاءكم به فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله § أي من استطعتم من أعوانكم على ما أنتم عليه إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فقد تبين لكم الحق فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر ثم رغبهم وحذرهم نقض الميثاق الذي أخذ عليهم لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا جاءهم وذكر لهم بدء خلقهم حين خلقهم وشأن أبيهم آدم عليه السلام وأمره وكيف صنع به حين خالف عن طاعته ثم قال يا بني إسرائيل للأحبار من يهود اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم أي بلائي عندكم وعند آبائكم لما كان نجاهم به من فرعون وقومه وأوفوا بعهدي الذي أخذت في أعناقكم لنبيي أحمد إذا جاءكم أوف بعهدكم أنجز لكم ما وعدتكم على تصديقه واتباعه بوضع ما كان عليكم من الآصار والأغلال التي كانت في أعناقكم بذنوبكم التي كانت من أحداثكم وإياي فارهبون أي أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم من المسخ وغيره وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به وعندكم من العلم فيه ما ليس عند غيركم وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون أي لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون أي أتنهون الناس عن الكفر بما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وتتركون أنفسكم أي وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي إليكم في تصديق رسولي وتنقضون ميثاقي وتجحدون ما تعلمون من كتابي ثم عدد عليهم أحداثهم فذكر لهم العجل وما صنعوا فيه وتوبته عليهم وإقالته إياهم ثم قولهم أرنا الله جهرة .


HSNXV01P535B

قال ابن إسحاق وأخذ الصاعقة إياهم عند ذلك لغرتهم ثم إحياءه إياهم بعد موتهم وتظليله عليهم الغمام وإنزاله عليهم المن والسلوى وقوله لهم ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة أي قولوا ما آمركم به أحط به ذنوبكم عنكم وتبديلهم ذلك من قوله استهزاء بأمره وإقالته إياهم ذلك بعد هزئهم.


HSNXV01P535E

قال ابن إسحاق وكان من تبديلهم ذلك كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوأمة بنت أمية بن خلف عن أبي هريرة ومن لا أتهم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا منه سجدا يزحفون وهم يقولون حنط في شعير.


HSNXV01P535G

قال ابن إسحاق واستسقاء موسى لقومه وأمره إياه أن يضرب بعصاه § الحجر فانفجرت لهم منه اثنتا عشرة عينا لكل سبط عين يشربون منها قد علم كل سبط عينه التي منها يشرب وقولهم لموسى عليه السلام لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها .


HSNXV01P536E

قال ابن إسحاق فلم يفعلوا ورفعه الطور فوقهم ليأخذوا ما أوتوا والمسخ الذي كان فيهم إذ جعلهم قردة بأحداثهم والبقرة التي أراهم الله عز وجل بها العبرة في القتيل الذي اختلفوا فيه حتى بين الله لهم أمره بعد التردد على موسى عليه السلام في صفة البقرة وقسوة قلوبهم بعد ذلك حتى كانت كالحجارة أو أشد قسوة ثم قال تعالى وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله أي وإن من الحجارة لألين من قلوبكم عما تدعون إليه من الحق وما الله بغافل عما تعملون ثم قال لمحمد عليه الصلاة والسلام ولمن معه من المؤمنين يؤيسهم منهم أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم § يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون وليس قوله يسمعون التوراة أن كلهم قد سمعها ولكنه فريق منهم أي خاصة.


HSNXV01P537B

قال ابن إسحاق فيما بلغني عن بعض أهل العلم قالوا لموسى يا موسى قد حيل بيننا وبين رؤية الله فأسمعنا كلامه حين يكلمك فطلب ذلك موسى عليه السلام من ربه فقال له نعم مرهم فليطهروا أو ليطهروا ثيابهم وليصوموا ففعلوا ثم خرج بهم حتى أتى بهم الطور فلما غشيهم الغمام أمرهم موسى فوقعوا سجدا وكلمه ربه فسمعوا كلامه تبارك وتعالى يأمرهم وينهاهم حتى عقلوا عنه ما سمعوا ثم انصرف بهم إلى بني إسرائيل فلما جاءهم حرف فريق منهم ما أمرهم به وقالوا حين قال موسى لبني إسرائيل إن الله قد أمركم بكذا وكذا قال ذلك الفريق الذي ذكر الله عز وجل إنما قال كذا وكذا خلافا لما قال الله لهم فهم الذين عنى الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا أي بصاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا لا تحدثوا العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليهم فكان فيهم فأنزل الله عز وجل فيهم وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أي تقرون بأنه نبي وقد عرفتم أنه قد أخذ له الميثاق عليكم باتباعه وهو يخبركم أنه النبي الذي كنا ننتظر ونجد في كتابنا اجحدوه ولا تقروا لهم به يقول الله عز وجل أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني .


HSNXV01P538D

دعوى اليهود قلة العذاب في الآخرة ورد الله عليهم *
HSNXV01P538F

قال ابن إسحاق وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تقول إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك من قولهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله § عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته أي من عمل بمثل أعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به يحيط كفره بما له عند الله من حسنة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون أي خلد أبدا والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون أي من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له.


HSNXV01P539F

قال ابن إسحاق ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون § على أن هذا حق من ميثاقي عليكم ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان أي أهل الشرك حتى يسفكوا دماءهم معهم ويخرجوهم من ديارهم معهم وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم وهو محرم عليكم في كتابكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أي أتفادونهم مؤمنين بذلك وتخرجونهم كفارا بذلك فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون فأنبهم الله عز وجل بذلك من فعلهم وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم فكانوا فريقين منهم بنو قينقاع ولفهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة ولفهم حلفاء الأوس فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قيامة ولا كتابا ولا حلالا ولا حراما فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أساراهم تصديقا لما في التوراة وأخذ به بعضهم من بعض يفتدي بنو قينقاع من كان من أسراهم في أيدي الأوس وتفتدي النضير وقريظة ما في أيدي الخزرج منهم ويطلون ما أصابوا من § الدماء وقتلى من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم يقول الله تعالى لهم حين أنبهم بذلك أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أي تفاديه بحكم التوراة وتقتله وفي حكم التوراة أن لا تفعل تقتله وتخرجه من داره وتظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض الدنيا ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة ثم قال تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات أي الآيات التي وضعت على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل الذي أحدث الله إليه ثم ذكر كفرهم بذلك كله فقال أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ثم قال تعالى وقالوا قلوبنا غلف في أكنة يقول الله عز وجل بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .


HSNXV01P541B

قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قال قالوا فينا والله وفيهم نزلت هذه القصة كنا قد علوناهم ظهرا في الجاهلية ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب فكانوا يقولون لنا إن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم من قريش فاتبعناه كفروا به يقول الله § فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده أي أن جعله في غيرهم فباؤ بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين .


HSNXV01P542E

قال ابن إسحاق فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم وغضب بكفرهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدث الله إليهم ثم أنبهم برفع الطور عليهم واتخاذهم العجل إلها دون ربهم يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك فيقال لو تمنوه يوم قال ذلك لهم ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر فقال تعالى ولتجدنهم أحرص الناس على حياة اليهود ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر § أي ما هو بمنجيه من العذاب وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحب طول الحياة وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم ثم قال الله تعالى قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله .


سؤال اليهود الرسول وإجابته لهم عليه الصلاة والسلام *
HSNXV01P543C

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب الأشعري أن نفرا من أحبار يهود جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن أربع نسألك عنهن فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك وآمنا بك قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بذلك عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدقنني قالوا نعم قال فاسألوا عما بدا لكم قالوا فأخبرنا كيف يشبه الولد أمه وإنما النطفة من الرجل قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة فأيتهما علت صاحبتها كان لها الشبه قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا كيف نومك فقال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أن نوم الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان فقالوا اللهم نعم قال فكذلك نومي تنام عيني وقلبي يقظان قالوا فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه قال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه كان أحب الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها وأنه اشتكى شكوى فعافاه الله منها فحرم على نفسه أحب الطعام والشراب إليه شكرا لله فحرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا عن الروح قال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا اللهم نعم ولكنه يا محمد لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالشدة وبسفك الدماء ولولا ذلك لاتبعناك قال فأنزل الله عز وجل فيهم قل من كان عدوا § لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين إلى قوله تعالى أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان أي السحر وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر .


إنكار اليهود نبوة داود عليه السلام ورد الله عليهم *
HSNXV01P544C

قال ابن إسحاق وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين قال بعض أحبارهم ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا أي باتباعهم السحر وعملهم به وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد .


HSNXV01P544D

قال ابن إسحاق وحدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول الذي حرم إسرائيل على نفسه زائدتا الكبد والكليتان والشحم إلا ما كان على الظهر فإن ذلك كان يقرب للقربان فتأكله النار.


كتابه صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر *
HSNXV01P544F

قال ابن إسحاق وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر فيما حدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب موسى وأخيه والمصدق لما جاء به موسى ألا إن الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك § مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما وإني أنشدكم بالله وأنشدكم بما أنزل عليكم وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المن والسلوى وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله إلا أخبرتموني هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم قد تبين الرشد من الغي فأدعوكم إلى الله وإلى نبيه.


ما نزل في أبي ياسر وأخيه *
HSNXV01P545E

قال ابن إسحاق وكان ممن نزل فيه القرآن بخاصة من الأحبار وكفار يهود الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله بن رئاب أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه § فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من يهود فقال تعلموا والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب فقالوا أنت سمعته فقال نعم فمثنى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له يا محمد ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك الم ذلك الكتاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى قالوا أجاءك بها جبريل من عند الله فقال نعم قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أكل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب وأقبل على من معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين إنما مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره قال نعم قال ماذا قال المص قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وستون ومائة سنة هل مع هذا يا محمد غيره قال نعم الر قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتان هل مع هذا غيره يا محمد قال نعم المر قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة ثم قال لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا عنه فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وستون ومئة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومئتان فذلك سبع مئة وأربع وثلاثون سنة فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء § الآيات نزلت فيهم منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات .


HSNXV01P547B

قال ابن إسحاق وقد سمعت من لا أتهم من أهل العلم يذكر أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في أهل نجران حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى بن مريم عليه السلام.


HSNXV01P547C

قال ابن إسحاق وقد حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قد سمع أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في نفر من يهود ولم يفسر ذلك لي فالله أعلم أي ذلك كان.


كفر اليهود به صلى الله عليه وسلم بعد استفتاحهم به وما نزل في ذلك *
HSNXV01P547E

قال ابن إسحاق وكان فيما بلغني عن عكرمة مولى ابن عباس أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم فأنزل الله في ذلك من قولهم ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .


ما نزل في نكران مالك بن الصيف العهد إليهم بالنبي *
HSNXV01P547G

قال ابن إسحاق وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق وما عهد الله إليهم فيه والله ما عهد إلينا في محمد عهد وما أخذ له علينا من ميثاق فأنزل الله فيه § أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون وقال أبو صلوبا الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون وقال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل .


ما نزل في صد حيي وأخيه الناس عن الإسلام *
HSNXV01P548I

قال ابن إسحاق وكان حيي بن أخطب وأخوه أبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا فأنزل الله تعالى فيهما ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير .


تنازع اليهود والنصارى عند الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P549B

قال ابن إسحاق ولما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حريملة ما أنتم على شيء وكفر بعيسى وبالإنجيل فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به أي يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى عليه السلام بالتصديق بعيسى عليه السلام وفي الإنجيل ما جاء به عيسى عليه السلام من تصديق موسى عليه السلام وما جاء به من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه.


ما نزل في طلب ابن حريملة أن يكلمه الله *
HSNXV01P549D

قال ابن إسحاق وقال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون وقال عبد الله بن صوريا الأعور الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله تعالى في ذلك من قول عبد الله بن صوريا وما قالت النصارى وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ثم القصة إلى قول الله تعالى تلك أمة قد خلت § لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون .


مقالة اليهود عند صرف القبلة إلى الكعبة *
HSNXV01P550C

قال ابن إسحاق ولما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ورافع بن أبي رافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق فقالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه فأنزل الله تعالى فيهم سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه أي ابتلاء واختبارا وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله أي من الفتن أي الذين ثبت الله وما كان الله ليضيع إيمانكم أي إيمانكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم واتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة وطاعتكم نبيكم فيها أي ليعطينكم أجرهما جميعا إن الله بالناس لرؤف رحيم ثم قال تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره .


HSNXV01P550B

قال ابن إسحاق إلى قوله تعالى الحق من ربك فلا تكونن من الممترين وسأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بلحارث بن الخزرج نفرا من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنه فأنزل الله تعالى فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون § قال ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود من أهل الكتاب إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته فقال له رافع بن خارجة ومالك ابن عوف بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ولما أصاب الله عز وجل قريشا يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود في سوق بني قينقاع حين قدم المدينة فقال يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشا فقالوا له يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار قال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله فقال له النعمان بن عمرو والحارث بن زيد على أي دين أنت يا محمد قال على ملة إبراهيم ودينه قالا فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلم إلى التوراة فهي بيننا وبينكم § فأبيا عليه فأنزل الله تعالى فيهما ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون وقال أحبار يهود ونصارى نجران حين اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا فقالت الأحبار ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى من أهل نجران ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله عز وجل فيهم يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين وقال عبد الله بن صيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع ويرجعون عن دينه فأنزل الله تعالى فيهم يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم § وقال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من يهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم وقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الربيس ويروى الريس والرئيس أوذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا أو كما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره فما بذلك بعثني الله ولا أمرني أو كما قال فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون إلى قوله تعالى بعد إذ أنتم مسلمون .


ما نزل في أخذ الميثاق عليهم *
HSNXV01P555D

سعيهم في الوقيعة بين الأنصار *
HSNXV01P555F

قال ابن إسحاق ومر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فأمر فتى شابا من يهود كان معهم فقال اعمد إليهم فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه يومئذ § للأوس على الخزرج وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهلي أبو أسيد بن حضير وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي فقتلا جميعا.


HSNXV01P556E

قال ابن إسحاق ففعل فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه إن شئتم رددناها الآن جذعة فغضب الفريقان جميعا وقالوا قد فعلنا موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة السلاح السلاح فخرجوا إليها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال يا معشر المسلمين الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بين قلوبكم فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شأس بن قيس فأنزل الله § تعالى في شأس بن قيس وما صنع قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون وأنزل الله في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا عما أدخل عليهم شأس من أمر الجاهلية يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا تم مسلمون إلى قوله تعالى وأولئك لهم عذاب عظيم .


ما نزل في قولهم ما آمن إلا شرارنا *
HSNXV01P557C

قال ابن إسحاق ولما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه قالت أحبار يهود أهل الكفر منهم ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون .


ما نزل في نهي المسلمين عن مباطنة اليهود *
HSNXV01P558C

قال ابن إسحاق وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف فأنزل الله تعالى فيهم ينهاهم عن مباطنتهم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله أي تؤمنون بكتابكم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم فأنتم كنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظك إلى آخر القصة ودخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود فوجد منهم ناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر من أحبارهم يقال له أشيع فقال أبو بكر لفنحاص ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فو الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله قد جاءكم بالحق من عنده تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل فقال فنحاص § لأبي بكر والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطيناه ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا قال فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت رأسك أي عدو الله قال فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت فقال أبو بكر يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما إنه زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء فلما قال ذلك غضبت لله مما قال وضربت وجهه فجحد ذلك فنحاص وقال ما قلت ذلك فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقا لأبي بكر لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ونزل في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما بلغه في ذلك من الغضب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ثم قال فيما قال فنحاص والأحبار معه من يهود وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أن يقول الناس علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على هدى ولا حق ويحبون أن يقول الناس قد فعلوا.


أمرهم المؤمنين بالبخل *
HSNXV01P560B

قال ابن إسحاق وكان كردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار كانوا يخالطونهم ينتصحون لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون فأنزل الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله أي من التوراة التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله وكان الله بهم عليما .


جحدهم الحق *
HSNXV01P560D

قال ابن إسحاق وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه فأنزل الله فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا أي راعنا سمعك ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله § ابن صوريا الأعور وكعب بن أسد فقال لهم يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فو الله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق قالوا ما نعرف ذلك يا محمد فجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر فأنزل الله تعالى فيهم يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .


النفر الذين حزبوا الأحزاب *
HSNXV01P561G

قال ابن إسحاق وكان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فأما وحوح § وأبو عمار وهوذة فمن بني وائل وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فسلوهم دينكم خير أم دين محمد فسألوهم فقالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه وممن اتبعه فأنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت .


إنكارهم التنزيل *
HSNXV01P562G

قال ابن إسحاق وقال سكين وعدي بن زيد يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما و دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة منهم فقال لهم أما والله § إنكم لتعلمون أني رسول من الله إليكم قالوا ما نعلمه وما نشهد عليه فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية العامريين اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري فلما خلا بعضهم ببعض قالوا لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن رجل يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه فقال عمرو بن جحاش بن كعب أنا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف عنهم فأنزل الله تعالى فيه وفيما أراد هو وقومه يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء وبحري بن عمرو وشأس بن عدي فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله تعالى فيهم وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير .


إنكارهم نزول كتاب بعد موسى عليه السلام *
HSNXV01P563G

قال ابن إسحاق ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم غير الله وعقوبته فأبوا عليه وكفروا بما جاءهم به فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب يا معشر يهود اتقوا الله فو الله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل § مبعثه وتصفونه لنا بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا ما قلنا لكم هذا قط وما أنزل الله من كتاب بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ثم قص عليهم خبر موسى وما لقي منهم وانتقاضهم عليه وما ردوا عليه من أمر الله حتى تاهوا في الأرض أربعين سنة عقوبة.


رجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حكم الرجم *
HSNXV01P564C

قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلا من مزينة من أهل العلم يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثهم أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت فقالوا ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما فإن عمل فيهما بعملكم من التجبية والتجبية الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ثم تسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وتجعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين فاتبعوه فإنما هو ملك وصدقوه وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه فأتوه فقالوا يا محمد هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال يا معشر يهود أخرجوا إلي علماءكم فأخرج له عبد الله ابن صوريا.


HSNXV01P564D

قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض بني قريظة أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهوذا فقالوا هؤلاء علماؤنا § فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم إلى أن قالوا لعبد الله ابن صوريا هذا أعلم من بقي بالتوراة.


HSNXV01P565C

وما بعده من الحديث الذي قبله فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا فألظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة يقول له يا بن صوريا أنشدك الله وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة قال اللهم نعم أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV01P565D

HSNXV01P565E

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما فرجما بباب مسجده فلما وجد اليهودي مس الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها يقيها مس الحجارة حتى قتلا جميعا § قال وكان ذلك مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما.


HSNXV01P566B

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال لما حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما دعاهم بالتوراة وجلس حبر منهم يتلوها وقد وضع يده على آية الرجم قال فضرب عبد الله بن سلام يد الحبر ثم قال هذه يا نبي الله آية الرجم يأبى أن يتلوها عليك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحكم يا معشر يهود ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم قال فقالوا أما والله إنه قد كان فينا يعمل به حتى زنى رجل منا بعد إحصانه من بيوت الملوك وأهل الشرف فمنعه الملك من الرجم ثم زنى رجل بعده فأراد أن يرجمه فقالوا لا والله حتى ترجم فلانا فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية وأماتوا ذكر الرجم والعمل به قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده قال عبد الله بن عمر فكنت فيمن رجمهما.


ظلمهم في الدية *
HSNXV01P566D

قال ابن إسحاق وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن الآيات من المائدة التي قال الله فيها فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين إنما أنزلت في الدية بين بني النضير وبين بني قريظة وذلك أن قتلى بني النضير وكان لهم شرف يؤدون الدية كاملة وأن بني قريظة كانوا يؤدون نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ذلك فيهم فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق في ذلك فجعل الدية سواء.


HSNXV01P566E

قال ابن إسحاق فالله أعلم أي ذلك كان.


قصدهم الفتنة برسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P567B

قال ابن إسحاق وقال كعب بن أسد وابن صلوبا وعبد الله بن صوريا وشأس بن قيس بعضهم لبعض اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر فأتوه فقالوا له يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم وأنا إن اتبعناك اتبعتك يهود ولم يخالفونا وأن بيننا وبين بعض قومنا خصومة أفنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدقك فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأنزل الله فيهم وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .


جحودهم نبوة عيسى عليه السلام *
HSNXV01P567D

قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وعازر بن أبي عازر وخالد وزيد وإزار بن أبي إزار وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فلما ذكر عيسى بن مريم جحدوا نبوته وقالوا لا نؤمن بعيسى بن مريم ولا بمن آمن به.


ادعاؤهم أنهم على الحق *
HSNXV01P567G

وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة وسلام بن مشكم § ومالك بن الصيف ورافع بن حريملة فقالوا يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة وتشهد أنها من الله حق. قال بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ الله عليكم من الميثاق فيها وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس فبرئت من إحداثكم قالوا فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا نتبعك فأنزل الله تعالى فيهم قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين .


إشراكهم بالله *
HSNXV01P568C

قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم النحام بن زيد وقردم ابن كعب وبحري بن عمرو فقالوا له يا محمد أما تعلم مع الله إلها غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله لا إله إلا هو بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو فأنزل الله فيهم وفي قولهم @QURS006A019_END @QURS006A019_BEG قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون وكان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ونافقا فكان رجال من المسلمين يوادونهما فأنزل الله تعالى فيهما يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين إلى قوله § وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون وقال جبل بن أبي قشير وشمويل بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد أخبرنا متى تقوم الساعة إن كنت نبيا كما تقول فأنزل الله تعالى فيهما يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون .


ادعاؤهم أن عزيرا ابن الله *
HSNXV01P570C

قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم ونعمان ابن أوفى أبو أنس ومحمود بن دحية وشأس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا له كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون إلى آخر القصة.


طلبهم كتابا من السماء *
HSNXV01P570G

قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن سيحان ونعمان بن أضاء وبحري بن عمرو وعزير بن أبي عزير وسلام بن مشكم فقالوا أحق يا محمد أن هذا الذي جئت به لحق من عند الله فإنا لا نراه متسقا كما تتسق التوراة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به فقالوا عند ذلك وهم جميع فتحاص وعبد الله بن صوريا وابن صلوبا وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وأشيع وكعب بن أسد وشمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة يا محمد أما يعلمك هذا إنس ولا جن قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله وإني لرسول الله تجدون ذلك مكتوبا عندكم في التوراة فقالوا يا محمد فإن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما يشاء § ويقدر منه على ما أراد فأنزل علينا كتابا من السماء نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتي به فأنزل الله تعالى فيهم وفيما قالوا قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .


سؤالهم له صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين *
HSNXV01P571E

قال ابن إسحاق وقال حيي بن أخطب وكعب بن أسد وأبو رافع وأشيع وشمويل بن زيد لعبد الله بن سلام حين أسلم ما تكون النبوة في العرب ولكن صاحبك ملك ثم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذي القرنين فقص عليهم ما جاءه من الله تعالى فيه مما كان قص على قريش وهم كانوا ممن أمر قريشا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه حين بعثوا إليهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط.


تهجمهم على ذات الله وغضب الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك *
HSNXV01P571G

قال ابن إسحاق وحدثت عن سعيد بن جبير أنه قال أتى رهط من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربه قال فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه فقال خفض عليك يا محمد وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه قل هو الله أحد § الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال فلما تلاها عليهم قالوا فصف لنا يا محمد كيف خلقه كيف ذراعه كيف عضده فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول وساورهم فأتاه جبريل عليه السلام فقال له مثل ما قال له أول مرة وجاءه من الله تعالى بجواب ما سألوه يقول الله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون .


HSNXV01P572B

قال ابن إسحاق وحدثني عتبة بن مسلم مولى بني تيم عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوشك الناس أن يتساءلوا بينهم حتى يقول قائلهم هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله فإذا قالوا ذلك فقولوا قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم ليتفل الرجل عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم.


أمر السيد والعاقب وذكر المباهلة *

HSNXV01P573C

قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه واسمه عبد المسيح والسيد لهم ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخ له يقال له كوز بن علقمة.


HSNXV01P573E

فعثرت بغلة أبي حارثة فقال كوز تعس الأبعد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو حارثة بل أنت تعست فقال ولم يا أخي قال والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر فقال له كوز ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا قال ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلافه فلو فعلت § نزعوا منا كل ما ترى فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني.


صلاتهم إلى المشرق *
HSNXV01P574F

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب قال يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ما رأينا وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فصلوا إلى المشرق.


أسماء الوفد ومعتقدهم ومناقشتهم الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P575B

قال ابن إسحاق فكانت تسمية الأربعة عشر الذين يئول إليهم أمرهم العاقب وهو عبد المسيح والسيد وهو الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أخو بني بكر بن وائل وأوس والحارث وزيد وقيس ويزيد ونبيه وخويلد وعمرو وخالد وعبد الله ويحنس في ستين راكبا فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب عبد المسيح والأيهم السيد وهم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف من أمرهم يقولون هو الله ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثالث ثلاثة وكذلك قول النصرانية فهم يحتجون في قولهم هو الله بأنه كان يحيي الموتى ويبرئ الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرا وذلك كله بأمر الله تبارك وتعالى @QURS019A021_BEG ولنجعله آية للناس @QURS019A021_BEG ويحتجون في قولهم إنه ولد الله بأنهم يقولون لم يكن له أب يعلم وقد تكلم في المهد وهذا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ويحتجون في قولهم إنه ثالث ثلاثة بقول الله فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وقضيت وأمرت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلما قالا قد أسلمنا قال إنكما لم تسلما فأسلما قالا بلى قد أسلمنا قبلك قال كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا فمن أبوه يا محمد فصمت عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهما § فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فقال جل وعز الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم فافتتح السورة بتنزيه نفسه عما قالوا وتوحيده إياها بالخلق والأمر لا شريك له فيه ردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد واحتجاجا بقولهم عليهم في صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالتهم فقال الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ليس معه غيره شريك في أمره الحي القيوم الحي الذي لا يموت وقد مات عيسى وصلب في قولهم والقيوم القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول وقد زال عيسى في قولهم عن مكانه الذي كان به وذهب عنه إلى غيره نزل عليك الكتاب بالحق أي بالصدق فيما اختلفوا فيه وأنزل التوراة والإنجيل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى كما أنزل الكتب على من كان قبله و أنزل الفرقان أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام أي أن الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أي قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه إلها وربا وعندهم من علمه غير ذلك غرة بالله وكفرا به هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء أي قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه كما صور غيره من ولد آدم فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل ثم قال تعالى إنزاها لنفسه وتوحيدا لها مما جعلوا معه لا إله إلا هو العزيز الحكيم العزيز في انتصاره ممن كفر به إذا شاء الحكيم في حجته وعذره إلى عباده هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه وأخر متشابهات لهن تصريف وتأويل ابتلى الله § فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق يقول عز وجل فأما الذين في قلوبهم زيغ أي ميل عن الهدى فيتبعون ما تشابه منه أي ما تصرف منه ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا لتكون لهم حجة ولهم على ما قالوا شبهة @QURS003A007_END ابتغاء الفتنة @QURS003A007_END أي اللبس و ابتغاء تأويله ذلك على ما ركبوا من الضلالة في قولهم خلقنا وقضينا يقول وما يعلم تأويله أي الذي به أرادوا ما أرادوا إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا فكيف يختلف وهو قول واحد من رب واحد ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد واتسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضا فنفذت به الحجة وظهر به العذر وزاح به الباطل ودمغ به الكفر يقول الله تعالى في مثل هذا @QURS002A269_BEG وما يذكر @QURS002A269_BEG في مثل هذا إلا أولوا الألباب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا أي لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ثم قال شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم بخلاف ما قالوا قائما بالقسط أي بالعدل فيما يريد لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام أي ما أنت عليه يا محمد التوحيد للرب والتصديق للرسل وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم أي الذي جاءك أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب فإن حاجوك أي بما يأتون به من الباطل من قولهم خلقنا وفعلنا وأمرنا فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق فقل أسلمت وجهي لله أي وحده ومن اتبعن @QURS003A020_BEG وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين @QURS003A020_BEG § الذين لا كتاب لهم أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ثم جمع أهل الكتابين جميعا وذكر ما أحدثوا وما ابتدعوا من اليهود والنصارى فقال إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس إلى قوله قل اللهم مالك الملك أي رب العباد والملك الذي لا يقضي فيهم غيره تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير أي لا إله غيرك إنك على كل شيء قدير أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي بتلك القدرة وترزق من تشاء بغير حساب لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت أي فإن كنت سلطت عيسى على الأشياء التي بها يزعمون أنه إله من إحياء الموتى وإبراء الأسقام والخلق للطير من الطين والإخبار عن الغيوب لأجعله به آية للناس وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك بأمر النبوة ووضعها حيث شئت وإيلاج الليل في النهار والنهار في الليل وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي ورزق من شئت من بر أو فاجر بغير حساب فكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ولم أملكه إياه أفلم تكن لهم في ذلك عبرة وبينة أن لو كان إلها كان ذلك كله إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد ثم وعظ المؤمنين وحذرهم ثم قال قل إن كنتم تحبون الله § أي إن كان هذا من قولكم حقا حبا لله وتعظيما له فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم أي ما مضى من كفركم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فأنتم تعرفونه وتجدونه في كتابكم فإن تولوا أي على كفرهم فإن الله لا يحب الكافرين ثم استقبل لهم أمر عيسى عليه السلام وكيف كان بدء ما أراد الله به فقال إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ثم ذكر أمر امرأة عمران وقولها رب إني نذرت لك ما في بطني محررا أي نذرته فجعلته عتيقا تعبده لله لا ينتفع به لشيء من الدنيا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى أي ليس الذكر كالأنثى لما جعلتها محررا لك نذيرة وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم يقول الله تبارك وتعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا بعد أبيها وأمها.


خبر زكريا ومريم *
HSNXV01P579F

قال ابن إسحاق فذكرها باليتم ثم قص خبرها وخبر زكريا وما دعا به وما أعطاه إذ وهب له يحيى ثم ذكر مريم وقول الملائكة لها § يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين يقول الله عز وجل ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم أي ما كنت معهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل ريم.


كفالة جريج الراهب لمريم *
HSNXV01P580E

قال ابن إسحاق كفلها هاهنا جريج الراهب رجل من بني إسرائيل نجار خرج السهم عليه بحملها فحملها وكان زكريا قد كفلها قبل ذلك فأصابت بني إسرائيل أزمة شديدة فعجز زكريا عن حملها فاستهموا عليها أيهم يكفلها فخرج السهم على جريج الراهب بكفولها فكفلها وما كنت لديهم إذ يختصمون أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها يخبره بخفي ما كتموا منه من العلم عندهم لتحقيق نبوته والحجة عليهم بما يأتيهم به مما أخفوا منه ثم قال إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم أي هكذا كان أمره لا كما تقولون فيه وجيها في الدنيا والآخرة أي عند الله ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين يخبرهم بحالاته التي يتقلب فيها في عمره كتقلب بني آدم في أعمارهم صغارا وكبارا إلا أن الله خصه بالكلام في مهده آية لنبوته وتعريفا للعباد بمواقع قدرته قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء أي يصنع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر أو غير بشر إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن G مما يشاء وكيف شاء فيكون كما أراد § ثم أخبرها بما يريد به فقال ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة التي كانت فيهم من عهد موسى قبله والإنجيل كتابا آخر أحدثه الله عز وجل إليه لم يكن عندهم إلا ذكره أنه كائن من الأنبياء بعده ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أي يحقق بها نبوتي أني رسول منه إليكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله الذي بعثني إليكم وهو ربي وربكم وأبرئ الأكمه والأبرص .


HSNXV01P581E

وجلبت عليه وهذا البيت في أرجوزة له وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم أني رسول الله من الله إليكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة أي لما سبقني عنها ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم أي أخبركم به أنه كان عليكم حراما فتركتموه ثم أحله لكم تخفيفا عنكم فتصيبون يسره وتخرجون من تباعاته وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم أي تبريا من الذين يقولون فيه واحتجاجا لربه عليهم فاعبدوه هذا صراط مستقيم أي هذا الذي قد حملتكم عليه وجئتكم § به فلما أحس عيسى منهم الكفر والعدوان عليه قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله هذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم واشهد بأنا مسلمون G لا ما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين أي هكذا كان قولهم وإيمانهم ثم ذكر سبحانه وتعالى رفعه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله فقال @QURS003A054_BEG ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين @QURS003A054_BEG ثم أخبرهم ورد عليهم فيما أقروا لليهود بصلبه كيف رفعه وطهره منهم فقال إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا إذ هموا منك بما هموا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم القصة حتى انتهى إلى قوله ذلك نتلوه عليك يا محمد من الآيات والذكر الحكيم القاطع الفاصل الحق الذي لا يخالطه الباطل من الخبر عن عيسى وعما اختلفوا فيه من أمره فلا تقبلن خبرا غيره إن مثل عيسى عند الله G فاستمع كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك أي ما جاءك من الخبر عن عيسى فلا تكن من الممترين أي قد جاءك الحق من ربك فلا تمترين فيه وإن قالوا خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب بتلك القدرة من غير أنثى ولا ذكر فكان كما كان عيسى لحما ودما وشعرا وبشرا فليس خلق عيسى من غير ذكر بأعجب من هذا فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم أي من بعد ما قصصت عليك من خبره وكيف كان أمره فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين .


HSNXV01P583C

قال ابن إسحاق إن هذا الذي جئت به من الخبر عن عيسى لهو القصص الحق من أمره وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك فقالوا له يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه فانصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم فقالوا يا عبد المسيح ماذا ترى فقال والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ولقد علمتم ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله صلى الله § عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا فإنكم عندنا رضا قال محمد بن جعفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين قال فكان عمر بن الخطاب يقول ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها فرحت إلى الظهر مهجرا فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ثم نظر عن يمينه وعن يساره فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة ابن الجراح فدعاه فقال اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه قال عمر فذهب بها أبو عبيدة.


نبذ من ذكر المنافقين *

HSNXV01P584F

قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وسيد أهلها عبد الله بن أبي ابن سلول العوفي ثم أحد بني الحبلى لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان لم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين حتى جاء الإسلام غيره ومعه في الأوس رجل هو في قومه من الأوس شريف مطاع أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن النعمان أحد بني ضبيعة بن زيد وهو أبو حنظلة الغسيل يوم أحد وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وكان يقال له الراهب فشقيا بشرفهما وضرهما فأما عبد الله بن أبي فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه § عليهم فجاءهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ورأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استلبه ملكا فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام دخل فيه كارها مصرا على نفاق وضغن وأما أبو عامر فأبى إلا الكفر والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلا مفارقا للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني محمد بن أبي أمامة عن بعض آل حنظلة بن أبي عامر لا تقولوا الراهب ولكن قولوا الفاسق.


ما نال ابن صيفي جزاء تعريضه بالرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P585E

قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم وكان قد أدرك وسمع وكان راوية أن أبا عامر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة قبل أن يخرج إلى مكة فقال ما هذا الدين الذي جئت به فقال جئت بالحنيفية دين إبراهيم قال فأنا عليها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست عليها قال بلى قال إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها قال ما فعلت ولكني جئت بها بيضاء نقية قال الكاذب أماته الله طريدا غريبا وحيدا يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أي أنك جئت بها § كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فمن كذب ففعل الله تعالى ذلك به فكان هو ذلك عدو الله خرج إلى مكة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام فمات بها طريدا غريبا وحيدا وكان قد خرج معه علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب وكنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي فلما مات اختصما في ميراثه إلى قيصر صاحب الروم فقال قيصر يرث أهل المدر أهل المدر ويرث أهل الوبر أهل الوبر فورثه كنانة بن عبد ياليل بالمدر دون علقمة فقال كعب بن مالك لأبي عامر فيما صنع معاذ الله من عمل خبيث كسعيك في العشيرة عبد عمرو فإما قلت لي شرف ونخل فقد ما بعت إيمانا بكفر.


HSNXV01P586G

قال ابن إسحاق وأما عبد الله بن أبي فأقام على شرفه في قومه مترددا حتى غلبه الإسلام فدخل فيه كارها.


خروج قوم ابن أبي عليه وشعره في ذلك *
HSNXV01P586I

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه على § حمار عليه إكاف فوقه قطيفة فدكية مختطمة بحبل من ليف وأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه قال فمر بعبد الله بن أبي وهو في ظل مزاحم أطمه.


HSNXV01P58C

قال ابن إسحاق وحوله رجال من قومه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تذمم من أن يجاوزه حتى ينزل فنزل فسلم ثم جلس قليلا فتلا القرآن ودعا إلى الله عز وجل وذكر بالله وحذر وبشر وأنذر قال وهو زام لا يتكلم حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته قال يا هذا إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك له فحدثه إياه و من لم يأتك فلا تغته به ولا تأته في مجلسه بما يكره منه قال فقال عبد الله بن رواحة في رجال كانوا عنده من المسلمين بلى فاغشنا به وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا فهو والله مما نحب ومما أكرمنا الله به وهدانا له فقال عبد الله بن أبي حين رأى من خلاف قومه ما رأى متى ما يكن مولاك خصمك لا تزل تذل ويصرعك الذين تصارع وهل ينهض البازي بغير جناحه وإن جذ يوما ريشه فهو واقع.


غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من كلام ابن أبي *
HSNXV01P588B

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة قال وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على سعد بن عبادة وفي وجهه ما قال عدو الله ابن أبي فقال والله يا رسول الله إني لأرى في وجهك شيئا لكأنك سمعت شيئا تكرهه قال أجل ثم أخبره بما قال ابن أبي فقال سعد يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه فو الله إنه ليرى أن قد سلبته ملكا.


ذكر من اعتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم *

HSNXV01P588E

قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة وعمر بن عبد الله بن عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أوبأ أرض الله من الحمى فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم فصرف الله تعالى ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم قالت فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبي بكر مع أبي بكر في بيت واحد فأصابتهم الحمى فدخلت عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك فدنوت من أبي بكر فقلت له كيف تجدك يا أبت فقال كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله § قالت فقلت والله ما يدري أبي ما يقول قالت ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت له كيف تجدك يا عامر فقال لقد وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه كالثور يحمي جلده بروقه.


HSNXV01P589C

قالت فقلت والله ما يدري عامر ما يقول قالت وكان بلال إذا تركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته فقال ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفخ وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل.


دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بنقل وباء المدينة إلى مهيعة *
HSNXV01P589F

قالت عائشة رضي الله عنها فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم فقلت إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد وبارك لنا في مدها وصاعها وانقل وباءها إلى مهيعة ومهيعة الجحفة.


ما جهد المسلمين من الوباء *
HSNXV01P590B

قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه أصابتهم حمى المدينة حتى جهدوا مرضا وصرف الله تعالى ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم حتى كانوا ما يصلون إلا وهم قعود قال فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك فقال لهم اعلموا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم قال فتجشم المسلمون القيام على ما بهم من الضعف والسقم التماس الفضل.


تاريخ الهجرة

HSNXV01P590D

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تهيأ لحربه قام فيما أمره الله به من جهاد عدوه وقتال من أمره الله به ممن يليه من المشركين مشركي العرب وذلك بعد أن بعثه الله تعالى بثلاث عشرة سنة بالإسناد المتقدم عن عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل.


HSNXV01P590F

قال ابن إسحاق ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن ثلاث وخمسين سنة وذلك بعد أن بعثه الله عز وجل بثلاث عشرة سنة فأقام بها بقية شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر وجماديين ورجبا وشعبان وشهر رمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم ثم خرج غازيا في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة.


غزوة ودان وهي أول غزواته عليه الصلاة والسلام *

HSNXV01P591D

قال ابن إسحاق حتى بلغ ودان وهي غزوة الأبواء يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فوادعته فيها بنو ضمرة وكان الذي وادعه منهم عليهم مخشي بن عمرو الضمري وكان سيدهم في زمانه ذلك ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا فأقام بها بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول.


سرية عبيدة بن الحارث وهي أول راية عقدها عليه الصلاة والسلام *

HSNXV01P591H

قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة فلقي بها جمعا عظيما من قريش فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رمي يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في الإسلام § ثم انصرف القوم عن القوم وللمسلمين حامية وفر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو البهراني حليف بني زهرة وعتبة بن غزوان ابن جابر المازني حليف بني نوفل بن عبد مناف وكانا مسلمين ولكنهما خرجا ليتوصلا بالكفار وكان على القوم عكرمة بن أبي جهل.


شعر أبي بكر فيها *
HSNXV01P592E

قال ابن إسحاق فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبيدة بن الحارث.


HSNXV01P592G

أمن طيف سلمى بالبطاح الدمائث %~% أرقت وأمر في العشيرة حادث ترى من لؤي فرقة لا يصدها عن الكفر تذكير ولا بعث باعث رسول أتاهم صادق فتكذبوا عليه وقالوا لست فينا بماكث إذا ما دعوناهم إلى الحق أدبروا وهروا هرير المجحرات اللواهث فكم قد متتنا فيهم بقرابة وترك التقى شيء لهم غير كارث § فإن يرجعوا عن كفرهم وعقوقهم فما طيبات الحل مثل الخبائث وإن يركبوا طغيانهم وضلالهم فليس عذاب الله عنهم بلابث ونحن أناس من ذؤابة غالب لنا العز منها في الفروع الأثائث فأولي برب الراقصات عشية حراجيج تحدى في السريح الرثائث كأدم ظباء حول مكة عكف يردن حياض البئر ذات النبائث لئن لم يفيقوا عاجلا من ضلالهم ولست إذا آليت قولا بجانث لتبتدرنهم غارة ذات مصدق تحرم أطهار النساء الطوامث تغادر قتلى تعصب الطير حولهم ولا ترأف الكفار رأف ابن حارث فأبلغ بني سهم لديك رسالة وكل كفور يبتغي الشر باحث فإن تشعثوا عرضي على سوء رأيكم فإني من أعراضكم غير شاعث فأجابه عبد الله بن الزبعرى السهمي فقال أمن رسم دار أقفرت بالعثاعث بكيت بعين دمعها غير لابث ومن عجب الأيام والدهر كله له عجب من سابقات وحادث § لجيش أتانا ذي عرام يقوده عبيدة يدعى في الهياج ابن حارث لنترك أصناما بمكة عكفا مواريث موروث كريم لوارث فلما لقيناهم بسمر ردينة وجرد عتاق في العجاج لواهث وبيض كأن الملح فوق متونها بأيدي كماة كالليوث العوائث نقيم بها إصعار من كان مائلا ونشفي الذحول عاجلا غير لابث فكفوا على خوف شديد وهيبة وأعجبهم أمر لهم أمر رائث ولو أنهم لم يفعلوا ناح نسوة أيامى لهم من بين نسأ وطامث وقد غودرت قتلى يخبر عنهم حفي بهم أو غافل غير باحث فأبلغ أبا بكر لديك رسالة فما أنت عن أعراض فهر بماكث ولما تجب مني يمين غليظة تجدد حربا حلفة غير حانث.


شعر ابن أبي وقاص في رميته *
HSNXV01P594D

قال ابن إسحاق وقال سعد بن أبي وقاص في رميته تلك فيما يذكرون ألا هل أتى رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي أذود بها أوائلهم ذيادا بكل حزونة وبكل سهل § فما يعتد رام في عدو بسهم يا رسول الله قبلي وذلك أن دينك دين صدق وذو حق أتيت به وعدل ينجى المؤمنون به ويجزى به الكفار عند مقام مهل فمهلا قد غويت فلا تعبني غوي الحي ويحك يا بن جهل.


سرية حمزة إلى سيف البحر

HSNXV01P595D

قال ابن إسحاق فكانت راية عبيدة بن الحارث فيما بلغني أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام لأحد من المسلمين وبعض العلماء يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء قبل أن يصل إلى المدينة وبعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاث مائة راكب من أهل مكة فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني وكان موادعا للفريقين جميعا فانصرف بعض القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال وبعض الناس يقول كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين وذلك أن بعثه وبعث عبيدة كانا معا فشبه § ذلك على الناس وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعرا يذكر فيه أن رايته أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان حمزة قد قال ذلك فقد صدق إن شاء الله لم يكن يقول إلا حقا فالله أعلم أي ذلك كان فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا فعبيدة بن الحارث أول من عقد له فقال حمزة في ذلك فيما يزعمون.


HSNXV01P596C

ألا يا لقومي للتحلم والجهل %~% وللنقص من رأي الرجال وللعقل وللراكبينا بالمظالم لم نطأ لهم حرمات من سوام ولا أهل كأنا تبلناهم ولا تبل عندنا لهم غير أمر بالعفاف وبالعدل وأمر بإسلام فلا يقبلونه وينزل منهم مثل منزلة الهزل فما برحوا حتى انتدبت لغارة لهم حيث حلوا ابتغى راحة الفضل بأمر رسول الله أول خافق عليه لواء لم يكن لاح من قبلي لواء لديه النصر من ذي كرامة إله عزيز فعله أفضل الفعل عشية ساروا حاشدين وكلنا مراجله من غيظ أصحابه تغلي فلما تراءينا أناخوا فعقلوا مطايا وعقلنا مدى غرض النبل فقلنا لهم حبل الإله نصيرنا وما لكم إلا الضلالة من حبل فثار أبو جهل هنالك باغيا فخاب ورد الله كيد أبي جهل وما نحن إلا في ثلاثين راكبا وهم مائتان بعد واحدة فضل § فيا للؤى لا تطيعوا غواتكم وفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهل فإني أخاف أن يصب عليكم عذاب فتدعوا بالندامة والثكل فأجابه أبو جهل بن هشام فقال عجبت لأسباب الحفيظة والجهل وللشاغبين بالخلاف وبالبطل وللتاركين ما وجدنا جدودنا عليه ذوي الأحساب والسؤدد الجزل أتونا بإفك كي يضلوا عقولنا وليس مضلا إفكهم عقل ذي عقل فقلنا لهم يا قومنا لا تخالفوا على قومكم إن الخلاف مدى الجهل فإنكم إن تفعلوا تدع نسوة لهن بواك بالرزية والثكل وإن ترجعوا عما فعلتم فإننا بنو عمكم أهل الحفائظ والفضل فقالوا لنا إنا وجدنا محمدا رضا لذوي الأحلام منا وذي العقل فلما أبوا إلا الخلاف وزينوا جماع الأمور بالقبيح من الفعل تيممتهم بالساحلين بغارة لأتركهم كالعصف ليس بذي أصل فورعنى مجدي عنهم وصحبتي وقد وازروني بالسيوف وبالنبل لإل علينا واجب لا نضيعه أمين قواه غير منتكث الحبل فلولا ابن عمرو كنت غادرت منهم ملاحم للطير العكوف بلا تبل § ولكنه آلى بإل فقلصت بأيماننا حد السيوف عن القتل فإن تبقني الأيام أرجع عليهم ببيض رقاق الحد محدثة الصقل بأيدي حماة من لؤي بن غالب كرام المساعي في الجدوبة والمحل


غزوة بواط *

HSNXV01P598E

قال ابن إسحاق ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول يريد قريشا.


العودة إلى المدينة *
HSNXV01P598I

قال ابن إسحاق حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى.


غزوة العشيرة *

HSNXV01P598L

ثم غزا قريشا.


الطريق إلى العشيرة *
HSNXV01P598N

قال ابن إسحاق فسلك على نقب بني دينار ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها ذات الساق فصلى عندها فثم § مسجده صلى الله عليه وسلم وصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه فموضع أثافي البرمة معلوم هنالك واستقي له من ماء به يقال له المشترب ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك الخلائق بيسار وسلك شعبة يقال لها شعبة عبد الله وذلك اسمها اليوم ثم صب لليسار حتى هبط يليل فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة واستقى من بئر بالضبوعة ثم سلك الفرش فرش ملل حتى لقي الطريق بصحيرات اليمام ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا وفي تلك الغزوة قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام ما قال.


HSNXV01P599D

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خيثم أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم وفي نخل فقال لي علي بن أبي طالب يا أبا اليقظان هل لك في أن تأتي هؤلاء القوم فننظر كيف يعملون قال قلت إن شئت قال فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صور من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا إلا رسول الله § صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب ما لك يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب ثم قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قلنا بلى يا رسول الله قال أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه ووضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه وأخذ بلحيته.


HSNXV01P600B

قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى عليا أبا تراب أنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها ولم يقل لها شيئا تكرهه إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة فيقول ما لك يا أبا تراب فالله أعلم أي ذلك كان.


سرية سعد بن أبي وقاص *

HSNXV01P600E

قال ابن إسحاق وقد كان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين ذلك من غزوة سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا.


غزوة صفوان وهي غزوة بدر الأولى *

HSNXV01P601C

قال ابن إسحاق ولم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين قدم من غزوة العشيرة إلا ليالي قلائل لا تبلغ العشر حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه.


فوات كرز والرجوع من غير حرب *
HSNXV01P601F

قال ابن إسحاق حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وفاته كرز بن جابر فلم يدركه وهي غزوة بدر الأولى ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا وكان أصحاب عبد الله بن جحش من المهاجرين ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومن حلفائهم عبد الله ابن جحش وهو أمير القوم وعكاشة بن محصن بن حرثان أحد بني أسد § ابن خزيمة حليف لهم ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر حليف لهم ومن بني زهرة بن كلاب سعد بن أبي وقاص ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف لهم من عنز بن وائل وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع أحد بني تميم حليف لهم وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف لهم ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال سمعا وطاعة ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشا حتى آتيه منهم بخبر وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا عليه في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو ابن الحضرمي.


HSNXV01P603B

قال ابن إسحاق وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقال القوم والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم ابن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمتا الخمس وذلك قبل أن يفرض الله تعالى الخمس من المغانم فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس العير وقسم سائرها بين أصحابه.


نكران الرسول صلى الله عليه وسلم على ابن جحش قتاله في الشهر الحرام *
HSNXV01P603D

قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط في أيدي القوم § وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان وقالت يهود تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم والفتنة أكبر من القتل أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا أي ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله والحكم ابن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفديكموها حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم § فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين فأنزل الله عز وجل فيهم إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم فوضعهم الله عز وجل من ذلك على أعظم الرجاء والحديث في هذا عن الزهري ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير.


HSNXV01P605E

قال ابن إسحاق وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن الله عز وجل قسم الفيء حين أحله فجعل أربعة أخماس لمن أفاءه الله وخمسا إلى الله ورسوله فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير.


شعر في هذه السرية ينسب إلى أبي بكر وإلى ابن جحش *
HSNXV01P605H

قال ابن إسحاق فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبد الله بن جحش ويقال بل عبد الله بن جحش قالها حين قالت قريش قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه المال وأسروا فيه الرجال.


HSNXV01P605J

تعدون قتلا في الحرام عظيمة %~% وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودكم عما يقول محمد وكفر به والله راء وشاهد وإخراجكم من مسجد الله أهله لئلا يرى لله في البيت ساجد فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد § سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند.


صرف القبلة إلى الكعبة *

HSNXV01P606C

قال ابن إسحاق ويقال صرفت القبلة في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.


غزوة بدر الكبرى *

HSNXV01P606G

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشأم في عير لقريش عظيمة فيها أموال لقريش وتجارة من تجاراتهم وفيها ثلاثون رجلا من قريش أو أربعون منهم مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وعمرو بن العاص بن وائل بن هشام.


HSNXV01P606J

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباس كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر قالوا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان § مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى خربا وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على أمر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.


ذكر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب *

HSNXV01P607D

قال ابن إسحاق فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد ابن رومان عن عروة بن الزبير قالا وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به فقال لها وما رأيت قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه § ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة قال العباس والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبة ففشا الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش في أنديتها قال العباس فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآني أبو جهل قال يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال لي أبو جهل يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية قال قلت وما ذاك قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال فقلت وما رأت قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب § عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال العباس فو الله ما كان مني إليه كبير إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا قال ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غير لشيء مما سمعت قال قلت قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير وايم الله لأتعرضن له فإن عاد لأكفينكه قال فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته فو الله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به وكان رجلا خفيفا حديد الوجه حديد اللسان حديد النظر قال إذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال فقلت في نفسي ما له لعنه الله أكل هذا فرق مني أن أشاتمه قال وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث قال فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر فتجهز الناس سراعا وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد § إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب تخلف وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة وكان قد لاط له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على أن يجزئ عنه بعثه فخرج عنه وتخلف أبو لهب.


عقبة يتهكم بأمية لقعوده فيخرج *
HSNXV01P610C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن أمية بن خلف كان أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا فأتاه عقبة بن أبي معيط وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا أبا علي استجمر فإنما أنت من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز فخرج مع الناس.


الحرب بين كنانة وقريش وتحاجزهم يوم بدر *
HSNXV01P610E

قال ابن إسحاق ولما فرغوا من جهازهم وأجمعوا المسير ذكروا ما كان بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فقالوا إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا وكانت الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر كما حدثني بعض بني عامر بن لؤي عن محمد بن سعيد بن المسيب في ابن لحفص بن الأخيف أحد بني معيص بن عامر بن لؤي خرج يبتغي ضالة له بضجنان وهو غلام حدث في رأسه ذؤابة وعليه حلة له وكان غلاما وضيئا نظيفا فمر بعامر بن يزيد بن عامر بن الملوح أحد بني يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو بضجنان وهو سيد بني بكر يومئذ فرآه فأعجبه فقال من أنت يا غلام قال أنا ابن لحفص ابن الأخيف القرشي فلما ولى الغلام قال عامر بن زيد يا بني بكر ما لكم في قريش من دم قالوا بلى والله إن لنا فيهم لدماء قال ما كان رجل ليقتل هذا الغلام برجله إلا كان قد استوفى دمه قال فتبعه رجل من بني بكر فقتله § بدم كان له في قريش فتكلمت فيه قريش فقال عامر بن يزيد يا معشر قريش قد كانت لنا فيكم دماء فما شئتم إن شئتم فأدوا علينا ما لنا قبلكم ونؤدي ما لكم قبلنا وإن شئتم فإنما هي الدماء رجل برجل فتجافوا عما لكم قبلنا ونتجافى عما لنا قبلكم فهان ذلك الغلام على هذا الحي من قريش وقالوا صدق رجل برجل فلهوا عنه فلم يطلبوا به قال فبينما أخوه مكرز بن حفص بن الأخيف يسير بمر الظهران إذ نظر إلى عامر بن يزيد بن عامر بن الملوح على جمل له فلما رآه أقبل إليه حتى أناخ به وعامر متوشح سيفه فعلاه مكرز بسيفه حتى قتله ثم خاض بطنه بسيفه ثم أتى به مكة فعلقه من الليل بأستار الكعبة فلما أصبحت قريش رأوا سيف عامر بن يزيد بن عامر معلقا بأستار الكعبة فعرفوه فقالوا إن هذا لسيف عامر بن يزيد عدا عليه مكرز بن حفص فقتله فكان ذلك من أمرهم فبينما هم في ذلك من حربهم حجز الإسلام بين الناس فتشاغلوا به حتى أجمعت قريش المسير إلى بدر فذكروا الذي بينهم وبين بني بكر فخافوهم وقال مكرز بن حفص في قتله عامرا لما رأيت أنه هو عامر تذكرت أشلاء الحبيب الملحب وقلت لنفسي إنه هو عامر فلا ترهبيه وانظري أي مركب وأيقنت أني إن أجلله ضربة متى ما أصبه بالفرافر يعطب خفضت له جأشي وألقيت كلكلي على بطل شاكي السلاح مجرب ولم أك لما التف روعي وروعه عصارة هجن من نساء ولا أب § حللت به وتري ولم أنس ذحله إذا ما تناسى ذحله كل عيهب.


إبليس يغري قريشا بالخروج *
HSNXV01P612D

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي كان بينها وبين بني بكر فكاد ذلك يثنيهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه فخرجوا سراعا.


خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P612F

قال ابن إسحاق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال مضت من شهر رمضان في أصحابه.


HSNXV01P612H

واستعمل عمرو بن أم مكتوم ويقال اسمه عبد الله بن أم مكتوم أخا بني عامر بن لؤي على الصلاة بالناس ثم رد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة.


صاحب اللواء *
HSNXV01P612J

قال ابن إسحاق ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.


رايتا الرسول صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P612M

قال ابن إسحاق وكان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان § إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها العقاب والأخرى مع بعض الأنصار.


عدد إبل المسلمين *
HSNXV01P613C

قال ابن إسحاق وكانت إبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعين بعيرا فاعتقبوها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا وكان حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأبو كبشة وأنسة موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون بعيرا وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا.


HSNXV01P613D

قال ابن إسحاق وجعل على الساقة قيس بن أبي صعصعة أخا بني مازن بن النجار.


طريق المسلمين إلى بدر *
HSNXV01P613G

قال ابن إسحاق فسلك طريقه من المدينة إلى مكة على نقب المدينة ثم على العقيق ثم على ذي الحليفة ثم على أولات الجيش.


الرجل الذي اعترض الرسول وجواب سلمة له *
HSNXV01P613J

قال ابن إسحاق ثم مر على تربان ثم على ملل ثم غميس الحمام من مريين ثم على صخيرات اليمام ثم على السيالة ثم على فج الروحاء ثم على شنوكة وهي الطريق المعتدلة حتى إذا كان بعرق الظبية.


HSNXV01P613L

لقوا رجلا من الأعراب فسألوه عن الناس فلم يجدوا عنده خبرا فقال له الناس سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أوفيكم رسول الله قالوا نعم فسلم عليه ثم قال إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه قال له سلمة بن سلامة بن وقش لا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك نزوت عليها ففي بطنها منك سخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه أفحشت على الرجل ثم أعرض عن سلمة § ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم سجسج وهي بئر الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا فسلك في ناحية منها حتى جزع واديا يقال له رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس بن الجهني حليف بني ساعدة وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتحسسان له الأخبار عن أبي سفيان بن حرب وغيره ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدمها فلما استقبل الصفراء وهي قريبة بين جبلين سأل عن جبليهما ما اسماهما فقالوا يقال لأحدهما هذا مسلح وللآخر هذا مخرئ وسأل عن أهلهما فقيل بنو النار وبنو حراق بطنان من بني غفار فكرههما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرور بينهما وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما فتركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران فجزع فيه ثم نزل وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس وأخبرهم § عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون 5 24 ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار وذلك أنهم عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال أجل قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها § الأصافر ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدبة وترك الحنان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم ثم نزل قريبا من بدر فركب هو ورجل من أصحابه.


HSNXV01P616C

قال ابن إسحاق كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك قال أذاك بذاك قال نعم قال الشيخ فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء ثم انصرف عنه قال يقول الشيخ ما من ماء أمن ماء العراق.


ظفر المسلمين برجلين من قريش يقفانهم على أخبارهم *
HSNXV01P616E

قال ابن إسحاق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فلما أمسى بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له عليه كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فأصابوا راوية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فقالا نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلما أذلقوهما قالا نحن لأبي سفيان فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم § وسجد سجدتيه ثم سلم وقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش قالا هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى والكثيب العقنقل فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كم القوم قالا كثير قال ما عدتهم قالا لا ندري قال كم ينحرون كل يوم قالا يوما تسعا ويوما عشرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم فيما بين التسع مائة والألف ثم قال لهما فمن فيهم من أشراف قريش قالا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبد ود فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.


بسبس وعدي يتجسسان الأخبار *
HSNXV01P617C

قال ابن إسحاق وكان بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه ومجدي بن عمرو الجهني على الماء فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر وهما يتلازمان على الماء والملزومة تقول لصاحبتها إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم ثم أقضيك الذي لك قال مجدي صدقت ثم خلص بينهما وسمع ذلك عدي وبسبس فجلسا على بعيريهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا § وأقبل أبو سفيان بن حرب حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء فقال لمجدي بن عمرو هل أحسست أحدا فقال ما رأيت أحدا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا في شن لهما ثم انطلقا فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع إلى أصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها وترك بدرا بيسار وانطلق حتى أسرع قال وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت ابن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رؤيا فقال إني رأيت فيما يرى النائم وإني لبين النائم واليقظان إذ نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وفلان وفلان فعدد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه قال فبلغت أبا جهل فقال وهذا أيضا نبي آخر من بني المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.


رسالة أبي سفيان إلى قريش *
HSNXV01P618F

قال ابن إسحاق ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا فقال أبو جهل بن هشام والله لا نرجع حتى نرد بدرا وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزر § ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي وكان حليفا لبني زهرة وهم بالجحفة يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلوا لي جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة لا ما يقول هذا يعني أبا جهل فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد أطاعوه وكان فيهم مطاعا ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي بن كعب لم يخرج منهم رجل واحد فرجعت بنو زهرة مع الأخنس بن شريق فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ومشى القوم وكان بين طالب بن أبي طالب وكان في القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا والله لقد عرفنا يا بني هاشم وإن خرجتم معنا أن هواكم لمع محمد فرجع طالب إلى مكة مع من رجع وقال طالب ابن أبي طالب لا هم إما يغزون طالب في عصبة محالف محارب في مقنب من هذه المقانب فليكن المسلوب غير السالب وليكن المغلوب غير الغالب.


نزول قريش بالعدوة والمسلمين ببدر *
HSNXV01P619F

قال ابن إسحاق ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بين بدر وبين العقنقل § الكثيب الذي خلفه قريش والقلب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة وبعث الله السماء وكان الودي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم عن السير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به.


مشورة الحباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P620C

قال ابن إسحاق فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن المنذر بن الجموح قال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة قال بل هو الرأي والحرب والمكيدة فقال يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم أمر بالقلب فغورت وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية.


بناء العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم *
HSNXV01P620E

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن سعد بن معاذ قال يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن § كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش فكان فيه.


ارتحال قريش *
HSNXV01P621C

قال ابن إسحاق وقد ارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل وهو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي قال اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا وقد كان خفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري بعث إلى قريش حين مروا به ابنا له بجزائره أهداها لهم وقال إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا قال فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم قد قضيت الذي عليك فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم ولئن كنا إنما نقاتل الله كما يزعم محمد فما لأحد بالله من طاقة § فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه فكان إذا اجتهد في يمينه قال لا والذي نجاني من يوم بدر.


تشاور قريش في الرجوع عن القتال *
HSNXV01P622D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم عن أشياخ من الأنصار قالوا لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا احزروا لنا أصحاب محمد قال فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاث مائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد قال فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا فرجع إليهم فقال ما وجدت شيئا ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فروا رأيكم فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فأتى عتبة بن ربيعة فقال يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر قال وما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي قال قد فعلت أنت علي بذلك إنما هو حليفي فعلي عقله وما أصيب من ماله فأت ابن الحنظلية.


HSNXV01P623C

فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره يعني أبا جهل بن هشام ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا فقال يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب فإن أصابوه فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون قال حكيم فانطلقت حتى جئت أبا جهل فوجدته قد نثل درعا له من جرابها فهو يهنئها.


HSNXV01P623E

فقلت له يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا للذي قال فقال انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وما بعتبة ما قال ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس وقد رأيت ثأرك بعينك فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ وا عمراه وا عمراه فحميت الحرب وحقب الناس واستوسقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة § فلما بلغ عتبة قول أبي جهل انتفخ والله سحره قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره أنا أم هو.


مقتل الأسود المخزومي *
HSNXV01P624D

قال ابن إسحاق وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا شرسا سيئ الخلق فقال أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد § زعم أن يبر يمينه وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض قال ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء ورجل آخر يقال هو عبد الله بن رواحة فقالوا من أنتم فقالوا رهط من الأنصار قالوا ما لنا بكم من حاجة ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا عن قومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة وقم يا علي فلما قاموا ودنوا منهم قالوا من أنتم قال عبيدة عبيدة وقال حمزة حمزة وقال علي علي قالوا نعم أكفاء كرام فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز علي الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه.


HSNXV01P625D

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عتبة بن ربيعة قال للفتية ممن الأنصار حين انتسبوا أكفاء كرام إنما نريد قومنا.


التقاء الفريقين *
HSNXV01P625F

قال ابن إسحاق ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم وقال إن اكتنفكم القوم § فانضحوهم عنكم بالنبل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه أبو بكر الصديق فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان.


HSNXV01P626B

قال ابن إسحاق كما حدثني أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين.


ابن غزية وضرب الرسول له في بطنه بالقدح *
HSNXV01P626D

قال ابن إسحاق وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار.


HSNXV01P626F

وهو مستنتل من الصف.


HSNXV01P626H

فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل قال فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقاله له.


مناشدة الرسول ربه النصر *
HSNXV01P626J

قال ابن إسحاق ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى § العريش فدخله ومعه فيه أبو بكر الصديق ليس معه فيه غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع.


مقتل مهجع وابن سراقة *
HSNXV01P627C

قال ابن إسحاق وقد رمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل فكان أول قتيل من المسلمين ثم رمي حارثة بن سراقة أحد بني عدي بن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتل قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم وقال والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.


HSNXV01P627D

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث وهو ابن عفراء قال يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده قال غمسه § يده في العدو حاسرا فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.


استفتاح أبي جهل بالدعاء *
HSNXV01P628C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة أنه حدثه أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قال أبو جهل بن هشام اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة فكان هو المستفتح.


رمي الرسول للمشركين بالحصباء *
HSNXV01P628E

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل قريشا بها ثم قال شاهت الوجوه ثم نفحهم بها وأمر أصحابه فقال شدوا فكانت الهزيمة فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش وأسر من أسر من أشرافهم فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافون عليه كرة العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من استبقاء الرجال.


نهي النبي أصحابه عن قتل ناس من المشركين *
HSNXV01P628G

قال ابن إسحاق وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله § عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومئذ إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث ابن أسد فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها قال فقال أبو حذيفة أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألحمنه السيف.


HSNXV01P629C

قال فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص قال عمر والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فو الله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدا.


HSNXV01P629D

قال ابن إسحاق وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب فلقيه المجذر بن ذياد البلوي حليف الأنصار ثم من بني سالم بن عوف فقال المجذر لأبي البختري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك ومع أبي البختري زميل له قد خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة بنت زهير بن الحارث بن أسد § وجنادة رجل من بني ليث واسم أبي البختري العاص قال وزميلي فقال له المجذر لا والله ما نحن بتاركي زميلك ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك فقال لا والله إذن لأموتن أنا وهو جميعا لا تتحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة فقال أبو البختري حين نازله المجذر وأبى إلا القتال يرتجز لن يسلم ابن حرة زميله حتى يموت أو يرى سبيله فاقتتلا فقتله المجذر بن ذياد وقال المجذر بن ذياد في قتله أبا البختري إما جهلت أو نسيت نسبي فأثبت النسبة أني من بلي الطاعنين برماح اليزني والضاربين الكبش حتى ينحني بشر بيتم من أبوه البختري أو بشرن بمثلها مني بني أنا الذي يقال أصلي من بلي أطعن بالصعدة حتى تنثني وأعبط القرن بعضب مشرفي أرزم للموت كإرزام المري. فلا ترى مجذرا يفري فري.


HSNXV01P630C

قال ابن إسحاق ثم إن المجذر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني فقاتلته فقتلته.


مقتل أمية بن خلف *
HSNXV01P631C

قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال ابن إسحاق وحدثنيه أيضا عبد الله بن أبي بكر وغيرهما عن عبد الرحمن بن عوف قال كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة وكان اسمي عبد عمرو فتسميت حين أسلمت عبد الرحمن ونحن بمكة فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سماكه أبواك فأقول نعم فيقول فإني لا أعرف الرحمن فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف قال فكان إذا دعاني يا عبد عمرو لم أجبه قال فقلت له يا أبا علي اجعل ما شئت قال فأنت عبد الإله قال فقلت نعم قال فكنت إذا مررت به قال يا عبد الإله فأجيبه فأتحدث معه حتى إذا كان يوم بدر مررت به وهو واقف مع ابنه علي بن أمية آخذ بيده ومعي أدراع قد استلبتها فأنا أحملها فلما رآني قال لي يا عبد عمرو فلم أجبه فقال يا عبد الإله فقلت نعم قال هل لك في فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك قال قلت نعم ها الله ذا قال فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول ما رأيت كاليوم قط أما لكم حاجة في اللبن قال ثم خرجت أمشي بهما.


HSNXV01P632A

قال ابن إسحاق حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه آخذ بأيديهما يا عبد الإله من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قال قلت ذاك حمزة بن عبد المطلب قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل قال عبد الرحمن فو الله إني لأقودهما إذ رآه بلال معى وكان هو الذي يعذب بلالا بمكة على ترك الإسلام فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت فيضجعه على ظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد فيقول بلال أحد أحد قال فلما رآه قال رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال قلت أي بلال أبأسيري قال لا نجوت إن نجا قال قلت أتسمع يا بن السوداء قال لا نجوت إن نجا قال ثم صرخ بأعلى صوته يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة وأنا أذب عنه قال فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط قال فقلت انج بنفسك ولا نجاء بك فو الله ما أغني عنك شيئا قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما قال فكان عبد الرحمن يقول يرحم الله بلالا ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري.


شهود الملائكة وقعة بدر *
HSNXV01P633B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن ابن عباس قال حدثني رجل من بني غفار قال أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب قال فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعت قائلا يقول أقدم حيزوم فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.


HSNXV01P633C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وكان شهد بدرا قال بعد أن ذهب بصره لو كنت اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك فيه ولا أتمارى.


HSNXV01P633D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن رجال من بني مازن بن النجار عن أبي داود المازني وكان شهد بدرا قال إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري.


HSNXV01P633E

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن عباس قال كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا قد أرسلوها على ظهورهم ويوم حنين عمائم حمرا.


HSNXV01P634A

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من الأيام وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون.


مقتل أبي جهل *
HSNXV01P634C

قال ابن إسحاق وأقبل أبو جهل يومئذ يرتجز وهو يقاتل ويقول ما تنقم الحرب العوان مني بازل عامين حديث سنى لمثل هذا ولدتني أمي.


عود إلى مقتل أبي جهل *
HSNXV01P634F

قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه أمر بأبي جهل أن يلتمس في القتلى وكان أول من لقي أبا جهل كما حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر أيضا قد حدثني ذلك قالا قال معاذ ابن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة.


HSNXV01P634H

وهم يقولون أبو الحكم لا يخلص إليه قال فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه § بنصف ساقه فو الله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها قال وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.


HSNXV01P635B

قال ابن إسحاق ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق وقاتل معوذ حتى قتل فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته فإني ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان وكنت أشف منه بيسير فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش في إحداهما جحشا لم يزل أثره به قال عبد الله بن مسعود فوجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلي على عنقه قال وقد كان ضبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني ثم قلت له هل أخزاك الله يا عدو الله قال وبماذا أخزاني أعمد § من رجل قتلتموه أخبرني لمن الدائرة اليوم قال قلت لله ولرسوله


HSNXV01P636C

قال ابن إسحاق وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول قال لي لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم قال ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آلله الذي لا إله غيره قال وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت نعم والله الذي لا إله غيره ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله.


قصة سيف عكاشة *
HSNXV01P637C

قال ابن إسحاق وقاتل عكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي حليف بني عبد شمس بن عبد مناف يوم بدر بسيفه حتى انقطع في يده فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جذلا من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه فعاد سيفا في يده طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به حتى فتح الله تعالى على المسلمين وكان ذلك السيف يسمى العون ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده قتله طليحة بن خويلد الأسدي فقال طليحة في ذلك فما ظنكم بالقوم إذ تقتلونهم أليسوا وإن لم يسلموا برجال فإن تك أذاود أصبن ونسوة فلن تذهبوا فرغا بقتل حبال نصبت لهم صدر الحمالة إنها معاودة قيل الكماة نزال فيوما تراها في الجلال مصونة ويوما تراها غير ذات جلال عشية غادرت ابن أقرم ثاويا وعكاشة الغنمي عند حجال.


HSNXV01P638B

قال ابن إسحاق وعكاشة بن محصن الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الجنة سبعون ألفا من أمتي على صورة القمر ليلة البدر قال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال إنك منهم أو اللهم اجعله منهم فقام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة وبردت الدعوة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عن أهله منا خير فارس في العرب قالوا ومن هو يا رسول الله قال عكاشة بن محصن فقال ضرار بن الأزور الأسدي ذاك رجل منا يا رسول الله قال ليس منكم ولكنه منا للحلف.


طرح المشركين في القليب *
HSNXV01P638F

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا ليحركوه فتزايل لحمه فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب § والحجارة فلما ألقاهم في القليب وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا قالت فقال له أصحابه يا رسول الله أتكلم قوما موتى فقال لهم لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حقا قالت عائشة والناس يقولون لقد سمعوا ما قلت لهم وإنما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علموا.


HSNXV01P639B

قال ابن إسحاق وحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل وهو يقول يا أهل القليب يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا أمية بن خلف ويا أبا جهل بن هشام فعدد من كان منهم في القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فقال المسلمون يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني.


HSNXV01P639C

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هذه المقالة يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس وأخرجتموني وآواني الناس وقاتلتموني ونصرني الناس ثم قال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا للمقالة التي قال.


شعر حسان فيمن ألقوا في القليب *
HSNXV01P639E

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب § تداولها الرياح وكل جون من الوسمي منهمر سكوب فأمسى رسمها خلقا وأمست يبابا بعد ساكنها الحبيب فدع عنك التذكر كل يوم ورد حرارة الصدر الكئيب وخبر بالذي لا عيب فيه بصدق غير إخبار الكذوب بما صنع المليك غداة بدر لنا في المشركين من النصيب غداة كأن جمعهم حراء بدت أركانه جنح الغروب فلاقيناهم منا بجمع كأسد الغاب مردان وشيب أمام محمد قد وازروه على الأعداء في لفح الحروب بأيديهم صوارم مرهفات وكل مجرب خاظي الكعوب بنو الأوس الغطارف وازرتها بنو النجار في الدين الصليب فغادرنا أبا جهل صريعا وعتبة قد تركنا بالجبوب وشيبة قد تركنا في رجال ذوي حسب إذا نسبوا حسيب يناديهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القليب ألم تجدوا كلامي كان حقا وأمر الله يأخذ بالقلوب فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا صدقت وكنت ذا رأي مصيب.


HSNXV01P640B

قال ابن إسحاق ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوا في القليب أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني في وجه أبي حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير لونه فقال يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال لا والله يا رسول الله ما شككت في أبي ولا في مصرعه § ولكنني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له خيرا وكان الفتية الذين قتلوا ببدر فنزل فيهم من القرآن فيما ذكر لنا إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا فتية مسمين من بني أسد بن عبد العزى بن قصي الحارث بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب ابن أسد ومن بني مخزوم أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح علي بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني سهم العاص بن منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد ابن سهم وذلك أنهم كانوا أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فافتتنوا ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه والله لولا نحن ما أصبتموه لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن § أن يخالف إليه العدو والله ما أنتم بأحق به منا والله لقد رأينا أن نقتل العدو إذ منحنا الله تعالى أكتافه ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فقمنا دونه فما أنتم بأحق به منا.


HSNXV01P642C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان ابن موسى عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي.


HSNXV01P642E

سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسوله فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول على السواء.


HSNXV01P642F

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال حدثني بعض بني ساعدة عن أبي أسيد الساعدي مالك بن ربيعة قال أصبت سيف بني عائذ المخزوميين الذي يسمى المرزبان يوم بدر فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يردوا ما في أيديهم من النفل أقبلت حتى ألقيته في النفل قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا سئله فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه.


بعث ابن رواحة وزيد بشيرين *
HSNXV01P642H

قال ابن إسحاق ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الفتح عبد الله ابن رواحة بشيرا إلى أهل العالية بما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة قال أسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت عند عثمان بن عفان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني عليها مع § عثمان أن زيد بن حارثة قد قدم قال فجئته وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل ابن هشام وزمعة بن الأسود وأبو البختري العاص بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج قال قلت يا أبت أحق هذا قال نعم والله يا بني ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة ومعه الأسارى من المشركين وفيهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النفل الذي أصيب من المشركين وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار فقال راجز من المسلمين.


HSNXV01P643C

أقم لها صدورها يا بسبس %~% ليس بذي الطلح لها معرس ولا بصحراء غمير محبس إن مطايا القوم لا تخيس فحملها على الطريق أكيس قد نصر الله وفر الأخنس ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية يقال له سير إلى سرحة به فقسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين فقال لهم سلمة بن سلامة كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان ما الذي تهنئوننا به فو الله إن لقينا § إلا عجائز صلعا كالبدن المعقلة فنحرناها فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أي ابن أخي أولئك الملأ.


مقتل النضر وعقبة *
HSNXV01P644D

قال ابن إسحاق حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي طالب كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة.


HSNXV01P644E

قال ابن إسحاق ثم خرج حتى إذا كان بعرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط.


HSNXV01P644G

قال ابن إسحاق والذي أسر عقبة عبد الله بن سلمة أحد بني العجلان.


HSNXV01P644H

قال ابن إسحاق فقال عقبة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فمن للصبية يا محمد قال النار فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري أخو بني عمرو بن عوف كما حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر.


HSNXV01P644J

قال ابن إسحاق ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الموضع أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي بحميت مملوء حيسا.


HSNXV01P644L

وكان قد تخلف عن بدر ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كان حجام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وأنكحوا إليه ففعلوا.


HSNXV01P644M

قال ابن إسحاق ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة قبل الأسارى بيوم.


HSNXV01P645A

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أسعد بن زرارة قال قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب قال تقول سودة والله إني لعندهم إذ أتينا فقيل هؤلاء الأسارى قد أتي بهم قالت فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل قالت فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متم كراما فو الله ما أنبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت يا سودة أعلى الله ورسوله تحرضين قالت قلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.


HSNXV01P645B

قال ابن إسحاق وحدثني نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه وقال استوصوا بالأسارى خيرا قال وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى قال فقال أبو عزيز مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك قال وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها قال فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها.


بلوغ مصاب قريش إلى مكة *
HSNXV01P646C

قال ابن إسحاق وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الجيسمان بن عبد الله الخزاعي فقالوا ما وراءك قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وأبو البختري بن هشام فلما جعل يعدد أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو قاعد في الحجر والله إن يعقل هذا فاسألوه عني فقالوا و ما فعل صفوان بن أمية قال ها هو ذاك جالسا في الحجر وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا.


HSNXV01P646D

قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة مولى ابن عباس قال قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه وكان ذا مال كثير متفرق في قومه وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة وكذلك كانوا صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا § قال وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم فو الله إني لجالس فيها أنحت أقداحي وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري فبينما هو جالس إذ قال الناس هذا أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب.


HSNXV01P647C

قد قدم قال فقال أبو لهب هلم إلي فعندك لعمري الخبر قال فجلس إليه والناس قيام عليه فقال يا بن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس قال والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله مع ذلك ما لمت الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء قال أبو رافع فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت تلك والله الملائكة قال فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة قال وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني وكنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته به ضربة فلعت في رأسه شجة منكرة وقالت استضعفته أن غاب عنه سيده فقام موليا ذليلا فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته.


نواح قريش على قتلاهم *
HSNXV01P647E

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا لا تفعلوا فيبلغ محمدا § وأصحابه فيشتموا بكم ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء قال وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده زمعة بن الأسود وعقيل بن الأسود والحارث بن زمعة وكان يحب أن يبكي على بنيه فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل فقال لغلام له وقد ذهب بصره انظر هل أحل النحب هل بكت قريش على قتلاها لعلي أبكي على أبي حكيمة يعني زمعة فإن جوفي قد احترق قال فلما رجع إليه الغلام قال إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته قال فذاك حين يقول الأسود أتبكي أن يضل لها بعير ويمنعها من النوم السهود فلا تبكي على بكر ولكن على بدر تقاصرت الجدود على بدر سراة بني هصيص ومخزوم ورهط أبي الوليد وبكي إن بكيت على عقيل وبكي حارثا أسد الأسود وبكيهم ولا تسمي جميعا وما لأبي حكيمة من نديد ألا قد ساد بعدهم رجال ولولا يوم بدر لم يسودوا.


HSNXV01P648C

قال ابن إسحاق وكان في الأسارى أبو وداعة بن ضبيرة السهمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له بمكة ابنا كيسا تاجرا ذا مال وكأنكم به قد جاءكم في طلب فداء أبيه فلما قالت قريش لا تعجلوا بفداء أسرائكم § لا يأرب عليكم محمد وأصحابه قال المطلب بن أبي وداعة وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عني صدقتم لا تعجلوا وانسل من الليل فقدم المدينة فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به قال ثم بعثت قريش في فداء الأسارى فقدم مكرز بن حفص ابن الأخيف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذي أسره مالك بن الدخشم أخو بني سالم بن عوف فقال أسرت سهيلا فلا أبتغي أسيرا به من جميع الأمم وخندف تعلم أن الفتى فتاها سهيل إذا يظلم ضربت بذي الشفر حتى انثنى وأكرهت نفسي على ذي العلم وكان سهيل رجلا أعلم من شفته السفلى.


HSNXV01P649E

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عمرو بن عطاء أخو بني عامر بن لؤي أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو ويدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيا.


HSNXV01P649F

قال ابن إسحاق وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا الحديث إنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمه.


HSNXV01P649H

قال ابن إسحاق فلما قاولهم فيه مكرز وانتهى إلى رضاهم قالوا هات الذي § لنا قال اجعلوا رجلي مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرزا مكانه عندهم فقال مكرز فديت بأذواد ثمان سبا فتى ينال الصميم غرمها لا المواليا رهنت يدي والمال أيسر من يدي علي ولكني خشيت المخازيا وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به لأبنائنا حتى ندير الأمانيا.


أسر عمرو بن أبي سفيان وإطلاقه *
HSNXV01P650D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال كان عمرو بن أبي سفيان بن حرب وكان لبنت عقبة بن أبي معيط.


HSNXV01P650F

أسيرا في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسرى بدر.


HSNXV01P650H

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر قال فقيل لأبي سفيان افد عمرا ابنك قال أيجمع علي دمي ومالي قتلوا حنظلة وأفدي عمرا دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم قال فبينما هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج سعد بن النعمان بن أكال أخو بني عمرو بن عوف ثم أحد بني معاوية معتمرا ومعه مرية له وكان شيخا مسلما في غنم له بالنقيع فخرج من § هنالك معتمرا ولا يخشى الذي صنع به لم يظن أنه يحبس بمكة إنما جاء معتمرا وقد كان عهد قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا أو معتمرا إلا بخير فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو ثم قال أبو سفيان أرهط ابن أكال أجيبوا دعاءه تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا فإن بني عمرو لئام أذلة لئن لم يفكوا عن أسيرهم الكبلا فأجابه حسان بن ثابت فقال لو كان سعد يوم مكة مطلقا لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا بعضب حسام أو بصفراء نبعة تحن إذا ما أنبضت تحفز النبلا ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبره وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به صاحبهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل سعد.


أسر أبي العاص بن الربيع *
HSNXV01P651C

قال ابن إسحاق وقد كان في الأسارى أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب.


سبب زواج أبي العاص من زينب *
HSNXV01P651F

قال ابن إسحاق وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة وكان لهالة بنت خويلد وكانت خديجة خالته فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي فزوجه وكانت تعده بمنزلة ولدها فلما § أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بنبوته آمنت به خديجة وبناته فصدقنه وشهدن أن ما جاء به الحق ودن بدينه وثبت أبو العاص على شركه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة بن أبي لهب رقية أو أم كلثوم فلما بادى قريشا بأمر الله تعالى وبالعداوة قالوا إنكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت قال لا والله إني لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره خيرا فيما بلغني ثم مشوا إلى عتبة بن أبي لهب فقالوا له طلق بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة من قريش شئت فقال إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص أو بنت سعيد بن العاص فارقتها فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها ولم يكن دخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها وهوانا له وخلف عليها عثمان بن عفان بعده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين أبي العاص بن الربيع إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر أن يفرق بينهما فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صارت قريش إلى بدر صارفهم أبو العاص بن الربيع § فأصيب في الأسارى يوم بدر فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.


خروج زينب إلى المدينة

HSNXV01P653B

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها قالت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا فقالوا نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أو وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أن يخلي سبيل زينب إليه أو كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلي سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار مكانه فقال كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتياني بها فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر أو شيعه فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت تجهز.


هند تحاول تعرف أمر زينب *
HSNXV01P653D

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر قال حدثت عن زينب § أنها قالت بينا أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي لقيتني هند بنت عتبة فقالت يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك قالت فقلت ما أردت ذلك فقالت أي ابنة عمي لا تفعلي إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك أو بمال تتبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال قالت والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل قالت ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك وتجهزت فلما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قدم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيرا فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهارا يقود بها وهي في هودج لها وتحدث بذلك رجال من قريش فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والفهري فروعها هبار بالرمح وهي في هودجها وكانت المرأة حاملا فيما يزعمون فلما ريعت طرحت ذا بطنها وبرك حموها كنانة ونثر كنانته ثم قال والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت § بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا أن ذلك عن ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت وأن ذلك منا ضعف ووهن ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة وما لنا في ذلك من ثورة ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سرا وألحقها بأبيها قال ففعل فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


شعر لأبي خيثمة فيما حدث لزينب *
HSNXV01P655C

قال ابن إسحاق فقال عبد الله بن رواحة أو أبو خيثمة أخو بني سالم ابن عوف في الذي كان من أمر زينب.


HSNXV01P655E

أتاني الذي لا يقدر الناس قدره %~% لزينب فيهم من عقوق ومأثم وإخراجها لم يخز فيها محمد على مأقط وبيننا عطر منشم وأمسى أبو سفيان من حلف ضمضم ومن حربنا في رغم أنف ومندم قرنا ابنه عمرا ومولى يمينه بذي حلق جلد الصلاصل محكم فأقسمت لا تنفك منا كتائب سراة خميس في لهام مسوم § نزوع قريش الكفر حتى نعلها بخاطمة فوق الأنوف بميسم ننزلهم أكناف نجد ونخلة وإن يتهموا بالخيل والرجل نتهم يد الدهر حتى لا يعوج سربنا ونلحقهم آثار عاد وجرهم ويندم قوم لم يطيعوا محمدا على أمرهم وأي حين تندم فأبلغ أبا سفيان إما لقيته لئن أنت لم تخلص سجودا وتسلم فأبشر بخزي في الحياة معجل وسربال قار خالدا في جهنم.


الخلاف بين ابن إسحاق وابن هشام في مولى يمين أبي سفيان *
HSNXV01P656D

قال ابن إسحاق ومولى يمين أبي سفيان الذي يعني عامر بن الحضرمي كان في الأسارى وكان حلف الحضرمي إلى حرب بن أمية.


شعر هند وكنانة في خروج زينب *
HSNXV01P656G

ولما انصرف الذين خرجوا إلى زينب لقيتهم هند بنت عتبة فقالت لهم أفي السلم أعيار جفاء وغلظة وفي الحرب أشباه النساء العوارك وقال كنانة بن الربيع في أمر زينب حين دفعها إلى الرجلين § عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفاري ببنت محمد ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بالمهند.


الرسول يحل دم هبار *
HSNXV01P657C

قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي إسحاق الدوسي عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أنا فيها فقال لنا إن ظفرتم بهبار ابن الأسود أو الرجل الآخر الذي سبق معه إلى زينب.


HSNXV01P657E

فحرقوهما بالنار قال فلما كان الغد بعث إلينا فقال إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما.


إسلام أبي العاص بن الربيع *

HSNXV01P657H

قال ابن إسحاق وأقام أبو العاص بمكة وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين فرق بينهما الإسلام حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام وكان رجلا مأمونا بمال له وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستجار بها فأجارته وجاء في طلب ماله فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح كما حدثني يزيد بن رومان § فكبر وكبر الناس معه صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته فقال أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له.


المسلمون يردون عليه ماله ثم يسلم *
HSNXV01P658C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص فقال لهم إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به فقالوا يا رسول الله بل نرده عليه فردوه عليه حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ويأتي الرجل بالشنة وبالإداوة حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ حتى ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ومن كان أبضع معه ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


زوجته ترد إليه *
HSNXV01P658E

قال ابن إسحاق وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال § رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئا بعد ست سنين.


الذين أطلقوا من غير فداء *
HSNXV01P659F

قال ابن إسحاق فكان ممن سمي لنا من الأسارى ممن من عليه بغير فداء من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه ومن بني مخزوم بن يقظة المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيدة بن عمر بن مخزوم كان لبعض بني الحارث بن الخزرج فترك في أيديهم حتى خلوا سبيله فلحق بقومه.


HSNXV01P660A

قال ابن إسحاق وصيفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ترك في أيدي أصحابه فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثن إليهم بفدائه فخلوا سبيله فلم يف لهم بشيء فقال حسان بن ثابت في ذلك وما كان صيفي ليوفي ذمة قفا ثعلب أعيا ببعض الموارد.


HSNXV01P660C

قال ابن إسحاق وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان بن أهيب بن حذافة ابن جمح كان محتاجا ذا بنات فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقد عرفت مالي من مال وإني لذو حاجة وذو عيال فامنن علي فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عليه ألا يظاهر عليه أحدا فقال أبو عزة في ذلك يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر فضله في قومه من مبلغ عني الرسول محمدا بأنك حق والمليك حميد وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى عليك من الله العظيم شهيد وأنت امرؤ بوئت فينا مباءة لها درجات سهلة وصعود فإنك من حاربته لمحارب شقي ومن سالمته لسعيد ولكن إذا ذكرت بدرا وأهله تأوب ما بي حسرة وقعود.


إسلام عمير بن وهب *

HSNXV01P661C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر.


HSNXV01P661E

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان والله إن في العيش بعدهم خير قال له عمير صدقت والله أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم قال فاغتنمها صفوان وقال علي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء ويعجز عنهم فقال له عمير فاكتم شأني وشأنك قال أفعل قال ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف فقال هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب والله ما جاء إلا لشر وهو الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله هذا عدو § الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه قال فأدخله علي قال فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال أرسله يا عمر ادن يا عمير فدنا ثم قال انعموا صباحا وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة فقال أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد قال فما جاء بك يا عمير قال جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه قال فما بال السيف في عنقك قال قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئا قال اصدقني ما الذي جئت له قال ما جئت إلا لذلك قال بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له والله حائل بينك وبين ذلك قال عمير أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فو الله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره ففعلوا ثم قال يا رسول الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام لعل الله يهديهم § وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم قال فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير ابن وهب يقول أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا.


HSNXV01P663B

قال ابن إسحاق فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذى شديدا فأسلم على يديه ناس كثير.


هو أو ابن هشام الذي رأى إبليس وما نزل فيه *
HSNXV01P663D

قال ابن إسحاق وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام قد ذكر لي أحدهما الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر فقال أين أي سراق ومثل عدو الله فذهب فأنزل الله تعالى فيه وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فذكر استدراج إبليس إياهم وتشبهه بسراقة بن مالك بن جعشم لهم حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم يقول الله تعالى فلما تراءت الفئتان ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة قد أيد الله بهم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون وصدق عدو الله رأى ما لم يروا وقال إني أخاف الله والله شديد العقاب فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه فأوردهم ثم أسلمهم.


HSNXV01P664B

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت قومي الذين هم آووا نبيهم وصدقوه وأهل الأرض كفار إلا خصائص أقوام هم سلف للصالحين مع الأنصار أنصار مستبشرين بقسم الله قولهم لما أتاهم كريم الأصل مختار أهلا وسهلا ففي أمن وفي سعة نعم النبي ونعم القسم والجار فأنزلوه بدار لا يخاف بها من كان جارهم دارا هي الدار وقاسموه بها الأموال إذ قدموا مهاجرين وقسم الجاحد النار سرنا وساروا إلى بدر لحينهم لو يعلمون يقين العلم ما ساروا دلاهم بغرور ثم أسلمهم إن الخبيث لمن والاه غرار وقال إني لكم جار فأوردهم شر الموارد فيه الخزي والعار ثم التقينا فولوا عن سراتهم من منجدين ومنهم فرقة غاروا.


المطعمون من قريش *

HSNXV01P664F

قال ابن إسحاق وكان المطعمون من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف العباس بن عبد المطلب بن هاشم § ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومن بني نوفل بن عبد مناف الحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل يعتقبان ذلك ومن بني أسد بن عبد العزى أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد يعتقبان ذلك ومن بني عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار.


HSNXV01P665K

قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة أبا جهل بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بنى جمح أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني سهم بن عمرو نبيها ومنبها ابني الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم يعتقبان ذلك § ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر.


نزول سورة الأنفال *

HSNXV01P666I

قال ابن إسحاق فلما انقضى أمر بدر أنزل الله عز وجل فيه من القرآن الأنفال بأسرها فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين فكان عبادة بن الصامت فيما بلغني إذا سئل عن الأنفال قال فينا معشر أهل بدر نزلت حين اختلفنا في النفل يوم بدر فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقنا فرده على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه بيننا § عن بواء يقول على السواء وكان في ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وصلاح ذات البين ثم ذكر القوم ومسيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرف القوم أن قريشا قد ساروا إليهم وإنما خرجوا يريدون العير طمعا في الغنيمة فقال كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون أي كراهية للقاء القوم وإنكارا لمسير قريش حين ذكروا لهم وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم أي الغنيمة دون الحرب ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين أي بالوقعة التي أوقع بصناديد قريش وقادتهم يوم بدر إذ تستغيثون ربكم أي لدعائهم حين نظروا إلى كثرة عدوهم وقلة عددهم فاستجاب لكم بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين إذ يغشيكم النعاس أمنة منه أي أنزلت عليكم الأمنة حين نمتم لا تخافون وينزل عليكم من السماء ماء للمطر الذي أصابهم تلك الليلة فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء وخلى سبيل المسلمين إليه ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام أي ليذهب عنكم شك الشيطان لتخويفه إياهم عدوهم واستجلاد الأرض لهم حتى انتهوا إلى منزلهم الذي سبقوا إليه عدوهم ثم قال تعالى إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا § الذين آمنوا أي آزروا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ثم قال يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير أي تحريضا لهم على عدوهم لئلا ينكلوا عنهم إذا لقوهم وقد وعدهم الله فيهم ما وعدهم ثم قال تعالى في رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالحصباء من يده حين رماهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله فيها من نصرك وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمهم الله وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا أي ليعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم على عدوهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته ثم قال إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح أي لقول أبي جهل اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة والاستفتاح الإنصاف في الدعاء يقول الله جل ثناؤه وإن تنتهوا أي لقريش فهو خير لكم وإن تعودوا نعد أي بمثل الوقعة التي أصبناكم بها يوم بدر ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين أي أن عددكم وكثرتكم في أنفسكم لن تغني عنكم شيئا وإني مع المؤمنين أنصرهم على من خالفهم § ثم قال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون أي لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله وتزعمون أنكم منه ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون أي كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة ويسرون له المعصية إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون أي المنافقون الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم بكم عن الخير صم عن الحق لا يعقلون لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتباعة ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم أي لأنفذ لهم قولهم الذي قالوا بألسنتهم ولكن القلوب خالفت ذلك منهم ولو خرجوا معكم لتولوا وهم معرضون ما وفوا لكم بشيء مما خرجوا عليه يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل وقواكم بها بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون أي لا تظهروا له من الحق ما يرضى به منكم ثم تخالفوه في السر إلى غيره فإن ذلك هلاك لأماناتكم وخيانة لأنفسكم يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم أي فصلا بين الحق والباطل ليظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمته عليه حين مكر به القوم ليقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين أي فمكرت بهم بكيدي المتين حتى خلصتك منهم § ثم ذكر غرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم إذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أي ما جاء به محمد فأمطر علينا حجارة من السماء كما أمطرتها على قوم لوط أو ائتنا بعذاب أليم أي بعض ما عذبت به الأمم قبلنا وكانوا يقولون إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره ولم يعذب أمة ونبيها معها حتى يخرجه عنها وذلك من قولهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم حين نعى سوء أعمالهم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون أي لقولهم إنا نستغفر ومحمد بين أظهرنا ثم قال وما لهم ألا يعذبهم الله وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون كما يقولون وهم يصدون عن المسجد الحرام أي من آمن بالله وعبده أي أنت ومن اتبعك وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون الذين يحرمون حرمته ويقيمون الصلاة عنده أي أنت ومن آمن بك ولكن أكثرهم لا يعلمون وما كان صلاتهم عند البيت التي يزعمون أنه يدفع بها عنهم إلا مكاء وتصدية .


HSNXV01P671B

قال ابن إسحاق وذلك ما لا يرضي الله عز وجل ولا يحبه ولا ما افترض عليهم ولا ما أمرهم به فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي لما أوقع بهم يوم بدر من القتل.


المدة بين يا أيها المزمل 73 1 وبدر *
HSNXV01P671D

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت ما كان بين نزول يا أيها المزمل وقول الله تعالى فيها وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما إلا يسير حتى أصاب الله قريشا بالوقعة يوم بدر.


ما نزل فيمن عاونوا أبا سفيان *
HSNXV01P671H

قال ابن إسحاق ثم قال الله عز وجل إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة فسألوهم أن يقووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا § ثم قال قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا لحربك فقد مضت سنت الأولين أي من قتل منهم يوم بدر ثم قال تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون التوحيد لله خالصا ليس له فيه شريك ويخلع ما دونه من الأنداد فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولوا عن أمرك إلى ما هم عليه من كفرهم فاعلموا أن الله مولاكم الذي أعزكم ونصركم عليهم يوم بدر في كثرة عددهم وقلة عددكم نعم المولى ونعم النصير ثم أعلمهم مقاسم الفيء وحكمه فيه حين أحله لهم فقال واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير أي يوم فرقت فيه بين الحق والباطل بقدرتي يوم التقى الجمعان منكم ومنهم إذ أنتم بالعدوة الدنيا من الوادي وهم بالعدوة القصوى من الوادي إلى مكة والركب أسفل منكم أي عير أبي سفيان التي خرجتم لتأخذوها وخرجوا ليمنعوها عن غير ميعاد منكم ولا منهم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد أي ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما لقيتموهم ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله عن غير بلاء منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه ثم قال ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم § أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآية والعبرة ويؤمن من آمن على مثل ذلك ثم ذكر لطفه به وكيده له ثم قال إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور فكان ما أراك من ذلك نعمة من نعمه عليهم شجعهم بها على عدوهم وكف بها عنهم ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم.


HSNXV01P673E

إذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا أي ليؤلف بينهم على الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد إتمام النعمة عليه من أهل ولايته ثم وعظهم وفهمهم وأعلمهم الذي ينبغي لهم أن يسيروا به في حربهم فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة تقاتلونهم في سبيل الله عز وجل فاثبتوا واذكروا الله كثيرا الذي له بذلتم أنفسكم والوفاء له بما أعطيتموه من بيعتكم لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا أي لا تختلفوا فيتفرق أمركم وتذهب ريحكم أي وتذهب حدتكم واصبروا إن الله مع الصابرين أي إني معكم إذا فعلتم ذلك ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس أي لا تكونوا كأبي جهل وأصحابه الذين قالوا لا نرجع حتى نأتي بدرا فننحر بها § الجزر وتسقى بها الخمر وتعزف علينا فيها القيان وتسمع العرب أي لا يكون أمركم رياء ولا سمعة ولا التماس ما عند الناس وأخلصوا لله النية والحسبة في نصر دينكم وموازرة نبيكم لا تعملوا إلا لذلك ولا تطلبوا غيره ثم قال تعالى وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم .


HSNXV01P674C

قال ابن إسحاق ثم ذكر الله تعالى أهل الكفر وما يلقون عند موتهم ووصفهم بصفتهم وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عنهم حتى انتهى إلى أن قال فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون أي فنكل بهم من ورائهم لعلهم يعقلون وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم إلى قوله تعالى وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون أي لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة وعاجل خلفه في الدنيا ثم قال تعالى وإن جنحوا للسلم فاجنح لها أي إن دعوك إلى السلم على الإسلام فصالحهم عليه وتوكل على الله إن الله كافيك إنه هو السميع العليم .


HSNXV01P675D

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح عن § عبد الله بن عباس قال لما نزلت هذه الآية اشتد على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا فخفف الله عنهم فنسختها الآية الأخرى فقال الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين قال فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم.


ما نزل في الأسارى والمغانم *
HSNXV01P676C

قال ابن إسحاق ثم عاتبه الله تعالى في الأسارى وأخذ المغانم ولم يكن أحد قبله من الأنبياء يأكل مغنما من عدو له.


HSNXV01P676D

قال ابن إسحاق حدثني محمد أبو جعفر بن علي بن الحسين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت جوامع الكلم وأحلت لي المغانم ولم تحلل لنبي كان قبلي وأعطيت الشفاعة خمس لم يؤتهن نبي قبلي.


HSNXV01P676E

قال ابن إسحاق فقال ما كان لنبي أي قبلك أن يكون له أسرى من عدوه حتى يثخن في الأرض أي يثخن عدوه حتى ينفيه من الأرض تريدون عرض الدنيا أي المتاع الفداء بأخذ الرجال والله يريد الآخرة أي قتلهم لظهور الدين الذي يريد إظهاره والذي تدرك به الآخرة لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم أي من الأسارى والمغانم عذاب عظيم أي لولا أنه سبق مني أني لا أعذب إلا بعد النهي ولم يك نهاهم لعذبتكم فيما صنعتم ثم أحلها له ولهم رحمة منه وعائدة من الرحمن الرحيم فقال فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم § ثم قال يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم وحض المسلمين على التواصل وجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض ثم قال إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير أي إلا يوال المؤمن المؤمن من دون الكافر وإن كان ذا رحم به تكن فتنة في الأرض أي شبهة في الحق والباطل وظهور الفساد في الأرض بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن ثم رد المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم إلى الأرحام التي بينهم فقال والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أي بالميراث إن الله بكل شيء عليم .


من حضر بدرا من المسلمين *

HSNXV01P677F

قال ابن إسحاق وهذه تسمية من شهد بدرا من المسلمين ثم من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف وبني المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم أسد الله وأسد رسوله عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم § وزيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي أنعم الله عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV01P678C

قال ابن إسحاق وأنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV01P678E

قال ابن إسحاق وأبو مرثد كناز بن حصن بن يربوع بن عمرو بن يربوع ابن خرشة بن سعد بن طريف بن جلان بن غنم بن غني بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان.


HSNXV01P678G

قال ابن إسحاق وابنه مرثد بن أبي مرثد حليفا حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن المطلب وأخواه الطفيل بن الحارث والحصين بن الحارث ومسطح واسمه عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب اثنا عشر رجلا ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه قال وأجري يا رسول الله § قال وأجرك وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وسالم مولى أبي حذيفة.


HSNXV01P679E

قال ابن إسحاق وزعموا أن صبيحا مولى أبي العاص بن أمية بن عبد شمس تجهز للخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرض فحمل على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم شهد صبيح بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس ثم من بني أسد بن خزيمة عبد الله ابن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد وعكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير ابن غنم بن دودان بن أسد وشجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب ابن مالك بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد وأخوه عقبة بن وهب ويزيد ابن رقيش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد وأبو سنان بن محصن بن حرثان بن قيس أخو عكاشة بن محصن وابنه سنان بن أبي سنان ومحرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كبير § ابن غنم بن دودان بن أسد وربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن لكيز ابن عامر بن غنم بن دودان بن أسد ومن حلفاء بني كبير بن غنم بن دودان بن أسد ثقف بن عمرو وأخواه مالك بن عمرو ومدلج بن عمرو.


HSNXV01P680E

قال ابن إسحاق وهم من بني حجر آل بني سليم وأبو مخشي حليف لهم ستة عشر رجلا.


HSNXV01P680H

قال ابن إسحاق ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر ابن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وخباب مولى عتبة بن غزوان رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وحاطب بن أبي بلتعة وسعد مولى حاطب ثلاثة نفر.


HSNXV01P680K

قال ابن إسحاق ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وسويبط بن سعد بن حريملة بن مالك ابن عميلة بن السباق بن عبد الدار بن قصي رجلان ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد § ابن الحارث بن زهرة وسعد بن أبي وقاص وأبو وقاص مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة وأخوه عمير بن أبي وقاص ومن حلفائهم المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن هزل ابن قائش بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.


HSNXV01P681C

قال ابن إسحاق وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب بن محلم بن عائذة بن سبيع بن الهون بن خزيمة من القارة.


HSNXV01P681E

قال ابن إسحاق وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم ابن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة.


HSNXV01P681G

قال ابن إسحاق وخباب بن الأرت ثمانية نفر.


HSNXV01P682B

قال ابن إسحاق ومن بني تيم بن مرة أبو بكر الصديق واسمه عتيق بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم.


HSNXV01P682D

قال ابن إسحاق وبلال مولى أبي بكر وبلال مولد من مولدي بني جمح اشتراه أبو بكر من أمية بن خلف وهو بلال بن رباح لا عقب له وعامر ابن فهيرة.


HSNXV01P682F

قال ابن إسحاق وصهيب بن سنان من النمر بن قاسط.


HSNXV01P682I

قال ابن إسحاق وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم كان بالشأم فقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له بسهمه فقال وأجري يا رسول الله قال وأجرك خمسة نفر.


HSNXV01P682K

قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد § واسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وشماس بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم.


HSNXV01P683D

قال ابن إسحاق والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد وكان أسد يكنى أبا جندب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعمار ابن ياسر.


HSNXV01P683F

قال ابن إسحاق ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو حليف لهم من خزاعة وهو الذي يدعى عيهامة خمسة نفر ومن بني عدي بن كعب عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي وأخوه زيد بن الخطاب ومهجع مولى عمر بن الخطاب من أهل اليمن وكان أول قتيل من المسلمين بين الصفين يوم بدر رمي بسهم.


HSNXV01P683J

قال ابن إسحاق وعمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن عبد الله § ابن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب وأخوه عبد الله بن سراقة وواقد ابن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم حليف لهم وخولي بن أبي خولي ومالك بن أبي خولي حليفان لهم.


HSNXV01P684C

قال ابن إسحاق وعامر بن ربيعة حليف آل الخطاب من عنز بن وائل.


HSNXV01P684E

قال ابن إسحاق وعامر بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من بني سعد بن ليث وعاقل بن البكير وخالد بن البكير وإياس بن البكير حلفاء بني عدي بن كعب وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى ابن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب قدم من الشأم بعد ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه قال وأجري يا رسول الله قال وأجرك أربعة عشر رجلا ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح وابنه السائب بن عثمان وأخواه قدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح خمسة نفر ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن خنيس بن حذافة بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم رجل.


HSNXV01P685B

قال ابن إسحاق من بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل بن عامر أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن ابن نصر بن مالك وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل كان خرج مع أبيه سهيل بن عمرو فلما نزل الناس بدرا فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدها معه وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو وسعد بن خولة حليف لهم خمسة نفر.


HSNXV01P685E

قال ابن إسحاق ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وسهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أبي أهيب بن ضبة بن الحارث وأخوه صفوان بن وهب وهما ابنا بيضاء وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث خمسة نفر فجميع من شهد بدرا من المهاجرين ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره ثلاثة وثمانون رجلا.


الأنصار ومن معهم *

HSNXV01P686C

قال ابن إسحاق وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ثم من الأنصار ثم من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل وعمرو بن معاذ بن النعمان والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان والحارث بن أنس بن رافع ابن امرئ القيس ومن بني عبيد بن كعب بن عبد الأشهل سعد بن زيد بن مالك بن عبيد ومن بني زعورا بن عبد الأشهل.


HSNXV01P686E

سلمة ابن سلامة بن وقش بن زغبة وعباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعورا وسلمة بن ثابت بن وقش ورافع بن يزيد بن كرز بن سكن بن زعورا والحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج حليف لهم من بني عوف بن الخزرج ومحمد ابن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة بن الحارث وسلمة بن أسلم بن حريش بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة بن الحارث.


HSNXV01P686G

قال ابن إسحاق وأبو الهيثم بن التيهان وعبيد بن التيهان.


HSNXV01P687B

قال ابن إسحاق وعبد الله بن سهل خمسة عشر رجلا.


HSNXV01P687D

قال ابن إسحاق ومن بني ظفر ثم من بني سواد بن كعب وكعب هو ظفر.


HSNXV01P687F

قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد رجلان.


HSNXV01P687H

قال ابن إسحاق ومن بني عبد بن رزاح بن كعب نصر بن الحارث بن عبد ومعتب بن عبد ومن حلفائهم من بلي عبد الله بن طارق ثلاثة نفر ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس مسعود ابن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة.


HSNXV01P687K

قال ابن إسحاق وأبو عبس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة ابن حارثة ومن حلفائهم ثم من بلي أبو بردة بن نيار واسمه هانئ بن نيار بن عمرو ابن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ثلاثة نفر.


HSNXV01P688B

قال ابن إسحاق ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ثم من بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف عاصم بن ثابت بن قيس وقيس أبو الأقلح بن عصمة بن مالك بن أمة بن ضبيعة ومعتب بن قشير بن مليل بن زيد بن العطاف بن ضبيعة وأبو مليل بن الأزعر بن زيد بن العطاف ابن ضبيعة وعمرو بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة.


HSNXV01P688D

قال ابن إسحاق وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث ابن عمرو وعمرو الذي يقال له بحزج بن حنس ابن عوف بن عمرو بن عوف خمسة نفر ومن بني أمية بن زيد بن مالك مبشر بن عبد المنذر بن زنبر بن زيد بن أمية ورفاعة بن عبد المنذر بن زنبر وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس ابن عمرو بن زيد بن أمية وعويم بن ساعدة ورافع بن عنجدة.


HSNXV01P688F

وعبيد بن أبي عبيد وثعلبة بن حاطب وزعموا أن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعهما وأمر أبا لبابة على المدينة فضرب لهما بسهمين مع أصحاب بدر تسعة نفر.


HSNXV01P689B

قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن زيد بن مالك أنيس بن قتادة بن ربيعة ابن خالد بن الحارث بن عبيد ومن حلفائهم من بلي معن بن عدي بن الجد بن العجلان بن ضبيعة وثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان وعبد الله بن سلمة بن مالك بن الحارث ابن عدي بن العجلان وزيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان وربعي ابن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان وخرج عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر سبعة نفر ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن ثعلبة وعاصم بن قيس.


HSNXV01P689F

قال ابن إسحاق وأبو ضياح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة وأبو حنة.


HSNXV01P689H

قال ابن إسحاق وسالم بن عمير بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس ابن ثعلبة.


HSNXV01P690B

قال ابن إسحاق والحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة وخوات بن جبير بن النعمان ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم مع أصحاب بدر سبعة نفر ومن بني جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف منذر بن محمد ابن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي بن كلفة.


HSNXV01P690F

قال ابن إسحاق ومن حلفائهم من بني أنيف أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة ابن بيحان بن عامر بن الحارث بن مالك بن عامر بن أنيف بن جشم بن عبد الله ابن تيم بن إراش بن عامر بن عميلة بن قسميل بن فران بن بلي بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة رجلان.


HSNXV01P690I

وقال ابن إسحاق ومن بني غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة ابن غنم ومنذر بن قدامة بن عرفجة ومالك بن قدامة بن عرفجة.


HSNXV01P690K

قال ابن إسحاق والحارث بن عرفجة وتميم مولى بني غنم خمسة نفر.


HSNXV01P691B

قال ابن إسحاق ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية ومالك بن نميلة حليف لهم من مزينة والنعمان بن عصر حليف لهم من بلي ثلاثة نفر فجميع من شهد بدرا من الأوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ضرب له بسهمه وأجره أحد وستون رجلا.


HSNXV01P691F

قال ابن إسحاق وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ثم من الأنصار ثم من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني الحارث ابن الخزرج ثم من بني امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس وسعد بن ربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس أربعة نفر ومن بني زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد.


HSNXV01P691I

وأخوه سماك بن سعد رجلان ومن بني عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج سبيع بن قيس بن عيشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي وعباد بن قيس بن عيشة أخوه.


HSNXV01P692B

قال ابن إسحاق وعبد الله بن عبس ثلاثة نفر ومن بني أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر وهو الذي يقال له ابن فسحم رجل.


HSNXV01P692G

قال ابن إسحاق ومن بني جشم بن الحارث بن الخزرج وزيد بن الحارث ابن الخزرج وهما التوأمان خبيب بن إساف بن عتبة بن عمرو بن خديج ابن عامر بن جشم وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد وأخوه حريث بن زيد بن ثعلبة زعموا وسفيان بن بشر أربعة نفر.


HSNXV01P692J

قال ابن إسحاق ومن بني جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة وعبد الله بن عمير من بني حارثة.


HSNXV01P692L

قال ابن إسحاق وزيد بن المزين بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة.


HSNXV01P692N

قال ابن إسحاق وعبد الله بن عرفطة بن عدي بن أمية بن جدارة أربعة نفر § ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج عبد الله بن ربيع بن قيس بن عمرو بن عباد بن الأبجر رجل ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني عبيد بن مالك بن سالم بن غنم ابن عوف بن الخزرج وهم بنو الحبلى.


HSNXV01P693F

عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد المشهور بابن سلول وإنما سلول امرأة وهي أم أبي وأوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد رجلان ومن بني جزء بن عدي بن مالك بن سالم بن غنم زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزء وعقبة بن وهب بن كلدة حليف لهم من بني عبد الله بن غطفان ورفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم ابن غنم وعامر بن سلمة بن عامر حليف لهم من أهل اليمن.


HSNXV01P693H

قال ابن إسحاق وأبو حميضة معبد بن عباد بن قشير بن المقدم بن سالم ابن غنم.


HSNXV01P694A

وقال ابن إسحاق وعامر بن البكير حليف لهم ستة نفر.


HSNXV01P694D

قال ابن إسحاق ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج ثم من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم نوفل بن عبد الله بن نضلة بن مالك بن العجلان ابن العجلان رجل ومن بني أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف.


HSNXV01P694G

عبادة بن الصامت بن قيس ابن أصرم وأخوه أوس بن الصامت رجلان ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد والنعمان الذي يقال له قوقل رجل ومن بني قريوش بن غنم بن أمية بن لوذان بن سالم.


HSNXV01P694K

ثابت بن هزال بن عمرو بن قريوش رجل ومن بني مرضخة بن غنم بن سالم مالك بن الدخشم بن مرضخة رجل.


HSNXV01P694N

قال ابن إسحاق ومن بني لوذان بن سالم ربيع بن إياس بن عمرو بن غنم ابن أمية بن لوذان وأخوه ورقة بن إياس وعمرو بن إياس حليف لهم من أهل اليمن ثلاثة نفر.


HSNXV01P695B

قال ابن إسحاق ومن حلفائهم من بلي ثم من بني غصينة.


HSNXV01P695D

المجذر بن ذياد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة بن مالك بن غصينة بن عمرو بن بتيرة بن مشنو بن قسر بن تيم بن إراش بن عامر بن عميلة بن قسميل بن فران بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.


HSNXV01P695F

قال ابن إسحاق وعبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة ونحاب بن ثعلبة بن حزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة.


HSNXV01P695H

قال ابن إسحاق وعبد الله بن ثعلبة بن حزمة بن أصرم وزعموا أن عتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية حليف لهم من بهراء قد شهد بدرا خمسة نفر.


HSNXV01P695K

قال ابن إسحاق ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ثم من بني ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة أبو دجانة سماك بن خرشة.


HSNXV01P696B

قال ابن إسحاق والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود ابن زيد بن ثعلبة رجلان.


HSNXV01P696E

قال ابن إسحاق ومن بني البدي بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد مالك بن ربيعة بن البدي ومالك بن مسعود وهو إلى البدي رجلان.


HSNXV01P696H

قال ابن إسحاق ومن بني طريف بن الخزرج بن ساعدة عبد ربه بن حق ابن أوس بن وقش بن ثعلبة بن طريف رجل ومن حلفائهم من جهينة كعب بن حمار بن ثعلبة.


HSNXV01P696J

قال ابن إسحاق وضمرة وزياد وبسبس بنو عمرو.


HSNXV01P696L

قال ابن إسحاق وعبد الله بن عامر من بلي خمسة نفر ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة ابن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام والحباب § ابن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام وعمير بن الحمام بن الجموح بن زيد ابن حرام وتميم مولى خراش بن الصمة وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام ومعاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وخلاد ابن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام وحبيب بن أسود مولى لهم وثابت بن ثعلبة بن زيد ابن الحارث ابن حرام وثعلبة الذي يقال له الجذع وعمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث ابن حرام اثنا عشر رجلا.


HSNXV01P697F

قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني خنساء بن سنان بن عبيد بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن مالك ابن خنساء والطفيل بن مالك بن خنساء والطفيل بن النعمان بن خنساء وسنان بن صيفي بن صخر بن خنساء وعبد الله بن الجد بن قيس بن صخر ابن خنساء وعتبة بن عبد الله بن صخر بن خنساء وجبار بن صخر بن أمية بن خنساء وخارجة بن حمير وعبد الله بن حمير حليفان لهم من أشجع من بني دهمان تسعة نفر.


HSNXV01P698C

قال ابن إسحاق ومن بني خناس بن سنان بن عبيد يزيد بن المنذر بن سرح بن خناس ومعقل بن المنذر بن سرح بن خناس وعبد الله بن النعمان ابن بلدمة.


HSNXV01P698E

قال ابن إسحاق والضحاك بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي وسواد بن زريق بن ثعلبة بن عبيد بن عدي.


HSNXV01P698G

قال ابن إسحاق ومعبد بن قيس بن صخر بن حرام بن ربيعة بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة.


HSNXV01P698I

قال ابن إسحاق وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام بن ربيعة بن عدي بن غنم سبعة نفر ومن بني النعمان بن سنان بن عبيد عبد الله بن عبد مناف بن النعمان وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان وخليدة بن قيس بن النعمان والنعمان بن سنان مولى لهم أربعة نفر ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني حديدة بن عمرو § ابن غنم بن سواد.


HSNXV01P699C

أبو المنذر وهو يزيد بن عامر بن حديدة وسليم بن عمرو بن حديدة وقطبة بن عامر بن حديدة وعنترة مولى سليم بن عمرو أربعة نفر.


HSNXV01P699F

قال ابن إسحاق ومن بني عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم عبس ابن عامر بن عدي وثعلبة بن غنمة بن عدي وأبو اليسر وهو كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غنم بن سواد وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب ابن غنم ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عدي ابن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تريد بن جشم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ستة نفر.


HSNXV01P699I

قال ابن إسحاق والذين كسروا آلهة بني سلمة معاذ بن جبل وعبد الله ابن أنيس وثعلبة بن غنمة وهم في بني سواد بن غنم قال ابن إسحاق ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك § ابن غضب بن جشم بن الخزرج ثم من بني مخلد بن عامر بن زريق.


HSNXV01P700C

قيس بن محصن بن خالد بن مخلد.


HSNXV01P700E

قال ابن إسحاق وأبو خالد وهو الحارث بن قيس بن خالد بن مخلد وجبير ابن إياس بن خالد بن مخلد وأبو عبادة وهو سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد وأخوه عقبة بن عثمان بن خلدة بن مخلد وذكوان بن عبد قيس بن خلدة ابن مخلد ومسعود بن خلدة بن عامر بن مخلد سبعة نفر ومن بني خالد بن عامر بن زريق عباد بن قيس بن عامر بن خالد رجل ومن بنى خالدة بن عامر بن زريق أسعد بن يزيد بن الفاكه بن زيد بن خلدة والفاكه بن بشر بن الفاكه بن زيد بن خلدة.


HSNXV01P700J

قال ابن إسحاق ومعاذ بن ماعص بن قيس بن خلدة وأخوه عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة خمسة نفر ومن بني العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق رفاعة بن رافع بن العجلان وأخوه خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان ثلاثة نفر ومن بني بياضة بن عامر بن زريق زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر ابن عدي بن أمية بن بياضة وفروة بن عمرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة.


HSNXV01P701A

قال ابن إسحاق وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة ورجيلة بن ثعلبة بن خالد بن ثعلبة بن عامر بن بياضة.


HSNXV01P701C

قال ابن إسحاق وعطية بن نويرة بن عامر بن عطية بن عامر بن بياضة وخليفة بن عدي بن عمرو بن مالك بن عامر بن فهيرة بن بياضة ستة نفر.


HSNXV01P701E

قال ابن إسحاق ومن بني حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم ابن الخزرج رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة ابن زيد مناة بن حبيب رجل.


HSNXV01P701G

قال ابن إسحاق ومن بني النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج ثم من بني غنم بن مالك بن النجار ثم من بني ثعلبة بن عبد عوف بن غنم أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة رجل ومن بني عسيرة بن عبد عوف بن غنم ثابت بن خالد بن النعمان ابن خنساء بن عسيرة رجل.


HSNXV01P702B

قال ابن إسحاق ومن بني عمرو بن عبد عوف بن غنم عمارة بن حزم ابن زيد بن لوذان بن عمرو وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية بن عمرو رجلان ومن بني عبيد بن ثعلبة بن غنم حارثة بن النعمان بن زيد بن عبيد وسليم بن قيس بن قهد واسم قهد خالد بن قيس بن عبيد رجلان.


HSNXV01P702G

قال ابن إسحاق ومن بني عائذ بن ثعلبة بن غنم.


HSNXV01P702I

سهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ وعدي بن الزغباء حليف لهم من جهينة رجلان ومن بني زيد بن ثعلبة بن غنم مسعود بن أوس بن زيد وأبو خزيمة ابن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد ثلاثة نفر ومن بني سواد بن مالك بن غنم عوف ومعوذ ومعاذ بنو الحارث ابن رفاعة بن سواد وهم بنو عفراء.


HSNXV01P703A

قال ابن إسحاق والنعمان بن عمرو بن رفاعة بن سواد.


HSNXV01P703C

قال ابن إسحاق وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد وعبد الله بن قيس ابن خالد بن خلدة بن الحارث بن سواد وعصيمة حليف لهم من أشجع ووديعة بن عمرو حليف لهم من جهينة وثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد و زعموا أن أبا الحمراء مولى الحارث بن عفراء قد شهد بدرا عشرة نفر.


HSNXV01P703F

قال ابن إسحاق ومن بني عامر بن مالك بن النجار وعامر مبذول ثم من بني عتيك بن عمرو بن مبذول ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك وسهل بن عتيك بن عمرو بن النعمان بن عتيك والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك كسر به بالروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه ثلاثة نفر ومن بني عمرو بن مالك بن النجار وهم بنو حديلة ثم من بني قيس ابن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.


HSNXV01P703K

قال ابن إسحاق أبي بن كعب بن قيس وأنس بن معاذ بن أنس بن قيس رجلان § ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.


HSNXV01P704E

قال ابن إسحاق وأبو طلحة وهو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ثلاثة نفر ومن بني عدي بن النجار ثم من بني عدي بن عامر بن غنم بن النجار حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر وعمرو بن ثعلبة ابن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر وهو أبو حكيم وسليط بن قيس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدي بن عامر وأبو سليط وهو أسيرة ابن عمرو وعمرو أبو خارجة بن قيس بن مالك بن عدي بن عامر وثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدي بن عامر ومحرز بن عامر بن مالك بن عدي ابن عامر وسواد بن غزية بن أهيب حليف لهم من بلي ثمانية نفر.


HSNXV01P704H

قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي § ابن النجار أبو زيد قيس بن سكن بن قيس بن زعوراء بن حرام وأبو الأعور بن الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام.


HSNXV01P705C

قال ابن إسحاق وسليم بن ملحان وحرام بن ملحان واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام أربعة نفر ومن بني مازن بن النجار ثم من بني عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم ابن مازن بن النجار قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد ابن عوف وعبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف وعصيمة حليف لهم من بني أسد بن خزيمة ثلاثة نفر ومن بني خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن أبو داود عمير بن عامر بن مالك بن خنساء وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء رجلان ومن بني ثعلبة بن مازن بن النجار قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة رجل ومن بني دينار بن النجار ثم من بني مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة ابن دينار بن النجار النعمان بن عبد عمرو بن مسعود والضحاك بن عبد عمرو ابن مسعود وسليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن حارثة بن دينار وهو أخو الضحاك والنعمان ابني عبد عمرو لأمهما وجابر بن خالد بن عبد الأشهل ابن حارثة وسعد بن سهيل بن عبد الأشهل خمسة نفر § ومن بني قيس بن مالك بن كعب بن حارثة بن دينار بن النجار كعب بن زيد بن قيس وبجير بن أبي بجير حليف لهم رجلان.


HSNXV01P706C

قال ابن إسحاق فجميع من شهد بدرا من الخزرج مائة وسبعون رجلا.


HSNXV01P706G

قال ابن إسحاق فجميع من شهد بدرا من المسلمين من المهاجرين والأنصار من شهدها منهم ومن ضرب له بسهمه وأجره ثلاث مائة رجل وأربعة عشر رجلا من المهاجرين ثلاثة وثمانون رجلا ومن الأوس واحد وستون رجلا ومن الخزرج مائة وسبعون رجلا.


من استشهد من المسلمين يوم بدر *

HSNXV01P706J

واستشهد من المسلمين يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ثم من بني المطلب بن عبد مناف عبيدة بن الحارث بن المطلب قتله عتبة بن ربيعة قطع رجله فمات بالصفراء رجل § ومن بني زهرة بن كلاب عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة.


HSNXV01P707D

وذو الشمالين ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لهم من خزاعة ثم من بني غبشان رجلان ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عاقل بن البكير حليف لهم من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ومهجع مولى عمر بن الخطاب رجلان ومن بني الحارث بن فهر صفوان بن بيضاء رجل ستة نفر ومن الأنصار ثم من بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر بن زنبر رجلان ومن بني الحارث بن الخزرج يزيد بن الحارث وهو الذي يقال له ابن فسحم رجل ومن بني سلمة ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عمير بن الحمام رجل ومن بني حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم رافع بن المعلى رجل § ومن بني النجار حارثة بن سراقة بن الحارث رجل ومن بني غنم بن مالك بن النجار عوف ومعوذ ابنا الحارث بن رفاعة ابن سواد وهما ابنا عفراء رجلان ثمانية نفر.


من قتل ببدر من المشركين *

HSNXV01P708G

وقتل من المشركين يوم بدر من قريش ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف حنظلة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس قتله.


HSNXV01P708I

قال ابن إسحاق والحارث بن الحضرمي وعامر بن الحضرمي حليفان لهم قتل عامرا عمار بن ياسر.


HSNXV01P708K

وعمير بن أبي عمير وابنه موليان لهم.


HSNXV01P708M

قال ابن إسحاق وعبيدة بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس قتله الزبير بن العوام والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية قتله علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخو بني عمرو بن عوف صبرا.


HSNXV01P709B

قال ابن إسحاق وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس قتله عبيدة بن الحارث ابن المطلب.


HSNXV01P709D

قال ابن إسحاق وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس قتله حمزة بن عبد المطلب والوليد بن عتبة بن ربيعة قتله علي بن أبي طالب وعامر بن عبد الله حليف لهم من بني أنمار بن بغيض قتله علي بن أبي طالب اثنا عشر رجلا ومن بني نوفل بن عبد مناف الحارث بن عامر بن نوفل قتله فيما يذكرون خبيب بن إساف أخو بني الحارث بن الخزرج وطعيمة بن عدي بن نوفل قتله علي بن أبي طالب ويقال حمزة بن عبد المطلب رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد.


HSNXV01P709J

ويقال اشترك فيه حمزة وعلي بن أبي طالب وثابت.


HSNXV01P709K

قال ابن إسحاق والحارث بن زمعة.


HSNXV01P709M

وعقيل بن الأسود بن المطلب.


HSNXV01P709O

وأبو البختري وهو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد قتله المجذر بن ذياد البلوي.


HSNXV01P709Q

قال ابن إسحاق ونوفل بن خويلد بن أسد وهو ابن العدوية عدي خزاعة وهو الذي قرن أبا بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله حين أسلما في حبل فكانا يسميان القرينين لذلك وكان من شياطين قريش قتله علي بن أبي طالب خمسة نفر.


HSNXV01P710B

ومن عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب صبرا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء فيما يذكرون.


HSNXV01P710D

قال ابن إسحاق وزيد بن مليص مولى عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار رجلان.


HSNXV01P710G

قال ابن إسحاق ومن بني تيم بن مرة عمير بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم.


HSNXV01P710I

قال ابن إسحاق وعثمان بن مالك بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب قتله صهيب بن سنان رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو جهل بن هشام واسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح فقطع رجله وضرب ابنه عكرمة يد معاذ فطرحها ثم ضربه معوذ بن عفراء حتى أثبته ثم تركه وبه رمق ثم ذفف عليه عبد الله بن مسعود § واحتز رأسه حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى والعاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قتله عمر بن الخطاب ويزيد بن عبد الله حليف لهم من بني تميم.


HSNXV01P711C

قال ابن إسحاق وأبو مسافع الأشعري حليف لهم قتله.


HSNXV01P711E

وحرملة بن عمرو حليف لهم.


HSNXV01P711G

وحرملة من الأسد.


HSNXV01P711H

قال ابن إسحاق ومسعود بن أبي أمية بن المغيرة قتله.


HSNXV01P711J

قال ابن إسحاق وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة قتله.


HSNXV01P711L

قال ابن إسحاق ورفاعة بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قتله.


HSNXV01P711N

والمنذر ابن أبي رفاعة بن عابد قتله.


HSNXV01P711P

وعبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة بن عابد.


HSNXV01P711R

قال ابن إسحاق والسائب بن أبي السائب بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.


HSNXV01P712C

قال ابن إسحاق والأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قتله حمزة بن عبد المطلب وحاجب بن السائب بن عويمر بن عمرو ابن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.


HSNXV01P712E

والذي قتل حاجب بن السائب علي بن أبي طالب.


HSNXV01P712F

قال ابن إسحاق وعويمر بن السائب بن عويمر قتله.


HSNXV01P712H

قال ابن إسحاق وعمرو بن سفيان وجابر بن سفيان حليفان لهم من طيئ قتل عمرا يزيد بن رقيش.


HSNXV01P712J

قال ابن إسحاق سبعة عشر رجلا.


HSNXV01P712L

ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي منبه بن الحجاج § ابن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم قتله أبو اليسر أخو بني سلمة وابنه العاص بن منبه بن الحجاج.


HSNXV01P713C

ونبيه بن الحجاج بن عامر قتله.


HSNXV01P713E

وأبو العاص بن قيس بن عدي بن سعد ابن سهم.


HSNXV01P713G

قال ابن إسحاق وعاصم بن عوف بن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم قتله.


HSNXV01P713J

ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي أمية بن خلف ابن وهب بن حذافة بن جمح قتله رجل من الأنصار من بني مازن.


HSNXV01P713L

قال ابن إسحاق وابنه علي بن أمية بن خلف قتله عمار بن ياسر وأوس ابن معير بن لوذان بن سعد بن جمح قتله.


HSNXV01P713N

قال ابن إسحاق ثلاثة نفر.


HSNXV01P713P

ومن بني عامر بن لؤي معاوية بن عامر حليف لهم من عبد القيس قتله علي بن أبي طالب.


HSNXV01P714A

قال ابن إسحاق ومعبد بن وهب حليف لهم من بني كلب بن عوف ابن كعب بن عامر بن ليث قتل معبدا خالد وإياس ابنا البكير.


ذكر أسرى قريش يوم بدر *

HSNXV02P003E

قال ابن إسحاق وأسر من المشركين من قريش يوم بدر من بني هاشم بن عبد مناف عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ومن بني المطلب بن عبد مناف السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ونعمان بن عمرو بن علقمة بن المطلب رجلان § ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عمرو بن أبي سفيان بن حرب بن أمية ابن عبد شمس والحارث بن أبي وجزة بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس.


HSNXV02P004D

قال ابن إسحاق وأبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وأبو العاص بن نوفل بن عبد شمس ومن حلفائهم أبو ريشة بن أبي عمرو وعمرو بن الأزرق وعقبة بن عبد الحارث بن الحضرمي سبعة نفر ومن بني نوفل بن عبد مناف عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل وعثمان بن عبد شمس ابن أخي غزوان بن جابر حليف لهم من بني مازن بن منصور وأبو ثور حليف لهم ثلاثة نفر ومن بني عبد الدار بن قصي أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار والأسود بن عامر حليف لهم ويقولون نحن بنو الأسود بن عامر ابن عمرو بن الحارث بن السباق رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي السائب بن أبي حبيش بن المطلب ابن أسد والحويرث بن عباد بن عثمان بن أسد.


HSNXV02P005A

قال ابن إسحاق وسالم بن شماخ حليف لهم ثلاثة نفر ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة والوليد بن الوليد بن المغيرة وعثمان بن عبد الله بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وصيفي ابن أبي رفاعة بن عابا بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو المنذر بن أبي رفاعة ابن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو عطاء عبد الله بن أبي السائب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم والمطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم وخالد بن الأعلم حليف لهم وهو كان فيما يذكرون أول من ولى فارا منهزما وهو الذي يقول ولسنا على الأدبار تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا يقطر الدم تسعة نفر.


HSNXV02P005F

قال ابن إسحاق ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب أبو وداعة ابن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم كان أول أسير أفتدي من أسرى بدر افتداه ابنه المطلب بن أبي وداعة وفروة بن قيس بن عدي بن حذافة § ابن سعد بن سهم وحنظلة بن قبيصة بن حذافة بن سعد بن سهم والحجاج ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم أربعة نفر ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن أبي بن خلف ابن وهب بن حذافة بن جمح وأبو عزة عمرو بن عبد بن عثمان بن وهيب بن حذافة بن جمح والفاكه مولى أمية بن خلف ادعاه بعد ذلك رباح بن المغترف وهو يزعم أنه من بني شماخ بن محارب بن فهر ويقال إن الفاكه ابن جرول بن حذيم بن عوف بن غضب بن شماخ بن محارب بن فهر ووهب بن عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وربيعة ابن دراج بن العنبس بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح خمسة نفر ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر أسره مالك بن الدخشم أخو بني سالم بن عوف وعبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وعبد الرحمن بن مشنوء بن وقدان بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ثلاثة نفر § ومن بني الحارث بن فهر الطفيل بن أبي قنيع وعتبة بن عمرو بن جحدم رجلان قال ابن إسحاق فجميع من حفظ لنا من الأسارى ثلاثة وأربعون رجلا.


ما قيل من الشعر في يوم بدر *

HSNXV02P008O

قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم بدر وتراد به القوم بينهم لما كان فيه قول حمزة بن عبد المطلب يرحمه الله.


HSNXV02P008Q

ألم تر أمرا كان من عجب الدهر وللحين أسباب مبينة الأمر § وما ذاك إلا أن قوما أفادهم فحانوا تواص بالعقوق وبالكفر عشية راحوا نحو بدر بجمعهم فكانوا رهونا للركية من بدر وكنا طلبنا العير لم نبغ غيرها فساروا إلينا فالتقنا على قدر فلما التقينا لم تكن مثنوية لنا غير طعن بالمثقفة السمر وضرب ببيض يختلي الهام حدها مشهرة الألوان بينة الأثر ونحن تركنا عتبة الغي ثاويا وشيبة في القتلى تجرجم في الجفر وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم فشقت جيوب النائحات على عمرو جيوب نساء من لؤي بن غالب كرام تفرعن الذوائب من فهر أولئك قوم قتلوا في ضلالهم وخلوا لواء غير محتضر النصر لواء ضلال قاد إبليس أهله فخاس بهم إن الخبيث إلى غدر وقال لهم إذ عاين الأمر واضحا برئت إليكم ما بي اليوم من صبر فإني أرى ما لا ترون وإنني أخاف عقاب الله والله ذو قسر فقدمهم للحين حتى تورطوا وكان بما لم يخبر القوم ذا خبر فكانوا غداة البئر ألفا وجمعنا ثلاث مئين كالمسدمة الزهر وفينا جنود الله حين يمدنا بهم في مقام ثم مستوضح الذكر فشد بهم جبريل تحت لوائنا لدى مأزق فيه مناياهم تجري § فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة فقال ألا يا لقومي للصبابة والهجر وللحزن مني والحرارة في الصدر وللدمع من عيني جودا كأنه فريد هوى من سلك ناظمه يجري على البطل الحلو الشمائل إذ ثوى رهين مقام للركية من بدر فلا تبعدن يا عمرو من ذي قرابة ومن ذي ندام كان ذا خلق غمر فإن يك قوم صادفوا منك دولة فلا بد للأيام من دول الدهر فقد كنت في صرف الزمان الذي مضى تريهم هوانا منك ذا سبل وعر فإلا أمت يا عمرو أتركك ثائرا ولا أبق بقيا في إخاء ولا صهر وأقطع ظهرا من رجال بمعشر كرام عليهم مثل ما قطعوا ظهري أغرهم ما جمعوا من وشيظة ونحن الصميم في القبائل من فهر فيال لؤي ذببوا عن حريمكم وآلهة لا تتركوها لذي الفخر توارثها آباؤكم وورثتم أواسيها والبيت ذا السقف والستر فما لحليم قد أراد هلاككم فلا تعذروه آل غالب من عذر وجدوا لمن عاديتم وتوازروا وكونوا جميعا في التأسي وفي الصبر لعلكم أن تثأروا بأخيكم ولا شيء إن لم تثأروا بذوي عمرو § بمطردات في الأكف كأنها وميض تطير الهام بينة الأثر كأن مدب الذر فوق متونها إذا جردت يوما لأعدائها الخزر.


HSNXV02P011C

قال ابن إسحاق وقال علي بن أبي طالب في يوم بدر.


HSNXV02P011E

وذكره في هذا الشعر ألم تر أن الله أبلى رسوله بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فضل بما أنزل الكفار دار مذلة فلاقوا هوانا من إسار ومن قتل فأمسى رسول الله قد عز نصره وكان رسول الله أرسل بالعدل فجاء بفرقان من الله منزل مبينة آياته لذوي العقل فآمن أقوام بذاك وأيقنوا فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم فزادهم ذو العرش خبلا على خبل وأمكن منهم يوم بدر رسوله وقوما غضابا فعلهم أحسن الفعل بأيديهم بيض خفاف عصوا بها وقد حادثوها بالجلاء وبالصقل فكم تركوا من ناشئ ذي حمية صريعا ومن ذي نجدة منهم كهل § تبيت عيون النائحات عليهم تجود بأسبال الرشاش وبالوبل نوائح تنعى عتبة الغي وابنه وشيبة تنعاه وتنعى أبا جهل وذا الرجل تنعى وابن جدعان فيهم مسلبة حرى مبينة الثكل ثوى منهم في بئر بدر عصابة ذوي نجدات في الحروب وفي المحل دعا الغي منهم من دعا فأجابه وللغي أسباب مرمقة الوصل فأضحوا لدى دار الجحيم بمعزل عن الشغب والعدوان في أشغل الشغل فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة فقال عجبت لأقوام تغنى سفيههم بأمر سفاه ذي اعتراض وذي بطل تغنى بقتلى يوم بدر تتابعوا كرام المساعي من غلام ومن كهل مصاليت بيض من لؤي بن غالب مطاعين في الهيجا مطاعيم في المحل أصيبوا كراما لم يبيعوا عشيرة بقوم سواهم نازحي الدار والأصل كما أصبحت غسان فيكم بطانة لكم بدلا منا فيا لك من فعل عقوقا وإثما بينا وقطيعة يرى جوركم فيها ذو والرأى والعقل فإن يك قوم قد مضوا لسبيلهم وخير المنايا ما يكون من القتل فلا تفرحوا أن تقتلوهم فقتلهم لكم كائن خبلا مقيما على خبل فإنكم لن تبرحوا بعد قتلهم شتيتا هواكم غير مجتمعي الشمل § بفقد ابن جدعان الحميد فعاله وعتبة والمدعو فيكم أبا جهل وشيبة فيهم والوليد وفيهم أمية مأوى المعترين وذو الرجل أولئك فابك ثم لا تبك غيرهم نوائح تدعو بالرزية والثكل وقولوا لأهل المكتين تحاشدوا وسيروا إلى آطام يثرب ذي النخل جميعا وحاموا آل كعب وذببوا بخالصة الألوان محدثة الصقل وإلا فبيتوا خائفين وأصبحوا أذل لوطء الواطئين من النعل على أنني واللات يا قوم فاعلموا بكم واثق أن لا تقيموا على تبل سوى جمعكم للسابغات وللقنا وللبيض والبيض القواطع والنبل وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر في يوم بدر عجبت لفخر الأوس والحين دائر عليهم غدا والدهر فيه بصائر وفخر بني النجار إن كان معشر أصيبوا ببدر كلهم ثم صابر فإن تك قتلى غودرت من رجالنا فإنا رجال بعدهم سنغادر وتردي بنا الجرد العناجيج وسطكم بني الأوس حتى يشفي النفس ثائر ووسط بني النجار سوف نكرها لها بالقنا والدار عين زوافر فنترك صرعى تعصب الطير حولهم وليس لهم إلا الأماني ناصر § وتبكيهم من أهل يثرب نسوة لهن بها ليل عن النوم ساهر وذلك أنا لا تزال سيوفنا بهن دم ممن يحاربن مائر فإن تظفروا في يوم بدر فإنما بأحمد أمسى جدكم وهو ظاهر وبالنفر الأخيار هم أولياؤه يحامون في اللأواء والموت حاضر يعد أبو بكر وحمزة فيهم ويدعى علي وسط من أنت ذاكر ويدعى أبو حفص وعثمان منهم وسعد إذا ما كان في الحرب حاضر أولئك لا من نتجت في ديارها بنو الأوس والنجار حين تفاخر ولكن أبوهم من لؤي بن غالب إذا عدت الأنساب كعب وعامر هم الطاعنون الخيل في كل معرك غداة الهياج الأطيبون الأكاثر فأجابه كعب بن مالك أخو بني سلمة فقال عجبت لأمر الله والله قادر على ما أراد ليس لله قاهر قضى يوم بدر أن نلاقي معشرا بغوا وسبيل البغي بالناس جائر وقد حشدوا واستنفروا من يليهم من الناس حتى جمعهم متكاثر وسارت إلينا لا تحاول غيرنا بأجمعها كعب جميعا وعامر وفينا رسول الله والأوس حوله له معقل منهم عزيز وناصر وجمع بني النجار تحت لوائه يمشون في الماذي والنقع ثائر فلما لقيناهم وكل مجاهد لأصحابه مستبسل النفس صابر شهدنا بأن الله لا رب غيره وأن رسول الله بالحق ظاهر § وقد عريت بيض خفاف كأنها مقابيس يزهيها لعينيك شاهر بهن أبدنا جمعهم فتبددوا وكان يلاقي الحين من هو فاجر فكب أبو جهل صريعا لوجهه وعتبة قد غادرنه وهو عاثر وشيبة والتيمي غادرن في الوغى وما منهم إلا بذي العرش كافر فأمسوا وقود النار في مستقرها وكل كفور في جهنم صائر تلظى عليهم وهي قد شب حميها بزبر الحديد والحجارة ساجر وكان رسول الله قد قال أقبلوا فولوا وقالوا إنما أنت ساحر لأمر أراد الله أن يهلكوا به وليس لأمر حمه الله زاجر وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي يبكي قتلى بدر.


HSNXV02P015C

قال ابن إسحاق حليف بني عبد الدار ماذا على بدر وماذا حوله من فتية بيض الوجوه كرام تركوا نبيها خلفهم ومنبها وابني ربيعة خير خصم فئام والحارث الفياض يبرق وجهه كالبدر جلى ليلة الإظلام والعاصي بن منبه ذا مرة رمحا تميما غير ذي أوصام § تنمى به أعراقه وجدوده ومآثر الأخوال والأعمام وإذا بكى باك فأعول شجوه فعلى الرئيس الماجد ابن هشام حيا الإله أبا الوليد ورهطه رب الأنام وخصهم بسلام فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال ابك بكت عيناك ثم تبادرت بدم تعل غروبها سجام ماذا بكيت به الذين تتايعوا هلا ذكرت مكارم الأقوام وذكرت منا ماجدا ذا همة سمح الخلائق صادق الإقدام أعني النبي أخا المكارم والندى وأبر من يولى على الإقسام فلمثله ولمثل ما يدعو له كان الممدح ثم غير كهام وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضا تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقى الضجيع ببارد بسام كالمسك تخلطه بماء سحابة أو عاتق كدم الذبيح مدام نفج الحقيبة بوصها متنضد بلهاء غير وشيكة الأقسام § بنيت على قطن أجم كأنه فضلا إذا قعدت مداك رخام وتكاد تكسل أن تجيء فراشها في جسم خرعبة وحسن قوام أما النهار فلا أفتر ذكرها والليل توزعني بها أحلامي أقسمت أنساها وأترك ذكرها حتى تغيب في الضريح عظامي يا من لعاذلة تلوم سفاهة ولقد عصيت على الهوى لوامي بكرت علي بسحرة بعد الكرى وتقارب من حادث الأيام زعمت بأن المرء معديكرب عمره عدم لمعتكر من الأصرام إن كنت كاذبة الذي حدتتني فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجا برأس طمرة ولجام تذر العناجيج الجياد بقفرة مر الدموك بمحصد ورجام § ملأت به الفرجين فار مدت به وثوى أحبته بشر مقام وبنو أبيه ورهطه في معرك نصر الإله به ذوي الإسلام طحنتهم والله ينفذ أمره حرب يشب سعيرها بضرام لولا الإله وجريها لتركنه جزر السباع ودسنه بحوامي من بين مأسور يشد وثاقه صقر إذا لاقى الأسنة حامي ومجدل لا يستجيب لدعوة حتى تزول شوامخ الأعلام بالعار والذل المبين إذ رأى بيض السيوف تسوق كل همام بيدي أغر إذا انتمى لم يخزه نسب القصار سميدع مقدام بيض إذا لاقت حديدا صممت كالبرق تحت ظلال كل غمام فأجابه الحارث بن هشام فيما ذكر ابن هشام فقال الله أعلم ما تركت قتالهم حتى حبوا مهري بأشقر مزبد وعرفت أني إن أقاتل واحدا أقتل ولا ينكي عدوي مشهدي فصددت عنهم والأحبة فيهم طمعا لهم بعقاب يوم مفسد قال ابن إسحاق قالها الحارث يعتذر من فراره يوم بدر.


HSNXV02P019C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا لقد علمت قريش يوم بدر غداة الأسر والقتل الشديد بأنا حين تشتجر العوالي حماة الحرب يوم أبي الوليد قتلنا ابني ربيعة يوم سارا إلينا في مضاعفة الحديد وفر بها حكيم يوم جالت بنو النجار تخطر كالأسود وولت عند ذاك جموع فهر وأسلمها الحويرث من بعيد لقد لاقيتم ذلا وقتلا جهيزا نافذا تحت الوريد وكل القوم قد ولوا جميعا ولم يلووا على الحسب التليد وقال حسان بن ثابت أيضا يا حار قد عولت غير معول عند الهياج وساعة الأحساب إذ تمتطي سرح اليدين نجيبة مرطى الجراء طويلة الأقراب والقوم خلفك قد تركت قتالهم ترجو النجاء وليس حين ذهاب § ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى قعص الأسنة ضائع الأسلاب عجل المليك له فأهلك جمعه بشنار مخزية وسوء عذاب.


HSNXV02P020C

مستشعري حلق الماذي يقدمهم %~% جلد النحيزة ماض غير رعديد أعني رسول إله الخلق فضله على البرية بالتقوى وبالجود وقد زعمتم بأن تحموا ذماركم وماء بدر زعمتم غير مورود ثم وردنا ولم نسمع لقولكم حتى شربنا رواء غير تصريد مستعصمين بحبل غير منجذم مستحكم من حبال الله ممدود فينا الرسول وفينا الحق نتبعه حتى الممات ونصر غير محدود واف وماض شهاب يستضاء به بدر أنار على كل الأماجيد.


HSNXV02P020E

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا § خابت بنو أسد وآب غزيهم يوم القليب بسوأة وفضوح منهم أبو العاصي تجدل مقعصا عن ظهر صادقة النجاء سبوح حينا له من مانع بسلاحه لما ثوى بمقامه المذبوح والمرء زمعة قد تركن ونحره يدمى بعاند معبط مسفوح متوسدا حر الجبين معفرا قد عر مارن أنفه بقبوح ونجا ابن قيس في بقية رهطه بشفا الرماق موليا بجروح وقال حسان بن ثابت أيضا ألا ليت شعري هل أتى أهل مكة إبارتنا الكفار في ساعة العسر قتلنا سراة القوم عند مجالنا فلم يرجعوا إلا بقاصمة الظهر قتلنا أبا جهل وعتبة قبله وشيبة يكبو لليدين وللنحر قتلنا سويدا ثم عتبة بعده وطعمة أيضا عند ثائرة القتر فكم قد قتلنا من كريم مرزإ له حسب في قومه نابه الذكر تركناهم للعاويات ينبنهم ويصلون نارا بعد حامية القعر § لعمرك ما حامت فوارس مالك وأشياعهم يوم التقينا على بدر.


HSNXV02P022C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا نجى حكيما يوم بدر شده كنجاء مهر من بنات الأعوج لما رأى بدرا تسيل جلاهه بكتيبة خضراء من بلخزرج لا ينكلون إذا لقرا أعداءهم يمشون عائدة الطريق المنهج كم فيهم من ماجد ذي منعة بطل بمهلكة الجبان المحرج ومسود يعطي الجزيل بكفه حمال أثقال الديات متوج زين الندي معاود يوم الوغى ضرب الكماة بكل أبيض سلجج.


HSNXV02P022E

قال ابن إسحاق وقال حسان أيضا فما نخشى بحول الله قوما وإن كثروا وأجمعت الزحوف § إذا ما ألبوا جمعا علينا كفانا حدهم رب رءوف سمونا يوم بدر بالعوالي سراعا ما تضعضعنا الحتوف فلم تر عصبة في الناس أنكى لمن عادوا إذا لقحت كشوف ولكنا توكلنا وقلنا مآثرنا ومعقلنا السيوف لقيناهم بها لما سمونا ونحن عصابة وهم ألوف وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو بني جمح ومن أصيب منهم جمحت بنو جمح لشقوة جدهم إن الذليل موكل بذليل قتلت بنو جمح ببدر عنوة وتخاذلوا سعيا بكل سبيل جحدوا الكتاب وكذبوا بمحمد والله يظهر دين كل رسول لعن الإله أبا خزيمة وابنه والخالدين وصاعد بن عقيل.


HSNXV02P023C

قال ابن إسحاق وقال عبيدة بن الحارث بن المطلب في يوم بدر وفي قطع رجله حين أصيبت في مبارزته هو وحمزة وعلي حين بارزوا عدوهم.


HSNXV02P023E

ستبلغ عنا أهل مكة وقعة %~% يهب لها من كان عن ذاك نائيا بعتبة إذ ولى وشيبة بعده وما كان فيها بكر عتبة راضيا § فإن تقطعوا رجلي فإنى مسلم أرجي بها عيشا من الله دانيا مع الحور أمثال التماثيل أخلصت مع الجنة العليا لمن كان عاليا وبعت بها عيشا تعرقت صفوه وعالجته حتى فقدت الأدانيا فأكرمني الرحمن من فضل منه بئوب من الإسلام غطى المساويا وما كان مكروها إلي قتالهم غداة دعا الأكفاء من كان داعيا ولم يبغ إذ سالوا النبي سواءنا ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا لقيناهم كالأسد تخطر بالقنا نقاتل في الرحمن من كان عاصيا فما برحت أقدامنا من مقامنا ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا.


HSNXV02P024D

قال ابن إسحاق فلما هلك عبيدة بن الحارث من مصاب رجله يوم بدر قال كعب بن مالك الأنصاري يبكيه أيا عين جودي ولا تبخلي بدمعك حقا ولا تنزري على سيد هدنا هلكه كريم المشاهد والعنصر § جريء المقدم شاكي السلاح كريم النثا طيب المكسر عبيدة أمسى ولا نرتجيه لعرف عرانا ولا منكر وقد كان يحمى غداة القتال حامية الجيش بالمبتر وقال كعب بن مالك أيضا في يوم بدر ألا هل أتى غسان في نأي دارها وأخبر شيء بالأمور عليمها بأن قد رمتنا عن قسي عداوة معد معا جهالها وحليمها لأنا عبدنا الله لم نرج غيره رجاء الجنان إذ أتانا زعيمها نبي له في قومه إرث عزة وأعراق صدق هذبتها أرومها فساروا وسرنا فالتقينا كأننا أسود لقاء لا يرجى كليمها ضربناهم حتى هوى في مكرنا لمنخر سوء من لؤي عظيمها فولوا ودسناهم ببيض صوارم سواء علينا حلفها وصميمها وقال كعب بن مالك أيضا لعمر أبيكما يا بني لؤي على زهو لديكم وانتخاء § لما حامت فوارسكم ببدر ولا صبروا به عند اللقاء وردناه بنور الله يجلو دجى الظلماء عنا والغطاء رسول الله يقدمنا بأمر من أمر الله أحكم بالقضاء فما ظفرت فوارسكم ببدر وما رجعوا إليكم بالسواء فلا تعجل أبا سفيان وارقب جياد الخيل تطلع من كداء بنصر الله روح القدس فيها وميكال فيا طيب الملاء وقال طالب بن أبي طالب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي أصحاب القليب من قريش يوم بدر ألا إن عيني أنفدت دمعها سكبا تبكي على كعب وما إن ترى كعبا ألا إن كعبا في الحروب تخاذلوا وأرداهم ذا الدهر واجترحوا ذنبا وعامر تبكي للملمات غدوة فيا ليت شعري هل أرى لهما قربا هما أخواي لن يعدا لغية تعد ولن يستام جارهما غصبا فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا فدى لكما لا تبعثوا بيننا حربا ولا تصبحوا من بعد ود وألفة أحاديث فيها كلكم يشتكي النكبا ألم تعلموا ما كان في حرب داحس وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا فلولا دفاع الله لا شيء غيره لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا § فما إن جنينا في قريش عظيمة سوى أن حمينا خير من وطئ التربا أخا ثقة في النائبات مرزأ كريما نثاه لا بخيلا ولا ذربا يطيف به العافون يغشون بابه يؤمون بحرا لا نزورا ولا صربا فو الله لا تنفك نفسي حزينة تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا وقال ضرار بن الخطاب الفهري يرثي أبا جهل ألا من لعين باتت الليل لم تنم تراقب نجما في سواد من الظلم كأن قذى فيها وليس بها قذى سوى عبرة من جائل الدمع تنسجم فبلغ قريشا أن خير نديها وأكرم من يمشي بساق على قدم ثوى يوم بدر رهن خوصاء رهنها كريم المساعي غير وغد ولا برم فآليت لا تنفك عيني بعبرة على هالك بعد الرئيس أبي الحكم على هالك أشجى لؤي بن غالب أتته المنايا يوم بدر فلم يرم ترى كسر الخطي في نحر مهره لدى بائن من لحمه بينها خذم وما كان ليث ساكن بطن بيشة لدى غلل يجري ببطحاء في أجم § بأجرأ منه حين تختلف القنا وتدعى نزال في القماقمة البهم فلا تجزعوا آل المغيرة واصبروا عليه ومن يجزع عليه فلم يلم وجدوا فإن الموت مكرمة لكم وما بعده في آخر العيش من ندم وقد قلت إن الريح طيبة لكم وعز المقام غير شك لذي فهم.


HSNXV02P028D

قال ابن إسحاق وقال الحارث بن هشام يبكي أخاه أبا جهل ألا يا لهف نفسي بعد عمرو وهل يغني التلهف من قتيل يخبرني المخبر أن عمرا أمام القوم في جفر محيل فقدما كنت أحسب ذاك حقا وأنت لما تقدم غير فيل وكنت بنعمة ما دمت حيا فقد خلفت في درج المسيل كأنى حين أمسي لا أراه ضعيف العقد ذو هم طويل على عمرو إذا أمسيت يوما وطرف من تذكره كليل.


HSNXV02P029B

قال ابن إسحاق وقال أبو بكر بن الأسود بن شعوب الليثي وهو شداد ابن الأسود تحيي بالسلامة أم بكر وهل لي بعد قومي من سلام فماذا بالقليب قليب بدر من القينات والشرب الكرام وماذا بالقليب قليب بدر من الشيزى تكلل بالسنام وكم لك بالطوي طوي بدر من الحومات والنعم المسام وكم لك بالطوي طوي بدر من الغايات والدسع العظام وأصحاب الكريم أبي علي أخي الكاس الكريمة والندام وإنك لو رأيت أبا عقيل وأصحاب الثنية من نعام إذا لظللت من وجد عليهم كأم السقب جائلة المرام يخبرنا الرسول لسوف نحيا وكيف لقاء أصداء وهام.


HSNXV02P030B

وقال ابن إسحاق وقال أمية بن أبي الصلت يرثي من أصيب من قريش يوم بدر ألا بكيت على الكرام بني الكرام أولي الممادح كبكا الحمام على فروع الأيك في الغصن الجوانح يبكين حرى مستكينا ت يرحن مع الروائح أمثالهن الباكيات المعولات من النوائح من يبكهم يبك على حزن ويصدق كل مادح ماذا ببدر فالعقنقل من مرازبة جحاجح فمدافع البرقين فالحنان من طرف الأواشح شمط وشبان بها ليل مغاوير وحاوح ألا ترون لما أرى ولقد أبان لكل لامح أن قد تغير بطن مكة فهي موحشة الأباطح من كل بطريق لبطريق نقي القون واضح دعموص أبواب الملوك وجائب للخرق فاتح § من السراطمة الخلاجمة الملاوثة المناجح القائلين الفاعلين الآمرين بكل صالح المطعمين الشحم فو ق الخبز شحما كالأنافح نقل الجفان مع الجفان إلى جفان كالمناضح ليست بأصفار لمن يعفوه ولا رح رحارح للضيف ثم الضيف بعد الضيف والبسط السلاطح وهب المئين من المئين إلى المئين من اللواقح سوق المؤبل للمؤبل صادرات عن بلادح لكرامهم فوق الكرام مزية وزن الرواجح كتثاقل الأرطال بالقسطاس في الأيدي الموائح خذلتهم فئة وهم يحمون عورات الفضائح § الضاربين التقدمية بالمهندة الصفائح ولقد عناني صوتهم من بين مستسق وصائح لله در بنى علي أيم منهم وناكح إن لم يغيروا غارة شعواء تجحر كل نابح بالمقربات المبعدات الطامحات مع الطوامح مردا على جرد إلى أسد مكالبة كوالح ويلاق قرن قرنه مشي المصافح للمصافح بزهاء ألف ثم ألف بين ذي بدن ورامح.


HSNXV02P032C

قال ابن إسحاق وقال أمية بن أبي الصلت يبكي زمعة بن الأسود وقتلى بني أسد § عين بكي بالمسبلات أبا الحارث لا تذخري على زمعه وابكي عقيل بن أسود أسد البأس ليوم الهياج والدفعه تلك بنو أسد إخوة الجوزاء لا خانة ولا خدعه هم الأسرة الوسيطة من كعب وهم ذروة السنام والقمعه أنبتوا من معاشر شعر الرأس وهم ألحقوهم المنعه أمسى بنو عمهم إذا حضر البأس أكبادهم عليهم وجعه وهم المطعمون إذ قحط القطر وحالت فلا ترى قزعه.


HSNXV02P033D

قال ابن إسحاق وقال أبو أسامة معاوية بن زهير بن قيس بن الحارث § ابن سعد بن ضبيعة بن مازن بن عدي بن جشم بن معاوية حليف بني مخزوم.


HSNXV02P034B

وكان مر بهبيرة بن أبي وهب وهم منهزمون يوم بدر وقد أعيا هبيرة فقام فألقى عنه درعه وحمله فمضى به.


HSNXV02P034D

ولما أن رأيت القوم خفوا %~% وقد زالت نعامتهم لنفر وأن تركت سراة القوم صرعى كأن خيارهم أذباح عتر وكانت جمة وافت حماما ولقينا المنايا يوم بدر نصد عن الطريق وأدركونا كأن زهاءهم غطيان بحر وقال القائلون من ابن قيس فقلت أبو أسامة غير فخر أنا الجشمي كيما تعرفوني أبين نسبتي نقرا بنقر فإن تك في الغلاصم من قريش فإني من معاوية بن بكر § فأبلغ مالكا لما غشينا وعندك مال إن نبأت خبرى وأبلغ إن بلغت المرء عنا هبيرة وهو ذو علم وقدر بأني إذ دعيت إلى أفيد كررت ولم يضق بالكر صدري عشية لا يكر على مضاف ولا ذي نعمة منهم وصهر فدونكم بني لأي أخاكم ودونك مالكا يا أم عمرو فلولا مشهدي قامت عليه موقفة القوائم أم أجري دفوع للقبور بمنكبيها كأن بوجهها تحميم قدر فأقسم بالذي قد كان ربي وأنصاب لدى الجمرات مغر لسوف ترون ما حسبي إذا ما تبدلت الجلود جلود نمر فما إن خادر من أسد ترج مدل عنبس في الغيل مجري فقد أحمي الأباءة من كلاف فما يدنو له أحد بنقر § بخل تعجز الحلفاء عنه يواثب كل هجهجة وزجر بأوشك سورة مني إذا ما حبوت له بقرقرة وهدر ببيض كالأسنة مرهفات كأن ظباتهن جحيم جمر وأكلف مجنإ من جلد ثور وصفراء البراية ذات أزر وأبيض كالغدير ثوى عليه عمير بالمداوس نصف شهر أرفل في حمائله وأمشي كمشية خادر ليث سبطر بقول لي الفتى سعد هديا فقلت لعله تقريب غدر وقلت أبا عدي لا تطرهم وذلك إن أطعت اليوم أمري كدأبهم بفروة إذ أتاهم فظل يقاد مكتوفا بضفر.


HSNXV02P036C

قال ابن إسحاق وقال أبو أسامة أيضا § ألا من مبلغ عني رسولا مغلغلة يثبتها لطيف ألم تعلم مردي يوم بدر وقد برقت بجنبيك الكفوف وقد تركت سراة القوم صرعى كأن رءوسهم حدج نقيف وقد مالت عليك ببطن بدر خلاف القوم داهية خصيف فنجاه من الغمرات عزمي وعون الله والأمر الحصيف ومنقلبي من الأبواء وحدي ودونك جمع أعداء وقوف وأنت لمن أرادك مستكين بجنب كراش مكلوم نزيف وكنت إذا دعاني يوم كرب من الأصحاب داع مستضيف فأسمعني ولو أحببت نفسي أخ في مثل ذلك أو حليف أرد فأكشف الغمى وأرمي إذا كلح المشافر والأنوف وقرن قد تركت على يديه ينوء كأنه غصن قصيف دلفت له إذ اختلطوا بحرى مسحسحة لعاندها حفيف § فذلك كان صنعي يوم بدر وقبل أخو مداراة عزوف أخوكم في السنين كما علمتم وحرب لا يزال لها صريف ومقدام لكم لا يزدهيني جنان الليل والأنس اللفيف أخوض الصرة الجماء خوضا إذا ما الكلب ألجأه الشفيف.


HSNXV02P038D

قال ابن إسحاق وقالت هند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها يوم بدر أعيني جودا بدمع سرب على خير خندف لم ينقلب تداعى له رهطه غدوة بنو هاشم وبنو المطلب يذيقونه حد أسيافهم يعلونه بعد ما قد عطب يجرونه وعفير التراب على وجهه عاريا قد سلب وكان لنا جبلا راسيا جميل المراة كثير العشب وأما بري فلم أعنه فأوتي من خير ما يحتسب وقالت هند أيضا § يريب علينا دهرنا فيسوؤنا ويأبى فما نأتي بشيء يغالبه أبعد قتيل من لؤي بن غالب يراع أمر وإن مات أو مات صاحبه ألا رب يوم قد رزئت مرزأ تروح وتغدو بالجزيل مواهبه فأبلغ أبا سفيان عني مألكا فإن ألقه يوما فسوف أعاتبه فقد كان حرب يسعر الحرب إنه لكل امرئ في الناس مولى يطالبه.


HSNXV02P039C

قال ابن إسحاق وقالت هند أيضا لله عينا من رأى هلكا كهلك رجاليه يا رب باك لي غدا في النائبات وباكيه كم غادروا يوم القليب غداة تلك الواعيه من كل غيث في السنين إذا الكواكب خاويه قد كنت أحذر ما أرى فاليوم حق حذاريه قد كنت أحذر ما أرى فأنا الغداة مواميه يا رب قائلة غدا يا ويح أم معاويه.


HSNXV02P040A

قال ابن إسحاق وقالت هند أيضا يا عين بكي عتبه شيخا شديد الرقبه يطعم يوم المسغبه يدفع يوم المغلبه إني عليه حربه ملهوفة مستلبه لنهبطن يثربه بغارة منثعبه فيها الخيول مقربه كل جواد سلهبه وقالت صفية بنت مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف تبكي أهل القليب الذين أصيبوا يوم بدر من قريش وتذكر مصابهم يا من لعين قذاها عائر الرمد حد النهار وقرن الشمس لم يقد أخبرت أن سراة الأكرمين معا قد أحرزتهم مناياهم إلى أمد وفر بالقوم أصحاب الركاب ولم تعطف غداتئذ أم على ولد قومي صفي ولا تنسى قرابتهم وإن بكيت فما تبكين من بعد كانوا سقوب سماء البيت فانقصفت فأصبح السمك منها غير ذي عمد.


HSNXV02P040E

قال ابن إسحاق وقالت صفية بنت مسافر أيضا § ألا يا من لعين للتبكى دمعها فان كغربي دالج يسقى خلال الغيث الدان وما ليث غريف ذو أظافير وأسنان أبو شبلين وثاب شديد البطش غرثان كحبي إذ تولى و وجوه القوم ألوان وبالكف حسام صارم أبيض ذكران وأنت الطاعن النجلاء منها مزبد آن.


HSNXV02P041D

قال ابن إسحاق وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثي عبيدة بن الحارث بن المطلب لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا وحلما أصيلا وافر اللب والعقل عبيدة فابكيه لأضياف غربة وأرملة تهوي لأشعث كالجذل وبكيه للأقوام في كل شتوة إذا احمر آفاق السماء من المحل وبكيه للأيتام والريح زفزف وتشبيب قدر طالما أزبدت تغلي § فإن تصبح النيران قد مات ضوءها فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل لطارق ليل أو لملتمس القرى ومستنبح أضحى لديه على رسل.


HSNXV02P042D

قال ابن إسحاق وقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث تبكيه يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ بها ميتا بأن تحية ما إن تزال بها النجائب تخفق مني إليك وعبرة مسفوحة جادت بواكفها وأخرى تخنق هل يسمعني النضر إن ناديته أم كيف يسمع ميت لا ينطق أمحمد يا خير ضنء كريمة في قومها والفحل فحل معرق § ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق أو كنت قابل فدية فلينفقن بأعز ما يغلو به ما ينفق فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق صبرا يقاد إلى المنية متعبا رسف المقيد وهو عان موثق.


HSNXV02P043D

قال ابن إسحاق وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في شوال.


غزوة بني سليم بالكدر *

HSNXV02P043F

قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم بها إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه يريد بني سليم.


HSNXV02P043H

قال ابن إسحاق فبلغ ماء من مياههم يقال له الكدر فأقام عليه ثلاث ليال § ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فأقام بها بقية شوال وذا القعدة وأفدى في إقامته تلك جل الأسارى من قريش.


غزوة السويق *

HSNXV02P044D

قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة وولى تلك الحجة المشركون من تلك السنة فكان أبو سفيان كما حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ويزيد بن رومان ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك وكان من أعلم الأنصار حين رجع إلى مكة ورجع فل قريش من بدر نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب من المدينة على بريد أو نحوه ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير تحت الليل فأتى حيي ابن أخطب فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له بابه وخافه فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك وصاحب كنزهم فاستأذن عليه فأذن له فقراه وسقاه وبطن له من خبر الناس ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجالا من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية § منها يقال لها العريض فحرقوا في أصوار من نخل بها ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما ثم انصرفوا راجعين ونذر بهم الناس فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم.


HSNXV02P045C

حتى بلغ قرقرة الكدر ثم انصرف راجعا وقد فاته أبو سفيان وأصحابه وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أتطمع لنا أن تكون غزوة قال نعم.


شعر أبي سفيان فيها *
HSNXV02P045G

قال ابن إسحاق وقال أبو سفيان بن حرب عند منصرفه لما صنع به سلام ابن مشكم وإني تخيرت المدينة واحدا لحلف فلم أندم ولم أتلوم § سقاني فرواني كميتا مدامة على عجل مني سلام بن مشكم ولما تولى الجيش قلت ولم أكن لأفرحه أبشر بعز ومغنم تأمل فإن القوم سر وإنهم صريح لؤي لا شماطيط جرهم وما كان إلا بعض ليلة راكب أتى ساعيا من غير خلة معدم.


غزوة ذي أمر *

HSNXV02P046C

فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريبا منها ثم غزا نجدا يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر.


HSNXV02P046E

قال ابن إسحاق فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث بها شهر ربيع الأول كله أو إلا قليلا منه.


غزوة الفرع من بحران *

HSNXV02P046G

ثم غز رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد قريشا.


HSNXV02P046I

قال ابن إسحاق حتى بلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية الفرع فأقام بها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.


أمر بني قينقاع *

HSNXV02P047C

قال وقد كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بني قينقاع وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم بسوق بني قينقاع ثم قال يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم قالوا يا محمد إنك ترى أنا قومك لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.


ما نزل فيهم *
HSNXV02P047E

قال ابن إسحاق فحدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة عن ابن عباس قال ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار .


كانوا أول من نقض العهد *
HSNXV02P047G

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا فيما بين بدر وأحد.


ما كان من ابن أبي مع الرسول *
HSNXV02P048C

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم فقال يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج قال فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أحسن في موالي قال فأعرض عنه فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P048E

قال ابن إسحاق فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا ثم قال ويحك أرسلني قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالى أربع مائة حاسر وثلاث مائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة إني والله امرؤ أخشى الدوائر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم لك.


تبرؤ ابن الصامت من حلفهم وما نزل فيه وفي ابن أبي *
HSNXV02P049D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصامت قال لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي بن سلول وقام دونهم قال ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد بني عوف لهم من حلفه مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم من حلفهم وقال يا رسول الله أتولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم قال ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت هذه القصة من المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض أي لعبد الله بن أبي وقوله إني أخشى الدوائر يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ثم القصة إلى قوله تعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وذكر لتولي عبادة بن الصامت الله ورسوله والذين آمنوا وتبرئه من بني قينقاع § وحلفهم وولايتهم ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون .


سرية زيد بن حارثة إلى القردة *

HSNXV02P050D

قال ابن إسحاق وسرية زيد بن حارثة التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها حين أصاب عير قريش وفيها أبو سفيان بن حرب على القردة ماء من مياه نجد وكان من حديثها أن قريشا خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكون إلى الشأم حين كان من وقعة بدر ما كان فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب ومعه فضة كثيرة وهي عظم تجارتهم واستأجروا رجلا من بني بكر بن وائل يقال له فرات بن حيان يدلهم في ذلك على الطريق.


HSNXV02P050F

قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فلقيهم على ذلك الماء فأصاب تلك العير وما فيها وأعجزه الرجال فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حسان بن ثابت بعد أحد في غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا لأخذهم تلك الطريق دعو فلجات الشام قد حال دونها جلاد كأفواه المخاض الأوارك بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم وأنصاره حقا وأيدي الملائك § إذا سلكت للغور من بطن عالج فقولا لها ليس الطريق لك.


مقتل كعب بن الأشرف *

HSNXV02P051E

قال ابن إسحاق وكان من حديث كعب بن الأشرف أنه لما أصيب أصحاب بدر وقدم زيد بن حارثة إلى أهل السافلة وعبد الله بن رواحة إلى أهل العالية بشيرين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بالمدينة من المسلمين بفتح الله عز وجل عليه وقتل من قتل من المشركين كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة الظفري وعبد الله بن أبى بكرين محمد بن عمرو بن حزم وعاصم بن عمر بن قتادة وصالح بن أبي أمامة بن سهل كل قد حدثني بعض حديثه قالوا قال كعب بن الأشرف وكان رجلا من طيئ ثم أحد بني نبهان وكانت أمه من بني النضير حين بلغه الخبر أحق هذا أترون محمدا قتل هؤلاء الذين يسمى هذان الرجلان يعني زيدا وعبد الله بن رواحة فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها فلما تيقن عدو الله الخبر خرج حتى قدم مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي وعنده عاتكة بنت أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف فأنزلته وأكرمته وجعل يحرض على رسول الله § صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي أصحاب القليب من قريش الذين أصيبوا ببدر فقال طحنت رحى بدر لمهلك أهله ولمثل بدر تستهل وتدمع قتلت سراة الناس حول حياضهم لا تبعدوا إن الملوك تصرع كم قد أصيب به من أبيض ماجد ذي بهجة يأوي إليه الضيع طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت حمال أثقال يسود ويربع ويقول أقوام أسر بسخطهم إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ظلت تسوخ بأهلها وتصدع صار الذي أثر الحديث بطعنه أو عاش أعمى مرعشا لا يسمع نبئت أن بني المغيرة كلهم خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدعوا وابنا ربيعة عنده ومنبه ما نال مثل المهلكين وتبع نبئت أن الحارث بن هشامهم في الناس يبني الصالحات ويجمع ليزور يثرب بالجموع وإنما يحمى على الحسب الكريم الأروع.


شعر حسان في الرد عليه *
HSNXV02P051G

قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال § أبكى لكعب ثم عل بعبرة منه وعاش مجدعا لا يسمع ولقد رأيت ببطن بدر منهم قتلى تسح لها العيون وتدمع فابكي فقد أبكيت عبدا راضعا شبه الكليب إلى الكليبة يتبع ولقد شفى الرحمن منا سيدا وأهان قوما قاتلوه وصرعوا ونجا وأفلت منهم من قلبه شغف يظل لخوفه يتصدع.


شعر ميمونة في الرد على كعب *
HSNXV02P053D

قال ابن إسحاق وقالت امرأة من المسلمين من بني مريد بطن من بلي كانوا حلفاء في بني أمية بن زيد يقال لهم الجعادرة تجيب كعبا قال ابن إسحاق اسمها ميمونة بنت عبد الله وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذه الأبيات لها وينكر نقيضتها لكعب بن الأشرف تحنن هذا العبد كل تحنن يبكى على قتلى وليس بناصب بكت عين من يبكي لبدر وأهله وعلت بمثليها لؤي بن غالب فليت الذين ضرجوا بدمائهم يرى ما بهم من كان بين الأخاشب فيعلم حقا عن يقين ويبصروا مجرهم فوق اللحى والحواجب § فأجابها كعب بن الأشرف فقال ألا فازجروا منكم سفيها لتسلموا عن القول يأتي منه غير مقارب أتشتمني أن كنت أبكي بعبرة لقوم أتاني ودهم غير كاذب فإني لباك ما بقيت وذاكر مآثر قوم مجدهم بالجباجب لعمري لقد كانت مريد بمعزل عن الشر فاحتالت وجوه الثعالب فحق مريد أن تجد أنوفهم بشتمهم حيي لؤي بن غالب وهبت نصيبي من مريد لجعدر وفاء وبيت الله بين الأخاشب ثم رجع كعب بن الأشرف إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة من لي بابن الأشرف فقال له محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل أنا لك به يا رسول الله أنا أقتله قال فافعل إن قدرت على ذلك فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق به نفسه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له لم تركت الطعام والشراب فقال § يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري هل أفين لك به أم لا فقال إنما عليك الجهد فقال يا رسول الله إنه لا بد لنا من أن نقول قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش أحد بني عبد الأشهل والحارث بن أوس ابن معاذ أحد بني عبد الأشهل وأبو عبس بن جبر أحد بني حارثة ثم قدموا إلى عدو الله كعب بن لأشرف قبل أن يأتوه سلكان بن سلامة أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدوا شعرا وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال ويحك يا بن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني قال أفعل قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا به العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا فقال كعب أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا بن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول فقال له سلكان إني قد أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك ونحسن في ذلك فقال أترهنوني أبناءكم قال لقد أردت أن تفضحنا إن معي أصحابا لي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاءوا بها قال إن في الحلقة لوفاء قال فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا إليه فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P055C

قال ابن إسحاق فحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال § مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم فقال انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهو في ليلة مقمرة وأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب في ملحفته فأخذت امرأته بناحيتها وقالت إنك امرؤ محارب وإن أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة قال إنه أبو نائلة لو وجدني نائما لما أيقظني فقالت والله إني لأعرف في صوته الشر قال يقول لها كعب لو يدعى الفتى لطعنة لأجاب فنزل فتحدث معهم ساعة وتحدثوا معه ثم قال هل لك يا بن الأشرف أن تتماشى إلى شعب العجوز فنتحدث به بقية ليلتنا هذه قال إن شئتم فخرجوا يتماشون فمشوا ساعة ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه ثم قال اضربوا عدو الله فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي حين رأيت أسيافنا لا تغني شيئا فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا وقد أوقدت عليه نار قال فوضعته في ثنته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته فوقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح في رأسه أو في رجله أصابه بعض أسيافنا قال فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد § ثم على بني قريظة ثم على بعاث حتى أسندنا في حرة العريض وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس ونزفه الدم فوقفنا له ساعة ثم أتانا يتبع آثارنا قال فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله وتفل على جرح صاحبنا فرجع ورجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فليس بها يهودي إلا وهو يخاف على نفسه.


شعر كعب بن مالك في مقتل ابن الأشرف *
HSNXV02P057C

قال ابن إسحاق فقال كعب بن مالك فغودر منهم كعب صريعا فذلت بعد مصرعه النضير على الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكور بأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعب يسير فماكره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقة جسور.


شعر حسان في مقتل ابن الأشرف وابن أبي الحقيق *
HSNXV02P057F

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يذكر قتل كعب بن الأشرف وقتل سلام بن أبي الحقيق لله در عصابة لاقيتهم يا بن الحقيق وأنت يا بن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم مرحا كأسد في عرين مغرف حتى أتوكم في محل بلادكم فسقوكم حتفا ببيض ذفف § مستنصرين لنصر دين نبيهم مستصغرين لكل أمر مجحف.


أمر محيصة وحويصة *

HSNXV02P058E

قال ابن إسحاق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود.


HSNXV02P058G

على ابن سنينة.


HSNXV02P058J

رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول أي عدو الله أقتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله قال محيصة فقلت والله لقد أمرني بقتله من لو أمرنى يقتلك لضربت عنقك قال فو الله إن كان لأول إسلام حويصة قال آو لله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني قال نعم والله لو أمرني بضرب عنقك لضربتها قال والله إن دينا بلغ بك هذا لعجب فأسلم حويصة.


شعر محيصة في لوم أخيه له
HSNXV02P058K

قال ابن إسحاق حدثني هذا الحديث مولى لبني حارثة عن ابنه محيصة عن أبيها محيصة فقال محيصة في ذلك § يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله %~% لطبقت ذفراه بأبيض قاضب حسام كلون الملح أخلص صقله متى ما أصوبه فليس بكاذب وما سرني أني قتلتك طائعا وأن لنا ما بين بصرى ومأرب.


غزوة أحد

HSNXV02P59E

قال ابن إسحاق وكانت إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه من § نجران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وشهر رمضان وغزته قريش غزوة أحد في شوال سنة ثلاث وكان من حديث أحد كما حدثني محمد بن مسلم الزهري ومحمد بن يحيى ابن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا كلهم قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد قالوا أو من قاله منهم لما أصيب يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بن حرب بعيره مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا ندرك منه ثأرنا بمن أصاب منا ففعلوا.


ما نزل في ذلك من القرآن *
HSNXV02P560G

قال ابن إسحاق ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالى إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان § ابن حرب وأصحاب العير بأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة وكان أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي قد من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وكان فقيرا ذا عيال وحاجة وكان في الأسارى فقال إني فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن علي صلى الله عليك وسلم فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صفوان بن أمية يا أبا عزة إنك امرؤ شاعر فأعنا بلسانك فاخرج معنا فقال إن محمدا قد من علي فلا أريد أن أظاهر عليه قال بلى فأعنا بنفسك فلك الله علي إن رجعت أن أغنيك وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر فخرج أبو عزة في تهامة ويدعو بني كنانة ويقول إيها بني عبد مناة الرزام أنتم حماة وأبوكم حام لا تعدوني نصركم بعد العام لا تسلموني لا يحل إسلام وخرج مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة يحرضهم ويدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا مال مال الحسب المقدم أنشد ذا القربى وذا التذمم من كان ذا رحم ومن لم يرحم الحلف وسط البلد المحرم عند حطيم الكعبة المعظم ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له وحشي يقذف بحربة له قذف الحبشة قلما يخطئ بها فقال له اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق قال فخرجت قريش بحدها وجدها وحديدها وأحابيشها ومن تابعها § من بني كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وألا يفروا فخرج أبو سفيان بن حرب وهو قائد الناس بهند بنت عتبة وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة وخرج الحارث ابن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية وهي أم عبد الله بن صفوان ابن أمية.


HSNXV02P062C

قال ابن إسحاق وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو وخرج طلحة بن أبي طلحة وأبو طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بسلافة بنت سعد بن شهيد الأنصارية وهي أم بني طلحة مسافع والجلاس وكلاب قتلوا يومئذ هم وأبوهم وخرجت خناس بنت مالك بن المضرب إحدى نساء بني مالك بن حسل مع ابنها أبي عزيز بن عمير وهي أم مصعب بن عمير وخرجت عمرة بنت علقمة إحدى نساء بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها قالت ويها أبا دسمة اشف واستشف وكان وحشي يكنى بأبي دسمة فأقبلوا حتى تزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة قال فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين إني قد رأيت والله خيرا رأيت بقرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة.


مشاورة الرسول القوم في الخروج أو البقاء *
HSNXV02P563C

قال ابن إسحاق فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه في ذلك وألا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي بن سلول يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته فلبس لأمته وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له مالك بن عمرو أحد بني النجار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا فإن شئت فاقعد صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه.


انخذال المنافقين *
HSNXV02P564C

قال ابن إسحاق حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند ما حضر من عدوهم فقالوا لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكنا لا نرى أنه يكون قتال قال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه.


HSNXV02P064F

قال زياد حدثني محمد بن إسحاق قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب كلاب سيف فاستله.


HSNXV02P064H

قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف شم سيفك فإني أرى السيوف ستسل اليوم § ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من رجل يخرج بنا على القوم من كثب أي من قرب من طريق لا يمر بنا عليهم فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن الحارث أنا يا رسول الله فنفذ به في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك في مال لمربع بن قيظي وكان رجلا منافقا ضرير البصر فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثي في وجوههم التراب ويقول إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يده ثم قال والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر وقد بدر إليه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل قبل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فضربه بالقوس في رأسه فشجه قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بالقتال وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب وتعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبع مائة رجل وأمر على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بثياب بيض والرماة خمسون رجلا فقال انضح الخيل عنا بالنبل § لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب ابن عمير أخي بني عبد الدار.


HSNXV02P066D

قال ابن إسحاق وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم مائتا فرس قد جنبوها فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ هذا السيف بحقه فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة فقال وما حقه يا رسول الله قال أن تشرب به العدو حتى ينحني قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه إياه وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها على لناس أنه سيقاتل فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه وجعل يتبختر بين الصفين.


HSNXV02P067A

قال ابن إسحاق فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر إنها لمشية يبغضها انه إلا في مثل هذا الموطن.


أمر أبي عامر الفاسق *
HSNXV02P067C

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن أبا عامر عبد عمرو ابن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه خمسون غلاما من الأوس وبعض الناس كان يقول كانوا خمسة عشر رجلا وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة فنادى يا معشر الأوس أنا أبو عامر قالوا فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية الراهب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق فلما سمع ردهم عليه قال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم راضخهم بالحجارة.


أسلوب أبي سفيان في تحريض قريش *
HSNXV02P067E

قال ابن إسحاق وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال يا بني عبد الدار إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا نحن نسلم إليك لواءنا ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع وذلك أراد أبو سفيان فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم فقالت هند فيما تقول § ويها بني عبد الدار %~% ويها حماة الأدبار ضربا بكل بتار وتقول إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق.


تمام قصة أبي دجانة *
HSNXV02P068E

قال ابن إسحاق فاقتتل الناس حتى حميت الحرب وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس.


HSNXV02P069B

قال ابن إسحاق فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها قال الزبير فقلت الله ورسوله أعلم.


HSNXV02P069C

قال ابن إسحاق وقال أبو دجانة سماك بن خرشة رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا فصمدت له فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء ثم مر به سباع ابن عبد العزى الغبشاني وكان يكنى بأبي نيار فقال له حمزة هلم إلي يا بن مقطعة البظور وكانت أمه أم أنمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي.


HSNXV02P069E

وكانت ختانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله قال وحشي غلام جبير بن مطعم والله إني لأنظر إلى حمزة يهد § الناس بسيفه ما يليق به شيئا مثل الجمل الأورق إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فقال له حمزة هلم إلي يا بن مقطعة البظور فضربه ضربة فكأن ما أخطأ رأسه وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوي فغلب فوقع وأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت إلى العسكر ولم تكن لي بشيء حاجة غيره.


وحشي يحدث الضمري وابن الخيار عن قتله حمزة *
HSNXV02P070C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار أخو بني نوفل بن عبد مناف في زمان معاوية بن أبي سفيان فأدربنا مع الناس فلما قفلنا مررنا بحمص وكان وحشي مولى جبير بن مطعم قد سكنها وأقام بها فلما قدمناها قال لي عبيد الله بن عدي هل لك في أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله قال قلت له إن شئت فخرجنا نسأل عنه بحمص فقال لنا رجل ونحن نسأل عنه إنكما ستجدانه بفناء داره وهو رجل قد غلبت عليه الخمر فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه وإن تجداه وبه بعض ما يكون به فانصرفا § عنه ودعاه قال فخرجنا نمشي حتى جئناه فإذا هو بفناء داره على طنفسة له فإذا شيخ كبير مثل البغاث.


HSNXV02P071C

فإذا هو صاح لا بأس به قال فلما انتهينا إليه سلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي فقال ابن لعدي بن الخيار أنت قال نعم قال أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى فإني ناولتكها وهي على بعيرها فأخذتك بعرضيك فلمعت لي قدماك حين رفعتك إليها فو الله ما هو إلا أن وقفت علي فعرفتهما قال فجلسنا إليه فقلنا له جئناك لتحدثنا عن قتلك حمزة كيف قتلت فقال أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني عن ذلك كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق قال فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا فلما التقى الناس خرجت انظر حمزة وأ تبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ما يقوم له شيء فو الله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال له هلم إلي يا بن مقطعة البظور قال فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه قال وهززت § حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغلب وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق فلما قدمت مكة أعتقت ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف فمكثت بها فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا تعيت علي المذاهب فقلت ألحق بالشأم أو اليمن أو ببعض البلاد فو الله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وتشهد شهادته فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهادة الحق فلما رآني قال أوحشي قلت نعم يا رسول الله قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة قال فحدثته كما حدثتكما فلما فرغت من حديثي قال ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك قال فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لئلا يراني حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة فلما التقى الناس رأيت مسيلمة الكذاب قائما في يده السيف وما أعرفه فتهيأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى كلانا يريده فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله § فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلت شر الناس.


HSNXV02P073B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وكان قد شهد اليمامة قال سمعت يومئذ صارخا يقول قتله العبد الأسود.


مقتل مصعب بن عمير *
HSNXV02P073F

قال ابن إسحاق وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل وكان الذي قتله ابن قمئة الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش فقال قتلت محمدا فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب وقاتل علي بن أبي طالب ورجال من المسلمين.

HSNXV02P073B

قال ابن إسحاق قتل أبا سعد بن أبي طلحة سعد بن أبي وقاص وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتل مسافع بن طلحة وأخاه الجلاس ابن طلحة كلاهما يشعره سهما فيأتي أمه سلافة فيضع رأسه في حجرها فتقول يا بني من أصابك فيقول سمعت رجلا حين رماني وهو يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا أبدا ولا يمسه مشرك وقال عثمان بن أبي طلحة يومئذ وهو يحمل لواء المشركين إن على أهل اللواء حقا أن يخضبوا الصعدة أو تندقا فقتله حمزة بن عبد المطلب § والتقى حنظلة بن أبي عامر الغسيل وأبو سفيان فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر رآه شداد بن الأسود وهو ابن شعوب قد علا أبا سفيان فضربه شداد فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحبكم يعني حنظلة لتغسله الملائكة فسألوا أهله ما شأنه فسئلت صاحبته عنه فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة.

HSNXV02P075C

قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه سلم لذلك غسلته الملائكة.


شعر الأسود في قتلهما حنظلة وأبا سفيان *
HSNXV02P075E

قال ابن إسحاق وقال شداد بن الأسود في قتله حنظلة لأحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس وقال أبو سفيان بن حرب وهو يذكر صبره في ذلك اليوم ومعاونة ابن شعوب إياه على حنظلة ولو شئت نجتني كميت طمرة ولم أحمل النعماء لابن شعوب وما زال مهري مزجر الكلب منهم لدن غدوة حتى دنت لغروب § أقاتلهم وأدعي يا لغالب وأدفعهم عني بركن صليب فبكي ولا ترعى مقالة عاذل ولا تسأمي من عبرة ونحيب أباك وإخوانا له قد تتابعوا وحق لهم من عبرة بنصيب وسلى الذي قد كان في النفس أنني قتلت من النجار كل نجيب ومن هاشم قرما كريما ومصعبا وكان لدى الهيجاء غير هيوب ولو أنني لم أشف نفسي منهم لكانت شجا في القلب ذات ندوب فآبوا وقد أودى الجلابيب منهم بهم خدب من معطب وكئيب أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء ولا في خطة بضريب.


HSNXV02P076E

قال ابن إسحاق وقال ابن شعوب يذكر يده عند أبي سفيان فيما دفع عنه فقال § ولولا دفاعي يا بن حرب ومشهدي لألفيت يوم النعف غير مجيب ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت ضباع عليه أو ضراء كليب.


شعر الحارث في الرد على أبي سفيان أيضا *
HSNXV02P077D

قال ابن إسحاق وقال الحارث بن هشام يجيب أبا سفيان جزيتهم يوما ببدر كمثله على سابح ذي ميعة وشبيب لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا عليك ولم تحفل مصاب حبيب وإنك لو عاينت ما كان منهم لأبت بقلب ما بقيت نخيب.


حديث الزبير عن سبب الهزيمة *
HSNXV02P077G

قال ابن إسحاق ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها.


HSNXV02P077H

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عبد الله بن الزبير عن الزبير أنه قال والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير § إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم.


شجاعة صؤاب وشعر حسان في ذلك *
HSNXV02P078D

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلا ثوابه وكان اللواء مع صؤاب غلام لبني أبي طلحة حبشي وكان آخر من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول اللهم هل أعزرت يقول أعذرت فقال حسان بن ثابت في ذلك فخرتم باللواء وشر فخر لواء حين رد إلى صؤاب جعلتم فخركم فيه بعبد وألأم من يطا عفر التراب ظننتم والسفيه له ظنون وما إن ذاك من أمر الصواب بأن جلادنا يوم التقينا بمكة بيعكم حمر العياب أقر العين أن عصبت يداه وما إن تعصبان على خضاب.


شعر حسان في عمرة الحارثية *
HSNXV02P079C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمة الحارثية ورفعها اللواء إذا عضل سيقت إلينا كأنها جداية شرك معلمات الحواجب أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا وحزناهم بالضرب من كل جانب فلولا لواء الحارثية أصبحوا يباعون في الأسواق بيع الجلائب.


ما لقيه الرسول يوم أحد
HSNXV02P079E

قال ابن إسحاق وانكشف المسلمون فأصاب فيهم العدو وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص.


HSNXV02P079F

قال ابن إسحاق فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال § كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وشج في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه وجعل يمسح الدم وهو يقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله عز وجل في ذلك ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون .


شعر حسان في عتبة وما أصاب به الرسول *
HSNXV02P081B

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت لعتبة بن أبي وقاص إذا الله جازى معشرا بفعالهم وضرهم الرحمن رب المشارق فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق بسطت يمينا للنبي تعمدا فأدميت فاه قطعت بالبوارق فهلا ذكرت الله والمنزل الذي تصير إليه عند إحدى البوائق.


ابن السكن وبلاؤه يوم أحد *
HSNXV02P081E

قال ابن إسحاق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم من رجل يشري لنا نفسه كما حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد ابن معاذ عن محمود بن عمرو قال فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار وبعض الناس يقول إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا يقتلون دونه حتى كان آخرهم زياد أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنوه مني فأدنوه منه فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.


أبو دجانة وابن أبي وقاص يدفعان عن الرسول *
HSNXV02P082C

قال ابن إسحاق وترس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سعد فلقد رأيته يناولني النبل وهو يقول ارم فداك أبي وأمي حتى إنه ليناولني السهم ما له نصل فيقول ارم به.


بلاء قتادة وحديث عينه *
HSNXV02P082E

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته.


HSNXV02P082F

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده فكانت أحسن عينيه وأحدهما.


شأن أنس بن النضر *
HSNXV02P083B

قال ابن إسحاق وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدى بن لنجار قال انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم قالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فماذا تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وبه سمي أنس بن مالك.


HSNXV02P083C

قال ابن إسحاق فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة فما عرفه إلا أخته عرفته ببناته.


أول من عرف الرسول بعد الهزيمة *
HSNXV02P083G

قال ابن إسحاق وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك قال عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصت.


HSNXV02P083H

قال ابن إسحاق فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب معه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضوان الله عليهم والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين.


مقتل أبي بن خلف *
HSNXV02P084B

قال فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي ابن خلف وهو يقول أي محمد لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة يقول بعض القوم فيما ذكر لي فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها.


HSNXV02P084D

ثم استقبله فطعنه في عنقه طعنة تدأدأ منها عن فرسه مرارا.


HSNXV02P084F

قال ابن إسحاق وكان أبي بن خلف كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول يا محمد إن عندي العوذ فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك إن شاء الله فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال قتلني والله محمد قالوا له ذهب والله فؤادك والله إن بك من بأس قال إنه قد كان قال لي بمكة أنا أقتلك فو الله لو بصق علي لقتلني فمات عدو الله بسرف وهم قافلون به إلى مكة.


شعر حسان في مقتل أبي بن خلف *
HSNXV02P084H

قال ابن إسحاق فقال حسان بن ثابت في ذلك لقد ورث الضلالة عن أبيه أبي يوم بارزه الرسول § أتيت إليه تحمل رم عظم وتوعده وأنت به جهول وقد قتلت بنو النجار منكم أمية إذ يغوث يا عقيل وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا أبا جهل لأمهما الهبول وأفلت حارث لما شغلنا بأسر القوم أسرته فليل.


HSNXV02P085C

وقال حسان بن ثابت أيضا في ذلك ألا من مبلغ عني أبيا لقد ألقيت في سحق السعير تمنى بالضلالة من بعيد وتقسم أن قدرت مع النذور تمنيك الأماني من بعيد وقول الكفر يرجع في غرور فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ كريم البيت ليس بذي فجور له فضل على الأحياء طرا إذا نابت ملمات الأمور قال فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج علي ابن أبي طالب حتى ملأ درقته ماء من المهراس فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب منه فوجد له ريحا فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وهو يقول اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه.


حرص ابن أبي وقاص على قتل عتبة *
HSNXV02P086B

قال ابن إسحاق فحدثني صالح بن كيسان عمن حدثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول والله ما حرصت على قتل رجل قط كحرصي على قتل عتبة ابن أبي وقاص وإن كان ما علمت لسيئ الخلق مبغضا في قومه ولقد كفاني منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على من دمى وجه رسوله.


صعود قريش الجبل وقتال عمر لهم *
HSNXV02P086D

قال ابن إسحاق فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعب معه أولئك النفر من أصحابه إذ علت عالية من قريش الجبل.


HSNXV02P086F

قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل.


ضعف الرسول عن النهوض ومعاونة طلحة له *
HSNXV02P086H

قال ابن إسحاق ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها وقد كان بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر بين درعين فلما ذهب لينهض صلى الله عليه وسلم لم يستطع فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يقول أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع.


مقتل اليمان وابن وقش *
HSNXV02P087D

قال ابن إسحاق وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى المنقى دون الأعوص.


HSNXV02P087E

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران ما أبا لك ما تنتظر فو الله لا بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار إنما نحن هامة اليوم أو غد أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم بهما فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه فقال حذيفة أبي فقالوا والله إن عرفناه وصدقوا قال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم § الراحمين فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.


مقتل حاطب ومقالة أبيه *
HSNXV02P088D

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رجلا منهم كان يدعى حاطب بن أمية بن رافع وكان له ابن يقال له يزيد بن حاطب أصابته جراحة يوم أحد فأتي به إلى دار قومه وهو بالموت فاجتمع إليه أهل الدار فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء أبشر يا بن حاطب بالجنة قال وكان حاطب شيخا قد عسا في الجاهلية فنجم يومئذ نفاقه فقال بأي شيء تبشرونه بجنة من حرمل غررتم والله هذا الغلام من نفسه.


مقتل قزمان منافقا كما حدث الرسول بذلك *
HSNXV02P088F

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال كان فينا رجل أتى لا يدرى ممن هو يقال له قزمان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر له إنه لمن أهل النار قال فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين وكان ذا بأس فأثبتته الجراحة فاحتمل إلى دار بني ظفر قال فجعل رجال من المسلمين يقولون له والله لقد أبليت اليوم يا قزمان فأبشر قال بماذا أبشر فو الله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ولولا ذلك ما قاتلت قال فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته فقتل به نفسه.


قتل مخيريق *
HSNXV02P088G

قال ابن إسحاق وكان ممن قتل يوم أحد مخيريق وكان أحد بني ثعلبة بن الفطيون قال لما كان يوم أحد قال يا معشر يهود والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق قالوا إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم § فأخذ سيفه وعدته وقال إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا مخيريق خير يهود.


أمر الحارث بن سويد *
HSNXV02P089C

قال ابن إسحاق وكان الحارث بن سويد بن صامت منافقا فخرج يوم أحد مع المسلمين فلما التقى الناس عدا على المجذر بن ذياد البلوي وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة فقتلهما ثم لحق بمكة بقريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ففاته فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه الجلاس بن سويد يطلب التوبة ليرجع إلى قومه فأنزل الله تعالى فيه فيما بلغني عن ابن عباس كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين إلى آخر القصة.


HSNXV02P089F

قال ابن إسحاق قتل سويد بن الصامت معاذ بن عفراء غيلة في غير حرب رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث.


أمر أصيرم *
HSNXV02P090B

قال ابن إسحاق وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال كان يقول حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش قال الحصين فقلت لمحمود بن أسد كيف كان شأن الأصيرم قال كان يأبى الإسلام على قومه فلما كان يوم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له في الإسلام فأسلم ثم أخذ سيفه فعدا حتى دخل في عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراحة قال فبينا رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به فقالوا والله إن هذا للأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث فسألوه ما جاء به فقالوا ما جاء بك يا عمرو أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام قال بل رغبة في الإسلام آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاتلت حتى أصابني ما أصابني ثم لم يلبث أن مات في أيديهم فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لمن أهل الجنة.


مقتل عمرو بن الجموح *
HSNXV02P090D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن أشياخ من بني سلمة أن عمرو بن الجموح كان رجلا أعرج شديد العرج وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه وقالوا له إن الله عز وجل قد عذرك فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه فو الله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك وقال لبنيه § ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة فخرج معه فقتل يوم أحد.


هند وتمثيلها بحمزة *
HSNXV02P091C

قال ابن إسحاق ووقعت هند بنت عتبة كما حدثني صالح بن كيسان والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن الآذان والأنف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا غلام جبير بن مطعم وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخي وعمه وبكري شفيت نفسي وقضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري فشكر وحشي علي عمري حتى ترم أعظمي في قبري فأجابتها هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب فقالت خزيت في بدر وبعد بدر يا بت وقاع عظيم الكفر § صبحك الله غداة الفجر ملهاشميين الطوال الزهر بكل قطاع حسام يفري حمزة ليثي وعلي صقري إذ رام شيب وأبوك غدري فخضبا منه ضواحي النحر ونذرك السوء فشر نذر.


شعر لهند بنت عتبة أيضا *
HSNXV02P092D

قال ابن إسحاق وقالت هند بنت عتبة أيضا شفيت من حمزة نفسي بأحد حتى بقرت بطنه عن الكبد أذهب عني ذاك ما كنت أجد من لذعة الحزن الشديد المعتمد والحرب تعلوكم بشؤبوب برد تقدم إقداما عليكم كالأسد.


تحريض عمر لحسان على هجو هند بنت عتبة *
HSNXV02P092F

قال ابن إسحاق فحدثني صالح بن كيسان أنه حدث أن عمر بن الخطاب قال لحسان بن ثابت يا بن الفريعة.


HSNXV02P092H

لو سمعت ما تقول هند ورأيت أشرها قائمة على صخرة ترتجز بنا وتذكر ما صنعت بحمزة قال له حسان والله إني لأنظر إلى الحربة تهوي وأنا على رأس فارع يعني أطمه فقلت والله إن هذه لسلاح ما هي بسلاح العرب وكأنها إنما تهوى إلى جمزة ولا أدري لكن § أسمعني بعض قولها أكفكموها قال فأنشده عمر بن الخطاب بعض ما قالت فقال حسان بن ثابت أشرت لكاع وكان عادتها لؤما إذا أشرت مع الكفر.


استنكار الحليس على أبي سفيان تمثيله بحمزة *
HSNXV02P093D

قال ابن إسحاق وقد كان الحليس بن زبان أخو بنو الحارث بن عبد مناة وهو يومئذ سيد الأبيش قد مر بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول ذق عقق فقال الحليس يا بني كنانة هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما فقال ويحك اكتمها عني فإنها كانت زلة.


شماتة أبي سفيان بالمسلمين بعد أحد وحديثه مع عمر *
HSNXV02P093F

ثم إن أبا سفيان بن حرب حين أراد الانصراف أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته فقال أنعمت فعال وإن الحرب سجال يوم بيوم أعل هبل أي أظهر دينك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عمر فأجبه فقل الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم § في النار فلما أجاب عمر أبا سفيان قال له أبو سفيان هلم إلي يا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر ائته فانظر ما شأنه فجاءه فقال له أبو سفيان أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا قال عمر اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن قال أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر لقول ابن قمئة لهم إني قد قتلت محمدا.


توعد أبي سفيان المسلمين *
HSNXV02P094D

قال ابن إسحاق ثم نادى أبو سفيان إنه قد كان في قتلاكم مثل والله ما رضيت وما سخطت وما نهيت وما أمرت ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى إن موعدكم بدر للعام القابل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل نعم هو بيننا وبينكم موعد ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وما يريدون فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم قال علي فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة وفرغ الناس لقتلاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني أخو بني النجار من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع أفي الأحياء هو أم في الأموات فقال رجل § من الأنصار أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق قال فقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات قال أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعد ابن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم ومنكم عين تطرف قال ثم لم أبرح حتى مات قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره.


حزن الرسول على حمزة وتوعده المشركين بالمثلة *
HSNXV02P095D

قال ابن إسحاق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ولئن أظهرني الله على قريش § في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب.


ما نزل في النهي عن المثلة *
HSNXV02P096D

قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي وحدثني من لا أتهم عن ابن عباس أن الله عز وجل أنزل في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة.


HSNXV02P096E

قال ابن إسحاق وحدثني حميد الطويل عن الحسن عن سمرة بن جندب قال ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام قط ففارقه حتى يأمرنا بالصدقة وينهانا عن المثلة.


صلاة الرسول على حمزة والقتلى *
HSNXV02P097B

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجي ببردة ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ثم أتي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.


صفية وحزنها على حمزة *
HSNXV02P097D

قال ابن إسحاق وقد أقبلت فيما بلغني صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه وكان أخاها لأبيها وأمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها فقال لها يا أمه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني أن قد مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن قال فزعم لي آل عبد الله بن جحش وكان لأميمة بنت عبد المطلب حمزة خاله وقد كان مثل به كما مثل بحمزة إلا أنه لم يبقر عن كبده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره ولم أسمع ذلك إلا عن أهله.


دفن الشهداء *
HSNXV02P098B

قال ابن إسحاق وكان قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم بها ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال ادفنوهم حيث صرعوا.


HSNXV02P098C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد قال أنا شهيد على هؤلاء إنه ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه اللون لون دم والريح ريح مسك انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن فاجعلوه أمام أصحابه في القبر وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد قال وحدثني عمي موسى بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى اللون لون دم والريح ريح مسك.


HSNXV02P098D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن أشياخ من بني سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ حين أمر بدفن القتلى انظروا إلى عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام فإنهما كانا متصافيين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد.


حزن حمنة على حمزة *
HSNXV02P098F

قال ابن إسحاق ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة فلقيته حمتة بنت جحش كما ذكر لي فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها.


بكاء نساء الأنصار على حمزة *
HSNXV02P099B

قال ابن إسحاق ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظفر فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قال لكن حمزة لا بواكي له فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P099C

قال ابن إسحاق حدثني حكيم بن حكيم عن عباد بن حنيف عن بعض رجال بني عبد الأشهل قال لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه فقال ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن.


شأن المرأة الدينارية *
HSNXV02P099F

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الواحد بن أبي عون عن إسماعيل بن محمد عن سعد بن أبي وقاص قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد فلما نعوا لها قالت فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خيرا يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت أرونيه حتى أنظر إليه قال فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل تريد صغيرة.


غسل السيوف *
HSNXV02P100D

قال ابن إسحاق فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال اغسلي عن هذا دمه يا بنية فو الله لقد صدقني اليوم وناولها علي بن أبي طالب سيفه فقال وهذا أيضا فاغسلي عنه دمه فو الله لقد صدقني اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة.


HSNXV02P100F

قال ابن إسحاق وكان يوم أحد يوم السبت للنصف من شوال.


خروج الرسول في أثر العدو ليرهبه *
HSNXV02P101B

قال فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو فأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقال يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.


مثل من استماتة المسلمين في نصرة الرسول *
HSNXV02P101D

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شهدت أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي أو قال لي أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جرحا فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون.


استعمال ابن أم مكتوم على المدينة *
HSNXV02P101F

قال ابن إسحاق فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء § الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال.


HSNXV02P102B

قال ابن إسحاق فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة قال وقد مر به كما حدثني عبد الله بن أبي بكر معبد بن أبي معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها ومعبد يومئذ مشرك فقال يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا أصبنا حد أصحابه وأشرافهم وقادتهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال ويحك ما تقول قال والله ما أرى أن ترتحل حتى أرى نواصي الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم قال فإني أنهاك عن ذلك قال والله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من شعر قال وما قلت قال قلت § كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردى بأسد كرام لا تنابلة عند اللقاء ولا ميل معازيل فظلت عدوا أظن الأرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول فقلت ويل ابن حرب من لقائكم إذا تغطمطت البطحاء بالجيل إني نذير لأهل البسل ضاحية لكل ذي إربة منهم ومعقول من جيش أحمد لا وخش تنابلة وليس يوصف ما أنذرت بالقيل فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ومر به ركب من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولم قالوا نريد الميرة قال فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها قالوا نعم قال فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان فقال حسبنا الله ونعم الوكيل.


HSNXV02P105C

قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان عبد الله بن أبي ابن سلول كما حدثني ابن شهاب الزهري له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر شرفا له في نفسه وفي قومه وكان فيهم شريفا إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم أكرمكم الله وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ورجع بالناس قام يفعل ذلك كما كان يفعله فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا اجلس أي عدو الله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول والله لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره فلقيه رجل من الأنصار بباب المسجد فقال مالك ويلك قال قمت أشدد أمره فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره قال ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله ما أبتغي أن يستغفر لي.


كان يوم أحد يوم محنة *
HSNXV02P105E

قال ابن إسحاق كان يوم أحد يوم بلاء ومصيبة وتمحيص اختبر الله به المؤمنين ومحن به المنافقين ممن كان يظهر الإيمان بلسانه وهو مستخف بالكفر في قلبه ويوما أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته.


ذكر ما أنزل الله في أحد من القرآن *

HSNXV02P106B

بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال فكان مما أنزل الله تبارك وتعالى في يوم أحد من القرآن ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومهم ذلك ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم .


HSNXV02P106D

أي سميع بما تقولون عليم بما تخفون إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا أن تتخاذلا والطائفتان بنو سلمة بن جشم بن الخزرج وبنو حارثة بن النبيت من الأوس وهما الجناحان يقول الله تعالى والله وليهما أي المدافع عنهما ما همتا به من فشلهما وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما غير شك في دينهما فتولى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته حتى سلمتا من وهونهما وضعفهما ولحقتا بنبيهما صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P106F

قال ابن إسحاق يقول الله تعالى وعلى الله فليتوكل المؤمنون أي من كان به ضعف من المؤمنين فليتوكل علي وليستعن بي أعنه على أمره وأدافع عنه حتى أبلغ به وأدفع عنه وأقويه على نيته ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون § أي فاتقوني فإنه شكر نعمتي ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أقل عددا وأضعف قوة إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين أي إن تصبروا لعدوي وتطيعوا أمري ويأتوكم من وجههم هذا أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.


HSNXV02P108A

وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم أي ما سميت لكم من سميت من جنود ملائكتي إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به لما أعرف من ضعفكم وما النصر إلا من عندي لسلطاني وقدرتي وذلك أن العز والحكم إلي لا إلى أحد من خلقي ثم قال ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين أي ليقطع طرفا من المشركين بقتل ينتقم به منهم أو يردهم خائبين أي ويرجع من بقي منهم فلا خائبين لم ينالوا شيئا مما كانوا يأملون.


HSNXV02P108D

قال ابن إسحاق ثم قال لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم أو أتوب عليهم برحمتي فإن شئت فعلت أو أعذبهم بذنوبهم فبحقي فإنهم ظالمون أي قد استوجبوا ذلك بمعصيتهم إياي والله غفور رحيم أي يغفر الذنب ويرحم العباد على ما فيهم.


HSNXV02P109B

ثم قال يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة أي لا تأكلوا في الإسلام إذ هداكم الله به ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره مما لا يحل لكم في دينكم واتقوا الله لعلكم تفلحون أي فأطيعوا الله لعلكم تنجون مما حذركم الله من عذابه وتدركون ما رغبكم الله فيه من ثوابه واتقوا النار التي أعدت للكافرين أي التي جعلت دارا لمن كفر بي ثم قال وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون معاتبة للذين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بما أمرهم به في ذلك اليوم وفي غيره ثم قال وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين أي دارا لمن أطاعني وأطاع رسولي الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين أي وذلك هو الإحسان وأنا أحب من عمل به والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أي إن أتوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم بمعصية ذكروا نهي الله عنها وما حرم عليهم فاستغفروه لها وعرفوا أنه لا يغفر الذنوب إلا هو ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أي لم يقيموا على معصيتي كفعل من أشرك بي فيما غلوا به في كفرهم وهم يعلمون ما حرمت عليهم من عبادة غيري أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين أي ثواب المطيعين ثم استقبل ذكر المصيبة التي نزلت بهم والبلاء الذي أصابهم والتمحيص لما كان فيهم واتخاذه الشهداء منهم فقال تعزية لهم وتعريفا لهم فيما صنعوا وفيما هو صانع بهم قد خلت من قبلكم سنن فسيروا § في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين أي قد مضت مني وقائع نقمة في أهل التكذيب لرسلي والشرك بي عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين فرأوا مثلات قد مضت مني فيهم ولمن هو على مثل ما هم عليه من ذلك مني فإني أمليت لهم أي لئلا يظنوا أن نقمتي انقطعت عن عدوكم وعدوي للدولة التي أدلتهم بها عليكم ليبتليكم بذلك ليعلمكم ما عندكم ثم قال تعالى هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين أي هذا تفسير للناس إن قبلوا الهدى وهدى وموعظة أي نور وأدب للمتقين أي لمن أطاعني وعرف أمري ولا تهنوا ولا تحزنوا أي لا تضعفوا ولا تبتئسوا على ما أصابكم وأنتم الأعلون أي لكم تكون العاقبة والظهور إن كنتم مؤمنين أي إن كنتم صدقتم نبي بما بما جاءكم به عني إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله أي جراح مثلها وتلك الأيام نداولها بين الناس أي نصرفها بين الناس للبلاء والتمحيص وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين أي ليميز بين المؤمنين والمنافقين وليكرم من أكرم من أهل الإيمان بالشهادة والله لا يحب الظالمين أي المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم الطاعة وقلوبهم مصرة على المعصية وليمحص الله الذين آمنوا أي يختبر الذين آمنوا حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم وكيف صبرهم ويقينهم ويمحق الكافرين أي يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به ثم قال تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين أي حسبتم أن تدخلوا الجنة فتصيبوا من ثوابي الكرامة ولم أختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره حتى أعلم صدق § ذلك منكم بالإيمان بي والصبر على ما أصابكم في ولقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم يعني الذين استنهضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خروجه بهم إلى عدوهم لما فاتهم من حضورا اليوم الذي كان قبله ببدر ورغبة في الشهادة التي فاتتهم بها فقال ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه يقول فقد رأيتموه وأنتم تنظرون أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال قد خلي بينكم وبينهم وأنتم تنظرون إليهم ثم صدهم عنكم وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين أي لقول الناس قتل محمد صلى الله عليه وسلم وانهزامهم عند ذلك وانصرافهم عن عدوهم أفإن مات أو قتل رجعتم عن دينكم كفارا كما كنتم وتركتم جهاد عدوكم وكتاب الله وما خلف نبيه صلى الله عليه وسلم من دينه معكم وعندكم وقد بين لكم فيما جاءكم به عني أنه ميت ومفارقكم ومن ينقلب على عقبيه أي يرجع عن دينه فلن يضر الله شيئا أي ليس ينقص ذلك عز الله تعالى ولا ملكه ولا سلطانه ولا قدرته وسيجزي الله الشاكرين أي من أطاعه وعمل بأمره ثم قال وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا أي أن لمحمد صلى الله عليه وسلم أجلا هو بالغه فإذا أذن الله عز وجل في ذلك كان ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين أي من كان منكم يريد الدنيا ليست له رغبة في الآخرة نؤته منها ما قسم له من رزق ولا يعدوه فيها وليس له § في الآخرة من حظ ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ما وعد به مع ما يجزى عليه من رزقه في دنياه وذلك جزاء الشاكرين أي المتقين ثم قال وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين أي وكأين من نبي أصابه القتل ومعه ربيون كثير أي جماعة فما وهنوا لفقد نبيهم وما ضعفوا عن عدوهم وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله تعالى وعن دينهم وذلك الصبر والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .


HSNXV02P113B

قال ابن إسحاق أي فقولوا مثل ما قالوا واعلموا أنما ذلك بذنوب منكم واستغفروه كما استغفروه وامضوا على دينكم كما مضوا على دينهم ولا ترتدوا على أعقابكم راجعين واسألوه كما سألوه أن يثبت أقدامكم واستنصروه كما استنصروه على القوم الكافرين فكل هذا من قولهم قد كان وقد قتل نبيهم فلم يفعلوا كما فعلتم فآتاهم الله ثواب الدنيا بالظهور على عدوهم وحسن ثواب الآخرة وما وعد الله فيها والله يحب المحسنين يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين أي عن عدوكم فتذهب دنياكم وآخرتكم بل الله مولاكم وهو خير الناصرين فإن كان ما تقولون بألسنتكم صدقا في قلوبكم فاعتصموا به ولا تستنصروا بغيره ولا ترجعوا على أعقابكم مرتدين عن دينه سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب أي الذي به كنت أنصركم عليهم بما أشركوا بي ما لم أجعل لهم من حجة أي فلا تظنوا أن لهم عاقبة نصر ولا ظهور عليكم ما اعتصمتم بي واتبعتم أمري للمصيبة التي أصابتكم منهم بذنوب قدمتموها لأنفسكم خالفتم بها أمري للمعصية وعصيتم بها النبي صلى الله عليه وسلم ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين أي وقد وفيت لكم بما وعدتكم من النصر على عدوكم إذ تحسونهم بالسيوف أي القتل بإذني وتسليطي أيديكم عليهم وكفى أيديهم عنكم.


HSNXV02P114B

قال ابن إسحاق حتى إذا فشلتم أي تخاذلتم وتنازعتم في الأمر أي اختلفتم في أمري أي تركتم أمر نبيكم وما عهد إليكم يعني الرماة وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون أي الفتح لا شك فيه وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم منكم من يريد الدنيا أي الذين أرادوا النهب في الدنيا وترك ما أمروا به من الطاعة التي عليها ثواب الآخرة ومنكم من يريد الآخرة أي الذين جاهدوا في الله ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا رغبة فيها رجاء ما عند الله من حسن ثوابه في الآخرة أي الذين جاهدوا في الدين ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا ليختبركم وذلك ببعض ذنوبكم ولقد عفا الله عن عظيم ذلك أن لا يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم ولكني عدت بفضلي عليكم وكذلك من الله على المؤمنين أن عاقب ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبا وموعظة فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم بما أصابوا من معصيته رحمة لهم وعائدة عليهم لما فيهم من الإيمان ثم أنبههم بالفرار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم يدعون لا يعطفون عليه لدعائه إياهم فقال إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم أي كربا بعد كرب بقتل من قتل من إخوانكم وعلو § عدوكم عليكم وبما وقع في أنفسكم من قول من قال قتل نبيكم فكان ذلك مما تتابع عليكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من ظهوركم على عدوكم بعد أن رأيتموه بأعينكم ولا ما أصابكم من قتل إخوانكم حتى فرجت ذلك الكرب عنكم والله خبير بما تعملون وكان الذي فرج الله به عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم أن الله عز وجل رد عنهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم صلى الله عليه وسلم فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم هان عليهم ما فاتهم من القوم بعد الظهور عليهم والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم حين صرف الله القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم @QURS003A154_BEG ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور فأنزل الله النعاس أمنة منه على أهل اليقين به فهم نيام لا يخافون وأهل النفاق قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية تخوف القتل وذلك أنهم لا يرجون عاقبة فذكر الله عز وجل تلاومهم وحسرتهم على ما أصابهم ثم قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لو كنتم في بيوتكم لم تحضروا هذا الموطن الذي أظهر الله فيه منكم ما أظهر من سرائركم لبرز لأخرج الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم إلى موطن غيره يصرعون فيه حتى يبتلى به ما في صدورهم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور أي لا يخفى عليه ما في صدورهم مما استخفوا به منكم § ثم قال يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير أي لا تكونوا كالمنافقين الذين ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل الله والضرب في الأرض في طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم لقلة اليقين بربهم والله يحيي ويميت أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من ذلك من آجالهم بقدرته قال تعالى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون أي إن الموت لكائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا وأيقنوا مما يجمعون من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهرة الدنيا زهادة في الآخرة ولئن متم أو قتلتم أي ذلك كان لإلى الله تحشرون أي أن إلى الله المرجع فلا تغرنكم الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه من ثوابه آثر عندكم منها ثم قال تبارك وتعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك أي لتركوك فاعف عنهم أي فتجاوز عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين فذكر لنبيه صلى الله عليه وسلم لينه لهم وصبره عليهم لضعفهم وقلة صبرهم على الغلظة لو كانت منه عليهم في كل ما خالفوا عنه مما افترض عليهم من طاعة نبيهم صلى الله عليه وسلم ثم قال تبارك وتعالى فاعف عنهم أي تجاوز عنهم واستغفر لهم ذنوبهم من قارف من أهل الإيمان منهم وشاورهم في الأمر أي § لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم وإن كنت غنيا عنهم تألفا لهم بذلك على دينهم فإذا عزمت أي على أمر جاءك مني وأمر من دينك في جهاد عدوك لا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك فامض على ما أمرت به على خلاف من خالفك وموافقة من وافقك فتوكل على الله أي ارض به من العباد إن الله يحب المتوكلين إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده أي لئلا تترك أمري للناس وارفض أمر الناس إلى أمري وعلى الله لا على الناس فليتوكل المؤمنون ثم قال وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة ومن يفعل ذلك يأت يوم القيامة به ثم يجزى بكسبه غير مظلوم ولا معتدى عليه أفمن اتبع رضوان الله على ما أحب الناس أو سخطوا كمن باء بسخط من الله لرضا الناس أو لسخطهم يقول أفمن كان على طاعتي فثوابه الجنة ورضوان من الله كمن باء بسخط من الله واستوجب سخطه فكان مأواه جهنم وبئس المصير أسواء المثلان فاعرفوا هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون لكل درجات مما عملوا في الجنة والنار أي إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته ثم قال لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين أي لقد من الله عليكم يا أهل الإيمان إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم يتلو عليكم آياته فيما أحدثتم وفيما عملتم فيعلمكم الخير والشر لتعرفوا الخير فتعملوا به والشر فتتقوه ويخبركم برضاه عنكم إذا أطعتموه فتستكثروا من طاعته وتجتنبوا ما سخط منكم من معصيته § لتتخلصوا بذلك من نقمته وتدركوا بذلك ثوابه من جنته وإن كنتم من قبل لفي ضلال مبين أي لفي عمياء من الجاهلية أي لا تعرفون حسنة ولا تستغفرون من سيئة صم عن الخير بكم عن الحق عمي عن الهدى ثم ذكر المصيبة التي أصابتهم فقال أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير أي إن تك قد أصابتكم مصيبة في إخوانكم بذنوبكم فقد أصبتم مثليها قبل من عدوكم في اليوم الذي كان قبله ببدر قتلا وأسرا ونسيتم معصيتكم وخلافكم عما أمركم به نبيكم صلى الله عليه وسلم أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم إن الله على كل شيء قدير أي إن الله على ما أراد بعباده من نقمة أو عفو قدير وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين أي ما أصابكم حين التقيتم أنتم وعدوكم فبإذني كان ذلك حين فعلتم ما فعلتم بعد أن جاءكم نصري وصدقتكم وعدي ليميز بين المؤمنين والمنافقين وليعلم الذين نافقوا منكم أي ليظهر ما فيهم وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى عدوه من المشركين بأحد وقولهم لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم ولدفعنا عنكم ولكنا لا نظن أنه يكون قتال فأظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم يقول الله عز وجل هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم أي يظهرون لك الإيمان وليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون أي ما يخفون الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين أي أنه لا بد من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا على البقاء في الدنيا وفرارا من الموت § ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم يرغب المؤمنين في الجهاد ويهون عليهم القتل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون أي لا تظنن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا أي قد أحييتهم فهم عندي يرزقون في روح الجنة وفضلها مسرورين بما آتاهم الله من فضله على جهادهم عنه ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أي ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم قد أذهب الله عنهم الخوف والحزن يقول الله تعالى يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب.


HSNXV02P119D

قال ابن إسحاق وحدثني إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله تعالى فأنا أبلغهم عنكم فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات ولا تحسبن .


HSNXV02P119E

قال ابن إسحاق وحدثني الحارث بن الفضيل عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا.


HSNXV02P120A

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عن هؤلاء الآيات ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فقال أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فيطلع الله عز وجل عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم قال فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا قال ثم يطلع الله عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا قال ثم يطلع عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا إلا أنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا ثم نرد إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل مرة أخرى.


HSNXV02P120B

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أبشرك يا جابر قال قلت بلى يا نبي الله قال إن أباك حيث أصيب بأحد أحياه الله عز وجل ثم قال له ما تحب يا عبد الله بن عمرو أن أفعل بك قال أي رب أحب أن تردني إلى الدنيا فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن عبيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من مؤمن يفارق الدنيا يحب أن يرجع إليها ساعة من نهار وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يحب أن يرد إلى الدنيا فيقاتل في سبيل الله فيقتل مرة أخرى.


ذكر من خرجوا على الرسول إلى حمراء الأسد *
HSNXV02P121B

قال ابن إسحاق ثم قال تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح أي الجراح وهم المؤمنون الذين ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم أحد إلى حمراء الأسد على ما بهم من ألم الجراح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل والناس الذين قالوا لهم ما قالوا النفر من عبد القيس الذين قال لهم أبو سفيان ما قال قالوا إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم يقول الله عز وجل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم لما صرف الله عنهم من لقاء عدوهم إنما ذلكم الشيطان أي لأولئك الرهط وما ألقى الشيطان على أفواههم يخوف أولياءه أي يرهبكم بأوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر أي المنافقون إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب أي المنافقين وما كان الله ليطلعكم على الغيب أي فيما يريد أن يبتليكم به لتحذروا ما يدخل عليكم فيه ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء أي يعلمه ذلك فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا أي ترجعوا وتتوبوا فلكم أجر عظيم .


ذكر من استشهد بأحد من المهاجرين *

HSNXV02P122C

قال ابن إسحاق واستشهد من المسلمين يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف حمزة ابن عبد المطلب بن هاشم رضي الله عنه قتله وحشي غلام جبير بن مطعم ومن بني أمية بن عبد شمس عبد الله بن جحش حليف لهم من بني أسد ابن خزيمة ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير قتله ابن قمئة الليثي ومن بني مخزوم بن يقظة شماس بن عثمان أربعة نفر ومن الأنصار ثم من بني عبد الأشهل عمرو بن معاذ بن النعمان والحارث ابن أنس بن رافع وعمارة بن زياد بن السكن.


HSNXV02P122M

قال ابن إسحاق وسلمة بن ثابت بن وقش وعمرو بن ثابت بن وقش رجلان.


HSNXV02P122N

قال ابن إسحاق وقد زعم لي عاصم بن عمر بن قتادة أن أباهما ثابتا قتل يومئذ ورفاعة بن وقش وحسيل بن جابر أبو حذيفة وهو اليمان أصابه المسلمون في المعركة ولا يدرون فتصدق حذيفة بديته على من أصابه وصيفي § ابن قيظي وحباب بن قيظي وعباد بن سهل والحارث بن أوس بن معاذ اثنا عشر رجلا ومن أهل راتج إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن زعوراء بن جشم بن عبد الأشهل وعبيد بن التيهان.


HSNXV02P123C

وحبيب بن يزيد بن تيم ثلاثة نفر ومن بني ظفر يزيد بن خاطب بن أمية بن رافع رجل ومن بني عمرو بن عوف ثم من بني ضبيعة بن زيد أبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد وحنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن نعمان بن مالك بن أمة وهو غسيل الملائكة قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي رجلان.


HSNXV02P123K

قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن زيد أنيس بن قتادة رجل ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف أبو حية وهو أخو سعد بن خيثمة لأمه.


HSNXV02P123M

قال ابن إسحاق وعبد الله بن جبير بن النعمان وهو أمير الرماة رجلان § ومن بني السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس خيثمة أبو سعد بن خيثمة رجل ومن حلفائهم من بني العجلان عبد الله بن سلمة رجل ومن بني معاوية بن مالك سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة رجل.


HSNXV02P124I

قال ابن إسحاق ومن بني النجار ثم من بني سواد بن مالك بن غني عمرو بن قيس وابنه قيس بن عمرو.


HSNXV02P124K

قال ابن إسحاق وثابت بن عمرو بن زيد وعامر بن مخلد أربعة نفر ومن بنى بني مبذول أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول وعمرو بن مطرف بن علقمة بن عمرو رجلان ومن بني عمرو بن مالك أوس بن ثابت بن المنذر رجل.


HSNXV02P124Q

قال ابن إسحاق ومن بني عدي بن النجار أنس بن النضر بن ضمضم ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار رجل.


HSNXV02P125C

ومن بني مازن بن النجار قيس بن مخلد وكيسان عبد لهم رجلان ومن بني دينار بن النجار سليم بن الحارث ونعمان بن عبد عمرو رجلان ومن بني الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد بن أبي زهير وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير دفنا في قبر واحد وأوس بن الأرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب ثلاثة نفر ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر وهو أبو أبي سعيد الخدري

COMMENT

HSNXV02P125K

قال ابن إسحاق وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الأبجر وعتبة بن ربيع بن رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد ابن الأبجر ثلاثة نفر ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة وثقف بن فروة بن البدي رجلان ومن بني طريف رهط سعد بن عبادة عبد الله بن عمرو بن وهب § ابن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف وضمرة حليف لهم من بني جهينة رجلان ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني سالم ثم من بني مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم نوفل بن عبد الله وعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك ابن العجلان ونعمان بن مالك بن ثعلبة بن فهر بن غنم بن سالم والمجذر ابن ذياد حليف لهم من بلي وعبادة بن الحسحاس دفن النعمان بن مالك والمجذر وعبادة في قبر واحد خمسة نفر ومن بني الحبلى رفاعة بن عمرو رجل ومن بني سلمة ثم من بني حرام عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام وعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام دفنا في قبر واحد وخلاد بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وأبو أيمن مولى عمرو بن الجموح أربعة نفر ومن بني سواد بن غنم سليم بن عمرو بن حديدة ومولاه عنترة وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين ثلاثة نفر ومن بني زريق بن عامر ذكوان بن عبد قيسى وعبيد بن المعلى بن لوذان رجلان.


HSNXV02P126N

قال ابن إسحاق فجميع من استشهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار خمسة وستون رجلا.


ذكر من قتل من المشركين يوم أحد *

HSNXV02P127M

قال ابن إسحاق وقتل من المشركين يوم أحد من قريش ثم من بني عبد الدار بن قصي من أصحاب اللواء طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب و أبو سعيد بن أبي طلحة قتله سعد بن أبي وقاص.


HSNXV02P127O

قال ابن إسحاق وعثمان بن أبي طلحة قتله حمزة بن عبد المطلب ومسافع ابن طلحة والجلاس بن طلحة قتلهما عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وكلاب ابن طلحة والحارث بن طلحة قتلهما قزمان حليف لبني ظفر.


HSNXV02P128A

قال ابن إسحاق وأرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله حمزة بن عبد المطلب وأبو يزيد بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله قزمان وصؤاب غلام له حبشي قتله قزمان.


HSNXV02P128C

قال ابن إسحاق والقاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله قزمان أحد عشر رجلا ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد قتله علي بن أبي طالب رجل ومن بني زهرة بن كلاب أبو الحكم بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف لهم قتله علي بن أبي طالب وسباع بن عبد العزى واسم عبد العزى عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم بن ملكان بن أفصى حليف لهم من خزاعة قتله حمزة بن عبد المطلب رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة هشام بن أبي أمية بن المغيرة قتله قزمان والوليد بن العاص بن هشام بن المغيرة قتله قزمان وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتله علي بن أبي طالب وخالد بن الأعلم حليف لهم قتله قزمان أربعة نفر ومن بني جمح بن عمرو عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح وهو أبو عزة قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرا § وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده رجلان ومن بني عامر بن لؤي عبيدة بن جابر وشيبة بن مالك بن المضرب قتلهما قزمان رجلان.


HSNXV02P129F

قال ابن إسحاق فجميع من قتل الله تبارك وتعالى يوم أحد من المشركين اثنان وعشرون رجلا.


ذكر ما قيل من الشعر يوم أحد *

HSNXV02P129I

قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم أحد قول هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.


HSNXV02P129K

ما بال هم عميد بات يطرقني %~% بالود من هند إذ تعدو عواديها باتت تعاتبني هند وتعذلني والحرب قد شغلت عني مواليها مهلا فلا تعذليني إن من خلقي ما قد علمت وما إن لست أخفيها مساعف لبني كعب بما كلفوا حمال عبء وأثقال أعانيها وقد حملت سلاحي فوق مشترف ساط سبوح إذا تجري يباريها § كأنه إذ جرى عير بفدفدة مكدم لاحق بالعون يحميها من آل أعوج يرتاح الندي له كجذع شعراء مستعل مراقيها أعددته ورقاق الحد منتخلا ومارنا لخطوب قد ألاقيها هذا وبيضاء مثل النهي محكمة نيطت علي فما تبدو مساويها سقنا كنانة من أطراف ذي يمن عرض البلاد على ما كان يزجيها قالت كنانة أني تذهبون بنا قلنا النخيل فأموها ومن فيها نحن الفوارس يوم الجر من أحد هابت معد فقلنا نحن نأتيها هابوا ضرابا وطعنا صادقا خذما مما يرون وقد ضمت قواصيها ثمت رحنا كأنا عارض برد وقام هام بني النجار يبكيها كأن هامهم عند الوغى فلق من قيض ربد نفته عن أداحيها § أو حنظل ذعذعته الريح في غصن بال تعاوره منها سوافيها قد نبذل المال سحا لا حساب له ونطعن الخيل شزرا في مآقيها وليلة يصطلي بالفرث جازرها يختص بالنقرى المثرين داعيها وليلة من جمادى ذات أندية جربا جمادية قد بت أسريها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة من القريس ولا تسرى أفاعيها أوقدت فيها لذي الضراء جاحمة كالبرق ذاكية الأركان أحميها أورثني ذاكم عمرو ووالده من قبله كان بالمثنى يغاليها كانوا يبارون أنواء النجوم فما دنت عن السورة العليا مساعيها.


HSNXV02P131C

قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت فقال § سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم إلى الرسول فجند الله مخزيها أوردتموها حياض الموت ضاحية فالنار موعدها والقتل لاقيها جمعتموها أحابيشا بلا حسب أئمة الكفر غرتكم طواغيها ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت أهل القليب ومن ألقينه فيها كم من أسير فككناه بلا ثمن وجز ناصية كنا مواليها.


HSNXV02P132E

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يجيب هبيرة بن أبي وهب أيضا ألا هل أتى غسان عنا ودونهم من الأرض خرق سيره متنعنع صحار وأعلام كأن قتامها من البعد نقع هامد متقطع تظل به البزل العراميس رزحا ويخلو به غيث السنين فيمرع به جيف الحسرى يلوح صليبها كما لاح كتان التجار الموضع به العين والآرام يمشين خلفة وبيض نعام قيضه يتقلع § مجالدنا عن ديننا كل فخمة مذربة فيها القوانس تلمع وكل صموت في الصوان كأنها إذا لبست تهي من الماء مترع ولكن ببدر سائلوا من لقيتم من الناس والأنباء بالغيب تنفع وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا إذا جاء منا راكب كان قوله أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع فمهما يهم الناس مما يكيدنا فنحن له من سائر الناس أوسع فلو غيرنا كانت جميعا تكيده البرية قد أعطوا يدا وتوزعوا نجالد لا تبقى علينا قبيلة من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا ولما ابتنوا بالعرض قال سراتنا علام إذا لم تمنع العرض نزرع وفينا رسول الله نتبع أمره إذا قال فينا القول لا نتطلع تدلى عليه الروح من عند ربه ينزل من جو السماء ويرفع نشاوره فيما نريد وقصرنا إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع وقال رسول الله لما بدوا لنا ذروا عنكم هول المنيات واطمعوا وكونوا كمن يشري الحياة تقربا إلى ملك يحيا لديه ويرجع § ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا على الله إن الأمر لله أجمع فسرنا إليهم جهرة في رحالهم ضحيا علينا البيض لا نتخشع بملمومة فيها السنور والقنا إذا ضربوا أقدامها لا تورع فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن نصية ثلاث مئين إن كثرنا وأربع نغاورهم تجري المنية بيننا نشارعهم حوض المنايا ونشرع تهادى قسي النبع فينا وفيهم وما هو إلا اليثربي المقطع ومنجوفة حمية صاعدية يذر عليها السم ساعة تصنع تصوب بأبدان الرجال وتارة تمر بأعراض البصار تقعقع وخيل تراها بالفضاء كأنها جراد صبا في قرة يتريع فلما تلاقينا ودارت بنا الرحى وليس لأمر حمه الله مدفع ضربناهم حتى تركنا سراتهم كأنهم بالقاع خشب مصرع لدن غدوة حتى استفقنا عشية كأن ذكانا حر نار تلفع § وراحوا سراعا موجفين كأنهم جهام هراقت ماءه الريح مقلع ورحنا وأخرانا بطاء كأننا أسود على لحم ببيشة ظلع فنلنا ونال القوم منا وربما فعلنا ولكن ما لدى الله أوسع ودارت رحانا واستدارت رحاهم وقد جعلوا كل من الشر يشبع ونحن أناس لا نرى القتل سبة على كل من يحمي الذمار ويمنع جلاد على ريب الحوادث لا نرى على هالك عينا لنا الدهر تدمع بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله ولا نحن مما جرت الحرب نجزع بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفحش ولا نحن من أظفارها نتوجع وكنا شهابا يتقى الناس حره ويفرج عنه من يليه ويسفع فخرت علي ابن الزبعرى وقد سرى لكم طلب من آخر الليل متبع فسل عنك في عليا معد وغيرها من الناس من أخزى مقاما وأشنع ومن هو لم تترك له الحرب مفخرا ومن خده يوم الكريهة أضرع شددنا بحول الله والنصر شدة عليكم وأطراف الأسنة شرع تكر القنا فيكم كأن فروعها عزالي مزاد ماؤها يتهزع عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر بذكر اللواء فهو في الحمد أسرع فخانوا وقد أعطوا يدا وتخاذلوا أبى الله إلا أمره وهو أصنع.


HSNXV02P136D

قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى في يوم أحد يا غراب البين أسمعت فقل إنما تنطق شيئا قد فعل إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل والعطيات خساس بينهم وسواء قبر مثر ومقل كل عيش ونعيم زائل وبنات الدهر يلعبن بكل أبلغن حسان عني آية فقريض الشعر يشفي ذا الغلل كم ترى بالجر من جمجمة وأكف قد أترت ورجل وسرابيل حسان سريت عن كماة أهلكوا في المنتزل كم قتلنا من كيم سيد ماجد الجدين مقدام بطل صادق النجدة قرم بارع غير ملتاث لدى وقع الأسل فسل المهراس من ساكنه بين أقحاف وهام كالحجل § ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل حين حكت بقباء بركها واستحر القتل في عبد الأشل ثم خفوا عند ذاكم رقصا رقص الحفان يعلو في الجبل فقتلنا الضعف من أشرافهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل لا ألوم النفس إلا أننا لو كررنا لفعلنا المفتعل بسيوف الهند تعلو هامهم عللا تعلوهم بعد نهل فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال ذهبت يا بن الزبعرى وقعة كان منا الفضل فيها لو عدل ولقد نلتم ونلنا منكم وكذاك الحرب أحيانا دول نضع الأسياف في أكتافكم حيث نهوى عللا بعد نهل نخرج الأضياح من أستاهكم كسلاح النيب يأكلن العصل إذ تولون على أعقابكم هربا في الشعب أشباه الرسل إذ شددنا شدة صادقة فأجأناكم إلى سفح الجبل بخناطيل كأشداف الملا من يلاقوه من الناس يهل § ضاق عنا الشعب إذ نجزعه وملأنا الفرط منه والرجل برجال لستم أمثالهم أيدوا جبريل نصرا فنزل وعلونا يوم بدر بالتقى طاعة الله وتصديق الرسل وقتلنا كل رأس منهم وقتلنا كل جحجاح رفل وتركنا في قريش عورة يوم بدر وأحاديث المثل ورسول الله حقا شاهد يوم بدر والتنابيل الهبل في قريش من جموع جمعوا مثل ما يجمع في الخصب الهمل نحن لا أمثالكم ولد استها نحضر الناس إذا البأس نزل.


HSNXV02P138D

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يبكي حمزة بن عبد المطلب وقتلى أحد من المسلمين نشجت وهل لك من منشج وكنت متى تذكر تلجج تذكر قوم أتاني لهم أحاديث في الزمن الأعوج فقلبك من ذكرهم خافق من الشوق والحزن المنضج وقتلاهم في جنان النعيم كرام المداخل والمخرج § بما صبروا تحت ظل اللواء لواء الرسول بذي الأضوج غداة أجابت بأسيافها جميعا بنو الأوس والخزرج وأشياع أحمد إذ شايعوا على الحق ذي النور والمنهج فما برحوا يضربون الكماة ويمضون في القسطل المرهج كذلك حتى دعاهم مليك إلى جنة دوحة المولج فكلهم مات حر البلاء على ملة الله لم يحرج كحمزة لما وفى صادقا بذي هبة صارم سلجج فلاقاه عبد بني نوفل يبربر كالجمل الأدعج فأوجره حربة كالشهاب تلهب في اللهب الموهج ونعمان أوفى بميثاقه وحنظلة الخير لم يحنج عن الحق حتى غدت روحه إلى منزل فاخر الزبرج أولئك لا من ثوى منكم من النار في الدرك المرتج فأجابه ضرار بن الخطاب الفهري فقال أيجزع كعب لأشياعه ويبكي من الزمن الأعوج § عجيج المذكي رأى إلفه تروح في صادر محنج فراح الروايا وغادرنه يعجعج قسرا ولم يجدج فقولا لكعب يثني البكا وللنيء من لحمه ينضج لمصرع إخوانه في مكر من الخيل ذي قسطل مرهج فيا ليت عمرا وأشياعه وعتبة في جمعنا السورج فيشفوا النفوس بأوتارها بقتلى أصيبت من الخزرج وقتلى من الأوس في معرك أصيبوا جميعا بذي الأضوج ومقتل حمزة تحت اللواء بمطرد مارن مخلج وحيث انثنى مصعب ثاويا بضربة ذي هبة سلجج بأحد وأسيافنا فيهم تلهب كاللهب الموهج غداة لقيناكم في الحديد كأسد البراح فلم تعنج بكل مجلحة كالعقاب وأجرد ذي ميعة مسرج فدسناهم ثم حتى انثنوا سوى زاهق النفس أو محرج.


HSNXV02P141C

قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى في يوم أحد يبكي القتلى ألا ذرفت من مقلتيك دموع وقد بان من حبل الشباب قطوع وشط بمن تهوى المزار وفرقت نوى الحي دار بالحبيب فجوع وليس لما ولى على ذي حرارة وإن طال تذراف الدموع رجوع فذر ذا ولكن هل أتى أم مالك أحاديث قومي والحديث يشيع ومجنبنا جردا إلى أهل يثرب عناجيج منها متلد ونزيع عشية سرنا في لهام يقودنا ضرور الأعادي للصديق نفوع نشد علينا كل زغف كأنها غدير بضوج الواديين نقيع فلما رأونا خالطتهم مهابة وعاينهم أمر هناك فظيع وودوا لو أن الأرض ينشق ظهرها بهم وصبور القوم ثم جزوع وقد عريت بيض كأن وميضها حريق ترقى في الآباء سريع بأيماننا نعلو بها كل هامة ومنها سمام للعدو ذريع § فغادرن قتلى الأوس غاصبة بهم ضباع وطير يعتفين وقوع وجمع بني النجار في كل تلعة بأبدانهم من وقعهن نجيع ولولا علو الشعب غادرن أحمدا ولكن علا والسمهري شروع كما غادرت في الكر حمزة ثاويا وفي صدره ماضي الشباة وقيع ونعمان قد غادرن تحت لوائه على لحمه طير يجفن وقوع بأحد وأرماح الكماة يردنهم كما غال أشطان الدلاء نزوع فأجابه حسان بن ثابت فقال أشاقك من أم الوليد ربوع بلاقع ما من أهلهن جميع عفاهن صيفي الرياح وواكف من الدلو رجاف السحاب هموع فلم يبق إلا موقد النار حوله رواكد أمثال الحمام كنوع فدع ذكر دار بددت بين أهلها نوى لمتينات الحبال قطوع وقل إن يكن يوم بأحد يعده سفيه فإن الحق سوف يشيع فقد صابرت فيه بنو الأوس كلهم وكان لهم ذكر هناك رفيع § وحامى بنو النجار فيه وصابروا وما كان منهم في اللقاء جزوع أمام رسول الله لا يخذلونه لهم ناصر من ربهم وشفيع وفوا إذ كفرتم يا سخين بربكم ولا يستوي عبد وفى ومضيع بأيديهم بيض إذا حمش الوغى فلا بد أن يردى لهن صريع كما غادرت في النقع عتبة ثاويا وسعدا صريعا والوشيج شروع وقد غادرت تحت العناجة مسندا أبيا وقد بل القميص نجيع يكف رسول الله حيث تنصبت على القوم مما قد يثرن نقوع أولئك قوم سادة من فروعكم وفي كل قوم سادة وفروع بهن نعز الله حتى يعزنا وإن كان أمر يا سخين فظيع فلا تذكروا قتلى وحمزة فيهم قتيل ثوى لله وهو مطيع فإن جنان الخلد منزلة له وأمر الذي يقضي الأمور سريع وقتلاكم في النار أفضل رزقهم حميم معا في جوفها وضريع.


HSNXV02P143D

وقال ابن إسحاق وقال عمرو بن العاصي في يوم أحد خرجنا من الفيفا عليهم كأننا مع الصبح من رضوى الحبيك المنطق § تمنت بنو النجار جهلا لقاءنا لدى جنب سلع والأماني تصدق فما راعهم بالشر إلا فجاءة كراديس خيل في الأزقة تمرق وادوا لكيما يستبيحوا قبابنا ودون القباب اليوم ضرب محرق وكانت قبابا أو منت قبل ما ترى إذ رامها قوم أبيحوا وأحنقوا كأن رءوس الخزرجيين غدوة وأيمانهم بالمشرفية بروق.


HSNXV02P144E

قال ابن إسحاق وقال ضرار بن الخطاب § إني وجدك لولا مقدمي فرسي إذ جالت الخيل بين الجزع والقاع ما زال منكم بجنب الجزع من أحد أصوات هام تزاقى أمرها شاعي وفارس قد أصاب السيف مفرقه أفلاق هامته كفروة الراعي إني وجدك لا أنفك منتطقا بصارم مثل لون الملح قطاع على رحالة ملواح مثابرة نحو الصريخ إذا ما ثوب الداعي وما انتميت إلى خور ولا كشف ولا لئام غداة البأس أوراع بل ضاربين حبيك البيض إذ لحقوا شم العرانين عند الموت لذاع شم بهاليل مسترخ حمائلهم يسعون للموت سعيا غير دعداع وقال ضرار بن الخطاب أيضا لما أتت من بني كعب مزينة والخزرجية فيها البيض تأتلق وجردوا مشرفيات مهندة وراية كجناح النسر تختفق فقلت يوم بأيام ومعركة تنبى لما خلفها ما هزهز الورق § قد عودوا كل يوم أن تكون لهم ريح القتال وأسلاب الذين لقوا خيرت نفسي على ما كان من وجل منها وأيقنت أن المجد مستبق أكرهت مهري حتى خاض غمرتهم وبله من نجيع عانك علق فظل مهري وسربالي جسيدهما نفخ العروق رشاش الطعن والورق أيقنت أني مقيم في ديارهم حتى يفارق ما في جوفه الحدق لا تجزعوا يا بني مخزوم إن لكم مثل المغيرة فيكم ما به زهق صبرا فدى لكم أمي وما ولدت تعاوروا الضرب حتى يدبر الشفق وقال عمرو بن العاصي لما رأيت الحرب ينزو شرها بالرضف نزوا وتناولت شهباء تلحو الناس بالضراء لحوا أيقنت أن الموت حق والحياة تكون لغوا حملت أثوابي على عتد يبذ الخيل رهوا سلس إذا نكبن في البيداء يعلو الطرف علوا § وإذا تنزل ماؤه من عطفه يزداد زهوا ربذ كيعفور الصريمة راعه الرامون دحوا شنج نساه ضابط للخيل إرخاء وعدوا ففدى لهم أمى غداة الروع إذ يمشون قطوا سيرا إلى كبش الكتيبة إذ جلته الشمس جلوا.


HSNXV02P147D

قال ابن إسحاق فأجابهما كعب بن مالك فقال أبلغ قريشا وخير القول أصدقه والصدق عند ذوي الألباب مقبول أن قد قتلنا بقتلانا سراتكم أهل اللواء ففيما يكثر القيل ويوم بدر لقيناكم لنا مدد فيه مع النصر ميكال وجبريل إن تقتلونا فدين الحق فطرتنا والقتل في الحق عند الله تفضيل وإن تروا أمرنا في رأيكم سفها فرأي من خالف الإسلام تضليل فلا تمنوا لقاح الحرب واقتعدوا إن أخا الحرب أصدى اللون مشغول إن لكم عندنا ضربا تراح له عرج الضباع له خذم رعابيل § إنا بنو الحرب نمريها وننتجها وعندنا لذوي الأضغان تنكيل إن ينج منها ابن حرب بعد ما بلغت منه التراقي وأمر الله مفعول فقد أفادت له حلما وموعظة لمن يكون له لب ومعقول ولو هبطتم ببطن السيل كافحكم ضرب بشاكلة البطحاء ترعيل تلقاكم عصب حول النبي لهم مما يعدون للهيجا سرابيل من جذم غسان مسترخ حمائلهم لا جبناء ولا ميل معازيل يمشون تحت عمايات القتال كما تمشي المصاعبة الأدم المراسيل أو مثل مشي أسود الظل ألثقها يوم رذاذ من الجوزاء مشمول في كل سابغة كالنهي محكمة قيامها فلج كالسيف بهلول ترد حد قرام النبل خاسئة ويرجع السيف عنها وهو مفلول ولو قذفتم بسلع عن ظهوركم وللحياة ودفع الموت تأجيل § ما زال في القوم وتر منكم أبدا تعفو السلام عليه وهو مطلول عبد وحر كريم موثق قنصا شطر المدينة مأسور ومقتول كنا نؤمل أخراكم فأعجلكم منا فوارس لا عزل ولا ميل إذا جنى فيهم الجاني فقد علموا حقا بأن الذي قد جر محمول ما نحن لا نحن من إثم مجاهرة ولا ملوم ولا في الغرم مخذول وقال حسان بن ثابت يذكر عدة أصحاب اللواء يوم أحد.


HSNXV02P151D

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي حمزة بن عبد المطلب ومن أصيب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد يا مي قومي فاندبن بسحيرة شجو النوائح كالحاملات الوقر بالثقل الملحات الدوالح المعولات الحامشات وجوه حرات صحائح § وكأن سيل دموعها الأنصاب تخضب بالذبائح ينقضن أشعارا لهن هناك بادية المسائح وكأنها أذناب خيل بالضحى شمس روامح من بين مشزور و مجزور يذعذع بالبوارح يبكين شجوا مسلبات كدحتهن الكوادح ولقد أصاب قلوبها مجل له جلب قوارح إذ أقصد الحدثان من كنا نرجي إذ نشايح أصحاب أحد غالهم دهر ألم له جوارح من كان فارسنا وحامينا إذا بعث المسالح يا حمز لا والله لا أنساك ما صر اللقائح لمناخ أيتام وأضياف وأرملة تلامح § ولما ينوب الدهر في حرب لحرب وهي لاقح يا فارسا يا مدرها يا حمز قد كنت المصامح عنا شديدات الخطوب إذا ينوب لهن فادح ذكرتني أسد الرسول وذاك مدرهنا المنافح عنا وكان يعد إذ عد الشريفون الجحاجح يعلو القماقم جهرة سبط اليدين أغر واضح لا طائش رعش ولا ذو علة بالحمل آنح بحر فليس يغب جارا منه سيب أو منادح أودى شباب أولى الحفائظ والثقيلون المراجح المطعمون إذا المشاتي ما يصففهن ناضح لحم الجلاد وفوقه من شحمه شطب شرائح ليدافعوا عن جارهم ما رام ذو الضغن المكاشح لهفي لشبان رزئناهم كأنهم المصابح § شم بطارقة غطارفة خضارمة مسامح المشترون الحمد بالأموال إن الحمد رابح والجامزون بلجمهم يوما إذا ما صاح صائح من كان يرمى بالنواقر من زمان غير صالح ما إن تزال ركابه يرسمن في غبر صحاصح راحت تبارى وهو في ركب صدورهم رواشح حتى تئوب له المعالي ليس من فوز السفائح يا حمز قد أوحدتني كالعود شذ به الكوافح أشكو إليك وفوقك الترب المكور والصفائح من جندل نلقيه فوقك إذ أجاد الضرح ضارح في واسع يحشونه بالترب سوته المماسح فعزاؤنا أنا نقول وقولنا برح بوارح من كان أمسى وهو عما أوقع الحدثان جانح § فليأتنا فلتبك عيناه لهلكانا النوافح القائلين الفاعلين ذوي السماحة والممادح من لا يزال ندي يديه له طوال الدهر مائح.


HSNXV02P155D

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي حمزة بن عبد المطلب أتعرف الدار عفا رسمها بعدك صوب المسبل الهاطل بين السراديح فأدمانة فمدفع الروحاء في حائل ساءلتها عن ذاك فاستعجمت لم تدر ما مرجوعة السائل دع عنك دارا قد عفا رسمها وابك على حمزة ذي النائل المالئ الشيزى إذا أعصفت غبراء في ذي الشبم الماحل والتارك القرن لدى لبدة يعثر في ذي الخرص الذابل § واللابس الخيل إذ أجحمت كالليث في غابته الباسل أبيض في الذروة من هاشم لم يمر دون الحق بالباطل مال شهيدا بين أسيافكم شلت يدا وحشي من قاتل أي امرئ غادر في ألة مطرورة مارنة العامل أظلمت الأرض لفقدانه واسود نور القمر الناصل صلى عليه الله في جنة عالية مكرمة الداخل كنا نرى حمزة حرزا لنا في كل أمر نابنا نازل وكان في الإسلام ذا تدرأ يكفيك فقد القاعد الخاذل لا تفرحي يا هند واستحلبي دمعا وأذري عبرة الثاكل وابكي على عتبة إذ قطه بالسيف تحت الرهج الجائل إذا خر في مشيخة منكم من كل عات قلته جاهل أرداهم حمزة في أسرة يمشون تحت الحلق الفاضل غداة جبريل وزير له نعم وزير الفارس الحامل وقال كعب بن مالك يبكي حمزة بن عبد المطلب § طرقت همومك فالرقاد مسهد وجزعت أن سلخ الشباب الأغيد ودعت فؤادك للهوى ضمرية فهواك غوري وصحوك منجد فدع التمادي في الغواية سادرا قد كنت في طلب الغواية تفند ولقد أنى لك أن تناهى طائعا أو تستفيق إذا نهاك المرشد ولقد هددت لفقد حمزة هدة ظلت بنات الجوف منها ترعد ولو أنه فجعت حراء بمثله لرأيت راسي صخرها يتبدد قرم تمكن في ذؤابة هاشم حيث النبوة والندى والسؤدد والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت ريح يكاد الماء منها يجمد والتارك القرن الكمي مجدلا يوم الكريهة والقنا يتقصد وتراه يرفل في الحديد كأنه ذو لبدة شثن البراثن أربد عم النبي محمد وصفيه ورد الحمام فطاب ذاك المورد وأتى المنية معلما في أسرة نصروا النبي ومنهم المستشهد § ولقد إخال بذاك هندا بشرت لتميت داخل غصة لا تبرد مما صبحنا بالعقنقل قومها يوما تغيب فيه عنها الأسعد وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد حتى رأيت لدى النبي سراتهم قسمين يقتل من نشاء ويطرد فأقام بالعطن المعطن منهم سبعون عتبة منهم والأسود وابن المغيرة قد ضربنا ضربة فوق الوريد لها رشاش مزبد وأمية الجمحي قوم ميله عضب بأيدي المؤمنين مهند فأتاك فل المشركين كأنهم والخيل تثفنهم نعام شرد شتان من هو في جهنم ثاويا أبدا ومن هو في الجنان مخلد وقال كعب أيضا يبكي حمزة صفية قومي ولا تعجزي وبكي النساء على حمزة ولا تسأمي أن تطيلي البكا على أسد الله في الهزة فقد كان عزا لأيتامنا وليث الملاحم في البزة يريد بذاك رضا أحمد ورضوان ذي العرش والعزة وقال كعب أيضا في أحد إنك عمر أبيك الكريم أن تسألي عنك من يجتدينا § فإن تسألي ثم لا تكذبي يخبرك من قد سألت اليقينا بأنا ليالي ذات العظام كنا ثمالا لمن يعترينا تلوذ البجود بأذرائنا من الضر في أزمات السنينا بجدوى فضول أولي وجدنا وبالصبر والبذل في المعدمينا وأبقت لنا جلمات الحروب ممن نوازي لدن أن برينا معاطن تهوى إليها الحقوق يحسبها من رآها الفتينا تخيس فيها عتاق الجمال صحما دواجن حمرا وجونا ودفاع رجل كموج الفرا ت يقدم جأواء جولا طحونا ترى لونها مثل لون النجوم رجراجة تبرق الناظرينا فإن كنت عن شأننا جاهلا فسل عنه ذا العلم ممن يلينا § بنا كيف نفعل إن قلصت عوانا ضروسا عضوضا حجونا ألسنا نشد عليها العصا ب حتى تدر وحتى تلينا ويوم له وهج دائم شديد التهاول حامي الأرينا طويل شديد أوار القتال تنفي قواحزه المقرفينا تخال الكماة بأعراضه ثمالا على لذة منزفينا تعاور أيمانهم بينهم كئوس المنايا بحد الظبينا شهدنا ككنا أولي بأسه وتحت العماية والمعلمينا بخرس الحسيس حسان رواء وبصرية قد أجمن الجفونا فما ينفللن وما ينحنين وما ينتهين إذا ما نهينا كبرق الخريف بأيدي الكماة يفجعن بالظل هاما سكونا وعلمنا الضرب آباؤنا وسوف نعلم أيضا بنينا جلاد الكماة وبذل التلاد عن جل أحسابنا ما بقينا § إذا مر قرن كفى نسله وأورثه بعده آخرينا نشب وتهلك آباؤنا وبينا نربي بنينا فنينا سألت بك ابن الزبعرى فلم أنبأك في القوم إلا هجينا خبيثا تطيف بك المنديات مقيما على اللؤم حينا فحينا تبجست تهجو رسول المليك قاتلك الله جلفا لعينا تقول الخنا ثم ترمي به نقي الثياب تقيا أمينا.


HSNXV02P161C

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك أيضا في يوم أحد سائل قريشا غداة السفح من أحد ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب كنا الأسود وكانوا النمر إذ زحفوا ما إن نراقب من آل ولا نسب فكم تركنا بها من سيد بطل حامي الذمار كريم الجد والحسب فينا الرسول شهاب ثم يتبعه نور مضىء له فضل على الشهب الحق منطقه والعدل سيرته فمن يجبه إليه ينج من تبب نجد المقدم ماضي الهم معتزم حين القلوب على رجف من الرعب § يمضي ويذمرنا عن غير معصية كأنه البدر لم يطبع على الكذب بدا لنا فاتبعناه نصدقه وكذبوه فكنا أسعد العرب جالوا وجلنا فما فاءوا وما رجعوا ونحن نثفنهم لم نأل في الطلب ليسا سواء وشتى بين أمرهما حزب الإله وأهل الشرك والنصب.


HSNXV02P162D

قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن رواحة يبكي حمزة بن عبد المطلب.


HSNXV02P162F

بكت عيني وحق لها بكاها %~% وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلي لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان مخالطها نعيم لا يزول ألا يا هاشم الأخيار صبرا فكل فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم بأمر الله ينطق إذ يقول ألا من مبلغ عني لؤيا فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقائعنا بها يشفى الغليل نسيتم ضربنا بقليب بدر غداة أتاكم الموت العجيل § غداة ثوى أبو جهل صريعا عليه الطير حائمة تجول وعتبة وابنه خرا جميعا وشيبة عضه السيف الصقيل ومتركنا أمية مجلعبا وفي حيزومه لدن نبيل وهام بني ربيعة سائلوها ففي أسيافنا منها فلول ألا يا هند فابكي لا تملي فأنت الواله العبرى الهبول ألا يا هند لا تبدي شماتا بحمزة إن عزكم ذليل.


HSNXV02P163C

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك أبلغ قريشا على نأيها أتفخر منا بما لم تلي فخرتم بقتلى أصابتهم فواضل من نعم المفضل فحلوا جنانا وأبقوا لكم أسودا تحامي عن الأشبل تقاتل عن دينها وسطها نبي عن الحق لم ينكل رمته معد بعور الكلام ونبل العداوة لا تأتلي.


HSNXV02P163F

قال ابن إسحاق وقال ضرار بن الخطاب في يوم أحد § ما بال عينك قد أزرى بها السهد كأنما جال في أجفانها الرمد أمن فراق حبيب كنت تألفه قد حال من دونه الأعداء والبعد أم ذاك من شغب قوم لاجداء بهم إذ الحروب تلظت نارها تقد ما ينتهون عن الغي الذي ركبوا وما لهم من لؤي ويحهم عضد وقد نشدناهم بالله قاطبة فما تردهم الأرحام والنشد حتى إذا ما أبوا إلا محاربة واستحصدت بيننا الأضغان والحقد سرنا إليهم بجيش في جوانبه قوانس البيض والمحبوكة السرد والجرد ترفل بالأبطال شازبة كأنها حدأ في سيرها تؤد جيش يقودهم صخر ويرأسهم كأنه ليث غاب هاصر حرد فأبرز الحين قوما من منازلهم فكان منا ومنهم ملتقى أحد فغودرت منهم قتلى مجدلة كالمعز أصرده بالصردح البرد قتلى كرام بنو النجار وسطهم ومصعب من قنانا حوله قصد وحمزة القرم مصروع تطيف به ثكلى وقد حز منه الأنف والكبد § كأنه حين يكبو في جديته تحت العجاج وفيه ثعلب جسد حوار ناب وقد ولى صحابته كما تولى النعام الهارب الشرد مجلحين ولا يلوون قد ملئوا رعبا فنجتهم العوصاء والكؤد تبكي عليهم نساء لا بعول لها من كل سالبة أثوابها قدد وقد تركناهم للطير ملحمة وللضباع إلى أجسادهم تفد.


رجز أبي زعنة يوم أحد *
HSNXV02P165D

قال ابن إسحاق وقال أبو زعنة بن عبد الله بن عمرو بن عتبة أخو بني جشم بن الخزرج يوم أحد أنا أبو زعنة يعدو بي الهزم لم تمنع المخزاة إلا بالألم يحمي الذمار خزرجي من جشم.


HSNXV02P166A

لاهم إن الحارث بن الصمه %~% كان وفيا وبنا ذا ذمه أقبل في مهامه مهمه كليلة ظلماء مدلهمه بين سيوف ورماح جمه يبغي رسول الله فيما ثمه.


رجز عكرمة في يوم أحد *
HSNXV02P166D

قال ابن إسحاق وقال عكرمة بن أبي جهل في يوم أحد كلهم يزجره أرحب هلا ولن يروه اليوم إلا مقبلا يحمل رمحا ورئيسا جحفلا.


شعر الأعشى التميمي في بكاء قتلى بني عبد الدار يوم أحد *
HSNXV02P166F

وقال الأعشى بن زرارة بن النباش التميمي.


HSNXV02P166H

يبكي قتلى بني عبد الدار يوم أحد حيي من حي علي نأيهم بنو أبي طلحة لا تصرف يمر ساقيهم عليهم بها وكل ساق لهم يعرف لا جارهم يشكو ولا ضيفهم من دونه باب لهم يصرف وقال عبد الله بن الزبعرى يوم أحد قتلنا ابن جحش فاغتبطنا بقتله وحمزة في فرسانه وابن قوقل وأفلتنا منهم رجال فأسرعوا فليتهم عاجوا ولم نتعجل أقاموا لنا حتى تعض سيوفنا سراتهم وكلنا غير عزل § وحتى يكون القتل فينا وفيهم ويلقوا صبوحا شره غير منجلي.


شعر صفية في بكاء حمزة *
HSNXV02P167D

قال ابن إسحاق وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب أسائلة أصحاب أحد مخافة بنات أبي من أعجم وخبير فقال الخبير إن حمزة قد ثوى وزير رسول الله خير وزير دعاه إله الحق ذو العرش دعوة إلى جنة يحيا بها وسرور فذلك ما كنا نرجي ونرتجي لحمزة يوم الحشر خير مصير فو الله لا أنساك ما هبت الصبا بكاء وحزنا محضري ومسيري على أسد الله الذي كان مدرها يذود عن الإسلام كل كفور فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي لدى أضبع تعتادنى ونسور أقول وقد أعلى النعي عشيرتي جزى الله خيرا من أخ ونصير.


شعر نعم في بكاء شماس *
HSNXV02P167G

قال ابن إسحاق وقالت نعم امرأة شماس بن عثمان تبكي شماسا وأصيب يوم أحد § يا عين جودي بفيض غير إبساس على كريم من الفتيان أباس صعب البديهة ميمون نقيبته حمال ألوية ركاب أفراس أقول لما أتى الناعي له جزعا أودى الجواد وأودى المطعم الكاسي وقلت لما خلت منه مجالسه لا يبعد الله عنا قرب شماس فأجابها أخوها وهو أبو الحكم بن سعيد بن يربوع يعزيها فقال إقنى حياءك في ستر وفي كرم فإنما كان شماس من الناس لا تقتلي النفس إذ حانت منيته في طاعة الله يوم الروع والباس قد كان حمزة ليث الله فاصطبري فذاق يومئذ من كأس شماس وقالت هند بنت عتبة حين انصرف المشركون عن أحد رجعت وفي نفسي بلابل جمة وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي من أصحاب بدر من قريش وغيرهم بني هاشم منهم ومن أهل يثرب ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن كما كنت أرجو في مسيري ومركبي.


ذكر يوم الرجيع في سنة ثلاث *

HSNXV02P169C

قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد رهط من عضل والقارة.


HSNXV02P169F

قال ابن إسحاق فقالوا يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا ستة من أصحابه وهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب وخالد بن البكير الليثي حليف بني عدي بن كعب وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخو بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس وخبيب بن عدي أخو بني جحجبى بن كلفة ابن عمرو بن عوف وزيد بن الدثنة بن معاوية أخو بني بياضة بن عمرو بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم مرثد بن أبي مرثد الغنوي فخرج § مع القوم حتى إذا كانوا على الرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلا فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم فقالوا لهم إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا فقال عاصم بن ثابت ما علتي وأنا جلد نابل والقوس فيها وتر عنابل تزل عن صفحتها المعابل الموت حق والحياة باطل وكل ما حم الإله نازل بالمرء والمرء إليه آئل إن لم أقاتلكم فأمي هابل.


HSNXV02P170E

وقال عاصم بن ثابت أيضا أبو سليمان وريش المقعد وضالة مثل الجحيم الموقد إذا النواجي افترشت لم أرعد ومجنأ من جلد ثور أجرد ومؤمن بما على محمد § وقال عاصم بن ثابت أيضا أبو سليمان ومثلي رامى وكان قومي معشرا كراما وكان عاصم بن ثابت يكنى أبا سليمان ثم قاتل القوم حتى قتل وقتل صاحباه فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر فمنعته الدبر فلما حالت بينه وبينهم الدبر قالوا دعوه يمسي فتذهب عنه فنأخذه فبعث الله الوادي فاحتمل عاصما فذهب به وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدا أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبدا تنجسا فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حين بلغه أن الدبر منعته يحفظ الله العبد المؤمن كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبدا في حياته فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبد الله بن طارق فلانوا ورقوا ورغبوا في الحياة فأعطوا بأيديهم فأسروهم ثم خرجوا إلى مكة ليبيعوهم بها حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبره رحمه الله بالظهران وأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فقدموا بهما مكة.


HSNXV02P171G

قال ابن إسحاق فابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل وكان أبو إهاب أخا الحارث بن عامر لأمه لقتله بأبيه.


مقتل ابن الدثنة ومثل من وفائه للرسول *
HSNXV02P172C

قال ابن إسحاق وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له يقال له نسطاس إلى التنعيم وأخرجوه من الحرم ليقتلوه واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان ابن حرب فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنى جالس في أهلي قال يقول أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ثم قتله نسطاس يرحمه الله وأما خبيب بن عدي فحدثني عبد الله بن أبي نجيح أنه حدث عن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب وكانت قد أسلمت قالت كان خبيب عندي حبس في بيتي فلقد اطلعت عليه يوما وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه وما أعلم في أرض الله عنبا يؤكل.


HSNXV02P172F

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نجيح جميعا أنها قالت قال لي حين حضره القتل ابعثي إلي بحديدة أتطهر بها للقتل قالت فأعطيت غلاما من الحي الموسى فقلت ادخل بها على هذا الرجل البيت قالت فو الله ما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه فقلت ماذا صنعت أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام فيكون رجلا برجل فلما ناوله الحديدة أخذها من § يده ثم قال لعمرك ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي ثم خلى سبيله.


HSNXV02P173C

قال ابن إسحاق قال عاصم ثم خرجوا بخبيب حتى إذا جاءوا به إلى التنعيم ليصلبوه قال لهم إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا قالوا دونك فاركع فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم أقبل على القوم فقال أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة قال فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين قال ثم رفعوه على خشبة فلما أوثقوه قال اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ثم قتلوه رحمه الله فكان معاوية بن أبي سفيان يقول حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب وكانوا يقولون إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه.


HSNXV02P173D

قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عقبة بن الحارث قال سمعته يقول ما أنا والله قتلت خبيبا لأني كنت أصغر من ذلك ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة فجعلها في يدي ثم أخذ بيدي وبالحربة ثم طعنه بها حتى قتله.


HSNXV02P173E

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي على بعض الشام فكانت تصيبه غشية وهو بين ظهري القوم فذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقيل إن الرجل مصاب فسأله عمر في قدمة قدمها عليه فقال يا سعيد ما هذا الذي يصيبك فقال والله يا أمير المؤمنين ما بي من بأس ولكني كنت فيمن § حضر خبيب بن عدي حين قتل وسمعت دعوته فو الله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس قط إلا غشي علي فزادته عند عمر خيرا.


ما نزل في سرية الرجيع من القرآن *
HSNXV02P174D

قال قال ابن إسحاق وكان مما نزل من القرآن في تلك السرية كما حدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن عكرمة مولى ابن عباس أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال ابن عباس لما أصيبت السرية التي كان فيها مرثد وعاصم بالرجيع قال رجال من المنافقين يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم فأنزل الله تعالى في ذلك من قول المنافقين وما أصاب أولئك النفر من الخير بالذي أصابهم فقال سبحانه ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا أي لما يظهر من الإسلام بلسانه ويشهد الله على ما في قلبه وهو مخالف لما يقول بلسانه وهو ألد الخصام أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك.


HSNXV02P175B

قال ابن إسحاق قال تعالى وإذا تولى أي خرج من عندك سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد أي لا يحب عمله ولا يرضاه وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد أي قد شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله والقيام بحقه حتى هلكوا على ذلك يعني تلك السرية.


شعر خبيب حين أريد صلبه *
HSNXV02P176C

قال ابن إسحاق وكان مما قيل في ذلك من الشعر قول خبيب بن عدي حين بلغه أن القوم قد اجتمعوا لصلبه.


HSNXV02P176E

لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا %~% قبائلهم واستجمعوا كل مجمع وكلهم مبدي العداوة جاهد علي لأني في وثاق بمصيع وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم وقربت من جذع طويل ممنع إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي فذا العرش صبرني على ما يراد بي فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع وقد خيروني الكفر والموت دونه وقد هملت عيناي من غير مجزع وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذاري جحم نار ملفع فو الله ما أرجو إذا مت مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي § فلست بمبد للعدو تخشعا ولا جزعا إني إلى الله مرجعي وقال حسان بن ثابت يبكي خبيبا ما بال عينك لا ترقا مدامعها سحا على الصدر مثل اللؤلؤ القلق على خبيب فتى الفتيان قد علموا لا فشل حين تلقاه ولا نزق فاذهب خبيب جزاك الله طيبة وجنة الخلد عند الحور في الرفق ماذا تقولون إن قال النبي لكم حين الملائكة الأبرار في الأفق فيم قتلتم شهيد الله في رجل طاغ قد أوعث في البلدان والرفق.


HSNXV02P177C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي خبيبا يا عين جودي بدمع منك منسكب وابكي خبيبا مع الفتيان لم يؤب صقرا توسط في الأنصار منصبه سمح السجية محضا غير مؤتشب قد هاج عيني على علات عبرتها إذ قيل نض إلى جذع من الخشب § يا أيها الراكب الغادي لطيته أبلغ لديك وعيدا ليس بالكذب بني كهيبة أن الحرب قد لقحت محلوبها الصاب إذ تمرى لمحتلب فيها أسود بني النجار تقدمهم شهب الأسنة في معصوصب لجب.


HSNXV02P178C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا لو كان في الدار قرم ماجد بطل ألوى من القوم صقر خاله أنس إذن وجدت خبيبا مجلسا فسحا ولم يشد عليك السجن والحرس ولم تسقك إلى التنعيم زعنفة من القبائل منهم من نفت عدس دلوك غدرا وهم فيها أولو خلف وأنت ضيم لها في الدار محتبس.


من اجتمعوا لقتل خبيب *
HSNXV02P179C

قال ابن إسحاق وكان الذين أجلبوا على خبيب في قتله حين قتل من قريش عكرمة بن أبي جهل وسعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود والأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة وعبيدة بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي حليف بني أمية بن عبد شمس وأمية بن أبي عتبة وبنو الحضرمي وقال حسان أيضا يهجو هذيلا فيما صنعوا بخبيب بن عدي أبلغ بني عمرو بأن أخاهم شراه أمر وقد كان للغدر لازما شراه زهير بن الأغر وجامع وكانا جميعا يركبان المحارما أجرتم فلما أن أجرتم غدرتم وكنتم بأكناف الرجيع لهاذما فليت خبيبا لم تخنه أمانة وليت خبيبا كان بالقوم عالما.


HSNXV02P179E

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا إن سرك الغدر صرفا لا مزاج له فأت الرجيع فسل عن دار لحيان § قوم تواصوا بأكل الجار بينهم فالكلب والقرد والإنسان مثلان لو ينطق التيس يوما قام يخطبهم وكان ذا شرف فيهم وذا شان.


HSNXV02P180C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب سالوا رسولهم ما ليس معطيهم حتى الممات وكانوا سبة العرب ولن ترى لهذيل داعيا أبدا يدعو لمكرمة عن منزل الحرب لقد أرادوا خلال الفحش ويحهم وأن يحلوا حراما كان في الكتب وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك أحاديث كانت في خبيب وعاصم أحاديث لحيان صلوا بقبيحها ولحيان جرامون شر الجرائم § أناس هم من قومهم في صميمهم بمنزلة الزمعان دبر القوادم هم غدروا يوم الرجيع وأسلمت أمانتهم ذا عفة ومكارم رسول رسول الله غدرا ولم تكن هذيل توقى منكرات المحارم فسوف يرون النصر يوما عليهم بقتل الذي تحميه دون الحرائم أبابيل دبر شمس دون لحمه حمت لحم شهاد عظام الملاحم لعل هذيلا أن يروا بمصابه مصارع قتلى أو مقاما لمأتم ونوقع فيهم وقعة ذات صولة يوافي بها الركبان أهل المواسم بأمر رسول الله إن رسوله رأى رأي ذي حزم بلحيان عالم قبيلة ليس الوفاء يهمهم وإن ظلموا لم يدفعوا كف ظالم إذا الناس حلوا بالفضاء رأيتهم بمجرى مسيل الماء بين المخارم محلهم دار البوار ورأيهم إذا نابهم أمر كرأي البهائم وقال حسان بن ثابت يهجو هذيلا لحى الله لحيانا فليست دماؤهم لنا من قتيلي غدرة بوفاء همو قتلوا يوم الرجيع ابن حرة أخا ثقة في وده وصفاء فلو قتلوا يوم الرجيع بأسرهم بذي الدبر ما كانوا له بكفاء § قتيل حمته الدبر بين بيوتهم لدى أهل كفر ظاهر وجفاء فقد قتلت لحيان أكرم منهم وباعوا خبيبا ويلهم بلفاء فأف للحيان على كل حالة على ذكرهم في الذكر كل عفاء قبيلة باللؤم والغدر تغتري فلم تمس يخفى لؤمها بخفاء فلو قتلوا لم توف منه دماؤهم بلى إن قتل القاتليه شفائي فالا أمت أذعر هذيلا بغارة كغادي الجهام المغتدي بافاء بأمر رسول الله والأمر أمره يبيت للحيان الخنا بفناء يصبح قوما بالرجيع كأنهم جداء شتاء بتن غير دفاء وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا فلا والله ما تدري هذيل أصاف ماء زمزم أم مشوب ولا لهم إذا اعتمروا وحجوا من الحجرين والمسعى نصيب ولكن الرجيع لهم محل به اللؤم المبين والعيوب كأنهم لدى الكنات أصلا تيوس بالحجاز لها نبيب § هم غروا بذمتهم خبيبا فبئس العهد عهدهم الكذوب.


شعر حسان في بكاء خبيب وأصحابه *
HSNXV02P183D

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي خبيبا وأصحابه صلى الإله على الذين تتابعوا يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا رأس السرية مرثد وأميرهم وابن البكير إمامهم وخبيب وابن لطارق وابن دثنة منهم وافاه ثم حمامه المكتوب والعاصم المقتول عند رجيعهم كسب المعالي إنه لكسوب منع المقادة أن ينالوا ظهره حتى يجالد إنه لنجيب.


حديث بئر معونة في صفر سنة أربع *

HSNXV02P183H

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب بئر معونة في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد § وكان من حديثهم كما حدثني أبي إسحاق بن يسار عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن جزم وغيره من أهل العلم قالوا قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام وقال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم أهل نجد قال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة المعنق ليموت في أربعين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان أخو بني عدي بن النجار وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق في رجال مسمين من خيار المسلمين فساروا حتى نزلوا ببئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم كلا البلدين منها قريب وهي إلى حرة بني سليم أقرب فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله § ثم استصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقالوا لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم من عصية ورعل وذكوان فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم يرحمهم الله إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا رحمه الله وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري ورجل من الأنصار أحد بني عمرو بن عوف.


HSNXV02P185C

قال ابن إسحاق فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر فقالا والله إن لهذه الطير لشأنا فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الأنصاري لعمرو بن أمية ما ترى قال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر فقال الأنصاري لكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو وما كنت لتخبرني عنه الرجال ثم قاتل القوم حتى قتل وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه § فخرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بني عامر.


HSNXV02P186D

قال ابن إسحاق حتى نزلا معه في ظل هو فيه وكان مع العامريين عقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لم يعلم به عمرو بن أمية وقد سألهما حين نزلا ممن أنتما فقالا من بني عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثؤرة من بني عامر فيما أصابوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو بن أمية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد قتلت قتيلين لأدينهما ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها متخوفا فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه إخفار عامر إياه وما أصاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وجواره وكان فيمن أصيب عامر بن فهيرة.


أمر ابن فهيرة بعد مقتله *
HSNXV02P186H

قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة عن أبيه أن عامر بن الطفيل كان يقول من رجل منهم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء من دونه قالوا هو عامر بن فهيرة.


سبب إسلام بن سلمى *
HSNXV02P187B

قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض بني جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر قال وكان جبار فيمن حضرها يومئذ مع عامر ثم أسلم قال فكان يقول إن مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلا منهم يومئذ بالرمح بين كتفيه فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره فسمعته يقول فزت والله فقلت في نفسي ما فاز ألست قد قتلت الرجل قال حتى سألت بعد ذلك عن قوله فقالوا للشهادة فقلت فاز لعمر والله قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يحرض بني أبي براء على عامر بن الطفيل بني أم البنين ألم يرعكم وأنتم من ذوائب أهل نجد تهكم عامر بأبي براء ليخفره وما خطأ كعمد § ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي فما أحدثت في الحدثان بعدي أبوك أبو الحروب أبو براء وخالك ماجد حكم بن سعد.


طعن ربيعة لعامر *
HSNXV02P188E

قال ابن إسحاق فحمل ربيعة بن عامر بن مالك على عامر بن الطفيل فطعنه بالرمح فوقع في فخذه فأشواه ووقع عن فرسه فقال هذا عمل أبي براء إن أمت فدمي لعمي فلا يتبعن به وإن أعش فسأرى رأيي فيما أتي إلي وقال أنس بن عباس السلمي وكان خال طعيمة بن عدي بن نوفل وقتل يومئذ نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي تركت ابن ورقاء الخزاعي ثاويا بمعترك تسفي عليه الأعاصر ذكرت أبا الريان لما رأيته وأيقنت أني عند ذلك ثائر وأبو الريان طعيمة بن عدي وقال عبد الله بن رواحة يبكي نافع بن بديل بن ورقاء رحم الله نافع بن بديل رحمة المبتغي ثواب الجهاد صابر صادق وفي إذا ما أكثر القوم قال قول السداد § وقال حسان بن ثابت يبكي قتلى بئر معونة ويخص المنذر بن عمرو على قتلى معونة فاستهلي بدمع العين سحا غير نزر على خيل الرسول غداة لاقوا مناياهم ولاقتهم بقدر أصابهم الفناء بعقد قوم تخون عقد حبلهم بغدر فيا لهفي لمنذر إذ تولى وأعنق في منيته بصبر وكائن قد أصيب غداة ذاكم من أبيض ماجد من سر عمرو.


أمر إجلاء بني النضير في سنة أربع *

HSNXV02P190C

قال ابن إسحاق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما كما حدثني يزيد بن رومان وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضوان الله عليهم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعا إلى المدينة فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال رأيته داخلا المدينة فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلم فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.


HSNXV02P191A

قال ابن إسحاق ثم سار بالناس حتى نزل بهم.


حصار الرسول لهم وتقطيع نخلهم *
HSNXV02P191D

قال ابن إسحاق فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما بال قطع النخل وتحريقها وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عدو الله عبد الله بن أبي ابن سلول و وديعة ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم إن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله في قلوبهم الرعب وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ففعل فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام فكان أشرافهم من سار منهم إلى خيبر سلام بن أبي الحقيق وكنانة ابن الربيع بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب فلما نزلوها دان لهم أهلها.


HSNXV02P192A

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أنهم استقلوا بالنساء والأبناء والأموال معهم الدفوف والمزامير والقيان يعزفن خلفهم وإن فيهم لأم عمرو صاحبة عروة بن الورد العبسي التي ابتاعوا منه وكانت إحدى نساء بني غفار بزهاء وفخر ما رئي مثله من حي من الناس في زمانهم وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث يشاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك ابن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمير أبو كعب بن عمرو ابن جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها.


تحريض يامين على قتل ابن جحاش *
HSNXV02P192G

قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني فجعل يامين ابن عمير لرجل جعلا على أن يقتل له عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها يذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم وما عمل به فيهم فقال § تعالى هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وذلك لهدمهم بيوتهم عن نجف أبوابهم إذا احتملوها فاعتبروا يا أولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء وكان لهم من الله نقمة لعذبهم في الدنيا أي بالسيف ولهم في الآخرة عذاب النار مع ذلك ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها واللينة ما خالف العجوة من النخل فبإذن الله أي فبأمر الله قطعت لم يكن فسادا ولكن كان نقمة من الله وليخزي الفاسقين .


HSNXV02P194C

ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول قال ابن إسحاق ما يوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب وفتح بالحرب عنوة فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا يقول هذا قسم آخر فيما أصيب بالحرب بين المسلمين على ما وضعه الله عليه ثم قال تعالى ألم تر إلى الذين نافقوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه ومن كان على مثل أمرهم يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب يعني بني النضير إلى قوله § كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم يعني بني قينقاع ثم القصة إلى قوله كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين وكان مما قيل في بني النضير من الشعر قول ابن لقيم العبسي ويقال قاله قيس بن بحر بن طريف.


HSNXV02P195E

فقال أهلي فداء لامرئ غير هالك أحل اليهود بالحسي المزنم يقيلون في جمر الغضاة وبدلوا أهيضب عودى بالودي المكمم فإن يك ظني صادقا بمحمد تروا خيله بين الصلا ويرمرم § يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم عدو وما حي صديق كمجرم عليهن أبطال مساعير في الوغى يهزون أطراف الوشيج المقوم وكل رقيق الشفرتين مهند توورثن من أزمان عاد وجرهم فمن مبلغ عني قريشا رسالة فهل بعدهم في المجد من متكرم بأن أخاكم فاعلمن محمدا تليد الندى بين الحجون وزمزم فدينوا له بالحق تجسم أموركم وتسموا من الدنيا إلى كل معظم نبي تلاقته من الله رحمة ولا تسألوه أمر غيب مرجم فقد كان في بدر لعمري عبرة لكم يا قريشا والقليب الملمم غداة أتى في الخزرجية عامدا إليكم مطيعا للعظيم المكرم معانا بروح القدس ينكى عدوه رسولا من الرحمن حقا بمعلم رسولا من الرحمن يتلو كتابه فلما أنار الحق لم يتلعثم أرى أمره يزداد في كل موطن علوا لأمر حمه الله محكم.


HSNXV02P196C

قال ابن إسحاق وقال علي بن أبي طالب يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف.


HSNXV02P197A

عرفت ومن يعتدل يعرف %~% وأيقنت حقا ولم أصدف عن الكلم المحكم اللاء من لدى الله ذي الرأفة الأرأف رسائل تدرس في المؤمنين بهن اصطفى أحمد المصطفى فأصبح أحمد فينا عزيزا عزيز المقامة والموقف فيأيها الموعدوه سفاها ولم يأت جورا ولم يعنف ألستم تخافون أدنى العذاب وما آمن الله كالأخوف وأن تصرعوا تحت أسيافه كمصرع كعب أبي الأشرف غداة رأى الله طغيانه وأعرض كالجمل الأجنف فأنزل جبريل في قتله بوحي إلى عبده ملطف فدس الرسول رسولا له بأبيض ذي هبة مرهف فباتت عيون له معولات متى ينع كعب لها تذرف وقلن لأحمد ذرنا قليلا فإنا من النوح لم نشتف فخلاهم ثم قال اظعنوا دحورا على رغم الآنف وأجلى النضير إلى غربة وكانوا بدار ذوي زخرف إلى أذرعات ردا في وهم على كل ذي دبر أعجف § فأجابه سماك اليهودي فقال إن تفخروا فهو فخر لكم بمقتل كعب أبي الأشرف غداة غدوتم على حتفه ولم يأت غدرا ولم يخلف فعل الليالي وصرف الدهور يديل من العادل المنصف بقتل النضير وأحلافها وعقر النخيل ولم تقطف فإن لا أمت نأتكم بالقنا وكل حسام معا مرهف بكف كمى به يحتمي متى يلق قرنا له يتلف مع القوم صخر وأشياعه إذا غاور القوم لم يضعف كليث بترج حمى غيله أخي غابة هاصر أجوف.


شعر كعب في إجلاء بني النضير وقتل ابن الأشرف *
HSNXV02P198C

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب ابن الأشرف § لقد خزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور وذلك أنهم كفروا برب عزيز أمره أمر كبير وقد أوتوا معا فهما وعلما وجاءهم من الله النذير نذير صادق أدى كتابا وآيات مبينة تنير فقالوا ما أتيت بأمر صدق وأنت بمنكر منا جدير فقال بلى لقد أديت حقا يصدقني به الفهم الخبير فمن يتبعه يهد لكل رشد ومن يكفر به يجز الكفور فلما أشربوا غدرا وكفرا وحاد بهم عن الحق النفور أرى الله النبي برأي صدق وكان الله يحكم لا يجور فأيده وسلطه عليهم وكان نصيره نعم النصير فغودر منهم كعب صريعا فذلت بعد مصرعه النضير على الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكور بأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعب يسير فما كره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقة جسور فتلك بنو النضير بدار سوء أبارهم بما اجترموا المبير غداة أتاهم في الزحف رهوا رسول الله وهو بهم بصير وغسان الحماة موازروه على الأعداء وهو لهم وزير فقال السلم ويحكم فصدوا وحالف أمرهم كذب وزور § فذاقوا غب أمرهم وبالا لكل ثلاثة منهم بعيرا وأجلوا عامدين لقينقاع وغودر منهم نخل ودور فأجابه سماك اليهودي فقال أرقت وضافني هم كبير بليل غيره ليل قصير أرى الأحبار تنكره جميعا وكلهم له علم خبير وكانوا الدارسين لكل علم به التوراة تنطق والزبور قتلتم سيد الأحبار كعبا وقد ما كان يأمن من يجير تدلى نحو محمود أخيه ومحمود سريرته الفجور فغادره كأن دما نجيعا يسيل على مدارعه عبير فقد وأبيكم وأبي جميعا أصيبت إذ أصيب به النضير فإن نسلم لكم نترك رجالا بكعب حولهم طير تدور كأنهم عتائر يوم عيد تذبح وهي ليس لها نكير ببيض لا تليق لهن عظما صوافي الحد أكثرها ذكور كما لاقيتم من بأس صخر بأحد حيث ليس لكم نصير وقال عباس بن مرداس أخو بني سليم يمتدح رجال بني النضير § لو أن أهل الدار لم يتصدعوا رأيت خلال الدار ملهى وملعبا فإنك عمري هل أريك ظعائنا سلكن على ركن الشطاة فتيأبا عليهن عين من ظباء تبالة أو انس يصبين الحليم المجربا إذا جاء باغي الخير قلن فجاءة له بوجوه كالدنانير مرحبا وأهلا فلا ممنوع خير طلبته ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنبا فلا تحسبني كنت مولى ابن مشكم سلام ولا مولى حيي بن أخطبا فأجابه خوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف فقال تبكي على قتلى يهود وقد ترى من الشجو لو تبكي أحب وأقربا فهلا على قتلى ببطن أرينق بكيت ولم تعول من الشجو مسهبا إذا السلم دارت في صديق رددتها وفي الدين صدادا وفي الحرب ثعلبا عمدت إلى قدر لقومك تبتغي لهم شبها كيما تعز وتغلبا فإنك لما أن كلفت تمدحا لمن كان عيبا مدحه وتكذبا رحلت بأمر كنت أهلا لمثله ولم تلف فيهم قائلا لك مرحبا فهلا إلى قوم ملوك مدحتهم تبنوا من العز المؤثل منصبا § إلى معشر صاروا ملوكا وكرموا ولم يلف فيهم طالب العرف مجدبا أولئك أحرى من يهود بمدحة نراهم وفيهم عزة المجد ترتبا فأجابه عباس بن مرداس السلمي فقال هجوت صريح الكاهنين وفيكم لهم نعم كانت من الدهر ترتبا أولئك أحرى لو بكيت عليهم وقومك لو أدوا من الحق موجبا من الشكر إن الشكر خير مغبة وأوفق فعلا للذي كان أصوبا فكنت كمن أمسى يقطع رأسه ليبلغ عزا كان فيه مركبا فبك بني هارون واذكر فعالهم وقتلهم للجوع إذ كنت مجدبا أخوات أذر الدمع بالدمع وابكهم وأعرض عن المكروه منهم ونكبا فإنك لو لاقيتهم في ديارهم لألفيت عما قد تقول منكبا سراع إلى العليا كرام لدى الوغى يقال لباغي الخير أهلا ومرحبا.


HSNXV02P202F

فقال لعمري لقد حكت رحى الحرب بعد ما أطارت لؤيا قبل شرقا ومغربا بقية آل الكاهنين وعزها فعاد ذليلا بعد ما كان أغلبا فطاح سلام وابن سعية عنوة وقيد ذليلا للمنايا ابن أخطبا § وأجلب يبغي العز والذل ببتغى خلاف يديه ما جنى حين أجلبا كتارك سهل الأرض والحزن همه وقد كان ذا في الناس أكدى وأصعبا وشأس وعزال وقد صليا بها وما غيبا عن ذاك فيمن تغيبا وعوف بن سلمى وابن عوف كلاهما وكعب رئيس القوم حان وخيبا فبعدا وسحقا للنضير ومثلها إن أعقب فتح أو إن الله أعقبا.


غزوة ذات الرقاع في سنة أربع *

HSNXV02P203E

قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادى ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان.


سبب تسميتها بذات الرقاع *
HSNXV02P204B

قال ابن إسحاق حتى نزل نخلا وهي غزوة ذات الرقاع.


HSNXV02P204D

قال ابن إسحاق فلقي بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف بالناس.


غورث وما هم به من قتل الرسول *
HSNXV02P205C

قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن رجلا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومحارب ألا أقتل لكم محمدا قالوا بلى وكيف تقتله قال أفتك به قال فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال يا محمد أنظر إلى سيفك هذا قال نعم.


HSNXV02P205E

قال فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم فيكبته الله ثم قال يا محمد أما تخافني قال لا وما أخاف منك قال أما تخافني وفي يدي السيف قال لا يمنعني الله منك ثم عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده عليه قال فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا § إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون .


HSNXV02P206B

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان أنها إنما أنزلت في عمرو بن جحاش أخي بني النضير وما هم به فالله أعلم أي ذلك كان.


جابر وقصته هو وجمله مع الرسول *
HSNXV02P206D

قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك يا جابر قال قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا قال أنخه قال فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أعطني هذه العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة قال ففعلت قال فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ثم قال اركب فركبت فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة قال وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أتبيعني جملك هذا يا جابر قال قلت يا رسول الله بل أهبه لك قال لا ولكن بعنيه قال قلت فسمنيه يا رسول الله قال قد أخذته بدرهم قال قلت لا إذن تغبنني يا رسول الله قال فبدرهمين قال قلت لا قال فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية قال فقلت أفقد رضيت يا رسول الله قال نعم قلت فهو لك قال قد أخذته قال ثم قال يا جابر هل تزوجت بعد قال قلت نعم يا رسول الله قال أثيبا أم بكرا قال قلت لا بل ثيبا قال أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك قال قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا فنكحت § امرأة جامعة تجمع رءوسهن وتقوم عليهن قال أصبت إن شاء الله أما إنا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت وأقمنا عليها يومنا ذاك وسمعت بنا فنفضت نمارقها قال قلت والله يا رسول الله ما لنا من نمارق قال إنها ستكون فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا قال فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت وأقمنا عليها ذلك اليوم فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا قال فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فدونك فسمع وطاعة قال فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم جلست في المسجد قريبا منه قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال ما هذا قالوا يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر قال فأين جابر قال فدعيت له قال فقال يا بن أخي خذ برأس جملك فهو لك ودعا بلالا فقال له اذهب بجابر فأعطه أوقية قال فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا قال فو الله ما زال ينمى عندي ويرى مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا يعني يوم الحرة.


ابن ياسر وابن بشر وقيامهما على حراسة جيش الرسول وما أصيبا به *
HSNXV02P208B

قال ابن إسحاق وحدثني عمي صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا أتى زوجها وكان غائبا فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دما فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه قال فانتدب رجل من المهاجرين ورجل آخر من الأنصار فقالا نحن يا رسول الله قال فكونا بفم الشعب قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نزلوا إلى شعب من الوادي.


HSNXV02P208D

قال ابن إسحاق فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري أي الليل تحب أن أكفيكه أوله أم آخره قال بل اكفني أوله قال فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلي قال وأتى الرجل فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم قال فرمى بسهم فوضعه فيه قال فنزعه ووضعه فثبت قائما قال ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه قال فنزعه فوضعه وثبت قائما ثم عاد له بالثالث فوضعه فيه قال فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب صاحبه فقال اجلس فقد أثبت قال فوثب § فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذرا به فهرب قال ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال سبحان الله أفلا أهببتني أول ما رماك قال كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفدها فلما تابع علي الرمي ركعت فأذنتك وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفدها.


HSNXV02P209D

قال ابن إسحاق ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة الرقاع أقام بها بقية جمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجبا.


غزوة بدر الآخرة في شعبان سنة أربع *

HSNXV02P209F

قال ابن إسحاق ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان حتى نزله.


رجوع أبي سفيان في رجاله *
HSNXV02P209J

قال ابن إسحاق فأقام عليه ثماني ليال ينتظر أبا سفيان وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية الظهران وبعض الناس يقول قد بلغ عسفان ثم بدا له في الرجوع فقال يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن وإن عامكم هذا عام جدب § وإني راجع فارجعوا فرجع الناس فسماهم أهل مكة جيش السويق يقولون إنما خرجتم تشربون السويق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده فأتاه مخشي بن عمرو الضمري وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان فقال يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا الماء قال نعم يا أخا بني ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك قال لا والله يا محمد ما لنا بذلك منك من حاجة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أبا سفيان فمر به معبد بن أبي معبد الخزاعي فقال وقد رأى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وناقته تهوى به قد نفرت من رفقتي محمد وعجوة من يثرب كالعنجد تهوى على دين أبيها الأتلد قد جعلت ماء قديد موعدي وماء ضجنان لها ضحى الغد وقال عبد الله بن رواحة في ذلك.


HSNXV02P210G

وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد %~% لميعاده صدقا وما كان وافيا فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا لأبت ذميما وافتقدت المواليا § تركنا به أوصال عتبة وابنه وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا عصيتم رسول الله أف لدينكم وأمركم السيء الذي كان غاويا فإني وإن عنفتموني لقائل فدى لرسول الله أهلي وماليا أطعناه لم نعدله فينا بغيره شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا وقال حسان بن ثابت في ذلك دعوا فلجات الشام قد حال دونها جلاد كأفواه المخاض الأوارك بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم وأنصاره حقا وأيدي الملائك إذا سلكت للغور من بطن عالج فقولا لها ليس الطريق لك أقمنا على الرس النزوع ثمانيا بأرعن جرار عريض المبارك بكل كميت جوزه نصف خلقه وقب طوال مشرفات الحوارك ترى العرفج العامي تذري أصوله مناسم أخفاف المطي الرواتك فإن نلق في تطوافنا والتماسنا فرات بن حيان يكن رهن هالك وإن تلق قيس بن امرئ القيس بعده يزد في سواد لونه لون حالك § فأبلغ أبا سفيان عني رسالة فإنك من غر الرجال الصعالك فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال أحسان إنا يا بن آكلة الفغا وجدك نغتال الخروق كذلك خرجنا وما تنجو اليعافير بيننا ولو وألت منا بشد مدارك إذا ما انبعثنا من مناخ حسبته مدمن أهل الموسم المتعارك أقمت على الرس النزوع تريدنا وتتركنا في النخل عند المدارك على الزرع تمشي خيلنا وركابنا فما وطئت ألصقنه بالدكادك أقمنا ثلاثا بين سلع وفارع بجرد الجياد والمطي الرواتك حسبتم جلاد القوم عند قبابهم كمأخذكم بالعين أرطال آنك فلا تبعث الخيل الجياد وقل لها على نحو قول المعصم المتماسك § سعدتم بها وغيركم كان أهلها فوارس من أبناء فهر بن مالك فإنك لا في هجرة إن ذكرتها ولا حرمات الدين أنت بناسك.


غزوة دومة الجندل في شهر ربيع الأول سنة خمس *

HSNXV02P213D

قال ابن إسحاق ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها أشهرا حتى مضى ذو الحجة وولي تلك الحجة المشركون وهي سنة أربع ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل.


رجوع الرسول *
HSNXV02P213H

قال ابن إسحاق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يصل إليها ولم يلق كيدا فأقام بالمدينة بقية سنته.


غزوة الخندق في شوال سنة خمس *

HSNXV02P214C

حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس فحدثني يزيد بن رومان مولى آل الزبير بن عروة بن الزبير ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا كلهم قد اجتمع حديثه في الحديث عن الخندق وبعضهم يحدث ما لا يحدث به بعض قالوا إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن أخطب النضري وكنانة بن أبي الحقيق النضري وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش مكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله فقالت لهم قريش يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه قالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق § منه فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا إلى قوله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أي النبوة فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا قال فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا لذلك واتعدوا له ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك فاجتمعوا معهم فيه.


خروج الأحزاب من المشركين *
HSNXV02P215E

قال ابن إسحاق فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة والحارث ابن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه فدأب فيه ودأبوا وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد له منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق بحاجته فيأذن له فإذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتسابا له فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .


HSNXV02P217C

ارتجاز المسلمين في حفر الخندق *
HSNXV02P217E

قال ابن إسحاق وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له جعيل سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا فقالوا سماه من بعد جعيل عمرا وكان للبائس يوما ظهرا فإذا مروا بعمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا وإذا مروا بظهر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهرا.


ما ظهر من المعجزات *
HSNXV02P217G

قال ابن إسحاق وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقيق نبوته عاين ذلك المسلمون فكان مما بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية § فيقول من حضرها فو الذي بعثه بالحق نبيا لا نهالت حتى عادت كالكثيب لا ترد فأسا ولا مسحاة.


البركة في تمر ابنة بشير *
HSNXV02P218C

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن مينا أنه حدث أن ابنة لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما قالت فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي فقال تعالي يا بنية ما هذا معك قالت فقلت يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه قال هاتيه قالت فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما ثم أمر بثوب فبسط له ثم دحا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال لإنسان عنده اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب.


البركة في طعام جابر *
HSNXV02P218E

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله قال عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق فكانت عندي شويهة غير جد سمينة قال فقلت والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير فصنعت لنا منه خبزا وذبحت تلك الشاة فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الخندق قال وكنا نعمل فيه نهارنا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا قال قلت يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير فأحب أن تنصرف § معي إلى منزلي وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده قال فلما أن قلت له ذلك قال نعم ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر بن عبد الله قال قلت إنا لله وإنا إليه راجعون قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل الناس معه قال فجلس وأخرجناها إليه قال فبرك وسمى الله ثم أكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها.


ما أرى الله رسوله من الفتح *
HSNXV02P219C

قال ابن إسحاق وحدثت عن سلمان الفارسي أنه قال ضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي صخرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة قال ثم ضرب به ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى قال ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى قال قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب قال أوقد رأيت ذلك يا سلمان قال قلت نعم قال أما الأولى فإن الله فتح علي بها اليمن وأما الثانية فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق.


HSNXV02P219D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده افتتحوا ما بدا لكم فو الذي نفس أبي هريرة بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك.


نزول قريش المدينة *
HSNXV02P219F

قال ابن إسحاق ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف § من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب لك عسكره والخندق بينه وبين القوم.


HSNXV02P220D

قال ابن إسحاق وأمر بالذراري والنساء فجعلوا في الآطام.


حمل حيي كعبا على نقض عهده للرسول *
HSNXV02P220D

قال وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري حتى أتى كعب ابن أسد القرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعاقده على ذلك وعاهده فلما سمع كعب بحيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه حيي ويحك يا كعب افتح لي قال ويحك يا حيي إنك امرؤ مشئوم وإني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاء وصدقا قال ويحك افتح لي أكلمك قال ما أنا بفاعل قال والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك § أن آكل معك منها فاحفظ الرجل ففتح له فقال ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه قال فقال له كعب جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فنقض كعب بن أسد عهده وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وإلى المسلمين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان وهو يومئذ سيد الأوس وسعد ابن عبادة بن دليم أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج وهو يومئذ سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بني الحارث بن الخزرج وخوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف فقال انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء § القوم أم لا فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس قال فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا من رسول الله لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد فشاتمهم سعد ابن معاذ وشاتموه وكان رجلا فيه حدة فقال له سعد بن عبادة دع عنك مشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم قالوا عضل والقارة أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين قال وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل ظن ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.


HSNXV02P222G

قال ابن إسحاق وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث يا رسول الله إن بيوتنا عورة من العدو وذلك عن ملأ من رجال قومه فأذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا فإنها خارج من المدينة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم § وأقام عليه المشركون بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر لم تكن بينهم حرب إلا الرميا بالنبل والحصار.


هم الرسول بعقد الصلح بينه وبين غطفان ثم عدل *
HSNXV02P223D

فلما اشتد على الناس البلاء بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا له يا رسول الله أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا قال بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما فقال له سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت وذاك فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا.


عبور نفر من المشركين الخندق *
HSNXV02P224B

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وعدوهم محاصروهم ولم يكن بينهم قتال إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس أخو بني عامر بن لؤي.


HSNXV02P224D

قال ابن إسحاق وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب الشاعر ابن مرداس أخو بني محارب بن فهر تلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا تهيئوا يا بني كنانة للحرب فستعلمون من الفرسان اليوم ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.


قتل علي لعمرو بن عبد ود وشعره في ذلك *
HSNXV02P224H

قال ابن إسحاق ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم § وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليري مكانه فلما وقف هو وخيله قال من يبارز فبرز له علي بن أبي طالب فقال له يا عمرو إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه قال له أجل قال له علي فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال لا حاجة لي بذلك قال فإني أدعوك إلى النزال فقال له لم يا بن أخى فو الله ما أحب أن أقتلك قال له علي لكني والله أحب أن أقتلك فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي رضي الله عنه وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.


HSNXV02P225B

قال ابن إسحاق وقال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في ذلك نصر الحجارة من سفاهة رأيه ونصرت رب محمد بصوابي فصددت حين تركته متجدلا كالجذع بين دكادك وروابي وعففت عن أثوابه ولو أنني كنت المقطر بزنى أثوابي لا تحسبن الله خاذل دينه ونبيه يا معشر الأحزاب.


HSNXV02P226B

قال ابن إسحاق وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو فقال حسان بن ثابت في ذلك فر وألقى لنا رمحه لعلك عكرم لم تفعل ووليت تعدو كعدو الظليم ما إن تجور عن المعدل ولم تلق ظهرك مستأنسا كأن قفاك قفا فرعل.


HSNXV02P226E

قال ابن إسحاق وحدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري أخو بني حارثة أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وكان من أحرز حصون المدينة قال وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن فقالت عائشة وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فمر سعد وعليه درع له مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلها وفي يده حربته يرقد بها ويقول § لبث قليلا يشهد الهيجا جمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل قال فقالت له أمه الحق أي ابني فقد والله أخرت قالت عائشة فقلت لها يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي قالت وخفت عليه حيث أصاب السهم منه فرمي سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل رماه كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة حبان بن قيس بن العرقة أحد بني عامر بن لؤي فلما أصابه قال خذها مني وأنا ابن العرقة فقال له سعد عرق الله وجهك في النار اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.


HSNXV02P227C

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك أنه كان يقول ما أصاب سعدا يومئذ إلا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم وقد قال أبو أسامة في ذلك شعرا لعكرمة بن أبي جهل أعكرم هلا لمتني إذ تقول لي %~% فداك بآطام المدينة خالد ألست الذي ألزمت سعدا مرشة لها بين أثناء المرافق عاند قضى نحبه منها سعيد فأعولت عليه مع الشمط العذارى النواهد § وأنت الذي دافعت عنه وقد دعا عبيدة جمعا منهم إذ يكابد على حين ما هم جائر عن طريقه وآخر مرعوب عن القصد قاصد والله أعلم أي ذلك كان.


صفية وحسان وما ذكرته عن جبنه *
HSNXV02P228E

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت قالت وكان حسان بن ثابت معنا فيه مع النساء والصبيان قالت صفية فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إن أتانا آت قالت فقلت يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله قال يغفر الله لك يا بنة عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا قالت فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته قالت فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن فقلت يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل قال ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.


شأن نعيم في تخذيل المشركين عن المسلمين *
HSNXV02P229B

قال ابن إسحاق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم قال ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفد بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا صدقت لست عندنا بمتهم فقال لهم إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحولوا منه إلى غيره وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره فليسوا كأنتم فإن رأوا نهزة أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم § وبين الرجل ببلدكم ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه فقالوا له لقد أشرت بالرأي ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا وإنه قد بلغني أمر قد رأيت علي حقا أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا عني فقالوا نفعل قال تعلموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه إنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم فأرسل إليهم أن نعم فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا ثم خرج حتى أتى غطفان فقال يا معشر غطفان إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي ولا أراكم تتهموني قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم قال فاكتموا عني قالوا نفعل فما أمرك ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم ما حذرهم فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس وكان من صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان بن حرب ورءوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم إنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه § شيئا وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلدنا ولا طاقة لنا بذلك منه فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق فأرسلوا بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا فقالت بنو قريظة حين انتهت الرسل إليهم بهذا إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم فأرسلوا إلى قريش وغطفان إنا والله لا نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا فأبوا عليهم وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم قال فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم وما فرق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا.


HSNXV02P231C

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه قال نعم يا بن أخي قال فكيف كنتم تصنعون § قال والله لقد كنا نجهد قال فقال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا قال فقال حذيفة يا بن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني فقال يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه قال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت من أنت قال فلان بن فلان ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني ثم شئت لقتلته بسهم § قال حذيفة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مراجل.


HSNXV02P233D

فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم.


غزوة بني قريظة في سنة خمس

HSNXV02P233F

قال ابن إسحاق ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ووضعوا السلاح فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري معتجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج فقال أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم فقال جبريل فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم § فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة.


تقدم علي وتبليغه الرسول ما سمعه من سفهائهم *
HSNXV02P234F

قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة وابتدرها الناس فسار علي بن أبي طالب حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق فقال يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث قال لم أظنك سمعت منهم لي أذى قال نعم يا رسول الله قال لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم قال يا إخوان القردة هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته قالوا يا أبا القاسم ما كنت جهولا ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة فقال هل مر بكم أحد قالوا يا رسول الله قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك جبريل بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم يقال لها بئر أنا.


تلاحق المسلمين بالرسول *
HSNXV02P235C

قال ابن إسحاق وتلاحق به الناس فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم وأبوا أن يصلوا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تأتوا بني قريظة فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني بهذا الحديث أبى إسحاق بن يسار عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري قال وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب وقد كان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال كعب ابن أسد لهم يا معشر يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخذوا أيها شئتم قالوا وما هي قال نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل وأنه للذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا لا نفارق حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره قال فإذا أبيتم علي هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا § ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء قالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم قال فإن أبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة قالوا نفسد سبتنا علينا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ قال ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما قال ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس لنستشيره في أمرنا فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم وقالوا له يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح قال أبو لبابة فول الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت § أني قد خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبدا ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.


موقف الرسول من أبي لبابة وتوبة الله عليه *
HSNXV02P237E

قال ابن إسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه قال أما إنه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط أن توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو في بيت أم سلمة فقالت أم سلمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك قالت فقلت مم تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك قال تيب على أبي لبابة قالت قلت أفلا أبشره يا رسول الله قال بلى إن شئت قال فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك قالت فثار الناس إليه ليطلقوه فقال لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.


إسلام نفر من بني هدل *
HSNXV02P238C

قال ابن إسحاق ثم إن ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد وهم نفر من بني هدل ليسوا من بني قريظة ولا النضير نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة فلما رآه قال من هذا قال أنا عمرو بن سعدى وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا أغدر بمحمد أبدا فقال محمد بن مسلمة حين عرفه اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى أتى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه فقال ذاك رجل نجاه الله بوفائه وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله § صلى الله عليه وسلم فأصبحت رمته ملقاة ولا يدرى أين ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة والله أعلم أي ذلك كان قال فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبت الأوس فقالوا يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بني قريظة قد حاصر بني قينقاع وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكمه فسأله إياهم عبد الله بن أبي بن سلول فوهبهم له فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك إلى سعد بن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة في مسجده كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطئوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما جميلا ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن في مواليك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم فلما أكثروا عليه قال لقد أنى لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل فنعى لهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد عن كلمته التي سمع منه فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم § قوموا إلى سيدكم فأما المهاجرون من قريش فيقولون إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار وأما الأنصار فيقولون قد عم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا إليه فقالوا يا أبا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم فقال سعد بن معاذ عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمت قالوا نعم وعلى من ها هنا في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال سعد فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء.


رضاء الرسول بحكم سعد *
HSNXV02P240C

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن عمرو ابن سعد بن معاذ عن علقمة بن وقاص الليثي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.


مقتل بني قريظة *
HSNXV02P240G

قال ابن إسحاق ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم § إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق يخرج بهم إليه أرسالا وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ست مائة أو سبع مائة والمكثر لهم يقول كانوا بين الثمان مائة والتسع مائة وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يا كعب ما تراه يصنع بنا قال أفي كل موطن لا تعقلون ألا ترون الداعي لا ينزع وأنه من ذهب به منكم لا يرجع هو والله القتل فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتي بحيي بن أخطب عدو الله وعليه حلة له فقاحية.


HSNXV02P241I

قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة أنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلى عنقه بحبل فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل ثم جلس فضربت عنقه فقال جبل بن جوال الثعلبي لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها وقلقل يبغي العز كل مقلقل.


قتل من نسائهم امرأة واحدة *
HSNXV02P242B

قال ابن إسحاق وقد حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة قالت والله إنها لعندي تحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة قالت أنا والله قالت قلت لها ويلك مالك قالت أقتل قلت ولم قالت لحدث أحدثته قالت فانطلق بها فضربت عنقها فكانت عائشة تقول فو الله ما أنسى عجبا منها طيب نفسها وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل.


شأن الزبير بن باطا *
HSNXV02P242E

قال ابن إسحاق وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس كما ذكر لي ابن شهاب الزهري أتى الزبير بن باطا القرظي وكان يكنى أبا عبد الرحمن وكان الزبير قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان من عليه يوم بعاث أخذه فجز ناصيته ثم خلى سبيله فجاءه ثابت وهو شيخ كبير فقال يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني قال وهل يجهل مثلي مثلك قال إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي قال إن الكريم يجزي الكريم ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه قد كانت للزبير علي منة وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لي دمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك فهو لك قال شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة قال فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمي § يا رسول الله هب لي امرأته وولده قال هم لك قال فأتاه فقال قد وهب لي رسول الله صلى الله عليه سلم أهلك وولدك فهم لك قال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما له قال هو لك فأتاه ثابت فقال قد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك فهو لك قال أي ثابت ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد قال قتل قال فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب قال قتل قال فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا عزال بن سموأل قال قتل قال فما فعل المجلسان يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة قال ذهبوا قتلوا قال فأني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتنى بالقوم فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة فقدمه ثابت فضرب عنقه فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة قال يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا.


أمر عطية ورفاعة *
HSNXV02P244B

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتل كل من أنبت منهم.


HSNXV02P244C

قال ابن إسحاق وحدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم وكنت غلاما فوجدوني لم أنبت فخلوا سبيلي.


HSNXV02P244D

قال ابن إسحاق وحدثني أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة أخو بني عدي بن النجار أن سلمى بنت قيس أم المنذر أخت سليط بن أخت سليط بن قيس وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين وبايعته بيعة النساء سألته رفاعة بن سموأل القرظي وكان رجلا قد بلغ فلاذ بها وكان يعرفهم قبل ذلك فقالت يا نبي الله بأبي أنت وأمي هب لي رفاعة فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل قال فوهبه لها فاستحيته.


قسم فيء بني قريظة *
HSNXV02P244F

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين وأعلم في ذلك اليوم سهمان الخيل وسهمان الرجال وأخرج منها الخمس فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم وللراجل من ليس له فرس سهم وكانت الخيل يوم بني قريظة ستة وثلاثين فرسا وكان أول فيء وقعت فيه السهمان وأخرج منها الخمس فعلى سنتها وما مضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وقعت المقاسم ومضت السنة في المغازي § ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو بن قريظة فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت يا رسول الله بل تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك فتركها وقد كانت حين سباها قد تعصت بالإسلام وأبت إلا اليهودية فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد في نفسه لذلك من أمرها فبينا هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة فجاءه فقال يا رسول الله قد أسلمت ريحانة فسره ذلك من أمرها.


ما نزل في الخندق وبني قريظة *
HSNXV02P245E

قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى في أمر الخندق وأمر بني قريظة من القرآن القصة في سورة الأحزاب يذكر فيها ما نزل من البلاء ونعمته عليهم وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم بعد مقالة من قال من أهل النفاق يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا والجنود قريش وغطفان وبنو قريظة وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة يقول الله تعالى إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا § فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان يقول الله تبارك و تعالى هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا لقول معتب بن قشير إذ يقول ما قال وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا لقول أوس بن قيظي ومن كان على رأيه من قومه ولو دخلت عليهم من أقطارها أي المدينة.


HSNXV02P246D

ثم سئلوا الفتنة أي الرجوع إلى الشرك لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤلا فهم بنو حارثة وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة حين همتا بالفشل يوم أحد ثم عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا فذكر لهم الذي أعطوا من أنفسهم ثم قال تعالى قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا قد يعلم الله المعوقين منكم أي أهل النفاق والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا § أي إلا دفعا وتعذيرا أشحة عليكم أي للضغن الذي في أنفسهم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت أي إعظاما له وفرقا منه فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أي في القول بما لا تحبون لأنهم لا يرجون آخرة ولا تحملهم حسبة فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده.


HSNXV02P247D

يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قريش وغطفان وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسئلون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ثم أقبل على المؤمنين فقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر أي لئلا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ولا عن مكان هو به ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به فقال ولما رأي المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء وتصديقا للحق لما كان الله تعالى وعدهم ورسوله صلى الله عليه وسلم § ثم قال من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه أي فرغ من عمله ورجع إلى ربه كمن استشهد يوم بدر ويوم أحد.


HSNXV02P249B

قال ابن إسحاق ومنهم من ينتظر أي ما وعد الله به من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه يقول الله تعالى وما بدلوا تبديلا أي ما شكوا وما ترددوا في دينهم وما استبدلوا به غيره ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ورد الله الذين كفروا بغيظهم أي قريشا وغطفان لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب أي بني قريظة من صياصيهم والصياصي الحصون والآطام التي كانوا فيها.


HSNXV02P250B

وفاة سعد بن معاذ وما ظهر مع ذلك *
HSNXV02P250D

قال ابن إسحاق فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه فمات منه شهيدا.


HSNXV02P250E

قال ابن إسحاق حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي قال حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد من § هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات.


HSNXV02P251B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت أقبلت عائشة قافلة من مكة ومعها أسيد بن حضير فلقيه موت امرأة له فحزن عليها بعض الحزن فقالت له عائشة يغفر الله لك يا أبا يحيى أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك وقد اهتز له العرش قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري قال كان سعد رجلا بادنا فلما حمله الناس وجدوا له خفة فقال رجال من المنافقين والله إن كان لبادنا وما حملنا من جنازة أخف منه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن له حملة غيركم والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش.


HSNXV02P251C

قال ابن إسحاق وحدثني معاذ بن رفاعة عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو ابن الجموح عن جابر بن عبد الله قال لما دفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبح الناس معه ثم كبر § فكبر الناس معه فقالوا يا رسول الله مم سبحت قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عنه.


HSNXV02P252C

قال ابن إسحاق ولسعد يقول رجل من الأنصار وما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو وقالت أم سعد حين احتمل نعشه وهي تبكيه.


HSNXV02P252E

ويل أم سعد سعدا %~% صرامة وحدا وسوددا ومجدا وفارسا معدا سد به مسدا يقد هاما قدا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ.


شهداء يوم الخندق *
HSNXV02P252G

قال ابن إسحاق ولم يستشهد من المسلمين يوم الخندق إلا ستة نفر ومن بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو وعبد الله بن سهل ثلاثة نفر ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة الطفيل بن النعمان وثعلبة ابن غنمة رجلان § ومن بني النجار ثم من بني دينار كعب بن زيد أصابه سهم غرب فقتله.


قتلى المشركين *
HSNXV02P253F

وقتل من المشركين ثلاثة نفر من بني عبد الدار بن قصي منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار أصابه سهم فمات منه بمكة.


عرض المشركين على الرسول شراء جسد نوفل *
HSNXV02P253K

قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة نوفل بن عبد الله بن المغيرة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جسده وكان اقتحم الخندق فتورط فيه فقتل فغلب المسلمون على جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه فخلى بينهم وبينه.


HSNXV02P253M

قال ابن إسحاق ومن بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل عمرو ابن عبد ود قتله علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.


شهداء المسلمين يوم بني قريظة وا قيل من الشعر في أمر الخندق وبني قريظة *
HSNXV02P256C

قال ابن إسحاق واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين ثم من بني الحارث بن الخزرج خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو طرحت عليه رحى فشدخته شدخا شديدا فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن له لأجر شهيدين ومات أبو سنان بن محصن بن حرثان أخو بني أسد بن خزيمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة فدفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم وإليه دفنوا أمواتهم في الإسلام ولما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم فلم تغزهم قريش بعد ذلك وكان هو الذي يغزوها حتى فتح الله عليه مكة وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر في يوم الخندق ومشفقة تظن بنا الظنونا وقد قدنا عرندسة طحونا كأن زهاءها أحد إذا ما بدت أركانه للناظرينا ترى الأبدان فيها مسبغات على الأبطال واليلب الحصينا وجردا كالقداح مسومات نؤم بها الغواة الخاطئينا § كأنهم إذا صالوا وصلنا بباب الخندقين مصافحونا أناس لا نرى فيهم رشيدا وقد قالوا ألسنا راشدينا فأحجرناهم شهرا كريتا وكنا فوقهم كالقاهرينا نراوحهم ونغدو كل يوم عليهم في السلاح مدججينا بأيدينا صوارم مرهفات نقد بها المفارق والشؤنا كأن وميضهن معريات إذا لاحت بأيدي مصلتينا وميض عقيقة لمعت بليل ترى فيها العقائق مستبينا فلولا خندق كانوا لديه لدمرنا عليهم أجمعينا ولكن حال دونهم وكانوا به من خوفنا متعوذينا فإن نرحل فإنا قد تركنا لدى أبياتكم سعدا رهينا إذا جن الظلام سمعت نوحى على سعد يرجعن الحنينا وسوف نزوركم عما قريب كما زرناكم متوازرينا بجمع من كنانة غير عزل كأسد الغاب قد حمت العرينا فأجابه كعب بن مالك أخو بني سلمة فقال وسائلة تسائل ما لقينا ولو شهدت رأتنا صابرينا § صبرنا لا نرى لله عدلا على ما نابنا متوكلينا وكان لنا النبي وزير صدق به نعلو البرية أجمعينا نقاتل معشرا ظلموا وعقوا وكانوا بالعداوة مرصدينا نعاجلهم إذا نهضوا إلينا بضرب يعجل المتسرعينا ترانا في فضافض سابغات كغدران الملا متسربلينا وفي أيماننا بيض خفاف بها نشفي مراح الشاغبينا بباب الخندقين كأن أسدا شوابكهن يحمين العرينا فوارسنا إذا بكروا وراحوا على الأعداء شوسا معلمينا لننصر أحمدا والله حتى نكون عباد صدق مخلصينا ويعلم أهل مكة حين ساروا وأحزاب أتوا متحزبينا بأن الله ليس له شريك وأن الله مولى المؤمنينا فإما تقتلوا سعدا سفاها فإن الله خير القادرينا سيدخله جنانا طيبات تكون مقامة للصالحينا كما قد ردكم فلا شريدا بغيظكم خزايا خائبينا خزايا لم تنالوا ثم خيرا وكدتم أن تكونوا دامرينا بريح عاصف هبت عليكم فكنتم تحتها متكمهينا وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي في يوم الخندق § حتى الديار محا معارف رسمها طول البلى وتراوح الأحقاب فكأنما كتب اليهود رسومها إلا الكنيف ومعقد الأطناب قفرا كأنك لم تكن تلهو بها في نعمة بأوانس أتراب فاترك تذكر ما مضى من عيشة ومحلة خلق المقام يباب واذكر بلاء معاشر واشكرهم ساروا بأجمعهم من الأنصاب أنصاب مكة عامدين ليثرب في ذي غياطل جحفل جبجاب يدع الحزون مناهجا معلومة في كل نشر ظاهر وشعاب فيها الجياد شوازب مجنوبة قب البطون لواحق الأقراب من كل سلهبة وأجرد سلهب كالسيد بادر غفلة الرقاب جيش عيينة قاصد بلوائه فيه وصخر قائد الأحزاب قرمان كالبدرين أصبح فيهما غيث الفقير ومعقل الهراب حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا للموت كل مجرب قضاب § شهرا وعشرا قاهرين محمدا وصحابه في الحرب خير صحاب نادوا برحلتهم صبيحة قلتم كدنا نكون بها مع الخياب لولا الخنادق غادروا من جمعهم قتلى لطير سغب وذئاب فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال هل رسم دارسة المقام يباب متكلم لمحاور بجواب قفر عفارهم السحاب رسومه وهبوب كل مطلة مرباب ولقد رأيت بها الحاول يزينهم بيض الوجوه ثواقب الأحساب فدع الديار وذكر كل خريدة بيضاء آنسة الحديث كعاب واشك الهموم إلى الإله وما ترى من معشر ظلموا الرسول غضاب ساروا بأجمعهم إليه وألبوا أهل القرى وبوادي الأعراب جيش عيينة وابن حرب فيهم متخمطون بحلبة الأحزاب حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا قتلى الرسول ومغنم الأسلاب وغدوا علينا قادرين بأيدهم ردوا بغيظهم على الأعقاب بهبوب معصفة تفرق جمعهم وجنود ربك سيد الأرباب فكفى الإله المؤمنين قتالهم وأثابهم في الأجر خير ثواب § من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم تنزيل نصر مليكنا الوهاب وأقر عين محمد وصحابه وأذل كل مكذب مرتاب عاتي الفؤاد موقع ذي ريبة في الكفر ليس بطاهر الأثواب علق الشقاء بقلبه ففؤاده في الكفر آخر هذه الأحقاب وأجابه كعب بن مالك أيضا فقال أبقى لنا حدث الحروب بقية من خير نحلة ربنا الوهاب بيضاء مشرفة الذرى ومعاطنا حم الجذوع غزيرة الأحلاب كاللوب يبذل جمها وحفيلها للجار وابن العم والمنتاب ونزائعا مثل السراح نمى بها علف الشعير وجزة المقضاب عري الشوى منها وأردف نحضها جرد المتون وسائر الآراب قودا تراح إلى الصياح إذ غدت فعل الضراء تراح للكلاب وتحوط سائمة الديار وتارة تردي العدا وتئوب بالأسلاب § حوش الوحوش مطارة عند الوغى عبس اللقاء مبينة الإنجاب علقت على دعة فصارت بدنا دخس البضيع خفيفة الأقصاب يغدون بالزغف المضاعف شكة وبمترصات في الثقاف صياب وصوارم نزع الصياقل غلبها وبكل أروع ماجد الأنساب يصل اليمين بمارن متقارب وكلت وقيعته إلى خباب وأغر أزرق في القناة كأنه في طخية الظلماء ضوء شهاب وكتيبة ينفي القران قتيرها وترد حد قواحز النشاب جأوى ململمة كأن رماحها في كل مجمعة ضريمة غاب يأوي إلى ظل اللواء كأنه في صعدة الخطي فيء عقاب أعيت أبا كرب وأعيت تبعا وأبت بسالتها على الأعراب ومواعظ من ربنا نهدى بها بلسان أزهر طيب الأثواب عرضت علينا فاشتهينا ذكرها من بعد ما عرضت على الأحزاب حكما يراها المجرمون بزعمهم حرجا ويفهمها ذوو الألباب § جاءت سخينة كي تغالب ربها فليغلبن مغالب الغلاب.


HSNXV02P261C

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق من سره ضرب يمعمع بعضه بعضا كمعمعة الأباء المحرق فليأت مأسدة تسن سيوفها بين المذاد وبين جزع الخندق دربوا بضرب المعلمين وأسلموا مهجات أنفسهم لرب المشرق في عصبة نصر الإله نبيه بهم وكان بعبده ذا مرفق في كل سابغة تخط فضولها كالنهي هبت ريحه المترقرق بيضاء محكمة كأن قتيرها حدق الجنادب ذات شك موثق § جدلاء يحفزها نجاد مهند صافي الحديدة صارم ذي رونق تلكم مع التقوى تكون لباسنا يوم الهياج وكل ساعة مصدق نصل السيوف إذا قصرن بخطونا قدما ونلحقها إذا لم تلحق فترى الجماجم ضاحيا هاماتها بله الأكف كأنها لم تخلق نلقى العدو بفخمة ملمومة تنفي الجموع كفصد رأس المشرق ونعد للأعداء كل مقلص ورد ومحجول القوائم أبلق تردى بفرسان كأن كماتهم عند الهياج أسود طل ملثق صدق يعاطون الكماة حتوفهم تحت العماية بالوشيج المزهق أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق لتكون غيظا للعدو وحيطا للدار إن دلفت خيول النزق ويعيننا الله العزيز بقوة منه وصدق الصبر ساعة نلتقي ونطيع أمر نبينا ونجيبه وإذا دعا لكريهة لم نسبق ومتى يناد إلى الشدائد نأتها ومتى نر الحومات فيها نعنق § من يتبع قول النبي فإنه فينا مطاع الأمر حق مصدق فبذاك ينصرنا ويظهر عزنا ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق إن الذين يكذبون محمدا كفروا وضلوا عن سبيل المتقي.


HSNXV02P263C

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق لقد علم الأحزاب حين تألبوا علينا وراموا ديننا ما نوادع أضاميم من قيس بن عيلان أصفقت وخندف لم يدروا بما هو واقع يذودوننا عن ديننا ونذودهم عن الكفر والرحمن راء وسامع إذا غايظونا في مقام أعاننا على غيظهم نصر من الله واسع وذلك حفظ الله فينا وفضله علينا ومن لم يحفظ الله ضائع هدانا لدين الحق واختاره لنا ولله فوق الصانعين صنائع.


HSNXV02P263E

قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق ألا أبلغ قريشا أن سلعا وما بين العريض إلى الصماد § نواضح في الحروب مدربات وخوص ثقبت من عهد عاد رواكد يزخر المرار فيها فليست بالجمام ولا الثماد كأن الغاب والبردي فيها أجش إذا تبقع للحصاد ولم نجعل تجارتنا اشتراء الحمير لأرض دوس أو مراد بلاد لم تثر إلا لكيما نجالد إن نشطتم للجلاد أثرنا سكة الأنباط فيها فلم تر مثلها جلهات واد قصرنا كل ذي حضر وطول على الغايات مقتدر جواد أجيبونا إلى ما نجتديكم من القول المبين والسداد وإلا فاصبروا لجلاد يوم لكم منا إلى شطر المذاد نصبحكم بكل أخي حروب وكل مطهم سلس القياد § وكل طمرة خفق حشاها تدف دفيف صفراء الجراد وكل مقلص الآراب نهد تميم الخلق من أخر وهادي خيول لا تضاع إذا أضيعت خيول الناس في السنة الجماد ينازعن الأعنة مصغيات إذا نادى إلى الفزع المنادي إذا قالت لنا النذر استعدوا توكلنا على رب العباد وقلنا لن يفرج ما لقينا سوى ضرب القوانس والجهاد فلم تر عصبة فيمن لقينا من الأقوام من قار وبادي أشد بسالة منا إذا ما أردناه وألين في الوداد إذا ما نحن أشرجنا عليها جياد الجدل في الأرب الشداد قذفنا في السوابغ كل صقر كريم غير معتلث الزناد § أشم كأنه أسد عبوس غداة بدا ببطن الجزع غادي يغشي هامة البطل المذكى صبي السيف مسترخي النجاد لنظهر دينك اللهم إنا بكفك فاهدنا سبل الرشاد.


HSNXV02P266D

قال ابن إسحاق وقال مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح يبكي عمرو بن عبد ود ويذكر قتل علي بن أبي طالب إياه عمرو بن عبد كان أول فارس جزع المذاد وكان فارس يليل سمح الخلائق ماجد ذو مرة يبغي القتال بشكة لم ينكل ولقد علمتم حين ولوا عنكم أن ابن عبد فيهم لم يعجل حتى تكنفه الكماة وكلهم يبغي مقاتله وليس بمؤتلي ولقد تكنفت الأسنة فارسا بجنوب سلع غير نكس أميل تسل النزال علي فارس غالب بجنوب سلع ليته لم ينزل § فاذهب علي فما ظفرت بمثله فخرا ولا لاقيت مثل المعضل نفسي الفداء لفارس من غالب لاقى حمام الموت لم يتحلحل أعني الذي جزع المذاد بمهره طلبا لثأر معاشر لم يخذل وقال مسافع أيضا يؤنب فرسان عمرو الذين كانوا معه فأجلوا عنه وتركوه عمرو بن عبد والجياد يقودها خيل تقاد له وخيل تنعل أجلت فوارسه وغادر رهطه ركنا عظيما كان فيها أول عجبا وإن أعجب فقد أبصرته مهما تسوم علي عمرا ينزل لا تبعدن فقد أصبت بقتله ولقيت قبل الموت أمرا يثقل وهبيرة المسلوب ولى مدبرا عند القتال مخافة أن يقتلوا وضرار كأن البأس منه محضرا ولى كما ولى اللئيم الأعزل.


HSNXV02P267D

قال ابن إسحاق وقال هبيرة بن أبي وهب يعتذر من فراره ويبكي عمرا ويذكر قتل علي إياه لعمري ما وليت ظهري محمدا وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل ولكنني قلبت أمري فلم أجد لسيفي غناء إن ضربت ولا نبلي وقفت فلما لم أجد لي مقدما صددت كضرغام هزبر أبي شبل § ثنى عطفه عن قرنه حين لم يجد مكرا وقد ما كان ذلك من فعلي فلا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا وحق لحسن المدح مثلك من مثلي ولا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا فقد بنت محمود الثنا ماجد الأصل فمن لطراد الخيل تقدع بالقنا وللفخر يوما عند قرقرة البزل هنالك لو كان ابن عبد لزارها وفرجها حقا فتى غير ما وغل فعنك علي لا أرى مثل موقف وقفت على نجد المقدم كالفحل فما ظفرت كفاك فخرا بمثله أمنت به ما عشت من زلة النعل وقال هبيرة بن أبي وهب يبكي عمرو بن عبد ود ويذكر قتل علي إياه لقد علمت عليا لؤي بن غالب لفارسها عمرو إذا ناب نائب لفارسها عمرو إذا ما يسومه علي وإن الليث لا بد طالب عشية يدعوه علي وإنه لفارسها إذا خام عنه الكتائب فيا لهف نفسي إن عمرا تركته بيثرب لا زالت هناك المصائب وقال حسان بن ثابت يفتخر بقتل عمرو بن عبد ود بقيتكم عمرو أبحناه بالقنا بيثرب نحمي والحماة قليل ونحن قتلناكم بكل مهند ونحن ولاة الحرب حين نصول ونحن قتلناكم ببدر فأصبحت معاشركم في الهالكين تجول.


HSNXV02P269A

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا في شأن عمرو بن عبد ود أمسى الفتى عمرو بن عبد يبتغي بجنوب يثرب ثأره لم ينظر فلقد وجدت سيوفنا مشهورة ولقد وجدت جيادنا لم تقصر ولقد لقيت غداة بدر عصبة ضربوك ضربا غير ضرب الحسر أصبحت لا تدعى ليوم عظيمة يا عمرو أو لجسيم أمر منكر.


HSNXV02P269C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا ألا أبلغ أبا هدم رسولا مغلغلة تخب بها المطي أكنت وليكم في كل كره وغيري في الرخاء هو الولي ومنكم شاهد ولقد رآني رفعت له كما احتمل الصبي.


HSNXV02P269F

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت في يوم بني قريظة يبكي سعد بن معاذ ويذكر حكمه فيهم لقد سجمت من دمع عيني عبرة وحق لعيني أن تفيض على سعد قتيل ثوى في معرك فجعت به عيون ذواري الدمع دائمة الوجد § على ملة الرحمن وارث جنة مع الشهداء وفدها أكرم الوفد فإن تك قد ودعتنا وتركتنا وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد كريم وأثواب المكارم والحمد بحكمك في حيي قريظة بالذي قضى الله فيهم ما قضيت على عمد فوافق حكم الله حكمك فيهم ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد فنعم مصير الصادقين إذا دعوا إلى الله يوما للوجاهة والقصد وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي سعد بن معاذ ورجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشهداء ويذكرهم بما كان فيهم من الخير ألا يا لقومي هل لما حم دافع وهل ما مضى من صالح العيش راجع تذكرت عصرا قد مضى فتهافتت بنات الحشى وانهل مني المدامع صبابة وجد ذكرتني أحبة وقتلى مضى فيها طفيل ورافع وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت منازلهم فالأرض منهم بلاقع وفوا يوم بدر للرسول وفوقهم ظلال المنايا والسيوف اللوامع دعا فأجابوه بحق وكلهم مطيع له في كل أمر وسامع فما نكلوا حتى تولوا جماعة ولا يقطع الآجال إلا المصارع § لأنهم يرجون منه شفاعة إذا لم يكن إلا النبيون شافع فذلك يا خير العباد بلاؤنا إجابتنا لله والموت ناقع لنا القدم الأولى إليك وخلفنا لأولنا في ملة الله تابع ونعلم أن الملك لله وحده وأن قضاء الله لا بد واقع وقال حسان بن ثابت أيضا في يوم بني قريظة لقد لقيت قريظة ما سآها وما وجدت لذل من نصير أصابهم بلاء كان فيه سوى ما قد أصاب بني النضير غداة أتاهم يهوى إليهم رسول الله كالقمر المنير له خيل مجنبة تعادى بفرسان عليها كالصقور تركناهم وما ظفروا بشيء دماؤهم عليهم كالغدير فهم صرعى تحوم الطير فيهم كذاك يدان ذو العند الفجور فأنذر مثلها نصحا قريشا من الرحمن إن قبلت نذيرى وقال حسان بن ثابت في بني قريظة لقد لقيت قريظة ما سآها وحل بحصنها ذل ذليل § وسعد كان أنذرهم بنصح بأن إلهكم رب جليل فما برحوا بنقض العهد حتى فلاهم في بلادهم الرسول أحاط بحصنهم منا صفوف له من حر وقعتهم صليل وقال حسان بن ثابت أيضا في يوم بني قريظة تفاقد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصير هم أوتوا الكتاب فضيعوه وهم عمي من التوراة بور كفرتم بالقران وقد أتيتم بتصديق الذي قال النذير فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال أدام الله ذلك من صنيع وحرق في طرائقها السعير ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تضير فلو كان النخيل بها ركابا لقالوا لا مقام لكم فسيروا وأجابه جبل بن جوال الثعلبي أيضا وبكى النضير وقريظة فقال ألا يا سعد سعد بني معاذ لما لقيت قريظة والنضير لعمرك إن سعد بني معاذ غداة تحملوا لهو الصبور فأما الخزرجي أبو حباب فقال لقينقاع لا تسيروا § وبدلت الموالي من حضير أسيدا والدوائر قد تدور وأقفرت البويرة من سلام وسعية وابن أخطب فهي بور وقد كانوا ببلدتهم ثقالا كما ثقلت بميطان الصخور فإن يهلك أبو حكم سلام فلا رث السلاح ولا دثور وكل الكاهنين وكان فيهم مع اللين الخضارمة الصقور وجدنا المجد قد ثبتوا عليه بمجد لا تغيبه البدور أقيموا يا سراة الأوس فيها كأنكم من المخزاة عور تركتم قدركم لا شيء فيها وقدر القوم حامية تفور.


مقتل سلام بن أبي الحقيق *

HSNXV02P273D

قال ابن إسحاق ولما انقضى شأن الخندق وأمر بني قريظة وكان سلام بن أبي الحقيق وهو أبو رافع فيمن حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريضه عليه استأذنت الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر فأذن لهم.


HSNXV02P273E

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال وكان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين § الحيين من الأنصار والأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء إلا قالت الخزرج والله لا تذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الإسلام قال فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك ولما أصابت الأوس كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الخزرج والله لا تذهبون بها فضلا علينا أبدا قال فتذاكروا من رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العداوة كابن الأشرف فذكروا ابن أبي الحقيق وهو بخيبر فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله فأذن لهم فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر عبد الله بن عتيك ومسعود ابن سنان وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة الحارث بن ربعي وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم فخرجوا وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك ونهاهم عن أن يقتلوا وليدا أو امرأة فخرجوا حتى إذا قدموا خيبر أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلا فلم يدعوا بيتا في الدار إلا أغلقوه على أهله قال وكان في علية له إليها عجلة قال فأسندوا فيها حتى قاموا على بابه فاستأذنوا عليه فخرجت إليهم امرأته فقالت من أنتم قالوا ناس من العرب نلتمس الميرة قالت ذاكم صاحبكم فادخلوا عليه قال فلما دخلنا عليه أغلقنا علينا وعليها الحجرة تخوفا أن تكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه قالت § فصاحت امرأته فنوهت بنا وابتدرناه وهو على فراشه بأسيافنا فو الله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية ملقاة قال ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكف يده ولولا ذلك لفرغنا منها بليل قال فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول قطني قطني أي حسبي حسبي قال وخرجنا وكان عبد الله بن عتيك رجلا سيء البصر قال فوقع من الدرجة فوثئت يده وثأ شديدا.


HSNXV02P275C

وحملناه حتى نأتي به منهرا من عيونهم فندخل فيه قال فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبوننا قال حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه وهو يقضي بينهم قال فقلنا كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات قال فقال رجل منا أنا أذهب فأنظر لكم فانطلق حتى دخل في الناس قال فوجدت امرأته ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدثهم وتقول أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت نفسي وقلت أنى ابن عتيك بهذه البلاد ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه ثم قالت فاظ وإله يهود فما سمعت من كلمة كانت ألذ إلى نفسي منها قال ثم جاءنا الخبر فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بقتل عدو الله واختلفنا عنده في قتله كلنا يدعيه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتوا أسيافكم قال فجئناه بها فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس هذا قتله أرى فيه أثر الطعام.


HSNXV02P275B

قال ابن إسحاق فقال حسان بن ثابت وهو يذكر قتل كعب بن الأشرف وقتل سلام بن أبي الحقيق لله در عصابة لاقيتهم يا بن الحقيق وأنت يا بن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم مرحا كأسد في عرين مغرف حتى أتوكم في محل بلادكم فسقوكم حتفا ببيض ذفف مستبصرين لنصر دين نبيهم مستصغرين لكل أمر مجحف.


إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد *

HSNXV02P276F

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس الثقفي قال حدثني عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا وإني قد رأيت أمرا فما ترون فيه قالوا وماذا رأيت قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير قالوا إن هذا الرأي § قلت فاجمعوا لنا ما نهديه له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدما كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال فدخل عليه ثم خرج من عنده قال فقلت لأصحابي هذا عمرو بن أمية الضمري لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقي أهديت إلي من بلادك شيئا قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت إليك أدما كثيرا قال ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه ثم قلت له أيها الملك إني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا قال فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت له أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه قال أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله قال قلت أيها الملك أكذاك هو قال ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الإسلام قال نعم فبسط يده فبايعته على الإسلام ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي إسلامي ثم خرجت عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين يا أبا سليمان § قال والله لقد استقام المنسم وإن الرجل لنبي أذهب والله فأسلم فحتى متى قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم قال فقد منا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها قال فبايعته ثم انصرفت.


إسلام ابن طلحة *
HSNXV02P278D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم أن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة كان معهما حين أسلما.


شعر للسهمي في إسلام ابن طلحة وخالد *
HSNXV02P278F

قال ابن إسحاق فقال ابن الزبعرى السهمي أنشد عثمان بن طلحة حلفنا وملقى نعال القوم عند المقبل وما عقد الآباء من كل حلفه وما خالد من مثلها بمحلل أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي وما يبتغى من مجد بيت مؤثل فلا تأمنن خالدا بعد هذه وعثمان جاء بالدهيم المعضل § وكان فتح بني قريظة في ذي القعدة وصدر ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون.


غزوة بني لحيان *

HSNXV02P279D

قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وشهري ربيع وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح قريظة إلى بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة فخرج من المدينة صلى الله عليه وسلم.


طريقه إليهم ثم رجوعه عنهم *
HSNXV02P279G

قال ابن إسحاق فسلك على غراب جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ثم على محيص ثم على البتراء ثم صفق ذات اليسار فخرج على بين ثم على صخيرات اليمام ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة فأغذ السير § سريعا حتى نزل على غران وهي منازل بني لحيان وغران واد بين أمج وعسفان إلى بلد يقال له ساية فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخطأه من غرتهم ما أراد قال لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة فخرج في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم كر وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا فكان جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين وجه راجعا آئبون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والحديث في غزوة بني لحيان عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن كعب بن مالك فقال كعب بن مالك في غزوة بني لحيان لو أن بني لحيان كانوا تناظروا لقوا عصبا في دارهم ذات مصدق لقوا سرعانا يملأ السرب روعه أمام طحون كالمجرة فيلق § ولكنهم كانوا وبارا تتبعت شعاب حجاز غير ذي متنفق ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يقم بها إلا ليالي قلائل حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري في خيل من غطفان على لقاح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة وفيها رجل من بني غفار وامرأة له فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح.


غزوة ذي قرد

HSNXV02P281F

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك كل قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث أنه كان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرس له يقوده حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم فأشرف في ناحية سلع نم صرخ وا صباحاه ثم خرج يشتد في آثار القوم وكان مثل السبع حتى لحق بالقوم فجعل يردهم بالنبل ويقول إذا رمى خذها وأنا § ابن الأكوع اليوم يوم الرضع فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى ثم قال خذها وأنا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع قال فيقول قائلهم أويكعنا هو أول النهار قال وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع فصرخ بالمدينة الفزع الفزع فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرسان المقداد ابن عمرو وهو الذي يقال له المقداد بن الأسود حليف بني زهرة ثم كان أول فارس وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد المقداد من الأنصار عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء أحد بني عبد الأشهل وسعد ابن زيد أحد بني كعب بن عبد الأشهل وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة ابن الحارث يشك فيه وعكاشة بن محصن أخو بني أسد بن خزيمة ومحرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة وأبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة وأبو عياش وهو عبيد بن زيد بن الصامت أخو بني زريق فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم سعد بن زيد فيما بلغني ثم قال اخرج في طلب القوم حتى ألحقك في الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن رجال من بني زريق لأبي عياش يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالقوم قال أبو عياش فقلت يا رسول الله أنا أفرس الناس ثم ضربت الفرس فو الله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني فعجبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أعطيته أفرس منك وأنا أقول أنا أفرس الناس فزعم رجال من بني زريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة وكان ثامنا وبعض § الناس يعد سلمة بن عمرو بن الأكوع أحد الثمانية ويطرح أسيد بن ظهير أخا بني حارثة والله أعلم أي ذلك كان ولم يكن سلمة يومئذ فارسا وقد كان أول من لحق بالقوم على رجليه فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا.


سبق محرز إلى القوم ومقتله *
HSNXV02P283C

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة وكان يقال لمحرز الأخرم ويقال له قمير وأن الفزع لما كان جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط حين سمع صاهلة الخيل وكان فرسا صنيعا جاما فقال نساء من نساء بني عبد الأشهل حين رأين الفرس يجول في الحائط بجذع نخل هو مربوط فيه يا قمير هل لك في أن تركب هذا الفرس فإنه كما ترى ثم تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين قال نعم فأعطينه إياه فخرج عليه فلم يلبث أن بذ الخيل بجمامه حتى أدرك القوم فوقف لهم بين أيديهم ثم قال قفوا يا معشر بني اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار قال وحمل عليه رجل منهم فقتله وجال الفرس فلم يقدر عليه حتى وقف على آريه من بني عبد الأشهل فلم يقتل من المسلمين غيره.


أسماء أفراس المسلمين *
HSNXV02P284B

قال ابن إسحاق وكان اسم فرس محمود ذا اللمة.


HSNXV02P284D

قال ابن إسحاق وحدثني بعض من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك أن مجززا إنما كان على فرس لعكاشة بن محصن يقال له الجناح فقتل مجزز واستلبت الجناح ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة حبيب ابن عيينة بن حصن وغشاه برده ثم لحق بالناس وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين.


HSNXV02P284G

قال ابن إسحاق فإذا حبيب مسجى ببرد أبي قتادة فاسترجع الناس وقالوا قتل أبو قتادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأبي قتادة ولكنه قتيل لأبي قتادة وضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه وأدرك عكاشة بن محصن أوبارا وابنه عمرو بن أوبار وهما على بعير § واحد فانتظمها بالرمح فقتلهما جميعا واستنقذوا بعض اللقاح وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذي قرد وتلاحق به الناس فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم به وأقام عليه يوما وليلة وقال له سلمة بن الأكوع يا رسول الله لو سرحتنى في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني إنهم الآن ليغبقون في غطفان فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه في كل مائة رجل جزورا وأقاموا عليها ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا حتى قدم المدينة وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة من إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدمت عليه فأخبرته الخبر فلما فرغت قالت يا رسول الله إني قد نذرت لله أن أنحرها إن نجاني الله عليها قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها إنه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين إنما هي ناقة من إبلي فارجعي إلى أهلك على بركة الله والحديث عن امرأة الغفاري وما قالت وما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي الزبير المكي عن الحسن بن أبي الحسن البصري وكان مما قيل من الشعر في يوم ذي قرد قول حسان بن ثابت لولا الذي لاقت ومس نسورها بجنوب ساية أمس في التقواد § للقينكم يحملن كل مدجج حامي الحقيقة ماجد الأجداد ولسر أولاد اللقيطة أننا سلم غداة فوارس المقداد كنا ثمانية وكانوا جحفلا لجبا فشكوا بالرماح بداد كنا من القوم الذين يلونهم ويقدمون عنان كل جواد كلا ورب الراقصات إلى منى يقطعن عرض مخارم الأطواد حتى نبيل الخيل في عرصاتكم ونئوب بالملكات والأولاد رهوا بكل مقلص وطمرة في كل معترك عطفن ووادى أفنى دوابرها ولاح متونها يوم تقاد به ويوم طراد فكذاك إن جيادنا ملبونة والحرب مشعلة بريح غواد وسيوفنا بيض الحدائد تجتلي جنن الحديد وهامة المرتاد أخذ الإله عليهم لحرامه ولعزة الرحمن بالأسداد كانوا بدار ناعمين فبدلوا أيام ذي قرد وجوه عباد.


HSNXV02P287D

وقال حسان بن ثابت في يوم ذي قرد أظن عيينة إذ زارها بأن سوف يهدم فيها قصورا فأكذبت ما كنت صدقته وقلتم سنغنم أمرا كبيرا فعفت المدينة إذ زرتها وآنست للأسد فيها زئيرا فولوا سراعا كشد النعام ولم يكشفوا عن ملط حصيرا أمير علينا رسول المليك أحبب بذاك إلينا أميرا رسول نصدق ما جاءه ويتلو كتابا مضيئا منيرا وقال كعب بن مالك في يوم ذي قرد للفوارس أتحسب أولاد اللقيطة أننا على الخيل لسنا مثلهم في الفوارس وإنا أناس لا نرى القتل سبة ولا ننثني عند الرماح المداعس § وإنا لنقري الضيف من قمع الذرا ونضرب رأس الأبلخ المتشاوس نرد كماة المعلمين إذا انتخوا بضرب يسلي نخوة المتقاعس بكل فتى حامي الحقيقة ماجد كريم كسرحان الغضاة مخالس يذودون عن أحسابهم وتلادهم ببيض تقد الهام تحت القوانس فسائل بني بدر إذا ما لقيتهم بما فعل الإخوان يوم التمارس إذا ما خرجتم فاصدقوا من لقيتم ولا تكتموا أخباركم في المجالس وقولوا زللنا عن مخالب خادر به وحر في الصدر ما لم يمارس.


HSNXV02P288D

قال ابن إسحاق وقال شداد بن عارض الجشمي في يوم ذي قرد لعيينة ابن حصن وكان عيينة بن حصن يكنى بأبي مالك فهلا كررت أبا مالك وخيلك مدبرة تقتل ذكرت الإياب إلى عسجر وهيهات قد بعد المقفل وطمنت نفسك ذا ميعة مسح الفضاء إذا يرسل § إذا قبضته إليك الشمال جاش كما اضطرم المرجل فلما عرفتم عباد الإله لم ينظر الآخر الأول عرفتم فوارس قد عودوا طراد الكماة إذا أسهلوا إذا طردوا الخيل تشقى بهم فضاحا وإن يطردوا ينزلوا فيعتصموا في سواء المقام بالبيض أخلصها الصيقل.


غزوة بني المصطلق *

HSNXV02P288D

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة ورجبا ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست.


سبب غزو الرسول لهم *
HSNXV02P290B

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومحمد بن يحيى بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءهم عليه وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث ابن بكر يقال له هشام بن صبابة أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة ابن الصامت وهو يرى أنه من العدو فقتله خطأ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له جهجاه بن مسعود يقود فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ جهجاه يا معشر المهاجرين فغضب عبد الله بن أبي بن سلول وعنده رهط من § قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حدث فقال أوقد فعلوها قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول سمن كلبك يأكلك أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم فسمع ذلك زيد بن أرقم فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال مر به عباد بن بشر فليقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه لا ولكن أذن بالرحيل وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها فارتحل الناس وقد مشى عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به وكان في قومه شريفا عظيما فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل حدبا على ابن أبي بن سلول ودفعا عنه.


الرسول وأسيد ومقالة ابن أبي *
HSNXV02P291E

قال ابن إسحاق فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال يا نبي الله والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها فقال له رسول الله § صلى الله عليه وسلم أو ما بلغك ما قال صاحبكم قال وأي صاحب يا رسول الله قال عبد الله بن أبي قال وما قال قال زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله ابن أبي ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع يقال له بقعاء فلما راح رسول الله صلى الله عليه وسلم هبت على الناس ريح شديدة آذتهم وتخوفوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخافوها فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع وكان عظيما من عظماء يهود وكهفا للمنافقين مات في ذلك اليوم ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبي ومن كان على مثل أمره فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم ثم قال هذا الذي أوفى الله بأذنه وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي الذي كان من أمر أبيه.


طلب ابن عبد الله بن أبي أن يتولى هو قتل أبيه وعفو الرسول *
HSNXV02P292I

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد الله أتى رسول الله § صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم كيف ترى يا عمر أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته قال قال عمر قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.


مقيس بن صبابة وحيلته في الأخذ بثأر أخيه وشعره في ذلك *
HSNXV02P293E

قال ابن إسحاق وقدم مقيس بن صبابة من مكة مسلما فيما يظهر فقال يا رسول الله جئتك مسلما وجئتك أطلب دية أخي قتل خطأ فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام بن صبابة فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كثير ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ثم خرج إلى مكة مرتدا فقال في شعر يقوله شفى النفس أن قد مات بالقاع مسندا تضرج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النفس من قبل قتله تلم فتحميني وطاء المضاجع حللت به وترى وأدركت تؤرتى وكنت إلى الأوثان أول راجع § ثأرت به فهرا وحملت عقله سراة بني النجار أرباب فارع وقال مقيس بن صبابة أيضا جللته ضربة باءت لها وشل من ناقع الجوف يعلوه وينصرم فقلت والموت تغشاه أسرته لا تأمنن بني بكر إذا ظلموا.


قتلى بني المصطلق *
HSNXV02P294E

قال ابن إسحاق وأصيب من بني المصطلق يومئذ ناس وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين مالكا وابنه وقتل عبد الرحمن بن عوف رجلا من فرسانهم يقال له أحمر أو أحيمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا فشا قسمه في المسلمين وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P294H

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها قالت عائشة فو الله ما هو § إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه وسلم ما رأيت فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي قال فهل لك في خير من ذلك قالت وما هو يا رسول الله قال أقضي عنك كتابتك وأتزوجك قالت نعم يا رسول الله قال قد فعلت قالت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار فقال الناس أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسلوا ما بأيديهم قالت فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.


الوليد بن عقبة وبنو المصطلق وما نزل في ذلك من القرآن *
HSNXV02P296C

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط فلما سمعوا به ركبوا إليه فلما سمع بهم هابهم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن القوم قد هموا بقتله ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يغزوهم فبينا هم على ذلك قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فانشمر راجعا فبلغنا أنه زعم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خرجنا إليه لنقتله وو الله ما جئنا لذلك فأنزل الله تعالى فيه وفيهم يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم إلى آخر الآية وقد أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك كما حدثني من لا أتهم عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حتى إذا كان قريبا من المدينة وكانت معه عائشة في سفره ذلك قال فيها أهل الإفك ما قالوا.


خبر الإفك في غزوة بني المصطلق سنة ست *

HSNXV02P297B

قال ابن إسحاق حدثنا الزهري عن علقمة بن وقاص وعن سعيد بن جبير وعن عروة بن الزبير وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كل قد حدثني بعض هذا الحديث وبعض القوم كان أوعى له من بعض وقد جمعت لك الذي حدثني القوم.


شأن الرسول مع نسائه في سفره *
HSNXV02P297D

قال محمد بن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة عن نفسها حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا فكل قد دخل في حديثها عن هؤلاء جميعا يحدث بعضهم ما لم يحدث صاحبه وكل كان عنها ثقة فكلهم حدث عنها ما سمع قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن معه فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ثم يأتي القوم الذين يرحلون لي ويحملونني فيأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به قالت فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة § نزل منزلا فبات به بعض الليل ثم أذن في الناس بالرحيل فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده وقد أخذ الناس في الرحيل فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد فرغوا من رحلته فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع فاحتملوه فشدوه على البعير ولم يشكوا أني فيه ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب قد انطلق الناس قالت فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إلي قالت فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب فلما رآني قال إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متلففة في ثيابي قال ما خلفك يرحمك الله قالت فما كلمته ثم قرب البعير فقال اركبي واستأخر عني قالت فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الإفك ما قالوا فارتعج العسكر وو الله ما أعلم بشيء من ذلك ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة ولا يبلغني من ذلك § شيء وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا إلا أتى قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك فأنكرت ذلك منه كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني.


HSNXV02P299B

قال كيف تيكم لا يزيد على ذلك.


انتقالها إلى بيت أبيها وعلمها بما قيل فيها *
HSNXV02P299D

قال ابن إسحاق قالت حتى وجدت في نفسي فقلت يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لي لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني قال لا عليك قالت فانتقلت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة وكنا قوما عربا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم نعافها ونكرهها إنما كنا نذهب في فسح المدينة وإنما كانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وكانت أمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت فو الله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها فقالت تعس مسطح ومسطح لقب واسمه عوف قالت قلت بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر قالت قلت وما الخبر فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك قالت قلت أوقد كان هذا قالت نعم والله لقد كان قالت فو الله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت فو الله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي قالت وقلت لأمي يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئا قالت أي بنية خفضي § عليك الشأن فو الله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن وكثر الناس عليها قالت وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس يخطبهم ولا أعلم بذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق والله ما علمت منهم إلا خيرا ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا وما يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي قالت وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن من نسائه امرأة تناصيني في المنزلة عنده غيرها فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها فلم تقل إلا خيرا وأما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادني لأختها فشقيت بذلك فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفكهم وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك فو الله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم قالت فقام سعد ابن عبادة وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحا فقال كذبت لعمر الله لا نضرب أعناقهم أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ولو كانوا من قومك ما قلت هذا فقال أسيد كذبت لعمر الله ولكنك منافق تجادل عن المنافقين قالت وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين § الحيين من الأوس والخزرج شر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي قالت فدعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وأسامة بن زيد فاستشارهما فأما أسامة فأثنى علي خيرا وقاله ثم قال يا رسول الله أهلك ولا نعلم منهم إلا خيرا وهذا الكذب والباطل وأما علي فإنه قال يا رسول الله إن النساء لكثير وإنك لقادر على أن تستخلف وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ليسألها قالت فقام إليها علي بن أبي طالب فضربها ضربا شديدا ويقول اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فتقول والله ما أعلم إلا خيرا وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتي الشاة فتأكله قالت ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي معي فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا عائشة إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس فاتقي الله وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده قالت فو الله ما هو إلا أن قال لي ذلك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما قالت وايم الله لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ به في المساجد ويصلى به ولكني قد كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني لما يعلم من براءتي أو يخبر خبرا فأما قرآن ينزل فى فو الله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك قالت فلما لم أر أبوي يتكلمان قالت قلت لهما ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم § قالت فقالا والله ما ندري بماذا نجيبه قالت وو الله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام قالت فلما أن استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني قالت ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت ولكن سأقول كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون قالت فو الله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه فسجي بثوبه ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فو الله ما فزعت ولا باليت قد عرفت أني بريئة وأن الله عز وجل غير ظالمي وأما أبواي فو الذي نفس عائشة بيده ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس قالت ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك قالت قلت بحمد الله ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدهم.


أبو أيوب وذكره طهر عائشة لزوجه *
HSNXV02P302C

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن بعض رجال بني النجار أن أبا أيوب خالد بن زيد قالت له امرأته أم أيوب يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة قال بلى وذلك الكذب أكنت يا أم أيوب فاعلة قالت لا والله ما كنت لأفعله قال فعائشة والله خير منك قالت فلما نزل القرآن بذكر من قال من أهل الفاحشة ما قال من أهل الإفك § فقال تعالى إن الذين جاؤ بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وذلك حسان بن ثابت وأصحابه الذين قالوا ما قالوا.


HSNXV02P303D

ثم قال تعالى لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا أي فقالوا كما قال أبو أيوب وصاحبته ثم قال إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فلما نزل هذا في عائشة وفيمن قال لها ما قال قال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة وأدخل علينا قالت فأنزل الله في ذلك ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم .


HSNXV02P303B

قال ابن إسحاق قالت فقال أبو بكر بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا.


هم ابن المعطل بقتل حسان *
HSNXV02P304D

قال ابن إسحاق ثم إن صفوان بن المعطل اعترض حسان بن ثابت بالسيف حين بلغه ما كان يقول فيه وقد كان حسان قال شعرا مع ذلك يعرض بابن المعطل فيه وبمن أسلم من العرب من مضر فقال أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا وابن الفريعة أمسى بيضة البلد قد ثكلت أمه من كنت صاحبه أو كان منتشبا في برثن الأسد ما لقتيلي الذي أغدو فآخذه من دية فيه يعطاها ولا قود § ما البحر حين تهب الريح شامية فيغطئل ويرمي العبر بالزبد يوما بأغلب مني حين تبصرني ملغيظ أفري كفري العارض البرد أما قريش فإني لن أسالمهم حتى ينيبوا من الغيات للرشد ويتركوا اللات والعزى بمعزلة ويسجدوا كلهم للواحد الصمد ويشهدوا أن ما قال الرسول لهم حق ويوفوا بعهد الله والوكد فاعترضه صفوان بن المعطل فضربه بالسيف ثم قال كما حدثني يعقوب بن عتبة تلق ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هو جيت لست بشاعر.


HSNXV02P305B

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن ثابت بن ليس بن الشماس وثب على صفوان بن المعطل حين ضرب حسان فجمع يديه إلى عنقه بحبل ثم انطلق به إلى دار بني الحارث بن الخزرج فلقيه عبد الله ابن رواحة فقال ما هذا قال أما أعجبك ضرب حسان بالسيف والله ما أراه إلا قد قتله قال له عبد الله بن رواحة هل علم رسول الله صلى الله عليه سلم بشيء مما صنعت قال لا والله قال لقد اجترأت أطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فدعا حسان وصفوان بن المعطل فقال ابن المعطل يا رسول الله آذاني وهجاني فاحتملني الغضب فضربته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان أحسن يا حسان أتشوهت على قومي أن هداهم الله للإسلام ثم قال أحسن يا حسان في الذي أصابك قال هي لك يا رسول الله.


HSNXV02P306B

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه عوضا منها بيرحاء وهي قصر بني حديلة اليوم بالمدينة وكانت مالا لأبي طلحة بن سهل تصدق بها على آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان في ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان قالت وكانت عائشة تقول لقد سئل عن ابن المعطل فوجدوه رجلا حصورا ما يأتي النساء ثم قتل بعد ذلك شهيدا قال حسان بن ثابت يعتذر من الذي كان قال في شأن عائشة رضي الله عنها حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدهم غير زائل مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل سوء وباطل فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم فلا رفعت سوطي إلي أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل له رتب عال على الناس كلهم تقاصر عنه سورة المتطاول فإن الذي قد قيل ليس بلائط ولكنه قول امرئ بي ماحل.


شعر في هجاء حسان ومسطح *
HSNXV02P307D

قال ابن إسحاق وقال قائل من المسلمين في ضرب حسان وأصحابه في فريتهم على عائشة.


HSNXV02P307F

لقد ذاق حسان الذي كان أهله %~% وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم وسخطة ذي العرش الكريم فأترحوا وآذوا رسول الله فيها فجللوا مخازي تبقى عمموها وفضحوا وصبت عليهم محصدات كأنها شآبيب قطر من ذرا المزن تسفح.


أمر الحديبية في آخر سنة ست وذكر بيعة الرضوان والصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سهيل بن عمرو *

HSNXV02P308C

قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا.


استنفار الرسول الناس *
HSNXV02P308G

قال ابن إسحاق واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه وهو يخشى من قريش الذي صنعوا أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من الأعراب وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له.


عدة الرجال *
HSNXV02P308I

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه § الهدي سبعين بدنة وكان الناس سبع مائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة نفر وكان جابر بن عبد الله فيما بلغني يقول كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة قال الزهري وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي.


HSNXV02P309D

فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فو الله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ثم قال من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها.


تجنب الرسول لقاء قريش *
HSNXV02P309F

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله قال فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي § قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس قولوا نستغفر الله ونتوب إليه فقالوا ذلك فقال والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها قال ابن شهاب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمش في طريق تخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة قال فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم رجعوا راكضين إلى قريش وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته فقالت الناس خلأت الناقة قال ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم قال للناس انزلوا قيل له يا رسول الله ما بالوادي ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن.


الذي نزل بسهم الرسول في طلب الماء *
HSNXV02P310E

قال ابن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر ابن دارم بن عمرو بن وائلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن أبي حارثة وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P311B

قال ابن إسحاق وقد زعم لي بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول أنا الذي نزلت بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله أعلم أي ذلك كان وقد أنشدت أسلم أبياتا من شعر قالها ناجية قد ظننا أنه هو الذي نزل بالسهم فزعمت أسلم أن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها وناجية في القليب يميح على الناس فقالت يا أيها المائح دلوى دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيرا ويمجدونكا.


HSNXV02P311D

قال ابن إسحاق فقال ناجية وهو في القليب يميح على الناس قد علمت جارية يمانيه أني أنا المائح واسمي ناجيه وطعنة ذات رشاش واهيه طعنتها عند صدور العاديه فقال الزهري في حديثه فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل ابن ورقاء الخزاعي في رجال من خزاعة فكلموه وسألوه ما الذي جاء به فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته ثم قال لهم نحوا مما قال لبشر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد إن محمدا لم يأت لقتال وإنما جاء زائرا هذا البيت فاتهموهم وجبهوهم وقالوا وإن كان جاء ولا يريد قتالا فو الله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تحدث بذلك عنا العرب § قال الزهري وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لا يخفون عنه شيئا كان بمكة قال ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بني عامر بن لؤي فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال هذا رجل غادر فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان وكان يومئذ سيد الأحابيش وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال لهم ذلك قال فقالوا له اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك.


HSNXV02P312F

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أيصد عن بيت الله من جاء معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد قال فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به § قال الزهري في حديثه ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي فقال يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال يا محمد أجمعت أو شاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا قال وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه قال من هذا يا محمد قال هذا ابن أبي قحافة قال أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ولكن هذه بها قال ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه قال والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد قال فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك قال فيقول عروة ويحك ما أفظك وأغلظك قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد قال هذا ابن أخيك المغيرة ابن شعبة قال أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس.


HSNXV02P314B

قال ابن إسحاق قال الزهري فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه وأخبره أنه لم يأت يريد حربا فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه فرجع إلى قريش فقال يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا فروا رأيكم.


خراش رسول الرسول إلى قريش *
HSNXV02P314D

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.


النفر القرشيون الذين أرسلتهم قريش للعدوان ثم عفا عنهم الرسول *
HSNXV02P314F

قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا فأخذوا أخذا فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل § ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته.


إشاعة مقتل عثمان *
HSNXV02P315D

قال ابن إسحاق فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل.


بيعة الرضوان *

HSNXV02P315G

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز القوم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر § فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة فكان جابر بن عبد الله يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.


أمر الهدنة *

HSNXV02P316G

قال ابن إسحاق قال الزهري ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر ابن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له ائت محمدا فصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فو الله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر § فقال يا أبا بكر أليس برسول الله قال بلى قال أو لسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى الدنية في ديننا قال أبو بكر يا عمر الزم غرزه فأني أشهد أنه رسول الله قال عمر وأنا أشهد أنه رسول الله ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألست برسول الله قال بلى قال أو لسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى الدنية في ديننا قال أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني قال فكان عمر يقول ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال فقال سهيل لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم فكتبها ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو قال فقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه وإن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال وأنه من § أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ثم قال يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا قال صدقت فجعل ينتره بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني فزاد ذلك الناس إلى ما بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم قال فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب قال ويدني قائم السيف منه قال يقول عمر § رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن سهيل بن عمرو وسعد بن أبي وقاص ومحمود بن مسلمة ومكرز بن حفص وهو يومئذ مشرك وعلي بن أبي طالب وكتب وكان هو كاتب الصحيفة.


نحر الرسول وحلق فاقتدى به الناس *
HSNXV02P319E

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل وكان يصلي في الحرم فلما فرغ من الصلح قدم إلى هديه فنحره ثم جلس فحلق رأسه وكان الذي حلقه فيما بلغني في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون.


دعوة الرسول للمحلقين ثم للمقصرين *
HSNXV02P319G

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين فقالوا يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين قال لم يشكوا § وقال عبد الله بن أبي نجيح حدثني مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة يغيظ بذلك المشركين قال الزهري في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلا حتى إذا كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ثم كانت القصة فيه وفي أصحابه حتى انتهى إلى ذكر البيعة فقال جل ثناؤه إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب ثم قال حين استفزهم للخروج معه فأبطئوا عليه سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ثم القصة عن خبرهم حتى انتهى إلى قوله سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم أولي البأس الشديد.


HSNXV02P320I

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح § عن ابن عباس قال فارس.


HSNXV02P321G

قال ابن إسحاق ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم والمعرة الغرم أي أن تصيبوا منهم معرة بغير علم فتخرجوا ديته فإما إثم فلم يخشه عليهم.


HSNXV02P322B

قال ابن إسحاق ثم قال تبارك وتعالى إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية يعني سهيل بن عمرو حين حمي أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأن محمدا رسول الله ثم قال تعالى فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها أي التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم قال تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا أي لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رأى أنه سيدخل مكة آمنا لا يخاف يقول محلقين رءوسكم ومقصرين معه لا تخافون فعلم من ذلك ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا صلح الحديبية يقول الزهري فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وآمن الناس بعضهم بعضا والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر.


ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد الصلح *

HSNXV02P323C

قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية وكان ممن حبس بمكة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلا من بني عامر بن لؤي ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك قال يا رسول الله أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني قال يا أبا بصير انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه فقال أبو بصير أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر فقال نعم قال أنظر إليه قال انظر إن شئت قال فاستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا قال إن هذا الرجل قد رأى فزعا فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك مالك قال قتل صاحبكم صاحبي فو الله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا بالسيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله وفت ذمتك وأدى الله عنك أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن § فيه أو يعبث بي قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلا وكانوا قد ضيقوا على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلا اقتطعوها حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة.


أراد سهيل ودي أبي بصير وشعر موهب في ذلك *
HSNXV02P324F

قال ابن إسحاق فلما بلغ سهيل بن عمرو قتل أبي بصير صاحبهم العامري أسند ظهره إلى الكعبة ثم قال والله لا أؤخر ظهري عن الكعبة حتى يودي هذا الرجل فقال أبو سفيان بن حرب والله إن هذا لهو السفه والله لا يودى ثلاثا فقال في ذلك موهب بن رياح أبو أنيس حليف بني زهرة.


HSNXV02P324H

أتاني عن سهيل ذرء قول %~% فأيقظني وما بي من رقاد فإن تكن العتاب تريد مني فعاتبني فما بك من بعادي § أتوعدني وعبد مناف حولي بمخزوم ألهفا من تعادى فإن تغمز قناتي لا تجدني ضعيف العود في الكرب الشداد أسامي الأكرمين أبا بقومي إذا وطئ الضعيف بهم أرادى هم منعوا الظواهر غير شك إلى حيث البواطن فالعوادي بكل طمرة وبكل نهد سواهم قد طوين من الطراد لهم بالخيف قد علمت معد رواق المجد رفع بالعماد فأجابه عبد الله بن الزبعرى فقال وأمسى موهب كحمار سوء أجاز ببلدة فيها ينادي فإن العبد مثلك لا يناوي سهيلا ضل سعيك من تعادي فأقصر يا بن قين السوء عنه وعد عن المقالة في البلاد ولا تذكر عتاب أبي يزيد فهيهات البحور من الثماد.


أمر المهاجرات بعد الهدنة *

HSNXV02P325F

قال ابن إسحاق وهاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في تلك المدة فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة § حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يردها عليهما بالعهد الذي بينه وبين قريش في الحديبية فلم يفعل أبى الله ذلك.


سؤال ابن هنيدة لعروة عن آية المهاجرات ورده عليه *
HSNXV02P326C

HSNXV02P326F

وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم قال فكتب إليه عروة بن الزبير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما هاجر النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام أبى الله أن يرددن إلى المشركين إذا هن امتحن بمحنة الإسلام فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة في الإسلام وأمر برد صدقاتهن إليهم إن احتبسن عنهم إن هم ردوا على المسلمين صداق من حبسوا عنهم من نسائهم ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ورد الرجال وسأل الذي § أمره الله به أن يسأل من صدقات نساء من حبسوا منهن وأن يردوا عليهم مثل الذي يردون عليهم إن هم فعلوا ولولا الذي حكم الله به من هذا الحكم لرد رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء كما رد الرجال ولولا الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يردد لهن صداقا وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد.


سؤال ابن إسحاق الزهري عن آية المهاجرات *
HSNXV02P327C

قال ابن إسحاق وسألت الزهري عن هذه الآية وقول الله عز وجل فيها وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فقال يقول إن فات أحدا منكم أهله إلى الكفار ولم تأتكم امرأة تأخذون بها مثل الذي يأخذون منكم فعوضوهم من فيء إن أصبتموه فلما نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات إلى قول الله عز وجل ولا تمسكوا بعصم الكوافر كان ممن طلق عمر بن الخطاب طلق امرأته قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة وأم كلثوم بنت جرول أم عبيد الله بن عمر الخزاعية فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما.


ذكر المسير إلى خيبر في المحرم سنة سبع *

HSNXV02P328C

قال محمد بن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم وولي تلك الحجة المشركون ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.


ارتجاز ابن الأكوع ودعاء الرسول له واستشهاده *
HSNXV02P328G

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع وكان اسم الأكوع سنان انزل يا بن الأكوع فخذ لنا من هناتك قال فنزل يرتجز برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا إنا إذا قوم بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا § فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله فقال عمر بن الخطاب وجبت والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا وكان قتله فيما بلغني أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا فمات منه فكان المسلمون قد شكوا فيه وقالوا إنما قتله سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن الأكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأخبره بقول الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لشهيد وصلى عليه فصلى عليه المسلمون.


دعاء الرسول لما أشرف على خيبر *
HSNXV02P329C

قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن أبي معتب بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم قفوا ثم قال اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها أقدموا بسم الله قال وكان يقولها عليه السلام لكل قرية دخلها.


فرار أهل خيبر لما رأوا الرسول *
HSNXV02P329E

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار فنزلنا خيبر ليلا فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا فركب وركبنا معه فركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقبلنا عمال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوا رسول الله § صلى الله عليه وسلم والجيش قالوا محمد والخميس معه فأدبروا هرابا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.


HSNXV02P330B

قال ابن إسحاق حدثنا هارون عن حميد عن أنس بمثله.


منازل الرسول في طريقه إلى خيبر *
HSNXV02P330D

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبنى له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر جمعوا له ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه حتى إذا ساروا منقلة سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم فرجعوا على أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال يأخذها مالا مالا ويفتتحها حصنا حصنا فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة § ألقيت عليه منه رحى فقتلته ثم القموص حصن بني أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا منهن صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وبنتي عم لها فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه وكان دحية بن خليفة الكلبي قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية فلما أصفاها لنفسه أعطاه ابنتي عمها وفشت السبايا من خيبر في المسلمين وأكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية من حمرها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى الناس عن أمور سماها لهم قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه قال أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها.


HSNXV02P331B

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن أربع عن إتيان الحبالى من السبايا وعن أكل الحمار الأهلي وعن أكل كل ذي ناب من السباع وعن بيع المغانم حتى تقسم.


HSNXV02P331C

قال ابن إسحاق وحدثني سلام بن كركرة عن عمرو بن دينار عن جابر ابن عبد الله الأنصاري ولم يشهد جابر خيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر أذن لهم في أكل لحوم الخيل.


HSNXV02P331D

قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني قال غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري المغرب فافتتح قرية من قرى المغرب يقال لها جربة فقام فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فينا يوم خيبر قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبالى من السبايا ولا يحل لامرئ § يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط أنه حدث عن عبادة ابن الصامت قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين وتبر الفضة بالذهب العين.


HSNXV02P332B

قال ابن إسحاق ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدثه بعض أسلم أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله يا رسول الله لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء فلم يجدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيهم إياه فقال اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه.


مقتل مرحب اليهودي *
HSNXV02P332E

قال ابن إسحاق ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحا فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة.


HSNXV02P333B

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة عن جابر بن عبد الله قال خرج مرحب اليهودي من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحرب إن حماي للحمى لا يقرب وهو يقول من يبارز فأجابه كعب بن مالك فقال قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغمى جريء صلب إذ شبت الحرب تلتها الحرب معي حسام كالعقيق غضب نطؤكم حتى يذل الصعب نعطي الجزاء أو يفيء النهب بكف ماض ليس فيه عتب.


HSNXV02P333D

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن سهل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا قال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول الله أنا والله الموتور الثائر قتل أخي بالأمس فقال فقم إليه § اللهم أعنه عليه قال فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه كلما لاذ بها منه اقتطع صاحبه بسيفه ما دونه منها حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة فضربه فاتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها فعضت به فأمسكته وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله.


مقتل ياسر أخي مرحب *
HSNXV02P334C

قال ابن إسحاق ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يقول من يبارز فزعم هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب يقتل ابني يا رسول الله قال بل ابنك يقتله إن شاء الله فخرج الزبير فالتقيا فقتله الزبير.


HSNXV02P334D

قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة أن الزبير كان إذا قيل له والله إن كان سيفك يومئذ لصارما عضبا قال والله ما كان صارما ولكني أكرهته.


شأن علي يوم خيبر *
HSNXV02P334F

قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن أبيه سفيان عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه برايته وكانت بيضاء.


HSNXV02P334H

إلى بعض حصون خيبر فقاتل فرجع ولم يك فتح وقد جهد ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يك فتح وقد جهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار قال يقول سلمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضوان الله عليه وهو أرمد فتفل في عينه ثم قال خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك § قال يقول سلمة فخرج والله بها يأنح يهرول هرولة وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال من أنت قال أنا علي بن أبي طالب قال يقول اليهودي علوتم وما أنزل على موسى أو كما قال قال فما رجع حتى فتح الله على يديه.


HSNXV02P335B

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن الحسن عن بعض أهله عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطاح ترسه من يده فتناول علي عليه السلام بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر سبعة معي أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.


أمر أبي اليسر كعب بن عمرو *
HSNXV02P335D

قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن بعض رجال بني سلمة عن أبي اليسر كعب بن عمرو قال والله إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ذات عشية إذ أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يطعمنا من هذه الغنم قال أبو اليسر فقلت أنا يا رسول الله قال فافعل قال فخرجت أشتد مثل الظليم فلما نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال اللهم أمتعنا به قال فأدركت الغنم وقد دخلت أولاها الحصن فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدي ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معي شيء حتى ألقيتهما § عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوهما فأكلوهما فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكا فكان إذا حدث هذا الحديث بكى ثم قال أمتعوا بي لعمري حتى كنت من آخرهم هلكا.


بقية أمر خيبر

HSNXV02P336C

قال ابن إسحاق ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص حصن بني أبي الحقيق أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعزبوا عني هذه الشيطانة وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال فيما بلغني حين رأى بتلك اليهودية ما رأى أنزعت منك الرحمة يا بلال حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها فعرضت رؤياها على زوجها فقال ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا فلطم وجهها لطمة خضر عينها منها فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثر منه فسألها ما هو فأخبرته هذا الخبر وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فجحد أن يكون يعرف مكانه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من يهود فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة § أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك قال نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله عما بقي فأبى أن يؤديه فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام فقال عذبه حتى تستأصل ما عنده فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم وأن يحقن دماءهم ويخلوا له الأموال ففعل وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود أخو بني حارثة فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم فصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت خيبر فيئا بين المسلمين وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها الذراع فأكثرت فيها من السم § ثم سمت سائر الشاة ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما بشر فأساغها وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ثم قال إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت فقال ما حملك على ذلك قال بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت إن كان ملكا استرحت منه وإن كان نبيا فسيخبر قال فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بشر من أكلته التي أكل.


HSNXV02P338B

قال ابن إسحاق وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في مرضه الذي توفي فيه ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده يا أم بشر إن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر قال فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا مع ما أكرمه الله به من النبوة.


رجوع الرسول إلى المدينة *
HSNXV02P338D

قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر انصرف إلى وادي القرى فحاصر أهله ليالي ثم انصرف راجعا إلى المدينة.


مقتل غلام رفاعة الذي أهداه للرسول *
HSNXV02P338F

قال ابن إسحاق فحدثني ثور بن زيد عن سالم مولى عبد الله بن مطيع عن أبي هريرة قال فلما انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى نزلنا بها أصيلا مع مغرب الشمس ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه له رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيني.


HSNXV02P339B

قال فو الله إنه ليضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم غرب فأصابه فقتله فقلنا هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفس محمد بيده إن شملته الآن لتحترق عليه في النار كان غلها من فيء المسلمين يوم خيبر قال فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال يا رسول الله أصبت شراكين لنعلين لي قال فقال يقد لك مثلهما من النار.


ابن مغفل وجراب شحم أصابه *
HSNXV02P339D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مغفل المزني قال أصبت من فيء خيبر جراب شحم فاحتملته على عاتقي إلى رحلي وأصحابي قال فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها فأخذ بناحيته وقال هلم هذا نقسمه بين المسلمين قال قلت لا والله لا أعطيكه قال فجعل يجابذني الجراب قال فرآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصنع ذلك قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا ثم قال لصاحب المغانم لا أبا لك خل بينه وبينه قال فأرسله فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي فأكلناه.


بناء الرسول بصفية وحراسة أبي أيوب للقبة *
HSNXV02P339F

قال ابن إسحاق ولما أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بخيبر أو ببعض الطريق وكانت التي جملتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومشطتها § وأصلحت من أمرها أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك فبات بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له وبات أبو أيوب خالد بن زيد أخو بني النجار متوشحا سيفه يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطيف بالقبة حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى مكانه قال مالك يا أبا أيوب قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها وكانت حديثة عهد بكفر فخفتها عليك فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.


تطوع بلال للحراسة وغلبة النوم عليه *
HSNXV02P340C

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن سعيد بن المسيب قال لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر فكان ببعض الطريق قال من آخر الليل من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام قال بلال أنا يا رسول الله أحفظه عليك فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل الناس فناموا وقام بلال يصلي فصلى ما شاء الله عز وجل أن يصلي ثم استند إلى بعيره واستقبل الفجر يرمقه فغلبته عينه فنام فلم يوقظهم إلا مس الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول أصحابه هب فقال ماذا صنعت بنا يا بلال قال يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال صدقت ثم اقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيره غير كثير ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فلما سلم أقبل على الناس فقال إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها فإن الله تبارك وتعالى يقول أقم الصلاة لذكري .


شعر ابن لقيم في فتح خيبر *
HSNXV02P340E

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد أعطى § ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن وكان فتح خيبر في صفر فقال ابن لقيم العبسي في خيبر رميت نطاة من الرسول بفيلق شهباء ذات مناكب وفقار واستيقنت بالذل لما شيعت ورجال أسلم وسطها وغفار صبحت بني عمرو بن زرعة غدوة والشق أظلم أهله بنهار جرت بأبطحها الذيول فلم تدع إلا الدجاج تصيح في الأسحار ولكل حصن شاغل من خيلهم من عبد أشهل أو بني النجار ومهاجرين قد اعلموا سيماهم فوق المغافر لم ينو الفرار ولقد علمت ليغلبن محمد وليثوين بها إلى أصفار فرت يهود يوم ذلك في الوغى تحت العجاج غمائم الأبصار.


شهود النساء خيبر وحديث المرأة الغفارية *
HSNXV02P342D

قال ابن إسحاق وشهد خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء من نساء المسلمين فرضخ لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفيء ولم يضرب لهن بسهم.


HSNXV02P342E

قال ابن إسحاق حدثني سليمان بن سحيم عن أمية بن أبي الصلت عن امرأة من بني غفار قد سماها لي قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا وهو يسير إلى خيبر فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا فقال على بركة الله قالت فخرجنا معه وكنت جارية حدثة فأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيبة رحله قالت فو الله لنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح وأناخ ونزلت عن حقيبة رحله وإذا بها دم مني وكانت أول حيضة حضتها قالت فتقبضت إلى الناقة واستحييت فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ورأى الدم قال مالك لعلك نفست قالت قلت نعم قال فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي به ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي لمركبك قالت فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر رضخ لنا من الفيء § وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وعلقها بيده في عنقي فو الله لا تفارقني أبدا قالت فكانت في عنقها حتى ماتت ثم أوصت أن تدفن معها قالت وكانت لا تطهر من حيضة إلا جعلت في طهورها ملحا وأوصت به أن يجعل في غسلها حين ماتت.


HSNXV02P343C

قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد بخيبر من المسلمين من قريش ثم من بني أمية بن عبد شمس ثم من حلفائهم ربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير بن عامر بن غنم بن دودان بن أسد وثقيف بن عمرو ورفاعة ابن مسروح ومن بني أسد بن عبد العزى عبد الله بن الهبيب ويقال ابن الهبيب فيما.


HSNXV02P343F

ومن الأنصار ثم من بني سلمة بشر بن البراء بن معرور مات من الشاة التي سم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضيل بن النعمان رجلان ومن بني زريق مسعود بن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق ومن الأوس ثم من بني عبد الأشهل محمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة § ومن بني عمرو بن عوف أبو ضياح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف والحارث بن حاطب وعروة بن مرة ابن سراقة وأوس بن القائد وأنيف بن حبيب وثابت بن أثلة وطلحة ومن بني غفار عمارة بن عقبة رمي بسهم ومن أسلم عامر بن الأكوع والأسود الراعي وكان اسمه أسلم.


HSNXV02P344C

وممن استشهد بخيبر فيما ذكر ابن شهاب الزهري من بني زهرة مسعود بن ربيعة حليف لهم من القارة ومن الأنصار بني عمرو بن عوف أوس بن قتادة.


أمر الأسود الراعي في حديث خيبر *

HSNXV02P344N

قال ابن إسحاق وكان من حديث الأسود الراعي فيما بلغني أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم له كان فيها أجيرا لرجل من يهود فقال يا رسول الله اعرض علي الإسلام فعرضه عليه فأسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الإسلام ويعرضه عليه فلما أسلم قال يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب § هذه الغنم وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها قال اضرب في وجوهها فإنها سترجع إلى ربها أو كما قال فقال الأسود فأخذ حفنة من الحصى فرمى بها في وجوهها وقال ارجعي إلى صاحبك فو الله لا أصحبك أبدا فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن ثم تقدم إلى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله وما صلى لله صلاة قط فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع خلفه وسجي بشملة كانت عليه فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه ثم أعرض عنه فقالوا يا رسول الله لم أعرضت عنه قال إن معه الآن زوجتيه من الحور العين.


HSNXV02P345B

قال ابن إسحاق وأخبرني عبد الله بن أبي نجيح أنه ذكر له أن الشهيد إذا ما أصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين عليه تنفضان التراب عن وجهه وتقولان ترب الله وجه من تربك وقتل من قتلك.


أمر الحجاج بن علاط السلمي *

HSNXV02P345E

قال ابن إسحاق ولما فتحت خيبر كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي فقال يا رسول الله إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة وكانت عنده له منها معرض بن الحجاج ومال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله فأذن له قال إنه لا بد لي يا رسول الله من أن أقول قال قل قال الحجاج فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش يتسمعون الأخبار ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر وقد عرفوا أنها قرية الحجاز ريفا ومنعة ورجالا فهم يتحسسون الأخبار ويسألون § الركبان فلما رأوني قالوا الحجاج بن علاط قال ولم يكونوا علموا بإسلامي عنده والله الخبر أخبرنا يا أبا محمد فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر وهي بلد يهود وريف الحجاز قال قلت قد بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم قال فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون إيه يا حجاج قال قلت هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط وأسر محمد أسرا وقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم قال فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم قال قلت أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي فإني أريد أن أقدم خيبر فأصيب من فل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما لك.


العباس يستوثق من خبر الحجاج ويفاجئ قريشا *
HSNXV02P346D

قال ابن إسحاق قال فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به قال وجئت صاحبتي فقلت مالي وقد كان لي عندها مال موضوع لعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار قال فلما سمع العباس ابن عبد المطلب الخبر وجاءه عني أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار فقال يا حجاج ما هذا الخبر الذي جئت به قال فقلت وهل عندك حفظ لما وضعت عندك قال نعم قال قلت فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء فإني في جمع مالي كما ترى فانصرف عني حتى أفرغ قال حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة وأجمعت الخروج لقيت العباس فقلت احفظ علي حديثي يا أبا الفضل فإني أخشى الطلب ثلاثا ثم قل ما شئت § قال أفعل قلت فإني والله لقد تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم يعني صفية بنت حيي ولقد افتتح خيبر وانتثل ما فيها وصارت له ولأصحابه فقال ما تقول يا حجاج قال قلت إي والله فاكتم عني ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا من أن أغلب عليه فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب قال حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى أتى الكعبة فطاف بها فلما رأوه قالوا يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة قال كلا والله الذي حلفتم به لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على بنت ملكهم وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحت له ولأصحابه قالوا من جاءك بهذا الخبر قال الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم مسلما فأخذ ماله فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه قالوا يا لعباد الله انفلت عدو الله أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن قال ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك.


شعر في يوم خيبر *
HSNXV02P347C

قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم خيبر قول حسان بن ثابت بئسما قاتلت خيابر عما جمعوا من مزارع ونخيل كرهوا الموت فاستبيح حماهم وأقروا فعل اللئيم الذليل أمن الموت يهربون فإن الموت موت الهزال غير جميل وقال حسان بن ثابت أيضا وهو يعذر أيمن بن أم أيمن بن عبيد وكان قد تخلف عن خيبر وهو من بني عوف بن الخزرج وكانت أمه أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أم أسامة بن زيد فكان أخا أسامة لأمه § على حين أن قالت لأيمن أمه جبنت ولم تشهد فوارس خيبر وأيمن لم يجبن ولكن مهره أضر به شرب المديد المخمر ولولا الذي قد كان من شأن مهره لقاتل فيهم فارسا غير أعسر ولكنه قد صده فعل مهره وما كان منه عنده غير أيسر.


HSNXV02P348D

قال ابن إسحاق وقال ناجية بن جندب الأسلمي يا لعباد لله فيم يرغب ما هو إلا مأكل ومشرب وجنة فيها نعيم معجب وقال ناجية بن جندب الأسلمي أيضا أنا لمن أنكرني ابن جندب يا رب قرن في مكري أنكب طاح بمغدى أنسر وثعلب.


ذكر مقاسم خيبر وأموالها *

HSNXV02P349D

قال ابن إسحاق وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وطعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك بالصلح منهم محيصة بن مسعود أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا من شعير وثلاثين وسقا من تمر وقسمت خيبر على أهل الحديبية من شهد خيبر ومن غاب عنها ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها وكان وادياها وادي السريرة ووادي خاص وهما اللذان قسمت عليهما خيبر وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهما نطاة من ذلك خمسة أسهم § والشق ثلاثة عشر سهما وقسمت الشق ونطاة على ألف سهم وثمان مائة سهم وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سهم وثمان مائة سهم برجالهم وخيلهم الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتا فارس فكان لكل فرس سهمان ولفارسه سهم وكان لكل راجل سهم فكان لكل سهم رأس جمع إليه مائة رجل فكانت ثمانية عشر سهما جمع.


قسمة الأسهم على أربابها *
HSNXV02P350F

قال ابن إسحاق فكان علي بن أبي طالب رأسا والزبير بن العوام وطلحة ابن عبيد الله وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي أخو بني العجلان وأسيد بن حضير وسهم الحارث بن الخزرج وسهم ناعم وسهم بني بياضة وسهم بني عبيد وسهم بني حرام من بني سلمة وعبيد السهام.


HSNXV02P350H

قال ابن إسحاق وسهم ساعدة وسهم غفار وأسلم وسهم النجار وسهم حارثة وسهم أوس فكان أول سهم خرج من خيبر بنطاة سهم الزبير بن العوام وهو الخوع وتابعه السرير ثم كان الثاني سهم بياضة ثم كان الثالث سهم أسيد ثم كان الرابع سهم بني الحارث بن الخزرج ثم كان الخامس سهم ناعم لبني عوف § ابن الخزرج ومزينة وشركائهم وفيه قتل محمود بن مسلمة فهذه نطاة ثم هبطوا إلى الشق فكان أول سهم خرج منه سهم عاصم بن عدي أخي بني العجلان ومعه كان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سهم عبد الرحمن ابن عوف ثم سهم ساعدة ثم سهم النجار ثم سهم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ثم سهم طلحة بن عبيد الله ثم سهم غفار وأسلم ثم سهم عمر بن الخطاب ثم سهما سلمة بن عبيد وبني حرام ثم سهم حارثة ثم سهم عبيد السهام ثم سهم أوس وهو سهم اللفيف جمعت إليه جهينة ومن حضر خيبر من سائر العرب وكان حذوه سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أصابه في سهم عاصم بن عدي ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتيبة وهي وادي خاص بين قرابته وبين نسائه وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته مائتي وسق ولعلي بن أبى طالب مائة وسق ولأسامة ابن زيد مائتي وسق وخمسين وسقا من نوى ولعائشة أم المؤمنين مائتي وسق ولأبي بكر بن أبى قحافة مائة وسق ولعقيل بن أبى طالب مائة وسق وأربعين وسقا ولبني جعفر خمسين وسقا ولربيعة بن الحارث مائة وسق وللصلت بن مخرمة وابنيه مائة وسق للصلت منها أربعون وسقا ولأبي نبقة خمسين وسقا ولركانة بن عبد يزيد خمسين وسقا ولقيس بن مخرمة ثلاثين وسقا ولأبي القاسم ابن مخرمة أربعين وسقا ولبنات عبيدة بن الحارث وابنة الحصين بن الحارث مائة وسق ولبني عبيد بن عبد يزيد ستين وسقا ولابن أوس بن مخرمة ثلاثين وسقا ولمسطح بن أثاثة وابن إلياس خمسين وسقا ولأم رميثة § أربعين وسقا ولنعيم بن هند ثلاثين وسقا ولبحينة بنت الحارث ثلاثين وسقا ولعجير بن عبد يزيد ثلاثين وسقا ولأم حكيم بنت الزبين بن عبد المطلب ثلاثين وسقا ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ولابن الأرقم خمسين وسقا ولعبد الرحمن بن أبي بكر أربعين وسقا ولحمنة بنت جحش ثلاثين وسقا ولأم الزبير أربعين وسقا ولضباعة بنت الزبير أربعين وسقا ولابن أبي خنيس ثلاثين وسقا ولأم طالب أربعين وسقا ولأبي بصرة عشرين وسقا ولنميلة الكلبي خمسين وسقا ولعبد الله بن وهب وابنتيه تسعين وسقا لابنيه منها أربعين وسقا ولأم حبيب بنت جحش ثلاثين وسقا ولملكو بن عبدة ثلاثين وسقا ولنسائه صلى الله عليه وسلم سبع مائة وسق.


عهد الرسول إلى نسائه بنصيبهن في المغانم *
HSNXV02P352D

ذكر ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من قمح خيبر قسم لهن مائة وسق وثمانين وسقا ولفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم § خمسة وثمانين وسقا ولأسامة بن زيد أربعين وسقا وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقا ولأم رميثة خمسة أوسق شهد عثمان بن عفان وعباس وكتب.


ما أوصى به الرسول عند موته *
HSNXV02P353C

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث أوصى للرهاويين بجاد مائة وسق من خيبر وللداريين بجاد مائة وسق من خيبر وللسبائيين وللأشعريين بجاد مائة وسق من خيبر وأوصى بتنفيذ بعث أسامة بن زيد بن حارثة وألا يترك بجزيرة العرب دينان.


أمر فدك في خبر خيبر *

HSNXV02P353F

قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف أو بعد ما قدم المدينة فقبل ذلك منهم فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب § وهم بنو الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لحم الذين ساروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشام تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد ابن قيس وعرفة بن مالك سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن.


HSNXV02P354F

قال ابن إسحاق وفاكه بن نعمان وجبلة بن مالك وأبو هند بن بر وأخوه الطيب بن بر فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عبد الله بن أبي بكر يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين ويهود فيخرص عليهم فإذا قالوا تعديت علينا قال إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا فتقول يهود بهذا قامت السموات والأرض وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة عاما واحدا ثم أصيب بمؤتة يرحمه الله فكان جبار بن صخر بن أمية بن خنساء أخو بني سلمة هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة فأقامت يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأسا في معاملتهم حتى عدوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن سهل أخي بني حارثة قتلوه فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون عليه.


HSNXV02P355A

قال ابن إسحاق فحدثني الزهري عن سهل بن أبي حثمة وحدثني أيضا بشير بن يسار مولى بني حارثة عن سهل بن أبي حثمة قال أصيب عبد الله بن سهل بخيبر وكان خرج إليها في أصحاب له يمتار منها تمرا فوجد في عين قد كسرت عنقه ثم طرح فيها قال فأخذوه فغيبوه ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له شأنه فتقدم إليه أخوه عبد الرحمن ابن سهل ومعه ابنا عمه حويصة ومحيصة ابنا مسعود وكان عبد الرحمن من أحدثهم سنا وكان صاحب الدم وكان ذا قدم في القوم فلما تكلم قبل ابنى عمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر.


HSNXV02P355C

فسكت فتكلم حويصة ومحيصة ثم تكلم هو بعد فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل صاحبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلمه إليكم قالوا يا رسول الله ما كنا لنحلف على ما لا نعلم قال أفيحلفون بالله خمسين يمينا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ثم يبرءون من دمه قالوا يا رسول الله ما كنا لنقبل أيمان يهود ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم قال فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة قال سهل فو الله ما أنسى بكرة منها حمراء ضربتني وأنا أحوزها.


HSNXV02P355D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عبد الرحمن ابن بجيد بن قيظي أخي بني حارثة قال محمد بن إبراهيم وايم الله ما كان سهل بأكثر علما منه ولكنه كان أسن منه إنه قال له والله ما هكذا كان الشأن ولكن سهلا أوهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلفوا على § مالا علم لكم به ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار إنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده.


HSNXV02P356B

قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن شعيب مثل حديث عبد الرحمن بن بجيد إلا أنه قال في حديثه دوه أو ائذنوا بحرب فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده.


إجلاء اليهود عن خيبر أيام عمر *
HSNXV02P356D

قال ابن إسحاق وسألت ابن شهاب الزهري كيف كان إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر نخلهم حين أعطاهم النخل على خرجها أبت ذلك لهم حتى قبض أم أعطاهم إياها للضرورة من غير ذلك فأخبرني ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال وكانت خيبر مما أفاء الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها بين المسلمين ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئتم دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها وتكون ثمارها بيننا وبينكم وأقركم ما أقركم الله فقبلوا فكانوا على ذلك يعملونها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها ويعدل عليهم في الخرص فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أقرها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي ثم أقرها عمر رضي الله عنه صدرا من إمارته ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبضه الله فيه لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ففحص عمر ذلك حتى بلغه الثبت فأرسل إلى يهود فقال إن الله عز وجل قد أذن في جلائكم قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليأتني به أنفذه § له ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليتجهز الجلاء فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.


HSNXV02P357B

قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها فلما قدمنا تفرقنا في أموالنا قال فعدي علي تحت الليل وأنا نائم على فراشي ففدعت يداي من مرفقي فلما أصبحت استصرخ علي صاحباي فأتياني فسألاني من صنع هذا بك فقلت لا أدري قال فأصلحا من يدى ثم قد ما بي على عمر رضي الله عنه فقال هذا عمل يهود ثم قام في الناس خطيبا فقال أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما قد بلغكم مع عدوهم على الأنصاري قبله لا نشك أنهم أصحابه ليس لنا هناك عدو غيرهم فمن كان له مال بخيبر فليلحق به فإني مخرج يهود فأخرجهم.


قسمة عمر لوادي القرى بين المسلمين *
HSNXV02P357D

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن مكنف أخي بني حارثة قال لما أخرج عمر يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار وخرج معه جبار بن صخر بن أمية بن خنساء أخو بني سلمة وكان خارص أهل المدينة وحاسبهم ويزيد بن ثابت وهما قسما خيبر بين أهلها على أصل جماعة السهمان التي كانت عليها وكان ما قسم عمر بن الخطاب من وادي القرى لعثمان بن عفان خطر ولعبد الرحمن بن عوف خطر ولعمر بن أبي سلمة خطر ولعامر بن أبي ربيعة خطر ولعمرو بن سراقة خطر ولأشيم خطر.


HSNXV02P357F

ولبني جعفر خطر ولمعيقيب خطر ولعبد الله بن الأرقم خطر ولعبد الله وعبيد الله خطران ولابن عبد الله § ابن جحش خطر ولابن البكير خطر ولمعتمر خطر ولزيد بن ثابت خطر ولأبي بن كعب خطر ولمعاذ بن عفراء خطر ولأبي طلحة وحسن خطر ولجبار بن صخر خطر ولجابر بن عبد الله بن رئاب خطر ولمالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله بن عمرو خطر ولابن حضير خطر ولابن سعد بن معاذ خطر ولسلامة بن سلامة خطر ولعبد الرحمن بن ثابت وأبي شريك خطر ولأبي عبس بن جبر خطر ولمحمد بن مسلمة خطر ولعبادة بن طارق خطر.


HSNXV02P358C

قال ابن إسحاق ولجبر بن عتيك نصف خطر ولابني الحارث بن قيس نصف خطر ولابن حزمة والضحاك خطر فهذا ما بلغنا من أمر خيبر ووادي القرى ومقاسمها.


ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب من الحبشة وحديث المهاجرين إلى الحبشة *

HSNXV02P359E

قال ابن إسحاق وكان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري فحملهم في سفينتين فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية من بني هاشم بن عبد مناف جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب معه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية وابنه عبد الله بن جعفر وكانت ولدته بأرض الحبشة قتل جعفر بمؤتة من أرض الشام أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ومن بني عبد شمس بن عبد مناف خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد.


HSNXV02P359J

وابناه سعيد بن خالد وأمه بنت خالد ولدتهما بأرض § الحبشة قتل خالد بمرج الصفر في خلافة أبي بكر الصديق بأرض الشام وأخوه عمرو بن سعيد بن العاص معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني هلكت بأرض الحبشة قتل عمرو بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ولعمرو بن سعيد يقول أبوه سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة ألا ليت شعري عنك يا عمرو سائلا إذا شب واشتدت يداه وسلحا أتترك أمر القوم فيه بلابل تكشف غيظا كان في الصدر موجحا ولعمرو وخالد يقول أخوهما أبان بن سعيد بن العاص حين أسلما وكان أبو هم سعيد بن العاص هلك بالظريبة من ناحية الطائف هلك في مال له بها ألا ليت ميتا بالظريبة شاهد لما يفتري في الدين عمرو وخالد أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا يعينان من أعدائنا من نكايد فأجابه خالد بن سعيد فقال أخي ما أخي لا شاتم أنا عرضه ولا هو من سوء المقالة مقصر يقول إذا اشتدت عليه أموره ألا ليت ميتا بالظريبة ينشر فدع عنك ميتا قد مشى لسبيله وأقبل على الأدنى الذي هو أفقر ومعيقيب بن أبي فاطمة خازن عمر بن الخطاب على بيت مال المسلمين وكان § إلى آل سعيد بن العاص وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس حليف آل عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس أربعة نفر ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الأسود بن نوفل بن خويلد رجل ومن بني عبد الدار بن قصي جهم بن قيس بن عبد شرحبيل معه ابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم وكانت معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود هلكت بأرض الحبشة وابناه لها رجل ومن بني زهرة بن كلاب عامر بن أبي وقاص وعتبة بن مسعود حليف لهم من هذيل رجلان ومن بني تيم بن مرة بن كعب الحارث بن خالد بن صخر وقد كانت معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبيلة هلكت بأرض الحبشة رجل ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن ربيعة بن أهبان رجل ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب محمية بن الجزء حليف لهم من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله على خمس المسلمين رجل ومن بني عدي بن كعب بن لؤي معمر بن عبد الله بن نضلة رجل § ومن بني عامر بن لؤي بن غالب أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس رجلان ومن بني الحارث بن فهر بن مالك الحارث بن عبد قيس بن لقيط رجل وقد كان حمل معهم في السفينتين نساء من نساء من هلك لك من المسلمين هؤلاء الذين حمل النجاشي مع عمرو بن أمية الضمري في السفينتين فجميع من قدم في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر رجلا وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة ولم يقدم إلا بعد بدر ولم يحمل النجاشي في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قدم بعد ذلك ومن هلك بأرض الحبشة من مهاجرة الحبشة من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي أسد خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان وابنته حبيبة بنت عبيد الله وبها كانت تكنى أم حبيبة بنت أبي سفيان وكان اسمها رملة خرج مع المسلمين مهاجرا فلما قدم أرض الحبشة تنصر بها وفارق الإسلام ومات لك نصرانيا فخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته من بعده أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.


HSNXV02P362M

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة قال خرج § عبيد الله بن جحش مع المسلمين مسلما فلما قدم أرض الحبشة تنصر قال فكان إذا مر بالمسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتحنا وصأصأتم أي قد أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه للنظر صأصأ قبل ذلك فضرب ذلك له ولهم مثلا أي أنا قد فتحنا أعيننا فأبصرنا ولم تفتحوا أعينكم فتبصروا وأنتم تلتمسون ذلك.


HSNXV02P363B

قال ابن إسحاق وقيس بن عبد الله رجل من بني أسد بن خزيمة وهو أبو أمية بنت قيس التي كانت مع أم حبيبة وامرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب كانتا ظئرى عبيد الله بن جحش وأم حبيبة بنت أبي سفيان فخرجا بهما معهما حين هاجرا إلى أرض الحبشة رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد قتل يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد هلك بأرض الحبشة رجلان ومن بني عبد الدار بن قصي أبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار رجلان ومن بني زهرة بن كلاب بن مرة المطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة بن سعيد § ابن سعد بن سهم هلك بأرض الحبشة ولدت له هنالك عبد الله بن المطلب فكان يقال إن كان لأول رجل ورث أباه في الإسلام رجل ومن بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم قتل بالقادسية مع سعد بن أبي وقاص رجل ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب هبار بن سفيان بن عبد الأسد قتل بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وأخوه عبد الله ابن سفيان قتل عام اليرموك بالشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشك فيه أقتل ثم أم لا وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة ثلاثة تفر ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وابناه محمد والحارث معه امرأته فاطمة بنت المجلل هلك حاطب لك مسلما فقدمت امرأته وابناه وهي أمهما في إحدى السفينتين وأخوه حطاب بن الحارث معه امرأته فكيهة بنت يسار هلك هنالك مسلما فقدمت امرأته فكيهة في إحدى السفينتين وسفيان بن معمر بن حبيب وابناه جنادة وجابر وأمهما معه حسنة وأخوهما لأمهما شرحبيل بن حسنة وهلك سفيان وهلك ابناه جنادة وجابر في خلافة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ستة نفر § ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن الحارث بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم الشاعر هلك بأرض الحبشة وقيس بن حذافة ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي ابن سعد بن سهم قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى والحارث بن الحارث بن قيس بن عدي ومعمر ابن الحارث بن قيس بن عدي وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي وأخ له من أمه من بني تميم يقال له سعيد بن عمرو قتل بأجنادين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وسعيد بن الحارث بن قيس قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن ابن الخطاب رضي الله عنه والسائب بن الحارث بن قيس جرح بالطائف مع رسول الله صلى عليه وسلم وقتل يوم فحل في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويقال قتل يوم خيبر يشك فيه وعمير بن رئاب بن حذيفة ابن مهشم بن سعد بن سهم قتل بعين التمر مع خالد بن الوليد منصرفه من اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أحد عشر رجلا ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عروة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف ابن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب هلك بأرض الحبشة وعدي بن نضلة ابن عبد العزى بن حرثان هلك بأرض الحبشة رجلان § وقد كان مع عدي ابنه النعمان بن عدي فقدم النعمان مع من قدم من المسلمين من أرض الحبشة فبقي حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب فاستعمله على ميسان من أرض البصرة فقال أبياتا من شعر وهي ألا هل أتى الحسناء أن حليلها بميسان يسقى في زجاج وحنتم إذا شئت غنتني دهاقين قرية ورقاصة تجذو على كل منسم فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقني بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا في الجوسق المتهدم فلما بلغت أبياته عمر قال نعم والله إن ذلك ليسوؤني فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته وعزله فلما قدم عليه اعتذر إليه وقال والله يا أمير المؤمنين ما صنعت شيئا مما بلغك أني قلته قط ولكني كنت امرأ شاعرا وجدت فضلا من قول فقلت فيما تقول الشعراء فقال له عمر وايم الله لا تعمل لي على عمل ما بقيت وقد قلت ما قلت ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وهو كان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة رجل § ومن بني الحارث بن فهر بن مالك عثمان بن عبد غم بن زهير بن أبي شداد وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر وعياض بن زهير بن أبي شداد ثلاثة نفر فجميع من تخلف عن بدر ولم يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ومن قدم بعد ذلك ومن لم يحمل النجاشي في السفينتين أربعة وثلاثون رجلا وهذه تسمية جملة من هلك منهم ومن أبنائهم بأرض الحبشة من بني عبد شمس بن عبد مناف عبيد الله بن جحش بن رئاب حليف بني أمية مات بها نصرانيا ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد ومن بني جمح حاطب بن الحارث وأخوه حطاب بن الحارث ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن الحارث بن قيس ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عروة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف وعدي بن نضلة سبعة نفر ومن أبنائهم من بني تيم بن مرة موسى بن الحارث بن خالد بن صخر ابن عامر رجل § وجميع من هاجر إلى أرض الحبشة من النساء من قدم منهن ومن هلك هنالك ست عشرة امرأة سوى بناتهن اللاتي ولدن هنالك من قدم منهن ومن هلك لك ومن خرج به معهن حين خرجن من قريش من بني هاشم رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني أمية أم حبيبة بنت أبي سفيان معها ابنتها حبيبة خرجت بها من مكة ورجعت بها معها ومن بني مخزوم أم سلمة بنت أبي أمية قدمت معها بزينب ابنتها من أبي سلمة ولدتها لك ومن بني تيم بن مرة ريطة بنت الحارث بن جبيلة هلكت بالطريق وبنتان لها كانت ولدتهما هنالك عائشة بنت الحارث وزينب بنت الحارث هلكن جميعا وأخوهن موسى بن الحارث من ماء شربوه في الطريق وقدمت بنت لها ولدتها هنالك فلم يبق من ولدها غيرها يقال لها فاطمة ومن بني سهم بن عمرو رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة ومن بني عدي بن كعب ليلى بنت أبي حثمة بن غانم ومن بني عامر بن لؤي سودة بنت زمعة بن قيس وسهلة بنت سهيل § ابن عمرو وابنة المجلل وعمرة بنت السعدي بن وقدان وأم كلثوم بنت سهيل بن عمرو ومن غرائب العرب أسماء بنت عميس بن النعمان الخثعمية وفاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكنانية وفكيهة بنت يسار وبركة بنت يسار وحسنة أم شرحبيل بن حسنة وهذه تسمية من ولد من أبنائهم بأرض الحبشة ومن بني هاشم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ومن بني عبد شمس محمد بن أبي حذيفة وسعيد بن خالد بن سعيد وأخته أمة بنت خالد ومن بني مخزوم زينب بنت أبي سلمة بن الأسد ومن بني زهرة عبد الله بن المطلب بن أزهر ومن بني تيم موسى بن الحارث بن خالد وأخواته عائشة بنت الحارث وفاطمة بنت الحارث وزينب بنت الحارث الرجال منهم خمسة عبد الله بن جعفر ومحمد بن أبي حذيفة وسعيد بن خالد وعبد الله بن المطلب وموسى بن الحارث § ومن النساء خمس أمة بنت خالد وزينب بنت أبي سلمة وعائشة وزينب وفاطمة بنات الحارث بن خالد بن صخر.


عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع *

HSNXV02P370E

قال ابن إسحاق فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجبا وشعبان ورمضان وشوالا يبعث فيما بين ذلك من غزوه وسراياه صلى الله عليه وسلم ثم خرج في ذي القعدة في الشهر الذي صده فيه المشركون معتمرا عمرة القضاء مكان عمرته التي صدوه عنها.


خروج المسلمين الذين صدوا أولا معه *
HSNXV02P370K

قال ابن إسحاق وخرج معه المسلمون ممن كان صد معه في عمرته تلك وهي سنة سبع فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه وتحدثت قريش بينها أن محمدا وأصحابه في عسرة وجهد وشدة.


سبب الهرولة بين الصفا والمروة *
HSNXV02P371B

قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن ابن عباس قال صفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى ثم قال رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة ثم استلم الركن وخرج يهرول ويهرول أصحابه معه حتى إذا واراه البيت منهم واستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ومشى سائرها فكان ابن عباس يقول كان الناس يظنون أنها ليست عليهم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم حتى إذا حج حجة الوداع فلزمها فمضت السنة بها.


ارتجاز ابن رواحة وهو يقود ناقة الرسول *
HSNXV02P371C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في تلك العمرة دخلها وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير في رسوله يا رب إني مؤمن بقيله أعرف حق الله في قبوله نحن قتلناكم على تأويله كما قتلناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله.


زواج الرسول بميمونة *
HSNXV02P372C

قال ابن إسحاق وحدثني أبان بن صالح وعبد الله بن أبي نجيح عن عطاء ابن أبي رباح ومجاهد أبي الحجاج عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك وهو حرام وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب.


إرسال قريش حويطبا إلى الرسول يطلب منه الخروج من مكة *
HSNXV02P372E

قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا فأتاه حويطب ابن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل في نفر من قريش في اليوم الثالث وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فقالوا له إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم وصنعنا لكم طعاما فحضرتموه قالوا لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ذي الحجة.


ذكر غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان ومقتل جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة *

HSNXV02P373C

قال ابن إسحاق فأقام بها بقية ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم وصفرا وشهري ربيع وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة.


بعث الرسول إلى مؤتة واختياره الأمراء *
HSNXV02P373E

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم فلما ودع عبد الله بن رواحة من ودع من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى فقالوا ما يبكيك يا بن رواحة فقال أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله عز وجل يذكر فيها النار وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا § فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله بن رواحة لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا.


HSNXV02P374B

قال ابن إسحاق ثم إن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم فودعه ثم قال فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا إني تفرست فيك الخير نافلة الله يعلم أني ثابت البصر أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر.


HSNXV02P374D

قال ابن إسحاق ثم خرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا ودعهم وانصرف عنهم قال عبد الله بن رواحة خلف السلام على امرئ ودعته في النخل خير مشيع وخليل § ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضم إليهم مل لخم وجذام والقين وبهراء وبلى مائة ألف منهم عليهم رجل من بلي ثم أحد إراشة يقال له مالك بن زافلة فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له قال فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة قال فقال الناس قد والله صدق ابن رواحة فمضى الناس فقال عبد الله بن رواحة في محبسهم ذلك جلبنا الخيل من أجإ وفرع تغر من الحشيش لها العكوم حذوناها من الصوان سبتا أزل كأن صفحته أديم أقامت ليلتين على معان فأعقب بعد فترتها جموم § فرحنا والجياد مسومات تنفس في مناخرها السموم فلا وأبي مآب لنأتينها وإن كانت بها عرب وروم فعبأنا أعنتها فجاءت عوابس والغبار لها بريم بذي لجب كأن البيض فيه إذا برزت قوانسها النجوم فراضية المعيشة طلقتها أسنتها فتنكح أو تئيم.


HSNXV02P376C

قال ابن إسحاق ثم مضى الناس فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره فخرج بي في سفره ذلك مرد في على حقيبة رحله فو الله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه إذا أديتني وحملت رحلي مسيرة أربع بعد الحساء § فشأنك أنعم وخلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائي وجاء المسلمون وغادروني بأرض الشام مشتهي الثواء وردك كل ذي نسب قريب إلى الرحمن منقطع الإخاء هنالك لا أبالي طلع بعل ولا نخل أسافلها رواء فلما سمعتهن منه بكيت قال فخفقني بالدرة وقال ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل قال ثم قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز يا زيد زيد اليعملات الذبل تطاول الليل هديت فانزل.


لقاء الروم *
HSNXV02P377C

قال ابن إسحاق فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عباية بن مالك.


مقتل ابن حارثة *
HSNXV02P378B

قال ابن إسحاق ثم التقى الناس واقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتى قتل وهو يقول يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها والروم روم قددنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها لي إذ لاقيتها ضرابها.


إمارة ابن رواحة ومقتله *
HSNXV02P379A

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف قال فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم قال أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه ما لي أراك تكرهين الجنه قد طال ما قد كنت مطمئنه هل أنت إلا نطفة في شنه وقال أيضا يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت يريد صاحبيه زيدا وجعفرا ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان فقال يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم قالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على § خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس.


تنبؤ الرسول بما حدث للمسلمين مع الروم *
HSNXV02P380C

قال ابن إسحاق ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا قال ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون ثم قال ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم قال لقد رفعوا إلي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه فقلت عم هذا فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى.


حزن الرسول على جعفر ووصايته بآله *
HSNXV02P380E

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر عن أم عيسى الخزاعية عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس قالت لما أصيب جعفر وأصحابه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دبغت أربعين منا.


HSNXV02P380G

وعجنت عجيني وغسلت بني ودهنتهم ونظفتهم قالت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتيني ببني جعفر قالت فأتيته بهم فتشممهم وذرفت عيناه فقلت يا رسول الله § بأبي أنت وأمي ما يبكيك أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء قال نعم أصيبوا هذا اليوم قالت فقمت أصيح واجتمعت إلي النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم وحدثني عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن قالت فدخل عليه رجل فقال يا رسول الله إن النساء عنيننا وفتننا قال فارجع إليهن فأسكتهن قالت فذهب ثم رجع فقال له مثل ذلك قال تقول وربما ضر التكلف أهله قالت قال فاذهب فأسكتهن فإن أبين فاحث في أفواههن التراب قالت وقلت في نفسي أبعدك الله فو الله ما تركت نفسك وما أنت بمطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وعرفت أنه لا يقدر على أن يحثي في أفواههن التراب.


HSNXV02P381B

قال ابن إسحاق وقد كان قطبة بن قتادة العذري الذي كان على ميمنة المسلمين قد حمل على مالك بن زافلة فقتله فقال قطبة بن قتادة طعنت ابن زافلة بن الإراش برمح مضى فيه ثم انحطم ضربت على جيده ضربة فمال كما مال غصن السلم وسقنا نساء بني عمه غداة رقوقين سوق النعم.


كاهنة حدس وإنذارها قومها *
HSNXV02P382C

قال ابن إسحاق وقد كانت كاهنة من حدس حين سمعت بجيش رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قد قالت لقومها من حدس وقومها بطن يقال لهم بنو غنم أنذركم قوما خزرا ينظرون شزرا ويقودون الخيل تترى ويهريقون دما عكرا فأخذوا بقولها واعتزلوا من بين لخم فلم تزل بعد أثرى حدس وكان الذين صلوا الحرب يومئذ بنو ثعلبة بطن من حدس فلم يزالوا قليلا بعد فلما انصرف خالد بالناس أقبل بهم قافلا.


رجوع الجيش وتلقي الرسول له وغضب المسلمين *
HSNXV02P382E

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قال ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة فقال خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر فأتى بعبد الله فأخذه فحمله بين يديه قال وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون يا فرار فررتم في سبيل الله قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض آل الحارث بن هشام وهم أخواله عن أم سلمة زوج النبي § صلى الله عليه وسلم قال قالت أم سلمة لامرأة سلمة بن هشام بن العاص بن المغيرة ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين قالت والله ما يستطيع أن يخرج كلما خرج صاح به الناس يا فرار فررتم في سبيل الله حتى قعد في بيته فما يخرج.


HSNXV02P383C

قال ابن إسحاق وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد ومخاشاته بالناس وانصرافه بهم قيس بن المسحر اليعمري يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس فو الله لا تنفك نفسي تلومني على موقفي والخيل قابعة قبل وقفت بها لا مستجيرا فنافذا ولا مانعا من كان حم له القتل على أنني آسيت نفسي بخالد ألا خالد في القوم ليس له مثل وجاشت إلي النفس من نحو جعفر بمؤتة إذ لا ينفع النابل النبل وضم إلينا حجزتيهم كليهما مهاجرة لا مشركون ولا عزل فبين قيس ما اختلف فيه الناس من ذلك في شعره أن القوم حاجزوا وكرهوا الموت وحقق انحياز خالد بمن معه.


HSNXV02P383F

قال ابن إسحاق وكان مما بكي به أصحاب مؤتة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول حسان بن ثابت § تأوبني ليل بيثرب أعسر وهم إذا ما نوم الناس مسهر لذكرى حبيب هيجت لي عبرة سفوحا وأسباب البكاء التذكر بلى إن فقدان الحبيب بلية وكم من كريم يبتلى ثم يصبر رأيت خيار المؤمنين تواردوا شعوب وخلفا بعدهم يتأخر فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله حين تتابعوا جميعا وأسباب المنية تخطر غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم إلى الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم أبي إذا سيم الظلامة مجسر فطاعن حتى مال غير موسد لمعترك فيه قنا متكسر فصار مع المستشهدين ثوابه جنان وملتف الحدائق أخضر وكنا نرى في جعفر من محمد وفاء وأمرا حازما حين يأمر فما زال في الإسلام من آل هاشم دعائم عز لا يزلن ومفخر هم جبل الإسلام والناس حولهم رضام إلى طود يروق ويقهر § بها ليل منهم جعفر وابن أمه علي ومنهم أحمد المتخير وحمزة والعباس منهم ومنهم عقيل وماء العود من حيث يعصر بهم تفرج اللأواء في كل مأزق عماس إذا ما ضاق بالناس مصدر هم أولياء الله أنزل حكمه عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر وقال كعب بن مالك نام العيون ودمع عينك يهمل سحا كما وكف الطباب المخضل في ليلة وردت علي همومها طورا أحن وتارة أتململ واعتادني حزن فبت كأنني ببنات نعش والسماك موكل وكأنما بين الجوانح والحشى مما تأوبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا صلى الإله عليهم من فتية وسقى عظامهم الغمام المسبل صبروا بمؤتة للإله نفوسهم حذر الردى ومخافة أن ينكلوا فمضوا أمام المسلمين كأنهم فنق عليهن الحديد المرفل § إذ يهتدون بجعفر ولوائه قدام أولهم فنعم الأول حتى تفرجت الصفوف وجعفر حيث التقى وعث الصفوف مجدل فتغير القمر المنير لفقده والشمس قد كسفت وكادت تأفل قرم علا بنيانه من هاشم فرعا أشم وسؤددا ما ينقل قوم بهم عصم الإله عباده وعليهم نزل الكتاب المنزل فضلوا المعاشر عزة وتكرما وتغمدت أحلامهم من يجهل لا يطلقون إلى السفاه حباهم ويرى خطيبهم بحق يفصل بيض الوجوه ترى بطون أكفهم تندى إذا اعتذر الزمان الممحل وبهداهم رضى الإله الخلقة وبجدهم نصر النبي المرسل وقال حسان بن ثابت يبكي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ولقد بكيت وعز مهلك جعفر حب النبي على البرية كلها ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي من للجلاد لدى العقاب وظلها بالبيض حين تسل من أغمادها ضربا وإنهال الرماح وعلها § بعد ابن فاطمة المبارك جعفر خير البرية كلها وأجلها رزءا وأكرمها جميعا محتدا وأعزها متظلما وأزلها للحق حين ينوب غير تنحل كذبا وأنداها يدا وأقلها فحشا وأكثرها إذا ما يجتدى فضلا وأبذلها ندى وأبلها بالعرف غير محمد لا مثله حي من احياء البرية كلها وقال حسان بن ثابت في يوم مؤتة يبكي زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة عين جودي بدمعك المنزور واذكري في الرخاء أهل القبور واذكري مؤتة وما كان فيها يوم راحوا في وقعة التغوير حين راحوا وغادروا ثم زيدا نعم مأوى الضريك والمأسور حب خير الأنام طرا جميعا سيد الناس حبه في الصدور ذاكم أحمد الذي لا سواه ذاك حزني له معا وسروري إن زيدا قد كان منا بأمر ليس أمر المكذب المغرور ثم جودي للخزرجي بدمع سيدا كان ثم غير نزور § قد أتانا من قتلهم ما كفانا فبحزن نبيت غير سرور وقال شاعر من المسلمين ممن رجع من غزوة مؤتة كفى حزنا أني رجعت وجعفر وزيد وعبد الله في رمس أقبر قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم وخلفت للبلوى مع المتغبر ثلاثة رهط قدموا فتقدموا إلى ورد مكروه من الموت أحمر وهذه تسمية من استشهد يوم مؤتة من قريش ثم من بني هاشم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة رضي الله عنه ومن بني عدي بن كعب مسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة ومن بني مالك بن حسل وهب بن سعد بن أبي سرح ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وعباد ابن قيس ومن بني غنم بن مالك بن النجار الحارث بن النعمان بن أساف بن نضلة ابن عبد بن عوف بن غنم ومن بني مازن بن النجار سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء.


ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وذكر فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان *

HSNXV02P389E

قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بعثه إلى مؤتة جمادى الآخرة ورجبا ثم إن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له الوتير وكان الذي هاج ما بين بني بكر وخزاعة أن رجلا من بني الحضرمي واسمه مالك بن عباد وحلف الحضرمي يومئذ إلى الأسود بن رزن خرج تاجرا فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه فعدت خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن الديلي وهم منخر بني كنانة وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم.


HSNXV02P389F

قال ابن إسحاق وحدثني رجل من بني الديل قال كان بنو الأسود بن رزن يودون في الجاهلية ديتين ديتين ونودى دية دية لفضلهم فينا.


HSNXV02P390A

قال ابن إسحاق فبينا بنو بكر وخزاعة على ذلك حجز بينهم الإسلام وتشاغل الناس به فلما كان صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيما شرطوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط لهم كما حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم وغيرهم من علمائنا أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده.


HSNXV02P390B

قال ابن إسحاق فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين أصابوا منهم ببني الأسود بن رزن فخرج نوفل بن معاوية الديلي في بني الديل وهو يومئذ قائدهم وليس كل بني بكر تابعه حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم فأصابوا منهم رجلا وتحاوزوا واقتتلوا ورفدت بني بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى حازوا خزاعة إلى الحرم فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه وكان منبه رجلا مفئودا خرج هو ورجل من قومه يقال له تميم بن أسد وقال له منبه يا تميم انج بنفسك فأما أنا فو الله إني لميت قتلوني أو تركوني لقد انبت فؤادي وانطلق تميم فأفلت وأدركوا منبها فقتلوه فلما دخلت § خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء ودار مولى لهم يقال له رافع فقال تميم بن أسد يعتذر من فراره عن منبه لما رأيت بني نفاثة أقبلوا يغشون كل وتيرة وحجاب صخرا ورزنا لا عريب سواهم يزجون كل مقلص خناب وذكرت ذحلا عندنا متقادما فيما مضى من سالف الأحقاب ونشيت ريح الموت من تلقائهم ورهبت وقع مهند قضاب وعرفت أن من يثقفوه يتركوا لحما لمجرية وشلو غراب قومت رجلا لا أخاف عثارها وطرحت بالمتن العراء ثيابي ونجوت لا ينجو نجائي أحقب علج أقب مشمر الأقراب تلحى ولو شهدت لكان نكيرها بولا يبل مشافر القبقاب القوم أعلم ما تركت منبها عن طيب نفس فاسألي أصحابي.


HSNXV02P392C

قال ابن إسحاق وقال الأخزر بن لعط الديلي فيما كان بين كنانة وخزاعة في تلك الحرب ألا هل أتى قصوى الأحابيش أننا رددنا بني كعب بأفوق ناصل حبسناهم في دارة العبد رافع وعند بديل محبسا غير طائل بدار الذليل الآخذ الضيم بعد ما شفينا النفوس منهم بالمناصل حبسناهم حتى إذا طال يومهم نفحنا لهم من كل شعب بوابل نذبحهم ذبح التيوس كأننا أسود تبارى فيهم بالقواصل هم ظلمونا واعتدوا في مسيرهم وكانوا لدى الأنصاب أول قاتل كأنهم بالجزع إذ يطردونهم بفاثور حفان النعام الجوافل § فأجابه بديل بن عبد مناة بن سلمة بن عمرو بن الأجب وكان يقال له بديل بن أم أصرم فقال تفاقد قوم يفخرون ولم ندع لهم سيدا يندوهم غير نافل أمن خيفة القوم الألى تزدريهم تجيز الوتير خائفا غير آئل وفي كل يوم نحن نحبو حباءنا لعقل ولا يحبى لنا في المعاقل ونحن صبحنا بالتلاعة داركم بأسيافنا يسبقن لوم العواذل ونحن منعنا بين بيض وعتود إلى خيف رضوى من مجر القنابل ويوم الغميم قد تكفت ساعيا عبيس فجعناه بجلد حلاحل أأن أجمرت في بيتها أم بعضكم بجعموسها تنزون أن لم نقاتل كذبتم وبيت الله ما إن قتلتم ولكن تركنا أمركم في بلابل.


HSNXV02P394D

قال ابن إسحاق فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة وكان في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال يا رب إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشا أخلفوك الموعدا § ونقضوا ميثاقك الموكدا وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا وقتلونا ركعا وسجدا يقول قتلنا وقد أسلمنا.


HSNXV02P395C

قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأخبروه بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ثم انصرفوا راجعين إلى مكة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة ومضى بديل بن ورقاء وأصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان قد بعثته قريش إلى § رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذي صنعوا فلما لقي أبو سفيان بديل بن ورقاء قال من أين أقبلت يا بديل وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تسيرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي قال أو ما جئت محمدا قال لا فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان لئن جاء بديل المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك راحلته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى فقال أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها وعندها حسن بن علي غلام يدب بين يديها فقال يا علي إنك أمس القوم بي رحما وإني قد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا فاشفع لي إلى رسول الله فقال ويحك يا أبا سفيان والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى فاطمة فقال يا بنة محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر قالت والله ما بلغ بني ذاك أن يجير بين الناس وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني قال والله ما أعلم لك شيئا يغني عنك شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك قال أو ترى ذلك مغنيا عني شيئا قال لا والله ما أظنه ولكني لا أجد لك غير ذلك فقام أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش قالوا ما وراءك قال جئت محمدا فكلمته فو الله ما رد علي شيئا ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرا ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أدنى العدو.


HSNXV02P397C

قال ابن إسحاق ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم وقد أشار علي بشيء صنعته فو الله ما أدري هل يغني ذلك شيئا أم لا قالوا وبم أمرك قال أمرني أن أجير بين الناس ففعلت قالوا فهل أجاز ذلك محمد قال لا قالوا ويلك والله إن زاد الرجل على أن لعب بك فما يغني عنك ما قلت قال لا والله ما وجدت غير ذلك وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي بنية أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه قالت نعم فتجهز قال فأين ترينه يريد قالت لا والله ما أدري ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها فتجهز الناس فقال حسان بن ثابت يحرض الناس ويذكر مصاب رجال خزاعة § عناني ولم أشهد ببطحاء مكة رجال بني كعب تحز رقابها بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم وقتلى كثير لم تجن ثيابها ألا ليت شعري هل تنالن نصرتي سهيل بن عمرو وخزها وعقابها وصفوان عود حن من شفر استه فهذا أوان الحرب شد عصابها فلا تأمننا يا بن أم مجالد إذا احتلبت صرفا وأعصل نابها ولا تجزعوا منا فإن سيوفنا لها وقعة بالموت يفتح بابها.


كتاب حاطب إلى قريش وعلم الرسول بأمره *
HSNXV02P398D

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قالوا لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم لي غيره أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم § فخرجا حتى أدركاها بالخليقة خليقة بني أبي أحمد فاستنزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها علي بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت الجد منه قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال يا حاطب ما حملك على هذا فقال يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ولكني كنت أمرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله تعالى في حاطب يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة إلى قوله قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلى آخر القصة.


خروج الرسول في رمضان واستخلافه أبارهم *
HSNXV02P399C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين ابن عتبة بن خلف الغفاري وخرج لعشر مضين من رمضان فصام رسول § الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج أفطر.


نزولهم مر الظهران وتجسس قريش أخبار الرسول *
HSNXV02P400C

قال ابن إسحاق ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين فسبعت سليم وبعضهم يقول ألفت سليم وألفت مزينة وفي كل القبائل عدد وإسلام وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار فلم يتخلف عنه منهم أحد فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران وقد عميت الأخبار عن قريش فلم يأتهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل وخرج في تلك الليالي أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتحسسون الأخبار وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به وقد كان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق.


إسلام أبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن أمية *
HSNXV02P400G

قال ابن إسحاق وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة فالتمسا الدخول عليه فكلمته أم سلمة فيهما فقالت يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال قال فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان بني له فقال والله ليأذنن لي أو لآخذن بيدي بني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا فلما بلغ ذلك § رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما وأنشد أبو سفيان بن الحارث قوله في إسلامه واعتذر إليه مما كان مضى منه فقال لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد لكالمدلج الحيران أظلم ليله فهذا أواني حين أهدى وأهتدي هداني هاد غير نفسي ونالني مع الله من طردت كل مطرد أصد وأنأى جاهدا عن محمد وأدعى وإن لم أنتسب من محمد هم ما هم من لم يقل بهواهم وإن كان ذا رأي يلم ويفند أريد لأرضيهم ولست بلائط مع القوم ما لم أهد في كل مقعد فقل لثقيف لا أريد قتالها وقل لثقيف تلك غيري أوعدي فما كنت في الجيش الذي نال عامرا وما كان عن جرا لساني ولا يدي قبائل جاءت من بلاد بعيدة نزائع جاءت من سهام وسردد.


قصة إسلام أبي سفيان على يد العباس
HSNXV02P401E

قال ابن إسحاق فزعموا أنه حين أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونالني مع الله من طردت كل مطرد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال أنت طردتني كل مطرد § فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس بن عبد المطلب فقلت واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر قال فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها قال حتى جئت الأراك فقلت لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة قال فو الله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا قال يقول بديل هذه والله خزاعة حمشتها الحرب قال يقول أبو سفيان خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتي فقال أبو الفضل قال قلت نعم قال ما لك فداك أبي وأمي قال قلت ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله قال فما الحيلة فداك أبي وأمي قال قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك قال فركب خلفي ورجع صاحباه قال فجئت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من هذا وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء § قال فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه قال قلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة دوني رجل فلما أكثر عمر في شأنه قال قلت مهلا يا عمر فو الله أن لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف فقال مهلا يا عباس فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به قال فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا فقال له العباس ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك قال فشهد شهادة الحق فأسلم قال العباس قلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها قال § فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه قال ومرت القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال يا عباس من هذه فأقول سليم فيقول ما لي ولسليم ثم تمر القبيلة فيقول يا عباس من هؤلاء فأقول مزينة فيقول ما لي ولمزينة حتى نفدت القبائل ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها فإذا أخبرته بهم قال ما لي ولبني فلان حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء.


HSNXV02P404E

قال ابن إسحاق فيها المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد فقال سبحان الله يا عباس من هؤلاء قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار قال ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة قال فنعم إذن قال قلت النجاء إلى قومك حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان § فهو آمن فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت اقتلوا الحميت الدسم الأحمس قبح من طليعة قوم قال ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن قالوا قاتلك الله وما تغني عنا دارك قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.


وصول النبي إلى ذي طوى *
HSNXV02P405C

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل.


إسلام أبي قحافة *
HSNXV02P405E

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة من أصغر ولده أي بنية اظهري بي على أبي قبيس قالت وقد كف بصره قالت فأشرفت به عليه فقال أي بنية ماذا ترين قالت أرى سوادا مجتمعا قال تلك الخيل قالت وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك مقبلا ومدبرا قال أي بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ثم قالت قد والله انتشر السواد قالت فقال قد والله إذن دفعت الخيل فأسرعي بي إلى بيتي فانحطت به وتلقاه الخيل § قبل أن يصل إلى بيته قالت وفي عنق الجارية طوق من ورق فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت قال قالت فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم فأسلم قالت فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته وقال أنشد الله والإسلام طوق أختي فلم يجبه أحد قالت فقال أي أخية احتسبي طوقك فو الله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل.


دخول جيوش المسلمين مكة *
HSNXV02P406C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى وكان الزبير على المجنبة اليسرى وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء.


تخوف المهاجرين على قريش من سعد وما أمر به الرسول *
HSNXV02P406E

قال ابن إسحاق فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فسمعها رجل من المهاجرين.


HSNXV02P406G

فقال يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة ما نأمن أن يكون له في قريش صولة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم § لعلي بن أبي طالب أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها.


طريق المسلمين في دخول مكة *
HSNXV02P407C

قال ابن إسحاق وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد فدخل من الليط أسفل مكة في بعض الناس وكان خالد على المجنبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة وضربت له هنالك قبته.


تعرض صفوان في نفر معه للمسلمين *
HSNXV02P407E

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن أبي بكر أن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو كانوا قد جمعوا ناسا بالخندمة ليقاتلوا وقد كان حماس بن قيس بن خالد أخو بني بكر يعد سلاحا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلح منه فقالت له امرأته لماذا تعد ما أرى قال لمحمد وأصحابه قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء قال والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم ثم قال إن يقبلوا اليوم فما لي عله هذا سلاح كامل وأله وذو غرارين سريع السله ثم شهد الخندمة مع صفوان وسهيل وعكرمة فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال فقتل كرز بن جابر أحد بني محارب ابن فهر وخنيس بن خالد بن ربيعة بن أصرم حليف بني منقذ وكانا في خيل خالد بن الوليد فشذا عنه فسلكا طريقا غير طريقه فقتلا جميعا قتل حنيس § ابن خالد قبل كرز بن جابر فجعله كرز بن جابر بين رجليه ثم قاتل عنه حتى قتل وهو يرتجز ويقول قد علمت صفراء من بني فهر نقية الوجه نقية الصدر لأضربن اليوم عن أبي صخر.


HSNXV02P408C

قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن بكر قالا وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء من خيل خالد بن الوليد وأصيب من المشركين ناس قريب من اثني عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته ثم قال لامرأته أغلقي علي بابي قالت فأين ما كنت تقول فقال إنك لو شهدت يوم الخندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه وأبو يزيد قائم كالموتمه واستقبلتهم بالسيوف المسلمه يقطعن كل ساعد وجمجمه ضربا فلا يسمع إلا غمغمه لهم نهيت خلفنا وهمهمه لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه.


HSNXV02P409E

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا أنه قد عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد أخو بني عامر بن لؤي وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قد كان أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فارتد مشركا راجعا إلى قريش ففر إلى عثمان بن عفان وكان أخاه للرضاعة فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن الناس وأهل مكة فاستأمن له فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صمت طويلا ثم قال نعم فلما انصرف عنه عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الأنصار فهلا أومأت إلي يا رسول الله قال إن النبي لا يقتل بالإشارة.


HSNXV02P409I

قال ابن إسحاق وعبد الله بن خطل رجل من بني تيم بن غالب إنما أمر § بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى له يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما فنام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينتان فرتنى وصاحبتها وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي وكان ممن يؤذيه بمكة.


HSNXV02P410E

قال ابن إسحاق ومقيس بن حبابة وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لقتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مشركا وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وعكرمة بن أبي جهل وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة فأما عكرمة فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فخرجت في طلبه إلى اليمن حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأما عبد الله بن خطل فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه وأما مقيس بن حبابة فقتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه فقالت أخت مقيس في قتله لعمري لقد أخزى نميلة رهطه وفجع أضياف الشتاء بمقيس § فلله عينا من رأى مثل مقيس إذا النفساء أصبحت لم تخرس وأما قينتا ابن خطل فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فأمنها وأما سارة فاستؤمن لها فأمنها ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب.


حديث الرجلين اللذين أمنتهما أم هانئ *
HSNXV02P411C

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى عقيل ابن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب قالت لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة فر إلي رجلان من أحمائي من بني مخزوم وكانت عند هبيرة بن أبي وهب المخزومي قالت فدخل علي علي بن أبي طالب أخي فقال والله لأقتلنهما فأغلقت عليهما باب بيتي ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها لأثر العجين وفاطمة ابنته تستره بثوبه فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثماني ركعات من الضحى ثم انصرف إلي فقال مرحبا وأهلا يا أم هانئ ما جاء بك فأخبرته خبر الرجلين وخبر علي فقال قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت فلا يقتلهما.


طواف الرسول بالبيت وكلمته فيه *
HSNXV02P411F

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده § ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف له الناس في المسجد.


HSNXV02P412B

قال ابن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم الآية كلها ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء.


سبب تسمية الرسول لخراش بالقتال *
HSNXV02P414B

قال ابن إسحاق حدثني سعيد بن أبي سندر الأسلمي عن رجل من قومه قال كان معنا رجل يقال له أحمر بأسا وكان رجلا شجاعا وكان إذا نام غط غطيطا منكرا لا يخفى مكانه فكان إذا بات في حيه بات معتنزا فإذا بيت الحي صرخوا يا أحمر فيثور مثل الأسد لا يقوم لسبيله شيء فأقبل غزي من هذيل يريدون حاضره حتى إذا دنوا من الحاضر قال ابن الأثوع الهذلي لا تعجلوا علي حتى أنظر فإن كان في الحاضر أحمر فلا سبيل إليهم فإن له غطيطا لا يخفى قال فاستمع فلما سمع غطيطه مشى إليه حتى وضع السيف في صدره ثم تحامل عليه حتى قتله ثم أغاروا على الحاضر فصرخوا يا أحمر ولا أحمر لهم فلما كان عام الفتح وكان الغد من يوم الفتح أتى ابن الأثوع الهذلي حتى دخل مكة ينظر ويسأل عن أمر الناس وهو على شركه فرأته خزاعة فعرفوه فأحاطوا به وهو إلى جنب جدار من جدر مكة يقولون أأنت قاتل أحمر قال نعم أنا قاتل أحمر فمه قال إذ أقبل خراش بن أمية مشتملا على السيف فقال هكذا عن الرجل وو الله ما نظن إلا أنه يريد أن يفرج الناس عنه فلما انفرجنا عنه حمل عليه فطعنه بالسيف في بطنه فو الله § لكأني أنظر إليه وحشوته تسيل من بطنه وإن عينيه لترنقان في رأسه وهو يقول أقد فعلتموها يا معشر خزاعة حتى انجعف فوقع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع لقد قتلتم قتيلا لأدينه قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع خراش بن أمية قال إن خراشا لقتال يعيبه بذلك.


ما كان بين أبي شريح وابن سعد حين ذكره بحرمة مكة *
HSNXV02P415C

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال لما قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام من حرام إلى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما § ولا يعضد فيها شجرا لم تحلل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي ولم تحلل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب فمن قال لكم إن رسول الله قد قاتل فيها فقولوا إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كثر القتل إن نفع لقد قتلتم قتيلا لأدينه فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين إن شاءوا فدم قاتله وإن شاءوا فعقله ثم ودى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة فقال عمرو لأبي شريح انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك إنها لا تمنع سافك دم ولا خالع طاعة ولا مانع جزية فقال أبو شريح إني كنت شاهدا وكنت غائبا ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد أبلغتك فأنت وشأنك.


أمان الرسول لصفوان بن أمية *
HSNXV02P417E

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر عن عروة بن الزبير قال خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فأمنه صلى الله عليك قال هو آمن قال يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة § فخرج بها عمير حتى أدركه وهو يريد أن يركب في البحر فقال يا صفوان فداك أبي وأمي الله الله في نفسك أن تهلكها فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جئتك به قال ويحك اغرب عني فلا تكلمني قال أي صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك قال إني أخافه على نفسي قال هو أحلم من ذاك وأكرم فرجع معه حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صفوان إن هذا يزعم أنك قد أمنتني قال صدق قال فاجعلني فيه بالخيار شهرين قال أنت بالخيار فيه أربعة أشهر.


إسلام عكرمة وصفوان *
HSNXV02P418D

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وفاختة بنت الوليد وكانت فاختة عند صفوان بن أمية وأم حكيم عند عكرمة بن أبي جهل أسلمتا فأما أم حكيم فاستأمنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لعكرمة فأمنه فلحقت به باليمن فجاءت به فلما أسلم عكرمة وصفوان أقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهما على النكاح الأول.


إسلام ابن الزبعرى وشعره في ذلك *
HSNXV02P418F

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت قال رمى حسان بن الزبعرى وهو بنجران ببيت واحد ما زاده عليه لا تعد من رجلا أخلك بغضه نجران في عيش أحذ لئيم § فلما بلغ ذلك ابن الزبعرى خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم فقال حين أسلم يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أباري الشيطان في سنن الغي ومن مال ميله مثبور آمن اللحم والعظام لربي ثم قلبي الشهيد أنت النذير إنني عنك زاجر ثم حيا من لؤي وكلهم مغرور.


HSNXV02P419B

قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى أيضا حين أسلم منع الرقاد بلابل وهموم والليل معتلج الرواق بهيم مما أتاني أن أحمد لامني فيه فبت كأنني محموم يا خير من حملت على أوصالها عيرانة سرح اليدين غشوم إني لمعتذر إليك من الذي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم أيام تأمرني بأغوى خطة سهم وتأمرني بها مخزوم وأمد أسباب الردى ويقودني أمر الغواة وأمرهم مشئوم فاليوم آمن بالنبي محمد قلبي ومخطئ هذه محروم مضت العداوة وانقضت أسبابها ودعت أواصر بيننا وحلوم § فاغفر فدى لك والداي كلاهما زللي فإنك راحم مرحوم وعليك من علم المليك علامة نور أغر وخاتم مختوم أعطاك بعد محبة برهانه شرفا وبرهان الإله عظيم ولقد شهدت بأن دينك صادق حق وأنك في العباد جسيم والله يشهد أن أحمد مصطفى مستقبل في الصالحين كريم قرم علا بنيانه من هاشم فرع تمكن في الذرا وأروم.


بقاء هبيرة على كفره وشعره في إسلام زوجه أم هانئ *
HSNXV02P420D

قال ابن إسحاق وأما هبيرة بن أبي وهب المخزومي فأقام بها حتى مات كافرا وكانت عنده أم هانئ بنت أبي طالب واسمها هند وقد قال حين بلغه إسلام أم هانئ أشاقتك هند أم أتاك سؤالها كذاك النوى أسبابها وانفتالها وقد أرقت في رأس حصن ممنع بنجران يسري بعد ليل خيالها وعاذلة هبت بليل تلومني وتعذلني بالليل ضل ضلالها وتزعم أني إن أطعت عشيرتي سأردى وهل يردين إلا زيالها فإني لمن قوم إذا جد جدهم على أي حال أصبح اليوم حالها وإني لحام من وراء عشيرتي إذا كان من تحت العوالي مجالها § وصارت بأيديها السيوف كأنها مخاريق ولدان ومنها ظلالها وإني لأقلى الحاسدين وفعلهم على الله رزقي نفسها وعيالها وإن كلام المرء في غير كنهه لكالنبل تهوي ليس فيها نصالها فإن كنت قد تابعت دين محمد وعطفت الأرحام منك حبالها فكوني على أعلى سحيق بهضبة ململمة غبراء يبس بلالها.


HSNXV02P421B

قال ابن إسحاق ويروى وقطعت الأرحام منك حبالها.


عدة من شهد فتح مكة من المسلمين *
HSNXV02P421D

قال ابن إسحاق وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف من بني سليم سبع مائة ويقول بعضهم ألف ومن بني غفار أربع مائة ومن أسلم أربع مائة ومن مزينة ألف وثلاثة نفر وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد وكان مما قيل من الشعر في يوم الفتح قول حسان بن ثابت الأنصاري عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء § ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء فدع هذا ولكن من لطيف يؤرقني إذا ذهب العشاء لشعثاء التي قد تيمته فليس لقلبه منها شفاء كأن خبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء إذا ما الأشربات ذكرن يوما فهن لطيب الراح الفداء نوليها الملامة إن ألمنا إذا ما كان مغث أو لحاء ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء ينازعن الأعنة مصغيات على أكتافها الأسل الظماء § تظل جيادنا متمطرات يلطمهن بالخمر النساء فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعين الله فيه من يشاء وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء وقال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق إن نفع البلاء شهدت به فقوموا صدقوه فقلتم لا نقوم ولا نشاء وقال الله قد سيرت جندا هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم من معد سباب أو قتال أو هجاء فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء ألا أبلغ أبا سفيان عني مغلغلة فقد برح الخفاء بأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء § هجوت محمدا وأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء هجوت مباركا برا حنيفا أمين الله شيمته الوفاء أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء.


HSNXV02P424E

قال ابن إسحاق وقال أنس بن زنيم الديلي يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي أأنت الذي تهدى معد بأمره بل الله يهديهم وقال لك اشهد وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد أحث على خير وأسبغ نائلا إذا راح كالسيف الصقيل المهند وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله وأعطى لرأس السابق المتجرد تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد تعلم رسول الله أنك قادر على كل صرم متهمين ومنجد تعلم بأن الركب ركب عويمر هم الكاذبون المخلفو كل موعد ونبئوا رسول الله أني هجوته فلا حملت سوطي إلي إذن يدي § سوى أنني قد قلت ويل ام فتية أصيبوا بنحس لا بطلق وأسعد أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء فعزت عبرتي وتبلدي فإنك قد أخفرت إن كنت ساعيا بعبد بن عبد الله وابنة مهود ذؤيب وكلثوم وسلمى تتابعوا جميعا فإلا تدمع العين اكمد وسلمى وسلمى ليس حي كمثله وإخوته وهل ملوك كأعبد فإني لا دينا فتقت ولا دما هرقت تبين عالم الحق واقصد فأجابه بديل بن عبد مناف بن أم أصرم فقال بكى أنس رزنا فأعوله البكا فألا عديا إذ تطل وتبعد بكيت أبا عبس لقرب دمائها فتعذر إذ لا يوقد الحرب موقد أصابهم يم الخنادم فتية كرام فسل منهم نفيل ومعبد لك إن تسفح دموعك لا تلم عليهم وإن لم تدمع العين فاكمدوا.


HSNXV02P425D

قال ابن إسحاق وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم الفتح نفى أهل الحبلق كل فج مزينة غدوة وبنو خفاف § ضربناهم بمكة يوم فتح النبي الخير بالبيض الخفاف صبحناهم بسبع من سليم وألف من بني عثمان واف نطا أكتافهم ضربا وطعنا ورشقا بالمريشة اللطاف ترى بين الصفوف لها حفيفا كما انصاع الفواق من الرصاف فرحنا والجياد تجول فيهم بأرماح مقومة الثقاف فأبنا غانمين بما اشتهينا وآبوا نادمين على الخلاف وأعطينا رسول الله منا مواثقنا على حسن التصافي وقد سمعوا مقالتنا فهموا غداة الروع منا بانصراف.


مسير خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة ومسير علي لتلافي خطأ خالد *

HSNXV02P428F

قال ابن إسحاق وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حول مكة السرايا تدعو إلى الله عز وجل ولم يأمرهم بقتال وكان ممن بعث خالد بن الوليد وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا ولم يبعثه مقاتلا فوطئ بني جذيمة فأصاب منهم.


HSNXV02P428H

قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين § افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا ومعه قبائل من العرب سليم بن منصور ومدلج بن مرة فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة فلما رآه القوم أخذوا السلاح فقال خالد ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا.


HSNXV02P429B

قال ابن إسحاق فحدثني بعض أصحابنا من أهل العلم من بني جذيمة قال لما أمرنا خالد أن نضع السلاح قال رجل منا يقال له جخدم ويلكم يا بني جذيمة إنه خالد والله ما بعد وضع السلاح إلا الإسار وما بعد الإسار إلا ضرب الأعناق والله لا أضع سلاحي أبدا قال فأخذه رجال من قومه فقالوا يا جحدم أتريد أن تسفك دماءنا إن الناس قد أسلموا ووضعوا السلاح ووضعت الحرب وأمن الناس فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ووضع القوم السلاح لقول خالد.


HSNXV02P429C

قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر محمد بن علي قال فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.


HSNXV02P430B

قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر محمد بن علي قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فودى لهم الدماء وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال فقال لهم علي رضوان الله عليه حين فرغ منهم هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم قالوا لا قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يعلم ولا تعلمون ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال أصبت وأحسنت قال ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتى إنه ليرى مما تحت منكبيه يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات.


معذرة خالد في قتال القوم *
HSNXV02P430D

قال ابن إسحاق وقد قال بعض من يعذر خالدا إنه قال ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم من الإسلام.


ما كان بين خالد وبين عبد الرحمن وزجر الرسول لخالد *
HSNXV02P431C

قال ابن إسحاق وقد كان جحدم قال لهم حين وضعوا السلاح ورأى ما يصنع خالد ببني جذيمة يا بني جذيمة ضاع الضرب قد كنت حذرتكم ما وقعتم فيه قد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف فيما بلغني كلام في ذلك فقال له عبد الرحمن بن عوف عملت بأمر الجاهلية في الإسلام فقال إنما ثأرت بأبيك فقال عبد الرحمن كذبت قد قتلت قاتل أبي ولكنك ثأرت بعمك الفاكه بن المغيرة حتى كان بينهما شر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مهلا يا خالد دع عنك أصحابى فو الله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته وكان الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعوف بن عبد مناف ابن عبد الحارث بن زهرة وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس قد خرجوا تجارا إلى اليمن ومع عفان ابنه عثمان ومع عوف ابنه عبد الرحمن فلما أقبلوا حملوا مال رجل من بني جذيمة بن عامر كان هلك باليمن إلى ورثته فادعاه رجل منهم يقال له خالد بن هشام ولقيهم بأرض بني جذيمة قبل أن يصلوا إلى أهل الميت فأبوا عليه فقاتلهم بمن معه من قومه على المال ليأخذوه وقاتلوه فقتل عوف بن عبد عوف والفاكه بن المغيرة ونجا عفان بن أبي العاص وابنه عثمان وأصابوا مال الفاكه بن المغيرة ومال عوف بن عبد عوف فانطلقوا به وقتل عبد الرحمن بن عوف خالد بن هشام قاتل أبيه فهمت قريش بغزو بني جذيمة فقالت بنو جذيمة ما كان مصاب أصحابكم عن ملإ منا إنما عدا § عليهم قوم بجهالة فأصابوهم ولم نعلم فنحن نعقل لكم ما كان لكم قبلنا من دم أو مال فقبلت قريش ذلك ووضعوا الحرب وقال قائل من بني جذيمة وبعضهم يقول امرأة يقال لها سلمى ولولا مقال القوم للقوم أسلموا للاقت سليم يوم ذلك ناطحا لماصعهم بسر وأصحاب جحدم ومرة حتى يتركوا البرك ضابحا فكائن ترى يوم الغميصاء من فتى أصيب ولم يجرح وقد كان جارحا ألظت بخطاب الأيامى وطلقت غداتئذ منهن من كان ناكحا.


HSNXV02P432D

قال ابن إسحاق فأجابه عباس بن مرداس ويقال بل الجحاف بن حكيم السلمي دعي عنك تقوال الضلال كفى بنا لكبش الوغى في اليوم والأمس ناطحا فخالد أولى بالتعذر منكم غداة علا نهجا من الأمر واضحا معانا بأمر الله يزجي إليكم سوانح لا تكبو له وبوارحا نعوا مالكا بالسهل لما هبطنه عوابس في كابى الغبار كولحلا § فإن نك أثكلناك سلمى فما لك تركتم عليه نائحات ونائحا وقال الجحاف بن حكيم السلمي شهدن مع النبي مسومات حنينا وهي دامية الكلام وغزوة خالد شهدت وجرت سنابكهن بالبلد الحرام نعرض للطعان إذا التقينا وجوها لا تعرض للطام ولست بخالع عني ثيابي إذا هز الكماة ولا أرامي ولكني يجول المهر تحتي إلى العلوات بالعضب الحسام.


حديث ابن أبي حدرد الفتى الجذمي يوم الفتح *
HSNXV02P433E

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن الزهري عن ابن أبي حدرد الأسلمي قال كنت يومئذ في خيل خالد بن الوليد فقال لي فتى من بني جذيمة وهو في سني وقد جمعت يداه إلى عنقه برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه يا فتى فقلت ما تشاء قال هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة حتى أقضي إليهن حاجة ثم تردني بعد فتصنعوا بي ما بدا لكم قال قلت والله ليسير ما طلبت فأخذت برمته فقدته بها حتى وقف عليهن فقال اسلمي حبيش على نفذ من العيش أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو ألفيتكم بالخوانق ألم يك أهلا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى والودائق § فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا أثيبي بود قبل إحدى الصفائق أثيبي بود قبل أن تشحط النوى وينأى الأمير بالحبيب المفارق فإني لا ضيعت سر أمانة ولا راق عيني عنك بعدك رائق سوى أن ما نال العشيرة شاغل عن الود إلا أن يكون التوامق.


HSNXV02P434C

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن الزهري عن ابن أبي حدرد الأسلمي قال قالت وأنت فحييت سبعا وعشرا وترا وثمانيا تترى قال ثم انصرفت به فضربت عنقه.


HSNXV02P434D

قال ابن إسحاق فحدثني أبو فراس بن أبي سنبلة الأسلمي عن أشياخ منهم عمن كان حضرها منهم قالوا فقامت إليه حين ضربت عنقه فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت عنده.


HSNXV02P434F

قال ابن إسحاق وقال رجل من بني جذيمة جزى الله عنا مدلجا حيث أصبحت جزاءة بؤسي حيث سارت وحلت أقاموا على أقضاضنا يقسمونها وقد نهلت فينا الرماح وعلت فو الله لولا دين آل محمد لقد هربت منهم خيول فشلت § وما ضرهم أن لا يعينوا كتيبة كرجل جراد أرسلت فاشمعلت فإما ينبوا أو يثوبوا لأمرهم فلا نحن نجزيهم بما قد أضلت فأجابه وهب رجل من بني ليث فقال دعونا إلى الإسلام والحق عامرا فما ذنبنا في عامر إذ تولت وما ذنبنا في عامر لا أبا لهم لأن سفهت أحلامهم ثم ضلت وقال رجل من بني جذيمة ليهنئ بني كعب مقدم خالد وأصحابه إذ صبحتنا الكتائب فلا ترة يسعى بها ابن خويلد وقد كنت مكفيا لو انك غائب فلا قومنا ينهون عنا غواتهم ولا الداء من يوم الغميصاء ذاهب وقال غلام من بني جذيمة وهو يسوق بأمه وأختين له وهو هارب بهن من جيش خالد رخين أذيال المروط واربعن مشي حييات كأن لم يفزعن إن تمنع اليوم نساء تمنعن وقال غلمة من بني جذيمة يقال لهم بنو مساحق يرتجزون حين سمعوا بخالد فقال أحدهم قد علمت صفراء بيضاء الإطل يحوزها ذو ثلة وذو إبل لأغنين اليوم ما أغنى رجل § وقال الآخر قد علمت صفراء تلهي العرسا لا تملأ الحيزوم منها نهسا لأضربن اليوم ضربا وعسا ضرب المحلين مخاضا قعسا وقال الآخر أقسمت ما إن خادر ذو لبده شثن البنان في غداة برده جهم المحيا ذو سبال ورده يرزم بين أيكة وجحده ضار بتأكال الرجال وحده بأصدق الغداة مني نجده ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بنخلة وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم فلما سمع صاحبها السلمي بمسير خالد إليها علق عليها سيفه وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول § أيا عز شدي شدة لا شوى لها على خالد ألقي القناع وشمري يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا فبوئي بإثم عاجل أو تنصري فلما انتهى إليها خالد هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P437B

قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة.


HSNXV02P437C

قال ابن إسحاق وكان فتح مكة لعشر ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان.


غزوة حنين في سنة ثمان بعد الفتح *

HSNXV02P437F

قال ابن إسحاق ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها مالك بن عوف النصري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها واجتمعت نصر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء وغاب عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب ولم يشهدها منهم أحد له اسم وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب وكان شيخا مجربا وفي ثقيف سيدان لهم و في الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود ابن معتب وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك وأخوه أحمر بن الحارث وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم فلما نزل بأوطاس § اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به فلما نزل قال بأي واد أنتم قالوا بأوطاس قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قالوا ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم قال أين مالك قيل هذا مالك ودعي له فقال يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قال سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم قال ولم ذاك قال أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم قال فأنقض به ثم قال راعي ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ثم قال ما فعلت كعب وكلاب قالوا لم يشهدها منهم أحد قال غاب الحد والجد ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب فمن شهدها منكم قالوا عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران يا مالك إنك لم تصنع بتقديم § البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ثم الق الصباء على متون الخيل فإن كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت عليك ألفاك ذلك قد أحرزت أهلك ومالك قال والله لا أفعل ذلك إنك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطعيننى يا معشر هوازن أو لأتكسئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري وكره أن يكون لدريد بن الصمة فيها ذكر أو رأي فقالوا أطعناك فقال دريد بن الصمة هذا يوم لم أشهده ولم يفتني يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع أقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع.


الملائكة وعيون مالك بن عوف *
HSNXV02P439D

قال ابن إسحاق ثم قال مالك للناس إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد قال وحدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أنه حدث أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله فأتوه وقد تفرقت أوصالهم فقال ويلكم ما شأنكم فقالوا رأينا رجالا بيضا على خيل بلق فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فو الله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.


بعث ابن أبي حدرد عينا على هوازن *
HSNXV02P439F

قال ابن إسحاق ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله § ابن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم فأقام فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب فأخبره الخبر فقال عمر كذب ابن أبي حدرد فقال ابن أبي حدرد إن كذبتني فربما كذبت بالحق يا عمر فقد كذبت من هو خير مني فقال عمر يا رسول الله ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كنت ضالا فهداك الله يا عمر فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ليلقاهم ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعا له وسلاحا فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غدا فقال صفوان أغصبا يا محمد قال بل عارية ومضمونة حتى نؤديها إليك قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح الله بهم مكة فكانوا اثني عشر ألفا واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ابن عبد شمس على مكة أميرا على من تخلف عنه من الناس ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه يريد لقاء هوازن § فقال عباس بن مرداس السلمي أصابت العام رعلا غول قومهم وسط البيوت ولون الغول ألوان يا لهف أم كلاب إذ تبيتهم خيل ابن هوذة لا تنهى وإنسان لا تلفظوها وشدوا عقد ذمتكم أن ابن عمكم سعد ودهمان لن ترجعوها وإن كانت مجللة ما دام في النعم المأخوذ ألبان شنعاء جلل من سوءاتها حضن وسال ذو شوغر منها وسلوان ليست بأطيب مما يشتوي حذف إذ قال كل شواء العير جوفان وفي هوازن قوم غير أن بهم داء اليماني فإن لم يغدروا خانوا فيهم أخ لو وفوا أو بر عهدهم ولو نهكناهم بالطعن قد لانوا أبلغ هوازن أعلاها وأسفلها مني رسالة نصح فيه تبيان أني أظن رسول الله صابحكم جيشا له في فضاء الأرض أركان فيهم أخوكم سليم غير تارككم والمسلمون عباد الله غسان وفي عضادته اليمنى بنو أسد والأجربان بنو عبس وذبيان تكاد ترجف منه الأرض رهبته وفي مقدمه أوس وعثمان.


HSNXV02P442A

قال ابن إسحاق أوس وعثمان قبيلا مزينة.


أمر ذات أنواط *
HSNXV02P442D

قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن أبي واقد الليثي أن الحارث بن مالك قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية قال فسرنا معه إلى حنين قال وكانت كفار قريش ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما قال فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة قال فتنادينا من جنبات الطريق يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم.


لقاء هوازن وثبات الرسول *
HSNXV02P442F

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا قال وفي عماية الصبح وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه § وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال أين أيها الناس هلموا إلي أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله قال فلا شيء حملت الإبل بعضها على بعض فانطلق الناس إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد قتل يومئذ.


HSNXV02P443E

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح له طويل أمام هوازن وهوازن خلفه إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه.


شماتة أبي سفيان وغيره بالمسلمين *
HSNXV02P443G

قال ابن إسحاق فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب لا تنتهي هزيمتهم دون البحر وإن الأزلام لمعه في كنانته وصرخ جبلة بن الحنبل.

COMMENT

HSNXV02P443I

هو § مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.


عجز شيبة عن قتل الرسول وقد هم به *
HSNXV02P444E

قال ابن إسحاق وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار قلت اليوم أدرك ثأري من محمد وكان أبوه قتل يوم أحد اليوم أقتل محمدا قال فأدرت برسول الله لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذاك وعلمت أنه ممنوع مني.


HSNXV02P444F

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة إلى حنين ورأى كثرة من معه من جنود الله لن نغلب اليوم من قلة.


HSNXV02P444G

قال ابن إسحاق وزعم بعض الناس أن رجلا من بني بكر قالها.


رجوع الناس بنداء العباس والانتصار بعد الهزيمة *
HSNXV02P444I

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن كثير بن العباس عن أبيه العباس ابن عبد المطلب قال إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة § بغلته البيضاء قد شجرتها بها قال وكنت امرأ جسيما شديد الصوت قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس أين أيها الناس فلم أر الناس يلوون على شيء فقال يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا معشر أصحاب السمرة قال فأجابوا لبيك لبيك قال فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله فيؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا وكانت الدعوى أول ما كانت يا للأنصار ثم خلصت أخيرا يا للخزرج وكانوا صبرا عند الحرب فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون فقال الآن حمي الوطيس.


بلاء علي وأنصاري في هذه الحرب *
HSNXV02P445C

قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ورجل من الأنصار يريدانه قال فيأتيه علي بن أبي طالب من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله قال واجتلد الناس فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وكان ممن صبر يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسن الإسلام حين أسلم وهو آخذ بثفر بغلته فقال من هذا قال أنا ابن أمك يا رسول الله.


شأن أم سليم *
HSNXV02P446C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنت ملحان وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها وإنها لحامل بعبد الله بن أبي طلحة ومعها جمل أبي طلحة وقد خشيت أن يعزها الجمل فأدنت رأسه منها فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سليم قلت نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك فإنهم لذلك أهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يكفي الله يا أم سليم قال ومعها خنجر فقال لها أبو طلحة ما هذا الخنجر معك يا أم سليم قالت خنجر أخذته إن نا مني أحد من المشركين § بعجته به قال يقول أبو طلحة ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء.


HSNXV02P447C

قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وجه إلى حنين قد ضم بني سليم الضحاك بن سفيان الكلابي فكانوا إليه ومعه ولما انهزم الناس قال مالك بن عوف يرتجز بفرسه أقدم محاج إنه يوم نكر مثلي على مثلك يحمي ويكر إذا أضيع الصف يوما والدبر ثم احزألت زمر بعد زمر كتائب يكل فيهن البصر قد أطعن الطعنة تقذي بالسبر حين يذم المستكين المنجحر وأطعن النجلاء تعوي وتهر لها من الجوف رشاش منهمر تفهق تارات وحينا تنفجر وثعلب العامل فيها منكسر يا زيد يا بن همهم أين تفر قد نفد الضرس وقد طال العمر قد علم البيض الطويلات الخمر أني في أمثالها غير غمر إذ تخرج الحاصن من تحت الستر § وقال مالك بن عوف أيضا أقدم محاج إنها الأساوره ولا تغرنك رجل نادره.


شأن أبي قتادة وسلبه *
HSNXV02P448D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن أبي قتادة الأنصاري قال وحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن نافع مولى بني غفار أبي محمد عن أبي قتادة قالا قال أبو قتادة رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان مسلما ومشركا قال وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم قال فأتيته فضربت يده فقطعتها واعتنقني بيده الأخرى فو الله ما أرسلني حتى وجدت ريح الدم.


HSNXV02P448F

وكاد يقتلني فلولا أن الدم نزفه لقتلني فسقط فضربته فقتلته وأجهضني عنه القتال ومر به رجل من أهل مكة فسلبه فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه فقلت يا رسول الله والله لقد قتلت قتيلا ذا سلب فأجهضني عنه القتال فما أدري من استلبه فقال رجل من أهل مكة صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه عني من سلبه فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لا والله لا يرضيه منه تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن دين الله تقاسمه سلبه اردد عليه سلب قتيله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق § اردد عليه سلبه فقال أبو قتادة فأخذته منه فبعته فاشتريت بثمنه مخرفا فإنه لأول مال اعتقدته.


HSNXV02P449B

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي سلمة عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال لقد استلب أبو طلحة يوم حنين وحده عشرين رجلا.


نصرة الملائكة *
HSNXV02P449D

قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار أنه حدث عن جبير ابن مطعم قال لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي لم أشك أنها الملائكة ثم لم يكن إلا هزيمة القوم.


هزيمة المشركين *
HSNXV02P449F

قال ابن إسحاق ولما هزم الله المشركين من أهل حنين وأمكن رسوله صلى الله عليه وسلم منهم قالت امرأة من المسلمين قد غلبت خيل الله خيل اللات والله أحق بالثبات.


HSNXV02P449H

قال ابن إسحاق فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم فيهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث § ابن حبيب وكانت رايتهم مع ذي الخمار فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله فقاتل بها حتى قتل.


HSNXV02P450B

قال ابن إسحاق وأخبرني عامر بن وهب بن الأسود قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله قال أبعده الله فإنه كان يبغض قريشا.


الغلام النصراني الأغرل وما كاد يلحق ثقيفا بسببه *
HSNXV02P450D

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه قتل مع عثمان بن عبد الله غلام له نصراني أغرل قال فبينا رجل من الأنصار يسلب قتلى ثقيف إذ كشف العبد يسلبه فوجده أغرل قال فصاح بأعلى صوته يا معشر العرب يعلم الله أن ثقيفا غرل قال المغيرة بن شعبة فأخذت بيده وخشيت أن تذهب عنا في العرب فقلت لا تقل ذاك فداك أبي وأمي إنما هو غلام لنا نصراني قال ثم جعلت أكشف له عن القتلى وأقول له ألا تراهم مختنين كما ترى.


فرار قارب وقومه وشعر ابن مرداس في هجائهم *
HSNXV02P450F

قال ابن إسحاق وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة وهرب هو وبنو عمه وقومه من الأحلاف فلم يقتل من الأحلاف غير رجلين رجل من غيرة يقال له وهب وآخر من بني كبة يقال له الجلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن هنيدة يعني بابن هنيدة الحارث بن أويس فقال عباس بن مرداس السلمي يذكر قارب بن الأسود وفراره من بني أبيه وذا الخمار وحبسه قومه للموت § ألا من مبلغ غيلان عني وسوف إخال يأتيه الخبير وعروة إنما أهدي جوابا وقولا غير قولكما يسير بأن محمدا عبد رسول لرب لا يضل ولا يجور وجدناه نبيا مثل موسى فكل فتى يخايره مخير وبئس الأمر أمر بني قسي بوج إذ تقسمت الأمور أضاعوا أمرهم ولكل قوم أمير والدوائر قد تدور فجئنا أسد غابات إليهم جنود الله ضاحية تسير يؤم الجمع جمع بني قسي على حنق نكاد له نطير وأقسم لو هم مكثوا لسرنا إليهم بالجنود ولم يغوروا فكنا أسد لية ثم حتى أبحناها وأسلمت النصور ويوم كان قبل لدى حنين فأقلع والدماء به تمور من الأيام لم تسمع كيوم ولم يسمع به قوم ذكور قتلنا في الغبار بني حطيط على راياتها والخيل زور ولم يك ذو الخمار رئيس قوم لهم عقل يعاقب أو مكير أقام بهم على سنن المنايا وقد بانت لمبصرها الأمور § فأفلت من نجا منهم جيضا وقتل منهم بشر كثير ولا يغني الأمور أخو التواني ولا الغلق الصريرة الحصور أحانهم وحان وملكوه أمورهم وأفلتت الصقور بنو عوف تميح بهم جياد أهين لها الفصافص والشعير فلولا قارب وبنو أبيه تقسمت المزارع والقصور ولكن الرئاسة عمموها على يمن أشار به المشير أطاعوا قاربا ولهم جدود وأحلام إلى عز تصير فإن يهدوا إلى الإسلام يلفوا أنوف الناس ما سمر السمير وإن لم يسلموا فهم أذان بحرب الله ليس لهم نصير كما حكت بني سعد وحرب برهط بني غزية عنقفير كأن بني معاوية بن بكر إلى الإسلام ضائنة تخور فقلنا أسلموا إنا أخوكم وقد برأت من الإحن الصدور كأن القوم إذ جاءوا إلينا من البغضاء بعد السلم عور.


مقتل دريد بن الصمة *
HSNXV02P453B

قال ابن إسحاق ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس وكان يقال له ابن الدغنة وهي أمه فغلبت على اسمه.


HSNXV02P453D

دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه في شجار له فإذا برجل فأناخ به فإذا شيخ كبير وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد ماذا تريد بي قال أقتلك قال ومن أنت قال أنا ربيعة بن رفيع السلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل وكان الرحل في الشجار ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كنت كذلك أضرب الرجال ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد ابن الصمة فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا فقالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريدا لعمرك ما خشيت على دريد ببطن سميرة جيش العناق § جزى عنه الإله بني سليم وعقتهم بما فعلوا عقاق وأسقانا إذا قدنا إليهم دماء خيارهم عند التلاقي فرب عظيمة دافعت عنهم وقد بلغت نفوسهم التراقي ورب كريمة أعتقت منهم وأخرى قد فككت من الوثاق ورب منوه بك من سليم أجبت وقد دعاك بلا رماق فكان جزاؤنا منهم عقوقا وهما ماع منه مخ ساقي عفت آثار خيلك بعد أين بذي بقر إلى فيف النهاق وقالت عمرة بنت دريد أيضا قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا فظل دمعي على السربال ينحدر لولا الذي قهر الأقوام كلهم رأت سليم وكعب كيف تأتمر إذن لصبحهم غبا وظاهرة حيث استقرت نواهم جحفل ذفر.


مقتل أبي عامر الأشعري *
HSNXV02P454D

قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال فرمي أبو عامر بسهم فقتل فأخذ الراية أبو موسى الأشعري وهو ابن عمه § فقاتلهم ففتح الله على يديه وهزمهم فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم فأصاب ركبته فقتله فقال إن تسألوا عني فإني سلمه ابن سمادير لمن توسمه أضرب بالسيف رءوس المسلمه وسمادير أمه واستحر القتل من بني نصر في بني رئاب فزعموا أن عبد الله بن قيس وهو الذي يقال له ابن العوراء وهو أحد بني وهب بن رئاب قال يا رسول الله هلكت بنو رئاب فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجبر مصيبتهم وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة فوقف في فوارس من قومه على ثنية من الطريق وقال لأصحابه قفوا حتى تمضي ضعفاؤكم وتلحق أخراكم فوقف هناك حتى مضى من كان لحق بهم من منهزمة الناس فقال مالك بن عوف في ذلك ولولا كرتان على محاج لضاق على العضاريط الطريق ولولا كر دهمان بن نصر لدى النخلات مندفع الشديق لآبت جعفر وبنو هلال خزايا محقبين على شقوق.


HSNXV02P456C

قال ابن إسحاق وقال سلمة بن دريد وهو يسوق بامرأته حتى أعجزهم نسيتني ما كنت غير مصابة ولقد عرفت غداة نعف الأظرب أني منعتك والركوب محبب ومشيت خلفك مثل مشي الأنكب § إذ فر كل مهذب ذي لمة عن أمه وخليله لم يعقب.


نهي الرسول عن قتل الضعفاء *
HSNXV02P457E

قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر § يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد والناس متقصفون عليها فقال ما هذا فقالوا امرأة قتلها خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من معه أدرك خالدا فقل له إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليدا أو امرأة أو عسيفا.


شأن بجاد والشيماء *
HSNXV02P458C

قال ابن إسحاق وحدثني بعض بني سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ إن قدرتم على بجاد رجل من بني سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فعنفوا عليها في السياق فقالت للمسلمين تعلموا والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P458D

قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن عبيد السعدي قال فلما انتهي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إني أختك من الرضاعة قال وما علامة ذلك قالت عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيرها وقال إن أحببت فعندي محبة مكرمة وإن أحببت أن أمعك وترجعي إلى قومك فعلت فقالت بل تمتعني وتردني إلى قومي فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما له يقال له مكحول وجارية فزوجت أحدهما الأخرى فلم يزل فيهم من نسلهما بقية.


تسمية من استشهد يوم حنين *
HSNXV02P459C

قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد يوم حنين من المسلمين من قريش ثم من بني هاشم أيمن بن عبيد ومن بني أسد بن عبد العزى يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد جمح به فرس له يقال له الجناح فقتل ومن الأنصار سراقة بن الحارث بن عدي من بني العجلان ومن الأشعريين أبو عامر الأشعري ثم جمعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا حنين وأموالها وكان على المغانم مسعود بن عمرو الغفاري وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال إلى الجعرانة فحبست بها وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين لولا الإله وعبده وليتم حين استخف الرعب كل جبان بالجزع يوم حبا لنا أقراننا وسوابح يكبون للأذقان من بين ساع ثوبه في كفه ومقطر بسنابك ولبان والله أكرمنا وأظهر ديننا وأعزنا بعبادة الرحمن والله أهلكهم وفرق جمعهم وأذلهم بعبادة الشيطان.


شعر لعباس بن مرداس في يوم حنين *
HSNXV02P460C

قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس في يوم حنين إني والسوابح يوم جمع وما يتلو الرسول من الكتاب لقد أحببت ما لقيت ثقيف بجنب الشعب أمس من العذاب هم رأس العدو من اهل نجد فقتلهم ألذ من الشراب هزمنا الجمع جمع بني قسي وحكت بركها ببني رئاب وصرما من هلال غادرتهم بأوطاس تعفر بالتراب ولو لاقين جمع بني كلاب لقام نساؤهم والنقع كابي ركضنا الخيل فيهم بين بس إلى الأورال تنحط بالنهاب بزي لجب رسول الله فيهم كتيبته تعرض للضراب.


شعر ابن عفيف في الرد على ابن مرداس *
HSNXV02P460F

فأجابه عطية بن عفيف النصري فيما حدثنا ابن هشام فقال أفاخرة رفاعة في حنين وعباس بن راضعة اللجاب § فانك والفجار كذات مرط لربتها وترفل في الإهاب.


HSNXV02P461B

قال ابن إسحاق قال عطية بن عفيف هذين البيتين لما أكثر عباس على هوازن في يوم حنين ورفاعة من جهينة.


شعر آخر لعباس بن مرداس *
HSNXV02P461D

قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا يا خاتم النبآء إنك مرسل بالحق كل هدى السبيل هداكا إن الإله بنى عليك محبة في خلقه ومحمدا سماكا ثم الذين وفوا بما عاهدتهم جند بعثت عليهم الضحاكا رجلا به ذرب السلاح كأنه لما تكنفه العدو يراكا يغشى ذوي النسب القريب وإنما يبغي رضا الرحمن ثم رضاكا أنبيك أني قد رأيت مكره تحت العجاجة يدمغ الإشراكا طورا يعانق باليدين وتارة يفرى الجماجم صار ما بتاكا يغشى به هام الكماة ولو ترى منه الذي عاينت كان شفاكا وبنو سليم معنقون أمامه ضربا وطعنا في العدو دراكا يمشون تحت لوائه وكأنهم أسد العرين أردن ثم عراكا ما يرتجون من القريب قرابة إلا لطاعة ربهم وهواكا هذي مشاهدنا التي كانت لنا معروفة وولينا مولاكا § وقال عباس بن مرداس أيضا إما تري يا أم فروة خيلنا منها معطلة تقاد وظلع أوهى مقارعة الأعادي دمها فيها نوافذ من جراح تنبع فلرب قائلة كفاها وقعنا أزم الحروب فسر بها لا يفزع لا وفد كالوفد الألى عقدوا لنا سببا بحبل محمد لا يقطع وفد أبو قطن حزابة منهم وأبو الغيوث وواسع والمقنع والقائد المائة التي وفى بها تسع المئين فتم ألف أقرع جمعت بنو عوف ورهط مخاشن ستا وأحلب من خفاف أربع فهناك إذ نصر النبي بألفنا عقد النبي لنا لواء يلمع فزنا برايته وأورث عقده مجد الحياة وسوددا لا ينزع وغداة نحن مع النبي جناحه ببطاح مكة والقنا يتهزع كانت إجابتنا لداعي ربنا بالحق منا حاسر ومقنع في كل سابغة تخير سردها داود إذ نسج الحديد وتبع ولنا على بئري حنين موكب دمغ النفاق وهضبة ما تقلع § نصر النبي بنا وكنا معشرا في كل نائبة نضر وننفع ذدنا غداتئذ هوازن بالقنا والخيل يغمرها عجاج يسطع إذ خاف حدهم النبي وأسندوا جمعا تكاد الشمس منه تخشع تدعى بنو جشم وتدعى وسطه أفناء نصر والأسنة شرع حتى إذا قال الرسول محمد أبني سليم قد وفيتم فارفعوا رحنا ولولا نحن أجحف بأسهم بالمؤمنين وأحرزوا ما جمعوا وقال عباس بن مرداس أيضا في يوم حنين عفا مجدل من أهله فمتالع فمطلا أريك قد خلا فالمصانع ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا رخي وصرف الدار للحي جامع حبيبة ألوت بها غربة النوى لبين فهل ماض من العيش راجع فإن تبتغي الكفار غير ملومة فإني وزير للنبي وتابع دعانا إليهم خير وفد علمتهم خزيمة والمرار منهم وواسع فجئنا بألف من سليم عليهم لبوس لهم من نسج داود رائع نبايعه بالأخشبين وإنما يد الله بين الأخشبين نبايع § فجسنا مع المهدي مكة عنوة بأسيافنا والنقع كاب وساطع عدنية والخيل يغشى متونها حميم وآن من دم الجوف ناقع ويوم حنين حين سارت هوازن إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا لواء كخذروف السحابة لامع عشية ضحاك بن سفيان معتص بسيف رسول الله والموت كانع نذود أخانا عن أخينا ولو نرى مصالا لكنا الأقربين نتابع ولكن دين الله دين محمد رضينا به فيه الهدى والشرائع أقام به بعد الضلالة أمرنا وليس لأمر حمه الله دافع وقال عباس بن مرداس أيضا في يوم حنين تقطع باقي وصل أم مؤمل بعاقبة واستبدلت نية خلفا وقد حلفت بالله لا تقطع القوى فما صدقت فيه ولا برت الحلفا § خفافية بطن العقيق مصيفها وتحتل في البادين وجرة فالعرفا فإن تتبع الكفار أم مؤمل فقد زودت قلبي على نأيها شغفا وسوف ينبيها الخبير بأننا أبينا ولم نطلب سوى ربنا حلفا وأنا مع الهادي النبي محمد وفينا ولم يستوفها معشر ألفا بفتيان صدق من سليم أعزة أطاعوا فما يعصون من أمره حرفا خفاف وذكوان وعوف تخالهم مصاعب زافت في طروقتها كلفا كأن النسيج الشهب والبيض ملبس أسودا تلاقت في مراصدها غضفا بنا عز دين الله غير تنحل وزدنا على الحي الذي معه ضعفا بمكة إذ جئنا كأن لواءنا عقاب أرادت بعد تحليقها خطفا على شخص الأبصار تحسب بينها إذا هي جالت في مراودها عزفا غداة وطئنا المشركين ولم نجد لأمر رسول الله عدلا ولا صرفا بمعترك لا يسمع القوم وسطه لنا زجمة إلا التذامر والنقفا § ببيض نطير الهام عن مستقرها ونقطف أعناق الكماة بها قطفا فكائن تركنا من قتيل ملحب وأرملة تدعو على بعلها لهفا رضا الله ننوي لا رضا الناس نبتغي ولله ما يبدو جميعا وما يخفى وقال عباس بن مرداس أيضا ما بال عينك فيها عائر سهر مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر عين تأوبها من شجوها أرق فالماء يغمرها طورا وينحدر كأنه نظم در عند ناظمة تقطع السلك منه فهو منتثر يا بعد منزل من ترجو مودته ومن أتى دونه الصمان فالحفر دع ما تقدم من عهد الشباب فقد ولى الشباب وزار الشيب والزعر واذكر بلاء سليم في مواطنها وفي سليم لأهل الفخر مفتخر قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا دين الرسول وأمر الناس مشتجر لا يغرسون فسيل النخل وسطهم ولا تخاور في مشتاهم البقر إلا سوابح كالعقبان مقربة في دارة حولها الأخطار والعكر § تدعى خفاف وعوف في جوانبها وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر الضاربون جنود الشرك ضاحية ببطن مكة والأرواح تبتدر حتى دفعنا وقتلاهم كأنهم نخل بظاهرة البطحاء منقعر ونحن يوم حنين كان مشهدنا للدين عزا وعند الله مدخر إذ نركب الموت مخضرا بطائنه والخيل ينجاب عنها ساطع كدر تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا كما مشى الليث في غاباته الخدر في مأزق من مجر الحرب كلكلها تكاد تأفل منه الشمس والقمر وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا لله ننصر من شئنا وننتصر حتى تأوب أقوام منازلهم لولا المليك ولولا نحن ما صدروا فما ترى معشرا قلوا ولا كثروا إلا قد اصبح منا فيهم أثر وقال عباس بن مرداس أيضا يا أيها الرجل الذي تهوي به وجناء مجمرة المناسم عرمس إما أتيت على النبي فقل له حقا عليك إذا اطمأن المجلس يا خير من ركب المطي ومن مشى فوق التراب إذا تعد الأنفس § إنا وفينا بالذي عاهدتنا والخيل تقدع بالكماة وتضرس إذا سال من أفناء بهثة كلها جمع تظل به المخارم ترجس حتى صبحنا أهل مكة فيلقا شهباء يقدمها الهمام الأشوس من كل أغلب من سليم فوقه بيضاء محكمة الدخال وقونس يروي القناة إذا تجاسر في الوغى وتخاله أسدا إذا ما يعبس يغشى الكتيبة معلما وبكفه عضب يقد به ولدن مدعس وعلى حنين قد وفى من جمعنا ألف أمد به الرسول عرندس كانوا أمام المؤمنين دريئة والشمس يومئذ عليهم أشمس نمضي ويحرسنا الإله بحفظه والله ليس بضائع من يحرس ولقد حبسنا بالمناقب محبسا رضى الإله به فنعم المحبس وغداة أوطاس شددنا شدة كفت العدو وقيل منها يا احبسوا تدعو هوازن بالإخاوة بيننا ثدي تمد به هوازن أيبس حتى تركنا جمعهم وكأنه عير تعاقبه السباع مفرس.


HSNXV02P468C

قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا نصرنا رسول الله من غضب له بألف كمي لا تعد حواسره § حملنا له في عامل الرمح راية يذود بها في حومة الموت ناصره ونحن خضبناها دما فهو لونها غداة حنين يوم صفوان شاجره وكنا على الإسلام ميمنة له وكان لنا عقد اللواء وشاهره وكنا له دون الجنود بطانة يشاورنا في أمره ونشاوره دعانا فسمانا الشعار مقدما وكنا له عونا على من يناكره جزى الله خيرا من نبي محمدا وأيده بالنصر والله ناصره.


HSNXV02P469C

قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا من مبلغ الأقوام أن محمدا رسول الإله راشد حيث يمما دعا ربه واستنصر الله وحده فأصبح قد وفى إليه وأنعما سرينا وواعدنا قديدا محمدا يؤم بنا أمرا من الله محكما تماروا بنا في الفجر حتى تبينوا مع الفجر فتيانا وغابا مقوما على الخيل مشدودا علينا دروعنا ورجلا كدفاع الأتي عرمرما فإن سراة الحي إن كنت سائلا سليم وفيهم منهم من تسلما وجند من الأنصار لا يخذلونه أطاعوا فما يعصونه ما تكلما § فإن تك قد أمرت في القوم خالدا وقدمته فإنه قد تقدما بجند هداه الله أنت أميره تصيب به في الحق من كان أظلما حلفت يمينا برة لمحمد فأكملتها ألفا من الخيل ملجما وقال نبي المؤمنين تقدموا وحب إلينا أن نكون المقدما وبتنا بنهي المستدير ولم يكن بنا الخوف إلا رغبة وتحزما أطعناك حتى أسلم الناس كلهم وحتى صبحنا الجمع أهل يلملما يضل الحصان الأبلق الورد وسطه ولا يطمئن الشيخ حتى يسوما سمونا لهم ورد القطا زفه ضحى وكل تراه عن أخيه قد احجما لدن غدوة حتى تركنا عشية حنينا وقد سالت دوافعه دما إذا شئت من كل رأيت طمرة وفارسها يهوى ورمحا محطما وقد أحرزت منا هوازن سربها وحب إليها أن نخيب ونحرما.


شعر ضمضم في يوم حنين *
HSNXV02P470C

قال ابن إسحاق وقال ضمضم بن الحارث بن جشم بن عبد بن حبيب ابن مالك بن عوف بن يقظة بن عصية السلمي في يوم حنين وكانت ثقيف أصابت كنانة بن الحكم بن خالد بن الشريد فقتل به محجنا وابن عم له وهما من ثقيف نحن جلبنا الخيل من غير مجلب إلى جرش من أهل زيان والفم § تقتل أشبال الأسود ونبتغي طواغي كانت قبلنا لم تهدم فإن تفخروا بابن الشريد فإنني تركت بوج مأتما بعد مأتم أبأتهما بابن الشريد وغره جواركم وكان غير مذمم تصيب رجالا من ثقيف رماحنا وأسيافنا يكلمنهم كل مكلم وقال ضمضم بن الحارث أيضا أبلغ لديك ذوي الحلائل آية لا تأمنن الدهر ذات خمار بعد التي قالت لجارة بيتها قد كنت لو لبث الغزي بدار لما رأت رجلا تسفع لونه وغر المصيفة والعظام عواري مشط العظام تراه آخر ليله متسربلا في درعه لغوار إذ لا أزال على رحالة نهدة جرداء تلحق بالنجاد إزاري يوما على أثر النهاب وتارة كتبت مجاهدة مع الأنصار وزهاء كل خميلة أزهقتها مهلا تمهله وكل خبار كيما أغير ما بها من حاجة وتود أني لا أؤوب فجار.


شعر ابن عوف في الاعتذار من فراره *
HSNXV02P474C

قال ابن إسحاق وقال مالك بن عوف وهو يعتذر يومئذ من فراره منع الرقاد فما أغمض ساعة نعم بأجزاع الطريق مخضرم سائل هوازن هل أضر عدوها وأعين غارمها إذا ما يغرم وكتيبة لبستها بكتيبة فئتين منها حاسر وملأم ومقدم تعيا النفوس لضيقه قدمته وشهود قومي أعلم فوردته وتركت إخوانا له يردون غمرته وغمرته الدم فإذا انجلت غمراته أورثنني مجد الحياة ومجد غنم يقسم كلفتموني ذنب آل محمد والله أعلم من أعق وأظلم وخذلتموني إذ أقاتل واحدا وخذلتموني إذ تقاتل خشعم وإذا بنيت المجد يهدم بعضكم لا يستوي بان وآخر يهدم وأقب مخماص الشتاء مسارع في المجد ينمي للعلى متكرم § أكرهت فيه ألة يزنية سحماء يقدمها سنان سلجم وتركت حنته ترد وليه وتقول ليس على فلانة مقدم ونصبت نفسي للرماح مدججا مثل الدرية تستحل وتشرم.


شعر لهوازني يذكر إسلام قومه *
HSNXV02P475C

قال ابن إسحاق وقال قائل في هوازن أيضا يذكر مسيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مالك بن عوف بعد إسلامه أذكر مسيرهم للناس إذ جمعوا ومالك فوقه الرايات تختفق ومالك مالك ما فوقه أحد يوم حنين عليه التاج يأتلق حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم عليهم البيض والأبدان والدرق فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا حول النبي وحتى جنه الغسق ثمت نزل جبريل بنصرهم من السماء فمهزوم ومعتنق منا ولو غير جبريل يقاتلنا لمنعتنا إذن أسيافنا العتق وفاتنا عمر الفاروق إذ هزموا بطعنة بل منها سرجه العلق § وقالت امرأة من بني جشم ترثي أخوين لها أصيبا يوم حنين أعيني جودا على مالك معا والعلاء ولا تجمدا هما القاتلان أبا عامر وقد كان ذا هبة أربدا هما تركاه لدى مجسد ينوء نزيفا وما وسدا وقال أبو ثواب زيد بن صحار أحد بني سعد بن بكر ألا هل أتاك أن غلبت قريش هوازن والخطوب لها شروط وكنا يا قريش إذا غضبنا يجيء من الغضاب دم عبيط وكنا يا قريش إذا غضبنا كأن أنوفنا فيها سعوط فأصبحنا تسوقنا قريش سياق العير يحدوها النبيط فلا أنا إن سئلت الخسف آب ولا أنا أن ألين لهم نشيط سينقل لحمها في كل فج وتكتب في مسامعها القطوط ويروى الخطوط وهذا البيت في رواية أبي سعد.


شعر ابن وهب في الرد على ابن أبي ثواب *
HSNXV02P477C

قال ابن إسحاق فأجابه عبد الله بن وهب رجل من بني تميم ثم من بني أسيد فقال بشرط الله نضرب من لقينا كأفضل ما رأيت من الشروط وكنا يا هوازن حين نلقى نبل الهام من علق عبيط بجمعكم وجمع بني قسي نحك البرك كالورق الخبيط أصبنا من سراتكم وملنا بقتل في المباين والخليط به الملتاث مفترش يديه يمج الموت كالبكر النحيط فإن تك قيس عيلان غضابا فلا ينفك يرغمهم سعوطي وقال خديج بن العوجاء النصري لما دنونا من حنين ومائه رأينا سوادا منكر اللون أخصفا بملمومة شهباء لو قذفوا بها شماريخ من عزوى إذن عاد صفصفا § ولو أن قومي طاوعتني سراتهم إذن ما لقينا العارض المتكشفا إذن ما لقينا جند آل محمد ثمانين ألفا واستمدوا بخندفا.


ذكر غزوة الطائف بعد حنين في سنة ثمان *

HSNXV02P478D

ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال ولم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود ولا غيدن بن سلمة كانا بجرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف حين فرغ من حنين فقال كعب بن مالك حين أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى الطائف § قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أجممنا السيوفا نخيرها ولو نطقت لقالت قواطعهن دوسا أو ثقيفا فلست لحاضن إن لم تروها بساحة داركم منا ألوفا وننتزع العروش ببطن وج وتصبح دوركم منكم خلوفا ويأتيكم لنا سرعان خيل يغادر خلفه جمعا كثيفا إذا نزلوا بساحتكم سمعتم لها مما أناخ بها رجيفا بأيديهم قواضب مرهفات يزرن المصطلين بها الحتوفا كأمثال العقائق أخلصتها قيون الهند لم تضرب كتيفا تخال جدية الأبطال فيها غداة الزحف جاديا مدوفا أجدهم أليس لهم نصيح من الأقوام كان بنا عريفا يخبرهم بأنا قد جمعنا عتاق الخيل والنجب الطروفا § وأنا قد أتيناهم يزحف يحيط بسور حصنهم صفوفا رئيسهم النبي وكان صلبا نقي القلب مصطبرا عزوفا رشيد الأمر ذو حكم وعلم وحلم لم يكن نزقا خفيفا نطيع نبينا ونطيع ربا هو الرحمن كان بنا رءوفا فإن تلقوا إلينا السلم نقبل ونجعلكم لنا عضدا وريفا وإن تأبوا نجاهدكم ونصبر ولا يك أمرنا رعشا ضعيفا نجالد ما بقينا أو تنيبوا إلى الإسلام إذعانا مضيفا نجاهد لا نبالي من لقينا أأهلكنا التلاد أم الطريفا وكم من معشر ألبوا علينا صميم الجذم منهم والحليفا أتونا لا يرون لهم كفاء فجدعنا المسامع والأنوفا بكل مهند لين صقيل يسوقهم بها سوقا عنيفا لأمر الله والإسلام حتى يقوم الدين معتدلا حنيفا وتنسى اللات والعزى وود ونسلبها القلائد والشنوفا فأمسوا قد أقروا واطمأنوا ومن لا يمتنع يقبل خسوفا § فأجابه كنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير فقال من كان يبغينا يريد قتالنا فإنا بدار معلم لا نريمها وجدنا بها الآباء من قبل ما ترى وكانت لنا أطواؤها وكرومها وقد جربتنا قبل عمرو بن عامر فأخبرها ذو رأيها وحليمها وقد علمت إن قالت الحق أننا إذا ما أبت صعر الخدود نقيمها نقومها حتى يلين شريسها ويعرف للحق المبين ظلومها علينا دلاص من تراث محرق كلون السماء زينتها نجومها نرفهها عنا ببيض صوارم إذا جردت في غمرة لا نشيمها.


HSNXV02P481D

قال ابن إسحاق وقال شداد بن عارض الجشمي في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لا تنصروا اللات إن الله مهلكها وكيف ينصر من هو ليس ينتصر § إن التي حرقت بالسد فاشتعلت ولم يقاتل لدى أحجارها هدر إن الرسول متى ينزل بلادكم يظعن وليس بها من أهلها بشر.


الطريق إلى الطائف *
HSNXV02P482C

قال ابن إسحاق فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على المليح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنى بها مسجدا فصلى فيه.


HSNXV02P482D

قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب أنه أقاد يومئذ ببحرة الرغاء حين نزلها بدم وهو أول دم أقيد به في الإسلام رجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل فقتله به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بلية بحصن مالك بن عوف فهدم ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة فلما توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن اسمها فقال ما اسم هذه الطريق فقيل له الضيقة فقال بل هي اليسرى ثم خرج منها على نخب حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة قريبا من مال رجل من ثقيف فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن تخرج وإما أن نخرب عليك حائطك فأبى أن يخرج فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخرابه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريبا من الطائف فضرب به عسكره فقتل به ناس من أصحابه بالنبل وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف فكانت النبل تنالهم ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم أغلقوه دونهم فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة.


HSNXV02P482F

قال ابن إسحاق ومعه امرأتان من نسائه إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية § فضرب لهما قبتين ثم صلى بين القبتين ثم أقام فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك مسجدا وكانت في ذلك المسجد سارية فيما يزعمون لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلهم قتالا شديدا وتراموا بالنبل.


يوم الشدخة *
HSNXV02P483E

قال ابن إسحاق حتى إذا كان يوم الشدخة عند جدار الطائف دخل تفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلوا منهم رجالا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف فوقع الناس فيها يقطعون وتقدم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة إلى الطائف فناد يا ثقيفا أن أمنونا حتى نكلمكم فأمنوهما فدعوا نساء من نساء من قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما وهما يخافان عليهن السباء فأبين منهن آمنة بنت أبي سفيان كانت عند عروة بن مسعود له منها داود بن عروة.


HSNXV02P483G

قال ابن إسحاق والفراسية بنت سويد بن عمرو بن ثعلبة لها عبد الرحمن § ابن قارب والفقيمية أميمة بنت الناسئ أمية بن قلع فلما أبين عليهما قال لهما ابن الأسود بن مسعود يا أبا سفيان ويا مغيرة ألا أدلكما على خير مما جئتما له إن مال بني الأسود بن مسعود حيث قد علمتما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الطائف نازلا بواد يقال له العقيق إنه ليس بالطائف مال أبعد رشاء ولا أشد مؤنة ولا أبعد عمارة من مال بني الأسود وإن محمدا إن قطعه لم يعمر أبدا فكلماه فليأخذ لنفسه أو ليدعه لله والرحم فإن بيننا وبينه من القرابة ما لا يجهل فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه لهم وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق وهو محاصر ثقيفا يا أبا بكر إني رأيت أني أهديت لي قعبة مملوءة زبدا فنقرها ديك فهراق ما فيها فقال أبو بكر ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أرى ذلك ثم إن خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وهي امرأة عثمان قالت يا رسول الله أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلي بادية بنت غيلان بن مظعون بن سلمة أو حلي الفارعة بنت عقيل وكانتا من أحلى نساء ثقيف فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة فخرجت خويلة فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما حديث حدثتنيه خويلة زعمت أنك قلته قال قد قلته قال أوما أذن لك فيهم يا رسول الله قال لا قال أفلا أؤذن بالرحيل قال بلى قال فأذن عمر بالرحيل § فلما استقل الناس نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن أبي عمرو بن علاج ألا إن الحي مقيم قال يقول عيينة بن حصن أجل والله مجدة كراما فقال له رجل من المسلمين قاتلك الله يا عيينة أتمدح المشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئت تنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني والله ما جئت لأقاتل ثقيفا معكم ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيب من ثقيف جارية أتطئها لعلها تلد لي رجلا فإن ثقيفا قوم مناكير ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته ممن كان محاصرا بالطائف عبيد فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.


عتقاء ثقيف *
HSNXV02P485D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مكدم عن رجال من ثقيف قالوا لما أسلم أهل الطائف تكلم نفر منهم في أولئك العبيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أولئك عتقاء الله وكان ممن تكلم فيهم الحارث بن كلدة.


إطلاق أبي بن مالك من يد مروان وشعر الضحاك في ذلك *
HSNXV02P485G

قال ابن إسحاق وقد كانت ثقيف أصابت أهلا لمروان بن قيس الدوسي وكان قد أسلم وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثقيف فزعمت ثقيف وهو الذي تزعم به ثقيف أنها من قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمروان بن قيس خذ يا مروان بأهلك أول رجل من قيس تلقاه فلقي أبي بن مالك القشيري فأخذه حتى يؤدوا إليه أهله فقام في ذلك الضحاك بن سفيان الكلابي فكلم ثقيفا حتى أرسلوا أهل مروان وأطلق لهم أبي بن مالك فقال الضحاك بن سفيان في شيء كان بينه وبين أبي بن مالك § أتنسى بلائي يا أبي بن مالك غداة الرسول معرض عنك أشوس يقودك مروان بن قيس بحبله ذليلا كما قيد الذلول المخيس فعادت عليك من ثقيف عصابة متى يأتهم مستقبس الشر يقبسوا فكانوا هم المولى فعادت حلومهم عليك وقد كادت بك النفس تيأس.


شهداء المسلمين يوم الطائف *
HSNXV02P486C

قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من قريش ثم من بني أمية بن عبد شمس سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية وعرفطة بن جناب حليف لهم من الأسد بن الغوث.


HSNXV02P486E

قال ابن إسحاق ومن بني تيم بن مرة عبد الله بن أبي بكر الصديق رمي بسهم فمات منه بالمدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني مخزوم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة من رمية رميها يومئذ ومن بني عدي بن كعب عبد الله بن عامر بن ربيعة حليف لهم ومن بني سهم بن عمرو السائب بن الحارث بن قيس بن عدي وأخوه عبد الله بن الحارث ومن بني سعد بن ليث جليحة بن عبد الله واستشهد من الأنصار من بني سلمة ثابت بن الجذع § ومن بني مازن بن النجار الحارث بن سهل بن أبي صعصعة ومن بني ساعدة المنذر بن عبد الله ومن الأوس رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية فجميع من استشهد بالطائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا سبعة من قريش وأربعة من الأنصار ورجل من بني ليث فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطائف بعد القتال والحصار قال بجير بن زهير بن أبي سلمى يذكر حنينا والطائف كانت علالة يوم بطن حنين وغداة أوطاس ويوم الأبرق جمعت بإغواء هوازن جمعها فتبددوا كالطائر المتمزق لم يمنعوا منا مقاما واحدا إلا جدارهم وبطن الخندق ولقد تعرضنا لكيما يخرجوا فتحصنوا منا بباب مغلق ترتد حسرانا إلى رجراجة شهباء تلمع بالمنايا فيلق ملمومة خضراء لو قذفوا بها حضنا لظل كأنه لم يخلق مشي الضراء على الهراس كأننا قدر تفرق في القياد وتلتقي § في كل سابغة إذا ما استحصنت كالنهي هبت ريحه المترقرق جدل تمس فضولهن نعالنا من نسج داود وآل محرق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف عن الطائف على دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من الناس ومعه من هوازن سبي كثير وقد قال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف يا رسول الله ادع عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اهد ثقيفا وأت بهم ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ومن الإبل والشاء ما لا يدرى ما عدته.


أمر أموال هوازن وسباياها، وعطايا المؤلفة قلوبهم منها وإنعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها

HSNXV02P488G

قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن وفد هوازن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسلموا فقالوا يا رسول الله إنا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك قال وقام رجل من هوازن ثم أحد بني سعد بن بكر يقال له زهير يكنى أبا صرد فقال يا رسول الله إنما في الحظائر عماتك § وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين.


HSNXV02P489C

قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم فقالوا يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا بل ترد إلينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا فقال لهم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا فسأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأقرع بن حابس أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة بن حصن أما أنا وبنو فزارة فلا وقال عباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا فقالت بنو سليم بلى ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول عباس بن مرداس لبني سليم وهنتموني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما من تمسك منكم بحقه من هذا السبي § فله بكل إنسان ست فرائض من أول سبي أصيبه فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم.


HSNXV02P490B

قال ابن إسحاق وحدثني أبو وجزة يزيد بن عبيد السعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه جارية يقال لها ريطة بنت هلال بن حيان بن عميرة بن هلال بن ناصرة بن قصية بن نصر ابن سعد بن بكر وأعطى عثمان بن عفان جارية يقال لها زينب بنت حيان بن عمرو بن حيان وأعطى عمر بن الخطاب جارية فوهبها لعبد الله بن عمر ابنه.


HSNXV02P490C

قال ابن إسحاق فحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال بعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها ويهيئوها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها قال فخرجت من المسجد حين فرغت فإذا الناس يشتدون فقلت ما شأنكم قالوا رد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءنا وأبناءنا فقلت تلكم صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها فذهبوا إليها فأخذوها.


HSNXV02P490D

قال ابن إسحاق وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزا من عجائز هوازن وقال حين أخذها أرى عجوزا إني لأحسب لها في الحي نسبا وعسى أن يعظم فداؤها فلما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم السبايا بست فرائض أبى أن يردها فقال له زهير أبو صرد خذها عنك فو الله ما فوها ببارد ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا زوجها بواجد ولا درها بماكد فردها بست فرائض حين قال له زهير ما قال فزعموا أن عيينة لقي الأقرع بن حابس فشكا إليه ذلك فقال إنك والله ما أخذتها بيضاء غريرة ولا نصفا وثيرة § وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل فقالوا هو بالطائف مع ثقيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروا مالكا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل فأتى مالك بذلك فخرج إليه من الطائف وقد كان مالك خاف ثقيفا على نفسه أن يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ما قال فيحبسوه فأمر براحلته فهيئت له وأمر بفرس له فأتي به إلى الطائف فخرج ليلا فجلس على فرسه فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس فركبها فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركه بالجعرانة أو بمكة فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل وأسلم فحسن إسلامه فقال مالك بن عوف حين أسلم ما إن رأيت ولا سمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عردت أنيابها بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله وسط الهباءة خادر في مرصد فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وتلك القبائل ثمالة وسلمة وفهم فكان يقاتل بهم ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى ضيق عليهم فقال أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي هابت الأعداء جانبنا ثم تغزونا بنو سلمه وأتانا مالك بهم ناقضا للعهد والحرمه § وأتونا في منازلنا ولقد كنا أولي نقمه.


قسم الفيء *
HSNXV02P492C

قال ابن إسحاق ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها ركب واتبعه الناس يقولون يا رسول الله اقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم حتى ألجئوه إلى شجرة فاختطفت عنه رداءه فقال أدوا علي ردائي أيها الناس فو الله أن لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا ثم قام إلى جنب بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصبعيه ثم رفعها ثم قال أيها الناس والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخياط والمخيط فإن الغلول يكون على أهله عارا ونارا وشنارا يوم القيامة قال فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال يا رسول الله أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لي دبر فقال أما نصيبي منها فلك قال أما إذ بلغت هذا فلا حاجة لي بها ثم طرحها من يده.


عطاء المؤلفة قلوبهم *
HSNXV02P492F

قال ابن إسحاق وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا أشرافا من أشراف الناس يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان § ابن حرب مائة بعير وأعطى ابنه معاوية مائة بعير وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة أخا بني عبد الدار مائة بعير.


HSNXV02P493C

قال ابن إسحاق وأعطى الحارث بن هشام مائة بعير وأعطى سهيل بن عمرو مائة بعير وأعطى حويطب بن عبد العزى بن أبى قيس مائة بعير وأعطى العلاء بن جارية الثقفي حليف بنى زهرة مائة بعير وأعطى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر مائة بعير وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة بعير وأعطى مالك ابن عوف النصرى مائة بعير وأعطى صفوان بن أمية مائة بعير فهؤلاء أصحاب المئين وأعطى دون المائة رجالا من قريش منهم مخرمة بن نوفل الزهري وعمير ابن وهب الجمحي وهشام بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي لا أحفظ ما أعطاهم وقد عرفت أنها دون المائة وأعطى سعيد بن يربوع بن عنكشة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل وأعطى السهمي خمسين من الإبل.


شعر ابن مرداس يستقل ما أخذ وإرضاء الرسول له *
HSNXV02P493F

قال ابن إسحاق وأعطى عباس بن مرداس أباعر فسخطها فعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عباس بن مرداس يعاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت نهابا تلافيتها بكري على المهر في الأجرع وإيقاظي القوم أن يرقدوا إذا هجع الناس لم أهجع فأصبح نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع § وقد كنت في الحرب ذا تدرإ فلم أعط شيئا ولم أمنع إلا أفائل أعطيتها عديد قوائمها الأربع وما كان حصن ولا حابس يفوقان شيخي في المجمع وما كنت دون امرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع.


HSNXV02P494C

قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فاقطعوا عني لسانه فأعطوه حتى رضي فكان ذلك قطع لسانه الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.


سئل الرسول عن عدم إعطائه جعيلا فأجاب *
HSNXV02P496C

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن قائلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة وتركت جعيل بن سراقة الضمري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ولكني تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه.


اعتراض ذي الخويصرة التميمي *
HSNXV02P496E

قال ابن إسحاق وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل قال خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين قال نعم جاء رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف عليه وهو يعطي الناس فقال يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فكيف رأيت فقال لم أرك عدلت قال فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ألا أقتله فقال لا دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية § ينظر في النصل فلا يوجد شيء ثم في القدح فلا يوجد شيء ثم في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم.


HSNXV02P497B

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر بمثل حديث أبي عبيدة وسماه ذا الخويصرة.


شعر حسان في حرمان الأنصار *
HSNXV02P497D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه بمثل ذلك.


وجد الأنصار لحرمانهم فاسترضاهم الرسول *
HSNXV02P498C

قال ابن هشام حدثني زياد بن عبد الله قال حدثنا ابن إسحاق قال وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم لقد لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء § الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء قال فأين أنت من ذلك يا سعد قال يا رسول الله ما أنا إلا من قومي قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة قال فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بلى الله ورسوله أمن وأفضل ثم قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله لله ولرسوله المن والفضل قال صلى الله عليه وسلم أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم فو الذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار § قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا.


عمرة الرسول من الجعرانة واستخلافه عتاب بن أسيد على مكة وحج عتاب بالمسلمين سنة ثماني *

HSNXV02P500D

قال ابن إسحاق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة معتمرا وأمر ببقايا الفيء فحبس بمجنة بناحية مر الظهران فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته انصرف راجعا إلى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقايا الفيء.


وقت العمرة *
HSNXV02P500G

قال ابن إسحاق وكانت عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في بقية ذي القعدة أو في ذي الحجة.


HSNXV02P500I

قال ابن إسحاق وحج الناس تلك السنة على ما كانت العرب تحج عليه وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن أسيد وهي سنة ثمان وأقام أهل الطائف على § شركهم وامتناعهم في طائفهم ما بين ذي القعدة إذ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شهر رمضان من سنة تسع ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض وكان كعب ابن زهير قد قال ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا فبين لنا إن كنت لست بفاعل على أي شيء غير ذلك دلكا على خلق لم ألف يوما أبا له عليه وما تلفي عليه أبا لكا فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائل إما عثرت لعا لكا سقاك بها المأمون كأسا روية فأنهلك المأمون منها وعلكا.


HSNXV02P502B

قال ابن إسحاق وإنما يقول كعب المأمون.


HSNXV02P502D

لقول قريش الذي كانت تقوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم.


قدوم كعب على الرسول وقصيدته اللامية *
HSNXV02P502F

قال ابن إسحاق فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه § وأرجف به من كان في حاضره من عدوه فقالوا هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه فقال يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال أنا يا رسول الله كعب بن زهير.


HSNXV02P503B

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا عما كان عليه قال فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول § وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة لا يشتكى قصر منها ولا طول تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت كأنه منهل بالراح معلول شجت بذي شيم من ماء محنية صاف بأبطح أضحى وهو مشمول تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه من صوب غادية بيض يعاليل § قيالها خلة لو أنها صدقت بوعدها أو لو ان النصح مقبول لكنها خلة قد سيط من دمها فجع وولع وإخلاف وتبديل فما تدوم على حال تكون بها كما تلون في أثوابها الغول وما تمسك بالعهد الذي زعمت إلا كما يمسك الماء الغرابيل فلا يغرنك ما منت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضليل كانت مواعيد عرقوب لها مثلا وما مواعيدها إلا الأباطيل أرجو وآمل أن تدنو مودتها وما إخال لدينا منك تنويل § أمست سعاد بأرض لا يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل ولن يبلغها إلا عذافرة لها على الأين إرقال وتبغيل من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت عرضتها طامس الأعلام مجهول ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق إذا توقدت الحزان والميل ضخم مقلدها فعم مقيدها في خلقها عن بنات الفحل تفضيل § غلباء وجناء علكوم مذكرة في دفها سعة قدامها ميل وجلدها من أطوم ما يؤيسه طلح بضاحية المتنين مهزول حرف أخوها أبوها من مهجنة وعمها خالها قوداء شمليل يمشي القراد عليها ثم يزلقه منها لبان وأقراب زهاليل عيرانة قذفت بالنحض عن عرض مرفقها عن بنات الزور مفتول كأنما فات عينيها ومذبحها من خطمها ومن اللحيين برطيل § تمر مثل عسيب النخل ذا خصل في غارز لم تخونه الأحاليل قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل تخدي على يسرات وهي لاحقة ذوابل مسهن الأرض تحليل سمر العجايات يتركن الحصى زيما لم يقهن رءوس الأكم تنعيل كأن أوب ذراعيها وقد عرقت وقد تلفع بالقور العساقيل § يوما يظل به الحرباء مصطخدا كأن ضاحيه بالشمس مملول وقال للقوم حاديهم وقد جنلت ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا شد النهار ذراعا عيطل نصف قامت فجاوبها نكد مثاكيل نواحة رخوة الضبعين ليس لها لما نعى بكرها الناعون معقول § تفرى اللبان بكفيها ومدرعها مشقق عن تراقيها رعابيل تسعى الغواة جنابيها وقولهم إنك يا بن أبي سلمى لمقتول وقال كل صديق كنت آمله لا ألهينك إني عنك مشغول فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول نبئت أن رسول الله أو عدني والعفو عند رسول الله مأمول مهلا هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل § لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت في الأقاويل لقد أقوم مقاما لو يقوم به أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل لظل يرعد إلا أن يكون له من الرسول بإذن الله تنويل حتى وضعت يميني ما أنازعه في كف ذي نقمات قيله القيل فلهو أخوف عندي إذ أكلمه وقيل إنك منسوب ومسئول § من ضيغم بضراء الأرض مخدره في بطن عثر غيل دونه غيل يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما لحم من الناس معفور خراديل إذا يساور قرنا لا يحل له أن يترك القرن إلا وهو مفلول منه تظل سباع الجو نافرة ولا تمشى بواديه الأراجيل ولا يزال بواديه أخو ثقة مضرج البز والدرسان مأكول إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول § في عصبة من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا زالوا فما زال أنكاس ولا كشف عند اللقاء ولا ميل معازيل شم العرانين أبطال لبوسهم من نسج داود في الهيجا سرابيل بيض سوابغ قد شكت لها حلق كأنها حلق القفعاء مجدول ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنابيل لا يقع الطعن إلا في نحورهم وما لهم عن حياض الموت تهليل.


استرضاء كعب الأنصار بمدحه إياهم *
HSNXV02P514C

قال ابن إسحاق وقال عاصم بن عمر بن قتادة فلما قال كعب إذا عرد السود التنابيل وإنما يريدنا معشر الأنصار لما كان صاحبنا صنع به ما صنع وخص المهاجرين من قريش من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدحته غضبت عليه الأنصار فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار ويذكر بلاءهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعهم من اليمن من سره كرم الحياة فلا يزل في مقنب من صالحي الأنصار ورثوا المكارم كابرا عن كابر إن الخيار هم بنو الأخيار المكرهين السمهري بأذرع كسوالف الهندي غير قصار والناظرين بأعين محمرة كالجمر غير كليلة الأبصار والبائعين نفوسهم لنبيهم للموت يوم تعانق وكرار والقائدين الناس عن أديانهم بالمشرفي وبالقنا الخطار يتطهرون يرونه نسكا لهم بدماء من علقوا من الكفار دربوا كما دربت ببطن خفية غلب الرقاب من الأسود ضواري § وإذا حللت ليمنعوك إليهم أصبحت عند معاقل الأعفار ضربوا عليا يوم بدر ضربة دانت لوقعتها جميع نزار لو يعلم الأقوام علمي كله فيهم لصدقني الذين أماري قوم إذا خوت النجوم فإنهم للطارقين النازلين مقاري في الغر من غسان من جرثومة أعيت محافرها على المنقار.


غزوة تبوك في رجب سنة تسع *

HSNXV02P515D

قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ما بين § ذي الحجة إلى رجب ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم وقد ذكر لنا الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا كل حدث في غزوة تبوك ما بلغه عنها وبعض القوم يحدث ما لا يحدث بعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم وذلك في زمان من عسرة الناس وشدة من الحر وجدب من البلاد وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها وأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك أهبته فأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر فقال يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتنى فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين أي إن كان إنما خشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به فما سقط فيه من الفتنة أكبر بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه يقول تعالى وإن جهنم لمن ورائه § وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون .


حث الرسول على النفقة وشأن عثمان في ذلك *
HSNXV02P517F

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل § الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.


شأن البكاءين *
HSNXV02P518D

قال ابن إسحاق ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاءون وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف سالم ابن عمير وعلبة بن زيد أخو بني حارثة وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار وعمرو بن حمام بن الجموح أخو بني سلمة وعبد الله ابن المغفل المزني وبعض الناس يقول بل هو عبد الله بن عمرو المزني وهرمي ابن عبد الله أخو بني واقف وعرباض بن سارية الفزاري فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة فقال لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون قال ابن إسحاق فبلغني أن ابن يامين بن عمير بن كعب النضرى لفي أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان فقال ما يبكيكما قالا جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه فأعطاهما ناضحا له فارتحلاه وزودهما شيئا من تمر فخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.


شأن المعذرين *
HSNXV02P518F

قال ابن إسحاق وجاءه المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه فلم يعذرهم الله تعالى وقد ذكر لي أنهم نفر من بني غفار § ثم استتب برسول الله صلى الله عليه وسلم سفره وأجمع السير وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلفوا عنه عن غير شك ولا ارتياب منهم كعب بن مالك بن أبي كعب أخو بني سلمة ومرارة بن الربيع أخو بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بني واقف وأبو خيثمة أخو بني سالم بن عوف وكانوا نفر صدق لا يتهمون في إسلامهم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع.


تخلف المنافقين *
HSNXV02P519G

قال ابن إسحاق وضرب عبد الله بن أبي معه على حدة عسكره أسفل منه نحو ذباب وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف فقال يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني § وتخففت مني فقال كذبوا ولكنني خلفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره.


HSNXV02P520B

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي هذه المقالة.


شأن أبي خيثمة *
HSNXV02P520D

قال ابن إسحاق ثم رجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره ثم إن أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما إلى أهله في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعاما فلما دخل قام على باب العريش فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فهيئا لي زادا ففعلتا ثم قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل تبوك وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فترفقا حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير بن وهب إن لي ذنبا فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس هذا راكب § على الطريق مقبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فقالوا يا رسول الله هو والله أبو خيثمة فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى لك يا أبا خيثمة ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير.


النبي والمسلمون بالحجر *
HSNXV02P521D

قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها واستقى الناس من بئرها فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيئ فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم أنهكم § أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أصيب على مذهبه فشفي وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيئ فإن طيئا أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة والحديث عن الرجلين عن عبد الله بن أبي بكر عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي وقد حدثني عبد الله بن أبي بكر أن قد سمى له العباس الرجلين ولكنه استودعه إياهما فأبى عبد الله أن يسميهما لي.


HSNXV02P522C

قال ابن إسحاق فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله سبحانه سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء.


HSNXV02P522D

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قال قلت لمحمود هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم قال نعم ولله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك ثم قال محمود لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار فلما كان من أمر الناس بالحجر ما كان ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس قالوا أقبلنا عليه نقول ويحك هل بعد هذا شيء قال سحابة مارة.


ناقة للرسول ضلت وحديث ابن اللصيت *
HSNXV02P522F

قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته فخرج أصحابه في طلبها وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم § رجل من أصحابه يقال له عمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا وهو غم بني عمرو بن حزم وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي وكان منافقا.


HSNXV02P523C

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا فقال زيد بن اللصيت وهو في رحل عمارة وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمارة عنده إن رجلا قال هذا محمد يخبركم أنه نبي ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها وهي في هذا الوادي في شعب كذا وكذا قد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تأتوني بها فذهبوا فجاءوا بها فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا للذي قال زيد بن لصيت فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول إلي عباد الله إن في رحلي لداهية وما أشعر اخرج أي عدو الله من رحلي فلا تصحبني.


شأن أبي ذر *
HSNXV02P523E

قال ابن إسحاق فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك وقال بعض الناس لم يزل متهما بشر حتى هلك ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا فجعل بتخلف عنه الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه حتى قيل يا رسول الله قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فإن يك فيه § خير فسيلحقه الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه وتلوم أبو ذر على بعيره فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده وقال ابن إسحاق فحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود قال لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وأصابه بها قدره لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمار فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطؤها وقام إليهم الغلام فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه قال فاستهل عبد الله بن مسعود يبكي ويقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فواروه ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك.


تخذيل المنافقين للمسلمين وما نزل فيهم *
HSNXV02P524C

قال ابن إسحاق وقد كان رهط من المنافقين منهم وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف ومنهم رجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له مخشن بن حمير.


HSNXV02P524E

يشيرون إلى رسول الله § صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال إرجافا وترهيبا للمؤمنين فقال مخشن بن حمير والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على ناقته فجعل يقول وهو آخذ بحقبها يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله عز وجل ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب وقال مخشن بن حمير يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي وكأن الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير فتسمى عبد الرحمن وسأل الله تعالى أن يقتله شهيدا لا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم كتابا فهو عندهم فكتب ليحنة بن رؤبة بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة § ابن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله وذمة محمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن أخذه من الناس وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من كندة كان ملكا عليها وكان نصرانيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يصيد البقر فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط قال لا والله قالت فمن يترك هذه قال لا أحد فنزل فأمر بفرسه فأسرج له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه به عليه.


HSNXV02P526D

قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن أنس بن مالك قال رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا.


HSNXV02P526E

قال ابن إسحاق ثم إن خالدا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته فقال رجل من طيئ يقال له بجير بن بجرة يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يصيد البقر وما صنعت البقر تلك الليلة حتى استخرجته لتصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم § تبارك سائق البقرات إني رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك فإنا قد أمرنا بالجهاد فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة لم يجاوزها ثم انصرف قافلا إلى المدينة وكان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له وادي المشقق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبقنا إلى ذلك الوادي فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه قال فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم ير فيه شيئا فقال من سبقنا إلى هذا الماء فقيل له يا رسول الله فلان وفلان فقال أو لم أنههم أن يستقوا منه شيئا حتى آتيه ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا عليهم ثم نزل فوضع يده تحت الوشل فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما شاء الله أن يدعو به فانخرق من الماء كما يقول من سمعه ما إن له حسا كحس الصواعق فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيتم أو من بقي منكم لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه قال وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عبد الله بن مسعود كان يحدث قال قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر قال فاتبعتها أنظر إليها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين § المزني قد مات وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول أدنيا إلي أخاكما فدلياه إليه فلما هيأه لشقه قال اللهم إني أمسيت راضيا عنه فارض عنه قال يقول وعبد الله بن مسعود يا ليتني كنت صاحب الحفرة.


سؤال الرسول لأبي رهم عمن تخلف *
HSNXV02P528E

قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم كلثوم بن الحصين وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فسرت ذات ليلة معه ونحن بالأخضر قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وألقى الله علينا النفاس فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه مخافة أن أصيب رجله في الغرز فطفقت أحوز راحلتي عنه حتى غلبتني عيني في بعض الطريق ونحن في بعض الليل فزاحمت راحلتي راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله في الغرز فما استيقظت § إلا بقوله حس فقلت يا رسول الله استغفر لي فقال سر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف عن بني غفار فأخبره به فقال وهو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط فحدثته بتخلفهم قال فما فعل النفر السود الجعاد القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ فتذكرتهم في بني غفار ولم أذكرهم حتى ذكرت أم لهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرأ نشيطا في سبيل الله إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم.


أمر مسجد الضرار عند القفول من غزوة تبوك *

HSNXV02P529D

قال ابن إسحاق ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال إني على جناح سفر وحال شغل أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم فصلينا لكم فيه § فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن أنظرني حتى أخرج إليك بتار من أهلي فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين إلى آخر القصة وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق وثعلبة بن حاطب من بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف وجارية بن عامر وابناه مجمع بن جارية وزيد بن جارية ونبتل بن الحارث من بني ضبيعة وبحزج من بني ضبيعة وبجاد بن عثمان من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وهو من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبد المنذر وكانت مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك معلومة مسماة مسجد بتبوك ومسجد بثنية مدران ومسجد بذات الزراب ومسجد بالأخضر ومسجد بذات الخطمي ومسجد بألاء ومسجد بطرف البتراء من ذنب كواكب ومسجد بالشق شق تارا ومسجد بذي الجيفة ومسجد § بصدر خوضى ومسجد بالحجر ومسجد بالصعيد ومسجد بالوادي اليوم وادي القرى ومسجد بالرقعة من الشقة شقة بني عذرة ومسجد بذي المروة ومسجد بالفيفاء ومسجد بذي خشب وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد كان تخلف عنه رهط من المنافقين وتخلف أولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق كعب ابن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون فصفح عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعذرهم الله ولا رسوله واعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة.


أمر الثلاثة الذين خلفوا وأمر المعذرين في غزوة تبوك

HSNXV02P531E

قال ابن إسحاق فذكر الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن أباه عبد الله وكان قائد أبيه حين أصيب بصره قال سمعت أبي كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير أني كنت قد تخلفت عنه في غزوة بدر وكانت غزوة لم يعاتب الله ولا رسوله أحدا تخلف عنها وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج يريد عير قريش حتى جمع الله بينه وبين عدوه على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة وحين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت غزوة بدر هي أذكر في الناس منها قال كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه § في تلك الغزوة وو الله ما اجتمعت لي راحلتان قط حتى اجتمعتا في تلك الغزوة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل غزو عدو كثير فجلى للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبته وأخبرهم خبره بوجهه الذي يريد والمسلمون من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يعني بذلك الديوان يقول لا يجمعهم ديوان مكتوب قال كعب فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى له ذلك ما لم ينزل فيه وحي من الله وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار وأحبت الظلال فالناس إليها صعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه وجعلت أغدو لأتجهز معهم فأرجع ولم أقض حاجة فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر الناس بالجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحق بهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفرط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم أفعل وجعلت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم يحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا منه إلا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم § فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فجعلت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطة رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لا أنجو منه إلا بالصدق فأجمعت أن أصدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فجعلوا يحلفون له ويعتذرون وكانوا بضعة وثمانين رجلا فيقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وأيمانهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت فسلمت عليه فتبسم تبسم المغضب ثم قال لي تعاله فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن ابتعت ظهرك قال قلت إني يا رسول الله والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كذبا لترضين عني وليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديثا صدقا تجد علي فيه إني لأرجو عقباي من الله فيه ولا والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدقت فيه فقم حتى يقضي الله فيك فقمت وثار معي رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فو الله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي ثم قلت لهم هل لقى هذا أحد غيري قالوا نعم رجلان قالا مثل مقالتك وقيل لهما مثل ما قيل § لك قلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العمري من بني عمرو بن عوف وهلال بن أبي أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين فيهما أسوة فصمت حين ذكروهما لي ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي نفسي والأرض فما هي بالأرض التي كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلم أني أحب الله ورسوله فسكت فعدت فناشدته فسكت عني فعدت فناشدته فسكت عني فعدت فناشدته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي ووثبت فتسورت الحائط ثم غدوت إلى السوق فبينا أنا أمشي بالسوق إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل علي كعب ابن مالك قال فجعل الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان وكتب كتابا في سرقة من حرير فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق § بنا نواسك قال قلت حين قرأتها وهذا من البلاء أيضا قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك قال فعمدت بها إلى تنور فسجرته بها فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك قال قلت أطلقها أم ماذا قال لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل إلي صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض قال وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له أفتكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربنك قالت والله يا رسول الله ما به من حركة إلي والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا ولقد تخوفت على بصره قال فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله لامرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال فقلت والله لا استأذنه فيها ما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي في ذلك إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب قال فلبثنا بعد ذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا ثم صليت الصبح صبح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا على الحال التي ذكر الله منا قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع فكنت أكون فيها إذ سمعت صوت صارخ أوفى على ظهر سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج قال وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى § الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب نحو صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم حتى أوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه بشارة والله ما أملك يومئذ غيرهما واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله فحيانى وهنأني وو الله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال فكان كعب بن مالك لا ينساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال قلت أمن عندك يا رسول أم من عند الله قال بل من عند الله قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر قال وكنا نعرف ذلك منه قال فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله عز وجل أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قال قلت إني ممسك سهمي الذي بخيبر وقلت يا رسول الله إن الله قد نجاني بالصدق وإن من توبتي إلى الله أن لا أحدث إلا صدقا ما حييت والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أفضل مما أبلاني الله والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي وأنزل الله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله وكونوا مع الصادقين § قال كعب فو الله ما أنعم الله علي نعمة قط بعد أن هداني للإسلام كانت أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن الله تبارك وتعالى قال في الذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد قال سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين قال وكنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ما قضى فبذلك قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله من تخليفنا لتخلفنا عن الغزوة ولكن لتخليفه إيانا وإرجائه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.


أمر وفد ثقيف وإسلامها في شهر رمضان سنة تسع *

HSNXV02P537D

قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف وكان من حديثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود الثقفي حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتحدث قومه إنهم قاتلوك وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيهم نخوة الامتناع الذي كان منهم فقال عروة يا رسول الله أنا أحب إليهم من أبكارهم.


دعاؤه للإسلام ومقتله *
HSNXV02P538B

قال ابن إسحاق وكان فيهم كذلك محببا مطاعا فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم فلما أشرف لهم على علية له وقد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف أخو بني سالم بن مالك وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم من بني عتاب بن مالك يقال له وهب بن جابر فقيل لعروة ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم فادفنوني معهم فدفنوه معهم فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه إن مثله في قومه لكمثل صاحب ياسين في قومه ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرا ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن عمرو بن أمية أخا بني علاج كان مهاجرا لعبد يا ليل بن عمرو الذي بينهما سيء وكان عمرو بن أمية من أدهى العرب فمشى إلى عبد يا ليل بن عمرو حتى دخل داره ثم أرسل إليه أن عمرو بن أمية يقول لك اخرج إلي قال فقال عبد يا ليل للرسول ويلك أعمرو أرسلك إلي قال نعم وها هو ذا واقفا في دارك فقال إن هذا الشيء ما كنت أظنه لعمرو كان أمنع في نفسه من ذلك فخرج إليه فلما رآه رحب به فقال له عمرو إنه قد نزل بنا أمر ليست معه هجرة إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت قد أسلمت العرب كلها وليست لكم بحربهم طاقة فانظروا في أمركم فعند ذلك ائتمرت ثقيف بينها وقال بعضهم لبعض § أفلا ترون أنه لا يأمن لكم سرب ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع فأتمروا بينهم وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا كما أرسلوا عروة فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير وكان سن عروة بن مسعود وعرضوا ذلك عليه فأبى أن يفعل وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة فقال لست فاعلا حتى ترسلوا معي رجالا فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك فيكونوا ستة فبعثوا مع عبد ياليل الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان أخا بني يسار وأوس ابن عوف أخا بني سالم بن عوف ونمير بن خرشة بن ربيعة أخا بني الحارث فخرج بهم عبد ياليل وهو ناب القوم وصاحب أمرهم ولم يخرج بهم إلا خشية من مثل ما صنع بعروة بن مسعود لكي يشغل كل رجل منهم إذا رجعوا إلى الطائف رهطه فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في توبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت رعيتها نوبا على أصحابه صلى الله عليه وسلم فلما رآهم ترك الركاب عند الثقفيين وضبر يشتد ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه فلقيه أبو بكر الصديق قبل أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره عن ركب ثقيف أن قد قدموا يريدون البيعة والإسلام بأن يشرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطا ويكتتبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا في قومهم وبلادهم وأموالهم فقال أبو بكر للمغيرة أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أنا أحدثه ففعل المغيرة فدخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم § فأخبره بقدومهم عليه ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم وعلمهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية ولما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده كما يزعمون فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم وقد كان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأبى عليهم حتى سألوا شهرا واحدا بعد مقدمهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه فقالوا يا محمد فسنؤتيكها وإن كانت دناءة فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابهم أمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان من أحدثهم سنا وذلك أنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن فقال أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إني قد رأيت هذا الغلام منهم من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن.


بلال ووفد ثقيف في رمضان *
HSNXV02P540E

قال ابن إسحاق وحدثني عيسى بن عبد الله بن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم قال كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله § صلى الله عليه وسلم ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتينا بالسحور وإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع فيقول قد تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسحر لتأخير السحور ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها.


عهد الرسول لابن أبي العاص حين أمره على ثقيف *
HSNXV02P541D

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص قال كان من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني على ثقيف أن قال يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة.


هدم الطاغية *
HSNXV02P541F

قال ابن إسحاق فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معها أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية فخرجا مع القوم حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان فأبى ذلك أبو سفيان عليه وقال ادخل أنت على قومك وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول وقام قومه دونه بنو معتب خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقلن لتبكين دفاع أسلمها الرضاع. لم يحسنوا المصاع.


HSNXV02P542B

قال ابن إسحاق ويقول أبو سفيان والمغيرة يضربها بالفأس واها لك آها لك فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان وحليها مجموع وما لها من الذهب والجزع وقد كان أبو مليح بن عروة وقارب بن الأسود قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفد ثقيف حين قتل عروة يريدان فراق ثقيف وأن لا يجامعاهم على شيء أبدا فأسلما فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم توليا من شئتما فقالا نتولى الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالكما أبا سفيان ابن حرب فقالا وخالنا أبا سفيان بن حرب فلما أسلم أهل الطائف ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان والمغيرة إلى هدم الطاغية سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو مليح بن عروة أن يقضي عن أبيه عروة دينا كان عليه من مال الطاغية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال له قارب بن الأسود وعن الأسود يا رسول الله فاقضه وعروة والأسود أخوان لأب وأم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأسود مات مشركا فقال قارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لكن تصل مسلما ذا قرابة يعني نفسه إنما الدين علي وإنما أنا الذي أطلب به فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطاغية فلما جمع المغيرة مالها قال لأبي سفيان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقضي عن عروة والأسود دينهما فقضى عنهما وكان كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لهم § بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين إن عضاه وج وصيده لا يعضد من وجد يفعل شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به إلى النبي محمد وإن هذا أمر النبي محمد رسول الله وكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعده أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


حج أبي بكر بالناس سنة تسع اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بتأدية أول براءة عنه وذكر براءة والقصص في تفسيرها *

HSNXV02P543D

قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية شهر رمضان وشوالا وذا القعدة ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج من سنة تسع ليقيم للمسلمين حجهم والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم فخرج أبو بكر رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ونزلت براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ولا يخاف أحد في الشهر الحرام وكان ذلك عهدا عاما بينه وبين الناس من أهل الشرك وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائص إلى آجال مسماة فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عنه في تبوك وفي قول من قال منهم فكشف الله تعالى فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون منهم من سمى لنا ومنهم من لم يسم لنا فقال عز وجل براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين أي لأهل § العهد العام من أهل الشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله أي بعد هذه الحجة فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين أي العهد الخاص إلى الأجل المسمى ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم يعني الأربعة التي ضرب لهم أجلا فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم وإن أحد من المشركين أي من هؤلاء الذين أمرتك بقتلهم استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ثم قال كيف يكون للمشركين الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام أن لا نحيفوكم ولا يخيفوهم في الحرمة ولا في الشهر الحرام عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام وهي قبائل من بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم يوم الحديبية إلى المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش فلم يكن نقضها إلا هذا الحي من قريش وهي الديل من بني بكر بن وائل الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض من بني بكر إلى مدته فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ثم قال تعالى كيف وإن يظهروا عليكم أي المشركون الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل الشرك العام لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة .


اختصاص الرسول عليا بتأدية براءة عنه *
HSNXV02P545E

قال ابن إسحاق وحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي رضوان الله عليه أنه قال لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج قيل له يا رسول الله لو بعثت بها إلى أبي بكر فقال لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ثم دعا علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له اخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته فخرج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة § رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر بالطريق قال أأمير أم مأمور فقال بل مأمور ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس إنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته وأجل الناس أربعة أشهر من يوم أذن فيهم ليرجع كل قوم إلى مأمنهم أو بلادهم ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا أحد كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فهو له إلى مدته فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ولم يطف بالبيت عريان ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P546B

قال ابن إسحاق فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام وأهل المدة إلى الأجل المسمى.


ما نزل في الأمر بجهاد المشركين *
HSNXV02P546D

قال ابن إسحاق ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد أهل الشرك ممن نقض من أهل العهد الخاص ومن كان من أهل العهد العام بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدو فيها عاد منهم فيقتل بعدائه فقال ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله أي من بعد ذلك على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا § ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون .


ما نزل في الرد على قريش بادعائهم عمارة البيت *
HSNXV02P547E

قال ابن إسحاق ثم ذكر قول قريش إنا أهل الحرم وسقاة الحاج وعمار هذا البيت فلا أحد أفضل منا فقال إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر أي إن عمارتكم ليست على ذلك وإنما يعمر مساجد الله أي من عمرها بحقها من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله أي فأولئك عمارها فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين وعسى من الله حق ثم قال تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ثم القصة عن عدوهم حتى انتهى إلى ذكر حنين وما كان فيه وتوليهم عن عدوهم وما أنزل الله تعالى من نصره بعد تخاذلهم ثم قال تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة وذلك أن الناس قالوا لتنقطعن عنا الأسواق فلتهلكن التجارة وليذهبن ما كنا § نصيب فيها من المرافق فقال الله عز وجل وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله أي من وجه غير ذلك إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أي ففي هذا عوض مما تخوفتم من قطع الأسواق فعوضهم الله بما قطع عنهم بأمر الشرك ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب من الجزية ثم ذكر أهل الكتابين بما فيهم من الشر والفرية عليه حتى انتهى إلى قوله تعالى إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ثم ذكر النسيء وما كانت العرب أحدثت فيه والنسيء ما كان يحل مما حرم الله تعالى من الشهور ويحرم مما أحل الله منها فقال إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم أي لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما أي كما فعل أهل الشرك إنما النسيء الذي كانوا يصنعون زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين ثم ذكر تبوك وما كان فيها من تثاقل المسلمين عنها وما أعظموا من غزو الروم حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهادهم ونفاق من نافق § من المنافقين حين دعوا إلى ما دعوا إليه من الجهاد ثم ما نعى عليهم من إحداثهم في الإسلام فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ثم القصة إلى قوله تعالى يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم إلى قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يذكر أهل النفاق لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون أي إنهم يستطيعون عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين إلى قوله لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم .


عود إلى ما نزل في أهل النفاق *
HSNXV02P549G

قال ابن إسحاق وكان الذين استأذنوه من ذوي الشرف فيما بلغني منهم § عبد الله بن أبي بن سلول والجد بن قيس وكانوا أشرافا في قومهم فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده وكان في جنده قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم فقال تعالى وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين لقد ابتغوا الفتنة من قبل أي من قبل أن يستأذنوك وقلبوا لك الأمور أي ليخذلوا عنك أصحابك ويردوا عليك أمرك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وكان الذي قال ذلك فيما سمي لنا الجد بن قيس أخو بني سلمة حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهاد الروم ثم كانت القصة إلى قوله تعالى لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون أي إنما نيتهم ورضاهم وسخطهم لدنياهم ثم بين الصدقات لمن هي وسمى أهلها فقال إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ثم ذكر غشهم وأذاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم وكان الذي يقول تلك المقالة فيما بلغني نبتل بن الحارث أخو بني عمرو بن عوف وفيه نزلت هذه الآية وذلك أنه كان يقول إنما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه يقول الله تعالى قل أذن خير لكم أي يسمع الخير ويصدق به ثم قال تعالى يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن § يرضوه إن كانوا مؤمنين ثم قال ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن إلى قوله تعالى إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة وكان الذي قال هذه المقالة وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو ابن عوف وكان الذي عفي عنه فيما بلغني مخشن بن حمير الأشجعي حليف بني سلمة وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع ثم القصة من صفتهم حتى انتهى إلى قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله إلى قوله من ولي ولا نصير وكان الذي قال تلك المقالة الجلاس بن سويد ابن صامت فرفعها عليه رجل كان في حجره يقال له عمير بن سعد فأنكرها وحلف بالله ما قالها فلما نزل فيهم القرآن تاب ونزع وحسنت حاله وتوبته فيما بلغني ثم قال تعالى ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين وكان الذي عاهد الله منهم ثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما من بنى عمر بن عوف ثم قال الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم وكان المطوعون من المؤمنين في الصدقات عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي أخا بني العجلان وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الصدقة وحض عليها فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف درهم وقام عاصم بن عدى فتصدق بمائة وسق من تمر فلمزوهما وقالوا ما هذا إلا رياء وكان الذي تصدق بجهده أبو عقيل أخو بني أنيف أتى بصاع من تمر فأفرغها في الصدقة فتضاحكوا به وقالوا إن الله لغني عن صاع أبي عقيل ثم ذكر قول بعضهم لبعض حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاد § وأمر بالسير إلى تبوك على شدة الحر وجدب البلاد فقال تعالى وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا إلى قوله ولا تعجبك أموالهم وأولادهم .


ما نزل بسبب صلاة النبي على ابن أبي *
HSNXV02P552C

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أتصلي على عدو الله عبد الله بن أبي بن سلول القائل كذا يوم كذا والقائل كذا يوم كذا أعدد أيامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى إذا أكثرت قال يا عمر أخر عني إني قد خيرت فاخترت قد قيل لي استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه قال فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق حتى قبضه الله تعالى.


ما نزل في المستأذنين *
HSNXV02P552E

قال ابن إسحاق ثم قال تعالى وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وكان ابن أبي من أولئك فنعى الله ذلك عليه وذكره منه ثم قال تعالى لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من § تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله إلى آخر القصة وكان المعذرون فيما بلغني نفرا من بني غفار منهم خفاف بن أيماء بن رحضة تم كانت القصة لأهل العذر حتى انتهى إلى قوله ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون وهم البكاءون ثم قال تعالى إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون والخوالف النساء ثم ذكر حلفهم للمسلمين واعتذارهم فقال فأعرضوا عنهم إلى قوله تعالى فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ثم ذكر الأعراب ومن نافق منهم وتربصهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين فقال ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق أي من صدقة أو نفقة في سبيل الله مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ثم ذكر الأعراب أهل الإخلاص والإيمان منهم فقال ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم ثم ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وفضلهم وما وعدهم الله من حسن ثوابه إياهم تم ألحق بهم التابعين لهم بإحسان فقال رضي الله عنهم ورضوا عنه ثم قال تعالى وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق أي لجوا فيه وأبوا غيره سنعذبهم مرتين والعذاب الذي أوعدهم الله تعالى مرتين فيما § بلغني غمهم بما هم فيه من أمر الإسلام وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها ثم العذاب العظيم الذي يردون إليه عذاب النار والخلد فيه ثم قال تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ثم قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها إلى آخر القصة ثم قال تعالى وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهم الثلاثة الذين خلفوا وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم حتى أتت من الله توبتهم ثم قال تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا إلخ القصة ثم قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ثم كان قصة الخبر عن تبوك وما كان فيها إلى آخر السورة وكانت براءة تسمى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده المبعثرة لما كشفت من سرائر الناس وكانت تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال حسان بن ثابت يعدد أيام الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر مواطنهم معه في أيام غزوه.


HSNXV02P554E

ألست خير معد كلها نفرا %~% ومعشرا إن هم عموا وإن حصلوا قوم هم شهدوا بدرا بأجمعهم مع الرسول فما ألوا وما خذلوا § وبايعوه فلم ينكث به أحد منهم ولم يك في إيمانهم دخل ويوم صبحهم في الشعب من أحد ضرب رصين كحر النار مشتعل ويوم ذي قرد يوم استثار بهم على الجياد فما خاموا وما نكلوا وذا العشيرة جاسوها بخيلهم مع الرسول عليها البيض والأسل ويوم ودان أجلوا أهله رقصا بالخيل حتى نهانا الحزن والجبل وليلة طلبوا فيها عدوهم لله والله يجزيهم بما عملوا وغزوة يوم نجد ثم كان لهم مع الرسول بها الأسلاب والنفل وليلة بحنين جالدوا معه فيها يعلهم بالحرب إذ نهلوا وغزوة القاع فرقنا العدو به كما تفرق دون المشرب الرسل ويوم بويع كانوا أهل بيعته على الجلاد فآسوه وما عدلوا وغزوة الفتح كانوا في سريته مرابطين فما طاشوا وما عجلوا ويوم خيبر كانوا في كتيبته يمشون كلهم مستبسل بطل بالبيض ترعش في الأيمان عارية تعوج في الضرب أحيانا وتعتدل ويوم سار رسول الله محتسبا إلى تبوك وهم راياته الأول وساسة الحرب إن حرب بدت لهم حتى بدا لهم الإقبال والقفل أولئك القوم أنصار النبي وهم قومي أصير إليهم حين أتصل § ماتوا كراما ولم تنكث عهودهم وقتلهم في سبيل الله إذ قتلوا.


HSNXV02P556C

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا كنا ملوك الناس قبل محمد فلما أتى الإسلام كان لنا الفضل وأكرمنا الله الذي ليس غيره إليه بأيام مضت ما لها شكل بنصر الإله والرسول ودينه وألبسناه اسما مضى ما له مثل أولئك قومي خير قوم بأسرهم فما عد من خير فقومي له أهل يربون بالمعروف معروف من مضى وليس عليهم دون معروفهم قفل إذا اختبطوا لم يفحشوا في نديهم وليس على سؤالهم عندهم بخل وإن حاربوا أو سالموا لم يشبهوا فحربهم حتف وسلمهم سهل وجارهم موف بعلياء بيته له ما ثوى فينا الكرامة والبذل وحاملهم موف بكل حمالة تحمل لا غرم عليها ولا خذل وقائلهم بالحق إن قال قائل وحلمهم عود وحكمهم عدل ومنا أمير المسلمين حياته ومن غسلته من جنابته الرسل.


HSNXV02P557B

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا قومي أولئك إن تسألي كرام إذا الضيف يوما ألم عظام القدور لأيسارهم يكبون فيها المسن السنم يؤاسون جارهم في الغنى ويحمون مولاهم إن ظلم فكانوا ملوكا بأرضيهم ينادون عضبا بأمر غشم ملوكا على الناس لم يملكوا من الدهر يوما كحل القسم فأنبوا بعاد وأشياعها ثمود وبعض بقايا إرم بيثرب قد شيدوا في النخيل حصونا ودجن فيها النعم نواضح قد علمتها اليهو د عل إليك وقولا هلم وفما اشتهوا من عصير القطاف والعيش رخوا على غير هم فسرنا إليهم بأثقالنا على كل فحل هجان قطم جنبنا بهن جياد الخيول قد جللوها جلال الأدم § فلما أناخوا بجنبي صرار وشدوا السروج بلي الحزم فما راعهم غير معج الخيول والزحف من خلفهم قد دهم فطاروا سراعا وقد أفزعوا وجئنا إليهم كأسد الأجم على كل سلهبة في الصيان لا يشتكين نحول السأم وكل كميت مطار الفؤاد أمين الفصوص كمثل الزلم عليها فوارس قد عودوا قراع الكماة وضرب البهم ملوك إذا غشموا في البلاد لا ينكلون ولكن قدم فأبنا بساداتهم والنساء وأولادهم فيهم تقتسم ورثنا مساكنهم بعدهم وكنا ملوكا بها لم نرم فلما أتانا الرسول الرشيد بالحق والنور بعد الظلم قلنا صدقت رسول المليك هلم إلينا وفينا أقم فنشهد أنك عبد الإله أرسلت نورا بدين قيم فأنا وأولادنا جنة نقيك وفي مالنا فاحتكم فنحن أولئك إن كذبوك فناد نداء ولا تحتشم وناد بما كنت أخفيته نداء جهارا ولا تكتتم § فسار الغواة بأسيافهم إليه يظنون أن يخترم فقمنا إليهم بأسيافنا نجالد عنه بغاة الأمم بكل صقيل له ميعة رقيق الذباب عضوض خذم إذا ما يصادف صم العظام لم ينب عنها ولم ينشلم فذلك ما ورثتنا القروم مجدا تليدا وعزا أشم إذا مر نسل كفى نسله وغادر نسلا إذا ما انفصم فما إن من الناس إلا لنا عليه وإن خاس فضل النعم.


ذكر سنة تسع وتسميتها سنة الوفود ونزول سورة الفتح *

HSNXV02P559C

قال ابن إسحاق لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ضربت إليه وفود العرب من كل وجه.


انقياد العرب وإسلامهم *
HSNXV02P560C

قال ابن إسحاق وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت الحرام وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وقادة العرب لا ينكرون ذلك وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوخها الإسلام وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل أفواجا يضربون إليه من كل وجه يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا أي فاحمد الله على ما أظهر من دينك واستغفره إنه كان توابا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود العرب فقدم عليه عطارد ابن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي في أشراف بني تميم منهم الأقرع بن حابس التميمي والزبرقان بن بدر التميمي أحد بني سعد وعمرو بن الأهتم والحبحاب بن يزيد.


سائر رجال الوفد *
HSNXV02P561C

قال ابن إسحاق وفي وفد بني تميم نعيم بن يزيد وقيس بن الحارث وقيس بن عاصم أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم.


HSNXV02P561E

قال ابن إسحاق ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته أن اخرج إلينا يا محمد فآذى ذلك § رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم فخرج إليهم فقالوا يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا قال قد أذنت لخطيبكم فليقل فقام عطارد بن حاجب فقال الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن وهو أهله الذي جعلنا ملوكا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا وأيسره عدة فمن مثلنا في الناس ألسنا برءوس الناس وأولي فضلهم فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف بذلك أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا وأمر أفضل من أمرنا ثم جلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس أخي بني الحارث بن الخزرج قم فأجب الرجل في خطبته فقام ثابت فقال الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ولم يك شيء قط إلا من فضله ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمه نسبا وأصدقه حديثا وأفضله حسبا فأنزل عليه كتابه وأتمنه على خلقه فكان خيرة الله من العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان به فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه أكرم الناس حسبا وأحسن الناس وجوها وخير الناس فعالا ثم كان أول الخلق إجابة واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن فنحن أنصار الله ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه ومن كفر جاهدناه في الله أبدا وكان قتله علينا يسيرا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم فقام الزبرقان بن بدر فقال § نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا تنصب البيع وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العز يتبع ونحن يطعم عند القحط مطعمنا من الشواء إذا لم يؤنس القزع بما ترى الناس تأتينا سراتهم من كل أرض هويا ثم تصطنع فننحر الكوم عبطا في أرومتنا للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا فلا ترانا إلى حي نفاخرهم إلا استفادوا فكانوا الرأس يقتطع فمن يفاخرنا في ذاك نعرفه فيرجع القوم والأخبار تستمع إنا أبينا ولا يأبى لنا أحد إنا كذلك عند الفخر نرتفع.


شعر حسان في الرد على الزبرقان *
HSNXV02P563D

قال ابن إسحاق وكان حسان غائبا فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حسان جاءني رسوله فأخبرني أنه إنما دعاني لأجيب شاعر بني تميم فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول منعنا رسول الله إذ حل وسطنا على أنف راض من معد وراغم منعناه لما حل بين بيوتنا بأسيافنا من كل باغ وظالم ببيت حريد عزه وثراؤه بجابية الجولان وسط الأعاجم § هل المجد إلا السؤدد العود والندى وجاه الملوك واحتمال العظائم قال فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام شاعر القوم فقال ما قال عرضت في قوله وقلت على نحو ما قال قال فلما فرغ الزبرقان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال فقام حسان فقال إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بينوا سنة للناس تتبع يرضى بهم كل من كانت سريرته تقوى الإله وكل الخير يصطنع قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا إن سابقوا الناس يوما فاز سبقهم أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا أعفة ذكرت في الوحي عفتهم لا ينطبعون ولا يرديهم طمع لا يبخلون على جار بفضلهم ولا يمسهم من مطمع طبع إذا نصبنا لحي لم ندب لهم كما يدب إلى الوحشية الذرع § نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها إذا الزعانف من أظفارها خشعوا لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسد بحلية في أرساغها فدع خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ولا يكن همك الأمر الذي منعوا فإن في حربهم فاترك عداوتهم شرا يخاض عليه السم والسلع أكرم بقوم رسول الله شيعتهم إذا تفاوتت الأهواء والشيع أهدي لهم مدحتي قلب يؤازره فيما أحب لسان حائك صنع فإنهم أفضل الأحياء كلهم إن جد بالناس جد القول أو شمعوا.


إسلامهم وتجويز الرسول إياهم *
HSNXV02P567A

قال ابن إسحاق فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله قال الأقرع بن حابس وأبي إن هذا الرجل لمؤتى له لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أحلى من أصواتنا فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم في ظهرهم وكان أصغرهم سنا فقال قيس بن عاصم وكان يبغض عمرو بن الأهتم يا رسول الله إنه قد كان رجل منا في رحالنا وهو غلام حدث وأزرى به فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطى القوم فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه أن قيسا قال ذلك يهجوه ظللت مفترش الهلباء تشتمني عند الرسول فلم تصدق ولم تصب سدناكم سوددا رهوا وسوددكم باد نواجذه مقع على الذنب.


قصة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الوفادة عن بني عامر

HSNXV02P567C

قال ابن إسحاق وفيهم نزل من القرآن إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل § وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم فقدم عامر بن الطفيل عدو الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغدر به وقد قال له قومه يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم قال والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ثم قال لأربد إذا قدمنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر بن الطفيل يا محمد خالني قال لا والله حتى تؤمن بالله وحده قال يا محمد خالني وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به فجعل أربد لا يحير شيئا قال فلما رأى عامر ما يصنع أربد قال يا محمد خالني قال لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له فلما أبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اكفني عامر بن الطفيل فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر لأربد ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا قال لا أبا لك لا تعجل علي والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف وخرجوا راجعين إلى بلادهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول فجعل § يقول يا بني عامر أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني سلول.


موت أربد بصاعقة وما نزل فيه وفي عامر *
HSNXV02P569D

قال ابن إسحاق ثم خرج أصحابه حين واروه حين قدموا أرض بني عامر شاتين فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا ما وراءك يا أربد قال لا شيء والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لأمه.


HSNXV02P569G

قال ابن إسحاق فقال لبيد يبكي أربد ما إن تعدي المنون من أحد لا والد مشفق ولا ولد أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والأسد فعين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام النساء في كبد § إن يشغبوا لا يبال شغبهم أو يقصدوا في الحكوم يقتصد حلو أريب وفي حلاوته مر لطيف الأحشاء والكبد وعين هلا بكيت أربد إذ ألوت رياح الشتاء بالعضد وأصبحت لاقحا مصرمة حتى تجلت غوابر المدد أشجع من ليث غابة لحم ذو نهمة في العلا ومنتقد لا تبلغ العين كل نهمتها ليلة تمسى الجياد كالقدد الباعث النوح في مآتمه مثل الظباء الأبكار بالجرد فجعني البرق والصواعق بالفارس يوم الكريهة النجد والحارب الجابر الحريب إذا جاء نكيبا وإن يعد يعد يعفو على الجهد والسؤال كما ينبت غيث الربيع ذو الرصد كل بني حرة مصيرهم قل وإن أكثرت من العدد إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوما فهم للهلاك والنفد.


HSNXV02P571A

قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا يبكي أربد ألا ذهب المحافظ والمحامي ومانع ضيمها يوم الخصام وأيقنت التفرق يوم قالوا تقسم مال أربد بالسهام تطير عدائد الأشراك شفعا ووترا والزعامة للغلام فودع بالسلام أبا حريز وقل وداع أربد بالسلام وكنت إمامنا ولنا نظاما وكان الجزع يحفظ بالنظام وأربد فارس الهيجا إذا ما تقعرت المشاجر بالفئام إذا بكر النساء مردفات حواسر لا يجئن على الخدام فواءل يوم ذلك من أتاه كما وأل المحل إلى الحرام ويحمد قدر أربد من عراها إذا ما ذم أرباب اللحام وجارته إذا حلت لديه لها نفل وحظ من سنام فإن تقعد فمكرمة حصان وإن تظعن فمحسنة الكلام وهل حدثت عن أخوين داما على الأيام إلا ابني شمام وإلا الفرقدين وآل نعش خوالد ما تحدث بانهدام.


HSNXV02P572A

قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا يبكي أربد انع الكريم للكريم أربدا انع الرئيس واللطيف كبدا يحذي ويعطي ماله ليحمدا أدما يشبهن صوارا أبدا السابل الفضل إذا ما عددا ويملأ الجفنة ملئا مددا رفها إذا يأتي ضريك وردا مثل الذي في الغيل يقرو جمدا يزداد قربا منهم أن يوعدا أورثتنا تراث غير أنكدا غبا ومالا طارفا وولدا شرخا صقورا يافعا وأمردا وقال لبيد أيضا لن تفنيا خيرات أر بد فابكيا حتى يعودا قولا هو البطل المحامي حين يكسون الحديدا ويصد عنا الظالمين إذا لقينا القوم صيدا فاعتاقه رب البرية إذ رأى أن لا خلودا فثوى ولم يوجع ولم يوصب وكان هو الفقيدا § وقال لبيد أيضا يذكرني بأربد كل خصم ألد تخال خطته ضرارا إذا اقتصدوا فمقتصد كريم وإن جاروا سواء الحق جارا ويهدي القوم مطلعا إذا ما دليل القوم بالموماة حارا.


HSNXV02P573C

قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا أصبحت أمشي بعد سلمى بن مالك وبعد أبي قيس وعروة كالأجب إذا ما رأى ظل الغراب أضجه حذارا على باقي السناسن والعصب.


قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا عن بني سعد بن بكر *

HSNXV02P573F

قال ابن إسحاق وبعث بنو سعد بن بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا منهم يقال له ضمام بن ثعلبة.


سؤاله الرسول أسئلة ثم إسلامه *
HSNXV02P573H

قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في أصحابه فقال أيكم ابن عبد المطلب قال فقال رسول الله § صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب قال أمحمد قال نعم قال يا بن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة فلا تجدن في نفسك قال لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك قال أنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولا قال اللهم نعم قال فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه قال اللهم نعم قال فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس قال اللهم نعم قال ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ينشده عند كل فريضة منها كما ينشده في التي قبلها حتى إذا فرغ قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص ثم انصرف إلى بعيره راجعا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة قال فأنى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال بئست اللات والعزى قالوا مه يا ضمام اتق البرص اتق الجذام اتق الجنون قال ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا أستنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه قال فو الله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما § قال يقول عبد الله بن عباس فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام ابن ثعلبة.


قدوم الجارود في وفد عبد القيس *

HSNXV02P575C

قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو ابن حنش أخو عبد القيس.


ضمان الرسول دينه وإسلامه *
HSNXV02P575F

قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن الحسن قال لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه ورغبه فيه فقال يا محمد إني قد كنت على دين وإني تارك ديني لدينك أفتضمن لي ديني قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه قال فأسلم وأسلم أصحابه ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحملان فقال والله ما عندي ما أحملكم عليه قال يا رسول الله فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس أفنتبلغ عليها إلى بلادنا قال لا إياك وإياها فإنما تلك حرق النار فخرج من عنده الجارود راجعا إلى قومه وكان حسن الإسلام صلبا على دينه حتى هلك وقد أدرك الردة فلما رجع من قومه من كان أسلم منهم إلى دينهم الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر قام الجارود فتكلم فتشهد § شهادة الحق ودعا إلى الإسلام فقال أيها الناس إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأكفر من لم يشهد.


إسلام ابن ساوى *
HSNXV02P576D

قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث العلاء بن الحضرمي قبل فتح مكة إلى المنذر بن ساوى العبدي فأسلم فحسن إسلامه ثم هلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ردة أهل البحرين والعلاء عنده أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب.


ما كان من الرسول لمسيلمة *
HSNXV02P576F

قال ابن إسحاق فكان منزلهم في دار بنت الحارث امرأة من الأنصار ثم من بني النجار فحدثني بعض علمائنا من أهل المدينة أن بني حنيفة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم تستره بالثياب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه معه عسيب من سعف النخل في رأسه خوصات فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسترونه بالثياب كلمه وسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه قال ابن إسحاق وقد حدثني شيخ من بني حنيفة من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفوا مسيلمة في رحالهم فلما أسلموا ذكروا مكانه فقالوا يا رسول الله إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا قال فأمر له رسول الله § صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم وقال أما إنه ليس بشركم مكانا أي لحفظه ضيعة أصحابه وذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءوه بما أعطاه فلما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم وقال إني قد أشركت في الأمر معه وقال لوفده الذين كانوا معه ألم يقل لكم حين ذكرتموني له أما إنه ليس بشركم مكانا ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه ثم جعل يسجع لهم الأساجيع ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن لقد أنعم الله على الحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشى وأحل لهم الخمر والزنا ووضع عنهم الصلاة وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي فأصفقت معه حنيفة على ذلك فالله أعلم أي ذلك كان.


قدوم زيد الخيل في وفد طيئ *

HSNXV02P577F

قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيئ فيهم زيد الخيل وهو سيدهم فلما انتهوا إليه كلموه وعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلموا فحسن إسلامهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني من لا أتهم من رجال طيئ ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما كان فيه ثم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير وقطع له فيدا وأرضين معه وكتب له بذلك فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم § راجعا إلى قومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ينج زيد من حمى المدينة فإنه قال قد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم غير الحمى وغير أم ملدم فلم يثبته فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة أصابته الحمى بها فمات ولما أحس زيد بالموت قال أمرتحل قومي المشارق غدوة وأترك في بيت بفردة منجد ألا رب يوم لو مرضت لعادني عوائد من لم يبر منهن يجهد فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان معه من كتبه التي قطع له رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرقتها بالنار وأما عدي بن حاتم فكان يقول فيما بلغني ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به مني أما أنا فكنت امرأ شريفا وكنت نصرانيا وكنت أسير في قومي بالمرباع فكنت في نفسي على دين وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته فقلت لغلام كان لي عربي وكان راعيا لإبلي لا أبا لك أعدد لي من إبلي أجمالا ذللا سمانا فاحتبسها قريبا مني فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطئ هذه البلاد فآذني ففعل ثم إنه أتاني ذات غداة فقال يا عدي ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن فإني قد رأيت رايات فسألت عنها فقالوا هذه جيوش محمد قال فقلت فقرب إلي أجمالي فقربها فاحتملت بأهلي وولدي ثم قلت ألحق بأهلى ديني من النصارى بالشام § فسلكت الجوشية.


HSNXV02P579C

وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر فلما قدمت الشام أقمت بها وتخالفني خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيئ وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام قال فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن فيها فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت إليه وكانت امرأة جزلة فقالت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك قال ومن وافدك قالت عدي بن حاتم قال الفار من الله ورسوله قالت ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد مر بي فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس قالت حتى إذا كان بعد الغد مر بي وقد يئست منه فأشار إلي رجل من خلفه أن قومي فكلميه قالت فقمت إليه فقلت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك فقال صلى الله عليه وسلم قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني فسألت عن الرجل الذي أشار إلي أن أكلمه فقيل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وأقمت حتى قدم ركب من بلي أو قضاعة قالت وإنما أريد أن آتي أخي بالشام قالت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ قالت فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة فخرجت معهم حتى قدمت الشام § قال عدى فو الله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي تؤمنا قال فقلت ابنة حاتم قال فإذا هي هي فلما وقفت علي انسحلت تقول القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك عورتك قال قلت أي أخية لا تقولي إلا خيرا فو الله ما لي من عذر لقد صنعت ما ذكرت قال ثم نزلت فأقامت عندي فقلت لها وكانت امرأة حازمة ماذا ترين في أمر هذا الرجل قالت أرى والله أن تلحق به سريعا فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله وإن يكن ملكا فلن تذل في عز اليمن وأنت أنت قال قلت والله إن هذا الرأي قال فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال من الرجل فقلت عدي بن حاتم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بي إلى بيته فو الله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاسترقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال قلت في نفسي والله ما هذا بملك قال ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال اجلس على هذه قال قلت بل أنت فاجلس عليها فقال بل أنت فجلست عليها وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض قال قلت في نفسي والله ما هذا بأمر ملك ثم قال إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا قال قلت بلى قال أولم تكن تسير في قومك بالمرباع قال قلت بلى قال فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك قال § قلت أجل والله وقال وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل ثم قال لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم فو الله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم قال فأسلمت وكان عدي يقول قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة والله لتكونن قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت وايم الله لتكونن الثالثة ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.


قدوم فروة بن مسيك المرادي *

HSNXV02P581E

قال ابن إسحاق وقدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة ومباعدا لهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم في يوم كان يقال له يوم الردم فكان الذي قاد همدان إلى مراد الأجدع بن مالك في ذلك اليوم.


شعر فروة في يوم الردم *
HSNXV02P581J

قال ابن إسحاق وفي ذلك اليوم يقول فروة بن مسيك § مررنا على لفاة وهن خوص ينازعن الأعنة ينتحينا فإن نغلب فغلابون قدما وإن نغلب فغير مغلبينا وما إن طبنا جبن ولكن منايانا وطعمة آخرينا كذاك الدهر دولته سجال تكر صروفه حينا فحينا فبينا ما نسر به ونرضى ولو لبست غضارته سنينا إذ انقلبت به كرات دهر فألفيت الألى غبطوا طحينا فمن يغبط بريب الدهر منهم يجد ريب الزمان له خئونا فلو خلد الملوك إذن خلدنا ولو بقي الكرام إذن بقينا فأفنى ذلكم سروات قومي كما أفنى القرون الأولينا.


قدوم فروة على الرسول وإسلامه *
HSNXV02P582D

قال ابن إسحاق ولما توجه فروة بن مسيك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة قال لما رأيت ملوك كندة أعرضت كالرجل خان الرجل عرق نسائها قربت راحلتي أؤم محمدا أرجو فواضلها وحسن ثرائها.


HSNXV02P583B

قال ابن إسحاق فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم قال يا رسول الله من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوءه ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مراد وزبيد ومذحج كلها وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة فكان معه في بلاده حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن معديكرب في أناس من بني زبيد فأسلم وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يا قيس إنك سيد قومك وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه فإن كان نبيا كما يقول فإنه لن يخفى عليك وإذا لقيناه اتبعناه وإن كان غير ذلك علمنا علمه فأبى عليه قيس ذلك وسفه رأيه فركب عمرو ابن معديكرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وصدقه وآمن به فلما بلغ ذلك قيس بن مكشوح أوعد عمرا وتحطم عليه وقال خالفني وترك رأيي فقال عمرو بن معديكرب في ذلك أمرتك يوم ذي صنعاء أمرا باديا رشده أمرتك باتقاء الله والمعروف تتعده § خرجت من المنى مثل الحمير غره وتده تمناني على فرس عليه جالسا أسده علي مفاضة كالنهي أخلص ماءه جدده ترد الرمح منثنى السنان عوائرا قصده فلو لاقيتني للقيت ليثا فوقه لبده تلاقي شنبثا شثن البراثن ناشزا كتده يسامى القرن إن قرن تيممه فيعتضده فيأخذه فيرفعه فيخفضه فيقتصده فيدمغه فيحطمه فيخضمه فيزدرده ظلوم الشرك فيما أحرزت أنيابه ويده.


ارتداده وشعره في ذلك *
HSNXV02P584D

قال ابن إسحاق فأقام عمرو بن معديكرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة § ابن مسيك فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو بن معديكرب وقال حين ارتد وجدنا ملك فروة شر ملك حمارا ساف منخره بثفر وكنت إذا رأيت أبا عمير ترى الحولاء من خبث وغدر.


قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة *

HSNXV02P585E

قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعث بن قيس في وفد كندة فحدثني الزهري بن شهاب أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين راكبا من كندة فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده وقد رجلوا جممهم وتكحلوا وعليهم جبب الحبرة وقد كففوها بالحرير فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألم تسلموا قالوا بلى قال فما بال هذا الحرير في أعناقكم قال فشقوه منها فألقوه ثم قال له الأشعث بن قيس يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث وكان العباس وربيعة رجلين تاجرين وكانا إذا شاعا في بعض العرب فسئلا ممن هما قالا نحن بنو آكل المرار يتعززان بذلك وذلك أن كندة كانوا ملوكا ثم قال لهم لا بل نحن بنو النضر § ابن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا فقال الأشعث بن قيس هل فرغتم يا معشر كندة والله لا أسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين.


قدوم صرد بن عبد الله الأزدي *

HSNXV02P587C

قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم صرد بن عبد الله الأزدي فأسلم وحسن إسلامه في وفد من الأزد فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وأمروه أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبل اليمن فخرج صرد بن عبد الله يسير بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بجرش وهي يومئذ مدينة معلقة وبها قبائل من قبائل اليمن وقد ضوت إليهم خثعم فدخلوها معهم حين سمعوا بسير المسلمين إليهم فحاصروهم فيها قريبا من شهر وامتنعوا فيها منه ثم إنه رجع عنهم قافلا حتى إذا كان إلى جبل لهم يقال له شكر ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزما فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه عطف عليهم فقتلهم قتلا شديدا وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يرتادان وينظران فبينا هما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد صلاة العصر إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي بلاد الله شكر فقام إليه الجرشيان فقالا يا رسول الله ببلادنا جبل يقال له كشر وكذلك يسميه أهل جرش فقال إنه ليس بكثر ولكنه شكر قالا فما شأنه يا رسول الله قال إن بدن الله لتنحر عنده الآن قال فجلس الرجلان إلى أبي بكر أو إلى عثمان فقال لهما ويحكما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعى لكما قومكما § فقوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما فقاما إليه فسألاه ذلك فقال اللهم ارفع عنهم فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله في اليوم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر وخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وحمى لهم حمى حول قريتهم على أعلام معلومة للفرس والراحلة وللمثيرة بقرة الحرث فمن رعاه من الناس فما لهم سحت فقال في تلك الغزوة رجل من الأزد وكانت خشعم تصيب من الأزد في الجاهلية وكانوا يعدون في الشهر الحرام يا غزوة ما غزونا غير خائبة فيها البغال وفيها الخيل والحمر حتى أتينا حميرا في مصانعها وجمع خثعم قد شاعت لها النذر إذا وضعت غليلا كنت أحمله فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك ورسولهم إليه بإسلامهم الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك ابن مرة الرهاوي بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله §فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كلال وإلى نعيم بن عبد كلال وإلى النعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد ذلكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنه قد وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرض الروم فلقينا بالمدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبرا ما قبلكم وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين وأن الله قد هداكم بهداه إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم خمس الله وسهم الرسول وصفيه وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء وعلى ما سقى الغرب نصف العشر وأن في الإبل الأربعين ابنة لبون وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر وفي كل خمس من الإبل شاة وفي كل عشر من الإبل شاتان وفي كل أربعين من البقر بقرة وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة وأنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة فمن زاد خيرا فهو خير له ومن أدى ذلك وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم وله ذمة الله وذمة رسوله وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها وعليه الجزية على كل حال ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف من قيمة المعافر أو عوضه ثيابا فمن أدى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله أما بعد فإن رسول الله محمدا النبي § أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيرا معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة وعقبة بن نمر ومالك بن مرة وأصحابهم وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم وأبلغوها رسلي وأن أميرهم معاذ بن جبل فلا ينقلبن إلا راضيا أما بعد فإن محمدا يشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ثم إن مالك بن مرة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير وقتلت المشركين فأبشر بخير وآمرك بحمير خيرا ولا تخونوا ولا تخاذلوا فإن رسول الله هو ولي غنيكم وفقيركم وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل وأن مالكا قد بلغ الخبر وحفظ الغيب وآمركم به خيرا وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي وأولي دينهم وأولي علمهم وآمرك بهم خيرا فإنهم منظور إليهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


وصية الرسول معاذا حين بعثه إلى اليمن *

HSNXV02P590D

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا أوصاه وعهد إليه ثم قال له يسر ولا تعسر وبشر ولا تنفر وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب يسئلونك ما مفتاح الجنة فقل شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال فخرج معاذ حتى إذا قدم اليمن قام بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة من أهل اليمن فقالت يا صاحب رسول الله ما حق زوج المرأة عليها قال ويحك إن المرأة لا تقدر على أن تؤدي حق زوجها فأجهدي نفسك في أداء حقه ما استطعت قالت والله لئن كنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم § إنك لتعلم ما حق الزوج على المرأة قال ويحك لو رجعت إليه فوجدته تنثعب منخراه قيحا ودما فمصصت ذلك حتى تذهبيه ما أديت حقه.


إسلام فروة بن عمرو الجذامي *

HSNXV02P591D

قال ابن إسحاق وبعث فروة بن عمرو النافرة الجذامي ثم النفاثي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء وكان فروة عاملا للروم على من يليهم من العرب وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه طلبوه حتى أخذوه فحبسوه عندهم فقال في محبسه ذلك طرقت سليمى موهنا أصحابي والروم بين الباب والقروان صد الخيال وساءه ما قد رأى وهممت أن أغفي وقد أبكاني لا تكحلن العين بعدي إثمدا سلمى ولا تدين للإتيان ولقد علمت أبا كبيشة أنني وسط الأعزة لا يحص لساني فلئن هلكت لتفقدن أخاكم ولئن بقيت لتعرفن مكاني ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى من جودة وشجاعة وبيان فلما أجمعت الروم لصلبه على ماء لهم يقال له عفراء بفلسطين قال § ألا هل أتى سلمى بأن حليلها على ماء عفرا فوق إحدى الرواحل على ناقة لم يضرب الفحل أمها مشذبة أطرافها بالمناجل فزعم الزهري بن شهاب أنهم لما قدموه ليقتلوه قال بلغ سراة المسلمين بأنني سلم لربي أعظمي ومقامي ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء يرحمه الله تعالى.


إسلام بني الحارث بن كعب على يدي خالد بن الوليد لما سار إليهم *

HSNXV02P592F

قال ابن إسحاق ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا فإن استجابوا فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم فخرج خالد حتى قدم عليهم فبعث الركبان يضربون في كل وجه ويدعون إلى الإسلام ويقولون أيها الناس أسلموا تسلموا فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه فأقام فيهم خالد يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبذلك كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هم أسلموا ولم يقاتلوا ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد بن الوليد السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فإني أحمد إليك الله الذي § لا إله إلا هو أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك فإنك بعثتني إلى بني الحارث ابن كعب وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن أدعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا أقمت فيهم وقبلت منهم وعلمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه وإن لم يسلموا قاتلتهم وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثت فيهم ركبانا قالوا يا بني الحارث أسلموا تسلموا فأسلموا ولم يقاتلوا وأنا مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهاهم الله عنه وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله وأن قد هداهم الله بهداه فبشرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته فأقبل خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب منهم قيس بن الحصين ذي الغصة ويزيد بن عبد المدان ويزيد بن المحجل وعبد الله بن قراد الزيادي وشداد بن عبد الله القناني وعمرو بن عبد الله الضبابي § فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم قال من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند قيل يا رسول الله هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلموا عليه وقالوا نشهد أنك رسول الله وأنه لا إله إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم الذين إذا زجروا استقدموا فسكتوا فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الثانية فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الثالثة فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الرابعة فقال يزيد بن عبد المدان نعم يا رسول الله نحن الذين إذا زجروا استقدموا قالها أربع مرار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم فقال يزيد ابن عبد المدان أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا قال فمن حمدتم قالوا حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله قال صدقتم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية قالوا لم نكن نغلب أحدا قال بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم قالوا كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله إنا كنا نجتمع ولا نفترق ولا نبدأ أحدا بظلم قال صدقتم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني الحارث بن كعب قيس بن الحصين فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال أو في صدر ذي القعدة فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحم وبارك ورضي وأنعم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو ابن حزم ليفقههم في الدين ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم صدقاتهم وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده وأمره فيه بأمره بسم الله الرحمن الرحيم § هذا بيان من الله ورسوله يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره كله فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه وينهى الناس فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ويلين للناس في الحق ويشتد عليهم في الظلم فإن الله كره الظلم ونهى عنه فقال ألا لعنة الله على الظالمين ويبشر الناس بالجنة وبعملها وينذر الناس النار وعملها ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته وما أمر الله به والحج الأكبر الحج الأكبر والحج الأصغر هو العمرة وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب واحد صغير إلا أن يكون ثوبا يثني طرفيه على عاتقيه وينهى الناس أن يحتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء وينهى أن يعقص أحد شعر رأسه في قفاه وينهى إذا كان بين الناس هيج عن الدعاء إلى القبائل والعشائر وليكن دعواهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطفوا بالسيف حتى تكون دعواهم إلى الله وحده لا شريك له ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين ويمسحون برءوسهم كما أمرهم الله وأمر بالصلاة لوقتها وإتمام الركوع والسجود والخشوع ويغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة والمغرب حين يقبل الليل لا يؤخر حتى تبدو النجوم في السماء والعشاء أول الليل وأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها والغسل عند الرواح إليها وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء وعلى ما سقى الغرب نصف العشر وفي كل عشر من الإبل شاتان وفي كل عشرين أربع شياه وفي كل أربعين من البقر بقرة وفي كل ثلاثين من البقر تبيع § جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة فمن زاد خيرا فهو خير له وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه ودان بدين الإسلام فإنه من المؤمنين له مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يرد عنها وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه ثيابا فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منع ذلك فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية قبل خيبر رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيبي فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما وأسلم فحسن إسلامه وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا إلى قومه وفي كتابه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بن زيد إني بعثته إلى قومه عامة ومن دخل فيهم يدعوهم إلى الله وإلى رسوله فمن أقبل منهم ففي حزب الله وحزب رسوله ومن أدبر فله أمان شهرين فلما قدم رفاعة على قومه أجابوا وأسلموا ثم ساروا إلى الحرة حرة الرجلاء ونزلوها.


ذكر الكذابين مسيلمة الحنفي والأسود العنسي *

HSNXV02P599C

قال ابن إسحاق وقد كان تكلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذابان مسيلمة بن حبيب باليمامة في بني حنيفة والأسود بن كعب العنسي بصنعاء.


رؤيا الرسول فيهما *
HSNXV02P599E

قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار أو أخيه سليمان بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على منبره وهو يقول أيها الناس إني قد رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ورأيت في ذراعي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأولتهما هذين الكذابين صاحب اليمن وصاحب اليمامة.


حديث الرسول عن الدجالين *
HSNXV02P599G

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يدعي النبوة.


خروج الأمراء والعمال على الصدقات *

HSNXV02P600C

قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات إلى كل ما أوطأ الإسلام من البلدان فبعث المهاجر بن أبي أمية ابن المغيرة إلى صنعاء فخرج عليه العنسي وهو بها وبعث زياد بن لبيد أخا بني بياضة الأنصاري إلى حضرموت وعلى صدقاتها وبعث عدي بن حاتم على طيئ وصدقاتها وعلى بني أسد وبعث مالك بن نويرة.


HSNXV02P600D

على صدقات بني حنظلة وفرق صدقة بني سعد على رجلين منهم فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية منها وقيس بن عاصم على ناحية وكان قد بعث العلاء ابن الحضرمي على البحرين وبعث علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى أهل نجران ليجمع صدقتهم ويقدم عليه بجزيتهم وقد كان مسيلمة بن حبيب قد كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ولكن قريشا قوم يعتدون فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب.


HSNXV02P60E

قال ابن إسحاق فحدثني شيخ من أشجع عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتابه فما تقولان أنتما قالا نقول كما قال فقال أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ثم كتب إلى مسيلمة بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة § الكذاب السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين وذلك في آخر سنة عشر.


حجة الوداع *

HSNXV02P601D

قال ابن إسحاق فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو القعدة تجهز للحج وأمر الناس بالجهاز له.


HSNXV02P601E

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة.


ما أمر به الرسول عائشة في حيضها *
HSNXV02P601H

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد عن عائشة قالت لا يذكر ولا يذكر الناس إلا الحج حتى إذا كان بسرف وقد ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم معه الهدي وأشراف من أشراف الناس أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدي قالت وحضت ذلك اليوم فدخل علي وأنا أبكى فقال مالك يا عائشة لعلك نفست قالت قلت نعم والله لوددت أني لم أخرج معكم عامي في هذا السفر فقال لا تقولن ذلك فإنك تقضين كل ما يقضي الحاج إلا أنك لا تطوفين بالبيت قالت ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فحل كل من كان لا هدي معه وحل نساؤه بعمرة فلما كان يوم النحر أتيت بلحم بقر كثير فطرح في بيتي فقلت § ما هذا قالوا ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر حتى إذا كانت ليلة الحصبة بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي فاتتني.


HSNXV02P602B

قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن حفصة بنت عمر قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قلن فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا فقال إني أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي.


موافاة علي في قفوله من اليمن رسول الله في الحج *

HSNXV02P602E

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث عليا رضي الله عنه إلى نجران فلقيه بمكة وقد أحرم فدخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها فوجدها قد حلت وتهيأت فقال مالك يا بنت رسول الله قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحل بعمرة فحللنا ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من الخبر عن سفره قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق فطف بالبيت وحل كما حل بأصحابك قال يا رسول الله إني أهللت كما أهللت فقال ارجع فاحلل كما حل أصحابك قال يا رسول الله إني قلت حين أحرمت اللهم إني أهل بما أهل به نبيك وعبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم قال فهل معك من هدي قال لا فأشركه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وثبت على إحرامه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغا من الحج ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي عنهما.


شكا عليا جنده إلى الرسول لانتزاعه عنهم حللا من بز اليمن *
HSNXV02P603B

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي رضي الله عنه فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل قال ويلك ما هذا قال كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس قال ويلك انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانتزع الحلل من الناس فردها في البز قال وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.


HSNXV02P603C

قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان ابن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري قال اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول أيها الناس لا تشكوا عليا فو الله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى.


خطبة الرسول في حجة الوداع *
HSNXV02P603E

قال ابن إسحاق ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم § ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان أما بعد أيها الناس فإن لكم على نسائكم حقا ولهن عليكم حقا لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فزوجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا أمرا بينا كتاب الله وسنة نبيه أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت فذكر لي أن الناس قالوا اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد.


اسم الصارخ بكلام الرسول وما كان يردده *
HSNXV02P605B

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كان الرجل الذي يصرخ في الناس يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرفة ربيعة بن أمية بن خلف قال يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلا تدرون أي شهر هذا فيقول لهم فيقولون الشهر الحرام فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا ثم يقول قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي بلد هذا قال فيصرخ به قال فيقولون البلد الحرام قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة بلدكم هذا قال ثم يقول قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي يوم هذا قال فيقوله لهم فيقولون يوم الحج الأكبر قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا.


رواية ابن خارجة عما سمعه من الرسول في حجة الوداع *
HSNXV02P605D

قال ابن إسحاق حدثني ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب الأشعري عن عمرو بن خارجة قال بعثني عتاب بن أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة فبلغته ثم وقفت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لغامها ليقع على رأسي فسمعته وهو يقول أيها الناس إن الله قد أدى إلى كل ذي حق حقه وإنه لا تجوز وصية لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.


بعض تعليم الرسول في الحج *
HSNXV02P605F

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف بعرفة قال هذا الموقف للجبل الذي هو عليه وكل عرفة § موقف وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال هذا المنحر وكل منى منحر فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج وقد أراهم مناسكهم وأعلمهم ما فرض الله عليهم من حجهم من الموقف ورمي الجمار وطواف بالبيت وما أحل لهم من حجهم وما حرم عليهم فكانت حجة البلاغ وحجة الوداع وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها.


بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين *

HSNXV02P606C

قال ابن إسحاق ثم قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وضرب على الناس بعثا إلى الشام وأمر عليهم أسامة ابن زيد بن حارثة مولاه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين فتجهز الناس وأوعب مع أسامة بن زيد المهاجرون الأولون.


رواية ابن حبيب عن بعث الرسول رسله *
HSNXV02P607G

قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري أنه وجد كتابا فيه ذكر من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البلدان وملوك العرب والعجم وما قال لأصحابه حين بعثهم قال فبعثت به إلى محمد بن شهاب الزهري فعرفه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال لهم إن الله بعثني رحمة وكافة فأدوا عني يرحمكم الله ولا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم قالوا وكيف يا رسول الله كان اختلافهم قال دعاهم لمثل ما دعوتكم له فأما من قرب به فأحب وسلم وأما من بعد به فكره وأبى فشكا ذلك عيسى منهم إلى الله فأصبحوا وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجه إليهم.


أسماء رسل عيسى *
HSNXV02P608B

قال ابن إسحاق وكان من بعث عيسى بن مريم عليه السلام من الحواريين والأتباع الذين كانوا بعدهم في الأرض بطرس الحواري ومعه بولس وكان بولس من الأتباع ولم يكن من الحواريين إلى رومية وأندرائس ومنتا إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس وتوماس إلى أرض بابل من أرض المشرق وفيلبس إلى أرض قرطاجنة وهي إفريقية ويحنس إلى أفسوس قرية الفتية أصحاب الكهف ويعقوبس إلى أوراشلم وهي إيلياء قرية بيت المقدس وابن ثلماء إلى الأعرابية وهي أرض الحجاز وسيمن إلى أرض البربر ويهوذا ولم يكن من الحواريين جعل مكان يودس بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين غزوة منها غزوة ودان وهي غزوة الأبواء ثم غزوة بواط من ناحية رضوى ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع ثم غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر ثم غزوة بدر الكبرى التي قتل الله فيها صناديد قريش ثم غزوة بني سليم حتى بلغ الكدر ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب ثم غزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر ثم غزوة بحران معدن بالحجاز ثم غزوة أحد ثم غزوة حمراء الأسد ثم غزوة بني النضير ثم غزوة ذات الرقاع من نخل ثم غزوة بدر الآخرة ثم غزوة دومة الجندل ثم غزوة الخندق ثم غزوة بني قريظة ثم غزوة بني لحيان من هذيل ثم غزوة ذي قرد ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة ثم غزوة الحديبية § لا يريد قتالا فصده المشركون ثم غزوة خيبر ثم عمرة القضاء ثم غزوة الفتح ثم غزوة حنين ثم غزوة الطائف ثم غزوة تبوك قاتل منها في تسع غزوات بدر وأحد والخندق وقريظة والمصطلق وخيبر والفتح وحنين والطائف وكانت بعوثه صلى الله عليه وسلم وسراياه ثمانيا وثلاثين من بين بعث وسرية غزوة عبيدة بن الحارث أسفل من ثنية ذي المروة ثم غزوة حمزة ابن عبد المطلب ساحل البحر من ناحية العيص وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة وغزوة سعد بن أبي وقاص الخرار وغزوة عبد الله ابن جحش نخلة وغزوة زيد بن حارثة القردة وغزوة محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة وغزوة أبي عبيدة بن الجراح ذا القصة من لمريق العراق وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر وغزوة علي ابن أبي طالب اليمن وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث الكديد فأصاب بني الملوح وكان من حديثها أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس حدثني عن مسلم ابن عبد الله بن خبيب الجهني عن المنذر عن جندب بن مكيث الجهني قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي § كلب بن عوف بن ليث في سرية كنت فيها وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح وهم بالكديد فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك وهو ابن البرصاء الليثي فأخذناه فقال إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له إن تك مسلما فلن يضيرك رباط ليلة وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك فشددناه رباطا ثم خلفنا عليه رجلا من أصحابنا أسود وقلنا له إن عازك فاحتز رأسه قال ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس فكنا في ناحية الوادي وبعثني أصحابي ربيئة لهم فخرجت حتى آتي تلا مشرفا على الحاضر فأسندت فيه فعلوت على رأسه فنظرت إلى الحاضر فو الله إني لمنبطح على التل إذ خرج رجل منهم من خبائه فقال لامرأته إني لأرى على التل سوادا ما رأيته في أول يومي فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئا لا تكون الكلاب جرت بعضها قال فنظرت فقالت لا والله ما أفقد شيئا قال فناوليني قوسي وسهمين فناولته قال فأرسل سهما فو الله ما أخطأ جنبي فأنزعه فأضعه وثبت مكاني قال ثم أرسل الآخر فوضعه في منكبي فأنزعه فأضعه وثبت مكاني فقال لامرأته لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك لقد خالطه سهماي لا أبا لك إذا أصبحت فابتغيهما فخذيهما لا يمضغهما علي الكلاب قال ثم دخل قال وأمهلناهم حتى إذا اطمأنوا وناموا وكان في وجه السحر شننا § عليهم الغارة قال فقتلنا واستقنا النعم وخرج صريخ القوم فجاءنا دهم لا قبل لنا به ومضينا بالنعم ومررنا بابن البرصاء وصاحبه فاحتملناهما معنا قال وأدركنا القوم حتى قروا منا قال فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ولا يقدر على أن يجاوزه فوقفوا ينظرون إلينا وإنا لنسوق نعمهم ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ونحن نحدوها سراعا حتى فتناهم فلم يقدروا على طلبنا قال فقدمنا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P611D

قال ابن إسحاق وحدثني رجل من أسلم عن رجل منهم أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة أمت أمت فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها أبى أبو القاسم أن تعز بي في خضل نباته مغلولب صفر أعاليه كلون المذهب.


HSNXV02P611F

تم خبر الغزاة وعدت إلى ذكر تفصيل السرايا والبعوث.


تعريف بعدة غزوات *
HSNXV02P611H

قال ابن إسحاق وغزوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بني عبد الله بن سعد § من أهل فدك وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم أصيب بها هو وأصحابه جميعا وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة وغزوة أبي سلمة بن عبد الأسد قطنا ماء من مياه بني أسد من ناحية نجد قتل بها مسعود بن عروة وغزوة محمد بن مسلمة أخي بني حارثة القرطاء من هوازن وغزوة بشير بن سعد بني مرة بفدك وغزوة بشير بن سعد ناحية خيبر وغزوة زيد بن حارثة الجموم من أرض بني سليم وغزوة زيد بن حارثة جذام من أرض خشين.


غزوة زيد بن حارثة إلى جذام *

HSNXV02P612E

قال ابن إسحاق وكان من حديثها كما حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام كانوا علماء بها أن رفاعة بن زيد الجذامي لما قدم على قومه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوهم إلى الإسلام فاستجابوا له لم يلبث أن قدم دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ومعه تجارة له حتى إذا كانوا بواد من أوديتهم يقال له شنار أغار على دحية بن خليفة الهنيد بن عوص وابنه عوص بن الهنيد الضلعيان والضليع بطن من جذام فأصابا كل شيء كان معه فبلغ ذلك قوما من الضبيب رهط رفاعة بن زيد ممن كان أسلم وأجاب فنفروا إلى الهنيد وابنه فيهم من بني الضبيب النعمان بن أبي جعال حتى لقوهم فاقتتلوا وانتمى يومئذ قرة بن أشقر الضفاوي ثم الضلعي فقال أنا ابن لبنى ورمى النعمان بن أبى جعال بسبهم فأصاب ركبته فقال حين أصابه خذها وأنا ابن لبنى وكانت له أم تدعى لبنى وقد كان حسان بن ملة الضبيبي قد صحب دحية بن خليفة قبل ذلك فعلمه أم الكتاب.


تمكن المسلمين من الكفار *
HSNXV02P613C

قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام قال فاستنقذوا ما كان في يد الهنيد وابنه فردوه على دحية فخرج دحية حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره واستسقاه دم الهنيد وابنه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم زيد بن حارثة وذلك الذي هاج غزوة زيد جذام وبعث معه جيشا وقد وجهت غطفان من جذام ووائل ومن كان من سلامان وسعد بن هذيم حين جاءهم رفاعة بن زيد بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا الحرة حرة الرجلاء ورفاعة بن زيد بكراع ربة لم يعلم ومعه ناس من بني الضبيب وسائر بني الضبيب بوادي مدان من ناحية الحرة مما يسيل مشرقا وأقبل جيش زيد بن حارثة من ناحية الأولاج فأغار بالماقص من قبل الحرة فجمعوا ما وجدوا من مال أو ناس وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بني الأجنف.


شأن حسان وأنيف ابني ملة *
HSNXV02P613F

قال ابن إسحاق في حديثه ورجلا من بني الخصيب فلما سمعت بذلك بنو الضبيب والجيش بفيفاء مدان ركب نفر منهم وكان فيمن ركب معهم حسان بن ملة على فرس لسويد بن زيد يقال لها العجاجة وأنيف بن ملة على فرس لملة يقال لها رغال وأبو زيد بن عمرو على فرس يقال له لها شمر فانطلقوا حتى إذا دنوا من الجيش قال أبو زيد وحسان لأنيف بن ملة كف عنا وانصرف فإنا نخشى لسانك فوقف عنهما فلم يبعدا منه حتى جعلت فرسه تبحث بيديها وتوثب فقال لأنا أضن بالرجلين منك بالفرسين فأرخى لها حتى أدركهما فقالا له أما إذا فعلت ما فعلت فكف عنا § لسانك ولا تشأمنا اليوم فتواصوا أن لا يتكلم منهم إلا حسان بن ملة وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفها بعضهم من بعض إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال بورى أو ثورى فلما برزوا على الجيش أقبل القوم يبتدرونهم فقال لهم حسان إنا قوم مسلمون وكان أول من لقيهم رجل على فرس أدهم فأقبل يسوقهم فقال أنيف بورى فقال حسان مهلا فلما وقفوا على زيد بن حارثة قال حسان إنا قوم مسلمون فقال له زيد فاقرءوا أم الكتاب فقرأها حسان فقال زيد بن حارثة نادوا في الجيش أن الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاءوا منها إلا من ختر.


قدومهم على الرسول وشعر أبي جعال *
HSNXV02P614C

قال ابن إسحاق وإذا أخت حسان بن ملة وهي امرأة أبي وبر بن عدي ابن أمية بن الضبيب في الأسارى فقال له زيد خذها وأخذت بحقويه فقالت أم الفزر الضلعية أتنطلقون ببناتكم وتذرون أمهاتكم فقال أحد بني الخصيب إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم فسمعها بعض الجيش فأخبر بها زيد بن حارثة فأمر بأخت حسان ففكت يداها من حقويه وقال لها اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه فرجعوا ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاءوا منه فأمسوا في أهليهم واستعتموا ذودا لسويد بن زيد فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة بن زيد وكان ممن ركب إلى رفاعة بن زيد تلك الليلة أبو زيد ابن عمرو وأبو شماس بن عمرو وسويد بن زيد وبعجة بن زيد وبرذع بن زيد وثعلبة بن زيد ومخربة بن عدي وأنيف بن ملة وحسان § ابن ملة حتى صبحوا رفاعة بن زيد بكراع ربة بظهر الحرة على بئر هنالك من حرة ليلى فقال له حسان بن ملة إنك لجالس تحلب المعزى ونساء جذام أسارى قد غرها كتابك الذي جئت به فدعا رفاعة بن زيد بجمل له فجعل يشد عليه رحله وهو يقول هل أنت حي أو تنادي حيا ثم غدا وهم معه بأمية بن ضفارة أخي الخصيبي المقتول مبكرين من ظهر الحرة فساروا إلى جوف المدينة ثلاث ليال فلما دخلوا المدينة وانتهوا إلى المسجد نظر إليهم رجل من الناس فقال لا تنيخوا إبلكم فتقطع أيديهن فنزلوا عنهن وهن قيام فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم ألاح إليهم بيده أن تعالوا من وراء الناس فلما استفتح رفاعة بن زيد المنطق قام رجل من الناس فقال يا رسول الله إن هؤلاء قوم سحرة فرددها مرتين فقال رفاعة بن زيد رحم الله من لم يحذنا في يومه هذا إلا خيرا ثم دفع رفاعة ابن زيد كتابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان كتبه له فقال دونك يا رسول الله قديما كتابه حديثا غدره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأه يا غلام وأعلن فلما قرأ كتابه استخبره فأخبروهم الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع بالقتلى ثلاث مرات فقال رفاعة أنت يا رسول الله أعلم لا نحرم عليك حلالا ولا نحلل لك حراما فقال أبو زيد ابن عمرو أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هذه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو زيد اركب معهم يا علي فقال له علي رضي الله عنه إن زيدا لن يطيعني يا رسول الله قال فخذ سيفي هذا فأعطاه سيفه فقال علي ليس لي يا رسول الله راحلة أركبها فحملوه على بعير لثعلبة بن عمرو يقال له مكحال فخرجوا فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة § من إبل أبي وبر يقال لها الشمر فأنزلوه عنها فقال يا علي ما شأني فقال ما لهم عرفوه فأخذوه ثم ساروا فلقوا الجيش بفيفاء الفحلتين فأخذوا ما في أيديهم حتى كانوا ينزعون لبيد المرأة من تحت الرحل فقال أبو جعال حين فرغوا من شأنهم وعاذلة ولم تعذل بطب ولولا نحن حش بها السعير تدافع في الأسارى بابنتيها ولا يرجى لها عتق يسير ولو وكلت إلى عوص وأوس لحار بها عن العتق الأمور ولو شهدت ركائبنا بمصر تحاذر أن يعل بها المسير وردنا ماء يثرب عن حفاظ لربع إنه قرب ضرير بكل مجرب كالسيد نهد على أقتاد ناجية صبور فدى لأبي سليمى كل جيش بيثرب إذ تناطحت النحور غداة ترى المجرب مستكينا خلاف القوم هامته تدور.


HSNXV02P616C

تمت الغزاة وعدنا إلى تفصيل ذكر السرايا والبعوث.


HSNXV02P616D

قال ابن إسحاق وغزوة زيد بن حارثة أيضا الطرف من ناحية نخل من طريق العراق.


غزوة زيد بن حارثة بني فزارة ومصاب أم قرفة *

HSNXV02P617C

وغزوة زيد بن حارثة أيضا وادي القرى لقي به بني فزارة فأصيب بها ناس من أصحابه وارتث زيد من بين القتلى وفيها أصيب ورد بن عمرو بن مداش وكان أحد بني سعد بن هذيل أصابه أحد بني بدر.


معاودة زيد لهم *
HSNXV02P617F

قال ابن إسحاق فلما قدم زيد بن حارثة آلى أن لا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة فلما استبل من جراحته بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني فزارة في جيش فقتلهم بوادي القرى وأصاب فيهم وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر وأسرت أم قرفة فاطمة بنت ربيعة بن بدر كانت عجوزا كبيرة عند مالك بن حذيفة ابن بدر وبنت لها وعبد الله بن مسعدة فأمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة وبابن مسعدة وكانت بنت أم قرفة لسلمة بن عمرو بن الأكوع كان هو الذي أصابها وكانت في بيت شرف من قومها كانت العرب تقول لو كنت أعز من أم قرفة ما زدت فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة فوهبها له فأهداها لخاله حزن بن أبي وهب فولدت له عبد الرحمن بن حزن فقال قيس بن المسحر في قتل مسعدة § سعيت بورد مثل سعي ابن أمه وإني بورد في الحياة لثائر كررت عليه المهر لما رأيته على بطل من آل بدر مغاور فركبت فيه قعضبيا كأنه شهاب بمعراة يذكى لناظر وغزوة عبد الله بن رواحة خيبر مرتين إحداهما التي أصاب فيها اليسير بن رزام.


غزوة عبد الله بن رواحة لقتل اليسير بن رزام ,غزوة عبد الله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي

HSNXV02P618F

وكان من حديث اليسير بن رزام أنه كان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في نفر من أصحابه منهم عبد الله بن أنيس حليف بني سلمة فلما قدموا عليه كلموه وقربوا له وقالوا له إنك إن قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك وأكرمك فلم يزالوا به حتى خرج معهم في نفر من يهود فحمله عبد الله بن أنيس على بعيره حتى إذا كان بالقرقرة من خيبر على ستة أميال ندم اليسير بن رزام على مسيره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففطن له عبد الله بن أنيس وهو يريد السيف فاقتحم به ثم ضربه بالسيف فقطع رجله وضربه اليسير بمخرش في يده من شوحط فأمه ومال كل § رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحبه من يهود فقتله إلا رجلا واحدا أفلت على رجليه فلما قدم عبد الله بن أنيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل على شجته فلم تقح ولم تؤذه وغزوة عبد الله بن عتيك خيبر فأصاب بها أبا رافع بن أبي الحقيق


HSNXV02P619F

وغزوة عبد الله بن أنيس خالد بن سفيان بن نبيح بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وهو بنخلة أو بعرنة يجمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ليغزوه فقتله.


HSNXV02P619B

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال قال عبد الله بن أنيس دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة أو بعرنة فأته فاقتله قلت يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه قال إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة قال فخرجت متوشحا سيفي حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا وحيث كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة فأقبلت نحوه وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي فلما انتهيت إليه قال من الرجل قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك § قال أجل إني لفي ذلك قال فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف فقتلته ثم خرجت وتركت ظعائنه منكبات عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال أفلح الوجه قلت قد قتلته يا رسول الله قال صدقت ثم قام بي فأدخلني بيته فأعطاني عصا فقال أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس قال فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا قلت أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها عندي قالوا أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا قال آية بيني وبينك يوم القيامة إن أقل الناس المتخصرون يومئذ قال فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه فلم تزل معه حتى مات ثم أمر بها فضمت في كفنه ثم دفنا جميعا.


غزوات أخر *

HSNXV02P621C

قال ابن إسحاق وغزوة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة مؤتة من أرض الشام فأصيبوا بها جميعا وغزوة كعب بن عمير الغفاري ذات أطلاح من أرض الشام أصيب بها هو وأصحابه جميعا وغزوة عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بني العنبر من بني تميم.


غزوة عيينة بن حصن بني العنبر من بني تميم *
HSNXV02P621F

وكان من حديثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليهم فأغار عليهم فأصاب منهم أناسا وسبى منهم أناسا فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن علي رقبة من ولد إسماعيل قال هذا سبي بني العنبر يقدم الآن فنعطيك منهم إنسانا فتعتقينه.


HSNXV02P621I

قال ابن إسحاق فلما قدم بسبيهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فيهم وفد من بني تميم حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ربيعة ابن رفيع وسبرة بن عمرو والقعقاع بن معبد ووردان بن محرز وقيس § ابن عاصم ومالك بن عمرو والأقرع بن حابس وفراس بن حابس فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فأعتق بعضا وأفدى بعضا وكان ممن قتل يومئذ من بني العنبر عبد الله وأخوان له بنو وهب وشداد بن فراس وحنظلة بن دارم وكان ممن سبي من نسائهم يومئذ أسماء بنت مالك وكاس بنت أري ونجوة بنت نهد وجميعة بنت قيس وعمرة بنت مطر فقالت في ذلك اليوم سلمى بنت عتاب لعمري لقد لاقت عدي بن جندب من الشر مهواة شديدا كئودها تكنفها الأعداء من كل جانب وغيب عنها عزها وجدودها.


غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل
HSNXV02P622F

قال ابن إسحاق وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث أرض بني مرة فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفا لهم من الحرقة من جهينة قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار.


HSNXV02P623B

قال ابن إسحاق وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال أدركته أنا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلاح قال أشهد أن لا إله إلا الله قال فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره فقال يا أسامة من لك بلا إله إلا الله قال قلت يا رسول الله إنه إنما قالها تعوذا بها من القتل قال فمن لك بها يا أسامة قال فو الذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن وأني كنت أسلمت يومئذ وأني لم أقتله قال قلت أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا قال تقول بعدي يا أسامة قال قلت بعدك وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بني عذرة وكان من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه يستنفر العرب إلى الشام وذلك أن أم العاص ابن وائل كانت امرأة من بلي فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يستألفهم لذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلسل وبذلك سميت تلك الغزوة غزوة ذات السلاسل فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وقال لأبي عبيدة حين وجهه لا تختلفا فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو إنما جئت مذدا لي قال أبو عبيدة لا ولكني على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه § وكان أبو عبيدة رجلا لينا سهلا هينا عليه أمر الدنيا فقال له عمرو بل أنت مدد لي فقال أبو عبيدة يا عمرو وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي لا تختلفا وإنك إن عصيتني أطعتك قال فإني الأمير عليك وأنت مدد لي قال فدونك فصلى عمرو بالناس قال وكان من الحديث في هذه الغزاة أن رافع بن أبي رافع الطائي وهو رافع بن عميرة كان يحدث فيما بلغني عن نفسه قال كنت امرأ نصرانيا وسميت سرجس فكنت أدل الناس وأهداهم بهذا الرمل كنت أدفن الماء في بيض النعام بنواحي الرمل في الجاهلية ثم أغير على إبل الناس فإذا أدخلتها الرمل غلبت عليها فلم يستطع أحد أن يطلبني فيه حتى أمر بذلك الماء الذي خبأت في بيض النعام فأستخرجه فأشرب منه فلما أسلمت خرجت في تلك الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل قال فقلت والله لأختارن لنفسي صاحبا قال فصحبت أبا بكر قال فكنت معه في رحله قال وكانت عليه عباءة له فدكية فكان إذا نزلنا بسطها وإذا ركبنا لبسها ثم شكها عليه بخلال له قال وذلك الذي له يقول أهل نجد حين ارتدوا كفارا نحن نبايع ذا العباءة قال فلما دنونا من المدينة قافلين قال قلت يا أبا بكر إنما صحبتك لينفعني الله بك فانصحني وعلمني قال لو لم تسألني ذلك لفعلت قال آمرك أن توحد الله ولا تشرك به شيئا وأن تقيم الصلاة وأن تؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج هذا البيت وتغتسل من الجنابة ولا تتأمر على رجل من المسلمين أبدا قال قلت يا أبا بكر أما أنا والله فإني أرجو أن لا أشرك بالله أحدا أبدا وأما الصلاة فلن أتركها أبدا إن شاء الله وأما الزكاة فإن يك لي مال أؤدها إن شاء الله وأما رمضان فلن أتركه أبدا إن شاء الله وأما الحج فإن أستطع أحج إن شاء الله تعالى وأما الجنابة فسأغتسل منها إن شاء الله وأما الإمارة فإني رأيت الناس يا أبا بكر لا يشرفون عند رسول الله § صلى الله عليه وسلم وعند الناس إلا بها فلم تنهاني عنها قال إنك إنما استجهدتني لأجهد لك وسأخبرك عن ذلك إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين فجاهد عليه حتى دخل الناس فيه طوعا وكرها فلما دخلوا فيه كانوا عواذ الله وجيرانه وفي ذمته فإياك لا تخفر الله في جيرانه فيتبعك الله خفرته فإن أحدكم يخفر في جاره فيظل ناتئا عضله غضبا لجاره أن أصيبت له شاة أو بعير فالله أشد غضبا لجاره قال ففارقته على ذلك قال فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أبو بكر على الناس قال قدمت عليه فقلت له يا أبا بكر ألم تك نهيتني عن أن أتأمر على رجلين من المسلمين قال بلى وأنا الآن أنهاك عن ذلك قال فقلت له فما حملك على أن تلي أمر الناس قال لا أجد من ذلك بدا خشيت على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الفرقة.


تقسيم عوف الأشجعي الجزور بين قوم *
HSNXV02P625C

قال ابن إسحاق أخبرني يزيد بن أبي حبيب أنه حدث عن عوف بن مالك الأشجعي قال كنت في الغزاة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل قال فصحبت أبا بكر وعمر فمررت بقوم على جزور لهم قد نحروها وهم لا يقدرون على أن يعضوها قال وكنت امرأ لبقا جازرا قال فقلت أتعطونني منها عشيرا على أن أقسمها بينكم قالوا نعم قال فأخذت الشفرتين فجزأتها مكاني وأخذت منها جزءا فحملته إلى أصحابي فاطبخناه فأكلناه فقال لي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أنى لك هذا اللحم يا عوف قال فأخبرتهما خبره فقالا والله ما أحسنت حين § أطعمتنا هذا ثم قاما يتقيئان ما في بطونهما من ذلك قال فلما قفل الناس من ذلك السفر كنت أول قادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجئته وهو يصلي في بيته قال فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قال أعوف بن مالك قال قلت نعم بأبي أنت وأمي قال أصاحب الجزور ولم يزدني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك شيئا.


غزوة ابن أبي حدرد بطن إضم وقتل عامر ابن الأضبط الأشجعي وغزوة ابن أبي حدرد وأصحابه بطن إضم وكانت قبل الفتح *
HSNXV02P626C

قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله ابن أبي حدرد عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له ومعه متيع له ووطب من لبن قال فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره وأخذ متيعه قال فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا إلى آخر الآية.


ابن حابس وابن حصن يختصمان في دم ابن الأضبط إلى الرسول *
HSNXV02P627C

قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال سمعت زياد بن ضميرة بن سعد السلمي يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده وكانا شهدا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس تحتها وهو بحنين فقام إليه الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر يختصمان في عامر ابن أضبط الأشجعي عيينة يطلب بدم عامر وهو يومئذ رئيس غطفان والأقرع ابن حابس يدفع عن محلم بن جثامة لمكانه من خندف فتداولا الخصومة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع فسمعنا عيينة بن حصن وهو يقول والله يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا وهو يأبى عليه إذ قام رجل من بني ليث يقال له مكيثر قصير مجموع.


HSNXV02P627D

فقال والله يا رسول الله ما وجدت لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فرميت أولاها فنفرت أخراها اسنن اليوم وغير غدا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا قال فقبلوا الدية قال ثم قالوا أين صاحبكم هذا يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال فقام رجل آدم ضرب طويل عليه حلة له قد كان تهيأ للقتل فيها حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما اسمك قال أنا محلم بن جثامة قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاثا قال فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه قال فأما نحن فنقول فيما بيننا إنا لنرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر له وأما ما ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا.


موت محلم وما حدث له *
HSNXV02P628C

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس بين يديه أمنته بالله ثم قتلته ثم قال له المقالة التي قال قال فو الله ما مكث محلم بن جثامة إلا سبعا حتى مات فلفظته والذي نفس الحسن بيده الأرض ثم عادوا له فلفظته الأرض ثم عادوا فلفظته فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه بينهما ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه قال فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه فقال والله إن الأرض لتطابق على من هو شر منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم بما أراكم منه.


دية ابن الأضبط *
HSNXV02P628F

قال ابن إسحاق وأخبرنا سالم أبو النضر أنه حدث أن عيينة بن حصن وقيسا حين قال الأقرع بن حابس وخلا بهم يا معشر قيس منعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا يستصلح به الناس أفأمنتم أن يلعنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلعنكم الله بلعنته أو أن يغضب عليكم فيغضب الله عليكم بغضبه والله الذي نفس الأقرع بيده لتسلمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم § فليصنعن فيه ما أراد أو لآتين بخمسين رجلا من بني تميم يشهدون بالله كلهم لقتل صاحبكم كافرا ما صلى قط فلأطلن دمه فلما سمعوا ذلك قبلوا الدية.


HSNXV02P629C

وقال ابن إسحاق ملجم فيما حدثناه زياد عنه.


غزوة ابن أبي حدرد لقتل رفاعة بن قيس الجشمي *
HSNXV02P629F

قال ابن إسحاق وغزوة بن أبي حدرد الأسلمي الغابة وكان من حديثها فيما بلغني عمن لا أتهم عن ابن أبي حدرد قال تزوجت امرأة من قومي وأصدقتها مائتي درهم قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي فقال وكم أصدقت فقلت مائتي درهم يا رسول الله قال سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد ما زدتم والله ما عندي ما أعينك به قال فلبثت أياما وأقبل رجل من بني جشم بن معاوية يقال له رفاعة بن قيس أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من بني جشم حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا اسم في جشم وشرف قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معي من المسلمين فقال اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم قال وقدم لنا شارفا عجفاء فحمل عليها أحدنا فو الله ما قامت § به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت ثم قال تبلغوا عليها واعتقبوها قال فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر عشيشية مع غروب الشمس قال كمنت في ناحية وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم وقلت لهما إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا وشدا معى قال فو الله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم أو أن نصيب منهم شيئا قال وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه قال فقام صاحبهم ذلك رفاعة بن قيس فأخذ سيفه فجعله في عنقه ثم قال والله لأتبعن أثر راعينا هذا ولقد أصابه شر فقال له نفر ممن معه والله لا تذهب نحن نكفيك قال والله لا يذهب إلا أنا قالوا فنحن معك قال والله لا يتبعني أحد منكم قال وخرج حتى يمر بي قال فلما أمكنني نفحته بسهمي فوضعته في فؤاده قال فو الله ما تكلم ووثبت إليه فاحتززت رأسه قال وشددت في ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباي وكبرا قال فو الله ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم قال واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجئت برأسه § أحمله معي قال فأعانني رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الإبل بثلاثة عشر يعيرا في صداقي فجمعت إلي أهلي.


غزوة عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل *
HSNXV02P631D

قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي رباح قال سمعت رجلا من أهل البصرة يسأل عبد الله بن عمر بن الخطاب عن إرسال العمامة من خلف الرجل إذا اعتم قال فقال عبد الله سأخبرك إن شاء الله عن ذلك بعلم كنت عاشر عشرة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود ومعاذ ابن جبل وحذيفة بن اليمان وأبو سعيد الخدري وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتى من الأنصار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس فقال يا رسول الله صلى الله عليك أي المؤمنين أفضل فقال أحسنهم خلقا قال فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكرا للموت وأحسنهم استعدادا له قبل أن ينزل به أولئك الأكياس ثم سكت الفتى وأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا نزلن بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن إنه لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا الزكاة من أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم ما مطروا وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فأخذ بعض ما كان في أيديهم وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله وتجبروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم § ثم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية بعثه عليها فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سوداء فأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ثم نقضها ثم عممه بها وأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحوا من ذلك ثم قال هكذا يا بن عوف فاعتم فإنه أحسن وأعرف ثم أمر بلالا أن يدفع إليه اللواء فدفعه إليه فحمد الله تعالى وصلى الله على نفسه ثم قال خده يا بن عوف اغزوا جميعا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم فأخذ عبد الرحمن بن عوف اللواء.


غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر *
HSNXV02P632E

قال ابن إسحاق وحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى سيف البحر عليهم أبو عبيدة بن الجراح وزودهم جرابا من تمر فجعل يقوتهم إياه حتى صار إلى أن يعده عليهم عددا قال ثم نفد التمر حتى كان يعطى كل رجل منهم كل يوم تمرة قال فقسمها يوما بيننا قال فنقصت تمرة عن رجل فوجدنا فقدها ذلك اليوم قال فلما جهدنا الجوع أخرج الله لنا دابة من البحر فأصبنا من لحمها وودكها وأقمنا عليها عشرين ليلة حتى سمنا وابتللنا وأخذ أميرنا ضلعا من أضلاعها فوضعها على طريقه ثم أمر § بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا قال فجلس عليه قال فخرج من تحتها وما مست رأسه قال فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبرها وسألناه عما صنعنا في ذلك من أكلنا إياه فقال رزق رزقكموه الله.


سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك وغزوة عمير بن عدي الخطمي لقتل عصماء بنت مروان *
HSNXV02P635D

قال ابن إسحاق وغزوة سالم بن عمير لقتل أبي عفك أحد بني عمرو § ابن عوف ثم من بني عبيدة وكان قد نجم نفاقه حين قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن سويد بن صامت فقال لقد عشت دهرا وما إن أرى من الناس دارا ولا مجمعا أبر عهودا وأوفى لمن يعاقد فيهم إذا ما دعا من أولاد قيلة في جمعهم يهد الجبال ولم يخضعا فصدعهم راكب جاءهم حلال حرام لشتى معا فلو أن بالعز صدقتم أو الملك تابعتم تبعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لي بهذا الخبيث فخرج سالم بن عمير أخو بني عمرو بن عوف وهو أحد البكاءين فقتله فقالت أمامة المزيرية في ذلك تكذب دين الله والمرء أحمدا لعمر الذي أمناك أن بئس ما يمني حباك حنيف آخر الليل طعنة أبا عفك خذها على كبر السن وغزوة عمير بن عدي الخطمي عصماء بنت مروان وهي من بني أمية ابن زيد فلما قتل أبو عفك نافقت فذكر عبد الله بن الحارث بن الفضيل § عن أبيه قال وكانت تحت رجل من بني خطمة ويقال له يزيد بن زيد فقالت تعيب الإسلام وأهله باست بني مالك والنبيت وعوف وباست بني الخزرج أطعتم أتاوي من غيركم فلا من مراد ولا مذحج ترجونه بعد قتل الرءوس كما يرتجى مرق المنضج ألا أنف يبتغي غرة فيقطع من أمل المرتجي قال فأجابها حسان بن ثابت فقال بنو وائل وبنو واقف وخطمة دون بني الخزرج متى ما دعت سفها ويحها بعولتها والمنايا تجي فهزت فتى ماجدا عرقه كريم المداخل والمخرج فضرجها من نجيع الدماء بعد الهدو فلم يحرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك ألا آخذ لي من ابنة مروان فسمع ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن عدي الخطمي وهو عنده فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها في بيتها فقتلها ثم أصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد قتلتها فقال نصرت الله ورسوله يا عمير فقال هل علي شيء من شأنها يا رسول الله فقال لا ينتطح فيها عنزان § فرجع عمير إلى قومه وبنو خطمة يومئذ كثير موجهم في شأن بنت مروان ولها يومئذ بنون خمسة رجال فلما جاءهم عمير بن عدي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني خطمة أنا قتلت ابنة مروان فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون فذلك اليوم أول ما عز الإسلام في دار بني خطمة وكان يستخفي بإسلامهم فيهم من أسلم وكان أول من أسلم من بني خطمة عمير بن عدي وهو الذي يدعى القارئ وعبد الله بن أوس وخزيمة بن ثابت وأسلم يوم قتلت ابنة مروان رجال من بني خطمة لما رأوا من عز الإسلام بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال خرجت خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت رجلا من بني حنيفة لا يشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتدرون من أخذتم هذا ثمامة بن أثال الحنفي أحسنوا إساره ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أسلم يا ثمامة فيقول إيها يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد الفداء فسل ما شئت فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما أطلقوا ثمامة فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع فتطهر فأحسن طهوره ثم § أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه من الطعام فلم ينل منه إلا قليلا وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا فعجب المسلمون من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك مم تعجبون أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر وأكل آخر النهار في معى مسلم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معى واحد.


سرية علقمة بن مجزز وسرية كرز بن جابر لقتل البجليين الذين قتلوا يسارا *
HSNXV02P639F

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز § لما قتل وقاص بن مجزز المدلجي يوم ذي قرد سأل علقمة بن مجزز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعثه في آثار القوم ليدرك ثأره فيهم فذكر عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن عمرو بن الحكم بن ثوبان عن أبي سعيد الخدري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز قال أبو سعيد الخدري وأنا فيهم حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله ابن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت فيه دعابة فلما كان ببعض الطريق أوقد نارا ثم قال للقوم أليس لي عليكم السمع والطاعة قالوا بلى قال أفما أنا آمركم بشيء إلا فعلتموه قالوا نعم قال فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار قال فقام بعض القوم يحتجز حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال لهم اجلسوا فإنما كنت أضحك معكم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمركم بمعصية منهم فلا تطيعوه وذكر محمد بن طلحة أن علقمة بن مجزز رجع هو وأصحابه ولم يلق كيدا حدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن محمد بن طلحة عن عثمان بن عبد الرحمن قال أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة محارب وبني ثعلبة عبدا يقال له يسار فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في لقاح له كانت ترعى § في ناحية الجماء فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من قيس كبة من بجيلة فاستوبئوا وطحلوا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو خرجتم إلى اللقاح فشربتم من ألبانها وأبوالها فخرجوا إليها فلما صحوا وانطوت بطونهم عدوا على راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسار فذبحوه وغرزوا الشوك في عينيه واستاقوا اللقاح فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم كرز بن جابر فلحقهم فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من غزوة ذي قرد فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وغزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى اليمن غزاها مرتين.


بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين وهو آخر البعوث *

HSNXV02P641F

قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة § إلى الشام وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون.


ابتداء شكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم *

HSNXV02P642E

قال ابن إسحاق فبينا الناس على ذلك ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوه الذي قبضه الله فيه إلى ما أراد به من كرامته ورحمته في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع الأول فكان أول ما ابتدئ به من ذلك فيما ذكر لي أنه خرج إلى بقيع الغرقد من جوف الليل فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك.


HSNXV02P642F

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن عمر عن عبيد بن جبير مولى الحكم ابن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنئ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم أقبل علي فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة قال فقلت بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة ثم أستغفر لأهل البقيع ثم أنصرف فبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي قبضه الله فيه.


تمريضه في بيت عائشة *
HSNXV02P642H

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم الزهري عن § عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وا رأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وا رأساه قالت ثم قال وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك قالت قلت والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استعز به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيتي فأذن له.


HSNXV02P645H

قال ابن هشام حدثنا بهذا الحديث زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة.


تمريض رسول الله في بيت عائشة *

HSNXV02P649C

قال ابن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتي قال عبيد الله فحدثت هذا الحديث عبد الله بن العباس فقال هل تدري من الرجل الآخر قال قلت لا قال علي بن أبي طالب ثم غمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه فقال هريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم حسبكم.


كلمة للنبي واختصاصه أبا بكر بالذكر *
HSNXV02P649G

قال ابن إسحاق وقال الزهري حدثني أيوب بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ثم كان أول ما تكلم به أنه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم ثم قال إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله قال ففهمها أبو بكر وعرف أن نفسه يريد فبكى وقال بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا فقال على رسلك يا أبا بكر ثم قال انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد فسدوها إلا بيت أبي بكر فإني لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه.


HSNXV02P650A

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله عن بعض آل أبي سعيد ابن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ في كلامه هذا فإني لو كنت متخذا من العباد خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده.


أمر الرسول بإنفاذ بعث أسامة *
HSNXV02P650C

وقال ابن إسحاق وحدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبطأ الناس في بعث أسامة ابن زيد وهو في وجعه فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال أيها الناس أنفذوا بعث أسامة فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وإنه لخليق للإمارة وإن كان أبوه لخليقا لها قال ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكمش الناس في جهازهم واستعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فخرج أسامة وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف من المدينة على فرسخ فضرب به عسكره وتتام إليه الناس وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وصية الرسول بالأنصار *
HSNXV02P650E

وقال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني عبد الله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم صلى واستغفر لأصحاب أحد وذكر من أمرهم ما ذكر مع مقالته يومئذ يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرا فإن الناس يزيدون وإن الأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم كانوا عيبتي التي أويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم § قال عبد الله ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيته وتتام به وجعه حتى غمر قال عبد الله فاجتمع إليه نساء من نسائه أم سلمة وميمونة ونساء من نساء المسلمين منهن أسماء بنت عميس وعنده العباس عمه فأجمعوا أن يلدوه وقال العباس لألدنه قال فلدوه فلما أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صنع هذا بي قالوا يا رسول الله عمك قال هذا دواء أتى به نساء جئن من نحو هذه الأرض وأشار نحو أرض الحبشة قال ولم فعلتم ذلك فقال عمه العباس خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب فقال إن ذلك لداء ما كان الله عز وجل ليقذفني به لا يبق في البيت أحد إلا لد إلا عمي فلقد لدت ميمونة وإنها لصائمة لقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة لهم بما صنعوا به.


دعاء الرسول لأسامة بالإشارة *
HSNXV02P651E

قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن أسامة عن أبيه أسامة بن زيد قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي فأعرف أنه يدعو لي.


HSNXV02P651F

قال ابن إسحاق وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبيد بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما أسمعه يقول إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره قالت فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر كلمة سمعتها وهو يقول بل الرفيق الأعلى من الجنة قالت فقلت § إذا والله لا يختارنا وعرفت أنه الذي كان يقول لنا إن نبيا لم يقبض حتى يخير قال الزهري وحدثني حمزة بن عبد الله بن عمر أن عائشة قالت لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت قلت يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن قال مروه فليصل بالناس قالت فعدت بمثل قولي فقال إنكن صواحب يوسف فمروه فليصل بالناس قالت فو الله ما أقول ذلك إلا أني كنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر وعرفت أن الناس لا يحبون رجلا قام مقامه أبدا وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر.


HSNXV02P652B

قال ابن إسحاق وقال ابن شهاب حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين قال دعاه بلال إلى الصلاة فقال مروا من يصلي بالناس قال فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقلت قم يا عمر فصل بالناس قال فقام فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون قال فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس قال قال عبد الله بن زمعة قال لي عمر ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك ولولا ذلك ما صليت بالناس قال قلت والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.


اليوم الذي قبض الله فيه نبيه *
HSNXV02P652D

قال ابن إسحاق وقال الزهري حدثني أنس بن مالك أنه لما كان يوم § الاثنين الذي قبض الله فيه رسوله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح فرفع الستر وفتح الباب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على باب عائشة فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فرحا به وتفرجوا فأشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا لما رأى من هيئتهم في صلاتهم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن هيئة منه تلك الساعة قال ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه فرجع أبو بكر إلى أهله بالسنح.


HSNXV02P653B

قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن القاسم بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين سمع تكبير عمر في الصلاة أين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون فلولا مقالة قالها عمر عند وفاته لم يشك المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا بكر ولكنه قال عند وفاته إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أتركهم فقد تركهم من هو خير مني فعرف الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا وكان عمر غير متهم على أبي بكر.


HSNXV02P653C

قال ابن إسحاق وحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مليكة قال لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه إلى الصبح وأبو بكر يصلي بالناس فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرج الناس فعرف أبو بكر أن الناس لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنكص عن مصلاه فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظهره وقال صل بالناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فصلى قاعدا عن يمين أبي بكر فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس فكلمهم رافعا صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول أيها الناس سعرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل § المظلم وإني والله ما تمسكون علي بشيء إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ولم أحرم إلا ما حرم القرآن قال فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه قال له أبو بكر يا نبي الله إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما نحب واليوم يوم بنت خارجة أفآتيها قال نعم ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح.


شأن العباس وعلي *
HSNXV02P654C

قال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن عباس قال خرج يومئذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على الناس من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصبح بحمد الله بارئا قال فأخذ العباس بيده ثم قال يا علي أنت والله عبد العصا بعد ثلاث أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كنت أعرفه في وجوه بني عبد المطلب فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا الناس قال فقال له علي إني والله لا أفعل والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعده فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحاء من ذلك اليوم.


سواك الرسول قبيل الوفاة *
HSNXV02P654E

قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عروة عن عائشة قال قالت رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حين دخل من المسجد فاضطجع في حجري فدخل علي رجل من آل أبي بكر وفي يده سواك أخضر قالت فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في يده نظرا عرفت أنه يريده قالت فقلت يا رسول الله أتحب أن أعطيك هذا السواك قال نعم قالت فأخذته فمضغته له حتى لينته ثم أعطيته إياه قالت فاستن به كأشد ما رأيته يستن بسواك قط ثم وضعه ووجدت رسول الله صلى الله عليه § يثقل في حجري فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول بل الرفيق الأعلى من الجنة قالت فقلت خيرت فاخترت والذي بعثك بالحق قالت وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P655B

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي.


مقالة عمر بعد وفاة الرسول *
HSNXV02P655C

قال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات وو الله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات قال وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم أقبل § عليه فقبله ثم قال بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا قال ثم رد البرد على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ قال وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم قال فقال أبو هريرة قال عمر والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.


أمر سقيفة بني ساعدة *

HSNXV02P656C

قال ابن إسحاق ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة واعتزل علي بن أبي طالب والزبير ابن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل فأتى آت إلى أبي بكر وعمر فقال إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله قال عمر فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه.


ابن عوف ومشورته على عمر بشأن بيعة أبي بكر *
HSNXV02P657B

قال ابن إسحاق وكان من حديث السقيفة حين اجتمعت بها الأنصار أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال أخبرني عبد الرحمن بن عوف قال وكنت في منزله بمنى أنتظره وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر قال فرجع عبد الرحمن بن عوف من عند عمر فوجدني في منزله بمنى أنتظره وكنت أقرئه القرآن قال ابن عباس فقال لي عبد الرحمن بن عوف لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت قال فغضب عمر فقال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار السنة وتخلص بأهل الثقة وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا فيعي أهل الفقه مقالتك ويضعوها على مواضعها قال فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حذوه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف قال فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك وقال ما عسى § أن يقول مما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهل له ثم قال أما بعد فإني قائل لكم اليوم مقالة قد قدر لي أن أولها ولا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فلا يحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعلمناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء وإذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلا صالحان فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقال أين § تريدون يا معشر المهاجرين قلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم قال قلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ما له فقالوا وجع فلما جلسنا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فقال أبو بكر على رسلك يا عمر فكرهت أن أغضبه فتكلم وهو كان أعلم منى وأوقر فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل حتى سكت قال أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ولم أكره شيئا مما قاله غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها § المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش قال فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته ثم بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة قال فقلت قتل الله سعد بن عبادة.


تعريف بالرجلين اللذين لقيا أبا بكر وعمر في طريقهما إلى السقيفة *
HSNXV02P660C

قال ابن إسحاق قال الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن أحد الرجلين اللذين لقوا من الأنصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة والآخر معن بن عدي أخو بني العجلان فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين قال الله عز وجل لهم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم المرء منهم عويم بن ساعدة وأما معن بن عدي فبلغنا أن الناس بكما على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفاه الله عز وجل وقالوا والله لوددنا أنا متنا قبله إنا نخشى أن نفتتن بعده قال معن بن عدي لكني والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا فقتل معن يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر يوم مسيلمة الكذاب.


خطبة عمر قبل أبي بكر عند البيعة العامة *
HSNXV02P660E

قال ابن إسحاق وحدثني الزهري قال حدثني أنس بن مالك قال لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا يقول يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به § هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.


HSNXV02P661B

قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وهو عامد إلى حاجة له وفي يده الدرة وما معه غيري قال وهو يحدث نفسه ويضرب وحشي قدمه بدرته قال إذ التفت إلي فقال يا بن عباس هل تدري ما كان حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت لا أدري يا أمير المؤمنين أنت أعلم قال فإنه والله إن كان الذي حملني على ذلك إلا أني كنت أقرأ هذه الآية وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت.


جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه *

HSNXV02P662C

قال ابن إسحاق فلما بويع أبو بكر رضي الله عنه أقبل الناس على جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء فحدثني عبد الله بن أبي بكر وحسين ابن عبد الله وغيرهما من أصحابنا أن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين ولوا غسله وأن أوس بن خولي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي بن أبي طالب أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أوس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر قال ادخل فدخل فجلس وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسنده علي بن أبي طالب إلى صدره وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه وكان أسامة بن زيد وشقران مولاه هما اللذان يصبان الماء عليه وعلي يغسله قد أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه لا يفضى بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي يقول بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت.


كيف غسل الرسول *
HSNXV02P662E

قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه قالت فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه قالت فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم.


تكفين الرسول *
HSNXV02P663B

قال ابن إسحاق فلما فرغ من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيها إدراجا كما حدثني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن الحسين والزهري عن علي بن الحسين.


حفر القبر *
HSNXV02P663D

قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي يحفر لأهل المدينة فكان يلحد فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما اذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح وللآخر اذهب إلى أبي طلحة اللهم خر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع في سريره في بيته وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل ندفنه في مسجده وقال قائل بل ندفنه مع أصحابه فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفر له تحته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا دخل الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء حتى إذا فرغ النساء أدخل الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد § ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء.


دفن الرسول *
HSNXV02P664C

قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن امرأته فاطمة بنت عمارة عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة رضي الله عنها جوف الليل من ليلة الأربعاء وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والفضل ابن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له انزل فنزل مع القوم وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وبنى عليه قد أخذ قطيفة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فدفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا قال فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت إن خاتمي سقط مني وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أحدث الناس عهدا به صلى الله عليه وسلم.


HSNXV02P664H

قال ابن إسحاق فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبد الله بن الحارث قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في زمان عمر أو زمان عثمان فنزل على أخته § أم هانئ بنت أبي طالب فلما فرغ من عمرته رجع فسكب له غسل فاغتسل فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا حسن جئنا نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه قال أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أجل عن ذلك جئنا نسألك قال كذب قال أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس.


خميصة الرسول *
HSNXV02P665C

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة حدثته قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة سوداء حين اشتد به وجعه قالت فهو يضعها مرة على وجهه ومرة يكشفها عنه ويقول قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر من ذلك على أمته.


HSNXV02P665D

قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال لا يترك بجزيرة العرب دينان.


افتتان المسلمين بعد موت الرسول *
HSNXV02P665F

قال ابن إسحاق ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمت به مصيبة المسلمين فكانت عائشة فيما بلغني تقول لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم حتى جمعهم الله على أبي بكر.


HSNXV02P670B

قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم نب المساكين أن الخير فارقهم مع النبي تولى عنهم سحرا من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا أم من نعاتب لا نخشى جنادعه إذا اللسان عتا في القول أو عثرا كان الضياء وكان النور نتبعه بعد الإله وكان السمع والبصرا فليتنا يوم واروه بملحده وغيبوه وألقوا فوقه المدرا § لم يترك الله منا بعده أحدا ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا ذلت رقاب بني النجار كلهم وكان أمرا من امر الله قد قدرا واقتسم الفيء دون الناس كلهم وبددوه جهارا بينهم هدرا وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا آليت ما في جميع الناس مجتهدا مني ألية بر غير إفناد تا الله ما حملت أنثى ولا وضعت مثل الرسول نبي الأمة الهادي ولا برا الله خلقا من بريته أوفى بذمة جار أو بميعاد من الذي كان فينا يستضاء به مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد أمسى نساؤك عطلن البيوت فما يضربن فوق قفا ستر بأوتاد مثل الرواهب يلبسن المباذل قد أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي يا أفضل الناس إني كنت في نهر أصبحت منه كمثل المفرد الصادي.


HSNXV02P671C

انتهى الجزء الرابع من سيرة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه تم الكتاب.