The witness version of Ziyād b. ʿAbd Allāh b. al-Ṭufayl al-Kūfī al-Bakkāʾī al-ʿĀmirī
السيرة النبوية لمحمد بن اسحاق في رواية زياد بن عبد الله البكائي
كتاب المبتدأ
اسماعيل
حدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن اسحاق قال حدثت وعند الله العلم ان ابراهيم أمر بذبح ابنه قال أي بني خذ الحبل والمدية وهي الشفرة ثم امش بنا إلى هذا الشعب لنحتطب لأهلك منه قبل أن يذكر له ما أمر به فلما توجه به اعترضه ابليس عدو الله ليصده عن أمر الله عز وجل في صورة رجل فقال أين تريد أيها الشيخ قال أريد هذا الشعب لحاجة لي فقال والله إني لأرى الشيطان قد أتاك في منامك فأمرك أن تذبح إبنك هذا فأنت تريد أن تذبحه فعرفه إبراهيم فقال عني أي عدو الله فوالله لأمضين لأمر ربي فلما يئس من إبراهيم اعترض لاسماعيل وهو وراء أبيه يحمل الحبل والمدية فقال أيها الغلام هل تدري أين يذهب بك أبوك قال نحتطب لأهلنا قال لا والله ما يريد إلا أن يذبحك قال ولم قال يزعم أن ربه أمره بذلك قال فليفعل ما أمره به ربه سمعا وطاعة فلما امتنع منه الغلام ذهب إلى هاجر أم اسماعيل وهي في منزلها فقال يا أم اسماعيل أتدرين أين ذاهب ابراهيم بإسماعيل قالت ذهبا يحتطبان فقال ما ذهب إلا ليذبحه قالت كلا إنه أرحم من ذلك وأحب إليه قال يزعم أن الله أمره بذلك قالت إن كان الله أمره بذلك سلمنا لأمر الله فرجع عدو الله بغيظه لم يصب منهم شيئا مما أراد وقد منع الله منه ابراهيم وآل إبراهيم وأجمعوا لأمر الله بالسمع والطاعة فلما خلا ابراهيم في الشعب ويقال ذلك إلى ثبير قال له يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال فحدثت أن إسماعيل قال له عند ذلك يا أبتاه إذا أردت ذبحي فأشدد رباطي لا يصيبك من دمي فينقص أجري فإن الموت شديد ولا آمن أن اضطرب عنده إذا وجدت مسه واشحذ شفرتك حتى تجهز علي فتذبحني فإذا أنت أضجعتني فأكببني على جنبي ولا تضجعني لشقي فإني أخشى إن أنت نظرت إلى وجهي أن تدرك الرقة فتحول بينك وبين أمر ربك في وإن رأيت أن ترد قميصي إلى أمي فإنه عسى أن يكون أسلى لها فافعل فقال إبراهيم نعم العون أنت يا بني على أمر الله ويقال إنه ربطه كما أمره بالحبل فأوثقه ثم شحذ شفرته ثم تله للجبين واتقى النظر إلى وجهه ثم أدخل الشفرة حلقه فقلبها جبريل عليه السلام لقفائها في يده ثم اجتذبها إليه ونودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فهذه ذبيحتك فداء لإبنك فاذبحها دونه.
أول نبي كان بين ولد اسماعيل الحارث
وحدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال ابن إسحاق يقال إن أول نبي كان بين ولد اسماعيل الحارث كان بين سعد العشيرة وبين معد ويقال كانوا يسمعون أن دعوة ابراهيم لولد اسماعيل في معد بن عدنان لسعد العشيرة وهم أخرجوا من اليمن إلى أرض نجد إلا أن كنانة أقامت بهذا الحرم وانما اقتتلوا على المياه فقال عامر بن الظرب العدواني في حرب معه وسعد العشيرة يذكر قرابتهم وفضل معد فيهم وينتمي إلى عوف من البيت على صلة معد أبونا مالك والصلب زيد معد ابنه خير البنينا أتاهم من ذوي شمران آت فظلت حولها أمد السنينا فيا عوف بن بيت يا لعوف وهل عوف لتصبح موعدينا فلا تعصوا معدا إن فيها بلاد الله والبيت الكمينا وشمران من اليمن.
كتاب المبعث
هذا كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب واسم عبد المطلب شيبة بن هاشم واسم هاشم عمرو بن عبد مناف واسم عبد مناف المغيرة بن قصي واسم قصي زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر § ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسم مدركة عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أد ويقال أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ § ابن عيبر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ ابن أخنوخ وهو إدريس النبي فيما يزعمون والله أعلم وكان أول بني آدم أعطى النبوة وخط بالقلم ابن يرد بن مهليل بن قينن بن يانش بن شيث بن آدم صلى الله عليه وسلم.
كما حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن البرقي حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال أخنوخ هو إدريس النبي فيما يزعمون والله أعلم فكان أول بني آدم أعطي النبوة وخط بالقلم.
قال @TR2_AMIH@ أبو محمد عبد الملك بن هشام حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي بهذا الذي ذكرت من نسب محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى آدم عليه السلام وما فيه من حديث إدريس وغيره.
سياقة النسب من ولد إسماعيل عليه السلام *
قال ابن هشام حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام اثني عشر رجلا نابتا وكان أكبرهم § وقيذر وأذبل ومبشا ومسمعا وماشي ودما وأذر وطيما ويطور ونبش وقيذما وأمهم رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي.
عمر إسماعيل عليه السلام ومدفنه *
قال ابن إسحاق وكان عمر إسماعيل فيما يذكرون مائة سنة وثلاثين سنة ثم مات رحمة الله وبركاته عليه ودفن في الحجر مع أمه هاجر رحمهم الله تعالى.
وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم بأهل مصر وسبب ذلك *
قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري ثم السلمي حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحما فقلت لمحمد بن مسلم الزهري ما الرحم التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم فقال كانت هاجر أم إسماعيل منهم.
أصل العرب *
قال ابن إسحاق عاد بن عوض بن إرم بن سام بن نوح وثمود وجديس ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح وطسم وعملاق وأميم بنو لاوذ بن سام بن نوح عرب كلهم فولد نابت بن إسماعيل يشجب بن نابت فولد يشجب يعرب بن يشجب فولد يعرب تيرح بن يعرب فولد تيرح § ناحور بن تيرح فولد ناحور مقوم بن ناحور أدد بن مقوم فولد مقوم فولد أدد عدنان بن أدد.
أولاد عدنان *
قال ابن إسحاق فمن عدنان تفرقت القبائل من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام فولد عدنان رجلين معد بن عدنان وعك بن عدنان.
أولاد معد *
قال ابن إسحاق فولد معد بن عدنان أربعة نفر نزار بن معد وقضاعة ابن معد وكان قضاعة بكر معد الذي به يكنى فيما يزعمون وقنص بن معد وإياد بن معد فأما قضاعة فتيامنت إلى حمير بن سبأ وكان اسم سبأ عبد شمس وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبى في العرب ابن يشجب بن يعرب بن قحطان.
قنص بن معد ونسب النعمان بن المنذر *
قال ابن إسحاق وأما قنص بن معد فهلكت بقيتهم فيما يزعم نساب معد وكان منهم النعمان بن المنذر ملك الحيرة.
قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري أن النعمان بن المنذر كان من ولد قنص بن معد.
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن شيخ من الأنصار من بني زريق أنه حدثه § أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أتي بسيف النعمان بن المنذر دعا جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي وكان جبير من أنسب قريش لقريش وللعرب قاطبة وكان يقول إنما أخذت النسب من أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أبو بكر الصديق أنسب العرب فسلحه إياه ثم قال ممن كان يا جبير النعمان بن المنذر فقال كان من أشلاء قنص بن معد.
قال ابن إسحاق فأما سائر العرب فيزعمون أنه كان رجلا من لخم من ولد ربيعة بن نصر فالله أعلم أي ذلك كان.
أمر ربيعة بن نصر ملك اليمن وقصة شق وسطيح الكاهنين معه *
قال ابن إسحاق وكان ربيعة بن نصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة فرأى رؤيا هالته وفظع بها فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما من أهل مملكته إلا جمعه إليه فقال لهم إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبروني بها وبتأويلها قالوا له اقصصها علينا نخبرك بتأويلها قال إني إن أخبرتكم بها لم أطمئن إلى خبركم عن تأويلها فإنه لا يعرف تأويلها إلا من عرفها قبل أن أخبره بها فقال له رجل منهم فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق فإنه ليس أحد أعلم منهما فهما يخبرانه بما سأل عنه.
نسب سطيح وشق *
واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان وشق ابن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنمار بن نزار وأنمار أبو بجيلة وخثعم.
نسب بجيلة *
ربيعة بن نصر وسطيح *
قال ابن إسحاق فبعث إليهما فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له إني رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها قال أفعل رأيت حممه خرجت من ظلمه فوقعت بأرض تهمه فأكلت منها كل ذات جمجمه فقال له الملك ما أخطأت منها شيئا يا سطيح فما عندك في تأويلها فقال أحلف بما بين الحرتين من حنش لتهبطن أرضكم الحبش فلتملكن ما بين أبين إلى جرش فقال له الملك § وأبيك يا سطيح إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني هذا أم بعده قال لا بل بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين من السنين قال أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع قال لا بل ينقطع لبضع وسبعين من السنين ثم يقتلون ويخرجون منها هاربين قال ومن يلي من ذلك من قتلهم وإخراجهم قال يليه إرم بن ذي يزن يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا منهم باليمن قال أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع قال لا بل ينقطع قال ومن يقطعه قال نبي زكي يأتيه الوحي من قبل العلي قال وممن هذا النبي قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر يكون الملك في قومه إلى آخر الدهر قال وهل للدهر من آخر قال نعم يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون ويشقى فيه المسيئون قال أحق ما تخبرني قال نعم والشفق والغسق والفلق إذا اتسق إن ما أنبأتك به لحق.
ربيعة بن نصر وشق *
ثم قدم عليه شق فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينظر أيتفقان أم يختلفان فقال نعم رأيت حممه خرجت من ظلمه فوقعت بين روضة وأكمه فأكلت منها كل ذات نسمه § قال فلما قال له ذلك وعرف أنهما قد اتفقا وأن قولهما واحد إلا أن سطيحا قال وقعت بأرض تهمه فأكلت منها كل ذات جمجمه وقال شق وقعت بين روضة وأكمه فأكلت منها كل ذات نسمه فقال له الملك ما أخطأت يا شق منها شيئا فما عندك في تأويلها قال أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران فقال له الملك وأبيك يا شق إن هذا لنا لغائظ موجع فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده قال لا بل بعده بزمان ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شأن ويذيقهم أشد الهوان قال ومن هذا العظيم الشان قال غلام ليس بدني ولا مدن يخرج عليهم من بيت ذي يزن فلا يترك أحدا منهم باليمن قال أفيدوم سلطانه أم ينقطع قال بل ينقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل قال وما يوم الفصل قال يوم تجزى فيه الولاة ويدعى فيه من السماء بدعوات يسمع منها الأحياء والأموات ويجمع فيه بين الناس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات قال أحق ما تقول قال إي ورب السماء والأرض وما بينهما من رفع وخفض إن ما أنبأتك به لحق ما فيه أمض.
استيلاء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب *
قال ابن إسحاق فلما هلك ربيعة بن نصر رجع ملك اليمن كله إلى حسان بن تبان أسعد أبي كرب وتبان أسعد هو تبع الآخر ابن كلي كرب بن زيد وزيد هو تبع الأول بن عمرو ذي الأذعار بن أبرهة ذي المنار بن الريش.
قال ابن إسحاق ابن عدي بن صيفي ابن سبأ الأصغر بن كعب كهف الظلم بن زيد بن سهل بن عمرو § ابن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنجج والعرنجج حمير بن سبأ الأكبر ابن يعرب بن يشجب بن قحطان.
شيء من سيرة تبان *
قال ابن إسحاق وتبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينة وساق الحبرين من يهود المدينة إلى اليمن وعمر البيت الحرام وكساه وكان ملكه قبل ملك ربيعة بن نصر.
غضب تبان على أهل المدينة، وسبب ذلك *
قال ابن إسحاق وكان قد جعل طريقه حين أقبل من المشرق على المدينة وكان قد مر بها في بدأته فلم يهج أهلها وخلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع لإخرابها واستئصال أهلها وقطع نخلها فجمع له هذا الحي من الأنصار ورئيسهم عمرو بن طلة أخو بني النجار ثم أحد بني عمرو بن مبذول واسم مبذول عامر بن مالك بن النجار واسم النجار § تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
سبب قتال تبان لأهل المدينة *
قال ابن إسحاق وقد كان رجل من بني عدي بن النجار يقال له أحمر عدا على رجل من أصحاب تبع حين نزل بهم فقتله وذلك أنه وجده في عذق له يجده فضربه بمنجله فقتله وقال إنما التمر لمن أبره فزاد ذلك تبعا حنقا عليهم فاقتتلوا فتزعم الأنصار أنهم كانوا يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فيعجبه ذلك منهم ويقول والله إن قومنا لكرام فبينا تبع على ذلك من قتالهم إذ جاءه حبران من أحبار اليهود من بني قريظة وقريظة والنضير والنجام وعمرو وهو هدل بنو الخزرج بن الصريح بن التوأمان بن السبط بن اليسع بن سعد بن لاوي بن خير بن النجام بن تنحوم بن عازر بن عزرى بن هارون بن عمران بن يصهر بن قاهث ابن لاوى بن يعقوب وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن صلى الله § عليهم عالمان راسخان في العلم حين سمعا بما يريد من إهلاك المدينة وأهلها فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك إن أبيت إلا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة فقال لهما ولم ذاك فقالا هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون داره وقراره فتناهى عن ذلك ورأى أن لهما علما وأعجبه ما سمع منهما فانصرف عن المدينة واتبعهما على دينهما فقال خالد بن عبد العزى بن غزية بن عمرو ابن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار يفخر بعمرو بن طلة أصحا أم قد نهى ذكره أم قضى من لذة وطره أم تذكرت الشباب وما ذكرك الشباب أو عصره إنها حرب رباعية مثلها أتى الفتى عبره فاسألا عمران أو أسدا إذ أتت عدوا مع الزهره فيلق فيها أبو كرب سبغ أبدانها ذفره ثم قالوا من نؤم بها أبني عوف أن النجره § بل بني النجار إن لنا فيهم قتلى وإن تره فتلقتهم مسايفة مدها كالغبية النثره فيهم عمرو بن طلة ملى الإله قومه عمره سيد سامي الملوك ومن رام عمرا لا يكن قدره وهذا الحي من الأنصار يزعمون أنه إنما كان حنق تبع على هذا الحي من يهود الذين كانوا بين أظهرهم وإنما أراد هلاكهم فمنعوهم منه حتى انصرف عنهم ولذلك قال في شعره حنقا على سبطين حلا يثربا أولى لهم بعقاب يوم مفسد.
اعتناق تبان النصرانية وكسوته البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك *
قال ابن إسحاق وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونها فتوجه إلى مكة وهي طريقه إلى اليمن حتى إذا كان بين عسفان وأمج أتاه نفر من § ههذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد فقالوا له أيها الملك ألا ندلك على بيت مال داثر أغفلته الملوك قبلك فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة قال بلى قالوا بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده وإنما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده فلما أجمع لما قالوا أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك فقالا له ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك ما نعلم بيتا لله اتخذه في الأرض لنفسه غيره ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا قال فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه قالا تصنع عنده ما يصنع أهله تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنده وتذل له حتى تخرج من عنده قال فما يمنعكما أنتما من ذلك قال أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم وإنه لكما أخبرناك ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله وبالدماء التي يهرقون عنده وهم نجس أهل شرك أو كما قالا له فعرف نصحهما وصدق حديثهما فقرب النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة فطاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر بها للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل وأرى في المنام أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاء والوصائل فكان تبع فيما يزعمون § أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم وأمرهم بتطهيره وألا يقربوه دما ولا ميتة ولا مئلاة وهي المحايض وجعل له بابا ومفتاحا وقالت سبيعة بنت الأحب بن زبينة بن جذيمة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر ابن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وكانت عند عبد مناف بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر بن كنانة لابن لها منه يقال له خالد تعظم عليه حرمة مكة وتنهاه عن البغي فيها وتذكر تبعا وتذلله لها وما صنع بها أبني لا تظلم بمكة لا الصغير ولا الكبير واحفظ محارمها بنى ولا يغرنك الغرور أبني من يظلم بمكة يلق أطراف الشرور § أبني يضرب وجهه ويلح بخديه السعير أبني قد جربتها فوجدت ظالمها يبور الله أمنها وما بنيت بعرصتها قصور والله أمن طيرها والعصم تأمن في ثبير ولقد غزاها تبع فكسا بنيتها الحبير وأذل ربي ملكه فيها فأوفى بالنذور يمشي إليها حافيا بفنائها ألفا بعير ويظل يطعم أهلها لحم المهارى والجزور يسقيهم العسل المصفى والرحيض من الشعير والفيل أهلك جيشه يرمون فيها بالصخور والملك في أقصى البلاد وفي الأعاجم والخزير فاسمع إذا حدثت وافهم كيف عاقبة الأمور
دعوة تبان قومه إلى النصرانية وتحكيمهم النار بينهم وبينه *
ثم خرج منها متوجها إلى اليمن بمن معه من جنوده وبالحبرين حتى إذا دخل § اليمن دعا قومه إلى الدخول فيما دخل فيه فأبوا عليه حتى يحاكموه إلى النار التي كانت باليمن.
قال ابن إسحاق حدثني أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله يحدث أن تبعا لما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بينه وبين ذلك وقالوا لا تدخلها علينا وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه وقال إنه خير من دينكم فقالوا فحاكمنا إلى النار قال نعم قال وكانت باليمن فيما يزعم أهل اليمن نار تحكم بينهم فيما يختلفون فيه تأكل الظالم ولا تضر المظلوم فخرج قومه بأوثانهم وما يتقربون به في دينهم وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما متقلديها حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه فخرجت النار إليهم فلما أقبلت نحوهم حادوا عنها وهابوها فذمرهم من حضرهم من الناس وأمروهم بالصبر لها فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما تعرق جباههما لم تضرهما فأصفقت عند ذلك حمير على دينه فمن هنالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن.
قال ابن إسحاق وقد حدثني محدث أن الحبرين ومن خرج من حمير إنما اتبعوا النار ليردوها وقالوا من ردها فهو أولى بالحق فدنا منها رجال من حمير بأوثانهم ليردوها فدنت منهم لتأكلهم فحادوا عنها ولم يستطيعوا ردها ودنا منها الحبران بعد ذلك وجعلا يتلوان التوراة وتنكص عنهما حتى رداها إلى مخرجها الذي خرجت منه فأصفقت عند ذلك حمير على دينهما والله أعلم أي ذلك كان.
رئام وما صار إليه *
قال ابن إسحاق وكان رئام بيتا لهم يعظمونه وينحرون عنده ويكلمون § منه إذ كانوا على شركهم فقال الحبران لتبع إنما هو شيطان يفتنهم بذلك فخل بيننا وبينه قال فشأنكما به فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت فبقاياه اليوم كما ذكر لي بها آثار الدماء التي كانت تهراق عليه.
ملك ابنه حسان بن تبان وقتل عمرو أخيه له *
فلما ملك ابنه حسان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق.
كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه وأرادوا الرجعة إلى بلادهم وأهلهم فكلموا أخا له يقال له عمرو وكان معه في جيشه فقالوا له اقتل أخاك حسان ونملكك علينا وترجع بنا إلى بلادنا فأجابهم فاجتمعت على ذلك إلا ذا رعين الحميري فإنه نهاه عن ذلك فلم يقبل منه فقال ذو رعين ألا من يشتري سهرا بنوم سعيد من يبيت قرير عين فأما حمير غدرت وخانت فمعذرة الإله لذي رعين ثم كتبهما في رقعة وختم عليها ثم أتى بها عمرا فقال له ضع لي هذا الكتاب عندك ففعل ثم قتل عمرو أخاه حسان ورجع بمن معه إلى اليمن فقال رجل من حمير § لاه عينا الذي رأى مثل حسان قتيلا في سالف الأحقاب قتلته مقاول خشية الحبس غداة قالوا لباب لباب ميتكم خيرنا وحيكم رب علينا وكلكم أربابي.
ندم عمرو وهلاكه *
قال ابن إسحاق فلما نزل عمرو بن تبان اليمن منع منه النوم وسلط عليه السهر فلما جهده ذلك سأل الأطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به فقال له قائل منهم إنه والله ما قتل رجل قط أخاه أو ذا رحمه بغيا على مثل ما قتلت أخاك عليه إلا ذهب نومه وسلط عليه السهر فلما قيل له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخيه حسان من أشراف اليمن حتى خلص إلى ذي رعين فقال له ذو رعين إن لي عندك براءة فقال وما هي قال الكتاب الذي دفعت إليك فأخرجه فإذا فيه البيتان فتركه ورأى أنه قد نصحه وهلك عمرو فمرج أمر حمير عند ذلك وتفرقوا.
وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن *
فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة يقال له لخنيعة ينوف § ذو شناتر فقتل خيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منهم فقال قائل من حمير للخنيعة تقتل أبناها وتنفي سراتها وتبني بأيديها لها الذل حمير تدمر دنياها بطيش حلومها وما ضيعت من دينها فهو أكثر كذاك القرون قبل ذاك بظلمها وإسرافها تأتي الشرور فتخسر وكان لخنيعة امرأ فاسقا يعمل عمل قوم لوط فكان يرسل إلى الغلام من أبناء الملوك فيقع عليه في مشربة له قد صنعها لذلك لئلا يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنده قد أخذ مسواكا فجعله في فيه أي ليعلمهم أنه قد فرغ منه حتى بعث إلى زرعة ذي نواس بن تبان أسعد أخي حسان وكان صبيا صغيرا حين قتل حسان ثم شب غلاما جميلا وسيما ذا هيئة وعقل فلما أتاه رسوله عرف ما يريد منه فأخذ سكينا حديدا لطيفا فخبأه بين قدمه ونعله ثم أتاه فلما خلا معه وثب إليه فواثبه ذو نواس فوجأه حتى قتله ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منها ووضع مسواكه في فيه ثم خرج على الناس فقالوا له ذا نواس أرطب أم يباس فقال سل نخماس استرطبان ذو نواس استرطبان لا باس.
فنظروا إلى الكوة فإذا رأس لخنيعة مقطوع فخرجوا في إثر ذي نواس حتى أدركوه فقالوا ما ينبغي أن يملكنا غيرك إذ أرحتنا من هذا الخبيث فملكوه واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن فكان آخر ملوك حمير وهو صاحب الأخدود وتسمى يوسف فأقام في ملكه زمانا وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم عليه السلام على الإنجيل أهل فضل واستقامة من أهل دينهم لهم رأس يقال له عبد الله بن الثامر وكان موقع أصل ذلك الدين بنجران وهي بأوسط أرض العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونها وذلك أن رجلا من بقايا أهل ذلك الدين يقال له فيميون وقع بين أظهرهم فحملهم عليه فدانوا به.
ابتداء وقوع النصرانية بنجران *
قال ابن إسحاق حدثني المغيرة بن أبي لبيد مولى الأخنس عن وهب بن منبه اليماني أنه حدثهمم § أأن موقع ذلك الدين بنجران كان أن رجلا من بقايا أهل دين عيسى بن مريم يقال له فيميون وكان رجلا صالحا مجتهدا زاهدا في الدنيا مجاب الدعوة وكان سائحا ينزل بين القرى لا يعرف بقرية إلا خرج منها إلى قرية لا يعرف بها وكان لا يأكل إلا من كسب يديه وكان بناء يعمل الطين وكان يعظم الأحد فإذا كان يوم الأحد لم يعمل فيه شيئا وخرج إلى فلاة من الأرض يصلي بها حتى يمسي قال وكان في قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخفيا ففطن لشأنه رجل من أهلها يقال له صالح فأحبه صالح حبا لم يحبه شيئا كان قبله فكان يتبعه حيث ذهب ولا يفطن له فيميون حتى خرج مرة في يوم الأحد إلى فلاة من الأرض كما كان يصنع وقد اتبعه صالح وفيميون لا يدري فجلس صالح منه منظر العين مستخفيا منه لا يحب أن يعلم بمكانه وقام فيميون يصلي فبينما هو يصلي إذ أقبل نحوه التنين الحية ذات الرءوس السبعة فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها صالح ولم يدر ما أصابها فخافها عليه فعيل عوله فصرخ يا فيميون التنين قد أقبل نحوك فلم يلتفت إليه وأقبل على صلاته حتى فرغ منها وأمسى فانصرف وعرف أنه قد عرف وعرف صالح أنه قد رأى مكانه فقال له يا فيميون تعلم والله أني ما أحببت شيئا قط حبك وقد أردت صحبتك والكينونة معك حيث كنت فقال ما شئت أمري كما ترى فإن علمت أنك تقوى عليه فنعم فلزمه صالح وقد كاد أهل القرية يفطنون لشأنه وكان إذا فاجأه العبد به الضر دعا له فشفي وإذا دعي إلى أحد به ضر لم يأته وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير فسأل عن شأن فيميون فقيل له إنه لا يأتي أحدا دعاه ولكنه رجل يعمل للناس البنيان بالأجر فعمد الرجل إلى ابنه ذلك فوضعه في حجرته وألقى عليه ثوبا ثم جاءه فقال له § يا فيميون إني قد أردت أن أعمل في بيتي عملا فانطلق معي إليه حتى تنظر إليه فأشارطك عليه فانطلق معه حتى دخل حجرته ثم قال له ما تريد أن تعمل في بيتك هذا قال كذا وكذا ثم انتشط الرجل الثوب عن الصبي ثم قال له يا فيميون عبد من عباد الله أصابه ما ترى فادع الله له فدعا له فيميون فقام الصبي ليس به بأس وعرف فيميون أنه قد عرف فخرج من القرية واتبعه صالح فبينما هو يمشي في بعض الشام إذ مر بشجرة عظيمة فناداه منها رجل فقال يا فيميون قال نعم قال ما زلت أنظرك وأقول متى هو جاء حتى سمعت صوتك فعرفت أنك هو لا تبرح حتى تقوم علي فإني ميت الآن قال فمات وقام عليه حتى واراه ثم انصرف وتبعه صالح حتى وطئا بعض أرض العرب فعدوا عليهما فاختطفتهما سيارة من بعض العرب فخرجوا بهما حتى باعوهما بنجران وأهل نجران يومئذ على دين العرب يعبدون نخلة طويلة بين أظهرهم لها عيد في كل سنة إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب حسن وجدوه وحلي النساء ثم خرجوا إليها فعكفوا عليها يوما فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخر فكان فيميون إذا قام من الليل يتهجد في بيت له أسكنه إياه سيده يصلي استسرج له البيت نورا حتى يصبح من غير مصباح فرأى ذلك سيده فأعجبه ما يرى منه فسأله عن دينه فأخبره به وقال له فيميون إنما أنتم في باطل إن هذه النخلة لا تضر ولا تنفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لأهلكها وهو الله وحده لا شريك له قال فقال له سيده فافعل فإنك إن فعلت دخلنا في دينك وتركنا ما نحن عليه قال فقام فيميون فتطهر وصلى ركعتين ثم دعا الله عليها فأرسل الله عليها ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها فاتبعه عند ذلك أهل نجران على دينه فحملهم على الشريعة من دين عيسى بن مريم عليه السلام ثم دخلت عليهم الأحداث التي دخلت على أهل § دينهم بكل أرض فمن هنالك كانت النصرانية بنجران في أرض العرب.
أمر عبد الله بن الثامر وقصة أصحاب الأخدود *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي وحدثني أيضا بعض أهل نجران عن أهلها أن أهل نجران كانوا أهل شرك يعبدون الأوثان وكان في قرية من قراها قريبا من نجران ونجران القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلاد ساحر يعلم غلمان أهل نجران السحر فلما نزلها فيميون ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منبه قالوا رجل نزلها ابتنى خيمة بين نجران وبين تلك القرية التي بها الساحر فجعل أهل نجران يرسلون غلمانهم إلى ذلك الساحر يعلمهم السحر فبعث إليه الثامر ابنه عبد الله بن الثامر مع غلمان أهل نجران فكان إذا مر بصاحب الخيمة أعجبه ما يرى منه من صلاته وعبادته فجعل يجلس إليه ويسمع منه حتى أسلم فوحد الله وعبده وجعل يسأله عن شرائع الإسلام حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن الاسم الأعظم وكان يعلمه فكتمه إياه وقال له يا بن أخي إنك لن تحمله أخشى عليك ضعفك عنه والثامر أبو عبد الله لا يظن إلا أن ابنه يختلف إلى الساحر كما يختلف الغلمان فلما رأى عبد الله أن صاحبه قد ضن به عنه وتخوف ضعفه فيه عمد إلى أقداح فجمعها ثم لم يبق لله اسما يعلمه إلا كتبه في قدح ولكل اسم قدح حتى إذا أحصاها أوقد لها نارا ثم جعل يقذفها فيها قدحا قدحا حتى إذا مر بالاسم الأعظم قذف فيها بقدحه فوثب القدح حتى خرج منها لم تضره شيئا فأخذه ثم أتى صاحبه فأخبره بأنه قد علم الاسم الذي كتمه فقال وما هو قال هو كذا وكذا قال وكيف § علمته فأخبره بما صنع قال أي ابن أخي قد أصبته فأمسك على نفسك وما أظن أن تفعل.
ابن الثامر ودعوته إلى النصرانية بنجران *
فجعل عبد الله بن الثامر إذا دخل نجران لم يلق أحدا به ضر إلا قال له يا عبد الله أتوحد الله وتدخل في ديني وأدعو الله فيعافيك مما أنت فيه من البلاء فيقول نعم فيوحد الله ويسلم ويدعو له فيشفى حتى لم يبق بنجران أحد به ضر إلا أتاه فاتبعه على أمره ودعا له فعوفي حتى رفع شأنه إلى ملك نجران فدعاه فقال له أفسدت علي أهل قريتي وخالفت ديني ودين آبائي لأمثلن بك قال لا تقدر على ذلك قال فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الأرض ليس به بأس وجعل يبعث به إلى مياه بنجران بحور لا يقع فيها شيء إلا هلك فيلقى فيها فيخرج ليس به بأس فلما غلبه قال له عبد الله بن الثامر إنك والله لن تقدر على قتلي حتى توحد الله فتؤمن بما آمنت به فإنك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتني قال فوحد الله تعالى ذلك الملك وشهد شهادة عبد الله بن الثامر ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة فقتله ثم هلك الملك مكانه واستجمع أهل نجران على دين عبد الله بن الثامر وكان على ما جاء به عيسى بن مريم من الإنجيل وحكمه ثم أصابهم مثل ما أصاب أهل دينهم من الأحداث فمن هنالك كان أصل النصرانية بنجران والله أعلم بذلك.
قال ابن إسحاق فهذا حديث محمد بن كعب القرظي وبعض أهل نجران عن عبد الله بن الثامر والله أعلم أي ذلك كان فسار إليهم ذو نواس بجنوده فدعاهم إلى اليهودية وخيرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل فخد لهم الأخدود فحرق من حرق بالنار وقتل بالسيف ومثل به حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا في ذي نواس وجنده تلك أنزل الله تعالى على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قتل أصحاب § الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد.
مقتل ابن الثامر *
ما يروى عن ابن الثامر في قبره *
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه حدث أن رجلا من أهل نجران كان في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حفر خربة من خرب نجران لبعض حاجته فوجدوا عبد الله بن الثامر تحت دفن منها قاعدا واضعا يده على ضربة في رأسه ممسكا بيده عليها فإذا أخرت يده عنها تنبعث دما وإذا أرسلت يده ردها عليها فأمسكت دمها وفي يده خاتم § مكتوب فيه ربي الله فكتب فيه إلى عمر بن الخطاب يخبر بأمره فكتب إليهم عمر رضي الله عنه أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ففعلوا.
أمر دوس ذي ثعلبان وابتداء ملك الحبشة وذكر أرباط المستولي على اليمن *
قال ابن إسحاق وأفلت منهم رجل من سبأ يقال له دوس ذو ثعلبان على فرس له فسلك الرمل فأعجزهم فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم فاستنصره على ذي نواس وجنوده وأخبره بما بلغ منهم فقال له بعدت بلادك منا ولكني سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين وهو أقرب إلى بلادك وكتب إليه يأمره بنصره والطلب بثأره فقدم دوس على النجاشي بكتاب قيصر فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة وأمر عليهم رجلا منهم يقال له أرياط ومعه في جنده أبرهة الأشرم فركب أرياط البحر حتى نزل بساحل اليمن ومعه دوس ذو ثعلبان وسار إليه ذو نواس في حمير ومن أطاعه من قبائل اليمن فلما التقوا انهزم ذو نواس وأصحابه فلما رأى ذو نواس ما نزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه فدخل به فخاض به ضحضاح البحر حتى أفضى به إلى غمره فأدخله فيه وكان آخر العهد به ودخل أرياط اليمن فملكها § فقال رجل من أهل اليمن وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة لا كدوس ولا كأعلاق رحله فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم وقال ذو جدن الحميري هونك ليس يرد الدمع ما فاتا لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا أبعد بينون لا عين ولا أثر وبعد سلحين يبني الناس أبياتا بينون وسلحين وغمدان من حصون اليمن التي هدمها أرياط ولم يكن في الناس مثلها وقال ذو جدن أيضا دعيني لا أبا لك لن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي لدي عزف القيان إذ انتشبنا وإذ نسقى من الخمر الرحيق وشرب الخمر ليس علي عارا إذا لم يشكني فيها رفيقي فإن الموت لا ينهاه ناه ولو شرب الشفاء مع النشوق § ولا مترهب في أسطوان يناطح جدره بيض الأنوق وغمدان الذي حدثت عنه بنوه مسمكا في رأس نيق بمنهمة وأسفله جرون وحر الموحل اللثق الزليق مصابيح السليط تاوح فيه إذا يمسي كتوماض البروق ونخلته التي غرست إليه يكاد اليسر يهصر بالعذوق فأصبح بعد جدته رمادا وغير حسنه لهب الحريق وأسلم ذو نواس مستكينا وحذر قومه ضنك المضيق وقال ابن الذئبة الثقفي في ذلك.
غلب أبرهة الأشرم على أمر اليمن وقتل أرياط *
قال ابن إسحاق فأقام أرياط بأرض اليمن سنين في سلطانه ذلك ثم نازعه § في أمر الحبشة باليمن أبرهة الحبشي وكان في جنده حتى تفرقت الحبشة عليهما فانحاز إلى كل واحد منهما طائفة منهم ثم سار أحدهما إلى الآخر فلما تقارب الناس أرسل أبرهة إلى أرياط إنك لا تصنع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض حتى تفنيها شيئا فابرز إلي وأبرز إليك فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده فأرسل إليه أرباط أنصفت فخرج إليه أبرهة وكان رجلا قصيرا لحيما حادرا وكان ذا دين في النصرانية وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا وفي يده حربة له وخلف أبرهة غلام له يقال له عتودة يمنع ظهره فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخه فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته فبذلك سمي أبرهة الأشرم وحمل عتودة على أرياط من خلف أبرهة فقتله وانصرف جند أرياط إلى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى أبرهة أرياط فلما بلغ ذلك النجاشي غضب غضبا شديدا وقال عدا على أميري فقتله بغير أمرى ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته فحلق أبرهة رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن ثم بعث به إلى النجاشي ثم كتب إليه أيها الملك إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك وكل طاعته لك إلا أني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط لها وأسوس منه وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في فلما انتهى ذلك إلى النجاشي رضي عنه وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري فأقام أبرهة باليمن § ثم إن أبرهة بنى القليس بصنعاء فبنى كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشيء من الأرض ثم كتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النجاشي غضب رجل من النسأة أحد بني فقيم ابن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس من مضر والنسأة الذين كانوا ينسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الأشهر الحرم ويحرمون مكانه الشهر من أشهر الحل ويؤخرون ذلك الشهر ففيه أنزل الله تبارك وتعالى إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله .
تاريخ النسء عند العرب *
قال ابن إسحاق وكان أول من نسأ الشهور على العرب فأحلت منها ما أحل وحرمت منها ما حرم القلمس وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنانة بن خزيمة ثم قام بعده على ذلك ابنه عباد بن حذيفة ثم قام بعد عباد قلع بن عباد ثم قام بعد قلع أمية ابن قلع ثم قام بعد أمية عوف بن أمية ثم قام بعد عوف أبو ثمامة جنادة بن عوف وكان آخرهم وعليه قام الإسلام وكانت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فحرم الأشهر الحرم الأربعة رجبا وذا القعدة وذا الحجة والمحرم فإذا أراد أن يحل منها شيئا أحل المحرم فأحلوه وحرم مكانه صفر فحرموه ليواطئوا عدة الأربعة الأشهر الحرم فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال اللهم إني قد أحللت لك أحد الصفرين الصفر الأول ونسأت الآخر للعام المقبل § فقال في ذلك عمير بن قيس جذل الطعان أحد بني فراس بن غنم بن ثعلبة بن مالك بن كنانة يفخر بالنسأة على العرب لقد علمت معد أن قومي كرام الناس أن لهم كراما فأي الناس فاتونا بوتر وأي الناس لم نعلك لجاما ألسنا الناسئين على معد شهور الحل نجعلها حراما.
إحداث الكناني في القليس وحملة أبرهة على الكعبة *
قال ابن إسحاق ثم خرج فلحق بأرضه فأخبر بذلك أبرهة فقال من صنع هذا فقيل له صنع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك أصرف إليها حج العرب غضب فجاء فقعد فيها أي أنها ليست لذلك بأهل فغضب عند ذلك أبرهة وحلف ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخرج معه بالفيل وسمعت بذلك العرب فأعظموه وفظعوا به ورأوا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام § فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت الله الحرام وما يريد من هدمه وإخرابه فأجابه إلى ذلك من أجابه ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نفر وأصحابه وأخذ له ذو نفر فأتي به أسيرا فلما أراد قتله قال له ذو نفر أيها الملك لا تقتلني فإنه عسى أن يكون بقائي معك خيرا لك من قتلي فتركه من القتل وحبسه عنده في وثاق وكان أبرهة رجلا حليما ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خرج له حتى إذا كان بأرض خثعم عرض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قبيلي خثعم شهران وناهس ومن تبعه من قبائل العرب فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ له نفيل أسيرا فأتي به فلما هم بقتله قال له نفيل أيها الملك لا تقتلني فإني دليلك بأرض العرب وهاتان يداي لك على قبيلي خثعم شهران وناهس بالسمع والطاعة فخلى سبيله وخرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن مرو بن سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف واسم ثقيف قسي بن النبيت بن منبه بن منصور بن يقدم بن أفصى بن دعمى بن إياد بن نزار بن معد بن عدنان § قال أمية بن أبي الصلت الثقفي قومي إياد لو أنهم أمم أولو أقاموا فتهزل النعم قوم لهم ساحة العراق إذا ساروا جميعا والقط والقلم وقال أمية بن أبي الصلت أيضا فإما تسألي عني لبينى وعن نسبي أخبرك اليقينا فإنا للنبيت أبي قسي لمنصور بن يقدم الأقدمينا.
استسلام أهل الطائف لأبرهة *
قال ابن إسحاق فقالوا له أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عندنا لك خلاف وليس بيتنا هذا البيت الذي تريد يعنون اللات إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك عليه فتجاوز عنهم واللات بيت لهم بالطائف كانوا .يعظمونه نحو تعظيم الكعبة
معونة أبي رغال لأبرهة وموته وقبره *
قال ابن إسحاق فبعثوا معه أبار غال يدله على الطريق إلى مكة فخرج أبرهة § ومعه أبو رغال حتى أنزله المغمس فلما أنزله به مات أبو رغال هنالك فرجمت قبره العرب فهو القبر الذي يرجم الناس بالمغمس فلما نزل أبرهة المغمس بعث رجلا من الحبشة يقال له الأسود بن مقصود على خيل له حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وهو يومئذ كبير قريش وسيدها فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم من سائر الناس بقتاله ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها ثم قل له إن الملك يقول لك إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم فإن هو لم يرد حربي فأتني به فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها فقيل له عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي فجاءه فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت خليله إبراهيم عليه السلام أو كما قال فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه وإن يخل بينه وبينه فو الله ما عندنا دفع § عنه فقال له حناطة فانطلق معي إليه فإنه قد أمرني أن آتيه بك فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نفر وكان له صديقا حتى دخل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نفر هل عندك من غناء فيما نزل بنا فقال له ذو نفر وما غناء رجل أسير بيدي ملك ينتظر أن يقتله غدوا أو عشيا ما عندنا غناء في شيء مما نزل بك إلا أن أنيسا سائس الفيل صديق لي وسأرسل إليه فأوصيه بك وأعظم عليه حقك وأسأله أن يستأذن لك على الملك فتكلمه بما بدا لك ويشفع لك عنده بخير إن قدر على ذلك فقال حسبي فبعث ذو نفر إلى أنيس فقال له إن عبد المطلب سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس بالسهل والوحوش في رءوس الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير فاستأذن له عليه وانفعه عنده بما استطعت فقال أفعل فكلم أنيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك وهو صاحب عير مكة وهو يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك فيكلمك في حاجته وأحسن إليه قال فأذن له أبرهة قال وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه وأجلسه معه عليه إلى جنبه ثم قال لترجمانه قل له حاجتك فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانه § قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه قال له عبد المطلب إني أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه قال ما كان ليمتنع مني قال أنت وذاك وكان فيما يزعم بعض أهل العلم قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حناطة يعمر بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد بني بكر وخويلد بن واثلة الهذلي وهو يومئذ سيد هذيل فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم والله أعلم أكان ذلك أم لا فرد أبرهة على عبد المطلب الإبل التي أصاب له فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال والشعاب تخوفا عليهم من معرة الجيش ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة § لاهم إن العبد يمنع رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك زاد الواقدي إن كنت تاركهم و قبلتنا فأمر ما بدا لك.
شعر لعكرمة في الدعاء على الأسود بن مقصود *
قال ابن إسحاق وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ابن قصى لاهم أخز الأسود بن مقصود الآخذ الهجمة فيها التقليد بين حراء وثبير فالبيد يحبسها وهي أولات التطريد فضمها إلى طماطم سود أخفره يا رب وأنت محمود.
قال ابن إسحاق ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة وانطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخلها فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيله وعبى جيشه وكان اسم الفيل محمودا وأبرهة مجمع لهدم البيت ثم الانصراف إلى اليمن فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت فإنك في بلد الله الحرام ثم أرسل أذنه فبرك الفيل وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى فضربوا في رأسه بالطبرزين ليقوم فأبى فأدخلوا محاجن لهم في مراقه فبزغوه بها ليقوم فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل § الله تعالى عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب منهم أحدا إلا هلك وليس كلهم أصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاءوا ويسألون عن نفيل بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن فقال نفيل حين رأى ما أنزل الله بهم من نقمته أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب.
قال ابن إسحاق وقال نفيل أيضا ألا حييت عنا يا ردينا نعمناكم مع الإصباح عينا أتانا قابس منكم عشاء فلم يقدر لقابسكم لدينا ردينة لو رأيت ولا تريه لدى جنب المحصب ما رأينا إذا لعذرتني وحمدت أمري ولم تأسي على ما فات بينا حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا وكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا § فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منهل وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تسقط أنامله أنملة أنملة كلما سقطت أنملة أتبعتها منه مدة تمث قيحا ودما حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون.
قال ابن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة أنه حدث أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل والحنظل والعشر ذلك العام.
ما ذكر في القرآن عن قصة الفيل وشرح ابن هشام لمفرداته *
قال ابن إسحاق فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال الله تبارك وتعالى ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول وقال § لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف أي لئلا يغير شيئا من حالهم التي كانوا عليها لما أراد الله بهم من الخير لو قبلوه.
ما أصاب قائد الفيل وسائسه *
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس.
ما قيل في صفة الفيل من الشعر *
قال ابن إسحاق فلما رد الله الحبشة عن مكة وأصابهم بما أصابهم به من النقمة أعظمت العرب قريشا وقالوا هم أهل الله قاتل الله عنهم وكفاهم مئونة عدوهم فقالوا في ذلك أشعارا يذكرون فيها ما صنع الله بالحبشة وما رد عن قريش من كيدهم فقال عبد الله بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر تنكلوا عن بطن مكة إنها كانت قديما لا يرام حريمها لم تخلق الشعرى ليالي حرمت إذ لا عزيز من الأنام يرومها سائل أمير الجيش عنها ما رأى ولسوف ينبي الجاهلين عليمها § ستون ألفا لم يثوبوا أرضهم ولم يعش بعد الإياب سقيمها كانت بها عاد وجرهم قبلهم والله من فوق العباد يقيمها.
قال ابن إسحاق يعني ابن الزبعرى بقوله بعد الإياب سقيمها أبرهة إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه حتى مات بصنعاء وقال أبو قيس بن الأسلت الأنصاري ثم الخطمي واسمه صيفي.
قال ابن إسحاق وقال أبو قيس بن الأسلت فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب فعندكم منه بلاء مصدق غداة أبي يكسوم هادي الكتائب كتيبته بالسهل تمسي ورجله على القاذفات في رءوس المناقب فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملحبش غير عصائب.
شعر طالب في وقعة الفيل *
قال ابن إسحاق وقال طالب بن أبي طالب بن عبد المطلب ألم تعلموا ما كان في حرب داحس وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا فلولا دفاع الله لا شيء غيره لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا.
شعر أبي الصلت في وقعة الفيل *
قال ابن إسحاق وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي في شأن الفيل ويذكر الحنيفية دين إبراهيم عليه السلام.
ملك يكسوم ثم مسروق على اليمن *
قال ابن إسحاق فلما هلك أبرهة ملك الحبشة ابنه يكسوم بن أبرهة وبه § كان يكنى فلما هلك يكسوم بن أبرهة ملك اليمن في الحبشة أخوه مسروق ابن أبرهة فلما طال البلاء على أهل اليمن خرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنى بأبي مرة حتى قدم على قيصر ملك الروم فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخرجهم عنه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من الروم فيكون له ملك اليمن فلم يشكه ولم يجد عنده شيئا مما يريد فخرج حتى أتى النعمان بن المنذر وهو عامل كسرى على الحيرة وما يليها من أرض العراق فشكا إليه أمر الحبشة فقال له النعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم حتى يكون ذلك ففعل ثم خرج معه فأدخله على كسرى وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه تاجه وكان تاجه مثل القنقل العظيم فيما يزعمون يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانت عنقه لا تحمل تاجه إنما يستر بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنه الثياب فلا يراه رجل لم يره قبل § ذلك إلا برك هيبة له فلما دخل عليه سيف بن ذي يزن برك.
قال ابن إسحاق ثم قال له أيها الملك غلبتنا على بلادنا الأغربة فقال له كسرى أي الأغربة الحبشة أم السند فقال بل الحبشة فجئتك لتنصرني ويكون ملك بلادي لك قال بعدت بلادك مع قلة خيرها فلم أكن لأورط جيشا من فارس بأرض العرب لا حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلاف درهم واف وكساه كسوة حسنة فلما قبض ذلك منه سيف خرج فجعل ينثر ذلك الورق للناس فبلغ ذلك الملك فقال إن لهذا لشأنا ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنثره للناس فقال وما أصنع بهذا ما جبال أرضي التي جئت منها إلا ذهب وفضة يرغبه فيها فجمع كسرى مرازبته فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا الرجل وما جاء له فقال قائل أيها الملك إن في سجونك رجالا قد حبستهم للقتل فلو أنك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان ذلك الذي أردت بهم وإن ظفروا كان ملكا ازددته فبعث معه كسرى من كان في سجونه وكانوا ثمان مائة رجل واستعمل عليهم رجلا يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا فخرجوا في ثمان سفائن فغرقت سفينتان ووصل إلى ساحل عدن § ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال له رجلي مع رجلك حتى نموت جميعا أو نظفر جميعا قال له وهرز أنصفت وخرج إليه مسروق بن أبرهة ملك اليمن وجمع إليه جنده فأرسل إليهم وهرز ابنا له ليقاتلهم فيختبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده ذلك حنقا عليهم فلما تواقف الناس على مصافهم قال وهرز أروني ملكهم فقالوا له أترى رجلا على الفيل عاقدا تاجه على رأسه بين عينيه ياقوتة حمراء قال نعم قالوا ذاك ملكهم فقال اتركوه فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على الفرس قال اتركوه فوقفوا طويلا ثم قال علام هو قالوا قد تحول على البغلة قال وهرز بنت الحمار ذل وذل ملكه إني سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا فاثبتوا حتى أوذنكم فإني قد أخطأت الرجل وإن رأيتم القوم قد استداروا ولاثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا عليهم ثم وتر قوسه وكانت فيما يزعمون لا يوترها غيره من شدتها وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم رماه فصك الياقوتة التي بين عينيه فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه ونكس عن دابته واستدارت الحبشة ولاثت به وحملت عليهم الفرس وانهزموا فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز ليدخل صنعاء حتى إذا أتى بابها قال لا تدخل رايتي منكسة أبدا اهدموا الباب فهدم ثم دخلها ناصبا رايته فقال سيف بن ذي يزن الحميري § يظن الناس بالملكين أنهما قد التأما ومن يسمع بلأمهما فإن الخطب قد فقما قتلنا القيل مسروقا وروينا الكثيب دما وإن القيل قيل الناس وهرز مقسم قسما يذوق مشعشعا حتى يفيء السبي والنعما.
ما بعد صنعاء كان يعمرها %~% ولاة ملك جزل مواهبها رفعها من بنى لدى قزع المزن وتندى مسكا محاربها محفوفة بالجبال دون عرى الكائد ما ترتقى غواربها يأنس فيها صوت النهام إذا جاوبها بالعشي قاصبها ساقت إليها الأسباب جند بني الأحرار فرسانها مواكبها وفوزت بالبغال توسق بالحتف وتسعى بها توالبها حتى رآها الأقوال من طرف المنقل مخضرة كتائبها § يوم ينادون آل بربر و اليكسوم لا يفلحن هاربها وكان يوم باقي الحديث وزالت إمة ثابت مراتبها وبدل الفيج بالزرافة والأيام جون جم عجائبها بعد بني تبع نخاورة قد اطمأنت بها مرازبها.
ذكر ما انتهى إليه أمر الفرس باليمن *
قال ابن إسحاق فأقام وهرز والفرس باليمن فمن بقية ذلك الجيش من الفرس الأبناء الذين باليمن اليوم وكان ملك الحبشة باليمن فيما بين أن دخلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة وأخرجت الحبشة اثنتين وسبعين سنة توارث § ذلك منهم أربعة أرياط ثم أبرهة ثم يكسوم بن أبرهة ثم مسروق بن أبرهة
الحجر الذي وجد باليمن *
قال ابن إسحاق وكان في حجر باليمن فيما يزعمون كتاب بالزبور كتب في الزمان الأول لمن ملك ذمار لحمير الأخيار لمن ملك ذمار للحبشة الأشرار لمن ملك ذمار لفارس الأحرار لمن ملك ذمار لقريش التجار وذمار اليمن أو صنعاء
شعر الأعشى في نبوءة سطيح وشق *
قال ابن إسحاق وقال الأعشى أعشى بني قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه ما نظرت ذات أشفار كنظرتها حقا كما صدق الذئبي إذا سجعا وكانت العرب تقول لسطيح الذئبي لأنه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب.
ذكر ولد نزار بن معد *
أولاد أنمار *
قال ابن إسحاق فأنمار أبو خثعم وبجيلة قال جرير بن عبد الله البجلي وكان سيد بجيلة وهو الذي يقول له القائل لولا جرير هلكت بجيله نعم الفتى وبئست القبيله وهو ينافر الفرافصة الكلبي إلى الأقرع بن حابس التميمي بن عقال بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة يا أقرع بن حابس يا أقرع إنك إن يصرع أخوك تصرع وقال § ابني نزار انصرا أخاكما إن أبي وجدته أباكما لن يغلب اليوم أخ والاكما وقد تيامنت فلحقت باليمن.
أولاد مضر *
أولاد إلياس *
قال ابن إسحاق فولد إلياس بن مضر ثلاثة نفر مدركة بن إلياس وطابخة ابن إلياس وقمعة بن إلياس وأمهم خندف امرأة عن اليمن.
شيء عن خندف وأولادها *
قال ابن إسحاق وكان اسم مدركة عامرا واسم طابخة عمرا وزعموا أنهما كانا في إبل لهما يرعيانها فاقتنصا صيدا فقعدا عليه يطبخانه وعدت عادية على إبلهما فقال عامر لعمرو أتدرك الإبل أم تطبخ هذا الصيد فقال عمرو بل أطبخ فلحق عامر بالإبل فجاء بها فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنهما § فقال لعامر أنت مدركة وقال لعمرو وأنت طابخة وخرجت أمهم لما بلغها الخبر وهي مسرعة فقال لها تخندفين فسميت خندف وأما قمعة فيزعم نساب مضر أن خزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس.
قصة عمرو بن لحي وذكر أصنام العرب *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار فسألته عمن بيني وبينه من الناس فقال هلكوا قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنه سمع أبا هريرة.
أول عبادة الحجارة كانت في بني إسماعيل *
قال ابن إسحاق ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بني إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد إلا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم فحيثما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة § والمزدلفة وهدي البدن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه فكانت كنانة وقريش إذا أهلوا قالوا لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده يقول ال له تبارك وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون أي ما يوحدونني لمعرفة حقي إلا جعلوا معي شريكا من خلقي وقد كانت لقوم نوح أصنام قد عكفوا عليها قص الله تبارك وتعالى خبرها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا فكان الذين اتخذوا تلك الأصنام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر اتخذوا سواعا فكان لهم برهاط وكلب بن وبرة من قضاعة اتخذوا ودا بدومة الجندل.
حدثنا عبد الله بن عمران المخزومي قال حدثنا سعيد بن سالم قال حدثنا عثمان يعني ابن ساج قال أخبرني محمد بن إسحاق § وحدثني عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق يزيد أحدهما على صاحبه في اللفظ أن بني إسماعيل والعماليق من سكان مكة ضاقت عليهم البلاد فتفسحوا في البلاد والتمسوا المعاش فخلف الخلوف بعد الخلوف وتبدلوا بدين إسماعيل غيره وسلخوا إلى عبادة الأوثان فيزعمون أن أول ما كانت عبادة الأوثان أو الحجارة في بني § إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن حين ضاقت عليهم والتمسوا التفسح في البلاد إلا إحتملوا معهم من حجارة الحرم تعظيما للحرم وصيانة لمكة والكعبة فأينما حلوا وضعوه فطافوا به طوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلف الخلوف ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم الخليل عليه السلام غيره وعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالة وانتحوا ما كان يعبد قوم نوح منها على إرث ما كان بقي فيهم من ذكرها وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم وإسماعيل يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة ومزدلفة وهدي البدن وإهلال الحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس فيه حتى كان فيهم إلياس بن مضر ابن نزار فأنكر على بني إسماعيل ما غيروا من دين آبائهم وبان فضله فيهم حتى جمعهم على رأيه ورضوا به رضا ما لم يرضوه من أحد من ولد اسماعيل بعد أدد فردهم إلى دين أباءهم حتى رجعت سنته تامة وهو أول من أهدى البدن إلى البيت وهو أول من وضع الركن الأسود بعد ذهابه في الطوفان وانهدامه زمن نوح عليه السلام فكان أول من ظفر به الياس فوضعه في زاوية البيت وكانت العرب تعظم الياس تعظيم أهل الحكمة لقمان وأشباهه وكان أول من غير دين اسماعيل عليه السلام ونصب الأوثان وسيب السائبة وبحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحام عمرو بن لحي ابن قمعة بن خندف جد خزاعة إلا أنهم من ولد عمرو بن عامر بن غسان.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك الأنصاري وننسى اللات والعزى وودا ونسلبها القلائد والشنوفا.
يغوث وعبدته *
يعوق وعبدته *
نسر وعبدته *
قال ابن إسحاق وذو الكلاع من حمير اتخذوا نسرا بأرض حمير وكان لخولان صنم يقال له عميانس بأرض خولان يقسمون له من أنعامهم وحروثهم قسم بينه وبين الله بزعمهم فما دخل في حق عميانس من حق الله تعالى الذي سموه له تركوه له وما دخل في حق الله تعالى من حق عميانس ردوه عليه وهم بطن من خولان يقال لهم الأديم وفيهم أنزل الله تبارك وتعالى فيما يذكرون وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل § إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون .
سعد وعبدته *
قال ابن إسحاق وكان لبني ملكان بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر صنم يقال له سعد صخرة بفلاة من أرضهم طويلة فأقبل رجل من بني ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه التماس بركته فيما يزعم فلما رأته الإبل وكانت مرعية لا تركب وكان يهراق عليه الدماء نفرت منه فذهبت في كل وجه وغضب ربها الملكاني فأخذ حجرا فرماه به ثم قال لا بارك الله فيك نفرت علي إبلي ثم خرج في طلبها حتى جمعها فلما اجتمعت له قال أتينا إلى سعد ليجمع شملنا فشتتنا سعد فلا نحن من سعد وهل سعد إلا صخرة بتنوفة من الأرض لا تدعو لغي ولا رشد وكان في دوس صنم لعمرو بن حممة الدوسي.
هبل *
إساف ونائلة وحديث عائشة عنهما *
قال ابن إسحاق واتخذوا إسافا ونائلة على موضع زمزم ينحرون عندهما وكان إساف ونائلة رجلا وامرأة من جرهم هو إساف بن بغي ونائلة بنت ديك فوقع إساف على نائلة في الكعبة فمسخهما الله حجرين.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أنها قالت § سمعت عائشة رضي الله عنها تقول ما زلنا نسمع أن إسافا ونائلة كانا رجلا وامرأة من جرهم أحدثا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين والله أعلم.
ما كان يفعله العرب مع الأصنام *
قال ابن إسحاق واتخذ أهل كل دار في دارهم صنما يعبدونه فإذا أراد الرجل منهم سفرا تمسح به حين يركب فكان ذلك آخر ما يصنع حين يتوجه إلى سفره وإذا قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخل على أهله فلما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب وكانت العرب قد اتخذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة لها سدنة وحجاب وتهدي لها كما تهدي للكعبة وتطوف بها كطوافها بها وتنحر عندها وهى تعرف فضل الكعبة عليها لأنها كانت قد عرفت أنها بيت إبراهيم الخليل ومسجده فكانت لقريش وبني كنانة العزى § بنخلة وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم.
قال ابن إسحاق فقال شاعر من العرب لقد أنكحت أسماء رأس بقيرة من الأدم أهداها امرؤ من بني غنم رأى قدعا في عينها إذ يسوقها إلى غبغب العزى فوسع في القسم وكذلك كانوا يصنعون إذا نحروا هديا قسموه في من حضرهم والغبغب المنحر ومهراق الدماء.
اللات وسدنتها *
مناة وسدنتها وهدمها *
قال ابن إسحاق وكانت مناة للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد.
ذو الخلصة وسدنته وهدمه *
فلس وسدنته وهدمه *
رئام *
رضاء وسدنته *
قال ابن إسحاق وكانت رضاء بيتا لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم ولها يقول المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في الإسلام ولقد شددت على رضاء شدة %~% فتركتها قفرا بقاع أسحما.
ذو الكعبات وسدنته *
قال ابن إسحاق وكان ذو الكعبات لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد وله يقول أعشى بني قيس بن ثعلبة بين الخورنق والسدير وبارق والبيت ذي الكعبات من سنداد.
أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي *
قال ابن إسحاق فأما البحيرة فهي بنت السائبة والسائبة الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس بينهن ذكر سيبت فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلك من أنثى شقت أذنها ثم خلي سبيلها مع أمها فلم يركب ظهرها ولم يجز وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف كما فعل بأمها فهي البحيرة بنت السائبة والوصيلة الشاة إذا أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن ليس بينهن ذكر جعلت وصيلة قالوا قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون إناثهم إلا أن يموت منها شيء فيشتركوا في أكله ذكورهم وإناثهم.
قال ابن إسحاق والحامي الفحل إذا نتج له عشر إناث متتابعات ليس بينهن ذكر حمي ظهره فلم يركب ولم يجز وبره وخلي في إبله يضرب فيها لا ينتفع منه بغير ذلك.
قال ابن إسحاق فالبحيرة عندهم الناقة تشق أذنها فلا يركب ظهرها ولا يجز وبرها ولا يشرب لبنها إلا ضيف أو يتصدق به § وتهمل لآلهتهم والسائبة التي ينذر الرجل أن يسيبها إن بريء من مرضه أو إن أصاب أمرا يطلبه فإذا كان أساب ناقة من إبله أو جملا لبعض آلهتهم فسابت فرعت لا ينتفع بها والوصيلة التي تلد أمها اثنين في كل بطن فيجعل صاحبها لآلهته الإناث منها ولنفسه الذكور منها فتلدها أمها ومعها ذكر في بطن فيقولون وصلت أخاها فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به.
قال ابن إسحاق فلما بعث الله تبارك وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أنزل عليه ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون وأنزل الله تعالى وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم وأنزل عليه قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون وأنزل عليه من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين.
عدنا إلى سياقة النسب *
أولاد مدركة وخزيمة *
قال ابن إسحاق فولد مدركة بن إلياس رجلين خزيمة بن مدركة وهذيل بن مدركة وأمهما امرأة من قضاعة فولد خزيمة بن مدركة أربعة نفر كنانة بن خزيمة وأسد بن خزيمة وأسدة بن خزيمة § والهون بن خزيمة فأم كنانة عوانة بنت سعد بن قيس بن عيلان بن مضر.
أولاد كنانة وأمهاتهم *
قال ابن إسحاق فولد كنانة بن خزيمة أربعة نفر النضر بن كنانة ومالك بن كنانة وعبد مناة بن كنانة وملكان بن كنانة فأم النضر برة بنت مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر وسائر بنيه لامرأة أخرى.
قال ابن إسحاق ويقال إنما سميت قريش قريشا لتجمعها من بعد تفرقها ويقال للتجمع التقرش فولد النضر بن كنانة رجلين مالك بن النضر ويخلد بن النضر فأم مالك عاتكة بنت عدوان بن عمرو بن قيس بن عيلان ولا أدري أهي أم يخلد أم لا.
ولد مالك بن النضر وأمه *
أولاد فهر وأمهاتهم *
قال ابن إسحاق فولد فهر بن مالك أربعة نفر غالب بن فهر ومحارب ابن فهر والحارث بن فهر وأسد بن فهر وأمهم ليلى بنت سعد بن هذيل ابن مدركة.
أولاد غالب وأمهاتهم *
قال ابن إسحاق فولد غالب بن فهر رجلين لؤي بن غالب وتيم بن غالب وأمهما سلمى بنت عمرو الخزاعي وتيم بن غالب الذين يقال لهم بنو الأدرم.
أولاد لؤي وأمهاتهم *
قال ابن إسحاق فولد لؤي بن غالب أربعة نفر كعب بن لؤي وعامر ابن لؤي وسامة بن لؤي وعوف بن لؤي فأم كعب وعامر وسامة ماوية بنت كعب بن القين بن جسر من قضاعة.
أمر سامة *
قال ابن إسحاق فأما سامة بن لؤي فخرج إلى عمان وكان بها ويزعمون أن عامر بن لؤي أخرجه وذلك أنه كان بينهما شيء ففقأ سامة عين عامر فأخافه عامر فخرج إلى عمان فيزعمون أن سامة بن لؤي بينا هو يسير على ناقته إذ وضعت رأسها ترتع فأخذت حية بمشفرها فهصرتها حتى وقعت الناقة لشقها ثم نهشت سامة فقتلته فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون § عين فابكي لسامة بن لؤي علقت ساق سامة العلاقه لا أرى مثل سامة بن لؤي يوم حلوا به قتيلا لناقه بلغا عامرا وكعبا رسولا أن نفسي إليهما مشتاقه إن تكن في عمان داري فإني غالبي خرجت من غير ناقه رب كأس هرقت يا بن لؤي حذر الموت لم تكن مهراقه رمت دفع الحتوف يا بن لؤي ما لمن رام ذاك بالحتف طاقه وخروس السرى تركت رديا بعد جد وجدة ورشاقه.
أمر عوف بن لؤي ونقلته *
قال ابن إسحاق وأما عوف بن لؤي فإنه خرج فيما يزعمون في ركب من قريش حتى إذا كان بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان أبطئ به فانطلق من كان معه من قومه فأتاه ثعلبة بن سعد وهو أخوه في نسب بني ذبيان ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان § وعوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان فحبسه وزوجه والتاطه وآخاه فشاع نسبه في بني ذبيان وثعلبة فيما يزعمون الذي يقول لعوف حين أبطئ به فتركه قومه احبس علي ابن لؤي جملك تركك القوم ولا منزل لك.
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير أو محمد بن عبد الرحمن ابن عبد الله بن حصين أن عمر بن الخطاب قال لو كنت مدعيا حيا من العرب أو ملحقهم بنا لادعيت بني مرة بن عوف إنا لنعرف فيهم الأشباه مع ما نعرف من موقع ذلك الرجل حيث وقع يعني عوف بن لؤي.
نسب مرة *
قال ابن إسحاق فهو في نسب غطفان مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النسب ما ننكره وما نجحده وإنه لأحب النسب إلينا وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع.
حين هرب من النعمان بن المنذر فلحق بقريش فما قومي بثعلبة بن سعد ولا بفزارة الشعر الرقابا وقومي إن سألت بنو لؤي بمكة علموا مضر الضرابا سفهنا باتباع بني بغيض وترك الأقربين لنا انتسابا § سفاهة مخلف لما تروى هراق الماء واتبع السرابا فلو طووعت عمرك كنت فيهم وما ألفيت أنتجع السحابا وخش رواحة القرشي رحلي بناجية ولم يطلب ثوابا.
قال ابن إسحاق فقال الحسين بن الحمام المري ثم أحد بني سهم بن مرة يرد على الحارث بن ظالم وينتمي إلى غطفان ألا لستم منا ولسنا إليكم %~% برئنا إليكم من لؤي بن غالب أقمنا على عز الحجاز وأنتم بمعتلج البطحاء بين الأخاشب يعني قريشا ثم ندم الحصين على ما قال وعرف ما قال الحارث بن ظالم فانتمى إلى قريش وأكذب نفسه فقال ندمت على قول مضى كنت قلته تبينت فيه أنه قول كاذب فليت لساني كان نصفين منهما بكيم ونصف عند مجرى الكواكب أبونا كناني بمكة قبره بمعتلج البطحاء بين الأخاشب لنا الربع من بيت الحرام وراثة وربع البطاح عند دار ابن حاطب أي أن بني لؤي كانوا أربعة كعبا وعامرا وسامة وعوفا.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجال من بني مرة إن شئتم أن ترجعوا إلى نسبكم فارجعوا إليه.
سادات مرة *
قال ابن إسحاق وكان القوم أشرافا في غطفان وهم سادتهم وقادتهم منهم هرم بن سنان بن أبي حارثة بن مرة بن نشبة وخارجة بن سنان بن أبي حارثة والحارث بن عوف والحصين بن الحمام وهاشم بن حرملة الذي يقول له القائل أحيا أباه هاشم بن حرمله %~% يوم الهباآت ويوم اليعمله ترى الملوك عنده مغربله يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له.
مرة والبسل *
قال ابن إسحاق قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها فأقاموا على نسبهم وفيهم كان البسل والبسل فيما يزعمون ثمانية أشهر حرم لهم من كل سنة من بين العرب قد عرفت ذلك لهم العرب لا ينكرونه ولا يدفعونه يسيرون به إلى أي بلاد العرب شاءوا لا يخافون منهم شيئا قال زهير بن أبي سلمى يعني بني مرة.
تأمل فإن تقو المروراة منهم %~% وداراتها لا تقو منهم إذا نخل بلاد بها نادمتهم وألفتهم %~% فإن تقويا منهم فإنهم بسل يقول ساروا في حرمهم.
أولاد كعب وأمهم *
قال ابن إسحاق فولد كعب بن لؤي ثلاثة نفر مرة بن كعب وعدي ابن كعب وهصيص بن كعب وأمهم وحشية بنت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النضر فولد مرة بن كعب ثلاثة نفر كلاب بن مرة وتيم بن مرة ويقظة بن مرة فأم كلاب هند بنت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن فهر بن مالك § ابن النضر بن كنانة بن خزيمة وأم يقظة البارقية امرأة من بارق من الأسد من اليمن ويقال هي أم تيم ويقال تيم لهند بنت سرير أم كلاب.
ولدا كلاب وأمهما *
قال ابن إسحاق فولد كلاب بن مرة رجلين قصي بن كلاب وزهرة بن كلاب وأمهما فاطمة بنت سعد بن سيل أحد بني الجدرة من جعثمة الأزد من اليمن حلفاء في بني الديل بن بكر بن عبد مناف ابن كنانة.
نسب جعثمة *
قال ابن إسحاق ولسعد بن سيل يقول الشاعر ما نرى في الناس شخصا واحدا من علمناه كسعد بن سيل فارسا أضبط فيه عسرة وإذا ما واقف القرن نزل فارسا يستدرج الخيل كما استدرج الحر القطامي الحجل.
أولاد قصي وأمهم *
قال ابن إسحاق فولد قصي بن كلاب أربعة نفر وامرأتين عبد مناف § ابن قصي وعبد الدار بن قصي وعبد العزى بن قصي وعبد قصي بن قصي وتخمر بنت قصي وبرة بنت قصي وأمهم حبي بنت حليل بن حبشية بن سلول ابن كعب بن عمرو الخزاعي.
أولاد عبد مناف وأمهاتهم *
قال ابن إسحاق فولد عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي أربعة نفر هاشم بن عبد مناف وعبد شمس بن عبد مناف والمطلب بن عبد مناف وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة ونوفل بن عبد مناف وأمه واقدة بنت عمرو المازنية مازن بن منصور بن عكرمة.
وحدثني عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال ثم هلكت اعيان بني مناف فأقام عبد شمس بن عبد مناف على ما كان بيد عبد مناف وكان أكبر ولده فأقام عبد شمس بن عبد مناف على ما كان بيد عبد مناف وكان أكبر ولده فأقام أمر بني عبد مناف فلما انتشرت قريش سكان مكة قلت عليهم المياه واشتدت عليهم المؤونة.
إشارة إلى ذكر احتفار زمزم *
قال محمد بن إسحاق المطلبي بينما عبد المطلب بن هاشم نائم في الحجر إذ § أتي فأمر بحفر زمزم وهي دفن بين صنمي قريش إساف ونائلة عند منحر قريش وكانت جرهم دفنتها حين ظعنوا من مكة وهي بئر إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام التي سقاه الله حين ظمئ وهو صغير فالتمست له أمه ماء فلم تجده فقامت إلى الصفا تدعو الله وتستغيثه لإسماعيل ثم أتت المروة ففعلت مثل ذلك وبعث الله تعالى جبريل عليه السلام فهمز له بعقبه في الأرض فظهر الماء وسمعت أمه أصوات السباع فخافتها عليه فجاءت تشتد نحوه فوجدته يفحص بيده عن الماء من تحت خده ويشرب فجعلته حسيا.
أمر جرهم ودفن زمزم *
قال ابن هشام وكان من حديث جرهم ودفنها زمزم وخروجها من مكة ومن ولي أمر مكة بعدها إلى أن حفر عبد المطلب زمزم ما حدثنا به زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال لما توفي إسماعيل بن إبراهيم ولي البيت بعده ابنه نابت بن إسماعيل ما شاء الله أن يليه ثم ولي البيت بعده مضاض بن عمرو الجرهمي.
جرهم وقطوراء وما كان بينهما *
قال ابن إسحاق وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو § وأخوالهم من جرهم وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة وهما ابنا عم وكانا ظعنا من اليمن فأقبلا سيارة وعلى جرهم مضاض بن عمرو وعلى قطوراء السميدع رجل منهم وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر فأعجبهما فنزلا به فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز ونزل السميدع بقطوراء أسفل مكة بأجياد فما حاز فكان مضاض يعثر من دخل مكة من أعلاها وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه ثم إن جرهم وقطوراء بغى بعضهم على بعض وتنافسوا الملك بها ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت وإليه ولاية البيت دون السميدع فسار بعضهم إلى بعض فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان في كتيبته سائرا إلى السميدع ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب يقعقع بذلك معه فيقال ما سمي قعيقعان بقعيقعان إلا لذلك وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال فيقال ما سمي أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه فالتقوا بفاضح واقتتلوا قتالا شديدا فقتل السميدع وفضحت قطوراء فيقال ما سمي فاضح فاضحا إلا لذلك ثم إن القوم تداعوا § إلى الصلح فساروا حتى نزلوا المطابخ شعبا بأعلى مكة واصطلحوا به وأسلموا الأمر إلى مضاض فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له نحر للناس فأطعمهم فاطبخ الناس ويأكلوا فيقال ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ لما كان تبع نحر بها وأطعم وكانت منزله فكان الذي كان بين مضاض والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون ثم نشر الله ولد إسماعيل بمكة وأخوالهم من جرهم ولاة البيت والحكام بمكة لا ينازعهم ولد إسماعيل في ذلك لخؤولتهم وقرابتهم وإعظاما للحرمة أن يكون بها بغي أو قتال فلما ضاقت مكة على ولد إسماعيل انتشروا في البلاد فلا يناوئون قوما إلا أظهرهم الله عليهم بدينهم فوطئوهم ثم إن جرهما بغوا بمكة واستحلوا خلالا من الحرمة فظلموا من دخلها من غير أهلها وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى لها فرق أمرهم فلما رأت بنو بكر بن عبد مناة بن كنانة وغبشان من خزاعة ذلك أجمعوا § لحربهم وإخراجهم من مكة فآذنوهم بالحرب فاقتتلوا فغلبتهم بنو بكر وغبشان فنفوهم من مكة وكانت مكة في الجاهلية لا تقر فيها ظلما ولا بغيا ولا يبغي فيها أحد إلا أخرجته فكانت تسمى الناسة ولا يريدها ملك يستحل حرمتها إلا هلك مكانه فيقال إنها ما سميت ببكة إلا أنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا.
روى الفاكهي بسنده عن ابن إسحاق من طريق عثمان بن ساج ومن طريق @TR1_ZATB@ زياد البكائي عنه خبرا في قدوم جرهم وقطورا إلى مكة وفيها وجرهم وقطورا أول من تكلم بالعربية منهم.
بكة لغة *
قال ابن إسحاق فخرج عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بغزالي الكعبة وبحجر الركن فدفنها في زمزم وانطلق هو ومن معه من جرهم إلى اليمن فحزنوا على ما فارقوا من أمر مكة وملكها حزنا شديدا فقال عمرو بن الحارث بن عمرو بن مضاض في ذلك وليس بمضاض الأكبر وقائلة والدمع سكب مبادر وقد شرقت بالدمع منها المحاجر § كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر فقلت لها والقلب مني كأنما يلجلجه بين الجناحين طائر بلى نحن كنا أهلها فأزالنا صروف الليالي والجدود العواثر وكنا ولاة البيت من بعد نابت نطوف بذاك البيت والخير ظاهر ونحن ولينا البيت من بعد نابت بعز فما يحظى لدينا المكاثر ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا فليس لحي غيرنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته فأبناوه منا ونحن الأصاهر فإن تنثن الدنيا علينا بحالها فإن لها حالا وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة كذلك يا للناس تجري المقادر أقول إذا نام الخلي ولم أنم أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر وبدلت منها أوجها لا أحبها قبائل منها حمير ويحابر وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة بذلك عضتنا السنون الغوابر فسحت دموع العين تبكي لبلدة بها حرم أمن وفيها المشاعر وتبكي لبيت ليس يوذى حمامه يظل به أمنا وفيه العصافر § وفيه وحوش لا ترام أنيسة إذا خرجت منه فليست تغادر.
قال ابن إسحاق وقال عمرو بن الحارث أيضا يذكر بكرا وغبشان وساكني مكة الذين خلفوا فيها بعدهم يا أيها الناس سيروا إن قصركم أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا حثوا المطي وأرخوا من أزمتها قبل الممات وقضوا ما تقضونا كنا أناسا كما كنتم فغيرنا دهر فأنتم كما كنا تكونونا.
استبداد قوم من خزاعة بولاية البيت *
قال ابن إسحاق ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت دون بني بكر بن عبد مناة وكان الذي يليه منهم عمرو بن الحارث الغبشاني وقريش إذ ذاك حلول وصرم وبيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم حليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
حدثنا عبد الله بن عمران المخزومي قال حدثنا سعيد بن سالم قال قال عثمان يعني ابن ساج أخبرني محمد بن اسحاق وحدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن اسحاق يزيد أحدهما على صاحبه في اللفظ قال ثم إن غبشان من خزاعة وليت البيت من بعد جرهم دون بكر بن كنانة فكانت بكر لهم عضدا وناصرا ممن بغى عليهم وقد حاربتهم وقريش إذ ذاك حلول وأضرام وهم بيوتات متفرقون في قومهم من بني كنانة وكان الذي يلي البيت من غبشان عمرو بن الحارث بن لؤي بن ملكان بن قصي وهو الذي يقول نحن وليناه فلم نغشه وابن مضاض قائم يهشه يأخذ ما يهدى له يعسه نترك مال الله لا نمسه وقال أيضا نحن ولينا البيت بعد جرهم لنمنعه من كل باغ وظالم ونمنعه من كل باغ يريده فيرجع منا عنده غير سالم ونحفظ حق الله فيه وعهدنا ونمنعه من كل باغ وآثم ونترك ما يهدى له لا نمسه نخاف عقاب الله عند المحارم وكيف نريد الظلم فيه وربنا بصير بأمر الظلم من كل غاشم فوالله لا ينفك يحفظ أمره ويعمره ما حج أهل المواسم ونحن نفينا جرهما عن بلادهما إلى بلدة فيها صنوف المآثم قال فوليت خزاعة البيت زمانا طويلا وهم أخرجوا إسافا ونائلة من الكعبة فوضعوهما على زمزم § ذكر أن قيس عيلان أرادت اخراج خزاعة من الحرم فلم يتم لهم ذلك.
تزوج قصي بن كلاب حبى بنت حليل *
قال ابن إسحاق ثم إن قصي بن كلاب خطب إلى حليل بن حبشية ابنته حبى فرغب فيه حليل فزوجه فولدت له عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى وعبدا فلما انتشر ولد قصي وكثر ماله وعظم شرفه هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر وأن قريشا قرعة إسماعيل بن إبراهيم وصريح ولده فكلم رجالا من قريش وبني كنانة § ودعاهم إلى إخراج خزاعة وبني بكر من مكة فأجابوه وكان ربيعة بن حرام من عذرة بن سعد بن زيد قد قدم مكة بعد هلك كلاب فتزوج فاطمة بنت سعد بن سيل وزهرة يومئذ رجل وقصي فطيم فاحتملها إلى بلاده فحملت قصيا معها وأقام زهرة فولدت لربيعة رزاحا فلما بلغ قصي وصار رجلا أتى مكة فأقام بها فلما أجابه قومه إلى ما دعاهم إليه كتب إلى أخيه من أمه رزاح بن ربيعة يدعوه إلى نصرته والقيام معه فخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته حن بن ربيعة ومحمود بن ربيعة وجلهمة بن ربيعة وهم لغير فاطمة فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب وهم مجمعون لنصرة قصي وخزاعة تزعم أن حليل بن حبشية أوصى بذلك قصيا وأمره به حين انتشر له من ابنته من الولد ما انتشر وقال أنت أولى بالكعبة وبالقيام عليها وبأمر مكة من خزاعة فعند ذلك طلب قصي ما طلب ولم نسمع ذلك من غيرهم فالله أعلم أي ذلك كان § وكان الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر يلي الإجازة للناس بالحج من عرفة وولده من بعده وكان يقال له ولولده صوفة وإنما ولي ذلك الغوث بن مر لأن أمه كانت امرأة من جرهم وكانت لا تلد فنذرت لله إن هي ولدت رجلا أن تصدق به على الكعبة عبدا لها يخدمها ويقوم عليها فولدت الغوث فكان يقوم على الكعبة في الدهر الأول مع أخواله من جرهم فولي الإجازة بالناس من عرفة لمكانه الذي كان به من الكعبة وولده من بعده حتى انقرضوا فقال مر بن أد لوفاء نذر أمه إني جعلت رب من بييه %~% ربيطة بمكة العليه فباركن لي بها أليه واجعله لي من صالح البريه وكان الغوث بن مر فيما زعموا إذا دفع بالناس قال لا هم إني تابع تباعه إن كان إثم فعلى قضاعه.
قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كانت صوفة تدفع بالناس من عرفة وتجيز بهم إذا نفروا من منى فإذا كان يوم النفر أتوا لرمي الجمار ورجل من صوفة يرمي للناس لا يرمون حتى يرمي فكان ذوو الحاجات المتعجلون يأتونه فيقولون له قم فارم حتى نرمي معك فيقول لا والله حتى تميل الشمس فيظل ذوو الحاجات الذين يحبون التعجل يرمونه بالحجارة ويستعجلونه بذلك ويقولون له ويلك قم فارم فيأبى عليهم حتى إذا مالت الشمس قام فرمى ورمى الناس معه.
تولي بني سعد أمر البيت بعد صوفة *
قال ابن إسحاق فإذا فرغوا من رمي الجمار وأرادوا النفر من منى أخذت صوفة بجانبي العقبة فحبسوا الناس وقالوا أجيرى صوفة فلم يجز أحد من الناس حتى يمروا فإذا نفرت صوفة ومضت خلي سبيل الناس فانطلقوا بعدهم فكانوا كذلك حتى انقرضوا فورثهم ذلك من بعدهم بالقعدد بنو سعد بن زياد مناة بن تميم وكانت من بني سعد في آل صفوان بن الحارث بن شجنة.
صفوان وكرب والإجازة في الحج *
قال ابن إسحاق وكان صفوان هو الذي يجيز للناس بالحج من عرفة ثم بنوه من بعده حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام كرب بن صفوان وقال أوس بن تميم بن مغراء السعدي لا يبرح الناس ما حجوا معرفهم حتى يقال أجيزوا آل صفوانا.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله § عن ابن إسحاق قال قال هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم يعني في اللقاء بمنى البحر الطويل تحدثنا أسماء أن سوف نلتقي أحاديث طسم أمها أم هايل تحدثنا أن اللقاء على منى وهل من تلاق بيننا دون قابل.
ما كانت عليه عدوان من إفاضة المزدلفة *
وأما قول ذي الإصبع العدواني واسمه حرثان من عدوان بن عمرو وإنما سمي ذا الإصبع لأنه كان له إصبع فقطعها عذير الحي من عدوان كانوا حية الأرض بغى بعضهم ظلما فلم يرع على بعض ومنهم كانت السادات والموفون بالقرض ومنهم من يجيز الناس بالسنة والفرض ومنهم حكم يقضي فلا ينقض ما يقضي § وهذه الأبيات في قصيدة له فلأن الإفاضة من المزدلفة كانت في عدوان فيما حدثني زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم الذي قام عليه الإسلام أبو سيارة عميلة بن الأعزل ففيه يقول شاعر من العرب نحن دفعنا عن أبي سياره وعن مواليه بني فزاره حتى أجاز سالما حماره مستقبل القبلة يدعو جاره قال وكان أبو سيارة يدفع بالناس على أتان له فلذلك يقول سالما حماره.
أمر عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان *
قال ابن إسحاق وقوله حكم يقضي يعني عامر بن ظرب بن عمرو بن عياذ بن يشكر بن عدوان العدواني وكانت العرب لا يكون بينها نائرة ولا عضلة في قضاء إلا أسندوا ذلك إليه ثم رضوا بما قضى فيه فاختصم إليه في بعض ما كانوا يختلفون فيه في رجل خنثى له ما للرجل وله ما للمرأة فقالوا أتجعله رجلا أو امرأة ولم يأتوه بأمر كان أعضل منه فقال حتى أنظر في أمركم فو الله ما نزل بي مثل هذه منكم يا معشر العرب فاستأخروا عنه فبات ليلته ساهرا يقلب أمره وينظر في شأنه لا يتوجه له منه وجه وكانت له جارية يقال لها سخيلة ترعى عليه غنمه وكان يعاتبها إذا سرحت فيقول صبحت والله § يا سخيل وإذا أراحت عليه قال مسيت والله يا سخيل وذلك أنها كانت تؤخر السرح حتى يسبقها بعض الناس وتؤخر الإراحة حتى يسبقها بعض فلما رأت سهره وقلة قراره على فراشه قالت ما لك لا أبا لك ما عراك في ليلتك هذه قال ويلك دعيني أمر ليس من شأنك ثم عادت له بمثل قولها فقال في نفسه عسى أن تأتي مما أنا فيه بفرج فقال ويحك اختصم إلي في ميراث خنثى أأجعله رجلا أو امرأة فو الله ما أدري ما أصنع وما يتوجه لي فيه وجه قال فقالت سبحان الله لا أبا لك أتبع القضاء المبال أقعده فإن بال من حيث يبول الرجل فهو رجل وإن بال من حيث تبول المرأة فهي امرأة قال مسي سخيل بعدها أو صبحي فرجتها والله ثم خرج على الناس حين أصبح فقضى بالذي أشارت عليه به.
غلب قصي بن كلاب على أمر مكة وجمعه أمر قريش ومعونة قضاعة له *
قال ابن إسحاق فلما كان ذلك العام فعلت صوفة كما كانت تفعل وقد عرفت ذلك لها العرب وهو دين في أنفسهم في عهد جرهم وخزاعة وولايتهم فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقضاعة عند العقبة فقال لنحن أولى بهذا منكم فقاتلوه فاقتتل الناس قتالا شديدا ثم انهزمت صوفة وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي وعرفوا أنه سيمنعهم كما منع صوفة وأنه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة فلما انحازوا عنه باداهم § وأجمع لحربهم وثبت معه أخوه رزاح بن ربيعة بمن معه من قومه من قضاعة وخرجت له خزاعة وبنو بكر فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا بالأبطح حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعا ثم إنهم تداعوا إلى الصلح وإلى أن يحكموا بينهم رجلا من العرب فحكموا يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فقضى بينهم بأن قصيا أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وأن كل دم أصابه قصي من خزاعة وبني بكر موضوع يشدخه تحت قدميه وأن ما أصابت خزاعة وبنو بكر من قريش وكنانة وقضاعة ففيه الدية مؤداة وأن يخلى بين قصي وبين الكعبة ومكة فسمي يعمر بن عوف يومئذ الشداخ لما شدخ من الدماء ووضع منها.
قصي أميرا على مكة وسبب تسميته مجمعا *
قال ابن إسحاق فولي قصي البيت وأمر مكة وجمع قومه من منازلهم إلى مكة وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه وذلك أنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغي تغييره فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه فكانت § إليه الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء فحاز شرف مكة كله وقطع مكة رباعا بين قومه فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم فقطعها قصي بيده وأعوانه فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها وتيمنت بأمره فما تنكح امرأة ولا يتزوج رجل من قريش وما يتشاورون في أمر نزل بهم ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره يعقده لهم بعض ولده وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه ثم ينطلق بها إلى أهلها فكان أمره في قومه من قريش في حياته ومن بعد موته كالدين المتبع لا يعمل بغيره واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة ففيها كانت قريش تقضي أمورها.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه قال سمعت السائب ابن خباب صاحب المقصورة يحدث أنه سمع رجلا يحدث عمر بن الخطاب وهو خليفة حديث قصي بن كلاب وما جمع من أمر قومه وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة وولايته البيت وأمر مكة فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره.
شعر رزاح في نصرته قصيا ورد قصي عليه *
قال ابن إسحاق فلما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه من قومه وقال رزاح في إجابته قصيا لما أتى من قصي رسول فقال الرسول أجيبوا الخليلا نهضنا إليه نقود الجياد ونطرح عنا الملول الثقيلا نسير بها الليل حتى الصباح ونكمي النهار لئلا نزولا فهن سراع كورد القطا يجبن بنا من قصي رسولا جمعنا من السر من أشمذين ومن كل حي جمعنا قبيلا فيا لك حلبة ما ليلة تزيد على الألف سببا رسيلا فلما مررن على عسجد وأسهلن من مستناخ سبيلا § وجاوزن بالركن من ورقان وجاوزن بالعرج حيا حلولا مررن على الحل ما ذقنه وعالجن من مر ليلا طويلا ندني من العوذ أفلاءها إرادة أن يسترقن الصهيلا فلما انتهينا إلى مكة أبحنا الرجال قبيلا قبيلا نعاورهم ثم حد السيوف وفي كل أوب خلسنا العقولا نخبزهم بصلاب النسور خبز القوي العزيز الذليلا قتلنا خزاعة في دارها وبكرا قتلنا وجيلا فجيلا § نفيناهم من بلاد المليك كما لا يحلون أرضا سهولا فأصبح سبيهم في الحديد ومن كل حي شفينا الغليلا وقال ثعلبة بن عبد الله بن ذبيان بن الحارث بن سعد هذيم القضاعي في ذلك من أمر قصي حين دعاهم فأجابوه جلبنا الخيل مضمرة تغالي من الأعراف أعراف الجناب إلى غورى تهامة فالتقينا من الفيفاء في قاع يباب فأما صوفة الخنثى فخلوا منازلهم محاذرة الضراب وقام بنو علي إذ رأونا إلى الأسياف كالإبل الطراب وقال قصي بن كلاب أنا ابن العاصمين بني لؤي بمكة منزلي وبها ربيت إلى البطحاء قد علمت معد ومروتها رضيت بها رضيت فلست لغالب إن لم تأثل بها أولاد قيذر والنبيت رزاح ناضري وبه أسامي فلست أخاف ضيما ما حييت فلما استقر رزاح بن ربيعة في بلاده نشره الله ونشرحنا فهما قبيلا عذرة اليوم وقد كان بين رزاح بن ربيعة حين قدم بلاده وبين نهد بن زيد وحوتكة بن أسلم وهما بطنان من قضاعة شيء فأخافهم حتى لحقوا باليمن وأجلوا من بلاد قضاعة فهم اليوم باليمن فقال قصي بن كلاب وكان يحب قضاعة ونماءها واجتماعها ببلادها لما بينه وبين رزاح من الرحم ولبلائهم عنده إذ أجابوه إذ دعاهم إلى نصرته وكره ما صنع بهم رزاح ألا من مبلغ عني رزاحا فإني قد لحيتك في اثنتين لحيتك في بني نهد بن زيد كما فرقت بينهم وبيني وحوتكة بن أسلم إن قوما عنوهم بالمساءة قد عنوني.
ما آثر به قصي عبد الدار *
قال ابن إسحاق فلما كبر قصي ورق عظمه وكان عبد الدار بكره وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه وذهب كل مذهب وعبد العزى وعبد قال قصي لعبد الدار أما والله يا بني لألحقنك بالقوم وإن كانوا قد شرفوا عليك لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تكون أنت تفتحها له ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك ولا يشرب أحد بمكة إلا من سقايتك ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك ولا تقطع قريش § أمرا من أمورها إلا في دارك فأعطاه داره دار الندوة التي لا تقضي قريش أمرا من أمورها إلا فيها وأعطاه الحجابة واللواء والسقاية والرفاة وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب فيصنع به طعاما للحاج فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد وذلك أن قصيا فرضه على قريش فقال لهم حين أمرهم به يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل الحرم وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق الضيف بالكرامة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم ففعلوا فكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا فيدفعونه إليه فيصنعه طعاما للناس أيام منى فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام ثم جرى في الإسلام إلى يومك هذا فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس حتى ينقضي الحج.
قال ابن إسحاق حدثني بهذا من أمر قصي بن كلاب وما قال لعبد الدار فيما دفع إليه مما كان بيده أبي إسحاق بن يسار عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال سمعته يقول ذلك لرجل من بني عبد الدار يقال له نبيه بن وهب بن عامر بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي قال الحسن فجعل إليه قصي كل ما كان بيده من أمر قومه وكان قصي لا يخالف ولا يرد عليه شيء صنعه.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال وعمرت قريش بمكة هم ساكنوها ومنازلها لهم صالحا ذات بينهم ما شاء الله أن يعمروها وكانت مكة تسمى في الجاهلية البساسة لأنها كانت تبس من بغى فيها حتى تخرجه منها § ويقال إنما سميت بكة لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة وكان فيما يزعمون لا يدخلها ملك فيحدث فيها حدثا إلا أصبح وعنقه مكسورة ولا يحدث محدث إلا بسته من الحرم حتى تخرجه إلى الحل وقال شاعر بني تميم في البك بمكة البحر الرجز يا مكة الفاجر مكي مكا ولا تمكي مذحجا وعكا وقال آخر في مكة البحر الرمل أبصروا ثم كثيرا مولما وأياما في شعوب الحاطمة دمع العين عليه هاطل لرجوع الداء فيه الآكلة.
ذكر ما جرى من اختلاف قريش بعد قصي وحلف المطيبين *
قال ابن إسحاق ثم إن قصي بن كلاب هلك فأقام أمره في قومه وفي غيرهم بنوه من بعده فاختطوا مكة رباعا بعد الذي كان قطع § لقومه بها فكانوا يقطعونها في قومهم وفي غيرهم من حلفائهم ويبيعونها فأقامت على ذلك قريش معهم ليس بينهم اختلاف ولا تنازع ثم إن بني عبد مناف ابن قصي عبد شمس وهاشما والمطلب ونوفلا أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي مما كان قصي جعل إلى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ورأوا أنهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم فتفرقت عند ذلك قريش فكانت طائفة مع بني عبد مناف على رأيهم يرون أنهم أحق به من بني عبد الدار لمكانهم في قومهم وكانت طائفة مع بني عبد الدار يرون أن لا ينزع منهم ما كان قصي جعل إليهم فكان صاحب أمر بني عبد مناف عبد شمس بن عبد مناف وذلك أنه كان أسن بني عبد مناف وكان صاحب أمر بني عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار فكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة بن كعب وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر مع بني عبد مناف وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو عدي بن كعب مع بني عبد الدار وخرجت عامر بن لؤي ومحارب بن فهر فلم يكونوا مع واحد من الفريقين فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة § فأخرج بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فيزعمون أن بعض نساء بني عبد مناف أخرجتها لهم فوضعوها لأحلافهم في المسجد عند الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها فتعاقدوا وتعاهدوا هم وحلفاؤهم ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا على أنفسهم فسموا المطيبين وتعاقد بنو عبد الدار وتعاهدوا هم وحلفاؤهم عند الكعبة حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا فسموا الأحلاف ثم سوند بين القبائل ولز بعضها ببعض فعبيت بنو عبد مناف لبني سهم وعبيت بنو أسد لبني عبد الدار وعبيت زهرة لبني جمح وعبيت بنو تيم لبني مخزوم وعبيت بنو الحارث بن فهر لبني عدي بن كعب ثم قالوا لتفن كل قبيلة من أسند إليها فبينا الناس على ذلك قد أجمعوا للحرب إذ تداعوا إلى الصلح على أن يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفادة وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت ففعلوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك وتحاجز الناس عن الحرب وثبت كل قوم مع من حالفوا فلم يزالوا على ذلك حتى جاء الله تعالى بالإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال ثم إن بني عبد مناف وعبد شمس وهاشم والمطلب أن إختلفوا ثم إن بني عبد مناف أجمعوا على أن يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قصي من الحجابة والسقاية والرفادة فتفرقت عند ذلك قريش فكانت طائفة مع بني عبد مناف في رأيهم يرون أنهم أحق بذلك من بني عبد الدار وكانت طائفة مع بني عبد الدار لا يرون أن يغير عنهم ما كان قصي جعل إليهم فكان صاحب أمر بني عبد مناف عبد الشمس بن عبد مناف وذلك أنه أسن بني عبد مناف وكان صاحب أمر بني عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار وكان بنو أسد بن عبد العزى بن قصي وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم بن مرة بن كعب وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر مع بني عبد مناف وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب وبنو جمح بن عمرو بن هصيص وبنو عدي بن كعب مع بني عبد الدار وخرجت عامر بن لؤي ومحارب بن فهر فلم يكونوا مع واحد من الفريقين فعقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا ولا يسلم بعضهم بعضا ما بل بحر صوفة فأخرجت عاتكة بنت عبد المطلب طيبا فوضعته لأحلافهم ثم غمس القوم فيه حين تعاقدوا وتعاهدوا ثم مسحوا بها الكعبة فسموا حلف المطيبين.
وحدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال فلما هلك قصي أقام عبد مناف على أمر قريش وهو أقام أمرهم بعده واختط بمكة رباعا بعد الذي كان قصي قطع لقومه فكان يعطيها في قريش وفي غيرهم وهو عقد حلف الأحابيش والأحابيش عضل والقارة ودوس ورعل رهط سفيان بن عوف والحليس بن زيد وخالد بن عبيد بن أبي فايض بن خالد ذكر تقسيم ما كان بيد قصي على أولاده من بعده.
حلف الفضول *
قال ابن هشام وأما حلف الفضول فحدثني @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي لشرفه وسنه فكان حلفهم عنده بنو هاشم وبنو المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة ابن كلاب وتيم بن مرة فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من § أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
ما قد ذكره محمد بن إسحاق § كما حدثنا أبو الرواد عبد الله بن عبد السلام حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام حدثني @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال وأما حلف الفضول فإن قبائل من قريش اجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان بنو هاشم وبنو المطلب وأسد بن عبد العزى وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة فتعاقدوا وتحالفوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها ومن غيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى يردوا عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول وكان أهله المذكورون في هذا الحديث مطيبين جميعا لأنهم من المطيبين الذين كانوا في الحلف الأول الذي ذكرناه منهم فكان قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رويناه شهدت مع عمومتي حلف المطيبين هو حلف الفضول الذي تحالفه المطيبون وهم هؤلاء النفر الذين كانوا في § الحلف الأول الذي لم يشهده رسول الله صلى الله عليه وسلم فبان بحمد الله أن ذلك الحديث لم يكن بمخالف إذ كان له هذا الوجه الذي قد ذكرناه.
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلف الفضول *
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمي أنه سمع طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت.
نازع الحسين الوليد في حق وهدد بالدعوة إلى حلف الفضول *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي أن محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وبين الوليد ابن عتبة بن أبي سفيان والوليد يومئذ أمير على المدينة أمره عليها عمه معاوية § ابن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة فكان الوليد تحامل على الحسين رضي الله عنه في حقه لسلطانه فقال له الحسين أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول قال فقال عبد الله بن الزبير وهو عند الوليد حين قال الحسين رضي الله عنه ما قال وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا قال فبلغت المسور ابن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي.
كما حدثنا أبو الرواد حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي أن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي حدثه أنه كان بين الحسين بن علي وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان منازعة في مال كان بينهما بذي المروة فكان الوليد يتحامل على الحسين بن علي § بسلطانه في حقه فقال الحسين بن علي أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول فقال عبد الله بن الزبير وهو عند الوليد حين قال الحسين ما قال وأنا أحلف بالله لئن دعا بها لآخذن سيفي ولأقومن عنده ومعه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبد الله يعني التيمي فقال مثل ذلك فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي ولم يكن دخل في ذلك الحلف بنو عبد شمس ولا بنو نوفل ولا بنو الحارث بن فهر وهم من أهل الحلف الأول.
سأل عبد الملك محمد بن جبير عن عبد شمس وبني نوفل ودخولهما في حلف الفضول فأخبره بخروجهما منه *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي قال قدم محمد بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان محمد ابن جبير أعلم قريش على عبد الملك بن مروان بن الحكم حين قتل ابن الزبير واجتمع الناس على عبد الملك فلما دخل عليه قال له يا أبا سعيد ألم نكن نحن وأنتم يعني بني عبد شمس بن عبد مناف وبني نوفل بن عبد مناف في حلف الفضول قال أنت أعلم قال عبد الملك لتخبرني يا أبا سعيد بالحق من ذلك فقال لا والله لقد خرجنا نحن وأنتم منه قال صدقت. تم خبر حلف الفضول.
ولاية هاشم الرفادة والسقاية وما كان يصنع إذا قدم الحاج *
قال ابن إسحاق فولي الرفادة والسقاية هاشم بن عبد مناف وذلك أن عبد شمس كان رجلا سفارا قلما يقيم بمكة وكان مقلا ذا ولد وكان هاشم موسرا فكان فيما يزعمون إذا حضر الحاج قام في قريش فقال يا معشر § قريش إنكم جيران الله وأهل بيته وإنه يأتيكم في هذا الموسم زوار الله وحجاج بيته وهم ضيف الله وأحق الضيف بالكرامة ضيفه فاجمعوا لهم ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بد لهم من الإقامة بها فإنه والله لو كان مالي يسع لذلك ما كلفتكموه فيخرجون لذلك خرجا من أموالهم كل امرئ بقدر ما عنده فيصنع به للحجاج طعاما حتى يصدروا منها وكان هاشم فيما يزعمون أول من سن الرحلتين لقريش رحلتي الشتاء والصيف وأول من أطعم الثريد بمكة وإنما كان اسمه عمرا فما سمي هاشما إلا بهشمه الخبر بمكة لقومه فقال شاعر من قريش أو من بعض العرب عمرو الذي هشم الثريد لقومه قوم بمكة مسنتين عجاف سنت إليه الرحلتان كلاهما سفر الشتاء ورحلة الأصياف.
حدثنا محمد بن موسي الحرشي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله حدثنا محمد بن إسحاق عن حميد عن أنس قال كان أسامة بن زيد مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو غلام فرأى سهيل بن عمرو فقال يا أبتاه أليس هذا الذي كان يطعمنا الثريد بمكة فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه.
ولاية المطلب الرفادة والسقاية *
قال ابن إسحاق ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجرا فولي السقاية والرفادة من بعده المطلب بن عبد مناف وكان أصغر من عبد شمس وهاشم وكان ذا شرف في قومه وفضل وكانت قريش إنما تسميه الفيض لسماحته وفضله وكان هاشم بن عبد مناف قدم المدينة فتزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي ابن النجار وكانت قبله عند أحيحة بن الجلاح بن الحريش. قال ابن هشام ويقال الحريس ابن جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس فولدت له عمرو بن أحيحة وكانت لا تنكح الرجال لشرفها في قومها حتى يشترطوا لها أن أمرها بيدها إذا كرهت رجلا فارقته فولدت لهاشم عبد المطلب فسمته شيبة فتركه هاشم عندها حتى كان وصيفا أو فوق ذلك ثم خرج إليه عمه المطلب ليقبضه فيلحقه ببلده وقومه فقالت له سلمى لست بمرسلته معك فقال لها المطلب إني غير منصرف حتى § أخرج به معي إن ابن أخي قد بلغ وهو غريب في غير قومه ونحن أهل بيت شرف في قومنا نلي كثيرا من أمورهم وقومه وبلده وعشيرته خير له من الإقامة في غيرهم أو كما قال وقال شيبة لعمه المطلب فيما يزعمون لست بمفارقها إلا أن تأذن لي فأذنت له ودفعته إليه فاحتمله فدخل به مكة مردفه معه على بعيره فقالت قريش عبد المطلب ابتاعه فبها سمي شيبة عبد المطلب فقال المطلب ويحكم إنما هو ابن أخي هاشم قدمت به من المدينة ثم هلك المطلب بردمان من أرض اليمن فقال رجل من العرب يبكيه قد ظمئ الحجيج بعد المطلب بعد الجفان والشراب المنثعب ليت قريشا بعده على نصب وقال مطرود بن كعب الخزاعي يبكي المطلب وبني عبد مناف جميعا حين أتاه نعي نوفل بن عبد مناف وكان نوفل آخرهم هلكا يا ليلة هيجت ليلاتي إحدى ليالي القسيات وما أقاسي من هموم وما عالجت من رزء المنيات إذا تذكرت أخي نوفلا ذكرني بالأوليات ذكرني بالأزر الحمر و الأردية الصفر القشيبات أربعة كلهم سيد أبناء سادات لسادات ميت بردمان وميت بسلمان وميت عند غزات § وميت أسكن لحدا لدى المحجوب شرقي البنيات أخلصهم عبد مناف فهم من لوم من لام بمنجاة إن المغيرات وأبناءها من خير أحياء وأموات وكان اسم عبد مناف المغيرة وكان أول بني عبد مناف هلكا هاشم بغزة من أرض الشام ثم عبد شمس بمكة ثم المطلب بردمان من أرض اليمن ثم نوفلا بسلمان من ناحية العراق فقيل لمطرود فيما يزعمون لقد قلت فأحسنت ولو كان أفحل مما قلت كان أحسن فقال أنظرني ليالي فمكث أياما ثم قال يا عين جوى وأذري الدمع وانهمري وابكي على السر من كعب المغيرات يا عين واسحنفري بالدمع واحتفلي وابكي خبيئة نفسي في الملمات وابكي على كل فياض أخي ثقة ضخم الدسيعة وهاب الجزيلات محض الضريبة عالي الهم مختلق جلد النحيزة ناء بالعظيمات صعب البديهة لا نكس ولا وكل ماضي العزيمة متلاف الكريمات § صقر توسط من كعب إذا نسبوا بحبوحة المجد والشم الرفيعات ثم اندبي الفيض والفياض مطلبا واستخرطي بعد فيضات بجمات أمسى بردمان عنا اليوم مغتربا يا لهف نفسي عليه بين أموات وابكي لك الويل إما كنت باكية لعبد شمس بشرقي البنيات وهاشم في ضريح وسط بلقعة تسفى الرياح عليه بين غزات ونوفل كان دون القوم خالصتي أمسى بسلمان في رمس بموماة لم ألق مثلهم عجما ولا عربا إذا استقلت بهم أدم المطيات أمست ديارهم منهم معطلة وقد يكونون زينا في السريات أفناهم الدهر أم كلت سيوفهم أم كل من عاش أزواد المنيات أصبحت أرضى من الأقوام بعدهم بسط الوجوه وإلقاء التحيات يا عين فابكي أبا الشعث الشجيات يبكينه حسرا مثل البليات § يبكين أكرم من يمشي على قدم يعولنه بدموع بعد عبرات يبكين شخصا طويل الباع ذا فجر آبي الهضيمة فراج الجليلات يبكين عمرو العلا إذ حان مصرعه سمح السجية بسام العشيات يبكينه مستكينات على حزن يا طول ذلك من حزن وعولات يبكين لما جلاهن الزمان له خضر الخدود كأمثال الحميات محتزمات على أوساطهن لما جر الزمان من أحداث المصيبات أبيت ليلي أراعي النجم من ألم أبكي وتبكي معي شجوي بنياتي ما في القروم لهم عدل ولا خطر ولا لمن تركوا شروى بقبات أبناؤهم خير أبناء وأنفسهم خير النفوس لدى جهاد الأليات كم وهبوا من طمر سابح أرن ومن طمرة نهب في طمرات ومن سيوف من الهندي مخلصة ومن رماح كأشطان الركيات ومن توابع مما يفضلون بها عند المسائل من بذل العطيات فلو حسبت وأحصى الحاسبون معي لم أقض أفعالهم تلك الهنيات هم المدلون إما معشر فخروا عند الفخار بأنساب نقيات زين البيوت التي خلوا مساكنها فأصبحت منهم وحشا خليات § أقول والعين لا ترقى مدامعها لا يبعد الله أصحاب الرزيات.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال ولي السقاية والرفادة بعد المطلب بن عبد مناف عبد المطلب بن هاشم وتزعم بنو أسد أن الحويرث ابن أسد قد ولي الرفادة في بعض الزمان وقد كانت بنو أسد تقول ذلك ولم يسمع ذلك بتاتا.
ولاية عبد المطلب السقاية والرفادة *
قال ثم ولي عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب فأقامها للناس وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من أمرهم وشرف في قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه وأحبه قومه وعظم خطره فيهم ثم إن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر إذ أتي فأمر بحفر زمزم.
قال ابن إسحاق وكان أول ما ابتدئ به عبد المطلب من حفرها كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله § ابن زرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها قال قال عبد المطلب إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال احفر طيبة قال قلت وما طيبة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر برة قال وما برة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر المضنونة قال فقلت وما المضنونة قال ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني فقال احفر زمزم قال قلت وما زمزم قال لا تنزف أبدا ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل.
عبد المطلب وابنه الحارث وما كان بينهما وبين قريش عند حفرهما زمزم *
قال ابن إسحاق فلما بين له شأنها ودل على موضعها وعرف أنه صدق غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب ليس له يومئذ ولد § غيره فحفر فيها فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها قال ما أنا بفاعل إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم فقالوا له فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها قال فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني سعد هذيم قال نعم قال وكانت بأشراف الشام فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف وركب من كل قبيلة من قريش نفر قال والأرض إذ ذاك مفاوز قال فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب وأصحابه فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم وقالوا إنا بمفازة ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم وما يتخوف على نفسه وأصحابه قال ماذا ترون قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا بما شئت قال فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن من القوة فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا قالوا نعم ما أمرت به فقام كل واحد منهم فحفر حفرته ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نضرب في الأرض ولا نبتغي لأنفسنا لعجز فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارتحلوا فارتحلوا حتى إذا فرغوا ومن معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر § عبد المطلب وكبر أصحابه ثم نزل فشرب وشرب أصحابه واستقوا حتى ملئوا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش فقال هلم إلى الماء فقد سقانا الله فاشربوا واستقوا فجاءوا فشربوا واستقوا ثم قالوا قد والله قضي لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخاصمك في زمزم أبدا إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه ولم يصلوا إلى الكاهنة وخلوا بينه وبينها.
قال ابن إسحاق فهذا الذي بلغني من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمزم وقد سمعت من يحدث عن عبد المطلب أنه قيل له حين أمر بحفر زمزم ثم ادع بالماء الروى غير الكدر يسقي حجيج الله في كل مبر ليس يخاف منه شيء ما عمر فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش فقال تعلموا أني قد أمرت أن أحفر لكم زمزم فقالوا فهل بين لك أين هي قال لا قالوا فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت فإن يك حقا من الله يبين لك وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك فرجع عبد المطلب إلى مضجعه فنام فيه فأتي فقيل له احفر زمزم إنك إن حفرتها لم تندم وهي تراث من أبيك الأعظم لا تنزف أبدا ولا تذم تسقي الحجيج الأعظم مثل نعام حافل لم يقسم ينذر فيها ناذر لمنعم تكون ميراثا وعقدا محكم ليست كبعض ما قد تعلم وهي بين الفرث والدم.
قال ابن إسحاق فزعموا أنه حين قيل له ذلك قال وأين هي قيل له عند قرية النمل حيث ينقر الغراب غدا والله أعلم أي ذلك كان فعدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث وليس له يومئذ ولد غيره فوجد قرية النمل ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين إساف ونائلة اللذين كانت قريش تنحر عندهما ذبائحها فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر فقامت إليه قريش حين رأوا جده فقالوا والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما فقال عبد المطلب لابنه الحارث ذد عني حتى أحفر فو الله لأمضين لما أمرت به فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر وكفوا عنه فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطي فكبر وعرفوا أنه قد صدق فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالين من ذهب وهما الغزالان اللذان دفنت جرهم فيها حين خرجت من مكة ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعا فقالت له قريش يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق قال لا ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم نضرب عليها بالقداح قالوا وكيف تصنع قال § أجعل للكعبة قدحين ولي قدحين ولكم قدحين فمن خرج له قدحاه على شيء كان له ومن تخلف قدحاه فلا شيء له قالوا أنصفت فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين لعبد المطلب وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطوا القداح صاحب القداح الذي يضرب بها عند هبل وهبل صنم في جوف الكعبة وهو أعظم أصنامهم وهو الذي يعني أبو سفيان ابن حرب يوم أحد حين قال أعل هبل أي أظهر دينك وقام عبد المطلب يدعو الله عز وجل فضرب صاحب القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة وخرج الأسودان على الأسياف والأدراع لعبد المطلب وتخلف قدحا قريش فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة وضرب في الباب الغزالين من ذهب فكان أول ذهب حليته الكعبة فيما يزعمون ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج قال ابن هشام وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال § حفر عبد شمس بن عبد مناف الطوي وهي البئر التي بأعلى مكة عند البيضاء دار محمد بن يوسف الثقفي وحفر هاشم بن عبد مناف بذر وهي البئر التي عند المستنذر خطم الخندمة على فم شعب أبي طالب وزعموا أنه قال حين حفرها لأجعلنها بلاغا للناس.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني ثم الحميري عن عبد الله § بن أبي رزين عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه بنحو خبر علي الأول وعن ابن إسحاق من قوله نحو ذلك قال ابن إسحاق ويقال فيما يتحدث عن زمزم وزاد فيه وجد فيها غزالين من ذهب وهما الغزالان اللذان كانت جرهم دفنتهما حين أخرجت من مكة ووجدوا أيضا أسيافا مع الغزالين فقالت قريش لنا معك يا عبد المطلب في هذا شرك وحق قال لا ولكن هلم إلى النصف بيني وبينكم أضرب عليها القداح قالوا وكيف تصنع قال أجعل للكعبة قدحين ولي قدحين ولكم قدحين ثم أضرب فمن خرج له شيء كان له فقالوا أنصفت قد رضينا فجعل قدحين أصفرين للكعبة وقدحين أسودين لعبد المطلب وقدحين أبيضين لقريش ثم أعطوهما رجلا يضرب بها فقام عبد المطلب يدعو ويقول البحر الرجز اللهم أنت الملك المحمود وأنت ربي المبدي المعيد وممسك الراسية الجلمود من عندك الطارف والتليد إن شئت ألهمت لما تريد بموضع الحلية والحديد إني نذرت عاهد العهود فاجعله يا رب فلا أعود قال وضرب صاحب القداح فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة فضربهما عبد المطلب في باب الكعبة فكان أول ذهب حليته الكعبة وخرج الأسودان على السيوف لعبد المطلب فأخذها وكانت قريش ومن سواهم إذا اجتهدوا في الدعاء سجعوا وألفوا الكلام وكانت فيما يزعمون لا § يردها داع ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج وقال مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس وهو يذكر فضل بني عبد مناف وما أقاموا عليه من سقاية الحاج والرفادة ويفخر بزمزم حين أظهرها الله عز وجل لبني عبد مناف البحر الهزج ورثنا المجد عن آبائنا فرقا بنا صعدا وأي مناقب الخير لم تشدد بنا عضدا ألم نسق الحجيج وننحر الدلافة الرفدا ونلقى عند تصريف المنايا سادة سددا وزمزم من أرومتنا ويرغم أنف من حسدا وخير الناس أولنا وخير الناس إن بعدا فإن نهلك فلن نملك وهل من خالد خلدا وأي الناس لم نملك ونمجده وإن مجدا وقد كان عبد المطلب قال حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم نذر لئن ولد له عشرة ذكور ثم بلغوا حتى ينفعوه أن ينحر أحدهم عند § الكعبة فلما توافى بنوه عشرة جمعهم ثم أخبرهم بنذره منهم الحارث وحجل وهما لأم وعباس وضرار وهما لأم وحمزة والمقوم وهما لأم وأبو طالب واسمه عبد مناف والزبير وعبد الله وهم لأم وأبو لهب لأم واسمه عبد العزى.
حدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق نحو ذلك وزاد فيه قال وقد قالت خالدة بنت هاشم تذكر سجلة البحر الرجز نحن حفرنا يا لقوم سجله في دارنا ذات فصول سهله نابتة فوق سقائها بقله تسقي الحجيج زعلة فزعله وزاد فيه وحفر عبد شمس الطوي وهي البئر التي عند دار الحجاج بن يوسف وقال عبد شمس بن عبد مناف حين حفر بئره الطوي قال البحر الكامل إن الطوي إذا ذكرتم ماءها صوب السحاب عذوبة لا يترك كانت عطاء من قدير مالك يسقي بها الحجاج ليست تفرك § فلأسخرن من التتار وذكرها بملوحة يسقون منها الهلك ولأفخرن بأن بئري ذكرها أكناف قيصر لا تباع فتملك وقال أمية بن عبد شمس حين حفر بئره الجفر لنفسه البحر الرجز هممت هما أن أموت غما حفرت جفرا ودفنت خما والجفر لا بد بأن تطما حتى يرى الأمر لنا خضما ونعرف الحق إذا ألما نحن وليناكم فلم نذما ثم فرجنا الهم بعد ما أهما ثم قمعنا الأبلح الغشما حتى تركنا سمعه أصما والحق لا بد بأن يحما حتى يكون أمرنا أعما لأن قومي فرجوا المهما وزاد فيه وكان بعضهم فيما ذكروا يأخذ على بئره الأجر من بعض الناس فقال الحويرث بن أسد بن عبد العزى لشفية بئر بني أبيه يفخر بشفية البحر الكامل هذي الشفية قد عرفتم فضلها مثل الصياح مصيبة للفاجر كانت عطاء لا ينال وفضلها باد لعمرك زينة للذاكر صوب السماء فلا يذاق كطعمها إلا المدام عمارة للعامر فيها نفاخر من أتانا فاخرا وهي المغاث لبدونا والحاضر وقال شاعر بني سهم يذكر الغمر بئر بني سهم البحر الكامل ماذا يقول الفاخرون بمائهم جهلا وبئري ذكرها لا ينفد § فضلت بئاركم بصوب سحابة على صلة الطريق ترصد فيها عذوبة ماء مزن فارس فلها عذوبته وليست تفسد وقال شاعر بني جمح يمتدح سنبلة بئر خلف بن وهب الجمحي البحر الرجز نحن حفرنا بئر صدق سنبله ثم تركناها برأس القنبله تصب ماء مثل فيض العنبله ليست كبذر لا ولا كالحرمله تسقي عبيطا عندها كاليعمله ثم سقينا الناس عند المسهله صوب سحاب ربنا هو أنزله وقال الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف يفخر على خداش بن عبد الله بن قيس في شيء كان بينه وبينه ويذكر فضل بني عبد مناف البحر الطويل نحن حفرنا في أباطح مكة حفيرا لطول الدهر عند العواقب نسقي بها الحجيج في كل ضيقة إذا عطشوا ينزون نزو الجنادب وإن على أسيافنا السم من يعد يبوء بخسف أن يبوء غير غالب ويرجع مذموما ملوما مقصرا خداش لئيما كعبه غير راتب لنا مكرمات من ينلها منا غدا تقصر لذا تلك الأمور المصاعب إذا فزع الحي التهامون أرفضوا إلينا رجالا بين راض وعاتب وقالت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها بعد ذلك بزمان وهي تفاخر أميمة بنت عميلة بن السباق بن عبد الدار وكانتا عند العوام بن خويلد ضرتين تفخر إحداهما على الأخرى البحر الرجز § نحن حفرنا بذر بجانب المستنذر الطيب العذب الذي لم يمقر كانت بلاغا للحجيج الأكبر وأم أحرادكم لم تذكر ونحن نسقي عند كل صرصر مثل سحاب ماؤه لم يقصر أو كغزير المزن عند الأحجر نسقي بغير الجعل لما نفخر قال فأجابتها أمية بنت عميلة بن السباق بن عبد الدار تقول البحر الرجز نحن حفرنا البئر أم أحراد نسقي الحجيج كدم الفصاد دما عبيطا ليس من أعواد ثم يسيح الماء في الجماد سيح سحاب سال في رماد أتفخري ببذرك الرهاد.
سجلة ومن حفرها *
قال ابن إسحاق وحفر سجلة وهي بئر المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف التي يسقون عليها اليوم ويزعم بنو نوفل أن المطعم ابتاعها من أسد بن هاشم ويزعم بنو هاشم أنه وهبها له حين ظهرت زمزم فاستغنوا بها عن تلك الآباروحفر أمية بن عبد شمس الحفر لنفسه وحفرت بنو أسد بن عبد العزى سقية وهي بئر بني أسد وحفرت بنو عبد الدار أم أحراد وحفرت بنو جمح السنبلة وهي بئر خلف بن وهب وحفرت بنو سهم الغمر وهي بئر بني سهم وكانت آبار حفائر خارجا من مكة قديمة من عهد مرة بن كعب وكلاب § ابن مرة وكبراء قريش الأوائل منها يشربون وهي رم ورم بئر مرة ابن كعب بن لؤي وخم وخم بئر بني كلاب بن مرة والحفر قال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي.
فضل زمزم وما قيل فيها من شعر *
قال ابن إسحاق فعفت زمزم على البئار التي كانت قبلها يسقي عليها الحاج وانصرف الناس إليها لمكانها من المسجد الحرام ولفضلها على ما سواها من المياه ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وافتخرت بها بنو عبد مناف على قريش كلها وعلى سائر العرب فقال مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف وهو يفخر على قريش بما ولوا عليهم من السقاية والرفادة وما أقاموا للناس من ذلك وبزمزم حين ظهرت لهم وإنما كان بنو عبد مناف أهل بيت واحد شرف بعضهم لبعض شرف وفضل بعضهم لبعض فضل § ورثنا المجد من آبائنا فنمى بنا صعدا ألم نسق الحجيج وننحر الدلافة الرفدا ونلقى عند تصريف المنايا شددا رفدا فإن نهلك فلم نملك ومن ذا خالد أبدا وزمزم في أرومتنا ونفقأ عين من حسدا.
قال ابن إسحاق وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي وساقي الحجيج ثم للخير هاشم وعبد مناف ذلك السيد الفهري طوى زمزما عند المقام فأصبحت سقايته فخرا على كل ذي فخر.
ذكر نذر عبد المطلب ذبح ولده *
قال ابن إسحاق وكان عبد المطلب بن هاشم فيما يزعمون والله أعلم قد نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر زمزم لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة فلما توافى بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك فأطاعوه وقالوا كيف نصنع قال ليأخذ كل رجل منكم قدحا § ثم يكتب فيه اسمه ثم ائتوني ففعلوا ثم أتوه فدخل بهم على هبل في جوف الكعبة وكان هبل على بئر في جوف الكعبة وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة وكان عند هبل قداح سبعة كل قدح منها فيه كتاب قدح فيه العقل إذا اختلفوا في العقل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة فإن خرج العقل فعلى من خرج حمله وقدح فيه نعم للأمر إذا أرادوه يضرب به في القداح فإن خرج قدح نعم عملوا به وقدح فيه لا إذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح فإن خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر وقدح فيه منكم وقدح فيه ملصق وقدح فيه من غيركم وقدح فيه المياه إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح فحيثما خرج عملوا به وكانوا إذا أرادوا أن يختنوا غلاما أو ينكحوا منكحا أو يدفنوا ميتا أو شكوا في نسب أحدهم ذهبوا به إلى هبل وبمائة درهم وجزور فأعطوها صاحب القداح الذي يضرب بها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون ثم قالوا يا إلهنا هذا فلان بن فلان قد أردنا به كذا وكذا فأخرج الحق فيه ثم يقولون لصاحب القداح اضرب فإن خرج عليه منكم كان منهم وسيطا وإن خرج عليه من غيركم كان حليفا وإن خرج عليه ملصق كان على منزلته فيهم لا نسب له ولا حلف وإن خرج فيه شيء مما سوى هذا مما يعملون به نعم عملوا به § وإن خرج لا أخروه عامه ذلك حتى يأتوه به مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح فقال عبد المطلب لصاحب القداح اضرب على بني هؤلاء بقداحهم هذه وأخبره بنذره الذي نذر فأعطاه كل رجل منهم قدحه الذي فيه اسمه وكان عبد الله بن عبد المطلب أصغر بني أبيه كان هو والزبير وأبو طالب لفاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
خروج القدح على عبد الله وشروع أبيه في ذبحه ومنع قريش له *
قال ابن إسحاق وكان عبد الله فيما يزعمون أحب ولد عبد المطلب إليه فكان عبد المطلب يرى أن السهم إذا أخطأه فقد أشوى وهو أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها قام عبد المطلب عند هبل يدعو الله ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على عبد الله فأخذه عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه فقامت إليه قريش من أنديتها فقالوا ماذا تريد يا عبد المطلب قال أذبحه فقالت له قريش وبنوه والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه فما بقاء الناس على هذا وقال له المغيرة بن عبد الله § ابن عمرو بن مخزوم بن يقظة وكان عبد الله ابن أخت القوم والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه فإن كان فداؤه بأموالنا فديناه وقالت له قريش وبنوه لا تفعل وانطلق به إلى الحجاز فإن به عرافة لها تابع فسلها ثم أنت على رأس أمرك إن أمرتك بذبحه ذبحته وإن أمرتك بأمر لك وله فيه فرج قبلته فانطلقوا حتى قدموا المدينة فوجودها فيما يزعمون بخيبر فركبوا حتى جاءوها فسألوها وقص عليها عبد المطلب خبره وخبر ابنه وما أراد به ونذره فيه فقالت لهم ارجعوا عني اليوم حتى يأتيني تابعي فأسأله فرجعوا من عندها فلما خرجوا عنها قام عبد المطلب يدعو الله ثم غدوا عليها فقالت لهم قد جاءني الخبر كم الدية فيكم قالوا عشر من الإبل وكانت كذلك قالت فارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشرا من الإبل ثم اضربوا عليها وعليه بالقداح فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم ونجا صاحبكم فخرجوا حتى قدموا مكة فلما أجمعوا على ذلك من الأمر قام عبد المطلب يدعو الله ثم قربوا عبد الله وعشرا من الإبل وعبد المطلب قائم عند هبل يدعو الله عز وجل ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل عشرين وقام عبد المطلب يدعو الله عز وجل ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ثلاثين § وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل أربعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل خمسين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ستين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل سبعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل ثمانين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل تسعين وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على عبد الله فزادوا عشرا من الإبل فبلغت الإبل مائة وقام عبد المطلب يدعو الله ثم ضربوا فخرج القدح على الإبل فقالت قريش ومن حضر قد انتهى رضا ربك يا عبد المطلب فزعموا أن عبد المطلب قال لا والله حتى أضرب عليها ثلاث مرات فضربوا على عبد الله وعلى الإبل وقام عبد المطلب يدعو الله فخرج القدح على الإبل ثم عادوا الثانية وعبد المطلب قائم يدعو الله فضربوا فخرج القدح على الإبل ثم عادوا الثالثة وعبد المطلب قائم يدعو الله فضربوا فخرج القدح على الإبل فنحرت ثم تركت لا يصد عنها إنسان ولا يمنع.
ذكر المرأة المتعرضة لنكاح عبد الله بن عبد المطلب *
قال ابن إسحاق ثم انصرف عبد المطلب آخذا بيد عبد الله فمر به فيما § يزعمون على امرأة من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهي أخت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وهي عند الكعبة فقالت له حين نظرت إلى وجهه أين تذهب يا عبد الله قال مع أبي قالت لك مثل الإبل التي نحرت عنك وقع علي الآن قال أنا مع أبي ولا أستطيع خلافه ولا فراقه فخرج به عبد المطلب حتى أتى به وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو يومئذ سيد بني زهرة نسبا وشرفا فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ أفضل امرأة في قريش نسبا وموضعا وهي لبرة بنت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وبرة لأم حبيب بنت أسد بن عبد العزى ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وأم حبيب لبرة بنت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر فزعموا أنه دخل عليها حين أملكها مكانه فوقع عليها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج من عندها فأتى المرأة التي عرضت عليه ما عرضت § فقال لها ما لك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت علي بالأمس قالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك اليوم حاجة وقد كانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب أنه سيكون في هذه الأمة نبي.
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار أنه حدث أن عبد الله إنما دخل على امرأة كانت له مع آمنة بنت وهب وقد عمل في طين له وبه آثار من الطين فدعاها إلى نفسه فأبطأت عليه لما رأت به من أثر الطين فخرج من عندها فتوضأ وغسل ما كان به من ذلك الطين ثم خرج عامدا إلى آمنة فمر بها فدعته إلى نفسها فأبى عليها وعمد إلى آمنة فدخل عليها فأصابها فحملت بمحمد صلى الله عليه وسلم ثم مر بامرأته تلك فقال لها هل لك قالت لا مررت بي وبين عينيك غرة بيضاء فدعوتك فأبيت علي ودخلت على آمنة فذهبت بها.
قال ابن إسحاق فزعموا أن امرأته تلك كانت تحدث أنه مر بها وبين عينيه غرة مثل غرة الفرس قالت فدعوته رجاء أن تكون تلك بي فأبى علي ودخل على آمنة فأصابها فحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط قومه نسبا وأعظمهم شرفا من قبل أبيه وأمه صلى الله عليه وسلم ويزعمون فيما يتحدث الناس والله أعلم أن آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تحدث § أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدا ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هلك وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل به.
ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضاعته *
قال ابن إسحاق ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول عام الفيل.
رواية قيس بن مخرمة عن مولده صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قيس بن مخرمة قال ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل فنحن لدان.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق حدثني المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قيس بن مخرمة قال ولدت أنا ورسول الله عام الفيل فنحن لدان.
رواية حسان بن ثابت عن مولده صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري قال حدثني من شئت من رجال قومي عن حسان بن ثابت قال والله إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان أعقل كل ما سمعت إذ سمعت يهوديا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب يا معشر يهود حتى إذا اجتمعوا إليه قالوا له ويلك مالك قال طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به قال محمد بن إسحاق فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت فقلت ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقال ابن ستين سنة وقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وخمسين سنة فسمع حسان ما سمع وهو ابن سبع سنين.
إعلام أمه جده بولادته صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فلما وضعته أمه صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى جده § عبد المطلب أنه قد ولد لك غلام فأته فانظر إليه فأتاه فنظر إليه وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما أمرت به أن تسميه فيزعمون أن عبد المطلب أخذه فدخل به الكعبة فقام يدعو الله ويشكر له ما أعطاه ثم خرج به إلى أمه فدفعه إليها والتمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم الرضعاء.
نسب حليمة ونسب أبيها *
قال ابن إسحاق فاسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها حليمة ابنة أبي ذؤيب وأبو ذؤيب عبد الله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان § واسم أبيه الذي أرضعه صلى الله عليه وسلم الحارث بن عبد العزى بن رفاعة ابن ملان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن.
إخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاع *
قال ابن إسحاق وإخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث وهي الشيماء غلب ذلك على اسمها فلا تعرف في قومها إلا به وهم لحليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرون أن الشيماء كانت تحضنه مع أمها إذا كان عندهم.
حديث حليمة عما رأته من الخير بعد تسلمها له صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني جهم بن أبي جهم مولى الحارث بن حاطب الجمحي عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب أو عمن حدثه عنه قال كانت حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية أم رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته تحدث أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء قالت وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئا قالت فخرجت على أتان لي قمراء معنا شارف لنا والله ما نبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا من بكائه من الجوع ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغديه.
ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله § عليه وسلم فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا إنما كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فكنا نقول يتيم وما عسى أن تصنع أمه وجده فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعا غيري فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه قال لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة قالت فذهبت إليه فأخذته وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره قالت فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه أخوه حتى روي ثم ناما وما كنا ننام معه قبل ذلك وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا إنها لحافل فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بخير ليلة قالت يقول صاحبي حين أصبحنا تعلمي والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة قالت فقلت والله إني لأرجو ذلك قالت ثم خرجنا وركبت أنا أتاني وحملته عليها معى فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليها § شيء من حمرهم حتى إن صواحبي ليقلن لي يا بنة أبي ذؤيب ويحك اربعي علينا أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها فأقول لهن بلى والله إنها لهي هي فيقلن والله إن لها لشأنا قالت ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فكانت غنمي تروح علي حين قدمنا به معنا شباعا لبنا فنحلب ونشرب وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا قالت فقدمنا به على أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وبأ مكة قالت فلم نزل بها حتى ردته معنا قالت فرجعنا به فو الله إنه بعد مقدمنا به بأشهر مع أخيه لفي بهم لنا خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشي قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه § قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدنا قائما منتقعا وجهه قالت فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له مالك يا بني قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا أدري ما هو قالت فرجعنا به إلى خبائنا قالت وقال لي أبوه يا حليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل أن يظهر ذلك به قالت فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى مكثه عندك قالت فقلت قد بلغ الله بابني وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه فأديته إليك كما تحبين قالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك قالت فلم تدعني حتى أخبرتها قالت أفتخوفت عليه الشيطان قالت قلت نعم قالت كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لبني لشأنا أفلا أخبرك خبره قالت قلت بلى قالت رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من أرض الشام ثم حملت به فو الله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء دعيه عنك وانطلقي راشدة.
تعريفه صلى الله عليه وسلم بنفسه وقد سئل عن ذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني ثور بن يزيد عن بعض أهل العلم ولا أحسبه إلا عن خالد بن معدان الكلاعي أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا له يا رسول الله أخبرنا عن نفسك قال نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى أخي عيسى ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام واسترضعت في بني سعد بن بكر فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلان عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا ثم أخذاني فشقا بطني واستخرجا قلبي فشقاه فاستخرجنا منه علقة سوداء فطرحاها ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه ثم قال أحدهما لصاحبه زنه بعشرة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال زنه بمائة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم ثم قال زنه بألف من أمته فوزنني بهم فوزنتهم فقال دعه § عنك فو الله لو وزنته بأمته لوزنها.
هو والأنبياء قبله رعوا الغنم *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي إلا وقد رعى الغنم قيل وأنت يا رسول الله قال وأنا.
اعتزازه صلى الله عليه وسلم بقرشيته واسترضاعه في بني سعد *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه أنا أعربكم أنا قرشي واسترضعت في بني سعد بن بكر.
افتقدته حليمة صلى الله عليه وسلم حين رجوعها به ووجده ورقة بن نوفل *
قال ابن إسحاق وزعم الناس فيما يتحدثون والله أعلم أن أمه السعدية لما قدمت به مكة أضلها في الناس وهي مقبلة به نحو أهله فالتمسته فلم تجده فأتت عبد المطلب فقالت له إني قد قدمت بمحمد هذه الليلة فلما كنت بأعلى مكة أضلنى فو الله ما أدري أين هو فقام عبد المطلب عند الكعبة يدعو الله أن يرده فيزعمون أنه وجده ورقة بن نوفل بن أسد ورجل آخر من قريش فأتيا به عبد المطلب فقالا له هذا ابنك وجدناه بأعلى مكة فأخذه عبد المطلب فجعله على عنقه وهو يطوف بالكعبة يعوذه ويدعو له ثم أرسل به إلى أمه آمنة.
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن مما هاج أمه السعدية على رده إلى أمه مع ما ذكرت لأمه مما أخبرتها عنه أن نفرا من الحبشة نصارى رأوه معها حين رجعت به بعد فطامه فنظروا إليه وسألوها عنه وقلبوه ثم قالوا لها لنأخذن هذا الغلام فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا فإن هذا غلام كائن له شأن نحن نعرف أمره فزعم الذي حدثني أنها لم تكد تنفلت به منهم.
وفاة آمنة وحال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بعدها *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم في كلاءة الله وحفظه ينبته الله نباتا حسنا لما يريد به من كرامته فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين توفيت أمه آمنة بنت وهب.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنة توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة كانت قد قدمت به على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة.
إكرام عبد المطلب له صلى الله عليه وسلم وهو صغير *
قال ابن إسحاق فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب ابن هاشم وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالا له قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم دعوا ابني فو الله إن له لشأنا ثم يجلسه معه على الفراش ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع § فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين هلك عبد المطلب بن هاشم وذلك بعد الفيل بثماني سنين.
وفاة عبد المطلب. وما رثي به من الشعر *
قال ابن إسحاق حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس عن بعض أهله أن عبد المطلب توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثماني سنين.
قال ابن إسحاق حدثني محمد بن سعيد بن المسيب أن عبد المطلب لما حضرته الوفاة وعرف أنه ميت جمع بناته وكن ست نسوة صفية وبرة وعاتكة وأم حكيم البيضاء وأميمة وأروى فقال لهن ابكين علي حتى أسمع ما تقلن قبل أن أموت.
رثاء صفية لأبيها عبد المطلب *
فقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أباها أرقت لصوت نائحة بليل على رجل بقارعة الصعيد ففاضت عند ذلكم دموعي على خدي كمنحدر الفريد § على رجل كريم غير وغل له الفضل المبين على العبيد على الفياض شيبة ذي المعالي أبيك الخير وارث كل جود صدوق في المواطن غير نكس ولا شخت المقام ولا سنيد طويل الباع أروع شيظمي مطاع في عشيرته حميد رفيع البيت أبلج ذي فضول وغيث الناس في الزمن الحرود كريم الجد ليس بذي وصوم يروق على المسود والمسود عظيم الحلم من نفر كرام خضارمة ملاوثة أسود فلو خلد امرؤ لقديم مجد ولكن لا سبيل إلى الخلود لكان مخلدا أخرى الليالي لفضل المجد والحسب التليد وقالت برة بنت عبد المطلب تبكي أباها أعيني جودا بدمع درر على طيب الخم والمعتصر على ماجد الجد وارى الزناد جميل المحيا عظيم الخطر على شيبة الحمد ذي المكرمات وذي المجد والعز والمفتخر § وذي الحلم والفصل في النائبات كثير المكارم جم الفجر له فضل مجد على قومه منير يلوح كضوء القمر أتته المنايا فلم تشوه بصرف الليالي وريب القدر وقالت عاتكة بنت عبد المطلب تبكي أباها أعيني جودا ولا تبخلا بدمعكما بعد نوم النيام أعيني واسحنفرا واسكبا وشوبا بكاء كما بالتدام أعيني واستخرطا واسجما على رجل غير نكس كهام على الجحفل الغمر في النائبات كريم المساعي وفي الذمام على شيبة الحمد وارى الزناد وذي مصدق بعد ثبت المقام وسيف لدى الحرب صمصامة ومردى المخاصم عند الخصام وسهل الخليفة طلق اليدين وفي عدملي صميم لهام تبنك في باذخ بيته رفيع الذؤابة صعب المرام وقالت أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب تبكي أباها ألا يا عين جودي واستهلي وبكي ذا الندى والمكرمات § ألا يا عين ويحك أسعفيني بدمع من دموع هاطلات وبكي خير من ركب المطايا أباك الخير تيار الفرات طويل الباع شيبة ذا المعالي كريم الخيم محمود الهبات وصولا للقرابة هبرزيا وغيثا في السنين الممحلات وليثا حين تشتجر العوالي تروق له عيون الناظرات عقيل بني كنانة والمرجى إذا ما الدهر أقبل بالهنات ومفزعها إذا ما هاج هيج بداهية وخصم المعضلات فبكيه ولا تسمي بحزن وبكي ما بقيت الباكيات وقالت أميمة بنت عبد المطلب تبكي أباها ألا هلك الراعي العشيرة ذو الفقد وساقي الحجيج والمحامي عن المجد ومن يؤلف الضيف الغريب بيوته إذا ما سماء الناس تبخل بالرعد كسبت وليدا خير ما يكسب الفتى فلم تنفك تزداد يا شيبة الحمد أبو الحارث الفياض خلى مكانه فلا تبعدن فكل حي إلى بعد فإني لباك ما بقيت وموجع وكان له أهلا لما كان من وجدي § سقاك ولي الناس في القبر ممطرا فسوف أبكيه وإن كان في اللحد فقد كان زينا للعشيرة كلها وكان حميدا حيث ما كان من حمد وقالت أروى بنت عبد المطلب تبكي أباها بكت عيني وحق لها البكاء على سمح سجيته الحياء على سهل الخليقة أبطحي كريم الخيم نيته العلاء على الفياض شيبة ذي المعالي أبيك الخير ليس له كفاء طويل الباع أملس شيظمي أغر كأن غرته ضياء أقب الكشح أروع ذي فضول له المجد المقدم والسناء أبي الضيم أبلج هبرزي قديم المجد ليس له خفا ومعقل مالك وربيع فهر وفاصلها إذا التمس القضاء وكان هو الفتى كرما وجودا وبأسا حين تنسكب الدماء إذا هاب الكماة الموت حتى كأن قلوب أكثرهم هواء مضى قدما بذي ربد خشيب عليه حين تبصره البهاء.
رثاء حذيفة لعبد المطلب *
قال ابن إسحاق وقال حذيفة بن غانم أخو بني عدي بن كعب بن لؤي يبكي عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ويذكر فضله وفضل قصي على قريش وفضل ولده من بعده عليهم وذلك أنه أخذ بغرم أربعة آلاف درهم بمكة فوقف بها فمر به أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب فافتكه أعيني جودا بالدموع على الصدر ولا تسأما أسقيتما سبل القطر وجودا بدمع واسفحا كل شارق بكاء امرئ لم يشوه نائب الدهر وسحا وجما واسجما ما بقيتما على ذي حياء من قريش وذي ستر على رجل جلد القوى ذي حفيظة جميل المحيا غير نكس ولا هذر § على الماجد البهلول ذي الباع والندى ربيع لؤي في المحوط وفي العسر على خير حاف من معد وناعل كريم المسمى طيب الخيم والنجر وخيرهم أصلا وفرعا ومعدنا وأحظاهم بالمكرمات وبالذكر وأولاهم بالمجد والحلم والنهى وبالفضل عند المجحفات من الغبر على شيبة الحمد الذي كان وجهه يضيء سواد الليل كالقمر البدر وساقي الحجيج ثم للخير هاشم وعبد مناف ذلك السيد الفهري طوى زمزما عند المقام فأصبحت سقايته فخرا على كل ذي فخر ليبك عليه كل عان بكربة وآل قصي من مقل وذي وفر بنوه سراة كهلهم وشبابهم تفلق عنهم بيضة الطائر الصقر قصي الذي عادى كنانة كلها ورابط بيت الله في العسر واليسر فإن تك غالته المنايا وصرفها فقد عاش ميمون النقيبة والأمر وأبقى رجالا سادة غير عزل مصاليت أمثال الردينية السمر أبو عتبة الملقى إلي حباؤه أغر هجان اللون من نفر غر وحمزة مثل البدر يهتز للندى نقي الثياب والذمام من الغدر § وعبد مناف ماجد ذو حفيظة وصول لذي القربى رحيم بذي الصهر كهولهم خير الكهول ونسلهم كتسل الملوك لا تبور ولا تحرى متى ما تلاقي منهم الدهر ناشئا تجده بإجريا أوائله بجرى هم ملئوا البطحاء مجدا وعزة إذا استبق الخيرات في سالف العصر وفيهم بناة للعلا وعمارة وعبد مناف جدهم جابر الكسر بإنكاح عوف بنته ليجيرنا من أعدائنا إذ أسلمتنا بنو فهر فسرنا تهامي البلاد ونجدها بأمنه حتى خاضت العير في البحر وهم حضروا والناس باد فريقهم وليس بها إلا شيوخ بني عمرو بنوها ديارا جمة وطووا بها بئارا تسح الماء من ثبج بحر لكي يشرب الحجاج منها وغيرهم إذا ابتدروها صبح تابعة النحر § ثلاثة أيام تظل ركابهم مخيسة بين الأخاشب والحجر وقدما غنينا قبل ذلك حقبة ولا نستقي إلا بخم أو الحفر وهم يغفرون الذنب ينقم دونه ويعفون عن قول السفاهة والهجر وهم جمعوا حلف الأحابيش كلها وهم نكلوا عنا غواة بني بكر فخارج إما أهلكن فلا تزل لهم شاكرا حتى تغيب في القبر ولا تنس ما أسدى ابن لبنى فإنه قد أسدى يدا محقوقة منك بالشكر وأنت ابن لبنى من قصي إذا انتموا بحيث انتهى قصد الفؤاد من الصدر وأنت تناولت العلا فجمعتها إلى محتد للمجد ذي ثبج جسر سبقت وفت القوم بذلا ونائلا وسدت وليدا كل ذي سودد غمر وأمك سر من خزاعة جوهر إذا حصل الأنساب يوما ذوو الخبر إلى سبأ الأبطال تنمى وتنتمي فأكرم بها منسوبة في ذرا الزهر أبو شمر منهم وعمرو بن مالك وذو جدن من قومها وأبو الجبر وأسعد قاد الناس عشرين حجة يؤيد في تلك المواطن بالنصر.
رثاء مطرود لعبد المطلب وبني عبد مناف *
قال ابن إسحاق وقال مطرود بن كعب الخزاعي يبكي عبد المطلب وبني عبد مناف يا أيها الرجل المحول رحله هلا سألت عن آل عبد مناف هبلتك أمك لو حللت بدارهم ضمنوك من جرم ومن إقراف الخالطين غنيهم بفقيرهم حتى يعود فقيرهم كالكافي المنعمين إذا النجوم تغيرت والظاعنين لرحلة الإيلاف والمطعمين إذا الرياح تناوحت حتى تغيب الشمس في الرجاف إما هلكت أبا الفعال فما جرى من فوق مثلك عقد ذات نطاف إلا أبيك أخي المكارم وحده والفيض مطلب أبي الأضياف.
ولاية العباس على سقاية زمزم *
قال ابن إسحاق فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولي زمزم والسقاية عليها بعده العباس ابن عبد المطلب وهو يومئذ من أحدث إخوته سنا فلم § تزل إليه حتى قام الإسلام وهي بيده فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم له على ما مضى من ولايته فهي إلى آل العباس بولاية العباس إياها إلى هذا اليوم فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد عبد المطلب مع عمه أبي طالب وكان عبد المطلب فيما يزعمون يوصي به عمه أبا طالب وذلك لأن عبد الله أبا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا طالب أخوان لأب وأم أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.
ولاية أبي طالب لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وكان أبو طالب هو الذي يلي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده فكان إليه ومعه.
نبوءة رجل من لهب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم *
كان § عائفا فكان إذا قدم مكة أتاه رجال قريش بغلمانهم ينظر إليهم ويعتاف لهم فيهم قال فأتى به أبو طالب وهو غلام مع من يأتيه فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم شغله عنه شيء فلما فرغ قال الغلام علي به فلما رأى أبو طالب حرصه عليه غيبه عنه فجعل يقول ويلكم ردوا علي الغلام الذي رأيت آنفا فو الله ليكونن له شأن قال فانطلق أبو طالب.
قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم والراعي الغنم
حدثنا عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله قال قال محمد بن إسحاق فحدثني محمد بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن الحسن § بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أبيه محمد بن علي عن جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما هممت بشيء مما كان أهل الجاهلية يعملونه غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبين ما أريد ثم ما هممت بعدها بسوء حتى أكرمني الله عز وجل برسالته فإني قد قلت ليلا لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة لو أنك أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة فأسمر كما يسمر الشباب فقال افعل قال فخرجت أريد ذلك حتى إذا جئت أول دار من دور مكة سمعت عزفا بغرابيل ومزامير فقلت ما هذا فقالوا هذا فلان بن فلان تزوج فلانة بنت فلان قال فجلست أنظر وضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا مس الشمس فجئت صاحبي فقال ما صنعت قال قلت ما صنعت شيئا ثم أخبرته الخبر ثم بت ليلة أخرى مثل ذلك فقال افعل فخرجت حتى جئت مكة وسمعت مثل الذي سمعت تلك الليلة فجلست أنظر وضرب الله على أذني فما أيقظني إلا حر الشمس فرجعت إلى صاحبي فأخبرته الخبر ثم ما هممت بعدها بسوء حتى أكرمني الله عز وجل برسالته.
قصة بحيرى *
قال ابن إسحاق ثم إن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير صب به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يزعمون فرق له أبو طالب وقال والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا أو كما قال فخرج به معه فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام § وبهما راهب يقال له بحيرى في صومعة له وكان إليه علم أهل النصرانية ولم يزل في تلك الصومعة منذ قط راهب إليه يصير علمهم عن كتاب فيها فيما يزعمون يتوارثونه كابرا عن كابر فلما نزلوا ذلك العام ببحيرى وكانوا كثيرا ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يعرض لهم حتى كان ذلك العام فلما نزلوا به قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته يزعمون أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا وغمامة تظله من بين القوم قال ثم أقبلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها فلما رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته ثم أرسل إليهم فقال إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش فأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وعبدكم وحركم فقال له رجل منهم والله يا بحيرى إن لك لشأنا اليوم فما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم قال له بحيرى صدقت قد كان ما تقول ولكنكم ضيف وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما فتأكلوا منه كلكم فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة فلما نظر بحيرى في القوم لم ير الصفة التي يعرف ويجد عنده فقال يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي قالوا له يا بحيرى ما تخلف عنك أحد ينبغي له أن يأتيك إلا غلام وهو أحدث القوم سنا فتخلف في رحالهم فقال لا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم قال فقال رجل من قريش مع القوم واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبد الله بن عبد المطلب عن طعام من § بيننا ثم قام إليه فاحتضنه وأجلسه مع القوم فلما رآه بحيرى جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرى فقال له يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لا تسألني باللات والعزى فو الله ما أبغضت شيئا قط بغضهما فقال له بحيرى فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه فقال له سلني عما بدا لك فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده.
قال ابن إسحاق فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب فقال له ما هذا الغلام منك قال ابني قال له بحيرى ما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا قال فإنه ابن أخي قال فما فعل أبوه قال مات وأمه حبلى به قال صدقت فارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه يهود فو الله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده.
رجوع أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان من زرير وصاحبيه *
فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام فزعموا فيما روى الناس أن زريرا وتماما ودريسا وهم نفر من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما رآه بحيرى في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمه أبي طالب فأرادوه فردهم عنه بحيرى وذكرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنهم إن أجمعوا لما أرادوا به لم يخلصوا إليه ولم يزل بهم حتى عرفوا ما قال لهم وصدقوه بما قال فتركوه وانصرفوا عنه فشب رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية لما يريد به من كرامته ورسالته حتى بلغ أن كان رجلا وأفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقا وأكرمهم حسبا وأحسنهم جوارا وأعظمهم حلما وأصدقهم حديثا وأعظمهم أمانة وأبعدهم من الفحش والأخلاق التي تدنس الرجال تنزها وتكرما حتى ما اسمه في قومه إلا الأمين لما جمع الله فيه من الأمور الصالحة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي يحدث عما كان الله يحفظه به في صغره وأمر جاهليته أنه قال لقد رأيتني في غلمان قريش ننقل حجارة لبعض ما يلعب به الغلمان كلنا قد تعرى وأخذ إزاره فجعله على رقبته يحمل عليه الحجارة فإني لأقبل معهم كذلك وأدبر إذ لكمني لاكم ما أراه لكمة وجيعة ثم قال شد عليك إزارك قال فأخذته وشددته علي ثم جعلت أحمل الحجارة على رقبتي وإزاري علي من بين أصحابي.
حرب الفجار *
قال ابن إسحاق هاجت حرب الفجار ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عشرين سنة وإنما سمي يوم الفجار بما استحل هذان الحيان كنانة وقيس عيلان فيه من المحارم بينهم وكان قائد قريش وكنانة حرب بن أمية بن عبد شمس وكان الظفر § في أول النهار لقيس على كنانة حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال ثم هاج يوم الفجار الأول بين قريش ومن كان إلفها من كنانة الله كلها وبين قيس عيلان وسببه أن رجلا من بني كنانة كان عليه دين لرجل من بني نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن فواعده به الكناني فوافاه النصري بسوق عكاظ يقرد معه فوقفه بالسيوف فقال من يبيعني مثل هذا بمالي على فلان الكناني وإنما أراد ذلك النصري الكناني وقومه فمر به رجل من كنانة فضربه بالسيف فقتله إنفاعا فصرخ النصري في قيس والكناني في بني كنانة فتحاوز الناس حتى كادوا أن يكون بينهم قتال ثم تداعوا بمنى للصلح وسرى الخطب من أنفسهم فتراجع الناس وكف بعضهم عن بعض ولم يكن بينهم إلا ذلك ويقال بل قعد فتية من العرب من قريش غدية إلى إمرأة من بني عامر ذات هيبة عليها برقع وهي في درع فضل وكذلك نساء العرب يفعلن فأعجبهم ما رأوه من حسن هيئتها فقالوا لها ياأمة الله أسفري لنا وجهك ننظر إليك فأبت عليهم فقام غلام منهم غلام فشك درعها إلى ظهرها بشوكة والمرأة لا تدري فلما قامت انكشف الدرع عن دبرها فضحكوا وقالوا منعتنا أن ننظر إلى وجهك فقد نظرنا إلى دبرك فصاحت المرأة في بني عامر فضجت فتحاوز الناس ثم ترادوا ورأوا أن الأمر دون ويقال بل قعد رجل من بني غفار بن خليل بن حمزة يقال له أبو معشر كان عارفا متصنعا في نفسه بسوق عكاظ ومد رجله وقال أنا مدركة بن خندف أنا والله أعز العرب فمن زعم أنه أكرم مني فليضربها بالسيف فضربه رجل من قيس فخدشها خدشا غير كبير فتحاوز الناس عند ذلك حتى كاد أن يكون بينهم قال ثم تراجع الناس ورأوا أن لم يكن بينهم شيء كبير فكل هذا الحديث يقال في يوم الفجار والله أعلم أي ذلك كان.
قال عبد الملك قال @TR1_ZATB@ زياد قال ابن إسحاق وقد قال بعض الشعراء شعرا قد ذكر فيه عكاظ وما أصابوا من بني كنانة وضرب رجل أبي معشر فقال § عمرك الله سائلي أي قوم معشري في سوالف الأعصار نحن كنا الملوك من أهل نجد زمن جزناه بميل الدمار منعنا الحجاز من كل حي وقمعنا الفجار يوم الفجار وضربنا به كنانة ضربا حالفوا بعده سني العسار قال زياد في حديثه هذا وقال ابن إسحاق فأجابه أمية بن الأسكر بشعر ذكر حرب الفجار الآخر.
وحدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحق قال ثم كان الفجار الآخر بعد الفيل بعشرين سنة فلم يكن في العرب يوم أعظم ولا أذهب ذكرا في الناس منه بين قريش ومن حالفها من كنانة وبين قيس بن عيلان فالتقوا فيها بعكاظ وإنما سمي يوم الفجار بما استحل هذان الحيان كنانة وقيس فيه من المحارم وقد كان قبله يوم بين بني جبلة وتميم وروى أشعارا كثيرة اختصرناها مخافة التطويل ولذلك موضع غير هذا.
حديث تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة رضي الله عنها *
قال ابن إسحاق وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال § تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريبا من صومعة راهب من الرهبان فاطلع الراهب إلى ميسرة فقال له من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة قال له ميسرة هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها واشترى ما أراد أن يشتري ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة فكان ميسرة فيما يزعمون إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا § وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة مع ما أراد الله بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة بما أخبرها به بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له فيما يزعمون يا بن عم إني قد رغبت فيك لقرابتك وسطتك في قومك وأمانتك وحسن خلقك وصدق حديثك ثم عرضت عليه نفسها وكانت خديجة يومئذ أوسط نساء قريش نسبا وأعظمهن شرفا وأكثرهن مالا كل قومها كان حريصا على ذلك منها لو يقدر عليه وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم بن رواحة بن حجر بن عبد بن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأم فاطمة هالة بنت عبد مناف بن الحارث بن عمرو بن منفذ بن عمرو ابن معيص بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأم هالة قلابة بنت سعيد ابن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر فلما قالت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك لا عمامة فخرج معه § عمه حمزة بن عبد المطلب رحمه الله حتى دخل على خويلد بن أسد فخطبها إليه فتزوجها
أولاده صلى الله عليه وسلم من خديجة *
قال ابن إسحاق فولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم القاسم وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم والطاهر والطيب وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة عليهم السلام.
قال ابن إسحاق فأما القاسم والطيب والطاهر فهلكوا في الجاهلية § وأما بناته فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم.
حديث خديجة مع ورقة وصدق نبوءة ورقة فيه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وكانت خديجة بنت خويلد قد ذكرت لورقة بن نوفل ابن أسد بن عبد العزى وكان ابن عمها وكان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس ما ذكر لها غلامها ميسرة من قول الراهب وما كان يرى منه إذ كان الملكان يظلانه فقال ورقة لئن كان هذا حقا يا خديجة إن محمدا لنبي هذه الأمة وقد عرفت أنه كائن لهذه الأمة نبي ينتظر هذا زمانه أو كما قال قال فجعل ورقة يستبطئ الأمر ويقول حتى متى فقال ورقة في ذلك لججت وكنت في الذكرى لجوجا لهم طالما بعث النشيجا ووصف من خديجة بعد وصف فقد طال انتظاري يا خديجا ببطن المكتين على رجائي حديثك أن أرى منه خروجا § مما خبرتنا من قول قس من الرهبان أكره أن يعوجا بأن محمدا سيسود فينا ويخصم من يكون له حجيجا ويظهر في البلاد ضياء نور يقيم به البرية أن تموجا فيلقى من يحاربه خسارا ويلقى من يسالمه فلوجا فيا ليتني إذا ما كان ذاكم شهدت فكنت أولهم ولوجا ولوجا في الذي كرهوا قريش ولو عجت بمكتها عجيجا رجى بالذي كرهوا جميعا إلى ذي العرش إن سفلوا عروجا وهل أمر السفالة غير كفر بمن يختار من سمك البروجا فإن يبقوا وأبق تكن أمور يضج الكافرون لها ضجيجا وإن أهلك فكل فتى سيلقى من الأقدار متلفة حروجا.
حديث بنيان الكعبة وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش في وضع الحجر *
قال ابن إسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة اجتمعت قريش لبنيان الكعبة وكانوا يهمون بذلك ليسقفوها ويهابون هدمها § وإنما كانت رضما فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها وذلك أن نفرا سرقوا كنزا للكعبة وإنما كان يكون في بئر في جوف الكعبة وكان الذي وجد عنده الكنز دويكا مولى لبني مليح بن عمرو من خزاعة.
قال ابن إسحاق وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي أنه حدث عن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي أنه رأى ابنا لجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو يطوف بالبيت فسأل عنه فقيل هذا ابن لجعدة بن هبيرة فقال عبد الله بن صفوان عند ذلك جد هذا يعني أبا وهب الذي أخذ حجرا من الكعبة حين أجمعت قريش لهدمها فوثب من يده حتى رجع إلى موضعه فقال عند ذلك يا معشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا لا تدخلوا فيها مهر بغي ولا بيع ربا ولا مظلمة أحد من الناس.
قرابة أبي وهب لرسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وأبو وهب خال أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شريفا وله يقول شاعر من العرب ولو بأبي وهب أنخت مطيتي غدت من نداه رحلها غير خائب بأبيض من فرعي لؤي بن غالب إذا حصلت أنسابها في الذوائب أبي لأخذ الضيم يرتاح للندى توسط جداه فروع الأطايب § عظيم رماد القدر يملا جفانه من الخبز يعلوهن مثل السبائب ثم إن قريشا جزأت الكعبة فكان شق الباب لبني عبد مناف وزهرة وكان ما بين الركن الأسود والركن اليماني لبني مخزوم وقبائل من قريش انضموا إليهم وكان ظهر الكعبة لبني جمح وسهم ابني عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وكان شق الحجر لبني عبد الدار بن قصي ولبني أسد بن العزى بن قصي ولبني عدي بن كعب بن لؤي وهو الحطيم ثم إن الناس هابوا هدمها وفرقوا منه فقال الوليد بن المغيرة أنا أبدؤكم في هدمها فأخذ المعول ثم قام عليها وهو يقول اللهم لم ترع اللهم إنا لا نريد إلا الخير ثم هدم من ناحية.
الركنين فتربص الناس تلك الليلة وقالوا ننظر فإن أصيب لم نهدم منها شيئا ورددناها كما كانت وإن لم يصبه شيء فقد رضي الله صنعنا فهدمنا فأصبح الوليد من ليلته غاديا على عمله فهدم وهدم الناس معه حتى إذا انتهى الهدم بهم إلى الأساس أساس إبراهيم عليه السلام أفضوا إلى حجارة خضر كالأسنمة آخذ بعضها بعضا.
قال ابن إسحاق فحدثني بعض من يروي الحديث أن رجلا من قريش § ممن كان يهدمها أدخل عتلة بين حجرين منها ليقلع بها أحدهما فلما تحرك الحجر تنقضت مكة بأسرها فانتهوا عن ذلك الأساس.
قال ابن إسحاق وحدثت أن قريشا وجدوا في الركن كتابا بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من يهود فإذا هو أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض وصورت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن.
قال ابن إسحاق وحدثت أنهم وجدوا في المقام كتابا فيه مكة بيت الله الحرام يأتيها رزقها من ثلاثة سبل لا يحلها أول من أهلها.
قال ابن إسحاق وزعم ليث بن أبي سليم أنهم وجدوا حجرا في الكعبة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة إن كان ما ذكر حقا مكتوبا فيه من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة تعملون السيئات وتجزون الحسنات أجل كما لا يجتنى من الشوك العنب.
اختلاف قريش فيمن يضع الحجر ولعقة الدم *
قال ابن إسحاق ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها كل قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البنيان موضع الركن فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما ثم تعاقدوا هم وبنو عدي § ابن كعب بن لؤي على الموت وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة فسموا لعقة الدم فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمسا ثم إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فزعم بعض أهل الرواية أن أبا أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها قال يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا هذا الأمين رضينا هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر قال صلى الله عليه وسلم هلم إلي ثوبا فأتي به فأخذ الركن فوضعه فيه بيده ثم قال لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بنى عليه § وكانت قريش تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي الأمين فلما فرغوا من البنيان وبنوها على ما أرادوا قال الزبير بن عبد المطلب فيما كان من أمر الحية التي كانت قريش تهاب بنيان الكعبة لها عجبت لما تصوبت العقاب إلى الثعبان وهي لها اضطراب وقد كانت يكون لها كشيش وأحيانا يكون لها وثاب إذا قمنا إلى التأسيس شدت تهيبنا البناء وقد تهاب فلما أن خشينا الرجز جاءت عقاب تتلئب لها انصباب فضمتها إليها ثم خلت لنا البنيان ليس له حجاب فقمنا حاشدين إلى بناء لنا منه القواعد والتراب غداة نرفع التأسيس منه وليس على مسوينا ثياب أعز به المليك بني لؤي فليس لأصله منهم ذهاب وقد حشدت هناك بنو عدي ومرة قد تقدمها كلاب فبوأنا المليك بذاك عزا وعند الله يلتمس الثواب.
حديث الحمس *
قال ابن إسحاق وقد كانت قريش لا أدري أقبل الفيل أم بعده ابتدعت رأي الحمس رأيا رأوه وأداروه فقالوا نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت وقطان مكة وساكنها فليس لأحد من العرب مثل حقنا ولا مثل منزلتنا ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم وقالوا قد عظموا من الحل مثل ما عظموا من الحرم فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم صلى الله عليه وسلم ويرون لسائر العرب أن يقفوا عليها وأن يفيضوا منها إلا أنهم قالوا نحن أهل الحرم فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها كما نعظمها نحن الحمس والحمس أهل الحرم ثم جعلوا لمن ولدوا من العرب من ساكن الحل والحرم مثل الذي لهم بولادتهم إياهم يحل لهم ما يحل لهم ويحرم عليهم ما يحرم عليهم § وكانت كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك.
ما زادته العرب في الحمس *
قال ابن إسحاق ثم ابتدعوا في ذلك أمورا لم تكن لهم حتى قالوا لا ينبغي للحمس أن يأتقطوا الأقط ولا يسلئوا السمن وهم حرم ولا يدخلوا بيتا من شعر ولا يستظلوا إن استظلوا إلا في بيوت الأدم ما كانوا حرما ثم رفعوا في ذلك فقالوا لا ينبغي لأهل الحل أن يأكلوا من طعام جاءوا به معهم من الحل إلى الحرم إذا جاءوا حجاجا أو عمارا ولا يطوفوا بالبيت إذا قدموا أول طوافهم إلا في ثياب الحمس فإن لم يجدوا منها شيئا طافوا بالبيت عراة فإن تكرم منهم متكرم من رجل أو امرأة ولم يجد ثياب الحمس فطاف في ثيابه التي جاء بها من الحل ألقاها إذا فرغ من طوافه ثم لم ينتفع بها ولم يمسها هو ولا أحد غيره أبدا فكانت العرب تسمي تلك الثياب اللقى فحملوا على ذلك العرب فدانت به ووقفوا على عرفات وأفاضوا منها وطافوا بالبيت عراة أما الرجال فيطوفون عراة وأما النساء فضع إحداهن ثيابها كلها إلا درعا مفرجا عليها ثم تطوف فيه فقالت امرأة من العرب وهي كذلك تطوف بالبيت اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله § ومن طاف منهم في ثيابه التي جاء فيها من الحل ألقاها فلم ينتفع بها هو ولا غيره فقال قائل من العرب يذكر شيئا تركه من ثيابه فلا يقربه وهو يحبه كفى جزنا كرى عليها كأنها لقى بين أيدي الطائفين حريم يقول لا تمس فكانوا كذلك حتى بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه حين أحكم له دينه وشرع له سنن حجه ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم يعني قريشا والناس العرب فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات والوقوف عليها والإفاضة منها وأنزل الله عليه فيما كانوا حرموا على الناس من طعامهم ولبوسهم عند البيت حين طافوا عراة وحرموا ما جاءوا به من الحل من الطعام @QURS007A031_BEG يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون @QURS007A032_END فوضع الله تعالى أمر الحمس وما كانت قريش ابتدعت منه على الناس بالإسلام حين بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم § عن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم عن عمه نافع بن جبير عن أبيه جبير بن مطعم قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينزل عليه الوحي وإنه لواقف على بعير له بعرفات مع الناس من بين قومه حتى يدفع معهم منها توفيقا من الله له صلى الله عليه وآله وسلم تسليما كثيرا.
إخبار الكهان من العرب والأحبار من يهود والرهبان من النصارى *
قال ابن إسحاق وكانت الأحبار من يهود والرهبان من النصارى والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه لما تقارب من زمانه أما الأحبار من يهود والرهبان من النصارى فعما وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه وأما الكهان من العرب فأتتهم به الشياطين من الجن فيما تسترق من السمع إذ كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم وكان الكاهن والكاهنة لا يزال يقع منهما ذكر بعض أموره لا تلقي العرب لذلك فيه بالا حتى بعثه الله تعالى ووقعت تلك الأمور التي كانوا يذكرون فعرفوها فلما تقارب أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضر مبعثه حجبت الشياطين عن السمع وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد لاستراق السمع فيها فرموا بالنجوم فعرفت الجن أن ذلك لأمر حدث من أمر الله في العباد § يقول الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم حين بعثه وهو يقص عليه خبر الجن إذ حجبوا عن السمع فعرفوا ما عرفوا وما أنكروا من ذلك حين رأوا ما رأوا قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا إلى قوله @QURS072A009_BEG وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا @QURS072A010_BEG وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا فلما سمعت الجن القرآن عرفت أنها إنما منعت من السمع قبل ذلك لئلا يشكل الوحي بشيء من خبر السماء فيلتبس على أهل الأرض ما جاءهم من الله فيه لوقوع الحجة وقطع الشبهة فآمنوا وصدقوا ثم @QURS46A029_BEG ولوا إلى قومهم منذرين @QURS46A030_BEG قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم الآية وكان قول الجن وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا أنه كان الرجل من العرب من قريش وغيرهم § إذا سافر فنزل بطن واد من الأرض ليبيت فيه قال إني أعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة من شر ما فيه.
فزع ثقيف من رمي الجن بالنجوم وسؤاله عمرو بن أمية *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن أول العرب فزع للرمي بالنجوم حين رمي بها هذا الحي من ثقيف وأنهم جاءوا إلى رجل منهم يقال له عمرو بن أمية أحد بني علاج قال وكان أدهى العرب وأنكرها رأيا فقالوا له يا عمرو ألم تر ما حدث في السماء من القذف بهذه النجوم قال بلى فانظروا فإن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر وتعرف بها الأنواء من الصيف والشتاء لما يصلح الناس § في معايشهم هي التي يرمى بها فهو والله طي الدنيا وهلاك هذا الخلق الذي فيها وإن كانت نجوما غيرها وهي ثابتة على حالها فهذا لأمر أراد الله به هذا الخلق فما هو.
حديثه صلى الله عليه وسلم مع الأنصار في رمي الجن بالنجوم *
قال ابن إسحاق وذكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عن عبد الله بن العباس عن نفر من الأنصار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم ماذا كنتم تقولون في هذا النجم الذي يرمى به قالوا يا نبي الله كنا نقول حين رأيناها يرمى بها مات ملك ملك ملك ولد مولود مات مولود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذلك كذلك ولكن الله تبارك وتعالى كان إذا قضى في خلقه أمرا سمعه حملة العرش فسبحوا فسبح من تحتهم فسبح لتسبيحهم من تحت ذلك فلا يزال التسبيح يهبط حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيسبحوا ثم يقول بعضهم لبعض مم سبحتم فيقولون سبح من فوقنا فسبحنا لتسبيحهم فيقولون ألا تسألون من فوقكم مم سبحوا فيقولون مثل ذلك حتى ينتهوا إلى حملة العرش فيقال لهم مم سبحتم فيقولون قضى الله في خلقه كذا وكذا للأمر الذي كان فيهبط به الخبر من سماء إلى سماء حتى ينتهي إلى السماء الدنيا فيتحدثوا به فتسترقه الشياطين بالسمع على توهم واختلاف ثم يأتوا به الكهان من أهل الأرض فيحدثوهم به فيخطئون ويصيبون فيتحدث به الكهان فيصيبون بعضا ويخطئون بعضا ثم إن الله عز وجل حجب الشياطين بهذه النجوم التي يقذفون بها فانقطعت الكهانة اليوم فلا كهانة.
قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن أبي جعفر عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه بمثل حديث ابن شهاب عنه.
الغيطلة وما حدثت به بني سهم *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم إن امرأة من بني سهم يقال لها الغيطلة كانت كاهنة في الجاهلية جاءها صاحبها ليلة من الليالي فانقض تحتها ثم قال أدر ما أدر يوم عقر ونحر فقالت قريش حين بلغها ذلك ما يريد ثم جاءها ليلة أخرى فانقض تحتها ثم قال شعوب ما شعوب تصرع فيه كعب لجوب فلما بلغ ذلك قريشا قالوا ماذا يريد إن هذا لأمر هو كائن فانظروا ما هو فما عرفوه حتى كانت وقعة بدر وأحد بالشعب فعرفوا أنه الذي كان جاء به إلى صاحبته.
حديث كاهن جنب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني علي بن نافع الجرشي أن جنبا بطنا من اليمن كان لهم كاهن في الجاهلية فلما ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشر في العرب قالت له جنب انظر لنا في أمر هذا الرجل واجتمعوا له في أسفل جبله فنزل عليهم حين طلعت الشمس فوقف لهم قائما متكئا على قوس له فرفع رأسه إلى السماء طويلا ثم جعل ينزو ثم قال أيها الناس إن الله أكرم محمدا واصطفاه وطهر قلبه وحشاه ومكثه فيكم أيها الناس قليل ثم أسند في جبله راجعا من حيث جاء.
ما جرى بين عمر بن الخطاب وسواد بن قارب *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أنه حدث أن عمر بن الخطاب بينا هو جالس في الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من العرب داخلا المسجد يريد عمر بن الخطاب فلما نظر إليه عمر رضي الله عنه قال إن هذا الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد أو لقد كان كاهنا في الجاهلية فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر رضي الله عنه هل أسلمت قال نعم يا أمير المؤمنين قال له § فهل كنت كاهنا في الجاهلية فقال الرجل سبحان الله يا أمير المؤمنين لقد خلت في واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت فقال عمر اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا نعبد الأصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله برسوله وبالإسلام قال نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا في الجاهلية قال فأخبرني ما جاءك به صاحبك قال جاءني قبل الإسلام بشهر أو شيعه فقال ألم تر إلى الجن وإبلاسها وإياسها من دينها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها.
إنذار يهود برسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا إن مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله تعالى وهداه لنا لما كنا نسمع من رجال يهود و كنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس لنا وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا إنه قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم أجبناه حين دعانا إلى الله تعالى وعرفنا ما كانوا يتوعدوننا به فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ففينا وفيهم نزل هؤلاء الآيات من البقرة ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين.
حديث سلمة عن اليهودي الذي أنذر بالرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود ابن لبيد أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة بن وقش وكان سلمة من أصحاب بدر قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة وأنا يومئذ من أحدث من فيه سنا علي بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار قال فقال ذلك لقوم أهل شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت فقالوا له ويحك يا فلان أوترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به ولود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدار يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطينونه عليه بأن ينجو من تلك النار غدا فقالوا له ويحك يا فلان فما آية ذلك قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة واليمن فقالوا ومتى تراه قال فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا فقال إن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة فو الله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله محمدا رسوله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا قال فقلنا له ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت قال بلى ولكن ليس به.
أخبرنا الحسين بن علي التميمي ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ثنا عمرو بن زرارة ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد عن سلمة بن سلامة بن وقش قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته حتى وقف على بني عبد الأشهل قال سلمة وأنا يومئذ حدث علي بردة لي مضطجع فيها بفناء أهلي فذكر القيامة والبعث والحساب والميزان والجنة والنار قال فقال ذلك في أهل يثرب والقوم أصحاب أوثان لا يرون بعثا كائنا عند الموت فقالوا له ويحك أترى هذا كائنا يا فلان إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى جنة ونار ويجزون فيها بأعمالهم قال نعم والذي يحلف به قالوا يا فلان ويحك ما آية ذلك قال نبي مبعوث من نحو هذه البلاد وأشار بيده إلى مكة قالوا ومتى نراه قال فنظر إلي وأنا أصغرهم سنا فقال أن يستنفد هذا الغلام عمره يدركه قال سلمة فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تبارك وتعالى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي بين أظهرنا فآمنا به وكفر بغيا وحسدا فقلنا له ويحك يا فلان ألست الذي قلت لنا فيه ما قلت قال بلى ولكنه ليس به.
إسلام ثعلبة وأسيد ابني سعية وأسد بن عبيد *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن شيخ من بني قريظة قال لي هل تدري عم كان إسلام ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد ابن عبيد نفر من بني هدل إخوة بني قريظة كانوا معهم في جاهليتهم ثم كانوا سادتهم في الإسلام قال قلت لا والله قال فإن رجلا من يهود من أهل الشام يقال له ابن الهيبان قدم علينا قبيل الإسلام بسنين فحل بين أظهرنا لا والله ما رأينا رجلا قط لا يصلي الخمس أفضل منه فأقام عندنا فكنا إذا قحط عنا المطر قلنا له اخرج يا بن الهيبان فاستسق لنا فيقول لا والله حتى تقدموا بين يدي مخرجكم صدقة فنقول له كم فيقول صاعا من تمر أو مدين من شعير قال فنخرجها ثم يخرج بنا إلى ظاهر حرتنا فيستسقي الله لنا فو الله ما يبرح مجلسه حتى يمر السحاب ونسقى قد فعل ذلك غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث قال ثم حضرته الوفاة عندنا فلما عرف أنه ميت قال يا معشر يهود ما ترونه أخرجني من أرض الخمر والخمير إلى أرض البؤس والجوع قال قلنا إنك أعلم قال فإني إنما قدمت هذه § البلدة أتوكف خروج نبي قد أظل زمانه وهذه البلدة مهاجره فكنت أرجو أن يبعث فأتبعه وقد أظلكم زمانه فلا تسبقن إليه يا معشر يهود فإنه يبعث بسفك الدماء وسبي الذراري والنساء ممن خالفه فلا يمنعكم ذلك منه فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاصر بني قريظة قال هؤلاء الفتية وكانوا شبابا أحداثا يا بني قريظة والله إنه للنبي الذي كان عهد إليكم فيه ابن الهيبان قالوا ليس به قالوا بلى والله إنه لهو بصفته فنزلوا وأسلموا وأحرزوا دماءهم وأموالهم وأهليهم.
حديث إسلام سلمان رضي الله عنه *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود ابن لبيد عن عبد الله بن عباس قال حدثني سلمان الفارسي وأنا أسمع من فيه قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه لم يزل به حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية واجتهدت في المجوسية حتى كنت قطن النار § الذي يوقدها لا يتركها تخبو ساعة قال وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل في بنيان له يوما فقال لي يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فاطلعها وأمرني فيها ببعض ما يريد ثم قال لي ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري قال فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم وقلت هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه فو الله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها ثم قلت لهم أين أصل هذا الدين قالوا بالشام فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن عمله كله فلما جئته قال أي بني أين كنت أولم أكن عهدت إليك ما عهدت قال قلت له يا أبت مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فو الله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه قال قلت له كلا والله إنه لخير من ديننا قال فخافني فجعل في رجلي قيدا ثم حبسني في بيته قال وبعثت إلى النصارى فقلت لهم إذا قدم عليكم ركب من الشام فأخبروني بهم قال فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنوني بهم قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين علما قالوا الأسقف في الكنيسة § قال فجئته فقلت له إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك وأخدمك في كنيستك فأتعلم منك وأصلي معك قال ادخل فدخلت معه قال وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق قال فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قال فقالوا لي وما علمك بذلك قال قلت لهم أنا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه قال فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا قال فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدا قال فصلبوه ورجموه بالحجارة وجاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه قال يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أرى أنه كان أفضل منه و أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه قال فأحببته حبا لم أحبه شيئا قبله قال فأقمت معه زمانا طويلا ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان إني قد كنت معك وأحببتك حبا لم أحبه شيئا قبلك وقد حضرك ما ترى من أمر الله تعالى فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال أي بني والله ما أعلم اليوم أحدا على ما كنت عليه فقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فالحق به § قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره فقال لي أقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانا أوصى بي إليك وأمرني باللحوق بك وقد حضرك من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فأخبرته خبري وما أمرني به صاحبه فقال أقم عندي فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه فأقمت مع خير رجل فو الله ما لبث أن نزل به الموت فلما حضر قلت له يا فلان إن فلانا كان أوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إليك قال فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال يا بني والله ما أعلمه بقي أحد على أمرنا آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فإنه على مثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته فإنه على أمرنا فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدى أصحابه وأمرهم قال واكتسبت حتى كانت لي بقرات وغنيمة قال ثم نزل به أمر الله تعالى فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصى بي إلى فلان ثم أوصى بي فلان إلى § فلان ثم أوصى بي فلان إليك فإلى من توصي بي وبم تأمرني قال أي بني والله ما أعلمه أصبح اليوم أحد على مثل ما كنا عليه من الناس آمرك به أن تأتيه ولكنه قد أظل زمان نبي وهو مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام يخرج بأرض العرب مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل قال ثم مات وغيب ومكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث ثم مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم احملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتهموها وحملوني معهم حتى إذا بلغوا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي عبدا فكنت عنده ورأيت النخل فرجوت أن يكون البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي فبينا أنا عنده إذ قدم عليه ابن عم له من بني قريظة من المدينة فابتاعني منه فاحتملني إلى المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فو الله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل له فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال يا فلان قاتل الله بني قيلة والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي ح وحدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا @TR1_YBWS@ يونس بن بكير ح وحدثنا الحسن بن العباس الرازي ثنا @TR1_ZAZA@ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة كلهم عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس حدثني سلمان حديثه من فيه قال كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من قرية يقال لها جي وكان أبي دهقان قريته وكنت أحب خلق الله إليه فلم يزل بي حبه إياي حتى حبسني في بيته كما تحبس الجارية فاجتهدت في المجوسية حتى كنت قاطن النار أوقدها لا أتركها تخبو ساعة واحدة وكانت لأبي ضيعة عظيمة فشغل يوما فقال لي يا بني إني قد شغلت هذا اليوم عن ضيعتي فاذهب إليها فطالعها فأمره فيها ببعض ما يريد ثم قال لي لا تحتبس علي فإنك إن احتبست علي كنت أهم علي من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري فخرجت أريد ضيعته أسير إليها فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون وكنت لا أدري ما أمر الناس لحبس أبي إياي في بيته فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم أنظر ما يصنعون فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في دينهم وقلت هذا والله خير من § الدين الذي نحن عليه فما برحت من عندهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي ثم قلت لهم من أبصركم بهذا الدين قالوا رجل بالشام ثم رجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وقد شغلته عن عمله قال أبي بني أين كنت ألم أعهد إليك ما عهدت قلت إني مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فدخلت إليهم فما زلت عندهم وهم يصلون حتى غربت الشمس قال أي بني ليس في ذلك الدين خير دينك ودين آبائك خير منه ثم حبسني في بيته وبعثت إلى النصراني فقلت إذا قدم إليكم ركب من الشام فأخبروني بهم فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى فأخبروني بهم فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبروني بهم فألقيت الحديد من رجلي ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين علما قالوا الأسقف في الكنيسة فجئته فقلت إني قد رغبت في هذا الدين فأحببت أن أكون معك أخدمك في كنيستك وأتعلم منك وأصلي معك قال فادخل فدخلت معه وكان رجل سوء يأمر بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا به إليه شيئا منها اكتنزه لنفسه فلم يعط إنسانا منها شيئا حتى جمع قلالا من ذهب وورق فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته يصنع ثم مات واجتمعت إليه النصارى ليدفنوه فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا وما علمك بذلك قلت لهم فأنا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه فدللتهم عليه فاستخرجوا ذهبا وورقا فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدا فصلبوه ثم رجموه بالحجارة وكان ثم رجل آخر فجعلوه مكانه قال يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلي الخمس أفضل منه أزهد في الدنيا ولا أرغب في الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارا منه فأحببته حبا لم أحبه شيئا قط فما زلت معه زمانا ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان § إني قد كنت معك فأحببتك حبا لم أحبه شيئا قط وقد حضرك ما ترى من أمر الله عز وجل فإلى من توصي بي وما تأمرني قال أي بني والله ما أعلم أحدا على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا كثيرا مما كانوا عليه إلا رجلا بالموصل وهو فلان وهو على ما كنت عليه فالحق به فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان إن فلانا أوصاني عند موته أن ألحق بك وأخبرني أنك على أمره قال فأقم عندي فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه فلم ألبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانا أوصاني إليك وأمرني أن ألحق بك وقد حضر من أمر الله ما ترى فإلى من توصي بي وما تأمرني قال يا بني ما أعلم بقي أحد آمرك أن تأتيه إلا رجلا بعمورية بأرض الروم على مثل ما نحن عليه فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية فأخبرته خبري فقال أقم عندي فأقمت عند خير رجل على هدي أصحابه وأمرهم واكتسبت حتى كانت عندي بقيرات وغنيمة ثم نزل به أمر الله عز وجل فلما حضر قلت له يا فلان إني كنت مع فلان فأوصاني إلى فلان ثم أوصى فلان إلى فلان ثم أوصاني فلان إليك فإلى من توصي بي وإلى من تأمرني قال والله ما أعلم أصبح على مثل ما نحن فيه أحد من الناس آمرك أن تأتيه ولكن أظلك زمان نبي هو مبعوث بدين إبراهيم صلى الله عليه وسلم يخرج بأرض العرب إلى أرض أظنه قال ذات نخل به علامات لا تخفى يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوة فإن استطعت أن تلحق بذلك البلاد فافعل ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث مر بي نفر من كلب تجار فقلت لهم تحملوني إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتي هذه وغنيمتي هذه قالوا نعم فأعطيتهم وحملوني معهم حتى إذا قدموا وادي القرى ظلموني فباعوني من رجل يهودي فكنت عنده فرأيت النخل فرجوت البلد الذي وصف لي صاحبي ولم يحق في نفسي § فبينا أنا عنده قدم عليه ابن عم له من بني قريظة وابتاعني منه فحملني إلى المدينة فوالله ما هو إلا أن رأيتها عرفتها بصفة صاحبي فأقمت بها فبعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم وأقام بمكة ما أقام ما أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق ثم هاجر إلى المدينة فوالله إني لفي رأس عذق لسيدي أعمل فيه بعض العمل وسيدي جالس تحتي إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال قاتل الله بني فيلة والله إنهم ليجتمعون على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبي.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس قال قال سلمان فلما سمعتها أخذتني العرواء.
فإن كان مع ذلك عرق فهي الرحضاء وكلاهما ممدود حتى ظننت أني سأسقط على سيدي فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول ماذا تقول فغضب سيدي فلكمني لكمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قال قلت لا شيء إنما أردت أن أستثبته عما قال قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء قد كان عندي للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم قال فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل قال فقلت في نفسي هذه واحدة قال ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به فقلت له إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه قال فقلت في نفسي هاتان ثنتان § ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قد تبع جنازة رجل من أصحابه و علي شملتان لي وهو جالس في أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدبرته عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا بن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد قال سلمان ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاث مائة نخلة أحييها له بالفقير وأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين ودية والرجل بخمس عشرة ودية والرجل بعشر يعين الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاث مائة ودية فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت § فأتني أكن أنا أضعها بيدي قال ففقرت وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلنا نقرب إليه الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا فو الذي نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة قال فأديت النخل وبقي علي المال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المعادن فقال ما فعل الفارسي المكاتب قال فدعيت له فقال خذ هذه فأدها مما عليك يا سلمان قال قلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي فقال خذها فإن الله سيؤدي بها عنك قال فأخذتها فوزنت لهم منها والذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم منها وعتق سلمان فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخندق حرا ثم لم يفتني معه مشهد
فلما سمعتها أخذني الفرح حتى ظننت أني سأسقط على سيدي ونزلت عن النخلة وجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا يقول فغضب سيدي فلطمني لطمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قلت لا شيء إنما أردت أن أستفتيه عما قال وقد كان عندي شيء قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له إنه قد بلغني أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شيء كان عندي صدقة فرأيتكم أحق به من غيركم وقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه كلوا وأمسك هو فلم يأكل منه فقلت في نفسي هذه واحدة ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئته به فقلت له رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا وقلت في نفسي هاتان ثنتان ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقيع الغرقد قد اتبع جنازة رجل من الأنصار وهو جالس فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذي وصف لي صاحبي فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرت عرف أني أستثبت في شيء وصف لي فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته فأكببت عليه أقبله وأبكي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فجلست بين يديه فقصصت عليه حديثي كما حدثتك يا ابن عباس فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له وبأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعانوني في النخل الرجل بثلاثين والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر والرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لي ثلاثمائة نخلة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان فآذني حتى أكون أنا أضعها بيدي ففقرت لها وأعانني أصحابي حتى إذا فرغت جئته فأخبرته فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معي إليها فجعلت إليها فجعلت أقرب له الودي ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده حتى فرغنا والذي نفس سلمان بيده ما مات منه ودية واحدة فأديت النخل وبقي علي المال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض المغازي فقال ما فعل الفارسي المكاتب فدعيت له فقال خذ هذه فأد بها ما عليك فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي فقال خذها فإن الله عز وجل سيؤديها عنك فوزنت له منها فوالذي نفس سلمان بيده أربعين أوقية وأوفيتهم حقهم وعتق سلمان وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفته مشهد.
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن رجل من عبد القيس عن سلمان أنه قال لما قلت وأين تقع هذه من الذي علي يا رسول الله أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه ثم قال خذها فأوفهم منها فأخذتها فأوفيتهم منها حقهم كله أربعين أوقية.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال حدثني من لا أتهم عن عمر بن عبد العزيز بن مروان قال حدثت عن سلمان الفارسي أنه قال.
سلمان والرجل الذي كان يخرج بين غيضتين بعمورية *
حدثت عن سلمان الفارسي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبره خبره إن صاحب عمورية قال له ائت كذا وكذا من أرض الشام فإن بها رجلا بين غيضتين يخرج في كل سنة من هذه الغيضة إلى هذه الغيضة مستجيزا يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد منهم إلا شفي فاسأله عن هذا § الدين الذي تبتغي فهو يخبرك عنه قال سلمان فخرجت حتى أتيت حيث وصف لي فوجدت الناس قد اجتمعوا بمرضاهم هنالك حتى خرج لهم تلك الليلة مستجيزا من إحدى الغيضتين إلى أخرى فغشيه الناس بمرضاهم لا يدعو لمريض إلا شفي وغلبوني عليه فلم أخلص إليه حتى دخل الغيضة التي يريد أن يدخل إلا منكبه قال فتناولته فقال من هذا والتفت إلي فقلت يرحمك الله أخبرني عن الحنيفية دين إبراهيم قال إنك لتسأل عن شيء ما يسأل عنه الناس اليوم قد أظلك زمان نبي يبعث بهذا الدين من أهل الحرم فأته فهو يحملك عليه قال ثم دخل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمان لئن كنت صدقتني يا سلمان لقد لقيت عيسى بن مريم على نبينا وعليه السلام.
ذكر ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وعبيد الله بن جحش وعثمان بن الحويرث وزيد بن عمرو بن نفيل *
قال ابن إسحاق واجتمعت قريش يوما في عيد لهم عند صنم من أصنامهم كانوا يعظمونه وينحرون له ويعكفون عنده ويديرون به وكان ذلك عيدا لهم في كل سنة يوما فخلص منهم أربعة نفر نجيا ثم قال بعضهم لبعض تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض قالوا أجل وهم ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي § وعبيد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب وعثمان ابن الحويرث بن أسد بن عبد العزى بن قصي وزيد بن عمرو بن نفيل ابن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب ابن لؤي فقال بعضهم لبعض تعلموا والله ما قومكم على شيء لقد أخطئوا دين أبيهم إبراهيم ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع يا قوم التمسوا لأنفسكم دينا فإنكم والله ما أنتم على شيء فتفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية دين إبراهيم فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما من أهل الكتاب وأما عبيد الله بن جحش فأقام على ما هو عليه من الالتباس حتى أسلم ثم هاجر مع المسلمين إلى الحبشة ومعه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان مسلمة فلما قدمها تنصر وفارق الإسلام حتى هلك هنالك نصرانيا.
ما كان يفعله ابن جحش بعد تنصره بمسلمي الحبشة *
قال ابن إسحاق فحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عبيد الله ابن جحش حين تنصر يمر بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم هنالك من أرض الحبشة فيقول فقحنا وصأصأتم أي أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر § ولم تبصروا بعد وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه لينظر صأصأ لينظر وقوله فقح فتح عينيه.
زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من امرأة ابن جحش بعد موته *
قال ابن إسحاق وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث فيها إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري فخطبها عليه النجاشي فزوجه إياها وأصدقها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع مائة دينار فقال محمد بن علي ما نرى عبد الملك بن مروان وقف صداق النساء على أربع مائة دينار إلا عن ذلك وكان الذي أملكها النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن سعيد ابن العاص.
تنصر ابن الحويرث وذهابه إلى قيصر *
زيد بن عمرو وما وصل إليه وشيء عنه *
قال ابن إسحاق وأما زيد بن عمرو بن نفيل فوقف فلم يدخل في يهودية ولا نصرانية وفارق دين قومه فاعتزل الأوثان والميتة والدم والذبائح التي § تذبح على الأوثان ونهى عن قتل الموءودة وقال أعبد رب إبراهيم وبادى قومه بعيب ما هم عليه.
قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل شيخا كبيرا مسندا ظهره إلى الكعبة وهو يقول يا معشر قريش والذي نفس زيد ابن عمرو بيده ما أصبح منكم أحد على دين إبراهيم غيري ثم يقول اللهم لو أني أعلم أي الوجوه أحب إليك عبدتك به ولكني لا أعلمه ثم يسجد على راحته.
قال ابن إسحاق وحدثت أن ابنه سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وعمر بن الخطاب وهو ابن عمه قالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنستغفر لزيد بن عمرو قال نعم فإنه يبعث أمة وحده.
شعر زيد في فراق دين قومه *
وقال زيد بن عمرو بن نفيل في فراق دين قومه وما كان لقي منهم في ذلك أربا واحدا أم ألف رب أدين إذا تقسمت الأمور عزلت اللات والعزى جميعا كذلك يفعل الجلد الصبور فلا العزى أدين ولا ابنتيها ولا صنمي بني عمرو أزور ولا هبلا أدين وكان ربا لنا في الدهر إذ حلمي يسير عجبت وفي الليالي معجبات وفي الأيام يعرفها البصير بأن الله قد أفنى رجالا كثيرا كان شأنهم الفجور وأبقى آخرين ببر قوم فيربل منهم الطفل الصغير § وبينا المرء يفتر ثاب يوما كما يتروح الغصن المطير ولكن أعبد الرحمن ربي ليغفر ذنبي الرب الغفور فتقوى الله ربكم احفظ ها متى ما تحفظوها لا تبوروا ترى الأبرار دارهم جنان وللكفار حامية سعير وخزي في الحياة وإن يموتوا يلاقوا ما تضيق به الصدور وقال زيد بن عمرو بن نفيل أيضا.
إلى الله أهدي مدحتي وثنائيا %~% وقولا رصينا لا يني الدهر باقيا إلى الملك الأعلى الذي ليس فوقه إله ولا رب يكون مدانيا ألا أيها الإنسان إياك والردى فإنك لا تخفي من الله خافيا وإياك لا تجعل مع الله غيره فإن سبيل الرشد أصبح باديا حنانيك إن الحن كانت رجاءهم وأنت إلهي ربنا ورجائيا § رضيت بك اللهم ربا فلن أرى أدين إلها غيرك الله ثانيا أدين لرب يستجاب ولا أرى أدين لمن لم يسمع الدهر داعيا وأنت الذي من فضل من ورحمة بعثت إلى موسى رسولا مناديا فقلت له يا اذهب وهارون فادعوا إلى الله فرعون الذي كان طاغيا وقولا له أأنت سويت هذه بلا وتد حتى اطمأنت كما هيا وقولا له أأنت رفعت هذه بلا عمد أرفق إذا بك بانيا وقولا له أأنت سويت وسطها منيرا إذا ما جنه الليل هاديا وقولا له من يرسل الشمس غدوة فيصبح ما مست من الأرض ضاحيا وقولا له من ينبت الحب في الثرى فيصبح منه البقل يهتز رابيا ويخرج منه حبه في رءوسه وفي ذاك آيات لمن كان واعيا وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا وإني و لو سبحت باسمك ربنا لأكثر إلا ما غفرت خطائيا § فرب العباد ألق سيبا ورحمة علي وبارك في بني وماليا وقال زيد بن عمرو يعاتب امرأته صفية بنت الحضرمي
شعر زيد في عتاب زوجته على اتفاقها مع الخطاب في معاكسته *
قال ابن إسحاق وكان زيد بن عمرو قد أجمع الخروج من مكة ليضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم فكانت صفية بنت الحضرمي كلما رأته قد تهيأ للخروج وأراده آذنت به الخطاب بن نفيل وكان الخطاب ابن نفيل عمه وأخاه لأمه وكان يعاتبه على فراق دين قومه وكان الخطاب قد وكل صفية به وقال إذا رأيتيه قد هم بأمر فآذنيني به فقال زيد لا تحبسينى في الهوان صفي ما دابي ودابه إني إذا خفت الهوان مشيع ذلل ركابه دعموص أبواب الملوك وجائب للخرق نابه § قطاع أسباب تذل بغير أقران صعابه وإنما أخذ الهوان العير إذ يوهى إهابه ويقول إني لا أذل بصك جنبيه صلابه وأخي ابن أمى ثم عمي لا يواتيني خطابه وإذا يعاتبني بسوء قلت أعياني جوابه ولو أشاء لقلت ما عندي مفاتحه وبابه.
شعر زيد حين كان يستقبل الكعبة *
قال ابن إسحاق وحدثت عن بعض أهل زيد بن عمرو بن نفيل أن زيدا كان إذا استقبل الكعبة داخل المسجد قال لبيك حقا حقا تعبدا ورقا عذت بما عاذ به إبراهم مستقبل القبلة وهو قائم إذ قال أنفي لك اللهم عان راغم مهما تجشمني فإني جاشم البر أبغي لا الخال ليس مهجر كمن قال.
قال ابن إسحاق وقال زيد بن عمرو بن نفيل § وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا دحاها فلما رآها استوت على الماء أرسى عليها الجبالا وأسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا إذا هي سيقت إلى بلدة أطاعت فصبت عليها سجالا وكان الخطاب قد آذى زيدا حتى أخرجه إلى أعلى مكة فنزل حراء مقابل مكة ووكل به الخطاب شبابا من شباب قريش وسفهاء من سفهائها فقال لهم لا تتركوه يدخل مكة فكان لا يدخلها إلا سرا منهم فإذا علموا بذلك آذنوا به الخطاب فأخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم وأن يتابعه أحد منهم على فراقه فقال وهو يعظم حرمته على من استحل منه ما استحل من قومه لا هم إني محرم لا حله وإن بيتي أوسط المحله عند الصفا ليس بذي مضله ثم خرج يطلب دين إبراهيم عليه السلام ويسأل الرهبان والأحبار حتى بلغ الموصل والجزيرة كلها ثم أقبل فجال الشام كله حتى انتهى إلى راهب بميفعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم أهل النصرانية فيما يزعمون فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم فقال إنك لتطلب دينا ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم ولكن قد أظل زمان نبي يخرج من بلادك التي خرجت منها يبعث بدين إبراهيم الحنيفية فالحق بها فإنه مبعوث الآن هذا زمانه وقد كان § شام اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئا منهما فخرج سريعا حين قال له ذلك الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا توسط بلاد لخم عدوا عليه فقتلوه فقال ورقة بن نوفل بن أسد يبكيه رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما تجنبت تنورا من النار حاميا بدينك ربا ليس رب كمثله وتركك أوثان الطواغي كما هيا وإدراكك الدين الذي قد طلبته ولم تك عن توحيد ربك ساهيا فأصبحت في دار كريم مقامها تعلل فيها بالكرامة لاهيا تلاقي خليل الله فيها ولم تكن من الناس جبارا إلى النار هاويا وقد تدرك الإنسان رحمة ربه ولو كان تحت الأرض سبعين واديا.
صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإنجيل *
قال ابن إسحاق وقد كان فيما بلغني عما كان وضع عيسى بن مريم فيما جاءه من الله في الإنجيل لأهل الإنجيل من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثبت يحنس الحواري لهم حين نسخ لهم الإنجيل عن عهد عيسى بن مريم عليه السلام § في رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم أنه قال من أبغضني فقد أبغض الرب ولولا أني صنعت بحضرتهم صنائع لم يصنعها أحد قبلي ما كانت لهم خطيئة ولكن من الآن بطروا وظنوا أنهم يعزونني وأيضا للرب ولكن لا بد من أن تتم الكلمة التي في الناموس أنهم أبغضوني مجانا أي باطلا فلو قد جاء المنحمنا هذا الذي يرسله الله إليكم من عند الرب و روح القدس هذا الذي من عند الرب خرج فهو شهيد علي وأنتم أيضا لأنكم قديما كنتم معي في هذا قلت لكم لكيما لا تشكوا والمنحمنا بالسريانية محمد وهو بالرومية البرقليطس صلى الله عليه وآله وسلم.
مبعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما *
قال ابن إسحاق فلما بلغ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا وكان الله تبارك وتعالى قد أخذ الميثاق على كل نبي بعثه قبله بالإيمان به والتصديق له والنصر له على من خالفه وأخذ عليهم أن يؤدوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم فأدوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال § أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري أي ثقل ما حملتكم من عهدي قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فأخذ الله ميثاق النبيين جميعا بالتصديق له والنصر له ممن خالفه وأدوا ذلك إلى من آمن بهم وصدقهم من أهل هذين الكتابين.
أول ما بدئ به الرسول صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة *
قال ابن إسحاق فذكر الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها حدثته أن أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين أراد الله كرامته ورحمة العباد به الرؤيا الصادقة لا يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا في نومه إلا جاءت كفلق الصبح قالت وحبب الله تعالى إليه الخلوة فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده.
تسليم الحجارة والشجر عليه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الملك بن عبيد الله بن أبي سفيان بن العلاء ابن جارية الثقفي وكان واعية عن أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراده الله بكرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وبطون أوديتها فلا يمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجر ولا شجر إلا قال السلام عليك يا رسول الله قال فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله § وعن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى إلا الشجر والحجارة فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك يرى ويسمع ما شاء الله أن يمكث ثم جاءه جبريل عليه السلام بما جاءه من كرامة الله وهو بحراء في شهر رمضان.
ابتداء نزول جبريل عليه السلام *
قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان مولى آل الزبير قال سمعت عبد الله بن الزبير وهو يقول لعبيد بن عمير بن قتادة الليثي حدثنا يا عبيد كيف كان بدء ما ابتدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من النبوة حين جاءه جبريل عليه السلام قال فقال عبيد وأنا حاضر يحدث عبد الله ابن الزبير ومن عنده من الناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في حراء من كل سنة شهرا وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية والتحنث التبرر.
بحث لغوي لابن هشام في معنى التحنث *
قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان قال قال عبيد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك ثم يرجع إلى بيته حتى إذا كان الشهر الذي أراد الله تعالى به فيه ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه الله تعالى فيها وذلك الشهر شهر رمضان خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه أهله حتى إذا كانت الليلة التي أكرمه الله فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبريل عليه السلام بأمر الله تعالى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب فقال اقرأ قال قلت ما أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال قلت ما أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال قلت ماذا أقرأ قال فغتني به حتى ظننت أنه § الموت ثم أرسلني فقال اقرأ قال فقلت ماذا أقرأ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع بي فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم قال فقرأتها ثم انتهى فانصرف عني وهببت من نومي فكأنما كتبت في قلبي كتابا قال فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتا من السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فرفعت رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال فوقفت أنظر إليه فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء قال فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فما زلت واقفا ما أتقدم أمامي وما أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مكاني ذلك ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفا إليها فقالت يا أبا القاسم أين كنت فو الله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا مكة § ورجعوا لي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت أبشر يا بن عم واثبت فو الذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم قامت فجمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عمها وكان ورقة قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل فأخبرته بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى وسمع فقال ورقة بن نوفل قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لئن كنت صدقتيني يا خديجة لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له فليثبت فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة بن نوفل فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره وانصرف صنع كما كان يصنع بدأ بالكعبة فطاف بها فلقيه ورقة بن نوفل وهو يطوف بالكعبة فقال يا بن أخي أخبرني بما رأيت وسمعت فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ورقة والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذينه ولتخرجنه ولتقاتلنه ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصرن الله نصرا يعلمه ثم أدنى رأسه منه فقبل يافوخه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله.
وحدثني عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله عن § محمد بن إسحاق قال حدثني وهب بن كيسان أنه سمع عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما يسأل عبيد بن عمير الجندعي عن بدو أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبيد كان صلى الله عليه وسلم يجاور بحراء من كل سنة شهرا ويطعم من جاءه من المشركين فإذا قضى جواره لم يصل إلى بيته حتى يطوف بالكعبة فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء وكان يقول لم يكن من الخلق شيء أبغض إلي من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق النظر إليهما فلما ابتدأني الله عز وجل بكرامته أتاني رجل في كفه نمط من ديباج فيه كتاب وأنا نائم فقال اقرأ فقلت وما أقرأ فغطني حتى ظننت أنه الموت ثم كشط عني فقال اقرأ فقلت وما أقرأ فعاد لي مثل ذلك فقال اقرأ فقلت وما أقرأ فعاودني بمثل ذلك فقلت أنا أمي ولا أقولها إلا تنحيا من أن يعود لي بمثل الذي فعل بي فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إلى قوله علم الإنسان ما لم يعلم ثم انتهى كما كان يصنع بي قال ففزعت فكأنما صور في قلبي كتابا فقلت إن الأبعد لشاعر أو مجنون فقلت لا تحدث عني قريش بهذا لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلها فخرجت وما أريد غير ذلك فبينا أنا عامد لذلك إذ سمعت مناديا ينادي من السماء يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل فذهبت أرفع رأسي فإذا رجل صاف قدميه في أفق السماء فوقفت لا أقدر على أن أتقدم ولا أتأخر وما أصرف وجهي في ناحية من السماء إلا قد رأيته حتى بعثت خديجة رضي § الله عنها إلي رسلها في طلبي ورجعوا إليها فلم أزل كذلك حتى كاد النهار يتحول ثم انصرفت فجئت خديجة رضي الله عنها فجلست إلى فخذيها مضيفا فقالت يا أبا القاسم أنى كنت والله لقد بعثت في طلبك رسلي قال صلى الله عليه وسلم قلت إن الأبعد لشاعر أو مجنون فقالت رضي الله عنها معاذ الله يا ابن عم ما كان الله ليفعل بك إلا خيرا لعلك رأيت شيئا أو سمعت فأخبرها الخبر فقالت يا ابن عم والذي يحلف به إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ثم جمعت عليها ثيابها ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل وكان يقرأ الكتب فأخبرته الخبر وقصت عليه ما قص عليها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ورقة والذي نفسي بيده لإن كنت صدقتني إنه لنبي هذه الأمة إنه ليأتيه الناموس الأكبر الذي يأتي موسى فقولي له فليثبت قال فرجعت رضي الله عنها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر فاستكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم جواره بحراء ثم نزل فبدأ بالبيت فطاف به فلقيه ورقة بن نوفل فقال يا ابن أخي أخبرني بالذي رأيت فقص عليه خبره فقال والذي نفسي بيده إنه ليأتيك الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنك لنبي هذه الأمة ولتؤذين ولتخرجن ولتقاتلن ولتنصرن ولئن أدركت ذلك لأنصرنك نصرا يعلمه الله مني حقا ثم دنا فقبل شواته يعني وسط رأسه ثم انصرف فقال ورقة بن نوفل في ذلك البحر الوافر § ذكرت وكنت في الذكرى لجوجا لهم طال ما بعث النشيجا ووصف من خديجة بعد وصف فقد طال انتظاري يا خديجا وقال ورقة بن نوفل أيضا في ذلك: البحر البسيط يا للرجال لصرف الدهر والقدر وما عسى قد قضاه الله من غير جاءت خديجة تنبيني لأخبرها وما لنا بخميس الغيب من خبر فكان ما سألت عنه لأخبرها أمرا أراه سيأتي الناس في أخر بأن أحمد يأتيه فيخبره جبريل أنك مبعوث إلى البشر فقلت: كان الذي ترجين ينجزه لك الإله فرجي الخير وانتظري فأرسليه إلينا كي نسائله عن أمره ما يرى في النوم والسهر فقال حين أتاني منطقا عجبا يقف منه أعالي الجلد والشعر إني رأيت أمين الله واجهني في صورة أكملت في أحسن الصور ثم استمر فكاد الخوف يذعرني مما يسلم ما حولي من الشجر وللمليك علي أن دعوتهم قبل الجهاد بلا من ولا كدر ليت المليك إله الناس أخرني حتى تعالى من يدعو من البدر.
امتحان خديجة برهان الوحي *
قال ابن إسحاق وحدثني إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير أنه حدث § عن خديجة رضي الله عنها أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي ابن عم أتستطيع أن تخبرني بصاحبك هذا الذي يأتيك إذا جاءك قال نعم قالت فإذا جاءك فأخبرني به فجاءه جبريل عليه السلام كما كان يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة يا خديجة هذا جبريل قد جاءني قالت قم يا بن عم فاجلس على فخذي اليسرى قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس عليها قالت هل تراه قال نعم قالت فتحول فاجلس على فخذي اليمنى قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على فخذها اليمنى فقالت هل تراه قال نعم قالت فتحول فاجلس في حجري قالت فتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس في حجرها قالت هل تراه قال نعم قال فتحسرت وألقت خمارها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في حجرها ثم قالت له هل تراه قال لا قالت يا بن عم اثبت وأبشر فو الله إنه لملك وما هذا بشيطان.
قال ابن إسحاق وقد حدثت عبد الله بن حسن هذا الحديث فقال قد سمعت أمي فاطمة بنت حسين تحدث بهذا الحديث عن خديجة إلا أني سمعتها تقول أدخلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها وبين درعها فذهب عند ذلك جبريل فقالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا لملك وما هو بشيطان.
ابتداء تنزيل القرآن *
قال ابن إسحاق فابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنزيل في شهر رمضان بقول الله عز وجل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن § هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وقال الله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر وقال الله تعالى حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين وقال تعالى إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان G وذلك ملتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين ببدر.
قال ابن إسحاق وحدثني أبو جعفر محمد بن علي بن حسين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التقى هو والمشركون ببدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من رمضان.
قال ابن إسحاق ثم تتام الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن بالله مصدق بما جاءه منه قد قبله بقبوله وتحمل منه ما حمله على رضا العباد وسخطهم والنبوة أثقال ومؤنة لا يحملها ولا يستطيع بها إلا أهل القوة والعرم من الرسل بعون الله تعالى وتوفيقه لما يلقون من الناس وما يرد عليهم مما جاءوا به عن الله سبحانه وتعالى قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله على ما يلقى من قومه من الخلاف والأذى وآمنت به خديجة بنت خويلد وصدقت بما جاءه من الله ووازرته على أمره وكانت أول من آمن بالله وبرسوله وصدق بما جاء منه فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس رحمها الله تعالى.
حدثنا ابن البرقي أبو بكر حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي قال قال محمد بن إسحاق كانت خديجة بنت خويلد أول من آمنت بالله ورسوله وصدقت ما جاءه من الله عز وجل فخفف الله بذلك عن رسوله فكان لا يسمع شيئا يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت رحمها الله.
تبشير الرسول لخديجة ببيت من قصب *
قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
فترة الوحي ونزول سورة الضحى *
قال ابن إسحاق ثم فتر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة من ذلك حتى شق ذلك عليه فأحزنه فجاءه جبريل بسورة الضحى يقسم له ربه وهو الذي أكرمه بما أكرمه به ما ودعه وما قلاه فقال تعالى والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى يقول ما صرمك فتركك وما أبغضك منذ أحبك وللآخرة خير لك من الأولى أي لما عندي من مرجعك إلي خير لك مما عجلت لك من الكرامة في الدنيا ولسوف يعطيك ربك فترضى من الفلج في الدنيا والثواب في الآخرة ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى يعرفه الله ما ابتدأه به من كرامته في عاجل أمره ومنه عليه في يتمه وعيلته وضلالته واستنقاذه من ذلك كله برحمته.
فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر أي لا تكن جبارا ولا متكبرا ولا فحاشا فظا على الضعفاء من عباد الله وأما بنعمة ربك فحدث أي بما جاءك من الله من نعمته وكرامته من النبوة فحدث أي اذكرها وادع إليها فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما أنعم الله به عليه وعلى العباد به من النبوة سرا إلى من يطمئن إليه من أهله.
ابتداء فرض الصلاة *
وافترضت الصلاة عليه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.
افترضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم زيدت *
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما افترضت عليه ركعتين ركعتين كل صلاة ثم إن الله تعالى أتمها في الحضر أربعا وأقرها في السفر على فرضها الأول ركعتين.
تعليم جبريل الرسول صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن الصلاة حين افترضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو بأعلى مكة فهمز له بعقبه في ناحية الوادي فانفجرت منه عين فتوضأ جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رأى جبريل توضأ ثم قام به جبريل فصلى به وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاته ثم انصرف جبريل عليه السلام فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فتوضأ لها ليريها كيف الطهور للصلاة كما أراه جبريل فتوضأت كما توضأ لها رسول الله عليه الصلاة والسلام ثم صلى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام كما صلى به جبريل فصلت بصلاته.
تعيين جبريل أوقات الصلاة للرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني عتبة بن مسلم مولى بني تميم عن نافع بن جبير بن مطعم وكان نافع كثير الرواية عن ابن عباس قال لما افترضت الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام فصلى به الظهر حين مالت الشمس ثم صلى به العصر حين كان ظله مثله ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب الشفق ثم صلى به الصبح حين طلع الفجر ثم جاءه فصلى به الظهر من غد حين كان ظله مثله ثم صلى به العصر حين كان ظله مثليه ثم صلى به المغرب حين غابت الشمس لوقتها بالأمس ثم صلى به العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل الأول ثم صلى به الصبح مسفرا غير مشرق ثم قال يا محمد الصلاة فيما بين صلاتك اليوم وصلاتك بالأمس.
ذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول ذكر أسلم *
قال ابن إسحاق ثم كان أول ذكر من الناس آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معه وصدق بما جاءه من الله تعالى علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم رضوان الله وسلامه عليه وهو يومئذ ابن عشر سنين وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه كان في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج قال كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب ومما صنع الله له وأراده به من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس عمه وكان من أيسر بني هاشم يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق بنا إليه فلنخفف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكلهما عنه فقال العباس نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا له إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما.
فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه وأخذ العباس جعفرا فضمه إليه فلم يزل علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا فاتبعه علي رضي الله عنه وآمن به وصدقه ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
خروج علي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شعاب مكة يصليان ووقوف أبي طالب على أمرهما *
قال ابن إسحاق وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه فيصليان الصلوات فيها § فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا ثم إن أبا طالب عثر عليهما يوما وهما يصليان فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا بن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به قال أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم أو كما قال صلى الله عليه وسلم بعثني الله به رسولا إلى العباد وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه أو كما قال فقال أبو طالب أي ابن أخي إني لا أستطيع أن أفارق دين آبائي وما كانوا عليه ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما بقيت وذكروا أنه قال لعلي أي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه فقال يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدقته بما جاء به وصليت معه لله واتبعته فزعموا أنه قال له أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.
إسلام زيد بن حارثة ثانيا *
قال ابن إسحاق ثم أسلم زيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى ابن امرئ القيس الكلبي مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول ذكر أسلم وصلى بعد علي بن أبي طالب.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال أسلم زيد بن حارثة بعد علي رضي الله عنه فكان أول من أسلم بعده.
إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وشأنه *
قال ابن إسحاق ثم أسلم أبو بكر بن أبي قحافة واسمه عتيق واسم أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
إسلامه *
قال ابن إسحاق فلما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله وكان أبو بكر رجلا مألفا لقومه محببا سهلا وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلا تاجرا ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه قال فأسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة § ابن كعب بن لؤي وعبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وسعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن مرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي فجاء بهم إلى رسول الله صلى الله § عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما بلغني ما دعوت أحدا إلى الإسلام إلا كانت فيه عنده كبوة ونظر وتردد إلا ما كان من أبي بكر بن أبي قحافة ما عكم عنه حين ذكرته له وما تردد فيه.
قال ابن إسحاق فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما جاءه من الله ثم أسلم أبو عبيدة بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر وأبو سلمة واسمه عبد الله ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب § ابن لؤي والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد وكان أسد يكنى أبا جندب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ابن لؤي وعثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي وأخواه قدامة وعبد الله ابنا مظعون بن حبيب وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله § ابن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي وامرأته فاطمة بنت الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي ابن كعب بن لؤي أخت عمر بن الخطاب وأسماء بنت أبي بكر وعائشة بنت أبي بكر وهي يومئذ صغيرة وخباب بن الأرت حليف بني زهرة.
إسلام عمير وابن مسعود وابن القاري *
قال ابن إسحاق وعمير بن أبي وقاص أخو سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل § ابن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل ومسعود بن القاري وهو مسعود ابن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب بن محلم بن عائذة ابن سبيع بن الهون بن خزيمة من القارة.
إسلام سليط وأخيه وعياش وامرأته وخنيس وعامر *
قال ابن إسحاق وسليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأخوه حاطب بن عمرو وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته أسماء بنت سلامة ابن مخربة التميمية وخنيس بن حذافة بن عدي بن سعد بن سهم بن عمرو ابن هصيص بن كعب بن لؤي وعامر بن ربيعة § من عنز بن وائل حليف آل الخطاب بن نفيل بن عبد العزى.
إسلام ابني جحش وجعفر وامرأته وأولاد الحارث ونسائهم والسائب والمطلب وامرأته *
قال ابن إسحاق وعبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة وأخوه أبو أحمد بن جحش حليفا بني أمية بن عبد شمس وجعفر بن أبي طالب وامرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك بن قحافة من خثعم وحاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن § عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي وامرأته فاطمة بنت المجلل بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأخوه حطاب بن الحارث وامرأته فكيهة بنت يسار ومعمر بن الحارث ابن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والسائب بن عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب والمطلب ابن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته رملة بنت أبي عوف بن صبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والنحام واسمه نعيم بن عبد الله بن أسيد أخو بني عدي بن كعب بن لؤي.
إسلام عامر بن فهيرة ونسبه *
إسلام خالد بن سعيد وامرأته أمينة *
قال ابن إسحاق وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وامرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة.
إسلام حاطب وأبي حذيفة وإسلام واقد وشيء عنه *
قال ابن إسحاق وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر § ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي بن غالب بن فهر وأبو حذيفة واسمه مهشم.
إسلام بني البكير وعمار بن ياسر *
قال ابن إسحاق وخالد وعامر وعاقل وإياس بنو البكير § ابن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة حلفاء بني عدي بن كعب وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم بن يقظة.
إسلام صهيب ونسبه *
مباداة رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وما كان منهم *
قال ابن إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالا من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به ثم إن الله عز وجل أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يصدع بما جاءه منه وأن يبادي الناس بأمره وأن يدعو إليه وكان بين ما أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره واستتر به إلى أن أمره الله تعالى بإظهار دينه ثلاث سنين فيما بلغني من مبعثه ثم قال الله تعالى له فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين وقال تعالى وأنذر § عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين وقل إني أنا النذير المبين .
حدثنا عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله قال قال ابن إسحاق حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى يا لغالب فخرجوا إليه من المسجد والدور من سمع صوته ثم قال صلى الله عليه وسلم يا آل لؤي فرجع إلا من كان من لؤي ثم قال صلى الله عليه وسلم يا لكعب فرجع إلا من كان من كعب ثم قال صلى الله عليه وسلم يا لقصي فرجع إلا من كان من آل قصي ثم قال صلى الله عليه وسلم يا لعبد مناف فرجع إلا من كان من آل عبد مناف ثم قالوا هذه عبد مناف فما تريد قال صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين وأنتم هم وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله .
خروج الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه إلى شعاب مكة وما فعله سعد *
قال ابن إسحاق وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلوا ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعب من شعاب مكة إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه فكان أول دم هريق في الإسلام.
إظهار قومه صلى الله عليه وسلم العداوة له وحدب عمه أبي طالب عليه *
قال ابن إسحاق فلما بادى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه فيما بلغني حتى ذكر آلهتهم وعابها فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون وحدب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله مظهرا لأمره لا يرده عنه شيء فلما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه من فراقهم وعيب آلهتهم ورأوا أن عمه أبا طالب قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب وأبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.
قال ابن إسحاق وأبو البختري واسمه العاص بن هشام بن الحارث بن أسد ابن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي.
قال ابن إسحاق والأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وأبو جهل واسمه عمرو وكان يكنى أبا الحكم بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة ابن كعب بن لؤي والوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة ابن مرة بن كعب بن لؤي ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي والعاص بن وائل.
وفد قريش مع أبي طالب في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق أو من مشى منهم فقالوا يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلي بيننا وبينه فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا عنه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه ثم شرى الأمر بينه وبينهم حتى تباعد الرجال وتضاغنوا وأكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بينها فتذامروا فيه وحض بعضهم بعضا عليه ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا له يا أبا طالب إن لك سنا وشرفا ومنزلة فينا وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وعيب آلهتنا حتى تكفه عنا أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد § الفريقين أو كما قالوا له ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم ولم يطب نفسا بإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ولا خذلانه.
طلب أبي طالب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الكف عن الدعوة وجوابه له *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه حدث أن قريشا حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني فقالوا لي كذا وكذا للذي كانوا قالوا له فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق قال فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه بداء أنه خاذله ومسلمه وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته قال ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام فلما ولى ناداه أبو طالب فقال أقبل يا بن أخي قال فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اذهب يا بن أخي فقل ما أحببت فو الله لا أسلمك لشيء أبدا.
مشي قريش إلى أبي طالب ثالثة بعمارة بن الوليد المخزومي *
قال ابن إسحاق ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة فقالوا له فيما بلغني يا أبا طالب هذا عمارة § ابن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله فخذه فلك عقله ونصره واتخذه ولدا فهو لك وأسلم إلينا ابن أخيك هذا الذي قد خالف دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك وسفه أحلامهم فنقتله فإنما هو رجل برجل فقال والله لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه هذا والله ما لا يكون أبدا قال فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا فقال أبو طالب للمطعم والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك أو كما قال فحقب الأمر وحميت الحرب وتنابذ القوم وبادى بعضهم بعضا فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من بني عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم ألا قل لعمرو والوليد ومطعم ألا ليت حظي من حياطتكم بكر من الخور حبحاب كثير رغاؤه يرش على الساقين من بوله قطر § تخلف خلف الورد ليس بلاحق إذا ما علا الفيفاء قيل له وبر أرى أخوينا من أبينا وأمنا إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر بلى لهما أمر ولكن تجرجما كما جرجمت من رأس ذي علق الصخر أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر هما أغمزا للقوم في أخويهما فقد أصبحا منهم أكفهما صفر هما أشركا في المجد من لا أبا له من الناس إلا أن يرس له ذكر وتيم ومخزوم وزهرة منهم وكانوا لنا مولى إذا بغى النصر فو الله لا تنفك منا عداوة ولا منهم ما كان من نسلنا شفر فقد سفهت أحلامهم وعقولهم وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر.
ذكر ما فتنت به قريش المؤمنين وعذبتهم على الإيمان *
قال ابن إسحاق ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب § رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أسلموا معه فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم ومنع الله رسوله صلى الله عليه وسلم منهم بعمه أبي طالب وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه وأجابوه إلى ما دعاهم إليه إلا ما كان من أبي لهب عدو الله الملعون فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه وحدبهم عليه جعل يمدحهم ويذكر قديمهم ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ومكانه منهم ليشد لهم رأيهم وليحدبوا معه على أمره فقال إذا اجتمعت يوما قريش لمفخر فعبد مناف سرها وصميمها وإن حصلت أشراف عبد منافها ففي هاشم أشرافها وقديمها وإن فخرت يوما فإن محمدا هو المصطفى من سرها وكريمها تداعت قريش غثها وسمينها علينا فلم تظفر وطاشت حلومها وكنا قديما لا نقر ظلامة إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها ونحمي حماها كل يوم كريهة ونضرب عن أجحارها من يرومها بنا انتعش العود الذواء وإنما بأكنافنا تندى وتنمى أرومها § ثم إن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش وكان ذا سن فيهم وقد حضر الموسم فقال لهم يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ويرد قولكم بعضه بعضا قالوا فأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به قال بل أنتم فقولوا أسمع قالوا نقول كاهن قال لا والله ما هو بكاهن لقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه قالوا فنقول مجنون قال ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته قالوا فنقول شاعر قال ما هو بشاعر لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر قالوا فنقول ساحر قال ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثهم ولا عقدهم قالوا فما نقول يا أبا عبد شمس قال والله إن لقوله لحلاوة وإن أصله لعذق وإن فرعه لجناة.
وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا ساحر جاء بقول هو سحر يفرق به بين المرء وأبيه وبين المرء وأخيه وبين المرء § وزوجته وبين المرء وعشيرته فتفرقوا عنه بذلك فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله ذرني ومن خلقت وحيدا وجعلت له مالا ممدودا وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا إنه كان لآياتنا عنيدا أي خصيما.
ما أنزل الله في النفر الذين كانوا مع المغيرة *
قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى في النفر الذين كانوا معه يصنفون القول § في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به من الله تعالى كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين فو ربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعملون .
تفرق النفر في قريش يشوهون رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فجعل أولئك النفر يقولون ذلك في رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن لقوا من الناس وصدرت العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتشر ذكره في بلاد العرب كلها.
شعر أبي طالب في استعطاف قريش *
فلما خشي أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التي تعوذ فيها بحرم مكة وبمكانه منها وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم وغيرهم في ذلك من شعره أنه غير مسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تاركه لشيء أبدا حتى يهلك دونه فقال ولما رأيت القوم لا ود فيهم وقد قطعوا كل العرى والوسائل وقد صارحونا بالعداوة والأذى وقد طاوعوا أمر العدو المزايل وقد حالفوا قوما علينا أظنة يعضون غيظا خلفنا بالأنامل صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة وأبيض عضب من تراث المقاول § وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي وأمسكت من أثوابه بالوصائل قياما معا مستقبلين رتاجه لدى حيث يقضي حلفه كل نافل وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم بمفضى السيول من إساف ونائل موسمة الأعضاد أو قصراتها مخيسة بين السديس وبازل ترى الودع فيها والرخام وزينة بأعناقها معقودة كالعثاكل أعوذ برب الناس من كل طاعن علينا بسوء أو ملح بباطل ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة ومن ملحق في الدين ما لم نحاول وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه وراق ليرقى في حراء ونازل وبالبيت حق البيت من بطن مكة وبالله إن الله ليس بغافل وبالحجر المسود إذ يمسحونه إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافيا غير ناعل § وأشواط بين المروتين إلى الصفا وما فيهما من صورة وتماثل ومن حج بيت الله من كل راكب ومن كل ذي نذر ومن كل راجل وبالمشعر الأقصى إذا عمدوا له إلال إلى مفضى الشراج القوابل وتوقافهم فوق الجبال عشية يقيمون بالأيدي صدور الرواحل وليلة جمع والمنازل من منى وهل فوقها من حرمة ومنازل وجمع إذ ما المقربات أجزنه سراعا كما يخرجن من وقع وابل وبالجمرة الكبرى إذا صمدوا لها يؤمون قذفا رأسها بالجنادل وكندة إذا هم بالحصاب عشية تجيز بهم حجاج بكر بن وائل حليفان شدا عقد ما احتلفا له وردا عليه عاطفات الوسائل وحطمهم سمر الصفاح وسرحه § وشبرقه وخد النعام الجوافل فهل بعد هذا من معاذ لعائذ وهل من معيذ يتقي الله عاذل يطاع بنا العدى وودوا لو اننا تسد بنا أبواب ترك وكابل كذبتم وبيت الله نترك مكة ونظعن إلا أمركم في بلابل كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل وينهض قوم في الحديد إليكم نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل وحتى ترى ذا الضغن يركب ردعه من الطعن فعل الأنكب المتحامل وإنا لعمر الله إن جد ما أرى لتلتبسن أسيافنا بالأماثل بكفي فتى مثل الشهاب سميدع أخي ثقة حامي الحقيقة باسل § شهورا وأياما وحولا مجرما علينا وتأتي حجة بعد قابل وما ترك قوم لا أبا لك سيدا يحوط الذمار غير ذرب مواكل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاف من آل هاشم فهم عنده في رحمة وفواضل لعمري لقد أجرى أسيد وبكره إلى بغضنا وجزآنا لآكل وعثمان لم يربع علينا وقنفذ ولكن أطاعا أمر تلك القبائل أطاعا أبيا وابن عبد يغوثهم ولم يرقبا فينا مقالة قائل كما قد لقينا من سبيع ونوفل وكل تولى معرضا لم يجامل فإن يلقيا أو يمكن الله منهما نكل لهما صاعا بصاع المكايل وذاك أبو عمرو أبى غير بغضنا ليظعننا في أهل شاء وجامل يناجي بنا في كل ممسى ومصبح فناج أبا عمرو بنا ثم خاتل ويؤلى لنا بالله ما إن يغشنا بلى قد نراه جهرة غير حائل أضاق عليه بغضنا كل تلعة من الأرض بين أخشب فمجادل § وسائل أبا الوليد ماذا حبوتنا بسعيك فينا معرضا كالمخاتل وكنت امرأ ممن يعاش برأيه ورحمته فينا ولست بجاهل فعتبة لا تسمع بنا قول كاشح حسود كذوب مبغض ذي دغاول ومر أبو سفيان عني معرضا كما مر قيل من عظام المقاول يفر إلى نجد وبرد مياهه ويزعم أني لست عنكم بغافل ويخبرنا فعل المناصح أنه شفيق ويخفي عارمات الدواخل أمطعم لم أخذلك في يوم نجدة ولا معظم عند الأمور الجلائل ولا يوم خصم إذا أتوك ألدة أولي جدل من الخصوم المساجل أمطعم إن القوم ساموك خطة وإني متى أوكل فلست بوائل جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجلا غير آجل بميزان قسط لا يخس شعيرة له شاهد من نفسه غير عائل § لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا بني خلف قيضا بنا والغياطل ونحن الصميم من ذؤابة هاشم وآل قصي في الخطوب الأوائل وسهم ومخزوم تمالوا وألبوا علينا العدا من كل طمل وخامل فعبد مناف أنتم خير قومكم فلا تشركوا في أمركم كل واغل لعمري لقد وهنتم وعجزتم وجئتم بأمر مخطئ للمفاصل وكنتم حديثا حطب قدر وأنتم الآن حطاب أقدر ومراجل ليهنئ بني عبد مناف عقوقنا وخذلاننا وتركنا في المعاقل فإن نك قوما نتئر ما صنعتم وتحتلبوها لقحة غير باهل وسائط كانت في لؤي بن غالب نفاهم إلينا كل صقر حلاحل ورهط نفيل شر من وطئ الحصى وألأم حاف من معد وناعل فأبلغ قصيا أن سينشر أمرنا وبشر قصيا بعدنا بالتخاذل ولو طرقت ليلا قصيا عظيمة إذا ما لجأنا دونهم في المداخل ولو صدقوا ضربا خلال بيوتهم لكنا أسى عند النساء المطافل فكل صديق وابن أخت نعده لعمري وجدنا غبه غير طائل § سوى أن رهطا من كلاب بن مرة براء إلينا من معقة خاذل وهنا لهم حتى تبدد جمعهم ويحسر عنا كل باغ وجاهل وكان لنا حوض السقاية فيهم ونحن الكدى من غالب والكواهل شباب من المطيبين وهاشم كبيض السيوف بين أيدي الصياقل فما أدركوا ذحلا ولا سفكوا دما ولا حالفوا إلا شرار القبائل بضرب ترى الفتيان فيه كأنهم ضواري أسود فوق لحم خرادل بني أمة محبوبة هندكية بني جمح عبيد قيس بن عاقل ولكننا نسل كرام لسادة بهم نعي الأقوام عند البواطل ونعم ابن أخت القوم غير مكذب زهير حساما مفردا من حمائل أشم من الشم البهاليل ينتمي إلى حسب في حومة المجد فاضل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد وإخوته دأب المحب المواصل فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها وزينا لمن والاه رب المشاكل § فمن مثله في الناس أي مؤمل إذا قاسه الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش يوالي إلها ليس عنه بغافل فو الله لولا أن أجيء بسنة تجر على أشياخنا في المحافل لكنا اتبعناه على كل حالة من الدهر جدا غير قول التهازل لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الأباطل فأصبح فينا أحمد في أرومة تقصر عنه سورة المتطاول حدبت بنفسي دونه وحميته ودافعت عنه بالذرى والكلاكل فأيده رب العباد بنصره وأظهر دينا حقه غير باطل رجال كرام غير ميل نماهم إلى الخير آباء كرام المحاصل فإن تك كعب من لؤي صقيبة فلا بد يوما مرة من تزايل.
الأسماء التي وردت في قصيدة أبي طالب *
قال ابن إسحاق والغياطل من بني سهم بن عمرو بن هصيص وأبو سفيان ابن حرب ابن أمية ومطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وزهير § ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأمه عاتكة بنت عبد المطلب.
قال ابن إسحاق وأسيد وبكره عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وعثمان بن عبيد الله أخو طلحة بن عبيد الله التيمي وقنفذ بن عمير بن جدعان بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة وأبو الوليد عتبة بن ربيعة وأبي الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة بن كلاب.
شعر ابن الأسلت في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فقال أبو قيس بن الأسلت وكان يحب قريشا وكان لهم صهرا كانت عنده أرنب بنت أسد بن عبد العزى بن قصي وكان يقيم عندهم السنين بامرأته قصيدة يعظم فيها الحرمة وينهى قريشا فيها عن الحرب ويأمرهم بالكف بعضهم عن بعض ويذكر فضلهم وأحلامهم ويأمرهم بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكرهم بلاء الله عندهم ودفعه عنهم الفيل وكيده عنهم فقال يا راكبا إما عرضت فبلغن مغلغلة عني لؤي بن غالب رسول امرئ قد راعه ذات بينكم على النأي محزون بذلك ناصب وقد كان عندي للهموم معرس فلم أقض منها حاجتي ومآربي نبيتكم شرجين كل قبيلة لها أزمل من بين مذك وحاطب § أعيذكم بالله من شر صنعكم وشر تباغيكم ودس العقارب وإظهار أخلاق ونجوى سقيمة كوخز الأشافي وقعها حق صائب فذكرهم بالله أول وهلة وإحلال أحرام الظباء الشوازب وقل لهم والله يحكم حكمه ذروا الحرب تذهب عنكم في المراحب متى تبعثوها تبعثوها ذميمة هي الغول للأقصين أو للأقارب تقطع أرحاما وتهلك أمة وتبري السديف من سنام وغارب وتستبدلوا بالأتحمية بعدها شليلا وأصداء ثياب المحارب وبالمسك والكافور غبرا سوابغا كأن قتيريها عيون الجنادب فإياكم والحرب لا تعلقنكم وحوضا وخيم الماء مر المشارب تزين للأقوام ثم يرونها بعاقبة إذ بينت أم صاحب تحرق لا تشوي ضعيفا وتنتحي ذوي العز منكم بالحتوف الصوائب ألم تعلموا ما كان في حرب داحس فتعتبروا أو كان في حرب حاطب وكم قد أصابت من شريف مسود طويل العماد ضيفه غير خائب § عظيم رماد النار يحمد أمره وذي شيمة محض كريم المضارب وماء هريق في الضلال كأنما أذاعت به ريح الصبا والجنائب يخبركم عنها امرؤ حق عالم بأيامها والعلم علم التجارب فبيعوا الحراب ملمحارب واذكروا حسابكم والله خير محاسب ولي امرئ فاختار دينا فلا يكن عليكم رقيبا غير رب الثواقب أقيموا لنا دينا حنيفا فأنتم لنا غاية قد يهتدى بالذوائب وأنتم لهذا الناس نور وعصمة تؤمون والأحلام غير عوازب وأنتم إذا ما حصل الناس جوهر لكم سرة البطحاء شم الأرانب تصونون أجسادا كراما عتيقة مهذبة الأنساب غير أشائب ترى طالب الحاجات نحو بيوتكم عصائب هلكى تهتدي بعصائب لقد علم الأقوام أن سراتكم على كل حال خير أهل الجباجب وأفضله رأيا وأعلاه سنة وأقوله للحق وسط المواكب فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا بأركان هذا البيت بين الأخاشب فعندكم منه بلاء ومصدق غداة أبي يكسوم هادي الكتائب كتيبته بالسهل تمسي ورجله على القاذفات في رءوس المناقب § فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم جنود المليك بين ساف وحاصب فولوا سراعا هاربين ولم يؤب إلى أهله ملحبش غير عصائب فإن تهلكوا نهلك وتهلك مواسم يعاش بها قول امرئ غير كاذب.
شعر حكيم بن أمية في صد قومه عن عداوة النبي صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وقال حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي حليف بني أمية وقد أسلم يورع قومه عما أجمعوا عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيهم شريفا مطاعا § هل قائل قولا هو الحق قاعد عليه وهل غضبان للرشد سامع وهل سيد ترجو العشيرة نفعه لأقصى الموالي والأقارب جامع تبرأت إلا وجه من يملك الصبا وأهجركم ما دام مدل ونازع وأسلم وجهي للإله ومنطقي ولو راعني من الصديق روائع.
ذكر لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قومه *
قال ابن إسحاق ثم إن قريشا اشتد أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أسلم معه منهم فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم سفهاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مظهر لأمر الله لا يستخفي به مباد لهم بما يكرهون من عيب دينهم واعتزال أوثانهم وفراقه إياهم على كفرهم.
حديث ابن العاص عن أكثر ما رأى قريشا نالته من رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فحدثني يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة بن الزبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانوا يظهرون من عداوته قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من أمر هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا فبينا هم في ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشي حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما مر بهم غمزوه § ببعض القول قال فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فوقف ثم قال أتسمعون يا معشر قريش أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح قال فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم فو الله ما كنت جهولا قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا باداكم بما تكرهون تركتموه فبينما هم في ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون أنت الذي تقول كذا وكذا لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا الذي أقول ذلك قال فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه قال فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه وهو يبكي ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم انصرفوا عنه فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا نالوا منه قط.
بعض ما نال أبا بكر في سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض آل أم كلثوم بنت أبي بكر أنها قالت لقد رجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه مما جبذوه بلحيته وكان رجلا كثير الشعر.
إسلام حمزة رحمه الله *
قال ابن إسحاق حدثني رجل من أسلم كان واعية أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة § في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه راجعا من قنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم وكان أعز فتى في قريش وأشد شكيمة فلما مر بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قالت له يا أبا عمارة لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام وجنده هاهنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته فخرج يسعى ولم يقف على أحد معدا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ثم قال أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول فرد ذلك علي إن استطعت فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.
قول عتبة بن ربيعة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان سيدا قال يوما وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده يا معشر قريش ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ويكف عنا وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون فقالوا بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمه فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بن أخي إنك منا حيث قد علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أبا الوليد أسمع قال يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه § أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه أو كما قال له حتى إذا فرغ عتبة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه قال أقد فرغت يا أبا الوليد قال نعم قال فاسمع مني قال أفعل فقال بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه فلما سمعها منه عتبة أنصت لها وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها فسجد ثم قال قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد قال ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه فو الله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم وكنتم أسعد الناس به قالوا سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم.
ما دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين رؤساء قريش وتفسير لسورة الكهف *
قال ابن إسحاق ثم إن الإسلام جعل يفشو بمكة في قبائل قريش في الرجال والنساء وقريش تحبس من قدرت على حبسه وتفتن من استطاعت § فتنته من المسلمين ثم إن أشراف قريش من كل قبيلة كما حدثني بعض أهل العلم عن سعيد بن جبير وعن عكرمة مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو سفيان بن حرب والنضر ابن الحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار وأبو البختري بن هشام والأسود بن المطلب بن أسد وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبو جهل ابن هشام وعبد الله بن أبي أمية والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان وأمية بن خلف أو من اجتمع منهم قال اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ثم قال بعضهم لبعض ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه إن أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك فأتهم فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بداء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا له يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك وإنا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك أو كما قالوا له فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا فنحن نسودك علينا وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا فربما كان ذلك بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم § ما بي ما تقولون ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم أو كما قال صلى الله عليه وسلم قالوا يا محمد فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا ولا أقل ماء ولا أشد عيشا منا فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليفجر لنا فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول أحق هو أم باطل فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك وعرفنا به منزلتك من الله وأنه بعثك رسولا كما تقول فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله تعالى حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فإذا لم تفعل هذا لنا § فخذ لنفسك سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغي فإنك تقوم بالأسواق كما نقوم وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا أو كما قال فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لا نؤمن لك إلا أن تفعل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إلى الله إن شاء أن يفعله بكم فعل قالوا يا محمد أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك عنه ونطلب منك ما نطلب فيتقدم إليك فيعلمك ما تراجعنا به ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به إنه قد بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نملكك أو تهلكنا وقال قائلهم نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله وقال قائلهم لن نؤمن لك حتى تأتينا بالله والملائكة قبيلا § فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قام عنهم وقام معه عبد الله ابن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وهو ابن عمته فهو لعاتكة بنت عبد المطلب فقال له يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل أو كما قال له فو الله لا أومن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر إليك حتى تأتيها ثم تأتي معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وايم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أني أصدقك ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا آسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه ولما رأى من مباعدتهم إياه فلما قام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو جهل يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا وتسفيه أحلامنا وشتم آلهتنا وإني أعاهد الله لأجلسن له غدا بحجر ما أطيق حمله أو كما قال فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه فأسلموني عند ذلك أو امنعوني فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم قالوا والله لا نسلمك لشيء أبدا فامض لما تريد فلما أصبح أبو جهل أخذ حجرا كما وصف ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وقبلته إلى الشام فكان إذا صلى صلى بين § الركن اليماني والحجر الأسود وجعل الكعبة بينه وبين الشام فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر ثم أقبل نحوه حتى إذا دنا منه رجع منهزما منتقعا لونه مرعوبا قد يبست يداه على حجره حتى قذف الحجر من يده وقامت إليه رجال قريش فقالوا له ما لك يا أبا الحكم قال قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل لا والله ما رأيت مثل هامته ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط فهم بي أن يأكلني.
قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه فلما قال لهم ذلك أبو جهل قام النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
قال ابن إسحاق فقال يا معشر قريش إنه والله قد نزل بكم أمر ما أتيتم له بحيلة بعد قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم § ساحر لا والله ما هو بساحر لقد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم وقلتم كاهن لا والله ما هو بكاهن قد رأينا الكهنة وتخالجهم وسمعنا سجعهم وقلتم شاعر لا والله ما هو بشاعر قد رأينا الشعر وسمعنا أصنافه كلها هزجه ورجزه وقلتم مجنون لا والله ما هو بمجنون لقد رأينا الجنون فما هو بخنقه ولا وسوسته ولا تخليطه يا معشر قريش فانظروا في شأنكم فإنه والله لقد نزل بكم أمر عظيم وكان النضر بن الحارث من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وينصب له العداوة وكان قد قدم الحيرة وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس وأحاديث رستم واسبنديار فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فذكر فيه بالله وحذر قومه ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله خلفه في مجلسه إذا قام ثم قال أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه فهلم إلي فأنا أحدثكم أحسن من حديثه ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسبنديار ثم يقول بماذا محمد أحسن حديثا مني.
قال ابن إسحاق وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول فيما بلغني نزل فيه ثمان آيات من القرآن قول الله عز وجل إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين وكل ما ذكر فيه من الأساطير من القرآن.
أرسلت قريش النضر وابن أبي معيط إلى أحبار يهود يسألانهم عن محمد صلى الله عليه وسلم *
فلما قال لهم ذلك النضر بن الحارث بعثوه وبعثوا معه عقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة وقالوا لهما سلاهم عن محمد وصفا لهم صفته وأخبراهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ليس عندنا من علم § الأنبياء فخرجا حتى قدما المدينة فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفا لهم أمره وأخبراهم ببعض قوله وقالا لهم إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا فقالت لهما أحبار يهود سلوه عن ثلاث نأمركم بهن فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجب وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هي فإذا أخبركم بذلك فاتبعوه فإنه نبي وإن لم يفعل فهو رجل متقول فاصنعوا في أمره ما بدا لكم فأقبل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي حتى قدما مكة على قريش فقالا يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد قد أخبرنا أحبار يهود أن نسأله عن أشياء أمرونا بها فإن أخبركم عنها فهو نبي وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن فتية ذهبوا في الدهر الأول قد كانت لهم قصة عجب وعن رجل كان طوافا قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها وأخبرنا عن الروح ما هي قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبركم بما سألتم عنه غدا ولم يستثن فانصرفوا عنه فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرحف أهل مكة وقالوا وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة قد أصبحنا منها لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي § عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الله الفتية والرجل الطواف والروح.
ما أنزل الله في قريش حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغاب عنه الوحي مدة *
قال ابن إسحاق فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجبريل حين جاءه لقد احتبست عني يا جبريل حتى سؤت ظنا فقال له جبريل وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا فافتتح السورة تبارك وتعالى بحمده وذكر نبوة رسوله لما أنكروه عليه من ذلك فقال الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب يعني محمدا صلى الله عليه وسلم إنك رسول مني أي تحقيق لما سألوه عنه من نبوتك ولم يجعل له عوجا قيما أي معتدلا لا اختلاف فيه لينذر بأسا شديدا من لدنه أي عاجل عقوبته في الدنيا وعذابا أليما في الآخرة أي من عند ربك الذي بعث رسولا ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا أي دار الخلد لا يموتون فيها الذين صدقوك بما جئت به مما كذبك به غيرهم وعملوا بما أمرتهم به من الأعمال وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا يعني قريشا في قولهم إنا نعبد الملائكة وهي بنات الله ما لهم به من علم ولا لآبائهم الذين أعظموا فراقهم وعيب دينهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم أي لقولهم إن الملائكة بنات الله إن يقولون إلا كذبا فلعلك باخع نفسك يا محمد على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا أي لحزنه عليهم حين فاته ما كان يرجو نهم أي لا تفعل.
قال ابن إسحاق أي أيهم أتبع لأمري وأعمل بطاعتي وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا أي الأرض وإن ما عليها لفان وزائل وإن المرجع إلي فأجزي كلا بعمله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى فيها.
ما أنزله الله تعالى في قصة أصحاب الكهف *
قال ابن إسحاق ثم استقبل قصة الخبر فيما سألوه عنه من شأن الفتية فقال أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا أي قد كان من آياتي فيما وضعت على العباد من حججي ما هو أعجب من ذلك.
قال ابن إسحاق ثم قال تعالى إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ثم قال تعالى نحن نقص عليك نبأهم بالحق أي بصدق الخبر عنهم إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا أي لم يشركوا بي كما أشركتم بي ما ليس لكم به علم.
ذلك من آيات الله أي في الحجة على من عرف ذلك من أمورهم من أهل الكتاب ممن أمر هؤلاء بمسألتك عنهم في صدق نبوتك بتحقيق الخبر عنهم من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد .
لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا § إلى قوله قال الذين غلبوا على أمرهم أهل السلطان والملك منهم لنتخذن عليهم مسجدا سيقولون يعني أحبار يهود الذين أمروهم بالمسألة عنهم @QURS018A022_END ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب @QURS018A022_END أي لا علم لهم ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا أي لا تكابرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا فإنهم لا علم لهم بهم ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا أي ولا تقولن لشيء سألوك عنه كما قلت في هذا إني مخبركم غدا واستثن شيئة الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لخير مما سألتموني عنه رشدا فإنك لا تدري ما أنا صانع في ذلك ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا أي سيقولون ذلك قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا أي لم يخف عليه شيء مما سألوك عنه وقال فيما سألوه عنه من أمر الرجل الطواف ويسئلونك عن ذي القرنين § قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا فأتبع سببا حتى انتهى إلى آخر قصة خبره وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتي ما لم يؤت أحد غيره فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها لا يطأ أرضا إلا سلط على أهلها حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق.
قال ابن إسحاق فحدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا من أهل مصر اسمه مرزبان بن مرذبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح.
قال ابن إسحاق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان رجلا قد أدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب وقال خالد سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا يقول يا ذا القرنين فقال عمر اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بالأنبياء حتى تسميتم بالملائكة.
قال ابن إسحاق الله أعلم أي ذلك كان أقال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا فإن كان قاله فالحق ما قال وقال تعالى فيما سألوه عنه من أمر الروح ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
سؤال يهود المدينة للرسول صلى الله عليه وسلم عن المراد من قوله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 17 85 *
قال ابن إسحاق وحدثت عن ابن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قالت أحبار يهود يا محمد أرأيت قولك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا إيانا تريد أم قومك قال كلا قالوا فإنك تتلو فيما جاءك أنا قد أوتينا التوراة فيها بيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها في علم الله قليل وعندكم في ذلك ما يكفيكم لو أقمتموه قال فأنزل الله تعالى عليه فيما سألوه عنه من ذلك ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم أي أن التوراة في هذا من علم الله قليل قال وأنزل الله تعالى عليه فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال § وتقطيع الأرض وبعث من مضى من آبائهم من الموتى @QURS0131A031_BEG ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا @QURS013A031_END أي لا أصنع من ذلك إلا ما شئت وأنزل عليه في قولهم خذ لنفسك ما سألوه أن يأخذ لنفسه أن يجعل له جنانا وقصورا وكنوزا ويبعث معه ملكا يصدقه بما يقول ويرد عنه وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك أي من أن تمشي في الأسواق وتلتمس المعاش جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا وأنزل عليه في ذلك من قولهم وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ولو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفوا لفعلت وأنزل الله عليه فيما قال عبد الله بن أبي أمية وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا .
ما أنزله الله تعالى ردا على قولهم إنما يعلمك رجل باليمامة *
قال ابن إسحاق وأنزل عليه في قولهم إنا قد بلغنا أنك إنما يعلمك رجل باليمامة يقال له الرحمن ولن نؤمن به أبدا كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب وأنزل عليه فيما قال أبو جهل بن هشام وما هم به أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى ألم يعلم بأن الله يرى كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية كلا لا تطعه واسجد واقترب .
يقول شداد وهذا البيت في أبيات له وقال صخر بن عبد الله الهذلي وهو صخر الغي ومن كبير نفر زبانيه § وهذا البيت في أبيات له.
ما أنزله تعالى فيما عرضوه عليه عليه الصلاة والسلام من أموالهم *
قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى عليه فيما عرضوا عليه من أموالهم قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد فلما جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرفوا من الحق وعرفوا صدقه فيما حدث وموقع نبوته فيما جاءهم به من علم الغيوب حين سألوه عما سألوا عنه حال الحسد منهم له بينهم وبين اتباعه وتصديقه فعتوا على الله وتركوا أمره عيانا ولجوا فيما هم عليه من الكفر فقال قائلهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون أي اجعلوه لغوا وباطلا واتخذوه هزوا لعلكم تغلبونه بذلك فإنكم إن ناظرتموه أو خاصمتموه يوما غلبكم فقال أبو جهل يوما وهو يهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الحق يا معشر قريش يزعم محمد أنما جنود الله الذين يعذبونكم في النار ويحبسونكم فيها تسعة عشر وأنتم أكثر الناس عددا وكثرة أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قوله وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا إلى آخر القصة فلما قال ذلك بعضهم لبعض جعلوا إذا جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقرآن وهو يصلي يتفرقون عنه ويأبون أن يستمعوا له فكان الرجل منهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو من القرآن وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم § قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع وإن خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فظن الذي يستمع أنهم لا يستمعون شيئا من قراءته وسمع هو شيئا دونهم أصاخ له يستمع منه.
سبب نزول آية ولا تجهر 17 110 إلخ *
قال ابن إسحاق حدثني داود بن الحصين مولى عمرو بن عثمان أن عكرمة مولى ابن عباس حدثهم أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حدثهم إنما أنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا من أجل أولئك النفر يقول لا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم لعله يرعوي إلى بعض ما يسمع فينتفع به.
أول من جهر بالقرآن *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه قال كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط فمن رجل يسمعهموه فقال عبد الله بن مسعود أنا قالوا إنا نخشاهم عليك إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه قال دعوني فإن الله سيمنعني قال فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها حتى قام عند المقام ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم رافعا بها صوته الرحمن علم القرآن قال ثم استقبلها يقرؤها قال فتأملوه فجعلوا يقولون ماذا قال § ابن أم عبد قال ثم قالوا إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه فقالوا له هذا الذي خشينا عليك فقال ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا قالوا لا حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون.
قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض لا تعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد فقال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها § ولا ما يراد بها قال الأخنس وأنا الذي حلفت به كذلك قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد فقال ماذا سمعت تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه قال فقام عنه الأخنس وتركه.
تعنت قريش في عدم استماعهم للرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزله تعالى *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا عليهم القرآن ودعاهم إلى الله قالوا يهزءون به قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه لا نفقه ما تقول وفي آذاننا وقر لا نسمع ما تقول ومن بيننا وبينك حجاب قد حال بيننا وبينك فاعمل بما أنت عليه إننا عاملون بما نحن عليه إنا لا نفقه عنك شيئا فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا إلى قوله وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة وفي آذانهم وقرا وبينك وبينهم حجابا بزعمهم أي إني لم أفعل ذلك نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا § أي أخطئوا المثل الذي ضربوا لك فلا يصيبون به هدى ولا يعتدل لهم فيه قول وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا أي قد جئت تخبرنا أنا سنبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا وذلك ما لا يكون قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة أي الذي خلقكم مما تعرفون فليس خلقكم من تراب بأعز من ذلك عليه.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سألته عن قول الله تعالى @QURS017A050_END أو خلقا مما يكبر في صدوركم ما الذي أراد الله به فقال الموت.
ذكر عدوان المشركين على المستضعفين ممن أسلم بالأذى والفتنة *
قال ابن إسحاق ثم إنهم عدوا على من أسلم واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر من استضعفوا منهم يفتنونهم عن دينهم فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبه ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم وكان بلال مولى أبي بكر رضي الله عنهما لبعض بني جمح مولدا من مولديهم وهو بلال بن رباح وكان اسم أمه حمامة وكان صادق الإسلام طاهر القلب وكان أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح يخرجه إذا § حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتتوضع على صدره ثم يقول له لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فيقول وهو في ذلك البلاء أحد أحد.
قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة عن أبيه قال كان ورقة بن نوفل يمر به وهو يعذب بذلك وهو يقول أحد أحد فيقول أحد أحد والله يا بلال ثم يقبل على أمية بن خلف ومن يصنع ذلك به من بني جمح فيقول أحلف بالله لئن قتلتموه على هذا لأتخذنه حنانا حتى مر به أبو بكر الصديق ابن أبي قحافة رضي الله عنه يوما وهم يصنعون ذلك به وكانت دار أبي بكر في بني جمح فقال لأمية بن خلف ألا تتقي الله في هذا المسكين حتى متى قال أنت الذي أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به قال قد قبلت فقال هو لك فأعطاه أبو بكر الصديق رضي الله عنه غلامه ذلك وأخذه فأعتقه ثم أعتق معه على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأم عبيس وزنيرة وأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش ما أذهب بصرها إلا اللات والعزى فقالت كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان فرد الله بصرها وأعتق النهدية وبنتها وكانتا لامرأة من بني عبد الدار فمر بهما وقد بعثتهما § سيدتهما بطحين لها وهي تقول والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر رضي الله عنه حل يا أم فلان فقالت حل أنت أفسدتهما فأعتقهما قال فبكم هما قالت بكذا وكذا قال قد أخذتهما وهما حرتان أرجعا إليها طحينها قالتا أونفرغ منه يا أبا بكر ثم نرده إليها قال وذلك إن شئتما ومر بجارية بني مؤمل حي من بني عدي بن كعب وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يعذبها لتترك الإسلام وهو يومئذ مشرك وهو يضربها حتى إذا مل قال إني أعتذر إليك إني لم أتركك إلا ملالة فتقول كذلك فعل الله بك فابتاعها أبو بكر فأعتقها.
لام أبو قحافة ابنه لعتقه من أعتق فرد عليه *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عبد الله بن أبي عتيق عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض أهله قال قال أبو قحافة لأبي بكر يا بني إني أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك قال فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل قال فيتحدث أنه ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيه وفيما قال له أبوه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى إلى قوله تعالى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى .
تعذيب قريش لابن ياسر وتصبير رسول الله صلى الله عليه وسلم له *
قال ابن إسحاق وكانت بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه § وأمه وكانوا أهل بيت إسلام إذا حميت الظهيرة يعذبونهم برمضاء مكة فيمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول فيما بلغني صبرا آل ياسر موعدكم الجنة فأما أمه فقتلوها وهي تأبى إلا الإسلام وكان أبو جهل الفاسق الذي يغري بهم في رجال من قريش إذا سمع بالرجل قد أسلم له شرف ومنعة أنبه وأخزاه وقال تركت دين أبيك وهو خير منك لنسفهن حلمك ولنفيلن رأيك ولنضعن شرفك وإن كان تاجرا قال والله لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك وإن كان ضعيفا ضربه وأغرى به.
سئل ابن عباس عن عذر من امتنع عن الإسلام لسبب تعذيبه فأجاز *
قال ابن إسحاق وحدثني حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير قال قلت لعبد الله بن عباس أكان المشركون يبلغون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العذاب ما يعذرون به في ترك دينهم قال نعم والله إن كانوا ليضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر الذي نزل به حتى يعطيهم ما سألوه من الفتنة حتى يقولوا له آللات والعزى إلهك من دون الله فيقول نعم حتى إن الجعل ليمر بهم فيقولون له أهذا الجعل إلهك من دون الله فيقول نعم افتداء منهم مما يبلغون من جهده.
رفض هشام تسليم أخيه لقريش ليقتلوه على إسلامه وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني الزبير بن عكاشة بن عبد الله بن أبي أحمد أنه حدث أن رجالا من بني مخزوم مشوا إلى هشام بن الوليد حين أسلم أخوه الوليد بن الوليد بن المغيرة وكانوا قد أجمعوا على أن يأخذوا فتية منهم كانوا قد أسلموا منهم سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة قال فقالوا له وخشوا شرهم إنا قد أردنا أن نعاتب هؤلاء الفتية على هذا الدين الذي أحدثوا فإنا نأمن بذلك في غيرهم قال هذا فعليكم به فعاتبوه وإياكم ونفسه وأنشأ يقول ألا لا يقتلن أخي عييس فيبقى بيننا أبدا تلاحي احذروا على نفسه فأقسم الله لئن قتلتموه لأقتلن أشرفكم رجلا قال فقالوا اللهم العنه من يغرر بهذا الحديث فو الله لو أصيب في أيدينا لقتل أشرفنا رجلا قال فتركوه ونزعوا عنه قال وكان ذلك مما دفع الله به عنهم.
ذكر الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة *
قال ابن إسحاق فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانه من الله ومن عمه أبي طالب وأنه لا يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا § مما أنتم فيه فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة مخافة الفتنة وفرارا إلى الله بدينهم فكانت أول هجرة كانت في الإسلام وكان أول من خرج من المسلمين من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ابن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس معه امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو أحد بني عامر بن لؤي ولدت له بأرض الحبشة محمد بن أبي حذيفة ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن ابن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ومن بني مخزوم ابن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف آل الخطاب من عنز بن وائل.
معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم ابن عامر بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب ومن بني عامر بن لؤي أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس § ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ويقال بل أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي ويقال هو أول من قدمها ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث فكان هؤلاء العشرة أول من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة فيما بلغني.
قال ابن إسحاق ثم خرج جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وتتابع المسلمون حتى اجتمعوا بأرض الحبشة فكانوا بها منهم من خرج بأهله معه ومنهم من خرج بنفسه لا أهل له معه و من بني هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم معه امرأته أسماء بنت عميس بن النعمان بن كعب بن مالك بن قحافة بن خثعم ولدت له بأرض الحبشة عبد الله بن جعفر رجل ومن بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس معه امرأته رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو بن سعيد بن العاص بن أمية معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية ابن محرث بن خمل بن شق بن رقبة بن مخدج الكناني وأخوه خالد بن سعيد بن العاص بن أمية معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة.
قال ابن إسحاق ولدت له بأرض الحبشة سعيد بن خالد وأمة بنت خالد § فتزوج أمة بعد ذلك الزبير بن العوام فولدت له عمرو بن الزبير وخالد بن الزبير ومن حلفائهم من بني أسد بن خزيمة عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد وأخوه عبيد الله ابن جحش معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية وقيس ابن عبد الله رجل من بني أسد بن خزيمة معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب بن أمية ومعيقيب بن أبي فاطمة وهؤلاء آل سعيد بن العاص سبعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس وأبو موسى الأشعري واسمه عبد الله بن قيس حليف آل عتبة بن ربيعة رجلان ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان حليف لهم رجل ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد والأسود بن نوفل بن خويلد بن أسد ويزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد أربعة نفر ومن بني عبد بن قصي طليب بن عمير بن وهب بن أبي كبير بن عبد ابن قصي رجل § ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وسويبط بن سعد بن حرملة بن مالك بن عميلة بن السباق بن عبد الدار وجهم بن قيس بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود بن جذيمة بن أقيش بن عامر بن بياضة بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو من خزاعة وابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم وأبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار خمسة نفر ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد ابن الحارث بن زهرة وعامر بن أبي وقاص وأبو وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة والمطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث ابن زهرة معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم ولدت له بأرض الحبشة عبد الله بن المطلب ومن حلفائهم من هذيل عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل وأخوه عتبة بن مسعود ومن بهراء المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن لؤي بن ثعلبة بن مالك بن الشريد § ابن أبي أهوز بن أبي فائش بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة.
قال ابن إسحاق وكان يقال له المقداد بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب ابن عبد مناف بن زهرة وذلك أنه تبناه في الجاهلية وحالفه ستة نفر ومن بني تيم بن مرة الحارث بن خالد بن صخر بن عامر بن عمرو ابن كعب بن سعد بن تيم معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبلة بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم ولدت له بأرض الحبشة موسى بن الحارث وعائشة بنت الحارث وزينب بنت الحارث وفاطمة بنت الحارث وعمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومعه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ولدت له بأرض الحبشة زينب بنت أبي سلمة واسم أبي سلمة عبد الله واسم أم سلمة هند وشماس بن عثمان بن الشريد ابن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم.
قال ابن إسحاق وهبار بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأخوه عبد الله بن سفيان وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وسلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن حلفائهم معتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب ابن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو من خزاعة وهو الذي يقال له عيهامة ثمانية نفر.
قال ابن إسحاق وعثمان بن ربيعة بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح أحد عشر رجلا ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وعبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهل وهشام بن العاص بن وائل بن سعد بن سهم.
قال ابن إسحاق وقيس بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم والحارث بن الحارث بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم ومعمر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد ابن سهم وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأخ له من أمه من بني تميم يقال له سعيد بن عمرو وسعيد بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم والسائب بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد ابن سهم وعمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشم بن سعد بن سهم ومحمية بن الجزاء حليف لهم من بني زبيد أربعة عشر رجلا ومن بني عدي بن كعب معمر بن عبد الله بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وعروة بن عبد العزى بن حرثان ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وعدي بن نضلة بن عبد العزى بن حرثان § ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وابنه النعمان بن عدي وعامر بن ربيعة حليف لآل الخطاب من عنز بن وائل معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة ابن غانم خمسة نفر ومن بني عامر بن لؤي أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك ابن حسل بن عامر وعبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وسليط بن عمرو بن عبد شمس ابن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وأخوه السكران بن عمرو معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ومالك بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود ابن نصر بن مالك بن حسل بن عامر معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان ابن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وحاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وسعد ابن خولة حليف لهم ثمانية نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر § وسهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة ابن الحارث ولكن أمه غلبت على نسبه فهو ينسب إليها وهي دعد بنت جحدم بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر وكانت تدعى بيضاء وعمرو ابن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وعياض بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث ويقال بل ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وعثمان ابن عبد غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبة بن الحارث وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر والحارث بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر ثمانية نفر فكان جميع من لحق بأرض الحبشة وهاجر إليها من المسلمين سوى أبنائهم الذين خرجوا بهم معهم صغارا وولدوا بها ثلاثة وثمانين رجلا إن كان عمار ابن ياسر فيهم وهو يشك فيه وكان مما قيل من الشعر في الحبشة أن عبد الله بن الحارث بن قيس بن عدي ابن سعد بن سهم حين أمنوا بأرض الحبشة وحمدوا جوار النجاشي وعبدوا الله لا يخافون على ذلك أحدا وقد أحسن النجاشي جوارهم حين نزلوا به قال يا راكبا بلغن عنى مغلغلة من كان يرجو بلاغ الله والدين § كل امرئ من عباد الله مضطهد ببطن مكة مقهور ومفتون أنا وجدنا بلاد الله واسعة تنجي من الذل والمخزاة والهون فلا تقيموا على ذل الحياة وخزى في الممات وعيب غير مأمون إنا تبعنا رسول الله واطرحوا قول النبي وعالوا في الموازين فاجعل عذابك بالقوم الذين بغوا وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني وقال عبد الله بن الحارث أيضا يذكر نفي قريش إياهم من بلادهم ويعاتب بعض قومه في ذلك أبت كبدي لا أكذبنك قتالهم علي وتأباه علي أناملي وكيف قتالي معشرا أدبوكم على الحق أن لا تأشبوه بباطل نفتهم عباد الجن من حر أرضهم فأضحوا على أمر شديد البلابل فإن تك كانت في عدي أمانة عدي بن سعد عن تقى أو تواصل فقد كنت أرجو أن ذلك فيكم بحمد الذي لا يطبى بالجعائل وبدلت شبلا شل كل خبيثة بذي فجر مأوى الضعاف الأرامل وقال عبد الله بن الحارث أيضا وتلك قريش تجحد الله حقه كما جحدت عاد ومدين والحجر فإن أنا لم أبرق فلا يسعنني من الأرض بر ذو فضاء ولا بحر بأرض بها عبد الإله محمد أبين ما في النفس إذ بلغ النقر § فسمي عبد الله بن الحارث يرحمه الله لبيته الذي قال المبرق وقال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وهو ابن عمه وكان يؤذيه في إسلامه وكان أمية شريفا في قومه في زمانه ذلك أتيم بن عمرو للذي جاء بغضة ومن دونه الشرمان والبرك أكتع أأخرجتني من بطن مكة آمنا وأسكنتني في صرح بيضاء تقذع تريش نبالا لا يواتيك ريشها وتبرى نبالا ريشها لك أجمع وحاربت أقواما كراما أعزة وأهلكت أقواما بهم كنت تفزع ستعلم إن نابتك يوما ملمة وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع وتيم بن عمرو الذي يدعو عثمان جمح كان اسمه تيما.
وقال @TR1_ZATB@ البكائي قال ابن إسحاق فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابه من البلاء وما هو فيه من العافية بمكانة من الله ومن عمه وأنه لا يقدر أن يمنعهم من البلاء قال لهم لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهي أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه فخرج عند ذلك المسلمون مخافة الفتنة وفرارا بدينهم إلى الله فخرج عثمان بزوجته وأبو حذيفة ولد عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بزوجته سهلة بنت سهيل بن عمرو فولدت له بالحبشة محمدا والزبير بن العوام ومصعب بن عمير العبدري وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي وزوجته أم سلمة أم المؤمنين وعثمان بن مظعون الجمحي وعامر بن ربيعة حليف آل الخطاب وامرأته ليلى بنت § أبي حثمة العدوية وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى العامري وسهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب الحارثين فكانوا أول من هاجر إلى الحبشة قال ثم خرج جعفر بن أبي طالب وتتابع المسلمون إلى الحبشة ثم سمى ابن إسحاق جماعتهم وقال فكان جميع من لحق بأرض الحبشة أو ولد بها ثلاثة وثمانين رجلا فعبدوا الله وحمدوا جوار النجاشي فقال عبد الله بن الحارث بن قيس السهمي يا راكبا بلغن عني مغلغلة من كان يرجو بلاغ الله والدين كل امرئ من عباد الله مضطهد ببطن مكة مقهور ومفتون أنا وجدنا بلاد الله واسعة تنجي من الذل والمخزاة والهون فلا تقيموا على ذل الحياة وخز ي في الممات وعيب غير مأمون إنا تبعنا نبي الله واطرحوا قول النبي وعالوا في الموازين فاجعل عذابك في القوم الذي بغوا وعائذ بك أن يعلوا فيطغوني وقال عثمان بن مظعون يعاتب أمية بن خلف ابن عمه وكان يؤذيه أتيم بن عوف والذي جاء بغضة ومن دونه الشرمان والبرك أكتع أأخرجتني من بطن مكة أيمنا وأسكنتني في سرح بيضاء نقذع تريش نبالا لا يواتيك ريشها وتبري نبالا ريشها لك أجمع وحاربت أقواما كراما أعزة وأهلكت أقواما بهم كنت تفزع ستعلم إن نابتك يوما ملمة وأسلمك الأرياش ما كنت تصنع وقال موسى بن عقبة ثم إن قريشا ائتمروا واشتد مكرهم وهموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إخراجه فعرضوا على قومه أن يعطوهم ديته ويقتلوه فأبوا حمية ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم شعب بني عبد المطلب أمر أصحابه بالخروج إلى الحبشة فخرجوا مرتين رجع الذين خرجوا في المرة الأولى حين أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون لو كان محمد يذكر آلهتنا بخير قررناه وأصحابه ولكنه لا يذكر من حالفه من اليهود والنصارى بمثل ما يذكر به آلهتنا من الشتم والشر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمنى هداهم فأنزلت أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان عندها كلمات وإنهن الغرانيق العلا وإن شفاعتهن ترتجى فوقعت في قلب كل مشرك بمكة وذلت بها § ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا إن محمدا قد رجع إلى ديننا فلما بلغ آخر النجم سجد صلى الله عليه وسلم وسجد كل من حضر من مسلم أو مشرك غير أن الوليد بن المغيرة كان شيخا كبيرا رفع ملء كفيه ترابا فسجد عليه فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود بسجود رسول الله صلى الله عليه وسلم عجب المسلمون بسجود المشركين معهم ولم يكن المسلمون سمعوا ما ألقى الشيطان وأما المشركون فاطمأنوا إلى رسول الله صلى الله عله وسلم وأصحابه لما ألقى في أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثهم الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة فسجدوا تعظيما لآلهتهم وفشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة ومن بها من المسلمين عثمان بن مظعون وأصحابه وحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم وصلوا وأن المسلمين قد آمنوا بمكة فأقبلوا سراعا وقد نسخ الله ما ألقى الشيطان وأنزلت وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته الآيات فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم1 وكان عثمان بن مظعون وأصحابه فيمن رجع فلم يستطيعوا أن يدخلوا مكة إلا بجوار فأجار الوليد بن المغيرة عثمان بن مظعون فلما رأى عثمان ما يلقى أصحابه من البلاء وعذب طائفة منهم بالسياط والنار وعثمان معافى لا يعرض له استحب البلاء فقال للوليد يا عم قد أجرتني وأحب أن تخرجني إلى عشيرتك فتبرأ مني فقال يابن أخي لعل أحدا آذاك أو شتمك قال لا والله ما اعترض لي أحد ولا آذاني فلما أبى إلا أن يتبرأ منه أخرجه إلى المسجد وقريش فيه كأحفل ما كانوا ولبيد بن ربيعة الشاعر ينشدهم فأخذ الوليد بيد عثمان وقال إن هذا قد حملني على أن أتبرأ من جواره وإني أشهدكم أني بريء منه إلا أن يشاء فقال عثمان صدق أنا والله أكرهته على ذلك وهو مني بريء ثم جلس مع القوم فنالوا منه § قال موسى وخرج جعفر بن أبي طالب وأصحابه فرارا بدينهم إلى الحبشة فبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد ابن المغيرة وأمروهما أن يسرعا ففعلا وأهدوا للنجاشي فرسا وجبة ديباج وأهدوا لعظماء الحبشة هدايا فقبل النجاشي هديتهم وأجلس عمرا على سريره فقال إن بأرضك رجالا منا سفهاء ليسوا على دينك ولا ديننا فادفعهم إلينا فقال حتى أكلمهم وأعلم على أي شيء هم فقال عمرو هم أصحاب الرجل الذي خرج فينا وإنهم لا يشهدون أن عيسى ابن الله ولا يسجدون لك إذا دخلوا فأرسل النجاشي إلى جعفر وأصحابه فلم يسجد له جعفر ولا أصحابه وحيوه بالسلام فقال عمرو ألم نخبرك خبر القوم فقال النجاشي حدثوني أيها الرهط ما لكم لا تحيوني كما يحييني من أتاني من قومكم وأخبروني ما تقولون في عيسى وما دينكم أنصارى أنتم قالوا لا قال أفيهود أنتم قالوا لا قال فعلى دين قومكم قالوا لا قال فما دينكم قالوا الإسلام قال وما الإسلام قالوا نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا قال من جاءكم بهذا قالوا جاءنا به رجل منا قد عرفنا وجهه ونسبه بعثه الله كما بعث الرسل إلى من كان قبلنا فأمرنا بالبر والصدقة والوفاء والأمانة ونهانا أن نعبد الأوثان وأمرنا أن نعبد الله فصدقناه وعرفنا كلام الله فعادانا قومنا وعادوه وكذبوه وأرادونا على عبادة الأصنام ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا فقال النجاشي والله إن خرج هذا الأمر إلا من المشكاة التي خرج منها أمر عيسى قال وأما التحية فإن رسولنا أخبرنا أن تحية أهل الجنة السلام فحييناك بها وأما عيسى فهو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وابن العذراء البتول فخفض النجاشي يده إلى الأرض وأخذ عودا فقال والله ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود فقال عظماء الحبشة والله لئن سمعت هذا الحبشة لتخلعنك فقال والله لا أقول في عيسى غير هذا أبدا وما أطاع الله الناس في حين رد إلي ملكي فأنا أطيع الناس في دين الله معاذ الله من ذلك وكان أبو النجاشي ملك الحبشة فمات والنجاشي صبي فأوصى إلى أخيه أن إليك ملك قومك حتى يبلغ ابني فإذا بلغ فله الملك فرغب أخوه في الملك فباع النجاشي لتاجر وبادر بإخراجه إلى السفينة فأخذ الله عمه قعصا1 فمات فجاءت الحبشة بالتاجر وأخذوا النجاشي فملكوه وزعموا أن التاجر قال ما لي بد من غلامي أو مالي قال النجاشي صدق ادفعوا إليه ماله قال فقال النجاشي حين كلمه جعفر ردوا إلى هذا هديته يعني عمرا والله لو رشوني على هذا دبر § ذهب والدبر بلغته الجبل ما قبلته وقال لجعفر وأصحابه امكثوا آمنين وأمر لهم بما يصلحهم من الرزق وألقى الله العداوة بين عمرو وعمارة بن الوليد في مسيرهما فمكر به عمرو وقال إنك رجل جميل فاذهب إلى امرأة النجاشي فتحدث عندها إذا خرج زوجها فإن ذلك عون لنا في حاجتنا فراسلها عمارة حتى دخل عليها فلما دخل عليها انطلق عمرو إلى النجاشي فقال إن صاحبي هذا صاحب نساء وإنه يريد أهلك فاعلم علم ذلك فبعث النجاشي فإذا عمارة عند امرأته فأمر به فنفخ في إحليله شحوة ثم ألقي في جزيرة من البحر فجن وصار مع الوحش ورجع عمرو خائب السعي.
إرسال قريش إلى الحبشة في طلب المهاجرين إليها *
قال ابن إسحاق فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة وأنهم قد أصابوا بها دارا وقرارا ائتمروا بينهم أن يبعثوا فيهم منهم رجلين من قريش جلدين إلى النجاشي فيردهم عليهم ليفتنوهم في دينهم ويخرجوهم من دارهم التي اطمأنوا بها وأمنوا فيها فبعثوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بن وائل وجمعوا لهما هدايا للنجاشي ولبطارقته ثم بعثوهما إليه فيهم فقال أبو طالب حين رأى ذلك من رأيهم وما بعثوهما فيه أبياتا للنجاشي يحضه على حسن جوارهم والدفع عنهم ألا ليت شعري كيف في النأي جعفر وعمرو وأعداء العدو الأقارب § وهل نالت أفعال النجاشي جعفرا وأصحابه أو عاق ذلك شاغب تعلم أبيت اللعن أنك ماجد كريم فلا يشقى لديك المجانب تعلم بأن الله زادك بسطة وأسباب خير كلها بك لازب وأنك فيض ذو سجال غزيرة ينال الأعادي نفعها والأقارب
حديث أم سلمة عن رسولي قريش مع النجاشي *
قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام المخزومي عن أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشي أمنا على ديننا وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا بينهم أن يبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم جلدين وأن يهدوا للنجاشي هدايا مما يستطرف من متاع مكة وكان من أعجب ما يأتيه منها الأدم فجمعوا له أدما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا إلا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص وأمروهما بأمرهم وقالوا لهما ادفعا إلى كل بطريق هديته قبل أن تكلما النجاشي فيهم ثم قدما إلى النجاشي هداياه ثم سلاه أن يسلمهم إليكما قبل أن يكلمهم قالت فخرجا حتى قدما على النجاشي ونحن عنده بخير دار عند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق إلا دفعا إليه هديته قبل أن يكلما النجاشي وقالا لكل بطريق منهم إنه قد ضوى إلى بلد الملك منا غلمان § سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينكم وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردهم إليهم فإذا كلمنا الملك فيهم فأشيروا عليه بأن يسلمهم إلينا ولا يكلمهم فإن قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فقالوا لهما نعم ثم إنهما قدما هداياهما إلى النجاشي فقبلها منهما ثم كلماه فقالا له أيها الملك إنه قد ضوى إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك وجاءوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت وقد بعثنا إليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم إليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه قالت ولم يكن شيء أبغض إلى عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو ابن العاص من أن يسمع كلامهم النجاشي قالت فقالت بطارقته حوله صدقا أيها الملك قومهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم فأسلمهم إليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم قالت فغضب النجاشي ثم قال لاها الله إذن لا أسلمهم إليهما ولا يكاد قوم جاوروني ونزلوا بلادي واختاروني على من سواي حتى أدعوهم فأسألهم عما يقول هذان في أمرهم فإن كانوا كما يقولان أسلمتهم إليهما ورددتهم إلى قومهم وإن كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاوروني قالت ثم أرسل إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم فلما جاءهم رسوله اجتمعوا ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا في ذلك ما هو كائن فلما جاءوا وقد دعا النجاشي أساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال لهم ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به § في ديني ولا في دين أحد من هذه الملل قالت فكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسيء الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنات وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قالت فعدد عليه أمور الإسلام فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به من الله فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا فعدا علينا قومنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله تعالى وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث فلما قهرونا وظلمونا وضيقوا علينا وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلادك واخترناك على من سواك ورغبنا في جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك قالت فقال له النجاشي هل معك مما جاء به عن الله من شيء قالت فقال له جعفر نعم فقال له النجاشي فاقرأه علي قالت فقرأ عليه صدرا من كهيعص قالت فبكى والله النجاشي حتى اخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم ثم قال لهم النجاشي إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا § فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يكادون قالت فلما خرجا من عنده قال عمرو بن العاص والله لآتينه غدا عنهم بما أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبي ربيعة وكان أثقى الرجلين فينا لا نفعل فإن لهم أرحاما وإن كانوا قد خالفونا قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد قالت ثم غدا عليه من الغد فقال له أيها الملك إنهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل إليهم فسلهم عما يقولون فيه قالت فأرسل إليهم ليسألهم عنه قالت ولم ينزل بنا مثلها قط فاجتمع القوم ثم قال بعضهم لبعض ماذا تقولون في عيسى بن مريم إذا سألكم عنه قالوا نقول والله ما قال الله وما جاءنا به نبينا كائنا في ذلك ما هو كائن قالت فلما دخلوا عليه قال لهم ماذا تقولون في عيسى ابن مريم قالت فقال جعفر بن أبي طالب نقول فيه الذي جاءنا به نبينا صلى الله عليه وسلم يقول هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول قالت فضرب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودا ثم قال والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود قالت فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم شيوم بأرضي والشيوم الآمنون من سبكم غرم ثم قال من سبكم § غرم ثم قال من سبكم غرم ما أحب أن لي دبرا من ذهب وأني آذيت رجلا منكم.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي ح وحدثنا جعفر بن محمد الفريابي ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ثنا @TR1_ARBS@ عبد الرحمن بن بشير كلاهما عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة عن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النجاشي سأله ما دينكم قال بعث فينا رسول نعرف لسانه وصدقه ووفاءه فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا وخلع ما كان يعبد قومنا وغيرهم من دونه يأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر وأمرنا بالصلاة والصيام والصدقة وصلة الرحم فدعانا إلى ما نعرف وقرأ علينا تنزيلا جاء من عند الله لا يشبهه غيره فصدقناه وآمنا به وعرفنا أن ما جاء به حق من عند الله ففارقنا عند ذلك قومنا فآذونا وقهرونا فلما أن بلغوا منا ما نكره ولم نقدر على أن نمتنع منهم خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك فقال النجاشي اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي يقول آمنون من سبكم غرم.
ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي بها فو الله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار قالت فو الله إنا لعلى ذلك إذ نزل به رجل من الحبشة ينازعه في ملكه قالت فو الله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد علينا من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك الرجل على النجاشي فيأتي رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشي يعرف منه قالت وسار إليه النجاشي وبينهما عرض النيل قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقيعة القوم ثم يأتينا بالخبر قالت فقال الزبير بن العوام أنا قالوا فأنت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها في صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التي بها ملتقى القوم ثم انطلق حتى حضرهم قالت فدعونا الله تعالى للنجاشي بالظهور على عدوه والتمكين له في بلاده قالت فو الله إنا لعلى ذلك متوقعون لما هو كائن إذ طلع الزبير وهو يسعى فلمع بثوبه وهو يقول ألا أبشروا فقد ظفر النجاشي وأهلك الله عدوه ومكن له في بلاده قالت فو الله ما علمتنا فرحنا فرحة قط مثلها قالت ورجع النجاشي وقد أهلك الله عدوه ومكن له في بلاده واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده في خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة.
قصة تملك النجاشي على الحبشة *
قال ابن إسحاق قال الزهري فحدثت عروة بن الزبير حديث أبي بكر ابن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل تدري ما قوله ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه قال قلت لا قال فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلا النجاشي وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلا وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة فقالت الحبشة بينها لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام وإن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلا فتوارثوا ملكه من بعده بقيت الحبشة بعده دهرا فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك حينا ونشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبا حازما من الرجال فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه وإنا لنتخوف أن يملكه علينا وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه فمشوا إلى عمه فقالوا إما أن تقتل هذا الفتى وإما أن تخرجه من بين أظهرنا فإنا قد خفناه على أنفسنا قال ويلكم قتلت أباه بالأمس وأقتله اليوم بل أخرجه من بلادكم قالت فخرجوا به إلى السوق فباعوه من رجل من التجار بست مائة درهم فقذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته قالت ففزعت الحبشة إلى § ولده فإذا هو محمق ليس في ولده خير فمرج على الحبشة أمرهم فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض تعلموا والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه الآن قالت فخرجوا في طلبه وطلب الرجل الذي باعوه منه حتى أدركوه فأخذوه منه ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير الملك فملكوه فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه فقال إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه في ذلك قالوا لا نعطيك شيئا قال إذن والله أكلمه قالوا فدونك وإياه قالت فجاءه فجلس بين يديه فقال أيها الملك ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مائة درهم فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي حتى إذا سرت بغلامي أدركوني فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي قالت فقال لهم النجاشي لتعطنه دراهمه أو ليضعن غلامه يده في يده فليذهبن به حيث شاء قالوا بل نعطيه دراهمه قالت فلذلك يقول ما أخذ الله مني رشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه قالت وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه.
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما مات النجاشي كان يتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور.
خروج الحبشة على النجاشي *
قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن محمد عن أبيه قال اجتمعت الحبشة § فقالوا للنجاشي إنك قد فارقت ديننا وخرجوا عليه فأرسل إلى جعفر وأصحابه فهيأ لهم سفنا وقال اركبوا فيها وكونوا كما أنتم فإن هزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم وإن ظفرت فاثبتوا ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه هو يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن وخرج إلى الحبشة وصفوا له فقال يا معشر الحبشة ألست أحق الناس بكم قالوا بلى قال فكيف رأيتم سيرتي فيكم قالوا خير سيرة قال فما بالكم قالوا فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد قال فما تقولون أنتم في عيسى قالوا نقول هو ابن الله فقال النجاشي ووضع يده على صدره على قبائه هو يشهد أن عيسى بن مريم لم يزد على هذا شيئا وإنما يعني ما كتب فرضوا وانصرفوا عنه فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات النجاشي صلى عليه واستغفر له.
إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه *
قال ابن إسحاق ولما قدم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهما النجاشي بما يكرهون وأسلم عمر بن الخطاب وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره امتنع به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة حتى عازوا قريشا وكان عبد الله بن مسعود يقول ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر بن الخطاب فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحبشة قال البكائي قال حدثني مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود إن إسلام عمر كان فتحا وإن هجرته كانت نصرا وإن إمارته كانت رحمة ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه.
حديث أم عبد الله عن إسلام عمر *
قال ابن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أمه أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب عامر في بعض حاجاتنا إذا § أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف علي وهو على شركه قالت وكنا نلقى منه البلاء أذى لنا وشدة علينا قالت فقال إنه للانطلاق يا أم عبد الله قالت فقلت نعم والله لنخرجن في أرض الله آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله مخرجا قالت فقال صحبكم الله ورأيت له رقة لم أكن أراها ثم انصرف وقد أحزنه فيما أرى خروجنا قالت فجاء عامر بحاجته تلك فقلت له يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا قال أطمعت في إسلامه قالت قلت نعم قال فلا يسلم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب قالت يأسا منه لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام.
حديث آخر عن إسلام عمر *
قال ابن إسحاق وكان إسلام عمر فيما بلغني أن أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وكانت قد أسلمت وأسلم بعلها سعيد بن زيد وهما مستخفيان بإسلامهما من عمر وكان نعيم بن عبد الله النحام رجل من قومه من بني عدي بن كعب قد أسلم وكان أيضا يستخفي بإسلامه فرقا من قومه وكان خباب بن الأرت يختلف إلى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه قد ذكروا له أنهم قد اجتمعوا في بيت عند الصفا وهم قريب من أربعين ما بين رجال ونساء ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة § ابن عبد المطلب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق وعلي بن أبي طالب في رجال من المسلمين رضي الله عنهم ممن كان أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج إلى أرض الحبشة فلقيه نعيم بن عبد الله فقال له أين تريد يا عمر فقال أريد محمدا هذا الصابئ الذي فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله فقال له نعيم والله لقد غرتك نفسك من نفسك يا عمر أترى بني عبد مناف تاركيك تمشي على الأرض وقد قتلت محمدا أفلا ترجع إلى أهل بيتك فتقيم أمرهم قال وأي أهل بيتي قال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد بن عمرو وأختك فاطمة بنت الخطاب فقد والله أسلما وتابعا محمدا على دينه فعليك بهما قال فرجع عمر عامدا إلى أخته وختنه وعندهما خباب بن الأرت معه صحيفة فيها طه يقرئهما إياها فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب في مخدع لهم أو في بعض البيت وأخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها وقد سمع عمر حين دنا إلى البيت قراءة خباب عليهما فلما دخل قال ما هذه الهينمة التي سمعت قالا له ما سمعت شيئا قال بلى والله لقد أخبرت أنكما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد فقامت إليه أخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجها فلما فعل ذلك قالت له أخته وختنه نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدا لك فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع فارعوى وقال لأخته أعطيني هذه الصحيفة التي سمعتكم تقرءون آنفا أنظر ما هذا الذي جاء به محمد وكان عمر كاتبا فلما قال ذلك قالت له أخته إنا نخشاك عليها قال لا تخافي وحلف لها بآلهته ليردنها إذا قرأها إليها فلما قال ذلك طمعت في إسلامه فقالت له يا أخي إنك نجس على § شركك وإنه لا يمسها إلا الطاهر فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ منها صدرا قال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه فلما سمع ذلك خباب خرج إليه فقال له يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فإني سمعته أمس وهو يقول اللهم أيد الإسلام بأبي الحكم بن هشام أو بعمر بن الخطاب فالله الله يا عمر فقال له عند ذلك عمر فدلني يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم فقال له خباب هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فضرب عليهم الباب فلما سمعوا § صوته قام رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا السيف فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال يا رسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف فقال حمزة بن عبد المطلب فأذن له فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له وإن كان جاء يريد شرا قتلناه بسيفه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له فأذن له الرجل ونهض إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه في الحجرة فأخذ حجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه به جبذة شديدة وقال ما جاء بك يا بن الخطاب فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عمر قد أسلم فتفرق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عزوا في أنفسهم حين أسلم عمر مع إسلام حمزة وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن إسلام عمر بن الخطاب حين أسلم.
رواية عطاء ومجاهد عن إسلام عمر *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي عن أصحابه عطاء ومجاهد أو عمن روى ذلك أن إسلام عمر فيما تحدثوا به عنه أنه كان يقول كنت للإسلام مباعدا وكنت صاحب خمر في الجاهلية أحبها وأسر بها وكان لنا مجلس يجتمع فيه رجال من قريش بالحزورة عند دور آل عمر § ابن عبد بن عمران المخزومي قال فخرجت ليلة أريد جلسائي أولئك في مجلسهم ذلك قال فجئتهم فلم أجد فيه منهم أحدا قال فقلت لو أني جئت فلانا الخمار وكان بمكة يبيع الخمر لعلي أجد عنده خمرا فأشرب منها قال فخرجت فجئته فلم أجده قال فقلت فلو أني جئت الكعبة فطفت بها سبعا أو سبعين قال فجئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي وكان إذا صلى استقبل الشام وجعل الكعبة بينه وبين الشام وكان مصلاه بين الركنين الركن الأسود والركن اليماني قال فقلت حين رأيته والله لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول قال فقلت لئن دنوت منه أستمع منه لأروعنه فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها فجعلت أمشي رويدا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي يقرأ القرآن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة قال فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ثم انصرف وكان إذا انصرف خرج على دار ابن أبي حسين وكانت طريقه حتى يجزع المسعى ثم يسلك بين دار عباس بن المطلب وبين دار ابن أزهر بن عبد عوف الزهري ثم على دار الأخنس بن شريق حتى يدخل بيته وكان مسكنه صلى الله عليه وسلم في الدار الرقطاء التي كانت بيدي معاوية بن أبي سفيان قال عمر رضي الله عنه فتبعته حتى إذا دخل بين دار عباس ودار ابن أزهر أدركته فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسي عرفني فظن § رسول الله صلى الله عليه وسلم أني إنما تبعته لأوذيه فنهمني ثم قال ما جاء بك يا بن الخطاب هذه الساعة قال قلت جئت لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله قال فحمد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال قد هداك الله يا عمر ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات ثم انصرفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته
ذكر قوة عمر في الإسلام وجلده *
قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن ابن عمر قال لما أسلم أبي عمر قال أي قريش أنقل للحديث فقيل له جميل بن معمر § الجمحي قال فغدا عليه قال عبد الله بن عمر فغدوت أتبع أثره وأنظر ما يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال له أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد قال فو الله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش وهم في أنديتهم حول الكعبة ألا إن عمر بن الخطاب قد صبأ قال و يقول عمر من خلفه كذب ولكني قد أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وثاروا إليه فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رءوسهم قال وطلح فقعد وقاموا على رأسه وهو يقول افعلوا ما بدا لكم فأحلف بالله أن لو قد كنا ثلاث مائة رجل لقد تركناها لكم أو تركتموها لنا قال فبينما هم على ذلك إذ أقبل شيخ من قريش عليه حلة حبرة وقميص موشى حتى وقف عليهم فقال ما شأنكم قالوا صبا عمر فقال فمه رجل اختار لنفسه أمرا فماذا تريدون أترون بني عدي بن كعب يسلمون لكم صاحبهم هكذا خلوا عن الرجل قال فو الله لكأنما كانوا ثوبا كشط عنه قال فقلت لأبي بعد أن هاجر إلى المدينة يا أبت من الرجل الذي زجر القوم عنك بمكة يوم أسلمت وهم يقاتلونك فقال ذاك أي بني العاص بن وائل السهمي.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن الحارث عن بعض آل عمر أو بعض أهله قال قال عمر لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكة أشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت قال قلت أبو جهل وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة قال فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه قال فخرج إلي أبو جهل فقال مرحبا وأهلا بابن أختي ما جاء بك قال جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد وصدقت بما جاء به قال فضرب الباب في وجهي وقال قبحك الله وقبح ما جئت به.
خبر الصحيفة *
قال ابن إسحاق فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم وأن عمر قد أسلم فكان هو وحمزة بن عبد المطلب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجعل الإسلام يفشو في القبائل اجتمعوا وائتمروا بينهم أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئا ولا يبتاعوا منهم فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي.
قال ابن إسحاق فلما فعلت ذلك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبد المطلب فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه وخرج من بني هاشم أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب إلى قريش فظاهرهم.
تهكم أبي لهب بالرسول صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله فيه *
قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله أن أبا لهب لقي هند بنت عتبة بن ربيعة حين فارق قومه وظاهر عليهم قريشا فقال يا بنت عتبة هل نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقهما وظاهر عليهما قالت نعم فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة.
قال ابن إسحاق وحدثت أنه كان يقول في بعض ما يقول يعدني محمد أشياء لا أراها يزعم أنها كائنة بعد الموت فماذا وضع في يدي بعد ذلك ثم ينفخ في يديه ويقول تبا لكما ما أرى فيكما شيئا مما يقول محمد فأنزل الله تعالى فيه تبت يدا أبي لهب وتب.
شعر أبي طالب في قريش حين تظاهروا على الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فلما اجتمعت على ذلك قريش وصنعوا فيه الذي صنعوا قال أبو طالب ألا أبلغا عني على ذات بيننا لؤيا وخصا من لؤي بني كعب ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة ولا خير ممن خصه الله بالحب § وأن الذي ألصقتم من كتابكم لكم كائن نحسا كراغية السقب أفيقوا أفيقوا قبل أن يحفر الثرى ويصبح من لم يجن ذنبا كذي الذنب ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا أواصرنا بعد المودة والقرب وتستجلبوا حربا عوانا وربما أمر على من ذاقه جلب الحرب فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا لعزاء من عض الزمان ولا كرب ولما تبن منا ومنكم سوالف وأيد أترت بالقساسية الشهب بمعترك ضيق ترى كسر القنا به والنسور الطخم يعكفن كالشرب كأن مجال الخيل في حجراته ومعمعة الأبطال معركة الحرب أليس أبونا هاشم شد أزره وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب ولسنا نمل الحرب حتى تملنا ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب ولكننا أهل الحفائظ والنهى إذا طار أرواح الكماة من الرعب فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا لا يصل إليهم شيء إلا سرا مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش وقد كان أبو جهل بن هشام فيما يذكرون لقي حكيم بن حزام بن خويلد § ابن أسد معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه في الشعب فتعلق به وقال أتذهب بالطعام إلى بني هاشم والله لا تبرح أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة فجاءه أبو البختري ابن هاشم بن الحارث بن أسد فقال مالك وله فقال يحمل الطعام إلى بني هاشم فقال له أبو البختري طعام كان لعمته عنده بعثت إليه فيه أفتمنعه أن يأتيها بطعامها خل سبيل الرجل فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه فأخذ له أبو البختري لحي بعير فضربه به فشجه ووطئه وطأ شديدا وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيشمتوا بهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا مباديا بأمر الله لا يتقي فيه أحدا من الناس فجعلت قريش حين منعه الله منها وقام عمه وقومه من بني هاشم وبني المطلب دونه وحالوا بينهم وبين ما أرادوا من البطش به يهمزونه ويستهزءون به ويخاصمونه وجعل القرآن ينزل في قريش بأحداثهم وفيمن نصب لعداوته منهم ومنهم من سمي لنا ومنهم من نزل فيه القرآن في عامة من ذكر الله من الكفار فكان ممن سمي لنا من قريش ممن نزل فيه القرآن عمه أبو لهب بن عبد المطلب § وامرأته أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب وإنما سماها الله تعالى حمالة الحطب لأنها كانت فيما بلغني تحمل الشوك فتطرحه على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يمر فأنزل الله تعالى فيهما تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد .
أم جميل ورد الله كيدها عن الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فذكر لي أن أم جميل حمالة الحطب حين سمعت § ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر الصديق وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ترى إلا أبا بكر فقالت يا أبا بكر أين صاحبك فقد بلغني أنه يهجوني والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه أما والله إني لشاعرة ثم قالت مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا ثم انصرفت فقال أبو بكر يا رسول الله أما تراها رأتك فقال ما رأتني لقد أخذ الله ببصرها عني.
قال ابن إسحاق وكانت قريش إنما تسمي رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمما ثم يسبونه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قريش يسبون ويهجون مذمما وأنا محمد وأمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح كان إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم همزه ولمزه فأنزل الله تعالى فيه ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة .
ما كان يؤذي به العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل فيه *
قال ابن إسحاق والعاص بن وائل السهمي كان خباب بن الأرت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قينا بمكة يعمل السيوف وكان قد باع من العاص ابن وائل سيوفا عملها له حتى كان له عليه مال فجاءه يتقاضاه فقال له يا خباب أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أن في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم قال خباب بلى قال فأنظرني إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هنالك حقك فو الله لا تكون أنت وصاحبك يا خباب آثر عند الله مني ولا أعظم حظا في ذلك فأنزل الله تعالى فيه أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب إلى قوله تعالى ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ولقي أبو جهل بن هشام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني فقال له والله يا محمد لتتركن سب آلهتنا أو لنسبن إلهك الذي تعبد فأنزل الله تعالى فيه ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كف عن سب آلهتهم وجعل يدعوهم إلى الله § والنضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي كان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا فدعا فيه إلى الله تعالى وتلا فيه القرآن وحذر فيه قريشا ما أصاب الأمم الخالية خلفه في مجلسه إذا قام فحدثهم عن رستم السنديد وعن أسفنديار وملوك فارس ثم يقول والله ما محمد بأحسن حديثا مني وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتها فأنزل الله فيه وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا @QURS068A015_BEG قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما @QURS025A006_END ونزل فيه إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين ونزل فيه ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم .
قال ابن إسحاق وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم في المجلس وفي المجلس غير واحد من رجال قريش فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه § ثم تلا عليه وعليهم إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون.
مقالة ابن الزبعرى وما أنزل الله فيه *
قال ابن إسحاق ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمي حتى جلس فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا وما قعد وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم فقال عبد الله بن الزبعرى أما والله لو وجدته لخصمته فسلوا محمدا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده فنحن نعبد الملائكة واليهود تعبد عزيرا والنصارى تعبد عيسى بن مريم عليهما السلام فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قول ابن الزبعرى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده إنهم إنما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته فأنزل الله تعالى عليه في ذلك إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم § في ما اشتهت أنفسهم خالدون أي عيسى بن مريم وعزيرا ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ونزل فيما يذكرون أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون إلى قوله ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين ونزل فيما ذكر من أمر عيسى بن مريم أنه يعبد من دون الله وعجب الوليد ومن حضره من حجته وخصومته ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون أي يصدون عن أمرك بذلك من قولهم ثم ذكر عيسى بن مريم فقال إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم أي ما وضعت على يديه من الآيات من إحياء الموتى وإبراء الأسقام فكفى به دليلا على علم الساعة يقول فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم الأخنس بن شريق وما أنزل الله فيه.
قال ابن إسحاق والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة وكان من أشراف القوم وممن يستمع منه فكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد عليه فأنزل الله تعالى فيه ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم إلى قوله تعالى زنيم ولم يقل زنيم لعيب في نسبه لأن الله لا يعيب أحدا بنسب ولكنه حقق § بذلك نعته ليعرف والزنيم العديد للقوم وقد قال الخطيم التميمي في الجاهلية زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع والوليد بن المغيرة قال أينزل على محمد وأترك وأنا كبير قريش وسيدها ويترك أبو مسعود عمرو بن عمير الثقفي سيد ثقيف ونحن عظيما القريتين فأنزل الله تعالى فيه فيما بلغني نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم إلى قوله تعالى مما يجمعون وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وعقبة بن أبي معيط وكانا متصافيين حسنا ما بينهما فكان عقبة قد جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه فبلغ ذلك أبيا فأتى عقبة فقال له ألم يبلغني أنك جالست محمدا وسمعت منه وجهي من وجهك حرام أن أكلمك واستغلظ من اليمين إن أنت جلست إليه أو سمعت منه أو لم تأته فتتفل في وجهه ففعل ذلك عدو الله عقبة بن أبي معيط لعنه الله فأنزل الله تعالى فيهما ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا إلى قوله تعالى للإنسان خذولا ومشى أبي بن خلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم بال قد ارفت فقال يا محمد أنت تزعم أن الله يبعث هذا بعد ما أرم ثم فته § في يده ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا أقول ذلك يبعثه الله وإياك بعد ما تكونان هكذا ثم يدخلك الله النار فأنزل الله تعالى فيه وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون واعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالكعبة فيما بلغني الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والوليد بن المغيرة وأمية بن خلف والعاص بن وائل السهمي وكانوا ذوي أسنان في قومهم فقالوا يا محمد هلم فلنعبد ما تعبد وتعبد ما نعبد فنشترك نحن وأنت في الأمر فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد كنا قد أخذنا بحظنا منه وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد كنت قد أخذت بحظك منه فأنزل الله تعالى فيهم قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين أي إن كنتم لا تعبدون إلا الله إلا أن أعبد ما تعبدون فلا حاجة لي بذلك منكم لكم دينكم جميعا ولي ديني وأبو جهل بن هشام لما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم تخويفا بها لهم قال يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد قالوا لا قال عجوة يثرب بالزبد والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزقما فأنزل الله تعالى فيه إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم أي ليس كما يقول.
قال ابن إسحاق فأنزل الله تعالى فيه والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا ووقف الوليد بن المغيرة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمه وقد طمع في إسلامه فبينا هو في ذلك إذ مر به § ابن أم مكتوم الأعمى فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يستقرئه القرآن فشق ذلك منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أضجره وذلك أنه شغله عما كان فيه من أمر الوليد وما طمع فيه من إسلامه فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا وتركه فأنزل الله تعالى فيه عبس وتولى أن جاءه الأعمى إلى قوله تعالى في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة أي إنما بعثتك بشيرا ونذيرا لم أخص بك أحدا دون أحد فلا تمنعه ممن ابتغاه ولا تتصدين به لمن لا يريده.
ذكر من عاد من أرض الحبشة لما بلغهم إسلام أهل مكة *
قال ابن إسحاق وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين خرجوا إلى أرض الحبشة إسلام أهل مكة فأقبلوا لما بلغهم من ذلك حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن ما كانوا تحدثوا به من إسلام أهل مكة كان باطلا فلم يدخل منهم أحد إلا بجوار أو مستخفيا. § فكان ممن قدم عليه مكة منهم فأقام بها حتى هاجر إلى المدينة فشهد معه بدرا وأحدا ومن حبس عنه حتى فاته بدر وغيره ومن مات بمكة منهم من بني عبد شمس بن عبد مناف بن قصي عثمان بن عفان بن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس و معه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس و امرأته سهلة بنت سهيل بن عمرو ومن حلفائهم عبد الله بن جحش بن رئاب ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان حليف لهم من قيس بن عيلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وسويبط بن سعد بن حرملة § ومن بني عبد بن قصي طليب بن عمير بن وهب بن عبد ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والمقداد بن عمرو حليف لهم وعبد الله بن مسعود حليف لهم ومن بني مخزوم بن يقظة أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله ابن عمرو بن مخزوم معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة وشماس § ابن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم وسلمة بن هشام بن المغيرة حبسه عمه بمكة فلم يقدم إلا بعد بدر وأحد والخندق وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة هاجر معه إلى المدينة ولحق به أخواه لأمه أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام فرجعا به إلى مكة فحبساه بها حتى مضى بدر وأحد والخندق ومن حلفائهم عمار بن ياسر يشك فيه أكان خرج إلى الحبشة أم لا ومعتب بن عوف بن عامر من خزاعة ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح وابنه السائب بن عثمان وقدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب خنيس بن حذافة بن § قيس بن عدي وهشام بن العاص بن وائل حبس بمكة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى قدم بعد بدر وأحد والخندق ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف لهم معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن حذافة بن غانم ومن بني عامر بن لؤي عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس وعبد الله بن سهيل بن عمرو وكان حبس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر إلى المدينة حتى كان يوم بدر فانحاز من المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهد معه بدرا وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى معه امرأته أم كلثوم بنت سهيل بن عمرو والسكران بن عمرو بن عبد شمس معه امرأته سودة بنت زمعة بن قيس مات بمكة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم § إلى المدينة فخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته سودة بنت زمعة ومن حلفائهم سعد بن خولة ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله ابن الجراح وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد وسهيل بن بيضاء وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة ابن هلال فجميع من قدم عليه مكة من أصحابه من أرض الحبشة ثلاثة وثلاثون رجلا فكان من دخل منهم بجوار فيمن سمي لنا عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي دخل بجوار من الوليد بن المغيرة وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم دخل بجوار من أبي طالب بن عبد المطلب وكان خاله وأم أبي سلمة برة بنت عبد المطلب.
قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد *
قال ابن إسحاق فأما عثمان بن مظعون فإن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثني عمن حدثه عن عثمان قال لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة قال والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي فمشى إلى الوليد بن المغيرة فقال له يا أبا عبد شمس وفت ذمتك قد رددت إليك جوارك فقال له لم يا بن أخي لعله آذاك أحد من قومي قال لا ولكني أرضى بجوار الله ولا أريد أن أستجير بغيره قال فانطلق إلى المسجد فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية قال فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد فقال الوليد هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري قال صدق قد وجدته وفيا كريم الجوار ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله فقد رددت عليه جواره ثم انصرف عثمان ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم فجلس معهم عثمان فقال لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل قال عثمان صدقت قال لبيد وكل نعيم لا محالة زائل قال عثمان كذبت نعيم الجنة لا يزول قال لبيد بن ربيعة يا معشر قريش والله ما كان يؤذى جليسكم فمتى حدث هذا فيكم فقال رجل من القوم إن هذا سفيه في سفهاء معه قد فارقوا ديننا فلا تجدن في نفسك من قوله فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها § والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان فقال أما والله يا بن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية لقد كنت في ذمة منيعة قال يقول عثمان بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس فقال له الوليد هلم يا بن أخي إن شئت فعد إلى جوارك فقال لا.
قصة أبي سلمة رضي الله عنه في جواره *
قال ابن إسحاق وأما أبو سلمة بن عبد الأسد فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة أنه حدثه أن أبا سلمة لما استجار بأبي طالب مشى إليه رجال من بني مخزوم فقالوا له يا أبا طالب لقد منعت منا ابن أخيك محمدا فما لك ولصاحبنا تمنعه منا قال إنه استجار بي وهو ابن أختي وإن أنا لم أمنع ابن أختي لم أمنع ابن أخي فقام أبو لهب فقال يا معشر قريش والله لقد أكثرتم على هذا الشيخ ما تزالون توثبون عليه في جواره من بين قومه والله لتنتهن عنه أو لنقومن معه في كل ما قام فيه حتى يبلغ ما أراد قال فقالوا بل ننصرف عما تكره يا أبا عتبة وكان لهم وليا وناصرا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقوا على ذلك فطمع فيه أبو طالب حين سمعه يقول ما يقول ورجا أن يقوم معه في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب يحرض أبا لهب على نصرته ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن امرأ أبو عتيبة عمه لفي روضة ما إن يسام المظالما أقول له وأين منه نصيحتي أبا معتب ثبت سوادك قائما § ولا تقبلن الدهر ما عشت خطة تسب بها إما هبطت المواسما وول سبيل العجز غيرك منهم فإنك لم تخلق على العجز لازما وحارب فإن الحرب نصف ولن ترى أخا الحرب يعطى الخسف حتى يسالما وكيف ولم يجنوا عليك عظيمة ولم يخذلوك غانما أو مغارما جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا وتيما ومخزوما عقوقا ومأثما بتفريقهم من بعد ود وألفة جماعتنا كيما ينالوا المحارما كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ولما تروا يوما لدى الشعب قائما.
دخول أبي بكر في جوار ابن الدغنة ورد جواره عليه *
قال ابن إسحاق وقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما حدثني محمد ابن مسلم ابن شهاب الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنهما حين ضاقت عليه مكة وأصابه فيها الأذى ورأى من تظاهر قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما رأى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فأذن له فخرج أبو بكر مهاجرا حتى إذا سار من مكة يوما أو يومين لقيه ابن الدغنة أخو بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وهو يومئذ سيد.
الأحابيش *
قال ابن إسحاق والأحابيش بنو الحارث بن عبد مناة بن كنانة والهون ابن خزيمة بن مدركة وبنو المصطلق من خزاعة.
قال ابن إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت فقال ابن الدغنة أين يا أبا بكر قال أخرجني قومي وآذوني وضيقوا علي قال ولم فو الله إنك لتزين العشيرة وتعين على النوائب وتفعل المعروف وتكسب المعدوم ارجع فأنت في جواري فرجع معه حتى إذا دخل مكة قام ابن الدغنة فقال يا معشر قريش إني قد أجرت ابن أبي قحافة فلا يعرضن له أحد إلا بخير قالت فكفوا عنه قالت وكان لأبي بكر مسجد عند باب داره في بني جمح فكان يصلي فيه وكان رجلا رقيقا إذا قرأ القرآن استبكى قالت فيقف عليه الصبيان والعبيد والنساء يعجبون لما يرون من هيئته قالت فمشى رجال من قريش إلى ابن الدغنة فقالوا له يا بن الدغنة إنك لم تجر هذا الرجل ليؤذينا إنه رجل إذا صلى وقرأ ما جاء به محمد يرق ويبكي وكانت له هيئة ونحو فنحن نتخوف على صبياننا ونسائنا وضعفتنا أن يفتنهم فأته فمره أن يدخل بيته فليصنع فيه ما شاء قالت فمشى ابن الدغنة إليه فقال له يا أبا بكر § إني لم أجرك لتؤذي قومك إنهم قد كرهوا مكانك الذي أنت فيه وتأذوا بذلك منك فادخل بيتك فاصنع فيه ما أحببت قال أوأرد عليك جوارك وأرضى بجوار الله قال فاردد علي جواري قال قد رددته عليك قالت فقام ابن الدغنة فقال يا معشر قريش إن ابن أبي قحافة قد رد علي جواري فشأنكم بصاحبكم.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد قال لقيه سفيه من سفهاء قريش وهو عامد إلى الكعبة فحثا على رأسه ترابا قال فمر بأبي بكر الوليد بن المغيرة أو العاص بن وائل قال فقال أبو بكر ألا ترى إلى ما يصنع هذا السفيه قال أنت فعلت ذلك بنفسك قال وهو يقول أي رب ما أحلمك أي رب ما أحلمك أي رب ما أحلمك.
حديث نقض الصحيفة *
قال ابن إسحاق وبنو هاشم وبنو المطلب في منزلهم الذي تعاقدت فيه قريش عليهم في الصحيفة التي كتبوها ثم إنه قام في نقض تلك الصحيفة التي تكاتبت فيها قريش على بني هاشم وبني المطلب نفر من قريش ولم يبل فيها أحد أحسن من بلاء هشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب بن نصر بن جذيمة ابن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وذلك أنه كان ابن أخي نضلة بن هاشم ابن عبد مناف لأمه فكان هشام لبني هاشم واصلا وكان ذا شرف في قومه § فكان فيما بلغني يأتي بالبعير وبنو هاشم وبنو المطلب في الشعب ليلا قد أوقره طعاما حتى إذا أقبل به فم الشعب خلع خطامه من رأسه ثم ضرب على جنبه فيدخل الشعب عليهم ثم يأتي به قد أوقره بزا فيفعل به مثل ذلك.
سعي هشام في ضم زهير بن أبي أمية له *
قال ابن إسحاق ثم إنه مشى إلى زهير بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وكانت أمه عاتكة بنت عبد المطلب فقال يا زهير أقد رضيت أن تأكل الطعام وتلبس الثياب وتنكح النساء وأخوالك حيث قد علمت لا يباعون ولا يبتاع منهم ولا ينكحون ولا ينكح إليهم أما إني أحلف بالله أن لو كانوا أخوال أبي الحكم بن هشام ثم دعوته إلى مثل ما دعاك إليه منهم ما أجابك إليه أبدا قال ويحك يا هشام فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد والله لو كان معي رجل آخر لقمت في نقضها حتى أنقضها قال قد وجدت رجلا قال فمن هو قال أنا قال له زهير أبغنا رجلا ثالثا فذهب إلى المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقال له يا مطعم أقد رضيت أن يهلك بطنان من بني عبد مناف وأنت شاهد على ذلك موافق لقريش فيه أما والله لئن أمكنتموهم من هذه لتجدنهم إليها منكم سراعا قال ويحك فماذا أصنع إنما أنا رجل واحد قال قد وجدت ثانيا قال من هو قال أنا قال أبغنا ثالثا قال قد فعلت قال من هو قال زهير بن أبي أمية قال أبغنا رابعا فذهب إلى البختري بن هشام فقال له نحوا مما قال للمطعم بن عدي § فقال وهل من أحد يعين على هذا قال نعم قال من هو قال زهير ابن أبي أمية والمطعم بن عدي وأنا معك قال أبغنا خامسا فذهب إلى زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد فكلمه وذكر له قرابتهم وحقهم فقال له وهل على هذا الأمر الذي تدعوني إليه من أحد قال نعم ثم سمى له القوم فاتعدوا خطم الحجون ليلا بأعلى مكة فاجتمعوا هنالك فأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على القيام في الصحيفة حتى ينقضوها وقال زهير أنا أبدؤكم فأكون أول من يتكلم فلما أصبحوا غدوا إلى أنديتهم وغدا زهير بن أبي أمية عليه حلة فطاف بالبيت سبعا ثم أقبل على الناس فقال يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبس الثياب وبنو هاشم هلكى لا يباع ولا يبتاع منهم والله لا أقعد حتى تشق هذه الصحيفة القاطعة الظالمة قال أبو جهل وكان في ناحية المسجد كذبت والله لا تشق قال زمعة بن الأسود أنت والله أكذب ما رضينا كتابها حيث كتبت قال أبو البختري صدق زمعة لا نرضى ما كتب فيها ولا نقر به قال المطعم بن عدي صدقتما وكذب من قال غير ذلك نبرأ إلى الله منها ومما كتب فيها قال هشام ابن عمرو نحوا من ذلك فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل تشوور فيه بغير هذا المكان قال وأبو طالب جالس في ناحية المسجد فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقها فوجد الأرضة قد أكلتها إلا باسمك اللهم § وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة فشلت يده فيما يزعمون.
شعر أبي طالب في مدح النفر الذين نقضوا الصحيفة *
قال ابن إسحاق فلما مزقت الصحيفة وبطل ما فيها قال أبو طالب فيما كان من أمر أولئك النفر الذين قاموا في نقضها يمدحهم § ألا هل أتى بحرينا صنع ربنا على نأيهم والله بالناس أرود فيخبرهم أن الصحيفة مزقت وأن كل ما لم يرضه الله مفسد تراوحها إفك وسحر مجمع ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد تداعى لها من ليس فيها بقرقر فطائرها في رأسها يتردد وكانت كفاء رقعة بأثيمة ليقطع منها ساعد ومقلد ويظعن أهل المكتين فيهربوا فرائصهم من خشية الشر ترعد ويترك حراث يقلب أمره أيتهم فيهم عند ذاك وينجد وتصعد بين الأخشبين كتيبة لها حدج سهم وقوس ومرهد فمن ينش من حضار مكة عزه فعزتنا في بطن مكة أتلد نشأنا بها والناس فيها قلائل فلم ننفكك نزداد خيرا ونحمد § ونطعم حتى يترك الناس فضلهم إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد جزى الله رهطا بالحجون تبايعوا على ملأ يهدي لحزم ويرشد قعودا لدى خطم الحجون كأنهم مقاولة بل هم أعز وأمجد أعان عليها كل صقر كأنه إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد جري على جلى الخطوب كأنه شهاب بكفي قابس يتوقد من الأكرمين من لؤي بن غالب إذا سيم خسفا وجهه يتربد طويل النجاد خارج نصف ساقه على وجهه يسقى الغمام ويسعد عظيم الرماد سيد وابن سيد يحض على مقرى الضيوف ويحشد ويبني لأبناء العشيرة صالحا إذا نحن طفنا في البلاد ويمهد ألظ بهذا الصلح كل مبرأ عظيم اللواء أمره ثم يحمد قضوا ما قضوا في ليلهم ثم أصبحوا على مهل وسائر الناس رقد هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا وسر أبو بكر بها ومحمد متى شرك الأقوام في جل أمرنا وكنا قديما قبلها نتودد وكنا قديما لا نقر ظلامة وندرك ما شئنا ولا نتشدد § فيا لقصى هل لكم في نفوسكم وهل لكم فيما يجيء به غد فإني وإياكم كما قال قائل لديك البيان لو تكلمت أسود وقال حسان بن ثابت يبكي المطعم بن عدي حين مات ويذكر قيامه في نقض الصحيفة أيا عين فابكي سيد القوم واسفحي بدمع وإن أنزفته فاسكبي الدما وبكي عظيم المشعرين كليهما على الناس معروفا له ما تكلما فلو كان مجد يخلد الدهر واحدا من الناس أبقى مجده اليوم مطعما أجرت رسول الله منهم فأصبحوا عبيدك ما لبى مهل وأحرما فلو سئلت عنه معد بأسرها وقحطان أو باقي بقية جرهما لقالوا هو الموفي بخفرة جاره وذمته يوما إذا ما تذمما فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم على مثله فيهم أعز وأعظما وآبى إذا يأبى وألين شيمة وأنوم عن جار إذا الليل أظلما.
مدح حسان لهشام بن عمرو لقيامه في الصحيفة *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضا يمدح هشام بن عمرو لقيامه في الصحيفة هل يوفين بنو أمية ذمة عقدا كما أو في جوار هشام من معشر لا يغدرون بجارهم للحارث بن حبيب بن سخام وإذا بنو حسل أجاروا ذمة أوفوا وأدوا جارهم بسلام وكان هشام أحد سحام بالضم.
قصة إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يرى من قومه يبذل لهم النصيحة ويدعوهم إلى النجاة مما هم فيه وجعلت قريش حين منعه الله منهم يحذرونه الناس ومن قدم عليهم من العرب وكان الطفيل بن عمرو الدوسي يحدث أنه قدم مكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها فمشى إليه رجال من قريش وكان الطفيل رجلا شريفا شاعرا لبيبا فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا وقد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه وبين الرجل وبين أخيه وبين الرجل وبين زوجته وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا فلا تكلمنه ولا تسمعن منه شيئا قال فو الله ما زالوا بي حتى أجمعت أن لا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني حين غدوت إلى المسجد كرسفا فرقا من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه قال فغدوت إلى المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة قال فقمت منه قريبا فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله قال فسمعت كلاما حسنا قال فقلت في نفسي § وا ثكل أمي والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وإن كان قبيحا تركته قال فمكثت حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت يا محمد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا للذي قالوا فو الله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك فسمعته قولا حسنا فاعرض علي أمرك قال فعرض علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه ولا أمرا أعدل منه قال فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام فادع الله أن يجعل لي آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه فقال اللهم اجعل له آية قال فخرجت إلى قومي حتى إذا كنت بثنية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم قال فتحول فوقع في رأس سوطي قال فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أهبط إليهم من الثنية قال حتى جئتهم فأصبحت فيهم قال فلما نزلت أتاني أبي وكان شيخا كبيرا قال فقلت إليك عني يا أبت فلست منك ولست مني قال ولم يا بني قال قلت أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم قال أي بني فديني دينك قال § فقلت فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك ثم تعال حتى أعلمك ما علمت قال فذهب فاغتسل وطهر ثيابه قال ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم قال ثم أتتني صاحبتي فقلت إليك عني فلست منك ولست مني قالت لم بأبي أنت وأمي قال قلت قد فرق بيني وبينك الإسلام وتابعت دين محمد صلى الله عليه وسلم قالت فديني دينك قال قلت فاذهبي إلى حنا ذي الشرى.
فتطهري منه قال وكان ذو الشرى صنما لدوس وكان الحمى حمى حموه له و به وشل من ماء يهبط من جبل قال فقلت بأبي أنت وأمي أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا قال قلت لا أنا ضامن لذلك فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت ثم دعوت دوسا إلى الإسلام فأبطئوا علي ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقلت له يا نبي الله إنه قد غلبني على دوس الزنا فادع الله عليهم فقال اللهم اهد دوسا ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم قال فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق ثم قدمت على رسول الله § صلى الله عليه وسلم بمن أسلم معي من قومي ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين ثم لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا فتح الله عليه مكة قال قلت يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه.
قال ابن إسحاق فخرج إليه فجعل طفيل يوقد عليه النار ويقول يا ذا الكفين لست من عبادكا ميلادنا أقدم من ميلادكا إني حشوت النار في فؤادكا قال ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان معه بالمدينة حتى قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين فسار معهم حتى فرغوا من طليحة ومن أرض نجد كلها ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل فرأى رؤيا وهو متوجه إلى اليمامة فقال لأصحابه إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي رأيت أن رأسي حلق وأنه خرج من فمي طائر وأنه لقيتني امرأة فأدخلتني في فرجها وأرى ابني يطلبني حثيثا ثم رأيته حبس عني قالوا خيرا قال أما أنا والله فقد أولتها قالوا ماذا قال أما حلق رأسي فوضعه وأما الطائر الذي خرج من فمي فروحي وأما المرأة التي أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي فأغيب فيها وأما طلب ابني إياي ثم حبسه عني فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني فقتل رحمه الله شهيدا باليمامة وجرح ابنه جراحة شديدة ثم استبل منها ثم قتل عام اليرموك في زمن عمر رضي الله عنه شهيدا.
أمر أعشى بني قيس بن ثعلبة *
قال ابن إسحاق وقد كان عدو الله أبو جهل بن هشام مع عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضه إياه وشدته عليه يذله الله له إذا رآه.
أمر الإراشي الذي باع أبا جهل إبله *
قال ابن إسحاق حدثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان الثقفي وكان واعية قال قدم رجل من إراش.
بإبل له مكة فابتاعها منه أبو جهل فمطله بأثمانها فأقبل الإراشي حتى وقف على ناد من قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس فقال يا معشر قريش من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام فإني رجل غريب ابن سبيل وقد غلبني على حقي قال فقال له أهل ذلك المجلس أترى ذلك الرجل الجالس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهزءون به لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة اذهب إليه فإنه يؤديك عليه فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله وأنا رجل غريب ابن سبيل وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه يأخذ لي حقي منه فأشاروا لي إليك فخذ لي حقي منه يرحمك الله قال انطلق إليه وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم اتبعه فانظر ماذا يصنع قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه § فقال من هذا قال محمد فاخرج إلي فخرج إليه وما في وجهه من رائحة قد انتقع لونه فقال أعط هذا الرجل حقه قال نعم لا تبرح حتى أعطيه الذي له قال فدخل فخرج إليه بحقه فدفعه إليه قال ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للإراشي الحق بشأنك فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس فقال جزاه الله خيرا فقد والله أخذ لي حقي قال وجاء الرجل الذي بعثوا معه فقالوا ويحك ماذا رأيت قال عجبا من العجب والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج إليه وما معه روحه فقال له أعط هذا حقه فقال نعم لا تبرح حتى أخرج إليه حقه فدخل فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه قال ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء فقالوا له ويلك ما لك والله ما رأينا مثل ما صنعت قط قال ويحكم والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي وسمعت صوته فملئت رعبا ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط والله لو أبيت لأكلني.
أمر ركانة المطلبي ومصارعته للنبي صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار قال كان ركانة § ابن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف أشد قريش فخلا يوما برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض شعاب مكة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ركانة ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه قال إني لو أعلم أن الذي تقول حق لاتبعتك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق قال نعم قال فقم حتي أصارعك قال فقام إليه ركانة يصارعه فلما بطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعه وهو لا يملك من نفسه شيئا ثم قال عد يا محمد فعاد فصرعه فقال يا محمد والله إن هذا للعجب أتصرعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه إن اتقيت الله واتبعت أمري قال ما هو قال أدعو لك هذه الشجرة التي ترى فتأتيني قال ادعها فدعاها فأقبلت حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال لها ارجعي إلى مكانك قال فرجعت إلى مكانها قال فذهب ركانة إلى قومه فقال يا بني عبد مناف ساحروا بصاحبكم أهل الأرض فو الله ما رأيت أسحر منه قط ثم أخبرهم بالذي رأى والذي صنع.
أمر وفد النصارى الذين أسلموا *
قال ابن إسحاق ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النصارى حين بلغهم خبره من الحبشة فوجدوه في المسجد فجلسوا إليه وكلموه وسألوه ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن فلما سمعوا § القرآن فاضت أعينهم من الدمع ثم استجابوا لله وآمنوا به وصدقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل ابن هشام في نفر من قريش فقالوا لهم خيبكم الله من ركب بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال ما نعلم ركبا أحمق منكم أو كما قالوا فقالوا لهم سلام عليكم لا نجاهلكم لنا ما نحن عليه ولكم ما أنتم عليه لم نأل أنفسنا خيرا ويقال إن النفر من النصارى من أهل نجران فالله أعلم أي ذلك كان فيقال والله أعلم فيهم نزلت هؤلاء الآيات الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين إلى قوله لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين .
قال ابن إسحاق وقد سألت ابن شهاب الزهري عن هؤلاء الآيات فيمن أنزلن فقال لي ما أسمع من علمائنا أنهن أنزلن في النجاشي وأصحابه والآية من سورة المائدة من قوله ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون إلى قوله فاكتبنا مع الشاهدين .
تهكم المشركين بمن من الله عليهم ونزول آيات في ذلك *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في المسجد فجلس إليه المستضعفون من أصحابه خباب وعمار وأبو فكيهة يسار مولى صفوان بن أمية بن محرث وصهيب وأشباههم من المسلمين هزئت بهم قريش وقال بعضهم لبعض هؤلاء أصحابه كما ترون أهؤلاء من الله عليهم من بيننا بالهدى والحق لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه § وما خصهم الله به دوننا فأنزل الله تعالى فيهم ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني كثيرا ما يجلس عند المروة إلى مبيعة غلام نصراني يقال له جبر عبد لبني الحضرمي فكانوا يقولون والله ما يعلم محمدا كثيرا مما يأتي به إلا جبر النصراني غلام بني الحضرمي فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين .
نزول سورة الكوثر *
قال ابن إسحاق وكان العاص بن وائل السهمي فيما بلغني إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوه فإنما هو رجل أبتر لا عقب له لو مات لانقطع ذكره واسترحتم منه فأنزل الله في ذلك إنا أعطيناك الكوثر ما هو خير لك من الدنيا وما فيها والكوثر العظيم.
صاحبا ملحوب والرداع *
قال ابن إسحاق قال لبيد بن ربيعة الكلابي وصاحب ملحوب فجعنا بيومه وعند الرداع بيت آخر كوثر يقول عظيم.
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكوثر ما هو فأجاب *
قال ابن إسحاق حدثني جعفر بن عمرو. § ابن أمية الضمري عن عبد الله بن مسلم أخي محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل له يا رسول الله ما الكوثر الذي أعطاك الله قال نهر كما بين صنعاء إلى أيلة آنيته كعدد نجوم السماء ترده طيور لها أعناق كأعناق الإبل قال يقول عمر بن الخطاب إنها يا رسول الله لناعمة قال آكلها أنعم منها.
قال ابن إسحاق وقد سمعت في هذا الحديث أو غيره أنه قال صلى الله عليه وسلم من شرب منه لا يظمأ أبدا.
نزول وقالوا لولا أنزل عليه ملك 6 8 *
قال ابن إسحاق ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فقال له زمعة بن الأسود والنضر بن الحارث والأسود بن عبد يغوث وأبي بن خلف والعاص بن وائل لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى معك فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون .
نزول ولقد استهزئ برسل من قبلك 6 10 *
قال ابن إسحاق ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني بالوليد § ابن المغيرة وأمية بن خلف وبأبي جهل بن هشام فهمزوه واستهزءوا به فغاظه ذلك فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من أمرهم ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤن.
ذكر الإسراء والمعراج *
قال ابن إسحاق كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن مسعود وأبي سعيد الخدري وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ومعاوية بن أبي سفيان والحسن بن أبي الحسن البصري وابن شهاب الزهري وقتادة وغيرهم من أهل العلم وأم هانئ بنت أبي طالب ما اجتمع في هذا الحديث كل يحدث عنه بعض ما ذكر من أمره حين أسري به صلى الله عليه وسلم وكان في مسراه وما ذكر عنه بلاء وتمحيص وأمر من أمر § الله عز وجل في قدرته وسلطانه فيه عبرة لأولي الألباب وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق وكان من أمر الله سبحانه وتعالى على يقين فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء ليريه من آياته ما أراد حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم وقدرته التي يصنع بها ما يريد فكان عبد الله بن مسعود فيما بلغني عنه يقول أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق وهي الدابة التي كانت تحمل عليها الأنبياء قبله تضع حافرها في منتهى طرفها فحمل عليها ثم خرج به صاحبه يرى الآيات فيما بين السماء والأرض حتى انتهى إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم الخليل وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمعوا له فصلى بهم ثم أتي بثلاثة آنية إناء فيه لبن وإناء فيه خمر وإناء فيه ماء قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت قائلا يقول حين عرضت علي إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته وإن أخذ اللبن هدي وهديت أمته قال فأخذت إناء اللبن فشربت منه فقال لي جبريل عليه السلام هديت وهديت أمتك يا محمد.
حديث الحسن عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثت عن الحسن أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم في الحجر إذ جاءني جبريل فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا فعدت إلى مضجعي فجاءني الثانية فهمزني بقدمه فجلست فلم أر شيئا فعدت إلى مضجعي فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه فجلست فأخذ بعضدي فقمت معه فخرج بي إلى باب المسجد فإذا دابة أبيض بين البغل والحمار في فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه يضع يده في منتهى طرفه فحملني عليه ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته.
حديث قتادة عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثت عن قتادة أنه قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما دنوت منه لأركبه شمس فوضع جبريل يده على معرفته ثم قال ألا تستحي يا براق مما تصنع فو الله ما ركبك عبد لله قبل محمد أكرم عليه منه قال فاستحيا حتى ارفض عرقا ثم قر حتى ركبته قال الحسن في حديثه فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضى جبريل عليه السلام معه حتى انتهى به إلى بيت المقدس فوجد فيه إبراهيم وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء فأمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ثم أتي بإناءين في أحدهما خمر وفي الآخر لبن قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن فشرب منه وترك إناء الخمر قال فقال له جبريل هديت للفطرة وهديت أمتك يا محمد وحرمت عليكم الخمر ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة فلما أصبح غدا على قريش فأخبرهم الخبر فقال أكثر الناس هذا والله الإمر البين والله إن العير لتطرد شهرا من مكة إلى الشام مدبرة وشهرا مقبلة أفيذهب ذلك محمد في ليلة واحدة ويرجع إلى مكة قال فارتد كثير ممن كان أسلم وذهب الناس إلى أبي بكر § فقالوا له هل لك يا أبا بكر في صاحبك يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة قال فقال لهم أبو بكر إنكم تكذبون عليه فقالوا بلى ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس فقال أبو بكر والله لئن كان قاله لقد صدق فما يعجبكم من ذلك فو الله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون منه ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة قال نعم قال يا نبي الله فصفه لي فإني قد جئته قال الحسن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع لي حتى نظرت إليه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفه لأبي بكر ويقول أبو بكر صدقت أشهد أنك رسول الله كلما وصف له منه شيئا قال صدقت أشهد أنك رسول الله حتى إذا انتهى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وأنت يا أبا بكر الصديق فيومئذ سماه الصديق قال الحسن وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا فهذا حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دخل فيه من حديث قتادة.
حديث عائشة عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الله أسرى بروحه.
حديث معاوية عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن معاوية بن أبي سفيان كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت رؤيا من الله تعالى صادقة فلم ينكر ذلك من قولهما لقول الحسن إن هذه الآية نزلت في ذلك قول الله تبارك وتعالى وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ولقول الله تعالى في الخبر عن إبراهيم عليه السلام إذ قال لابنه يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ثم مضى على ذلك فعرفت أن الوحي من الله يأتي الأنبياء أيقاظا ونياما.
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول تنام عيناي وقلبي يقظان والله أعلم أي ذلك كان قد جاءه وعاين فيه ما عاين من أمر الله على أي حاليه كان نائما أو يقظان كل ذلك حق وصدق.
وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبراهيم وموسى وعيسى *
قال ابن إسحاق وزعم الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة فقال أما إبراهيم فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه وأما موسى فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة وأما عيسى بن مريم فرجل أحمر بين القصير والطويل سبط الشعر كثير خيلان الوجه كأنه خرج من ديماس تخال رأسه يقطر ماء وليس به ماء أشبه رجالكم به عروة بن مسعود الثقفي.
حديث أم هانئ عن مسراه صلى الله عليه وسلم *
قال محمد بن إسحاق وكان فيما بلغني عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها واسمها هند في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول ما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي نام عندي تلك الليلة في بيتي فصلى العشاء الآخرة ثم نام ونمنا فلما كان قبيل الفجر أهبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى الصبح وصلينا معه قال يا أم هانئ لقد صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ثم جئت بيت المقدس فصليت فيه ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين ثم قام ليخرج فأخذت بطرف ردائه فتكشف عن بطنه كأنه قبطية مطوية فقلت له يا نبي الله لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك قال والله لأحدثنهموه قالت فقلت لجارية لي حبشية ويحك اتبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسمعي ما يقول للناس وما يقولون له فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس أخبرهم فعجبوا وقالوا ما آية ذلك يا محمد فإنا لم نسمع بمثل هذا قط قال آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا فأنفرهم حس الدابة فندلهم بعير فدللتهم عليه وأنا موجه إلى الشام ثم أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان فوجدت القوم نياما ولهم إناء فيه ماء قد غطوا عليه بشيء فكشفت غطاءه وشربت ما فيه § ثم غطيت عليه كما كان وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ثنية التنعيم يقدمها جمل أورق عليه غرارتان إحداهما سوداء والأخرى برقاء قالت فابتدر القوم الثنية فلم يلقهم أول من الجمل كما وصف لهم وسألوهم عن الإناء فأخبروهم أنهم وضعوه مملوءا ماء ثم غطوه وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ولم يجدوا فيه ماء وسألوا الآخرين وهم بمكة فقالوا صدق والله لقد أنفرنا في الوادي الذي ذكر وند لنا بعير فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه حتى أخذناه.
قصة المعراج *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما فرغت مما كان في بيت المقدس أتي بالمعراج ولم أر شيئا قط أحسن منه وهو الذي يمد إليه ميتكم عينيه إذا حضر فأصعدني صاحبي فيه حتى انتهى بي إلى باب من أبواب السماء يقال له باب الحفظة عليه ملك من الملائكة يقال له إسماعيل تحت يديه اثنا عشر ألف ملك تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث بهذا الحديث وما يعلم جنود ربك إلا هو فلما دخل بي قال من هذا يا جبريل قال هذا محمد قال أوقد بعث قال نعم قال فدعا لي بخير وقاله.
عدم ضحك خازن النار للرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا فلم يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا يقول خيرا ويدعو به حتى لقيني ملك من الملائكة فقال مثل ما قالوا ودعا بمثل ما دعوا به إلا أنه لم يضحك ولم أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره فقلت لجبريل يا جبريل من هذا الملك الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ولم أر منه من البشر مثل الذي رأيت منهم قال فقال لي جبريل أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك أو كان ضاحكا إلى أحد بعدك لضحك إليك ولكنه لا يضحك هذا مالك خازن النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت لجبريل وهو من الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم مطاع ثم أمين ألا تأمره أن يريني النار فقال بلى يا مالك أر محمدا النار قال فكشف عنها غطاءها ففارت وارتفعت حتى ظننت لتأخذن ما أرى قال فقلت لجبريل يا جبريل مره فليردها إلى مكانها قال فأمره فقال لها اخبي فرجعت إلى مكانها الذي خرجت منه فما شبهت رجوعها إلا وقوع الظل حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد عليها غطاءها § و قال أبو سعيد الخدري في حديثه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما دخلت السماء الدنيا رأيت بها رجلا جالسا تعرض عليه أرواح بني آدم فيقول لبعضها إذا عرضت عليه خيرا ويسر به ويقول روح طيبة خرجت من جسد طيب ويقول لبعضها إذا عرضت عليه أف ويعبس بوجهه ويقول روح خبيثة خرجت من جسد خبيث قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أبوك آدم تعرض عليه أرواح ذريته فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها وقال روح طيبة خرجت من جسد طيب وإذا مرت به روح الكافر منهم أفف منها وكرهها وساء ذلك وقال روح خبيثة خرجت من جسد خبيث قال ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل في أيديهم قطع من نار كالأفهار يقذفونها في أفواههم فتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة أموال اليتامى ظلما قال ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يعرضون على النار يطئونهم لا يقدرون على أن يتحولوا من مكانهم ذلك قال قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء أكلة الربا § قال ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن يأكلون من الغث المنتن ويتركون السمين الطيب قال قلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ويذهبون إلى ما حرم الله عليهم منهن قال ثم رأيت نساء معلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم.
قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن عمرو عن القاسم بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فأكل حرائبهم واطلع على عوراتهم.
عود إلى حديث الخدري عن المعراج *
ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري قال ثم أصعدني إلى السماء الثانية فإذا فيها ابنا الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا قال ثم أصعدني إلى السماء الثالثة فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب قال ثم أصعدني إلى السماء الرابعة فإذا فيها رجل فسألته من هو قال هذا إدريس قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعناه مكانا عليا قال ثم أصعدني إلى السماء الخامسة § فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية عظيم العثنون لم أر كهلا أجمل منه قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران قال ثم أصعدني إلى السماء السادسة فإذا فيها رجل آدم طويل أقنى كأنه من رجال شنوءة فقلت له من هذا يا جبريل قال هذا أخوك موسى بن عمران ثم أصعدني إلى السماء السابعة فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ولا صاحبكم أشبه به منه قال قلت من هذا يا جبريل قال هذا أبوك إبراهيم قال ثم دخل بي الجنة فرأيت فيها جارية لعساء فسألتها لمن أنت وقد أعجبتني حين رأيتها فقالت لزيد ابن حارثة فبشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة قال ابن إسحاق ومن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من السموات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها من هذا يا جبريل فيقول محمد فيقولون أوقد بعث فيقول نعم فيقولون حياه الله من أخ وصاحب حتى انتهى به إلى السماء السابعة ثم انتهى به إلى ربه ففرض عليه خمسين صلاة في كل يوم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلت راجعا فلما مررت بموسى بن عمران ونعم الصاحب كان لكم سألني كم فرض عليك من الصلاة فقلت خمسين صلاة كل يوم فقال إن الصلاة ثقيلة وإن أمتك ضعيفة فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك فرجعت فسألت § ربي أن يخفف عني وعن أمتي فوضع عني عشرا ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك فرجعت فسألت ربي فوضع عني عشرا ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك فرجعت فسألته فوضع عني عشرا ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك كلما رجعت إليه قال فارجع فاسأل حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني إلا خمس صلوات في كل يوم وليلة ثم رجعت إلى موسى فقال لي مثل ذلك فقلت قد راجعت ربي وسألته حتى استحييت منه فما أنا بفاعل فمن أداهن منكم إيمانا بهن واحتسابا لهن كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة.
كفاية الله أمر المستهزءين *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر الله تعالى صابرا محتسبا مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب والأذى والاستهزاء وكان عظماء المستهزءين كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير خمسة نفر من قومهم وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم من بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب الأسود بن المطلب بن أسد أبو زمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد دعا عليه لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه به فقال اللهم أعم بصره وأثكله ولده ومن بني زهرة بن كلاب الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف ابن زهرة ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب العاص بن وائل بن هشام.
المستهزءون بالرسول من خزاعة *
ومن بني خزاعة الحارث بن الطلاطلة بن عمرو بن الحارث بن عبد عمرو بن لؤي بن ملكان فلما تمادوا في الشر وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء أنزل الله تعالى عليه فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين الذين يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون.
ما أصاب المستهزءين *
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أو غيره من العلماء أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يطوفون بالبيت فقام وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فمر به الأسود بن المطلب فرمى في وجهه بورقة خضراء فعمي ومر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى بطنه فمات منه حبنا ومر به الوليد بن المغيرة فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله كان أصابه قبل ذلك بسنين وهو يجر سبله وذلك أنه مر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له فتعلق سهم من نبله بإزاره فخدش في رجله ذلك الخدش وليس بشيء فانتقض به فقتله ومر به العاص بن وائل فأشار إلى أخمص رجله وخرج على حمار له يريد الطائف فربض به على شبارقة فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته ومر به الحارث بن الطلاطلة فأشار إلى رأسه فامتخض قيحا فقتله.
قصة أبي أزيهر الدوسي *
قال ابن إسحاق فلما حضرت الوليد الوفاة دعا بنيه وكانوا ثلاثة هشام ابن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن الوليد فقال لهم أي بني أوصيكم بثلاث فلا تضيعوا فيهن دمي في خزاعة فلا تطلنه والله إني لأعلم أنهم § منه برآء ولكني أخشى أن تسبوا به بعد اليوم ورباي في ثقيف فلا تدعوه حتى تأخذوه وعقري عند أبي أزيهر فلا يفوتنكم به وكان أبو أزيهر قد زوجه بنتا ثم أمسكها عنه فلم يدخلها عليه حتى مات فلما هلك الوليد بن المغيرة وثبت بنو مخزوم على خزاعة يطلبون منهم عقل الوليد وقالوا إنما قتله سهم صاحبكم وكان لبني كعب حلف من بني عبد المطلب بن هاشم فأبت عليهم خزاعة ذلك حتى تقاولوا أشعارا وغلظ بينهم الأمر وكان الذي أصاب الوليد سهمه رجلا من بني كعب بن عمرو من خزاعة فقال عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم إني زعيم أن تسيروا فتهربوا وأن تتركوا الظهران تعوي ثعالبه وأن تتركوا ماء بجزعة أطرقا وأن تسألوا أي الأراك أطايبه فإنا أناس لا تطل دماؤنا ولا يتعالى صاعدا من نحاربه وكانت الظهران والأراك منازل بني كعب من خزاعة فأجابه الجون بن أبي الجون أخو بني كعب بن عمرو الخزاعي فقال والله لا نؤتي الوليد ظلامة ولما تروا يوما تزول كواكبه ويصرع منكم مسمن بعد مسمن وتفتح بعد الموت قسرا مشاربه § إذا ما أكلتم خبزكم وخزيركم فكلكم باكي الوليد ونادبه ثم إن الناس ترادوا وعرفوا أنما يخشى القوم السبة فأعطتهم خزاعة بعض العقل وانصرفوا عن بعض فلما اصطلح القوم قال الجون بن أبي الجون وقائلة لما اصطلحنا تعجبا لما قد حملنا للوليد وقائل ألم تقسموا تؤتوا الوليد ظلامة ولما تروا يوما كثير البلابل فنحن خلطنا الحرب بالسلم فاستوت فأم هواه آمنا كل راحل ثم لم ينته الجون بن أبي الجون حتى افتخر بقتل الوليد وذكر أنهم أصابوه وكان ذلك باطلا فلحق بالوليد و بولده وقومه من ذلك ما حذره فقال الجون بن أبي الجون ألا زعم المغيرة أن كعبا بمكة منهم قدر كثير فلا تفخر مغيرة أن تراها بها يمشي المعلهج والمهير بها آباؤنا وبها ولدنا كما أرسى بمثبته ثبير وما قال المغيرة ذاك إلا ليعلم شأننا أو يستثير فإن دم الوليد يطل إنا نطل دماء أنت بها خبير كساه الفاتك الميمون سهما زعافا وهو ممتلئ بهير § فخر ببطن مكة مسلحبا كأنه عند وجبته بعير سيكفيني مطال أبي هشام صغار جعدة الأوبار خور
مقتل أبي أزيهر وثورة بني عبد مناف لذلك *
قال ابن إسحاق ثم عدا هشام بن الوليد على أبي أزيهر وهو بسوق ذي المجاز وكانت عند أبي سفيان بن حرب عاتكة بنت أبي أزيهر وكان أبو أزيهر رجلا شريفا في قومه فقتله بعقر الوليد الذي كان عنده لوصية أبيه إياه وذلك بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأصيب به من أصيب من أشراف قريش من المشركين فخرج يزيد بن أبي سفيان فجمع بني عبد مناف وأبو سفيان بذي المجاز فقال الناس أخفر أبو سفيان في صهره فهو ثائر به فلما سمع أبو سفيان بالذي صنع ابنه يزيد وكان أبو سفيان رجلا حليما منكرا يحب قومه حبا شديدا انحط سريعا إلى مكة وخشي أن يكون بين قريش حدث في أبي أزيهر فأتى ابنه وهو في الحديد في قومه من بني عبد مناف والمطيبين فأخذ الرمح من يده ثم ضرب به على رأسه ضربة هده منها ثم قال له قبحك الله أتريد أن تضرب قريشا بعضهم ببعض في رجل من دوس سنؤتيهم العقل إن قبلوه وأطفأ ذلك الأمر فانبعث حسان بن ثابت يحرض في دم أبي أزيهر ويعير أبا سفيان خفرته ويجبنه فقال § غدا أهل ضوجي ذي المجاز كليهما %~% وجار ابن حرب بالمغمس ما يغدو ولم يمنع العير الضروط ذماره وما منعت مخزاة والدها هند كساك هشام بن الوليد ثيابه فأبل وأخلف مثلها جددا بعد قضى وطرا منه فأصبح ماجدا وأصبحت رخوا ما تخب وما تعدو فلو أن أشياخا ببدر تشاهدوا لبل نعال القوم معتبط ورد فلما بلغ أبا سفيان قول حسان قال يريد حسان أن يضرب بعضنا ببعض في رجل من دوس بئس والله ما ظن ولما أسلم أهل الطائف كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في ربا الوليد الذي كان في ثقيف لما كان أبوه أوصاه به
قال ابن إسحاق فذكر لي بعض أهل العلم أن هؤلاء الآيات من تحريم ما بقي من الربا بأيدي الناس نزلن في ذلك من طلب خالد الربا يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين إلى آخر القصة فيها ولم يكن في أبي أزيهر ثأر نعلمه حتى حجز الإسلام بين الناس إلا أن ضرار بن الخطاب بن مرداس الفهري خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس فنزلوا على امرأة يقال لها أم غيلان مولاة لدوس وكانت تمشط النساء وتجهز العرائس فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر فقامت دونهم أم غيلان ونسوة معها حتى منعتهم فقال ضرار بن الخطاب في ذلك § جزى الله عنا أم غيلان صالحا ونسوتها إذ هن شعث عواطل فهن دفعن الموت بعد اقترابه وقد برزت للثائرين المقاتل دعت دعوة دوسا فسالت شعابها بعز وأدتها الشراج القوابل وعمرا جزاه الله خيرا فما ونى وما بردت منه لدي المفاصل فجردت سيفي ثم قمت بنصله وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل.
وفاة أبي طالب وخديجة *
قال ابن إسحاق وكان النفر الذين يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم § في بيته أبا لهب والحكم بن العاص بن أمية وعقبة بن أبي معيط وعدي بن حمراء الثقفي وابن الأصداء الهذلي وكانوا جيرانه لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص فكان أحدهم فيما ذكر لي يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلي وكان أحدهم يطرحها في برمته إذا نصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا يستتر به منهم إذا صلى فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا عليه ذلك الأذى كما حدثني عمر ابن عبد الله بن عروة بن الزبير عن عروة بن الزبير يخرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم على العود فيقف به على بابه ثم يقول يا بني عبد مناف أي جوار هذا ثم يلقيه في الطريق.
طمع المشركين في الرسول بعد وفاة أبي طالب وخديجة *
قال ابن إسحاق ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك خديجة وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها وبهلك عمه أبي طالب وكان له عضدا وحرزا في أمره ومنعة وناصرا على قومه وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابا.
وقال زياد بن عبد الله البكائي عن ابن إسحاق أن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد وكان هلاكهما بعد عشر سنين مضين من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك قبل مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بثلاث سنين.
قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال لما نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك التراب دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك قال ويقول بين ذلك ما نالت مني قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب.
المشركون عند أبي طالب لما ثقل به المرض يطلبون عهدا بينهم وبين الرسول *
قال ابن إسحاق ولما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله قالت قريش بعضها لبعض إن حمزة وعمر قد أسلما وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها فانطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا.
قال ابن إسحاق فحدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن بعض أهله عن ابن عباس قال مشوا إلى أبي طالب فكلموه وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف وأبو سفيان بن حرب في رجال من أشرافهم فقالوا يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك فادعه فخذ له منا وخذ لنا منه ليكف عنا ونكف عنه وليدعنا وديننا وندعه ودينه فبعث إليه أبو طالب فجاءه فقال يا بن أخي هؤلاء أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليعطوك وليأخذوا منك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم قال فقال أبو جهل نعم وأبيك وعشر كلمات قال تقولون لا إله إلا الله وتخلعون ما تعبدون من دونه قال فصفقوا بأيديهم ثم قالوا أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحدا إن أمرك لعجب قال ثم قال بعضهم لبعض إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما تريدون فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم حتى يحكم الله بينكم وبينه قال ثم تفرقوا § فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم والله يا بن أخي ما رأيتك سألتهم شططا قال فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسلامه فجعل يقول له أي عم فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة يوم القيامة قال فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قال يا بن أخي والله لولا مخافة السبة عليك وعلى بني أبيك من بعدي وأن تظن قريش أني إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها لا أقولها إلا لأسرك بها قال فلما تقارب من أبي طالب الموت قال نظر العباس إليه يحرك شفتيه قال فأصغى إليه بأذنه قال فقال يا بن أخي والله لقد قال أخي الكلمة التي أمرته أن يقولها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أسمع قال وأنزل الله تعالى في الرهط الذين كانوا اجتمعوا إليه وقال لهم ما قال وردوا عليه ما ردوا ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق إلى قوله تعالى @QURS038A005_BEG أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب @QURS038A005_BEG @QURS038A006_BEG وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد @QURS038A006_BEG ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة § يعنون النصارى لقولهم إن الله ثالث ثلاثة .إن هذا إلا اختلاق ثم هلك أبو طالب.
سعي الرسول إلى ثقيف يطلب النصرة *
قال ابن إسحاق ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف والمنعة بهم من قومه ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل فخرج إليهم وحده.
نزول الرسول بثلاثة من أشرافهم وتحريضهم عليه *
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة عبد ياليل بن عمرو بن عمير ومسعود بن عمرو بن عمير وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة بن عوف بن ثقيف وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح فجلس إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه فقال له أحدهم هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك وقال الآخر أما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خبر ثقيف وقد قال لهم فيما ذكر لي إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ قومه عنه فيذئرهم ذلك عليه.
فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما ذكر لي اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك § قال فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له خذ قطفا من هذا العنب فضعه في هذا الطبق ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له كل فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده قال باسم الله ثم أكل فنظر عداس في وجهه ثم قال والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس وما دينك قال نصراني وأنا رجل من أهل نينوى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرية الرجل الصالح يونس بن متى فقال له عداس وما يدريك ما يونس بن متى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك أخي كان نبيا وأنا نبي فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه قال يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه أما غلامك فقد أفسده عليك فلما جاءهما عداس قالا له ويلك يا عداس ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي قالا له ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك فإن دينك خير من دينه قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف راجعا إلى مكة § حين يئس من خير ثقيف حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى وهم فيما ذكر لي سبعة نفر من جن أهل نصيبين فاستمعوا له فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا فقص الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن إلى قوله تعالى ويجركم من عذاب أليم وقال تبارك وتعالى قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن 72 إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة.
عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل *
قال ابن إسحاق ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه إلا قليلا مستضعفين ممن آمن به فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم إذا كانت على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين لهم الله ما بعثه به.
قال ابن إسحاق فحدثني من أصحابنا من لا أتهم عن زيد بن أسلم عن § ربيعة بن عباد الديلي أو من حدثه أبو الزناد عنه قال ابن هشام ربيعة ابن عباد.
قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس قال سمعت ربيعة بن عباد يحدثه أبي قال إني لغلام شاب مع أبي بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب فيقول يا بني فلان إني رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به قال وخلفه رجل أحول وضيء له غديرتان عليه حلة عدنية فإذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه قال ذلك الرجل يا بني فلان إن هذا إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم وحلفاءكم من الجن من بني مالك بن أقيش إلى ما جاء به من البدعة والضلالة فلا تطيعوه ولا تسمعوا منه قال فقلت لأبي يا أبت من هذا الذي يتبعه ويرد عليه ما يقول قال هذا عمه عبد العزى بن عبد المطلب أبو لهب.
قال ابن إسحاق حدثنا ابن شهاب الزهري أنه أتى كندة في منازلهم وفيهم سيد لهم يقال له مليح فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فأبوا عليه.
عرض الرسول نفسه على بني كلب *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حصين أنه أتى كلبا في منازلهم إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبد الله فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه حتى إنه ليقول لهم يا بني عبد الله إن الله عز وجل قد أحسن اسم أبيكم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.
عرض الرسول نفسه على بني حنيفة *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا عن عبد الله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حنيفة في منازلهم فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردا منهم.
عرض الرسول نفسه على بني عامر *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم نفسه فقال له رجل منهم يقال له بيحرة ابن فراس.
والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ثم قال أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم § أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك قال الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء قال فقال له أفتهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك فأبوا عليه فلما صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم قد كانت أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم فقالوا جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا قال فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال يا بني عامر هل لها من تلاف هل لذناباها من مطلب والذي نفس فلان بيده ما تقولها إسماعيلي قط وإنها لحق فأين رأيكم كان عنكم.
عرض الرسول نفسه على العرب في المواسم *
قال ابن إسحاق فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمره كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من الله من الهدى والرحمة وهو لا يسمع بقادم يقدم مكة من العرب له اسم وشرف إلا تصدى له فدعاه إلى الله وعرض عليه ما عنده.
سويد بن صامت ورسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ثم الظفري عن أشياخ من قومه قالوا قدم سويد بن صامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا أو معتمرا § وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه وهو الذي يقول ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى مقالته بالغيب ساءك ما يفري مقالته كالشهد ما كان شاهدا وبالغيب مأثور على ثغرة النحر يسرك باديه وتحت أديمه نميمة غش تبتري عقب الظهر تبين لك العينان ما هو كاتم من الغل والبغضاء بالنظر الشزر فرشني بخير طالما قد بريتني فخير الموالي من يريش ولا يبري وهو الذي يقول ونافر رجلا من بني سليم ثم أحد بني زعب بن مالك مائة ناقة إلى كاهنة من كهان العرب فقضت له فانصرف عنها هو والسلمي ليس معهما غيرها فلما فرقت بينهما الطريق قال ما لي يا أخا بني سليم قال أبعث إليك به قال فمن لي بذلك إذا فتني به قال أنا قال كلا والذي نفس سويد بيده لا تفارقني حتى أوتى بمالي فاتخذا فضرب به الأرض ثم أوثقه رباطا ثم انطلق به إلى دار بني عمرو بن عوف فلم يزل عنده حتى بعثت إليه سليم بالذي له فقال في ذلك لا تحسبني يا بن زعب بن مالك كمن كنت تردي بالغيوب وتختل تحولت قرنا إذ صرعت بعزة كذلك إن الحازم المتحول § ضربت به إبط الشمال فلم يزل على كل حال خده هو أسفل في أشعار كثيرة كان يقولها فتصدى له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به فدعاه إلى الله وإلى الإسلام فقال له سويد فلعل الذي معك مثل الذي معي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما الذي معك قال مجلة لقمان يعني حكمة لقمان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اعرضها علي فعرضها عليه فقال له إن هذا لكلام حسن والذي معي أفضل من هذا قرآن أنزله الله تعالى علي هو هدى ونور فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ودعاه إلى الإسلام فلم يبعد منه وقال إن هذا لقول حسن ثم انصرف عنه فقدم المدينة على قومه فلم يلبث أن قتلته الخزرج فان كان رجال من قومه ليقولون إنا لنراه قد قتل وهو مسلم وكان قتله قبل يوم بعاث.
إسلام إياس بن معاذ وقصة أبي الحيسر *
قال ابن إسحاق وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن لبيد قال لما قدم أبو الحيسر أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس إليهم فقال لهم هل لكم في خير مما جئتم له فقالوا له وما ذاك قال أنا رسول الله بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا وأنزل علي الكتاب قال ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن قال فقال إياس § ابن معاذ وكان غلاما حدثا أي قوم هذا والله خير مما جئتم له قال فيأخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من تراب البطحاء فضرب بها وجه إياس ابن معاذ وقال دعنا منك فلعمري لقد جئنا لغير هذا قال فصمت إياس وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وانصرفوا إلى المدينة وكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج قال ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك قال محمود بن لبيد فأخبرني من حضره من قومه عند موته أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله تعالى ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات فما كانوا يشكون أن قد مات مسلما لقد كان استشعر الإسلام في ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع.
بدء إسلام الأنصار *
قال ابن إسحاق فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز موعده له خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قالوا لما لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم من أنتم قالوا نفر من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز وجل وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن قال وكان مما صنع الله بهم في الإسلام أن يهود كانوا معهم في بلادهم وكانوا أهل كتاب وعلم وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان وكانوا قد غزوهم ببلادهم فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم إن § نبيا مبعوث الآن قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ودعاهم إلى الله قال بعضهم لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام وقالوا إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسى أن يجمعهم الله بك فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك وتعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا.
أسماء الرهط الخزرجيين الذين التقوا بالرسول عند العقبة *
قال ابن إسحاق وهم فيما ذكر لي ستة نفر من الخزرج منهم من بني النجار وهو تيم الله ثم من بني مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن عمرو بن عامر أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو أبو أمامة وعوف بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهو ابن عفراء.
قال ابن إسحاق ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك ابن غضب بن جشم بن الخزرج رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق.
قال ابن إسحاق ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن ساردة بن تزيد ابن جشم بن الخزرج ثم من بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة ابن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم بن سواد.
قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام ومن بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة جابر بن عبد الله ابن رئاب بن النعمان بن سنان بن عبيد فلما قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم § حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة قال وهي العقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب منهم من بني النجار ثم من بني مالك بن النجار أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو أبو أمامة وعوف ومعاذ ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار وهما ابنا عفراء ومن بني زريق بن عامر رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق.
حدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال كنت ممن حضر العقبة الأولى اثنا عشر رجلا بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض الحرب.
ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني غنم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج وهم القواقل عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم § ابن فهر بن ثعلبة بن غنم وأبو عبد الرحمن وهو يزيد بن ثعلبة بن خزمة ابن أصرم بن عمرو بن عمارة من بني غصينة من بلي حليف لهم.
قال ابن إسحاق ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج ثم من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن سلمة عقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة قطبة بن عامر بن حديدة ابن عمرو بن غنم بن سواد § وشهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أبو الهيثم بن التيهان واسمه مالك.
عهد الرسول على مبايعي العقبة *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي عن عبادة بن الصامت قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن تفترض الحرب على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر.
قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن عائذ الله بن عبد الله الخولاني أبي إدريس أن عبادة بن الصامت حدثه أنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف فإن وفيتم فلكم الجنة وإن غشيتم من ذلك شيئا فأخذتم بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن سترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر.
إرسال الرسول مصعبا مع وفد العقبة *
قال ابن إسحاق فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويفقههم في الدين فكان يسمى المقرئ بالمدينة مصعب وكان منزله على أسعد بن زرارة بن عدس أبي أمامة.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه كان يصلي بهم وذلك § أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض.
أول جمعة أقيمت بالمدينة *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه أبي أمامة عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت قائد أبي كعب ابن مالك حين ذهب بصره فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان بها صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فمكث حينا على ذلك لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلى عليه واستغفر له قال فقلت في نفسي والله إن هذا بي لعجز ألا أسأله ما له إذا سمع الأذان للجمعة صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فخرجت به في يوم جمعة كما كنت أخرج فلما سمع الأذان للجمعة صلى عليه واستغفر له قال فقلت له يا أبت ما لك إذا سمعت الأذان للجمعة صليت على أبي أمامة قال فقال أي بني كان أول من جمع بنا بالمدينة في هزم النبيت من حرة بني بياضة يقال له نقيع الخضمات قال قلت وكم أنتم يومئذ قال أربعون رجلا.
وحدثني عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال قال ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت مع أبي كعب بن مالك حين ذهب بصره وكنت إذا خرجت معه إلى الجمعة فسمع الأذان صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فمكث على ذلك حينا لا يسمع الأذان للجمعة إلا صلى عليه واستغفر له قال فقلت في نفسي إن هذا يعجزني أن لا أسأله ما له إذا سمع الأذان بالجمعة صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة قال فخرجت به يوم الجمعة كما كنا نخرج § فلما سمع الأذان بالجمعة صلى عليه واستغفر له قال فقلت يا أبه ما لك إذا سمعت الأذان بالجمعة صليت على أبي أمامة أسعد بن زرارة فقال أي بني أول من جمع بنا بالمدينة في هزم من حرة بني بياضة مكان يقال له نقيع الخضمات قال قلت له وكم كنتم يومئذ قال أربعون رجلا.
أسعد بن زرارة ومصعب بن عمير وإسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير *
قال ابن إسحاق وحدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقب وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل ودار بني ظفر وكان سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن خالة أسعد بن زرارة فدخل به حائطا من حوائط بني ظفر.
قالا على بئر يقال لها بئر مرق فجلسا في الحائط واجتمع إليهما رجال ممن أسلم وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير يومئذ سيدا قومهما من بني عبد الأشهل وكلاهما مشرك على دين قومه فلما سمعا به قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير لا أبا لك انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا فإنه لولا أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما قال فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما فلما رآه أسعد ابن زرارة قال لمصعب بن عمير هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه قال مصعب إن يجلس أكلمه قال فوقف عليهما متشتما فقال ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أوتجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره قال أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا فيما يذكر عنهما والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد ما فعلت قال كلمت الرجلين فو الله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك قال فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة § من يده ثم قال والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارينا بما نكره وقد قال أسعد ابن زرارة لمصعب بن عمير أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان قال فقال له مصعب أوتقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره قال سعد أنصفت ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين قالا تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين قال فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير قال فلما رآه قومه مقبلا قالوا نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا وأوصلنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة قال فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله قالا فو الله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وهم من الأوس بن حارثة وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت وهو صيفي وكان شاعرا لهم قائدا يستمعون منه ويطيعونه فوقف بهم عن § الإسلام فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق وقال فيما رأى من الإسلام وما اختلف الناس فيه من أمره أرب الناس أشياء ألمت يلف الصعب منها بالذلول أرب الناس أما إذ ضللنا فيسرنا لمعروف السبيل فلولا ربنا كنا يهودا وما دين اليهود بذي شكول ولولا ربنا كنا نصارى مع الرهبان في جبل الجليل ولكنا خلقنا إذ خلقنا حنيفا ديننا عن كل جيل نسوق الهدي ترسف مذعنات مكشفة المناكب في الجلول.
أمر العقبة الثانية *
قال ابن إسحاق ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكة فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله وإذلال الشرك وأهله.
البراء بن معرور وصلاته إلى الكعبة *
قال ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أخو بني سلمة أن أخاه عبد الله بن كعب وكان من أعلم الأنصار حدثه أن أباه كعبا حدثه وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور سيدنا وكبيرنا فلما وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء لنا يا هؤلاء إني قد رأيت رأيا فو الله ما أدري أتوافقونني عليه أم لا قال قلنا وما ذاك قال قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر يعني الكعبة وأن أصلي إليها قال فقلنا والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه قال فقال إني لمصل إليها قال فقلنا له لكنا لا نفعل قال فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة حتى قدمنا مكة قال وقد كنا عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الإقامة على ذلك فلما قدمنا مكة قال لي يا بن أخي انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه قال فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه ولم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل تعرفانه فقلنا لا قال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه قال قلنا نعم قال وقد كنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا قال فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس معه فسلمنا ثم § جلسنا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال فو الله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لشاعر قال نعم قال فقال له البراء بن معرور يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وقد هداني الله للإسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء فماذا ترى يا رسول الله قال قد كنت على قبلة لو صبرت عليها قال فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معنا إلى الشام قال وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات وليس ذلك كما قالوا نحن أعلم به منهم.
إسلام عبد الله بن عمرو *
قال ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب أن أخاه عبد الله بن كعب حدثه أن أباه كعب بن مالك حدثه قال كعب ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق قال فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ومعنا عبد الله بن عمرو § ابن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا أخذناه معنا وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا له يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة قال فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا قال فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لمعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل تسلل القطا مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائنا نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي إحدى نساء بني سلمة وهي أم منيع قال فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبد المطلب فقال يا معشر الخزرج قال وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج خزرجها وأوسها إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه فهو في عز من قومه ومنعة في بلده وإنه قد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ومانعوه ممن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك وإن § كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده قال فقلنا له قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت قال فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغب في الإسلام ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذي بعثك بالحق نبيا لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أبناء الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر قال فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالا وإنا قاطعوها يعني اليهود فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم § قال كعب بن مالك وقد كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال قال ابن إسحاق فحدثني معبد بن كعب بن مالك أخو بني سلمة أن أخاه عبيد الله بن كعب بن مالك وكان من أعلم الأنصار حدثه أن أباه كعب بن مالك وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد فقهنا وصلينا ومعنا البراء بن معرور رضي الله عنه سيدنا وكبيرنا فلما وجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء بن معرور رضي الله عنه يا هؤلاء إني قد رأيت رأيا والله ما أدري أتوافقوني عليه أم لا فقلنا ما هو قال تصلون إلى الكعبة قال قلنا ما أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم نصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه قال إني لمصل إليها قال قلنا لا تفعل قال فكنا إذا حضرت الصلاة نصلي إلى الشام ويصلي إلى الكعبة حتى قدمنا مكة وقد عبنا عليه ما صنع وأبى إلا الإقامة عليه قال فلما قدمنا مكة قال يا أخي أنطلق إلى § رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فإني والله لقد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك فلقينا رجلا من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل تعرفونه قال قلنا لا قال فهل تعرفون العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال قلنا نعم وكنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا قال فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس رضي الله عنه فدخلنا المسجد فإذا العباس رضي الله عنه جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس فسلمنا ثم جلسنا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل قال نعم هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاعر يريد كعب بن مالك رضي الله عنه قال نعم قال فقال البراء بن معرور رضي الله عنه يا نبي الله إني قد خرجت في سفري هذا وقد هداني الله تعالى إلى الإسلام فرأيت ألا أضع هذه البنية بظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك شيء فماذا ترى يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم قد كنت على قبلة لو صبرت عليها قال فرجع البراء رضي الله عنه إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا إلى الشام وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات وليس كذلك كما قالوه ونحن أعلم به منهم ثم خرجنا إلى الحج وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط § أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت ليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا وكلنا يكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا يا أبا جابر إنك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك عما أنت عليه أن تكون حطبا للنار غدا ثم دعوناه إلى الإسلام وأخبرناه بميعادنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة قال فأسلم وشهد معنا من رجالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين تسلل القطا إذ اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلا منهم امرأتان نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى بني عامر بن النجار وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي إحدى بني سلمة وهي أم منيع قال فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ليلتئذ عمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه فيوثق له فلما جلسنا كان العباس رضي الله عنه أول من تكلم فقال يا معشر الخزرج قال وكانت العرب يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها إن محمدا صلى الله عليه وسلم منا حيث علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على رأينا وهو في عز من قومه ومنعة من بلده قال قلنا ما قلت فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعى إلى الله تعالى ورغب في الإسلام ثم قال صلى الله عليه وسلم أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم قال فأخذ البراء بن معرور رضي الله عنه بيده ثم قال نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا يا رسول الله فبايعنا فنحن والله § أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل فقال يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بل الدم بالدم والهدم بالهدم أنا منكم وأنتم مني دمي مع دمائكم وهدمي مع هدمكم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم وقد قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم فأخرجوا منهم اثني عشر رجلا تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
أسماء النقباء الاثني عشر وتمام خبر العقبة *
قال ابن هشام من الخزرج فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد ابن إسحاق المطلبي أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج وسعد ابن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحارث بن الخزرج وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحادث بن الخزرج ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر ابن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج والبراء § ابن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج وعبادة ابن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج.
قال ابن إسحاق وسعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة ابن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج.
نقباء الأوس *
ومن الأوس أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس ابن زيد بن عبد الأشهل وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس ورفاعة بن عبد المنذر بن زبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو ابن عوف بن مالك بن الأوس.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للنقباء أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى ابن مريم وأنا كفيل على قومي يعني المسلمين قالوا نعم.
كلمة العباس بن عبادة في الخزرج قبل المبايعة *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري أخو بني سالم بن عوف يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل قالوا نعم قال إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتلا أسلمتموه فمن الآن فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فخذوه فهو والله خير الدنيا والآخرة قالوا فإنا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك قال الجنة قالوا ابسط يدك فبسط يده فبايعوه وأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال والله ما قال ذلك العباس إلا ليشد العقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أعناقهم وأما عبد الله بن أبي بكر فقال ما قال ذلك العباس إلا ليؤخر القوم تلك الليلة رجاء أن يحضرها عبد الله بن أبي ابن سلول فيكون أقوى لأمر القوم فالله أعلم أي ذلك كان.
أول من ضرب على يد الرسول في بيعة العقبة الثانية *
قال ابن إسحاق فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة أسعد بن زرارة كان أول من ضرب على يده وبنو عبد الأشهل يقولون بل أبو الهيثم بن التيهان.
أخبرني الحسين بن علي التميمي ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ثنا عمرو بن زرارة ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان البراء بن معرور أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة له ليلة العقبة في السبعين من الأنصار فقام البراء بن معرور فحمد الله وأثنى عليه ثم قال الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وجاءنا به وكان أول من أجاب وآخر من دعا فأجبنا الله عز وجل وسمعنا وأطعنا يا معشر الأوس والخزرج قد أكرمكم الله بدينه فإن أخذتم السمع والطاعة والمؤازرة بالشكر فأطيعوا الله ورسوله ثم جلس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال ابن إسحاق فأما معبد بن كعب بن مالك فحدثني في حديثه عن أخيه عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم بايع بعد القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأنفذ صوت سمعته قط يا أهل الجباجب والجباجب المنازل هل لكم في مذمم والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن أزيب.
أتسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفضوا إلى رحالكم قال § فقال له العباس بن عبادة بن نضلة والله الذي بعثك بالحق إن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم قال فرجعنا إلى مضاجعنا فنمنا عليها حتى أصبحنا قال فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا وإنه والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم قال فانبعث من هناك من مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه قال وقد صدقوا لم يعلموه قال وبعضنا ينظر إلى بعض قال ثم قام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان له جديدان قال فقلت له كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا يا أبا جابر أما تستطيع أن تتخذ وأنت سيد من ساداتنا مثل نعلي هذا الفتى من قريش قال فسمعها الحارث فخلعهما من رجليه ثم رمى بهما إلي وقال والله لتنتعلنهما قال يقول أبو جابر مه أحفظت والله الفتى فاردد إليه نعليه قال قلت والله لا أردهما فأل والله صالح لئن صدق الفأل لأسلبنه.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنهم أتوا عبد الله بن أبي § ابن سلول فقالوا له مثل ما قال كعب من القول فقال لهم والله إن هذا الأمر جسيم ما كان قومي ليتفوتوا علي بمثل هذا وما علمته كان قال فانصرفوا عنه قال ونفر الناس من منى فتنطس القوم الخبر فوجدوه قد كان وخرجوا في طلب القوم فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر والمنذر بن عمرو أخا بني ساعدة بن كعب بن الخزرج وكلاهما كان نقيبا فأما المنذر فأعجز القوم وأما سعد فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه ويجذبونه بجمته وكان ذا شعر كثير قال سعد فو الله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش فيهم رجل وضيء أبيض شعشاع حلو من الرجال قال فقلت في نفسي إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا قال فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة قال فقلت في نفسي لا والله § ما عندهم بعد هذا من خير قال فو الله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ويحك أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد قال قلت بلى والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي ابن نوفل بن عبد مناف تجارة وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي وللحارث ابن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف قال ويحك فاهتف باسم الرجلين واذكر ما بينك وبينهما قال ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما فوجدهما في المسجد عند الكعبة فقال لهما إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينه وبينكما جوارا قالا ومن هو قال سعد بن عبادة قالا صدق والله إن كان ليجير لنا تجارنا ويمنعهم أن يظلموا ببلده قال فجاءا فخلصا سعدا من أيديهم فانطلق وكان الذي لكم سعدا سهيل بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي.
قال ابن إسحاق وكان أول شعر قيل في الهجرة بيتين قالهما ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر فقال تداركت سعدا عنوة فأخذته § وكان شفاء لو تداركت منذرا ولو نلته طلت هناك جراحه وكانت حريا أن يهان ويهدرا.
قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت فيهما فقال لست إلى سعد ولا المرء منذر إذا ما مطايا القوم أصبحن ضمرا فلولا أبو وهب لمرت قصائد على شرف البرقاء يهوين حسرا أتفخر بالكتان لما لبسته وقد تلبس الأنباط ريطا مقصرا فلا تك كالوسنان يحلم أنه بقرية كسرى أو بقرية قيصرا ولا تك كالثكلى وكانت بمعزل عن الثكل لو كان الفؤاد تفكرا ولا تك كالشاة التي كان حتفها بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا ولا تك كالعاوي فأقبل نحره ولم يخشه سهما من النبل مضمرا § فإنا ومن يهدي القصائد نحونا كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك منهم عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم ابن كعب بن سلمة وكان ابنه معاذ بن عمرو شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها وكان عمرو بن الجموح سيدا من سادات بني سلمة وشريفا من أشرافهم وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب يقال له مناة كما كانت الأشراف يصنعون تتخذه إلها تعظمه وتطهره فلما أسلم فتيان بني سلمة معاذ بن جبل وابنه معاذ بن عمرو بن الجموح في فتيان منهم ممن أسلم وشهد العقبة كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة وفيها عذر الناس منكسا على رأسه فإذا أصبح عمرو قال ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة قال ثم يغدو يلتمسه حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ثم قال أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه فإذا أمسى ونام عمرو عدوا عليه ففعلوا به مثل ذلك فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى فيغسله ويطهره ويطيبه ثم يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مثل ذلك فلما أكثروا عليه § استخرجه من حيث ألقوه يوما فغسله وطهره وطيبه ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ثم قال إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك فلما أمسى ونام عمرو عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة فيها عذر من عذر الناس ثم غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت فلما رآه وأبصر شأنه وكلمه من أسلم من رجال قومه فأسلم برحمة الله وحسن إسلامه فقال حين أسلم وعرف من الله ما عرف وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن أف لملقاك إلها مستدن الآن فتشناك عن سوء الغبن الحمد لله العلي ذي المنن الواهب الرزاق ديان الدين هو الذي أنقذني من قبل أن أكون في ظلمة قبر مرتهن بأحمد المهدي النبي المرتهن.
شروط البيعة في العقبة الأخيرة *
قال ابن إسحاق وكانت بيعة الحرب حين أذن الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال شروطا سوى شرطه عليهم في العقبة الأولى كانت الأولى على بيعة النساء وذلك أن الله تعالى لم يكن أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في الحرب فلما أذن الله له فيها وبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة الأخيرة على حرب الأحمر والأسود أخذ لنفسه واشترط على القوم لربه وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة.
قال ابن إسحاق فحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه الوليد عن جده عبادة بن الصامت وكان أحد النقباء قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب وكان عبادة من الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى على بيعة النساء على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم.
أسماء من شهد العقبة *
قال ابن إسحاق وهذا تسمية من شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها من الأوس والخزرج وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين شهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل ابن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس أسيد § ابن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل نقيب لم يشهد بدرا وأبو الهيثم بن التيهان واسمه مالك شهد بدرا وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل شهد بدرا ثلاثة نفر.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من الأوس ثم من بني عبد الأشهل سلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس.
قال ابن إسحاق ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة وأبو بردة بن نيار واسمه هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم ابن ذبيان بن هميم بن كامل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة حليف لهم شهد بدرا ونهير بن الهيثم من بني نابي بن مجدعة ابن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس ثم § من آل السواف بن قيس بن عامر بن نابي بن مجدعة بن حارثة ثلاثة نفر ومن بني عمرو بن عوف مالك بن الأوس سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس ابن مالك بن الأوس نقيب شهد بدرا فقتل به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا.
قال ابن إسحاق ورفاعة بن عبد المنذر بن زنبر بن زيد بن أمية بن زيد ابن مالك بن عوف بن عمرو نقيب شهد بدرا وعبد الله بن جبير بن النعمان ابن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة.
قال ابن إسحاق ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة حليف لهم من بلي شهد بدرا وأحدا والخندق ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها قتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعويم بن ساعدة شهد بدرا وأحدا والخندق خمسة نفر فجميع من شهد العقبة من الأوس أحد عشر رجلا وشهدها من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج أبو أيوب وهو خالد بن زيد § ابن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مات بأرض الروم غازيا في زمن معاوية بن أبي سفيان ومعاذ بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها وهو ابن عفراء وأخوه عوف بن الحارث شهد بدرا وقتل به شهيدا وهو لعفراء وأخوه معوذ بن الحارث شهد بدرا وقتل به شهيدا وهو الذي قتل أبا جهل بن هشام بن المغيرة وهو لعفراء.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني أمية بن زيد عويم بن ساعدة ولم ينسبه ابن إسحاق وقال إنه حليف لبني عمرو بن عوف ويقال إنه من أنفسهم.
وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها قتل يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة ابن غنم بن مالك بن النجار نقيب مات قبل بدر ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبنى وهو أبو أمامة ستة نفر ومن بني عمرو بن مبذول ومبذول عامر بن مالك بن النجار سهل ابن عتيك بن نعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو شهد بدرا رجل.
أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار شهد بدرا وأبو طلحة وهو زيد بن سهل § ابن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار شهد بدرا رجلان ومن بني مازن بن النجار قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن شهد بدرا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله على الساقة يومئذ وعمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن رجلان فجميع من شهد العقبة من بني النجار أحد عشر رجلا.
قال ابن إسحاق ومن بلحارث بن الخزرج سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث نقيب شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وخارجة بن زيد ابن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب ابن الخزرج بن الحارث شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وعبد الله بن رواحة ابن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث نقيب شهد بدرا وأحدا والخندق ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها إلا الفتح وما بعده وقتل يوم مؤتة شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث أبو النعمان § ابن بشير شهد بدرا وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد الله بن زيد مناة ابن الحارث بن الخزرج شهد بدرا وهو الذي أري النداء للصلاة فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو ابن حارثة بن امرئ القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج شهد بدرا وأحدا والخندق وقتل يوم بني قريظة شهيدا طرحت عليه رحى من أطم من أطامها فشدخته شدخا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون إن له لأجر شهيدين وعقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة ابن عسيرة بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج وهو أبو مسعود وكان أحدث من شهد العقبة سنا مات في أيام معاوية لم يشهد بدرا سبعة نفر ومن بني بياضة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي بن أمية ابن بياضة شهد بدرا وفروة بن عمرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة شهد بدرا.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق في تسمية من شهد العقبة من الأنصار ثم من الخزرج أبو مسعود عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن يسير بن عسيرة بن حدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج.
قال ابن إسحاق وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة شهد بدرا ثلاثة نفر ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم ابن الخزرج رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق نقيب وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق وكان خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه بمكة وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة فكان يقال له مهاجري أنصاري شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وعباد بن قيس بن عامر بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق شهد بدرا والحارث بن قيس بن خالد بن مخلد بن عامر بن زريق وهو أبو خالد شهد بدرا أربعة نفر ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة البراء بن معرور ابن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم نقيب وهو الذي تزعم § بنو سلمة أنه كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط له واشترط عليه ثم توفي قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وابنه بشر بن البراء بن معزور شهد بدرا وأحدا والخندق ومات بخيبر من أكلة أكلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة التي سم فيها وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأل بني سلمة من سيدكم يا بني سلمة فقالوا الجد بن قيس على بخله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأي داء أكبر من البخل سيد بني سلمة الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور وسنان بن صيفى بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا وقتل يوم الخندق شهيدا والطفيل بن النعمان بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا وقتل يوم الخندق شهيدا ومعقل بن المنذر بن سرح ابن خناس بن سنان بن عبيد شهد بدرا و أخوه يزيد بن المنذر شهد بدرا ومسعود بن يزيد بن سبيع بن خنساء بن سنان بن عبيد والضحاك ابن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد شهد بدرا ويزيد بن حرام بن سبيع بن خنساء بن سنان بن عبيد وجبار بن صخر بن أمية بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا.
قال ابن إسحاق والطفيل بن مالك بن خنساء بن سنان بن عبيد شهد بدرا أحد عشر رجلا ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني كعب بن سواد كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب رجل ومن بني غنم بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة سليم بن عمرو بن حديدة ابن عمرو بن غنم شهد بدرا وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم شهد بدرا و أخوه يزيد بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم وهو أبو المنذر شهد بدرا وأبو اليسر واسمه كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو ابن غنم شهد بدرا وصيفي بن سواد بن عباد بن عمرو بن غنم خمسة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثعلبة بن غنمة بن عدي بن نابي شهد بدرا وقتل بالخندق شهيدا وعمرو ابن غنمة بن عدي بن نابي وعبس بن عامر بن عدي بن نابي شهد بدرا وعبد الله بن أنيس حليف لهم من قضاعة وخالد بن عمرو بن عدي بن نابي خمسة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام نقيب شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا وابنه جابر بن عبد الله ومعاذ بن عمرو بن الجموح بن يزيد بن حرام شهد بدرا وثابت بن الجذع والجذع ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام شهد بدرا وقتل بالطائف شهيدا وعمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن حرام شهد بدرا.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من الخزرج معاذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة ويقال سادرة ويقال تزيد بن حشيم بن الخزرج شهد بدرا وقتل أبا جهل وقطع عكرمة بن أبي جهل يده ثم عاش إلى زمن عثمان رضي الله عنه.
قال ابن إسحاق وخديج بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر حليف لهم من بلي ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن كعب بن عمرو بن أدى بن سعد بن علي بن أسد ويقال أسد بن ساردة § ابن تزيد بن جشم بن الخزرج وكان في بني سلمة شهد بدرا والمشاهد كلها ومات بعمواس عام الطاعون بالشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإنما ادعته بنو سلمة أنه كان أخا سهل بن محمد بن الجد بن قيس بن صخر ابن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة لأمه سبعة نفر.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن أدي شهد بدرا والعقبة قال ابن إسحاق إنما ادعته بنو سلمة لأنه كان أخا سهيل بن محمد بن الجد بن قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة لأمه.
قال ابن إسحاق ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني سالم بن عوف بن عمرو ابن عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة ابن غنم بن سالم بن عوف نقيب شهد بدرا والمشاهد كلها.
قال ابن إسحاق والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم بن عوف وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة فأقام معه بها فكان يقال له مهاجري أنصاري وقتل يوم أحد شهيدا § وأبو عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة حليف لهم من بني غصينة من بلي وعمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة أربعة نفر وهم القواقل ومن بني سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج وهم بنو الحبلي.
لعظم بطنه رفاعة ابن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم بن غنم شهد بدرا وهو أبو الوليد.
قال ابن إسحاق وعقبة بن وهب بن كلدة بن الجعد بن هلال بن الحارث ابن عمرو بن عدي بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبد الله بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان حليف لهم شهد بدرا وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا من المدينة إلى مكة فكان يقال له مهاجري أنصاري.
قال ابن إسحاق ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة نقيب والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة ابن جشم بن الخزرج بن ساعدة نقيب شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي كان يقال له أعنق ليموت رجلان.
قال ابن إسحاق فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان منهم يزعمون أنهما قد بايعتا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء إنما كان يأخذ عليهن فإذا أقررن قال اذهبن فقد بايعتكن ومن بني مازن بن النجار نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف من مبذول ابن عمرو بن غنم بن مازن وهي أم عمارة كانت شهدت الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معها أختها وزوجها زيد بن عاصم بن كعب وابناها حبيب بن زيد وعبد الله بن زيد وابنها حبيب الذي أخذه مسيلمة الكذاب الحنفي صاحب اليمامة فجعل يقول له أتشهد أن محمدا رسول الله فيقول نعم فيقول أفتشهد أني رسول الله فيقول لا أسمع فجعل يقطعه عضوا عضوا حتى مات في يده لا يزيده على ذلك إذا ذكر له § رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به وصلى عليه وإذا ذكر له مسيلمة قال لا أسمع فخرجت إلى اليمامة مع المسلمين فباشرت الحرب بنفسها حتى قتل الله مسيلمة ورجعت وبها اثنا عشر جرحا من بين طعنة وضربة قال ابن إسحاق حدثني هذا الحديث عنها محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ومن بني سلمة أم منيع واسمها أسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة.
نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال *
بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا @TR2_AMIH@ أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد ابن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم فهم من بين مفتون في دينه ومن بين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد فرارا منهم منهم من بأرض الحبشة ومنهم من بالمدينة وفي كل وجه فلما عتت قريش على الله عز وجل وردوا عليه ما أرادهم به من الكرامة وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم وعذبوا ونفوا من عبده ووحده وصدق نبيه واعتصم بدينه أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب وإحلاله له الدماء والقتال لمن بغى عليهم فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء قول الله تبارك وتعالى أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا § الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور أي أني إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظلموا ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس إلا أن يعبدوا الله وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون الدين لله أي حتى يعبد الله لا يعبد معه غيره.
قصة أخرى عن أمر القتال
حدثنا إبراهيم بن متوية الأصبهاني ثنا جعفر بن محمد بن جعفر المدائني ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما ألا أحدثكم ما حدثني الله عز وجل به في الكتاب إن الله عز وجل خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين فأعطاهم المال حلالا لا حرام فيه وعبدوا الطواغيت وأمرني أن آتيهم فأبين لهم الذي جبلهم عليه فخاطبت ربي إن أتيتهم ثلغت قريش رأسي كما تثلغ الخبزة فقال لي امض أمضك وأنفق أنفق عليك وقاتل من عصاك بمن أطاعك فإني سأعطي مع كل جيش تبعثه عشرة أمثاله من الملائكة ونافخ في صدور عدوك الرعب ونعطيك كتابا لا يمحوه الماء أذكركه نائما ويقظانا فأبصروني وقريشا وقريشا هذه فإنهم دموا وجهي وسلبوني أهلي وأنا مبادئهم فإن أغلبهم يأتوا ما دعوتهم إليه طائعين أو كارهين وإن يغلبوني فإني كنت على شيء أدعوكم إليه.
أخبرنا ابن ريذة قال أخبرنا الطبراني وقال حدثنا إبراهيم بن متويه الأصفهاني قال حدثنا جعفر بن محمد المدائني قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن نور بن يزيد عن يحيى بن جابر عن عبد الرحمن بن عابد الأزدي عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوما ألا أحدثكم بما حدثني الله عز وجل به في الكتاب إن الله عز وجل خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين فأعطاه المال حلالا لا حرام فيه وعبدوا الطواغيت فأمرني أن آتيهم فأبين لهم الذي جبلهم عليه فخاطبت ربي إني إن آتيتهم ثلغت قريش رأسي كما تثلغ الخبزة فقال لي امض أمضك وأنفق أنفق عليك وقاتل من عصاك بمن أطاعك فإني سأجعل مع كل جيش تبعثه عشرة أمثاله من الملائكة وناضخ في صدر عدوك الرعب ومعطيك كتابا لا يمحوه الماء أذكركه نائما ويقظانا فانظروني وقريشا هذه فإنهم دموا وجهي وسلبوني أهلي وأنا مناديهم فإن أغلبهم يأتوا بما دعوتهم إليه طائعين أو كارهين وإن يغلبوني فإني لست على شيء أدعوكم إليه.
ذكر المهاجرين إلى المدينة *
قال ابن إسحاق فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في الحرب وبايعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه وأوى إليهم من المسلمين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها واللحوق بإخوانهم من الأنصار وقال إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا أرسالا وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في الخروج من مكة والهجرة إلى المدينة فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش من بني مخزوم أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم واسمه عبد الله هاجر إلى المدينة قبل بيعة أصحاب العقبة بسنة وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض الحبشة فلما آذته قريش وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار خرج إلى المدينة مهاجرا.
قال ابن إسحاق فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن سلمة بن عبد الله بن عمر ابن أبي سلمة عن جدته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري ثم خرج بي يقود بي بعيره فلما رأته رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه فقالوا هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتك هذه علام نتركك تسير بها في البلاد قالت فنزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه قالت وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبي سلمة فقالوا لا والله لا نترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا قالت فتجاذبوا بني سلمة بينهم حتى خلعوا يده وانطلق به بنو عبد الأسد وحبسني بنو المغيرة عندهم وانطلق زوجي أبو سلمة إلى المدينة قالت ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني قالت فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسى سنة أو قريبا منها حتى مر بي رجل من بني عمي أحد بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة ألا تخرجون هذه المسكينة فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها قالت فقالوا لي الحقي بزوجك إن شئت قالت ورد بنو عبد الأسد إلي عند ذلك ابني قالت فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة قالت وما معي أحد من خلق الله قالت فقلت أتبلغ بمن لقيت حتى أقدم علي زوجي حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار فقال لي إلى أين يا بنت أبي أمية قالت فقلت أريد زوجي بالمدينة قال أوما معك أحد قالت فقلت لا والله إلا الله وبني هذا قال والله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يهوى بى فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ثم استأخر عني حتى إذا نزلت استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة ثم تنحى § عني إلى شجرة فاضطجع تحتها فإذا دنا الرواح قام إلى بعيري فقدمه فرحله ثم استأخر عني وقال اركبي فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه فقاده حتى ينزل بي فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة فلما نظر إلى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال زوجك في هذه القرية وكان أبو سلمة بها نازلا فادخليها على بركة الله ثم انصرف راجعا إلى مكة قال فكانت تقول والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة.
هجرة عامر وزوجه وهجرة بني جحش *
قال ابن إسحاق ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي سلمة عامر ابن ربيعة حليف بني عدي بن كعب معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن غانم بن عبد الله بن عوف بن عبيد بن عدي بن كعب ثم عبد الله بن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس احتمل بأهله وبأخيه عبد بن جحش وهو أبو أحمد وكان أبو أحمد رجلا ضرير البصر وكان يطوف مكة أعلاها وأسفلها بغير قائد وكان شاعرا وكانت عنده الفرعة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت أمه أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم فغلقت دار بني جحش هجرة فمر بها عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبو جهل بن هشام بن المغيرة وهي دار أبان § ابن عثمان اليوم التي بالردم وهم مصعدون إلى أعلى مكة فنظر إليها عتبة بن ربيعة تخفق أبوابها يبابا ليس فيها ساكن فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ثم قال وكل دار وإن طالت سلامتها يوما ستدركها النكباء والحوب.
قال ابن إسحاق ثم قال عتبة بن ربيعة أصبحت دار بني جحش خلاء من أهلها فقال أبو جهل وما تبكي عليه من قل بن قل.
قال ابن إسحاق ثم قال هذا عمل ابن أخي هذا فرق جماعتنا وشتت أمرنا وقطع بيننا فكان منزل أبي سلمة بن عبد الأسد وعامر بن ربيعة § وعبد الله بن جحش وأخيه أبي أحمد بن جحش على مبشر بن عبد المنذر بن زنبر بقباء في بني عمرو بن عوف ثم قدم المهاجرون أرسالا وكان بنو غنم ابن دودان أهل إسلام قد أوعبوا إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساءهم عبد الله بن جحش وأخوه أبو أحمد ابن جحش وعكاشة بن محصن وشجاع وعقبة ابنا وهب وأربد ابن حميرة.
هجرة قوم شتى *
قال ابن إسحاق ومنقذ بن نباتة وسعيد بن رقيش ومحرز بن نضلة ويزيد بن رقيش وقيس بن جابر وعمرو بن محصن ومالك بن عمرو وصفوان بن عمرو وثقف بن عمرو وربيعة بن أكثم والزبير بن عبيد وتمام بن عبيدة وسخبرة بن عبيدة ومحمد بن عبد الله بن جحش ومن نسائهم زينب بنت جحش وأم حبيب بنت جحش وجذامة بنت جندل وأم قيس بنت محصن وأم حبيب بنت ثمامة وآمنة بنت رقيش وسخبرة بنت تميم وحمنة بنت جحش وقال أبو أحمد بن جحش بن رئاب وهو يذكر هجرة بني أسد بن خزيمة من قومه إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وإيعابهم في ذلك حين دعوا إلى الهجرة ولو حلفت بين الصفا أم أحمد ومروتها بالله برت يمينها § لنحن الألى كنا بها ثم لم نزل بمكة حتى عاد غثا سمينها بها خيمت غنم بن دودان وابتنت وما إن غدت غنم وخف قطينها إلى الله تغدو بين مثنى وواحد ودين رسول الله بالحق دينها وقال أبو أحمد بن جحش أيضا لما رأتني أم أحمد غاديا بذمة من أخشى بغيب وأرهب تقول فإما كنت لا بد فاعلا فيمم بنا البلدان ولتنأ يثرب فقلت لها بل يثرب اليوم وجهنا وما يشإ الرحمن فالعبد يركب إلى الله وجهي والرسول ومن يقم إلى الله يوما وجهه لا يخيب فكم قد تركنا من حميم مناصح وناصحة تبكي بدمع وتندب ترى أن وترا نأينا عن بلادنا ونحن نرى أن الرغائب نطلب دعوت بني غنم لحقن دمائهم وللحق لما لاح للناس ملحب أجابوا بحمد الله لما دعاهم إلى الحق داع والنجاح فأوعبوا وكنا وأصحابا لنا فارقوا الهدى أعانوا علينا بالسلاح وأجلبوا كفوجين أما منهما فموفق على الحق مهدي وفوج معذب طغوا وتمنوا كذبة وأزلهم عن الحق إبليس فخابوا وخيبوا § ورعنا إلى قول النبي محمد فطاب ولاة الحق منا وطيبوا نمت بأرحام إليهم قريبة ولا قرب بالأرحام إذ لا نقرب فأي ابن أخت بعدنا يأمننكم وأية صهر بعد صهري ترقب ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا وزيل أمر الناس للحق أصوب.
هجرة عمر وقصة عياش معه *
قال ابن إسحاق ثم خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة المخزومي حتى قدما المدينة فحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب قال اتعدت لما أردنا الهجرة إلى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل السهمي التناضب من أضاة بني غفار فوق سرف وقلنا أينا لم يصبح عندها فقد حبس فليمض صاحباه قال فأصبحت أنا وعياش بن أبي ربيعة عند التناضب وحبس عنا هشام وفتن فافتتن فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء وخرج أبو جهل بن هشام § والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فكلماه وقالا إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك فرق لها فقلت له يا عياش إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم فو الله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت قال فقال أبر قسم أمي ولي هنالك مال فآخذه قال فقلت والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالا فلك نصف مالي ولا تذهب معهما قال فأبى علي إلا أن يخرج معهما فلما أبى إلا ذلك قال قلت له أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها فخرج عليها معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل يا بن أخي والله لقد استغلظت بعيري هذا أفلا تعقبني على ناقتك هذه قال بلى قال فأناخ وأناخا ليتحول عليها فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن.
قال ابن إسحاق فحدثني به بعض آل عياش بن أبي ربيعة أنهما حين دخلا به مكة دخلا به نهارا موثقا ثم قالا يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا.
كتاب عمر إلى هشام بن العاصي *
قال ابن إسحاق وحدثني نافع عن عبد الله بن عمر عن عمر في حديثه قال فكنا نقول ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصابهم قال وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله تعالى فيهم وفي قولنا وقولهم لأنفسهم قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب § ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون قال عمر بن الخطاب فكتبتها بيدي في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاصي قال فقال هشام بن العاصي فلما أتتني جعلت أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه وأصوب ولا أفهمها حتى قلت اللهم فهمنيها قال فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما أنزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا قال فرجعت إلى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة.
منازل المهاجرين بالمدينة *
قال ابن إسحاق ونزل عمر بن الخطاب حين قدم المدينة ومن لحق به من أهله وقومه وأخوه زيد بن الخطاب وعمرو وعبد الله ابنا سراقة بن المعتمر وخنيس § ابن حذافة السهمي وكان صهره على ابنته حفصة بنت عمر فخلف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وواقد بن عبد الله التميمي حليف لهم وخولي بن أبي خولي ومالك بن أبي خولي حليفان لهم.
قال ابن إسحاق وبنو البكير أربعتهم إياس بن البكير وعاقل بن البكير وعامر بن البكير وخالد بن البكير وحلفاؤهم من بني سعد بن ليث على رفاعة ابن عبد المنذر بن زنبر في بني عمرو بن عوف بقباء وقد كان منزل عياش بن أبي ربيعة معه عليه حين قدما المدينة ثم تتابع المهاجرون فنزل طلحة بن عبيد الله بن عثمان وصهيب بن سنان على خبيب بن إساف أخي بلحارث بن الخزرج بالسنح ويقال بل نزل طلحة بن عبيد الله على أسعد بن زرارة أخي بني النجار.
منزل حمزة وزيد وأبي مرثد وابنه وأنسة وأبي كبشة *
وابنه مرثد الغنويان حليفا حمزة ابن عبد المطلب وأنسة وأبو كبشة موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف بقباء ويقال بل نزلوا على سعد بن خيثمة ويقال بل نزل حمزة بن عبد المطلب على أسعد بن زرارة أخي بني النجار كل ذلك يقال ونزل عبيدة بن الحارث بن المطلب وأخوه الطفيل بن الحارث والحصين ابن الحارث ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب وسويبط بن سعد بن حريملة أخو بني عبد الدار وطليب بن عمير أخو بني عبد بن قصي وخباب مولى عتبة بن غزوان على عبد الله بن سلمة أخي بلعجلان بقباء § ونزل عبد الرحمن بن عوف في رجال من المهاجرين على سعد بن الربيع أخي بلحارث بن الخزرج في دار بلحارث بن الخزرج ونزل الزبير بن العوام وأبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى على منذر ابن محمد بن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بالعصبة دار بني جحجبى ونزل مصعب بن عمير بن هاشم أخو بني عبد الدار على سعد بن معاذ بن النعمان أخي بني عبد الأشهل في دار بني عبد الأشهل ونزل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسالم مولى أبي حذيفة.
قال ابن إسحاق ونزل عتبة بن غزوان بن جابر على عباد بن بشر بن وقش أخي بني عبد الأشهل في دار عبد الأشهل ونزل عثمان بن عفان على أوس بن ثابت بن المنذر أخي حسان بن ثابت في دار بني النجار فلذلك كان حسان يحب عثمان ويبكيه حين قتل § وكان يقال نزل الأعزاب من المهاجرين على سعد بن خيثمة وذلك أنه كان عزبا فالله أعلم أي ذلك كان.
كتاب المغازي
هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم *
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا فيطمع أبو بكر أن يكونه.
اجتماع الملأ من قريش وتشاورهم في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق ولما رأت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم فاجتمعوا له في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه.
قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بن جبير أبي الحجاج وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الزحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل § عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا قالوا أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش من بني عبد شمس عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة وأبو سفيان بن حرب ومن بني نوفل بن عبد مناف طعيمة بن عدي وجبير بن مطعم والحارث بن عامر بن نوفل ومن بني عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة ومن بني أسد بن عبد العزى أبو البختري ابن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام ومن بني مخزوم أبو جهل بن هشام ومن بني سهم نبيه ومنبه ابنا الحجاج ومن بني جمح أمية بن خلف ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش فقال بعضهم لبعض إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رأيا قال فتشاوروا ثم قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم فقال الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأي والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم § دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ثم قال قائل منهم نخرجه من بين أظهرنا فننفيه من بلادنا فإذا أخرج عنا فو الله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت فقال الشيخ النجدي لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا قال فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا وما هو يا أبا الحكم قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم قال فقال الشيخ النجدي القول ما قال الرجل هذا الرأي الذي لا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه قال فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب نم على فراشي وتسج ببردي هذا § الحضرمي الأخضر فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام.
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها قال وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال أنا أقول ذلك أنت أحدهم وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم إلى قوله فأغشيناهم فهم لا يبصرون حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون هاهنا قالوا محمدا قال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما عليه برده فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي رضي الله عنه عن الفراش فقالوا والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا.
ما نزل من القرآن في تربص المشركين بالنبي *
قال ابن إسحاق وكان مما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين وقول الله عز وجل أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين.
طمع أبي بكر في أن يكون صاحب النبي في الهجرة وما أعد لذلك *
قال ابن إسحاق وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك.
حديث هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة *
قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار إما بكرة وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن فيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة والخروج من مكة من بين ظهري قومه أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها قالت فلما رآه أبو بكر قال ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث قالت فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره فجلس رسول § الله صلى الله عليه وسلم وليس عند أبي بكر إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عني من عندك فقال يا رسول الله إنما هما ابنتاي وما ذاك فداك أبي وأمي فقال إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة قالت فقال أبو بكر الصحبة يا رسول الله قال الصحبة قالت فو الله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يبكي يومئذ ثم قال يا نبي الله إن هاتين راحلتان قد كنت أعددتهما لهذا فاستأجرا عبد الله بن أرقط رجلا من بني الدئل بن بكر وكانت أمه امرأة من بني سهم بن عمرو وكان مشركا يدلهما على الطريق فدفعا إليه راحلتيهما فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما.
من كان يعلم بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق ولم يعلم فيما بلغني بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وآل أبي بكر أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم.
وفيما روى @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق بن يسار قال حدثني من لا أتهم عن عروة بن الزبير عن عائشة في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قالت وأمر تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه أن يتخلف عنه بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس.
قصة الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر في الغار *
قال ابن إسحاق فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر ابن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمد إلى غار بثور جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما يأتيهما إذا أمسى في الغار وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما.
حدثنا عبد الملك بن محمد عن زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال حدثني رجل من أهل مكة قال لم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم الغار حتى دخله أبو بكر رضي الله عنه قبله فلمسه بيده فقال إن كانت فيه دابة تلدغني أحب إلي من أن تلدغ النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجد شيئا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فدعا شجرة يقال لها راة فأقبلت حتى قامت على باب الغار وأقبل رجل منهم رافعا ثوبه فقال أبو بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ما تراه يرانا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو رآنا ما استقبلنا بفرجه قال الرجل ليس ها هنا فأنزل الله عز وجل إلا تنصروه فقد نصره الله الآية § قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في الغار وظلمته وما لقي سراقة إذ عرض لهما في الطريق إذ ساخت به فرسه في الأرض البحر البسيط قال النبي ولم أجزع يوقرني ونحن في شدة من ظلمة الغار لا تخش شيئا فإن الله ثالثنا وقد توكل لي منه بإظهار حتى إذا الليل وارانا جوانبه وصار من دون من يخشى بأستار سار الأريقط يهدينا وأينقنا ينعبن بالقوم نعبا تحت أكوار حتى إذا قلت قد أنجدن عارضنا من مدلج فارس في منصب واري فقال كروا فقلنا إن كرتنا من دونها إن لم يعثر الضاري أن تخسف الأرض بالأحوى وصاحبه فانظر إلى أربع في الأرض غوار يقول لما رأى أرساغ مهرته قد سخن في الأرض لم تحفر بمحفار يا قوم هل لكم أن تطلقوا فرسي وتأخذوا موثقي في نصح أسراري فقال قولا رسول الله مجتهدا يا رب إن كان هذا غير إخفاري فنجه سالما من شر دعوتنا ومهره طلقا من خوف آثار فأظهر الله إذ يدعو حوافره وفاز فارسه من هول أخطار .
ابنا أبي بكر وابن فهيرة يقومون بشئون الرسول وصاحبه وهما في الغار *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما بسفرتهما ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام فتحل نطاقها فتجعله عصاما ثم علقتها به فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاق لذلك.
أبو بكر يقدم راحلة للرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فلما قرب أبو بكر رضي الله عنه الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما ثم قال اركب فداك أبي وأمي § فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لا أركب بعيرا ليس لي قال فهي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي قال لا ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به قال كذا وكذا قال قد أخذتها به قال هي لك يا رسول الله فركبا وانطلقا وأردف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عامر بن فهيرة مولاه خلفه ليخدمهما في الطريق.
ضرب أبي جهل لأسماء *
قال ابن إسحاق فحدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل ابن هشام فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا أين أبوك يا بنت أبي بكر قالت قلت لا أدري والله أين أبي قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي قالت ثم انصرفوا فمكثنا ثلاث ليال وما ندري أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حلا خيمتي أم معبد هما نزلا بالبر ثم تروحا فأفلح من أمسى رفيق محمد ليهن بني كعب مكان فتاتهم ومقعدها للمؤمنين بمرصد.
قال ابن إسحاق قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وعامر ابن فهيرة مولى أبي بكر وعبد الله بن أرقط دليلهما.
وحدثنا عبد الملك بن محمد عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن § إسحاق قال قال سراقة شعرا يذكر فيه خروجه في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أصاب فرسه يصف لأبي جهل بن هشام ما رأى يومئذ من الهول ويأمره بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال البحر الطويل أبا حكم والله لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه عجبت ولم تشكك بأن محمدا رسول وبرهان فمن ذا يكاتمه عليك برد القوم عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه بأمر يود النصر عنها بإلبها وأن جميع الناس طرا تسالمه.
أبو قحافة وأسماء بعد هجرة أبي بكر *
قال ابن إسحاق فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه قالت قلت كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا قالت فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت يا أبت ضع يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك.
سراقة وركوبه في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم قال فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا حتى وقف علينا فقال والله لقد رأيت ركبه ثلاثة مروا علي آنفا إني لأراهم محمدا وأصحابه قال فأومأت إليه بعيني أن اسكت ثم قلت إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم قال لعله ثم سكت قال ثم مكثت قليلا ثم قمت فدخلت بيتي ثم أمرت بفرسي فقيد لي إلى بطن الوادي وأمرت بسلاحي فأخرج لي من دبر حجرتي ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ثم انطلقت فلبست لأمتي ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال وكنت أرجو أن أرده على قريش فآخذ المائة الناقة قال فركبت على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه قال فقلت ما هذا قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال فأبيت إلا أن أتبعه قال فركبت في أثره فبينا فرسي يشتد بي عثر بي فسقطت عنه قال فقلت ما هذا قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره لا يضره قال فأبيت إلا أن أتبعه فركبت في أثره فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي فذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار قال فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني وأنه ظاهر قال فناديت القوم فقلت أنا سراقة بن جعشم انظرونى أكلمكم فو الله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء § تكرهونه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر قل له وما تبتغي منا قال فقال ذلك أبو بكر قال قلت تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك قال اكتب له يا أبا بكر قال فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خزفة ثم ألقاه إلي فأخذته فجعلته في كنانتي ثم رجعت فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف خرجت ومعي الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرانة قال فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار قال فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك إليك ماذا تريد قال فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة قال فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت يا رسول الله هذا كتابك لي أنا سراقة بن جعشم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاء وبر ادنه قال فدنوت منه فأسلمت ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره إلا أني قلت يا رسول الله الضالة من الإبل تغشى حياضي وقد ملأتها لإبلي هل لي من أجر في أن أسقيها قال نعم في كل ذات كبد حرى أجر قال ثم رجعت إلى قومي فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي.
طريقه صلى الله عليه وسلم في هجرته *
قال ابن إسحاق فلما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط سلك بهما أسفل مكة ثم مضى بهما على الساحل حتى عارض الطريق أسفل من عسفان ثم سلك بهما على أسفل أمج ثم استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قديدا ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار ثم سلك بهما ثنية المرة ثم سلك بهما لقفا.
ثم بطن ذي كشر ثم أخذ بهما على الجداجد ثم على الأجرد ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة تعهن ثم على العبابيد.
قدومه صلى الله عليه وسلم قباء *
قال ابن إسحاق فحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويمر بن ساعدة قال حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا وذلك في أيام حارة حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة هذا جدكم قد جاء قال فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك.
منازله صلى الله عليه وسلم بقباء *
قال ابن إسحاق فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف ثم أحد بني عبيد ويقال بل نزل على سعد بن خيثمة ويقول من يذكر أنه نزل على كلثوم بن هدم إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج من منزل كلثوم بن هدم جلس للناس في بيت سعد بن خيثمة وذلك أنه كان عزبا لا أهل له وكان منزل الأعزاب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين فمن هنالك يقال نزل على سعد بن خيثمة وكان يقال لبيت سعد بن خيثمة بيت الأعزاب فالله أعلم أي ذلك كان كلا قد سمعنا ونزل أبو بكر الصديق رضي الله عنه على خبيب بن إساف أحد بني الحارث الخزرج بالسنح ويقول قائل كان منزله على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج وأقام علي بن أبي طالب عليه السلام بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس حتى إذا فرغ منها لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل معه على كلثوم بن هدم فكان علي بن أبي طالب وإنما كانت إقامته بقباء ليلة أو ليلتين يقول كانت بقباء امرأة لا زوج لها مسلمة قال فرأيت إنسانا يأتيها من جوف الليل فيضرب عليها بابها فتخرج إليه فيعطيها شيئا معه فتأخذه قال فاستربت § بشأنه فقلت لها يا أمة الله من هذا الرجل الذي يضرب عليك بابك كل ليلة فتخرجين إليه فيعطيك شيئا لا أدري ما هو وأنت امرأة مسلمة لا زوج لك قالت هذا سهل بن حنيف بن واهب قد عرف أني امرأة لا أحد لي فإذا أمسى عدا على أوثان قومه فكسرها ثم جاءني بها فقال احتطبي بهذا فكان علي رضي الله عنه يأثر ذلك من أمر سهل بن حنيف حتى هلك عنده بالعراق.
قال ابن إسحاق وحدثني هذا من حديث علي رضي الله عنه هند بن سعد بن سهل بن حنيف رضي الله عنه.
بناء مسجد قباء *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجده ثم أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة وبنو عمرو بن عوف يزعمون أنه مكث فيهم أكثر من ذلك فالله أعلم أي ذلك كان فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء فكانت أول جمعة صلاها بالمدينة فأتاه عتبان بن مالك وعباس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم ابن عوف فقالوا يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة لناقته فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة § فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني ساعدة اعترضه سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني الحارث بن الخزرج اعترضه سعد ابن الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحارث ابن الخزرج فقالوا يا رسول الله هلم إلينا إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار وهم أخواله دنيا أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو إحدى نسائهم اعترضه سليط بن قيس وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عدي بن النجار فقالوا يا رسول الله هلم إلى أخوالك إلى العدد والعدة والمنعة قال خلوا سبيلها فإنها مأمورة فخلوا سبيلها فانطلقت حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار بركت على باب مسجده صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مربد لغلامين يتيمين من بني النجار ثم من بني مالك بن النجار وهما في حجر معاذ بن عفراء سهل وسهيل ابني عمرو فلما بركت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عليها لم ينزل وثبت فسارت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به ثم التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ثم تحلحلت وزمت ووضعت § جرانها فنزل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتمل أبو أيوب خالد ابن زيد رحله فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأل عن المربد لمن هو فقال له معاذ بن عفراء هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي وسأرضيهما منه فاتخذه مسجدا قال فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى مسجدا ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرغب المسلمين في العمل فيه فعمل فيه المهاجرون والأنصار ودأبوا فيه فقال قائل من المسلمين لئن قعدنا والنبي يعمل لذاك منا العمل المضلل وارتجز المسلمون وهم يبنونه يقولون لا عيش إلا عيش الآخره اللهم ارحم الأنصار والمهاجره.
إخبار الرسول لعمار بقتل الفئة الباغية له
قال ابن إسحاق فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عيش إلا عيش الآخرة اللهم ارحم المهاجرين والأنصار قال فدخل عمار بن ياسر وقد أثقلوه باللبن فقال يا رسول الله § قتلوني يحملون علي ما لا يحملون قالت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفض وفرته بيده وكان رجلا جعدا وهو يقول ويح ابن سمية ليسوا بالذين يقتلونك إنما تقتلك الفئة الباغية وارتجز علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ لا يستوي من يعمر المساجدا يدأب فيه قائما وقاعدا ومن يرى عن الغبار حائدا.
ما كان بين عمار وأحد الصحابة من مشادة *
وصاة الرسول صلى الله عليه وسلم بعمار *
قال ابن إسحاق فقال قد سمعت ما تقول منذ اليوم يا بن سمية والله إني لأراني سأعرض هذه العصا لأنفك قال وفي يده عصا قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ما لهم ولعمار يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار إن عمارا جلدة ما بين عيني وأنفي فإذا بلغ ذلك من الرجل فلم يستبق فاجتنبوه.
منزله صلى الله عليه وسلم من بيت أبي أيوب وشيء من أدبه في ذلك *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبي أيوب حتى بني له مسجده ومساكنه ثم انتقل إلى مساكنه من بيت أبي أيوب رحمة الله عليه ورضوانه.
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي رهم السماعي قال حدثني أبو أيوب قال لما نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل وأنا وأم أيوب في العلو فقلت له يا نبي الله بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي فاظهر أنت فكن في العلو وننزل نحن فنكون في السفل فقال يا أبا أيوب إن أرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في سفل البيت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن § فلقد انكسر حب لنا فيه ماء فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفا أن يقطر على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فيؤذيه قال وكنا نصنع له العشاء ثم نبعث به إليه فإذا رد علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذلك البركة حتى بعثنا إليه ليلة بعشائه وقد جعلنا له بصلا أو ثوما فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر ليده فيه أثرا قال فجئته فزعا فقلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك وكنت إذا رددته علينا تيممت أنا وأم أيوب موضع يدك نبتغي بذلك البركة قال إني وجدت فيه ريح هذه الشجرة وأنا رجل أناجي فأما أنتم فكلوه قال فأكلناه ولم نصنع له تلك الشجرة بعد.
تلاحق المهاجرين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة *
قال ابن إسحاق وتلاحق المهاجرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق بمكة منهم أحد إلا مفتون أو محبوس ولم يوعب أهل هجرة من مكة بأهليهم وأموالهم إلى الله تبارك وتعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أهل دور مسمون بنو مظعون من بني جمح وبنو جحش بن رئاب حلفاء بني أمية وبنو البكير من بني سعد بن ليث حلفاء بني عدي بن كعب فإن دورهم غلقت بمكة هجرة ليس فيها ساكن ولما خرج بنو جحش بن رئاب من دارهم عدا عليها أبو سفيان بن حرب فباعها من عمرو بن علقمة أخي بني عامر بن لؤي فلما بلغ بني جحش ما صنع أبو سفيان بدارهم ذكر ذلك عبد الله بن جحش لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا خيرا منها في الجنة قال بلى قال فذلك لك فلما افتتح رسول الله § صلى الله عليه وسلم مكة كلمه أبو أحمد في دارهم فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس لأبي أحمد يا أبا أحمد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره أن ترجعوا في شيء من أموالكم أصيب منكم في الله عز وجل فأمسك عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأبي سفيان أبلغ أبا سفيان عن أمر عواقبه ندامه دار ابن عمك بعتها تقضي بها عنك الغرامه وحليفكم بالله رب الناس مجتهد القسامه اذهب بها اذهب بها طوقتها طوق الحمامه.
انتشار الإسلام ومن بقي على شركه *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قدمها شهر ربيع الأول إلى صفر من السنة الداخلة حتى بني له فيها مسجده ومساكنه واستجمع له إسلام هذا الحي من الأنصار فلم يبق دار من دور الأنصار إلا أسلم أهلها إلا ما كان من خطمة وواقف ووائل وأمية وتلك أوس الله وهم حي من الأوس فإنهم أقاموا على شركهم وكانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن نعوذ بالله أن نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل أنه قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه ألم يأتك رسولي فبلغك وآتيتك مالا وأفضلت عليك فما قدمت § لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ومن لم يجد فبكلمة طيبة فإن بها تجزى الحسنة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خطبته الثانية صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق ثم خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس مرة أخرى فقال إن الحمد لله أحمده وأستعينه نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إن أحسن الحديث كتاب الله تبارك وتعالى قد أفلح من زينه الله في قلبه وأدخله في الإسلام بعد الكفر واختاره على ما سواه من أحاديث الناس إنه أحسن الحديث وأبلغه أحبوا ما أحب الله أحبوا الله من كل قلوبكم ولا تملوا كلام الله وذكره ولا تقس عنه قلوبكم فإنه من كل ما يخلق الله يختار ويصطفي قد سماه الله خيرته من الأعمال ومصطفاه من العباد والصالح من الحديث ومن كل ما أوتي الناس الحلال والحرام فاعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا واتقوه حق تقاته واصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم وتحابوا بروح الله بينكم إن الله يغضب أن ينكث عهده والسلام عليكم.
كتابه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار وموادعة يهود *
قال ابن إسحاق وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم إنهم أمة واحدة من دون الناس المهاجرون من قريش على ربعتهم يتعاقلون § بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى كل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو ساعدة على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الحارث على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو جشم على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النجار على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو عمرو بن عوف على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو النبيت على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وبنو الأوس على ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين وإن المؤمنين لا يتركون مفرحا بينهم أن يعطوه بالمعروف في فداء أو عقل.
وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم أو ابتغى دسيعة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين وإن أيديهم عليه جميعا ولو كان ولد أحدهم ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافرا على مؤمن وإن ذمة الله واحدة يجير عليهم أدناهم وإن المؤمنين بعضهم § موالي بعض دون الناس وإنه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم وإن سلم المؤمنين واحدة لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على سواء وعدل بينهم وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا وإن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله وإن المؤمنين المتقين على أحسن هدى وأقومه وإنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه على مؤمن وإنه من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود به إلا أن يرضى ولي المقتول وإن المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم إلا قيام عليه وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة وآمن بالله واليوم الآخر أن ينصر محدثا ولا يؤويه وأنه من نصره أو آواه فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد صلى الله عليه وسلم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف وإن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته وإن جفنة بطن من ثعلبة كأنفسهم وإن لبني الشطيبة مثل ما ليهود بني عوف وإن البر دون الإثم وإن موالي ثعلبة كأنفسهم وإن بطانة يهود كأنفسهم وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم وإنه لا ينحجز على ثأر جرح وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم وإن الله على أبر هذا وإن على اليهود نفقتهم § وعلى المسلمين نفقتهم وإن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة وإن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم وإنه لم يأثم امرؤ بحليفه وإن النصر للمظلوم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها وإنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده فإن مرده إلى الله عز وجل وإلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا تجار قريش ولا من نصرها وإن بينهم النصر على من دهم يثرب وإذا دعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين إلا من حارب في الدين على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قبلهم وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة.
قال ابن إسحاق وإن البر دون الإثم لا يكسب كاسب إلا على نفسه وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم وإنه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم وإن الله جار لمن بر واتقى ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار *
قال ابن إسحاق وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين § والأنصار فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال هذا أخي فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أخوين وكان حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وسلم وعم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوين وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضره القتال إن حدث به حادث الموت وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة ومعاذ بن جبل أخو بني سلمة أخوين.
قال ابن إسحاق وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ابن أبي قحافة وخارجة بن زهير أخو بلحارث بن الخزرج أخوين وعمر بن الخطاب رضي الله عنه وعتبان بن مالك أخو بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج أخوين وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح واسمه عامر بن عبد الله وسعد بن معاذ بن النعمان أخو بني عبد الأشهل أخوين وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن الربيع أخو بلحارث بن الخزرج أخوين والزبير بن العوام وسلامة ابن سلامة بن وقش أخو بني عبد الأشهل أخوين ويقال بل الزبير وعبد الله بن مسعود حليف بني زهرة أخوين وعثمان بن عفان وأوس ابن ثابت بن المنذر أخو بني النجار أخوين وطلحة بن عبيد الله وكعب ابن مالك أخو بني سلمة أخوين وسعد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأبي § ابن كعب أخو بني النجار أخوين ومصعب بن عمير بن هاشم وأبو أيوب خالد بن زيد أخو بني النجار أخوين وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وعباد بن بشر بن وقش أخو بني عبد الأشهل أخوين وعمار بن ياسر حليف بني مخزوم وحذيفة بن اليمان أخو بني عبد عبس حليف بني عبد الأشهل أخوين ويقال ثابت بن قيس بن الشماس أخو بلحارث بن الخزرج خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمار بن ياسر أخوين وأبو ذر وهو برير بن جنادة الغفاري المنذر بن عمرو المعنق ليموت أخو بني ساعدة بن كعب بن الخزرج أخوين.
قال ابن إسحاق وكان حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد العزى وعويم بن ساعدة أخو بني عمرو بن عوف أخوين وسلمان الفارسي وأبو الدرداء عويمر بن ثعلبة أخو بلحارث بن الخزرج أخوين.
قال ابن إسحاق وبلال مولى أبي بكر رضي الله عنهما مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو رويحة عبد الله بن عبد الرحمن الخثعمي ثم أحد § الفزع أخوين فهؤلاء من سمي لنا ممن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بينهم من أصحابه فلما دون عمر بن الخطاب الدواوين بالشام وكان بلال قد خرج إلى الشام فأقام بها مجاهدا فقال عمر لبلال إلى من تجعل ديوانك يا بلال قال مع أبي رويحة لا أفارقه أبدا للأخوة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد بينه وبيني فضم إليه وضم ديوان الحبشة إلى خثعم لمكان بلال منهم فهو في خثعم إلى هذا اليوم بالشام.
أبو أمامة *
قال ابن إسحاق وهلك في تلك الأشهر أبو أمامة أسعد بن زرارة والمسجد يبنى أخذته الذبحة أو الشهقة.
موته وما قاله اليهود في ذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بئس الميت أبو أمامة ليهود ومنافقي العرب يقولون لو كان نبيا لم يمت صاحبه ولا أملك لنفسي ولا لصاحبي من الله شيئا.
بموته كان النبي صلى الله عليه وسلم نقيبا لبني النجار *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري أنه لما مات أبو أمامة أسعد بن زرارة اجتمعت بنو النجار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو أمامة نقيبهم فقالوا له يا رسول الله إن هذا قد كان منا حيث قد علمت فاجعل منا رجلا مكانه يقيم من أمرنا ما كان يقيم فقال § رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم أنتم أخوالي وأنا بما فيكم وأنا نقيبكم وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخص بها بعضهم دون بعض فكان من فضل بني النجار الذي يعدون على قومهم أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نقيبهم.
خبر الأذان *
قال ابن إسحاق فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة واجتمع إليه إخوانه من المهاجرين واجتمع أمر الأنصار استحكم أمر الإسلام فقامت الصلاة وفرضت الزكاة والصيام وقامت الحدود وفرض الحلال والحرام وتبوأ الإسلام بين أظهرهم وكان هذا الحي من الأنصار هم الذين تبوءوا الدار والإيمان وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها إنما يجتمع الناس إليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم ثم كرهه ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به للمسلمين للصلاة فبينما هم على ذلك إذ رأى عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه أخو بلحارث بن الخزرج النداء فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا رسول الله إنه طاف بي هذه الليلة طائف مر بي رجل عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع هذا الناقوس قال وما تصنع به قال قلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على خير من ذلك قال قلت وما هو قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله § فلما أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألقها عليه فليؤذن بها فإنه أندى صوتا منك فلما أذن بها بلال سمعها عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر رداءه وهو يقول يا نبي الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد على ذلك.
رؤيا عمر في الأذان وسبق الوحي به *
قال ابن إسحاق حدثني بهذا الحديث محمد بن إبراهيم بن الحارث عن محمد ابن عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه عن أبيه.
ما كان يقوله بلال قبل الأذان *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار قالت كان بيتي من أطول بيت حول المسجد فكان بلال يؤذن عليه للفجر كل غداة فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينتظر الفجر فإذا رآه تمطى ثم قال اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا على دينك قالت والله ما علمته كان يتركها ليلة واحدة.
أبو قيس بن أبي أنس *
قال ابن إسحاق فلما اطمأنت برسول الله صلى الله عليه وسلم داره وأظهر الله بها دينه وسره بما جمع إليه من المهاجرين والأنصار من أهل ولايته قال أبو قيس صرمة بن أبي أنس أخو بني عدي بن النجار.
إسلامه وشيء من شعره *
قال ابن إسحاق وكان رجلا قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وهم بالنصرانية ثم أمسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجدا لا تدخله عليه فيه طامث ولا جنب وقال أعبد رب إبراهيم حين فارق الأوثان وكرهها حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأسلم وحسن إسلامه وهو شيخ كبير وكان قوالا بالحق معظما لله عز وجل في جاهليته يقول أشعارا في ذلك حسانا وهو الذي يقول يقول أبو قيس وأصبح غاديا ألا ما استطعتم من وصاتى فافعلوا فأوصيكم بالله والبر والتقى وأعراضكم والبر بالله أول وإن قومكم سادوا فلا تحسدنهم وإن كنتم أهل الرئاسة فاعدلوا وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم فأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا وإن ناب غرم فادح فارفقوهم وما حملوكم في الملمات فاحملوا وإن أنتم أمعرتم فتعففوا وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا.
قال ابن إسحاق وقال أبو قيس صرمة أيضا سبحوا الله شرق كل صباح طلعت شمسه وكل هلال عالم السر والبيان لدينا ليس ما قال ربنا بضلال وله الطير تستريد وتأوي في وكور من آمنات الجبال وله الوحش بالفلاة تراها في حقاف وفي ظلال الرمال وله هودت يهود ودانت كل دين إذا ذكرت عضال وله شمس النصارى وقاموا كل عيد لربهم واحتفال وله الراهب الحبيس تراه رهن بوس وكان ناعم بال يا بني الأرحام لا تقطعوها وصلوها قصيرة من طوال واتقوا الله في ضعاف اليتامى ربما يستحل غير الحلال واعلموا أن لليتيم وليا عالما يهتدي بغير السؤال ثم مال اليتيم لا تأكلوه إن مال اليتيم يرعاه والي يا بني التخوم لا تخزلوها إن خزل التخوم ذو عقال يا بني الأيام لا تأمنوها واحذروا مكرها ومر الليالي § واعلموا أن مرها لنفاد الخلق ما كان من جديد وبالي واجمعوا أمركم على البر والتقوى وترك الخنا وأخذ الحلال وقال أبو قيس صرمة أيضا يذكر ما أكرمهم الله تبارك وتعالى به من الإسلام وما خصهم الله به من نزول رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم ثوى في قريش بضع عشرة حجة يذكر لو يلقى صديقا مواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه فلم ير من يؤوى ولم ير داعيا فلما أتانا أظهر الله دينه فأصبح مسرورا بطيبة راضيا وألفى صديقا واطمأنت به النوى وكان له عونا من الله باديا يقص لنا ما قال نوح لقومه وما قال موسى إذ أجاب المناديا فأصبح لا يخشى من الناس واحدا قريبا ولا يخشى من الناس نائيا بذلنا له الأموال من حل مالنا وأنفسنا عند الوغى والتآسيا ونعلم أن الله لا شيء غيره ونعلم أن الله أفضل هاديا نعادي الذي عادى من الناس كلهم جميعا وإن كان الحبيب المصافيا أقول إذا أدعوك في كل بيعة تباركت قد أكثرت لاسمك داعيا أقول إذا جاوزت أرضا مخوفة حنانيك لا تظهر علي الأعاديا فطأ معرضا إن الحتوف كثيرة وإنك لا تبقي لنفسك باقيا فو الله ما يدري الفتى كيف يتقي إذا هو لم يجعل له الله واقيا ولا تحفل النخل المعيمة ربها إذا أصبحت ريا وأصبحت ثاويا.
الأعداء من يهود *
قال ابن إسحاق ونصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله صلى الله عليه وسلم العداوة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالى به العرب من أخذه رسوله منهم وانضاف إليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسي على جاهليته فكانوا أهل نفاق على دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث إلا أن الإسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه فظهروا بالإسلام واتخذوه جنة من القتل ونافقوا في السر وكان هواهم مع يهود لتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم وجحودهم الإسلام وكانت أحبار يهود هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألون عنه إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها § منهم حيي بن أخطب وأخواه أبو ياسر بن أخطب وجدي بن أخطب وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع الأعور وهو الذي قتله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وعمرو بن جحاش وكعب ابن الأشرف وهو من طيئ ثم أحد بني نبهان وأمه من بني النضير والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف وكردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف فهؤلاء من بني النضير ومن بني ثعلبة ابن الفطيون عبد الله بن صوريا الأعور ولم يكن بالحجاز في زمانه أحد أعلم بالتوراة منه وابن صلوبا ومخيريق وكان حبرهم أسلم ومن بني قينقاع زيد بن اللصيت.
قال ابن إسحاق وسويد بن الحارث ورفاعة بن قيس وفنحاص وأشيع ونعمان بن أضا وبحري بن عمرو وشأس بن عدي وشأس ابن قيس وزيد بن الحارث ونعمان بن عمرو وسكين بن أبي سكين وعدي بن زيد ونعمان بن أبي أوفى أبو أنس ومحمود بن دحية ومالك ابن صيف.
قال ابن إسحاق ورافع بن حارثة ورافع بن حريملة ورافع بن خارجة ومالك بن عوف ورفاعة بن زيد بن التابوت وعبد الله بن سلام بن الحارث وكان حبرهم وأعلمهم وكان اسمه الحصين فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فهؤلاء من بني قينقاع ومن بني قريظة الزبير بن باطا بن وهب وعزال بن شمويل وكعب ابن أسد وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب وشمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة والنحام بن زيد وقردم بن كعب ووهب ابن زيد ونافع بن أبي نافع وأبو نافع وعدي بن زيد والحارث بن عوف وكردم بن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن رميلة وجبل بن أبي قشير ووهب بن يهوذا فهؤلاء من بني قريظة ومن يهود بني زريق لبيد بن أعصم وهو الذي أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه § ومن يهود بني حارثة كنانة بن صوريا ومن يهود بني عمرو بن عوف قردم بن عمرو ومن يهود بني النجار سلسلة بن برهام فهؤلاء أحبار اليهود أهل الشرور والعداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأصحاب المسألة والنصب لأمر الإسلام الشرور ليطفئوه إلا ما كان من عبد الله بن سلام ومخيريق.
إسلام عبد الله بن سلام *
قال ابن إسحاق وكان من حديث عبد الله بن سلام كما حدثني بعض أهله عنه وعن إسلامه حين أسلم وكان حبرا عالما قال لما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت صفته واسمه وزمانه الذي كنا تتوكف له فكنت مسرا لذلك صامتا عليه حتى قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلما نزل بقباء في بني عمرو بن عوف أقبل رجل حتى أخبر بقدومه وأنا في رأس نخلة لي أعمل فيها وعمتي خالدة بنت الحارث تحتي جالسة فلما سمعت الخبر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم كبرت فقالت لي عمتي حين سمعت تكبيري خيبك الله والله لو كنت سمعت بموسى بن عمران قادما ما زدت قال فقلت لها أي عمة هو والله أخو موسى بن عمران وعلى دينه بعث § بما بعث به قال فقالت أي ابن أخي أهو النبي الذي كنا نخبر أنه يبعث مع نفس الساعة قال فقلت لها نعم قال فقالت فذاك إذا قال ثم خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ثم رجعت إلى أهل بيتي فأمرتهم فأسلموا قال وكتمت إسلامي من يهود ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إن يهود قوم بهت وإني أحب أن تدخلني في بعض بيوتك وتغيبني عنهم ثم تسألهم عني حتى يخبروك كيف أنا فيهم قبل أن يعلموا بإسلامي فإنهم إن علموا به بهتوني وعابوني قال فأدخلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض بيوته ودخلوا عليه فكلموه وساءلوه ثم قال لهم أي رجل الحصين بن سلام فيكم قالوا سيدنا وابن سيدنا وحبرنا وعالمنا قال فلما فرغوا من قولهم خرجت عليهم فقلت لهم يا معشر يهود اتقوا الله واقبلوا ما جاءكم به فو الله إنكم لتعلمون إنه لرسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة باسمه وصفته فإني أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأومن به وأصدقه وأعرفه فقالوا كذبت ثم وقعوا بي قال فقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ألم أخبرك يا رسول الله أنهم قوم بهت أهل غدر وكذب وفجور قال فأظهرت إسلامي وإسلام أهل بيتي وأسلمت عمتي خالدة بنت الحارث فحسن إسلامها.
حديث مخيريق *
قال ابن إسحاق وكان من حديث مخيريق وكان حبرا عالما وكان رجلا غنيا كثير الأموال من النخل وكان يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته وما يجد في علمه وغلب عليه إلف دينه فلم يزل على ذلك حتى إذا كان يوم أحد وكان يوم أحد يوم السبت قال يا معشر يهود والله إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق قالوا إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم ثم أخذ سلاحه فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فأموالي لمحمد صلى الله عليه وسلم يصنع فيها ما أراه الله فلما اقتتل الناس قاتل حتى قتل فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يقول مخيريق خير يهود وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمواله فعامة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها.
شهادة عن صفية *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حدثت عن صفية بنت حيي بن أخطب أنها قالت كنت أحب ولد § أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر لم ألقهما قط مع ولد لهما إلا أخذاني دونه قالت فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء في بني عمرو بن عوف غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مغلسين قالت فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس قالت فأتيا كالين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى قالت فهششت إليهما كما كنت أصنع فو الله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم قالت وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي حيي بن أخطب أهو هو قال نعم والله قال أتعرفه وتثبته قال نعم قال فما في نفسك منه قال عداوته والله ما بقيت.
من اجتمع إلى يهود من منافقي الأنصار *
قال ابن إسحاق وكان ممن انضاف إلى يهود ممن سمي لنا من المنافقين من الأوس والخزرج والله أعلم من الأوس ثم من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ثم من بني لوذان بن عمرو بن عوف زوي بن الحارث ومن بنى حبيب بن عمرو بن عوف جلاس بن سويد بن الصامت وأخوه الحارث بن سويد وجلاس الذي قال وكان ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمر فرفع ذلك من قوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن سعد أحدهم وكان في حجر جلاس خلف جلاس على أمه بعد أبيه فقال له عمير بن سعد والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي وأحسنهم عندي يدا وأعزهم علي أن يصيبه شيء يكرهه ولقد قلت مقالة لئن رفعتها عليك لأفضحنك ولئن صمت عليها § ليهلكن ديني ولإحداهما أيسر علي من الأخرى ثم مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال جلاس فحلف جلاس بالله لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كذب علي عمير وما قلت ما قال عمير بن سعد فأنزل الله عز وجل فيه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير .
قال ابن إسحاق فزعموا أنه تاب فحسنت توبته حتى عرف منه الخير والإسلام وأخوه الحارث بن سويد الذي قتل المجذر بن ذياد البلوي وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد خرج مع المسلمين وكان منافقا فلما التقى الناس عدا عليهما فقتلهما ثم لحق بقريش.
قال ابن إسحاق قتل سويد بن صامت معاذ بن عفراء غيلة في غير حرب رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث.
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ففاته فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه جلاس يطلب التوبة ليرجع إلى قومه فأنزل الله تبارك وتعالى فيه فيما بلغني عن ابن عباس كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين إلى آخر القصة ومن بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بجاد بن عثمان بن عامر ومن بني لوذان بن عمرو بن عوف نبتل بن الحارث وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني من أحب أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحارث وكان رجلا جسيما أذلم ثائر شعر الرأس أحمر العينين أسفع الخدين وكان يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث إليه فيسمع منه ثم ينقل حديثه إلى المنافقين وهو الذي قال إنما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه فأنزل الله عز وجل فيه ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم .
قال ابن إسحاق وحدثني بعض رجال بلعجلان أنه حدث أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له إنه يجلس إليك رجل أذلم ثائر شعر الرأس أسفع الخدين أحمر العينين كأنهما قدران من صفر كبده § أغلظ من كبد الحمار ينقل حديثك إلى المنافقين فاحذره وكانت تلك صفة نبتل بن الحارث فيما يذكرون ومن بني ضبيعة أبو حبيبة بن الأزعر وكان ممن بنى مسجد الضرار وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين إلخ القصة ومعتب الذي قال يوم أحد لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا إلى آخر القصة وهو الذي قال يوم الأحزاب كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا لا يأمن أن يذهب إلى الغائط فأنزل الله عز وجل فيه وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا والحارث بن حاطب.
قال ابن إسحاق وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف وبحزج وهم ممن كان بنى مسجد الضرار وعمرو بن خذام وعبد الله بن نبتل ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف جارية بن عامر بن العطاف وابناه زيد ومجمع ابنا جارية وهم ممن اتخذ مسجد الضرار وكان مجمع غلاما حدثا قد جمع من القرآن أكثره وكان يصلي بهم فيه ثم إنه لما أخرب المسجد وذهب § رجال من بني عمرو بن عوف كانوا يصلون ببني عمرو بن عوف في مسجدهم وكان زمان عمر بن الخطاب كلم في مجمع ليصلي بهم فقال لا أوليس بإمام المنافقين في مسجد الضرار فقال لعمر يا أمير المؤمنين والله الذي لا إله إلا هو ما علمت بشيء من أمرهم ولكني كنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا لا قرآن معهم فقدموني أصلي بهم وما أرى أمرهم إلا على أحسن ما ذكروا فزعموا أن عمر تركه فصلى بقومه ومن بني أمية بن زيد بن مالك وديعة بن ثابت وهو ممن بنى مسجد الضرار وهو الذي قال إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله تبارك وتعالى ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن إلى آخر القصة ومن بني عبيد بن زيد بن مالك خذام بن خالد وهو الذي أخرج مسجد الضرار من داره وبشر ورافع ابنا زيد ومن بني النبيت.
قال ابن إسحاق ثم من بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس مربع بن قيظي وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجاز في حائطه ورسول الله صلى الله عليه وسلم عامد إلى أحد لا أحل لك يا محمد إن كنت نبيا أن تمر في حائطي وأخذ في يده حفنة من تراب ثم قال والله لو أعلم أني لا أصيب بهذا التراب غيرك لرميتك به فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصيرة فضربه سعد بن زيد أخو § بني عبد الأشهل بالقوس فشجه وأخوه أوس بن قيظي وهو الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق يا رسول الله إن بيوتنا عورة فأذن لنا فلنرجع إليها فأنزل الله تعالى فيه يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا .
قال ابن إسحاق ومن بني ظفر واسم ظفر كعب بن الحارث بن الخزرج حاطب بن أمية بن رافع وكان شيخا جسيما قد عسا في جاهليته وكان له ابن من خيار المسلمين يقال له يزيد بن حاطب أصيب يوم أحد حتى أثبتته الجراحات فحمل إلى دار بني ظفر.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه اجتمع إليه من بها من رجال المسلمين ونسائهم وهو بالموت فجعلوا يقولون أبشر يا بن حاطب بالجنة قال فنجم نفاقه حينئذ فجعل يقول أبوه أجل جنة والله من حرمل غررتم والله هذا المسكين من نفسه.
قال ابن إسحاق وبشير بن أبيرق وهو أبو طعمة سارق الدرعين الذي أنزل الله تعالى فيه ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما وقزمان حليف لهم.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إنه لمن أهل النار فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا حتى قتل بضعة نفر من المشركين فأثبتته الجراحات فحمل إلى دار بني ظفر فقال له رجال من المسلمين أبشر يا قزمان فقد أبليت اليوم وقد أصابك ما ترى في الله قال بماذا أبشر فو الله ما قاتلت إلا حمية عن قومي فلما اشتدت به جراحاته وآذته أخذ سهما من كنانته فقطع به رواهش يده فقتل نفسه.
قال ابن إسحاق ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم إلا أن الضحاك بن ثابت أحد بني كعب رهط سعد بن زيد قد كان يتهم بالنفاق وحب يهود قال حسان بن ثابت من مبلغ الضحاك أن عروقه أعيت على الإسلام أن تتمجدا § أتحب يهدان الحجاز ودينهم كبد الحمار ولا تحب محمدا دينا لعمري لا يوافق ديننا ما استن آل في الفضاء وخودا وكان جلاس بن سويد بن صامت قبل توبته فيما بلغني ومعتب ابن قشير ورافع بن زيد وبشر وكانوا يدعون بالإسلام فدعاهم رجال من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعوهم إلى الكهان حكام أهل الجاهلية فأنزل الله عز وجل فيهم ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا إلى آخر القصة ومن الخزرج ثم من بني النجار رافع بن وديعة وزيد بن عمرو وعمرو بن قيس وقيس بن عمرو بن سهل ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة الجد بن قيس وهو الذي يقول يا محمد ائذن لي ولا تفتني فأنزل الله تعالى فيه ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين إلى آخر القصة ومن بني عوف بن الخزرج عبد الله بن أبي بن سلول وكان رأس المنافقين وإليه يجتمعون وهو الذي قال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل في غزوة بني المصطلق وفي قوله ذلك نزلت سورة المنافقين بأسرها وفيه وفي وديعة رجل من بني عوف ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس وهم من رهط عبد الله بن أبي بن سلول وعبد الله بن أبي بن سلول فهؤلاء النفر من قومه الذين كانوا يدسون إلى بني النضير حين حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اثبتوا فو الله لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا § أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم فأنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون ثم القصة من السورة حتى انتهى إلى قوله @QURS059A016_BEG كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين @QURS059A016_BEG.
من أسلم من أحبار يهود نفاقا *
قال ابن إسحاق وكان ممن تعوذ بالإسلام ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو منافق من أحبار يهود من بني قينقاع سعد بن حنيف وزيد بن اللصيت ونعمان بن أوفى بن عمرو وعثمان بن أوفى وزيد بن اللصيت الذي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسوق بني قينقاع وهو الذي قال حين ضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه الخبر بما قال عدو الله في رحله ودل الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على ناقته إن قائلا قال يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء ولا يدري أين ناقته وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها فهي في هذا الشعب قد حبستها شجرة بزمامها فذهب رجال من المسلمين فوجدوها حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما وصف ورافع بن حريملة وهو الذي قال له الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حين مات قد مات اليوم عظيم من عظماء المنافقين ورفاعة بن زيد بن التابوت وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين § هبت عليه الريح وهو قافل من غزوة بني المصطلق فاشتدت عليه حتى أشفق المسلمون منها فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخافوا فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وجد رفاعة بن زيد بن التابوت مات ذلك اليوم الذي هبت فيه الريح وسلسلة ابن برهام وكنانة بن صوريا وكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد فيستمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزءون بدينهم فاجتمع يوما في المسجد منهم ناس فرآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون بينهم خافضي أصواتهم قد لصق بعضهم ببعض فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجوا من المسجد إخراجا عنيفا فقام أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب إلى عمر بن قيس أحد بني غنم بن مالك بن النجار كان صاحب آلهتهم في الجاهلية فأخذ برجله فسحبه حتى أخرجه من المسجد وهو يقول أتخرجني يا أبا أيوب من مربد بني ثعلبة ثم أقبل أبو أيوب أيضا إلى رافع بن وديعة أحد بني النجار فلببه بردائه ثم نتره نترا شديدا ولطم وجهه ثم أخرجه من المسجد وأبو أيوب يقول له أف لك منافقا خبيثا أدراجك يا منافق من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقام عمارة بن حزم إلى زيد بن عمرو وكان رجلا طويل اللحية فأخذ بلحيته فقاده بها قودا عنيفا حتى أخرجه من المسجد ثم جمع عمارة يديه فلدمه بهما في صدره لدمة خر منها قال يقول خدشتني يا عمارة قال § أبعدك الله يا منافق فما أعد الله لك من العذاب أشد من ذلك فلا تقربن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما نزل من البقرة في المنافقين ويهود *
دعوى اليهود قلة العذاب في الآخرة ورد الله عليهم *
قال ابن إسحاق وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واليهود تقول إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوما واحدا في النار من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في ذلك من قولهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله § عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته أي من عمل بمثل أعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به يحيط كفره بما له عند الله من حسنة فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون أي خلد أبدا والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون أي من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له.
قال ابن إسحاق ثم قال الله عز وجل يؤنبهم وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل أي ميثاقكم لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون أي تركتم ذلك كله ليس بالتنقص وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم .
قال ابن إسحاق ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون § على أن هذا حق من ميثاقي عليكم ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان أي أهل الشرك حتى يسفكوا دماءهم معهم ويخرجوهم من ديارهم معهم وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم وهو محرم عليكم في كتابكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أي أتفادونهم مؤمنين بذلك وتخرجونهم كفارا بذلك فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون فأنبهم الله عز وجل بذلك من فعلهم وقد حرم عليهم في التوراة سفك دمائهم وافترض عليهم فيها فداء أسراهم فكانوا فريقين منهم بنو قينقاع ولفهم حلفاء الخزرج والنضير وقريظة ولفهم حلفاء الأوس فكانوا إذا كانت بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة مع الأوس يظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه على إخوانه حتى يتسافكوا دماءهم بينهم وبأيديهم التوراة يعرفون فيها ما عليهم وما لهم والأوس والخزرج أهل شرك يعبدون الأوثان لا يعرفون جنة ولا نارا ولا بعثا ولا قيامة ولا كتابا ولا حلالا ولا حراما فإذا وضعت الحرب أوزارها افتدوا أساراهم تصديقا لما في التوراة وأخذ به بعضهم من بعض يفتدي بنو قينقاع من كان من أسراهم في أيدي الأوس وتفتدي النضير وقريظة ما في أيدي الخزرج منهم ويطلون ما أصابوا من § الدماء وقتلى من قتلوا منهم فيما بينهم مظاهرة لأهل الشرك عليهم يقول الله تعالى لهم حين أنبهم بذلك أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أي تفاديه بحكم التوراة وتقتله وفي حكم التوراة أن لا تفعل تقتله وتخرجه من داره وتظاهر عليه من يشرك بالله ويعبد الأوثان من دونه ابتغاء عرض الدنيا ففي ذلك من فعلهم مع الأوس والخزرج فيما بلغني نزلت هذه القصة ثم قال تعالى ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم البينات أي الآيات التي وضعت على يديه من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب مما يدخرون في بيوتهم وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل الذي أحدث الله إليه ثم ذكر كفرهم بذلك كله فقال أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون ثم قال تعالى وقالوا قلوبنا غلف في أكنة يقول الله عز وجل بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .
قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ من قومه قال قالوا فينا والله وفيهم نزلت هذه القصة كنا قد علوناهم ظهرا في الجاهلية ونحن أهل شرك وهم أهل كتاب فكانوا يقولون لنا إن نبيا يبعث الآن نتبعه قد أظل زمانه نقتلكم معه قتل عاد وإرم فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم من قريش فاتبعناه كفروا به يقول الله § فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده أي أن جعله في غيرهم فباؤ بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين .
قال ابن إسحاق فالغضب على الغضب لغضبه عليهم فيما كانوا ضيعوا من التوراة وهي معهم وغضب بكفرهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحدث الله إليهم ثم أنبهم برفع الطور عليهم واتخاذهم العجل إلها دون ربهم يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين أي ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب عند الله فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم أي بعلمهم بما عندهم من العلم بك والكفر بذلك فيقال لو تمنوه يوم قال ذلك لهم ما بقي على وجه الأرض يهودي إلا مات ثم ذكر رغبتهم في الحياة الدنيا وطول العمر فقال تعالى ولتجدنهم أحرص الناس على حياة اليهود ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر § أي ما هو بمنجيه من العذاب وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو يحب طول الحياة وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما ضيع مما عنده من العلم ثم قال الله تعالى قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله .
سؤال اليهود الرسول وإجابته لهم عليه الصلاة والسلام *
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب الأشعري أن نفرا من أحبار يهود جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن أربع نسألك عنهن فإن فعلت ذلك اتبعناك وصدقناك وآمنا بك قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بذلك عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم بذلك لتصدقنني قالوا نعم قال فاسألوا عما بدا لكم قالوا فأخبرنا كيف يشبه الولد أمه وإنما النطفة من الرجل قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أن نطفة الرجل بيضاء غليظة ونطفة المرأة صفراء رقيقة فأيتهما علت صاحبتها كان لها الشبه قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا كيف نومك فقال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أن نوم الذي تزعمون أني لست به تنام عينه وقلبه يقظان فقالوا اللهم نعم قال فكذلك نومي تنام عيني وقلبي يقظان قالوا فأخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه قال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنه كان أحب الطعام والشراب إليه ألبان الإبل ولحومها وأنه اشتكى شكوى فعافاه الله منها فحرم على نفسه أحب الطعام والشراب إليه شكرا لله فحرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها قالوا اللهم نعم قالوا فأخبرنا عن الروح قال أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل هل تعلمونه جبريل وهو الذي يأتيني قالوا اللهم نعم ولكنه يا محمد لنا عدو وهو ملك إنما يأتي بالشدة وبسفك الدماء ولولا ذلك لاتبعناك قال فأنزل الله عز وجل فيهم قل من كان عدوا § لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين إلى قوله تعالى أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان أي السحر وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر .
إنكار اليهود نبوة داود عليه السلام ورد الله عليهم *
قال ابن إسحاق وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لما ذكر سليمان بن داود في المرسلين قال بعض أحبارهم ألا تعجبون من محمد يزعم أن سليمان بن داود كان نبيا والله ما كان إلا ساحرا فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا أي باتباعهم السحر وعملهم به وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد .
قال ابن إسحاق وحدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول الذي حرم إسرائيل على نفسه زائدتا الكبد والكليتان والشحم إلا ما كان على الظهر فإن ذلك كان يقرب للقربان فتأكله النار.
كتابه صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر *
قال ابن إسحاق وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر فيما حدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب موسى وأخيه والمصدق لما جاء به موسى ألا إن الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك § مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما وإني أنشدكم بالله وأنشدكم بما أنزل عليكم وأنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المن والسلوى وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله إلا أخبرتموني هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم قد تبين الرشد من الغي فأدعوكم إلى الله وإلى نبيه.
ما نزل في أبي ياسر وأخيه *
قال ابن إسحاق وكان ممن نزل فيه القرآن بخاصة من الأحبار وكفار يهود الذي كانوا يسألونه ويتعنتونه ليلبسوا الحق بالباطل فيما ذكر لي عن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله بن رئاب أن أبا ياسر بن أخطب مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتلو فاتحة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه § فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من يهود فقال تعلموا والله لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب فقالوا أنت سمعته فقال نعم فمثنى حيي بن أخطب في أولئك النفر من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له يا محمد ألم يذكر لنا أنك تتلو فيما أنزل إليك الم ذلك الكتاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى قالوا أجاءك بها جبريل من عند الله فقال نعم قالوا لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أكل أمته غيرك فقال حيي بن أخطب وأقبل على من معه فقال لهم الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين إنما مدة ملكه وأكل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد هل مع هذا غيره قال نعم قال ماذا قال المص قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه إحدى وستون ومائة سنة هل مع هذا يا محمد غيره قال نعم الر قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه إحدى وثلاثون ومائتان هل مع هذا غيره يا محمد قال نعم المر قال هذه والله أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه إحدى وسبعون ومائتا سنة ثم قال لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ثم قاموا عنه فقال أبو ياسر لأخيه حيي بن أخطب ولمن معه من الأحبار ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد إحدى وسبعون وإحدى وستون ومئة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومئتان فذلك سبع مئة وأربع وثلاثون سنة فقالوا لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هؤلاء § الآيات نزلت فيهم منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات .
قال ابن إسحاق وقد سمعت من لا أتهم من أهل العلم يذكر أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في أهل نجران حين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عيسى بن مريم عليه السلام.
قال ابن إسحاق وقد حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قد سمع أن هؤلاء الآيات إنما أنزلن في نفر من يهود ولم يفسر ذلك لي فالله أعلم أي ذلك كان.
كفر اليهود به صلى الله عليه وسلم بعد استفتاحهم به وما نزل في ذلك *
قال ابن إسحاق وكان فيما بلغني عن عكرمة مولى ابن عباس أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور أخو بني سلمة يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبروننا أنه مبعوث وتصفونه لنا بصفته فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكره لكم فأنزل الله في ذلك من قولهم ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين .
ما نزل في نكران مالك بن الصيف العهد إليهم بالنبي *
قال ابن إسحاق وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر لهم ما أخذ عليهم له من الميثاق وما عهد الله إليهم فيه والله ما عهد إلينا في محمد عهد وما أخذ له علينا من ميثاق فأنزل الله فيه § أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون وقال أبو صلوبا الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل الله عليك من آية فنتبعك لها فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون وقال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من السماء نقرؤه وفجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل .
ما نزل في صد حيي وأخيه الناس عن الإسلام *
قال ابن إسحاق وكان حيي بن أخطب وأخوه أبو ياسر بن أخطب من أشد يهود للعرب حسدا إذ خصهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام بما استطاعا فأنزل الله تعالى فيهما ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير .
تنازع اليهود والنصارى عند الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق ولما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أحبار يهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حريملة ما أنتم على شيء وكفر بعيسى وبالإنجيل فقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أي كل يتلو في كتابه تصديق ما كفر به أي يكفر اليهود بعيسى وعندهم التوراة فيها ما أخذ الله عليهم على لسان موسى عليه السلام بالتصديق بعيسى عليه السلام وفي الإنجيل ما جاء به عيسى عليه السلام من تصديق موسى عليه السلام وما جاء به من التوراة من عند الله وكل يكفر بما في يد صاحبه.
ما نزل في طلب ابن حريملة أن يكلمه الله *
قال ابن إسحاق وقال رافع بن حريملة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله تعالى في ذلك من قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون وقال عبد الله بن صوريا الأعور الفطيوني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله تعالى في ذلك من قول عبد الله بن صوريا وما قالت النصارى وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ثم القصة إلى قول الله تعالى تلك أمة قد خلت § لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون .
مقالة اليهود عند صرف القبلة إلى الكعبة *
قال ابن إسحاق ولما صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة وصرفت في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفاعة بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ورافع بن أبي رافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق فقالوا يا محمد ما ولاك عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون بذلك فتنته عن دينه فأنزل الله تعالى فيهم سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه أي ابتلاء واختبارا وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله أي من الفتن أي الذين ثبت الله وما كان الله ليضيع إيمانكم أي إيمانكم بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم واتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة وطاعتكم نبيكم فيها أي ليعطينكم أجرهما جميعا إن الله بالناس لرؤف رحيم ثم قال تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره .
قال ابن إسحاق إلى قوله تعالى الحق من ربك فلا تكونن من الممترين وسأل معاذ بن جبل أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني عبد الأشهل وخارجة بن زيد أخو بلحارث بن الخزرج نفرا من أحبار يهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم عنه فأنزل الله تعالى فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون § قال ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود من أهل الكتاب إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته فقال له رافع بن خارجة ومالك ابن عوف بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ولما أصاب الله عز وجل قريشا يوم بدر جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود في سوق بني قينقاع حين قدم المدينة فقال يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بمثل ما أصاب به قريشا فقالوا له يا محمد لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس وأنك لم تلق مثلنا فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار قال ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله فقال له النعمان بن عمرو والحارث بن زيد على أي دين أنت يا محمد قال على ملة إبراهيم ودينه قالا فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلم إلى التوراة فهي بيننا وبينكم § فأبيا عليه فأنزل الله تعالى فيهما ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون وقال أحبار يهود ونصارى نجران حين اجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا فقالت الأحبار ما كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى من أهل نجران ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله عز وجل فيهم يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين وقال عبد الله بن صيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض تعالوا نؤمن بما أنزل على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع ويرجعون عن دينه فأنزل الله تعالى فيهم يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم § وقال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من يهود والنصارى من أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم وقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له الربيس ويروى الريس والرئيس أوذاك تريد منا يا محمد وإليه تدعونا أو كما قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره فما بذلك بعثني الله ولا أمرني أو كما قال فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون إلى قوله تعالى بعد إذ أنتم مسلمون .
ما نزل في أخذ الميثاق عليهم *
قال ابن إسحاق ثم ذكر ما أخذ الله عليهم وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه إذ هو جاءهم وإقرارهم فقال وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين إلى آخر القصة.
سعيهم في الوقيعة بين الأنصار *
قال ابن إسحاق ومر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فأمر فتى شابا من يهود كان معهم فقال اعمد إليهم فاجلس معهم ثم اذكر يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه يومئذ § للأوس على الخزرج وكان على الأوس يومئذ حضير بن سماك الأشهلي أبو أسيد بن حضير وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي فقتلا جميعا.
قال ابن إسحاق ففعل فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج فتقاولا ثم قال أحدهما لصاحبه إن شئتم رددناها الآن جذعة فغضب الفريقان جميعا وقالوا قد فعلنا موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة السلاح السلاح فخرجوا إليها فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم فيمن معه من أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال يا معشر المسلمين الله الله أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله للإسلام وأكرمكم به وقطع به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بين قلوبكم فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم فبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شأس بن قيس فأنزل الله § تعالى في شأس بن قيس وما صنع قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون وأنزل الله في أوس بن قيظي وجبار بن صخر ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا عما أدخل عليهم شأس من أمر الجاهلية يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا تم مسلمون إلى قوله تعالى وأولئك لهم عذاب عظيم .
ما نزل في قولهم ما آمن إلا شرارنا *
قال ابن إسحاق ولما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود معهم فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ورسخوا فيه قالت أحبار يهود أهل الكفر منهم ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون .
ما نزل في نهي المسلمين عن مباطنة اليهود *
قال ابن إسحاق وكان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من الجوار والحلف فأنزل الله تعالى فيهم ينهاهم عن مباطنتهم يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله أي تؤمنون بكتابكم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم فأنتم كنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظك إلى آخر القصة ودخل أبو بكر الصديق بيت المدراس على يهود فوجد منهم ناسا كثيرا قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان من علمائهم وأحبارهم ومعه حبر من أحبارهم يقال له أشيع فقال أبو بكر لفنحاص ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فو الله إنك لتعلم أن محمدا لرسول الله قد جاءكم بالحق من عنده تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل فقال فنحاص § لأبي بكر والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء وما هو عنا بغني ولو كان عنا غنيا ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطيناه ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا قال فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربا شديدا وقال والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت رأسك أي عدو الله قال فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ما حملك على ما صنعت فقال أبو بكر يا رسول الله إن عدو الله قال قولا عظيما إنه زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء فلما قال ذلك غضبت لله مما قال وضربت وجهه فجحد ذلك فنحاص وقال ما قلت ذلك فأنزل الله تعالى فيما قال فنحاص ردا عليه وتصديقا لأبي بكر لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق ونزل في أبي بكر الصديق رضي الله عنه وما بلغه في ذلك من الغضب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور ثم قال فيما قال فنحاص والأحبار معه من يهود وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أن يقول الناس علماء وليسوا بأهل علم لم يحملوهم على هدى ولا حق ويحبون أن يقول الناس قد فعلوا.
أمرهم المؤمنين بالبخل *
قال ابن إسحاق وكان كردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار كانوا يخالطونهم ينتصحون لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون علام يكون فأنزل الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله أي من التوراة التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله وكان الله بهم عليما .
جحدهم الحق *
قال ابن إسحاق وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام وعابه فأنزل الله فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا أي راعنا سمعك ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله § ابن صوريا الأعور وكعب بن أسد فقال لهم يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فو الله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق قالوا ما نعرف ذلك يا محمد فجحدوا ما عرفوا وأصروا على الكفر فأنزل الله تعالى فيهم يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت وكان أمر الله مفعولا .
النفر الذين حزبوا الأحزاب *
قال ابن إسحاق وكان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق أبو رافع والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فأما وحوح § وأبو عمار وهوذة فمن بني وائل وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فسلوهم دينكم خير أم دين محمد فسألوهم فقالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه وممن اتبعه فأنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت .
قال ابن إسحاق إلى قوله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما .
إنكارهم التنزيل *
قال ابن إسحاق وقال سكين وعدي بن زيد يا محمد ما نعلم أن الله أنزل على بشر من شيء بعد موسى فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما و دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة منهم فقال لهم أما والله § إنكم لتعلمون أني رسول من الله إليكم قالوا ما نعلمه وما نشهد عليه فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية العامريين اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري فلما خلا بعضهم ببعض قالوا لن تجدوا محمدا أقرب منه الآن فمن رجل يظهر على هذا البيت فيطرح عليه صخرة فيريحنا منه فقال عمرو بن جحاش بن كعب أنا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فانصرف عنهم فأنزل الله تعالى فيه وفيما أراد هو وقومه يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء وبحري بن عمرو وشأس بن عدي فكلموه وكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا ما تخوفنا يا محمد نحن والله أبناء الله وأحباؤه كقول النصارى فأنزل الله تعالى فيهم وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير .
إنكارهم نزول كتاب بعد موسى عليه السلام *
قال ابن إسحاق ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم غير الله وعقوبته فأبوا عليه وكفروا بما جاءهم به فقال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب يا معشر يهود اتقوا الله فو الله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل § مبعثه وتصفونه لنا بصفته فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا ما قلنا لكم هذا قط وما أنزل الله من كتاب بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهما يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ثم قص عليهم خبر موسى وما لقي منهم وانتقاضهم عليه وما ردوا عليه من أمر الله حتى تاهوا في الأرض أربعين سنة عقوبة.
رجوعهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حكم الرجم *
قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري أنه سمع رجلا من مزينة من أهل العلم يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثهم أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت المدراس حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد زنى رجل منهم بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت فقالوا ابعثوا بهذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فسلوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما فإن عمل فيهما بعملكم من التجبية والتجبية الجلد بحبل من ليف مطلي بقار ثم تسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وتجعل وجوههما من قبل أدبار الحمارين فاتبعوه فإنما هو ملك وصدقوه وإن هو حكم فيهما بالرجم فإنه نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن يسلبكموه فأتوه فقالوا يا محمد هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم فيهما فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى أحبارهم في بيت المدراس فقال يا معشر يهود أخرجوا إلي علماءكم فأخرج له عبد الله ابن صوريا.
قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض بني قريظة أنهم قد أخرجوا إليه يومئذ مع ابن صوريا أبا ياسر بن أخطب ووهب بن يهوذا فقالوا هؤلاء علماؤنا § فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حصل أمرهم إلى أن قالوا لعبد الله ابن صوريا هذا أعلم من بقي بالتوراة.
وما بعده من الحديث الذي قبله فخلا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما شابا من أحدثهم سنا فألظ به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة يقول له يا بن صوريا أنشدك الله وأذكرك بأيامه عند بني إسرائيل هل تعلم أن الله حكم فيمن زنى بعد إحصانه بالرجم في التوراة قال اللهم نعم أما والله يا أبا القاسم إنهم ليعرفون أنك لنبي مرسل ولكنهم يحسدونك قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بهما فرجما عند باب مسجده في بني غنم بن مالك بن النجار ثم كفر بعد ذلك ابن صوريا وجحد نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق فأنزل الله تعالى فيهم يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك أي الذين بعثوا منهم من بعثوا وتخلفوا وأمروهم بما أمروهم به من تحريف الحكم عن مواضعه ثم قال يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه أي الرجم فاحذروا إلى آخر القصة.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمهما فرجما بباب مسجده فلما وجد اليهودي مس الحجارة قام إلى صاحبته فجنأ عليها يقيها مس الحجارة حتى قتلا جميعا § قال وكان ذلك مما صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في تحقيق الزنا منهما.
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال لما حكموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما دعاهم بالتوراة وجلس حبر منهم يتلوها وقد وضع يده على آية الرجم قال فضرب عبد الله بن سلام يد الحبر ثم قال هذه يا نبي الله آية الرجم يأبى أن يتلوها عليك فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحكم يا معشر يهود ما دعاكم إلى ترك حكم الله وهو بأيديكم قال فقالوا أما والله إنه قد كان فينا يعمل به حتى زنى رجل منا بعد إحصانه من بيوت الملوك وأهل الشرف فمنعه الملك من الرجم ثم زنى رجل بعده فأراد أن يرجمه فقالوا لا والله حتى ترجم فلانا فلما قالوا له ذلك اجتمعوا فأصلحوا أمرهم على التجبية وأماتوا ذكر الرجم والعمل به قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أول من أحيا أمر الله وكتابه وعمل به ثم أمر بهما فرجما عند باب مسجده قال عبد الله بن عمر فكنت فيمن رجمهما.
ظلمهم في الدية *
قال ابن إسحاق وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن الآيات من المائدة التي قال الله فيها فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين إنما أنزلت في الدية بين بني النضير وبين بني قريظة وذلك أن قتلى بني النضير وكان لهم شرف يؤدون الدية كاملة وأن بني قريظة كانوا يؤدون نصف الدية فتحاكموا في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ذلك فيهم فحملهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحق في ذلك فجعل الدية سواء.
قصدهم الفتنة برسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وقال كعب بن أسد وابن صلوبا وعبد الله بن صوريا وشأس بن قيس بعضهم لبعض اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه فإنما هو بشر فأتوه فقالوا له يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود وأشرافهم وسادتهم وأنا إن اتبعناك اتبعتك يهود ولم يخالفونا وأن بيننا وبين بعض قومنا خصومة أفنحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ونؤمن بك ونصدقك فأبى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأنزل الله فيهم وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .
جحودهم نبوة عيسى عليه السلام *
قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر منهم أبو ياسر بن أخطب ونافع بن أبي نافع وعازر بن أبي عازر وخالد وزيد وإزار بن أبي إزار وأشيع فسألوه عمن يؤمن به من الرسل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فلما ذكر عيسى بن مريم جحدوا نبوته وقالوا لا نؤمن بعيسى بن مريم ولا بمن آمن به.
قصة النباش بن قيس
حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال قال رجل من اليهود يقال له النباش بن قيس إن ربك بخيل لا ينفق فأنزل الله عز وجل قالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء .
ادعاؤهم أنهم على الحق *
وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة وسلام بن مشكم § ومالك بن الصيف ورافع بن حريملة فقالوا يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة وتشهد أنها من الله حق. قال بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ الله عليكم من الميثاق فيها وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس فبرئت من إحداثكم قالوا فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا نتبعك فأنزل الله تعالى فيهم قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين .
إشراكهم بالله *
قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم النحام بن زيد وقردم ابن كعب وبحري بن عمرو فقالوا له يا محمد أما تعلم مع الله إلها غيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله لا إله إلا هو بذلك بعثت وإلى ذلك أدعو فأنزل الله فيهم وفي قولهم @QURS006A019_END @QURS006A019_BEG قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ أإنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون وكان رفاعة بن زيد بن التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ونافقا فكان رجال من المسلمين يوادونهما فأنزل الله تعالى فيهما يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين إلى قوله § وإذا جاؤكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون وقال جبل بن أبي قشير وشمويل بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا محمد أخبرنا متى تقوم الساعة إن كنت نبيا كما تقول فأنزل الله تعالى فيهما يسئلونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسئلونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
ادعاؤهم أن عزيرا ابن الله *
قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم سلام بن مشكم ونعمان ابن أوفى أبو أنس ومحمود بن دحية وشأس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا له كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم أن عزيرا ابن الله فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهؤن قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون إلى آخر القصة.
طلبهم كتابا من السماء *
قال ابن إسحاق وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن سيحان ونعمان بن أضاء وبحري بن عمرو وعزير بن أبي عزير وسلام بن مشكم فقالوا أحق يا محمد أن هذا الذي جئت به لحق من عند الله فإنا لا نراه متسقا كما تتسق التوراة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة ولو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ما جاءوا به فقالوا عند ذلك وهم جميع فتحاص وعبد الله بن صوريا وابن صلوبا وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وأشيع وكعب بن أسد وشمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة يا محمد أما يعلمك هذا إنس ولا جن قال فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والله إنكم لتعلمون أنه من عند الله وإني لرسول الله تجدون ذلك مكتوبا عندكم في التوراة فقالوا يا محمد فإن الله يصنع لرسوله إذا بعثه ما يشاء § ويقدر منه على ما أراد فأنزل علينا كتابا من السماء نقرؤه ونعرفه وإلا جئناك بمثل ما تأتي به فأنزل الله تعالى فيهم وفيما قالوا قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
سؤالهم له صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين *
قال ابن إسحاق وقال حيي بن أخطب وكعب بن أسد وأبو رافع وأشيع وشمويل بن زيد لعبد الله بن سلام حين أسلم ما تكون النبوة في العرب ولكن صاحبك ملك ثم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذي القرنين فقص عليهم ما جاءه من الله تعالى فيه مما كان قص على قريش وهم كانوا ممن أمر قريشا أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه حين بعثوا إليهم النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط.
تهجمهم على ذات الله وغضب الرسول صلى الله عليه وسلم لذلك *
قال ابن إسحاق وحدثت عن سعيد بن جبير أنه قال أتى رهط من يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربه قال فجاءه جبريل عليه السلام فسكنه فقال خفض عليك يا محمد وجاءه من الله بجواب ما سألوه عنه قل هو الله أحد § الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد قال فلما تلاها عليهم قالوا فصف لنا يا محمد كيف خلقه كيف ذراعه كيف عضده فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد من غضبه الأول وساورهم فأتاه جبريل عليه السلام فقال له مثل ما قال له أول مرة وجاءه من الله تعالى بجواب ما سألوه يقول الله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون .
قال ابن إسحاق وحدثني عتبة بن مسلم مولى بني تيم عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوشك الناس أن يتساءلوا بينهم حتى يقول قائلهم هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله فإذا قالوا ذلك فقولوا قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ثم ليتفل الرجل عن يساره ثلاثا وليستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
أمر السيد والعاقب وذكر المباهلة *
قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم في الأربعة عشر منهم ثلاثة نفر إليهم يئول أمرهم العاقب أمير القوم وذو رأيهم وصاحب مشورتهم والذي لا يصدرون إلا عن رأيه واسمه عبد المسيح والسيد لهم ثمالهم وصاحب رحلهم ومجتمعهم واسمه الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدراسهم وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم فكانت ملوك الروم من النصرانية قد شرفوه ومولوه وأخدموه وبنوا له الكنائس وبسطوا عليه الكرامات لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم فلما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أخ له يقال له كوز بن علقمة فعثرت بغلة أبي حارثة فقال كوز تعس الأبعد يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أبو حارثة بل أنت تعست فقال ولم يا أخي قال والله إنه للنبي الذي كنا ننتظر فقال له كوز ما يمنعك منه وأنت تعلم هذا قال ما صنع بنا هؤلاء القوم شرفونا ومولونا وأكرمونا وقد أبوا إلا خلافه فلو فعلت § نزعوا منا كل ما ترى فأضمر عليها منه أخوه كوز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك فهو كان يحدث عنه هذا الحديث فيما بلغني.
صلاتهم إلى المشرق *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير قال لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلوا عليه مسجده حين صلى العصر عليهم ثياب الحبرات جبب وأردية في جمال رجال بني الحارث بن كعب قال يقول بعض من رآهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ما رأينا وفدا مثلهم وقد حانت صلاتهم فقاموا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فصلوا إلى المشرق.
أسماء الوفد ومعتقدهم ومناقشتهم الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فكانت تسمية الأربعة عشر الذين يئول إليهم أمرهم العاقب وهو عبد المسيح والسيد وهو الأيهم وأبو حارثة بن علقمة أخو بني بكر بن وائل وأوس والحارث وزيد وقيس ويزيد ونبيه وخويلد وعمرو وخالد وعبد الله ويحنس في ستين راكبا فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب عبد المسيح والأيهم السيد وهم من النصرانية على دين الملك مع اختلاف من أمرهم يقولون هو الله ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثالث ثلاثة وكذلك قول النصرانية فهم يحتجون في قولهم هو الله بأنه كان يحيي الموتى ويبرئ الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طائرا وذلك كله بأمر الله تبارك وتعالى @QURS019A021_BEG ولنجعله آية للناس @QURS019A021_BEG ويحتجون في قولهم إنه ولد الله بأنهم يقولون لم يكن له أب يعلم وقد تكلم في المهد وهذا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله ويحتجون في قولهم إنه ثالث ثلاثة بقول الله فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وقضيت وأمرت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم ففي كل ذلك من قولهم قد نزل القرآن فلما كلمه الحبران قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلما قالا قد أسلمنا قال إنكما لم تسلما فأسلما قالا بلى قد أسلمنا قبلك قال كذبتما يمنعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير قالا فمن أبوه يا محمد فصمت عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبهما § فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فقال جل وعز الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم فافتتح السورة بتنزيه نفسه عما قالوا وتوحيده إياها بالخلق والأمر لا شريك له فيه ردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد واحتجاجا بقولهم عليهم في صاحبهم ليعرفهم بذلك ضلالتهم فقال الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ليس معه غيره شريك في أمره الحي القيوم الحي الذي لا يموت وقد مات عيسى وصلب في قولهم والقيوم القائم على مكانه من سلطانه في خلقه لا يزول وقد زال عيسى في قولهم عن مكانه الذي كان به وذهب عنه إلى غيره نزل عليك الكتاب بالحق أي بالصدق فيما اختلفوا فيه وأنزل التوراة والإنجيل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى كما أنزل الكتب على من كان قبله و أنزل الفرقان أي الفصل بين الحق والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام أي أن الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أي قد علم ما يريدون وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى إذ جعلوه إلها وربا وعندهم من علمه غير ذلك غرة بالله وكفرا به هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء أي قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه كما صور غيره من ولد آدم فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل ثم قال تعالى إنزاها لنفسه وتوحيدا لها مما جعلوا معه لا إله إلا هو العزيز الحكيم العزيز في انتصاره ممن كفر به إذا شاء الحكيم في حجته وعذره إلى عباده هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لهن تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه وأخر متشابهات لهن تصريف وتأويل ابتلى الله § فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام ألا يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق يقول عز وجل فأما الذين في قلوبهم زيغ أي ميل عن الهدى فيتبعون ما تشابه منه أي ما تصرف منه ليصدقوا به ما ابتدعوا وأحدثوا لتكون لهم حجة ولهم على ما قالوا شبهة @QURS003A007_END ابتغاء الفتنة @QURS003A007_END أي اللبس و ابتغاء تأويله ذلك على ما ركبوا من الضلالة في قولهم خلقنا وقضينا يقول وما يعلم تأويله أي الذي به أرادوا ما أرادوا إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا فكيف يختلف وهو قول واحد من رب واحد ثم ردوا تأويل المتشابه على ما عرفوا من تأويل المحكمة التي لا تأويل لأحد فيها إلا تأويل واحد واتسق بقولهم الكتاب وصدق بعضه بعضا فنفذت به الحجة وظهر به العذر وزاح به الباطل ودمغ به الكفر يقول الله تعالى في مثل هذا @QURS002A269_BEG وما يذكر @QURS002A269_BEG في مثل هذا إلا أولوا الألباب ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا أي لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ثم قال شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم بخلاف ما قالوا قائما بالقسط أي بالعدل فيما يريد لا إله إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام أي ما أنت عليه يا محمد التوحيد للرب والتصديق للرسل وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم أي الذي جاءك أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب فإن حاجوك أي بما يأتون به من الباطل من قولهم خلقنا وفعلنا وأمرنا فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق فقل أسلمت وجهي لله أي وحده ومن اتبعن @QURS003A020_BEG وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين @QURS003A020_BEG § الذين لا كتاب لهم أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ثم جمع أهل الكتابين جميعا وذكر ما أحدثوا وما ابتدعوا من اليهود والنصارى فقال إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس إلى قوله قل اللهم مالك الملك أي رب العباد والملك الذي لا يقضي فيهم غيره تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير أي لا إله غيرك إنك على كل شيء قدير أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي بتلك القدرة وترزق من تشاء بغير حساب لا يقدر على ذلك غيرك ولا يصنعه إلا أنت أي فإن كنت سلطت عيسى على الأشياء التي بها يزعمون أنه إله من إحياء الموتى وإبراء الأسقام والخلق للطير من الطين والإخبار عن الغيوب لأجعله به آية للناس وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه تمليك الملوك بأمر النبوة ووضعها حيث شئت وإيلاج الليل في النهار والنهار في الليل وإخراج الحي من الميت وإخراج الميت من الحي ورزق من شئت من بر أو فاجر بغير حساب فكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ولم أملكه إياه أفلم تكن لهم في ذلك عبرة وبينة أن لو كان إلها كان ذلك كله إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك وينتقل منهم في البلاد من بلد إلى بلد ثم وعظ المؤمنين وحذرهم ثم قال قل إن كنتم تحبون الله § أي إن كان هذا من قولكم حقا حبا لله وتعظيما له فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم أي ما مضى من كفركم والله غفور رحيم قل أطيعوا الله والرسول فأنتم تعرفونه وتجدونه في كتابكم فإن تولوا أي على كفرهم فإن الله لا يحب الكافرين ثم استقبل لهم أمر عيسى عليه السلام وكيف كان بدء ما أراد الله به فقال إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم ثم ذكر أمر امرأة عمران وقولها رب إني نذرت لك ما في بطني محررا أي نذرته فجعلته عتيقا تعبده لله لا ينتفع به لشيء من الدنيا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى أي ليس الذكر كالأنثى لما جعلتها محررا لك نذيرة وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم يقول الله تبارك وتعالى فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا بعد أبيها وأمها.
خبر زكريا ومريم *
قال ابن إسحاق فذكرها باليتم ثم قص خبرها وخبر زكريا وما دعا به وما أعطاه إذ وهب له يحيى ثم ذكر مريم وقول الملائكة لها § يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين يقول الله عز وجل ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم أي ما كنت معهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل ريم.
كفالة جريج الراهب لمريم *
قال ابن إسحاق كفلها هاهنا جريج الراهب رجل من بني إسرائيل نجار خرج السهم عليه بحملها فحملها وكان زكريا قد كفلها قبل ذلك فأصابت بني إسرائيل أزمة شديدة فعجز زكريا عن حملها فاستهموا عليها أيهم يكفلها فخرج السهم على جريج الراهب بكفولها فكفلها وما كنت لديهم إذ يختصمون أي ما كنت معهم إذ يختصمون فيها يخبره بخفي ما كتموا منه من العلم عندهم لتحقيق نبوته والحجة عليهم بما يأتيهم به مما أخفوا منه ثم قال إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم أي هكذا كان أمره لا كما تقولون فيه وجيها في الدنيا والآخرة أي عند الله ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين يخبرهم بحالاته التي يتقلب فيها في عمره كتقلب بني آدم في أعمارهم صغارا وكبارا إلا أن الله خصه بالكلام في مهده آية لنبوته وتعريفا للعباد بمواقع قدرته قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء أي يصنع ما أراد ويخلق ما يشاء من بشر أو غير بشر إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن G مما يشاء وكيف شاء فيكون كما أراد § ثم أخبرها بما يريد به فقال ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة التي كانت فيهم من عهد موسى قبله والإنجيل كتابا آخر أحدثه الله عز وجل إليه لم يكن عندهم إلا ذكره أنه كائن من الأنبياء بعده ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أي يحقق بها نبوتي أني رسول منه إليكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله الذي بعثني إليكم وهو ربي وربكم وأبرئ الأكمه والأبرص وجلبت عليه وهذا البيت في أرجوزة له وأحي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم أني رسول الله من الله إليكم إن كنتم مؤمنين ومصدقا لما بين يدي من التوراة أي لما سبقني عنها ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم أي أخبركم به أنه كان عليكم حراما فتركتموه ثم أحله لكم تخفيفا عنكم فتصيبون يسره وتخرجون من تباعاته وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون إن الله ربي وربكم أي تبريا من الذين يقولون فيه واحتجاجا لربه عليهم فاعبدوه هذا صراط مستقيم أي هذا الذي قد حملتكم عليه وجئتكم § به فلما أحس عيسى منهم الكفر والعدوان عليه قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله هذا قولهم الذي أصابوا به الفضل من ربهم واشهد بأنا مسلمون G لا ما يقول هؤلاء الذين يحاجونك فيه ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين أي هكذا كان قولهم وإيمانهم ثم ذكر سبحانه وتعالى رفعه عيسى إليه حين اجتمعوا لقتله فقال @QURS003A054_BEG ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين @QURS003A054_BEG ثم أخبرهم ورد عليهم فيما أقروا لليهود بصلبه كيف رفعه وطهره منهم فقال إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا إذ هموا منك بما هموا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم القصة حتى انتهى إلى قوله ذلك نتلوه عليك يا محمد من الآيات والذكر الحكيم القاطع الفاصل الحق الذي لا يخالطه الباطل من الخبر عن عيسى وعما اختلفوا فيه من أمره فلا تقبلن خبرا غيره إن مثل عيسى عند الله G فاستمع كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك أي ما جاءك من الخبر عن عيسى فلا تكن من الممترين أي قد جاءك الحق من ربك فلا تمترين فيه وإن قالوا خلق عيسى من غير ذكر فقد خلقت آدم من تراب بتلك القدرة من غير أنثى ولا ذكر فكان كما كان عيسى لحما ودما وشعرا وبشرا فليس خلق عيسى من غير ذكر بأعجب من هذا فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم أي من بعد ما قصصت عليك من خبره وكيف كان أمره فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين .
قال ابن إسحاق إن هذا الذي جئت به من الخبر عن عيسى لهو القصص الحق من أمره وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم وأمر بما أمر به من ملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه دعاهم إلى ذلك فقالوا له يا أبا القاسم دعنا ننظر في أمرنا ثم نأتيك بما نريد أن نفعل فيما دعوتنا إليه فانصرفوا عنه ثم خلوا بالعاقب وكان ذا رأيهم فقالوا يا عبد المسيح ماذا ترى فقال والله يا معشر النصارى لقد عرفتم أن محمدا لنبي مرسل ولقد جاءكم بالفصل من خبر صاحبكم ولقد علمتم ما لاعن قوم نبيا قط فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم وإنه للاستئصال منكم إن فعلتم فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم فأتوا رسول الله صلى الله § عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم قد رأينا ألا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونرجع على ديننا ولكن ابعث معنا رجلا من أصحابك ترضاه لنا يحكم بيننا في أشياء اختلفنا فيها من أموالنا فإنكم عندنا رضا قال محمد بن جعفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني العشية أبعث معكم القوي الأمين قال فكان عمر بن الخطاب يقول ما أحببت الإمارة قط حبي إياها يومئذ رجاء أن أكون صاحبها فرحت إلى الظهر مهجرا فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر سلم ثم نظر عن يمينه وعن يساره فجعلت أتطاول له ليراني فلم يزل يلتمس ببصره حتى رأى أبا عبيدة ابن الجراح فدعاه فقال اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه قال عمر فذهب بها أبو عبيدة.
نبذ من ذكر المنافقين *
قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وسيد أهلها عبد الله بن أبي ابن سلول العوفي ثم أحد بني الحبلى لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان لم تجتمع الأوس والخزرج قبله ولا بعده على رجل من أحد الفريقين حتى جاء الإسلام غيره ومعه في الأوس رجل هو في قومه من الأوس شريف مطاع أبو عامر عبد عمرو بن صيفي بن النعمان أحد بني ضبيعة بن زيد وهو أبو حنظلة الغسيل يوم أحد وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح وكان يقال له الراهب فشقيا بشرفهما وضرهما فأما عبد الله بن أبي فكان قومه قد نظموا له الخرز ليتوجوه ثم يملكوه § عليهم فجاءهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك فلما انصرف قومه عنه إلى الإسلام ضغن ورأى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استلبه ملكا فلما رأى قومه قد أبوا إلا الإسلام دخل فيه كارها مصرا على نفاق وضغن وأما أبو عامر فأبى إلا الكفر والفراق لقومه حين اجتمعوا على الإسلام فخرج منهم إلى مكة ببضعة عشر رجلا مفارقا للإسلام ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني محمد بن أبي أمامة عن بعض آل حنظلة بن أبي عامر لا تقولوا الراهب ولكن قولوا الفاسق.
ما نال ابن صيفي جزاء تعريضه بالرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني جعفر بن عبد الله بن أبي الحكم وكان قد أدرك وسمع وكان راوية أن أبا عامر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة قبل أن يخرج إلى مكة فقال ما هذا الدين الذي جئت به فقال جئت بالحنيفية دين إبراهيم قال فأنا عليها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست عليها قال بلى قال إنك أدخلت يا محمد في الحنيفية ما ليس منها قال ما فعلت ولكني جئت بها بيضاء نقية قال الكاذب أماته الله طريدا غريبا وحيدا يعرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أي أنك جئت بها § كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فمن كذب ففعل الله تعالى ذلك به فكان هو ذلك عدو الله خرج إلى مكة فلما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة خرج إلى الطائف فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام فمات بها طريدا غريبا وحيدا وكان قد خرج معه علقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب وكنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير الثقفي فلما مات اختصما في ميراثه إلى قيصر صاحب الروم فقال قيصر يرث أهل المدر أهل المدر ويرث أهل الوبر أهل الوبر فورثه كنانة بن عبد ياليل بالمدر دون علقمة فقال كعب بن مالك لأبي عامر فيما صنع معاذ الله من عمل خبيث كسعيك في العشيرة عبد عمرو فإما قلت لي شرف ونخل فقد ما بعت إيمانا بكفر.
قال ابن إسحاق وأما عبد الله بن أبي فأقام على شرفه في قومه مترددا حتى غلبه الإسلام فدخل فيه كارها.
خروج قوم ابن أبي عليه وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد بن حارثة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن عبادة يعوده من شكو أصابه على § حمار عليه إكاف فوقه قطيفة فدكية مختطمة بحبل من ليف وأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه قال فمر بعبد الله بن أبي وهو في ظل مزاحم أطمه.
قال ابن إسحاق وحوله رجال من قومه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم تذمم من أن يجاوزه حتى ينزل فنزل فسلم ثم جلس قليلا فتلا القرآن ودعا إلى الله عز وجل وذكر بالله وحذر وبشر وأنذر قال وهو زام لا يتكلم حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته قال يا هذا إنه لا أحسن من حديثك هذا إن كان حقا فاجلس في بيتك فمن جاءك له فحدثه إياه و من لم يأتك فلا تغته به ولا تأته في مجلسه بما يكره منه قال فقال عبد الله بن رواحة في رجال كانوا عنده من المسلمين بلى فاغشنا به وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا فهو والله مما نحب ومما أكرمنا الله به وهدانا له فقال عبد الله بن أبي حين رأى من خلاف قومه ما رأى متى ما يكن مولاك خصمك لا تزل تذل ويصرعك الذين تصارع وهل ينهض البازي بغير جناحه وإن جذ يوما ريشه فهو واقع.
غضب الرسول صلى الله عليه وسلم من كلام ابن أبي *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة قال وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على سعد بن عبادة وفي وجهه ما قال عدو الله ابن أبي فقال والله يا رسول الله إني لأرى في وجهك شيئا لكأنك سمعت شيئا تكرهه قال أجل ثم أخبره بما قال ابن أبي فقال سعد يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه فو الله إنه ليرى أن قد سلبته ملكا.
ذكر من اعتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني هشام بن عروة وعمر بن عبد الله بن عروة عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدمها وهي أوبأ أرض الله من الحمى فأصاب أصحابه منها بلاء وسقم فصرف الله تعالى ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم قالت فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبي بكر مع أبي بكر في بيت واحد فأصابتهم الحمى فدخلت عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب وبهم ما لا يعلمه إلا الله من شدة الوعك فدنوت من أبي بكر فقلت له كيف تجدك يا أبت فقال كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله § قالت فقلت والله ما يدري أبي ما يقول قالت ثم دنوت إلى عامر بن فهيرة فقلت له كيف تجدك يا عامر فقال لقد وجدت الموت قبل ذوقه إن الجبان حتفه من فوقه كل امرئ مجاهد بطوقه كالثور يحمي جلده بروقه.
قالت فقلت والله ما يدري عامر ما يقول قالت وكان بلال إذا تركته الحمى اضطجع بفناء البيت ثم رفع عقيرته فقال ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بفخ وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة وهل يبدون لي شامة وطفيل.
دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بنقل وباء المدينة إلى مهيعة *
قالت عائشة رضي الله عنها فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعت منهم فقلت إنهم ليهذون وما يعقلون من شدة الحمى قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة أو أشد وبارك لنا في مدها وصاعها وانقل وباءها إلى مهيعة ومهيعة الجحفة.
ما جهد المسلمين من الوباء *
قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة هو وأصحابه أصابتهم حمى المدينة حتى جهدوا مرضا وصرف الله تعالى ذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم حتى كانوا ما يصلون إلا وهم قعود قال فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يصلون كذلك فقال لهم اعلموا أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم قال فتجشم المسلمون القيام على ما بهم من الضعف والسقم التماس الفضل.
تاريخ الهجرة
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تهيأ لحربه قام فيما أمره الله به من جهاد عدوه وقتال من أمره الله به ممن يليه من المشركين مشركي العرب وذلك بعد أن بعثه الله تعالى بثلاث عشرة سنة بالإسناد المتقدم عن @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل.
قال ابن إسحاق ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ابن ثلاث وخمسين سنة وذلك بعد أن بعثه الله عز وجل بثلاث عشرة سنة فأقام بها بقية شهر ربيع الأول وشهر ربيع الآخر وجماديين ورجبا وشعبان وشهر رمضان وشوالا وذا القعدة وذا الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم ثم خرج غازيا في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة.
غزوة ودان وهي أول غزواته عليه الصلاة والسلام *
قال ابن إسحاق حتى بلغ ودان وهي غزوة الأبواء يريد قريشا وبني ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة فوادعته فيها بنو ضمرة وكان الذي وادعه منهم عليهم مخشي بن عمرو الضمري وكان سيدهم في زمانه ذلك ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا فأقام بها بقية صفر وصدرا من شهر ربيع الأول.
سرية عبيدة بن الحارث وهي أول راية عقدها عليه الصلاة والسلام *
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامه ذلك بالمدينة عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف بن قصي في ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد فسار حتى بلغ ماء بالحجاز بأسفل ثنية المرة فلقي بها جمعا عظيما من قريش فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رمي يومئذ بسهم فكان أول سهم رمي به في الإسلام § ثم انصرف القوم عن القوم وللمسلمين حامية وفر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو البهراني حليف بني زهرة وعتبة بن غزوان ابن جابر المازني حليف بني نوفل بن عبد مناف وكانا مسلمين ولكنهما خرجا ليتوصلا بالكفار وكان على القوم عكرمة بن أبي جهل.
شعر أبي بكر فيها *
أمن طيف سلمى بالبطاح الدمائث %~% أرقت وأمر في العشيرة حادث ترى من لؤي فرقة لا يصدها عن الكفر تذكير ولا بعث باعث رسول أتاهم صادق فتكذبوا عليه وقالوا لست فينا بماكث إذا ما دعوناهم إلى الحق أدبروا وهروا هرير المجحرات اللواهث فكم قد متتنا فيهم بقرابة وترك التقى شيء لهم غير كارث § فإن يرجعوا عن كفرهم وعقوقهم فما طيبات الحل مثل الخبائث وإن يركبوا طغيانهم وضلالهم فليس عذاب الله عنهم بلابث ونحن أناس من ذؤابة غالب لنا العز منها في الفروع الأثائث فأولي برب الراقصات عشية حراجيج تحدى في السريح الرثائث كأدم ظباء حول مكة عكف يردن حياض البئر ذات النبائث لئن لم يفيقوا عاجلا من ضلالهم ولست إذا آليت قولا بجانث لتبتدرنهم غارة ذات مصدق تحرم أطهار النساء الطوامث تغادر قتلى تعصب الطير حولهم ولا ترأف الكفار رأف ابن حارث فأبلغ بني سهم لديك رسالة وكل كفور يبتغي الشر باحث فإن تشعثوا عرضي على سوء رأيكم فإني من أعراضكم غير شاعث فأجابه عبد الله بن الزبعرى السهمي فقال أمن رسم دار أقفرت بالعثاعث بكيت بعين دمعها غير لابث ومن عجب الأيام والدهر كله له عجب من سابقات وحادث § لجيش أتانا ذي عرام يقوده عبيدة يدعى في الهياج ابن حارث لنترك أصناما بمكة عكفا مواريث موروث كريم لوارث فلما لقيناهم بسمر ردينة وجرد عتاق في العجاج لواهث وبيض كأن الملح فوق متونها بأيدي كماة كالليوث العوائث نقيم بها إصعار من كان مائلا ونشفي الذحول عاجلا غير لابث فكفوا على خوف شديد وهيبة وأعجبهم أمر لهم أمر رائث ولو أنهم لم يفعلوا ناح نسوة أيامى لهم من بين نسأ وطامث وقد غودرت قتلى يخبر عنهم حفي بهم أو غافل غير باحث فأبلغ أبا بكر لديك رسالة فما أنت عن أعراض فهر بماكث ولما تجب مني يمين غليظة تجدد حربا حلفة غير حانث.
شعر ابن أبي وقاص في رميته *
قال ابن إسحاق وقال سعد بن أبي وقاص في رميته تلك فيما يذكرون ألا هل أتى رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي أذود بها أوائلهم ذيادا بكل حزونة وبكل سهل § فما يعتد رام في عدو بسهم يا رسول الله قبلي وذلك أن دينك دين صدق وذو حق أتيت به وعدل ينجى المؤمنون به ويجزى به الكفار عند مقام مهل فمهلا قد غويت فلا تعبني غوي الحي ويحك يا بن جهل.
سرية حمزة إلى سيف البحر
قال ابن إسحاق فكانت راية عبيدة بن الحارث فيما بلغني أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام لأحد من المسلمين وبعض العلماء يزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه حين أقبل من غزوة الأبواء قبل أن يصل إلى المدينة وبعث في مقامه ذلك حمزة بن عبد المطلب بن هاشم إلى سيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاث مائة راكب من أهل مكة فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني وكان موادعا للفريقين جميعا فانصرف بعض القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال وبعض الناس يقول كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين وذلك أن بعثه وبعث عبيدة كانا معا فشبه § ذلك على الناس وقد زعموا أن حمزة قد قال في ذلك شعرا يذكر فيه أن رايته أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان حمزة قد قال ذلك فقد صدق إن شاء الله لم يكن يقول إلا حقا فالله أعلم أي ذلك كان فأما ما سمعنا من أهل العلم عندنا فعبيدة بن الحارث أول من عقد له فقال حمزة في ذلك فيما يزعمون.
ألا يا لقومي للتحلم والجهل %~% وللنقص من رأي الرجال وللعقل وللراكبينا بالمظالم لم نطأ لهم حرمات من سوام ولا أهل كأنا تبلناهم ولا تبل عندنا لهم غير أمر بالعفاف وبالعدل وأمر بإسلام فلا يقبلونه وينزل منهم مثل منزلة الهزل فما برحوا حتى انتدبت لغارة لهم حيث حلوا ابتغى راحة الفضل بأمر رسول الله أول خافق عليه لواء لم يكن لاح من قبلي لواء لديه النصر من ذي كرامة إله عزيز فعله أفضل الفعل عشية ساروا حاشدين وكلنا مراجله من غيظ أصحابه تغلي فلما تراءينا أناخوا فعقلوا مطايا وعقلنا مدى غرض النبل فقلنا لهم حبل الإله نصيرنا وما لكم إلا الضلالة من حبل فثار أبو جهل هنالك باغيا فخاب ورد الله كيد أبي جهل وما نحن إلا في ثلاثين راكبا وهم مائتان بعد واحدة فضل § فيا للؤى لا تطيعوا غواتكم وفيئوا إلى الإسلام والمنهج السهل فإني أخاف أن يصب عليكم عذاب فتدعوا بالندامة والثكل فأجابه أبو جهل بن هشام فقال عجبت لأسباب الحفيظة والجهل وللشاغبين بالخلاف وبالبطل وللتاركين ما وجدنا جدودنا عليه ذوي الأحساب والسؤدد الجزل أتونا بإفك كي يضلوا عقولنا وليس مضلا إفكهم عقل ذي عقل فقلنا لهم يا قومنا لا تخالفوا على قومكم إن الخلاف مدى الجهل فإنكم إن تفعلوا تدع نسوة لهن بواك بالرزية والثكل وإن ترجعوا عما فعلتم فإننا بنو عمكم أهل الحفائظ والفضل فقالوا لنا إنا وجدنا محمدا رضا لذوي الأحلام منا وذي العقل فلما أبوا إلا الخلاف وزينوا جماع الأمور بالقبيح من الفعل تيممتهم بالساحلين بغارة لأتركهم كالعصف ليس بذي أصل فورعنى مجدي عنهم وصحبتي وقد وازروني بالسيوف وبالنبل لإل علينا واجب لا نضيعه أمين قواه غير منتكث الحبل فلولا ابن عمرو كنت غادرت منهم ملاحم للطير العكوف بلا تبل § ولكنه آلى بإل فقلصت بأيماننا حد السيوف عن القتل فإن تبقني الأيام أرجع عليهم ببيض رقاق الحد محدثة الصقل بأيدي حماة من لؤي بن غالب كرام المساعي في الجدوبة والمحل
غزوة بواط *
قال ابن إسحاق ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول يريد قريشا.
العودة إلى المدينة *
قال ابن إسحاق حتى بلغ بواط من ناحية رضوى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى.
غزوة العشيرة *
الطريق إلى العشيرة *
قال ابن إسحاق فسلك على نقب بني دينار ثم على فيفاء الخبار فنزل تحت شجرة ببطحاء ابن أزهر يقال لها ذات الساق فصلى عندها فثم § مسجده صلى الله عليه وسلم وصنع له عندها طعام فأكل منه وأكل الناس معه فموضع أثافي البرمة معلوم هنالك واستقي له من ماء به يقال له المشترب ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك الخلائق بيسار وسلك شعبة يقال لها شعبة عبد الله وذلك اسمها اليوم ثم صب لليسار حتى هبط يليل فنزل بمجتمعه ومجتمع الضبوعة واستقى من بئر بالضبوعة ثم سلك الفرش فرش ملل حتى لقي الطريق بصحيرات اليمام ثم اعتدل به الطريق حتى نزل العشيرة من بطن ينبع فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضمرة ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا وفي تلك الغزوة قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام ما قال.
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن محمد بن خيثم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خيثم أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا أناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم وفي نخل فقال لي علي بن أبي طالب يا أبا اليقظان هل لك في أن تأتي هؤلاء القوم فننظر كيف يعملون قال قلت إن شئت قال فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في صور من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا إلا رسول الله § صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب ما لك يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب ثم قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين قلنا بلى يا رسول الله قال أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك يا علي على هذه ووضع يده على قرنه حتى يبل منها هذه وأخذ بلحيته.
قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى عليا أبا تراب أنه كان إذا عتب على فاطمة في شيء لم يكلمها ولم يقل لها شيئا تكرهه إلا أنه يأخذ ترابا فيضعه على رأسه قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى عليه التراب عرف أنه عاتب على فاطمة فيقول ما لك يا أبا تراب فالله أعلم أي ذلك كان.
سرية سعد بن أبي وقاص *
قال ابن إسحاق وقد كان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين ذلك من غزوة سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز ثم رجع ولم يلق كيدا.
غزوة صفوان وهي غزوة بدر الأولى *
قال ابن إسحاق ولم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين قدم من غزوة العشيرة إلا ليالي قلائل لا تبلغ العشر حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه.
فوات كرز والرجوع من غير حرب *
قال ابن إسحاق حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وفاته كرز بن جابر فلم يدركه وهي غزوة بدر الأولى ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام بها بقية جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدا وكان أصحاب عبد الله بن جحش من المهاجرين ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومن حلفائهم عبد الله ابن جحش وهو أمير القوم وعكاشة بن محصن بن حرثان أحد بني أسد § ابن خزيمة حليف لهم ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر حليف لهم ومن بني زهرة بن كلاب سعد بن أبي وقاص ومن بني عدي بن كعب عامر بن ربيعة حليف لهم من عنز بن وائل وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع أحد بني تميم حليف لهم وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف لهم ومن بني الحارث بن فهر سهيل بن بيضاء فلما سار عبد الله بن جحش يومين فتح الكتاب فنظر فيه فإذا فيه إذا نظرت في كتابي هذا فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لنا من أخبارهم فلما نظر عبد الله بن جحش في الكتاب قال سمعا وطاعة ثم قال لأصحابه قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمضي إلى نخلة أرصد بها قريشا حتى آتيه منهم بخبر وقد نهاني أن أستكره أحدا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق ومن كره ذلك فليرجع فأما أنا فماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف عنه منهم أحد وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يعتقبانه فتخلفا عليه في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل بنخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبا وأدما وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو ابن الحضرمي.
قال ابن إسحاق وعثمان بن عبد الله بن المغيرة وأخوه نوفل بن عبد الله المخزوميان والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقال القوم والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم ابن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما غنمتا الخمس وذلك قبل أن يفرض الله تعالى الخمس من المغانم فعزل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خمس العير وقسم سائرها بين أصحابه.
نكران الرسول صلى الله عليه وسلم على ابن جحش قتاله في الشهر الحرام *
قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط في أيدي القوم § وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان وقالت يهود تفاءل بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله عمرو عمرت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وواقد بن عبد الله وقدت الحرب فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم والفتنة أكبر من القتل أي قد كانوا يفتنون المسلم في دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا أي ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله تعالى عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين وبعثت إليه قريش في فداء عثمان بن عبد الله والحكم ابن كيسان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفديكموها حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم § فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرا فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين فأنزل الله عز وجل فيهم إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم فوضعهم الله عز وجل من ذلك على أعظم الرجاء والحديث في هذا عن الزهري ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير.
قال ابن إسحاق وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن الله عز وجل قسم الفيء حين أحله فجعل أربعة أخماس لمن أفاءه الله وخمسا إلى الله ورسوله فوقع على ما كان عبد الله بن جحش صنع في تلك العير.
شعر في هذه السرية ينسب إلى أبي بكر وإلى ابن جحش *
قال ابن إسحاق فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في غزوة عبد الله بن جحش ويقال بل عبد الله بن جحش قالها حين قالت قريش قد أحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه المال وأسروا فيه الرجال.
تعدون قتلا في الحرام عظيمة %~% وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودكم عما يقول محمد وكفر به والله راء وشاهد وإخراجكم من مسجد الله أهله لئلا يرى لله في البيت ساجد فإنا وإن عيرتمونا بقتله وأرجف بالإسلام باغ وحاسد § سقينا من ابن الحضرمي رماحنا بنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان بيننا ينازعه غل من القد عاند.
صرف القبلة إلى الكعبة *
قال ابن إسحاق ويقال صرفت القبلة في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
غزوة بدر الكبرى *
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع بأبي سفيان بن حرب مقبلا من الشأم في عير لقريش عظيمة فيها أموال لقريش وتجارة من تجاراتهم وفيها ثلاثون رجلا من قريش أو أربعون منهم مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة وعمرو بن العاص بن وائل بن هشام.
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن مسلم الزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن ابن عباس كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر قالوا لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان § مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم وقال هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقى خربا وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار ويسأل من لقي من الركبان تخوفا على أمر الناس حتى أصاب خبرا من بعض الركبان أن محمدا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة وأمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم إلى أموالهم ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه فخرج ضمضم بن عمرو سريعا إلى مكة.
ذكر رؤيا عاتكة بنت عبد المطلب *
قال ابن إسحاق فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس ويزيد ابن رومان عن عروة بن الزبير قالا وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم مكة بثلاث ليال رؤيا أفزعتها فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة فاكتم عني ما أحدثك به فقال لها وما رأيت قالت رأيت راكبا أقبل على بعير له حتى وقف بالأبطح ثم صرخ بأعلى صوته ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث فأرى الناس اجتمعوا إليه § ثم دخل المسجد والناس يتبعونه فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة ثم صرخ بمثلها ألا انفروا يا لغدر لمصارعكم في ثلاث ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس فصرخ بمثلها ثم أخذ صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دار إلا دخلتها منها فلقة قال العباس والله إن هذه لرؤيا وأنت فاكتميها ولا تذكريها لأحد ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة وكان له صديقا فذكرها له واستكتمه إياها فذكرها الوليد لأبيه عتبة ففشا الحديث بمكة حتى تحدثت به قريش في أنديتها قال العباس فغدوت لأطوف بالبيت وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة فلما رآني أبو جهل قال يا أبا الفضل إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم فقال لي أبو جهل يا بني عبد المطلب متى حدثت فيكم هذه النبية قال قلت وما ذاك قال تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال فقلت وما رأت قال يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال انفروا في ثلاث فسنتربص بكم هذه الثلاث فإن يك حقا ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب § عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال العباس فو الله ما كان مني إليه كبير إلا أني جحدت ذلك وأنكرت أن تكون رأت شيئا قال ثم تفرقنا فلما أمسيت لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني فقالت أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم ثم قد تناول النساء وأنت تسمع ثم لم يكن عندك غير لشيء مما سمعت قال قلت قد والله فعلت ما كان مني إليه من كبير وايم الله لأتعرضن له فإن عاد لأكفينكه قال فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه قال فدخلت المسجد فرأيته فو الله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به وكان رجلا خفيفا حديد الوجه حديد اللسان حديد النظر قال إذ خرج نحو باب المسجد يشتد قال فقلت في نفسي ما له لعنه الله أكل هذا فرق مني أن أشاتمه قال وإذا هو قد سمع ما لم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيره قد جدع بعيره وحول رحله وشق قميصه وهو يقول يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها الغوث الغوث قال فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر فتجهز الناس سراعا وقالوا أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث مكانه رجلا وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد § إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب تخلف وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة وكان قد لاط له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه أفلس بها فاستأجره بها على أن يجزئ عنه بعثه فخرج عنه وتخلف أبو لهب.
عقبة يتهكم بأمية لقعوده فيخرج *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن أمية بن خلف كان أجمع القعود وكان شيخا جليلا جسيما ثقيلا فأتاه عقبة بن أبي معيط وهو جالس في المسجد بين ظهراني قومه بمجمرة يحملها فيها نار ومجمر حتى وضعها بين يديه ثم قال يا أبا علي استجمر فإنما أنت من النساء قال قبحك الله وقبح ما جئت به قال ثم تجهز فخرج مع الناس.
الحرب بين كنانة وقريش وتحاجزهم يوم بدر *
قال ابن إسحاق ولما فرغوا من جهازهم وأجمعوا المسير ذكروا ما كان بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فقالوا إنا نخشى أن يأتونا من خلفنا وكانت الحرب التي كانت بين قريش وبين بني بكر كما حدثني بعض بني عامر بن لؤي عن محمد بن سعيد بن المسيب في ابن لحفص بن الأخيف أحد بني معيص بن عامر بن لؤي خرج يبتغي ضالة له بضجنان وهو غلام حدث في رأسه ذؤابة وعليه حلة له وكان غلاما وضيئا نظيفا فمر بعامر بن يزيد بن عامر بن الملوح أحد بني يعمر بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة وهو بضجنان وهو سيد بني بكر يومئذ فرآه فأعجبه فقال من أنت يا غلام قال أنا ابن لحفص ابن الأخيف القرشي فلما ولى الغلام قال عامر بن زيد يا بني بكر ما لكم في قريش من دم قالوا بلى والله إن لنا فيهم لدماء قال ما كان رجل ليقتل هذا الغلام برجله إلا كان قد استوفى دمه قال فتبعه رجل من بني بكر فقتله § بدم كان له في قريش فتكلمت فيه قريش فقال عامر بن يزيد يا معشر قريش قد كانت لنا فيكم دماء فما شئتم إن شئتم فأدوا علينا ما لنا قبلكم ونؤدي ما لكم قبلنا وإن شئتم فإنما هي الدماء رجل برجل فتجافوا عما لكم قبلنا ونتجافى عما لنا قبلكم فهان ذلك الغلام على هذا الحي من قريش وقالوا صدق رجل برجل فلهوا عنه فلم يطلبوا به قال فبينما أخوه مكرز بن حفص بن الأخيف يسير بمر الظهران إذ نظر إلى عامر بن يزيد بن عامر بن الملوح على جمل له فلما رآه أقبل إليه حتى أناخ به وعامر متوشح سيفه فعلاه مكرز بسيفه حتى قتله ثم خاض بطنه بسيفه ثم أتى به مكة فعلقه من الليل بأستار الكعبة فلما أصبحت قريش رأوا سيف عامر بن يزيد بن عامر معلقا بأستار الكعبة فعرفوه فقالوا إن هذا لسيف عامر بن يزيد عدا عليه مكرز بن حفص فقتله فكان ذلك من أمرهم فبينما هم في ذلك من حربهم حجز الإسلام بين الناس فتشاغلوا به حتى أجمعت قريش المسير إلى بدر فذكروا الذي بينهم وبين بني بكر فخافوهم وقال مكرز بن حفص في قتله عامرا لما رأيت أنه هو عامر تذكرت أشلاء الحبيب الملحب وقلت لنفسي إنه هو عامر فلا ترهبيه وانظري أي مركب وأيقنت أني إن أجلله ضربة متى ما أصبه بالفرافر يعطب خفضت له جأشي وألقيت كلكلي على بطل شاكي السلاح مجرب ولم أك لما التف روعي وروعه عصارة هجن من نساء ولا أب § حللت به وتري ولم أنس ذحله إذا ما تناسى ذحله كل عيهب.
إبليس يغري قريشا بالخروج *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال لما أجمعت قريش المسير ذكرت الذي كان بينها وبين بني بكر فكاد ذلك يثنيهم فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه فخرجوا سراعا.
خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم *
واستعمل عمرو بن أم مكتوم ويقال اسمه عبد الله بن أم مكتوم أخا بني عامر بن لؤي على الصلاة بالناس ثم رد أبا لبابة من الروحاء واستعمله على المدينة.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال أبو لبابة بن عبد المنذر بن زنبر بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس كان خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر فرده وأمره على المدينة وضرب له بسهمه وأخرجه مع أهل بدر.
صاحب اللواء *
رايتا الرسول صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق وكان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان § إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها العقاب والأخرى مع بعض الأنصار.
عدد إبل المسلمين *
قال ابن إسحاق وكانت إبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ سبعين بعيرا فاعتقبوها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعتقبون بعيرا وكان حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وأبو كبشة وأنسة موليا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتقبون بعيرا وكان أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف يعتقبون بعيرا.
طريق المسلمين إلى بدر *
قال ابن إسحاق فسلك طريقه من المدينة إلى مكة على نقب المدينة ثم على العقيق ثم على ذي الحليفة ثم على أولات الجيش.
الرجل الذي اعترض الرسول وجواب سلمة له *
قال ابن إسحاق ثم مر على تربان ثم على ملل ثم غميس الحمام من مريين ثم على صخيرات اليمام ثم على السيالة ثم على فج الروحاء ثم على شنوكة وهي الطريق المعتدلة حتى إذا كان بعرق الظبية.
لقوا رجلا من الأعراب فسألوه عن الناس فلم يجدوا عنده خبرا فقال له الناس سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أوفيكم رسول الله قالوا نعم فسلم عليه ثم قال إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه قال له سلمة بن سلامة بن وقش لا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك نزوت عليها ففي بطنها منك سخلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مه أفحشت على الرجل ثم أعرض عن سلمة § ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم سجسج وهي بئر الروحاء ثم ارتحل منها حتى إذا كان بالمنصرف ترك طريق مكة بيسار وسلك ذات اليمين على النازية يريد بدرا فسلك في ناحية منها حتى جزع واديا يقال له رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم على المضيق ثم انصب منه حتى إذا كان قريبا من الصفراء بعث بسبس بن الجهني حليف بني ساعدة وعدي بن أبي الزغباء الجهني حليف بني النجار إلى بدر يتحسسان له الأخبار عن أبي سفيان بن حرب وغيره ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدمها فلما استقبل الصفراء وهي قريبة بين جبلين سأل عن جبليهما ما اسماهما فقالوا يقال لأحدهما هذا مسلح وللآخر هذا مخرئ وسأل عن أهلهما فقيل بنو النار وبنو حراق بطنان من بني غفار فكرههما رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرور بينهما وتفاءل بأسمائهما وأسماء أهلهما فتركهما رسول الله صلى الله عليه وسلم والصفراء بيسار وسلك ذات اليمين على واد يقال له ذفران فجزع فيه ثم نزل وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم فاستشار الناس وأخبرهم § عن قريش فقام أبو بكر الصديق فقال وأحسن ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن ثم قام المقداد بن عمرو فقال يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون 5 24 ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار وذلك أنهم عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال أجل قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال سيروا وأبشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذفران فسلك على ثنايا يقال لها § الأصافر ثم انحط منها إلى بلد يقال له الدبة وترك الحنان بيمين وهو كثيب عظيم كالجبل العظيم ثم نزل قريبا من بدر فركب هو ورجل من أصحابه.
قال ابن إسحاق كما حدثني محمد بن يحيى بن حبان حتى وقف على شيخ من العرب فسأله عن قريش وعن محمد وأصحابه وما بلغه عنهم فقال الشيخ لا أخبركما حتى تخبراني ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخبرتنا أخبرناك قال أذاك بذاك قال نعم قال الشيخ فإنه بلغني أن محمدا وأصحابه خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان صدق الذي أخبرني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغني أن قريشا خرجوا يوم كذا وكذا فإن كان الذي أخبرني صدقني فهم اليوم بمكان كذا وكذا للمكان الذي فيه قريش فلما فرغ من خبره قال ممن أنتما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن من ماء ثم انصرف عنه قال يقول الشيخ ما من ماء أمن ماء العراق.
ظفر المسلمين برجلين من قريش يقفانهم على أخبارهم *
قال ابن إسحاق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فلما أمسى بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر من أصحابه إلى ماء بدر يلتمسون الخبر له عليه كما حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير فأصابوا راوية لقريش فيها أسلم غلام بني الحجاج وعريض أبو يسار غلام بني العاص بن سعيد فأتوا بهما فسألوهما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فقالا نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان فضربوهما فلما أذلقوهما قالا نحن لأبي سفيان فتركوهما وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم § وسجد سجدتيه ثم سلم وقال إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش قالا هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترى بالعدوة القصوى والكثيب العقنقل فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كم القوم قالا كثير قال ما عدتهم قالا لا ندري قال كم ينحرون كل يوم قالا يوما تسعا ويوما عشرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القوم فيما بين التسع مائة والألف ثم قال لهما فمن فيهم من أشراف قريش قالا عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وأبو جهل بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وسهيل بن عمرو وعمرو بن عبد ود فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها.
بسبس وعدي يتجسسان الأخبار *
قال ابن إسحاق وكان بسبس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء قد مضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء ثم أخذا شنا لهما يستقيان فيه ومجدي بن عمرو الجهني على الماء فسمع عدي وبسبس جاريتين من جواري الحاضر وهما يتلازمان على الماء والملزومة تقول لصاحبتها إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم ثم أقضيك الذي لك قال مجدي صدقت ثم خلص بينهما وسمع ذلك عدي وبسبس فجلسا على بعيريهما ثم انطلقا حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه بما سمعا § وأقبل أبو سفيان بن حرب حتى تقدم العير حذرا حتى ورد الماء فقال لمجدي بن عمرو هل أحسست أحدا فقال ما رأيت أحدا أنكره إلا أني قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا في شن لهما ثم انطلقا فأتى أبو سفيان مناخهما فأخذ من أبعار بعيريهما ففته فإذا فيه النوى فقال هذه والله علائف يثرب فرجع إلى أصحابه سريعا فضرب وجه عيره عن الطريق فساحل بها وترك بدرا بيسار وانطلق حتى أسرع قال وأقبلت قريش فلما نزلوا الجحفة رأى جهيم بن الصلت ابن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف رؤيا فقال إني رأيت فيما يرى النائم وإني لبين النائم واليقظان إذ نظرت إلى رجل قد أقبل على فرس حتى وقف ومعه بعير له ثم قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وفلان وفلان فعدد رجالا ممن قتل يوم بدر من أشراف قريش ثم رأيته ضرب في لبة بعيره ثم أرسله في العسكر فما بقي خباء من أخبية العسكر إلا أصابه نضح من دمه قال فبلغت أبا جهل فقال وهذا أيضا نبي آخر من بني المطلب سيعلم غدا من المقتول إن نحن التقينا.
رسالة أبي سفيان إلى قريش *
قال ابن إسحاق ولما رأى أبو سفيان أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا فقال أبو جهل بن هشام والله لا نرجع حتى نرد بدرا وكان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم به سوق كل عام فنقيم عليه ثلاثا فننحر الجزر § ونطعم الطعام ونسقي الخمر وتعزف علينا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها فامضوا وقال الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي وكان حليفا لبني زهرة وهم بالجحفة يا بني زهرة قد نجى الله لكم أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فاجعلوا لي جبنها وارجعوا فإنه لا حاجة لكم بأن تخرجوا في غير ضيعة لا ما يقول هذا يعني أبا جهل فرجعوا فلم يشهدها زهري واحد أطاعوه وكان فيهم مطاعا ولم يكن بقي من قريش بطن إلا وقد نفر منهم ناس إلا بني عدي بن كعب لم يخرج منهم رجل واحد فرجعت بنو زهرة مع الأخنس بن شريق فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد ومشى القوم وكان بين طالب بن أبي طالب وكان في القوم وبين بعض قريش محاورة فقالوا والله لقد عرفنا يا بني هاشم وإن خرجتم معنا أن هواكم لمع محمد فرجع طالب إلى مكة مع من رجع وقال طالب ابن أبي طالب لا هم إما يغزون طالب في عصبة محالف محارب في مقنب من هذه المقانب فليكن المسلوب غير السالب وليكن المغلوب غير الغالب.
نزول قريش بالعدوة والمسلمين ببدر *
قال ابن إسحاق ومضت قريش حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي وهو يليل بين بدر وبين العقنقل § الكثيب الذي خلفه قريش والقلب ببدر في العدوة الدنيا من بطن يليل إلى المدينة وبعث الله السماء وكان الودي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منها ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم عن السير وأصاب قريشا منها ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يبادرهم إلى الماء حتى إذا جاء أدنى ماء من بدر نزل به.
مشورة الحباب على رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فحدثت عن رجال من بني سلمة أنهم ذكروا أن الحباب بن المنذر بن الجموح قال يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة قال بل هو الرأي والحرب والمكيدة فقال يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي فنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الناس فسار حتى إذا أتى أدنى ماء من القوم نزل عليه ثم أمر بالقلب فغورت وبنى حوضا على القليب الذي نزل عليه فملئ ماء ثم قذفوا فيه الآنية.
بناء العريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن سعد بن معاذ قال يا نبي الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا وإن § كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش فكان فيه.
ارتحال قريش *
قال ابن إسحاق وقد ارتحلت قريش حين أصبحت فأقبلت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم تصوب من العقنقل وهو الكثيب الذي جاءوا منه إلى الوادي قال اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا وقد كان خفاف بن أيماء بن رحضة الغفاري أو أبوه أيماء بن رحضة الغفاري بعث إلى قريش حين مروا به ابنا له بجزائره أهداها لهم وقال إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا قال فأرسلوا إليه مع ابنه أن وصلتك رحم قد قضيت الذي عليك فلعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم ولئن كنا إنما نقاتل الله كما يزعم محمد فما لأحد بالله من طاقة § فلما نزل الناس أقبل نفر من قريش حتى وردوا حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم حكيم بن حزام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوهم فما شرب منه رجل يومئذ إلا قتل إلا ما كان من حكيم بن حزام فإنه لم يقتل ثم أسلم بعد ذلك فحسن إسلامه فكان إذا اجتهد في يمينه قال لا والذي نجاني من يوم بدر.
تشاور قريش في الرجوع عن القتال *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار وغيره من أهل العلم عن أشياخ من الأنصار قالوا لما اطمأن القوم بعثوا عمير بن وهب الجمحي فقالوا احزروا لنا أصحاب محمد قال فاستجال بفرسه حول العسكر ثم رجع إليهم فقال ثلاث مائة رجل يزيدون قليلا أو ينقصون ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد قال فضرب في الوادي حتى أبعد فلم ير شيئا فرجع إليهم فقال ما وجدت شيئا ولكني قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلا منكم فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذلك فروا رأيكم فلما سمع حكيم بن حزام ذلك مشى في الناس فأتى عتبة بن ربيعة فقال يا أبا الوليد إنك كبير قريش وسيدها والمطاع فيها هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر قال وما ذاك يا حكيم قال ترجع بالناس وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي قال قد فعلت أنت علي بذلك إنما هو حليفي فعلي عقله وما أصيب من ماله فأت ابن الحنظلية.
فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره يعني أبا جهل بن هشام ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا فقال يا معشر قريش إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمدا وأصحابه شيئا والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلا من عشيرته فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب فإن أصابوه فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون قال حكيم فانطلقت حتى جئت أبا جهل فوجدته قد نثل درعا له من جرابها فهو يهنئها.
فقلت له يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا للذي قال فقال انتفخ والله سحره حين رأى محمدا وأصحابه كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد وما بعتبة ما قال ولكنه قد رأى أن محمدا وأصحابه أكلة جزور وفيهم ابنه فقد تخوفكم عليه ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي فقال هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس وقد رأيت ثأرك بعينك فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ وا عمراه وا عمراه فحميت الحرب وحقب الناس واستوسقوا على ما هم عليه من الشر وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة § فلما بلغ عتبة قول أبي جهل انتفخ والله سحره قال سيعلم مصفر استه من انتفخ سحره أنا أم هو.
مقتل الأسود المخزومي *
قال ابن إسحاق وقد خرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان رجلا شرسا سيئ الخلق فقال أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه فلما خرج خرج إليه حمزة بن عبد المطلب فلما التقيا ضربه حمزة فأطن قدمه بنصف ساقه وهو دون الحوض فوقع على ظهره تشخب رجله دما نحو أصحابه ثم حبا إلى الحوض حتى اقتحم فيه يريد § زعم أن يبر يمينه وأتبعه حمزة فضربه حتى قتله في الحوض قال ثم خرج بعده عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة وهم عوف ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء ورجل آخر يقال هو عبد الله بن رواحة فقالوا من أنتم فقالوا رهط من الأنصار قالوا ما لنا بكم من حاجة ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا عن قومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة بن الحارث وقم يا حمزة وقم يا علي فلما قاموا ودنوا منهم قالوا من أنتم قال عبيدة عبيدة وقال حمزة حمزة وقال علي علي قالوا نعم أكفاء كرام فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة بن ربيعة وبارز حمزة شيبة بن ربيعة وبارز علي الوليد بن عتبة فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه واحتملا صاحبهما فحازاه إلى أصحابه.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عتبة بن ربيعة قال للفتية ممن الأنصار حين انتسبوا أكفاء كرام إنما نريد قومنا.
التقاء الفريقين *
قال ابن إسحاق ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يحملوا حتى يأمرهم وقال إن اكتنفكم القوم § فانضحوهم عنكم بالنبل ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش معه أبو بكر الصديق فكانت وقعة بدر يوم الجمعة صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان.
ابن غزية وضرب الرسول له في بطنه بالقدح *
قال ابن إسحاق وحدثني حبان بن واسع بن حبان عن أشياخ من قومه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني عدي بن النجار.
فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل قال فأقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه وقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد قال يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقاله له.
مناشدة الرسول ربه النصر *
قال ابن إسحاق ثم عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفوف ورجع إلى § العريش فدخله ومعه فيه أبو بكر الصديق ليس معه فيه غيره ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر ويقول فيما يقول اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد وأبو بكر يقول يا نبي الله بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك وقد خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع.
مقتل مهجع وابن سراقة *
قال ابن إسحاق وقد رمي مهجع مولى عمر بن الخطاب بسهم فقتل فكان أول قتيل من المسلمين ثم رمي حارثة بن سراقة أحد بني عدي بن النجار وهو يشرب من الحوض بسهم فأصاب نحره فقتل قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم وقال والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عوف بن الحارث وهو ابن عفراء قال يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده قال غمسه § يده في العدو حاسرا فنزع درعا كانت عليه فقذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.
استفتاح أبي جهل بالدعاء *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة أنه حدثه أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قال أبو جهل بن هشام اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة فكان هو المستفتح.
رمي الرسول للمشركين بالحصباء *
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل قريشا بها ثم قال شاهت الوجوه ثم نفحهم بها وأمر أصحابه فقال شدوا فكانت الهزيمة فقتل الله تعالى من قتل من صناديد قريش وأسر من أسر من أشرافهم فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافون عليه كرة العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكر لي في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من استبقاء الرجال.
نهي النبي أصحابه عن قتل ناس من المشركين *
قال ابن إسحاق وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله § عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومئذ إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث ابن أسد فلا يقتله ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها قال فقال أبو حذيفة أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا ونترك العباس والله لئن لقيته لألحمنه السيف.
قال فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص قال عمر والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص أيضرب وجه عم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال عمر يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف فو الله لقد نافق فكان أبو حذيفة يقول ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة فقتل يوم اليمامة شهيدا.
قال ابن إسحاق وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أبي البختري لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وكان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه وكان ممن قام في نقض الصحيفة التي كتبت قريش على بني هاشم وبني المطلب فلقيه المجذر بن ذياد البلوي حليف الأنصار ثم من بني سالم بن عوف فقال المجذر لأبي البختري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن قتلك ومع أبي البختري زميل له قد خرج معه من مكة وهو جنادة بن مليحة بنت زهير بن الحارث بن أسد § وجنادة رجل من بني ليث واسم أبي البختري العاص قال وزميلي فقال له المجذر لا والله ما نحن بتاركي زميلك ما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بك وحدك فقال لا والله إذن لأموتن أنا وهو جميعا لا تتحدث عني نساء مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة فقال أبو البختري حين نازله المجذر وأبى إلا القتال يرتجز لن يسلم ابن حرة زميله حتى يموت أو يرى سبيله فاقتتلا فقتله المجذر بن ذياد وقال المجذر بن ذياد في قتله أبا البختري إما جهلت أو نسيت نسبي فأثبت النسبة أني من بلي الطاعنين برماح اليزني والضاربين الكبش حتى ينحني بشر بيتم من أبوه البختري أو بشرن بمثلها مني بني أنا الذي يقال أصلي من بلي أطعن بالصعدة حتى تنثني وأعبط القرن بعضب مشرفي أرزم للموت كإرزام المري. فلا ترى مجذرا يفري فري.
قال ابن إسحاق ثم إن المجذر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا أن يقاتلني فقاتلته فقتلته.
مقتل أمية بن خلف *
قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال ابن إسحاق وحدثنيه أيضا عبد الله بن أبي بكر وغيرهما عن عبد الرحمن بن عوف قال كان أمية بن خلف لي صديقا بمكة وكان اسمي عبد عمرو فتسميت حين أسلمت عبد الرحمن ونحن بمكة فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سماكه أبواك فأقول نعم فيقول فإني لا أعرف الرحمن فاجعل بيني وبينك شيئا أدعوك به أما أنت فلا تجيبني باسمك الأول وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف قال فكان إذا دعاني يا عبد عمرو لم أجبه قال فقلت له يا أبا علي اجعل ما شئت قال فأنت عبد الإله قال فقلت نعم قال فكنت إذا مررت به قال يا عبد الإله فأجيبه فأتحدث معه حتى إذا كان يوم بدر مررت به وهو واقف مع ابنه علي بن أمية آخذ بيده ومعي أدراع قد استلبتها فأنا أحملها فلما رآني قال لي يا عبد عمرو فلم أجبه فقال يا عبد الإله فقلت نعم قال هل لك في فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك قال قلت نعم ها الله ذا قال فطرحت الأدراع من يدي وأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول ما رأيت كاليوم قط أما لكم حاجة في اللبن قال ثم خرجت أمشي بهما.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الواحد بن أبي عون عن سعد بن إبراهيم عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال قال لي أمية بن خلف وأنا بينه وبين ابنه آخذ بأيديهما يا عبد الإله من الرجل منكم المعلم بريشة نعامة في صدره قال قلت ذاك حمزة بن عبد المطلب قال ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل قال عبد الرحمن فو الله إني لأقودهما إذ رآه بلال معى وكان هو الذي يعذب بلالا بمكة على ترك الإسلام فيخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت فيضجعه على ظهره ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد فيقول بلال أحد أحد قال فلما رآه قال رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال قلت أي بلال أبأسيري قال لا نجوت إن نجا قال قلت أتسمع يا بن السوداء قال لا نجوت إن نجا قال ثم صرخ بأعلى صوته يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا قال فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة وأنا أذب عنه قال فأخلف رجل السيف فضرب رجل ابنه فوقع وصاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط قال فقلت انج بنفسك ولا نجاء بك فو الله ما أغني عنك شيئا قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما قال فكان عبد الرحمن يقول يرحم الله بلالا ذهبت أدراعي وفجعني بأسيري.
شهود الملائكة وقعة بدر *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن ابن عباس قال حدثني رجل من بني غفار قال أقبلت أنا وابن عم لي حتى أصعدنا في جبل يشرف بنا على بدر ونحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة فننتهب مع من ينتهب قال فبينا نحن في الجبل إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعت قائلا يقول أقدم حيزوم فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه وأما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وكان شهد بدرا قال بعد أن ذهب بصره لو كنت اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة لا أشك فيه ولا أتمارى.
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن رجال من بني مازن بن النجار عن أبي داود المازني وكان شهد بدرا قال إني لأتبع رجلا من المشركين يوم بدر لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن عباس قال كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيضا قد أرسلوها على ظهورهم ويوم حنين عمائم حمرا.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم عن ابن عباس قال ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من الأيام وكانوا يكونون فيما سواه من الأيام عددا ومددا لا يضربون.
مقتل أبي جهل *
قال ابن إسحاق وأقبل أبو جهل يومئذ يرتجز وهو يقاتل ويقول ما تنقم الحرب العوان مني بازل عامين حديث سنى لمثل هذا ولدتني أمي.
عود إلى مقتل أبي جهل *
قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه أمر بأبي جهل أن يلتمس في القتلى وكان أول من لقي أبا جهل كما حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر أيضا قد حدثني ذلك قالا قال معاذ ابن عمرو بن الجموح أخو بني سلمة سمعت القوم وأبو جهل في مثل الحرجة.
وهم يقولون أبو الحكم لا يخلص إليه قال فلما سمعتها جعلته من شأني فصمدت نحوه فلما أمكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه § بنصف ساقه فو الله ما شبهتها حين طاحت إلا بالنواة تطيح من تحت مرضخة النوى حين يضرب بها قال وضربني ابنه عكرمة على عاتقي فطرح يدي فتعلقت بجلدة من جنبي وأجهضني القتال عنه فلقد قاتلت عامة يومي وإني لأسحبها خلفي فلما آذتني وضعت عليها قدمي ثم تمطيت بها عليها حتى طرحتها.
قال ابن إسحاق ثم عاش بعد ذلك حتى كان زمان عثمان ثم مر بأبي جهل وهو عقير معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته فتركه وبه رمق وقاتل معوذ حتى قتل فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى وقد قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني انظروا إن خفي عليكم في القتلى إلى أثر جرح في ركبته فإني ازدحمت يوما أنا وهو على مأدبة لعبد الله بن جدعان ونحن غلامان وكنت أشف منه بيسير فدفعته فوقع على ركبتيه فجحش في إحداهما جحشا لم يزل أثره به قال عبد الله بن مسعود فوجدته بآخر رمق فعرفته فوضعت رجلي على عنقه قال وقد كان ضبث بي مرة بمكة فآذاني ولكزني ثم قلت له هل أخزاك الله يا عدو الله قال وبماذا أخزاني أعمد § من رجل قتلتموه أخبرني لمن الدائرة اليوم قال قلت لله ولرسوله
قال ابن إسحاق وزعم رجال من بني مخزوم أن ابن مسعود كان يقول قال لي لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم قال ثم احتززت رأسه ثم جئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا رأس عدو الله أبي جهل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آلله الذي لا إله غيره قال وكانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت نعم والله الذي لا إله غيره ثم ألقيت رأسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله.
قصة سيف عكاشة *
قال ابن إسحاق وقاتل عكاشة بن محصن بن حرثان الأسدي حليف بني عبد شمس بن عبد مناف يوم بدر بسيفه حتى انقطع في يده فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه جذلا من حطب فقال قاتل بهذا يا عكاشة فلما أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم هزه فعاد سيفا في يده طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة فقاتل به حتى فتح الله تعالى على المسلمين وكان ذلك السيف يسمى العون ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل في الردة وهو عنده قتله طليحة بن خويلد الأسدي فقال طليحة في ذلك فما ظنكم بالقوم إذ تقتلونهم أليسوا وإن لم يسلموا برجال فإن تك أذاود أصبن ونسوة فلن تذهبوا فرغا بقتل حبال نصبت لهم صدر الحمالة إنها معاودة قيل الكماة نزال فيوما تراها في الجلال مصونة ويوما تراها غير ذات جلال عشية غادرت ابن أقرم ثاويا وعكاشة الغنمي عند حجال.
قال ابن إسحاق وعكاشة بن محصن الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الجنة سبعون ألفا من أمتي على صورة القمر ليلة البدر قال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال إنك منهم أو اللهم اجعله منهم فقام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فقال سبقك بها عكاشة وبردت الدعوة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عن أهله منا خير فارس في العرب قالوا ومن هو يا رسول الله قال عكاشة بن محصن فقال ضرار بن الأزور الأسدي ذاك رجل منا يا رسول الله قال ليس منكم ولكنه منا للحلف.
طرح المشركين في القليب *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى أن يطرحوا في القليب طرحوا فيه إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأها فذهبوا ليحركوه فتزايل لحمه فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب § والحجارة فلما ألقاهم في القليب وقف عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا قالت فقال له أصحابه يا رسول الله أتكلم قوما موتى فقال لهم لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حقا قالت عائشة والناس يقولون لقد سمعوا ما قلت لهم وإنما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد علموا.
قال ابن إسحاق وحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل وهو يقول يا أهل القليب يا عتبة بن ربيعة ويا شيبة بن ربيعة ويا أمية بن خلف ويا أبا جهل بن هشام فعدد من كان منهم في القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا فقال المسلمون يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني.
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هذه المقالة يا أهل القليب بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس وأخرجتموني وآواني الناس وقاتلتموني ونصرني الناس ثم قال هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا للمقالة التي قال.
شعر حسان فيمن ألقوا في القليب *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت عرفت ديار زينب بالكثيب كخط الوحي في الورق القشيب § تداولها الرياح وكل جون من الوسمي منهمر سكوب فأمسى رسمها خلقا وأمست يبابا بعد ساكنها الحبيب فدع عنك التذكر كل يوم ورد حرارة الصدر الكئيب وخبر بالذي لا عيب فيه بصدق غير إخبار الكذوب بما صنع المليك غداة بدر لنا في المشركين من النصيب غداة كأن جمعهم حراء بدت أركانه جنح الغروب فلاقيناهم منا بجمع كأسد الغاب مردان وشيب أمام محمد قد وازروه على الأعداء في لفح الحروب بأيديهم صوارم مرهفات وكل مجرب خاظي الكعوب بنو الأوس الغطارف وازرتها بنو النجار في الدين الصليب فغادرنا أبا جهل صريعا وعتبة قد تركنا بالجبوب وشيبة قد تركنا في رجال ذوي حسب إذا نسبوا حسيب يناديهم رسول الله لما قذفناهم كباكب في القليب ألم تجدوا كلامي كان حقا وأمر الله يأخذ بالقلوب فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا صدقت وكنت ذا رأي مصيب.
قال ابن إسحاق ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوا في القليب أخذ عتبة بن ربيعة فسحب إلى القليب فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني في وجه أبي حذيفة بن عتبة فإذا هو كئيب قد تغير لونه فقال يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء أو كما قال صلى الله عليه وسلم فقال لا والله يا رسول الله ما شككت في أبي ولا في مصرعه § ولكنني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له خيرا وكان الفتية الذين قتلوا ببدر فنزل فيهم من القرآن فيما ذكر لنا إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا فتية مسمين من بني أسد بن عبد العزى بن قصي الحارث بن زمعة بن الأسود بن عبد المطلب ابن أسد ومن بني مخزوم أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بني جمح علي بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني سهم العاص بن منبه بن الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد ابن سهم وذلك أنهم كانوا أسلموا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حبسهم آباؤهم وعشائرهم بمكة وفتنوهم فافتتنوا ثم ساروا مع قومهم إلى بدر فأصيبوا به جميعا ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بما في العسكر مما جمع الناس فجمع فاختلف المسلمون فيه فقال من جمعه هو لنا وقال الذين كانوا يقاتلون العدو ويطلبونه والله لولا نحن ما أصبتموه لنحن شغلنا عنكم القوم حتى أصبتم ما أصبتم وقال الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن § أن يخالف إليه العدو والله ما أنتم بأحق به منا والله لقد رأينا أن نقتل العدو إذ منحنا الله تعالى أكتافه ولقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه ولكنا خفنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو فقمنا دونه فما أنتم بأحق به منا.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن الحارث وغيره من أصحابنا عن سليمان ابن موسى عن مكحول عن أبي أمامة الباهلي.
سألت عبادة بن الصامت عن الأنفال فقال فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسوله فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول على السواء.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال حدثني بعض بني ساعدة عن أبي أسيد الساعدي مالك بن ربيعة قال أصبت سيف بني عائذ المخزوميين الذي يسمى المرزبان يوم بدر فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يردوا ما في أيديهم من النفل أقبلت حتى ألقيته في النفل قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا سئله فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه.
بعث ابن رواحة وزيد بشيرين *
قال ابن إسحاق ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الفتح عبد الله ابن رواحة بشيرا إلى أهل العالية بما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى المسلمين وبعث زيد بن حارثة إلى أهل السافلة قال أسامة بن زيد فأتانا الخبر حين سوينا التراب على رقية ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت عند عثمان بن عفان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفني عليها مع § عثمان أن زيد بن حارثة قد قدم قال فجئته وهو واقف بالمصلى قد غشيه الناس وهو يقول قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل ابن هشام وزمعة بن الأسود وأبو البختري العاص بن هشام وأمية بن خلف ونبيه ومنبه ابنا الحجاج قال قلت يا أبت أحق هذا قال نعم والله يا بني ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا إلى المدينة ومعه الأسارى من المشركين وفيهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث واحتمل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه النفل الذي أصيب من المشركين وجعل على النفل عبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار فقال راجز من المسلمين.
أقم لها صدورها يا بسبس %~% ليس بذي الطلح لها معرس ولا بصحراء غمير محبس إن مطايا القوم لا تخيس فحملها على الطريق أكيس قد نصر الله وفر الأخنس ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا خرج من مضيق الصفراء نزل على كثيب بين المضيق وبين النازية يقال له سير إلى سرحة به فقسم هنالك النفل الذي أفاء الله على المسلمين من المشركين على السواء ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالروحاء لقيه المسلمون يهنئونه بما فتح الله عليه ومن معه من المسلمين فقال لهم سلمة بن سلامة كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان ما الذي تهنئوننا به فو الله إن لقينا § إلا عجائز صلعا كالبدن المعقلة فنحرناها فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أي ابن أخي أولئك الملأ.
مقتل النضر وعقبة *
قال ابن إسحاق حتى إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله علي بن أبي طالب كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة.
قال ابن إسحاق فقال عقبة حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فمن للصبية يا محمد قال النار فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري أخو بني عمرو بن عوف كما حدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر.
قال ابن إسحاق ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك الموضع أبو هند مولى فروة بن عمرو البياضي بحميت مملوء حيسا.
وكان قد تخلف عن بدر ثم شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو كان حجام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو أبو هند امرؤ من الأنصار فأنكحوه وأنكحوا إليه ففعلوا.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أسعد بن زرارة قال قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عند آل عفراء في مناحتهم على عوف ومعوذ ابني عفراء وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب قال تقول سودة والله إني لعندهم إذ أتينا فقيل هؤلاء الأسارى قد أتي بهم قالت فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل قالت فلا والله ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد كذلك أن قلت أي أبا يزيد أعطيتم بأيديكم ألا متم كراما فو الله ما أنبهني إلا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت يا سودة أعلى الله ورسوله تحرضين قالت قلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي حين رأيت أبا يزيد مجموعة يداه إلى عنقه أن قلت ما قلت.
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_NWUD@ نبيه بن وهب أخو بني عبد الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل بالأسارى فرقهم بين أصحابه وقال استوصوا بالأسارى خيرا قال وكان أبو عزيز بن عمير بن هاشم أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمه في الأسارى قال فقال أبو عزيز مر بي أخي مصعب بن عمير ورجل من الأنصار يأسرني فقال شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك قال وكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم خصوني بالخبز وأكلوا التمر لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بنا ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها قال فأستحيي فأردها على أحدهم فيردها علي ما يمسها.
بلوغ مصاب قريش إلى مكة *
قال ابن إسحاق وكان أول من قدم مكة بمصاب قريش الجيسمان بن عبد الله الخزاعي فقالوا ما وراءك قال قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف وزمعة بن الأسود ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وأبو البختري بن هشام فلما جعل يعدد أشراف قريش قال صفوان بن أمية وهو قاعد في الحجر والله إن يعقل هذا فاسألوه عني فقالوا و ما فعل صفوان بن أمية قال ها هو ذاك جالسا في الحجر وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا.
قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة مولى ابن عباس قال قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه وكان ذا مال كثير متفرق في قومه وكان أبو لهب قد تخلف عن بدر فبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة وكذلك كانوا صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءه الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا § قال وكنت رجلا ضعيفا وكنت أعمل الأقداح أنحتها في حجرة زمزم فو الله إني لجالس فيها أنحت أقداحي وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة فكان ظهره إلى ظهري فبينما هو جالس إذ قال الناس هذا أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب.
وأخبرني أبو أحمد التميمي ثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين ثنا عمرو بن زرارة قال أخبرنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة قال قال أبو رافع كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام دخلنا أهل البيت فأسلم العباس وأسلمت أم الفضل وأسلمت وكان العباس يهاب قومه ويكره خلافهم وكان يكتم إسلامه.
قد قدم قال فقال أبو لهب هلم إلي فعندك لعمري الخبر قال فجلس إليه والناس قيام عليه فقال يا بن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس قال والله ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا يقودوننا كيف شاءوا ويأسروننا كيف شاءوا وايم الله مع ذلك ما لمت الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض والله ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء قال أبو رافع فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت تلك والله الملائكة قال فرفع أبو لهب يده فضرب بها وجهي ضربة شديدة قال وثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني وكنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته به ضربة فلعت في رأسه شجة منكرة وقالت استضعفته أن غاب عنه سيده فقام موليا ذليلا فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتلته.
نواح قريش على قتلاهم *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال ناحت قريش على قتلاهم ثم قالوا لا تفعلوا فيبلغ محمدا § وأصحابه فيشتموا بكم ولا تبعثوا في أسراكم حتى تستأنوا بهم لا يأرب عليكم محمد وأصحابه في الفداء قال وكان الأسود بن المطلب قد أصيب له ثلاثة من ولده زمعة بن الأسود وعقيل بن الأسود والحارث بن زمعة وكان يحب أن يبكي على بنيه فبينما هو كذلك إذ سمع نائحة من الليل فقال لغلام له وقد ذهب بصره انظر هل أحل النحب هل بكت قريش على قتلاها لعلي أبكي على أبي حكيمة يعني زمعة فإن جوفي قد احترق قال فلما رجع إليه الغلام قال إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته قال فذاك حين يقول الأسود أتبكي أن يضل لها بعير ويمنعها من النوم السهود فلا تبكي على بكر ولكن على بدر تقاصرت الجدود على بدر سراة بني هصيص ومخزوم ورهط أبي الوليد وبكي إن بكيت على عقيل وبكي حارثا أسد الأسود وبكيهم ولا تسمي جميعا وما لأبي حكيمة من نديد ألا قد ساد بعدهم رجال ولولا يوم بدر لم يسودوا.
قال ابن إسحاق وكان في الأسارى أبو وداعة بن ضبيرة السهمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له بمكة ابنا كيسا تاجرا ذا مال وكأنكم به قد جاءكم في طلب فداء أبيه فلما قالت قريش لا تعجلوا بفداء أسرائكم § لا يأرب عليكم محمد وأصحابه قال المطلب بن أبي وداعة وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عني صدقتم لا تعجلوا وانسل من الليل فقدم المدينة فأخذ أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به قال ثم بعثت قريش في فداء الأسارى فقدم مكرز بن حفص ابن الأخيف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذي أسره مالك بن الدخشم أخو بني سالم بن عوف فقال أسرت سهيلا فلا أبتغي أسيرا به من جميع الأمم وخندف تعلم أن الفتى فتاها سهيل إذا يظلم ضربت بذي الشفر حتى انثنى وأكرهت نفسي على ذي العلم وكان سهيل رجلا أعلم من شفته السفلى.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن عمرو بن عطاء أخو بني عامر بن لؤي أن عمر بن الخطاب قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله دعني أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو ويدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا في موطن أبدا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أمثل به فيمثل الله بي وإن كنت نبيا.
قال ابن إسحاق وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر في هذا الحديث إنه عسى أن يقوم مقاما لا تذمه.
قال ابن إسحاق فلما قاولهم فيه مكرز وانتهى إلى رضاهم قالوا هات الذي § لنا قال اجعلوا رجلي مكان رجله وخلوا سبيله حتى يبعث إليكم بفدائه فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرزا مكانه عندهم فقال مكرز فديت بأذواد ثمان سبا فتى ينال الصميم غرمها لا المواليا رهنت يدي والمال أيسر من يدي علي ولكني خشيت المخازيا وقلت سهيل خيرنا فاذهبوا به لأبنائنا حتى ندير الأمانيا.
أسر عمرو بن أبي سفيان وإطلاقه *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر قال كان عمرو بن أبي سفيان بن حرب وكان لبنت عقبة بن أبي معيط.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر قال فقيل لأبي سفيان افد عمرا ابنك قال أيجمع علي دمي ومالي قتلوا حنظلة وأفدي عمرا دعوه في أيديهم يمسكوه ما بدا لهم قال فبينما هو كذلك محبوس بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خرج سعد بن النعمان بن أكال أخو بني عمرو بن عوف ثم أحد بني معاوية معتمرا ومعه مرية له وكان شيخا مسلما في غنم له بالنقيع فخرج من § هنالك معتمرا ولا يخشى الذي صنع به لم يظن أنه يحبس بمكة إنما جاء معتمرا وقد كان عهد قريشا لا يعرضون لأحد جاء حاجا أو معتمرا إلا بخير فعدا عليه أبو سفيان بن حرب بمكة فحبسه بابنه عمرو ثم قال أبو سفيان أرهط ابن أكال أجيبوا دعاءه تعاقدتم لا تسلموا السيد الكهلا فإن بني عمرو لئام أذلة لئن لم يفكوا عن أسيرهم الكبلا فأجابه حسان بن ثابت فقال لو كان سعد يوم مكة مطلقا لأكثر فيكم قبل أن يؤسر القتلا بعضب حسام أو بصفراء نبعة تحن إذا ما أنبضت تحفز النبلا ومشى بنو عمرو بن عوف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه خبره وسألوه أن يعطيهم عمرو بن أبي سفيان فيفكوا به صاحبهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثوا به إلى أبي سفيان فخلى سبيل سعد.
أسر أبي العاص بن الربيع *
قال ابن إسحاق وقد كان في الأسارى أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب.
سبب زواج أبي العاص من زينب *
قال ابن إسحاق وكان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة وكان لهالة بنت خويلد وكانت خديجة خالته فسألت خديجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخالفها وذلك قبل أن ينزل عليه الوحي فزوجه وكانت تعده بمنزلة ولدها فلما § أكرم الله رسوله صلى الله عليه وسلم بنبوته آمنت به خديجة وبناته فصدقنه وشهدن أن ما جاء به الحق ودن بدينه وثبت أبو العاص على شركه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زوج عتبة بن أبي لهب رقية أو أم كلثوم فلما بادى قريشا بأمر الله تعالى وبالعداوة قالوا إنكم قد فرغتم محمدا من همه فردوا عليه بناته فاشغلوه بهن فمشوا إلى أبي العاص فقالوا له فارق صاحبتك ونحن نزوجك أي امرأة من قريش شئت قال لا والله إني لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأتي امرأة من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره خيرا فيما بلغني ثم مشوا إلى عتبة بن أبي لهب فقالوا له طلق بنت محمد ونحن ننكحك أي امرأة من قريش شئت فقال إن زوجتموني بنت أبان بن سعيد بن العاص أو بنت سعيد بن العاص فارقتها فزوجوه بنت سعيد بن العاص وفارقها ولم يكن دخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها وهوانا له وخلف عليها عثمان بن عفان بعده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل بمكة ولا يحرم مغلوبا على أمره وكان الإسلام قد فرق بين زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلمت وبين أبي العاص بن الربيع إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يقدر أن يفرق بينهما فأقامت معه على إسلامها وهو على شركه حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صارت قريش إلى بدر صارفهم أبو العاص بن الربيع § فأصيب في الأسارى يوم بدر فكان بالمدينة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
خروج زينب إلى المدينة
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها قالت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها فافعلوا فقالوا نعم يا رسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أو وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أن يخلي سبيل زينب إليه أو كان فيما شرط عليه في إطلاقه ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم ما هو إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلي سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار مكانه فقال كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتياني بها فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر أو شيعه فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت تجهز.
هند تحاول تعرف أمر زينب *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر قال حدثت عن زينب § أنها قالت بينا أنا أتجهز بمكة للحوق بأبي لقيتني هند بنت عتبة فقالت يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك قالت فقلت ما أردت ذلك فقالت أي ابنة عمي لا تفعلي إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك أو بمال تتبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال قالت والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل قالت ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك وتجهزت فلما فرغت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهازها قدم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها بعيرا فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج بها نهارا يقود بها وهي في هودج لها وتحدث بذلك رجال من قريش فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى والفهري فروعها هبار بالرمح وهي في هودجها وكانت المرأة حاملا فيما يزعمون فلما ريعت طرحت ذا بطنها وبرك حموها كنانة ونثر كنانته ثم قال والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه وأتى أبو سفيان في جلة من قريش فقال أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال إنك لم تصب خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت § بابنته إليه علانية على رءوس الناس من بين أظهرنا أن ذلك عن ذل أصابنا عن مصيبتنا التي كانت وأن ذلك منا ضعف ووهن ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة وما لنا في ذلك من ثورة ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدث الناس أن قد رددناها فسلها سرا وألحقها بأبيها قال ففعل فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شعر لأبي خيثمة فيما حدث لزينب *
قال ابن إسحاق فقال عبد الله بن رواحة أو أبو خيثمة أخو بني سالم ابن عوف في الذي كان من أمر زينب.
أتاني الذي لا يقدر الناس قدره %~% لزينب فيهم من عقوق ومأثم وإخراجها لم يخز فيها محمد على مأقط وبيننا عطر منشم وأمسى أبو سفيان من حلف ضمضم ومن حربنا في رغم أنف ومندم قرنا ابنه عمرا ومولى يمينه بذي حلق جلد الصلاصل محكم فأقسمت لا تنفك منا كتائب سراة خميس في لهام مسوم § نزوع قريش الكفر حتى نعلها بخاطمة فوق الأنوف بميسم ننزلهم أكناف نجد ونخلة وإن يتهموا بالخيل والرجل نتهم يد الدهر حتى لا يعوج سربنا ونلحقهم آثار عاد وجرهم ويندم قوم لم يطيعوا محمدا على أمرهم وأي حين تندم فأبلغ أبا سفيان إما لقيته لئن أنت لم تخلص سجودا وتسلم فأبشر بخزي في الحياة معجل وسربال قار خالدا في جهنم.
الخلاف بين ابن إسحاق وابن هشام في مولى يمين أبي سفيان *
قال ابن إسحاق ومولى يمين أبي سفيان الذي يعني عامر بن الحضرمي كان في الأسارى وكان حلف الحضرمي إلى حرب بن أمية.
شعر هند وكنانة في خروج زينب *
ولما انصرف الذين خرجوا إلى زينب لقيتهم هند بنت عتبة فقالت لهم أفي السلم أعيار جفاء وغلظة وفي الحرب أشباه النساء العوارك وقال كنانة بن الربيع في أمر زينب حين دفعها إلى الرجلين § عجبت لهبار وأوباش قومه يريدون إخفاري ببنت محمد ولست أبالي ما حييت عديدهم وما استجمعت قبضا يدي بالمهند.
الرسول يحل دم هبار *
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي إسحاق الدوسي عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية أنا فيها فقال لنا إن ظفرتم بهبار ابن الأسود أو الرجل الآخر الذي سبق معه إلى زينب.
فحرقوهما بالنار قال فلما كان الغد بعث إلينا فقال إني كنت أمرتكم بتحريق هذين الرجلين إن أخذتموهما ثم رأيت أنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا الله فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما.
إسلام أبي العاص بن الربيع *
قال ابن إسحاق وأقام أبو العاص بمكة وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين فرق بينهما الإسلام حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام وكان رجلا مأمونا بمال له وأموال لرجال من قريش أبضعوها معه فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستجار بها فأجارته وجاء في طلب ماله فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح كما حدثني يزيد بن رومان § فكبر وكبر الناس معه صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع قال فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس فقال أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم إنه يجير على المسلمين أدناهم ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل على ابنته فقال أي بنية أكرمي مثواه ولا يخلصن إليك فإنك لا تحلين له.
المسلمون يردون عليه ماله ثم يسلم *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص فقال لهم إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم وقد أصبتم له مالا فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم فأنتم أحق به فقالوا يا رسول الله بل نرده عليه فردوه عليه حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ويأتي الرجل بالشنة وبالإداوة حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ حتى ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ومن كان أبضع معه ثم قال يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا فقد وجدناك وفيا كريما قال فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زوجته ترد إليه *
قال ابن إسحاق وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال § رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئا بعد ست سنين.
الذين أطلقوا من غير فداء *
قال ابن إسحاق فكان ممن سمي لنا من الأسارى ممن من عليه بغير فداء من بني عبد شمس بن عبد مناف أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بفدائه ومن بني مخزوم بن يقظة المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيدة بن عمر بن مخزوم كان لبعض بني الحارث بن الخزرج فترك في أيديهم حتى خلوا سبيله فلحق بقومه.
قال ابن إسحاق وصيفي بن أبي رفاعة بن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ترك في أيدي أصحابه فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثن إليهم بفدائه فخلوا سبيله فلم يف لهم بشيء فقال حسان بن ثابت في ذلك وما كان صيفي ليوفي ذمة قفا ثعلب أعيا ببعض الموارد.
قال ابن إسحاق وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن عثمان بن أهيب بن حذافة ابن جمح كان محتاجا ذا بنات فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقد عرفت مالي من مال وإني لذو حاجة وذو عيال فامنن علي فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ عليه ألا يظاهر عليه أحدا فقال أبو عزة في ذلك يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويذكر فضله في قومه من مبلغ عني الرسول محمدا بأنك حق والمليك حميد وأنت امرؤ تدعو إلى الحق والهدى عليك من الله العظيم شهيد وأنت امرؤ بوئت فينا مباءة لها درجات سهلة وصعود فإنك من حاربته لمحارب شقي ومن سالمته لسعيد ولكن إذا ذكرت بدرا وأهله تأوب ما بي حسرة وقعود.
إسلام عمير بن وهب *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش في الحجر بيسير وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش وممن كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويلقون منه عناء وهو بمكة وكان ابنه وهب بن عمير في أسارى بدر.
قال ابن إسحاق حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال فذكر أصحاب القليب ومصابهم فقال صفوان والله إن في العيش بعدهم خير قال له عمير صدقت والله أما والله لولا دين علي ليس له عندي قضاء وعيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم قال فاغتنمها صفوان وقال علي دينك أنا أقضيه عنك وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا لا يسعني شيء ويعجز عنهم فقال له عمير فاكتم شأني وشأنك قال أفعل قال ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم ثم انطلق حتى قدم المدينة فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر ويذكرون ما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم إذ نظر عمر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحا السيف فقال هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب والله ما جاء إلا لشر وهو الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله هذا عدو § الله عمير بن وهب قد جاء متوشحا سيفه قال فأدخله علي قال فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار ادخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده واحذروا عليه من هذا الخبيث فإنه غير مأمون ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال أرسله يا عمر ادن يا عمير فدنا ثم قال انعموا صباحا وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة فقال أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد قال فما جاء بك يا عمير قال جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه قال فما بال السيف في عنقك قال قبحها الله من سيوف وهل أغنت عنا شيئا قال اصدقني ما الذي جئت له قال ما جئت إلا لذلك قال بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له والله حائل بينك وبين ذلك قال عمير أشهد أنك رسول الله قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان فو الله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق ثم شهد شهادة الحق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره ففعلوا ثم قال يا رسول الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله تعالى وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام لعل الله يهديهم § وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم قال فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحق بمكة وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير ابن وهب يقول أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر وكان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره عن إسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا.
قال ابن إسحاق فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذى شديدا فأسلم على يديه ناس كثير.
هو أو ابن هشام الذي رأى إبليس وما نزل فيه *
قال ابن إسحاق وعمير بن وهب أو الحارث بن هشام قد ذكر لي أحدهما الذي رأى إبليس حين نكص على عقبيه يوم بدر فقال أين أي سراق ومثل عدو الله فذهب فأنزل الله تعالى فيه وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فذكر استدراج إبليس إياهم وتشبهه بسراقة بن مالك بن جعشم لهم حين ذكروا ما بينهم وبين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة في الحرب التي كانت بينهم يقول الله تعالى فلما تراءت الفئتان ونظر عدو الله إلى جنود الله من الملائكة قد أيد الله بهم رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدوهم نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون وصدق عدو الله رأى ما لم يروا وقال إني أخاف الله والله شديد العقاب فذكر لي أنهم كانوا يرونه في كل منزل في صورة سراقة لا ينكرونه حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبيه فأوردهم ثم أسلمهم.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت قومي الذين هم آووا نبيهم وصدقوه وأهل الأرض كفار إلا خصائص أقوام هم سلف للصالحين مع الأنصار أنصار مستبشرين بقسم الله قولهم لما أتاهم كريم الأصل مختار أهلا وسهلا ففي أمن وفي سعة نعم النبي ونعم القسم والجار فأنزلوه بدار لا يخاف بها من كان جارهم دارا هي الدار وقاسموه بها الأموال إذ قدموا مهاجرين وقسم الجاحد النار سرنا وساروا إلى بدر لحينهم لو يعلمون يقين العلم ما ساروا دلاهم بغرور ثم أسلمهم إن الخبيث لمن والاه غرار وقال إني لكم جار فأوردهم شر الموارد فيه الخزي والعار ثم التقينا فولوا عن سراتهم من منجدين ومنهم فرقة غاروا.
المطعمون من قريش *
قال ابن إسحاق وكان المطعمون من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف العباس بن عبد المطلب بن هاشم § ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومن بني نوفل بن عبد مناف الحارث بن عامر بن نوفل وطعيمة بن عدي بن نوفل يعتقبان ذلك ومن بني أسد بن عبد العزى أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد يعتقبان ذلك ومن بني عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار.
قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة أبا جهل بن هشام بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم ومن بنى جمح أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ومن بني سهم بن عمرو نبيها ومنبها ابني الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم يعتقبان ذلك § ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر.
نزول سورة الأنفال *
قال ابن إسحاق فلما انقضى أمر بدر أنزل الله عز وجل فيه من القرآن الأنفال بأسرها فكان مما نزل منها في اختلافهم في النفل حين اختلفوا فيه يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين فكان عبادة بن الصامت فيما بلغني إذا سئل عن الأنفال قال فينا معشر أهل بدر نزلت حين اختلفنا في النفل يوم بدر فانتزعه الله من أيدينا حين ساءت فيه أخلاقنا فرده على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه بيننا § عن بواء يقول على السواء وكان في ذلك تقوى الله وطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وصلاح ذات البين ثم ذكر القوم ومسيرهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرف القوم أن قريشا قد ساروا إليهم وإنما خرجوا يريدون العير طمعا في الغنيمة فقال كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون أي كراهية للقاء القوم وإنكارا لمسير قريش حين ذكروا لهم وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم أي الغنيمة دون الحرب ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين أي بالوقعة التي أوقع بصناديد قريش وقادتهم يوم بدر إذ تستغيثون ربكم أي لدعائهم حين نظروا إلى كثرة عدوهم وقلة عددهم فاستجاب لكم بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين إذ يغشيكم النعاس أمنة منه أي أنزلت عليكم الأمنة حين نمتم لا تخافون وينزل عليكم من السماء ماء للمطر الذي أصابهم تلك الليلة فحبس المشركين أن يسبقوا إلى الماء وخلى سبيل المسلمين إليه ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام أي ليذهب عنكم شك الشيطان لتخويفه إياهم عدوهم واستجلاد الأرض لهم حتى انتهوا إلى منزلهم الذي سبقوا إليه عدوهم ثم قال تعالى إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا § الذين آمنوا أي آزروا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ثم قال يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير أي تحريضا لهم على عدوهم لئلا ينكلوا عنهم إذا لقوهم وقد وعدهم الله فيهم ما وعدهم ثم قال تعالى في رمي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم بالحصباء من يده حين رماهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى أي لم يكن ذلك برميتك لولا الذي جعل الله فيها من نصرك وما ألقى في صدور عدوك منها حين هزمهم الله وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا أي ليعرف المؤمنين من نعمته عليهم في إظهارهم على عدوهم وقلة عددهم ليعرفوا بذلك حقه ويشكروا بذلك نعمته ثم قال إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح أي لقول أبي جهل اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا يعرف فأحنه الغداة والاستفتاح الإنصاف في الدعاء يقول الله جل ثناؤه وإن تنتهوا أي لقريش فهو خير لكم وإن تعودوا نعد أي بمثل الوقعة التي أصبناكم بها يوم بدر ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين أي أن عددكم وكثرتكم في أنفسكم لن تغني عنكم شيئا وإني مع المؤمنين أنصرهم على من خالفهم § ثم قال تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون أي لا تخالفوا أمره وأنتم تسمعون لقوله وتزعمون أنكم منه ولا تكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لا يسمعون أي كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة ويسرون له المعصية إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون أي المنافقون الذين نهيتكم أن تكونوا مثلهم بكم عن الخير صم عن الحق لا يعقلون لا يعرفون ما عليهم في ذلك من النقمة والتباعة ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم أي لأنفذ لهم قولهم الذي قالوا بألسنتهم ولكن القلوب خالفت ذلك منهم ولو خرجوا معكم لتولوا وهم معرضون ما وفوا لكم بشيء مما خرجوا عليه يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم أي للحرب التي أعزكم الله بها بعد الذل وقواكم بها بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون أي لا تظهروا له من الحق ما يرضى به منكم ثم تخالفوه في السر إلى غيره فإن ذلك هلاك لأماناتكم وخيانة لأنفسكم يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم أي فصلا بين الحق والباطل ليظهر الله به حقكم ويطفئ به باطل من خالفكم ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمته عليه حين مكر به القوم ليقتلوه أو يثبتوه أو يخرجوه ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين أي فمكرت بهم بكيدي المتين حتى خلصتك منهم § ثم ذكر غرة قريش واستفتاحهم على أنفسهم إذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أي ما جاء به محمد فأمطر علينا حجارة من السماء كما أمطرتها على قوم لوط أو ائتنا بعذاب أليم أي بعض ما عذبت به الأمم قبلنا وكانوا يقولون إن الله لا يعذبنا ونحن نستغفره ولم يعذب أمة ونبيها معها حتى يخرجه عنها وذلك من قولهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يذكر جهالتهم وغرتهم واستفتاحهم على أنفسهم حين نعى سوء أعمالهم وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون أي لقولهم إنا نستغفر ومحمد بين أظهرنا ثم قال وما لهم ألا يعذبهم الله وإن كنت بين أظهرهم وإن كانوا يستغفرون كما يقولون وهم يصدون عن المسجد الحرام أي من آمن بالله وعبده أي أنت ومن اتبعك وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون الذين يحرمون حرمته ويقيمون الصلاة عنده أي أنت ومن آمن بك ولكن أكثرهم لا يعلمون وما كان صلاتهم عند البيت التي يزعمون أنه يدفع بها عنهم إلا مكاء وتصدية .
قال ابن إسحاق وذلك ما لا يرضي الله عز وجل ولا يحبه ولا ما افترض عليهم ولا ما أمرهم به فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون أي لما أوقع بهم يوم بدر من القتل.
المدة بين يا أيها المزمل 73 1 وبدر *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت ما كان بين نزول يا أيها المزمل وقول الله تعالى فيها وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما إلا يسير حتى أصاب الله قريشا بالوقعة يوم بدر.
ما نزل فيمن عاونوا أبا سفيان *
قال ابن إسحاق ثم قال الله عز وجل إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة فسألوهم أن يقووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا § ثم قال قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا لحربك فقد مضت سنت الأولين أي من قتل منهم يوم بدر ثم قال تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله أي حتى لا يفتن مؤمن عن دينه ويكون التوحيد لله خالصا ليس له فيه شريك ويخلع ما دونه من الأنداد فإن انتهوا فإن الله بما يعملون بصير وإن تولوا عن أمرك إلى ما هم عليه من كفرهم فاعلموا أن الله مولاكم الذي أعزكم ونصركم عليهم يوم بدر في كثرة عددهم وقلة عددكم نعم المولى ونعم النصير ثم أعلمهم مقاسم الفيء وحكمه فيه حين أحله لهم فقال واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير أي يوم فرقت فيه بين الحق والباطل بقدرتي يوم التقى الجمعان منكم ومنهم إذ أنتم بالعدوة الدنيا من الوادي وهم بالعدوة القصوى من الوادي إلى مكة والركب أسفل منكم أي عير أبي سفيان التي خرجتم لتأخذوها وخرجوا ليمنعوها عن غير ميعاد منكم ولا منهم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد أي ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما لقيتموهم ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا أي ليقضي ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله وإذلال الكفر وأهله عن غير بلاء منكم ففعل ما أراد من ذلك بلطفه ثم قال ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم § أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآية والعبرة ويؤمن من آمن على مثل ذلك ثم ذكر لطفه به وكيده له ثم قال إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور فكان ما أراك من ذلك نعمة من نعمه عليهم شجعهم بها على عدوهم وكف بها عنهم ما تخوف عليهم من ضعفهم لعلمه بما فيهم.
إذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا أي ليؤلف بينهم على الحرب للنقمة ممن أراد الانتقام منه والإنعام على من أراد إتمام النعمة عليه من أهل ولايته ثم وعظهم وفهمهم وأعلمهم الذي ينبغي لهم أن يسيروا به في حربهم فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة تقاتلونهم في سبيل الله عز وجل فاثبتوا واذكروا الله كثيرا الذي له بذلتم أنفسكم والوفاء له بما أعطيتموه من بيعتكم لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا أي لا تختلفوا فيتفرق أمركم وتذهب ريحكم أي وتذهب حدتكم واصبروا إن الله مع الصابرين أي إني معكم إذا فعلتم ذلك ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس أي لا تكونوا كأبي جهل وأصحابه الذين قالوا لا نرجع حتى نأتي بدرا فننحر بها § الجزر وتسقى بها الخمر وتعزف علينا فيها القيان وتسمع العرب أي لا يكون أمركم رياء ولا سمعة ولا التماس ما عند الناس وأخلصوا لله النية والحسبة في نصر دينكم وموازرة نبيكم لا تعملوا إلا لذلك ولا تطلبوا غيره ثم قال تعالى وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم .
قال ابن إسحاق ثم ذكر الله تعالى أهل الكفر وما يلقون عند موتهم ووصفهم بصفتهم وأخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عنهم حتى انتهى إلى أن قال فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون أي فنكل بهم من ورائهم لعلهم يعقلون وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم إلى قوله تعالى وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون أي لا يضيع لكم عند الله أجره في الآخرة وعاجل خلفه في الدنيا ثم قال تعالى وإن جنحوا للسلم فاجنح لها أي إن دعوك إلى السلم على الإسلام فصالحهم عليه وتوكل على الله إن الله كافيك إنه هو السميع العليم .
وهذا البيت في قصيدة له وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو من وراء ذلك هو الذي أيدك بنصره بعد الضعف وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم على الهدى الذي بعثك الله به إليهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم بدينه الذي جمعهم عليه إنه عزيز حكيم ثم قال تعالى يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون أي لا يقاتلون على نية ولا حق ولا معرفة بخير ولا شر.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح عن § عبد الله بن عباس قال لما نزلت هذه الآية اشتد على المسلمين وأعظموا أن يقاتل عشرون مائتين ومائة ألفا فخفف الله عنهم فنسختها الآية الأخرى فقال الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين قال فكانوا إذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا منهم وإذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم.
ما نزل في الأسارى والمغانم *
قال ابن إسحاق ثم عاتبه الله تعالى في الأسارى وأخذ المغانم ولم يكن أحد قبله من الأنبياء يأكل مغنما من عدو له.
قال ابن إسحاق حدثني محمد أبو جعفر بن علي بن الحسين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت جوامع الكلم وأحلت لي المغانم ولم تحلل لنبي كان قبلي وأعطيت الشفاعة خمس لم يؤتهن نبي قبلي.
قال ابن إسحاق فقال ما كان لنبي أي قبلك أن يكون له أسرى من عدوه حتى يثخن في الأرض أي يثخن عدوه حتى ينفيه من الأرض تريدون عرض الدنيا أي المتاع الفداء بأخذ الرجال والله يريد الآخرة أي قتلهم لظهور الدين الذي يريد إظهاره والذي تدرك به الآخرة لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم أي من الأسارى والمغانم عذاب عظيم أي لولا أنه سبق مني أني لا أعذب إلا بعد النهي ولم يك نهاهم لعذبتكم فيما صنعتم ثم أحلها له ولهم رحمة منه وعائدة من الرحمن الرحيم فقال فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم § ثم قال يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم وحض المسلمين على التواصل وجعل المهاجرين والأنصار أهل ولاية في الدين دون من سواهم وجعل الكفار بعضهم أولياء بعض ثم قال إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير أي إلا يوال المؤمن المؤمن من دون الكافر وإن كان ذا رحم به تكن فتنة في الأرض أي شبهة في الحق والباطل وظهور الفساد في الأرض بتولي المؤمن الكافر دون المؤمن ثم رد المواريث إلى الأرحام ممن أسلم بعد الولاية من المهاجرين والأنصار دونهم إلى الأرحام التي بينهم فقال والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله أي بالميراث إن الله بكل شيء عليم .
من حضر بدرا من المسلمين *
قال ابن إسحاق وهذه تسمية من شهد بدرا من المسلمين ثم من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف وبني المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد المرسلين ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم أسد الله وأسد رسوله عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم § وزيد بن حارثة بن شرحبيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي أنعم الله عليه ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وأنسة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو كبشة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وأبو مرثد كناز بن حصن بن يربوع بن عمرو بن يربوع ابن خرشة بن سعد بن طريف بن جلان بن غنم بن غني بن يعصر بن سعد بن قيس بن عيلان.
قال ابن إسحاق وابنه مرثد بن أبي مرثد حليفا حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن المطلب وأخواه الطفيل بن الحارث والحصين بن الحارث ومسطح واسمه عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب اثنا عشر رجلا ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه قال وأجري يا رسول الله § قال وأجرك وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وسالم مولى أبي حذيفة.
قال ابن إسحاق وزعموا أن صبيحا مولى أبي العاص بن أمية بن عبد شمس تجهز للخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرض فحمل على بعيره أبا سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ثم شهد صبيح بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد بدرا من حلفاء بني عبد شمس ثم من بني أسد بن خزيمة عبد الله ابن جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد وعكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كبير ابن غنم بن دودان بن أسد وشجاع بن وهب بن ربيعة بن أسد بن صهيب ابن مالك بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد وأخوه عقبة بن وهب ويزيد ابن رقيش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد وأبو سنان بن محصن بن حرثان بن قيس أخو عكاشة بن محصن وابنه سنان بن أبي سنان ومحرز بن نضلة بن عبد الله بن مرة بن كبير § ابن غنم بن دودان بن أسد وربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن لكيز ابن عامر بن غنم بن دودان بن أسد ومن حلفاء بني كبير بن غنم بن دودان بن أسد ثقف بن عمرو وأخواه مالك بن عمرو ومدلج بن عمرو.
قال ابن إسحاق ومن بني نوفل بن عبد مناف عتبة بن غزوان بن جابر ابن وهب بن نسيب بن مالك بن الحارث بن مازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان وخباب مولى عتبة بن غزوان رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد وحاطب بن أبي بلتعة وسعد مولى حاطب ثلاثة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير بن هاشم ابن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي وسويبط بن سعد بن حريملة بن مالك ابن عميلة بن السباق بن عبد الدار بن قصي رجلان ومن بني زهرة بن كلاب عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد § ابن الحارث بن زهرة وسعد بن أبي وقاص وأبو وقاص مالك بن أهيب ابن عبد مناف بن زهرة وأخوه عمير بن أبي وقاص ومن حلفائهم المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن هزل ابن قائش بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل ومسعود بن ربيعة بن عمرو بن سعد بن عبد العزى بن حمالة بن غالب بن محلم بن عائذة بن سبيع بن الهون بن خزيمة من القارة.
وحدثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال عبد الله بن مسعود بن الحارث بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن الحارث بن تميم بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان حليف بني زهرة شهد بدرا.
قال ابن إسحاق وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم ابن ملكان بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر من خزاعة.
قال ابن إسحاق ومن بني تيم بن مرة أبو بكر الصديق واسمه عتيق بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم.
قال ابن إسحاق وبلال مولى أبي بكر وبلال مولد من مولدي بني جمح اشتراه أبو بكر من أمية بن خلف وهو بلال بن رباح لا عقب له وعامر ابن فهيرة.
قال ابن إسحاق وطلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم كان بالشأم فقدم بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له بسهمه فقال وأجري يا رسول الله قال وأجرك خمسة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو سلمة بن عبد الأسد § واسم أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وشماس بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم.
قال ابن إسحاق والأرقم بن أبي الأرقم واسم أبي الأرقم عبد مناف بن أسد وكان أسد يكنى أبا جندب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعمار ابن ياسر.
قال ابن إسحاق ومعتب بن عوف بن عامر بن الفضل بن عفيف بن كليب بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو حليف لهم من خزاعة وهو الذي يدعى عيهامة خمسة نفر ومن بني عدي بن كعب عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي وأخوه زيد بن الخطاب ومهجع مولى عمر بن الخطاب من أهل اليمن وكان أول قتيل من المسلمين بين الصفين يوم بدر رمي بسهم.
قال ابن إسحاق وعمرو بن سراقة بن المعتمر بن أنس بن أذاة بن عبد الله § ابن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب وأخوه عبد الله بن سراقة وواقد ابن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم حليف لهم وخولي بن أبي خولي ومالك بن أبي خولي حليفان لهم.
قال ابن إسحاق وعامر بن البكير بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة من بني سعد بن ليث وعاقل بن البكير وخالد بن البكير وإياس بن البكير حلفاء بني عدي بن كعب وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى ابن عبد الله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب قدم من الشأم بعد ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر فكلمه فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه قال وأجري يا رسول الله قال وأجرك أربعة عشر رجلا ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن مظعون بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح وابنه السائب بن عثمان وأخواه قدامة بن مظعون وعبد الله بن مظعون ومعمر بن الحارث بن معمر بن حبيب ابن وهب بن حذافة بن جمح خمسة نفر ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن خنيس بن حذافة بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم رجل.
قال ابن إسحاق من بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل بن عامر أبو سبرة بن أبي رهم بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل عبد الله بن مخرمة بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن ابن نصر بن مالك وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل كان خرج مع أبيه سهيل بن عمرو فلما نزل الناس بدرا فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدها معه وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو وسعد بن خولة حليف لهم خمسة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني الحارث بن فهر أبو عبيدة بن الجراح وهو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وعمرو بن الحارث بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث وسهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أبي أهيب بن ضبة بن الحارث وأخوه صفوان بن وهب وهما ابنا بيضاء وعمرو بن أبي سرح بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث خمسة نفر فجميع من شهد بدرا من المهاجرين ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره ثلاثة وثمانون رجلا.
الأنصار ومن معهم *
قال ابن إسحاق وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ثم من الأنصار ثم من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل وعمرو بن معاذ بن النعمان والحارث بن أوس بن معاذ بن النعمان والحارث بن أنس بن رافع ابن امرئ القيس ومن بني عبيد بن كعب بن عبد الأشهل سعد بن زيد بن مالك بن عبيد ومن بني زعورا بن عبد الأشهل.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني عبد الأشهل سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس.
سلمة ابن سلامة بن وقش بن زغبة وعباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعورا وسلمة بن ثابت بن وقش ورافع بن يزيد بن كرز بن سكن بن زعورا والحارث بن خزمة بن عدي بن أبي بن غنم بن سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج حليف لهم من بني عوف بن الخزرج ومحمد ابن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة بن الحارث وسلمة بن أسلم بن حريش بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة بن الحارث.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني حارثة محمد بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس وكان حليفا لبني عبد الأشهل.
قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد وعبيد بن أوس بن مالك بن سواد رجلان.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني الأوس ثم من بني ظفر قتادة بن النعمان بن زيد بن عامر بن سواد بن كعب بن ظفر بن الخزرج بن عمرو بن الأوس.
قال ابن إسحاق ومن بني عبد بن رزاح بن كعب نصر بن الحارث بن عبد ومعتب بن عبد ومن حلفائهم من بلي عبد الله بن طارق ثلاثة نفر ومن بني حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس مسعود ابن سعد بن عامر بن عدي بن جشم بن مجدعة بن حارثة.
قال ابن إسحاق وأبو عبس بن جبر بن عمرو بن زيد بن جشم بن مجدعة ابن حارثة ومن حلفائهم ثم من بلي أبو بردة بن نيار واسمه هانئ بن نيار بن عمرو ابن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذبيان بن هميم بن كاهل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ثلاثة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس ثم من بني ضبيعة بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف عاصم بن ثابت بن قيس وقيس أبو الأقلح بن عصمة بن مالك بن أمة بن ضبيعة ومعتب بن قشير بن مليل بن زيد بن العطاف بن ضبيعة وأبو مليل بن الأزعر بن زيد بن العطاف ابن ضبيعة وعمرو بن معبد بن الأزعر بن زيد بن العطاف بن ضبيعة.
قال ابن إسحاق وسهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث ابن عمرو وعمرو الذي يقال له بحزج بن حنس ابن عوف بن عمرو بن عوف خمسة نفر ومن بني أمية بن زيد بن مالك مبشر بن عبد المنذر بن زنبر بن زيد بن أمية ورفاعة بن عبد المنذر بن زنبر وسعد بن عبيد بن النعمان بن قيس ابن عمرو بن زيد بن أمية وعويم بن ساعدة ورافع بن عنجدة.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث بن عمرو وعمرو الذي يقال له بخرج بن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف.
وعبيد بن أبي عبيد وثعلبة بن حاطب وزعموا أن أبا لبابة بن عبد المنذر والحارث بن حاطب خرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجعهما وأمر أبا لبابة على المدينة فضرب لهما بسهمين مع أصحاب بدر تسعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن زيد بن مالك أنيس بن قتادة بن ربيعة ابن خالد بن الحارث بن عبيد ومن حلفائهم من بلي معن بن عدي بن الجد بن العجلان بن ضبيعة وثابت بن أقرم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان وعبد الله بن سلمة بن مالك بن الحارث ابن عدي بن العجلان وزيد بن أسلم بن ثعلبة بن عدي بن العجلان وربعي ابن رافع بن زيد بن حارثة بن الجد بن العجلان وخرج عاصم بن عدي بن الجد بن العجلان فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر سبعة نفر ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن ثعلبة وعاصم بن قيس.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكالي عن محمد بن إسحاق قال عاصم بن عدي بن الجد بن عجلان بن ضبيعة وهو من بلي حليف لبني عبيد بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر فرده وضرب له بسهمه مع أصحاب بدر ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على العالية ويقال عاش خمس عشرة ومائة.
قال ابن إسحاق والحارث بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة وخوات بن جبير بن النعمان ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم مع أصحاب بدر سبعة نفر ومن بني جحجبي بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف منذر بن محمد ابن عقبة بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبي بن كلفة.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال خوات بن جبير بن النعمان بن أمية بن البرك واسم البرك امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بسهمه وأجره.
قال ابن إسحاق ومن حلفائهم من بني أنيف أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة ابن بيحان بن عامر بن الحارث بن مالك بن عامر بن أنيف بن جشم بن عبد الله ابن تيم بن إراش بن عامر بن عميلة بن قسميل بن فران بن بلي بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة رجلان.
وقال ابن إسحاق ومن بني غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة ابن غنم ومنذر بن قدامة بن عرفجة ومالك بن قدامة بن عرفجة.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من الأوس سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك بن كعب بن النحاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس.
قال ابن إسحاق ومن بني معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف جبر بن عتيك بن الحارث بن قيس بن هيشة بن الحارث بن أمية بن معاوية ومالك بن نميلة حليف لهم من مزينة والنعمان بن عصر حليف لهم من بلي ثلاثة نفر فجميع من شهد بدرا من الأوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ضرب له بسهمه وأجره أحد وستون رجلا.
قال ابن إسحاق وشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ثم من الأنصار ثم من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ثم من بني الحارث ابن الخزرج ثم من بني امرئ القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس وسعد بن ربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس وعبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس وخلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس أربعة نفر ومن بني زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج بشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد.
وأخوه سماك بن سعد رجلان ومن بني عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج سبيع بن قيس بن عيشة بن أمية بن مالك بن عامر بن عدي وعباد بن قيس بن عيشة أخوه.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن عبس ثلاثة نفر ومن بني أحمر بن حارثة بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج يزيد بن الحارث بن قيس بن مالك بن أحمر وهو الذي يقال له ابن فسحم رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني جشم بن الحارث بن الخزرج وزيد بن الحارث ابن الخزرج وهما التوأمان خبيب بن إساف بن عتبة بن عمرو بن خديج ابن عامر بن جشم وعبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد وأخوه حريث بن زيد بن ثعلبة زعموا وسفيان بن بشر أربعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج تميم بن يعار بن قيس بن عدي بن أمية بن جدارة وعبد الله بن عمير من بني حارثة.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن عرفطة بن عدي بن أمية بن جدارة أربعة نفر § ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج عبد الله بن ربيع بن قيس بن عمرو بن عباد بن الأبجر رجل ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني عبيد بن مالك بن سالم بن غنم ابن عوف بن الخزرج وهم بنو الحبلى.
عبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد المشهور بابن سلول وإنما سلول امرأة وهي أم أبي وأوس بن خولي بن عبد الله بن الحارث بن عبيد رجلان ومن بني جزء بن عدي بن مالك بن سالم بن غنم زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزء وعقبة بن وهب بن كلدة حليف لهم من بني عبد الله بن غطفان ورفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم ابن غنم وعامر بن سلمة بن عامر حليف لهم من أهل اليمن.
قال ابن إسحاق ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج ثم من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم نوفل بن عبد الله بن نضلة بن مالك بن العجلان ابن العجلان رجل ومن بني أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن عوف.
عبادة بن الصامت بن قيس ابن أصرم وأخوه أوس بن الصامت رجلان ومن بني دعد بن فهر بن ثعلبة بن غنم النعمان بن مالك بن ثعلبة بن دعد والنعمان الذي يقال له قوقل رجل ومن بني قريوش بن غنم بن أمية بن لوذان بن سالم.
ثابت بن هزال بن عمرو بن قريوش رجل ومن بني مرضخة بن غنم بن سالم مالك بن الدخشم بن مرضخة رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني لوذان بن سالم ربيع بن إياس بن عمرو بن غنم ابن أمية بن لوذان وأخوه ورقة بن إياس وعمرو بن إياس حليف لهم من أهل اليمن ثلاثة نفر.
المجذر بن ذياد بن عمرو بن زمزمة بن عمرو بن عمارة بن مالك بن غصينة بن عمرو بن بتيرة بن مشنو بن قسر بن تيم بن إراش بن عامر بن عميلة بن قسميل بن فران بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة.
قال ابن إسحاق وعبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة ونحاب بن ثعلبة بن حزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن ثعلبة بن حزمة بن أصرم وزعموا أن عتبة بن ربيعة بن خالد بن معاوية حليف لهم من بهراء قد شهد بدرا خمسة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ثم من بني ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة أبو دجانة سماك بن خرشة.
قال ابن إسحاق والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود ابن زيد بن ثعلبة رجلان.
قال ابن إسحاق ومن بني البدي بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة أبو أسيد مالك بن ربيعة بن البدي ومالك بن مسعود وهو إلى البدي رجلان.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا أبو أسيد مالك بن ربيعة بن البدن بن عامر بن عوف بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر.
قال ابن إسحاق ومن بني طريف بن الخزرج بن ساعدة عبد ربه بن حق ابن أوس بن وقش بن ثعلبة بن طريف رجل ومن حلفائهم من جهينة كعب بن حمار بن ثعلبة.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن عامر من بلي خمسة نفر ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة ابن تزيد بن جشم بن الخزرج ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة خراش بن الصمة بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام والحباب § ابن المنذر بن الجموح بن زيد بن حرام وعمير بن الحمام بن الجموح بن زيد ابن حرام وتميم مولى خراش بن الصمة وعبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام ومعاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وخلاد ابن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وعقبة بن عامر بن نابي بن زيد بن حرام وحبيب بن أسود مولى لهم وثابت بن ثعلبة بن زيد ابن الحارث ابن حرام وثعلبة الذي يقال له الجذع وعمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث ابن حرام اثنا عشر رجلا.
قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني خنساء بن سنان بن عبيد بشر بن البراء بن معرور بن صخر بن مالك ابن خنساء والطفيل بن مالك بن خنساء والطفيل بن النعمان بن خنساء وسنان بن صيفي بن صخر بن خنساء وعبد الله بن الجد بن قيس بن صخر ابن خنساء وعتبة بن عبد الله بن صخر بن خنساء وجبار بن صخر بن أمية بن خنساء وخارجة بن حمير وعبد الله بن حمير حليفان لهم من أشجع من بني دهمان تسعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني خناس بن سنان بن عبيد يزيد بن المنذر بن سرح بن خناس ومعقل بن المنذر بن سرح بن خناس وعبد الله بن النعمان ابن بلدمة.
قال ابن إسحاق والضحاك بن حارثة بن زيد بن ثعلبة بن عبيد بن عدي وسواد بن زريق بن ثعلبة بن عبيد بن عدي.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن قيس بن صخر بن حرام بن ربيعة بن عدي بن غنم سبعة نفر ومن بني النعمان بن سنان بن عبيد عبد الله بن عبد مناف بن النعمان وجابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان وخليدة بن قيس بن النعمان والنعمان بن سنان مولى لهم أربعة نفر ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ثم من بني حديدة بن عمرو § ابن غنم بن سواد.
أبو المنذر وهو يزيد بن عامر بن حديدة وسليم بن عمرو بن حديدة وقطبة بن عامر بن حديدة وعنترة مولى سليم بن عمرو أربعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عدي بن نابي بن عمرو بن سواد بن غنم عبس ابن عامر بن عدي وثعلبة بن غنمة بن عدي وأبو اليسر وهو كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غنم بن سواد وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين بن كعب بن سواد وعمرو بن طلق بن زيد بن أمية بن سنان بن كعب ابن غنم ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن عدي بن كعب بن عدي ابن أدي بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تريد بن جشم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ستة نفر.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني الخزرج أبو اليسر كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غنم بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بن علي.
قال ابن إسحاق والذين كسروا آلهة بني سلمة معاذ بن جبل وعبد الله ابن أنيس وثعلبة بن غنمة وهم في بني سواد بن غنم قال ابن إسحاق ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك § ابن غضب بن جشم بن الخزرج ثم من بني مخلد بن عامر بن زريق.
قال ابن إسحاق وأبو خالد وهو الحارث بن قيس بن خالد بن مخلد وجبير ابن إياس بن خالد بن مخلد وأبو عبادة وهو سعد بن عثمان بن خلدة بن مخلد وأخوه عقبة بن عثمان بن خلدة بن مخلد وذكوان بن عبد قيس بن خلدة ابن مخلد ومسعود بن خلدة بن عامر بن مخلد سبعة نفر ومن بني خالد بن عامر بن زريق عباد بن قيس بن عامر بن خالد رجل ومن بنى خالدة بن عامر بن زريق أسعد بن يزيد بن الفاكه بن زيد بن خلدة والفاكه بن بشر بن الفاكه بن زيد بن خلدة.
قال ابن إسحاق ومعاذ بن ماعص بن قيس بن خلدة وأخوه عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة ومسعود بن سعد بن قيس بن خلدة خمسة نفر ومن بني العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق رفاعة بن رافع بن العجلان وأخوه خلاد بن رافع بن مالك بن العجلان وعبيد بن زيد بن عامر بن العجلان ثلاثة نفر ومن بني بياضة بن عامر بن زريق زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر ابن عدي بن أمية بن بياضة وفروة بن عمرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة.
حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من الخزرج ثم من بني زريق رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عاصم بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج.
قال ابن إسحاق وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة ورجيلة بن ثعلبة بن خالد بن ثعلبة بن عامر بن بياضة.
قال ابن إسحاق وعطية بن نويرة بن عامر بن عطية بن عامر بن بياضة وخليفة بن عدي بن عمرو بن مالك بن عامر بن فهيرة بن بياضة ستة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم ابن الخزرج رافع بن المعلى بن لوذان بن حارثة بن عدي بن زيد بن ثعلبة ابن زيد مناة بن حبيب رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني النجار وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج ثم من بني غنم بن مالك بن النجار ثم من بني ثعلبة بن عبد عوف بن غنم أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة رجل ومن بني عسيرة بن عبد عوف بن غنم ثابت بن خالد بن النعمان ابن خنساء بن عسيرة رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني عمرو بن عبد عوف بن غنم عمارة بن حزم ابن زيد بن لوذان بن عمرو وسراقة بن كعب بن عبد العزى بن غزية بن عمرو رجلان ومن بني عبيد بن ثعلبة بن غنم حارثة بن النعمان بن زيد بن عبيد وسليم بن قيس بن قهد واسم قهد خالد بن قيس بن عبيد رجلان.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا حارثة بن النعمان بن زيد بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
سهيل بن رافع بن أبي عمرو بن عائذ وعدي بن الزغباء حليف لهم من جهينة رجلان ومن بني زيد بن ثعلبة بن غنم مسعود بن أوس بن زيد وأبو خزيمة ابن أوس بن زيد بن أصرم بن زيد ورافع بن الحارث بن سواد بن زيد ثلاثة نفر ومن بني سواد بن مالك بن غنم عوف ومعوذ ومعاذ بنو الحارث ابن رفاعة بن سواد وهم بنو عفراء.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني الخزرج ثم من بني النجار أبو محمد الأنصاري واسمه مسعود بن أوس بن أصرم بن زيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار.
قال ابن إسحاق وعامر بن مخلد بن الحارث بن سواد وعبد الله بن قيس ابن خالد بن خلدة بن الحارث بن سواد وعصيمة حليف لهم من أشجع ووديعة بن عمرو حليف لهم من جهينة وثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن سواد و زعموا أن أبا الحمراء مولى الحارث بن عفراء قد شهد بدرا عشرة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني عامر بن مالك بن النجار وعامر مبذول ثم من بني عتيك بن عمرو بن مبذول ثعلبة بن عمرو بن محصن بن عمرو بن عتيك وسهل بن عتيك بن عمرو بن النعمان بن عتيك والحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك كسر به بالروحاء فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمه ثلاثة نفر ومن بني عمرو بن مالك بن النجار وهم بنو حديلة ثم من بني قيس ابن عبيد بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار.
قال ابن إسحاق أبي بن كعب بن قيس وأنس بن معاذ بن أنس بن قيس رجلان § ومن بني عدي بن عمرو بن مالك بن النجار.
قال ابن إسحاق وأبو طلحة وهو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي ثلاثة نفر ومن بني عدي بن النجار ثم من بني عدي بن عامر بن غنم بن النجار حارثة بن سراقة بن الحارث بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر وعمرو بن ثعلبة ابن وهب بن عدي بن مالك بن عدي بن عامر وهو أبو حكيم وسليط بن قيس بن عمرو بن عتيك بن مالك بن عدي بن عامر وأبو سليط وهو أسيرة ابن عمرو وعمرو أبو خارجة بن قيس بن مالك بن عدي بن عامر وثابت بن خنساء بن عمرو بن مالك بن عدي بن عامر وعامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بن مالك بن عدي بن عامر ومحرز بن عامر بن مالك بن عدي ابن عامر وسواد بن غزية بن أهيب حليف لهم من بلي ثمانية نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي § ابن النجار أبو زيد قيس بن سكن بن قيس بن زعوراء بن حرام وأبو الأعور بن الحارث بن ظالم بن عبس بن حرام.
قال ابن إسحاق وسليم بن ملحان وحرام بن ملحان واسم ملحان مالك بن خالد بن زيد بن حرام أربعة نفر ومن بني مازن بن النجار ثم من بني عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم ابن مازن بن النجار قيس بن أبي صعصعة واسم أبي صعصعة عمرو بن زيد ابن عوف وعبد الله بن كعب بن عمرو بن عوف وعصيمة حليف لهم من بني أسد بن خزيمة ثلاثة نفر ومن بني خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن أبو داود عمير بن عامر بن مالك بن خنساء وسراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء رجلان ومن بني ثعلبة بن مازن بن النجار قيس بن مخلد بن ثعلبة بن صخر بن حبيب بن الحارث بن ثعلبة رجل ومن بني دينار بن النجار ثم من بني مسعود بن عبد الأشهل بن حارثة ابن دينار بن النجار النعمان بن عبد عمرو بن مسعود والضحاك بن عبد عمرو ابن مسعود وسليم بن الحارث بن ثعلبة بن كعب بن حارثة بن دينار وهو أخو الضحاك والنعمان ابني عبد عمرو لأمهما وجابر بن خالد بن عبد الأشهل ابن حارثة وسعد بن سهيل بن عبد الأشهل خمسة نفر § ومن بني قيس بن مالك بن كعب بن حارثة بن دينار بن النجار كعب بن زيد بن قيس وبجير بن أبي بجير حليف لهم رجلان.
قال ابن إسحاق فجميع من شهد بدرا من المسلمين من المهاجرين والأنصار من شهدها منهم ومن ضرب له بسهمه وأجره ثلاث مائة رجل وأربعة عشر رجلا من المهاجرين ثلاثة وثمانون رجلا ومن الأوس واحد وستون رجلا ومن الخزرج مائة وسبعون رجلا.
من استشهد من المسلمين يوم بدر *
واستشهد من المسلمين يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش ثم من بني المطلب بن عبد مناف عبيدة بن الحارث بن المطلب قتله عتبة بن ربيعة قطع رجله فمات بالصفراء رجل § ومن بني زهرة بن كلاب عمير بن أبي وقاص بن أهيب بن عبد مناف ابن زهرة.
وذو الشمالين ابن عبد عمرو بن نضلة حليف لهم من خزاعة ثم من بني غبشان رجلان ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عاقل بن البكير حليف لهم من بني سعد بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة ومهجع مولى عمر بن الخطاب رجلان ومن بني الحارث بن فهر صفوان بن بيضاء رجل ستة نفر ومن الأنصار ثم من بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة ومبشر بن عبد المنذر بن زنبر رجلان ومن بني الحارث بن الخزرج يزيد بن الحارث وهو الذي يقال له ابن فسحم رجل ومن بني سلمة ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة عمير بن الحمام رجل ومن بني حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم رافع بن المعلى رجل § ومن بني النجار حارثة بن سراقة بن الحارث رجل ومن بني غنم بن مالك بن النجار عوف ومعوذ ابنا الحارث بن رفاعة ابن سواد وهما ابنا عفراء رجلان ثمانية نفر.
من قتل ببدر من المشركين *
وقتل من المشركين يوم بدر من قريش ثم من بني عبد شمس بن عبد مناف حنظلة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس قتله.
قال ابن إسحاق وعبيدة بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس قتله الزبير بن العوام والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية قتله علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخو بني عمرو بن عوف صبرا.
قال ابن إسحاق وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس قتله حمزة بن عبد المطلب والوليد بن عتبة بن ربيعة قتله علي بن أبي طالب وعامر بن عبد الله حليف لهم من بني أنمار بن بغيض قتله علي بن أبي طالب اثنا عشر رجلا ومن بني نوفل بن عبد مناف الحارث بن عامر بن نوفل قتله فيما يذكرون خبيب بن إساف أخو بني الحارث بن الخزرج وطعيمة بن عدي بن نوفل قتله علي بن أبي طالب ويقال حمزة بن عبد المطلب رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد.
قال ابن إسحاق ونوفل بن خويلد بن أسد وهو ابن العدوية عدي خزاعة وهو الذي قرن أبا بكر الصديق وطلحة بن عبيد الله حين أسلما في حبل فكانا يسميان القرينين لذلك وكان من شياطين قريش قتله علي بن أبي طالب خمسة نفر.
ومن عبد الدار بن قصي النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب صبرا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء فيما يذكرون.
قال ابن إسحاق وعثمان بن مالك بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب قتله صهيب بن سنان رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة أبو جهل بن هشام واسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ضربه معاذ بن عمرو بن الجموح فقطع رجله وضرب ابنه عكرمة يد معاذ فطرحها ثم ضربه معوذ بن عفراء حتى أثبته ثم تركه وبه رمق ثم ذفف عليه عبد الله بن مسعود § واحتز رأسه حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلتمس في القتلى والعاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قتله عمر بن الخطاب ويزيد بن عبد الله حليف لهم من بني تميم.
قال ابن إسحاق والأسود بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قتله حمزة بن عبد المطلب وحاجب بن السائب بن عويمر بن عمرو ابن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.
ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي منبه بن الحجاج § ابن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم قتله أبو اليسر أخو بني سلمة وابنه العاص بن منبه بن الحجاج.
ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي أمية بن خلف ابن وهب بن حذافة بن جمح قتله رجل من الأنصار من بني مازن.
قال ابن إسحاق وابنه علي بن أمية بن خلف قتله عمار بن ياسر وأوس ابن معير بن لوذان بن سعد بن جمح قتله.
قال ابن إسحاق ومعبد بن وهب حليف لهم من بني كلب بن عوف ابن كعب بن عامر بن ليث قتل معبدا خالد وإياس ابنا البكير.
ذكر أسرى قريش يوم بدر *
قال ابن إسحاق وأسر من المشركين من قريش يوم بدر من بني هاشم بن عبد مناف عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ومن بني المطلب بن عبد مناف السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب ونعمان بن عمرو بن علقمة بن المطلب رجلان § ومن بني عبد شمس بن عبد مناف عمرو بن أبي سفيان بن حرب بن أمية ابن عبد شمس والحارث بن أبي وجزة بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس.
قال ابن إسحاق وأبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس وأبو العاص بن نوفل بن عبد شمس ومن حلفائهم أبو ريشة بن أبي عمرو وعمرو بن الأزرق وعقبة بن عبد الحارث بن الحضرمي سبعة نفر ومن بني نوفل بن عبد مناف عدي بن الخيار بن عدي بن نوفل وعثمان بن عبد شمس ابن أخي غزوان بن جابر حليف لهم من بني مازن بن منصور وأبو ثور حليف لهم ثلاثة نفر ومن بني عبد الدار بن قصي أبو عزيز بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار والأسود بن عامر حليف لهم ويقولون نحن بنو الأسود بن عامر ابن عمرو بن الحارث بن السباق رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي السائب بن أبي حبيش بن المطلب ابن أسد والحويرث بن عباد بن عثمان بن أسد.
قال ابن إسحاق وسالم بن شماخ حليف لهم ثلاثة نفر ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة خالد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة والوليد بن الوليد بن المغيرة وعثمان بن عبد الله بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وصيفي ابن أبي رفاعة بن عابا بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو المنذر بن أبي رفاعة ابن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأبو عطاء عبد الله بن أبي السائب بن عبد الله بن عمر بن مخزوم والمطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم وخالد بن الأعلم حليف لهم وهو كان فيما يذكرون أول من ولى فارا منهزما وهو الذي يقول ولسنا على الأدبار تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا يقطر الدم تسعة نفر.
قال ابن إسحاق ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب أبو وداعة ابن ضبيرة بن سعيد بن سعد بن سهم كان أول أسير أفتدي من أسرى بدر افتداه ابنه المطلب بن أبي وداعة وفروة بن قيس بن عدي بن حذافة § ابن سعد بن سهم وحنظلة بن قبيصة بن حذافة بن سعد بن سهم والحجاج ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم أربعة نفر ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن أبي بن خلف ابن وهب بن حذافة بن جمح وأبو عزة عمرو بن عبد بن عثمان بن وهيب بن حذافة بن جمح والفاكه مولى أمية بن خلف ادعاه بعد ذلك رباح بن المغترف وهو يزعم أنه من بني شماخ بن محارب بن فهر ويقال إن الفاكه ابن جرول بن حذيم بن عوف بن غضب بن شماخ بن محارب بن فهر ووهب بن عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح وربيعة ابن دراج بن العنبس بن أهبان بن وهب بن حذافة بن جمح خمسة نفر ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر ابن مالك بن حسل بن عامر أسره مالك بن الدخشم أخو بني سالم بن عوف وعبد بن زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وعبد الرحمن بن مشنوء بن وقدان بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ثلاثة نفر § ومن بني الحارث بن فهر الطفيل بن أبي قنيع وعتبة بن عمرو بن جحدم رجلان قال ابن إسحاق فجميع من حفظ لنا من الأسارى ثلاثة وأربعون رجلا.
ما قيل من الشعر في يوم بدر *
قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم بدر وتراد به القوم بينهم لما كان فيه قول حمزة بن عبد المطلب يرحمه الله.
ألم تر أمرا كان من عجب الدهر وللحين أسباب مبينة الأمر § وما ذاك إلا أن قوما أفادهم فحانوا تواص بالعقوق وبالكفر عشية راحوا نحو بدر بجمعهم فكانوا رهونا للركية من بدر وكنا طلبنا العير لم نبغ غيرها فساروا إلينا فالتقنا على قدر فلما التقينا لم تكن مثنوية لنا غير طعن بالمثقفة السمر وضرب ببيض يختلي الهام حدها مشهرة الألوان بينة الأثر ونحن تركنا عتبة الغي ثاويا وشيبة في القتلى تجرجم في الجفر وعمرو ثوى فيمن ثوى من حماتهم فشقت جيوب النائحات على عمرو جيوب نساء من لؤي بن غالب كرام تفرعن الذوائب من فهر أولئك قوم قتلوا في ضلالهم وخلوا لواء غير محتضر النصر لواء ضلال قاد إبليس أهله فخاس بهم إن الخبيث إلى غدر وقال لهم إذ عاين الأمر واضحا برئت إليكم ما بي اليوم من صبر فإني أرى ما لا ترون وإنني أخاف عقاب الله والله ذو قسر فقدمهم للحين حتى تورطوا وكان بما لم يخبر القوم ذا خبر فكانوا غداة البئر ألفا وجمعنا ثلاث مئين كالمسدمة الزهر وفينا جنود الله حين يمدنا بهم في مقام ثم مستوضح الذكر فشد بهم جبريل تحت لوائنا لدى مأزق فيه مناياهم تجري § فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة فقال ألا يا لقومي للصبابة والهجر وللحزن مني والحرارة في الصدر وللدمع من عيني جودا كأنه فريد هوى من سلك ناظمه يجري على البطل الحلو الشمائل إذ ثوى رهين مقام للركية من بدر فلا تبعدن يا عمرو من ذي قرابة ومن ذي ندام كان ذا خلق غمر فإن يك قوم صادفوا منك دولة فلا بد للأيام من دول الدهر فقد كنت في صرف الزمان الذي مضى تريهم هوانا منك ذا سبل وعر فإلا أمت يا عمرو أتركك ثائرا ولا أبق بقيا في إخاء ولا صهر وأقطع ظهرا من رجال بمعشر كرام عليهم مثل ما قطعوا ظهري أغرهم ما جمعوا من وشيظة ونحن الصميم في القبائل من فهر فيال لؤي ذببوا عن حريمكم وآلهة لا تتركوها لذي الفخر توارثها آباؤكم وورثتم أواسيها والبيت ذا السقف والستر فما لحليم قد أراد هلاككم فلا تعذروه آل غالب من عذر وجدوا لمن عاديتم وتوازروا وكونوا جميعا في التأسي وفي الصبر لعلكم أن تثأروا بأخيكم ولا شيء إن لم تثأروا بذوي عمرو § بمطردات في الأكف كأنها وميض تطير الهام بينة الأثر كأن مدب الذر فوق متونها إذا جردت يوما لأعدائها الخزر.
وذكره في هذا الشعر ألم تر أن الله أبلى رسوله بلاء عزيز ذي اقتدار وذي فضل بما أنزل الكفار دار مذلة فلاقوا هوانا من إسار ومن قتل فأمسى رسول الله قد عز نصره وكان رسول الله أرسل بالعدل فجاء بفرقان من الله منزل مبينة آياته لذوي العقل فآمن أقوام بذاك وأيقنوا فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل وأنكر أقوام فزاغت قلوبهم فزادهم ذو العرش خبلا على خبل وأمكن منهم يوم بدر رسوله وقوما غضابا فعلهم أحسن الفعل بأيديهم بيض خفاف عصوا بها وقد حادثوها بالجلاء وبالصقل فكم تركوا من ناشئ ذي حمية صريعا ومن ذي نجدة منهم كهل § تبيت عيون النائحات عليهم تجود بأسبال الرشاش وبالوبل نوائح تنعى عتبة الغي وابنه وشيبة تنعاه وتنعى أبا جهل وذا الرجل تنعى وابن جدعان فيهم مسلبة حرى مبينة الثكل ثوى منهم في بئر بدر عصابة ذوي نجدات في الحروب وفي المحل دعا الغي منهم من دعا فأجابه وللغي أسباب مرمقة الوصل فأضحوا لدى دار الجحيم بمعزل عن الشغب والعدوان في أشغل الشغل فأجابه الحارث بن هشام بن المغيرة فقال عجبت لأقوام تغنى سفيههم بأمر سفاه ذي اعتراض وذي بطل تغنى بقتلى يوم بدر تتابعوا كرام المساعي من غلام ومن كهل مصاليت بيض من لؤي بن غالب مطاعين في الهيجا مطاعيم في المحل أصيبوا كراما لم يبيعوا عشيرة بقوم سواهم نازحي الدار والأصل كما أصبحت غسان فيكم بطانة لكم بدلا منا فيا لك من فعل عقوقا وإثما بينا وقطيعة يرى جوركم فيها ذو والرأى والعقل فإن يك قوم قد مضوا لسبيلهم وخير المنايا ما يكون من القتل فلا تفرحوا أن تقتلوهم فقتلهم لكم كائن خبلا مقيما على خبل فإنكم لن تبرحوا بعد قتلهم شتيتا هواكم غير مجتمعي الشمل § بفقد ابن جدعان الحميد فعاله وعتبة والمدعو فيكم أبا جهل وشيبة فيهم والوليد وفيهم أمية مأوى المعترين وذو الرجل أولئك فابك ثم لا تبك غيرهم نوائح تدعو بالرزية والثكل وقولوا لأهل المكتين تحاشدوا وسيروا إلى آطام يثرب ذي النخل جميعا وحاموا آل كعب وذببوا بخالصة الألوان محدثة الصقل وإلا فبيتوا خائفين وأصبحوا أذل لوطء الواطئين من النعل على أنني واللات يا قوم فاعلموا بكم واثق أن لا تقيموا على تبل سوى جمعكم للسابغات وللقنا وللبيض والبيض القواطع والنبل وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر في يوم بدر عجبت لفخر الأوس والحين دائر عليهم غدا والدهر فيه بصائر وفخر بني النجار إن كان معشر أصيبوا ببدر كلهم ثم صابر فإن تك قتلى غودرت من رجالنا فإنا رجال بعدهم سنغادر وتردي بنا الجرد العناجيج وسطكم بني الأوس حتى يشفي النفس ثائر ووسط بني النجار سوف نكرها لها بالقنا والدار عين زوافر فنترك صرعى تعصب الطير حولهم وليس لهم إلا الأماني ناصر § وتبكيهم من أهل يثرب نسوة لهن بها ليل عن النوم ساهر وذلك أنا لا تزال سيوفنا بهن دم ممن يحاربن مائر فإن تظفروا في يوم بدر فإنما بأحمد أمسى جدكم وهو ظاهر وبالنفر الأخيار هم أولياؤه يحامون في اللأواء والموت حاضر يعد أبو بكر وحمزة فيهم ويدعى علي وسط من أنت ذاكر ويدعى أبو حفص وعثمان منهم وسعد إذا ما كان في الحرب حاضر أولئك لا من نتجت في ديارها بنو الأوس والنجار حين تفاخر ولكن أبوهم من لؤي بن غالب إذا عدت الأنساب كعب وعامر هم الطاعنون الخيل في كل معرك غداة الهياج الأطيبون الأكاثر فأجابه كعب بن مالك أخو بني سلمة فقال عجبت لأمر الله والله قادر على ما أراد ليس لله قاهر قضى يوم بدر أن نلاقي معشرا بغوا وسبيل البغي بالناس جائر وقد حشدوا واستنفروا من يليهم من الناس حتى جمعهم متكاثر وسارت إلينا لا تحاول غيرنا بأجمعها كعب جميعا وعامر وفينا رسول الله والأوس حوله له معقل منهم عزيز وناصر وجمع بني النجار تحت لوائه يمشون في الماذي والنقع ثائر فلما لقيناهم وكل مجاهد لأصحابه مستبسل النفس صابر شهدنا بأن الله لا رب غيره وأن رسول الله بالحق ظاهر § وقد عريت بيض خفاف كأنها مقابيس يزهيها لعينيك شاهر بهن أبدنا جمعهم فتبددوا وكان يلاقي الحين من هو فاجر فكب أبو جهل صريعا لوجهه وعتبة قد غادرنه وهو عاثر وشيبة والتيمي غادرن في الوغى وما منهم إلا بذي العرش كافر فأمسوا وقود النار في مستقرها وكل كفور في جهنم صائر تلظى عليهم وهي قد شب حميها بزبر الحديد والحجارة ساجر وكان رسول الله قد قال أقبلوا فولوا وقالوا إنما أنت ساحر لأمر أراد الله أن يهلكوا به وليس لأمر حمه الله زاجر وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي يبكي قتلى بدر.
قال ابن إسحاق حليف بني عبد الدار ماذا على بدر وماذا حوله من فتية بيض الوجوه كرام تركوا نبيها خلفهم ومنبها وابني ربيعة خير خصم فئام والحارث الفياض يبرق وجهه كالبدر جلى ليلة الإظلام والعاصي بن منبه ذا مرة رمحا تميما غير ذي أوصام § تنمى به أعراقه وجدوده ومآثر الأخوال والأعمام وإذا بكى باك فأعول شجوه فعلى الرئيس الماجد ابن هشام حيا الإله أبا الوليد ورهطه رب الأنام وخصهم بسلام فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال ابك بكت عيناك ثم تبادرت بدم تعل غروبها سجام ماذا بكيت به الذين تتايعوا هلا ذكرت مكارم الأقوام وذكرت منا ماجدا ذا همة سمح الخلائق صادق الإقدام أعني النبي أخا المكارم والندى وأبر من يولى على الإقسام فلمثله ولمثل ما يدعو له كان الممدح ثم غير كهام وقال حسان بن ثابت الأنصاري أيضا تبلت فؤادك في المنام خريدة تسقى الضجيع ببارد بسام كالمسك تخلطه بماء سحابة أو عاتق كدم الذبيح مدام نفج الحقيبة بوصها متنضد بلهاء غير وشيكة الأقسام § بنيت على قطن أجم كأنه فضلا إذا قعدت مداك رخام وتكاد تكسل أن تجيء فراشها في جسم خرعبة وحسن قوام أما النهار فلا أفتر ذكرها والليل توزعني بها أحلامي أقسمت أنساها وأترك ذكرها حتى تغيب في الضريح عظامي يا من لعاذلة تلوم سفاهة ولقد عصيت على الهوى لوامي بكرت علي بسحرة بعد الكرى وتقارب من حادث الأيام زعمت بأن المرء معديكرب عمره عدم لمعتكر من الأصرام إن كنت كاذبة الذي حدتتني فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجا برأس طمرة ولجام تذر العناجيج الجياد بقفرة مر الدموك بمحصد ورجام § ملأت به الفرجين فار مدت به وثوى أحبته بشر مقام وبنو أبيه ورهطه في معرك نصر الإله به ذوي الإسلام طحنتهم والله ينفذ أمره حرب يشب سعيرها بضرام لولا الإله وجريها لتركنه جزر السباع ودسنه بحوامي من بين مأسور يشد وثاقه صقر إذا لاقى الأسنة حامي ومجدل لا يستجيب لدعوة حتى تزول شوامخ الأعلام بالعار والذل المبين إذ رأى بيض السيوف تسوق كل همام بيدي أغر إذا انتمى لم يخزه نسب القصار سميدع مقدام بيض إذا لاقت حديدا صممت كالبرق تحت ظلال كل غمام فأجابه الحارث بن هشام فيما ذكر ابن هشام فقال الله أعلم ما تركت قتالهم حتى حبوا مهري بأشقر مزبد وعرفت أني إن أقاتل واحدا أقتل ولا ينكي عدوي مشهدي فصددت عنهم والأحبة فيهم طمعا لهم بعقاب يوم مفسد قال ابن إسحاق قالها الحارث يعتذر من فراره يوم بدر.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا لقد علمت قريش يوم بدر غداة الأسر والقتل الشديد بأنا حين تشتجر العوالي حماة الحرب يوم أبي الوليد قتلنا ابني ربيعة يوم سارا إلينا في مضاعفة الحديد وفر بها حكيم يوم جالت بنو النجار تخطر كالأسود وولت عند ذاك جموع فهر وأسلمها الحويرث من بعيد لقد لاقيتم ذلا وقتلا جهيزا نافذا تحت الوريد وكل القوم قد ولوا جميعا ولم يلووا على الحسب التليد وقال حسان بن ثابت أيضا يا حار قد عولت غير معول عند الهياج وساعة الأحساب إذ تمتطي سرح اليدين نجيبة مرطى الجراء طويلة الأقراب والقوم خلفك قد تركت قتالهم ترجو النجاء وليس حين ذهاب § ألا عطفت على ابن أمك إذ ثوى قعص الأسنة ضائع الأسلاب عجل المليك له فأهلك جمعه بشنار مخزية وسوء عذاب.
مستشعري حلق الماذي يقدمهم %~% جلد النحيزة ماض غير رعديد أعني رسول إله الخلق فضله على البرية بالتقوى وبالجود وقد زعمتم بأن تحموا ذماركم وماء بدر زعمتم غير مورود ثم وردنا ولم نسمع لقولكم حتى شربنا رواء غير تصريد مستعصمين بحبل غير منجذم مستحكم من حبال الله ممدود فينا الرسول وفينا الحق نتبعه حتى الممات ونصر غير محدود واف وماض شهاب يستضاء به بدر أنار على كل الأماجيد.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا § خابت بنو أسد وآب غزيهم يوم القليب بسوأة وفضوح منهم أبو العاصي تجدل مقعصا عن ظهر صادقة النجاء سبوح حينا له من مانع بسلاحه لما ثوى بمقامه المذبوح والمرء زمعة قد تركن ونحره يدمى بعاند معبط مسفوح متوسدا حر الجبين معفرا قد عر مارن أنفه بقبوح ونجا ابن قيس في بقية رهطه بشفا الرماق موليا بجروح وقال حسان بن ثابت أيضا ألا ليت شعري هل أتى أهل مكة إبارتنا الكفار في ساعة العسر قتلنا سراة القوم عند مجالنا فلم يرجعوا إلا بقاصمة الظهر قتلنا أبا جهل وعتبة قبله وشيبة يكبو لليدين وللنحر قتلنا سويدا ثم عتبة بعده وطعمة أيضا عند ثائرة القتر فكم قد قتلنا من كريم مرزإ له حسب في قومه نابه الذكر تركناهم للعاويات ينبنهم ويصلون نارا بعد حامية القعر § لعمرك ما حامت فوارس مالك وأشياعهم يوم التقينا على بدر.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا نجى حكيما يوم بدر شده كنجاء مهر من بنات الأعوج لما رأى بدرا تسيل جلاهه بكتيبة خضراء من بلخزرج لا ينكلون إذا لقرا أعداءهم يمشون عائدة الطريق المنهج كم فيهم من ماجد ذي منعة بطل بمهلكة الجبان المحرج ومسود يعطي الجزيل بكفه حمال أثقال الديات متوج زين الندي معاود يوم الوغى ضرب الكماة بكل أبيض سلجج.
قال ابن إسحاق وقال حسان أيضا فما نخشى بحول الله قوما وإن كثروا وأجمعت الزحوف § إذا ما ألبوا جمعا علينا كفانا حدهم رب رءوف سمونا يوم بدر بالعوالي سراعا ما تضعضعنا الحتوف فلم تر عصبة في الناس أنكى لمن عادوا إذا لقحت كشوف ولكنا توكلنا وقلنا مآثرنا ومعقلنا السيوف لقيناهم بها لما سمونا ونحن عصابة وهم ألوف وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو بني جمح ومن أصيب منهم جمحت بنو جمح لشقوة جدهم إن الذليل موكل بذليل قتلت بنو جمح ببدر عنوة وتخاذلوا سعيا بكل سبيل جحدوا الكتاب وكذبوا بمحمد والله يظهر دين كل رسول لعن الإله أبا خزيمة وابنه والخالدين وصاعد بن عقيل.
قال ابن إسحاق وقال عبيدة بن الحارث بن المطلب في يوم بدر وفي قطع رجله حين أصيبت في مبارزته هو وحمزة وعلي حين بارزوا عدوهم.
ستبلغ عنا أهل مكة وقعة %~% يهب لها من كان عن ذاك نائيا بعتبة إذ ولى وشيبة بعده وما كان فيها بكر عتبة راضيا § فإن تقطعوا رجلي فإنى مسلم أرجي بها عيشا من الله دانيا مع الحور أمثال التماثيل أخلصت مع الجنة العليا لمن كان عاليا وبعت بها عيشا تعرقت صفوه وعالجته حتى فقدت الأدانيا فأكرمني الرحمن من فضل منه بئوب من الإسلام غطى المساويا وما كان مكروها إلي قتالهم غداة دعا الأكفاء من كان داعيا ولم يبغ إذ سالوا النبي سواءنا ثلاثتنا حتى حضرنا المناديا لقيناهم كالأسد تخطر بالقنا نقاتل في الرحمن من كان عاصيا فما برحت أقدامنا من مقامنا ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا.
قال ابن إسحاق فلما هلك عبيدة بن الحارث من مصاب رجله يوم بدر قال كعب بن مالك الأنصاري يبكيه أيا عين جودي ولا تبخلي بدمعك حقا ولا تنزري على سيد هدنا هلكه كريم المشاهد والعنصر § جريء المقدم شاكي السلاح كريم النثا طيب المكسر عبيدة أمسى ولا نرتجيه لعرف عرانا ولا منكر وقد كان يحمى غداة القتال حامية الجيش بالمبتر وقال كعب بن مالك أيضا في يوم بدر ألا هل أتى غسان في نأي دارها وأخبر شيء بالأمور عليمها بأن قد رمتنا عن قسي عداوة معد معا جهالها وحليمها لأنا عبدنا الله لم نرج غيره رجاء الجنان إذ أتانا زعيمها نبي له في قومه إرث عزة وأعراق صدق هذبتها أرومها فساروا وسرنا فالتقينا كأننا أسود لقاء لا يرجى كليمها ضربناهم حتى هوى في مكرنا لمنخر سوء من لؤي عظيمها فولوا ودسناهم ببيض صوارم سواء علينا حلفها وصميمها وقال كعب بن مالك أيضا لعمر أبيكما يا بني لؤي على زهو لديكم وانتخاء § لما حامت فوارسكم ببدر ولا صبروا به عند اللقاء وردناه بنور الله يجلو دجى الظلماء عنا والغطاء رسول الله يقدمنا بأمر من أمر الله أحكم بالقضاء فما ظفرت فوارسكم ببدر وما رجعوا إليكم بالسواء فلا تعجل أبا سفيان وارقب جياد الخيل تطلع من كداء بنصر الله روح القدس فيها وميكال فيا طيب الملاء وقال طالب بن أبي طالب يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبكي أصحاب القليب من قريش يوم بدر ألا إن عيني أنفدت دمعها سكبا تبكي على كعب وما إن ترى كعبا ألا إن كعبا في الحروب تخاذلوا وأرداهم ذا الدهر واجترحوا ذنبا وعامر تبكي للملمات غدوة فيا ليت شعري هل أرى لهما قربا هما أخواي لن يعدا لغية تعد ولن يستام جارهما غصبا فيا أخوينا عبد شمس ونوفلا فدى لكما لا تبعثوا بيننا حربا ولا تصبحوا من بعد ود وألفة أحاديث فيها كلكم يشتكي النكبا ألم تعلموا ما كان في حرب داحس وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا فلولا دفاع الله لا شيء غيره لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا § فما إن جنينا في قريش عظيمة سوى أن حمينا خير من وطئ التربا أخا ثقة في النائبات مرزأ كريما نثاه لا بخيلا ولا ذربا يطيف به العافون يغشون بابه يؤمون بحرا لا نزورا ولا صربا فو الله لا تنفك نفسي حزينة تململ حتى تصدقوا الخزرج الضربا وقال ضرار بن الخطاب الفهري يرثي أبا جهل ألا من لعين باتت الليل لم تنم تراقب نجما في سواد من الظلم كأن قذى فيها وليس بها قذى سوى عبرة من جائل الدمع تنسجم فبلغ قريشا أن خير نديها وأكرم من يمشي بساق على قدم ثوى يوم بدر رهن خوصاء رهنها كريم المساعي غير وغد ولا برم فآليت لا تنفك عيني بعبرة على هالك بعد الرئيس أبي الحكم على هالك أشجى لؤي بن غالب أتته المنايا يوم بدر فلم يرم ترى كسر الخطي في نحر مهره لدى بائن من لحمه بينها خذم وما كان ليث ساكن بطن بيشة لدى غلل يجري ببطحاء في أجم § بأجرأ منه حين تختلف القنا وتدعى نزال في القماقمة البهم فلا تجزعوا آل المغيرة واصبروا عليه ومن يجزع عليه فلم يلم وجدوا فإن الموت مكرمة لكم وما بعده في آخر العيش من ندم وقد قلت إن الريح طيبة لكم وعز المقام غير شك لذي فهم.
قال ابن إسحاق وقال الحارث بن هشام يبكي أخاه أبا جهل ألا يا لهف نفسي بعد عمرو وهل يغني التلهف من قتيل يخبرني المخبر أن عمرا أمام القوم في جفر محيل فقدما كنت أحسب ذاك حقا وأنت لما تقدم غير فيل وكنت بنعمة ما دمت حيا فقد خلفت في درج المسيل كأنى حين أمسي لا أراه ضعيف العقد ذو هم طويل على عمرو إذا أمسيت يوما وطرف من تذكره كليل.
قال ابن إسحاق وقال أبو بكر بن الأسود بن شعوب الليثي وهو شداد ابن الأسود تحيي بالسلامة أم بكر وهل لي بعد قومي من سلام فماذا بالقليب قليب بدر من القينات والشرب الكرام وماذا بالقليب قليب بدر من الشيزى تكلل بالسنام وكم لك بالطوي طوي بدر من الحومات والنعم المسام وكم لك بالطوي طوي بدر من الغايات والدسع العظام وأصحاب الكريم أبي علي أخي الكاس الكريمة والندام وإنك لو رأيت أبا عقيل وأصحاب الثنية من نعام إذا لظللت من وجد عليهم كأم السقب جائلة المرام يخبرنا الرسول لسوف نحيا وكيف لقاء أصداء وهام.
وقال ابن إسحاق وقال أمية بن أبي الصلت يرثي من أصيب من قريش يوم بدر ألا بكيت على الكرام بني الكرام أولي الممادح كبكا الحمام على فروع الأيك في الغصن الجوانح يبكين حرى مستكينا ت يرحن مع الروائح أمثالهن الباكيات المعولات من النوائح من يبكهم يبك على حزن ويصدق كل مادح ماذا ببدر فالعقنقل من مرازبة جحاجح فمدافع البرقين فالحنان من طرف الأواشح شمط وشبان بها ليل مغاوير وحاوح ألا ترون لما أرى ولقد أبان لكل لامح أن قد تغير بطن مكة فهي موحشة الأباطح من كل بطريق لبطريق نقي القون واضح دعموص أبواب الملوك وجائب للخرق فاتح § من السراطمة الخلاجمة الملاوثة المناجح القائلين الفاعلين الآمرين بكل صالح المطعمين الشحم فو ق الخبز شحما كالأنافح نقل الجفان مع الجفان إلى جفان كالمناضح ليست بأصفار لمن يعفوه ولا رح رحارح للضيف ثم الضيف بعد الضيف والبسط السلاطح وهب المئين من المئين إلى المئين من اللواقح سوق المؤبل للمؤبل صادرات عن بلادح لكرامهم فوق الكرام مزية وزن الرواجح كتثاقل الأرطال بالقسطاس في الأيدي الموائح خذلتهم فئة وهم يحمون عورات الفضائح § الضاربين التقدمية بالمهندة الصفائح ولقد عناني صوتهم من بين مستسق وصائح لله در بنى علي أيم منهم وناكح إن لم يغيروا غارة شعواء تجحر كل نابح بالمقربات المبعدات الطامحات مع الطوامح مردا على جرد إلى أسد مكالبة كوالح ويلاق قرن قرنه مشي المصافح للمصافح بزهاء ألف ثم ألف بين ذي بدن ورامح.
قال ابن إسحاق وقال أمية بن أبي الصلت يبكي زمعة بن الأسود وقتلى بني أسد § عين بكي بالمسبلات أبا الحارث لا تذخري على زمعه وابكي عقيل بن أسود أسد البأس ليوم الهياج والدفعه تلك بنو أسد إخوة الجوزاء لا خانة ولا خدعه هم الأسرة الوسيطة من كعب وهم ذروة السنام والقمعه أنبتوا من معاشر شعر الرأس وهم ألحقوهم المنعه أمسى بنو عمهم إذا حضر البأس أكبادهم عليهم وجعه وهم المطعمون إذ قحط القطر وحالت فلا ترى قزعه.
قال ابن إسحاق وقال أبو أسامة معاوية بن زهير بن قيس بن الحارث § ابن سعد بن ضبيعة بن مازن بن عدي بن جشم بن معاوية حليف بني مخزوم.
وكان مر بهبيرة بن أبي وهب وهم منهزمون يوم بدر وقد أعيا هبيرة فقام فألقى عنه درعه وحمله فمضى به.
ولما أن رأيت القوم خفوا %~% وقد زالت نعامتهم لنفر وأن تركت سراة القوم صرعى كأن خيارهم أذباح عتر وكانت جمة وافت حماما ولقينا المنايا يوم بدر نصد عن الطريق وأدركونا كأن زهاءهم غطيان بحر وقال القائلون من ابن قيس فقلت أبو أسامة غير فخر أنا الجشمي كيما تعرفوني أبين نسبتي نقرا بنقر فإن تك في الغلاصم من قريش فإني من معاوية بن بكر § فأبلغ مالكا لما غشينا وعندك مال إن نبأت خبرى وأبلغ إن بلغت المرء عنا هبيرة وهو ذو علم وقدر بأني إذ دعيت إلى أفيد كررت ولم يضق بالكر صدري عشية لا يكر على مضاف ولا ذي نعمة منهم وصهر فدونكم بني لأي أخاكم ودونك مالكا يا أم عمرو فلولا مشهدي قامت عليه موقفة القوائم أم أجري دفوع للقبور بمنكبيها كأن بوجهها تحميم قدر فأقسم بالذي قد كان ربي وأنصاب لدى الجمرات مغر لسوف ترون ما حسبي إذا ما تبدلت الجلود جلود نمر فما إن خادر من أسد ترج مدل عنبس في الغيل مجري فقد أحمي الأباءة من كلاف فما يدنو له أحد بنقر § بخل تعجز الحلفاء عنه يواثب كل هجهجة وزجر بأوشك سورة مني إذا ما حبوت له بقرقرة وهدر ببيض كالأسنة مرهفات كأن ظباتهن جحيم جمر وأكلف مجنإ من جلد ثور وصفراء البراية ذات أزر وأبيض كالغدير ثوى عليه عمير بالمداوس نصف شهر أرفل في حمائله وأمشي كمشية خادر ليث سبطر بقول لي الفتى سعد هديا فقلت لعله تقريب غدر وقلت أبا عدي لا تطرهم وذلك إن أطعت اليوم أمري كدأبهم بفروة إذ أتاهم فظل يقاد مكتوفا بضفر.
قال ابن إسحاق وقال أبو أسامة أيضا § ألا من مبلغ عني رسولا مغلغلة يثبتها لطيف ألم تعلم مردي يوم بدر وقد برقت بجنبيك الكفوف وقد تركت سراة القوم صرعى كأن رءوسهم حدج نقيف وقد مالت عليك ببطن بدر خلاف القوم داهية خصيف فنجاه من الغمرات عزمي وعون الله والأمر الحصيف ومنقلبي من الأبواء وحدي ودونك جمع أعداء وقوف وأنت لمن أرادك مستكين بجنب كراش مكلوم نزيف وكنت إذا دعاني يوم كرب من الأصحاب داع مستضيف فأسمعني ولو أحببت نفسي أخ في مثل ذلك أو حليف أرد فأكشف الغمى وأرمي إذا كلح المشافر والأنوف وقرن قد تركت على يديه ينوء كأنه غصن قصيف دلفت له إذ اختلطوا بحرى مسحسحة لعاندها حفيف § فذلك كان صنعي يوم بدر وقبل أخو مداراة عزوف أخوكم في السنين كما علمتم وحرب لا يزال لها صريف ومقدام لكم لا يزدهيني جنان الليل والأنس اللفيف أخوض الصرة الجماء خوضا إذا ما الكلب ألجأه الشفيف.
قال ابن إسحاق وقالت هند بنت عتبة بن ربيعة تبكي أباها يوم بدر أعيني جودا بدمع سرب على خير خندف لم ينقلب تداعى له رهطه غدوة بنو هاشم وبنو المطلب يذيقونه حد أسيافهم يعلونه بعد ما قد عطب يجرونه وعفير التراب على وجهه عاريا قد سلب وكان لنا جبلا راسيا جميل المراة كثير العشب وأما بري فلم أعنه فأوتي من خير ما يحتسب وقالت هند أيضا § يريب علينا دهرنا فيسوؤنا ويأبى فما نأتي بشيء يغالبه أبعد قتيل من لؤي بن غالب يراع أمر وإن مات أو مات صاحبه ألا رب يوم قد رزئت مرزأ تروح وتغدو بالجزيل مواهبه فأبلغ أبا سفيان عني مألكا فإن ألقه يوما فسوف أعاتبه فقد كان حرب يسعر الحرب إنه لكل امرئ في الناس مولى يطالبه.
قال ابن إسحاق وقالت هند أيضا لله عينا من رأى هلكا كهلك رجاليه يا رب باك لي غدا في النائبات وباكيه كم غادروا يوم القليب غداة تلك الواعيه من كل غيث في السنين إذا الكواكب خاويه قد كنت أحذر ما أرى فاليوم حق حذاريه قد كنت أحذر ما أرى فأنا الغداة مواميه يا رب قائلة غدا يا ويح أم معاويه.
قال ابن إسحاق وقالت هند أيضا يا عين بكي عتبه شيخا شديد الرقبه يطعم يوم المسغبه يدفع يوم المغلبه إني عليه حربه ملهوفة مستلبه لنهبطن يثربه بغارة منثعبه فيها الخيول مقربه كل جواد سلهبه وقالت صفية بنت مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف تبكي أهل القليب الذين أصيبوا يوم بدر من قريش وتذكر مصابهم يا من لعين قذاها عائر الرمد حد النهار وقرن الشمس لم يقد أخبرت أن سراة الأكرمين معا قد أحرزتهم مناياهم إلى أمد وفر بالقوم أصحاب الركاب ولم تعطف غداتئذ أم على ولد قومي صفي ولا تنسى قرابتهم وإن بكيت فما تبكين من بعد كانوا سقوب سماء البيت فانقصفت فأصبح السمك منها غير ذي عمد.
قال ابن إسحاق وقالت صفية بنت مسافر أيضا § ألا يا من لعين للتبكى دمعها فان كغربي دالج يسقى خلال الغيث الدان وما ليث غريف ذو أظافير وأسنان أبو شبلين وثاب شديد البطش غرثان كحبي إذ تولى و وجوه القوم ألوان وبالكف حسام صارم أبيض ذكران وأنت الطاعن النجلاء منها مزبد آن.
قال ابن إسحاق وقالت هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب ترثي عبيدة بن الحارث بن المطلب لقد ضمن الصفراء مجدا وسؤددا وحلما أصيلا وافر اللب والعقل عبيدة فابكيه لأضياف غربة وأرملة تهوي لأشعث كالجذل وبكيه للأقوام في كل شتوة إذا احمر آفاق السماء من المحل وبكيه للأيتام والريح زفزف وتشبيب قدر طالما أزبدت تغلي § فإن تصبح النيران قد مات ضوءها فقد كان يذكيهن بالحطب الجزل لطارق ليل أو لملتمس القرى ومستنبح أضحى لديه على رسل.
قال ابن إسحاق وقالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث تبكيه يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق أبلغ بها ميتا بأن تحية ما إن تزال بها النجائب تخفق مني إليك وعبرة مسفوحة جادت بواكفها وأخرى تخنق هل يسمعني النضر إن ناديته أم كيف يسمع ميت لا ينطق أمحمد يا خير ضنء كريمة في قومها والفحل فحل معرق § ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق أو كنت قابل فدية فلينفقن بأعز ما يغلو به ما ينفق فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عتق يعتق ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق صبرا يقاد إلى المنية متعبا رسف المقيد وهو عان موثق.
قال ابن إسحاق وكان فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر في عقب شهر رمضان أو في شوال.
غزوة بني سليم بالكدر *
قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقم بها إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه يريد بني سليم.
قال ابن إسحاق فبلغ ماء من مياههم يقال له الكدر فأقام عليه ثلاث ليال § ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فأقام بها بقية شوال وذا القعدة وأفدى في إقامته تلك جل الأسارى من قريش.
غزوة السويق *
قال حدثنا أبو محمد @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم غزا أبو سفيان بن حرب غزوة السويق في ذي الحجة وولى تلك الحجة المشركون من تلك السنة فكان أبو سفيان كما حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير ويزيد بن رومان ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك وكان من أعلم الأنصار حين رجع إلى مكة ورجع فل قريش من بدر نذر أن لا يمس رأسه ماء من جنابة حتى يغزو محمدا صلى الله عليه وسلم فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له ثيب من المدينة على بريد أو نحوه ثم خرج من الليل حتى أتى بني النضير تحت الليل فأتى حيي ابن أخطب فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له بابه وخافه فانصرف عنه إلى سلام بن مشكم وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك وصاحب كنزهم فاستأذن عليه فأذن له فقراه وسقاه وبطن له من خبر الناس ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجالا من قريش إلى المدينة فأتوا ناحية § منها يقال لها العريض فحرقوا في أصوار من نخل بها ووجدوا بها رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما ثم انصرفوا راجعين ونذر بهم الناس فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم.
حتى بلغ قرقرة الكدر ثم انصرف راجعا وقد فاته أبو سفيان وأصحابه وقد رأوا أزوادا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء فقال المسلمون حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله أتطمع لنا أن تكون غزوة قال نعم.
شعر أبي سفيان فيها *
قال ابن إسحاق وقال أبو سفيان بن حرب عند منصرفه لما صنع به سلام ابن مشكم وإني تخيرت المدينة واحدا لحلف فلم أندم ولم أتلوم § سقاني فرواني كميتا مدامة على عجل مني سلام بن مشكم ولما تولى الجيش قلت ولم أكن لأفرحه أبشر بعز ومغنم تأمل فإن القوم سر وإنهم صريح لؤي لا شماطيط جرهم وما كان إلا بعض ليلة راكب أتى ساعيا من غير خلة معدم.
غزوة ذي أمر *
فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريبا منها ثم غزا نجدا يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر.
قال ابن إسحاق فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا فلبث بها شهر ربيع الأول كله أو إلا قليلا منه.
غزوة الفرع من بحران *
قال ابن إسحاق حتى بلغ بحران معدنا بالحجاز من ناحية الفرع فأقام بها شهر ربيع الآخر وجمادى الأولى ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيدا.
أمر بني قينقاع *
قال وقد كان فيما بين ذلك من غزو رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بني قينقاع وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم بسوق بني قينقاع ثم قال يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم قالوا يا محمد إنك ترى أنا قومك لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس.
ما نزل فيهم *
قال ابن إسحاق فحدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة عن ابن عباس قال ما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقريش فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار .
كانوا أول من نقض العهد *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن بني قينقاع كانوا أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاربوا فيما بين بدر وأحد.
ما كان من ابن أبي مع الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمه فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول حين أمكنه الله منهم فقال يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج قال فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أحسن في موالي قال فأعرض عنه فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأوا لوجهه ظللا ثم قال ويحك أرسلني قال لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالى أربع مائة حاسر وثلاث مائة دارع قد منعوني من الأحمر والأسود تحصدهم في غداة واحدة إني والله امرؤ أخشى الدوائر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم لك.
تبرؤ ابن الصامت من حلفهم وما نزل فيه وفي ابن أبي *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصامت قال لما حاربت بنو قينقاع رسول الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبد الله بن أبي بن سلول وقام دونهم قال ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد بني عوف لهم من حلفه مثل الذي لهم من عبد الله بن أبي فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم من حلفهم وقال يا رسول الله أتولى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم قال ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت هذه القصة من المائدة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين فترى الذين في قلوبهم مرض أي لعبد الله بن أبي وقوله إني أخشى الدوائر يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم ثم القصة إلى قوله تعالى إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وذكر لتولي عبادة بن الصامت الله ورسوله والذين آمنوا وتبرئه من بني قينقاع § وحلفهم وولايتهم ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون .
سرية زيد بن حارثة إلى القردة *
قال ابن إسحاق وسرية زيد بن حارثة التي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها حين أصاب عير قريش وفيها أبو سفيان بن حرب على القردة ماء من مياه نجد وكان من حديثها أن قريشا خافوا طريقهم الذي كانوا يسلكون إلى الشأم حين كان من وقعة بدر ما كان فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم أبو سفيان بن حرب ومعه فضة كثيرة وهي عظم تجارتهم واستأجروا رجلا من بني بكر بن وائل يقال له فرات بن حيان يدلهم في ذلك على الطريق.
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فلقيهم على ذلك الماء فأصاب تلك العير وما فيها وأعجزه الرجال فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حسان بن ثابت بعد أحد في غزوة بدر الآخرة يؤنب قريشا لأخذهم تلك الطريق دعو فلجات الشام قد حال دونها جلاد كأفواه المخاض الأوارك بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم وأنصاره حقا وأيدي الملائك § إذا سلكت للغور من بطن عالج فقولا لها ليس الطريق لك.
مقتل كعب بن الأشرف *
قال ابن إسحاق وكان من حديث كعب بن الأشرف أنه لما أصيب أصحاب بدر وقدم زيد بن حارثة إلى أهل السافلة وعبد الله بن رواحة إلى أهل العالية بشيرين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من بالمدينة من المسلمين بفتح الله عز وجل عليه وقتل من قتل من المشركين كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة الظفري وعبد الله بن أبى بكرين محمد بن عمرو بن حزم وعاصم بن عمر بن قتادة وصالح بن أبي أمامة بن سهل كل قد حدثني بعض حديثه قالوا قال كعب بن الأشرف وكان رجلا من طيئ ثم أحد بني نبهان وكانت أمه من بني النضير حين بلغه الخبر أحق هذا أترون محمدا قتل هؤلاء الذين يسمى هذان الرجلان يعني زيدا وعبد الله بن رواحة فهؤلاء أشراف العرب وملوك الناس والله لئن كان محمد أصاب هؤلاء القوم لبطن الأرض خير من ظهرها فلما تيقن عدو الله الخبر خرج حتى قدم مكة فنزل على المطلب بن أبي وداعة بن ضبيرة السهمي وعنده عاتكة بنت أبي العيص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف فأنزلته وأكرمته وجعل يحرض على رسول الله § صلى الله عليه وسلم وينشد الأشعار ويبكي أصحاب القليب من قريش الذين أصيبوا ببدر فقال طحنت رحى بدر لمهلك أهله ولمثل بدر تستهل وتدمع قتلت سراة الناس حول حياضهم لا تبعدوا إن الملوك تصرع كم قد أصيب به من أبيض ماجد ذي بهجة يأوي إليه الضيع طلق اليدين إذا الكواكب أخلفت حمال أثقال يسود ويربع ويقول أقوام أسر بسخطهم إن ابن الأشرف ظل كعبا يجزع صدقوا فليت الأرض ساعة قتلوا ظلت تسوخ بأهلها وتصدع صار الذي أثر الحديث بطعنه أو عاش أعمى مرعشا لا يسمع نبئت أن بني المغيرة كلهم خشعوا لقتل أبي الحكيم وجدعوا وابنا ربيعة عنده ومنبه ما نال مثل المهلكين وتبع نبئت أن الحارث بن هشامهم في الناس يبني الصالحات ويجمع ليزور يثرب بالجموع وإنما يحمى على الحسب الكريم الأروع.
شعر حسان في الرد عليه *
قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال § أبكى لكعب ثم عل بعبرة منه وعاش مجدعا لا يسمع ولقد رأيت ببطن بدر منهم قتلى تسح لها العيون وتدمع فابكي فقد أبكيت عبدا راضعا شبه الكليب إلى الكليبة يتبع ولقد شفى الرحمن منا سيدا وأهان قوما قاتلوه وصرعوا ونجا وأفلت منهم من قلبه شغف يظل لخوفه يتصدع.
شعر ميمونة في الرد على كعب *
قال ابن إسحاق وقالت امرأة من المسلمين من بني مريد بطن من بلي كانوا حلفاء في بني أمية بن زيد يقال لهم الجعادرة تجيب كعبا قال ابن إسحاق اسمها ميمونة بنت عبد الله وأكثر أهل العلم بالشعر ينكر هذه الأبيات لها وينكر نقيضتها لكعب بن الأشرف تحنن هذا العبد كل تحنن يبكى على قتلى وليس بناصب بكت عين من يبكي لبدر وأهله وعلت بمثليها لؤي بن غالب فليت الذين ضرجوا بدمائهم يرى ما بهم من كان بين الأخاشب فيعلم حقا عن يقين ويبصروا مجرهم فوق اللحى والحواجب § فأجابها كعب بن الأشرف فقال ألا فازجروا منكم سفيها لتسلموا عن القول يأتي منه غير مقارب أتشتمني أن كنت أبكي بعبرة لقوم أتاني ودهم غير كاذب فإني لباك ما بقيت وذاكر مآثر قوم مجدهم بالجباجب لعمري لقد كانت مريد بمعزل عن الشر فاحتالت وجوه الثعالب فحق مريد أن تجد أنوفهم بشتمهم حيي لؤي بن غالب وهبت نصيبي من مريد لجعدر وفاء وبيت الله بين الأخاشب ثم رجع كعب بن الأشرف إلى المدينة فشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عبد الله بن المغيث بن أبي بردة من لي بابن الأشرف فقال له محمد بن مسلمة أخو بني عبد الأشهل أنا لك به يا رسول الله أنا أقتله قال فافعل إن قدرت على ذلك فرجع محمد بن مسلمة فمكث ثلاثا لا يأكل ولا يشرب إلا ما يعلق به نفسه فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه فقال له لم تركت الطعام والشراب فقال § يا رسول الله قلت لك قولا لا أدري هل أفين لك به أم لا فقال إنما عليك الجهد فقال يا رسول الله إنه لا بد لنا من أن نقول قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك فاجتمع في قتله محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة بن وقش وهو أبو نائلة أحد بني عبد الأشهل وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش أحد بني عبد الأشهل والحارث بن أوس ابن معاذ أحد بني عبد الأشهل وأبو عبس بن جبر أحد بني حارثة ثم قدموا إلى عدو الله كعب بن لأشرف قبل أن يأتوه سلكان بن سلامة أبا نائلة فجاءه فتحدث معه ساعة وتناشدوا شعرا وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال ويحك يا بن الأشرف إني قد جئتك لحاجة أريد ذكرها لك فاكتم عني قال أفعل قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاء من البلاء عادتنا به العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبل حتى ضاع العيال وجهدت الأنفس وأصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا فقال كعب أنا ابن الأشرف أما والله لقد كنت أخبرك يا بن سلامة أن الأمر سيصير إلى ما أقول فقال له سلكان إني قد أردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق لك ونحسن في ذلك فقال أترهنوني أبناءكم قال لقد أردت أن تفضحنا إن معي أصحابا لي على مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء وأراد سلكان أن لا ينكر السلاح إذا جاءوا بها قال إن في الحلقة لوفاء قال فرجع سلكان إلى أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا إليه فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق فحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال § مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم فقال انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته وهو في ليلة مقمرة وأقبلوا حتى انتهوا إلى حصنه فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس فوثب في ملحفته فأخذت امرأته بناحيتها وقالت إنك امرؤ محارب وإن أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة قال إنه أبو نائلة لو وجدني نائما لما أيقظني فقالت والله إني لأعرف في صوته الشر قال يقول لها كعب لو يدعى الفتى لطعنة لأجاب فنزل فتحدث معهم ساعة وتحدثوا معه ثم قال هل لك يا بن الأشرف أن تتماشى إلى شعب العجوز فنتحدث به بقية ليلتنا هذه قال إن شئتم فخرجوا يتماشون فمشوا ساعة ثم إن أبا نائلة شام يده في فود رأسه ثم شم يده فقال ما رأيت كالليلة طيبا أعطر قط ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها حتى اطمأن ثم مشى ساعة ثم عاد لمثلها فأخذ بفود رأسه ثم قال اضربوا عدو الله فضربوه فاختلفت عليه أسيافهم فلم تغن شيئا قال محمد بن مسلمة فذكرت مغولا في سيفي حين رأيت أسيافنا لا تغني شيئا فأخذته وقد صاح عدو الله صيحة لم يبق حولنا حصن إلا وقد أوقدت عليه نار قال فوضعته في ثنته ثم تحاملت عليه حتى بلغت عانته فوقع عدو الله وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح في رأسه أو في رجله أصابه بعض أسيافنا قال فخرجنا حتى سلكنا على بني أمية بن زيد § ثم على بني قريظة ثم على بعاث حتى أسندنا في حرة العريض وقد أبطأ علينا صاحبنا الحارث بن أوس ونزفه الدم فوقفنا له ساعة ثم أتانا يتبع آثارنا قال فاحتملناه فجئنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر الليل وهو قائم يصلي فسلمنا عليه فخرج إلينا فأخبرناه بقتل عدو الله وتفل على جرح صاحبنا فرجع ورجعنا إلى أهلنا فأصبحنا وقد خافت يهود لوقعتنا بعدو الله فليس بها يهودي إلا وهو يخاف على نفسه.
أخبرني أبو أحمد الحسين بن علي التيمي ثنا أحمد بن محمد بن الحسين ثنا عمرو بن زرارة ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد حين وجههم ثم قال انطلقوا على اسم الله اللهم أعنهم.
شعر كعب بن مالك في مقتل ابن الأشرف *
قال ابن إسحاق فقال كعب بن مالك فغودر منهم كعب صريعا فذلت بعد مصرعه النضير على الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكور بأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعب يسير فماكره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقة جسور.
شعر حسان في مقتل ابن الأشرف وابن أبي الحقيق *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يذكر قتل كعب بن الأشرف وقتل سلام بن أبي الحقيق لله در عصابة لاقيتهم يا بن الحقيق وأنت يا بن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم مرحا كأسد في عرين مغرف حتى أتوكم في محل بلادكم فسقوكم حتفا ببيض ذفف § مستنصرين لنصر دين نبيهم مستصغرين لكل أمر مجحف.
أمر محيصة وحويصة *
قال ابن إسحاق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيصة بن مسعود.
رجل من تجار يهود كان يلابسهم ويبايعهم فقتله وكان حويصة بن مسعود إذ ذاك لم يسلم وكان أسن من محيصة فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول أي عدو الله أقتلته أما والله لرب شحم في بطنك من ماله قال محيصة فقلت والله لقد أمرني بقتله من لو أمرنى يقتلك لضربت عنقك قال فو الله إن كان لأول إسلام حويصة قال آو لله لو أمرك محمد بقتلي لقتلتني قال نعم والله لو أمرني بضرب عنقك لضربتها قال والله إن دينا بلغ بك هذا لعجب فأسلم حويصة.
شعر محيصة في لوم أخيه له
قال ابن إسحاق حدثني هذا الحديث مولى لبني حارثة عن ابنه محيصة عن أبيها محيصة فقال محيصة في ذلك § يلوم ابن أمي لو أمرت بقتله %~% لطبقت ذفراه بأبيض قاضب حسام كلون الملح أخلص صقله متى ما أصوبه فليس بكاذب وما سرني أني قتلتك طائعا وأن لنا ما بين بصرى ومأرب.
غزوة أحد
قال ابن إسحاق وكانت إقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه من § نجران جمادى الآخرة ورجبا وشعبان وشهر رمضان وغزته قريش غزوة أحد في شوال سنة ثلاث وكان من حديث أحد كما حدثني محمد بن مسلم الزهري ومحمد بن يحيى ابن حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم من علمائنا كلهم قد حدث بعض الحديث عن يوم أحد وقد اجتمع حديثهم كله فيما سقت من هذا الحديث عن يوم أحد قالوا أو من قاله منهم لما أصيب يوم بدر من كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بن حرب بعيره مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن أصيب آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان بن حرب ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا ندرك منه ثأرنا بمن أصاب منا ففعلوا.
ما نزل في ذلك من القرآن *
قال ابن إسحاق ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالى إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون فاجتمعت قريش لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فعل ذلك أبو سفيان § ابن حرب وأصحاب العير بأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة وكان أبو عزة عمرو بن عبد الله الجمحي قد من عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر وكان فقيرا ذا عيال وحاجة وكان في الأسارى فقال إني فقير ذو عيال وحاجة قد عرفتها فامنن علي صلى الله عليك وسلم فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له صفوان بن أمية يا أبا عزة إنك امرؤ شاعر فأعنا بلسانك فاخرج معنا فقال إن محمدا قد من علي فلا أريد أن أظاهر عليه قال بلى فأعنا بنفسك فلك الله علي إن رجعت أن أغنيك وإن أصبت أن أجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما أصابهن من عسر ويسر فخرج أبو عزة في تهامة ويدعو بني كنانة ويقول إيها بني عبد مناة الرزام أنتم حماة وأبوكم حام لا تعدوني نصركم بعد العام لا تسلموني لا يحل إسلام وخرج مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح إلى بني مالك بن كنانة يحرضهم ويدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا مال مال الحسب المقدم أنشد ذا القربى وذا التذمم من كان ذا رحم ومن لم يرحم الحلف وسط البلد المحرم عند حطيم الكعبة المعظم ودعا جبير بن مطعم غلاما له حبشيا يقال له وحشي يقذف بحربة له قذف الحبشة قلما يخطئ بها فقال له اخرج مع الناس فإن أنت قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي فأنت عتيق قال فخرجت قريش بحدها وجدها وحديدها وأحابيشها ومن تابعها § من بني كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وألا يفروا فخرج أبو سفيان بن حرب وهو قائد الناس بهند بنت عتبة وخرج عكرمة بن أبي جهل بأم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة وخرج الحارث ابن هشام بن المغيرة بفاطمة بنت الوليد بن المغيرة وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية وهي أم عبد الله بن صفوان ابن أمية.
قال ابن إسحاق وخرج عمرو بن العاص بريطة بنت منبه بن الحجاج وهي أم عبد الله بن عمرو وخرج طلحة بن أبي طلحة وأبو طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بسلافة بنت سعد بن شهيد الأنصارية وهي أم بني طلحة مسافع والجلاس وكلاب قتلوا يومئذ هم وأبوهم وخرجت خناس بنت مالك بن المضرب إحدى نساء بني مالك بن حسل مع ابنها أبي عزيز بن عمير وهي أم مصعب بن عمير وخرجت عمرة بنت علقمة إحدى نساء بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة وكانت هند بنت عتبة كلما مرت بوحشي أو مر بها قالت ويها أبا دسمة اشف واستشف وكان وحشي يكنى بأبي دسمة فأقبلوا حتى تزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مقابل المدينة قال فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قد نزلوا حيث نزلوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين إني قد رأيت والله خيرا رأيت بقرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة.
مشاورة الرسول القوم في الخروج أو البقاء *
قال ابن إسحاق فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها وكان رأي عبد الله بن أبي ابن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى رأيه في ذلك وألا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيره ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال عبد الله بن أبي بن سلول يا رسول الله أقم بالمدينة لا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا منها إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منه فدعهم يا رسول الله فإن أقاموا أقاموا بشر محبس وإن دخلوا قاتلهم الرجال في وجههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاءوا فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته فلبس لأمته وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة وقد مات في ذلك اليوم رجل من الأنصار يقال له مالك بن عمرو أحد بني النجار فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن لنا ذلك فلما خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله استكرهناك ولم يكن ذلك لنا فإن شئت فاقعد صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه.
انخذال المنافقين *
قال ابن إسحاق حتى إذا كانوا بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله بن أبي بن سلول بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني ما ندري علام نقتل أنفسنا هاهنا أيها الناس فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن عمرو بن حرام أخو بني سلمة يقول يا قوم أذكركم الله ألا تخذلوا قومكم ونبيكم عند ما حضر من عدوهم فقالوا لو نعلم أنكم تقاتلون لما أسلمناكم ولكنا لا نرى أنه يكون قتال قال فلما استعصوا عليه وأبوا إلا الانصراف عنهم قال أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم نبيه.
قال زياد حدثني محمد بن إسحاق قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب كلاب سيف فاستله.
قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يحب الفأل ولا يعتاف لصاحب السيف شم سيفك فإني أرى السيوف ستسل اليوم § ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه من رجل يخرج بنا على القوم من كثب أي من قرب من طريق لا يمر بنا عليهم فقال أبو خيثمة أخو بني حارثة بن الحارث أنا يا رسول الله فنفذ به في حرة بني حارثة وبين أموالهم حتى سلك في مال لمربع بن قيظي وكان رجلا منافقا ضرير البصر فلما سمع حس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين قام يحثي في وجوههم التراب ويقول إن كنت رسول الله فإني لا أحل لك أن تدخل حائطي وقد ذكر لي أنه أخذ حفنة من تراب في يده ثم قال والله لو أعلم أني لا أصيب بها غيرك يا محمد لضربت بها وجهك فابتدره القوم ليقتلوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتلوه فهذا الأعمى أعمى القلب أعمى البصر وقد بدر إليه سعد بن زيد أخو بني عبد الأشهل قبل نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فضربه بالقوس في رأسه فشجه قال ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وقال لا يقاتلن أحد منكم حتى نأمره بالقتال وقد سرحت قريش الظهر والكراع في زروع كانت بالصمغة من قناة للمسلمين فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال أترعى زروع بني قيلة ولما نضارب وتعبى رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبع مائة رجل وأمر على الرماة عبد الله بن جبير أخا بني عمرو بن عوف وهو معلم يومئذ بثياب بيض والرماة خمسون رجلا فقال انضح الخيل عنا بالنبل § لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب ابن عمير أخي بني عبد الدار.
قال ابن إسحاق وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف رجل ومعهم مائتا فرس قد جنبوها فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ هذا السيف بحقه فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبو دجانة سماك بن خرشة أخو بني ساعدة فقال وما حقه يا رسول الله قال أن تشرب به العدو حتى ينحني قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه إياه وكان أبو دجانة رجلا شجاعا يختال عند الحرب إذا كانت وكان إذا أعلم بعصابة له حمراء فاعتصب بها على لناس أنه سيقاتل فلما أخذ السيف من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج عصابته تلك فعصب بها رأسه وجعل يتبختر بين الصفين.
قال ابن إسحاق فحدثني جعفر بن عبد الله بن أسلم مولى عمر بن الخطاب عن رجل من الأنصار من بني سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأى أبا دجانة يتبختر إنها لمشية يبغضها انه إلا في مثل هذا الموطن.
أمر أبي عامر الفاسق *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن أبا عامر عبد عمرو ابن صيفي بن مالك بن النعمان أحد بني ضبيعة وقد كان خرج حين خرج إلى مكة مباعدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم معه خمسون غلاما من الأوس وبعض الناس كان يقول كانوا خمسة عشر رجلا وكان يعد قريشا أن لو قد لقي قومه لم يختلف عليه منهم رجلان فلما التقى الناس كان أول من لقيهم أبو عامر في الأحابيش وعبدان أهل مكة فنادى يا معشر الأوس أنا أبو عامر قالوا فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق وكان أبو عامر يسمى في الجاهلية الراهب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاسق فلما سمع ردهم عليه قال لقد أصاب قومي بعدي شر ثم قاتلهم قتالا شديدا ثم راضخهم بالحجارة.
أسلوب أبي سفيان في تحريض قريش *
قال ابن إسحاق وقد قال أبو سفيان لأصحاب اللواء من بني عبد الدار يحرضهم بذلك على القتال يا بني عبد الدار إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا نحن نسلم إليك لواءنا ستعلم غدا إذا التقينا كيف نصنع وذلك أراد أبو سفيان فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم فقالت هند فيما تقول § ويها بني عبد الدار %~% ويها حماة الأدبار ضربا بكل بتار وتقول إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق.
تمام قصة أبي دجانة *
قال ابن إسحاق فجعل لا يلقى أحدا إلا قتله وكان في المشركين رجل لا يدع لنا جريحا إلا ذفف عليه فجعل كل واحد منهما يدنو من صاحبه فدعوت الله أن يجمع بينهما فالتقيا فاختلفا ضربتين فضرب المشرك أبا دجانة فاتقاه بدرقته فعضت بسيفه وضربه أبو دجانة فقتله ثم رأيته قد حمل السيف على مفرق رأس هند بنت عتبة ثم عدل السيف عنها قال الزبير فقلت الله ورسوله أعلم.
قال ابن إسحاق وقال أبو دجانة سماك بن خرشة رأيت إنسانا يخمش الناس خمشا شديدا فصمدت له فلما حملت عليه السيف ولول فإذا امرأة فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة وقاتل حمزة بن عبد المطلب حتى قتل أرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار وكان أحد النفر الذين يحملون اللواء ثم مر به سباع ابن عبد العزى الغبشاني وكان يكنى بأبي نيار فقال له حمزة هلم إلي يا بن مقطعة البظور وكانت أمه أم أنمار مولاة شريق بن عمرو بن وهب الثقفي.
وكانت ختانة بمكة فلما التقيا ضربه حمزة فقتله قال وحشي غلام جبير بن مطعم والله إني لأنظر إلى حمزة يهد § الناس بسيفه ما يليق به شيئا مثل الجمل الأورق إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فقال له حمزة هلم إلي يا بن مقطعة البظور فضربه ضربة فكأن ما أخطأ رأسه وهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه فأقبل نحوي فغلب فوقع وأمهلته حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم تنحيت إلى العسكر ولم تكن لي بشيء حاجة غيره.
وحشي يحدث الضمري وابن الخيار عن قتله حمزة *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة بن الحارث عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار أخو بني نوفل بن عبد مناف في زمان معاوية بن أبي سفيان فأدربنا مع الناس فلما قفلنا مررنا بحمص وكان وحشي مولى جبير بن مطعم قد سكنها وأقام بها فلما قدمناها قال لي عبيد الله بن عدي هل لك في أن نأتي وحشيا فنسأله عن قتل حمزة كيف قتله قال قلت له إن شئت فخرجنا نسأل عنه بحمص فقال لنا رجل ونحن نسأل عنه إنكما ستجدانه بفناء داره وهو رجل قد غلبت عليه الخمر فإن تجداه صاحيا تجدا رجلا عربيا وتجدا عنده بعض ما تريدان وتصيبا عنده ما شئتما من حديث تسألانه عنه وإن تجداه وبه بعض ما يكون به فانصرفا § عنه ودعاه قال فخرجنا نمشي حتى جئناه فإذا هو بفناء داره على طنفسة له فإذا شيخ كبير مثل البغاث.
فإذا هو صاح لا بأس به قال فلما انتهينا إليه سلمنا عليه فرفع رأسه إلى عبيد الله بن عدي فقال ابن لعدي بن الخيار أنت قال نعم قال أما والله ما رأيتك منذ ناولتك أمك السعدية التي أرضعتك بذي طوى فإني ناولتكها وهي على بعيرها فأخذتك بعرضيك فلمعت لي قدماك حين رفعتك إليها فو الله ما هو إلا أن وقفت علي فعرفتهما قال فجلسنا إليه فقلنا له جئناك لتحدثنا عن قتلك حمزة كيف قتلت فقال أما إني سأحدثكما كما حدثت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سألني عن ذلك كنت غلاما لجبير بن مطعم وكان عمه طعيمة بن عدي قد أصيب يوم بدر فلما سارت قريش إلى أحد قال لي جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق قال فخرجت مع الناس وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة قلما أخطئ بها شيئا فلما التقى الناس خرجت انظر حمزة وأ تبصره حتى رأيته في عرض الناس مثل الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ما يقوم له شيء فو الله إني لأتهيأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو حجر ليدنو مني إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزى فلما رآه حمزة قال له هلم إلي يا بن مقطعة البظور قال فضربه ضربة كأن ما أخطأ رأسه قال وهززت § حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت في ثنته حتى خرجت من بين رجليه وذهب لينوء نحوي فغلب وتركته وإياها حتى مات ثم أتيته فأخذت حربتي ثم رجعت إلى العسكر فقعدت فيه ولم يكن لي بغيره حاجة وإنما قتلته لأعتق فلما قدمت مكة أعتقت ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هربت إلى الطائف فمكثت بها فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا تعيت علي المذاهب فقلت ألحق بالشأم أو اليمن أو ببعض البلاد فو الله إني لفي ذلك من همي إذ قال لي رجل ويحك إنه والله ما يقتل أحدا من الناس دخل في دينه وتشهد شهادته فلما قال لي ذلك خرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يرعه إلا بي قائما على رأسه أتشهد بشهادة الحق فلما رآني قال أوحشي قلت نعم يا رسول الله قال اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة قال فحدثته كما حدثتكما فلما فرغت من حديثي قال ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك قال فكنت أتنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كان لئلا يراني حتى قبضه الله صلى الله عليه وسلم فلما خرج المسلمون إلى مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة خرجت معهم وأخذت حربتي التي قتلت بها حمزة فلما التقى الناس رأيت مسيلمة الكذاب قائما في يده السيف وما أعرفه فتهيأت له وتهيأ له رجل من الأنصار من الناحية الأخرى كلانا يريده فهززت حربتي حتى إذا رضيت منها دفعتها عليه فوقعت فيه وشد عليه الأنصاري فضربه بالسيف فربك أعلم أينا قتله § فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قتلت شر الناس.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وكان قد شهد اليمامة قال سمعت يومئذ صارخا يقول قتله العبد الأسود.
مقتل مصعب بن عمير *
قال ابن إسحاق وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل وكان الذي قتله ابن قمئة الليثي وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش فقال قتلت محمدا فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب وقاتل علي بن أبي طالب ورجال من المسلمين.
قال ابن إسحاق قتل أبا سعد بن أبي طلحة سعد بن أبي وقاص وقاتل عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فقتل مسافع بن طلحة وأخاه الجلاس ابن طلحة كلاهما يشعره سهما فيأتي أمه سلافة فيضع رأسه في حجرها فتقول يا بني من أصابك فيقول سمعت رجلا حين رماني وهو يقول خذها وأنا ابن أبي الأقلح فنذرت إن أمكنها الله من رأس عاصم أن تشرب فيه الخمر وكان عاصم قد عاهد الله أن لا يمس مشركا أبدا ولا يمسه مشرك وقال عثمان بن أبي طلحة يومئذ وهو يحمل لواء المشركين إن على أهل اللواء حقا أن يخضبوا الصعدة أو تندقا فقتله حمزة بن عبد المطلب § والتقى حنظلة بن أبي عامر الغسيل وأبو سفيان فلما استعلاه حنظلة بن أبي عامر رآه شداد بن الأسود وهو ابن شعوب قد علا أبا سفيان فضربه شداد فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صاحبكم يعني حنظلة لتغسله الملائكة فسألوا أهله ما شأنه فسئلت صاحبته عنه فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهاتفة.
شعر الأسود في قتلهما حنظلة وأبا سفيان *
قال ابن إسحاق وقال شداد بن الأسود في قتله حنظلة لأحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس وقال أبو سفيان بن حرب وهو يذكر صبره في ذلك اليوم ومعاونة ابن شعوب إياه على حنظلة ولو شئت نجتني كميت طمرة ولم أحمل النعماء لابن شعوب وما زال مهري مزجر الكلب منهم لدن غدوة حتى دنت لغروب § أقاتلهم وأدعي يا لغالب وأدفعهم عني بركن صليب فبكي ولا ترعى مقالة عاذل ولا تسأمي من عبرة ونحيب أباك وإخوانا له قد تتابعوا وحق لهم من عبرة بنصيب وسلى الذي قد كان في النفس أنني قتلت من النجار كل نجيب ومن هاشم قرما كريما ومصعبا وكان لدى الهيجاء غير هيوب ولو أنني لم أشف نفسي منهم لكانت شجا في القلب ذات ندوب فآبوا وقد أودى الجلابيب منهم بهم خدب من معطب وكئيب أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء ولا في خطة بضريب.
قال ابن إسحاق وقال ابن شعوب يذكر يده عند أبي سفيان فيما دفع عنه فقال § ولولا دفاعي يا بن حرب ومشهدي لألفيت يوم النعف غير مجيب ولولا مكري المهر بالنعف قرقرت ضباع عليه أو ضراء كليب.
شعر الحارث في الرد على أبي سفيان أيضا *
قال ابن إسحاق وقال الحارث بن هشام يجيب أبا سفيان جزيتهم يوما ببدر كمثله على سابح ذي ميعة وشبيب لدى صحن بدر أو أقمت نوائحا عليك ولم تحفل مصاب حبيب وإنك لو عاينت ما كان منهم لأبت بقلب ما بقيت نخيب.
حديث الزبير عن سبب الهزيمة *
قال ابن إسحاق ثم أنزل الله نصره على المسلمين وصدقهم وعده فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها.
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عبد الله بن الزبير عن الزبير أنه قال والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير § إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم.
أخبرنا أبو محمد هبة الله بن يحيى بن علي بن جلدة المصري بها أن عبد الله بن رفاعة بن غدير بن علي السعدي أخبرهم قراءة عليه أنا علي بن الحسن بن الحسين بن محمد الخلعي أنا عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد بن إسحاق التجيبي النحاس أنا عبد الله بن جعفر بن الورد البغدادي أنا عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي أنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام نا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عبد الله بن الزبير عن الزبير أنه قال والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه وخلوا ظهورنا للخيل فأتينا من خلفنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم.
شجاعة صؤاب وشعر حسان في ذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلا ثوابه وكان اللواء مع صؤاب غلام لبني أبي طلحة حبشي وكان آخر من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول اللهم هل أعزرت يقول أعذرت فقال حسان بن ثابت في ذلك فخرتم باللواء وشر فخر لواء حين رد إلى صؤاب جعلتم فخركم فيه بعبد وألأم من يطا عفر التراب ظننتم والسفيه له ظنون وما إن ذاك من أمر الصواب بأن جلادنا يوم التقينا بمكة بيعكم حمر العياب أقر العين أن عصبت يداه وما إن تعصبان على خضاب.
شعر حسان في عمرة الحارثية *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت في شأن عمرة بنت علقمة الحارثية ورفعها اللواء إذا عضل سيقت إلينا كأنها جداية شرك معلمات الحواجب أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا وحزناهم بالضرب من كل جانب فلولا لواء الحارثية أصبحوا يباعون في الأسواق بيع الجلائب.
ما لقيه الرسول يوم أحد
قال ابن إسحاق وانكشف المسلمون فأصاب فيهم العدو وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص.
قال ابن إسحاق فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال § كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد وشج في وجهه فجعل الدم يسيل على وجهه وجعل يمسح الدم وهو يقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله عز وجل في ذلك ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون .
شعر حسان في عتبة وما أصاب به الرسول *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت لعتبة بن أبي وقاص إذا الله جازى معشرا بفعالهم وضرهم الرحمن رب المشارق فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق بسطت يمينا للنبي تعمدا فأدميت فاه قطعت بالبوارق فهلا ذكرت الله والمنزل الذي تصير إليه عند إحدى البوائق.
ابن السكن وبلاؤه يوم أحد *
قال ابن إسحاق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غشيه القوم من رجل يشري لنا نفسه كما حدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد ابن معاذ عن محمود بن عمرو قال فقام زياد بن السكن في نفر خمسة من الأنصار وبعض الناس يقول إنما هو عمارة بن يزيد بن السكن فقاتلوا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا ثم رجلا يقتلون دونه حتى كان آخرهم زياد أو عمارة فقاتل حتى أثبتته الجراحة ثم فاءت فئة من المسلمين فأجهضوهم عنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنوه مني فأدنوه منه فوسده قدمه فمات وخده على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبو دجانة وابن أبي وقاص يدفعان عن الرسول *
قال ابن إسحاق وترس دون رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو دجانة بنفسه يقع النبل في ظهره وهو منحن عليه حتى كثر فيه النبل ورمى سعد بن أبي وقاص دون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سعد فلقد رأيته يناولني النبل وهو يقول ارم فداك أبي وأمي حتى إنه ليناولني السهم ما له نصل فيقول ارم به.
بلاء قتادة وحديث عينه *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى عن قوسه حتى اندقت سيتها فأخذها قتادة بن النعمان فكانت عنده وأصيبت يومئذ عين قتادة بن النعمان حتى وقعت على وجنته.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردها بيده فكانت أحسن عينيه وأحدهما.
شأن أنس بن النضر *
قال ابن إسحاق وحدثني القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخو بني عدى بن لنجار قال انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال ما يجلسكم قالوا قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فماذا تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل وبه سمي أنس بن مالك.
قال ابن إسحاق فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال لقد وجدنا بأنس بن النضر يومئذ سبعين ضربة فما عرفه إلا أخته عرفته ببناته.
أول من عرف الرسول بعد الهزيمة *
قال ابن إسحاق وكان أول من عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهزيمة وقول الناس قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكر لي ابن شهاب الزهري كعب بن مالك قال عرفت عينيه تزهران من تحت المغفر فناديت بأعلى صوتي يا معشر المسلمين أبشروا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنصت.
قال ابن إسحاق فلما عرف المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم نهضوا به ونهض معهم نحو الشعب معه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضوان الله عليهم والحارث بن الصمة ورهط من المسلمين.
مقتل أبي بن خلف *
قال فلما أسند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب أدركه أبي ابن خلف وهو يقول أي محمد لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله أيعطف عليه رجل منا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوه فلما دنا تناول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة من الحارث بن الصمة يقول بعض القوم فيما ذكر لي فلما أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم منه انتفض بها انتفاضة تطايرنا عنه تطاير الشعراء عن ظهر البعير إذا انتفض بها.
قال ابن إسحاق وكان أبي بن خلف كما حدثني صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فيقول يا محمد إن عندي العوذ فرسا أعلفه كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليه فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أنا أقتلك إن شاء الله فلما رجع إلى قريش وقد خدشه في عنقه خدشا غير كبير فاحتقن الدم قال قتلني والله محمد قالوا له ذهب والله فؤادك والله إن بك من بأس قال إنه قد كان قال لي بمكة أنا أقتلك فو الله لو بصق علي لقتلني فمات عدو الله بسرف وهم قافلون به إلى مكة.
شعر حسان في مقتل أبي بن خلف *
قال ابن إسحاق فقال حسان بن ثابت في ذلك لقد ورث الضلالة عن أبيه أبي يوم بارزه الرسول § أتيت إليه تحمل رم عظم وتوعده وأنت به جهول وقد قتلت بنو النجار منكم أمية إذ يغوث يا عقيل وتب ابنا ربيعة إذ أطاعا أبا جهل لأمهما الهبول وأفلت حارث لما شغلنا بأسر القوم أسرته فليل.
وقال حسان بن ثابت أيضا في ذلك ألا من مبلغ عني أبيا لقد ألقيت في سحق السعير تمنى بالضلالة من بعيد وتقسم أن قدرت مع النذور تمنيك الأماني من بعيد وقول الكفر يرجع في غرور فقد لاقتك طعنة ذي حفاظ كريم البيت ليس بذي فجور له فضل على الأحياء طرا إذا نابت ملمات الأمور قال فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فم الشعب خرج علي ابن أبي طالب حتى ملأ درقته ماء من المهراس فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشرب منه فوجد له ريحا فعافه فلم يشرب منه وغسل عن وجهه الدم وصب على رأسه وهو يقول اشتد غضب الله على من دمى وجه نبيه.
حرص ابن أبي وقاص على قتل عتبة *
قال ابن إسحاق فحدثني صالح بن كيسان عمن حدثه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول والله ما حرصت على قتل رجل قط كحرصي على قتل عتبة ابن أبي وقاص وإن كان ما علمت لسيئ الخلق مبغضا في قومه ولقد كفاني منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله على من دمى وجه رسوله.
صعود قريش الجبل وقتال عمر لهم *
قال ابن إسحاق فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعب معه أولئك النفر من أصحابه إذ علت عالية من قريش الجبل.
قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنه لا ينبغي لهم أن يعلونا فقاتل عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم من الجبل.
ضعف الرسول عن النهوض ومعاونة طلحة له *
قال ابن إسحاق ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صخرة من الجبل ليعلوها وقد كان بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وظاهر بين درعين فلما ذهب لينهض صلى الله عليه وسلم لم يستطع فجلس تحته طلحة بن عبيد الله فنهض به حتى استوى عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ يقول أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع.
مقتل اليمان وابن وقش *
قال ابن إسحاق وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى المنقى دون الأعوص.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران ما أبا لك ما تنتظر فو الله لا بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار إنما نحن هامة اليوم أو غد أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذا أسيافهما ثم خرجا حتى دخلا في الناس ولم يعلم بهما فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه فقال حذيفة أبي فقالوا والله إن عرفناه وصدقوا قال حذيفة يغفر الله لكم وهو أرحم § الراحمين فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا.
مقتل حاطب ومقالة أبيه *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن رجلا منهم كان يدعى حاطب بن أمية بن رافع وكان له ابن يقال له يزيد بن حاطب أصابته جراحة يوم أحد فأتي به إلى دار قومه وهو بالموت فاجتمع إليه أهل الدار فجعل المسلمون يقولون له من الرجال والنساء أبشر يا بن حاطب بالجنة قال وكان حاطب شيخا قد عسا في الجاهلية فنجم يومئذ نفاقه فقال بأي شيء تبشرونه بجنة من حرمل غررتم والله هذا الغلام من نفسه.
مقتل قزمان منافقا كما حدث الرسول بذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال كان فينا رجل أتى لا يدرى ممن هو يقال له قزمان وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر له إنه لمن أهل النار قال فلما كان يوم أحد قاتل قتالا شديدا فقتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين وكان ذا بأس فأثبتته الجراحة فاحتمل إلى دار بني ظفر قال فجعل رجال من المسلمين يقولون له والله لقد أبليت اليوم يا قزمان فأبشر قال بماذا أبشر فو الله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ولولا ذلك ما قاتلت قال فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما من كنانته فقتل به نفسه.
قتل مخيريق *
قال ابن إسحاق وكان ممن قتل يوم أحد مخيريق وكان أحد بني ثعلبة بن الفطيون قال لما كان يوم أحد قال يا معشر يهود والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق قالوا إن اليوم يوم السبت قال لا سبت لكم § فأخذ سيفه وعدته وقال إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا مخيريق خير يهود.
أمر الحارث بن سويد *
قال ابن إسحاق وكان الحارث بن سويد بن صامت منافقا فخرج يوم أحد مع المسلمين فلما التقى الناس عدا على المجذر بن ذياد البلوي وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة فقتلهما ثم لحق بمكة بقريش وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يذكرون قد أمر عمر بن الخطاب بقتله إن هو ظفر به ففاته فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه الجلاس بن سويد يطلب التوبة ليرجع إلى قومه فأنزل الله تعالى فيه فيما بلغني عن ابن عباس كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين إلى آخر القصة.
قال ابن إسحاق قتل سويد بن الصامت معاذ بن عفراء غيلة في غير حرب رماه بسهم فقتله قبل يوم بعاث.
أمر أصيرم *
قال ابن إسحاق وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة قال كان يقول حدثوني عن رجل دخل الجنة لم يصل قط فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول أصيرم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وقش قال الحصين فقلت لمحمود بن أسد كيف كان شأن الأصيرم قال كان يأبى الإسلام على قومه فلما كان يوم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له في الإسلام فأسلم ثم أخذ سيفه فعدا حتى دخل في عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراحة قال فبينا رجال من بني عبد الأشهل يلتمسون قتلاهم في المعركة إذا هم به فقالوا والله إن هذا للأصيرم ما جاء به لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الحديث فسألوه ما جاء به فقالوا ما جاء بك يا عمرو أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام قال بل رغبة في الإسلام آمنت بالله وبرسوله وأسلمت ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاتلت حتى أصابني ما أصابني ثم لم يلبث أن مات في أيديهم فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لمن أهل الجنة.
مقتل عمرو بن الجموح *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن أشياخ من بني سلمة أن عمرو بن الجموح كان رجلا أعرج شديد العرج وكان له بنون أربعة مثل الأسد يشهدون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد فلما كان يوم أحد أرادوا حبسه وقالوا له إن الله عز وجل قد عذرك فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن بني يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه والخروج معك فيه فو الله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت فقد عذرك الله فلا جهاد عليك وقال لبنيه § ما عليكم أن لا تمنعوه لعل الله أن يرزقه الشهادة فخرج معه فقتل يوم أحد.
هند وتمثيلها بحمزة *
قال ابن إسحاق ووقعت هند بنت عتبة كما حدثني صالح بن كيسان والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد عن الآذان والأنف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا غلام جبير بن مطعم وبقرت عن كبد حمزة فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها ثم علت على صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها فقالت نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخي وعمه وبكري شفيت نفسي وقضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري فشكر وحشي علي عمري حتى ترم أعظمي في قبري فأجابتها هند بنت أثاثة بن عباد بن المطلب فقالت خزيت في بدر وبعد بدر يا بت وقاع عظيم الكفر § صبحك الله غداة الفجر ملهاشميين الطوال الزهر بكل قطاع حسام يفري حمزة ليثي وعلي صقري إذ رام شيب وأبوك غدري فخضبا منه ضواحي النحر ونذرك السوء فشر نذر.
شعر لهند بنت عتبة أيضا *
قال ابن إسحاق وقالت هند بنت عتبة أيضا شفيت من حمزة نفسي بأحد حتى بقرت بطنه عن الكبد أذهب عني ذاك ما كنت أجد من لذعة الحزن الشديد المعتمد والحرب تعلوكم بشؤبوب برد تقدم إقداما عليكم كالأسد.
تحريض عمر لحسان على هجو هند بنت عتبة *
قال ابن إسحاق فحدثني صالح بن كيسان أنه حدث أن عمر بن الخطاب قال لحسان بن ثابت يا بن الفريعة.
لو سمعت ما تقول هند ورأيت أشرها قائمة على صخرة ترتجز بنا وتذكر ما صنعت بحمزة قال له حسان والله إني لأنظر إلى الحربة تهوي وأنا على رأس فارع يعني أطمه فقلت والله إن هذه لسلاح ما هي بسلاح العرب وكأنها إنما تهوى إلى جمزة ولا أدري لكن § أسمعني بعض قولها أكفكموها قال فأنشده عمر بن الخطاب بعض ما قالت فقال حسان بن ثابت أشرت لكاع وكان عادتها لؤما إذا أشرت مع الكفر.
استنكار الحليس على أبي سفيان تمثيله بحمزة *
قال ابن إسحاق وقد كان الحليس بن زبان أخو بنو الحارث بن عبد مناة وهو يومئذ سيد الأبيش قد مر بأبي سفيان وهو يضرب في شدق حمزة بن عبد المطلب بزج الرمح ويقول ذق عقق فقال الحليس يا بني كنانة هذا سيد قريش يصنع بابن عمه ما ترون لحما فقال ويحك اكتمها عني فإنها كانت زلة.
شماتة أبي سفيان بالمسلمين بعد أحد وحديثه مع عمر *
ثم إن أبا سفيان بن حرب حين أراد الانصراف أشرف على الجبل ثم صرخ بأعلى صوته فقال أنعمت فعال وإن الحرب سجال يوم بيوم أعل هبل أي أظهر دينك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عمر فأجبه فقل الله أعلى وأجل لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم § في النار فلما أجاب عمر أبا سفيان قال له أبو سفيان هلم إلي يا عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر ائته فانظر ما شأنه فجاءه فقال له أبو سفيان أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدا قال عمر اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن قال أنت أصدق عندي من ابن قمئة وأبر لقول ابن قمئة لهم إني قد قتلت محمدا.
توعد أبي سفيان المسلمين *
قال ابن إسحاق ثم نادى أبو سفيان إنه قد كان في قتلاكم مثل والله ما رضيت وما سخطت وما نهيت وما أمرت ولما انصرف أبو سفيان ومن معه نادى إن موعدكم بدر للعام القابل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من أصحابه قل نعم هو بيننا وبينكم موعد ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال اخرج في آثار القوم فانظر ماذا يصنعون وما يريدون فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة والذي نفسي بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم قال علي فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل ووجهوا إلى مكة وفرغ الناس لقتلاهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني أخو بني النجار من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع أفي الأحياء هو أم في الأموات فقال رجل § من الأنصار أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رمق قال فقلت له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أنظر أفي الأحياء أنت أم في الأموات قال أنا في الأموات فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعد ابن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى نبيكم صلى الله عليه وسلم ومنكم عين تطرف قال ثم لم أبرح حتى مات قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبره.
حزن الرسول على حمزة وتوعده المشركين بالمثلة *
قال ابن إسحاق وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يلتمس حمزة بن عبد المطلب فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه فحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ولئن أظهرني الله على قريش § في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم فلما رأى المسلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب.
ما نزل في النهي عن المثلة *
قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي وحدثني من لا أتهم عن ابن عباس أن الله عز وجل أنزل في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة.
قال ابن إسحاق وحدثني حميد الطويل عن الحسن عن سمرة بن جندب قال ما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام قط ففارقه حتى يأمرنا بالصدقة وينهانا عن المثلة.
صلاة الرسول على حمزة والقتلى *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة فسجي ببردة ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ثم أتي بالقتلى فيوضعون إلى حمزة فصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة.
صفية وحزنها على حمزة *
قال ابن إسحاق وقد أقبلت فيما بلغني صفية بنت عبد المطلب لتنظر إليه وكان أخاها لأبيها وأمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام القها فأرجعها لا ترى ما بأخيها فقال لها يا أمه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي قالت ولم وقد بلغني أن قد مثل بأخي وذلك في الله فما أرضانا بما كان من ذلك لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله فلما جاء الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك قال خل سبيلها فأتته فنظرت إليه فصلت عليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفن قال فزعم لي آل عبد الله بن جحش وكان لأميمة بنت عبد المطلب حمزة خاله وقد كان مثل به كما مثل بحمزة إلا أنه لم يبقر عن كبده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره ولم أسمع ذلك إلا عن أهله.
دفن الشهداء *
قال ابن إسحاق وكان قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم بها ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال ادفنوهم حيث صرعوا.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد قال أنا شهيد على هؤلاء إنه ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه اللون لون دم والريح ريح مسك انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن فاجعلوه أمام أصحابه في القبر وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد قال وحدثني عمي موسى بن يسار أنه سمع أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى اللون لون دم والريح ريح مسك.
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن أشياخ من بني سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ حين أمر بدفن القتلى انظروا إلى عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام فإنهما كانا متصافيين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد.
حزن حمنة على حمزة *
قال ابن إسحاق ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة فلقيته حمتة بنت جحش كما ذكر لي فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها وصياحها على زوجها.
بكاء نساء الأنصار على حمزة *
قال ابن إسحاق ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظفر فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم فذرفت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قال لكن حمزة لا بواكي له فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق حدثني حكيم بن حكيم عن عباد بن حنيف عن بعض رجال بني عبد الأشهل قال لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه فقال ارجعن يرحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن.
شأن المرأة الدينارية *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الواحد بن أبي عون عن إسماعيل بن محمد عن سعد بن أبي وقاص قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد فلما نعوا لها قالت فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا خيرا يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت أرونيه حتى أنظر إليه قال فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت كل مصيبة بعدك جلل تريد صغيرة.
غسل السيوف *
قال ابن إسحاق فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة فقال اغسلي عن هذا دمه يا بنية فو الله لقد صدقني اليوم وناولها علي بن أبي طالب سيفه فقال وهذا أيضا فاغسلي عنه دمه فو الله لقد صدقني اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كنت صدقت القتال لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة.
خروج الرسول في أثر العدو ليرهبه *
قال فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو فأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس فكلمه جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقال يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم.
مثل من استماتة المسلمين في نصرة الرسول *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال شهدت أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي أو قال لي أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أيسر جرحا فكان إذا غلب حملته عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون.
استعمال ابن أم مكتوم على المدينة *
قال ابن إسحاق فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء § الأسد وهي من المدينة على ثمانية أميال.
قال ابن إسحاق فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة قال وقد مر به كما حدثني عبد الله بن أبي بكر معبد بن أبي معبد الخزاعي وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا كان بها ومعبد يومئذ مشرك فقال يا محمد أما والله لقد عز علينا ما أصابك ولوددنا أن الله عافاك فيهم ثم خرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا أصبنا حد أصحابه وأشرافهم وقادتهم ثم نرجع قبل أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم فلنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال ويحك ما تقول قال والله ما أرى أن ترتحل حتى أرى نواصي الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم قال فإني أنهاك عن ذلك قال والله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من شعر قال وما قلت قال قلت § كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردى بأسد كرام لا تنابلة عند اللقاء ولا ميل معازيل فظلت عدوا أظن الأرض مائلة لما سموا برئيس غير مخذول فقلت ويل ابن حرب من لقائكم إذا تغطمطت البطحاء بالجيل إني نذير لأهل البسل ضاحية لكل ذي إربة منهم ومعقول من جيش أحمد لا وخش تنابلة وليس يوصف ما أنذرت بالقيل فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ومر به ركب من عبد القيس فقال أين تريدون قالوا نريد المدينة قال ولم قالوا نريد الميرة قال فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها قالوا نعم قال فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان فقال حسبنا الله ونعم الوكيل.
قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان عبد الله بن أبي ابن سلول كما حدثني ابن شهاب الزهري له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر شرفا له في نفسه وفي قومه وكان فيهم شريفا إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس قام فقال أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم أكرمكم الله وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ورجع بالناس قام يفعل ذلك كما كان يفعله فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا اجلس أي عدو الله لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول والله لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره فلقيه رجل من الأنصار بباب المسجد فقال مالك ويلك قال قمت أشدد أمره فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره قال ويلك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله ما أبتغي أن يستغفر لي.
كان يوم أحد يوم محنة *
قال ابن إسحاق كان يوم أحد يوم بلاء ومصيبة وتمحيص اختبر الله به المؤمنين ومحن به المنافقين ممن كان يظهر الإيمان بلسانه وهو مستخف بالكفر في قلبه ويوما أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته.
ذكر ما أنزل الله في أحد من القرآن *
بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا أبو محمد @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال فكان مما أنزل الله تبارك وتعالى في يوم أحد من القرآن ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومهم ذلك ومعاتبة من عاتب منهم يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم .
أي سميع بما تقولون عليم بما تخفون إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا أن تتخاذلا والطائفتان بنو سلمة بن جشم بن الخزرج وبنو حارثة بن النبيت من الأوس وهما الجناحان يقول الله تعالى والله وليهما أي المدافع عنهما ما همتا به من فشلهما وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما غير شك في دينهما فتولى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته حتى سلمتا من وهونهما وضعفهما ولحقتا بنبيهما صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق يقول الله تعالى وعلى الله فليتوكل المؤمنون أي من كان به ضعف من المؤمنين فليتوكل علي وليستعن بي أعنه على أمره وأدافع عنه حتى أبلغ به وأدفع عنه وأقويه على نيته ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون § أي فاتقوني فإنه شكر نعمتي ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أقل عددا وأضعف قوة إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين أي إن تصبروا لعدوي وتطيعوا أمري ويأتوكم من وجههم هذا أمدكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين.
وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم أي ما سميت لكم من سميت من جنود ملائكتي إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به لما أعرف من ضعفكم وما النصر إلا من عندي لسلطاني وقدرتي وذلك أن العز والحكم إلي لا إلى أحد من خلقي ثم قال ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبوا خائبين أي ليقطع طرفا من المشركين بقتل ينتقم به منهم أو يردهم خائبين أي ويرجع من بقي منهم فلا خائبين لم ينالوا شيئا مما كانوا يأملون.
قال ابن إسحاق ثم قال لمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم أو أتوب عليهم برحمتي فإن شئت فعلت أو أعذبهم بذنوبهم فبحقي فإنهم ظالمون أي قد استوجبوا ذلك بمعصيتهم إياي والله غفور رحيم أي يغفر الذنب ويرحم العباد على ما فيهم.
ثم قال يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة أي لا تأكلوا في الإسلام إذ هداكم الله به ما كنتم تأكلون إذ أنتم على غيره مما لا يحل لكم في دينكم واتقوا الله لعلكم تفلحون أي فأطيعوا الله لعلكم تنجون مما حذركم الله من عذابه وتدركون ما رغبكم الله فيه من ثوابه واتقوا النار التي أعدت للكافرين أي التي جعلت دارا لمن كفر بي ثم قال وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون معاتبة للذين عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بما أمرهم به في ذلك اليوم وفي غيره ثم قال وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين أي دارا لمن أطاعني وأطاع رسولي الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين أي وذلك هو الإحسان وأنا أحب من عمل به والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أي إن أتوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم بمعصية ذكروا نهي الله عنها وما حرم عليهم فاستغفروه لها وعرفوا أنه لا يغفر الذنوب إلا هو ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أي لم يقيموا على معصيتي كفعل من أشرك بي فيما غلوا به في كفرهم وهم يعلمون ما حرمت عليهم من عبادة غيري أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين أي ثواب المطيعين ثم استقبل ذكر المصيبة التي نزلت بهم والبلاء الذي أصابهم والتمحيص لما كان فيهم واتخاذه الشهداء منهم فقال تعزية لهم وتعريفا لهم فيما صنعوا وفيما هو صانع بهم قد خلت من قبلكم سنن فسيروا § في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين أي قد مضت مني وقائع نقمة في أهل التكذيب لرسلي والشرك بي عاد وثمود وقوم لوط وأصحاب مدين فرأوا مثلات قد مضت مني فيهم ولمن هو على مثل ما هم عليه من ذلك مني فإني أمليت لهم أي لئلا يظنوا أن نقمتي انقطعت عن عدوكم وعدوي للدولة التي أدلتهم بها عليكم ليبتليكم بذلك ليعلمكم ما عندكم ثم قال تعالى هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين أي هذا تفسير للناس إن قبلوا الهدى وهدى وموعظة أي نور وأدب للمتقين أي لمن أطاعني وعرف أمري ولا تهنوا ولا تحزنوا أي لا تضعفوا ولا تبتئسوا على ما أصابكم وأنتم الأعلون أي لكم تكون العاقبة والظهور إن كنتم مؤمنين أي إن كنتم صدقتم نبي بما بما جاءكم به عني إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله أي جراح مثلها وتلك الأيام نداولها بين الناس أي نصرفها بين الناس للبلاء والتمحيص وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين أي ليميز بين المؤمنين والمنافقين وليكرم من أكرم من أهل الإيمان بالشهادة والله لا يحب الظالمين أي المنافقين الذين يظهرون بألسنتهم الطاعة وقلوبهم مصرة على المعصية وليمحص الله الذين آمنوا أي يختبر الذين آمنوا حتى يخلصهم بالبلاء الذي نزل بهم وكيف صبرهم ويقينهم ويمحق الكافرين أي يبطل من المنافقين قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم حتى يظهر منهم كفرهم الذي يستترون به ثم قال تعالى أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين أي حسبتم أن تدخلوا الجنة فتصيبوا من ثوابي الكرامة ولم أختبركم بالشدة وأبتليكم بالمكاره حتى أعلم صدق § ذلك منكم بالإيمان بي والصبر على ما أصابكم في ولقد كنتم تمنون الشهادة على الذي أنتم عليه من الحق قبل أن تلقوا عدوكم يعني الذين استنهضوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خروجه بهم إلى عدوهم لما فاتهم من حضورا اليوم الذي كان قبله ببدر ورغبة في الشهادة التي فاتتهم بها فقال ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه يقول فقد رأيتموه وأنتم تنظرون أي الموت بالسيوف في أيدي الرجال قد خلي بينكم وبينهم وأنتم تنظرون إليهم ثم صدهم عنكم وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين أي لقول الناس قتل محمد صلى الله عليه وسلم وانهزامهم عند ذلك وانصرافهم عن عدوهم أفإن مات أو قتل رجعتم عن دينكم كفارا كما كنتم وتركتم جهاد عدوكم وكتاب الله وما خلف نبيه صلى الله عليه وسلم من دينه معكم وعندكم وقد بين لكم فيما جاءكم به عني أنه ميت ومفارقكم ومن ينقلب على عقبيه أي يرجع عن دينه فلن يضر الله شيئا أي ليس ينقص ذلك عز الله تعالى ولا ملكه ولا سلطانه ولا قدرته وسيجزي الله الشاكرين أي من أطاعه وعمل بأمره ثم قال وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا أي أن لمحمد صلى الله عليه وسلم أجلا هو بالغه فإذا أذن الله عز وجل في ذلك كان ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها وسنجزي الشاكرين أي من كان منكم يريد الدنيا ليست له رغبة في الآخرة نؤته منها ما قسم له من رزق ولا يعدوه فيها وليس له § في الآخرة من حظ ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها ما وعد به مع ما يجزى عليه من رزقه في دنياه وذلك جزاء الشاكرين أي المتقين ثم قال وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين أي وكأين من نبي أصابه القتل ومعه ربيون كثير أي جماعة فما وهنوا لفقد نبيهم وما ضعفوا عن عدوهم وما استكانوا لما أصابهم في الجهاد عن الله تعالى وعن دينهم وذلك الصبر والله يحب الصابرين وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين .
قال ابن إسحاق أي فقولوا مثل ما قالوا واعلموا أنما ذلك بذنوب منكم واستغفروه كما استغفروه وامضوا على دينكم كما مضوا على دينهم ولا ترتدوا على أعقابكم راجعين واسألوه كما سألوه أن يثبت أقدامكم واستنصروه كما استنصروه على القوم الكافرين فكل هذا من قولهم قد كان وقد قتل نبيهم فلم يفعلوا كما فعلتم @QURS003A148_BEG فآتاهم الله ثواب الدنيا @QURS3A148_END بالظهور على عدوهم وحسن ثواب الآخرة وما وعد الله فيها والله يحب المحسنين يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين أي عن عدوكم فتذهب دنياكم وآخرتكم بل الله مولاكم وهو خير الناصرين فإن كان ما تقولون بألسنتكم صدقا في قلوبكم فاعتصموا به ولا تستنصروا بغيره ولا ترجعوا على أعقابكم مرتدين عن دينه سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب أي الذي به كنت أنصركم عليهم بما أشركوا بي ما لم أجعل لهم من حجة أي فلا تظنوا أن لهم عاقبة نصر ولا ظهور عليكم ما اعتصمتم بي واتبعتم أمري للمصيبة التي أصابتكم منهم بذنوب قدمتموها لأنفسكم خالفتم بها أمري للمعصية وعصيتم بها النبي صلى الله عليه وسلم ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين أي وقد وفيت لكم بما وعدتكم من النصر على عدوكم إذ تحسونهم بالسيوف أي القتل بإذني وتسليطي أيديكم عليهم وكفى أيديهم عنكم.
قال ابن إسحاق حتى إذا فشلتم أي تخاذلتم وتنازعتم في الأمر أي اختلفتم في أمري أي تركتم أمر نبيكم وما عهد إليكم يعني الرماة وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون أي الفتح لا شك فيه وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم منكم من يريد الدنيا أي الذين أرادوا النهب في الدنيا وترك ما أمروا به من الطاعة التي عليها ثواب الآخرة ومنكم من يريد الآخرة أي الذين جاهدوا في الله ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا رغبة فيها رجاء ما عند الله من حسن ثوابه في الآخرة أي الذين جاهدوا في الدين ولم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا ليختبركم وذلك ببعض ذنوبكم ولقد عفا الله عن عظيم ذلك أن لا يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم ولكني عدت بفضلي عليكم وكذلك من الله على المؤمنين أن عاقب ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبا وموعظة فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم بما أصابوا من معصيته رحمة لهم وعائدة عليهم لما فيهم من الإيمان ثم أنبههم بالفرار عن نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم يدعون لا يعطفون عليه لدعائه إياهم فقال إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم أي كربا بعد كرب بقتل من قتل من إخوانكم وعلو § عدوكم عليكم وبما وقع في أنفسكم من قول من قال قتل نبيكم فكان ذلك مما تتابع عليكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من ظهوركم على عدوكم بعد أن رأيتموه بأعينكم ولا ما أصابكم من قتل إخوانكم حتى فرجت ذلك الكرب عنكم والله خبير بما تعملون وكان الذي فرج الله به عنهم ما كانوا فيه من الكرب والغم الذي أصابهم أن الله عز وجل رد عنهم كذبة الشيطان بقتل نبيهم صلى الله عليه وسلم فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا بين أظهرهم هان عليهم ما فاتهم من القوم بعد الظهور عليهم والمصيبة التي أصابتهم في إخوانهم حين صرف الله القتل عن نبيهم صلى الله عليه وسلم @QURS003A154_BEG ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور فأنزل الله النعاس أمنة منه على أهل اليقين به فهم نيام لا يخافون وأهل النفاق قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية تخوف القتل وذلك أنهم لا يرجون عاقبة فذكر الله عز وجل تلاومهم وحسرتهم على ما أصابهم ثم قال الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لو كنتم في بيوتكم لم تحضروا هذا الموطن الذي أظهر الله فيه منكم ما أظهر من سرائركم لبرز لأخرج الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم إلى موطن غيره يصرعون فيه حتى يبتلى به ما في صدورهم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور أي لا يخفى عليه ما في صدورهم مما استخفوا به منكم § ثم قال يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير أي لا تكونوا كالمنافقين الذين ينهون إخوانهم عن الجهاد في سبيل الله والضرب في الأرض في طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ويقولون إذا ماتوا أو قتلوا لو أطاعونا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم لقلة اليقين بربهم والله يحيي ويميت أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من ذلك من آجالهم بقدرته قال تعالى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون أي إن الموت لكائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا وأيقنوا مما يجمعون من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهرة الدنيا زهادة في الآخرة ولئن متم أو قتلتم أي ذلك كان لإلى الله تحشرون أي أن إلى الله المرجع فلا تغرنكم الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه من ثوابه آثر عندكم منها ثم قال تبارك وتعالى فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك أي لتركوك فاعف عنهم أي فتجاوز عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين فذكر لنبيه صلى الله عليه وسلم لينه لهم وصبره عليهم لضعفهم وقلة صبرهم على الغلظة لو كانت منه عليهم في كل ما خالفوا عنه مما افترض عليهم من طاعة نبيهم صلى الله عليه وسلم ثم قال تبارك وتعالى فاعف عنهم أي تجاوز عنهم واستغفر لهم ذنوبهم من قارف من أهل الإيمان منهم وشاورهم في الأمر أي § لتريهم أنك تسمع منهم وتستعين بهم وإن كنت غنيا عنهم تألفا لهم بذلك على دينهم فإذا عزمت أي على أمر جاءك مني وأمر من دينك في جهاد عدوك لا يصلحك ولا يصلحهم إلا ذلك فامض على ما أمرت به على خلاف من خالفك وموافقة من وافقك فتوكل على الله أي ارض به من العباد إن الله يحب المتوكلين إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده أي لئلا تترك أمري للناس وارفض أمر الناس إلى أمري وعلى الله لا على الناس فليتوكل المؤمنون ثم قال وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة ومن يفعل ذلك يأت يوم القيامة به ثم يجزى بكسبه غير مظلوم ولا معتدى عليه أفمن اتبع رضوان الله على ما أحب الناس أو سخطوا كمن باء بسخط من الله لرضا الناس أو لسخطهم يقول أفمن كان على طاعتي فثوابه الجنة ورضوان من الله كمن باء بسخط من الله واستوجب سخطه فكان مأواه جهنم وبئس المصير أسواء المثلان فاعرفوا هم درجات عند الله والله بصير بما يعملون لكل درجات مما عملوا في الجنة والنار أي إن الله لا يخفى عليه أهل طاعته من أهل معصيته ثم قال لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين أي لقد من الله عليكم يا أهل الإيمان إذ بعث فيكم رسولا من أنفسكم يتلو عليكم آياته فيما أحدثتم وفيما عملتم فيعلمكم الخير والشر لتعرفوا الخير فتعملوا به والشر فتتقوه ويخبركم برضاه عنكم إذا أطعتموه فتستكثروا من طاعته وتجتنبوا ما سخط منكم من معصيته § لتتخلصوا بذلك من نقمته وتدركوا بذلك ثوابه من جنته وإن كنتم من قبل لفي ضلال مبين أي لفي عمياء من الجاهلية أي لا تعرفون حسنة ولا تستغفرون من سيئة صم عن الخير بكم عن الحق عمي عن الهدى ثم ذكر المصيبة التي أصابتهم فقال أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير أي إن تك قد أصابتكم مصيبة في إخوانكم بذنوبكم فقد أصبتم مثليها قبل من عدوكم في اليوم الذي كان قبله ببدر قتلا وأسرا ونسيتم معصيتكم وخلافكم عما أمركم به نبيكم صلى الله عليه وسلم أنتم أحللتم ذلك بأنفسكم إن الله على كل شيء قدير أي إن الله على ما أراد بعباده من نقمة أو عفو قدير وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين أي ما أصابكم حين التقيتم أنتم وعدوكم فبإذني كان ذلك حين فعلتم ما فعلتم بعد أن جاءكم نصري وصدقتكم وعدي ليميز بين المؤمنين والمنافقين وليعلم الذين نافقوا منكم أي ليظهر ما فيهم وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه الذين رجعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى عدوه من المشركين بأحد وقولهم لو نعلم أنكم تقاتلون لسرنا معكم ولدفعنا عنكم ولكنا لا نظن أنه يكون قتال فأظهر منهم ما كانوا يخفون في أنفسهم يقول الله عز وجل هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم أي يظهرون لك الإيمان وليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون أي ما يخفون الذين قالوا لإخوانهم الذين أصيبوا معكم من عشائرهم وقومهم لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين أي أنه لا بد من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا على البقاء في الدنيا وفرارا من الموت § ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم يرغب المؤمنين في الجهاد ويهون عليهم القتل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون أي لا تظنن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا أي قد أحييتهم فهم عندي يرزقون في روح الجنة وفضلها مسرورين بما آتاهم الله من فضله على جهادهم عنه ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم أي ويسرون بلحوق من لحقهم من إخوانهم على ما مضوا عليه من جهادهم ليشركوهم فيما هم فيه من ثواب الله الذي أعطاهم قد أذهب الله عنهم الخوف والحزن يقول الله تعالى يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين لما عاينوا من وفاء الموعود وعظيم الثواب.
قال ابن إسحاق وحدثني إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن مقيلهم قالوا يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله تعالى فأنا أبلغهم عنكم فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الآيات ولا تحسبن .
قال ابن إسحاق وحدثني الحارث بن الفضيل عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عن هؤلاء الآيات ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فقال أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فيطلع الله عز وجل عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم قال فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا قال ثم يطلع الله عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا قال ثم يطلع عليهم اطلاعة فيقول يا عبادي ما تشتهون فأزيدكم فيقولون ربنا لا فوق ما أعطيتنا الجنة نأكل منها حيث شئنا إلا أنا نحب أن ترد أرواحنا في أجسادنا ثم نرد إلى الدنيا فنقاتل فيك حتى نقتل مرة أخرى.
حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب وأبو بكر بن خلاد قالا ثنا محمد بن § عثمان بن أبي شيبة ثنا منجاب ثنا إبراهيم بن يوسف ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق حدثني عمرو بن قيس عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قتل أبي يوم أحد فبلغني ذلك فأقبلت فإذا هو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى فتناولت الثوب عن وجهه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهونني كراهية أن أرى ما به من المثلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد لا ينهاني فلما رفع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زالت الملائكة حافة بأجنحتها حتى رفع ثم لقيني بعد أيام فقال أي بني ألا أبشرك إن الله عز وجل أحيا أباكم فقال تمنه فقال أتمنى يا رب أن تعيد روحي وتردني إلى الدنيا حتى أقتل مرة أخرى فقال إني قضيت أنهم إليها لا يرجعون.
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أبشرك يا جابر قال قلت بلى يا نبي الله قال إن أباك حيث أصيب بأحد أحياه الله عز وجل ثم قال له ما تحب يا عبد الله بن عمرو أن أفعل بك قال أي رب أحب أن تردني إلى الدنيا فأقاتل فيك فأقتل مرة أخرى قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن عبيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما من مؤمن يفارق الدنيا يحب أن يرجع إليها ساعة من نهار وأن له الدنيا وما فيها إلا الشهيد فإنه يحب أن يرد إلى الدنيا فيقاتل في سبيل الله فيقتل مرة أخرى.
ذكر من خرجوا على الرسول إلى حمراء الأسد *
قال ابن إسحاق ثم قال تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح أي الجراح وهم المؤمنون الذين ساروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم أحد إلى حمراء الأسد على ما بهم من ألم الجراح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل والناس الذين قالوا لهم ما قالوا النفر من عبد القيس الذين قال لهم أبو سفيان ما قال قالوا إن أبا سفيان ومن معه راجعون إليكم يقول الله عز وجل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم لما صرف الله عنهم من لقاء عدوهم إنما ذلكم الشيطان أي لأولئك الرهط وما ألقى الشيطان على أفواههم يخوف أولياءه أي يرهبكم بأوليائه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر أي المنافقون إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب أي المنافقين وما كان الله ليطلعكم على الغيب أي فيما يريد أن يبتليكم به لتحذروا ما يدخل عليكم فيه ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء أي يعلمه ذلك فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا أي ترجعوا وتتوبوا فلكم أجر عظيم .
ذكر من استشهد بأحد من المهاجرين *
قال ابن إسحاق واستشهد من المسلمين يوم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين من قريش ثم من بني هاشم بن عبد مناف حمزة ابن عبد المطلب بن هاشم رضي الله عنه قتله وحشي غلام جبير بن مطعم ومن بني أمية بن عبد شمس عبد الله بن جحش حليف لهم من بني أسد ابن خزيمة ومن بني عبد الدار بن قصي مصعب بن عمير قتله ابن قمئة الليثي ومن بني مخزوم بن يقظة شماس بن عثمان أربعة نفر ومن الأنصار ثم من بني عبد الأشهل عمرو بن معاذ بن النعمان والحارث ابن أنس بن رافع وعمارة بن زياد بن السكن.
قال ابن إسحاق وقد زعم لي عاصم بن عمر بن قتادة أن أباهما ثابتا قتل يومئذ ورفاعة بن وقش وحسيل بن جابر أبو حذيفة وهو اليمان أصابه المسلمون في المعركة ولا يدرون فتصدق حذيفة بديته على من أصابه وصيفي § ابن قيظي وحباب بن قيظي وعباد بن سهل والحارث بن أوس بن معاذ اثنا عشر رجلا ومن أهل راتج إياس بن أوس بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن زعوراء بن جشم بن عبد الأشهل وعبيد بن التيهان.
وحبيب بن يزيد بن تيم ثلاثة نفر ومن بني ظفر يزيد بن خاطب بن أمية بن رافع رجل ومن بني عمرو بن عوف ثم من بني ضبيعة بن زيد أبو سفيان بن الحارث بن قيس بن زيد وحنظلة بن أبي عامر بن صيفي بن نعمان بن مالك بن أمة وهو غسيل الملائكة قتله شداد بن الأسود بن شعوب الليثي رجلان.
قال ابن إسحاق ومن بني عبيد بن زيد أنيس بن قتادة رجل ومن بني ثعلبة بن عمرو بن عوف أبو حية وهو أخو سعد بن خيثمة لأمه.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن جبير بن النعمان وهو أمير الرماة رجلان § ومن بني السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس خيثمة أبو سعد بن خيثمة رجل ومن حلفائهم من بني العجلان عبد الله بن سلمة رجل ومن بني معاوية بن مالك سبيع بن حاطب بن الحارث بن قيس بن هيشة رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني النجار ثم من بني سواد بن مالك بن غني عمرو بن قيس وابنه قيس بن عمرو.
قال ابن إسحاق وثابت بن عمرو بن زيد وعامر بن مخلد أربعة نفر ومن بنى بني مبذول أبو هبيرة بن الحارث بن علقمة بن عمرو بن ثقف بن مالك بن مبذول وعمرو بن مطرف بن علقمة بن عمرو رجلان ومن بني عمرو بن مالك أوس بن ثابت بن المنذر رجل.
قال ابن إسحاق ومن بني عدي بن النجار أنس بن النضر بن ضمضم ابن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار رجل.
ومن بني مازن بن النجار قيس بن مخلد وكيسان عبد لهم رجلان ومن بني دينار بن النجار سليم بن الحارث ونعمان بن عبد عمرو رجلان ومن بني الحارث بن الخزرج خارجة بن زيد بن أبي زهير وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير دفنا في قبر واحد وأوس بن الأرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن كعب ثلاثة نفر ومن بني الأبجر وهم بنو خدرة مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر وهو أبو أبي سعيد الخدري
قال ابن إسحاق وسعيد بن سويد بن قيس بن عامر بن عباد بن الأبجر وعتبة بن ربيع بن رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد ابن الأبجر ثلاثة نفر ومن بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ثعلبة بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة بن عمرو بن الخزرج بن ساعدة وثقف بن فروة بن البدي رجلان ومن بني طريف رهط سعد بن عبادة عبد الله بن عمرو بن وهب § ابن ثعلبة بن وقش بن ثعلبة بن طريف وضمرة حليف لهم من بني جهينة رجلان ومن بني عوف بن الخزرج ثم من بني سالم ثم من بني مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم نوفل بن عبد الله وعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك ابن العجلان ونعمان بن مالك بن ثعلبة بن فهر بن غنم بن سالم والمجذر ابن ذياد حليف لهم من بلي وعبادة بن الحسحاس دفن النعمان بن مالك والمجذر وعبادة في قبر واحد خمسة نفر ومن بني الحبلى رفاعة بن عمرو رجل ومن بني سلمة ثم من بني حرام عبد الله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام وعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام دفنا في قبر واحد وخلاد بن عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام وأبو أيمن مولى عمرو بن الجموح أربعة نفر ومن بني سواد بن غنم سليم بن عمرو بن حديدة ومولاه عنترة وسهل بن قيس بن أبي كعب بن القين ثلاثة نفر ومن بني زريق بن عامر ذكوان بن عبد قيسى وعبيد بن المعلى بن لوذان رجلان.
قال ابن إسحاق فجميع من استشهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار خمسة وستون رجلا.
ذكر من قتل من المشركين يوم أحد *
قال ابن إسحاق وقتل من المشركين يوم أحد من قريش ثم من بني عبد الدار بن قصي من أصحاب اللواء طلحة بن أبي طلحة واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار قتله علي بن أبي طالب و أبو سعيد بن أبي طلحة قتله سعد بن أبي وقاص.
قال ابن إسحاق وعثمان بن أبي طلحة قتله حمزة بن عبد المطلب ومسافع ابن طلحة والجلاس بن طلحة قتلهما عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح وكلاب ابن طلحة والحارث بن طلحة قتلهما قزمان حليف لبني ظفر.
قال ابن إسحاق وأرطاة بن عبد شرحبيل بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله حمزة بن عبد المطلب وأبو يزيد بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله قزمان وصؤاب غلام له حبشي قتله قزمان.
قال ابن إسحاق والقاسط بن شريح بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار قتله قزمان أحد عشر رجلا ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد قتله علي بن أبي طالب رجل ومن بني زهرة بن كلاب أبو الحكم بن الأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف لهم قتله علي بن أبي طالب وسباع بن عبد العزى واسم عبد العزى عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم بن ملكان بن أفصى حليف لهم من خزاعة قتله حمزة بن عبد المطلب رجلان ومن بني مخزوم بن يقظة هشام بن أبي أمية بن المغيرة قتله قزمان والوليد بن العاص بن هشام بن المغيرة قتله قزمان وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتله علي بن أبي طالب وخالد بن الأعلم حليف لهم قتله قزمان أربعة نفر ومن بني جمح بن عمرو عمرو بن عبد الله بن عمير بن وهب بن حذافة بن جمح وهو أبو عزة قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم صبرا § وأبي بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده رجلان ومن بني عامر بن لؤي عبيدة بن جابر وشيبة بن مالك بن المضرب قتلهما قزمان رجلان.
ذكر ما قيل من الشعر يوم أحد *
قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم أحد قول هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم.
ما بال هم عميد بات يطرقني %~% بالود من هند إذ تعدو عواديها باتت تعاتبني هند وتعذلني والحرب قد شغلت عني مواليها مهلا فلا تعذليني إن من خلقي ما قد علمت وما إن لست أخفيها مساعف لبني كعب بما كلفوا حمال عبء وأثقال أعانيها وقد حملت سلاحي فوق مشترف ساط سبوح إذا تجري يباريها § كأنه إذ جرى عير بفدفدة مكدم لاحق بالعون يحميها من آل أعوج يرتاح الندي له كجذع شعراء مستعل مراقيها أعددته ورقاق الحد منتخلا ومارنا لخطوب قد ألاقيها هذا وبيضاء مثل النهي محكمة نيطت علي فما تبدو مساويها سقنا كنانة من أطراف ذي يمن عرض البلاد على ما كان يزجيها قالت كنانة أني تذهبون بنا قلنا النخيل فأموها ومن فيها نحن الفوارس يوم الجر من أحد هابت معد فقلنا نحن نأتيها هابوا ضرابا وطعنا صادقا خذما مما يرون وقد ضمت قواصيها ثمت رحنا كأنا عارض برد وقام هام بني النجار يبكيها كأن هامهم عند الوغى فلق من قيض ربد نفته عن أداحيها § أو حنظل ذعذعته الريح في غصن بال تعاوره منها سوافيها قد نبذل المال سحا لا حساب له ونطعن الخيل شزرا في مآقيها وليلة يصطلي بالفرث جازرها يختص بالنقرى المثرين داعيها وليلة من جمادى ذات أندية جربا جمادية قد بت أسريها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة من القريس ولا تسرى أفاعيها أوقدت فيها لذي الضراء جاحمة كالبرق ذاكية الأركان أحميها أورثني ذاكم عمرو ووالده من قبله كان بالمثنى يغاليها كانوا يبارون أنواء النجوم فما دنت عن السورة العليا مساعيها.
قال ابن إسحاق فأجابه حسان بن ثابت فقال § سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم إلى الرسول فجند الله مخزيها أوردتموها حياض الموت ضاحية فالنار موعدها والقتل لاقيها جمعتموها أحابيشا بلا حسب أئمة الكفر غرتكم طواغيها ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت أهل القليب ومن ألقينه فيها كم من أسير فككناه بلا ثمن وجز ناصية كنا مواليها.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يجيب هبيرة بن أبي وهب أيضا ألا هل أتى غسان عنا ودونهم من الأرض خرق سيره متنعنع صحار وأعلام كأن قتامها من البعد نقع هامد متقطع تظل به البزل العراميس رزحا ويخلو به غيث السنين فيمرع به جيف الحسرى يلوح صليبها كما لاح كتان التجار الموضع به العين والآرام يمشين خلفة وبيض نعام قيضه يتقلع § مجالدنا عن ديننا كل فخمة مذربة فيها القوانس تلمع وكل صموت في الصوان كأنها إذا لبست تهي من الماء مترع ولكن ببدر سائلوا من لقيتم من الناس والأنباء بالغيب تنفع وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا إذا جاء منا راكب كان قوله أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع فمهما يهم الناس مما يكيدنا فنحن له من سائر الناس أوسع فلو غيرنا كانت جميعا تكيده البرية قد أعطوا يدا وتوزعوا نجالد لا تبقى علينا قبيلة من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا ولما ابتنوا بالعرض قال سراتنا علام إذا لم تمنع العرض نزرع وفينا رسول الله نتبع أمره إذا قال فينا القول لا نتطلع تدلى عليه الروح من عند ربه ينزل من جو السماء ويرفع نشاوره فيما نريد وقصرنا إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع وقال رسول الله لما بدوا لنا ذروا عنكم هول المنيات واطمعوا وكونوا كمن يشري الحياة تقربا إلى ملك يحيا لديه ويرجع § ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا على الله إن الأمر لله أجمع فسرنا إليهم جهرة في رحالهم ضحيا علينا البيض لا نتخشع بملمومة فيها السنور والقنا إذا ضربوا أقدامها لا تورع فجئنا إلى موج من البحر وسطه أحابيش منهم حاسر ومقنع ثلاثة آلاف ونحن نصية ثلاث مئين إن كثرنا وأربع نغاورهم تجري المنية بيننا نشارعهم حوض المنايا ونشرع تهادى قسي النبع فينا وفيهم وما هو إلا اليثربي المقطع ومنجوفة حمية صاعدية يذر عليها السم ساعة تصنع تصوب بأبدان الرجال وتارة تمر بأعراض البصار تقعقع وخيل تراها بالفضاء كأنها جراد صبا في قرة يتريع فلما تلاقينا ودارت بنا الرحى وليس لأمر حمه الله مدفع ضربناهم حتى تركنا سراتهم كأنهم بالقاع خشب مصرع لدن غدوة حتى استفقنا عشية كأن ذكانا حر نار تلفع § وراحوا سراعا موجفين كأنهم جهام هراقت ماءه الريح مقلع ورحنا وأخرانا بطاء كأننا أسود على لحم ببيشة ظلع فنلنا ونال القوم منا وربما فعلنا ولكن ما لدى الله أوسع ودارت رحانا واستدارت رحاهم وقد جعلوا كل من الشر يشبع ونحن أناس لا نرى القتل سبة على كل من يحمي الذمار ويمنع جلاد على ريب الحوادث لا نرى على هالك عينا لنا الدهر تدمع بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله ولا نحن مما جرت الحرب نجزع بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفحش ولا نحن من أظفارها نتوجع وكنا شهابا يتقى الناس حره ويفرج عنه من يليه ويسفع فخرت علي ابن الزبعرى وقد سرى لكم طلب من آخر الليل متبع فسل عنك في عليا معد وغيرها من الناس من أخزى مقاما وأشنع ومن هو لم تترك له الحرب مفخرا ومن خده يوم الكريهة أضرع شددنا بحول الله والنصر شدة عليكم وأطراف الأسنة شرع تكر القنا فيكم كأن فروعها عزالي مزاد ماؤها يتهزع عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر بذكر اللواء فهو في الحمد أسرع فخانوا وقد أعطوا يدا وتخاذلوا أبى الله إلا أمره وهو أصنع.
قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى في يوم أحد يا غراب البين أسمعت فقل إنما تنطق شيئا قد فعل إن للخير وللشر مدى وكلا ذلك وجه وقبل والعطيات خساس بينهم وسواء قبر مثر ومقل كل عيش ونعيم زائل وبنات الدهر يلعبن بكل أبلغن حسان عني آية فقريض الشعر يشفي ذا الغلل كم ترى بالجر من جمجمة وأكف قد أترت ورجل وسرابيل حسان سريت عن كماة أهلكوا في المنتزل كم قتلنا من كيم سيد ماجد الجدين مقدام بطل صادق النجدة قرم بارع غير ملتاث لدى وقع الأسل فسل المهراس من ساكنه بين أقحاف وهام كالحجل § ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل حين حكت بقباء بركها واستحر القتل في عبد الأشل ثم خفوا عند ذاكم رقصا رقص الحفان يعلو في الجبل فقتلنا الضعف من أشرافهم وعدلنا ميل بدر فاعتدل لا ألوم النفس إلا أننا لو كررنا لفعلنا المفتعل بسيوف الهند تعلو هامهم عللا تعلوهم بعد نهل فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال ذهبت يا بن الزبعرى وقعة كان منا الفضل فيها لو عدل ولقد نلتم ونلنا منكم وكذاك الحرب أحيانا دول نضع الأسياف في أكتافكم حيث نهوى عللا بعد نهل نخرج الأضياح من أستاهكم كسلاح النيب يأكلن العصل إذ تولون على أعقابكم هربا في الشعب أشباه الرسل إذ شددنا شدة صادقة فأجأناكم إلى سفح الجبل بخناطيل كأشداف الملا من يلاقوه من الناس يهل § ضاق عنا الشعب إذ نجزعه وملأنا الفرط منه والرجل برجال لستم أمثالهم أيدوا جبريل نصرا فنزل وعلونا يوم بدر بالتقى طاعة الله وتصديق الرسل وقتلنا كل رأس منهم وقتلنا كل جحجاح رفل وتركنا في قريش عورة يوم بدر وأحاديث المثل ورسول الله حقا شاهد يوم بدر والتنابيل الهبل في قريش من جموع جمعوا مثل ما يجمع في الخصب الهمل نحن لا أمثالكم ولد استها نحضر الناس إذا البأس نزل.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يبكي حمزة بن عبد المطلب وقتلى أحد من المسلمين نشجت وهل لك من منشج وكنت متى تذكر تلجج تذكر قوم أتاني لهم أحاديث في الزمن الأعوج فقلبك من ذكرهم خافق من الشوق والحزن المنضج وقتلاهم في جنان النعيم كرام المداخل والمخرج § بما صبروا تحت ظل اللواء لواء الرسول بذي الأضوج غداة أجابت بأسيافها جميعا بنو الأوس والخزرج وأشياع أحمد إذ شايعوا على الحق ذي النور والمنهج فما برحوا يضربون الكماة ويمضون في القسطل المرهج كذلك حتى دعاهم مليك إلى جنة دوحة المولج فكلهم مات حر البلاء على ملة الله لم يحرج كحمزة لما وفى صادقا بذي هبة صارم سلجج فلاقاه عبد بني نوفل يبربر كالجمل الأدعج فأوجره حربة كالشهاب تلهب في اللهب الموهج ونعمان أوفى بميثاقه وحنظلة الخير لم يحنج عن الحق حتى غدت روحه إلى منزل فاخر الزبرج أولئك لا من ثوى منكم من النار في الدرك المرتج فأجابه ضرار بن الخطاب الفهري فقال أيجزع كعب لأشياعه ويبكي من الزمن الأعوج § عجيج المذكي رأى إلفه تروح في صادر محنج فراح الروايا وغادرنه يعجعج قسرا ولم يجدج فقولا لكعب يثني البكا وللنيء من لحمه ينضج لمصرع إخوانه في مكر من الخيل ذي قسطل مرهج فيا ليت عمرا وأشياعه وعتبة في جمعنا السورج فيشفوا النفوس بأوتارها بقتلى أصيبت من الخزرج وقتلى من الأوس في معرك أصيبوا جميعا بذي الأضوج ومقتل حمزة تحت اللواء بمطرد مارن مخلج وحيث انثنى مصعب ثاويا بضربة ذي هبة سلجج بأحد وأسيافنا فيهم تلهب كاللهب الموهج غداة لقيناكم في الحديد كأسد البراح فلم تعنج بكل مجلحة كالعقاب وأجرد ذي ميعة مسرج فدسناهم ثم حتى انثنوا سوى زاهق النفس أو محرج.
قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى في يوم أحد يبكي القتلى ألا ذرفت من مقلتيك دموع وقد بان من حبل الشباب قطوع وشط بمن تهوى المزار وفرقت نوى الحي دار بالحبيب فجوع وليس لما ولى على ذي حرارة وإن طال تذراف الدموع رجوع فذر ذا ولكن هل أتى أم مالك أحاديث قومي والحديث يشيع ومجنبنا جردا إلى أهل يثرب عناجيج منها متلد ونزيع عشية سرنا في لهام يقودنا ضرور الأعادي للصديق نفوع نشد علينا كل زغف كأنها غدير بضوج الواديين نقيع فلما رأونا خالطتهم مهابة وعاينهم أمر هناك فظيع وودوا لو أن الأرض ينشق ظهرها بهم وصبور القوم ثم جزوع وقد عريت بيض كأن وميضها حريق ترقى في الآباء سريع بأيماننا نعلو بها كل هامة ومنها سمام للعدو ذريع § فغادرن قتلى الأوس غاصبة بهم ضباع وطير يعتفين وقوع وجمع بني النجار في كل تلعة بأبدانهم من وقعهن نجيع ولولا علو الشعب غادرن أحمدا ولكن علا والسمهري شروع كما غادرت في الكر حمزة ثاويا وفي صدره ماضي الشباة وقيع ونعمان قد غادرن تحت لوائه على لحمه طير يجفن وقوع بأحد وأرماح الكماة يردنهم كما غال أشطان الدلاء نزوع فأجابه حسان بن ثابت فقال أشاقك من أم الوليد ربوع بلاقع ما من أهلهن جميع عفاهن صيفي الرياح وواكف من الدلو رجاف السحاب هموع فلم يبق إلا موقد النار حوله رواكد أمثال الحمام كنوع فدع ذكر دار بددت بين أهلها نوى لمتينات الحبال قطوع وقل إن يكن يوم بأحد يعده سفيه فإن الحق سوف يشيع فقد صابرت فيه بنو الأوس كلهم وكان لهم ذكر هناك رفيع § وحامى بنو النجار فيه وصابروا وما كان منهم في اللقاء جزوع أمام رسول الله لا يخذلونه لهم ناصر من ربهم وشفيع وفوا إذ كفرتم يا سخين بربكم ولا يستوي عبد وفى ومضيع بأيديهم بيض إذا حمش الوغى فلا بد أن يردى لهن صريع كما غادرت في النقع عتبة ثاويا وسعدا صريعا والوشيج شروع وقد غادرت تحت العناجة مسندا أبيا وقد بل القميص نجيع يكف رسول الله حيث تنصبت على القوم مما قد يثرن نقوع أولئك قوم سادة من فروعكم وفي كل قوم سادة وفروع بهن نعز الله حتى يعزنا وإن كان أمر يا سخين فظيع فلا تذكروا قتلى وحمزة فيهم قتيل ثوى لله وهو مطيع فإن جنان الخلد منزلة له وأمر الذي يقضي الأمور سريع وقتلاكم في النار أفضل رزقهم حميم معا في جوفها وضريع.
وقال ابن إسحاق وقال عمرو بن العاصي في يوم أحد خرجنا من الفيفا عليهم كأننا مع الصبح من رضوى الحبيك المنطق § تمنت بنو النجار جهلا لقاءنا لدى جنب سلع والأماني تصدق فما راعهم بالشر إلا فجاءة كراديس خيل في الأزقة تمرق وادوا لكيما يستبيحوا قبابنا ودون القباب اليوم ضرب محرق وكانت قبابا أو منت قبل ما ترى إذ رامها قوم أبيحوا وأحنقوا كأن رءوس الخزرجيين غدوة وأيمانهم بالمشرفية بروق.
قال ابن إسحاق وقال ضرار بن الخطاب § إني وجدك لولا مقدمي فرسي إذ جالت الخيل بين الجزع والقاع ما زال منكم بجنب الجزع من أحد أصوات هام تزاقى أمرها شاعي وفارس قد أصاب السيف مفرقه أفلاق هامته كفروة الراعي إني وجدك لا أنفك منتطقا بصارم مثل لون الملح قطاع على رحالة ملواح مثابرة نحو الصريخ إذا ما ثوب الداعي وما انتميت إلى خور ولا كشف ولا لئام غداة البأس أوراع بل ضاربين حبيك البيض إذ لحقوا شم العرانين عند الموت لذاع شم بهاليل مسترخ حمائلهم يسعون للموت سعيا غير دعداع وقال ضرار بن الخطاب أيضا لما أتت من بني كعب مزينة والخزرجية فيها البيض تأتلق وجردوا مشرفيات مهندة وراية كجناح النسر تختفق فقلت يوم بأيام ومعركة تنبى لما خلفها ما هزهز الورق § قد عودوا كل يوم أن تكون لهم ريح القتال وأسلاب الذين لقوا خيرت نفسي على ما كان من وجل منها وأيقنت أن المجد مستبق أكرهت مهري حتى خاض غمرتهم وبله من نجيع عانك علق فظل مهري وسربالي جسيدهما نفخ العروق رشاش الطعن والورق أيقنت أني مقيم في ديارهم حتى يفارق ما في جوفه الحدق لا تجزعوا يا بني مخزوم إن لكم مثل المغيرة فيكم ما به زهق صبرا فدى لكم أمي وما ولدت تعاوروا الضرب حتى يدبر الشفق وقال عمرو بن العاصي لما رأيت الحرب ينزو شرها بالرضف نزوا وتناولت شهباء تلحو الناس بالضراء لحوا أيقنت أن الموت حق والحياة تكون لغوا حملت أثوابي على عتد يبذ الخيل رهوا سلس إذا نكبن في البيداء يعلو الطرف علوا § وإذا تنزل ماؤه من عطفه يزداد زهوا ربذ كيعفور الصريمة راعه الرامون دحوا شنج نساه ضابط للخيل إرخاء وعدوا ففدى لهم أمى غداة الروع إذ يمشون قطوا سيرا إلى كبش الكتيبة إذ جلته الشمس جلوا.
قال ابن إسحاق فأجابهما كعب بن مالك فقال أبلغ قريشا وخير القول أصدقه والصدق عند ذوي الألباب مقبول أن قد قتلنا بقتلانا سراتكم أهل اللواء ففيما يكثر القيل ويوم بدر لقيناكم لنا مدد فيه مع النصر ميكال وجبريل إن تقتلونا فدين الحق فطرتنا والقتل في الحق عند الله تفضيل وإن تروا أمرنا في رأيكم سفها فرأي من خالف الإسلام تضليل فلا تمنوا لقاح الحرب واقتعدوا إن أخا الحرب أصدى اللون مشغول إن لكم عندنا ضربا تراح له عرج الضباع له خذم رعابيل § إنا بنو الحرب نمريها وننتجها وعندنا لذوي الأضغان تنكيل إن ينج منها ابن حرب بعد ما بلغت منه التراقي وأمر الله مفعول فقد أفادت له حلما وموعظة لمن يكون له لب ومعقول ولو هبطتم ببطن السيل كافحكم ضرب بشاكلة البطحاء ترعيل تلقاكم عصب حول النبي لهم مما يعدون للهيجا سرابيل من جذم غسان مسترخ حمائلهم لا جبناء ولا ميل معازيل يمشون تحت عمايات القتال كما تمشي المصاعبة الأدم المراسيل أو مثل مشي أسود الظل ألثقها يوم رذاذ من الجوزاء مشمول في كل سابغة كالنهي محكمة قيامها فلج كالسيف بهلول ترد حد قرام النبل خاسئة ويرجع السيف عنها وهو مفلول ولو قذفتم بسلع عن ظهوركم وللحياة ودفع الموت تأجيل § ما زال في القوم وتر منكم أبدا تعفو السلام عليه وهو مطلول عبد وحر كريم موثق قنصا شطر المدينة مأسور ومقتول كنا نؤمل أخراكم فأعجلكم منا فوارس لا عزل ولا ميل إذا جنى فيهم الجاني فقد علموا حقا بأن الذي قد جر محمول ما نحن لا نحن من إثم مجاهرة ولا ملوم ولا في الغرم مخذول وقال حسان بن ثابت يذكر عدة أصحاب اللواء يوم أحد.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي حمزة بن عبد المطلب ومن أصيب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد يا مي قومي فاندبن بسحيرة شجو النوائح كالحاملات الوقر بالثقل الملحات الدوالح المعولات الحامشات وجوه حرات صحائح § وكأن سيل دموعها الأنصاب تخضب بالذبائح ينقضن أشعارا لهن هناك بادية المسائح وكأنها أذناب خيل بالضحى شمس روامح من بين مشزور و مجزور يذعذع بالبوارح يبكين شجوا مسلبات كدحتهن الكوادح ولقد أصاب قلوبها مجل له جلب قوارح إذ أقصد الحدثان من كنا نرجي إذ نشايح أصحاب أحد غالهم دهر ألم له جوارح من كان فارسنا وحامينا إذا بعث المسالح يا حمز لا والله لا أنساك ما صر اللقائح لمناخ أيتام وأضياف وأرملة تلامح § ولما ينوب الدهر في حرب لحرب وهي لاقح يا فارسا يا مدرها يا حمز قد كنت المصامح عنا شديدات الخطوب إذا ينوب لهن فادح ذكرتني أسد الرسول وذاك مدرهنا المنافح عنا وكان يعد إذ عد الشريفون الجحاجح يعلو القماقم جهرة سبط اليدين أغر واضح لا طائش رعش ولا ذو علة بالحمل آنح بحر فليس يغب جارا منه سيب أو منادح أودى شباب أولى الحفائظ والثقيلون المراجح المطعمون إذا المشاتي ما يصففهن ناضح لحم الجلاد وفوقه من شحمه شطب شرائح ليدافعوا عن جارهم ما رام ذو الضغن المكاشح لهفي لشبان رزئناهم كأنهم المصابح § شم بطارقة غطارفة خضارمة مسامح المشترون الحمد بالأموال إن الحمد رابح والجامزون بلجمهم يوما إذا ما صاح صائح من كان يرمى بالنواقر من زمان غير صالح ما إن تزال ركابه يرسمن في غبر صحاصح راحت تبارى وهو في ركب صدورهم رواشح حتى تئوب له المعالي ليس من فوز السفائح يا حمز قد أوحدتني كالعود شذ به الكوافح أشكو إليك وفوقك الترب المكور والصفائح من جندل نلقيه فوقك إذ أجاد الضرح ضارح في واسع يحشونه بالترب سوته المماسح فعزاؤنا أنا نقول وقولنا برح بوارح من كان أمسى وهو عما أوقع الحدثان جانح § فليأتنا فلتبك عيناه لهلكانا النوافح القائلين الفاعلين ذوي السماحة والممادح من لا يزال ندي يديه له طوال الدهر مائح.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي حمزة بن عبد المطلب أتعرف الدار عفا رسمها بعدك صوب المسبل الهاطل بين السراديح فأدمانة فمدفع الروحاء في حائل ساءلتها عن ذاك فاستعجمت لم تدر ما مرجوعة السائل دع عنك دارا قد عفا رسمها وابك على حمزة ذي النائل المالئ الشيزى إذا أعصفت غبراء في ذي الشبم الماحل والتارك القرن لدى لبدة يعثر في ذي الخرص الذابل § واللابس الخيل إذ أجحمت كالليث في غابته الباسل أبيض في الذروة من هاشم لم يمر دون الحق بالباطل مال شهيدا بين أسيافكم شلت يدا وحشي من قاتل أي امرئ غادر في ألة مطرورة مارنة العامل أظلمت الأرض لفقدانه واسود نور القمر الناصل صلى عليه الله في جنة عالية مكرمة الداخل كنا نرى حمزة حرزا لنا في كل أمر نابنا نازل وكان في الإسلام ذا تدرأ يكفيك فقد القاعد الخاذل لا تفرحي يا هند واستحلبي دمعا وأذري عبرة الثاكل وابكي على عتبة إذ قطه بالسيف تحت الرهج الجائل إذا خر في مشيخة منكم من كل عات قلته جاهل أرداهم حمزة في أسرة يمشون تحت الحلق الفاضل غداة جبريل وزير له نعم وزير الفارس الحامل وقال كعب بن مالك يبكي حمزة بن عبد المطلب § طرقت همومك فالرقاد مسهد وجزعت أن سلخ الشباب الأغيد ودعت فؤادك للهوى ضمرية فهواك غوري وصحوك منجد فدع التمادي في الغواية سادرا قد كنت في طلب الغواية تفند ولقد أنى لك أن تناهى طائعا أو تستفيق إذا نهاك المرشد ولقد هددت لفقد حمزة هدة ظلت بنات الجوف منها ترعد ولو أنه فجعت حراء بمثله لرأيت راسي صخرها يتبدد قرم تمكن في ذؤابة هاشم حيث النبوة والندى والسؤدد والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت ريح يكاد الماء منها يجمد والتارك القرن الكمي مجدلا يوم الكريهة والقنا يتقصد وتراه يرفل في الحديد كأنه ذو لبدة شثن البراثن أربد عم النبي محمد وصفيه ورد الحمام فطاب ذاك المورد وأتى المنية معلما في أسرة نصروا النبي ومنهم المستشهد § ولقد إخال بذاك هندا بشرت لتميت داخل غصة لا تبرد مما صبحنا بالعقنقل قومها يوما تغيب فيه عنها الأسعد وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد حتى رأيت لدى النبي سراتهم قسمين يقتل من نشاء ويطرد فأقام بالعطن المعطن منهم سبعون عتبة منهم والأسود وابن المغيرة قد ضربنا ضربة فوق الوريد لها رشاش مزبد وأمية الجمحي قوم ميله عضب بأيدي المؤمنين مهند فأتاك فل المشركين كأنهم والخيل تثفنهم نعام شرد شتان من هو في جهنم ثاويا أبدا ومن هو في الجنان مخلد وقال كعب أيضا يبكي حمزة صفية قومي ولا تعجزي وبكي النساء على حمزة ولا تسأمي أن تطيلي البكا على أسد الله في الهزة فقد كان عزا لأيتامنا وليث الملاحم في البزة يريد بذاك رضا أحمد ورضوان ذي العرش والعزة وقال كعب أيضا في أحد إنك عمر أبيك الكريم أن تسألي عنك من يجتدينا § فإن تسألي ثم لا تكذبي يخبرك من قد سألت اليقينا بأنا ليالي ذات العظام كنا ثمالا لمن يعترينا تلوذ البجود بأذرائنا من الضر في أزمات السنينا بجدوى فضول أولي وجدنا وبالصبر والبذل في المعدمينا وأبقت لنا جلمات الحروب ممن نوازي لدن أن برينا معاطن تهوى إليها الحقوق يحسبها من رآها الفتينا تخيس فيها عتاق الجمال صحما دواجن حمرا وجونا ودفاع رجل كموج الفرا ت يقدم جأواء جولا طحونا ترى لونها مثل لون النجوم رجراجة تبرق الناظرينا فإن كنت عن شأننا جاهلا فسل عنه ذا العلم ممن يلينا § بنا كيف نفعل إن قلصت عوانا ضروسا عضوضا حجونا ألسنا نشد عليها العصا ب حتى تدر وحتى تلينا ويوم له وهج دائم شديد التهاول حامي الأرينا طويل شديد أوار القتال تنفي قواحزه المقرفينا تخال الكماة بأعراضه ثمالا على لذة منزفينا تعاور أيمانهم بينهم كئوس المنايا بحد الظبينا شهدنا ككنا أولي بأسه وتحت العماية والمعلمينا بخرس الحسيس حسان رواء وبصرية قد أجمن الجفونا فما ينفللن وما ينحنين وما ينتهين إذا ما نهينا كبرق الخريف بأيدي الكماة يفجعن بالظل هاما سكونا وعلمنا الضرب آباؤنا وسوف نعلم أيضا بنينا جلاد الكماة وبذل التلاد عن جل أحسابنا ما بقينا § إذا مر قرن كفى نسله وأورثه بعده آخرينا نشب وتهلك آباؤنا وبينا نربي بنينا فنينا سألت بك ابن الزبعرى فلم أنبأك في القوم إلا هجينا خبيثا تطيف بك المنديات مقيما على اللؤم حينا فحينا تبجست تهجو رسول المليك قاتلك الله جلفا لعينا تقول الخنا ثم ترمي به نقي الثياب تقيا أمينا.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك أيضا في يوم أحد سائل قريشا غداة السفح من أحد ماذا لقينا وما لاقوا من الهرب كنا الأسود وكانوا النمر إذ زحفوا ما إن نراقب من آل ولا نسب فكم تركنا بها من سيد بطل حامي الذمار كريم الجد والحسب فينا الرسول شهاب ثم يتبعه نور مضىء له فضل على الشهب الحق منطقه والعدل سيرته فمن يجبه إليه ينج من تبب نجد المقدم ماضي الهم معتزم حين القلوب على رجف من الرعب § يمضي ويذمرنا عن غير معصية كأنه البدر لم يطبع على الكذب بدا لنا فاتبعناه نصدقه وكذبوه فكنا أسعد العرب جالوا وجلنا فما فاءوا وما رجعوا ونحن نثفنهم لم نأل في الطلب ليسا سواء وشتى بين أمرهما حزب الإله وأهل الشرك والنصب.
بكت عيني وحق لها بكاها %~% وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإله غداة قالوا أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلي لك الأركان هدت وأنت الماجد البر الوصول عليك سلام ربك في جنان مخالطها نعيم لا يزول ألا يا هاشم الأخيار صبرا فكل فعالكم حسن جميل رسول الله مصطبر كريم بأمر الله ينطق إذ يقول ألا من مبلغ عني لؤيا فبعد اليوم دائلة تدول وقبل اليوم ما عرفوا وذاقوا وقائعنا بها يشفى الغليل نسيتم ضربنا بقليب بدر غداة أتاكم الموت العجيل § غداة ثوى أبو جهل صريعا عليه الطير حائمة تجول وعتبة وابنه خرا جميعا وشيبة عضه السيف الصقيل ومتركنا أمية مجلعبا وفي حيزومه لدن نبيل وهام بني ربيعة سائلوها ففي أسيافنا منها فلول ألا يا هند فابكي لا تملي فأنت الواله العبرى الهبول ألا يا هند لا تبدي شماتا بحمزة إن عزكم ذليل.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك أبلغ قريشا على نأيها أتفخر منا بما لم تلي فخرتم بقتلى أصابتهم فواضل من نعم المفضل فحلوا جنانا وأبقوا لكم أسودا تحامي عن الأشبل تقاتل عن دينها وسطها نبي عن الحق لم ينكل رمته معد بعور الكلام ونبل العداوة لا تأتلي.
قال ابن إسحاق وقال ضرار بن الخطاب في يوم أحد § ما بال عينك قد أزرى بها السهد كأنما جال في أجفانها الرمد أمن فراق حبيب كنت تألفه قد حال من دونه الأعداء والبعد أم ذاك من شغب قوم لاجداء بهم إذ الحروب تلظت نارها تقد ما ينتهون عن الغي الذي ركبوا وما لهم من لؤي ويحهم عضد وقد نشدناهم بالله قاطبة فما تردهم الأرحام والنشد حتى إذا ما أبوا إلا محاربة واستحصدت بيننا الأضغان والحقد سرنا إليهم بجيش في جوانبه قوانس البيض والمحبوكة السرد والجرد ترفل بالأبطال شازبة كأنها حدأ في سيرها تؤد جيش يقودهم صخر ويرأسهم كأنه ليث غاب هاصر حرد فأبرز الحين قوما من منازلهم فكان منا ومنهم ملتقى أحد فغودرت منهم قتلى مجدلة كالمعز أصرده بالصردح البرد قتلى كرام بنو النجار وسطهم ومصعب من قنانا حوله قصد وحمزة القرم مصروع تطيف به ثكلى وقد حز منه الأنف والكبد § كأنه حين يكبو في جديته تحت العجاج وفيه ثعلب جسد حوار ناب وقد ولى صحابته كما تولى النعام الهارب الشرد مجلحين ولا يلوون قد ملئوا رعبا فنجتهم العوصاء والكؤد تبكي عليهم نساء لا بعول لها من كل سالبة أثوابها قدد وقد تركناهم للطير ملحمة وللضباع إلى أجسادهم تفد.
رجز أبي زعنة يوم أحد *
قال ابن إسحاق وقال أبو زعنة بن عبد الله بن عمرو بن عتبة أخو بني جشم بن الخزرج يوم أحد أنا أبو زعنة يعدو بي الهزم لم تمنع المخزاة إلا بالألم يحمي الذمار خزرجي من جشم.
لاهم إن الحارث بن الصمه %~% كان وفيا وبنا ذا ذمه أقبل في مهامه مهمه كليلة ظلماء مدلهمه بين سيوف ورماح جمه يبغي رسول الله فيما ثمه.
رجز عكرمة في يوم أحد *
قال ابن إسحاق وقال عكرمة بن أبي جهل في يوم أحد كلهم يزجره أرحب هلا ولن يروه اليوم إلا مقبلا يحمل رمحا ورئيسا جحفلا.
شعر الأعشى التميمي في بكاء قتلى بني عبد الدار يوم أحد *
يبكي قتلى بني عبد الدار يوم أحد حيي من حي علي نأيهم بنو أبي طلحة لا تصرف يمر ساقيهم عليهم بها وكل ساق لهم يعرف لا جارهم يشكو ولا ضيفهم من دونه باب لهم يصرف وقال عبد الله بن الزبعرى يوم أحد قتلنا ابن جحش فاغتبطنا بقتله وحمزة في فرسانه وابن قوقل وأفلتنا منهم رجال فأسرعوا فليتهم عاجوا ولم نتعجل أقاموا لنا حتى تعض سيوفنا سراتهم وكلنا غير عزل § وحتى يكون القتل فينا وفيهم ويلقوا صبوحا شره غير منجلي.
شعر صفية في بكاء حمزة *
قال ابن إسحاق وقالت صفية بنت عبد المطلب تبكي أخاها حمزة بن عبد المطلب أسائلة أصحاب أحد مخافة بنات أبي من أعجم وخبير فقال الخبير إن حمزة قد ثوى وزير رسول الله خير وزير دعاه إله الحق ذو العرش دعوة إلى جنة يحيا بها وسرور فذلك ما كنا نرجي ونرتجي لحمزة يوم الحشر خير مصير فو الله لا أنساك ما هبت الصبا بكاء وحزنا محضري ومسيري على أسد الله الذي كان مدرها يذود عن الإسلام كل كفور فيا ليت شلوي عند ذاك وأعظمي لدى أضبع تعتادنى ونسور أقول وقد أعلى النعي عشيرتي جزى الله خيرا من أخ ونصير.
شعر نعم في بكاء شماس *
قال ابن إسحاق وقالت نعم امرأة شماس بن عثمان تبكي شماسا وأصيب يوم أحد § يا عين جودي بفيض غير إبساس على كريم من الفتيان أباس صعب البديهة ميمون نقيبته حمال ألوية ركاب أفراس أقول لما أتى الناعي له جزعا أودى الجواد وأودى المطعم الكاسي وقلت لما خلت منه مجالسه لا يبعد الله عنا قرب شماس فأجابها أخوها وهو أبو الحكم بن سعيد بن يربوع يعزيها فقال إقنى حياءك في ستر وفي كرم فإنما كان شماس من الناس لا تقتلي النفس إذ حانت منيته في طاعة الله يوم الروع والباس قد كان حمزة ليث الله فاصطبري فذاق يومئذ من كأس شماس وقالت هند بنت عتبة حين انصرف المشركون عن أحد رجعت وفي نفسي بلابل جمة وقد فاتني بعض الذي كان مطلبي من أصحاب بدر من قريش وغيرهم بني هاشم منهم ومن أهل يثرب ولكنني قد نلت شيئا ولم يكن كما كنت أرجو في مسيري ومركبي.
ذكر يوم الرجيع في سنة ثلاث *
قال حدثنا أبو محمد @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أحد رهط من عضل والقارة.
قال ابن إسحاق فقالوا يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من أصحابك يفقهوننا في الدين ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا ستة من أصحابه وهم مرثد بن أبي مرثد الغنوي حليف حمزة بن عبد المطلب وخالد بن البكير الليثي حليف بني عدي بن كعب وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أخو بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس وخبيب بن عدي أخو بني جحجبى بن كلفة ابن عمرو بن عوف وزيد بن الدثنة بن معاوية أخو بني بياضة بن عمرو بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج وعبد الله بن طارق حليف بني ظفر بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على القوم مرثد بن أبي مرثد الغنوي فخرج § مع القوم حتى إذا كانوا على الرجيع ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلا فلم يرع القوم وهم في رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قد غشوهم فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم فقالوا لهم إنا والله ما نريد قتلكم ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ولكم عهد الله وميثاقه أن لا نقتلكم فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا فقال عاصم بن ثابت ما علتي وأنا جلد نابل والقوس فيها وتر عنابل تزل عن صفحتها المعابل الموت حق والحياة باطل وكل ما حم الإله نازل بالمرء والمرء إليه آئل إن لم أقاتلكم فأمي هابل.
وقال عاصم بن ثابت أيضا أبو سليمان وريش المقعد وضالة مثل الجحيم الموقد إذا النواجي افترشت لم أرعد ومجنأ من جلد ثور أجرد ومؤمن بما على محمد § وقال عاصم بن ثابت أيضا أبو سليمان ومثلي رامى وكان قومي معشرا كراما وكان عاصم بن ثابت يكنى أبا سليمان ثم قاتل القوم حتى قتل وقتل صاحباه فلما قتل عاصم أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر فمنعته الدبر فلما حالت بينه وبينهم الدبر قالوا دعوه يمسي فتذهب عنه فنأخذه فبعث الله الوادي فاحتمل عاصما فذهب به وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدا أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبدا تنجسا فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول حين بلغه أن الدبر منعته يحفظ الله العبد المؤمن كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا أبدا في حياته فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع منه في حياته وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبد الله بن طارق فلانوا ورقوا ورغبوا في الحياة فأعطوا بأيديهم فأسروهم ثم خرجوا إلى مكة ليبيعوهم بها حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبد الله بن طارق يده من القران ثم أخذ سيفه واستأخر عنه القوم فرموه بالحجارة حتى قتلوه فقبره رحمه الله بالظهران وأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فقدموا بهما مكة.
قال ابن إسحاق فابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف بني نوفل لعقبة بن الحارث بن عامر بن نوفل وكان أبو إهاب أخا الحارث بن عامر لأمه لقتله بأبيه.
مقتل ابن الدثنة ومثل من وفائه للرسول *
قال ابن إسحاق وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له يقال له نسطاس إلى التنعيم وأخرجوه من الحرم ليقتلوه واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان ابن حرب فقال له أبو سفيان حين قدم ليقتل أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمدا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنى جالس في أهلي قال يقول أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا ثم قتله نسطاس يرحمه الله وأما خبيب بن عدي فحدثني عبد الله بن أبي نجيح أنه حدث عن ماوية مولاة حجير بن أبي إهاب وكانت قد أسلمت قالت كان خبيب عندي حبس في بيتي فلقد اطلعت عليه يوما وإن في يده لقطفا من عنب مثل رأس الرجل يأكل منه وما أعلم في أرض الله عنبا يؤكل.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي نجيح جميعا أنها قالت قال لي حين حضره القتل ابعثي إلي بحديدة أتطهر بها للقتل قالت فأعطيت غلاما من الحي الموسى فقلت ادخل بها على هذا الرجل البيت قالت فو الله ما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه فقلت ماذا صنعت أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام فيكون رجلا برجل فلما ناوله الحديدة أخذها من § يده ثم قال لعمرك ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي ثم خلى سبيله.
قال ابن إسحاق قال عاصم ثم خرجوا بخبيب حتى إذا جاءوا به إلى التنعيم ليصلبوه قال لهم إن رأيتم أن تدعوني حتى أركع ركعتين فافعلوا قالوا دونك فاركع فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما ثم أقبل على القوم فقال أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة قال فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين قال ثم رفعوه على خشبة فلما أوثقوه قال اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا ثم قال اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا ثم قتلوه رحمه الله فكان معاوية بن أبي سفيان يقول حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب وكانوا يقولون إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه.
قال ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عقبة بن الحارث قال سمعته يقول ما أنا والله قتلت خبيبا لأني كنت أصغر من ذلك ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار أخذ الحربة فجعلها في يدي ثم أخذ بيدي وبالحربة ثم طعنه بها حتى قتله.
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمل سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي على بعض الشام فكانت تصيبه غشية وهو بين ظهري القوم فذكر ذلك لعمر بن الخطاب وقيل إن الرجل مصاب فسأله عمر في قدمة قدمها عليه فقال يا سعيد ما هذا الذي يصيبك فقال والله يا أمير المؤمنين ما بي من بأس ولكني كنت فيمن § حضر خبيب بن عدي حين قتل وسمعت دعوته فو الله ما خطرت على قلبي وأنا في مجلس قط إلا غشي علي فزادته عند عمر خيرا.
ما نزل في سرية الرجيع من القرآن *
قال قال ابن إسحاق وكان مما نزل من القرآن في تلك السرية كما حدثني مولى لآل زيد بن ثابت عن عكرمة مولى ابن عباس أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال ابن عباس لما أصيبت السرية التي كان فيها مرثد وعاصم بالرجيع قال رجال من المنافقين يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا هكذا لا هم قعدوا في أهليهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم فأنزل الله تعالى في ذلك من قول المنافقين وما أصاب أولئك النفر من الخير بالذي أصابهم فقال سبحانه ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا أي لما يظهر من الإسلام بلسانه ويشهد الله على ما في قلبه وهو مخالف لما يقول بلسانه وهو ألد الخصام أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك.
قال ابن إسحاق قال تعالى وإذا تولى أي خرج من عندك سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد أي لا يحب عمله ولا يرضاه وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤف بالعباد أي قد شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله والقيام بحقه حتى هلكوا على ذلك يعني تلك السرية.
شعر خبيب حين أريد صلبه *
قال ابن إسحاق وكان مما قيل في ذلك من الشعر قول خبيب بن عدي حين بلغه أن القوم قد اجتمعوا لصلبه.
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا %~% قبائلهم واستجمعوا كل مجمع وكلهم مبدي العداوة جاهد علي لأني في وثاق بمصيع وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم وقربت من جذع طويل ممنع إلى الله أشكو غربتي ثم كربتي وما أرصد الأحزاب لي عند مصرعي فذا العرش صبرني على ما يراد بي فقد بضعوا لحمي وقد ياس مطمعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع وقد خيروني الكفر والموت دونه وقد هملت عيناي من غير مجزع وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذاري جحم نار ملفع فو الله ما أرجو إذا مت مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي § فلست بمبد للعدو تخشعا ولا جزعا إني إلى الله مرجعي وقال حسان بن ثابت يبكي خبيبا ما بال عينك لا ترقا مدامعها سحا على الصدر مثل اللؤلؤ القلق على خبيب فتى الفتيان قد علموا لا فشل حين تلقاه ولا نزق فاذهب خبيب جزاك الله طيبة وجنة الخلد عند الحور في الرفق ماذا تقولون إن قال النبي لكم حين الملائكة الأبرار في الأفق فيم قتلتم شهيد الله في رجل طاغ قد أوعث في البلدان والرفق.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي خبيبا يا عين جودي بدمع منك منسكب وابكي خبيبا مع الفتيان لم يؤب صقرا توسط في الأنصار منصبه سمح السجية محضا غير مؤتشب قد هاج عيني على علات عبرتها إذ قيل نض إلى جذع من الخشب § يا أيها الراكب الغادي لطيته أبلغ لديك وعيدا ليس بالكذب بني كهيبة أن الحرب قد لقحت محلوبها الصاب إذ تمرى لمحتلب فيها أسود بني النجار تقدمهم شهب الأسنة في معصوصب لجب.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا لو كان في الدار قرم ماجد بطل ألوى من القوم صقر خاله أنس إذن وجدت خبيبا مجلسا فسحا ولم يشد عليك السجن والحرس ولم تسقك إلى التنعيم زعنفة من القبائل منهم من نفت عدس دلوك غدرا وهم فيها أولو خلف وأنت ضيم لها في الدار محتبس.
من اجتمعوا لقتل خبيب *
قال ابن إسحاق وكان الذين أجلبوا على خبيب في قتله حين قتل من قريش عكرمة بن أبي جهل وسعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود والأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة وعبيدة بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي حليف بني أمية بن عبد شمس وأمية بن أبي عتبة وبنو الحضرمي وقال حسان أيضا يهجو هذيلا فيما صنعوا بخبيب بن عدي أبلغ بني عمرو بأن أخاهم شراه أمر وقد كان للغدر لازما شراه زهير بن الأغر وجامع وكانا جميعا يركبان المحارما أجرتم فلما أن أجرتم غدرتم وكنتم بأكناف الرجيع لهاذما فليت خبيبا لم تخنه أمانة وليت خبيبا كان بالقوم عالما.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا إن سرك الغدر صرفا لا مزاج له فأت الرجيع فسل عن دار لحيان § قوم تواصوا بأكل الجار بينهم فالكلب والقرد والإنسان مثلان لو ينطق التيس يوما قام يخطبهم وكان ذا شرف فيهم وذا شان.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا سالت هذيل رسول الله فاحشة ضلت هذيل بما سالت ولم تصب سالوا رسولهم ما ليس معطيهم حتى الممات وكانوا سبة العرب ولن ترى لهذيل داعيا أبدا يدعو لمكرمة عن منزل الحرب لقد أرادوا خلال الفحش ويحهم وأن يحلوا حراما كان في الكتب وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك أحاديث كانت في خبيب وعاصم أحاديث لحيان صلوا بقبيحها ولحيان جرامون شر الجرائم § أناس هم من قومهم في صميمهم بمنزلة الزمعان دبر القوادم هم غدروا يوم الرجيع وأسلمت أمانتهم ذا عفة ومكارم رسول رسول الله غدرا ولم تكن هذيل توقى منكرات المحارم فسوف يرون النصر يوما عليهم بقتل الذي تحميه دون الحرائم أبابيل دبر شمس دون لحمه حمت لحم شهاد عظام الملاحم لعل هذيلا أن يروا بمصابه مصارع قتلى أو مقاما لمأتم ونوقع فيهم وقعة ذات صولة يوافي بها الركبان أهل المواسم بأمر رسول الله إن رسوله رأى رأي ذي حزم بلحيان عالم قبيلة ليس الوفاء يهمهم وإن ظلموا لم يدفعوا كف ظالم إذا الناس حلوا بالفضاء رأيتهم بمجرى مسيل الماء بين المخارم محلهم دار البوار ورأيهم إذا نابهم أمر كرأي البهائم وقال حسان بن ثابت يهجو هذيلا لحى الله لحيانا فليست دماؤهم لنا من قتيلي غدرة بوفاء همو قتلوا يوم الرجيع ابن حرة أخا ثقة في وده وصفاء فلو قتلوا يوم الرجيع بأسرهم بذي الدبر ما كانوا له بكفاء § قتيل حمته الدبر بين بيوتهم لدى أهل كفر ظاهر وجفاء فقد قتلت لحيان أكرم منهم وباعوا خبيبا ويلهم بلفاء فأف للحيان على كل حالة على ذكرهم في الذكر كل عفاء قبيلة باللؤم والغدر تغتري فلم تمس يخفى لؤمها بخفاء فلو قتلوا لم توف منه دماؤهم بلى إن قتل القاتليه شفائي فالا أمت أذعر هذيلا بغارة كغادي الجهام المغتدي بافاء بأمر رسول الله والأمر أمره يبيت للحيان الخنا بفناء يصبح قوما بالرجيع كأنهم جداء شتاء بتن غير دفاء وقال حسان بن ثابت أيضا يهجو هذيلا فلا والله ما تدري هذيل أصاف ماء زمزم أم مشوب ولا لهم إذا اعتمروا وحجوا من الحجرين والمسعى نصيب ولكن الرجيع لهم محل به اللؤم المبين والعيوب كأنهم لدى الكنات أصلا تيوس بالحجاز لها نبيب § هم غروا بذمتهم خبيبا فبئس العهد عهدهم الكذوب.
شعر حسان في بكاء خبيب وأصحابه *
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي خبيبا وأصحابه صلى الإله على الذين تتابعوا يوم الرجيع فأكرموا وأثيبوا رأس السرية مرثد وأميرهم وابن البكير إمامهم وخبيب وابن لطارق وابن دثنة منهم وافاه ثم حمامه المكتوب والعاصم المقتول عند رجيعهم كسب المعالي إنه لكسوب منع المقادة أن ينالوا ظهره حتى يجالد إنه لنجيب.
حديث بئر معونة في صفر سنة أربع *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب بئر معونة في صفر على رأس أربعة أشهر من أحد § وكان من حديثهم كما حدثني أبي إسحاق بن يسار عن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن جزم وغيره من أهل العلم قالوا قدم أبو براء عامر بن مالك بن جعفر ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام وقال يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخشى عليهم أهل نجد قال أبو براء أنا لهم جار فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة المعنق ليموت في أربعين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين منهم الحارث بن الصمة وحرام بن ملحان أخو بني عدي بن النجار وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق في رجال مسمين من خيار المسلمين فساروا حتى نزلوا ببئر معونة وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم كلا البلدين منها قريب وهي إلى حرة بني سليم أقرب فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في كتابه حتى عدا على الرجل فقتله § ثم استصرخ عليهم بني عامر فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه وقالوا لن نخفر أبا براء وقد عقد لهم عقدا وجوارا فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم من عصية ورعل وذكوان فأجابوه إلى ذلك فخرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم فلما رأوهم أخذوا سيوفهم ثم قاتلوهم حتى قتلوا من عند آخرهم يرحمهم الله إلا كعب بن زيد أخا بني دينار بن النجار فإنهم تركوه وبه رمق فارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا رحمه الله وكان في سرح القوم عمرو بن أمية الضمري ورجل من الأنصار أحد بني عمرو بن عوف.
قال ابن إسحاق فلم ينبئهما بمصاب أصحابهما إلا الطير تحوم على العسكر فقالا والله إن لهذه الطير لشأنا فأقبلا لينظرا فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة فقال الأنصاري لعمرو بن أمية ما ترى قال أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر فقال الأنصاري لكني ما كنت لأرغب بنفسي عن موطن قتل فيه المنذر بن عمرو وما كنت لتخبرني عنه الرجال ثم قاتل القوم حتى قتل وأخذوا عمرو بن أمية أسيرا فلما أخبرهم أنه من مضر أطلقه عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه § فخرج عمرو بن أمية حتى إذا كان بالقرقرة من صدر قناة أقبل رجلان من بني عامر.
قال ابن إسحاق حتى نزلا معه في ظل هو فيه وكان مع العامريين عقد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لم يعلم به عمرو بن أمية وقد سألهما حين نزلا ممن أنتما فقالا من بني عامر فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما وهو يرى أنه قد أصاب بهما ثؤرة من بني عامر فيما أصابوا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم عمرو بن أمية على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد قتلت قتيلين لأدينهما ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمل أبي براء قد كنت لهذا كارها متخوفا فبلغ ذلك أبا براء فشق عليه إخفار عامر إياه وما أصاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه وجواره وكان فيمن أصيب عامر بن فهيرة.
أمر ابن فهيرة بعد مقتله *
قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة عن أبيه أن عامر بن الطفيل كان يقول من رجل منهم لما قتل رأيته رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء من دونه قالوا هو عامر بن فهيرة.
سبب إسلام بن سلمى *
قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض بني جبار بن سلمى بن مالك بن جعفر قال وكان جبار فيمن حضرها يومئذ مع عامر ثم أسلم قال فكان يقول إن مما دعاني إلى الإسلام أني طعنت رجلا منهم يومئذ بالرمح بين كتفيه فنظرت إلى سنان الرمح حين خرج من صدره فسمعته يقول فزت والله فقلت في نفسي ما فاز ألست قد قتلت الرجل قال حتى سألت بعد ذلك عن قوله فقالوا للشهادة فقلت فاز لعمر والله قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يحرض بني أبي براء على عامر بن الطفيل بني أم البنين ألم يرعكم وأنتم من ذوائب أهل نجد تهكم عامر بأبي براء ليخفره وما خطأ كعمد § ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي فما أحدثت في الحدثان بعدي أبوك أبو الحروب أبو براء وخالك ماجد حكم بن سعد.
طعن ربيعة لعامر *
قال ابن إسحاق فحمل ربيعة بن عامر بن مالك على عامر بن الطفيل فطعنه بالرمح فوقع في فخذه فأشواه ووقع عن فرسه فقال هذا عمل أبي براء إن أمت فدمي لعمي فلا يتبعن به وإن أعش فسأرى رأيي فيما أتي إلي وقال أنس بن عباس السلمي وكان خال طعيمة بن عدي بن نوفل وقتل يومئذ نافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي تركت ابن ورقاء الخزاعي ثاويا بمعترك تسفي عليه الأعاصر ذكرت أبا الريان لما رأيته وأيقنت أني عند ذلك ثائر وأبو الريان طعيمة بن عدي وقال عبد الله بن رواحة يبكي نافع بن بديل بن ورقاء رحم الله نافع بن بديل رحمة المبتغي ثواب الجهاد صابر صادق وفي إذا ما أكثر القوم قال قول السداد § وقال حسان بن ثابت يبكي قتلى بئر معونة ويخص المنذر بن عمرو على قتلى معونة فاستهلي بدمع العين سحا غير نزر على خيل الرسول غداة لاقوا مناياهم ولاقتهم بقدر أصابهم الفناء بعقد قوم تخون عقد حبلهم بغدر فيا لهفي لمنذر إذ تولى وأعنق في منيته بصبر وكائن قد أصيب غداة ذاكم من أبيض ماجد من سر عمرو.
أمر إجلاء بني النضير في سنة أربع *
قال ابن إسحاق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما كما حدثني يزيد بن رومان وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أحببت مما استعنت بنا عليه ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد فمن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضوان الله عليهم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما أراد القوم فقام وخرج راجعا إلى المدينة فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه فقال رأيته داخلا المدينة فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلم فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم والسير إليهم.
حصار الرسول لهم وتقطيع نخلهم *
قال ابن إسحاق فتحصنوا منه في الحصون فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما بال قطع النخل وتحريقها وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عدو الله عبد الله بن أبي ابن سلول و وديعة ومالك بن أبي قوقل وسويد وداعس قد بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لن نسلمكم إن قوتلتم قاتلنا معكم وإن أخرجتم خرجنا معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله في قلوبهم الرعب وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة ففعل فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام فكان أشرافهم من سار منهم إلى خيبر سلام بن أبي الحقيق وكنانة ابن الربيع بن أبي الحقيق وحيي بن أخطب فلما نزلوها دان لهم أهلها.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أنهم استقلوا بالنساء والأبناء والأموال معهم الدفوف والمزامير والقيان يعزفن خلفهم وإن فيهم لأم عمرو صاحبة عروة بن الورد العبسي التي ابتاعوا منه وكانت إحدى نساء بني غفار بزهاء وفخر ما رئي مثله من حي من الناس في زمانهم وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث يشاء فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة سماك ابن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمير أبو كعب بن عمرو ابن جحاش وأبو سعد بن وهب أسلما على أموالهما فأحرزاها.
تحريض يامين على قتل ابن جحاش *
قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض آل يامين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني فجعل يامين ابن عمير لرجل جعلا على أن يقتل له عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها يذكر فيها ما أصابهم الله به من نقمته وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم وما عمل به فيهم فقال § تعالى هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين وذلك لهدمهم بيوتهم عن نجف أبوابهم إذا احتملوها فاعتبروا يا أولي الأبصار ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء وكان لهم من الله نقمة لعذبهم في الدنيا أي بالسيف ولهم في الآخرة عذاب النار مع ذلك ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها واللينة ما خالف العجوة من النخل فبإذن الله أي فبأمر الله قطعت لم يكن فسادا ولكن كان نقمة من الله وليخزي الفاسقين .
وما أفاء الله على رسوله منهم قال ابن إسحاق يعني من بني النضير فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير أي له خاصة.
ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول قال ابن إسحاق ما يوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب وفتح بالحرب عنوة فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا يقول هذا قسم آخر فيما أصيب بالحرب بين المسلمين على ما وضعه الله عليه ثم قال تعالى ألم تر إلى الذين نافقوا يعني عبد الله بن أبي وأصحابه ومن كان على مثل أمرهم يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب يعني بني النضير إلى قوله § كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم يعني بني قينقاع ثم القصة إلى قوله كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين وكان مما قيل في بني النضير من الشعر قول ابن لقيم العبسي ويقال قاله قيس بن بحر بن طريف.
فقال أهلي فداء لامرئ غير هالك أحل اليهود بالحسي المزنم يقيلون في جمر الغضاة وبدلوا أهيضب عودى بالودي المكمم فإن يك ظني صادقا بمحمد تروا خيله بين الصلا ويرمرم § يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم عدو وما حي صديق كمجرم عليهن أبطال مساعير في الوغى يهزون أطراف الوشيج المقوم وكل رقيق الشفرتين مهند توورثن من أزمان عاد وجرهم فمن مبلغ عني قريشا رسالة فهل بعدهم في المجد من متكرم بأن أخاكم فاعلمن محمدا تليد الندى بين الحجون وزمزم فدينوا له بالحق تجسم أموركم وتسموا من الدنيا إلى كل معظم نبي تلاقته من الله رحمة ولا تسألوه أمر غيب مرجم فقد كان في بدر لعمري عبرة لكم يا قريشا والقليب الملمم غداة أتى في الخزرجية عامدا إليكم مطيعا للعظيم المكرم معانا بروح القدس ينكى عدوه رسولا من الرحمن حقا بمعلم رسولا من الرحمن يتلو كتابه فلما أنار الحق لم يتلعثم أرى أمره يزداد في كل موطن علوا لأمر حمه الله محكم.
عرفت ومن يعتدل يعرف %~% وأيقنت حقا ولم أصدف عن الكلم المحكم اللاء من لدى الله ذي الرأفة الأرأف رسائل تدرس في المؤمنين بهن اصطفى أحمد المصطفى فأصبح أحمد فينا عزيزا عزيز المقامة والموقف فيأيها الموعدوه سفاها ولم يأت جورا ولم يعنف ألستم تخافون أدنى العذاب وما آمن الله كالأخوف وأن تصرعوا تحت أسيافه كمصرع كعب أبي الأشرف غداة رأى الله طغيانه وأعرض كالجمل الأجنف فأنزل جبريل في قتله بوحي إلى عبده ملطف فدس الرسول رسولا له بأبيض ذي هبة مرهف فباتت عيون له معولات متى ينع كعب لها تذرف وقلن لأحمد ذرنا قليلا فإنا من النوح لم نشتف فخلاهم ثم قال اظعنوا دحورا على رغم الآنف وأجلى النضير إلى غربة وكانوا بدار ذوي زخرف إلى أذرعات ردا في وهم على كل ذي دبر أعجف § فأجابه سماك اليهودي فقال إن تفخروا فهو فخر لكم بمقتل كعب أبي الأشرف غداة غدوتم على حتفه ولم يأت غدرا ولم يخلف فعل الليالي وصرف الدهور يديل من العادل المنصف بقتل النضير وأحلافها وعقر النخيل ولم تقطف فإن لا أمت نأتكم بالقنا وكل حسام معا مرهف بكف كمى به يحتمي متى يلق قرنا له يتلف مع القوم صخر وأشياعه إذا غاور القوم لم يضعف كليث بترج حمى غيله أخي غابة هاصر أجوف.
شعر كعب في إجلاء بني النضير وقتل ابن الأشرف *
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب ابن الأشرف § لقد خزيت بغدرتها الحبور كذاك الدهر ذو صرف يدور وذلك أنهم كفروا برب عزيز أمره أمر كبير وقد أوتوا معا فهما وعلما وجاءهم من الله النذير نذير صادق أدى كتابا وآيات مبينة تنير فقالوا ما أتيت بأمر صدق وأنت بمنكر منا جدير فقال بلى لقد أديت حقا يصدقني به الفهم الخبير فمن يتبعه يهد لكل رشد ومن يكفر به يجز الكفور فلما أشربوا غدرا وكفرا وحاد بهم عن الحق النفور أرى الله النبي برأي صدق وكان الله يحكم لا يجور فأيده وسلطه عليهم وكان نصيره نعم النصير فغودر منهم كعب صريعا فذلت بعد مصرعه النضير على الكفين ثم وقد علته بأيدينا مشهرة ذكور بأمر محمد إذ دس ليلا إلى كعب أخا كعب يسير فما كره فأنزله بمكر ومحمود أخو ثقة جسور فتلك بنو النضير بدار سوء أبارهم بما اجترموا المبير غداة أتاهم في الزحف رهوا رسول الله وهو بهم بصير وغسان الحماة موازروه على الأعداء وهو لهم وزير فقال السلم ويحكم فصدوا وحالف أمرهم كذب وزور § فذاقوا غب أمرهم وبالا لكل ثلاثة منهم بعيرا وأجلوا عامدين لقينقاع وغودر منهم نخل ودور فأجابه سماك اليهودي فقال أرقت وضافني هم كبير بليل غيره ليل قصير أرى الأحبار تنكره جميعا وكلهم له علم خبير وكانوا الدارسين لكل علم به التوراة تنطق والزبور قتلتم سيد الأحبار كعبا وقد ما كان يأمن من يجير تدلى نحو محمود أخيه ومحمود سريرته الفجور فغادره كأن دما نجيعا يسيل على مدارعه عبير فقد وأبيكم وأبي جميعا أصيبت إذ أصيب به النضير فإن نسلم لكم نترك رجالا بكعب حولهم طير تدور كأنهم عتائر يوم عيد تذبح وهي ليس لها نكير ببيض لا تليق لهن عظما صوافي الحد أكثرها ذكور كما لاقيتم من بأس صخر بأحد حيث ليس لكم نصير وقال عباس بن مرداس أخو بني سليم يمتدح رجال بني النضير § لو أن أهل الدار لم يتصدعوا رأيت خلال الدار ملهى وملعبا فإنك عمري هل أريك ظعائنا سلكن على ركن الشطاة فتيأبا عليهن عين من ظباء تبالة أو انس يصبين الحليم المجربا إذا جاء باغي الخير قلن فجاءة له بوجوه كالدنانير مرحبا وأهلا فلا ممنوع خير طلبته ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنبا فلا تحسبني كنت مولى ابن مشكم سلام ولا مولى حيي بن أخطبا فأجابه خوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف فقال تبكي على قتلى يهود وقد ترى من الشجو لو تبكي أحب وأقربا فهلا على قتلى ببطن أرينق بكيت ولم تعول من الشجو مسهبا إذا السلم دارت في صديق رددتها وفي الدين صدادا وفي الحرب ثعلبا عمدت إلى قدر لقومك تبتغي لهم شبها كيما تعز وتغلبا فإنك لما أن كلفت تمدحا لمن كان عيبا مدحه وتكذبا رحلت بأمر كنت أهلا لمثله ولم تلف فيهم قائلا لك مرحبا فهلا إلى قوم ملوك مدحتهم تبنوا من العز المؤثل منصبا § إلى معشر صاروا ملوكا وكرموا ولم يلف فيهم طالب العرف مجدبا أولئك أحرى من يهود بمدحة نراهم وفيهم عزة المجد ترتبا فأجابه عباس بن مرداس السلمي فقال هجوت صريح الكاهنين وفيكم لهم نعم كانت من الدهر ترتبا أولئك أحرى لو بكيت عليهم وقومك لو أدوا من الحق موجبا من الشكر إن الشكر خير مغبة وأوفق فعلا للذي كان أصوبا فكنت كمن أمسى يقطع رأسه ليبلغ عزا كان فيه مركبا فبك بني هارون واذكر فعالهم وقتلهم للجوع إذ كنت مجدبا أخوات أذر الدمع بالدمع وابكهم وأعرض عن المكروه منهم ونكبا فإنك لو لاقيتهم في ديارهم لألفيت عما قد تقول منكبا سراع إلى العليا كرام لدى الوغى يقال لباغي الخير أهلا ومرحبا.
فقال لعمري لقد حكت رحى الحرب بعد ما أطارت لؤيا قبل شرقا ومغربا بقية آل الكاهنين وعزها فعاد ذليلا بعد ما كان أغلبا فطاح سلام وابن سعية عنوة وقيد ذليلا للمنايا ابن أخطبا § وأجلب يبغي العز والذل ببتغى خلاف يديه ما جنى حين أجلبا كتارك سهل الأرض والحزن همه وقد كان ذا في الناس أكدى وأصعبا وشأس وعزال وقد صليا بها وما غيبا عن ذاك فيمن تغيبا وعوف بن سلمى وابن عوف كلاهما وكعب رئيس القوم حان وخيبا فبعدا وسحقا للنضير ومثلها إن أعقب فتح أو إن الله أعقبا.
غزوة ذات الرقاع في سنة أربع *
قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادى ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان.
سبب تسميتها بذات الرقاع *
قال ابن إسحاق فلقي بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتى صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف ثم انصرف بالناس.
ثم ذكر صلاة الخوف وأنه صلى بكل طائفة ركعتين وهذا حديث صحيح إن شاء الله وقال @TR1_ZATB@ البكائي عن ابن إسحاق حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك يا جابر قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا قال أنخه وساق قصة الجمل.
غورث وما هم به من قتل الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن رجلا من بني محارب يقال له غورث قال لقومه من غطفان ومحارب ألا أقتل لكم محمدا قالوا بلى وكيف تقتله قال أفتك به قال فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال يا محمد أنظر إلى سيفك هذا قال نعم.
قال فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم فيكبته الله ثم قال يا محمد أما تخافني قال لا وما أخاف منك قال أما تخافني وفي يدي السيف قال لا يمنعني الله منك ثم عمد إلى سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فرده عليه قال فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا § إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان أنها إنما أنزلت في عمرو بن جحاش أخي بني النضير وما هم به فالله أعلم أي ذلك كان.
جابر وقصته هو وجمله مع الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك يا جابر قال قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا قال أنخه قال فأنخته وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أعطني هذه العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة قال ففعلت قال فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات ثم قال اركب فركبت فخرج والذي بعثه بالحق يواهق ناقته مواهقة قال وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أتبيعني جملك هذا يا جابر قال قلت يا رسول الله بل أهبه لك قال لا ولكن بعنيه قال قلت فسمنيه يا رسول الله قال قد أخذته بدرهم قال قلت لا إذن تغبنني يا رسول الله قال فبدرهمين قال قلت لا قال فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمنه حتى بلغ الأوقية قال فقلت أفقد رضيت يا رسول الله قال نعم قلت فهو لك قال قد أخذته قال ثم قال يا جابر هل تزوجت بعد قال قلت نعم يا رسول الله قال أثيبا أم بكرا قال قلت لا بل ثيبا قال أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك قال قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا فنكحت § امرأة جامعة تجمع رءوسهن وتقوم عليهن قال أصبت إن شاء الله أما إنا لو قد جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت وأقمنا عليها يومنا ذاك وسمعت بنا فنفضت نمارقها قال قلت والله يا رسول الله ما لنا من نمارق قال إنها ستكون فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا قال فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور فنحرت وأقمنا عليها ذلك اليوم فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ودخلنا قال فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فدونك فسمع وطاعة قال فلما أصبحت أخذت برأس الجمل فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم جلست في المسجد قريبا منه قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى الجمل فقال ما هذا قالوا يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر قال فأين جابر قال فدعيت له قال فقال يا بن أخي خذ برأس جملك فهو لك ودعا بلالا فقال له اذهب بجابر فأعطه أوقية قال فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا قال فو الله ما زال ينمى عندي ويرى مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا يعني يوم الحرة.
وقال @TR1_ZATB@ البكائي عن ابن إسحاق حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي ضعيف فلما قف رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لك يا جابر قلت يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا قال أنخه وساق قصة الجمل.
ابن ياسر وابن بشر وقيامهما على حراسة جيش الرسول وما أصيبا به *
قال ابن إسحاق وحدثني عمي صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع من نخل فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا أتى زوجها وكان غائبا فلما أخبر الخبر حلف لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دما فخرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فقال من رجل يكلؤنا ليلتنا هذه قال فانتدب رجل من المهاجرين ورجل آخر من الأنصار فقالا نحن يا رسول الله قال فكونا بفم الشعب قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد نزلوا إلى شعب من الوادي.
قال ابن إسحاق فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري أي الليل تحب أن أكفيكه أوله أم آخره قال بل اكفني أوله قال فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلي قال وأتى الرجل فلما رأى شخص الرجل عرف أنه ربيئة القوم قال فرمى بسهم فوضعه فيه قال فنزعه ووضعه فثبت قائما قال ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه قال فنزعه فوضعه وثبت قائما ثم عاد له بالثالث فوضعه فيه قال فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب صاحبه فقال اجلس فقد أثبت قال فوثب § فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذرا به فهرب قال ولما رأى المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال سبحان الله أفلا أهببتني أول ما رماك قال كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتى أنفدها فلما تابع علي الرمي ركعت فأذنتك وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفدها.
قال ابن إسحاق ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من غزوة الرقاع أقام بها بقية جمادى الأولى وجمادى الآخرة ورجبا.
غزوة بدر الآخرة في شعبان سنة أربع *
رجوع أبي سفيان في رجاله *
قال ابن إسحاق فأقام عليه ثماني ليال ينتظر أبا سفيان وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية الظهران وبعض الناس يقول قد بلغ عسفان ثم بدا له في الرجوع فقال يا معشر قريش إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن وإن عامكم هذا عام جدب § وإني راجع فارجعوا فرجع الناس فسماهم أهل مكة جيش السويق يقولون إنما خرجتم تشربون السويق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده فأتاه مخشي بن عمرو الضمري وهو الذي كان وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان فقال يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا الماء قال نعم يا أخا بني ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك ثم جالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك قال لا والله يا محمد ما لنا بذلك منك من حاجة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أبا سفيان فمر به معبد بن أبي معبد الخزاعي فقال وقد رأى مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وناقته تهوى به قد نفرت من رفقتي محمد وعجوة من يثرب كالعنجد تهوى على دين أبيها الأتلد قد جعلت ماء قديد موعدي وماء ضجنان لها ضحى الغد وقال عبد الله بن رواحة في ذلك.
وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد %~% لميعاده صدقا وما كان وافيا فأقسم لو وافيتنا فلقيتنا لأبت ذميما وافتقدت المواليا § تركنا به أوصال عتبة وابنه وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا عصيتم رسول الله أف لدينكم وأمركم السيء الذي كان غاويا فإني وإن عنفتموني لقائل فدى لرسول الله أهلي وماليا أطعناه لم نعدله فينا بغيره شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا وقال حسان بن ثابت في ذلك دعوا فلجات الشام قد حال دونها جلاد كأفواه المخاض الأوارك بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم وأنصاره حقا وأيدي الملائك إذا سلكت للغور من بطن عالج فقولا لها ليس الطريق لك أقمنا على الرس النزوع ثمانيا بأرعن جرار عريض المبارك بكل كميت جوزه نصف خلقه وقب طوال مشرفات الحوارك ترى العرفج العامي تذري أصوله مناسم أخفاف المطي الرواتك فإن نلق في تطوافنا والتماسنا فرات بن حيان يكن رهن هالك وإن تلق قيس بن امرئ القيس بعده يزد في سواد لونه لون حالك § فأبلغ أبا سفيان عني رسالة فإنك من غر الرجال الصعالك فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال أحسان إنا يا بن آكلة الفغا وجدك نغتال الخروق كذلك خرجنا وما تنجو اليعافير بيننا ولو وألت منا بشد مدارك إذا ما انبعثنا من مناخ حسبته مدمن أهل الموسم المتعارك أقمت على الرس النزوع تريدنا وتتركنا في النخل عند المدارك على الزرع تمشي خيلنا وركابنا فما وطئت ألصقنه بالدكادك أقمنا ثلاثا بين سلع وفارع بجرد الجياد والمطي الرواتك حسبتم جلاد القوم عند قبابهم كمأخذكم بالعين أرطال آنك فلا تبعث الخيل الجياد وقل لها على نحو قول المعصم المتماسك § سعدتم بها وغيركم كان أهلها فوارس من أبناء فهر بن مالك فإنك لا في هجرة إن ذكرتها ولا حرمات الدين أنت بناسك.
غزوة دومة الجندل في شهر ربيع الأول سنة خمس *
قال ابن إسحاق ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأقام من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بها أشهرا حتى مضى ذو الحجة وولي تلك الحجة المشركون وهي سنة أربع ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم دومة الجندل.
رجوع الرسول *
قال ابن إسحاق ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يصل إليها ولم يلق كيدا فأقام بالمدينة بقية سنته.
غزوة الخندق في شوال سنة خمس *
حدثنا أبو محمد @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس فحدثني يزيد بن رومان مولى آل الزبير بن عروة بن الزبير ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم ابن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا كلهم قد اجتمع حديثه في الحديث عن الخندق وبعضهم يحدث ما لا يحدث به بعض قالوا إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن أخطب النضري وكنانة بن أبي الحقيق النضري وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش مكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله فقالت لهم قريش يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد أفديننا خير أم دينه قالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق § منه فهم الذين أنزل الله تعالى فيهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا إلى قوله تعالى أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله أي النبوة فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا قال فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا لذلك واتعدوا له ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك فاجتمعوا معهم فيه.
خروج الأحزاب من المشركين *
قال ابن إسحاق فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة والحارث ابن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر وعمل معه المسلمون فيه فدأب فيه ودأبوا وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا إذن وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد له منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في اللحوق بحاجته فيأذن له فإذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله رغبة في الخير واحتسابا له فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ويذهبون بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
ارتجاز المسلمين في حفر الخندق *
قال ابن إسحاق وعمل المسلمون فيه حتى أحكموه وارتجزوا فيه برجل من المسلمين يقال له جعيل سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا فقالوا سماه من بعد جعيل عمرا وكان للبائس يوما ظهرا فإذا مروا بعمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرا وإذا مروا بظهر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهرا.
ما ظهر من المعجزات *
قال ابن إسحاق وكان في حفر الخندق أحاديث بلغتني فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحقيق نبوته عاين ذلك المسلمون فكان مما بلغني أن جابر بن عبد الله كان يحدث أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق كدية فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بإناء من ماء فتفل فيه ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الكدية § فيقول من حضرها فو الذي بعثه بالحق نبيا لا نهالت حتى عادت كالكثيب لا ترد فأسا ولا مسحاة.
البركة في تمر ابنة بشير *
قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن مينا أنه حدث أن ابنة لبشير بن سعد أخت النعمان بن بشير قالت دعتني أمي عمرة بنت رواحة فأعطتني حفنة من تمر في ثوبي ثم قالت أي بنية اذهبي إلى أبيك وخالك عبد الله بن رواحة بغدائهما قالت فأخذتها فانطلقت بها فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألتمس أبي وخالي فقال تعالي يا بنية ما هذا معك قالت فقلت يا رسول الله هذا تمر بعثتني به أمي إلى أبي بشير بن سعد وخالي عبد الله بن رواحة يتغديانه قال هاتيه قالت فصببته في كفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأتهما ثم أمر بثوب فبسط له ثم دحا بالتمر عليه فتبدد فوق الثوب ثم قال لإنسان عنده اصرخ في أهل الخندق أن هلم إلى الغداء فاجتمع أهل الخندق عليه فجعلوا يأكلون منه وجعل يزيد حتى صدر أهل الخندق عنه وإنه ليسقط من أطراف الثوب.
البركة في طعام جابر *
قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله قال عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق فكانت عندي شويهة غير جد سمينة قال فقلت والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير فصنعت لنا منه خبزا وذبحت تلك الشاة فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الخندق قال وكنا نعمل فيه نهارنا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهالينا قال قلت يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير فأحب أن تنصرف § معي إلى منزلي وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده قال فلما أن قلت له ذلك قال نعم ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر بن عبد الله قال قلت إنا لله وإنا إليه راجعون قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل الناس معه قال فجلس وأخرجناها إليه قال فبرك وسمى الله ثم أكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها.
ما أرى الله رسوله من الفتح *
قال ابن إسحاق وحدثت عن سلمان الفارسي أنه قال ضربت في ناحية من الخندق فغلظت علي صخرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة قال ثم ضرب به ضربة أخرى فلمعت تحته برقة أخرى قال ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى قال قلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الذي رأيت لمع تحت المعول وأنت تضرب قال أوقد رأيت ذلك يا سلمان قال قلت نعم قال أما الأولى فإن الله فتح علي بها اليمن وأما الثانية فإن الله فتح علي بها الشام والمغرب وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه كان يقول حين فتحت هذه الأمصار في زمان عمر وزمان عثمان وما بعده افتتحوا ما بدا لكم فو الذي نفس أبي هريرة بيده ما افتتحتم من مدينة ولا تفتتحونها إلى يوم القيامة إلا وقد أعطى الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم مفاتيحها قبل ذلك.
نزول قريش المدينة *
قال ابن إسحاق ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف § من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمى إلى جانب أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين فضرب لك عسكره والخندق بينه وبين القوم.
حمل حيي كعبا على نقض عهده للرسول *
قال وخرج عدو الله حيي بن أخطب النضري حتى أتى كعب ابن أسد القرظي صاحب عقد بني قريظة وعهدهم وكان قد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قومه وعاقده على ذلك وعاهده فلما سمع كعب بحيي بن أخطب أغلق دونه باب حصنه فاستأذن عليه فأبى أن يفتح له فناداه حيي ويحك يا كعب افتح لي قال ويحك يا حيي إنك امرؤ مشئوم وإني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاء وصدقا قال ويحك افتح لي أكلمك قال ما أنا بفاعل قال والله إن أغلقت دوني إلا عن جشيشتك § أن آكل معك منها فاحفظ الرجل ففتح له فقال ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وببحر طام جئتك بقريش على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى إلى جانب أحد قد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه قال فقال له كعب جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماءه فهو يرعد ويبرق ليس فيه شيء ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذروة والغارب حتى سمح له على أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك فنقض كعب بن أسد عهده وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر وإلى المسلمين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ بن النعمان وهو يومئذ سيد الأوس وسعد ابن عبادة بن دليم أحد بني ساعدة بن كعب بن الخزرج وهو يومئذ سيد الخزرج ومعهما عبد الله بن رواحة أخو بني الحارث بن الخزرج وخوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف فقال انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء § القوم أم لا فإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس قال فخرجوا حتى أتوهم فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم فيما نالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا من رسول الله لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد فشاتمهم سعد ابن معاذ وشاتموه وكان رجلا فيه حدة فقال له سعد بن عبادة دع عنك مشاتمتهم فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ثم أقبل سعد وسعد ومن معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليه ثم قالوا عضل والقارة أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع خبيب وأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين قال وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل ظن ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال معتب بن قشير أخو بني عمرو بن عوف كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
قال ابن إسحاق وحتى قال أوس بن قيظي أحد بني حارثة بن الحارث يا رسول الله إن بيوتنا عورة من العدو وذلك عن ملأ من رجال قومه فأذن لنا أن نخرج فنرجع إلى دارنا فإنها خارج من المدينة فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم § وأقام عليه المشركون بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر لم تكن بينهم حرب إلا الرميا بالنبل والحصار.
هم الرسول بعقد الصلح بينه وبين غطفان ثم عدل *
فلما اشتد على الناس البلاء بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ومن لا أتهم عن محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف بن أبي حارثة المري وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما عنه وعن أصحابه فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا له يا رسول الله أمرا نحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا قال بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما فقال له سعد بن معاذ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى أو بيعا أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت وذاك فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ليجهدوا علينا.
عبور نفر من المشركين الخندق *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون وعدوهم محاصروهم ولم يكن بينهم قتال إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود بن أبي قيس أخو بني عامر بن لؤي.
قال ابن إسحاق وعكرمة بن أبي جهل وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب الشاعر ابن مرداس أخو بني محارب بن فهر تلبسوا للقتال ثم خرجوا على خيلهم حتى مروا بمنازل بني كنانة فقالوا تهيئوا يا بني كنانة للحرب فستعلمون من الفرسان اليوم ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما رأوه قالوا والله إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها.
قتل علي لعمرو بن عبد ود وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق ثم تيمموا مكانا ضيقا من الخندق فضربوا خيلهم فاقتحمت منه فجالت بهم في السبخة بين الخندق وسلع وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام في نفر معه من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم § وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم وكان عمرو بن عبد ود قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد يوم أحد فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليري مكانه فلما وقف هو وخيله قال من يبارز فبرز له علي بن أبي طالب فقال له يا عمرو إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه قال له أجل قال له علي فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام قال لا حاجة لي بذلك قال فإني أدعوك إلى النزال فقال له لم يا بن أخى فو الله ما أحب أن أقتلك قال له علي لكني والله أحب أن أقتلك فحمى عمرو عند ذلك فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي رضي الله عنه وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق هاربة.
قال ابن إسحاق وقال علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في ذلك نصر الحجارة من سفاهة رأيه ونصرت رب محمد بصوابي فصددت حين تركته متجدلا كالجذع بين دكادك وروابي وعففت عن أثوابه ولو أنني كنت المقطر بزنى أثوابي لا تحسبن الله خاذل دينه ونبيه يا معشر الأحزاب.
قال ابن إسحاق وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذ وهو منهزم عن عمرو فقال حسان بن ثابت في ذلك فر وألقى لنا رمحه لعلك عكرم لم تفعل ووليت تعدو كعدو الظليم ما إن تجور عن المعدل ولم تلق ظهرك مستأنسا كأن قفاك قفا فرعل.
قال ابن إسحاق وحدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل الأنصاري أخو بني حارثة أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وكان من أحرز حصون المدينة قال وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن فقالت عائشة وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب فمر سعد وعليه درع له مقلصة قد خرجت منها ذراعه كلها وفي يده حربته يرقد بها ويقول § لبث قليلا يشهد الهيجا جمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل قال فقالت له أمه الحق أي ابني فقد والله أخرت قالت عائشة فقلت لها يا أم سعد والله لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي قالت وخفت عليه حيث أصاب السهم منه فرمي سعد بن معاذ بسهم فقطع منه الأكحل رماه كما حدثني عاصم بن عمر بن قتادة حبان بن قيس بن العرقة أحد بني عامر بن لؤي فلما أصابه قال خذها مني وأنا ابن العرقة فقال له سعد عرق الله وجهك في النار اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلي أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه اللهم وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك أنه كان يقول ما أصاب سعدا يومئذ إلا أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم وقد قال أبو أسامة في ذلك شعرا لعكرمة بن أبي جهل أعكرم هلا لمتني إذ تقول لي %~% فداك بآطام المدينة خالد ألست الذي ألزمت سعدا مرشة لها بين أثناء المرافق عاند قضى نحبه منها سعيد فأعولت عليه مع الشمط العذارى النواهد § وأنت الذي دافعت عنه وقد دعا عبيدة جمعا منهم إذ يكابد على حين ما هم جائر عن طريقه وآخر مرعوب عن القصد قاصد والله أعلم أي ذلك كان.
صفية وحسان وما ذكرته عن جبنه *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت قالت وكان حسان بن ثابت معنا فيه مع النساء والصبيان قالت صفية فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إن أتانا آت قالت فقلت يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانزل إليه فاقتله قال يغفر الله لك يا بنة عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا قالت فلما قال لي ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته قالت فلما فرغت منه رجعت إلى الحصن فقلت يا حسان انزل إليه فاسلبه فإنه لم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل قال ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.
شأن نعيم في تخذيل المشركين عن المسلمين *
قال ابن إسحاق وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم وإتيانهم إياهم من فوقهم ومن أسفل منهم قال ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن قنفد بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت وإن قومي لم يعلموا بإسلامي فمرني بما شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا إن استطعت فإن الحرب خدعة فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال يا بني قريظة قد عرفتم ودي إياكم وخاصة ما بيني وبينكم قالوا صدقت لست عندنا بمتهم فقال لهم إن قريشا وغطفان ليسوا كأنتم البلد بلدكم فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تحولوا منه إلى غيره وإن قريشا وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه وقد ظاهرتموهم عليه وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره فليسوا كأنتم فإن رأوا نهزة أصابوها وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم § وبين الرجل ببلدكم ولا طاقة لكم به إن خلا بكم فلا تقاتلوا مع القوم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم يكونون بأيديكم ثقة لكم على أن تقاتلوا معهم محمدا حتى تناجزوه فقالوا له لقد أشرت بالرأي ثم خرج حتى أتى قريشا فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه من رجال قريش قد عرفتم ودي لكم وفراقي محمدا وإنه قد بلغني أمر قد رأيت علي حقا أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا عني فقالوا نفعل قال تعلموا أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا فيما بينهم وبين محمد وقد أرسلوا إليه إنا قد ندمنا على ما فعلنا فهل يرضيك أن نأخذ لك من القبيلتين من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم ثم نكون معك على من بقي منهم حتى نستأصلهم فأرسل إليهم أن نعم فإن بعثت إليكم يهود يلتمسون منكم رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم منكم رجلا واحدا ثم خرج حتى أتى غطفان فقال يا معشر غطفان إنكم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلي ولا أراكم تتهموني قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم قال فاكتموا عني قالوا نفعل فما أمرك ثم قال لهم مثل ما قال لقريش وحذرهم ما حذرهم فلما كانت ليلة السبت من شوال سنة خمس وكان من صنع الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أن أرسل أبو سفيان بن حرب ورءوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان فقالوا لهم إنا لسنا بدار مقام قد هلك الخف والحافر فاغدوا للقتال حتى نناجز محمدا ونفرغ مما بيننا وبينه فأرسلوا إليهم إن اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه § شيئا وقد كان أحدث فيه بعضنا حدثا فأصابه ما لم يخف عليكم ولسنا مع ذلك بالذين نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا من رجالكم يكونون بأيدينا ثقة لنا حتى نناجز محمدا فإنا نخشى إن ضرستكم الحرب واشتد عليكم القتال أن تنشروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل في بلدنا ولا طاقة لنا بذلك منه فلما رجعت إليهم الرسل بما قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان والله إن الذي حدثكم نعيم بن مسعود لحق فأرسلوا بني قريظة إنا والله لا ندفع إليكم رجلا واحدا من رجالنا فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا فقالت بنو قريظة حين انتهت الرسل إليهم بهذا إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا فإن رأوا فرصة انتهزوها وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل في بلدكم فأرسلوا إلى قريش وغطفان إنا والله لا نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا فأبوا عليهم وخذل الله بينهم وبعث الله عليهم الريح في ليال شاتية باردة شديدة البرد فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم قال فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اختلف من أمرهم وما فرق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم لينظر ما فعل القوم ليلا.
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه قال نعم يا بن أخي قال فكيف كنتم تصنعون § قال والله لقد كنا نجهد قال فقال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا قال فقال حذيفة يا بن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع يشرط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة فما قام رجل من القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني فقال يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء فقام أبو سفيان فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه قال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي فقلت من أنت قال فلان بن فلان ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من شدة الريح ما ترون ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب به على ثلاث فو الله ما أطلق عقاله إلا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن لا تحدث شيئا حتى تأتيني ثم شئت لقتلته بسهم § قال حذيفة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مراجل.
حدثنا عمرو بن زرارة أنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال قال فتى من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه قال نعم يا ابن أخي قال فكيف كنتم تصنعون قال والله لقد كنا نجهده قال والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا فقال حذيفة يا ابن أخي لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع وأن الله يدخله الجنة فما قام منا رجل ثم صلى هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر ما فعل القوم ثم يرجع يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة وأن الله يدخله الجنة فما قام منا رجل ثم صلى هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر ما فعل القوم ثم يرجع فيشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة فما قام رجل من § القوم من شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد فلما لم يقم أحد دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني فقال يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يفعلون ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل ما يقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء فقام أبو سفيان بن حرب فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه فقال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي كنت إلى جنبه فقلت من أنت فقال أنا فلان بن فلان فقال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام لقد هلك الكراع والخف وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ولقينا من هذه الريح ما ترون والله ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل ثم قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب على ثلاث فما أطلق من عقاله إلا وهو قائم ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أن لا أتحدث شيئا حتى تأتيني ثم شئت لقتلته بسهم قال حذيفة فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قام يصلي في مرط لبعض نسائه مرجل فلما رآني أدخلني إلى رحليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما صنعت قريش § استمروا راجعين إلى بلادهم.
فلما رآني أدخلني إلى رجليه وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإني لفيه فلما سلم أخبرته الخبر وسمعت غطفان بما فعلت قريش فانشمروا راجعين إلى بلادهم.
غزوة بني قريظة في سنة خمس
قال ابن إسحاق ولما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف عن الخندق راجعا إلى المدينة والمسلمون ووضعوا السلاح فلما كانت الظهر أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني الزهري معتجرا بعمامة من إستبرق على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج فقال أوقد وضعت السلاح يا رسول الله قال نعم فقال جبريل فما وضعت الملائكة السلاح بعد وما رجعت الآن إلا من طلب القوم إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بني قريظة فإني عامد إليهم فمزلزل بهم § فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن في الناس من كان سامعا مطيعا فلا يصلين العصر إلا ببني قريظة.
تقدم علي وتبليغه الرسول ما سمعه من سفهائهم *
قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة وابتدرها الناس فسار علي بن أبي طالب حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطريق فقال يا رسول الله لا عليك أن لا تدنو من هؤلاء الأخابث قال لم أظنك سمعت منهم لي أذى قال نعم يا رسول الله قال لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئا فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم قال يا إخوان القردة هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته قالوا يا أبا القاسم ما كنت جهولا ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفر من أصحابه بالصورين قبل أن يصل إلى بني قريظة فقال هل مر بكم أحد قالوا يا رسول الله قد مر بنا دحية بن خليفة الكلبي على بغلة بيضاء عليها رحالة عليها قطيفة ديباج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك جبريل بعث إلى بني قريظة يزلزل بهم حصونهم ويقذف الرعب في قلوبهم ولما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة نزل على بئر من آبارها من ناحية أموالهم يقال لها بئر أنا.
تلاحق المسلمين بالرسول *
قال ابن إسحاق وتلاحق به الناس فأتى رجال منهم من بعد العشاء الآخرة ولم يصلوا العصر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلين أحد العصر إلا ببني قريظة فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم وأبوا أن يصلوا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تأتوا بني قريظة فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة فما عابهم الله بذلك في كتابه ولا عنفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني بهذا الحديث أبى إسحاق بن يسار عن معبد بن كعب بن مالك الأنصاري قال وحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين ليلة حتى جهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب وقد كان حيي بن أخطب دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان وفاء لكعب بن أسد بما كان عاهده عليه فلما أيقنوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير منصرف عنهم حتى يناجزهم قال كعب ابن أسد لهم يا معشر يهود قد نزل بكم من الأمر ما ترون وإني عارض عليكم خلالا ثلاثا فخذوا أيها شئتم قالوا وما هي قال نتابع هذا الرجل ونصدقه فو الله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل وأنه للذي تجدونه في كتابكم فتأمنون على دمائكم وأموالكم وأبنائكم ونسائكم قالوا لا نفارق حكم التوراة أبدا ولا نستبدل به غيره قال فإذا أبيتم علي هذه فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا § ثم نخرج إلى محمد وأصحابه رجالا مصلتين السيوف لم نترك وراءنا ثقلا حتى يحكم الله بيننا وبين محمد فإن نهلك نهلك ولم نترك وراءنا نسلا نخشى عليه وإن نظهر فلعمري لنجدن النساء والأبناء قالوا نقتل هؤلاء المساكين فما خير العيش بعدهم قال فإن أبيتم علي هذه فإن الليلة ليلة السبت وإنه عسى أن يكون محمد وأصحابه قد أمنونا فيها فانزلوا لعلنا نصيب من محمد وأصحابه غرة قالوا نفسد سبتنا علينا ونحدث فيه ما لم يحدث من كان قبلنا إلا من قد علمت فأصابه ما لم يخف عليك من المسخ قال ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازما قال ثم إنهم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس لنستشيره في أمرنا فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم وقالوا له يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح قال أبو لبابة فول الله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت § أني قد خنت الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمود من عمده وقال لا أبرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبدا ولا أرى في بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا.
أخبرنا جدي الشيخ أبو البركات رحمه الله قراءةً حدثنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة ثم حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الفقيه من لفظه أخبرنا عبد § القوي بن عبد العزيز التميمي أخبرنا ابن رفاعة أخبرنا علي بن الحسن بن الحسين أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن محمد التجيبي أخبرنا عبد الله بن جعفر بن الورد أخبرنا عبد الرحيم بن عبد الله بن عبد الرحيم أخبرنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام أخبرنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله أخبرنا محمد بن إسحاق قال لما حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة بعثوا إليه أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكان حليفاً للأوس نستشيره في أمرناه فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم فقالوا يا أيا لبابة ترى أن ننزل على حكم محمد قال نعم وأشار بيده إلى حلقه أنه الذبح قال أبو لبابة فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت أني قد خنت الله ورسوله ثم انطلق أبو لبابة على وجهه ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ارتبط في المسجد إلى عمودٍ من عمده § وقال لا أبرح من مقامي هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت وعاهدت الله أن لا أطأ بني قريظة أبداً ولا آوي في بلدٍ خنت الله ورسوله فيه أبداً.
موقف الرسول من أبي لبابة وتوبة الله عليه *
قال ابن إسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه قال أما إنه لو جاءني لاستغفرت له فأما إذ قد فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط أن توبة أبى لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو في بيت أم سلمة فقالت أم سلمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك قالت فقلت مم تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك قال تيب على أبي لبابة قالت قلت أفلا أبشره يا رسول الله قال بلى إن شئت قال فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك قالت فثار الناس إليه ليطلقوه فقال لا والله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه.
قال ابن إسحاق فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه قال أما أنه لو كان جاءني لاستغفرت له فأما إذا فعل ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه.
إسلام نفر من بني هدل *
قال ابن إسحاق ثم إن ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد وهم نفر من بني هدل ليسوا من بني قريظة ولا النضير نسبهم فوق ذلك هم بنو عم القوم أسلموا تلك الليلة التي نزلت فيها بنو قريظة على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج في تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظي فمر بحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة فلما رآه قال من هذا قال أنا عمرو بن سعدى وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا أغدر بمحمد أبدا فقال محمد بن مسلمة حين عرفه اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ثم خلى سبيله فخرج على وجهه حتى أتى باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة تلك الليلة ثم ذهب فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه فقال ذاك رجل نجاه الله بوفائه وبعض الناس يزعم أنه كان أوثق برمة فيمن أوثق من بني قريظة حين نزلوا على حكم رسول الله § صلى الله عليه وسلم فأصبحت رمته ملقاة ولا يدرى أين ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه تلك المقالة والله أعلم أي ذلك كان قال فلما أصبحوا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواثبت الأوس فقالوا يا رسول الله إنهم موالينا دون الخزرج وقد فعلت في موالي إخواننا بالأمس ما قد علمت وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بني قريظة قد حاصر بني قينقاع وكانوا حلفاء الخزرج فنزلوا على حكمه فسأله إياهم عبد الله بن أبي بن سلول فوهبهم له فلما كلمته الأوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذاك إلى سعد بن معاذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة من أسلم يقال لها رفيدة في مسجده كانت تداوي الجرحى وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لقومه حين أصابه السهم بالخندق اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب فلما حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني قريظة أتاه قومه فحملوه على حمار قد وطئوا له بوسادة من أدم وكان رجلا جسيما جميلا ثم أقبلوا معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يقولون يا أبا عمرو أحسن في مواليك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم فلما أكثروا عليه قال لقد أنى لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم فرجع بعض من كان معه من قومه إلى دار بني عبد الأشهل فنعى لهم رجال بني قريظة قبل أن يصل إليهم سعد عن كلمته التي سمع منه فلما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم § قوموا إلى سيدكم فأما المهاجرون من قريش فيقولون إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار وأما الأنصار فيقولون قد عم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا إليه فقالوا يا أبا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم فقال سعد بن معاذ عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمت قالوا نعم وعلى من ها هنا في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال سعد فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري والنساء.
رضاء الرسول بحكم سعد *
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن عمرو ابن سعد بن معاذ عن علقمة بن وقاص الليثي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.
مقتل بني قريظة *
قال ابن إسحاق ثم استنزلوا فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم § إلى سوق المدينة التي هي سوقها اليوم فخندق بها خنادق ثم بعث إليهم فضرب أعناقهم في تلك الخنادق يخرج بهم إليه أرسالا وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ست مائة أو سبع مائة والمكثر لهم يقول كانوا بين الثمان مائة والتسع مائة وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يا كعب ما تراه يصنع بنا قال أفي كل موطن لا تعقلون ألا ترون الداعي لا ينزع وأنه من ذهب به منكم لا يرجع هو والله القتل فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتي بحيي بن أخطب عدو الله وعليه حلة له فقاحية.
قد شقها عليه من كل ناحية قدر أنملة أنملة لئلا يسلبها مجموعة يداه إلى عنقه بحبل فلما نظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك ولكنه من يخذل الله يخذل ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إنه لا بأس بأمر الله كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بني إسرائيل ثم جلس فضربت عنقه فقال جبل بن جوال الثعلبي لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه من يخذل الله يخذل لجاهد حتى أبلغ النفس عذرها وقلقل يبغي العز كل مقلقل.
قتل من نسائهم امرأة واحدة *
قال ابن إسحاق وقد حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة قالت والله إنها لعندي تحدث معي وتضحك ظهرا وبطنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل رجالها في السوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة قالت أنا والله قالت قلت لها ويلك مالك قالت أقتل قلت ولم قالت لحدث أحدثته قالت فانطلق بها فضربت عنقها فكانت عائشة تقول فو الله ما أنسى عجبا منها طيب نفسها وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل.
شأن الزبير بن باطا *
قال ابن إسحاق وقد كان ثابت بن قيس بن الشماس كما ذكر لي ابن شهاب الزهري أتى الزبير بن باطا القرظي وكان يكنى أبا عبد الرحمن وكان الزبير قد من على ثابت بن قيس بن شماس في الجاهلية ذكر لي بعض ولد الزبير أنه كان من عليه يوم بعاث أخذه فجز ناصيته ثم خلى سبيله فجاءه ثابت وهو شيخ كبير فقال يا أبا عبد الرحمن هل تعرفني قال وهل يجهل مثلي مثلك قال إني قد أردت أن أجزيك بيدك عندي قال إن الكريم يجزي الكريم ثم أتى ثابت بن قيس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه قد كانت للزبير علي منة وقد أحببت أن أجزيه بها فهب لي دمه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك فأتاه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وهب لي دمك فهو لك قال شيخ كبير لا أهل له ولا ولد فما يصنع بالحياة قال فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بأبي أنت وأمي § يا رسول الله هب لي امرأته وولده قال هم لك قال فأتاه فقال قد وهب لي رسول الله صلى الله عليه سلم أهلك وولدك فهم لك قال أهل بيت بالحجاز لا مال لهم فما بقاؤهم على ذلك فأتى ثابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما له قال هو لك فأتاه ثابت فقال قد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك فهو لك قال أي ثابت ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيها عذارى الحي كعب بن أسد قال قتل قال فما فعل سيد الحاضر والبادي حيي بن أخطب قال قتل قال فما فعل مقدمتنا إذا شددنا وحاميتنا إذا فررنا عزال بن سموأل قال قتل قال فما فعل المجلسان يعني بني كعب بن قريظة وبني عمرو بن قريظة قال ذهبوا قتلوا قال فأني أسألك يا ثابت بيدي عندك إلا ألحقتنى بالقوم فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير فما أنا بصابر لله فتلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة فقدمه ثابت فضرب عنقه فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة قال يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا.
أمر عطية ورفاعة *
قال ابن إسحاق وحدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم وكنت غلاما فوجدوني لم أنبت فخلوا سبيلي.
قال ابن إسحاق وحدثني أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة أخو بني عدي بن النجار أن سلمى بنت قيس أم المنذر أخت سليط بن أخت سليط بن قيس وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين وبايعته بيعة النساء سألته رفاعة بن سموأل القرظي وكان رجلا قد بلغ فلاذ بها وكان يعرفهم قبل ذلك فقالت يا نبي الله بأبي أنت وأمي هب لي رفاعة فإنه قد زعم أنه سيصلي ويأكل لحم الجمل قال فوهبه لها فاستحيته.
قسم فيء بني قريظة *
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم أموال بني قريظة ونساءهم وأبناءهم على المسلمين وأعلم في ذلك اليوم سهمان الخيل وسهمان الرجال وأخرج منها الخمس فكان للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان ولفارسه سهم وللراجل من ليس له فرس سهم وكانت الخيل يوم بني قريظة ستة وثلاثين فرسا وكان أول فيء وقعت فيه السهمان وأخرج منها الخمس فعلى سنتها وما مضى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها وقعت المقاسم ومضت السنة في المغازي § ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن زيد الأنصاري أخا بني عبد الأشهل بسبايا من سبايا بني قريظة إلى نجد فابتاع لهم بها خيلا وسلاحا قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدى نساء بني عمرو بن قريظة فكانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي عنها وهي في ملكه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت يا رسول الله بل تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك فتركها وقد كانت حين سباها قد تعصت بالإسلام وأبت إلا اليهودية فعزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجد في نفسه لذلك من أمرها فبينا هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال إن هذا لثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة فجاءه فقال يا رسول الله قد أسلمت ريحانة فسره ذلك من أمرها.
ما نزل في الخندق وبني قريظة *
قال ابن إسحاق وأنزل الله تعالى في أمر الخندق وأمر بني قريظة من القرآن القصة في سورة الأحزاب يذكر فيها ما نزل من البلاء ونعمته عليهم وكفايته إياهم حين فرج ذلك عنهم بعد مقالة من قال من أهل النفاق يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا والجنود قريش وغطفان وبنو قريظة وكانت الجنود التي أرسل الله عليهم مع الريح الملائكة يقول الله تعالى إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا § فالذين جاءوهم من فوقهم بنو قريظة والذين جاءوهم من أسفل منهم قريش وغطفان يقول الله تبارك و تعالى هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا لقول معتب بن قشير إذ يقول ما قال وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا لقول أوس بن قيظي ومن كان على رأيه من قومه ولو دخلت عليهم من أقطارها أي المدينة.
ثم سئلوا الفتنة أي الرجوع إلى الشرك لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤلا فهم بنو حارثة وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة حين همتا بالفشل يوم أحد ثم عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها أبدا فذكر لهم الذي أعطوا من أنفسهم ثم قال تعالى قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا قد يعلم الله المعوقين منكم أي أهل النفاق والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا § أي إلا دفعا وتعذيرا أشحة عليكم أي للضغن الذي في أنفسهم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت أي إعظاما له وفرقا منه فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أي في القول بما لا تحبون لأنهم لا يرجون آخرة ولا تحملهم حسبة فهم يهابون الموت هيبة من لا يرجو ما بعده.
يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قريش وغطفان وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يسئلون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا ثم أقبل على المؤمنين فقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر أي لئلا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ولا عن مكان هو به ثم ذكر المؤمنين وصدقهم وتصديقهم بما وعدهم الله من البلاء يختبرهم به فقال ولما رأي المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما أي صبرا على البلاء وتسليما للقضاء وتصديقا للحق لما كان الله تعالى وعدهم ورسوله صلى الله عليه وسلم § ثم قال من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه أي فرغ من عمله ورجع إلى ربه كمن استشهد يوم بدر ويوم أحد.
قال ابن إسحاق ومنهم من ينتظر أي ما وعد الله به من نصره والشهادة على ما مضى عليه أصحابه يقول الله تعالى وما بدلوا تبديلا أي ما شكوا وما ترددوا في دينهم وما استبدلوا به غيره ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ورد الله الذين كفروا بغيظهم أي قريشا وغطفان لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب أي بني قريظة من صياصيهم والصياصي الحصون والآطام التي كانوا فيها.
قال ابن إسحاق وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا أي قتل الرجال وسبى الذراري والنساء وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها يعني خيبر وكان الله على كل شيء قديرا .
وفاة سعد بن معاذ وما ظهر مع ذلك *
قال ابن إسحاق حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي قال حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد من § هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت أقبلت عائشة قافلة من مكة ومعها أسيد بن حضير فلقيه موت امرأة له فحزن عليها بعض الحزن فقالت له عائشة يغفر الله لك يا أبا يحيى أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك وقد اهتز له العرش قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري قال كان سعد رجلا بادنا فلما حمله الناس وجدوا له خفة فقال رجال من المنافقين والله إن كان لبادنا وما حملنا من جنازة أخف منه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن له حملة غيركم والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش.
قال ابن إسحاق وحدثني معاذ بن رفاعة عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو ابن الجموح عن جابر بن عبد الله قال لما دفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبح الناس معه ثم كبر § فكبر الناس معه فقالوا يا رسول الله مم سبحت قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عنه.
قال ابن إسحاق ولسعد يقول رجل من الأنصار وما اهتز عرش الله من موت هالك سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو وقالت أم سعد حين احتمل نعشه وهي تبكيه.
ويل أم سعد سعدا %~% صرامة وحدا وسوددا ومجدا وفارسا معدا سد به مسدا يقد هاما قدا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ.
شهداء يوم الخندق *
قال ابن إسحاق ولم يستشهد من المسلمين يوم الخندق إلا ستة نفر ومن بني عبد الأشهل سعد بن معاذ وأنس بن أوس بن عتيك بن عمرو وعبد الله بن سهل ثلاثة نفر ومن بني جشم بن الخزرج ثم من بني سلمة الطفيل بن النعمان وثعلبة ابن غنمة رجلان § ومن بني النجار ثم من بني دينار كعب بن زيد أصابه سهم غرب فقتله.
قتلى المشركين *
وقتل من المشركين ثلاثة نفر من بني عبد الدار بن قصي منبه بن عثمان بن عبيد بن السباق بن عبد الدار أصابه سهم فمات منه بمكة.
عرض المشركين على الرسول شراء جسد نوفل *
قال ابن إسحاق ومن بني مخزوم بن يقظة نوفل بن عبد الله بن المغيرة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم جسده وكان اقتحم الخندق فتورط فيه فقتل فغلب المسلمون على جسده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه فخلى بينهم وبينه.
قال ابن إسحاق ومن بني عامر بن لؤي ثم من بني مالك بن حسل عمرو ابن عبد ود قتله علي بن أبي طالب رضوان الله عليه.
شهداء المسلمين يوم بني قريظة وا قيل من الشعر في أمر الخندق وبني قريظة *
قال ابن إسحاق واستشهد يوم بني قريظة من المسلمين ثم من بني الحارث بن الخزرج خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو طرحت عليه رحى فشدخته شدخا شديدا فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن له لأجر شهيدين ومات أبو سنان بن محصن بن حرثان أخو بني أسد بن خزيمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم محاصر بني قريظة فدفن في مقبرة بني قريظة التي يدفنون فيها اليوم وإليه دفنوا أمواتهم في الإسلام ولما انصرف أهل الخندق عن الخندق قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا ولكنكم تغزونهم فلم تغزهم قريش بعد ذلك وكان هو الذي يغزوها حتى فتح الله عليه مكة وقال ضرار بن الخطاب بن مرداس أخو بني محارب بن فهر في يوم الخندق ومشفقة تظن بنا الظنونا وقد قدنا عرندسة طحونا كأن زهاءها أحد إذا ما بدت أركانه للناظرينا ترى الأبدان فيها مسبغات على الأبطال واليلب الحصينا وجردا كالقداح مسومات نؤم بها الغواة الخاطئينا § كأنهم إذا صالوا وصلنا بباب الخندقين مصافحونا أناس لا نرى فيهم رشيدا وقد قالوا ألسنا راشدينا فأحجرناهم شهرا كريتا وكنا فوقهم كالقاهرينا نراوحهم ونغدو كل يوم عليهم في السلاح مدججينا بأيدينا صوارم مرهفات نقد بها المفارق والشؤنا كأن وميضهن معريات إذا لاحت بأيدي مصلتينا وميض عقيقة لمعت بليل ترى فيها العقائق مستبينا فلولا خندق كانوا لديه لدمرنا عليهم أجمعينا ولكن حال دونهم وكانوا به من خوفنا متعوذينا فإن نرحل فإنا قد تركنا لدى أبياتكم سعدا رهينا إذا جن الظلام سمعت نوحى على سعد يرجعن الحنينا وسوف نزوركم عما قريب كما زرناكم متوازرينا بجمع من كنانة غير عزل كأسد الغاب قد حمت العرينا فأجابه كعب بن مالك أخو بني سلمة فقال وسائلة تسائل ما لقينا ولو شهدت رأتنا صابرينا § صبرنا لا نرى لله عدلا على ما نابنا متوكلينا وكان لنا النبي وزير صدق به نعلو البرية أجمعينا نقاتل معشرا ظلموا وعقوا وكانوا بالعداوة مرصدينا نعاجلهم إذا نهضوا إلينا بضرب يعجل المتسرعينا ترانا في فضافض سابغات كغدران الملا متسربلينا وفي أيماننا بيض خفاف بها نشفي مراح الشاغبينا بباب الخندقين كأن أسدا شوابكهن يحمين العرينا فوارسنا إذا بكروا وراحوا على الأعداء شوسا معلمينا لننصر أحمدا والله حتى نكون عباد صدق مخلصينا ويعلم أهل مكة حين ساروا وأحزاب أتوا متحزبينا بأن الله ليس له شريك وأن الله مولى المؤمنينا فإما تقتلوا سعدا سفاها فإن الله خير القادرينا سيدخله جنانا طيبات تكون مقامة للصالحينا كما قد ردكم فلا شريدا بغيظكم خزايا خائبينا خزايا لم تنالوا ثم خيرا وكدتم أن تكونوا دامرينا بريح عاصف هبت عليكم فكنتم تحتها متكمهينا وقال عبد الله بن الزبعرى السهمي في يوم الخندق § حتى الديار محا معارف رسمها طول البلى وتراوح الأحقاب فكأنما كتب اليهود رسومها إلا الكنيف ومعقد الأطناب قفرا كأنك لم تكن تلهو بها في نعمة بأوانس أتراب فاترك تذكر ما مضى من عيشة ومحلة خلق المقام يباب واذكر بلاء معاشر واشكرهم ساروا بأجمعهم من الأنصاب أنصاب مكة عامدين ليثرب في ذي غياطل جحفل جبجاب يدع الحزون مناهجا معلومة في كل نشر ظاهر وشعاب فيها الجياد شوازب مجنوبة قب البطون لواحق الأقراب من كل سلهبة وأجرد سلهب كالسيد بادر غفلة الرقاب جيش عيينة قاصد بلوائه فيه وصخر قائد الأحزاب قرمان كالبدرين أصبح فيهما غيث الفقير ومعقل الهراب حتى إذا وردوا المدينة وارتدوا للموت كل مجرب قضاب § شهرا وعشرا قاهرين محمدا وصحابه في الحرب خير صحاب نادوا برحلتهم صبيحة قلتم كدنا نكون بها مع الخياب لولا الخنادق غادروا من جمعهم قتلى لطير سغب وذئاب فأجابه حسان بن ثابت الأنصاري فقال هل رسم دارسة المقام يباب متكلم لمحاور بجواب قفر عفارهم السحاب رسومه وهبوب كل مطلة مرباب ولقد رأيت بها الحاول يزينهم بيض الوجوه ثواقب الأحساب فدع الديار وذكر كل خريدة بيضاء آنسة الحديث كعاب واشك الهموم إلى الإله وما ترى من معشر ظلموا الرسول غضاب ساروا بأجمعهم إليه وألبوا أهل القرى وبوادي الأعراب جيش عيينة وابن حرب فيهم متخمطون بحلبة الأحزاب حتى إذا وردوا المدينة وارتجوا قتلى الرسول ومغنم الأسلاب وغدوا علينا قادرين بأيدهم ردوا بغيظهم على الأعقاب بهبوب معصفة تفرق جمعهم وجنود ربك سيد الأرباب فكفى الإله المؤمنين قتالهم وأثابهم في الأجر خير ثواب § من بعد ما قنطوا ففرق جمعهم تنزيل نصر مليكنا الوهاب وأقر عين محمد وصحابه وأذل كل مكذب مرتاب عاتي الفؤاد موقع ذي ريبة في الكفر ليس بطاهر الأثواب علق الشقاء بقلبه ففؤاده في الكفر آخر هذه الأحقاب وأجابه كعب بن مالك أيضا فقال أبقى لنا حدث الحروب بقية من خير نحلة ربنا الوهاب بيضاء مشرفة الذرى ومعاطنا حم الجذوع غزيرة الأحلاب كاللوب يبذل جمها وحفيلها للجار وابن العم والمنتاب ونزائعا مثل السراح نمى بها علف الشعير وجزة المقضاب عري الشوى منها وأردف نحضها جرد المتون وسائر الآراب قودا تراح إلى الصياح إذ غدت فعل الضراء تراح للكلاب وتحوط سائمة الديار وتارة تردي العدا وتئوب بالأسلاب § حوش الوحوش مطارة عند الوغى عبس اللقاء مبينة الإنجاب علقت على دعة فصارت بدنا دخس البضيع خفيفة الأقصاب يغدون بالزغف المضاعف شكة وبمترصات في الثقاف صياب وصوارم نزع الصياقل غلبها وبكل أروع ماجد الأنساب يصل اليمين بمارن متقارب وكلت وقيعته إلى خباب وأغر أزرق في القناة كأنه في طخية الظلماء ضوء شهاب وكتيبة ينفي القران قتيرها وترد حد قواحز النشاب جأوى ململمة كأن رماحها في كل مجمعة ضريمة غاب يأوي إلى ظل اللواء كأنه في صعدة الخطي فيء عقاب أعيت أبا كرب وأعيت تبعا وأبت بسالتها على الأعراب ومواعظ من ربنا نهدى بها بلسان أزهر طيب الأثواب عرضت علينا فاشتهينا ذكرها من بعد ما عرضت على الأحزاب حكما يراها المجرمون بزعمهم حرجا ويفهمها ذوو الألباب § جاءت سخينة كي تغالب ربها فليغلبن مغالب الغلاب.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق من سره ضرب يمعمع بعضه بعضا كمعمعة الأباء المحرق فليأت مأسدة تسن سيوفها بين المذاد وبين جزع الخندق دربوا بضرب المعلمين وأسلموا مهجات أنفسهم لرب المشرق في عصبة نصر الإله نبيه بهم وكان بعبده ذا مرفق في كل سابغة تخط فضولها كالنهي هبت ريحه المترقرق بيضاء محكمة كأن قتيرها حدق الجنادب ذات شك موثق § جدلاء يحفزها نجاد مهند صافي الحديدة صارم ذي رونق تلكم مع التقوى تكون لباسنا يوم الهياج وكل ساعة مصدق نصل السيوف إذا قصرن بخطونا قدما ونلحقها إذا لم تلحق فترى الجماجم ضاحيا هاماتها بله الأكف كأنها لم تخلق نلقى العدو بفخمة ملمومة تنفي الجموع كفصد رأس المشرق ونعد للأعداء كل مقلص ورد ومحجول القوائم أبلق تردى بفرسان كأن كماتهم عند الهياج أسود طل ملثق صدق يعاطون الكماة حتوفهم تحت العماية بالوشيج المزهق أمر الإله بربطها لعدوه في الحرب إن الله خير موفق لتكون غيظا للعدو وحيطا للدار إن دلفت خيول النزق ويعيننا الله العزيز بقوة منه وصدق الصبر ساعة نلتقي ونطيع أمر نبينا ونجيبه وإذا دعا لكريهة لم نسبق ومتى يناد إلى الشدائد نأتها ومتى نر الحومات فيها نعنق § من يتبع قول النبي فإنه فينا مطاع الأمر حق مصدق فبذاك ينصرنا ويظهر عزنا ويصيبنا من نيل ذاك بمرفق إن الذين يكذبون محمدا كفروا وضلوا عن سبيل المتقي.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق لقد علم الأحزاب حين تألبوا علينا وراموا ديننا ما نوادع أضاميم من قيس بن عيلان أصفقت وخندف لم يدروا بما هو واقع يذودوننا عن ديننا ونذودهم عن الكفر والرحمن راء وسامع إذا غايظونا في مقام أعاننا على غيظهم نصر من الله واسع وذلك حفظ الله فينا وفضله علينا ومن لم يحفظ الله ضائع هدانا لدين الحق واختاره لنا ولله فوق الصانعين صنائع.
قال ابن إسحاق وقال كعب بن مالك في يوم الخندق ألا أبلغ قريشا أن سلعا وما بين العريض إلى الصماد § نواضح في الحروب مدربات وخوص ثقبت من عهد عاد رواكد يزخر المرار فيها فليست بالجمام ولا الثماد كأن الغاب والبردي فيها أجش إذا تبقع للحصاد ولم نجعل تجارتنا اشتراء الحمير لأرض دوس أو مراد بلاد لم تثر إلا لكيما نجالد إن نشطتم للجلاد أثرنا سكة الأنباط فيها فلم تر مثلها جلهات واد قصرنا كل ذي حضر وطول على الغايات مقتدر جواد أجيبونا إلى ما نجتديكم من القول المبين والسداد وإلا فاصبروا لجلاد يوم لكم منا إلى شطر المذاد نصبحكم بكل أخي حروب وكل مطهم سلس القياد § وكل طمرة خفق حشاها تدف دفيف صفراء الجراد وكل مقلص الآراب نهد تميم الخلق من أخر وهادي خيول لا تضاع إذا أضيعت خيول الناس في السنة الجماد ينازعن الأعنة مصغيات إذا نادى إلى الفزع المنادي إذا قالت لنا النذر استعدوا توكلنا على رب العباد وقلنا لن يفرج ما لقينا سوى ضرب القوانس والجهاد فلم تر عصبة فيمن لقينا من الأقوام من قار وبادي أشد بسالة منا إذا ما أردناه وألين في الوداد إذا ما نحن أشرجنا عليها جياد الجدل في الأرب الشداد قذفنا في السوابغ كل صقر كريم غير معتلث الزناد § أشم كأنه أسد عبوس غداة بدا ببطن الجزع غادي يغشي هامة البطل المذكى صبي السيف مسترخي النجاد لنظهر دينك اللهم إنا بكفك فاهدنا سبل الرشاد.
قال ابن إسحاق وقال مسافع بن عبد مناف بن وهب بن حذافة بن جمح يبكي عمرو بن عبد ود ويذكر قتل علي بن أبي طالب إياه عمرو بن عبد كان أول فارس جزع المذاد وكان فارس يليل سمح الخلائق ماجد ذو مرة يبغي القتال بشكة لم ينكل ولقد علمتم حين ولوا عنكم أن ابن عبد فيهم لم يعجل حتى تكنفه الكماة وكلهم يبغي مقاتله وليس بمؤتلي ولقد تكنفت الأسنة فارسا بجنوب سلع غير نكس أميل تسل النزال علي فارس غالب بجنوب سلع ليته لم ينزل § فاذهب علي فما ظفرت بمثله فخرا ولا لاقيت مثل المعضل نفسي الفداء لفارس من غالب لاقى حمام الموت لم يتحلحل أعني الذي جزع المذاد بمهره طلبا لثأر معاشر لم يخذل وقال مسافع أيضا يؤنب فرسان عمرو الذين كانوا معه فأجلوا عنه وتركوه عمرو بن عبد والجياد يقودها خيل تقاد له وخيل تنعل أجلت فوارسه وغادر رهطه ركنا عظيما كان فيها أول عجبا وإن أعجب فقد أبصرته مهما تسوم علي عمرا ينزل لا تبعدن فقد أصبت بقتله ولقيت قبل الموت أمرا يثقل وهبيرة المسلوب ولى مدبرا عند القتال مخافة أن يقتلوا وضرار كأن البأس منه محضرا ولى كما ولى اللئيم الأعزل.
قال ابن إسحاق وقال هبيرة بن أبي وهب يعتذر من فراره ويبكي عمرا ويذكر قتل علي إياه لعمري ما وليت ظهري محمدا وأصحابه جبنا ولا خيفة القتل ولكنني قلبت أمري فلم أجد لسيفي غناء إن ضربت ولا نبلي وقفت فلما لم أجد لي مقدما صددت كضرغام هزبر أبي شبل § ثنى عطفه عن قرنه حين لم يجد مكرا وقد ما كان ذلك من فعلي فلا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا وحق لحسن المدح مثلك من مثلي ولا تبعدن يا عمرو حيا وهالكا فقد بنت محمود الثنا ماجد الأصل فمن لطراد الخيل تقدع بالقنا وللفخر يوما عند قرقرة البزل هنالك لو كان ابن عبد لزارها وفرجها حقا فتى غير ما وغل فعنك علي لا أرى مثل موقف وقفت على نجد المقدم كالفحل فما ظفرت كفاك فخرا بمثله أمنت به ما عشت من زلة النعل وقال هبيرة بن أبي وهب يبكي عمرو بن عبد ود ويذكر قتل علي إياه لقد علمت عليا لؤي بن غالب لفارسها عمرو إذا ناب نائب لفارسها عمرو إذا ما يسومه علي وإن الليث لا بد طالب عشية يدعوه علي وإنه لفارسها إذا خام عنه الكتائب فيا لهف نفسي إن عمرا تركته بيثرب لا زالت هناك المصائب وقال حسان بن ثابت يفتخر بقتل عمرو بن عبد ود بقيتكم عمرو أبحناه بالقنا بيثرب نحمي والحماة قليل ونحن قتلناكم بكل مهند ونحن ولاة الحرب حين نصول ونحن قتلناكم ببدر فأصبحت معاشركم في الهالكين تجول.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا في شأن عمرو بن عبد ود أمسى الفتى عمرو بن عبد يبتغي بجنوب يثرب ثأره لم ينظر فلقد وجدت سيوفنا مشهورة ولقد وجدت جيادنا لم تقصر ولقد لقيت غداة بدر عصبة ضربوك ضربا غير ضرب الحسر أصبحت لا تدعى ليوم عظيمة يا عمرو أو لجسيم أمر منكر.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا ألا أبلغ أبا هدم رسولا مغلغلة تخب بها المطي أكنت وليكم في كل كره وغيري في الرخاء هو الولي ومنكم شاهد ولقد رآني رفعت له كما احتمل الصبي.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت في يوم بني قريظة يبكي سعد بن معاذ ويذكر حكمه فيهم لقد سجمت من دمع عيني عبرة وحق لعيني أن تفيض على سعد قتيل ثوى في معرك فجعت به عيون ذواري الدمع دائمة الوجد § على ملة الرحمن وارث جنة مع الشهداء وفدها أكرم الوفد فإن تك قد ودعتنا وتركتنا وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد كريم وأثواب المكارم والحمد بحكمك في حيي قريظة بالذي قضى الله فيهم ما قضيت على عمد فوافق حكم الله حكمك فيهم ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد فنعم مصير الصادقين إذا دعوا إلى الله يوما للوجاهة والقصد وقال حسان بن ثابت أيضا يبكي سعد بن معاذ ورجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشهداء ويذكرهم بما كان فيهم من الخير ألا يا لقومي هل لما حم دافع وهل ما مضى من صالح العيش راجع تذكرت عصرا قد مضى فتهافتت بنات الحشى وانهل مني المدامع صبابة وجد ذكرتني أحبة وقتلى مضى فيها طفيل ورافع وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت منازلهم فالأرض منهم بلاقع وفوا يوم بدر للرسول وفوقهم ظلال المنايا والسيوف اللوامع دعا فأجابوه بحق وكلهم مطيع له في كل أمر وسامع فما نكلوا حتى تولوا جماعة ولا يقطع الآجال إلا المصارع § لأنهم يرجون منه شفاعة إذا لم يكن إلا النبيون شافع فذلك يا خير العباد بلاؤنا إجابتنا لله والموت ناقع لنا القدم الأولى إليك وخلفنا لأولنا في ملة الله تابع ونعلم أن الملك لله وحده وأن قضاء الله لا بد واقع وقال حسان بن ثابت أيضا في يوم بني قريظة لقد لقيت قريظة ما سآها وما وجدت لذل من نصير أصابهم بلاء كان فيه سوى ما قد أصاب بني النضير غداة أتاهم يهوى إليهم رسول الله كالقمر المنير له خيل مجنبة تعادى بفرسان عليها كالصقور تركناهم وما ظفروا بشيء دماؤهم عليهم كالغدير فهم صرعى تحوم الطير فيهم كذاك يدان ذو العند الفجور فأنذر مثلها نصحا قريشا من الرحمن إن قبلت نذيرى وقال حسان بن ثابت في بني قريظة لقد لقيت قريظة ما سآها وحل بحصنها ذل ذليل § وسعد كان أنذرهم بنصح بأن إلهكم رب جليل فما برحوا بنقض العهد حتى فلاهم في بلادهم الرسول أحاط بحصنهم منا صفوف له من حر وقعتهم صليل وقال حسان بن ثابت أيضا في يوم بني قريظة تفاقد معشر نصروا قريشا وليس لهم ببلدتهم نصير هم أوتوا الكتاب فضيعوه وهم عمي من التوراة بور كفرتم بالقران وقد أتيتم بتصديق الذي قال النذير فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب فقال أدام الله ذلك من صنيع وحرق في طرائقها السعير ستعلم أينا منها بنزه وتعلم أي أرضينا تضير فلو كان النخيل بها ركابا لقالوا لا مقام لكم فسيروا وأجابه جبل بن جوال الثعلبي أيضا وبكى النضير وقريظة فقال ألا يا سعد سعد بني معاذ لما لقيت قريظة والنضير لعمرك إن سعد بني معاذ غداة تحملوا لهو الصبور فأما الخزرجي أبو حباب فقال لقينقاع لا تسيروا § وبدلت الموالي من حضير أسيدا والدوائر قد تدور وأقفرت البويرة من سلام وسعية وابن أخطب فهي بور وقد كانوا ببلدتهم ثقالا كما ثقلت بميطان الصخور فإن يهلك أبو حكم سلام فلا رث السلاح ولا دثور وكل الكاهنين وكان فيهم مع اللين الخضارمة الصقور وجدنا المجد قد ثبتوا عليه بمجد لا تغيبه البدور أقيموا يا سراة الأوس فيها كأنكم من المخزاة عور تركتم قدركم لا شيء فيها وقدر القوم حامية تفور.
مقتل سلام بن أبي الحقيق *
قال ابن إسحاق ولما انقضى شأن الخندق وأمر بني قريظة وكان سلام بن أبي الحقيق وهو أبو رافع فيمن حزب الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتحريضه عليه استأذنت الخزرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر فأذن لهم.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال وكان مما صنع الله به لرسوله صلى الله عليه وسلم أن هذين § الحيين من الأنصار والأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غناء إلا قالت الخزرج والله لا تذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الإسلام قال فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك ولما أصابت الأوس كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الخزرج والله لا تذهبون بها فضلا علينا أبدا قال فتذاكروا من رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم في العداوة كابن الأشرف فذكروا ابن أبي الحقيق وهو بخيبر فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله فأذن لهم فخرج إليه من الخزرج من بني سلمة خمسة نفر عبد الله بن عتيك ومسعود ابن سنان وعبد الله بن أنيس وأبو قتادة الحارث بن ربعي وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم فخرجوا وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك ونهاهم عن أن يقتلوا وليدا أو امرأة فخرجوا حتى إذا قدموا خيبر أتوا دار ابن أبي الحقيق ليلا فلم يدعوا بيتا في الدار إلا أغلقوه على أهله قال وكان في علية له إليها عجلة قال فأسندوا فيها حتى قاموا على بابه فاستأذنوا عليه فخرجت إليهم امرأته فقالت من أنتم قالوا ناس من العرب نلتمس الميرة قالت ذاكم صاحبكم فادخلوا عليه قال فلما دخلنا عليه أغلقنا علينا وعليها الحجرة تخوفا أن تكون دونه مجاولة تحول بيننا وبينه قالت § فصاحت امرأته فنوهت بنا وابتدرناه وهو على فراشه بأسيافنا فو الله ما يدلنا عليه في سواد الليل إلا بياضه كأنه قبطية ملقاة قال ولما صاحت بنا امرأته جعل الرجل منا يرفع عليها سيفه ثم يذكر نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكف يده ولولا ذلك لفرغنا منها بليل قال فلما ضربناه بأسيافنا تحامل عليه عبد الله بن أنيس بسيفه في بطنه حتى أنفذه وهو يقول قطني قطني أي حسبي حسبي قال وخرجنا وكان عبد الله بن عتيك رجلا سيء البصر قال فوقع من الدرجة فوثئت يده وثأ شديدا.
وحملناه حتى نأتي به منهرا من عيونهم فندخل فيه قال فأوقدوا النيران واشتدوا في كل وجه يطلبوننا قال حتى إذا يئسوا رجعوا إلى صاحبهم فاكتنفوه وهو يقضي بينهم قال فقلنا كيف لنا بأن نعلم بأن عدو الله قد مات قال فقال رجل منا أنا أذهب فأنظر لكم فانطلق حتى دخل في الناس قال فوجدت امرأته ورجال يهود حوله وفي يدها المصباح تنظر في وجهه وتحدثهم وتقول أما والله لقد سمعت صوت ابن عتيك ثم أكذبت نفسي وقلت أنى ابن عتيك بهذه البلاد ثم أقبلت عليه تنظر في وجهه ثم قالت فاظ وإله يهود فما سمعت من كلمة كانت ألذ إلى نفسي منها قال ثم جاءنا الخبر فاحتملنا صاحبنا فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بقتل عدو الله واختلفنا عنده في قتله كلنا يدعيه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هاتوا أسيافكم قال فجئناه بها فنظر إليها فقال لسيف عبد الله بن أنيس هذا قتله أرى فيه أثر الطعام.
قال ابن إسحاق فقال حسان بن ثابت وهو يذكر قتل كعب بن الأشرف وقتل سلام بن أبي الحقيق لله در عصابة لاقيتهم يا بن الحقيق وأنت يا بن الأشرف يسرون بالبيض الخفاف إليكم مرحا كأسد في عرين مغرف حتى أتوكم في محل بلادكم فسقوكم حتفا ببيض ذفف مستبصرين لنصر دين نبيهم مستصغرين لكل أمر مجحف.
إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس الثقفي قال حدثني عمرو بن العاص من فيه قال لما انصرفنا مع الأحزاب عن الخندق جمعت رجالا من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم تعلمون والله أني أرى أمر محمد يعلو الأمور علوا منكرا وإني قد رأيت أمرا فما ترون فيه قالوا وماذا رأيت قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير قالوا إن هذا الرأي § قلت فاجمعوا لنا ما نهديه له وكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدما كثيرا ثم خرجنا حتى قدمنا عليه فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال فدخل عليه ثم خرج من عنده قال فقلت لأصحابي هذا عمرو بن أمية الضمري لو قد دخلت على النجاشي وسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبا بصديقي أهديت إلي من بلادك شيئا قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت إليك أدما كثيرا قال ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه ثم قلت له أيها الملك إني قد رأيت رجلا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فإنه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا قال فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره فلو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت له أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه قال أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله قال قلت أيها الملك أكذاك هو قال ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده قال قلت أفتبايعني له على الإسلام قال نعم فبسط يده فبايعته على الإسلام ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي إسلامي ثم خرجت عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين يا أبا سليمان § قال والله لقد استقام المنسم وإن الرجل لنبي أذهب والله فأسلم فحتى متى قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم قال فقد منا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي ولا أذكر ما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما كان قبله وإن الهجرة تجب ما كان قبلها قال فبايعته ثم انصرفت.
أخبرنا الحسين بن علي أنا أحمد بن محمد بن الحسين ثنا عمرو بن زرارة ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس عن حبيب بن أبي أوس حدثني عمرو بن العاص من فيه قال خرجت عامدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين تريد يا أبا سليمان فقال والله لقد استقام الميسم وإن الرجل لنبي أذهب فأسلم فحتى متى قال فقدمنا المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فبايعت وانصرفت.
إسلام ابن طلحة *
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال كان إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة عند النجاشي فقدموا إلى المدينة في صفر سنة ثمان من الهجرة.
شعر للسهمي في إسلام ابن طلحة وخالد *
قال ابن إسحاق فقال ابن الزبعرى السهمي أنشد عثمان بن طلحة حلفنا وملقى نعال القوم عند المقبل وما عقد الآباء من كل حلفه وما خالد من مثلها بمحلل أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي وما يبتغى من مجد بيت مؤثل فلا تأمنن خالدا بعد هذه وعثمان جاء بالدهيم المعضل § وكان فتح بني قريظة في ذي القعدة وصدر ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون.
غزوة بني لحيان *
قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ذا الحجة والمحرم وصفرا وشهري ربيع وخرج في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من فتح قريظة إلى بني لحيان يطلب بأصحاب الرجيع خبيب بن عدي وأصحابه وأظهر أنه يريد الشام ليصيب من القوم غرة فخرج من المدينة صلى الله عليه وسلم.
طريقه إليهم ثم رجوعه عنهم *
قال ابن إسحاق فسلك على غراب جبل بناحية المدينة على طريقه إلى الشام ثم على محيص ثم على البتراء ثم صفق ذات اليسار فخرج على بين ثم على صخيرات اليمام ثم استقام به الطريق على المحجة من طريق مكة فأغذ السير § سريعا حتى نزل على غران وهي منازل بني لحيان وغران واد بين أمج وعسفان إلى بلد يقال له ساية فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخطأه من غرتهم ما أراد قال لو أنا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة أنا قد جئنا مكة فخرج في مائتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم ثم كر وراح رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا فكان جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين وجه راجعا آئبون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون أعوذ بالله من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال والحديث في غزوة بني لحيان عن عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن كعب بن مالك فقال كعب بن مالك في غزوة بني لحيان لو أن بني لحيان كانوا تناظروا لقوا عصبا في دارهم ذات مصدق لقوا سرعانا يملأ السرب روعه أمام طحون كالمجرة فيلق § ولكنهم كانوا وبارا تتبعت شعاب حجاز غير ذي متنفق ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فلم يقم بها إلا ليالي قلائل حتى أغار عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري في خيل من غطفان على لقاح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالغابة وفيها رجل من بني غفار وامرأة له فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح.
غزوة ذي قرد
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومن لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك كل قد حدث في غزوة ذي قرد بعض الحديث أنه كان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله معه فرس له يقوده حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم فأشرف في ناحية سلع نم صرخ وا صباحاه ثم خرج يشتد في آثار القوم وكان مثل السبع حتى لحق بالقوم فجعل يردهم بالنبل ويقول إذا رمى خذها وأنا § ابن الأكوع اليوم يوم الرضع فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا ثم عارضهم فإذا أمكنه الرمي رمى ثم قال خذها وأنا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع قال فيقول قائلهم أويكعنا هو أول النهار قال وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح ابن الأكوع فصرخ بالمدينة الفزع الفزع فترامت الخيول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أول من انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرسان المقداد ابن عمرو وهو الذي يقال له المقداد بن الأسود حليف بني زهرة ثم كان أول فارس وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد المقداد من الأنصار عباد بن بشر بن وقش بن زغبة بن زعوراء أحد بني عبد الأشهل وسعد ابن زيد أحد بني كعب بن عبد الأشهل وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة ابن الحارث يشك فيه وعكاشة بن محصن أخو بني أسد بن خزيمة ومحرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة وأبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة وأبو عياش وهو عبيد بن زيد بن الصامت أخو بني زريق فلما اجتمعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليهم سعد بن زيد فيما بلغني ثم قال اخرج في طلب القوم حتى ألحقك في الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن رجال من بني زريق لأبي عياش يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلا هو أفرس منك فلحق بالقوم قال أبو عياش فقلت يا رسول الله أنا أفرس الناس ثم ضربت الفرس فو الله ما جرى بي خمسين ذراعا حتى طرحني فعجبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أعطيته أفرس منك وأنا أقول أنا أفرس الناس فزعم رجال من بني زريق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص أو عائذ بن ماعص بن قيس بن خلدة وكان ثامنا وبعض § الناس يعد سلمة بن عمرو بن الأكوع أحد الثمانية ويطرح أسيد بن ظهير أخا بني حارثة والله أعلم أي ذلك كان ولم يكن سلمة يومئذ فارسا وقد كان أول من لحق بالقوم على رجليه فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا.
سبق محرز إلى القوم ومقتله *
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة أخو بني أسد بن خزيمة وكان يقال لمحرز الأخرم ويقال له قمير وأن الفزع لما كان جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط حين سمع صاهلة الخيل وكان فرسا صنيعا جاما فقال نساء من نساء بني عبد الأشهل حين رأين الفرس يجول في الحائط بجذع نخل هو مربوط فيه يا قمير هل لك في أن تركب هذا الفرس فإنه كما ترى ثم تلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين قال نعم فأعطينه إياه فخرج عليه فلم يلبث أن بذ الخيل بجمامه حتى أدرك القوم فوقف لهم بين أيديهم ثم قال قفوا يا معشر بني اللكيعة حتى يلحق بكم من وراءكم من أدباركم من المهاجرين والأنصار قال وحمل عليه رجل منهم فقتله وجال الفرس فلم يقدر عليه حتى وقف على آريه من بني عبد الأشهل فلم يقتل من المسلمين غيره.
أسماء أفراس المسلمين *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض من لا أتهم عن عبد الله بن كعب بن مالك أن مجززا إنما كان على فرس لعكاشة بن محصن يقال له الجناح فقتل مجزز واستلبت الجناح ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة حبيب ابن عيينة بن حصن وغشاه برده ثم لحق بالناس وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين.
قال ابن إسحاق فإذا حبيب مسجى ببرد أبي قتادة فاسترجع الناس وقالوا قتل أبو قتادة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بأبي قتادة ولكنه قتيل لأبي قتادة وضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه وأدرك عكاشة بن محصن أوبارا وابنه عمرو بن أوبار وهما على بعير § واحد فانتظمها بالرمح فقتلهما جميعا واستنقذوا بعض اللقاح وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بالجبل من ذي قرد وتلاحق به الناس فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم به وأقام عليه يوما وليلة وقال له سلمة بن الأكوع يا رسول الله لو سرحتنى في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني إنهم الآن ليغبقون في غطفان فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه في كل مائة رجل جزورا وأقاموا عليها ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم قافلا حتى قدم المدينة وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة من إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدمت عليه فأخبرته الخبر فلما فرغت قالت يا رسول الله إني قد نذرت لله أن أنحرها إن نجاني الله عليها قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها ونجاك بها ثم تنحرينها إنه لا نذر في معصية الله ولا فيما لا تملكين إنما هي ناقة من إبلي فارجعي إلى أهلك على بركة الله والحديث عن امرأة الغفاري وما قالت وما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي الزبير المكي عن الحسن بن أبي الحسن البصري وكان مما قيل من الشعر في يوم ذي قرد قول حسان بن ثابت لولا الذي لاقت ومس نسورها بجنوب ساية أمس في التقواد § للقينكم يحملن كل مدجج حامي الحقيقة ماجد الأجداد ولسر أولاد اللقيطة أننا سلم غداة فوارس المقداد كنا ثمانية وكانوا جحفلا لجبا فشكوا بالرماح بداد كنا من القوم الذين يلونهم ويقدمون عنان كل جواد كلا ورب الراقصات إلى منى يقطعن عرض مخارم الأطواد حتى نبيل الخيل في عرصاتكم ونئوب بالملكات والأولاد رهوا بكل مقلص وطمرة في كل معترك عطفن ووادى أفنى دوابرها ولاح متونها يوم تقاد به ويوم طراد فكذاك إن جيادنا ملبونة والحرب مشعلة بريح غواد وسيوفنا بيض الحدائد تجتلي جنن الحديد وهامة المرتاد أخذ الإله عليهم لحرامه ولعزة الرحمن بالأسداد كانوا بدار ناعمين فبدلوا أيام ذي قرد وجوه عباد.
وقال حسان بن ثابت في يوم ذي قرد أظن عيينة إذ زارها بأن سوف يهدم فيها قصورا فأكذبت ما كنت صدقته وقلتم سنغنم أمرا كبيرا فعفت المدينة إذ زرتها وآنست للأسد فيها زئيرا فولوا سراعا كشد النعام ولم يكشفوا عن ملط حصيرا أمير علينا رسول المليك أحبب بذاك إلينا أميرا رسول نصدق ما جاءه ويتلو كتابا مضيئا منيرا وقال كعب بن مالك في يوم ذي قرد للفوارس أتحسب أولاد اللقيطة أننا على الخيل لسنا مثلهم في الفوارس وإنا أناس لا نرى القتل سبة ولا ننثني عند الرماح المداعس § وإنا لنقري الضيف من قمع الذرا ونضرب رأس الأبلخ المتشاوس نرد كماة المعلمين إذا انتخوا بضرب يسلي نخوة المتقاعس بكل فتى حامي الحقيقة ماجد كريم كسرحان الغضاة مخالس يذودون عن أحسابهم وتلادهم ببيض تقد الهام تحت القوانس فسائل بني بدر إذا ما لقيتهم بما فعل الإخوان يوم التمارس إذا ما خرجتم فاصدقوا من لقيتم ولا تكتموا أخباركم في المجالس وقولوا زللنا عن مخالب خادر به وحر في الصدر ما لم يمارس.
قال ابن إسحاق وقال شداد بن عارض الجشمي في يوم ذي قرد لعيينة ابن حصن وكان عيينة بن حصن يكنى بأبي مالك فهلا كررت أبا مالك وخيلك مدبرة تقتل ذكرت الإياب إلى عسجر وهيهات قد بعد المقفل وطمنت نفسك ذا ميعة مسح الفضاء إذا يرسل § إذا قبضته إليك الشمال جاش كما اضطرم المرجل فلما عرفتم عباد الإله لم ينظر الآخر الأول عرفتم فوارس قد عودوا طراد الكماة إذا أسهلوا إذا طردوا الخيل تشقى بهم فضاحا وإن يطردوا ينزلوا فيعتصموا في سواء المقام بالبيض أخلصها الصيقل.
غزوة بني المصطلق *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة ورجبا ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست.
سبب غزو الرسول لهم *
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ومحمد بن يحيى بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية بنت الحارث زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم خرج إليهم حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل فتزاحف الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناءهم ونساءهم وأموالهم فأفاءهم عليه وقد أصيب رجل من المسلمين من بني كلب بن عوف بن عامر بن ليث ابن بكر يقال له هشام بن صبابة أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة ابن الصامت وهو يرى أنه من العدو فقتله خطأ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك الماء وردت واردة الناس ومع عمر بن الخطاب أجير له من بني غفار يقال له جهجاه بن مسعود يقود فرسه فازدحم جهجاه وسنان بن وبر الجهني حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتلا فصرخ الجهني يا معشر الأنصار وصرخ جهجاه يا معشر المهاجرين فغضب عبد الله بن أبي بن سلول وعنده رهط من § قومه فيهم زيد بن أرقم غلام حدث فقال أوقد فعلوها قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول سمن كلبك يأكلك أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ثم أقبل على من حضره من قومه فقال لهم هذا ما فعلتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم وقاسمتموهم أموالكم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم فسمع ذلك زيد بن أرقم فمشى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك عند فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدوه فأخبره الخبر وعنده عمر بن الخطاب فقال مر به عباد بن بشر فليقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه لا ولكن أذن بالرحيل وذلك في ساعة لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتحل فيها فارتحل الناس وقد مشى عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه فحلف بالله ما قلت ما قال ولا تكلمت به وكان في قومه شريفا عظيما فقال من حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار من أصحابه يا رسول الله عسى أن يكون الغلام قد أوهم في حديثه ولم يحفظ ما قال الرجل حدبا على ابن أبي بن سلول ودفعا عنه.
الرسول وأسيد ومقالة ابن أبي *
قال ابن إسحاق فلما استقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار لقيه أسيد بن حضير فحياه بتحية النبوة وسلم عليه ثم قال يا نبي الله والله لقد رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح في مثلها فقال له رسول الله § صلى الله عليه وسلم أو ما بلغك ما قال صاحبكم قال وأي صاحب يا رسول الله قال عبد الله بن أبي قال وما قال قال زعم أنه إن رجع إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال فأنت يا رسول الله والله تخرجه منها إن شئت هو والله الذليل وأنت العزيز ثم قال يا رسول الله ارفق به فو الله لقد جاءنا الله بك وإن قومه لينظمون له الخرز ليتوجوه فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكا ثم مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى وليلتهم حتى أصبح وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس ثم نزل بالناس فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض فوقعوا نياما وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشغل الناس عن الحديث الذي كان بالأمس من حديث عبد الله ابن أبي ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فويق النقيع يقال له بقعاء فلما راح رسول الله صلى الله عليه وسلم هبت على الناس ريح شديدة آذتهم وتخوفوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تخافوها فإنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع وكان عظيما من عظماء يهود وكهفا للمنافقين مات في ذلك اليوم ونزلت السورة التي ذكر الله فيها المنافقين في ابن أبي ومن كان على مثل أمره فلما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن زيد بن أرقم ثم قال هذا الذي أوفى الله بأذنه وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي الذي كان من أمر أبيه.
طلب ابن عبد الله بن أبي أن يتولى هو قتل أبيه وعفو الرسول *
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد الله أتى رسول الله § صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فو الله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا وجعل بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنفونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم كيف ترى يا عمر أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له آنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته قال قال عمر قد والله علمت لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.
مقيس بن صبابة وحيلته في الأخذ بثأر أخيه وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق وقدم مقيس بن صبابة من مكة مسلما فيما يظهر فقال يا رسول الله جئتك مسلما وجئتك أطلب دية أخي قتل خطأ فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بدية أخيه هشام بن صبابة فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم غير كثير ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ثم خرج إلى مكة مرتدا فقال في شعر يقوله شفى النفس أن قد مات بالقاع مسندا تضرج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النفس من قبل قتله تلم فتحميني وطاء المضاجع حللت به وترى وأدركت تؤرتى وكنت إلى الأوثان أول راجع § ثأرت به فهرا وحملت عقله سراة بني النجار أرباب فارع وقال مقيس بن صبابة أيضا جللته ضربة باءت لها وشل من ناقع الجوف يعلوه وينصرم فقلت والموت تغشاه أسرته لا تأمنن بني بكر إذا ظلموا.
قتلى بني المصطلق *
قال ابن إسحاق وأصيب من بني المصطلق يومئذ ناس وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين مالكا وابنه وقتل عبد الرحمن بن عوف رجلا من فرسانهم يقال له أحمر أو أحيمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب منهم سبيا كثيرا فشا قسمه في المسلمين وكان فيمن أصيب يومئذ من السبايا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها قالت عائشة فو الله ما هو § إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها صلى الله عليه وسلم ما رأيت فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي قال فهل لك في خير من ذلك قالت وما هو يا رسول الله قال أقضي عنك كتابتك وأتزوجك قالت نعم يا رسول الله قال قد فعلت قالت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار فقال الناس أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسلوا ما بأيديهم قالت فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها.
الوليد بن عقبة وبنو المصطلق وما نزل في ذلك من القرآن *
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط فلما سمعوا به ركبوا إليه فلما سمع بهم هابهم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن القوم قد هموا بقتله ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى هم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يغزوهم فبينا هم على ذلك قدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فانشمر راجعا فبلغنا أنه زعم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خرجنا إليه لنقتله وو الله ما جئنا لذلك فأنزل الله تعالى فيه وفيهم يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم إلى آخر الآية وقد أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك كما حدثني من لا أتهم عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حتى إذا كان قريبا من المدينة وكانت معه عائشة في سفره ذلك قال فيها أهل الإفك ما قالوا.
خبر الإفك في غزوة بني المصطلق سنة ست *
قال ابن إسحاق حدثنا الزهري عن علقمة بن وقاص وعن سعيد بن جبير وعن عروة بن الزبير وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال كل قد حدثني بعض هذا الحديث وبعض القوم كان أوعى له من بعض وقد جمعت لك الذي حدثني القوم.
شأن الرسول مع نسائه في سفره *
قال محمد بن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة عن نفسها حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا فكل قد دخل في حديثها عن هؤلاء جميعا يحدث بعضهم ما لم يحدث صاحبه وكل كان عنها ثقة فكلهم حدث عنها ما سمع قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع فخرج سهمي عليهن معه فخرج بي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وكان النساء إذ ذاك إنما يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن وكنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ثم يأتي القوم الذين يرحلون لي ويحملونني فيأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير فيشدونه بحباله ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به قالت فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة § نزل منزلا فبات به بعض الليل ثم أذن في الناس بالرحيل فارتحل الناس وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده وقد أخذ الناس في الرحيل فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى وجدته وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد فرغوا من رحلته فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع فاحتملوه فشدوه على البعير ولم يشكوا أني فيه ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به فرجعت إلى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب قد انطلق الناس قالت فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني وعرفت أن لو قد افتقدت لرجع إلي قالت فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته فلم يبت مع الناس فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب فلما رآني قال إنا لله وإنا إليه راجعون ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متلففة في ثيابي قال ما خلفك يرحمك الله قالت فما كلمته ثم قرب البعير فقال اركبي واستأخر عني قالت فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتى أصبحت ونزل الناس فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الإفك ما قالوا فارتعج العسكر وو الله ما أعلم بشيء من ذلك ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة ولا يبلغني من ذلك § شيء وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي لا يذكرون لي منه قليلا ولا كثيرا إلا أتى قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف بي فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك فأنكرت ذلك منه كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني.
انتقالها إلى بيت أبيها وعلمها بما قيل فيها *
قال ابن إسحاق قالت حتى وجدت في نفسي فقلت يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لي لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني قال لا عليك قالت فانتقلت إلى أمي ولا علم لي بشيء مما كان حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة وكنا قوما عربا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم نعافها ونكرهها إنما كنا نذهب في فسح المدينة وإنما كانت النساء يخرجن كل ليلة في حوائجهن فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وكانت أمها بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم خالة أبي بكر الصديق رضي الله عنه قالت فو الله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها فقالت تعس مسطح ومسطح لقب واسمه عوف قالت قلت بئس لعمر الله ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر قالت قلت وما الخبر فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك قالت قلت أوقد كان هذا قالت نعم والله لقد كان قالت فو الله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت فو الله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي قالت وقلت لأمي يغفر الله لك تحدث الناس بما تحدثوا به ولا تذكرين لي من ذلك شيئا قالت أي بنية خفضي § عليك الشأن فو الله لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن وكثر الناس عليها قالت وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس يخطبهم ولا أعلم بذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق والله ما علمت منهم إلا خيرا ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا وما يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي قالت وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي بن سلول في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش وذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تكن من نسائه امرأة تناصيني في المنزلة عنده غيرها فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها فلم تقل إلا خيرا وأما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادني لأختها فشقيت بذلك فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفكهم وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك فو الله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم قالت فقام سعد ابن عبادة وكان قبل ذلك يرى رجلا صالحا فقال كذبت لعمر الله لا نضرب أعناقهم أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ولو كانوا من قومك ما قلت هذا فقال أسيد كذبت لعمر الله ولكنك منافق تجادل عن المنافقين قالت وتساور الناس حتى كاد يكون بين هذين § الحيين من الأوس والخزرج شر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي قالت فدعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وأسامة بن زيد فاستشارهما فأما أسامة فأثنى علي خيرا وقاله ثم قال يا رسول الله أهلك ولا نعلم منهم إلا خيرا وهذا الكذب والباطل وأما علي فإنه قال يا رسول الله إن النساء لكثير وإنك لقادر على أن تستخلف وسل الجارية فإنها ستصدقك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة ليسألها قالت فقام إليها علي بن أبي طالب فضربها ضربا شديدا ويقول اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فتقول والله ما أعلم إلا خيرا وما كنت أعيب على عائشة شيئا إلا أني كنت أعجن عجيني فآمرها أن تحفظه فتنام عنه فتأتي الشاة فتأكله قالت ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي أبواي وعندي امرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي معي فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا عائشة إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس فاتقي الله وإن كنت قد قارفت سوءا مما يقول الناس فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده قالت فو الله ما هو إلا أن قال لي ذلك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا وانتظرت أبوي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما قالت وايم الله لأنا كنت أحقر في نفسي وأصغر شأنا من أن ينزل الله في قرآنا يقرأ به في المساجد ويصلى به ولكني قد كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نومه شيئا يكذب به الله عني لما يعلم من براءتي أو يخبر خبرا فأما قرآن ينزل فى فو الله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك قالت فلما لم أر أبوي يتكلمان قالت قلت لهما ألا تجيبان رسول الله صلى الله عليه وسلم § قالت فقالا والله ما ندري بماذا نجيبه قالت وو الله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام قالت فلما أن استعجما علي استعبرت فبكيت ثم قلت والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس والله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ولئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني قالت ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره فقلت ولكن سأقول كما قال أبو يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون قالت فو الله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه فسجي بثوبه ووضعت له وسادة من أدم تحت رأسه فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت فو الله ما فزعت ولا باليت قد عرفت أني بريئة وأن الله عز وجل غير ظالمي وأما أبواي فو الذي نفس عائشة بيده ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس قالت ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدر منه مثل الجمان في يوم شات فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول أبشري يا عائشة فقد أنزل الله براءتك قالت قلت بحمد الله ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ما أنزل الله عليه من القرآن في ذلك ثم أمر بمسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدهم.
أبو أيوب وذكره طهر عائشة لزوجه *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار عن بعض رجال بني النجار أن أبا أيوب خالد بن زيد قالت له امرأته أم أيوب يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة قال بلى وذلك الكذب أكنت يا أم أيوب فاعلة قالت لا والله ما كنت لأفعله قال فعائشة والله خير منك قالت فلما نزل القرآن بذكر من قال من أهل الفاحشة ما قال من أهل الإفك § فقال تعالى إن الذين جاؤ بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وذلك حسان بن ثابت وأصحابه الذين قالوا ما قالوا.
ثم قال تعالى لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا أي فقالوا كما قال أبو أيوب وصاحبته ثم قال إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم فلما نزل هذا في عائشة وفيمن قال لها ما قال قال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته وحاجته والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا ولا أنفعه بنفع أبدا بعد الذي قال لعائشة وأدخل علينا قالت فأنزل الله في ذلك ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم .
قال ابن إسحاق قالت فقال أبو بكر بلى والله إني لأحب أن يغفر الله لي فرجع إلى مسطح نفقته التي كان ينفق عليه وقال والله لا أنزعها منه أبدا.
هم ابن المعطل بقتل حسان *
قال ابن إسحاق ثم إن صفوان بن المعطل اعترض حسان بن ثابت بالسيف حين بلغه ما كان يقول فيه وقد كان حسان قال شعرا مع ذلك يعرض بابن المعطل فيه وبمن أسلم من العرب من مضر فقال أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا وابن الفريعة أمسى بيضة البلد قد ثكلت أمه من كنت صاحبه أو كان منتشبا في برثن الأسد ما لقتيلي الذي أغدو فآخذه من دية فيه يعطاها ولا قود § ما البحر حين تهب الريح شامية فيغطئل ويرمي العبر بالزبد يوما بأغلب مني حين تبصرني ملغيظ أفري كفري العارض البرد أما قريش فإني لن أسالمهم حتى ينيبوا من الغيات للرشد ويتركوا اللات والعزى بمعزلة ويسجدوا كلهم للواحد الصمد ويشهدوا أن ما قال الرسول لهم حق ويوفوا بعهد الله والوكد فاعترضه صفوان بن المعطل فضربه بالسيف ثم قال كما حدثني يعقوب بن عتبة تلق ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هو جيت لست بشاعر.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن ثابت بن ليس بن الشماس وثب على صفوان بن المعطل حين ضرب حسان فجمع يديه إلى عنقه بحبل ثم انطلق به إلى دار بني الحارث بن الخزرج فلقيه عبد الله ابن رواحة فقال ما هذا قال أما أعجبك ضرب حسان بالسيف والله ما أراه إلا قد قتله قال له عبد الله بن رواحة هل علم رسول الله صلى الله عليه سلم بشيء مما صنعت قال لا والله قال لقد اجترأت أطلق الرجل فأطلقه ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا ذلك له فدعا حسان وصفوان بن المعطل فقال ابن المعطل يا رسول الله آذاني وهجاني فاحتملني الغضب فضربته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان أحسن يا حسان أتشوهت على قومي أن هداهم الله للإسلام ثم قال أحسن يا حسان في الذي أصابك قال هي لك يا رسول الله.
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه عوضا منها بيرحاء وهي قصر بني حديلة اليوم بالمدينة وكانت مالا لأبي طلحة بن سهل تصدق بها على آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان في ضربته وأعطاه سيرين أمة قبطية فولدت له عبد الرحمن بن حسان قالت وكانت عائشة تقول لقد سئل عن ابن المعطل فوجدوه رجلا حصورا ما يأتي النساء ثم قتل بعد ذلك شهيدا قال حسان بن ثابت يعتذر من الذي كان قال في شأن عائشة رضي الله عنها حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافل عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدهم غير زائل مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل سوء وباطل فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم فلا رفعت سوطي إلي أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل له رتب عال على الناس كلهم تقاصر عنه سورة المتطاول فإن الذي قد قيل ليس بلائط ولكنه قول امرئ بي ماحل.
شعر في هجاء حسان ومسطح *
لقد ذاق حسان الذي كان أهله %~% وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح تعاطوا برجم الغيب زوج نبيهم وسخطة ذي العرش الكريم فأترحوا وآذوا رسول الله فيها فجللوا مخازي تبقى عمموها وفضحوا وصبت عليهم محصدات كأنها شآبيب قطر من ذرا المزن تسفح.
أمر الحديبية في آخر سنة ست وذكر بيعة الرضوان والصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سهيل بن عمرو *
قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا وخرج في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا.
استنفار الرسول الناس *
قال ابن إسحاق واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه وهو يخشى من قريش الذي صنعوا أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من الأعراب وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له.
عدة الرجال *
قال ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه § الهدي سبعين بدنة وكان الناس سبع مائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة نفر وكان جابر بن عبد الله فيما بلغني يقول كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة قال الزهري وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي.
فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فو الله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ثم قال من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها.
تجنب الرسول لقاء قريش *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رجلا من أسلم قال أنا يا رسول الله قال فسلك بهم طريقا وعرا أجرل بين شعاب فلما خرجوا منه وقد شق ذلك على المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي § قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس قولوا نستغفر الله ونتوب إليه فقالوا ذلك فقال والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها قال ابن شهاب فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمش في طريق تخرجه على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة قال فسلك الجيش ذلك الطريق فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم رجعوا راكضين إلى قريش وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا سلك في ثنية المرار بركت ناقته فقالت الناس خلأت الناقة قال ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ثم قال للناس انزلوا قيل له يا رسول الله ما بالوادي ماء ننزل عليه فأخرج سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب فغرزه في جوفه فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن.
الذي نزل بسهم الرسول في طلب الماء *
قال ابن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر ابن دارم بن عمرو بن وائلة بن سهم بن مازن بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن أبي حارثة وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وقد زعم لي بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول أنا الذي نزلت بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله أعلم أي ذلك كان وقد أنشدت أسلم أبياتا من شعر قالها ناجية قد ظننا أنه هو الذي نزل بالسهم فزعمت أسلم أن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها وناجية في القليب يميح على الناس فقالت يا أيها المائح دلوى دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا يثنون خيرا ويمجدونكا.
قال ابن إسحاق فقال ناجية وهو في القليب يميح على الناس قد علمت جارية يمانيه أني أنا المائح واسمي ناجيه وطعنة ذات رشاش واهيه طعنتها عند صدور العاديه فقال الزهري في حديثه فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل ابن ورقاء الخزاعي في رجال من خزاعة فكلموه وسألوه ما الذي جاء به فأخبرهم أنه لم يأت يريد حربا وإنما جاء زائرا للبيت ومعظما لحرمته ثم قال لهم نحوا مما قال لبشر بن سفيان فرجعوا إلى قريش فقالوا يا معشر قريش إنكم تعجلون على محمد إن محمدا لم يأت لقتال وإنما جاء زائرا هذا البيت فاتهموهم وجبهوهم وقالوا وإن كان جاء ولا يريد قتالا فو الله لا يدخلها علينا عنوة أبدا ولا تحدث بذلك عنا العرب § قال الزهري وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمها ومشركها لا يخفون عنه شيئا كان بمكة قال ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف أخا بني عامر بن لؤي فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال هذا رجل غادر فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا مما قال لبديل وأصحابه فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان وكان يومئذ سيد الأحابيش وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاما لما رأى فقال لهم ذلك قال فقالوا له اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن الحليس غضب عند ذلك وقال يا معشر قريش والله ما على هذا حالفناكم ولا على هذا عاقدناكم أيصد عن بيت الله من جاء معظما له والذي نفس الحليس بيده لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد قال فقالوا له مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به § قال الزهري في حديثه ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي فقال يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ وقد عرفتم أنكم والد وإني ولد وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس وقد سمعت بالذي نابكم فجمعت من أطاعني من قومي ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي قالوا صدقت ما أنت عندنا بمتهم فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس بين يديه ثم قال يا محمد أجمعت أو شاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبدا وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غدا قال وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال امصص بظر اللات أنحن ننكشف عنه قال من هذا يا محمد قال هذا ابن أبي قحافة قال أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ولكن هذه بها قال ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه قال والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد قال فجعل يقرع يده إذا تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك قال فيقول عروة ويحك ما أفظك وأغلظك قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عروة من هذا يا محمد قال هذا ابن أخيك المغيرة ابن شعبة قال أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس.
قال ابن إسحاق قال الزهري فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو مما كلم به أصحابه وأخبره أنه لم يأت يريد حربا فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ولا يبصق بصاقا إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه فرجع إلى قريش فقال يا معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه وإني والله ما رأيت ملكا في قوم قط مثل محمد في أصحابه ولقد رأيت قوما لا يسلمونه لشيء أبدا فروا رأيكم.
خراش رسول الرسول إلى قريش *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي فبعثه إلى قريش بمكة وحمله على بعير له يقال له الثعلب ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله فمنعته الأحابيش فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
النفر القرشيون الذين أرسلتهم قريش للعدوان ثم عفا عنهم الرسول *
قال ابن إسحاق وقد حدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس أن قريشا كانوا بعثوا أربعين رجلا منهم أو خمسين رجلا وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصيبوا لهم من أصحابه أحدا فأخذوا أخذا فأتي بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنهم وخلى سبيلهم وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل § ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له فقال يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني وقد عرفت قريش عداوتي إياها وغلظتي عليها ولكني أدلك على رجل أعز بها مني عثمان بن عفان فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وإنه إنما جاء زائرا لهذا البيت ومعظما لحرمته.
إشاعة مقتل عثمان *
قال ابن إسحاق فخرج عثمان إلى مكة فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل أن يدخلها فحمله بين يديه ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم إن شئت أن تطوف بالبيت فطف فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتبسته قريش عندها فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل.
بيعة الرضوان *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز القوم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر § فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إلا الجد بن قيس أخو بني سلمة فكان جابر بن عبد الله يقول والله لكأني أنظر إليه لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها يستتر بها من الناس ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل.
أمر الهدنة *
قال ابن إسحاق قال الزهري ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو أخا بني عامر ابن لؤي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له ائت محمدا فصالحه ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا فو الله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبدا فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام وتراجعا ثم جرى بينهما الصلح فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب فأتى أبا بكر § فقال يا أبا بكر أليس برسول الله قال بلى قال أو لسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى الدنية في ديننا قال أبو بكر يا عمر الزم غرزه فأني أشهد أنه رسول الله قال عمر وأنا أشهد أنه رسول الله ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألست برسول الله قال بلى قال أو لسنا بالمسلمين قال بلى قال أو ليسوا بالمشركين قال بلى قال فعلام نعطى الدنية في ديننا قال أنا عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن يضيعني قال فكان عمر يقول ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيرا قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال فقال سهيل لا أعرف هذا ولكن اكتب باسمك اللهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم فكتبها ثم قال اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو قال فقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريشا ممن مع محمد لم يردوه عليه وإن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال وأنه من § أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه فتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عقد محمد وعهده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامك هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثا معك سلاح الراكب السيوف في القرب لا تدخلها بغيرها فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه وأخذ بتلبيبه ثم قال يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا قال صدقت فجعل ينتره بتلبيبه ويجره ليرده إلى قريش وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني فزاد ذلك الناس إلى ما بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهد الله وإنا لا نغدر بهم قال فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ويقول اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب قال ويدني قائم السيف منه قال يقول عمر § رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب أشهد على الصلح رجالا من المسلمين ورجالا من المشركين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن سهيل بن عمرو وسعد بن أبي وقاص ومحمود بن مسلمة ومكرز بن حفص وهو يومئذ مشرك وعلي بن أبي طالب وكتب وكان هو كاتب الصحيفة.
نحر الرسول وحلق فاقتدى به الناس *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطربا في الحل وكان يصلي في الحرم فلما فرغ من الصلح قدم إلى هديه فنحره ثم جلس فحلق رأسه وكان الذي حلقه فيما بلغني في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون.
دعوة الرسول للمحلقين ثم للمقصرين *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال حلق رجال يوم الحديبية وقصر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال يرحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين فقالوا يا رسول الله فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين قال لم يشكوا § وقال عبد الله بن أبي نجيح حدثني مجاهد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة يغيظ بذلك المشركين قال الزهري في حديثه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلا حتى إذا كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ثم كانت القصة فيه وفي أصحابه حتى انتهى إلى ذكر البيعة فقال جل ثناؤه إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب ثم قال حين استفزهم للخروج معه فأبطئوا عليه سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ثم القصة عن خبرهم حتى انتهى إلى قوله سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم أولي البأس الشديد.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن الزهري أنه قال أولو البأس الشديد حنيفة مع الكذاب ثم قال تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء قديرا ثم ذكر محبسه وكفه إياه عن القتال بعد الظفر منه بهم يعني النفر الذين أصاب منهم وكفهم عنه ثم قال تعالى وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا G ثم قال تعالى هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله .
قال ابن إسحاق ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم والمعرة الغرم أي أن تصيبوا منهم معرة بغير علم فتخرجوا ديته فإما إثم فلم يخشه عليهم.
قال ابن إسحاق ثم قال تبارك وتعالى إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية يعني سهيل بن عمرو حين حمي أن يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأن محمدا رسول الله ثم قال تعالى فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها أي التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم قال تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا أي لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رأى أنه سيدخل مكة آمنا لا يخاف يقول محلقين رءوسكم ومقصرين معه لا تخافون فعلم من ذلك ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا صلح الحديبية يقول الزهري فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه إنما كان القتال حيث التقى الناس فلما كانت الهدنة ووضعت الحرب وآمن الناس بعضهم بعضا والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئا إلا دخل فيه ولقد دخل في تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر.
ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد الصلح *
قال ابن إسحاق فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية وكان ممن حبس بمكة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثا رجلا من بني عامر بن لؤي ومعه مولى لهم فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ولا يصلح لنا في ديننا الغدر وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق إلى قومك قال يا رسول الله أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني قال يا أبا بصير انطلق فإن الله تعالى سيجعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا فانطلق معهما حتى إذا كان بذي الحليفة جلس إلى جدار وجلس معه صاحباه فقال أبو بصير أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر فقال نعم قال أنظر إليه قال انظر إن شئت قال فاستله أبو بصير ثم علاه به حتى قتله وخرج المولى سريعا حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعا قال إن هذا الرجل قد رأى فزعا فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك مالك قال قتل صاحبكم صاحبي فو الله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحا بالسيف حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله وفت ذمتك وأدى الله عنك أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن § فيه أو يعبث بي قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص من ناحية ذي المروة على ساحل البحر بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلا وكانوا قد ضيقوا على قريش لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ولا تمر بهم عير إلا اقتطعوها حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم بهم فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدموا عليه المدينة.
أراد سهيل ودي أبي بصير وشعر موهب في ذلك *
قال ابن إسحاق فلما بلغ سهيل بن عمرو قتل أبي بصير صاحبهم العامري أسند ظهره إلى الكعبة ثم قال والله لا أؤخر ظهري عن الكعبة حتى يودي هذا الرجل فقال أبو سفيان بن حرب والله إن هذا لهو السفه والله لا يودى ثلاثا فقال في ذلك موهب بن رياح أبو أنيس حليف بني زهرة.
أتاني عن سهيل ذرء قول %~% فأيقظني وما بي من رقاد فإن تكن العتاب تريد مني فعاتبني فما بك من بعادي § أتوعدني وعبد مناف حولي بمخزوم ألهفا من تعادى فإن تغمز قناتي لا تجدني ضعيف العود في الكرب الشداد أسامي الأكرمين أبا بقومي إذا وطئ الضعيف بهم أرادى هم منعوا الظواهر غير شك إلى حيث البواطن فالعوادي بكل طمرة وبكل نهد سواهم قد طوين من الطراد لهم بالخيف قد علمت معد رواق المجد رفع بالعماد فأجابه عبد الله بن الزبعرى فقال وأمسى موهب كحمار سوء أجاز ببلدة فيها ينادي فإن العبد مثلك لا يناوي سهيلا ضل سعيك من تعادي فأقصر يا بن قين السوء عنه وعد عن المقالة في البلاد ولا تذكر عتاب أبي يزيد فهيهات البحور من الثماد.
أمر المهاجرات بعد الهدنة *
قال ابن إسحاق وهاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في تلك المدة فخرج أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة § حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألانه أن يردها عليهما بالعهد الذي بينه وبين قريش في الحديبية فلم يفعل أبى الله ذلك.
سؤال ابن هنيدة لعروة عن آية المهاجرات ورده عليه *
قال ابن إسحاق فحدثني الزهري عن عروة بن الزبير قال دخلت عليه وهو يكتب كتابا إلى ابن أبى هنيدة صاحب الوليد بن عبد الملك وكتب إليه يسأله عن قول الله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر .
وسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم قال فكتب إليه عروة بن الزبير إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما هاجر النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى الإسلام أبى الله أن يرددن إلى المشركين إذا هن امتحن بمحنة الإسلام فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة في الإسلام وأمر برد صدقاتهن إليهم إن احتبسن عنهم إن هم ردوا على المسلمين صداق من حبسوا عنهم من نسائهم ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء ورد الرجال وسأل الذي § أمره الله به أن يسأل من صدقات نساء من حبسوا منهن وأن يردوا عليهم مثل الذي يردون عليهم إن هم فعلوا ولولا الذي حكم الله به من هذا الحكم لرد رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء كما رد الرجال ولولا الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يردد لهن صداقا وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد.
سؤال ابن إسحاق الزهري عن آية المهاجرات *
قال ابن إسحاق وسألت الزهري عن هذه الآية وقول الله عز وجل فيها وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون فقال يقول إن فات أحدا منكم أهله إلى الكفار ولم تأتكم امرأة تأخذون بها مثل الذي يأخذون منكم فعوضوهم من فيء إن أصبتموه فلما نزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات إلى قول الله عز وجل ولا تمسكوا بعصم الكوافر كان ممن طلق عمر بن الخطاب طلق امرأته قريبة بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان وهما على شركهما بمكة وأم كلثوم بنت جرول أم عبيد الله بن عمر الخزاعية فتزوجها أبو جهم بن حذيفة بن غانم رجل من قومه وهما على شركهما.
ذكر المسير إلى خيبر في المحرم سنة سبع *
قال محمد بن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم وولي تلك الحجة المشركون ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر.
ارتجاز ابن الأكوع ودعاء الرسول له واستشهاده *
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع وكان اسم الأكوع سنان انزل يا بن الأكوع فخذ لنا من هناتك قال فنزل يرتجز برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا إنا إذا قوم بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا § فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله فقال عمر بن الخطاب وجبت والله يا رسول الله لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدا وكان قتله فيما بلغني أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل فكلمه كلما شديدا فمات منه فكان المسلمون قد شكوا فيه وقالوا إنما قتله سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن الأكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأخبره بقول الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لشهيد وصلى عليه فصلى عليه المسلمون.
دعاء الرسول لما أشرف على خيبر *
قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه عن أبي معتب بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم قفوا ثم قال اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها أقدموا بسم الله قال وكان يقولها عليه السلام لكل قرية دخلها.
فرار أهل خيبر لما رأوا الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح فإن سمع أذانا أمسك وإن لم يسمع أذانا أغار فنزلنا خيبر ليلا فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذانا فركب وركبنا معه فركبت خلف أبي طلحة وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقبلنا عمال خيبر غادين قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوا رسول الله § صلى الله عليه وسلم والجيش قالوا محمد والخميس معه فأدبروا هرابا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
منازل الرسول في طريقه إلى خيبر *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبنى له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه حتى نزل بواد يقال له الرجيع فنزل بينهم وبين غطفان ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر جمعوا له ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه حتى إذا ساروا منقلة سمعوا خلفهم في أموالهم وأهليهم حسا ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم فرجعوا على أعقابهم فأقاموا في أهليهم وأموالهم وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال يأخذها مالا مالا ويفتتحها حصنا حصنا فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة § ألقيت عليه منه رحى فقتلته ثم القموص حصن بني أبي الحقيق وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا منهن صفية بنت حيي بن أخطب وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وبنتي عم لها فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه وكان دحية بن خليفة الكلبي قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية فلما أصفاها لنفسه أعطاه ابنتي عمها وفشت السبايا من خيبر في المسلمين وأكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية من حمرها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى الناس عن أمور سماها لهم قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن عبد الله بن أبي سليط عن أبيه قال أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مكحول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن أربع عن إتيان الحبالى من السبايا وعن أكل الحمار الأهلي وعن أكل كل ذي ناب من السباع وعن بيع المغانم حتى تقسم.
قال ابن إسحاق وحدثني سلام بن كركرة عن عمرو بن دينار عن جابر ابن عبد الله الأنصاري ولم يشهد جابر خيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر أذن لهم في أكل لحوم الخيل.
قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني قال غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري المغرب فافتتح قرية من قرى المغرب يقال لها جربة فقام فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فينا يوم خيبر قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبالى من السبايا ولا يحل لامرئ § يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط أنه حدث عن عبادة ابن الصامت قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين وقال ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين وتبر الفضة بالذهب العين.
قال ابن إسحاق ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدثه بعض أسلم أن بني سهم من أسلم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا والله يا رسول الله لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء فلم يجدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يعطيهم إياه فقال اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء وأكثرها طعاما وودكا فغدا الناس ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ وما بخيبر حصن كان أكثر طعاما وودكا منه.
مقتل مرحب اليهودي *
قال ابن إسحاق ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح وحاز من الأموال ما حاز انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحا فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة عن جابر بن عبد الله قال خرج مرحب اليهودي من حصنهم قد جمع سلاحه يرتجز وهو يقول قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب إذا الليوث أقبلت تحرب إن حماي للحمى لا يقرب وهو يقول من يبارز فأجابه كعب بن مالك فقال قد علمت خيبر أني كعب مفرج الغمى جريء صلب إذ شبت الحرب تلتها الحرب معي حسام كالعقيق غضب نطؤكم حتى يذل الصعب نعطي الجزاء أو يفيء النهب بكف ماض ليس فيه عتب.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن سهل عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا قال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول الله أنا والله الموتور الثائر قتل أخي بالأمس فقال فقم إليه § اللهم أعنه عليه قال فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه كلما لاذ بها منه اقتطع صاحبه بسيفه ما دونه منها حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة فضربه فاتقاه بالدرقة فوقع سيفه فيها فعضت به فأمسكته وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله.
مقتل ياسر أخي مرحب *
قال ابن إسحاق ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر وهو يقول من يبارز فزعم هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر فقالت أمه صفية بنت عبد المطلب يقتل ابني يا رسول الله قال بل ابنك يقتله إن شاء الله فخرج الزبير فالتقيا فقتله الزبير.
قال ابن إسحاق فحدثني هشام بن عروة أن الزبير كان إذا قيل له والله إن كان سيفك يومئذ لصارما عضبا قال والله ما كان صارما ولكني أكرهته.
شأن علي يوم خيبر *
قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي عن أبيه سفيان عن سلمة بن عمرو بن الأكوع قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه برايته وكانت بيضاء.
إلى بعض حصون خيبر فقاتل فرجع ولم يك فتح وقد جهد ثم بعث الغد عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يك فتح وقد جهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار قال يقول سلمة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضوان الله عليه وهو أرمد فتفل في عينه ثم قال خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك § قال يقول سلمة فخرج والله بها يأنح يهرول هرولة وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال من أنت قال أنا علي بن أبي طالب قال يقول اليهودي علوتم وما أنزل على موسى أو كما قال قال فما رجع حتى فتح الله على يديه.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن الحسن عن بعض أهله عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرجنا مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطاح ترسه من يده فتناول علي عليه السلام بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ فلقد رأيتني في نفر سبعة معي أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه.
أمر أبي اليسر كعب بن عمرو *
قال ابن إسحاق وحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن بعض رجال بني سلمة عن أبي اليسر كعب بن عمرو قال والله إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ذات عشية إذ أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصنهم ونحن محاصروهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يطعمنا من هذه الغنم قال أبو اليسر فقلت أنا يا رسول الله قال فافعل قال فخرجت أشتد مثل الظليم فلما نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم موليا قال اللهم أمتعنا به قال فأدركت الغنم وقد دخلت أولاها الحصن فأخذت شاتين من أخراها فاحتضنتهما تحت يدي ثم أقبلت بهما أشتد كأنه ليس معي شيء حتى ألقيتهما § عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذبحوهما فأكلوهما فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكا فكان إذا حدث هذا الحديث بكى ثم قال أمتعوا بي لعمري حتى كنت من آخرهم هلكا.
بقية أمر خيبر
قال ابن إسحاق ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم القموص حصن بني أبي الحقيق أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي بن أخطب وبأخرى معها فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود فلما رأتهم التي مع صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعزبوا عني هذه الشيطانة وأمر بصفية فحيزت خلفه وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اصطفاها لنفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال فيما بلغني حين رأى بتلك اليهودية ما رأى أنزعت منك الرحمة يا بلال حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما وكانت صفية قد رأت في المنام وهي عروس بكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق أن قمرا وقع في حجرها فعرضت رؤياها على زوجها فقال ما هذا إلا أنك تمنين ملك الحجاز محمدا فلطم وجهها لطمة خضر عينها منها فأتي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها أثر منه فسألها ما هو فأخبرته هذا الخبر وأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه فجحد أن يكون يعرف مكانه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من يهود فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة § أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك قال نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله عما بقي فأبى أن يؤديه فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام فقال عذبه حتى تستأصل ما عنده فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ثم دفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم وأن يحقن دماءهم ويخلوا له الأموال ففعل وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود أخو بني حارثة فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم وأعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم فصالحه أهل فدك على مثل ذلك فكانت خيبر فيئا بين المسلمين وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مصلية وقد سألت أي عضو من الشاة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها الذراع فأكثرت فيها من السم § ثم سمت سائر الشاة ثم جاءت بها فلما وضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تناول الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما بشر فأساغها وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها ثم قال إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم ثم دعا بها فاعترفت فقال ما حملك على ذلك قال بلغت من قومي ما لم يخف عليك فقلت إن كان ملكا استرحت منه وإن كان نبيا فسيخبر قال فتجاوز عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بشر من أكلته التي أكل.
قال ابن إسحاق وحدثني مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال في مرضه الذي توفي فيه ودخلت أم بشر بنت البراء بن معرور تعوده يا أم بشر إن هذا الأوان وجدت فيه انقطاع أبهري من الأكلة التي أكلت مع أخيك بخيبر قال فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا مع ما أكرمه الله به من النبوة.
رجوع الرسول إلى المدينة *
قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر انصرف إلى وادي القرى فحاصر أهله ليالي ثم انصرف راجعا إلى المدينة.
مقتل غلام رفاعة الذي أهداه للرسول *
قال ابن إسحاق فحدثني ثور بن زيد عن سالم مولى عبد الله بن مطيع عن أبي هريرة قال فلما انصرفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى وادي القرى نزلنا بها أصيلا مع مغرب الشمس ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام له أهداه له رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيني.
قال فو الله إنه ليضع رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتاه سهم غرب فأصابه فقتله فقلنا هنيئا له الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا والذي نفس محمد بيده إن شملته الآن لتحترق عليه في النار كان غلها من فيء المسلمين يوم خيبر قال فسمعها رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال يا رسول الله أصبت شراكين لنعلين لي قال فقال يقد لك مثلهما من النار.
ابن مغفل وجراب شحم أصابه *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مغفل المزني قال أصبت من فيء خيبر جراب شحم فاحتملته على عاتقي إلى رحلي وأصحابي قال فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها فأخذ بناحيته وقال هلم هذا نقسمه بين المسلمين قال قلت لا والله لا أعطيكه قال فجعل يجابذني الجراب قال فرآنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصنع ذلك قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا ثم قال لصاحب المغانم لا أبا لك خل بينه وبينه قال فأرسله فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي فأكلناه.
بناء الرسول بصفية وحراسة أبي أيوب للقبة *
قال ابن إسحاق ولما أعرس رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفية بخيبر أو ببعض الطريق وكانت التي جملتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومشطتها § وأصلحت من أمرها أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك فبات بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له وبات أبو أيوب خالد بن زيد أخو بني النجار متوشحا سيفه يحرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطيف بالقبة حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى مكانه قال مالك يا أبا أيوب قال يا رسول الله خفت عليك من هذه المرأة وكانت امرأة قد قتلت أباها وزوجها وقومها وكانت حديثة عهد بكفر فخفتها عليك فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني.
تطوع بلال للحراسة وغلبة النوم عليه *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن سعيد بن المسيب قال لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر فكان ببعض الطريق قال من آخر الليل من رجل يحفظ علينا الفجر لعلنا ننام قال بلال أنا يا رسول الله أحفظه عليك فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل الناس فناموا وقام بلال يصلي فصلى ما شاء الله عز وجل أن يصلي ثم استند إلى بعيره واستقبل الفجر يرمقه فغلبته عينه فنام فلم يوقظهم إلا مس الشمس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول أصحابه هب فقال ماذا صنعت بنا يا بلال قال يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك قال صدقت ثم اقتاد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيره غير كثير ثم أناخ فتوضأ وتوضأ الناس ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فلما سلم أقبل على الناس فقال إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها فإن الله تبارك وتعالى يقول أقم الصلاة لذكري .
شعر ابن لقيم في فتح خيبر *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني قد أعطى § ابن لقيم العبسي حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة أو داجن وكان فتح خيبر في صفر فقال ابن لقيم العبسي في خيبر رميت نطاة من الرسول بفيلق شهباء ذات مناكب وفقار واستيقنت بالذل لما شيعت ورجال أسلم وسطها وغفار صبحت بني عمرو بن زرعة غدوة والشق أظلم أهله بنهار جرت بأبطحها الذيول فلم تدع إلا الدجاج تصيح في الأسحار ولكل حصن شاغل من خيلهم من عبد أشهل أو بني النجار ومهاجرين قد اعلموا سيماهم فوق المغافر لم ينو الفرار ولقد علمت ليغلبن محمد وليثوين بها إلى أصفار فرت يهود يوم ذلك في الوغى تحت العجاج غمائم الأبصار.
شهود النساء خيبر وحديث المرأة الغفارية *
قال ابن إسحاق وشهد خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء من نساء المسلمين فرضخ لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفيء ولم يضرب لهن بسهم.
قال ابن إسحاق حدثني سليمان بن سحيم عن أمية بن أبي الصلت عن امرأة من بني غفار قد سماها لي قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا وهو يسير إلى خيبر فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا فقال على بركة الله قالت فخرجنا معه وكنت جارية حدثة فأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيبة رحله قالت فو الله لنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح وأناخ ونزلت عن حقيبة رحله وإذا بها دم مني وكانت أول حيضة حضتها قالت فتقبضت إلى الناقة واستحييت فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ورأى الدم قال مالك لعلك نفست قالت قلت نعم قال فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي به ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي لمركبك قالت فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر رضخ لنا من الفيء § وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وعلقها بيده في عنقي فو الله لا تفارقني أبدا قالت فكانت في عنقها حتى ماتت ثم أوصت أن تدفن معها قالت وكانت لا تطهر من حيضة إلا جعلت في طهورها ملحا وأوصت به أن يجعل في غسلها حين ماتت.
قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد بخيبر من المسلمين من قريش ثم من بني أمية بن عبد شمس ثم من حلفائهم ربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمرو بن بكير بن عامر بن غنم بن دودان بن أسد وثقيف بن عمرو ورفاعة ابن مسروح ومن بني أسد بن عبد العزى عبد الله بن الهبيب ويقال ابن الهبيب فيما.
ومن الأنصار ثم من بني سلمة بشر بن البراء بن معرور مات من الشاة التي سم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضيل بن النعمان رجلان ومن بني زريق مسعود بن سعد بن قيس بن خلدة بن عامر بن زريق ومن الأوس ثم من بني عبد الأشهل محمود بن مسلمة بن خالد بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث حليف لهم من بني حارثة § ومن بني عمرو بن عوف أبو ضياح بن ثابت بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف والحارث بن حاطب وعروة بن مرة ابن سراقة وأوس بن القائد وأنيف بن حبيب وثابت بن أثلة وطلحة ومن بني غفار عمارة بن عقبة رمي بسهم ومن أسلم عامر بن الأكوع والأسود الراعي وكان اسمه أسلم.
وممن استشهد بخيبر فيما ذكر ابن شهاب الزهري من بني زهرة مسعود بن ربيعة حليف لهم من القارة ومن الأنصار بني عمرو بن عوف أوس بن قتادة.
أمر الأسود الراعي في حديث خيبر *
قال ابن إسحاق وكان من حديث الأسود الراعي فيما بلغني أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم له كان فيها أجيرا لرجل من يهود فقال يا رسول الله اعرض علي الإسلام فعرضه عليه فأسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقر أحدا أن يدعوه إلى الإسلام ويعرضه عليه فلما أسلم قال يا رسول الله إني كنت أجيرا لصاحب § هذه الغنم وهي أمانة عندي فكيف أصنع بها قال اضرب في وجوهها فإنها سترجع إلى ربها أو كما قال فقال الأسود فأخذ حفنة من الحصى فرمى بها في وجوهها وقال ارجعي إلى صاحبك فو الله لا أصحبك أبدا فخرجت مجتمعة كأن سائقا يسوقها حتى دخلت الحصن ثم تقدم إلى ذلك الحصن ليقاتل مع المسلمين فأصابه حجر فقتله وما صلى لله صلاة قط فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع خلفه وسجي بشملة كانت عليه فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه ثم أعرض عنه فقالوا يا رسول الله لم أعرضت عنه قال إن معه الآن زوجتيه من الحور العين.
قال ابن إسحاق وأخبرني عبد الله بن أبي نجيح أنه ذكر له أن الشهيد إذا ما أصيب تدلت له زوجتاه من الحور العين عليه تنفضان التراب عن وجهه وتقولان ترب الله وجه من تربك وقتل من قتلك.
أمر الحجاج بن علاط السلمي *
قال ابن إسحاق ولما فتحت خيبر كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجاج بن علاط السلمي ثم البهزي فقال يا رسول الله إن لي بمكة مالا عند صاحبتي أم شيبة بنت أبي طلحة وكانت عنده له منها معرض بن الحجاج ومال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله فأذن له قال إنه لا بد لي يا رسول الله من أن أقول قال قل قال الحجاج فخرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثنية البيضاء رجالا من قريش يتسمعون الأخبار ويسألون عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بلغهم أنه قد سار إلى خيبر وقد عرفوا أنها قرية الحجاز ريفا ومنعة ورجالا فهم يتحسسون الأخبار ويسألون § الركبان فلما رأوني قالوا الحجاج بن علاط قال ولم يكونوا علموا بإسلامي عنده والله الخبر أخبرنا يا أبا محمد فإنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى خيبر وهي بلد يهود وريف الحجاز قال قلت قد بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم قال فالتبطوا بجنبي ناقتي يقولون إيه يا حجاج قال قلت هزم هزيمة لم تسمعوا بمثلها قط وقتل أصحابه قتلا لم تسمعوا بمثله قط وأسر محمد أسرا وقالوا لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتلوه بين أظهرهم بمن كان أصاب من رجالهم قال فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم قال قلت أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي فإني أريد أن أقدم خيبر فأصيب من فل محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى ما لك.
العباس يستوثق من خبر الحجاج ويفاجئ قريشا *
قال ابن إسحاق قال فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به قال وجئت صاحبتي فقلت مالي وقد كان لي عندها مال موضوع لعلي ألحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار قال فلما سمع العباس ابن عبد المطلب الخبر وجاءه عني أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار فقال يا حجاج ما هذا الخبر الذي جئت به قال فقلت وهل عندك حفظ لما وضعت عندك قال نعم قال قلت فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء فإني في جمع مالي كما ترى فانصرف عني حتى أفرغ قال حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة وأجمعت الخروج لقيت العباس فقلت احفظ علي حديثي يا أبا الفضل فإني أخشى الطلب ثلاثا ثم قل ما شئت § قال أفعل قلت فإني والله لقد تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم يعني صفية بنت حيي ولقد افتتح خيبر وانتثل ما فيها وصارت له ولأصحابه فقال ما تقول يا حجاج قال قلت إي والله فاكتم عني ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا من أن أغلب عليه فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب قال حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له وتخلق وأخذ عصاه ثم خرج حتى أتى الكعبة فطاف بها فلما رأوه قالوا يا أبا الفضل هذا والله التجلد لحر المصيبة قال كلا والله الذي حلفتم به لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على بنت ملكهم وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحت له ولأصحابه قالوا من جاءك بهذا الخبر قال الذي جاءكم بما جاءكم به ولقد دخل عليكم مسلما فأخذ ماله فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه قالوا يا لعباد الله انفلت عدو الله أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن قال ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك.
شعر في يوم خيبر *
قال ابن إسحاق وكان مما قيل من الشعر في يوم خيبر قول حسان بن ثابت بئسما قاتلت خيابر عما جمعوا من مزارع ونخيل كرهوا الموت فاستبيح حماهم وأقروا فعل اللئيم الذليل أمن الموت يهربون فإن الموت موت الهزال غير جميل وقال حسان بن ثابت أيضا وهو يعذر أيمن بن أم أيمن بن عبيد وكان قد تخلف عن خيبر وهو من بني عوف بن الخزرج وكانت أمه أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أم أسامة بن زيد فكان أخا أسامة لأمه § على حين أن قالت لأيمن أمه جبنت ولم تشهد فوارس خيبر وأيمن لم يجبن ولكن مهره أضر به شرب المديد المخمر ولولا الذي قد كان من شأن مهره لقاتل فيهم فارسا غير أعسر ولكنه قد صده فعل مهره وما كان منه عنده غير أيسر.
قال ابن إسحاق وقال ناجية بن جندب الأسلمي يا لعباد لله فيم يرغب ما هو إلا مأكل ومشرب وجنة فيها نعيم معجب وقال ناجية بن جندب الأسلمي أيضا أنا لمن أنكرني ابن جندب يا رب قرن في مكري أنكب طاح بمغدى أنسر وثعلب.
ذكر مقاسم خيبر وأموالها *
قال ابن إسحاق وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة فكانت الشق ونطاة في سهمان المسلمين وكانت الكتيبة خمس الله وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين وطعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وطعم رجال مشوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أهل فدك بالصلح منهم محيصة بن مسعود أعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين وسقا من شعير وثلاثين وسقا من تمر وقسمت خيبر على أهل الحديبية من شهد خيبر ومن غاب عنها ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام فقسم له رسول الله صلى الله عليه وسلم كسهم من حضرها وكان وادياها وادي السريرة ووادي خاص وهما اللذان قسمت عليهما خيبر وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهما نطاة من ذلك خمسة أسهم § والشق ثلاثة عشر سهما وقسمت الشق ونطاة على ألف سهم وثمان مائة سهم وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف سهم وثمان مائة سهم برجالهم وخيلهم الرجال أربع عشرة مائة والخيل مائتا فارس فكان لكل فرس سهمان ولفارسه سهم وكان لكل راجل سهم فكان لكل سهم رأس جمع إليه مائة رجل فكانت ثمانية عشر سهما جمع.
قسمة الأسهم على أربابها *
قال ابن إسحاق فكان علي بن أبي طالب رأسا والزبير بن العوام وطلحة ابن عبيد الله وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي أخو بني العجلان وأسيد بن حضير وسهم الحارث بن الخزرج وسهم ناعم وسهم بني بياضة وسهم بني عبيد وسهم بني حرام من بني سلمة وعبيد السهام.
قال ابن إسحاق وسهم ساعدة وسهم غفار وأسلم وسهم النجار وسهم حارثة وسهم أوس فكان أول سهم خرج من خيبر بنطاة سهم الزبير بن العوام وهو الخوع وتابعه السرير ثم كان الثاني سهم بياضة ثم كان الثالث سهم أسيد ثم كان الرابع سهم بني الحارث بن الخزرج ثم كان الخامس سهم ناعم لبني عوف § ابن الخزرج ومزينة وشركائهم وفيه قتل محمود بن مسلمة فهذه نطاة ثم هبطوا إلى الشق فكان أول سهم خرج منه سهم عاصم بن عدي أخي بني العجلان ومعه كان سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سهم عبد الرحمن ابن عوف ثم سهم ساعدة ثم سهم النجار ثم سهم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ثم سهم طلحة بن عبيد الله ثم سهم غفار وأسلم ثم سهم عمر بن الخطاب ثم سهما سلمة بن عبيد وبني حرام ثم سهم حارثة ثم سهم عبيد السهام ثم سهم أوس وهو سهم اللفيف جمعت إليه جهينة ومن حضر خيبر من سائر العرب وكان حذوه سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أصابه في سهم عاصم بن عدي ثم قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتيبة وهي وادي خاص بين قرابته وبين نسائه وبين رجال المسلمين ونساء أعطاهم منها فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة ابنته مائتي وسق ولعلي بن أبى طالب مائة وسق ولأسامة ابن زيد مائتي وسق وخمسين وسقا من نوى ولعائشة أم المؤمنين مائتي وسق ولأبي بكر بن أبى قحافة مائة وسق ولعقيل بن أبى طالب مائة وسق وأربعين وسقا ولبني جعفر خمسين وسقا ولربيعة بن الحارث مائة وسق وللصلت بن مخرمة وابنيه مائة وسق للصلت منها أربعون وسقا ولأبي نبقة خمسين وسقا ولركانة بن عبد يزيد خمسين وسقا ولقيس بن مخرمة ثلاثين وسقا ولأبي القاسم ابن مخرمة أربعين وسقا ولبنات عبيدة بن الحارث وابنة الحصين بن الحارث مائة وسق ولبني عبيد بن عبد يزيد ستين وسقا ولابن أوس بن مخرمة ثلاثين وسقا ولمسطح بن أثاثة وابن إلياس خمسين وسقا ولأم رميثة § أربعين وسقا ولنعيم بن هند ثلاثين وسقا ولبحينة بنت الحارث ثلاثين وسقا ولعجير بن عبد يزيد ثلاثين وسقا ولأم حكيم بنت الزبين بن عبد المطلب ثلاثين وسقا ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقا ولابن الأرقم خمسين وسقا ولعبد الرحمن بن أبي بكر أربعين وسقا ولحمنة بنت جحش ثلاثين وسقا ولأم الزبير أربعين وسقا ولضباعة بنت الزبير أربعين وسقا ولابن أبي خنيس ثلاثين وسقا ولأم طالب أربعين وسقا ولأبي بصرة عشرين وسقا ولنميلة الكلبي خمسين وسقا ولعبد الله بن وهب وابنتيه تسعين وسقا لابنيه منها أربعين وسقا ولأم حبيب بنت جحش ثلاثين وسقا ولملكو بن عبدة ثلاثين وسقا ولنسائه صلى الله عليه وسلم سبع مائة وسق.
عهد الرسول إلى نسائه بنصيبهن في المغانم *
ذكر ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه من قمح خيبر قسم لهن مائة وسق وثمانين وسقا ولفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم § خمسة وثمانين وسقا ولأسامة بن زيد أربعين وسقا وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقا ولأم رميثة خمسة أوسق شهد عثمان بن عفان وعباس وكتب.
ما أوصى به الرسول عند موته *
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال لم يوص رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته إلا بثلاث أوصى للرهاويين بجاد مائة وسق من خيبر وللداريين بجاد مائة وسق من خيبر وللسبائيين وللأشعريين بجاد مائة وسق من خيبر وأوصى بتنفيذ بعث أسامة بن زيد بن حارثة وألا يترك بجزيرة العرب دينان.
أمر فدك في خبر خيبر *
قال ابن إسحاق فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك حين بلغهم ما أوقع الله تعالى بأهل خيبر فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف أو بعد ما قدم المدينة فقبل ذلك منهم فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب § وهم بنو الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لحم الذين ساروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشام تميم بن أوس ونعيم بن أوس أخوه ويزيد ابن قيس وعرفة بن مالك سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن.
قال ابن إسحاق وفاكه بن نعمان وجبلة بن مالك وأبو هند بن بر وأخوه الطيب بن بر فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني عبد الله بن أبي بكر يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين ويهود فيخرص عليهم فإذا قالوا تعديت علينا قال إن شئتم فلكم وإن شئتم فلنا فتقول يهود بهذا قامت السموات والأرض وإنما خرص عليهم عبد الله بن رواحة عاما واحدا ثم أصيب بمؤتة يرحمه الله فكان جبار بن صخر بن أمية بن خنساء أخو بني سلمة هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة فأقامت يهود على ذلك لا يرى بهم المسلمون بأسا في معاملتهم حتى عدوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن سهل أخي بني حارثة قتلوه فاتهمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون عليه.
قال ابن إسحاق فحدثني الزهري عن سهل بن أبي حثمة وحدثني أيضا بشير بن يسار مولى بني حارثة عن سهل بن أبي حثمة قال أصيب عبد الله بن سهل بخيبر وكان خرج إليها في أصحاب له يمتار منها تمرا فوجد في عين قد كسرت عنقه ثم طرح فيها قال فأخذوه فغيبوه ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له شأنه فتقدم إليه أخوه عبد الرحمن ابن سهل ومعه ابنا عمه حويصة ومحيصة ابنا مسعود وكان عبد الرحمن من أحدثهم سنا وكان صاحب الدم وكان ذا قدم في القوم فلما تكلم قبل ابنى عمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر.
حدثنا عمرو بن زرارة أنبا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال فحدثني الزهري عن سهل بن أبي حثمة وحدثنيه بشير بن يسار عن سهل بن § أبي حثمة قال قتل عبد الله بن سهل بخيبر فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة ناقة.
فسكت فتكلم حويصة ومحيصة ثم تكلم هو بعد فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل صاحبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينا فنسلمه إليكم قالوا يا رسول الله ما كنا لنحلف على ما لا نعلم قال أفيحلفون بالله خمسين يمينا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ثم يبرءون من دمه قالوا يا رسول الله ما كنا لنقبل أيمان يهود ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم قال فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده مائة ناقة قال سهل فو الله ما أنسى بكرة منها حمراء ضربتني وأنا أحوزها.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عبد الرحمن ابن بجيد بن قيظي أخي بني حارثة قال محمد بن إبراهيم وايم الله ما كان سهل بأكثر علما منه ولكنه كان أسن منه إنه قال له والله ما هكذا كان الشأن ولكن سهلا أوهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلفوا على § مالا علم لكم به ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار إنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده.
كما قد حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي قال قال ابن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عبد الرحمن بن بجيد بن قيظي أخي بني حارثة قال محمد بن إبراهيم وايم الله ما كان سهل بأكثر علما منه ولكنه كان أسن منه أنه قال له والله ما كان هكذا الشأن ولكن سهلا أوهم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احلفوا على ما لا علم لكم به ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار أنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه § رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده .
قال ابن إسحاق وحدثني عمرو بن شعيب مثل حديث عبد الرحمن بن بجيد إلا أنه قال في حديثه دوه أو ائذنوا بحرب فكتبوا يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده.
إجلاء اليهود عن خيبر أيام عمر *
قال ابن إسحاق وسألت ابن شهاب الزهري كيف كان إعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود خيبر نخلهم حين أعطاهم النخل على خرجها أبت ذلك لهم حتى قبض أم أعطاهم إياها للضرورة من غير ذلك فأخبرني ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال وكانت خيبر مما أفاء الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها بين المسلمين ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن شئتم دفعت إليكم هذه الأموال على أن تعملوها وتكون ثمارها بيننا وبينكم وأقركم ما أقركم الله فقبلوا فكانوا على ذلك يعملونها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فيقسم ثمرها ويعدل عليهم في الخرص فلما توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أقرها أبو بكر رضي الله تعالى عنه بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيديهم على المعاملة التي عاملهم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي ثم أقرها عمر رضي الله عنه صدرا من إمارته ثم بلغ عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في وجعه الذي قبضه الله فيه لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان ففحص عمر ذلك حتى بلغه الثبت فأرسل إلى يهود فقال إن الله عز وجل قد أذن في جلائكم قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليأتني به أنفذه § له ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليهود فليتجهز الجلاء فأجلى عمر من لم يكن عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم.
قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها فلما قدمنا تفرقنا في أموالنا قال فعدي علي تحت الليل وأنا نائم على فراشي ففدعت يداي من مرفقي فلما أصبحت استصرخ علي صاحباي فأتياني فسألاني من صنع هذا بك فقلت لا أدري قال فأصلحا من يدى ثم قد ما بي على عمر رضي الله عنه فقال هذا عمل يهود ثم قام في الناس خطيبا فقال أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما قد بلغكم مع عدوهم على الأنصاري قبله لا نشك أنهم أصحابه ليس لنا هناك عدو غيرهم فمن كان له مال بخيبر فليلحق به فإني مخرج يهود فأخرجهم.
قسمة عمر لوادي القرى بين المسلمين *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن مكنف أخي بني حارثة قال لما أخرج عمر يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار وخرج معه جبار بن صخر بن أمية بن خنساء أخو بني سلمة وكان خارص أهل المدينة وحاسبهم ويزيد بن ثابت وهما قسما خيبر بين أهلها على أصل جماعة السهمان التي كانت عليها وكان ما قسم عمر بن الخطاب من وادي القرى لعثمان بن عفان خطر ولعبد الرحمن بن عوف خطر ولعمر بن أبي سلمة خطر ولعامر بن أبي ربيعة خطر ولعمرو بن سراقة خطر ولأشيم خطر.
حدثنا حبان بن بشر قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله بن طفيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن مكنف أخي بني حارثة قال لما أخرج عمر رضي الله عنه يهود من خيبر ركب في المهاجرين والأنصار وخرج معه جبار بن صخر بن خنساء أخو بني سلمة وكان خارص أهل المدينة وحاسبهم ويزيد بن ثابت فهما قسما خيبر بين أهلها على أصل جماعة السهمان التي كانت عليها فكانت مما قسم عمر رضي الله عنه من وادي القرى لعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعمر بن أبي سلمة وعامر بن ربيعة وعمرو بن سراقة والأشيم وبني جعفر ولابن عبد الله بن جحش وعبد الله بن الأرقم وغيرهم لكل إنسان حظر قال يحيى والحظر القطعة من النخيل أو الإبل أو غيره.
ولبني جعفر خطر ولمعيقيب خطر ولعبد الله بن الأرقم خطر ولعبد الله وعبيد الله خطران ولابن عبد الله § ابن جحش خطر ولابن البكير خطر ولمعتمر خطر ولزيد بن ثابت خطر ولأبي بن كعب خطر ولمعاذ بن عفراء خطر ولأبي طلحة وحسن خطر ولجبار بن صخر خطر ولجابر بن عبد الله بن رئاب خطر ولمالك بن صعصعة وجابر بن عبد الله بن عمرو خطر ولابن حضير خطر ولابن سعد بن معاذ خطر ولسلامة بن سلامة خطر ولعبد الرحمن بن ثابت وأبي شريك خطر ولأبي عبس بن جبر خطر ولمحمد بن مسلمة خطر ولعبادة بن طارق خطر.
قال ابن إسحاق ولجبر بن عتيك نصف خطر ولابني الحارث بن قيس نصف خطر ولابن حزمة والضحاك خطر فهذا ما بلغنا من أمر خيبر ووادي القرى ومقاسمها.
ذكر قدوم جعفر بن أبي طالب من الحبشة وحديث المهاجرين إلى الحبشة *
قال ابن إسحاق وكان من أقام بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري فحملهم في سفينتين فقدم بهم عليه وهو بخيبر بعد الحديبية من بني هاشم بن عبد مناف جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب معه امرأته أسماء بنت عميس الخثعمية وابنه عبد الله بن جعفر وكانت ولدته بأرض الحبشة قتل جعفر بمؤتة من أرض الشام أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ومن بني عبد شمس بن عبد مناف خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس معه امرأته أمينة بنت خلف بن أسعد.
وابناه سعيد بن خالد وأمه بنت خالد ولدتهما بأرض § الحبشة قتل خالد بمرج الصفر في خلافة أبي بكر الصديق بأرض الشام وأخوه عمرو بن سعيد بن العاص معه امرأته فاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكناني هلكت بأرض الحبشة قتل عمرو بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ولعمرو بن سعيد يقول أبوه سعيد بن العاص بن أمية أبو أحيحة ألا ليت شعري عنك يا عمرو سائلا إذا شب واشتدت يداه وسلحا أتترك أمر القوم فيه بلابل تكشف غيظا كان في الصدر موجحا ولعمرو وخالد يقول أخوهما أبان بن سعيد بن العاص حين أسلما وكان أبو هم سعيد بن العاص هلك بالظريبة من ناحية الطائف هلك في مال له بها ألا ليت ميتا بالظريبة شاهد لما يفتري في الدين عمرو وخالد أطاعا بنا أمر النساء فأصبحا يعينان من أعدائنا من نكايد فأجابه خالد بن سعيد فقال أخي ما أخي لا شاتم أنا عرضه ولا هو من سوء المقالة مقصر يقول إذا اشتدت عليه أموره ألا ليت ميتا بالظريبة ينشر فدع عنك ميتا قد مشى لسبيله وأقبل على الأدنى الذي هو أفقر ومعيقيب بن أبي فاطمة خازن عمر بن الخطاب على بيت مال المسلمين وكان § إلى آل سعيد بن العاص وأبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس حليف آل عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس أربعة نفر ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي الأسود بن نوفل بن خويلد رجل ومن بني عبد الدار بن قصي جهم بن قيس بن عبد شرحبيل معه ابناه عمرو بن جهم وخزيمة بن جهم وكانت معه امرأته أم حرملة بنت عبد الأسود هلكت بأرض الحبشة وابناه لها رجل ومن بني زهرة بن كلاب عامر بن أبي وقاص وعتبة بن مسعود حليف لهم من هذيل رجلان ومن بني تيم بن مرة بن كعب الحارث بن خالد بن صخر وقد كانت معه امرأته ريطة بنت الحارث بن جبيلة هلكت بأرض الحبشة رجل ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب عثمان بن ربيعة بن أهبان رجل ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب محمية بن الجزء حليف لهم من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله على خمس المسلمين رجل ومن بني عدي بن كعب بن لؤي معمر بن عبد الله بن نضلة رجل § ومن بني عامر بن لؤي بن غالب أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس ومالك بن ربيعة بن قيس بن عبد شمس معه امرأته عمرة بنت السعدي بن وقدان بن عبد شمس رجلان ومن بني الحارث بن فهر بن مالك الحارث بن عبد قيس بن لقيط رجل وقد كان حمل معهم في السفينتين نساء من نساء من هلك لك من المسلمين هؤلاء الذين حمل النجاشي مع عمرو بن أمية الضمري في السفينتين فجميع من قدم في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر رجلا وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة ولم يقدم إلا بعد بدر ولم يحمل النجاشي في السفينتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن قدم بعد ذلك ومن هلك بأرض الحبشة من مهاجرة الحبشة من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف عبيد الله بن جحش بن رئاب الأسدي أسد خزيمة حليف بني أمية بن عبد شمس معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان وابنته حبيبة بنت عبيد الله وبها كانت تكنى أم حبيبة بنت أبي سفيان وكان اسمها رملة خرج مع المسلمين مهاجرا فلما قدم أرض الحبشة تنصر بها وفارق الإسلام ومات لك نصرانيا فخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأته من بعده أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب.
قال ابن إسحاق حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة قال خرج § عبيد الله بن جحش مع المسلمين مسلما فلما قدم أرض الحبشة تنصر قال فكان إذا مر بالمسلمين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتحنا وصأصأتم أي قد أبصرنا وأنتم تلتمسون البصر ولم تبصروا بعد وذلك أن ولد الكلب إذا أراد أن يفتح عينيه للنظر صأصأ قبل ذلك فضرب ذلك له ولهم مثلا أي أنا قد فتحنا أعيننا فأبصرنا ولم تفتحوا أعينكم فتبصروا وأنتم تلتمسون ذلك.
قال ابن إسحاق وقيس بن عبد الله رجل من بني أسد بن خزيمة وهو أبو أمية بنت قيس التي كانت مع أم حبيبة وامرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بن حرب كانتا ظئرى عبيد الله بن جحش وأم حبيبة بنت أبي سفيان فخرجا بهما معهما حين هاجرا إلى أرض الحبشة رجلان ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب ابن أسد قتل يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيدا وعمرو بن أمية بن الحارث بن أسد هلك بأرض الحبشة رجلان ومن بني عبد الدار بن قصي أبو الروم بن عمير بن هاشم بن عبد مناف ابن عبد الدار وفراس بن النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف ابن عبد الدار رجلان ومن بني زهرة بن كلاب بن مرة المطلب بن أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة معه امرأته رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة بن سعيد § ابن سعد بن سهم هلك بأرض الحبشة ولدت له هنالك عبد الله بن المطلب فكان يقال إن كان لأول رجل ورث أباه في الإسلام رجل ومن بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم قتل بالقادسية مع سعد بن أبي وقاص رجل ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب هبار بن سفيان بن عبد الأسد قتل بأجنادين من أرض الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وأخوه عبد الله ابن سفيان قتل عام اليرموك بالشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشك فيه أقتل ثم أم لا وهشام بن أبي حذيفة بن المغيرة ثلاثة تفر ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب حاطب بن الحارث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح وابناه محمد والحارث معه امرأته فاطمة بنت المجلل هلك حاطب لك مسلما فقدمت امرأته وابناه وهي أمهما في إحدى السفينتين وأخوه حطاب بن الحارث معه امرأته فكيهة بنت يسار هلك هنالك مسلما فقدمت امرأته فكيهة في إحدى السفينتين وسفيان بن معمر بن حبيب وابناه جنادة وجابر وأمهما معه حسنة وأخوهما لأمهما شرحبيل بن حسنة وهلك سفيان وهلك ابناه جنادة وجابر في خلافة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ستة نفر § ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن الحارث بن قيس ابن عدي بن سعد بن سهم الشاعر هلك بأرض الحبشة وقيس بن حذافة ابن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وأبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي ابن سعد بن سهم قتل يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم وهو رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى والحارث بن الحارث بن قيس بن عدي ومعمر ابن الحارث بن قيس بن عدي وبشر بن الحارث بن قيس بن عدي وأخ له من أمه من بني تميم يقال له سعيد بن عمرو قتل بأجنادين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وسعيد بن الحارث بن قيس قتل عام اليرموك في خلافة عمر بن ابن الخطاب رضي الله عنه والسائب بن الحارث بن قيس جرح بالطائف مع رسول الله صلى عليه وسلم وقتل يوم فحل في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويقال قتل يوم خيبر يشك فيه وعمير بن رئاب بن حذيفة ابن مهشم بن سعد بن سهم قتل بعين التمر مع خالد بن الوليد منصرفه من اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أحد عشر رجلا ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عروة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف ابن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب هلك بأرض الحبشة وعدي بن نضلة ابن عبد العزى بن حرثان هلك بأرض الحبشة رجلان § وقد كان مع عدي ابنه النعمان بن عدي فقدم النعمان مع من قدم من المسلمين من أرض الحبشة فبقي حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب فاستعمله على ميسان من أرض البصرة فقال أبياتا من شعر وهي ألا هل أتى الحسناء أن حليلها بميسان يسقى في زجاج وحنتم إذا شئت غنتني دهاقين قرية ورقاصة تجذو على كل منسم فإن كنت ندماني فبالأكبر اسقني ولا تسقني بالأصغر المتثلم لعل أمير المؤمنين يسوءه تنادمنا في الجوسق المتهدم فلما بلغت أبياته عمر قال نعم والله إن ذلك ليسوؤني فمن لقيه فليخبره أني قد عزلته وعزله فلما قدم عليه اعتذر إليه وقال والله يا أمير المؤمنين ما صنعت شيئا مما بلغك أني قلته قط ولكني كنت امرأ شاعرا وجدت فضلا من قول فقلت فيما تقول الشعراء فقال له عمر وايم الله لا تعمل لي على عمل ما بقيت وقد قلت ما قلت ومن بني عامر بن لؤي بن غالب بن فهر سليط بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر وهو كان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوذة بن علي الحنفي باليمامة رجل § ومن بني الحارث بن فهر بن مالك عثمان بن عبد غم بن زهير بن أبي شداد وسعد بن عبد قيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن ظرب بن الحارث بن فهر وعياض بن زهير بن أبي شداد ثلاثة نفر فجميع من تخلف عن بدر ولم يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ومن قدم بعد ذلك ومن لم يحمل النجاشي في السفينتين أربعة وثلاثون رجلا وهذه تسمية جملة من هلك منهم ومن أبنائهم بأرض الحبشة من بني عبد شمس بن عبد مناف عبيد الله بن جحش بن رئاب حليف بني أمية مات بها نصرانيا ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي عمرو بن أمية بن الحارث بن أسد ومن بني جمح حاطب بن الحارث وأخوه حطاب بن الحارث ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب عبد الله بن الحارث بن قيس ومن بني عدي بن كعب بن لؤي عروة بن عبد العزى بن حرثان بن عوف وعدي بن نضلة سبعة نفر ومن أبنائهم من بني تيم بن مرة موسى بن الحارث بن خالد بن صخر ابن عامر رجل § وجميع من هاجر إلى أرض الحبشة من النساء من قدم منهن ومن هلك هنالك ست عشرة امرأة سوى بناتهن اللاتي ولدن هنالك من قدم منهن ومن هلك لك ومن خرج به معهن حين خرجن من قريش من بني هاشم رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني أمية أم حبيبة بنت أبي سفيان معها ابنتها حبيبة خرجت بها من مكة ورجعت بها معها ومن بني مخزوم أم سلمة بنت أبي أمية قدمت معها بزينب ابنتها من أبي سلمة ولدتها لك ومن بني تيم بن مرة ريطة بنت الحارث بن جبيلة هلكت بالطريق وبنتان لها كانت ولدتهما هنالك عائشة بنت الحارث وزينب بنت الحارث هلكن جميعا وأخوهن موسى بن الحارث من ماء شربوه في الطريق وقدمت بنت لها ولدتها هنالك فلم يبق من ولدها غيرها يقال لها فاطمة ومن بني سهم بن عمرو رملة بنت أبي عوف بن ضبيرة ومن بني عدي بن كعب ليلى بنت أبي حثمة بن غانم ومن بني عامر بن لؤي سودة بنت زمعة بن قيس وسهلة بنت سهيل § ابن عمرو وابنة المجلل وعمرة بنت السعدي بن وقدان وأم كلثوم بنت سهيل بن عمرو ومن غرائب العرب أسماء بنت عميس بن النعمان الخثعمية وفاطمة بنت صفوان بن أمية بن محرث الكنانية وفكيهة بنت يسار وبركة بنت يسار وحسنة أم شرحبيل بن حسنة وهذه تسمية من ولد من أبنائهم بأرض الحبشة ومن بني هاشم عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ومن بني عبد شمس محمد بن أبي حذيفة وسعيد بن خالد بن سعيد وأخته أمة بنت خالد ومن بني مخزوم زينب بنت أبي سلمة بن الأسد ومن بني زهرة عبد الله بن المطلب بن أزهر ومن بني تيم موسى بن الحارث بن خالد وأخواته عائشة بنت الحارث وفاطمة بنت الحارث وزينب بنت الحارث الرجال منهم خمسة عبد الله بن جعفر ومحمد بن أبي حذيفة وسعيد بن خالد وعبد الله بن المطلب وموسى بن الحارث § ومن النساء خمس أمة بنت خالد وزينب بنت أبي سلمة وعائشة وزينب وفاطمة بنات الحارث بن خالد بن صخر.
أخبرني الحسين بن علي التميمي ثنا أحمد بن محمد بن الحسين بن عمر بن زرارة ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من هاجر إلى الحبشة شرحبيل ابن حسنة هاجرت أمه حسنة إلى أرض الحبشة مع زوجها سفيان بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح.
عمرة القضاء في ذي القعدة سنة سبع *
قال ابن إسحاق فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من خيبر أقام بها شهري ربيع وجماديين ورجبا وشعبان ورمضان وشوالا يبعث فيما بين ذلك من غزوه وسراياه صلى الله عليه وسلم ثم خرج في ذي القعدة في الشهر الذي صده فيه المشركون معتمرا عمرة القضاء مكان عمرته التي صدوه عنها.
خروج المسلمين الذين صدوا أولا معه *
قال ابن إسحاق وخرج معه المسلمون ممن كان صد معه في عمرته تلك وهي سنة سبع فلما سمع به أهل مكة خرجوا عنه وتحدثت قريش بينها أن محمدا وأصحابه في عسرة وجهد وشدة.
سبب الهرولة بين الصفا والمروة *
قال ابن إسحاق فحدثني من لا أتهم عن ابن عباس قال صفوا له عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه وأخرج عضده اليمنى ثم قال رحم الله امرأ أراهم اليوم من نفسه قوة ثم استلم الركن وخرج يهرول ويهرول أصحابه معه حتى إذا واراه البيت منهم واستلم الركن اليماني مشى حتى يستلم الركن الأسود ثم هرول كذلك ثلاثة أطواف ومشى سائرها فكان ابن عباس يقول كان الناس يظنون أنها ليست عليهم وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما صنعها لهذا الحي من قريش للذي بلغه عنهم حتى إذا حج حجة الوداع فلزمها فمضت السنة بها.
ارتجاز ابن رواحة وهو يقود ناقة الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في تلك العمرة دخلها وعبد الله بن رواحة آخذ بخطام ناقته يقول خلوا بني الكفار عن سبيله خلوا فكل الخير في رسوله يا رب إني مؤمن بقيله أعرف حق الله في قبوله نحن قتلناكم على تأويله كما قتلناكم على تنزيله ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله.
زواج الرسول بميمونة *
قال ابن إسحاق وحدثني أبان بن صالح وعبد الله بن أبي نجيح عن عطاء ابن أبي رباح ومجاهد أبي الحجاج عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث في سفره ذلك وهو حرام وكان الذي زوجه إياها العباس بن عبد المطلب.
إرسال قريش حويطبا إلى الرسول يطلب منه الخروج من مكة *
قال ابن إسحاق فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا فأتاه حويطب ابن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل في نفر من قريش في اليوم الثالث وكانت قريش قد وكلته بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فقالوا له إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما عليكم لو تركتموني فأعرست بين أظهركم وصنعنا لكم طعاما فحضرتموه قالوا لا حاجة لنا في طعامك فاخرج عنا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبا رافع مولاه على ميمونة حتى أتاه بها بسرف فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ذي الحجة.
ذكر غزوة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان ومقتل جعفر وزيد وعبد الله بن رواحة *
قال ابن إسحاق فأقام بها بقية ذي الحجة وولي تلك الحجة المشركون والمحرم وصفرا وشهري ربيع وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة.
بعث الرسول إلى مؤتة واختياره الأمراء *
قال ابن إسحاق حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثة إلى مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم فلما ودع عبد الله بن رواحة من ودع من أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى فقالوا ما يبكيك يا بن رواحة فقال أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله عز وجل يذكر فيها النار وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا § فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين فقال عبد الله بن رواحة لكنني أسأل الرحمن مغفرة وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا أو طعنة بيدي حران مجهزة بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا حتى يقال إذا مروا على جدثي أرشده الله من غاز وقد رشدا.
قال ابن إسحاق ثم إن القوم تهيئوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله صلى الله عليه وسلم فودعه ثم قال فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا إني تفرست فيك الخير نافلة الله يعلم أني ثابت البصر أنت الرسول فمن يحرم نوافله والوجه منه فقد أزرى به القدر.
قال ابن إسحاق ثم خرج القوم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا ودعهم وانصرف عنهم قال عبد الله بن رواحة خلف السلام على امرئ ودعته في النخل خير مشيع وخليل § ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم وانضم إليهم مل لخم وجذام والقين وبهراء وبلى مائة ألف منهم عليهم رجل من بلي ثم أحد إراشة يقال له مالك بن زافلة فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره بعدد عدونا فإما أن يمدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له قال فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظهور وإما شهادة قال فقال الناس قد والله صدق ابن رواحة فمضى الناس فقال عبد الله بن رواحة في محبسهم ذلك جلبنا الخيل من أجإ وفرع تغر من الحشيش لها العكوم حذوناها من الصوان سبتا أزل كأن صفحته أديم أقامت ليلتين على معان فأعقب بعد فترتها جموم § فرحنا والجياد مسومات تنفس في مناخرها السموم فلا وأبي مآب لنأتينها وإن كانت بها عرب وروم فعبأنا أعنتها فجاءت عوابس والغبار لها بريم بذي لجب كأن البيض فيه إذا برزت قوانسها النجوم فراضية المعيشة طلقتها أسنتها فتنكح أو تئيم.
قال ابن إسحاق ثم مضى الناس فحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن زيد بن أرقم قال كنت يتيما لعبد الله بن رواحة في حجره فخرج بي في سفره ذلك مرد في على حقيبة رحله فو الله إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه إذا أديتني وحملت رحلي مسيرة أربع بعد الحساء § فشأنك أنعم وخلاك ذم ولا أرجع إلى أهلي ورائي وجاء المسلمون وغادروني بأرض الشام مشتهي الثواء وردك كل ذي نسب قريب إلى الرحمن منقطع الإخاء هنالك لا أبالي طلع بعل ولا نخل أسافلها رواء فلما سمعتهن منه بكيت قال فخفقني بالدرة وقال ما عليك يا لكع أن يرزقني الله شهادة وترجع بين شعبتي الرحل قال ثم قال عبد الله بن رواحة في بعض سفره ذلك وهو يرتجز يا زيد زيد اليعملات الذبل تطاول الليل هديت فانزل.
لقاء الروم *
قال ابن إسحاق فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب بقرية من قرى البلقاء يقال لها مشارف ثم دنا العدو وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة فالتقى الناس عندها فتعبأ لهم المسلمون فجعلوا على ميمنتهم رجلا من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة وعلى ميسرتهم رجلا من الأنصار يقال له عباية بن مالك.
مقتل ابن حارثة *
قال ابن إسحاق ثم التقى الناس واقتتلوا فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شاط في رماح القوم ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل فكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر في الإسلام وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتى قتل وهو يقول يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردا شرابها والروم روم قددنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها لي إذ لاقيتها ضرابها.
إمارة ابن رواحة ومقتله *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال حدثني أبي الذي أرضعني وكان أحد بني مرة بن عوف قال فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد ثم قال أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه ما لي أراك تكرهين الجنه قد طال ما قد كنت مطمئنه هل أنت إلا نطفة في شنه وقال أيضا يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت يريد صاحبيه زيدا وجعفرا ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال شد بهذا صلبك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية الناس فقال وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ثم أخذ سيفه فتقدم فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان فقال يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم قالوا أنت قال ما أنا بفاعل فاصطلح الناس على § خالد بن الوليد فلما أخذ الراية دافع القوم وحاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه حتى انصرف بالناس.
تنبؤ الرسول بما حدث للمسلمين مع الروم *
قال ابن إسحاق ولما أصيب القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم أخذها جعفر فقاتل بها حتى قتل شهيدا قال ثم صمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت وجوه الأنصار وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون ثم قال ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بها حتى قتل شهيدا ثم قال لقد رفعوا إلي في الجنة فيما يرى النائم على سرر من ذهب فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازورارا عن سريري صاحبيه فقلت عم هذا فقيل لي مضيا وتردد عبد الله بعض التردد ثم مضى.
حزن الرسول على جعفر ووصايته بآله *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر عن أم عيسى الخزاعية عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب عن جدتها أسماء بنت عميس قالت لما أصيب جعفر وأصحابه دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دبغت أربعين منا.
وعجنت عجيني وغسلت بني ودهنتهم ونظفتهم قالت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتيني ببني جعفر قالت فأتيته بهم فتشممهم وذرفت عيناه فقلت يا رسول الله § بأبي أنت وأمي ما يبكيك أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء قال نعم أصيبوا هذا اليوم قالت فقمت أصيح واجتمعت إلي النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم وحدثني عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما أتى نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن قالت فدخل عليه رجل فقال يا رسول الله إن النساء عنيننا وفتننا قال فارجع إليهن فأسكتهن قالت فذهب ثم رجع فقال له مثل ذلك قال تقول وربما ضر التكلف أهله قالت قال فاذهب فأسكتهن فإن أبين فاحث في أفواههن التراب قالت وقلت في نفسي أبعدك الله فو الله ما تركت نفسك وما أنت بمطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت وعرفت أنه لا يقدر على أن يحثي في أفواههن التراب.
قال ابن إسحاق وقد كان قطبة بن قتادة العذري الذي كان على ميمنة المسلمين قد حمل على مالك بن زافلة فقتله فقال قطبة بن قتادة طعنت ابن زافلة بن الإراش برمح مضى فيه ثم انحطم ضربت على جيده ضربة فمال كما مال غصن السلم وسقنا نساء بني عمه غداة رقوقين سوق النعم.
كاهنة حدس وإنذارها قومها *
قال ابن إسحاق وقد كانت كاهنة من حدس حين سمعت بجيش رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قد قالت لقومها من حدس وقومها بطن يقال لهم بنو غنم أنذركم قوما خزرا ينظرون شزرا ويقودون الخيل تترى ويهريقون دما عكرا فأخذوا بقولها واعتزلوا من بين لخم فلم تزل بعد أثرى حدس وكان الذين صلوا الحرب يومئذ بنو ثعلبة بطن من حدس فلم يزالوا قليلا بعد فلما انصرف خالد بالناس أقبل بهم قافلا.
رجوع الجيش وتلقي الرسول له وغضب المسلمين *
قال ابن إسحاق فحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قال ولقيهم الصبيان يشتدون ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل مع القوم على دابة فقال خذوا الصبيان فاحملوهم وأعطوني ابن جعفر فأتى بعبد الله فأخذه فحمله بين يديه قال وجعل الناس يحثون على الجيش التراب ويقولون يا فرار فررتم في سبيل الله قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله تعالى قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن بعض آل الحارث بن هشام وهم أخواله عن أم سلمة زوج النبي § صلى الله عليه وسلم قال قالت أم سلمة لامرأة سلمة بن هشام بن العاص بن المغيرة ما لي لا أرى سلمة يحضر الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع المسلمين قالت والله ما يستطيع أن يخرج كلما خرج صاح به الناس يا فرار فررتم في سبيل الله حتى قعد في بيته فما يخرج.
قال ابن إسحاق وقد قال فيما كان من أمر الناس وأمر خالد ومخاشاته بالناس وانصرافه بهم قيس بن المسحر اليعمري يعتذر مما صنع يومئذ وصنع الناس فو الله لا تنفك نفسي تلومني على موقفي والخيل قابعة قبل وقفت بها لا مستجيرا فنافذا ولا مانعا من كان حم له القتل على أنني آسيت نفسي بخالد ألا خالد في القوم ليس له مثل وجاشت إلي النفس من نحو جعفر بمؤتة إذ لا ينفع النابل النبل وضم إلينا حجزتيهم كليهما مهاجرة لا مشركون ولا عزل فبين قيس ما اختلف فيه الناس من ذلك في شعره أن القوم حاجزوا وكرهوا الموت وحقق انحياز خالد بمن معه.
قال ابن إسحاق وكان مما بكي به أصحاب مؤتة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قول حسان بن ثابت § تأوبني ليل بيثرب أعسر وهم إذا ما نوم الناس مسهر لذكرى حبيب هيجت لي عبرة سفوحا وأسباب البكاء التذكر بلى إن فقدان الحبيب بلية وكم من كريم يبتلى ثم يصبر رأيت خيار المؤمنين تواردوا شعوب وخلفا بعدهم يتأخر فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله حين تتابعوا جميعا وأسباب المنية تخطر غداة مضوا بالمؤمنين يقودهم إلى الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم أبي إذا سيم الظلامة مجسر فطاعن حتى مال غير موسد لمعترك فيه قنا متكسر فصار مع المستشهدين ثوابه جنان وملتف الحدائق أخضر وكنا نرى في جعفر من محمد وفاء وأمرا حازما حين يأمر فما زال في الإسلام من آل هاشم دعائم عز لا يزلن ومفخر هم جبل الإسلام والناس حولهم رضام إلى طود يروق ويقهر § بها ليل منهم جعفر وابن أمه علي ومنهم أحمد المتخير وحمزة والعباس منهم ومنهم عقيل وماء العود من حيث يعصر بهم تفرج اللأواء في كل مأزق عماس إذا ما ضاق بالناس مصدر هم أولياء الله أنزل حكمه عليهم وفيهم ذا الكتاب المطهر وقال كعب بن مالك نام العيون ودمع عينك يهمل سحا كما وكف الطباب المخضل في ليلة وردت علي همومها طورا أحن وتارة أتململ واعتادني حزن فبت كأنني ببنات نعش والسماك موكل وكأنما بين الجوانح والحشى مما تأوبني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا صلى الإله عليهم من فتية وسقى عظامهم الغمام المسبل صبروا بمؤتة للإله نفوسهم حذر الردى ومخافة أن ينكلوا فمضوا أمام المسلمين كأنهم فنق عليهن الحديد المرفل § إذ يهتدون بجعفر ولوائه قدام أولهم فنعم الأول حتى تفرجت الصفوف وجعفر حيث التقى وعث الصفوف مجدل فتغير القمر المنير لفقده والشمس قد كسفت وكادت تأفل قرم علا بنيانه من هاشم فرعا أشم وسؤددا ما ينقل قوم بهم عصم الإله عباده وعليهم نزل الكتاب المنزل فضلوا المعاشر عزة وتكرما وتغمدت أحلامهم من يجهل لا يطلقون إلى السفاه حباهم ويرى خطيبهم بحق يفصل بيض الوجوه ترى بطون أكفهم تندى إذا اعتذر الزمان الممحل وبهداهم رضى الإله الخلقة وبجدهم نصر النبي المرسل وقال حسان بن ثابت يبكي جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ولقد بكيت وعز مهلك جعفر حب النبي على البرية كلها ولقد جزعت وقلت حين نعيت لي من للجلاد لدى العقاب وظلها بالبيض حين تسل من أغمادها ضربا وإنهال الرماح وعلها § بعد ابن فاطمة المبارك جعفر خير البرية كلها وأجلها رزءا وأكرمها جميعا محتدا وأعزها متظلما وأزلها للحق حين ينوب غير تنحل كذبا وأنداها يدا وأقلها فحشا وأكثرها إذا ما يجتدى فضلا وأبذلها ندى وأبلها بالعرف غير محمد لا مثله حي من احياء البرية كلها وقال حسان بن ثابت في يوم مؤتة يبكي زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة عين جودي بدمعك المنزور واذكري في الرخاء أهل القبور واذكري مؤتة وما كان فيها يوم راحوا في وقعة التغوير حين راحوا وغادروا ثم زيدا نعم مأوى الضريك والمأسور حب خير الأنام طرا جميعا سيد الناس حبه في الصدور ذاكم أحمد الذي لا سواه ذاك حزني له معا وسروري إن زيدا قد كان منا بأمر ليس أمر المكذب المغرور ثم جودي للخزرجي بدمع سيدا كان ثم غير نزور § قد أتانا من قتلهم ما كفانا فبحزن نبيت غير سرور وقال شاعر من المسلمين ممن رجع من غزوة مؤتة كفى حزنا أني رجعت وجعفر وزيد وعبد الله في رمس أقبر قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم وخلفت للبلوى مع المتغبر ثلاثة رهط قدموا فتقدموا إلى ورد مكروه من الموت أحمر وهذه تسمية من استشهد يوم مؤتة من قريش ثم من بني هاشم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وزيد بن حارثة رضي الله عنه ومن بني عدي بن كعب مسعود بن الأسود بن حارثة بن نضلة ومن بني مالك بن حسل وهب بن سعد بن أبي سرح ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وعباد ابن قيس ومن بني غنم بن مالك بن النجار الحارث بن النعمان بن أساف بن نضلة ابن عبد بن عوف بن غنم ومن بني مازن بن النجار سراقة بن عمرو بن عطية بن خنساء.
ذكر الأسباب الموجبة المسير إلى مكة وذكر فتح مكة في شهر رمضان سنة ثمان *
قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد بعثه إلى مؤتة جمادى الآخرة ورجبا ثم إن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له الوتير وكان الذي هاج ما بين بني بكر وخزاعة أن رجلا من بني الحضرمي واسمه مالك بن عباد وحلف الحضرمي يومئذ إلى الأسود بن رزن خرج تاجرا فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه فعدت خزاعة قبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن الديلي وهم منخر بني كنانة وأشرافهم سلمى وكلثوم وذؤيب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم.
قال ابن إسحاق وحدثني رجل من بني الديل قال كان بنو الأسود بن رزن يودون في الجاهلية ديتين ديتين ونودى دية دية لفضلهم فينا.
قال ابن إسحاق فبينا بنو بكر وخزاعة على ذلك حجز بينهم الإسلام وتشاغل الناس به فلما كان صلح الحديبية بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش كان فيما شرطوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط لهم كما حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم وغيرهم من علمائنا أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فليدخل فيه ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فليدخل فيه فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده.
قال ابن إسحاق فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأرا بأولئك النفر الذين أصابوا منهم ببني الأسود بن رزن فخرج نوفل بن معاوية الديلي في بني الديل وهو يومئذ قائدهم وليس كل بني بكر تابعه حتى بيت خزاعة وهم على الوتير ماء لهم فأصابوا منهم رجلا وتحاوزوا واقتتلوا ورفدت بني بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتى حازوا خزاعة إلى الحرم فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم أفلا تصيبون ثأركم فيه وقد أصابوا منهم ليلة بيتوهم بالوتير رجلا يقال له منبه وكان منبه رجلا مفئودا خرج هو ورجل من قومه يقال له تميم بن أسد وقال له منبه يا تميم انج بنفسك فأما أنا فو الله إني لميت قتلوني أو تركوني لقد انبت فؤادي وانطلق تميم فأفلت وأدركوا منبها فقتلوه فلما دخلت § خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء ودار مولى لهم يقال له رافع فقال تميم بن أسد يعتذر من فراره عن منبه لما رأيت بني نفاثة أقبلوا يغشون كل وتيرة وحجاب صخرا ورزنا لا عريب سواهم يزجون كل مقلص خناب وذكرت ذحلا عندنا متقادما فيما مضى من سالف الأحقاب ونشيت ريح الموت من تلقائهم ورهبت وقع مهند قضاب وعرفت أن من يثقفوه يتركوا لحما لمجرية وشلو غراب قومت رجلا لا أخاف عثارها وطرحت بالمتن العراء ثيابي ونجوت لا ينجو نجائي أحقب علج أقب مشمر الأقراب تلحى ولو شهدت لكان نكيرها بولا يبل مشافر القبقاب القوم أعلم ما تركت منبها عن طيب نفس فاسألي أصحابي.
قال ابن إسحاق وقال الأخزر بن لعط الديلي فيما كان بين كنانة وخزاعة في تلك الحرب ألا هل أتى قصوى الأحابيش أننا رددنا بني كعب بأفوق ناصل حبسناهم في دارة العبد رافع وعند بديل محبسا غير طائل بدار الذليل الآخذ الضيم بعد ما شفينا النفوس منهم بالمناصل حبسناهم حتى إذا طال يومهم نفحنا لهم من كل شعب بوابل نذبحهم ذبح التيوس كأننا أسود تبارى فيهم بالقواصل هم ظلمونا واعتدوا في مسيرهم وكانوا لدى الأنصاب أول قاتل كأنهم بالجزع إذ يطردونهم بفاثور حفان النعام الجوافل § فأجابه بديل بن عبد مناة بن سلمة بن عمرو بن الأجب وكان يقال له بديل بن أم أصرم فقال تفاقد قوم يفخرون ولم ندع لهم سيدا يندوهم غير نافل أمن خيفة القوم الألى تزدريهم تجيز الوتير خائفا غير آئل وفي كل يوم نحن نحبو حباءنا لعقل ولا يحبى لنا في المعاقل ونحن صبحنا بالتلاعة داركم بأسيافنا يسبقن لوم العواذل ونحن منعنا بين بيض وعتود إلى خيف رضوى من مجر القنابل ويوم الغميم قد تكفت ساعيا عبيس فجعناه بجلد حلاحل أأن أجمرت في بيتها أم بعضكم بجعموسها تنزون أن لم نقاتل كذبتم وبيت الله ما إن قتلتم ولكن تركنا أمركم في بلابل.
قال ابن إسحاق فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة وكان في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان ذلك مما هاج فتح مكة فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال يا رب إني ناشد محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا قد كنتم ولدا وكنا والدا ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا فانصر هداك الله نصرا أعتدا وادع عباد الله يأتوا مددا فيهم رسول الله قد تجردا إن سيم خسفا وجهه تربدا في فيلق كالبحر يجري مزبدا إن قريشا أخلفوك الموعدا § ونقضوا ميثاقك الموكدا وجعلوا لي في كداء رصدا وزعموا أن لست أدعو أحدا وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هجدا وقتلونا ركعا وسجدا يقول قتلنا وقد أسلمنا.
قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم عنان من السماء فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأخبروه بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ثم انصرفوا راجعين إلى مكة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة ومضى بديل بن ورقاء وأصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان قد بعثته قريش إلى § رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذي صنعوا فلما لقي أبو سفيان بديل بن ورقاء قال من أين أقبلت يا بديل وظن أنه قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تسيرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادي قال أو ما جئت محمدا قال لا فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان لئن جاء بديل المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك راحلته فأخذ من بعرها ففته فرأى فيه النوى فقال أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وعنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها وعندها حسن بن علي غلام يدب بين يديها فقال يا علي إنك أمس القوم بي رحما وإني قد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا فاشفع لي إلى رسول الله فقال ويحك يا أبا سفيان والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى فاطمة فقال يا بنة محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر قالت والله ما بلغ بني ذاك أن يجير بين الناس وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال يا أبا الحسن إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني قال والله ما أعلم لك شيئا يغني عنك شيئا ولكنك سيد بني كنانة فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك قال أو ترى ذلك مغنيا عني شيئا قال لا والله ما أظنه ولكني لا أجد لك غير ذلك فقام أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش قالوا ما وراءك قال جئت محمدا فكلمته فو الله ما رد علي شيئا ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرا ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أدنى العدو.
قال ابن إسحاق ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم وقد أشار علي بشيء صنعته فو الله ما أدري هل يغني ذلك شيئا أم لا قالوا وبم أمرك قال أمرني أن أجير بين الناس ففعلت قالوا فهل أجاز ذلك محمد قال لا قالوا ويلك والله إن زاد الرجل على أن لعب بك فما يغني عنك ما قلت قال لا والله ما وجدت غير ذلك وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبو بكر على ابنته عائشة رضي الله عنها وهي تحرك بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي بنية أأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه قالت نعم فتجهز قال فأين ترينه يريد قالت لا والله ما أدري ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيؤ وقال اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها فتجهز الناس فقال حسان بن ثابت يحرض الناس ويذكر مصاب رجال خزاعة § عناني ولم أشهد ببطحاء مكة رجال بني كعب تحز رقابها بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم وقتلى كثير لم تجن ثيابها ألا ليت شعري هل تنالن نصرتي سهيل بن عمرو وخزها وعقابها وصفوان عود حن من شفر استه فهذا أوان الحرب شد عصابها فلا تأمننا يا بن أم مجالد إذا احتلبت صرفا وأعصل نابها ولا تجزعوا منا فإن سيوفنا لها وقعة بالموت يفتح بابها.
كتاب حاطب إلى قريش وعلم الرسول بأمره *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قالوا لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم لي غيره أنها سارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه قريشا فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبي بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم § فخرجا حتى أدركاها بالخليقة خليقة بني أبي أحمد فاستنزلاها فالتمسا في رحلها فلم يجدا شيئا فقال لها علي بن أبي طالب إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا ولتخرجن لنا هذا الكتاب أو لنكشفنك فلما رأت الجد منه قالت أعرض فأعرض فحلت قرون رأسها فاستخرجت الكتاب منها فدفعته إليه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا فقال يا حاطب ما حملك على هذا فقال يا رسول الله أما والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما غيرت ولا بدلت ولكني كنت أمرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل فصانعتهم عليهم فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه فإن الرجل قد نافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع إلى أصحاب بدر يوم بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله تعالى في حاطب يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة إلى قوله قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلى آخر القصة.
خروج الرسول في رمضان واستخلافه أبارهم *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره واستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين ابن عتبة بن خلف الغفاري وخرج لعشر مضين من رمضان فصام رسول § الله صلى الله عليه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد بين عسفان وأمج أفطر.
نزولهم مر الظهران وتجسس قريش أخبار الرسول *
قال ابن إسحاق ثم مضى حتى نزل مر الظهران في عشرة آلاف من المسلمين فسبعت سليم وبعضهم يقول ألفت سليم وألفت مزينة وفي كل القبائل عدد وإسلام وأوعب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والأنصار فلم يتخلف عنه منهم أحد فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران وقد عميت الأخبار عن قريش فلم يأتهم خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يدرون ما هو فاعل وخرج في تلك الليالي أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يتحسسون الأخبار وينظرون هل يجدون خبرا أو يسمعون به وقد كان العباس بن عبد المطلب لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق.
إسلام أبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن أمية *
قال ابن إسحاق وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة قد لقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا بنيق العقاب فيما بين مكة والمدينة فالتمسا الدخول عليه فكلمته أم سلمة فيهما فقالت يا رسول الله ابن عمك وابن عمتك وصهرك قال لا حاجة لي بهما أما ابن عمي فهتك عرضي وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال قال فلما خرج الخبر إليهما بذلك ومع أبي سفيان بني له فقال والله ليأذنن لي أو لآخذن بيدي بني هذا ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا فلما بلغ ذلك § رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لهما ثم أذن لهما فدخلا عليه فأسلما وأنشد أبو سفيان بن الحارث قوله في إسلامه واعتذر إليه مما كان مضى منه فقال لعمرك إني يوم أحمل راية لتغلب خيل اللات خيل محمد لكالمدلج الحيران أظلم ليله فهذا أواني حين أهدى وأهتدي هداني هاد غير نفسي ونالني مع الله من طردت كل مطرد أصد وأنأى جاهدا عن محمد وأدعى وإن لم أنتسب من محمد هم ما هم من لم يقل بهواهم وإن كان ذا رأي يلم ويفند أريد لأرضيهم ولست بلائط مع القوم ما لم أهد في كل مقعد فقل لثقيف لا أريد قتالها وقل لثقيف تلك غيري أوعدي فما كنت في الجيش الذي نال عامرا وما كان عن جرا لساني ولا يدي قبائل جاءت من بلاد بعيدة نزائع جاءت من سهام وسردد.
قصة إسلام أبي سفيان على يد العباس
قال ابن إسحاق فزعموا أنه حين أنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله ونالني مع الله من طردت كل مطرد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال أنت طردتني كل مطرد § فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس بن عبد المطلب فقلت واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر قال فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فخرجت عليها قال حتى جئت الأراك فقلت لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عليهم عنوة قال فو الله إني لأسير عليها وألتمس ما خرجت له إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا قال يقول بديل هذه والله خزاعة حمشتها الحرب قال يقول أبو سفيان خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتي فقال أبو الفضل قال قلت نعم قال ما لك فداك أبي وأمي قال قلت ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس واصباح قريش والله قال فما الحيلة فداك أبي وأمي قال قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك قال فركب خلفي ورجع صاحباه قال فجئت به كلما مررت بنار من نيران المسلمين قالوا من هذا فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من هذا وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيء § قال فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني فلأضرب عنقه قال قلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه الليلة دوني رجل فلما أكثر عمر في شأنه قال قلت مهلا يا عمر فو الله أن لو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف فقال مهلا يا عباس فو الله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب لو أسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به قال فذهبت به إلى رحلي فبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئا بعد قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله قال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئا فقال له العباس ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك قال فشهد شهادة الحق فأسلم قال العباس قلت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئا قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فلما ذهب لينصرف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها قال § فخرجت حتى حبسته بمضيق الوادي حيث أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحبسه قال ومرت القبائل على راياتها كلما مرت قبيلة قال يا عباس من هذه فأقول سليم فيقول ما لي ولسليم ثم تمر القبيلة فيقول يا عباس من هؤلاء فأقول مزينة فيقول ما لي ولمزينة حتى نفدت القبائل ما تمر به قبيلة إلا يسألني عنها فإذا أخبرته بهم قال ما لي ولبني فلان حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء.
قال ابن إسحاق فيها المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد فقال سبحان الله يا عباس من هؤلاء قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار قال ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة قال فنعم إذن قال قلت النجاء إلى قومك حتى إذا جاءهم صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان § فهو آمن فقامت إليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت اقتلوا الحميت الدسم الأحمس قبح من طليعة قوم قال ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن قالوا قاتلك الله وما تغني عنا دارك قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
وصول النبي إلى ذي طوى *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى ذي طوى وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة حمراء وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل.
إسلام أبي قحافة *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة من أصغر ولده أي بنية اظهري بي على أبي قبيس قالت وقد كف بصره قالت فأشرفت به عليه فقال أي بنية ماذا ترين قالت أرى سوادا مجتمعا قال تلك الخيل قالت وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك مقبلا ومدبرا قال أي بنية ذلك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدم إليها ثم قالت قد والله انتشر السواد قالت فقال قد والله إذن دفعت الخيل فأسرعي بي إلى بيتي فانحطت به وتلقاه الخيل § قبل أن يصل إلى بيته قالت وفي عنق الجارية طوق من ورق فتلقاها رجل فيقتطعه من عنقها قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتى أبو بكر بأبيه يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشي إليك من أن تمشي إليه أنت قال قالت فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم فأسلم قالت فدخل به أبو بكر وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته وقال أنشد الله والإسلام طوق أختي فلم يجبه أحد قالت فقال أي أخية احتسبي طوقك فو الله إن الأمانة في الناس اليوم لقليل.
دخول جيوش المسلمين مكة *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرق جيشه من ذي طوى أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى وكان الزبير على المجنبة اليسرى وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء.
تخوف المهاجرين على قريش من سعد وما أمر به الرسول *
قال ابن إسحاق فزعم بعض أهل العلم أن سعدا حين وجه داخلا قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فسمعها رجل من المهاجرين.
فقال يا رسول الله اسمع ما قال سعد بن عبادة ما نأمن أن يكون له في قريش صولة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم § لعلي بن أبي طالب أدركه فخذ الراية منه فكن أنت الذي تدخل بها.
طريق المسلمين في دخول مكة *
قال ابن إسحاق وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر خالد بن الوليد فدخل من الليط أسفل مكة في بعض الناس وكان خالد على المجنبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة وضربت له هنالك قبته.
تعرض صفوان في نفر معه للمسلمين *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن أبي بكر أن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو كانوا قد جمعوا ناسا بالخندمة ليقاتلوا وقد كان حماس بن قيس بن خالد أخو بني بكر يعد سلاحا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصلح منه فقالت له امرأته لماذا تعد ما أرى قال لمحمد وأصحابه قالت والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء قال والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم ثم قال إن يقبلوا اليوم فما لي عله هذا سلاح كامل وأله وذو غرارين سريع السله ثم شهد الخندمة مع صفوان وسهيل وعكرمة فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد بن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال فقتل كرز بن جابر أحد بني محارب ابن فهر وخنيس بن خالد بن ربيعة بن أصرم حليف بني منقذ وكانا في خيل خالد بن الوليد فشذا عنه فسلكا طريقا غير طريقه فقتلا جميعا قتل حنيس § ابن خالد قبل كرز بن جابر فجعله كرز بن جابر بين رجليه ثم قاتل عنه حتى قتل وهو يرتجز ويقول قد علمت صفراء من بني فهر نقية الوجه نقية الصدر لأضربن اليوم عن أبي صخر.
قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن بكر قالا وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء من خيل خالد بن الوليد وأصيب من المشركين ناس قريب من اثني عشر رجلا أو ثلاثة عشر رجلا ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته ثم قال لامرأته أغلقي علي بابي قالت فأين ما كنت تقول فقال إنك لو شهدت يوم الخندمه إذ فر صفوان وفر عكرمه وأبو يزيد قائم كالموتمه واستقبلتهم بالسيوف المسلمه يقطعن كل ساعد وجمجمه ضربا فلا يسمع إلا غمغمه لهم نهيت خلفنا وهمهمه لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه.
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى أمرائه من المسلمين حين أمرهم أن يدخلوا مكة أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم إلا أنه قد عهد في نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد أخو بني عامر بن لؤي وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه قد كان أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فارتد مشركا راجعا إلى قريش ففر إلى عثمان بن عفان وكان أخاه للرضاعة فغيبه حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن الناس وأهل مكة فاستأمن له فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صمت طويلا ثم قال نعم فلما انصرف عنه عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله من أصحابه لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الأنصار فهلا أومأت إلي يا رسول الله قال إن النبي لا يقتل بالإشارة.
قال ابن إسحاق وعبد الله بن خطل رجل من بني تيم بن غالب إنما أمر § بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى له يخدمه وكان مسلما فنزل منزلا وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما فنام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينتان فرتنى وصاحبتها وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلهما معه والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي وكان ممن يؤذيه بمكة.
قال ابن إسحاق ومقيس بن حبابة وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لقتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مشركا وسارة مولاة لبعض بني عبد المطلب وعكرمة بن أبي جهل وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة فأما عكرمة فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام فاستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فخرجت في طلبه إلى اليمن حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وأما عبد الله بن خطل فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي اشتركا في دمه وأما مقيس بن حبابة فقتله نميلة بن عبد الله رجل من قومه فقالت أخت مقيس في قتله لعمري لقد أخزى نميلة رهطه وفجع أضياف الشتاء بمقيس § فلله عينا من رأى مثل مقيس إذا النفساء أصبحت لم تخرس وأما قينتا ابن خطل فقتلت إحداهما وهربت الأخرى حتى استؤمن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فأمنها وأما سارة فاستؤمن لها فأمنها ثم بقيت حتى أوطأها رجل من الناس فرسا في زمن عمر بن الخطاب بالأبطح فقتلها وأما الحويرث بن نقيذ فقتله علي بن أبي طالب.
حديث الرجلين اللذين أمنتهما أم هانئ *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_SIAH@ سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى عقيل ابن أبي طالب أن أم هانئ بنت أبي طالب قالت لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة فر إلي رجلان من أحمائي من بني مخزوم وكانت عند هبيرة بن أبي وهب المخزومي قالت فدخل علي علي بن أبي طالب أخي فقال والله لأقتلنهما فأغلقت عليهما باب بيتي ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل من جفنة إن فيها لأثر العجين وفاطمة ابنته تستره بثوبه فلما اغتسل أخذ ثوبه فتوشح به ثم صلى ثماني ركعات من الضحى ثم انصرف إلي فقال مرحبا وأهلا يا أم هانئ ما جاء بك فأخبرته خبر الرجلين وخبر علي فقال قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت فلا يقتلهما.
طواف الرسول بالبيت وكلمته فيه *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور عن صفية بنت شيبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل مكة واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به سبعا على راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتحت له فدخلها فوجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده § ثم طرحها ثم وقف على باب الكعبة وقد استكف له الناس في المسجد.
قال ابن إسحاق فحدثني بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج ألا وقتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل أربعون منها في بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلا هذه الآية يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم الآية كلها ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء ثم جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فقام إليه علي بن أبي طالب ومفتاح الكعبة في يده فقال يا رسول الله اجمع لنا الحجابة مع السقاية صلى الله عليك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعي له فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم بر ووفاء.
سبب تسمية الرسول لخراش بالقتال *
قال ابن إسحاق حدثني سعيد بن أبي سندر الأسلمي عن رجل من قومه قال كان معنا رجل يقال له أحمر بأسا وكان رجلا شجاعا وكان إذا نام غط غطيطا منكرا لا يخفى مكانه فكان إذا بات في حيه بات معتنزا فإذا بيت الحي صرخوا يا أحمر فيثور مثل الأسد لا يقوم لسبيله شيء فأقبل غزي من هذيل يريدون حاضره حتى إذا دنوا من الحاضر قال ابن الأثوع الهذلي لا تعجلوا علي حتى أنظر فإن كان في الحاضر أحمر فلا سبيل إليهم فإن له غطيطا لا يخفى قال فاستمع فلما سمع غطيطه مشى إليه حتى وضع السيف في صدره ثم تحامل عليه حتى قتله ثم أغاروا على الحاضر فصرخوا يا أحمر ولا أحمر لهم فلما كان عام الفتح وكان الغد من يوم الفتح أتى ابن الأثوع الهذلي حتى دخل مكة ينظر ويسأل عن أمر الناس وهو على شركه فرأته خزاعة فعرفوه فأحاطوا به وهو إلى جنب جدار من جدر مكة يقولون أأنت قاتل أحمر قال نعم أنا قاتل أحمر فمه قال إذ أقبل خراش بن أمية مشتملا على السيف فقال هكذا عن الرجل وو الله ما نظن إلا أنه يريد أن يفرج الناس عنه فلما انفرجنا عنه حمل عليه فطعنه بالسيف في بطنه فو الله § لكأني أنظر إليه وحشوته تسيل من بطنه وإن عينيه لترنقان في رأسه وهو يقول أقد فعلتموها يا معشر خزاعة حتى انجعف فوقع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع لقد قتلتم قتيلا لأدينه قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي عن سعيد بن المسيب قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع خراش بن أمية قال إن خراشا لقتال يعيبه بذلك.
ما كان بين أبي شريح وابن سعد حين ذكره بحرمة مكة *
قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الخزاعي قال لما قدم عمرو بن الزبير مكة لقتال أخيه عبد الله بن الزبير جئته فقلت له يا هذا إنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام من حرام إلى يوم القيامة فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دما § ولا يعضد فيها شجرا لم تحلل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي ولم تحلل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها ألا ثم قد رجعت كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد منكم الغائب فمن قال لكم إن رسول الله قد قاتل فيها فقولوا إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فلقد كثر القتل إن نفع لقد قتلتم قتيلا لأدينه فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين إن شاءوا فدم قاتله وإن شاءوا فعقله ثم ودى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل الذي قتلته خزاعة فقال عمرو لأبي شريح انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك إنها لا تمنع سافك دم ولا خالع طاعة ولا مانع جزية فقال أبو شريح إني كنت شاهدا وكنت غائبا ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد أبلغتك فأنت وشأنك.
أمان الرسول لصفوان بن أمية *
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن جعفر عن عروة بن الزبير قال خرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب يا نبي الله إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر فأمنه صلى الله عليك قال هو آمن قال يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عمامته التي دخل فيها مكة § فخرج بها عمير حتى أدركه وهو يريد أن يركب في البحر فقال يا صفوان فداك أبي وأمي الله الله في نفسك أن تهلكها فهذا أمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جئتك به قال ويحك اغرب عني فلا تكلمني قال أي صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس وأبر الناس وأحلم الناس وخير الناس ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك قال إني أخافه على نفسي قال هو أحلم من ذاك وأكرم فرجع معه حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صفوان إن هذا يزعم أنك قد أمنتني قال صدق قال فاجعلني فيه بالخيار شهرين قال أنت بالخيار فيه أربعة أشهر.
إسلام عكرمة وصفوان *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وفاختة بنت الوليد وكانت فاختة عند صفوان بن أمية وأم حكيم عند عكرمة بن أبي جهل أسلمتا فأما أم حكيم فاستأمنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لعكرمة فأمنه فلحقت به باليمن فجاءت به فلما أسلم عكرمة وصفوان أقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهما على النكاح الأول.
إسلام ابن الزبعرى وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت قال رمى حسان بن الزبعرى وهو بنجران ببيت واحد ما زاده عليه لا تعد من رجلا أخلك بغضه نجران في عيش أحذ لئيم § فلما بلغ ذلك ابن الزبعرى خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم فقال حين أسلم يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور إذ أباري الشيطان في سنن الغي ومن مال ميله مثبور آمن اللحم والعظام لربي ثم قلبي الشهيد أنت النذير إنني عنك زاجر ثم حيا من لؤي وكلهم مغرور.
قال ابن إسحاق وقال عبد الله بن الزبعرى أيضا حين أسلم منع الرقاد بلابل وهموم والليل معتلج الرواق بهيم مما أتاني أن أحمد لامني فيه فبت كأنني محموم يا خير من حملت على أوصالها عيرانة سرح اليدين غشوم إني لمعتذر إليك من الذي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم أيام تأمرني بأغوى خطة سهم وتأمرني بها مخزوم وأمد أسباب الردى ويقودني أمر الغواة وأمرهم مشئوم فاليوم آمن بالنبي محمد قلبي ومخطئ هذه محروم مضت العداوة وانقضت أسبابها ودعت أواصر بيننا وحلوم § فاغفر فدى لك والداي كلاهما زللي فإنك راحم مرحوم وعليك من علم المليك علامة نور أغر وخاتم مختوم أعطاك بعد محبة برهانه شرفا وبرهان الإله عظيم ولقد شهدت بأن دينك صادق حق وأنك في العباد جسيم والله يشهد أن أحمد مصطفى مستقبل في الصالحين كريم قرم علا بنيانه من هاشم فرع تمكن في الذرا وأروم.
بقاء هبيرة على كفره وشعره في إسلام زوجه أم هانئ *
قال ابن إسحاق وأما هبيرة بن أبي وهب المخزومي فأقام بها حتى مات كافرا وكانت عنده أم هانئ بنت أبي طالب واسمها هند وقد قال حين بلغه إسلام أم هانئ أشاقتك هند أم أتاك سؤالها كذاك النوى أسبابها وانفتالها وقد أرقت في رأس حصن ممنع بنجران يسري بعد ليل خيالها وعاذلة هبت بليل تلومني وتعذلني بالليل ضل ضلالها وتزعم أني إن أطعت عشيرتي سأردى وهل يردين إلا زيالها فإني لمن قوم إذا جد جدهم على أي حال أصبح اليوم حالها وإني لحام من وراء عشيرتي إذا كان من تحت العوالي مجالها § وصارت بأيديها السيوف كأنها مخاريق ولدان ومنها ظلالها وإني لأقلى الحاسدين وفعلهم على الله رزقي نفسها وعيالها وإن كلام المرء في غير كنهه لكالنبل تهوي ليس فيها نصالها فإن كنت قد تابعت دين محمد وعطفت الأرحام منك حبالها فكوني على أعلى سحيق بهضبة ململمة غبراء يبس بلالها.
عدة من شهد فتح مكة من المسلمين *
قال ابن إسحاق وكان جميع من شهد فتح مكة من المسلمين عشرة آلاف من بني سليم سبع مائة ويقول بعضهم ألف ومن بني غفار أربع مائة ومن أسلم أربع مائة ومن مزينة ألف وثلاثة نفر وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد وكان مما قيل من الشعر في يوم الفتح قول حسان بن ثابت الأنصاري عفت ذات الأصابع فالجواء إلى عذراء منزلها خلاء § ديار من بني الحسحاس قفر تعفيها الروامس والسماء وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاء فدع هذا ولكن من لطيف يؤرقني إذا ذهب العشاء لشعثاء التي قد تيمته فليس لقلبه منها شفاء كأن خبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء إذا ما الأشربات ذكرن يوما فهن لطيب الراح الفداء نوليها الملامة إن ألمنا إذا ما كان مغث أو لحاء ونشربها فتتركنا ملوكا وأسدا ما ينهنهنا اللقاء عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء ينازعن الأعنة مصغيات على أكتافها الأسل الظماء § تظل جيادنا متمطرات يلطمهن بالخمر النساء فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعين الله فيه من يشاء وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء وقال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق إن نفع البلاء شهدت به فقوموا صدقوه فقلتم لا نقوم ولا نشاء وقال الله قد سيرت جندا هم الأنصار عرضتها اللقاء لنا في كل يوم من معد سباب أو قتال أو هجاء فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء ألا أبلغ أبا سفيان عني مغلغلة فقد برح الخفاء بأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء § هجوت محمدا وأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء هجوت مباركا برا حنيفا أمين الله شيمته الوفاء أمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء.
قال ابن إسحاق وقال أنس بن زنيم الديلي يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي أأنت الذي تهدى معد بأمره بل الله يهديهم وقال لك اشهد وما حملت من ناقة فوق رحلها أبر وأوفى ذمة من محمد أحث على خير وأسبغ نائلا إذا راح كالسيف الصقيل المهند وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله وأعطى لرأس السابق المتجرد تعلم رسول الله أنك مدركي وأن وعيدا منك كالأخذ باليد تعلم رسول الله أنك قادر على كل صرم متهمين ومنجد تعلم بأن الركب ركب عويمر هم الكاذبون المخلفو كل موعد ونبئوا رسول الله أني هجوته فلا حملت سوطي إلي إذن يدي § سوى أنني قد قلت ويل ام فتية أصيبوا بنحس لا بطلق وأسعد أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء فعزت عبرتي وتبلدي فإنك قد أخفرت إن كنت ساعيا بعبد بن عبد الله وابنة مهود ذؤيب وكلثوم وسلمى تتابعوا جميعا فإلا تدمع العين اكمد وسلمى وسلمى ليس حي كمثله وإخوته وهل ملوك كأعبد فإني لا دينا فتقت ولا دما هرقت تبين عالم الحق واقصد فأجابه بديل بن عبد مناف بن أم أصرم فقال بكى أنس رزنا فأعوله البكا فألا عديا إذ تطل وتبعد بكيت أبا عبس لقرب دمائها فتعذر إذ لا يوقد الحرب موقد أصابهم يم الخنادم فتية كرام فسل منهم نفيل ومعبد لك إن تسفح دموعك لا تلم عليهم وإن لم تدمع العين فاكمدوا.
قال ابن إسحاق وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم الفتح نفى أهل الحبلق كل فج مزينة غدوة وبنو خفاف § ضربناهم بمكة يوم فتح النبي الخير بالبيض الخفاف صبحناهم بسبع من سليم وألف من بني عثمان واف نطا أكتافهم ضربا وطعنا ورشقا بالمريشة اللطاف ترى بين الصفوف لها حفيفا كما انصاع الفواق من الرصاف فرحنا والجياد تجول فيهم بأرماح مقومة الثقاف فأبنا غانمين بما اشتهينا وآبوا نادمين على الخلاف وأعطينا رسول الله منا مواثقنا على حسن التصافي وقد سمعوا مقالتنا فهموا غداة الروع منا بانصراف.
مسير خالد بن الوليد بعد الفتح إلى بني جذيمة من كنانة ومسير علي لتلافي خطأ خالد *
قال ابن إسحاق وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما حول مكة السرايا تدعو إلى الله عز وجل ولم يأمرهم بقتال وكان ممن بعث خالد بن الوليد وأمره أن يسير بأسفل تهامة داعيا ولم يبعثه مقاتلا فوطئ بني جذيمة فأصاب منهم.
قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين § افتتح مكة داعيا ولم يبعثه مقاتلا ومعه قبائل من العرب سليم بن منصور ومدلج بن مرة فوطئوا بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة فلما رآه القوم أخذوا السلاح فقال خالد ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا.
قال ابن إسحاق فحدثني بعض أصحابنا من أهل العلم من بني جذيمة قال لما أمرنا خالد أن نضع السلاح قال رجل منا يقال له جخدم ويلكم يا بني جذيمة إنه خالد والله ما بعد وضع السلاح إلا الإسار وما بعد الإسار إلا ضرب الأعناق والله لا أضع سلاحي أبدا قال فأخذه رجال من قومه فقالوا يا جحدم أتريد أن تسفك دماءنا إن الناس قد أسلموا ووضعوا السلاح ووضعت الحرب وأمن الناس فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ووضع القوم السلاح لقول خالد.
قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر محمد بن علي قال فلما وضعوا السلاح أمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إلى السماء ثم قال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد.
قال ابن إسحاق فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر محمد بن علي قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك فخرج علي حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فودى لهم الدماء وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه ليدي لهم ميلغة الكلب حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال فقال لهم علي رضوان الله عليه حين فرغ منهم هل بقي لكم بقية من دم أو مال لم يود لكم قالوا لا قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يعلم ولا تعلمون ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال أصبت وأحسنت قال ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائما شاهرا يديه حتى إنه ليرى مما تحت منكبيه يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات.
معذرة خالد في قتال القوم *
قال ابن إسحاق وقد قال بعض من يعذر خالدا إنه قال ما قاتلت حتى أمرني بذلك عبد الله بن حذافة السهمي وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقاتلهم لامتناعهم من الإسلام.
ما كان بين خالد وبين عبد الرحمن وزجر الرسول لخالد *
قال ابن إسحاق وقد كان جحدم قال لهم حين وضعوا السلاح ورأى ما يصنع خالد ببني جذيمة يا بني جذيمة ضاع الضرب قد كنت حذرتكم ما وقعتم فيه قد كان بين خالد وبين عبد الرحمن بن عوف فيما بلغني كلام في ذلك فقال له عبد الرحمن بن عوف عملت بأمر الجاهلية في الإسلام فقال إنما ثأرت بأبيك فقال عبد الرحمن كذبت قد قتلت قاتل أبي ولكنك ثأرت بعمك الفاكه بن المغيرة حتى كان بينهما شر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مهلا يا خالد دع عنك أصحابى فو الله لو كان لك أحد ذهبا ثم أنفقته في سبيل الله ما أدركت غدوة رجل من أصحابي ولا روحته وكان الفاكه بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وعوف بن عبد مناف ابن عبد الحارث بن زهرة وعفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس قد خرجوا تجارا إلى اليمن ومع عفان ابنه عثمان ومع عوف ابنه عبد الرحمن فلما أقبلوا حملوا مال رجل من بني جذيمة بن عامر كان هلك باليمن إلى ورثته فادعاه رجل منهم يقال له خالد بن هشام ولقيهم بأرض بني جذيمة قبل أن يصلوا إلى أهل الميت فأبوا عليه فقاتلهم بمن معه من قومه على المال ليأخذوه وقاتلوه فقتل عوف بن عبد عوف والفاكه بن المغيرة ونجا عفان بن أبي العاص وابنه عثمان وأصابوا مال الفاكه بن المغيرة ومال عوف بن عبد عوف فانطلقوا به وقتل عبد الرحمن بن عوف خالد بن هشام قاتل أبيه فهمت قريش بغزو بني جذيمة فقالت بنو جذيمة ما كان مصاب أصحابكم عن ملإ منا إنما عدا § عليهم قوم بجهالة فأصابوهم ولم نعلم فنحن نعقل لكم ما كان لكم قبلنا من دم أو مال فقبلت قريش ذلك ووضعوا الحرب وقال قائل من بني جذيمة وبعضهم يقول امرأة يقال لها سلمى ولولا مقال القوم للقوم أسلموا للاقت سليم يوم ذلك ناطحا لماصعهم بسر وأصحاب جحدم ومرة حتى يتركوا البرك ضابحا فكائن ترى يوم الغميصاء من فتى أصيب ولم يجرح وقد كان جارحا ألظت بخطاب الأيامى وطلقت غداتئذ منهن من كان ناكحا.
قال ابن إسحاق فأجابه عباس بن مرداس ويقال بل الجحاف بن حكيم السلمي دعي عنك تقوال الضلال كفى بنا لكبش الوغى في اليوم والأمس ناطحا فخالد أولى بالتعذر منكم غداة علا نهجا من الأمر واضحا معانا بأمر الله يزجي إليكم سوانح لا تكبو له وبوارحا نعوا مالكا بالسهل لما هبطنه عوابس في كابى الغبار كولحلا § فإن نك أثكلناك سلمى فما لك تركتم عليه نائحات ونائحا وقال الجحاف بن حكيم السلمي شهدن مع النبي مسومات حنينا وهي دامية الكلام وغزوة خالد شهدت وجرت سنابكهن بالبلد الحرام نعرض للطعان إذا التقينا وجوها لا تعرض للطام ولست بخالع عني ثيابي إذا هز الكماة ولا أرامي ولكني يجول المهر تحتي إلى العلوات بالعضب الحسام.
حديث ابن أبي حدرد الفتى الجذمي يوم الفتح *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن الزهري عن ابن أبي حدرد الأسلمي قال كنت يومئذ في خيل خالد بن الوليد فقال لي فتى من بني جذيمة وهو في سني وقد جمعت يداه إلى عنقه برمة ونسوة مجتمعات غير بعيد منه يا فتى فقلت ما تشاء قال هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة حتى أقضي إليهن حاجة ثم تردني بعد فتصنعوا بي ما بدا لكم قال قلت والله ليسير ما طلبت فأخذت برمته فقدته بها حتى وقف عليهن فقال اسلمي حبيش على نفذ من العيش أريتك إذ طالبتكم فوجدتكم بحلية أو ألفيتكم بالخوانق ألم يك أهلا أن ينول عاشق تكلف إدلاج السرى والودائق § فلا ذنب لي قد قلت إذ أهلنا معا أثيبي بود قبل إحدى الصفائق أثيبي بود قبل أن تشحط النوى وينأى الأمير بالحبيب المفارق فإني لا ضيعت سر أمانة ولا راق عيني عنك بعدك رائق سوى أن ما نال العشيرة شاغل عن الود إلا أن يكون التوامق.
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس عن الزهري عن ابن أبي حدرد الأسلمي قال قالت وأنت فحييت سبعا وعشرا وترا وثمانيا تترى قال ثم انصرفت به فضربت عنقه.
قال ابن إسحاق فحدثني أبو فراس بن أبي سنبلة الأسلمي عن أشياخ منهم عمن كان حضرها منهم قالوا فقامت إليه حين ضربت عنقه فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت عنده.
قال ابن إسحاق وقال رجل من بني جذيمة جزى الله عنا مدلجا حيث أصبحت جزاءة بؤسي حيث سارت وحلت أقاموا على أقضاضنا يقسمونها وقد نهلت فينا الرماح وعلت فو الله لولا دين آل محمد لقد هربت منهم خيول فشلت § وما ضرهم أن لا يعينوا كتيبة كرجل جراد أرسلت فاشمعلت فإما ينبوا أو يثوبوا لأمرهم فلا نحن نجزيهم بما قد أضلت فأجابه وهب رجل من بني ليث فقال دعونا إلى الإسلام والحق عامرا فما ذنبنا في عامر إذ تولت وما ذنبنا في عامر لا أبا لهم لأن سفهت أحلامهم ثم ضلت وقال رجل من بني جذيمة ليهنئ بني كعب مقدم خالد وأصحابه إذ صبحتنا الكتائب فلا ترة يسعى بها ابن خويلد وقد كنت مكفيا لو انك غائب فلا قومنا ينهون عنا غواتهم ولا الداء من يوم الغميصاء ذاهب وقال غلام من بني جذيمة وهو يسوق بأمه وأختين له وهو هارب بهن من جيش خالد رخين أذيال المروط واربعن مشي حييات كأن لم يفزعن إن تمنع اليوم نساء تمنعن وقال غلمة من بني جذيمة يقال لهم بنو مساحق يرتجزون حين سمعوا بخالد فقال أحدهم قد علمت صفراء بيضاء الإطل يحوزها ذو ثلة وذو إبل لأغنين اليوم ما أغنى رجل § وقال الآخر قد علمت صفراء تلهي العرسا لا تملأ الحيزوم منها نهسا لأضربن اليوم ضربا وعسا ضرب المحلين مخاضا قعسا وقال الآخر أقسمت ما إن خادر ذو لبده شثن البنان في غداة برده جهم المحيا ذو سبال ورده يرزم بين أيكة وجحده ضار بتأكال الرجال وحده بأصدق الغداة مني نجده ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بنخلة وكانت بيتا يعظمه هذا الحي من قريش وكنانة ومضر كلها وكانت سدنتها وحجابها بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم فلما سمع صاحبها السلمي بمسير خالد إليها علق عليها سيفه وأسند في الجبل الذي هي فيه وهو يقول § أيا عز شدي شدة لا شوى لها على خالد ألقي القناع وشمري يا عز إن لم تقتلي المرء خالدا فبوئي بإثم عاجل أو تنصري فلما انتهى إليها خالد هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة.
غزوة حنين في سنة ثمان بعد الفتح *
قال ابن إسحاق ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها مالك بن عوف النصري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها واجتمعت نصر وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء وغاب عنها فلم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب ولم يشهدها منهم أحد له اسم وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب وكان شيخا مجربا وفي ثقيف سيدان لهم و في الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود ابن معتب وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث بن مالك وأخوه أحمر بن الحارث وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم فلما نزل بأوطاس § اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به فلما نزل قال بأي واد أنتم قالوا بأوطاس قال نعم مجال الخيل لا حزن ضرس ولا سهل دهس ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قالوا ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم قال أين مالك قيل هذا مالك ودعي له فقال يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ما لي أسمع رغاء البعير ونهاق الحمير وبكاء الصغير ويعار الشاء قال سقت مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم قال ولم ذاك قال أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم قال فأنقض به ثم قال راعي ضأن والله وهل يرد المنهزم شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ثم قال ما فعلت كعب وكلاب قالوا لم يشهدها منهم أحد قال غاب الحد والجد ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب ولوددت أنكم فعلتم ما فعلت كعب وكلاب فمن شهدها منكم قالوا عمرو بن عامر وعوف بن عامر قال ذانك الجذعان من عامر لا ينفعان ولا يضران يا مالك إنك لم تصنع بتقديم § البيضة بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا ارفعهم إلى متمنع بلادهم وعليا قومهم ثم الق الصباء على متون الخيل فإن كانت لك لحق بك من وراءك وإن كانت عليك ألفاك ذلك قد أحرزت أهلك ومالك قال والله لا أفعل ذلك إنك قد كبرت وكبر عقلك والله لتطعيننى يا معشر هوازن أو لأتكسئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري وكره أن يكون لدريد بن الصمة فيها ذكر أو رأي فقالوا أطعناك فقال دريد بن الصمة هذا يوم لم أشهده ولم يفتني يا ليتني فيها جذع أخب فيها وأضع أقود وطفاء الزمع كأنها شاة صدع.
الملائكة وعيون مالك بن عوف *
قال ابن إسحاق ثم قال مالك للناس إذا رأيتموهم فاكسروا جفون سيوفكم ثم شدوا شدة رجل واحد قال وحدثني أمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان أنه حدث أن مالك بن عوف بعث عيونا من رجاله فأتوه وقد تفرقت أوصالهم فقال ويلكم ما شأنكم فقالوا رأينا رجالا بيضا على خيل بلق فو الله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى فو الله ما رده ذلك عن وجهه أن مضى على ما يريد.
بعث ابن أبي حدرد عينا على هوازن *
قال ابن إسحاق ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله § ابن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم فأقام فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب فأخبره الخبر فقال عمر كذب ابن أبي حدرد فقال ابن أبي حدرد إن كذبتني فربما كذبت بالحق يا عمر فقد كذبت من هو خير مني فقال عمر يا رسول الله ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كنت ضالا فهداك الله يا عمر فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ليلقاهم ذكر له أن عند صفوان بن أمية أدراعا له وسلاحا فأرسل إليه وهو يومئذ مشرك فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلق فيه عدونا غدا فقال صفوان أغصبا يا محمد قال بل عارية ومضمونة حتى نؤديها إليك قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل قال ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ألفان من أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح الله بهم مكة فكانوا اثني عشر ألفا واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية ابن عبد شمس على مكة أميرا على من تخلف عنه من الناس ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه يريد لقاء هوازن § فقال عباس بن مرداس السلمي أصابت العام رعلا غول قومهم وسط البيوت ولون الغول ألوان يا لهف أم كلاب إذ تبيتهم خيل ابن هوذة لا تنهى وإنسان لا تلفظوها وشدوا عقد ذمتكم أن ابن عمكم سعد ودهمان لن ترجعوها وإن كانت مجللة ما دام في النعم المأخوذ ألبان شنعاء جلل من سوءاتها حضن وسال ذو شوغر منها وسلوان ليست بأطيب مما يشتوي حذف إذ قال كل شواء العير جوفان وفي هوازن قوم غير أن بهم داء اليماني فإن لم يغدروا خانوا فيهم أخ لو وفوا أو بر عهدهم ولو نهكناهم بالطعن قد لانوا أبلغ هوازن أعلاها وأسفلها مني رسالة نصح فيه تبيان أني أظن رسول الله صابحكم جيشا له في فضاء الأرض أركان فيهم أخوكم سليم غير تارككم والمسلمون عباد الله غسان وفي عضادته اليمنى بنو أسد والأجربان بنو عبس وذبيان تكاد ترجف منه الأرض رهبته وفي مقدمه أوس وعثمان.
أمر ذات أنواط *
قال ابن إسحاق وحدثني ابن شهاب الزهري عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن أبي واقد الليثي أن الحارث بن مالك قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين ونحن حديثو عهد بالجاهلية قال فسرنا معه إلى حنين قال وكانت كفار قريش ومن سواهم من العرب لهم شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما قال فرأينا ونحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سدرة خضراء عظيمة قال فتنادينا من جنبات الطريق يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى لموسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم.
لقاء هوازن وثبات الرسول *
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط إنما ننحدر فيه انحدارا قال وفي عماية الصبح وكان القوم قد سبقونا إلى الوادي فكمنوا لنا في شعابه وأحنائه ومضايقه § وقد أجمعوا وتهيئوا وأعدوا فو الله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد وانشمر الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين ثم قال أين أيها الناس هلموا إلي أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله قال فلا شيء حملت الإبل بعضها على بعض فانطلق الناس إلا أنه قد بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس وربيعة بن الحارث وأسامة بن زيد وأيمن بن عبيد قتل يومئذ.
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح له طويل أمام هوازن وهوازن خلفه إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه.
شماتة أبي سفيان وغيره بالمسلمين *
قال ابن إسحاق فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن فقال أبو سفيان بن حرب لا تنتهي هزيمتهم دون البحر وإن الأزلام لمعه في كنانته وصرخ جبلة بن الحنبل.
هو § مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا بطل السحر اليوم فقال له صفوان اسكت فض الله فاك فو الله لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن.
عجز شيبة عن قتل الرسول وقد هم به *
قال ابن إسحاق وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار قلت اليوم أدرك ثأري من محمد وكان أبوه قتل يوم أحد اليوم أقتل محمدا قال فأدرت برسول الله لأقتله فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي فلم أطق ذاك وعلمت أنه ممنوع مني.
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين فصل من مكة إلى حنين ورأى كثرة من معه من جنود الله لن نغلب اليوم من قلة.
رجوع الناس بنداء العباس والانتصار بعد الهزيمة *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن كثير بن العباس عن أبيه العباس ابن عبد المطلب قال إني لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذ بحكمة § بغلته البيضاء قد شجرتها بها قال وكنت امرأ جسيما شديد الصوت قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين رأى ما رأى من الناس أين أيها الناس فلم أر الناس يلوون على شيء فقال يا عباس اصرخ يا معشر الأنصار يا معشر أصحاب السمرة قال فأجابوا لبيك لبيك قال فيذهب الرجل ليثني بعيره فلا يقدر على ذلك فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره ويخلي سبيله فيؤم الصوت حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس فاقتتلوا وكانت الدعوى أول ما كانت يا للأنصار ثم خلصت أخيرا يا للخزرج وكانوا صبرا عند الحرب فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه فنظر إلى مجتلد القوم وهم يجتلدون فقال الآن حمي الوطيس.
بلاء علي وأنصاري في هذه الحرب *
قال ابن إسحاق وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جمله يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ورجل من الأنصار يريدانه قال فيأتيه علي بن أبي طالب من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه فانجعف عن رحله قال واجتلد الناس فو الله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال والتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وكان ممن صبر يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حسن الإسلام حين أسلم وهو آخذ بثفر بغلته فقال من هذا قال أنا ابن أمك يا رسول الله.
شأن أم سليم *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التفت فرأى أم سليم بنت ملحان وكانت مع زوجها أبي طلحة وهي حازمة وسطها ببرد لها وإنها لحامل بعبد الله بن أبي طلحة ومعها جمل أبي طلحة وقد خشيت أن يعزها الجمل فأدنت رأسه منها فأدخلت يدها في خزامته مع الخطام فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سليم قلت نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك فإنهم لذلك أهل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يكفي الله يا أم سليم قال ومعها خنجر فقال لها أبو طلحة ما هذا الخنجر معك يا أم سليم قالت خنجر أخذته إن نا مني أحد من المشركين § بعجته به قال يقول أبو طلحة ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم الرميصاء.
قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وجه إلى حنين قد ضم بني سليم الضحاك بن سفيان الكلابي فكانوا إليه ومعه ولما انهزم الناس قال مالك بن عوف يرتجز بفرسه أقدم محاج إنه يوم نكر مثلي على مثلك يحمي ويكر إذا أضيع الصف يوما والدبر ثم احزألت زمر بعد زمر كتائب يكل فيهن البصر قد أطعن الطعنة تقذي بالسبر حين يذم المستكين المنجحر وأطعن النجلاء تعوي وتهر لها من الجوف رشاش منهمر تفهق تارات وحينا تنفجر وثعلب العامل فيها منكسر يا زيد يا بن همهم أين تفر قد نفد الضرس وقد طال العمر قد علم البيض الطويلات الخمر أني في أمثالها غير غمر إذ تخرج الحاصن من تحت الستر § وقال مالك بن عوف أيضا أقدم محاج إنها الأساوره ولا تغرنك رجل نادره.
شأن أبي قتادة وسلبه *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث عن أبي قتادة الأنصاري قال وحدثني من لا أتهم من أصحابنا عن نافع مولى بني غفار أبي محمد عن أبي قتادة قالا قال أبو قتادة رأيت يوم حنين رجلين يقتتلان مسلما ومشركا قال وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم قال فأتيته فضربت يده فقطعتها واعتنقني بيده الأخرى فو الله ما أرسلني حتى وجدت ريح الدم.
وكاد يقتلني فلولا أن الدم نزفه لقتلني فسقط فضربته فقتلته وأجهضني عنه القتال ومر به رجل من أهل مكة فسلبه فلما وضعت الحرب أوزارها وفرغنا من القوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه فقلت يا رسول الله والله لقد قتلت قتيلا ذا سلب فأجهضني عنه القتال فما أدري من استلبه فقال رجل من أهل مكة صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه عني من سلبه فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لا والله لا يرضيه منه تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن دين الله تقاسمه سلبه اردد عليه سلب قتيله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق § اردد عليه سلبه فقال أبو قتادة فأخذته منه فبعته فاشتريت بثمنه مخرفا فإنه لأول مال اعتقدته.
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي سلمة عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال لقد استلب أبو طلحة يوم حنين وحده عشرين رجلا.
حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا عمر بن يحيى الثقفي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال لقد استلب أبو طلحة يوم خيبر عشرين رجلا.
نصرة الملائكة *
قال ابن إسحاق وحدثني أبي إسحاق بن يسار أنه حدث عن جبير ابن مطعم قال لقد رأيت قبل هزيمة القوم والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود أقبل من السماء حتى سقط بيننا وبين القوم فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي لم أشك أنها الملائكة ثم لم يكن إلا هزيمة القوم.
هزيمة المشركين *
قال ابن إسحاق ولما هزم الله المشركين من أهل حنين وأمكن رسوله صلى الله عليه وسلم منهم قالت امرأة من المسلمين قد غلبت خيل الله خيل اللات والله أحق بالثبات.
قال ابن إسحاق فلما انهزمت هوازن استحر القتل من ثقيف في بني مالك فقتل منهم سبعون رجلا تحت رايتهم فيهم عثمان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث § ابن حبيب وكانت رايتهم مع ذي الخمار فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله فقاتل بها حتى قتل.
قال ابن إسحاق وأخبرني عامر بن وهب بن الأسود قال لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله قال أبعده الله فإنه كان يبغض قريشا.
الغلام النصراني الأغرل وما كاد يلحق ثقيفا بسببه *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أنه قتل مع عثمان بن عبد الله غلام له نصراني أغرل قال فبينا رجل من الأنصار يسلب قتلى ثقيف إذ كشف العبد يسلبه فوجده أغرل قال فصاح بأعلى صوته يا معشر العرب يعلم الله أن ثقيفا غرل قال المغيرة بن شعبة فأخذت بيده وخشيت أن تذهب عنا في العرب فقلت لا تقل ذاك فداك أبي وأمي إنما هو غلام لنا نصراني قال ثم جعلت أكشف له عن القتلى وأقول له ألا تراهم مختنين كما ترى.
فرار قارب وقومه وشعر ابن مرداس في هجائهم *
قال ابن إسحاق وكانت راية الأحلاف مع قارب بن الأسود فلما انهزم الناس أسند رايته إلى شجرة وهرب هو وبنو عمه وقومه من الأحلاف فلم يقتل من الأحلاف غير رجلين رجل من غيرة يقال له وهب وآخر من بني كبة يقال له الجلاح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل الجلاح قتل اليوم سيد شباب ثقيف إلا ما كان من ابن هنيدة يعني بابن هنيدة الحارث بن أويس فقال عباس بن مرداس السلمي يذكر قارب بن الأسود وفراره من بني أبيه وذا الخمار وحبسه قومه للموت § ألا من مبلغ غيلان عني وسوف إخال يأتيه الخبير وعروة إنما أهدي جوابا وقولا غير قولكما يسير بأن محمدا عبد رسول لرب لا يضل ولا يجور وجدناه نبيا مثل موسى فكل فتى يخايره مخير وبئس الأمر أمر بني قسي بوج إذ تقسمت الأمور أضاعوا أمرهم ولكل قوم أمير والدوائر قد تدور فجئنا أسد غابات إليهم جنود الله ضاحية تسير يؤم الجمع جمع بني قسي على حنق نكاد له نطير وأقسم لو هم مكثوا لسرنا إليهم بالجنود ولم يغوروا فكنا أسد لية ثم حتى أبحناها وأسلمت النصور ويوم كان قبل لدى حنين فأقلع والدماء به تمور من الأيام لم تسمع كيوم ولم يسمع به قوم ذكور قتلنا في الغبار بني حطيط على راياتها والخيل زور ولم يك ذو الخمار رئيس قوم لهم عقل يعاقب أو مكير أقام بهم على سنن المنايا وقد بانت لمبصرها الأمور § فأفلت من نجا منهم جيضا وقتل منهم بشر كثير ولا يغني الأمور أخو التواني ولا الغلق الصريرة الحصور أحانهم وحان وملكوه أمورهم وأفلتت الصقور بنو عوف تميح بهم جياد أهين لها الفصافص والشعير فلولا قارب وبنو أبيه تقسمت المزارع والقصور ولكن الرئاسة عمموها على يمن أشار به المشير أطاعوا قاربا ولهم جدود وأحلام إلى عز تصير فإن يهدوا إلى الإسلام يلفوا أنوف الناس ما سمر السمير وإن لم يسلموا فهم أذان بحرب الله ليس لهم نصير كما حكت بني سعد وحرب برهط بني غزية عنقفير كأن بني معاوية بن بكر إلى الإسلام ضائنة تخور فقلنا أسلموا إنا أخوكم وقد برأت من الإحن الصدور كأن القوم إذ جاءوا إلينا من البغضاء بعد السلم عور.
مقتل دريد بن الصمة *
قال ابن إسحاق ولما انهزم المشركون أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف وعسكر بعضهم بأوطاس وتوجه بعضهم نحو نخلة ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ولم تتبع من سلك الثنايا فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس وكان يقال له ابن الدغنة وهي أمه فغلبت على اسمه.
دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه في شجار له فإذا برجل فأناخ به فإذا شيخ كبير وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد ماذا تريد بي قال أقتلك قال ومن أنت قال أنا ربيعة بن رفيع السلمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل وكان الرحل في الشجار ثم اضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كنت كذلك أضرب الرجال ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد ابن الصمة فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه فقالت أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا فقالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريدا لعمرك ما خشيت على دريد ببطن سميرة جيش العناق § جزى عنه الإله بني سليم وعقتهم بما فعلوا عقاق وأسقانا إذا قدنا إليهم دماء خيارهم عند التلاقي فرب عظيمة دافعت عنهم وقد بلغت نفوسهم التراقي ورب كريمة أعتقت منهم وأخرى قد فككت من الوثاق ورب منوه بك من سليم أجبت وقد دعاك بلا رماق فكان جزاؤنا منهم عقوقا وهما ماع منه مخ ساقي عفت آثار خيلك بعد أين بذي بقر إلى فيف النهاق وقالت عمرة بنت دريد أيضا قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا فظل دمعي على السربال ينحدر لولا الذي قهر الأقوام كلهم رأت سليم وكعب كيف تأتمر إذن لصبحهم غبا وظاهرة حيث استقرت نواهم جحفل ذفر.
مقتل أبي عامر الأشعري *
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثار من توجه قبل أوطاس أبا عامر الأشعري فأدرك من الناس بعض من انهزم فناوشوه القتال فرمي أبو عامر بسهم فقتل فأخذ الراية أبو موسى الأشعري وهو ابن عمه § فقاتلهم ففتح الله على يديه وهزمهم فيزعمون أن سلمة بن دريد هو الذي رمى أبا عامر الأشعري بسهم فأصاب ركبته فقتله فقال إن تسألوا عني فإني سلمه ابن سمادير لمن توسمه أضرب بالسيف رءوس المسلمه وسمادير أمه واستحر القتل من بني نصر في بني رئاب فزعموا أن عبد الله بن قيس وهو الذي يقال له ابن العوراء وهو أحد بني وهب بن رئاب قال يا رسول الله هلكت بنو رئاب فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجبر مصيبتهم وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة فوقف في فوارس من قومه على ثنية من الطريق وقال لأصحابه قفوا حتى تمضي ضعفاؤكم وتلحق أخراكم فوقف هناك حتى مضى من كان لحق بهم من منهزمة الناس فقال مالك بن عوف في ذلك ولولا كرتان على محاج لضاق على العضاريط الطريق ولولا كر دهمان بن نصر لدى النخلات مندفع الشديق لآبت جعفر وبنو هلال خزايا محقبين على شقوق.
قال ابن إسحاق وقال سلمة بن دريد وهو يسوق بامرأته حتى أعجزهم نسيتني ما كنت غير مصابة ولقد عرفت غداة نعف الأظرب أني منعتك والركوب محبب ومشيت خلفك مثل مشي الأنكب § إذ فر كل مهذب ذي لمة عن أمه وخليله لم يعقب.
نهي الرسول عن قتل الضعفاء *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر § يومئذ بامرأة وقد قتلها خالد بن الوليد والناس متقصفون عليها فقال ما هذا فقالوا امرأة قتلها خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض من معه أدرك خالدا فقل له إن رسول الله ينهاك أن تقتل وليدا أو امرأة أو عسيفا.
شأن بجاد والشيماء *
قال ابن إسحاق وحدثني بعض بني سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ إن قدرتم على بجاد رجل من بني سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة فعنفوا عليها في السياق فقالت للمسلمين تعلموا والله أني لأخت صاحبكم من الرضاعة فلم يصدقوها حتى أتوا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق فحدثني يزيد بن عبيد السعدي قال فلما انتهي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إني أختك من الرضاعة قال وما علامة ذلك قالت عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركتك قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيرها وقال إن أحببت فعندي محبة مكرمة وإن أحببت أن أمعك وترجعي إلى قومك فعلت فقالت بل تمتعني وتردني إلى قومي فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما له يقال له مكحول وجارية فزوجت أحدهما الأخرى فلم يزل فيهم من نسلهما بقية.
تسمية من استشهد يوم حنين *
قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد يوم حنين من المسلمين من قريش ثم من بني هاشم أيمن بن عبيد ومن بني أسد بن عبد العزى يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد جمح به فرس له يقال له الجناح فقتل ومن الأنصار سراقة بن الحارث بن عدي من بني العجلان ومن الأشعريين أبو عامر الأشعري ثم جمعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا حنين وأموالها وكان على المغانم مسعود بن عمرو الغفاري وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبايا والأموال إلى الجعرانة فحبست بها وقال بجير بن زهير بن أبي سلمى في يوم حنين لولا الإله وعبده وليتم حين استخف الرعب كل جبان بالجزع يوم حبا لنا أقراننا وسوابح يكبون للأذقان من بين ساع ثوبه في كفه ومقطر بسنابك ولبان والله أكرمنا وأظهر ديننا وأعزنا بعبادة الرحمن والله أهلكهم وفرق جمعهم وأذلهم بعبادة الشيطان.
شعر لعباس بن مرداس في يوم حنين *
قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس في يوم حنين إني والسوابح يوم جمع وما يتلو الرسول من الكتاب لقد أحببت ما لقيت ثقيف بجنب الشعب أمس من العذاب هم رأس العدو من اهل نجد فقتلهم ألذ من الشراب هزمنا الجمع جمع بني قسي وحكت بركها ببني رئاب وصرما من هلال غادرتهم بأوطاس تعفر بالتراب ولو لاقين جمع بني كلاب لقام نساؤهم والنقع كابي ركضنا الخيل فيهم بين بس إلى الأورال تنحط بالنهاب بزي لجب رسول الله فيهم كتيبته تعرض للضراب.
شعر ابن عفيف في الرد على ابن مرداس *
فأجابه عطية بن عفيف النصري فيما حدثنا ابن هشام فقال أفاخرة رفاعة في حنين وعباس بن راضعة اللجاب § فانك والفجار كذات مرط لربتها وترفل في الإهاب.
قال ابن إسحاق قال عطية بن عفيف هذين البيتين لما أكثر عباس على هوازن في يوم حنين ورفاعة من جهينة.
شعر آخر لعباس بن مرداس *
قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا يا خاتم النبآء إنك مرسل بالحق كل هدى السبيل هداكا إن الإله بنى عليك محبة في خلقه ومحمدا سماكا ثم الذين وفوا بما عاهدتهم جند بعثت عليهم الضحاكا رجلا به ذرب السلاح كأنه لما تكنفه العدو يراكا يغشى ذوي النسب القريب وإنما يبغي رضا الرحمن ثم رضاكا أنبيك أني قد رأيت مكره تحت العجاجة يدمغ الإشراكا طورا يعانق باليدين وتارة يفرى الجماجم صار ما بتاكا يغشى به هام الكماة ولو ترى منه الذي عاينت كان شفاكا وبنو سليم معنقون أمامه ضربا وطعنا في العدو دراكا يمشون تحت لوائه وكأنهم أسد العرين أردن ثم عراكا ما يرتجون من القريب قرابة إلا لطاعة ربهم وهواكا هذي مشاهدنا التي كانت لنا معروفة وولينا مولاكا § وقال عباس بن مرداس أيضا إما تري يا أم فروة خيلنا منها معطلة تقاد وظلع أوهى مقارعة الأعادي دمها فيها نوافذ من جراح تنبع فلرب قائلة كفاها وقعنا أزم الحروب فسر بها لا يفزع لا وفد كالوفد الألى عقدوا لنا سببا بحبل محمد لا يقطع وفد أبو قطن حزابة منهم وأبو الغيوث وواسع والمقنع والقائد المائة التي وفى بها تسع المئين فتم ألف أقرع جمعت بنو عوف ورهط مخاشن ستا وأحلب من خفاف أربع فهناك إذ نصر النبي بألفنا عقد النبي لنا لواء يلمع فزنا برايته وأورث عقده مجد الحياة وسوددا لا ينزع وغداة نحن مع النبي جناحه ببطاح مكة والقنا يتهزع كانت إجابتنا لداعي ربنا بالحق منا حاسر ومقنع في كل سابغة تخير سردها داود إذ نسج الحديد وتبع ولنا على بئري حنين موكب دمغ النفاق وهضبة ما تقلع § نصر النبي بنا وكنا معشرا في كل نائبة نضر وننفع ذدنا غداتئذ هوازن بالقنا والخيل يغمرها عجاج يسطع إذ خاف حدهم النبي وأسندوا جمعا تكاد الشمس منه تخشع تدعى بنو جشم وتدعى وسطه أفناء نصر والأسنة شرع حتى إذا قال الرسول محمد أبني سليم قد وفيتم فارفعوا رحنا ولولا نحن أجحف بأسهم بالمؤمنين وأحرزوا ما جمعوا وقال عباس بن مرداس أيضا في يوم حنين عفا مجدل من أهله فمتالع فمطلا أريك قد خلا فالمصانع ديار لنا يا جمل إذ جل عيشنا رخي وصرف الدار للحي جامع حبيبة ألوت بها غربة النوى لبين فهل ماض من العيش راجع فإن تبتغي الكفار غير ملومة فإني وزير للنبي وتابع دعانا إليهم خير وفد علمتهم خزيمة والمرار منهم وواسع فجئنا بألف من سليم عليهم لبوس لهم من نسج داود رائع نبايعه بالأخشبين وإنما يد الله بين الأخشبين نبايع § فجسنا مع المهدي مكة عنوة بأسيافنا والنقع كاب وساطع عدنية والخيل يغشى متونها حميم وآن من دم الجوف ناقع ويوم حنين حين سارت هوازن إلينا وضاقت بالنفوس الأضالع صبرنا مع الضحاك لا يستفزنا قراع الأعادي منهم والوقائع أمام رسول الله يخفق فوقنا لواء كخذروف السحابة لامع عشية ضحاك بن سفيان معتص بسيف رسول الله والموت كانع نذود أخانا عن أخينا ولو نرى مصالا لكنا الأقربين نتابع ولكن دين الله دين محمد رضينا به فيه الهدى والشرائع أقام به بعد الضلالة أمرنا وليس لأمر حمه الله دافع وقال عباس بن مرداس أيضا في يوم حنين تقطع باقي وصل أم مؤمل بعاقبة واستبدلت نية خلفا وقد حلفت بالله لا تقطع القوى فما صدقت فيه ولا برت الحلفا § خفافية بطن العقيق مصيفها وتحتل في البادين وجرة فالعرفا فإن تتبع الكفار أم مؤمل فقد زودت قلبي على نأيها شغفا وسوف ينبيها الخبير بأننا أبينا ولم نطلب سوى ربنا حلفا وأنا مع الهادي النبي محمد وفينا ولم يستوفها معشر ألفا بفتيان صدق من سليم أعزة أطاعوا فما يعصون من أمره حرفا خفاف وذكوان وعوف تخالهم مصاعب زافت في طروقتها كلفا كأن النسيج الشهب والبيض ملبس أسودا تلاقت في مراصدها غضفا بنا عز دين الله غير تنحل وزدنا على الحي الذي معه ضعفا بمكة إذ جئنا كأن لواءنا عقاب أرادت بعد تحليقها خطفا على شخص الأبصار تحسب بينها إذا هي جالت في مراودها عزفا غداة وطئنا المشركين ولم نجد لأمر رسول الله عدلا ولا صرفا بمعترك لا يسمع القوم وسطه لنا زجمة إلا التذامر والنقفا § ببيض نطير الهام عن مستقرها ونقطف أعناق الكماة بها قطفا فكائن تركنا من قتيل ملحب وأرملة تدعو على بعلها لهفا رضا الله ننوي لا رضا الناس نبتغي ولله ما يبدو جميعا وما يخفى وقال عباس بن مرداس أيضا ما بال عينك فيها عائر سهر مثل الحماطة أغضى فوقها الشفر عين تأوبها من شجوها أرق فالماء يغمرها طورا وينحدر كأنه نظم در عند ناظمة تقطع السلك منه فهو منتثر يا بعد منزل من ترجو مودته ومن أتى دونه الصمان فالحفر دع ما تقدم من عهد الشباب فقد ولى الشباب وزار الشيب والزعر واذكر بلاء سليم في مواطنها وفي سليم لأهل الفخر مفتخر قوم هم نصروا الرحمن واتبعوا دين الرسول وأمر الناس مشتجر لا يغرسون فسيل النخل وسطهم ولا تخاور في مشتاهم البقر إلا سوابح كالعقبان مقربة في دارة حولها الأخطار والعكر § تدعى خفاف وعوف في جوانبها وحي ذكوان لا ميل ولا ضجر الضاربون جنود الشرك ضاحية ببطن مكة والأرواح تبتدر حتى دفعنا وقتلاهم كأنهم نخل بظاهرة البطحاء منقعر ونحن يوم حنين كان مشهدنا للدين عزا وعند الله مدخر إذ نركب الموت مخضرا بطائنه والخيل ينجاب عنها ساطع كدر تحت اللواء مع الضحاك يقدمنا كما مشى الليث في غاباته الخدر في مأزق من مجر الحرب كلكلها تكاد تأفل منه الشمس والقمر وقد صبرنا بأوطاس أسنتنا لله ننصر من شئنا وننتصر حتى تأوب أقوام منازلهم لولا المليك ولولا نحن ما صدروا فما ترى معشرا قلوا ولا كثروا إلا قد اصبح منا فيهم أثر وقال عباس بن مرداس أيضا يا أيها الرجل الذي تهوي به وجناء مجمرة المناسم عرمس إما أتيت على النبي فقل له حقا عليك إذا اطمأن المجلس يا خير من ركب المطي ومن مشى فوق التراب إذا تعد الأنفس § إنا وفينا بالذي عاهدتنا والخيل تقدع بالكماة وتضرس إذا سال من أفناء بهثة كلها جمع تظل به المخارم ترجس حتى صبحنا أهل مكة فيلقا شهباء يقدمها الهمام الأشوس من كل أغلب من سليم فوقه بيضاء محكمة الدخال وقونس يروي القناة إذا تجاسر في الوغى وتخاله أسدا إذا ما يعبس يغشى الكتيبة معلما وبكفه عضب يقد به ولدن مدعس وعلى حنين قد وفى من جمعنا ألف أمد به الرسول عرندس كانوا أمام المؤمنين دريئة والشمس يومئذ عليهم أشمس نمضي ويحرسنا الإله بحفظه والله ليس بضائع من يحرس ولقد حبسنا بالمناقب محبسا رضى الإله به فنعم المحبس وغداة أوطاس شددنا شدة كفت العدو وقيل منها يا احبسوا تدعو هوازن بالإخاوة بيننا ثدي تمد به هوازن أيبس حتى تركنا جمعهم وكأنه عير تعاقبه السباع مفرس.
قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا نصرنا رسول الله من غضب له بألف كمي لا تعد حواسره § حملنا له في عامل الرمح راية يذود بها في حومة الموت ناصره ونحن خضبناها دما فهو لونها غداة حنين يوم صفوان شاجره وكنا على الإسلام ميمنة له وكان لنا عقد اللواء وشاهره وكنا له دون الجنود بطانة يشاورنا في أمره ونشاوره دعانا فسمانا الشعار مقدما وكنا له عونا على من يناكره جزى الله خيرا من نبي محمدا وأيده بالنصر والله ناصره.
قال ابن إسحاق وقال عباس بن مرداس أيضا من مبلغ الأقوام أن محمدا رسول الإله راشد حيث يمما دعا ربه واستنصر الله وحده فأصبح قد وفى إليه وأنعما سرينا وواعدنا قديدا محمدا يؤم بنا أمرا من الله محكما تماروا بنا في الفجر حتى تبينوا مع الفجر فتيانا وغابا مقوما على الخيل مشدودا علينا دروعنا ورجلا كدفاع الأتي عرمرما فإن سراة الحي إن كنت سائلا سليم وفيهم منهم من تسلما وجند من الأنصار لا يخذلونه أطاعوا فما يعصونه ما تكلما § فإن تك قد أمرت في القوم خالدا وقدمته فإنه قد تقدما بجند هداه الله أنت أميره تصيب به في الحق من كان أظلما حلفت يمينا برة لمحمد فأكملتها ألفا من الخيل ملجما وقال نبي المؤمنين تقدموا وحب إلينا أن نكون المقدما وبتنا بنهي المستدير ولم يكن بنا الخوف إلا رغبة وتحزما أطعناك حتى أسلم الناس كلهم وحتى صبحنا الجمع أهل يلملما يضل الحصان الأبلق الورد وسطه ولا يطمئن الشيخ حتى يسوما سمونا لهم ورد القطا زفه ضحى وكل تراه عن أخيه قد احجما لدن غدوة حتى تركنا عشية حنينا وقد سالت دوافعه دما إذا شئت من كل رأيت طمرة وفارسها يهوى ورمحا محطما وقد أحرزت منا هوازن سربها وحب إليها أن نخيب ونحرما.
شعر ضمضم في يوم حنين *
قال ابن إسحاق وقال ضمضم بن الحارث بن جشم بن عبد بن حبيب ابن مالك بن عوف بن يقظة بن عصية السلمي في يوم حنين وكانت ثقيف أصابت كنانة بن الحكم بن خالد بن الشريد فقتل به محجنا وابن عم له وهما من ثقيف نحن جلبنا الخيل من غير مجلب إلى جرش من أهل زيان والفم § تقتل أشبال الأسود ونبتغي طواغي كانت قبلنا لم تهدم فإن تفخروا بابن الشريد فإنني تركت بوج مأتما بعد مأتم أبأتهما بابن الشريد وغره جواركم وكان غير مذمم تصيب رجالا من ثقيف رماحنا وأسيافنا يكلمنهم كل مكلم وقال ضمضم بن الحارث أيضا أبلغ لديك ذوي الحلائل آية لا تأمنن الدهر ذات خمار بعد التي قالت لجارة بيتها قد كنت لو لبث الغزي بدار لما رأت رجلا تسفع لونه وغر المصيفة والعظام عواري مشط العظام تراه آخر ليله متسربلا في درعه لغوار إذ لا أزال على رحالة نهدة جرداء تلحق بالنجاد إزاري يوما على أثر النهاب وتارة كتبت مجاهدة مع الأنصار وزهاء كل خميلة أزهقتها مهلا تمهله وكل خبار كيما أغير ما بها من حاجة وتود أني لا أؤوب فجار.
شعر ابن عوف في الاعتذار من فراره *
قال ابن إسحاق وقال مالك بن عوف وهو يعتذر يومئذ من فراره منع الرقاد فما أغمض ساعة نعم بأجزاع الطريق مخضرم سائل هوازن هل أضر عدوها وأعين غارمها إذا ما يغرم وكتيبة لبستها بكتيبة فئتين منها حاسر وملأم ومقدم تعيا النفوس لضيقه قدمته وشهود قومي أعلم فوردته وتركت إخوانا له يردون غمرته وغمرته الدم فإذا انجلت غمراته أورثنني مجد الحياة ومجد غنم يقسم كلفتموني ذنب آل محمد والله أعلم من أعق وأظلم وخذلتموني إذ أقاتل واحدا وخذلتموني إذ تقاتل خشعم وإذا بنيت المجد يهدم بعضكم لا يستوي بان وآخر يهدم وأقب مخماص الشتاء مسارع في المجد ينمي للعلى متكرم § أكرهت فيه ألة يزنية سحماء يقدمها سنان سلجم وتركت حنته ترد وليه وتقول ليس على فلانة مقدم ونصبت نفسي للرماح مدججا مثل الدرية تستحل وتشرم.
شعر لهوازني يذكر إسلام قومه *
قال ابن إسحاق وقال قائل في هوازن أيضا يذكر مسيرهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مالك بن عوف بعد إسلامه أذكر مسيرهم للناس إذ جمعوا ومالك فوقه الرايات تختفق ومالك مالك ما فوقه أحد يوم حنين عليه التاج يأتلق حتى لقوا الباس حين الباس يقدمهم عليهم البيض والأبدان والدرق فضاربوا الناس حتى لم يروا أحدا حول النبي وحتى جنه الغسق ثمت نزل جبريل بنصرهم من السماء فمهزوم ومعتنق منا ولو غير جبريل يقاتلنا لمنعتنا إذن أسيافنا العتق وفاتنا عمر الفاروق إذ هزموا بطعنة بل منها سرجه العلق § وقالت امرأة من بني جشم ترثي أخوين لها أصيبا يوم حنين أعيني جودا على مالك معا والعلاء ولا تجمدا هما القاتلان أبا عامر وقد كان ذا هبة أربدا هما تركاه لدى مجسد ينوء نزيفا وما وسدا وقال أبو ثواب زيد بن صحار أحد بني سعد بن بكر ألا هل أتاك أن غلبت قريش هوازن والخطوب لها شروط وكنا يا قريش إذا غضبنا يجيء من الغضاب دم عبيط وكنا يا قريش إذا غضبنا كأن أنوفنا فيها سعوط فأصبحنا تسوقنا قريش سياق العير يحدوها النبيط فلا أنا إن سئلت الخسف آب ولا أنا أن ألين لهم نشيط سينقل لحمها في كل فج وتكتب في مسامعها القطوط ويروى الخطوط وهذا البيت في رواية أبي سعد.
شعر ابن وهب في الرد على ابن أبي ثواب *
قال ابن إسحاق فأجابه عبد الله بن وهب رجل من بني تميم ثم من بني أسيد فقال بشرط الله نضرب من لقينا كأفضل ما رأيت من الشروط وكنا يا هوازن حين نلقى نبل الهام من علق عبيط بجمعكم وجمع بني قسي نحك البرك كالورق الخبيط أصبنا من سراتكم وملنا بقتل في المباين والخليط به الملتاث مفترش يديه يمج الموت كالبكر النحيط فإن تك قيس عيلان غضابا فلا ينفك يرغمهم سعوطي وقال خديج بن العوجاء النصري لما دنونا من حنين ومائه رأينا سوادا منكر اللون أخصفا بملمومة شهباء لو قذفوا بها شماريخ من عزوى إذن عاد صفصفا § ولو أن قومي طاوعتني سراتهم إذن ما لقينا العارض المتكشفا إذن ما لقينا جند آل محمد ثمانين ألفا واستمدوا بخندفا.
ذكر غزوة الطائف بعد حنين في سنة ثمان *
ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال ولم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود ولا غيدن بن سلمة كانا بجرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والضبور ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف حين فرغ من حنين فقال كعب بن مالك حين أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى الطائف § قضينا من تهامة كل ريب وخيبر ثم أجممنا السيوفا نخيرها ولو نطقت لقالت قواطعهن دوسا أو ثقيفا فلست لحاضن إن لم تروها بساحة داركم منا ألوفا وننتزع العروش ببطن وج وتصبح دوركم منكم خلوفا ويأتيكم لنا سرعان خيل يغادر خلفه جمعا كثيفا إذا نزلوا بساحتكم سمعتم لها مما أناخ بها رجيفا بأيديهم قواضب مرهفات يزرن المصطلين بها الحتوفا كأمثال العقائق أخلصتها قيون الهند لم تضرب كتيفا تخال جدية الأبطال فيها غداة الزحف جاديا مدوفا أجدهم أليس لهم نصيح من الأقوام كان بنا عريفا يخبرهم بأنا قد جمعنا عتاق الخيل والنجب الطروفا § وأنا قد أتيناهم يزحف يحيط بسور حصنهم صفوفا رئيسهم النبي وكان صلبا نقي القلب مصطبرا عزوفا رشيد الأمر ذو حكم وعلم وحلم لم يكن نزقا خفيفا نطيع نبينا ونطيع ربا هو الرحمن كان بنا رءوفا فإن تلقوا إلينا السلم نقبل ونجعلكم لنا عضدا وريفا وإن تأبوا نجاهدكم ونصبر ولا يك أمرنا رعشا ضعيفا نجالد ما بقينا أو تنيبوا إلى الإسلام إذعانا مضيفا نجاهد لا نبالي من لقينا أأهلكنا التلاد أم الطريفا وكم من معشر ألبوا علينا صميم الجذم منهم والحليفا أتونا لا يرون لهم كفاء فجدعنا المسامع والأنوفا بكل مهند لين صقيل يسوقهم بها سوقا عنيفا لأمر الله والإسلام حتى يقوم الدين معتدلا حنيفا وتنسى اللات والعزى وود ونسلبها القلائد والشنوفا فأمسوا قد أقروا واطمأنوا ومن لا يمتنع يقبل خسوفا § فأجابه كنانة بن عبد ياليل بن عمرو بن عمير فقال من كان يبغينا يريد قتالنا فإنا بدار معلم لا نريمها وجدنا بها الآباء من قبل ما ترى وكانت لنا أطواؤها وكرومها وقد جربتنا قبل عمرو بن عامر فأخبرها ذو رأيها وحليمها وقد علمت إن قالت الحق أننا إذا ما أبت صعر الخدود نقيمها نقومها حتى يلين شريسها ويعرف للحق المبين ظلومها علينا دلاص من تراث محرق كلون السماء زينتها نجومها نرفهها عنا ببيض صوارم إذا جردت في غمرة لا نشيمها.
قال ابن إسحاق وقال شداد بن عارض الجشمي في مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لا تنصروا اللات إن الله مهلكها وكيف ينصر من هو ليس ينتصر § إن التي حرقت بالسد فاشتعلت ولم يقاتل لدى أحجارها هدر إن الرسول متى ينزل بلادكم يظعن وليس بها من أهلها بشر.
الطريق إلى الطائف *
قال ابن إسحاق فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على المليح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنى بها مسجدا فصلى فيه.
قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب أنه أقاد يومئذ ببحرة الرغاء حين نزلها بدم وهو أول دم أقيد به في الإسلام رجل من بني ليث قتل رجلا من هذيل فقتله به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بلية بحصن مالك بن عوف فهدم ثم سلك في طريق يقال لها الضيقة فلما توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن اسمها فقال ما اسم هذه الطريق فقيل له الضيقة فقال بل هي اليسرى ثم خرج منها على نخب حتى نزل تحت سدرة يقال لها الصادرة قريبا من مال رجل من ثقيف فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم إما أن تخرج وإما أن نخرب عليك حائطك فأبى أن يخرج فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخرابه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل قريبا من الطائف فضرب به عسكره فقتل به ناس من أصحابه بالنبل وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف فكانت النبل تنالهم ولم يقدر المسلمون على أن يدخلوا حائطهم أغلقوه دونهم فلما أصيب أولئك النفر من أصحابه بالنبل وضع عسكره عند مسجده الذي بالطائف اليوم فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة.
قال ابن إسحاق ومعه امرأتان من نسائه إحداهما أم سلمة بنت أبي أمية § فضرب لهما قبتين ثم صلى بين القبتين ثم أقام فلما أسلمت ثقيف بنى على مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية بن وهب بن معتب بن مالك مسجدا وكانت في ذلك المسجد سارية فيما يزعمون لا تطلع الشمس عليها يوما من الدهر إلا سمع لها نقيض فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاتلهم قتالا شديدا وتراموا بالنبل.
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا @TR1_AKMW@ أحمد بن خالد الوهبي ثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن عبد الله بن مالك عن عطية بن سفيان بن عبد الله ح وحدثنا محمد بن محمد ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن العلاء ثنا @TR1_YBWS@ يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك عن عطية بن سفيان قال قدم وفد من ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فضرب لهم قبة في المسجد فلما أسلموا صاموا معه رواه @TR1_ZATB@ زياد البكائي @TR1_IMTR@ وإبراهيم بن المختار عن ابن إسحاق عن عيسى فقال عن § علقمة بن سفيان ورواه سعيد بن سليمان عن يونس بن بكير عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن عبد الكريم البصري عن علقمة بن سفيان.
يوم الشدخة *
قال ابن إسحاق حتى إذا كان يوم الشدخة عند جدار الطائف دخل تفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت دبابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلوا منهم رجالا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب ثقيف فوقع الناس فيها يقطعون وتقدم أبو سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة إلى الطائف فناد يا ثقيفا أن أمنونا حتى نكلمكم فأمنوهما فدعوا نساء من نساء من قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما وهما يخافان عليهن السباء فأبين منهن آمنة بنت أبي سفيان كانت عند عروة بن مسعود له منها داود بن عروة.
قال ابن إسحاق والفراسية بنت سويد بن عمرو بن ثعلبة لها عبد الرحمن § ابن قارب والفقيمية أميمة بنت الناسئ أمية بن قلع فلما أبين عليهما قال لهما ابن الأسود بن مسعود يا أبا سفيان ويا مغيرة ألا أدلكما على خير مما جئتما له إن مال بني الأسود بن مسعود حيث قد علمتما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين الطائف نازلا بواد يقال له العقيق إنه ليس بالطائف مال أبعد رشاء ولا أشد مؤنة ولا أبعد عمارة من مال بني الأسود وإن محمدا إن قطعه لم يعمر أبدا فكلماه فليأخذ لنفسه أو ليدعه لله والرحم فإن بيننا وبينه من القرابة ما لا يجهل فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تركه لهم وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر الصديق وهو محاصر ثقيفا يا أبا بكر إني رأيت أني أهديت لي قعبة مملوءة زبدا فنقرها ديك فهراق ما فيها فقال أبو بكر ما أظن أن تدرك منهم يومك هذا ما تريد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا لا أرى ذلك ثم إن خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وهي امرأة عثمان قالت يا رسول الله أعطني إن فتح الله عليك الطائف حلي بادية بنت غيلان بن مظعون بن سلمة أو حلي الفارعة بنت عقيل وكانتا من أحلى نساء ثقيف فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها وإن كان لم يؤذن لي في ثقيف يا خويلة فخرجت خويلة فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما حديث حدثتنيه خويلة زعمت أنك قلته قال قد قلته قال أوما أذن لك فيهم يا رسول الله قال لا قال أفلا أؤذن بالرحيل قال بلى قال فأذن عمر بالرحيل § فلما استقل الناس نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن أبي عمرو بن علاج ألا إن الحي مقيم قال يقول عيينة بن حصن أجل والله مجدة كراما فقال له رجل من المسلمين قاتلك الله يا عيينة أتمدح المشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئت تنصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني والله ما جئت لأقاتل ثقيفا معكم ولكني أردت أن يفتح محمد الطائف فأصيب من ثقيف جارية أتطئها لعلها تلد لي رجلا فإن ثقيفا قوم مناكير ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته ممن كان محاصرا بالطائف عبيد فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عتقاء ثقيف *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن مكدم عن رجال من ثقيف قالوا لما أسلم أهل الطائف تكلم نفر منهم في أولئك العبيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أولئك عتقاء الله وكان ممن تكلم فيهم الحارث بن كلدة.
إطلاق أبي بن مالك من يد مروان وشعر الضحاك في ذلك *
قال ابن إسحاق وقد كانت ثقيف أصابت أهلا لمروان بن قيس الدوسي وكان قد أسلم وظاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثقيف فزعمت ثقيف وهو الذي تزعم به ثقيف أنها من قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمروان بن قيس خذ يا مروان بأهلك أول رجل من قيس تلقاه فلقي أبي بن مالك القشيري فأخذه حتى يؤدوا إليه أهله فقام في ذلك الضحاك بن سفيان الكلابي فكلم ثقيفا حتى أرسلوا أهل مروان وأطلق لهم أبي بن مالك فقال الضحاك بن سفيان في شيء كان بينه وبين أبي بن مالك § أتنسى بلائي يا أبي بن مالك غداة الرسول معرض عنك أشوس يقودك مروان بن قيس بحبله ذليلا كما قيد الذلول المخيس فعادت عليك من ثقيف عصابة متى يأتهم مستقبس الشر يقبسوا فكانوا هم المولى فعادت حلومهم عليك وقد كادت بك النفس تيأس.
شهداء المسلمين يوم الطائف *
@HSNX_BEG_WZATB قال ابن إسحاق وهذه تسمية من استشهد من المسلمين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من قريش ثم من بني أمية بن عبد شمس سعيد بن سعيد بن العاص بن أمية وعرفطة بن جناب حليف لهم من الأسد بن الغوث.
قال ابن إسحاق ومن بني تيم بن مرة عبد الله بن أبي بكر الصديق رمي بسهم فمات منه بالمدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بني مخزوم عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة من رمية رميها يومئذ ومن بني عدي بن كعب عبد الله بن عامر بن ربيعة حليف لهم ومن بني سهم بن عمرو السائب بن الحارث بن قيس بن عدي وأخوه عبد الله بن الحارث ومن بني سعد بن ليث جليحة بن عبد الله واستشهد من الأنصار من بني سلمة ثابت بن الجذع § ومن بني مازن بن النجار الحارث بن سهل بن أبي صعصعة ومن بني ساعدة المنذر بن عبد الله ومن الأوس رقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان بن معاوية فجميع من استشهد بالطائف من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنا عشر رجلا سبعة من قريش وأربعة من الأنصار ورجل من بني ليث فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطائف بعد القتال والحصار قال بجير بن زهير بن أبي سلمى يذكر حنينا والطائف كانت علالة يوم بطن حنين وغداة أوطاس ويوم الأبرق جمعت بإغواء هوازن جمعها فتبددوا كالطائر المتمزق لم يمنعوا منا مقاما واحدا إلا جدارهم وبطن الخندق ولقد تعرضنا لكيما يخرجوا فتحصنوا منا بباب مغلق ترتد حسرانا إلى رجراجة شهباء تلمع بالمنايا فيلق ملمومة خضراء لو قذفوا بها حضنا لظل كأنه لم يخلق مشي الضراء على الهراس كأننا قدر تفرق في القياد وتلتقي § في كل سابغة إذا ما استحصنت كالنهي هبت ريحه المترقرق جدل تمس فضولهن نعالنا من نسج داود وآل محرق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف عن الطائف على دحنا حتى نزل الجعرانة فيمن معه من الناس ومعه من هوازن سبي كثير وقد قال له رجل من أصحابه يوم ظعن عن ثقيف يا رسول الله ادع عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اهد ثقيفا وأت بهم ثم أتاه وفد هوازن بالجعرانة وكان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبي هوازن ستة آلاف من الذراري والنساء ومن الإبل والشاء ما لا يدرى ما عدته.
أمر أموال هوازن وسباياها، وعطايا المؤلفة قلوبهم منها وإنعام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن وفد هوازن أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسلموا فقالوا يا رسول الله إنا أصل وعشيرة وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك قال وقام رجل من هوازن ثم أحد بني سعد بن بكر يقال له زهير يكنى أبا صرد فقال يا رسول الله إنما في الحظائر عماتك § وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر أو للنعمان بن المنذر ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين.
قال ابن إسحاق فحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم فقالوا يا رسول الله خيرتنا بين أموالنا وأحسابنا بل ترد إلينا نساءنا وأبناءنا فهو أحب إلينا فقال لهم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وإذا ما أنا صليت الظهر بالناس فقوموا فقولوا إنا نستشفع برسول الله إلى المسلمين وبالمسلمين إلى رسول الله في أبنائنا ونسائنا فسأعطيكم عند ذلك وأسأل لكم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر قاموا فتكلموا بالذي أمرهم به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الأقرع بن حابس أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة بن حصن أما أنا وبنو فزارة فلا وقال عباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا فقالت بنو سليم بلى ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول عباس بن مرداس لبني سليم وهنتموني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما من تمسك منكم بحقه من هذا السبي § فله بكل إنسان ست فرائض من أول سبي أصيبه فردوا إلى الناس أبناءهم ونساءهم.
قال ابن إسحاق وحدثني أبو وجزة يزيد بن عبيد السعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى علي بن أبي طالب رضي الله عنه جارية يقال لها ريطة بنت هلال بن حيان بن عميرة بن هلال بن ناصرة بن قصية بن نصر ابن سعد بن بكر وأعطى عثمان بن عفان جارية يقال لها زينب بنت حيان بن عمرو بن حيان وأعطى عمر بن الخطاب جارية فوهبها لعبد الله بن عمر ابنه.
قال ابن إسحاق فحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال بعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها ويهيئوها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها قال فخرجت من المسجد حين فرغت فإذا الناس يشتدون فقلت ما شأنكم قالوا رد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءنا وأبناءنا فقلت تلكم صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها فذهبوا إليها فأخذوها.
ما قد حدثنا يزيد بن سنان حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي قال قال ابن إسحاق أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه جارية من سبي هوازن فوهبها لعبد الله بن عمر ابنه قال ابن إسحاق فحدثني نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر قال بعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها فخرجت من المسجد حين فرغت § فإذا الناس يشتدون فقلت ما شأنكم قالوا رد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءنا وأبناءنا قلت تلكم صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها فذهبوا فأخذوها فكشف هذا الحديث ما قد ذكرنا وبان بحمد الله تعالى أنه لا تضاد في شيء مما قد رويناه في هذا الباب وفي الباب الذي قبله مما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا أهل بدر وما كان منه في سبايا هوازن وأن الذي كان منه في سبايا بدر كان في سبايا لم يقع عليهم أملاك المسلمين فلم يكن به حاجة إلى إطلاق المسلمين له فيهم ما يريد أن يفعله فيهم من من ومن غيره وأن الذي كان منه في سبايا هوازن من طلبه من المسلمين بطيب ذلك له إنما كان منه لوقوع أملاكهم عليهم قبل ذلك فلم يصلح رفع أملاكهم عنهم إلا بطيب أنفسهم بذلك وإطلاقهم إياه وإذنهم فيه وبالله التوفيق.
قال ابن إسحاق وأما عيينة بن حصن فأخذ عجوزا من عجائز هوازن وقال حين أخذها أرى عجوزا إني لأحسب لها في الحي نسبا وعسى أن يعظم فداؤها فلما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم السبايا بست فرائض أبى أن يردها فقال له زهير أبو صرد خذها عنك فو الله ما فوها ببارد ولا ثديها بناهد ولا بطنها بوالد ولا زوجها بواجد ولا درها بماكد فردها بست فرائض حين قال له زهير ما قال فزعموا أن عيينة لقي الأقرع بن حابس فشكا إليه ذلك فقال إنك والله ما أخذتها بيضاء غريرة ولا نصفا وثيرة § وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل فقالوا هو بالطائف مع ثقيف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروا مالكا أنه إن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل فأتى مالك بذلك فخرج إليه من الطائف وقد كان مالك خاف ثقيفا على نفسه أن يعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له ما قال فيحبسوه فأمر براحلته فهيئت له وأمر بفرس له فأتي به إلى الطائف فخرج ليلا فجلس على فرسه فركضه حتى أتى راحلته حيث أمر بها أن تحبس فركبها فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركه بالجعرانة أو بمكة فرد عليه أهله وماله وأعطاه مائة من الإبل وأسلم فحسن إسلامه فقال مالك بن عوف حين أسلم ما إن رأيت ولا سمعت بمثله في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتدي ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة عردت أنيابها بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله وسط الهباءة خادر في مرصد فاستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وتلك القبائل ثمالة وسلمة وفهم فكان يقاتل بهم ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى ضيق عليهم فقال أبو محجن بن حبيب بن عمرو بن عمير الثقفي هابت الأعداء جانبنا ثم تغزونا بنو سلمه وأتانا مالك بهم ناقضا للعهد والحرمه § وأتونا في منازلنا ولقد كنا أولي نقمه.
قسم الفيء *
قال ابن إسحاق ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها ركب واتبعه الناس يقولون يا رسول الله اقسم علينا فيئنا من الإبل والغنم حتى ألجئوه إلى شجرة فاختطفت عنه رداءه فقال أدوا علي ردائي أيها الناس فو الله أن لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا ثم قام إلى جنب بعير فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصبعيه ثم رفعها ثم قال أيها الناس والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخياط والمخيط فإن الغلول يكون على أهله عارا ونارا وشنارا يوم القيامة قال فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال يا رسول الله أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لي دبر فقال أما نصيبي منها فلك قال أما إذ بلغت هذا فلا حاجة لي بها ثم طرحها من يده.
عطاء المؤلفة قلوبهم *
قال ابن إسحاق وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم وكانوا أشرافا من أشراف الناس يتألفهم ويتألف بهم قومهم فأعطى أبا سفيان § ابن حرب مائة بعير وأعطى ابنه معاوية مائة بعير وأعطى حكيم بن حزام مائة بعير وأعطى الحارث بن الحارث بن كلدة أخا بني عبد الدار مائة بعير.
حدثنا أحمد بن عبد الرحيم ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق بنسبه واسمه وأنه من المؤلفة.
قال ابن إسحاق وأعطى الحارث بن هشام مائة بعير وأعطى سهيل بن عمرو مائة بعير وأعطى حويطب بن عبد العزى بن أبى قيس مائة بعير وأعطى العلاء بن جارية الثقفي حليف بنى زهرة مائة بعير وأعطى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر مائة بعير وأعطى الأقرع بن حابس التميمي مائة بعير وأعطى مالك ابن عوف النصرى مائة بعير وأعطى صفوان بن أمية مائة بعير فهؤلاء أصحاب المئين وأعطى دون المائة رجالا من قريش منهم مخرمة بن نوفل الزهري وعمير ابن وهب الجمحي وهشام بن عمرو أخو بني عامر بن لؤي لا أحفظ ما أعطاهم وقد عرفت أنها دون المائة وأعطى سعيد بن يربوع بن عنكشة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل وأعطى السهمي خمسين من الإبل.
شعر ابن مرداس يستقل ما أخذ وإرضاء الرسول له *
قال ابن إسحاق وأعطى عباس بن مرداس أباعر فسخطها فعاتب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عباس بن مرداس يعاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت نهابا تلافيتها بكري على المهر في الأجرع وإيقاظي القوم أن يرقدوا إذا هجع الناس لم أهجع فأصبح نهبي ونهب العبيد بين عيينة والأقرع § وقد كنت في الحرب ذا تدرإ فلم أعط شيئا ولم أمنع إلا أفائل أعطيتها عديد قوائمها الأربع وما كان حصن ولا حابس يفوقان شيخي في المجمع وما كنت دون امرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع.
قال ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فاقطعوا عني لسانه فأعطوه حتى رضي فكان ذلك قطع لسانه الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سئل الرسول عن عدم إعطائه جعيلا فأجاب *
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن قائلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه يا رسول الله أعطيت عيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة مائة وتركت جعيل بن سراقة الضمري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والذي نفس محمد بيده لجعيل بن سراقة خير من طلاع الأرض كلهم مثل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس ولكني تألفتهما ليسلما ووكلت جعيل بن سراقة إلى إسلامه.
اعتراض ذي الخويصرة التميمي *
قال ابن إسحاق وحدثني أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل قال خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعله بيده فقلنا له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين قال نعم جاء رجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف عليه وهو يعطي الناس فقال يا محمد قد رأيت ما صنعت في هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فكيف رأيت فقال لم أرك عدلت قال فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ألا أقتله فقال لا دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية § ينظر في النصل فلا يوجد شيء ثم في القدح فلا يوجد شيء ثم في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن علي بن الحسين أبو جعفر بمثل حديث أبي عبيدة وسماه ذا الخويصرة.
شعر حسان في حرمان الأنصار *
وجد الأنصار لحرمانهم فاسترضاهم الرسول *
قال ابن هشام حدثني زياد بن عبد الله قال حدثنا ابن إسحاق قال وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري قال لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة حتى قال قائلهم لقد لقي والله رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء § الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء قال فأين أنت من ذلك يا سعد قال يا رسول الله ما أنا إلا من قومي قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة قال فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بلى الله ورسوله أمن وأفضل ثم قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا بماذا نجيبك يا رسول الله لله ولرسوله المن والفضل قال صلى الله عليه وسلم أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فآسيناك أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم فو الذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار § قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقوا.
عمرة الرسول من الجعرانة واستخلافه عتاب بن أسيد على مكة وحج عتاب بالمسلمين سنة ثماني *
قال ابن إسحاق ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة معتمرا وأمر ببقايا الفيء فحبس بمجنة بناحية مر الظهران فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته انصرف راجعا إلى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس في الدين ويعلمهم القرآن واتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقايا الفيء.
وقت العمرة *
قال ابن إسحاق وكانت عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة في بقية ذي القعدة أو في ذي الحجة.
قال ابن إسحاق وحج الناس تلك السنة على ما كانت العرب تحج عليه وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن أسيد وهي سنة ثمان وأقام أهل الطائف على § شركهم وامتناعهم في طائفهم ما بين ذي القعدة إذ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شهر رمضان من سنة تسع ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من منصرفه عن الطائف كتب بجير بن زهير بن أبي سلمى إلى أخيه كعب بن زهير يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل رجالا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه وأن من بقي من شعراء قريش ابن الزبعرى وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض وكان كعب ابن زهير قد قال ألا أبلغا عني بجيرا رسالة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا فبين لنا إن كنت لست بفاعل على أي شيء غير ذلك دلكا على خلق لم ألف يوما أبا له عليه وما تلفي عليه أبا لكا فإن أنت لم تفعل فلست بآسف ولا قائل إما عثرت لعا لكا سقاك بها المأمون كأسا روية فأنهلك المأمون منها وعلكا.
قدوم كعب على الرسول وقصيدته اللامية *
قال ابن إسحاق فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه § وأرجف به من كان في حاضره من عدوه فقالوا هو مقتول فلما لم يجد من شيء بدا قال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فيها خوفه وإرجاف الوشاة به من عدوه ثم خرج حتى قدم المدينة فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة كما ذكر لي فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أشار له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا رسول الله فقم إليه فاستأمنه فذكر لي أنه قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إليه فوضع يده في يده وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه فقال يا رسول الله إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبا مسلما فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قال أنا يا رسول الله كعب بن زهير.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أنه وثب عليه رجل من الأنصار فقال يا رسول الله دعني وعدو الله أضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه عنك فإنه قد جاء تائبا نازعا عما كان عليه قال فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم وذلك أنه لم يتكلم فيه رجل من المهاجرين إلا بخير فقال في قصيدته التي قال حين قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم إثرها لم يفد مكبول § وما سعاد غداة البين إذ رحلوا إلا أغن غضيض الطرف مكحول هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة لا يشتكى قصر منها ولا طول تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت كأنه منهل بالراح معلول شجت بذي شيم من ماء محنية صاف بأبطح أضحى وهو مشمول تنفي الرياح القذى عنه وأفرطه من صوب غادية بيض يعاليل § قيالها خلة لو أنها صدقت بوعدها أو لو ان النصح مقبول لكنها خلة قد سيط من دمها فجع وولع وإخلاف وتبديل فما تدوم على حال تكون بها كما تلون في أثوابها الغول وما تمسك بالعهد الذي زعمت إلا كما يمسك الماء الغرابيل فلا يغرنك ما منت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضليل كانت مواعيد عرقوب لها مثلا وما مواعيدها إلا الأباطيل أرجو وآمل أن تدنو مودتها وما إخال لدينا منك تنويل § أمست سعاد بأرض لا يبلغها إلا العتاق النجيبات المراسيل ولن يبلغها إلا عذافرة لها على الأين إرقال وتبغيل من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت عرضتها طامس الأعلام مجهول ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق إذا توقدت الحزان والميل ضخم مقلدها فعم مقيدها في خلقها عن بنات الفحل تفضيل § غلباء وجناء علكوم مذكرة في دفها سعة قدامها ميل وجلدها من أطوم ما يؤيسه طلح بضاحية المتنين مهزول حرف أخوها أبوها من مهجنة وعمها خالها قوداء شمليل يمشي القراد عليها ثم يزلقه منها لبان وأقراب زهاليل عيرانة قذفت بالنحض عن عرض مرفقها عن بنات الزور مفتول كأنما فات عينيها ومذبحها من خطمها ومن اللحيين برطيل § تمر مثل عسيب النخل ذا خصل في غارز لم تخونه الأحاليل قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل تخدي على يسرات وهي لاحقة ذوابل مسهن الأرض تحليل سمر العجايات يتركن الحصى زيما لم يقهن رءوس الأكم تنعيل كأن أوب ذراعيها وقد عرقت وقد تلفع بالقور العساقيل § يوما يظل به الحرباء مصطخدا كأن ضاحيه بالشمس مملول وقال للقوم حاديهم وقد جنلت ورق الجنادب يركضن الحصا قيلوا شد النهار ذراعا عيطل نصف قامت فجاوبها نكد مثاكيل نواحة رخوة الضبعين ليس لها لما نعى بكرها الناعون معقول § تفرى اللبان بكفيها ومدرعها مشقق عن تراقيها رعابيل تسعى الغواة جنابيها وقولهم إنك يا بن أبي سلمى لمقتول وقال كل صديق كنت آمله لا ألهينك إني عنك مشغول فقلت خلوا سبيلي لا أبا لكم فكل ما قدر الرحمن مفعول كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول نبئت أن رسول الله أو عدني والعفو عند رسول الله مأمول مهلا هداك الذي أعطاك نافلة القرآن فيها مواعيظ وتفصيل § لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم أذنب ولو كثرت في الأقاويل لقد أقوم مقاما لو يقوم به أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل لظل يرعد إلا أن يكون له من الرسول بإذن الله تنويل حتى وضعت يميني ما أنازعه في كف ذي نقمات قيله القيل فلهو أخوف عندي إذ أكلمه وقيل إنك منسوب ومسئول § من ضيغم بضراء الأرض مخدره في بطن عثر غيل دونه غيل يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما لحم من الناس معفور خراديل إذا يساور قرنا لا يحل له أن يترك القرن إلا وهو مفلول منه تظل سباع الجو نافرة ولا تمشى بواديه الأراجيل ولا يزال بواديه أخو ثقة مضرج البز والدرسان مأكول إن الرسول لنور يستضاء به مهند من سيوف الله مسلول § في عصبة من قريش قال قائلهم ببطن مكة لما أسلموا زولوا زالوا فما زال أنكاس ولا كشف عند اللقاء ولا ميل معازيل شم العرانين أبطال لبوسهم من نسج داود في الهيجا سرابيل بيض سوابغ قد شكت لها حلق كأنها حلق القفعاء مجدول ليسوا مفاريح إن نالت رماحهم قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضرب إذا عرد السود التنابيل لا يقع الطعن إلا في نحورهم وما لهم عن حياض الموت تهليل.
استرضاء كعب الأنصار بمدحه إياهم *
قال ابن إسحاق وقال عاصم بن عمر بن قتادة فلما قال كعب إذا عرد السود التنابيل وإنما يريدنا معشر الأنصار لما كان صاحبنا صنع به ما صنع وخص المهاجرين من قريش من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمدحته غضبت عليه الأنصار فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار ويذكر بلاءهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعهم من اليمن من سره كرم الحياة فلا يزل في مقنب من صالحي الأنصار ورثوا المكارم كابرا عن كابر إن الخيار هم بنو الأخيار المكرهين السمهري بأذرع كسوالف الهندي غير قصار والناظرين بأعين محمرة كالجمر غير كليلة الأبصار والبائعين نفوسهم لنبيهم للموت يوم تعانق وكرار والقائدين الناس عن أديانهم بالمشرفي وبالقنا الخطار يتطهرون يرونه نسكا لهم بدماء من علقوا من الكفار دربوا كما دربت ببطن خفية غلب الرقاب من الأسود ضواري § وإذا حللت ليمنعوك إليهم أصبحت عند معاقل الأعفار ضربوا عليا يوم بدر ضربة دانت لوقعتها جميع نزار لو يعلم الأقوام علمي كله فيهم لصدقني الذين أماري قوم إذا خوت النجوم فإنهم للطارقين النازلين مقاري في الغر من غسان من جرثومة أعيت محافرها على المنقار.
غزوة تبوك في رجب سنة تسع *
قال حدثنا @TR2_AMIH@ أبو محمد عبد الملك بن هشام قال @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ما بين § ذي الحجة إلى رجب ثم أمر الناس بالتهيؤ لغزو الروم وقد ذكر لنا الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم من علمائنا كل حدث في غزوة تبوك ما بلغه عنها وبعض القوم يحدث ما لا يحدث بعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم وذلك في زمان من عسرة الناس وشدة من الحر وجدب من البلاد وحين طابت الثمار والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على الحال من الزمان الذي هم عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يخرج في غزوة إلا كنى عنها وأخبر أنه يريد غير الوجه الذي يصمد له إلا ما كان من غزوة تبوك فإنه بينها للناس لبعد الشقة وشدة الزمان وكثرة العدو الذي يصمد له ليتأهب الناس لذلك أهبته فأمر الناس بالجهاز وأخبرهم أنه يريد الروم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس أحد بني سلمة يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر فقال يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتنى فو الله لقد عرف قومي أنه ما من رجل بأشد عجبا بالنساء مني وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين أي إن كان إنما خشى الفتنة من نساء بني الأصفر وليس ذلك به فما سقط فيه من الفتنة أكبر بتخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والرغبة بنفسه عن نفسه يقول تعالى وإن جهنم لمن ورائه § وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض لا تنفروا في الحر زهادة في الجهاد وشكا في الحق وإرجافا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى فيهم وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون .
حث الرسول على النفقة وشأن عثمان في ذلك *
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جد في سفره وأمر الناس بالجهاز والانكماش وحض أهل الغنى على النفقة والحملان في سبيل § الله فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا وأنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها.
شأن البكاءين *
قال ابن إسحاق ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاءون وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف سالم ابن عمير وعلبة بن زيد أخو بني حارثة وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار وعمرو بن حمام بن الجموح أخو بني سلمة وعبد الله ابن المغفل المزني وبعض الناس يقول بل هو عبد الله بن عمرو المزني وهرمي ابن عبد الله أخو بني واقف وعرباض بن سارية الفزاري فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة فقال لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون قال ابن إسحاق فبلغني أن ابن يامين بن عمير بن كعب النضرى لفي أبا ليلى عبد الرحمن بن كعب وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان فقال ما يبكيكما قالا جئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملنا فلم نجد عنده ما يحملنا عليه وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج معه فأعطاهما ناضحا له فارتحلاه وزودهما شيئا من تمر فخرجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شأن المعذرين *
قال ابن إسحاق وجاءه المعذرون من الأعراب فاعتذروا إليه فلم يعذرهم الله تعالى وقد ذكر لي أنهم نفر من بني غفار § ثم استتب برسول الله صلى الله عليه وسلم سفره وأجمع السير وقد كان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخلفوا عنه عن غير شك ولا ارتياب منهم كعب بن مالك بن أبي كعب أخو بني سلمة ومرارة بن الربيع أخو بني عمرو بن عوف وهلال بن أمية أخو بني واقف وأبو خيثمة أخو بني سالم بن عوف وكانوا نفر صدق لا يتهمون في إسلامهم فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عسكره على ثنية الوداع.
تخلف المنافقين *
قال ابن إسحاق وضرب عبد الله بن أبي معه على حدة عسكره أسفل منه نحو ذباب وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف عنه عبد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا ما خلفه إلا استثقالا له وتخففا منه فلما قال ذلك المنافقون أخذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجرف فقال يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني § وتخففت مني فقال كذبوا ولكنني خلفتك لما تركت ورائي فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي هذه المقالة.
شأن أبي خيثمة *
قال ابن إسحاق ثم رجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سفره ثم إن أبا خيثمة رجع بعد أن سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما إلى أهله في يوم حار فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه قد رشت كل واحدة منهما عريشها وبردت له فيه ماء وهيأت له فيه طعاما فلما دخل قام على باب العريش فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الضح والريح والحر وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ وامرأة حسناء في ماله مقيم ما هذا بالنصف ثم قال والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فهيئا لي زادا ففعلتا ثم قدم ناضحه فارتحله ثم خرج في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أدركه حين نزل تبوك وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فترفقا حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير بن وهب إن لي ذنبا فلا عليك أن تخلف عني حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل حتى إذا دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نازل بتبوك قال الناس هذا راكب § على الطريق مقبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فقالوا يا رسول الله هو والله أبو خيثمة فلما أناخ أقبل فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى لك يا أبا خيثمة ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير.
النبي والمسلمون بالحجر *
قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بالحجر نزلها واستقى الناس من بئرها فلما راحوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا من مائها شيئا ولا تتوضئوا منه للصلاة وما كان من عجين عجنتموه فاعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئا ولا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له فأما الذي ذهب لحاجته فإنه خنق على مذهبه وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيئ فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألم أنهكم § أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي أصيب على مذهبه فشفي وأما الآخر الذي وقع بجبلي طيئ فإن طيئا أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة والحديث عن الرجلين عن عبد الله بن أبي بكر عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي وقد حدثني عبد الله بن أبي بكر أن قد سمى له العباس الرجلين ولكنه استودعه إياهما فأبى عبد الله أن يسميهما لي.
قال ابن إسحاق فلما أصبح الناس ولا ماء معهم شكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله سبحانه سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا حاجتهم من الماء.
وقال @TR1_ZATB@ البكائي قال ابن إسحاق فلما أصبح الناس يعني من يوم الحجر ولا ماء معهم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله سحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس فحدثني عاصم قال قلت لمحمود بن لبيد هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم قال نعم والله لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين لما كان من أمر الحجر ما كان ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا فأرسل الله السحابة فأمطرت قالوا أقبلنا عليه نقول ويحك هل بعد هذا شيء قال سحابة سائرة.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قال قلت لمحمود هل كان الناس يعرفون النفاق فيهم قال نعم ولله إن كان الرجل ليعرفه من أخيه ومن أبيه ومن عمه وفي عشيرته ثم يلبس بعضهم بعضا على ذلك ثم قال محمود لقد أخبرني رجال من قومي عن رجل من المنافقين معروف نفاقه كان يسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار فلما كان من أمر الناس بالحجر ما كان ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا فأرسل الله السحابة فأمطرت حتى ارتوى الناس قالوا أقبلنا عليه نقول ويحك هل بعد هذا شيء قال سحابة مارة.
ناقة للرسول ضلت وحديث ابن اللصيت *
قال ابن إسحاق ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سار حتى إذا كان ببعض الطريق ضلت ناقته فخرج أصحابه في طلبها وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم § رجل من أصحابه يقال له عمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا وهو غم بني عمرو بن حزم وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي وكان منافقا.
قال ابن إسحاق ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت ناقته فخرج أصحابه في طلبها وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أصحابه يقال له عمارة بن حزم وكان عقبيا بدريا وكان في رحله زيد بن اللصيت القينقاعي كان منافقا فقال زيد وهو في رحل عمارة أليس يزعم محمد أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمارة عنده إن رجلا قال كذا وكذا وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها وهي في هذا الوادي في شعب كذا وقد حبستها شجرة بزمامها فذهبوا فجاؤوا بها فذهب عمارة إلى رحلة فقال والله عجب من شيئ حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا من مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول أي عباد الله إن في رحلي لداهية وما أشعر اخرج أي عدو الله من رحلي فزعم بعضهم أن زيدا تاب بعد ذلك.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رجال من بني عبد الأشهل قالوا فقال زيد بن اللصيت وهو في رحل عمارة وعمارة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمارة عنده إن رجلا قال هذا محمد يخبركم أنه نبي ويزعم أنه يخبركم بأمر السماء وهو لا يدري أين ناقته وإني والله ما أعلم إلا ما علمني الله وقد دلني الله عليها وهي في هذا الوادي في شعب كذا وكذا قد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تأتوني بها فذهبوا فجاءوا بها فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال والله لعجب من شيء حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا عن مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا للذي قال زيد بن لصيت فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد والله قال هذه المقالة قبل أن تأتي فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه ويقول إلي عباد الله إن في رحلي لداهية وما أشعر اخرج أي عدو الله من رحلي فلا تصحبني.
شأن أبي ذر *
قال ابن إسحاق فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك وقال بعض الناس لم يزل متهما بشر حتى هلك ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا فجعل بتخلف عنه الرجل فيقولون يا رسول الله تخلف فلان فيقول دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه حتى قيل يا رسول الله قد تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره فقال دعوه فإن يك فيه § خير فسيلحقه الله بكم وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه وتلوم أبو ذر على بعيره فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا ونزل رسول الله في بعض منازله فنظر ناظر من المسلمين فقال يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا ذر فلما تأمله القوم قالوا يا رسول الله هو والله أبو ذر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده وقال ابن إسحاق فحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن مسعود قال لما نفى عثمان أبا ذر إلى الربذة وأصابه بها قدره لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه فلما مات فعلا ذلك به ثم وضعاه على قارعة الطريق وأقبل عبد الله بن مسعود في رهط من أهل العراق عمار فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق قد كادت الإبل تطؤها وقام إليهم الغلام فقال هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعينونا على دفنه قال فاستهل عبد الله بن مسعود يبكي ويقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك ثم نزل هو وأصحابه فواروه ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى تبوك.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن بريدة بن سفيان عن محمد بن كعب أن ابن مسعود أقبل في ركب غمار فمر بجنازة أبي ذر على ظهر الطريق فنزل هو وأصحابه فواروه وكان أبو ذر دخل مصر واختط بها دارا.
تخذيل المنافقين للمسلمين وما نزل فيهم *
قال ابن إسحاق وقد كان رهط من المنافقين منهم وديعة بن ثابت أخو بني عمرو بن عوف ومنهم رجل من أشجع حليف لبني سلمة يقال له مخشن بن حمير.
يشيرون إلى رسول الله § صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال إرجافا وترهيبا للمؤمنين فقال مخشن بن حمير والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه فقال وديعة بن ثابت ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف على ناقته فجعل يقول وهو آخذ بحقبها يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب فأنزل الله عز وجل ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب وقال مخشن بن حمير يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي وكأن الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن بن حمير فتسمى عبد الرحمن وسأل الله تعالى أن يقتله شهيدا لا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم كتابا فهو عندهم فكتب ليحنة بن رؤبة بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة § ابن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله وذمة محمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وإنه طيب لمن أخذه من الناس وإنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقا يريدونه من بر أو بحر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من كندة كان ملكا عليها وكان نصرانيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يصيد البقر فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته فباتت البقر تحك بقرونها باب القصر فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط قال لا والله قالت فمن يترك هذه قال لا أحد فنزل فأمر بفرسه فأسرج له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم فلما خرجوا تلقتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه وقد كان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه به عليه.
قال ابن إسحاق وقد كان رهط منهم وديعة بن ثابت ومخشن بن حمير يشيرون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى تبوك فقال بعضهم لبعض أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال إرجافا وترهيبا للمؤمنين فقال مخشن بن حمير والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل منا مائة جلدة وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني لعمار بن ياسر أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا فانطلق إليهم عمار فقال ذلك لهم فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون فقال وديعة بن ثابت يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب فنزلت ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون فقال مخشن بن حمير يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي فكان الذى عفي عنه في هذه الآية مخشن يعني إن نعف عن طائفة منكم فتسمى عبد الرحمن فسأل الله أن يقتله شهيدا لا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة ولم يوجد له أثر ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية وأتاه أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فهو عندهم.
فائدة قال ابن إسحاق أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل أيلة بردة مع كتابه فاشتراها منهم أبو العباس عبد الله بن محمد يعني السفاح بثلاث مائة دينار.
قال ابن إسحاق فحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن أنس بن مالك قال رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا فو الذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا.
قال ابن إسحاق ثم إن خالدا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقن له دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته فقال رجل من طيئ يقال له بجير بن بجرة يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يصيد البقر وما صنعت البقر تلك الليلة حتى استخرجته لتصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم § تبارك سائق البقرات إني رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك فإنا قد أمرنا بالجهاد فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك بضع عشرة ليلة لم يجاوزها ثم انصرف قافلا إلى المدينة وكان في الطريق ماء يخرج من وشل ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له وادي المشقق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبقنا إلى ذلك الوادي فلا يستقين منه شيئا حتى نأتيه قال فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم ير فيه شيئا فقال من سبقنا إلى هذا الماء فقيل له يا رسول الله فلان وفلان فقال أو لم أنههم أن يستقوا منه شيئا حتى آتيه ثم لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا عليهم ثم نزل فوضع يده تحت الوشل فجعل يصب في يده ما شاء الله أن يصب ثم نضحه به ومسحه بيده ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما شاء الله أن يدعو به فانخرق من الماء كما يقول من سمعه ما إن له حسا كحس الصواعق فشرب الناس واستقوا حاجتهم منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن بقيتم أو من بقي منكم لتسمعن بهذا الوادي وهو أخصب ما بين يديه وما خلفه قال وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن عبد الله بن مسعود كان يحدث قال قمت من جوف الليل وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر قال فاتبعتها أنظر إليها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين § المزني قد مات وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول أدنيا إلي أخاكما فدلياه إليه فلما هيأه لشقه قال اللهم إني أمسيت راضيا عنه فارض عنه قال يقول وعبد الله بن مسعود يا ليتني كنت صاحب الحفرة.
سؤال الرسول لأبي رهم عمن تخلف *
قال ابن إسحاق وذكر ابن شهاب الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم كلثوم بن الحصين وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فسرت ذات ليلة معه ونحن بالأخضر قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وألقى الله علينا النفاس فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه مخافة أن أصيب رجله في الغرز فطفقت أحوز راحلتي عنه حتى غلبتني عيني في بعض الطريق ونحن في بعض الليل فزاحمت راحلتي راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله في الغرز فما استيقظت § إلا بقوله حس فقلت يا رسول الله استغفر لي فقال سر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف عن بني غفار فأخبره به فقال وهو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط فحدثته بتخلفهم قال فما فعل النفر السود الجعاد القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ فتذكرتهم في بني غفار ولم أذكرهم حتى ذكرت أم لهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم حلفاء فينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرأ نشيطا في سبيل الله إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم أنه سمع أبا رهم كلثوم بن حصين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة أنه قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فسرت ذات ليلة معه ونحن بالأخضر قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم وألقي علينا النعاس وجعلت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه مخافة أن أصيب رجله في الغرز فطفقت أحوز راحلتي عنه حتى غلبتني عيني في بعض الطريق ونحن في بعض الليل فزاحمت راحلتي راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله في الغرز فما استيقظت إلا بقوله حس فقلت يا رسول الله استغفر لي فقال سر فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألني عمن تخلف من بني غفار فأخبره به فقال وهو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال الثطاط فحدثته بتخلفهم قال فما فعل السود الجعاد القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شدخ فتذكرتهم في بني غفار ولم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرأ نشيطا في سبيل الله إن أعز أهلي علي أن يتخلف عني المهاجرون من قريش والأنصار وغفار وأسلم.
أمر مسجد الضرار عند القفول من غزوة تبوك *
قال ابن إسحاق ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال إني على جناح سفر وحال شغل أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولو قد قدمنا إن شاء الله لأتيناكم فصلينا لكم فيه § فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان فقال انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم فقال مالك لمعن أنظرني حتى أخرج إليك بتار من أهلي فدخل إلى أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلاه وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين إلى آخر القصة وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا خذام بن خالد من بني عبيد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق وثعلبة بن حاطب من بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير من بني ضبيعة بن زيد وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف وجارية بن عامر وابناه مجمع بن جارية وزيد بن جارية ونبتل بن الحارث من بني ضبيعة وبحزج من بني ضبيعة وبجاد بن عثمان من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وهو من بني أمية بن زيد رهط أبي لبابة بن عبد المنذر وكانت مساجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين المدينة إلى تبوك معلومة مسماة مسجد بتبوك ومسجد بثنية مدران ومسجد بذات الزراب ومسجد بالأخضر ومسجد بذات الخطمي ومسجد بألاء ومسجد بطرف البتراء من ذنب كواكب ومسجد بالشق شق تارا ومسجد بذي الجيفة ومسجد § بصدر خوضى ومسجد بالحجر ومسجد بالصعيد ومسجد بالوادي اليوم وادي القرى ومسجد بالرقعة من الشقة شقة بني عذرة ومسجد بذي المروة ومسجد بالفيفاء ومسجد بذي خشب وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد كان تخلف عنه رهط من المنافقين وتخلف أولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق كعب ابن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون فصفح عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعذرهم الله ولا رسوله واعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة.
أمر الثلاثة الذين خلفوا وأمر المعذرين في غزوة تبوك
قال ابن إسحاق فذكر الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن أباه عبد الله وكان قائد أبيه حين أصيب بصره قال سمعت أبي كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وحديث صاحبيه قال ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط غير أني كنت قد تخلفت عنه في غزوة بدر وكانت غزوة لم يعاتب الله ولا رسوله أحدا تخلف عنها وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج يريد عير قريش حتى جمع الله بينه وبين عدوه على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة وحين تواثقنا على الإسلام وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت غزوة بدر هي أذكر في الناس منها قال كان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه § في تلك الغزوة وو الله ما اجتمعت لي راحلتان قط حتى اجتمعتا في تلك الغزوة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا واستقبل غزو عدو كثير فجلى للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبته وأخبرهم خبره بوجهه الذي يريد والمسلمون من تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ يعني بذلك الديوان يقول لا يجمعهم ديوان مكتوب قال كعب فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى له ذلك ما لم ينزل فيه وحي من الله وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار وأحبت الظلال فالناس إليها صعر فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجهز المسلمون معه وجعلت أغدو لأتجهز معهم فأرجع ولم أقض حاجة فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى شمر الناس بالجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحق بهم فغدوت بعد أن فصلوا لأتجهز فرجعت ولم أقض شيئا ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفرط الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت فلم أفعل وجعلت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم يحزنني أني لا أرى إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه فقال له معاذ بن جبل بئس ما قلت والله يا رسول الله ما علمنا منه إلا خيرا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم § فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي فجعلت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطة رسول الله صلى الله عليه وسلم غدا وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما زاح عني الباطل وعرفت أني لا أنجو منه إلا بالصدق فأجمعت أن أصدقه وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس فلما فعل ذلك جاءه المخلفون فجعلوا يحلفون له ويعتذرون وكانوا بضعة وثمانين رجلا فيقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وأيمانهم ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تعالى حتى جئت فسلمت عليه فتبسم تبسم المغضب ثم قال لي تعاله فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي ما خلفك ألم تكن ابتعت ظهرك قال قلت إني يا رسول الله والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر ولقد أعطيت جدلا ولكن والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديثا كذبا لترضين عني وليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديثا صدقا تجد علي فيه إني لأرجو عقباي من الله فيه ولا والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدقت فيه فقم حتى يقضي الله فيك فقمت وثار معي رجال من بني سلمة فاتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به إليه المخلفون قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك فو الله ما زالوا بي حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكذب نفسي ثم قلت لهم هل لقى هذا أحد غيري قالوا نعم رجلان قالا مثل مقالتك وقيل لهما مثل ما قيل § لك قلت من هما قالوا مرارة بن الربيع العمري من بني عمرو بن عوف وهلال بن أبي أمية الواقفي فذكروا لي رجلين صالحين فيهما أسوة فصمت حين ذكروهما لي ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لي نفسي والأرض فما هي بالأرض التي كنت أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج وأشهد الصلوات مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا ثم أصلي قريبا منه فأسارقه النظر فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلم أني أحب الله ورسوله فسكت فعدت فناشدته فسكت عني فعدت فناشدته فسكت عني فعدت فناشدته فقال الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي ووثبت فتسورت الحائط ثم غدوت إلى السوق فبينا أنا أمشي بالسوق إذا نبطي يسأل عني من نبط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدل علي كعب ابن مالك قال فجعل الناس يشيرون له إلي حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان وكتب كتابا في سرقة من حرير فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة فالحق § بنا نواسك قال قلت حين قرأتها وهذا من البلاء أيضا قد بلغ بي ما وقعت فيه أن طمع في رجل من أهل الشرك قال فعمدت بها إلى تنور فسجرته بها فأقمنا على ذلك حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك قال قلت أطلقها أم ماذا قال لا بل اعتزلها ولا تقربها وأرسل إلي صاحبي بمثل ذلك فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر ما هو قاض قال وجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ كبير ضائع لا خادم له أفتكره أن أخدمه قال لا ولكن لا يقربنك قالت والله يا رسول الله ما به من حركة إلي والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا ولقد تخوفت على بصره قال فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله لامرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال فقلت والله لا استأذنه فيها ما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لي في ذلك إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب قال فلبثنا بعد ذلك عشر ليال فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا ثم صليت الصبح صبح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا على الحال التي ذكر الله منا قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي وقد كنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع فكنت أكون فيها إذ سمعت صوت صارخ أوفى على ظهر سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء الفرج قال وآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا حين صلى § الفجر فذهب الناس يبشروننا وذهب نحو صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم حتى أوفى على الجبل فكان الصوت أسرع من الفرس فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني نزعت ثوبي فكسوتهما إياه بشارة والله ما أملك يومئذ غيرهما واستعرت ثوبين فلبستهما ثم انطلقت أتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقاني الناس يبشرونني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله فحيانى وهنأني وو الله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره قال فكان كعب بن مالك لا ينساها لطلحة قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك قال قلت أمن عندك يا رسول أم من عند الله قال بل من عند الله قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استبشر كأن وجهه قطعة قمر قال وكنا نعرف ذلك منه قال فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله عز وجل أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك قال قلت إني ممسك سهمي الذي بخيبر وقلت يا رسول الله إن الله قد نجاني بالصدق وإن من توبتي إلى الله أن لا أحدث إلا صدقا ما حييت والله ما أعلم أحدا من الناس أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أفضل مما أبلاني الله والله ما تعمدت من كذبة منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي وأنزل الله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤف رحيم وعلى الثلاثة الذين خلفوا إلى قوله وكونوا مع الصادقين § قال كعب فو الله ما أنعم الله علي نعمة قط بعد أن هداني للإسلام كانت أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا فإن الله تبارك وتعالى قال في الذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد قال سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين قال وكنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر هؤلاء الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه ما قضى فبذلك قال الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس الذي ذكر الله من تخليفنا لتخلفنا عن الغزوة ولكن لتخليفه إيانا وإرجائه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه.
أمر وفد ثقيف وإسلامها في شهر رمضان سنة تسع *
قال ابن إسحاق وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد ثقيف وكان من حديثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انصرف عنهم اتبع أثره عروة بن مسعود الثقفي حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة فأسلم وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يتحدث قومه إنهم قاتلوك وعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فيهم نخوة الامتناع الذي كان منهم فقال عروة يا رسول الله أنا أحب إليهم من أبكارهم.
دعاؤه للإسلام ومقتله *
قال ابن إسحاق وكان فيهم كذلك محببا مطاعا فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه لمنزلته فيهم فلما أشرف لهم على علية له وقد دعاهم إلى الإسلام وأظهر لهم دينه رموه بالنبل من كل وجه فأصابه سهم فقتله فتزعم بنو مالك أنه قتله رجل منهم يقال له أوس بن عوف أخو بني سالم بن مالك وتزعم الأحلاف أنه قتله رجل منهم من بني عتاب بن مالك يقال له وهب بن جابر فقيل لعروة ما ترى في دمك قال كرامة أكرمني الله بها وشهادة ساقها الله إلي فليس في إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يرتحل عنكم فادفنوني معهم فدفنوه معهم فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه إن مثله في قومه لكمثل صاحب ياسين في قومه ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهرا ثم إنهم ائتمروا بينهم ورأوا أنه لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا حدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس أن عمرو بن أمية أخا بني علاج كان مهاجرا لعبد يا ليل بن عمرو الذي بينهما سيء وكان عمرو بن أمية من أدهى العرب فمشى إلى عبد يا ليل بن عمرو حتى دخل داره ثم أرسل إليه أن عمرو بن أمية يقول لك اخرج إلي قال فقال عبد يا ليل للرسول ويلك أعمرو أرسلك إلي قال نعم وها هو ذا واقفا في دارك فقال إن هذا الشيء ما كنت أظنه لعمرو كان أمنع في نفسه من ذلك فخرج إليه فلما رآه رحب به فقال له عمرو إنه قد نزل بنا أمر ليست معه هجرة إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت قد أسلمت العرب كلها وليست لكم بحربهم طاقة فانظروا في أمركم فعند ذلك ائتمرت ثقيف بينها وقال بعضهم لبعض § أفلا ترون أنه لا يأمن لكم سرب ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع فأتمروا بينهم وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا كما أرسلوا عروة فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير وكان سن عروة بن مسعود وعرضوا ذلك عليه فأبى أن يفعل وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة فقال لست فاعلا حتى ترسلوا معي رجالا فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف وثلاثة من بني مالك فيكونوا ستة فبعثوا مع عبد ياليل الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب وشرحبيل بن غيلان بن سلمة بن معتب ومن بني مالك عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان أخا بني يسار وأوس ابن عوف أخا بني سالم بن عوف ونمير بن خرشة بن ربيعة أخا بني الحارث فخرج بهم عبد ياليل وهو ناب القوم وصاحب أمرهم ولم يخرج بهم إلا خشية من مثل ما صنع بعروة بن مسعود لكي يشغل كل رجل منهم إذا رجعوا إلى الطائف رهطه فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا بها المغيرة بن شعبة يرعى في توبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت رعيتها نوبا على أصحابه صلى الله عليه وسلم فلما رآهم ترك الركاب عند الثقفيين وضبر يشتد ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم عليه فلقيه أبو بكر الصديق قبل أن يدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره عن ركب ثقيف أن قد قدموا يريدون البيعة والإسلام بأن يشرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطا ويكتتبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا في قومهم وبلادهم وأموالهم فقال أبو بكر للمغيرة أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أنا أحدثه ففعل المغيرة فدخل أبو بكر على رسول الله صلى الله عليه وسلم § فأخبره بقدومهم عليه ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم وعلمهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفعلوا إلا بتحية الجاهلية ولما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده كما يزعمون فكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم وكان خالد هو الذي كتب كتابهم بيده وكانوا لا يطعمون طعاما يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم وقد كان فيما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدع لهم الطاغية وهي اللات لا يهدمها ثلاث سنين فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك عليهم فما برحوا يسألونه سنة سنة ويأبى عليهم حتى سألوا شهرا واحدا بعد مقدمهم فأبى عليهم أن يدعها شيئا مسمى وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يتسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة فيهدماها وقد كانوا سألوه مع ترك الطاغية أن يعفيهم من الصلاة وأن لا يكسروا أوثانهم بأيديهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه فقالوا يا محمد فسنؤتيكها وإن كانت دناءة فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابهم أمر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان من أحدثهم سنا وذلك أنه كان أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن فقال أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إني قد رأيت هذا الغلام منهم من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن.
بلال ووفد ثقيف في رمضان *
قال ابن إسحاق وحدثني عيسى بن عبد الله بن عطية بن سفيان بن ربيعة الثقفي عن بعض وفدهم قال كان بلال يأتينا حين أسلمنا وصمنا مع رسول الله § صلى الله عليه وسلم ما بقي من رمضان بفطرنا وسحورنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتينا بالسحور وإنا لنقول إنا لنرى الفجر قد طلع فيقول قد تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسحر لتأخير السحور ويأتينا بفطرنا وإنا لنقول ما نرى الشمس كلها ذهبت بعد فيقول ما جئتكم حتى أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يضع يده في الجفنة فيلتقم منها.
عهد الرسول لابن أبي العاص حين أمره على ثقيف *
قال ابن إسحاق وحدثني @EW1_SIAH@ سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص قال كان من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثني على ثقيف أن قال يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم فإن فيهم الكبير والصغير والضعيف وذا الحاجة.
هدم الطاغية *
قال ابن إسحاق فلما فرغوا من أمرهم وتوجهوا إلى بلادهم راجعين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معها أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة في هدم الطاغية فخرجا مع القوم حتى إذا قدموا الطائف أراد المغيرة بن شعبة أن يقدم أبا سفيان فأبى ذلك أبو سفيان عليه وقال ادخل أنت على قومك وأقام أبو سفيان بماله بذي الهدم فلما دخل المغيرة بن شعبة علاها يضربها بالمعول وقام قومه دونه بنو معتب خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين عليها ويقلن لتبكين دفاع أسلمها الرضاع. لم يحسنوا المصاع.
قال ابن إسحاق ويقول أبو سفيان والمغيرة يضربها بالفأس واها لك آها لك فلما هدمها المغيرة وأخذ مالها وحليها أرسل إلى أبي سفيان وحليها مجموع وما لها من الذهب والجزع وقد كان أبو مليح بن عروة وقارب بن الأسود قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفد ثقيف حين قتل عروة يريدان فراق ثقيف وأن لا يجامعاهم على شيء أبدا فأسلما فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم توليا من شئتما فقالا نتولى الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالكما أبا سفيان ابن حرب فقالا وخالنا أبا سفيان بن حرب فلما أسلم أهل الطائف ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان والمغيرة إلى هدم الطاغية سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو مليح بن عروة أن يقضي عن أبيه عروة دينا كان عليه من مال الطاغية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال له قارب بن الأسود وعن الأسود يا رسول الله فاقضه وعروة والأسود أخوان لأب وأم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأسود مات مشركا فقال قارب لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله لكن تصل مسلما ذا قرابة يعني نفسه إنما الدين علي وإنما أنا الذي أطلب به فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان أن يقضي دين عروة والأسود من مال الطاغية فلما جمع المغيرة مالها قال لأبي سفيان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرك أن تقضي عن عروة والأسود دينهما فقضى عنهما وكان كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتب لهم § بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين إن عضاه وج وصيده لا يعضد من وجد يفعل شيئا من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه فإن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ به إلى النبي محمد وإن هذا أمر النبي محمد رسول الله وكتب خالد بن سعيد بأمر الرسول محمد بن عبد الله فلا يتعده أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حج أبي بكر بالناس سنة تسع اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بتأدية أول براءة عنه وذكر براءة والقصص في تفسيرها *
قال ابن إسحاق ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقية شهر رمضان وشوالا وذا القعدة ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج من سنة تسع ليقيم للمسلمين حجهم والناس من أهل الشرك على منازلهم من حجهم فخرج أبو بكر رضي الله عنه ومن معه من المسلمين ونزلت براءة في نقض ما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين من العهد الذي كانوا عليه فيما بينه وبينهم أن لا يصد عن البيت أحد جاءه ولا يخاف أحد في الشهر الحرام وكان ذلك عهدا عاما بينه وبين الناس من أهل الشرك وكانت بين ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائص إلى آجال مسماة فنزلت فيه وفيمن تخلف من المنافقين عنه في تبوك وفي قول من قال منهم فكشف الله تعالى فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون منهم من سمى لنا ومنهم من لم يسم لنا فقال عز وجل براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين أي لأهل § العهد العام من أهل الشرك فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله أي بعد هذه الحجة فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين أي العهد الخاص إلى الأجل المسمى ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين فإذا انسلخ الأشهر الحرم يعني الأربعة التي ضرب لهم أجلا فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم وإن أحد من المشركين أي من هؤلاء الذين أمرتك بقتلهم استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ثم قال كيف يكون للمشركين الذين كانوا هم وأنتم على العهد العام أن لا نحيفوكم ولا يخيفوهم في الحرمة ولا في الشهر الحرام عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام وهي قبائل من بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم يوم الحديبية إلى المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش فلم يكن نقضها إلا هذا الحي من قريش وهي الديل من بني بكر بن وائل الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم فأمر بإتمام العهد لمن لم يكن نقض من بني بكر إلى مدته فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ثم قال تعالى كيف وإن يظهروا عليكم أي المشركون الذين لا عهد لهم إلى مدة من أهل الشرك العام لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة .
اختصاص الرسول عليا بتأدية براءة عنه *
قال ابن إسحاق وحدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن أبي جعفر محمد بن علي رضوان الله عليه أنه قال لما نزلت براءة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان بعث أبا بكر الصديق ليقيم للناس الحج قيل له يا رسول الله لو بعثت بها إلى أبي بكر فقال لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ثم دعا علي ابن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له اخرج بهذه القصة من صدر براءة وأذن في الناس يوم النحر إذا اجتمعوا بمنى أنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته فخرج علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على ناقة § رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك أبا بكر بالطريق فلما رآه أبو بكر بالطريق قال أأمير أم مأمور فقال بل مأمور ثم مضيا فأقام أبو بكر للناس الحج والعرب إذ ذاك في تلك السنة على منازلهم من الحج التي كانوا عليها في الجاهلية حتى إذا كان يوم النحر قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأذن في الناس بالذي أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس إنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فهو له إلى مدته وأجل الناس أربعة أشهر من يوم أذن فيهم ليرجع كل قوم إلى مأمنهم أو بلادهم ثم لا عهد لمشرك ولا ذمة إلا أحد كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى مدة فهو له إلى مدته فلم يحج بعد ذلك العام مشرك ولم يطف بالبيت عريان ثم قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق فكان هذا من براءة فيمن كان من أهل الشرك من أهل العهد العام وأهل المدة إلى الأجل المسمى.
ما نزل في الأمر بجهاد المشركين *
قال ابن إسحاق ثم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد أهل الشرك ممن نقض من أهل العهد الخاص ومن كان من أهل العهد العام بعد الأربعة الأشهر التي ضرب لهم أجلا إلا أن يعدو فيها عاد منهم فيقتل بعدائه فقال ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله أي من بعد ذلك على من يشاء والله عليم حكيم أم حسبتم أن تتركوا § ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون .
ما نزل في الرد على قريش بادعائهم عمارة البيت *
قال ابن إسحاق ثم ذكر قول قريش إنا أهل الحرم وسقاة الحاج وعمار هذا البيت فلا أحد أفضل منا فقال إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر أي إن عمارتكم ليست على ذلك وإنما يعمر مساجد الله أي من عمرها بحقها من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله أي فأولئك عمارها فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين وعسى من الله حق ثم قال تعالى أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله ثم القصة عن عدوهم حتى انتهى إلى ذكر حنين وما كان فيه وتوليهم عن عدوهم وما أنزل الله تعالى من نصره بعد تخاذلهم ثم قال تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة وذلك أن الناس قالوا لتنقطعن عنا الأسواق فلتهلكن التجارة وليذهبن ما كنا § نصيب فيها من المرافق فقال الله عز وجل وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله أي من وجه غير ذلك إن شاء إن الله عليم حكيم قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون أي ففي هذا عوض مما تخوفتم من قطع الأسواق فعوضهم الله بما قطع عنهم بأمر الشرك ما أعطاهم من أعناق أهل الكتاب من الجزية ثم ذكر أهل الكتابين بما فيهم من الشر والفرية عليه حتى انتهى إلى قوله تعالى إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ثم ذكر النسيء وما كانت العرب أحدثت فيه والنسيء ما كان يحل مما حرم الله تعالى من الشهور ويحرم مما أحل الله منها فقال إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم أي لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما أي كما فعل أهل الشرك إنما النسيء الذي كانوا يصنعون زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين ثم ذكر تبوك وما كان فيها من تثاقل المسلمين عنها وما أعظموا من غزو الروم حين دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهادهم ونفاق من نافق § من المنافقين حين دعوا إلى ما دعوا إليه من الجهاد ثم ما نعى عليهم من إحداثهم في الإسلام فقال تعالى يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ثم القصة إلى قوله تعالى يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم إلى قوله تعالى إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار ثم قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم يذكر أهل النفاق لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون أي إنهم يستطيعون عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين إلى قوله لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم .
عود إلى ما نزل في أهل النفاق *
قال ابن إسحاق وكان الذين استأذنوه من ذوي الشرف فيما بلغني منهم § عبد الله بن أبي بن سلول والجد بن قيس وكانوا أشرافا في قومهم فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معه فيفسدوا عليه جنده وكان في جنده قوم أهل محبة لهم وطاعة فيما يدعونهم إليه لشرفهم فيهم فقال تعالى وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين لقد ابتغوا الفتنة من قبل أي من قبل أن يستأذنوك وقلبوا لك الأمور أي ليخذلوا عنك أصحابك ويردوا عليك أمرك حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وكان الذي قال ذلك فيما سمي لنا الجد بن قيس أخو بني سلمة حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جهاد الروم ثم كانت القصة إلى قوله تعالى لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون أي إنما نيتهم ورضاهم وسخطهم لدنياهم ثم بين الصدقات لمن هي وسمى أهلها فقال إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ثم ذكر غشهم وأذاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة للذين آمنوا منكم والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم وكان الذي يقول تلك المقالة فيما بلغني نبتل بن الحارث أخو بني عمرو بن عوف وفيه نزلت هذه الآية وذلك أنه كان يقول إنما محمد أذن من حدثه شيئا صدقه يقول الله تعالى قل أذن خير لكم أي يسمع الخير ويصدق به ثم قال تعالى يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن § يرضوه إن كانوا مؤمنين ثم قال ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤن إلى قوله تعالى إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة وكان الذي قال هذه المقالة وديعة بن ثابت أخو بني أمية بن زيد من بني عمرو ابن عوف وكان الذي عفي عنه فيما بلغني مخشن بن حمير الأشجعي حليف بني سلمة وذلك أنه أنكر منهم بعض ما سمع ثم القصة من صفتهم حتى انتهى إلى قوله تعالى يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله إلى قوله من ولي ولا نصير وكان الذي قال تلك المقالة الجلاس بن سويد ابن صامت فرفعها عليه رجل كان في حجره يقال له عمير بن سعد فأنكرها وحلف بالله ما قالها فلما نزل فيهم القرآن تاب ونزع وحسنت حاله وتوبته فيما بلغني ثم قال تعالى ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين وكان الذي عاهد الله منهم ثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما من بنى عمر بن عوف ثم قال الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم وكان المطوعون من المؤمنين في الصدقات عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي أخا بني العجلان وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغب في الصدقة وحض عليها فقام عبد الرحمن بن عوف فتصدق بأربعة آلاف درهم وقام عاصم بن عدى فتصدق بمائة وسق من تمر فلمزوهما وقالوا ما هذا إلا رياء وكان الذي تصدق بجهده أبو عقيل أخو بني أنيف أتى بصاع من تمر فأفرغها في الصدقة فتضاحكوا به وقالوا إن الله لغني عن صاع أبي عقيل ثم ذكر قول بعضهم لبعض حين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجهاد § وأمر بالسير إلى تبوك على شدة الحر وجدب البلاد فقال تعالى وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا إلى قوله ولا تعجبك أموالهم وأولادهم .
ما نزل بسبب صلاة النبي على ابن أبي *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أتصلي على عدو الله عبد الله بن أبي بن سلول القائل كذا يوم كذا والقائل كذا يوم كذا أعدد أيامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم حتى إذا أكثرت قال يا عمر أخر عني إني قد خيرت فاخترت قد قيل لي استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت قال ثم صلى الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه قال فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فو الله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق حتى قبضه الله تعالى.
ما نزل في المستأذنين *
قال ابن إسحاق ثم قال تعالى وإذا أنزلت سورة أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله استأذنك أولوا الطول منهم وكان ابن أبي من أولئك فنعى الله ذلك عليه وذكره منه ثم قال تعالى لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من § تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله إلى آخر القصة وكان المعذرون فيما بلغني نفرا من بني غفار منهم خفاف بن أيماء بن رحضة تم كانت القصة لأهل العذر حتى انتهى إلى قوله ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون وهم البكاءون ثم قال تعالى إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون والخوالف النساء ثم ذكر حلفهم للمسلمين واعتذارهم فقال فأعرضوا عنهم إلى قوله تعالى فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ثم ذكر الأعراب ومن نافق منهم وتربصهم برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين فقال ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق أي من صدقة أو نفقة في سبيل الله مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم ثم ذكر الأعراب أهل الإخلاص والإيمان منهم فقال ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم ثم ذكر السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وفضلهم وما وعدهم الله من حسن ثوابه إياهم تم ألحق بهم التابعين لهم بإحسان فقال رضي الله عنهم ورضوا عنه ثم قال تعالى وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق أي لجوا فيه وأبوا غيره سنعذبهم مرتين والعذاب الذي أوعدهم الله تعالى مرتين فيما § بلغني غمهم بما هم فيه من أمر الإسلام وما يدخل عليهم من غيظ ذلك على غير حسبة ثم عذابهم في القبور إذا صاروا إليها ثم العذاب العظيم الذي يردون إليه عذاب النار والخلد فيه ثم قال تعالى وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم ثم قال تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها إلى آخر القصة ثم قال تعالى وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم وهم الثلاثة الذين خلفوا وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم حتى أتت من الله توبتهم ثم قال تعالى والذين اتخذوا مسجدا ضرارا إلخ القصة ثم قال تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ثم كان قصة الخبر عن تبوك وما كان فيها إلى آخر السورة وكانت براءة تسمى في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده المبعثرة لما كشفت من سرائر الناس وكانت تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال حسان بن ثابت يعدد أيام الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم ويذكر مواطنهم معه في أيام غزوه.
ألست خير معد كلها نفرا %~% ومعشرا إن هم عموا وإن حصلوا قوم هم شهدوا بدرا بأجمعهم مع الرسول فما ألوا وما خذلوا § وبايعوه فلم ينكث به أحد منهم ولم يك في إيمانهم دخل ويوم صبحهم في الشعب من أحد ضرب رصين كحر النار مشتعل ويوم ذي قرد يوم استثار بهم على الجياد فما خاموا وما نكلوا وذا العشيرة جاسوها بخيلهم مع الرسول عليها البيض والأسل ويوم ودان أجلوا أهله رقصا بالخيل حتى نهانا الحزن والجبل وليلة طلبوا فيها عدوهم لله والله يجزيهم بما عملوا وغزوة يوم نجد ثم كان لهم مع الرسول بها الأسلاب والنفل وليلة بحنين جالدوا معه فيها يعلهم بالحرب إذ نهلوا وغزوة القاع فرقنا العدو به كما تفرق دون المشرب الرسل ويوم بويع كانوا أهل بيعته على الجلاد فآسوه وما عدلوا وغزوة الفتح كانوا في سريته مرابطين فما طاشوا وما عجلوا ويوم خيبر كانوا في كتيبته يمشون كلهم مستبسل بطل بالبيض ترعش في الأيمان عارية تعوج في الضرب أحيانا وتعتدل ويوم سار رسول الله محتسبا إلى تبوك وهم راياته الأول وساسة الحرب إن حرب بدت لهم حتى بدا لهم الإقبال والقفل أولئك القوم أنصار النبي وهم قومي أصير إليهم حين أتصل § ماتوا كراما ولم تنكث عهودهم وقتلهم في سبيل الله إذ قتلوا.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا كنا ملوك الناس قبل محمد فلما أتى الإسلام كان لنا الفضل وأكرمنا الله الذي ليس غيره إليه بأيام مضت ما لها شكل بنصر الإله والرسول ودينه وألبسناه اسما مضى ما له مثل أولئك قومي خير قوم بأسرهم فما عد من خير فقومي له أهل يربون بالمعروف معروف من مضى وليس عليهم دون معروفهم قفل إذا اختبطوا لم يفحشوا في نديهم وليس على سؤالهم عندهم بخل وإن حاربوا أو سالموا لم يشبهوا فحربهم حتف وسلمهم سهل وجارهم موف بعلياء بيته له ما ثوى فينا الكرامة والبذل وحاملهم موف بكل حمالة تحمل لا غرم عليها ولا خذل وقائلهم بالحق إن قال قائل وحلمهم عود وحكمهم عدل ومنا أمير المسلمين حياته ومن غسلته من جنابته الرسل.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت أيضا قومي أولئك إن تسألي كرام إذا الضيف يوما ألم عظام القدور لأيسارهم يكبون فيها المسن السنم يؤاسون جارهم في الغنى ويحمون مولاهم إن ظلم فكانوا ملوكا بأرضيهم ينادون عضبا بأمر غشم ملوكا على الناس لم يملكوا من الدهر يوما كحل القسم فأنبوا بعاد وأشياعها ثمود وبعض بقايا إرم بيثرب قد شيدوا في النخيل حصونا ودجن فيها النعم نواضح قد علمتها اليهو د عل إليك وقولا هلم وفما اشتهوا من عصير القطاف والعيش رخوا على غير هم فسرنا إليهم بأثقالنا على كل فحل هجان قطم جنبنا بهن جياد الخيول قد جللوها جلال الأدم § فلما أناخوا بجنبي صرار وشدوا السروج بلي الحزم فما راعهم غير معج الخيول والزحف من خلفهم قد دهم فطاروا سراعا وقد أفزعوا وجئنا إليهم كأسد الأجم على كل سلهبة في الصيان لا يشتكين نحول السأم وكل كميت مطار الفؤاد أمين الفصوص كمثل الزلم عليها فوارس قد عودوا قراع الكماة وضرب البهم ملوك إذا غشموا في البلاد لا ينكلون ولكن قدم فأبنا بساداتهم والنساء وأولادهم فيهم تقتسم ورثنا مساكنهم بعدهم وكنا ملوكا بها لم نرم فلما أتانا الرسول الرشيد بالحق والنور بعد الظلم قلنا صدقت رسول المليك هلم إلينا وفينا أقم فنشهد أنك عبد الإله أرسلت نورا بدين قيم فأنا وأولادنا جنة نقيك وفي مالنا فاحتكم فنحن أولئك إن كذبوك فناد نداء ولا تحتشم وناد بما كنت أخفيته نداء جهارا ولا تكتتم § فسار الغواة بأسيافهم إليه يظنون أن يخترم فقمنا إليهم بأسيافنا نجالد عنه بغاة الأمم بكل صقيل له ميعة رقيق الذباب عضوض خذم إذا ما يصادف صم العظام لم ينب عنها ولم ينشلم فذلك ما ورثتنا القروم مجدا تليدا وعزا أشم إذا مر نسل كفى نسله وغادر نسلا إذا ما انفصم فما إن من الناس إلا لنا عليه وإن خاس فضل النعم.
ذكر سنة تسع وتسميتها سنة الوفود ونزول سورة الفتح *
قال ابن إسحاق لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وفرغ من تبوك وأسلمت ثقيف وبايعت ضربت إليه وفود العرب من كل وجه.
انقياد العرب وإسلامهم *
قال ابن إسحاق وإنما كانت العرب تربص بالإسلام أمر هذا الحي من قريش وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن قريشا كانوا إمام الناس وهاديهم وأهل البيت الحرام وصريح ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وقادة العرب لا ينكرون ذلك وكانت قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافه فلما افتتحت مكة ودانت له قريش ودوخها الإسلام وعرفت العرب أنه لا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عداوته فدخلوا في دين الله كما قال عز وجل أفواجا يضربون إليه من كل وجه يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا أي فاحمد الله على ما أظهر من دينك واستغفره إنه كان توابا فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفود العرب فقدم عليه عطارد ابن حاجب بن زرارة بن عدس التميمي في أشراف بني تميم منهم الأقرع بن حابس التميمي والزبرقان بن بدر التميمي أحد بني سعد وعمرو بن الأهتم والحبحاب بن يزيد.
سائر رجال الوفد *
قال ابن إسحاق وفي وفد بني تميم نعيم بن يزيد وقيس بن الحارث وقيس بن عاصم أخو بني سعد في وفد عظيم من بني تميم.
قال ابن إسحاق ومعهم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري وقد كان الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن شهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف فلما قدم وفد بني تميم كانا معهم فلما دخل وفد بني تميم المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجراته أن اخرج إلينا يا محمد فآذى ذلك § رسول الله صلى الله عليه وسلم من صياحهم فخرج إليهم فقالوا يا محمد جئناك نفاخرك فأذن لشاعرنا وخطيبنا قال قد أذنت لخطيبكم فليقل فقام عطارد بن حاجب فقال الحمد لله الذي له علينا الفضل والمن وهو أهله الذي جعلنا ملوكا ووهب لنا أموالا عظاما نفعل فيها المعروف وجعلنا أعز أهل المشرق وأكثره عددا وأيسره عدة فمن مثلنا في الناس ألسنا برءوس الناس وأولي فضلهم فمن فاخرنا فليعدد مثل ما عددنا وإنا لو نشاء لأكثرنا الكلام ولكنا نحيا من الإكثار فيما أعطانا وإنا نعرف بذلك أقول هذا لأن تأتوا بمثل قولنا وأمر أفضل من أمرنا ثم جلس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن الشماس أخي بني الحارث بن الخزرج قم فأجب الرجل في خطبته فقام ثابت فقال الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه قضى فيهن أمره ووسع كرسيه علمه ولم يك شيء قط إلا من فضله ثم كان من قدرته أن جعلنا ملوكا واصطفى من خير خلقه رسولا أكرمه نسبا وأصدقه حديثا وأفضله حسبا فأنزل عليه كتابه وأتمنه على خلقه فكان خيرة الله من العالمين ثم دعا الناس إلى الإيمان به فآمن برسول الله المهاجرون من قومه وذوي رحمه أكرم الناس حسبا وأحسن الناس وجوها وخير الناس فعالا ثم كان أول الخلق إجابة واستجاب لله حين دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن فنحن أنصار الله ووزراء رسوله نقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله فمن آمن بالله ورسوله منع منا ماله ودمه ومن كفر جاهدناه في الله أبدا وكان قتله علينا يسيرا أقول قولي هذا وأستغفر الله لي وللمؤمنين والمؤمنات والسلام عليكم فقام الزبرقان بن بدر فقال § نحن الكرام فلا حي يعادلنا منا الملوك وفينا تنصب البيع وكم قسرنا من الأحياء كلهم عند النهاب وفضل العز يتبع ونحن يطعم عند القحط مطعمنا من الشواء إذا لم يؤنس القزع بما ترى الناس تأتينا سراتهم من كل أرض هويا ثم تصطنع فننحر الكوم عبطا في أرومتنا للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا فلا ترانا إلى حي نفاخرهم إلا استفادوا فكانوا الرأس يقتطع فمن يفاخرنا في ذاك نعرفه فيرجع القوم والأخبار تستمع إنا أبينا ولا يأبى لنا أحد إنا كذلك عند الفخر نرتفع.
شعر حسان في الرد على الزبرقان *
قال ابن إسحاق وكان حسان غائبا فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حسان جاءني رسوله فأخبرني أنه إنما دعاني لأجيب شاعر بني تميم فخرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أقول منعنا رسول الله إذ حل وسطنا على أنف راض من معد وراغم منعناه لما حل بين بيوتنا بأسيافنا من كل باغ وظالم ببيت حريد عزه وثراؤه بجابية الجولان وسط الأعاجم § هل المجد إلا السؤدد العود والندى وجاه الملوك واحتمال العظائم قال فلما انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام شاعر القوم فقال ما قال عرضت في قوله وقلت على نحو ما قال قال فلما فرغ الزبرقان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال فقام حسان فقال إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بينوا سنة للناس تتبع يرضى بهم كل من كانت سريرته تقوى الإله وكل الخير يصطنع قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع لا يرقع الناس ما أوهت أكفهم عند الدفاع ولا يوهون ما رقعوا إن سابقوا الناس يوما فاز سبقهم أو وازنوا أهل مجد بالندى متعوا أعفة ذكرت في الوحي عفتهم لا ينطبعون ولا يرديهم طمع لا يبخلون على جار بفضلهم ولا يمسهم من مطمع طبع إذا نصبنا لحي لم ندب لهم كما يدب إلى الوحشية الذرع § نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها إذا الزعانف من أظفارها خشعوا لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا هلع كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسد بحلية في أرساغها فدع خذ منهم ما أتى عفوا إذا غضبوا ولا يكن همك الأمر الذي منعوا فإن في حربهم فاترك عداوتهم شرا يخاض عليه السم والسلع أكرم بقوم رسول الله شيعتهم إذا تفاوتت الأهواء والشيع أهدي لهم مدحتي قلب يؤازره فيما أحب لسان حائك صنع فإنهم أفضل الأحياء كلهم إن جد بالناس جد القول أو شمعوا.
إسلامهم وتجويز الرسول إياهم *
قال ابن إسحاق فلما فرغ حسان بن ثابت من قوله قال الأقرع بن حابس وأبي إن هذا الرجل لمؤتى له لخطيبه أخطب من خطيبنا ولشاعره أشعر من شاعرنا ولأصواتهم أحلى من أصواتنا فلما فرغ القوم أسلموا وجوزهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن جوائزهم وكان عمرو بن الأهتم قد خلفه القوم في ظهرهم وكان أصغرهم سنا فقال قيس بن عاصم وكان يبغض عمرو بن الأهتم يا رسول الله إنه قد كان رجل منا في رحالنا وهو غلام حدث وأزرى به فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما أعطى القوم فقال عمرو بن الأهتم حين بلغه أن قيسا قال ذلك يهجوه ظللت مفترش الهلباء تشتمني عند الرسول فلم تصدق ولم تصب سدناكم سوددا رهوا وسوددكم باد نواجذه مقع على الذنب.
قصة عامر بن الطفيل وأربد بن قيس في الوفادة عن بني عامر
قال ابن إسحاق وفيهم نزل من القرآن إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل § وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر وكان هؤلاء الثلاثة رؤساء القوم وشياطينهم فقدم عامر بن الطفيل عدو الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغدر به وقد قال له قومه يا عامر إن الناس قد أسلموا فأسلم قال والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش ثم قال لأربد إذا قدمنا على الرجل فإني سأشغل عنك وجهه فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر بن الطفيل يا محمد خالني قال لا والله حتى تؤمن بالله وحده قال يا محمد خالني وجعل يكلمه وينتظر من أربد ما كان أمره به فجعل أربد لا يحير شيئا قال فلما رأى عامر ما يصنع أربد قال يا محمد خالني قال لا حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له فلما أبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما والله لأملأنها عليك خيلا ورجالا فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اكفني عامر بن الطفيل فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر لأربد ويلك يا أربد أين ما كنت أمرتك به والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا قال لا أبا لك لا تعجل علي والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره إلا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف وخرجوا راجعين إلى بلادهم حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول فجعل § يقول يا بني عامر أغدة كغدة البكر في بيت امرأة من بني سلول.
موت أربد بصاعقة وما نزل فيه وفي عامر *
قال ابن إسحاق ثم خرج أصحابه حين واروه حين قدموا أرض بني عامر شاتين فلما قدموا أتاهم قومهم فقالوا ما وراءك يا أربد قال لا شيء والله لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل له يتبعه فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما وكان أربد بن قيس أخا لبيد بن ربيعة لأمه.
قال ابن إسحاق فقال لبيد يبكي أربد ما إن تعدي المنون من أحد لا والد مشفق ولا ولد أخشى على أربد الحتوف ولا أرهب نوء السماك والأسد فعين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام النساء في كبد § إن يشغبوا لا يبال شغبهم أو يقصدوا في الحكوم يقتصد حلو أريب وفي حلاوته مر لطيف الأحشاء والكبد وعين هلا بكيت أربد إذ ألوت رياح الشتاء بالعضد وأصبحت لاقحا مصرمة حتى تجلت غوابر المدد أشجع من ليث غابة لحم ذو نهمة في العلا ومنتقد لا تبلغ العين كل نهمتها ليلة تمسى الجياد كالقدد الباعث النوح في مآتمه مثل الظباء الأبكار بالجرد فجعني البرق والصواعق بالفارس يوم الكريهة النجد والحارب الجابر الحريب إذا جاء نكيبا وإن يعد يعد يعفو على الجهد والسؤال كما ينبت غيث الربيع ذو الرصد كل بني حرة مصيرهم قل وإن أكثرت من العدد إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا يوما فهم للهلاك والنفد.
قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا يبكي أربد ألا ذهب المحافظ والمحامي ومانع ضيمها يوم الخصام وأيقنت التفرق يوم قالوا تقسم مال أربد بالسهام تطير عدائد الأشراك شفعا ووترا والزعامة للغلام فودع بالسلام أبا حريز وقل وداع أربد بالسلام وكنت إمامنا ولنا نظاما وكان الجزع يحفظ بالنظام وأربد فارس الهيجا إذا ما تقعرت المشاجر بالفئام إذا بكر النساء مردفات حواسر لا يجئن على الخدام فواءل يوم ذلك من أتاه كما وأل المحل إلى الحرام ويحمد قدر أربد من عراها إذا ما ذم أرباب اللحام وجارته إذا حلت لديه لها نفل وحظ من سنام فإن تقعد فمكرمة حصان وإن تظعن فمحسنة الكلام وهل حدثت عن أخوين داما على الأيام إلا ابني شمام وإلا الفرقدين وآل نعش خوالد ما تحدث بانهدام.
قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا يبكي أربد انع الكريم للكريم أربدا انع الرئيس واللطيف كبدا يحذي ويعطي ماله ليحمدا أدما يشبهن صوارا أبدا السابل الفضل إذا ما عددا ويملأ الجفنة ملئا مددا رفها إذا يأتي ضريك وردا مثل الذي في الغيل يقرو جمدا يزداد قربا منهم أن يوعدا أورثتنا تراث غير أنكدا غبا ومالا طارفا وولدا شرخا صقورا يافعا وأمردا وقال لبيد أيضا لن تفنيا خيرات أر بد فابكيا حتى يعودا قولا هو البطل المحامي حين يكسون الحديدا ويصد عنا الظالمين إذا لقينا القوم صيدا فاعتاقه رب البرية إذ رأى أن لا خلودا فثوى ولم يوجع ولم يوصب وكان هو الفقيدا § وقال لبيد أيضا يذكرني بأربد كل خصم ألد تخال خطته ضرارا إذا اقتصدوا فمقتصد كريم وإن جاروا سواء الحق جارا ويهدي القوم مطلعا إذا ما دليل القوم بالموماة حارا.
قال ابن إسحاق وقال لبيد أيضا أصبحت أمشي بعد سلمى بن مالك وبعد أبي قيس وعروة كالأجب إذا ما رأى ظل الغراب أضجه حذارا على باقي السناسن والعصب.
قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا عن بني سعد بن بكر *
قال ابن إسحاق وبعث بنو سعد بن بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا منهم يقال له ضمام بن ثعلبة.
سؤاله الرسول أسئلة ثم إسلامه *
قال ابن إسحاق فحدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه وكان ضمام رجلا جلدا أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله الله عليه وسلم في أصحابه فقال أيكم ابن عبد المطلب قال فقال رسول الله § صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب قال أمحمد قال نعم قال يا بن عبد المطلب إني سائلك ومغلظ عليك في المسألة فلا تجدن في نفسك قال لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك قال أنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولا قال اللهم نعم قال فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئا وأن نخلع هذه الأنداد التي كان آباؤنا يعبدون معه قال اللهم نعم قال فأنشدك الله إلهك وإله من كان قبلك وإله من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس قال اللهم نعم قال ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها ينشده عند كل فريضة منها كما ينشده في التي قبلها حتى إذا فرغ قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص ثم انصرف إلى بعيره راجعا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن صدق ذو العقيصتين دخل الجنة قال فأنى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال بئست اللات والعزى قالوا مه يا ضمام اتق البرص اتق الجذام اتق الجنون قال ويلكم إنهما والله لا يضران ولا ينفعان إن الله قد بعث رسولا وأنزل عليه كتابا أستنقذكم به مما كنتم فيه وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وقد جئتكم من عنده بما أمركم به وما نهاكم عنه قال فو الله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلما § قال يقول عبد الله بن عباس فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام ابن ثعلبة.
قدوم الجارود في وفد عبد القيس *
قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجارود بن عمرو ابن حنش أخو عبد القيس.
ضمان الرسول دينه وإسلامه *
قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن الحسن قال لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ودعاه إليه ورغبه فيه فقال يا محمد إني قد كنت على دين وإني تارك ديني لدينك أفتضمن لي ديني قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه قال فأسلم وأسلم أصحابه ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحملان فقال والله ما عندي ما أحملكم عليه قال يا رسول الله فإن بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس أفنتبلغ عليها إلى بلادنا قال لا إياك وإياها فإنما تلك حرق النار فخرج من عنده الجارود راجعا إلى قومه وكان حسن الإسلام صلبا على دينه حتى هلك وقد أدرك الردة فلما رجع من قومه من كان أسلم منهم إلى دينهم الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر قام الجارود فتكلم فتشهد § شهادة الحق ودعا إلى الإسلام فقال أيها الناس إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأكفر من لم يشهد.
إسلام ابن ساوى *
قال ابن إسحاق وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث العلاء بن الحضرمي قبل فتح مكة إلى المنذر بن ساوى العبدي فأسلم فحسن إسلامه ثم هلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ردة أهل البحرين والعلاء عنده أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني حنيفة فيهم مسيلمة بن حبيب الحنفي الكذاب.
ما كان من الرسول لمسيلمة *
قال ابن إسحاق فكان منزلهم في دار بنت الحارث امرأة من الأنصار ثم من بني النجار فحدثني بعض علمائنا من أهل المدينة أن بني حنيفة أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم تستره بالثياب ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه معه عسيب من سعف النخل في رأسه خوصات فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسترونه بالثياب كلمه وسأله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لو سألتني هذا العسيب ما أعطيتكه قال ابن إسحاق وقد حدثني شيخ من بني حنيفة من أهل اليمامة أن حديثه كان على غير هذا زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفوا مسيلمة في رحالهم فلما أسلموا ذكروا مكانه فقالوا يا رسول الله إنا قد خلفنا صاحبا لنا في رحالنا وفي ركابنا يحفظها لنا قال فأمر له رسول الله § صلى الله عليه وسلم بمثل ما أمر به للقوم وقال أما إنه ليس بشركم مكانا أي لحفظه ضيعة أصحابه وذلك الذي يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءوه بما أعطاه فلما انتهوا إلى اليمامة ارتد عدو الله وتنبأ وتكذب لهم وقال إني قد أشركت في الأمر معه وقال لوفده الذين كانوا معه ألم يقل لكم حين ذكرتموني له أما إنه ليس بشركم مكانا ما ذاك إلا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه ثم جعل يسجع لهم الأساجيع ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن لقد أنعم الله على الحبلى أخرج منها نسمة تسعى من بين صفاق وحشى وأحل لهم الخمر والزنا ووضع عنهم الصلاة وهو مع ذلك يشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه نبي فأصفقت معه حنيفة على ذلك فالله أعلم أي ذلك كان.
قدوم زيد الخيل في وفد طيئ *
قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد طيئ فيهم زيد الخيل وهو سيدهم فلما انتهوا إليه كلموه وعرض عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فأسلموا فحسن إسلامهم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثني من لا أتهم من رجال طيئ ما ذكر لي رجل من العرب بفضل ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل فإنه لم يبلغ كل ما كان فيه ثم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد الخير وقطع له فيدا وأرضين معه وكتب له بذلك فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم § راجعا إلى قومه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ينج زيد من حمى المدينة فإنه قال قد سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم غير الحمى وغير أم ملدم فلم يثبته فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له فردة أصابته الحمى بها فمات ولما أحس زيد بالموت قال أمرتحل قومي المشارق غدوة وأترك في بيت بفردة منجد ألا رب يوم لو مرضت لعادني عوائد من لم يبر منهن يجهد فلما مات عمدت امرأته إلى ما كان معه من كتبه التي قطع له رسول الله صلى الله عليه وسلم فحرقتها بالنار وأما عدي بن حاتم فكان يقول فيما بلغني ما من رجل من العرب كان أشد كراهية لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به مني أما أنا فكنت امرأ شريفا وكنت نصرانيا وكنت أسير في قومي بالمرباع فكنت في نفسي على دين وكنت ملكا في قومي لما كان يصنع بي فلما سمعت برسول الله صلى الله عليه وسلم كرهته فقلت لغلام كان لي عربي وكان راعيا لإبلي لا أبا لك أعدد لي من إبلي أجمالا ذللا سمانا فاحتبسها قريبا مني فإذا سمعت بجيش لمحمد قد وطئ هذه البلاد فآذني ففعل ثم إنه أتاني ذات غداة فقال يا عدي ما كنت صانعا إذا غشيتك خيل محمد فاصنعه الآن فإني قد رأيت رايات فسألت عنها فقالوا هذه جيوش محمد قال فقلت فقرب إلي أجمالي فقربها فاحتملت بأهلي وولدي ثم قلت ألحق بأهلى ديني من النصارى بالشام § فسلكت الجوشية.
وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر فلما قدمت الشام أقمت بها وتخالفني خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيئ وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام قال فجعلت بنت حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا يحبسن فيها فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت إليه وكانت امرأة جزلة فقالت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك قال ومن وافدك قالت عدي بن حاتم قال الفار من الله ورسوله قالت ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني حتى إذا كان من الغد مر بي فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس قالت حتى إذا كان بعد الغد مر بي وقد يئست منه فأشار إلي رجل من خلفه أن قومي فكلميه قالت فقمت إليه فقلت يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك فقال صلى الله عليه وسلم قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني فسألت عن الرجل الذي أشار إلي أن أكلمه فقيل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه وأقمت حتى قدم ركب من بلي أو قضاعة قالت وإنما أريد أن آتي أخي بالشام قالت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ قالت فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة فخرجت معهم حتى قدمت الشام § قال عدى فو الله إني لقاعد في أهلي إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي تؤمنا قال فقلت ابنة حاتم قال فإذا هي هي فلما وقفت علي انسحلت تقول القاطع الظالم احتملت بأهلك وولدك وتركت بقية والدك عورتك قال قلت أي أخية لا تقولي إلا خيرا فو الله ما لي من عذر لقد صنعت ما ذكرت قال ثم نزلت فأقامت عندي فقلت لها وكانت امرأة حازمة ماذا ترين في أمر هذا الرجل قالت أرى والله أن تلحق به سريعا فإن يكن الرجل نبيا فللسابق إليه فضله وإن يكن ملكا فلن تذل في عز اليمن وأنت أنت قال قلت والله إن هذا الرأي قال فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فدخلت عليه وهو في مسجده فسلمت عليه فقال من الرجل فقلت عدي بن حاتم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بي إلى بيته فو الله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة فاسترقفته فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها قال قلت في نفسي والله ما هذا بملك قال ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفا فقذفها إلي فقال اجلس على هذه قال قلت بل أنت فاجلس عليها فقال بل أنت فجلست عليها وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض قال قلت في نفسي والله ما هذا بأمر ملك ثم قال إيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا قال قلت بلى قال أولم تكن تسير في قومك بالمرباع قال قلت بلى قال فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك قال § قلت أجل والله وقال وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل ثم قال لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم فو الله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذه ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم فو الله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور هذا البيت لا تخاف ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم قال فأسلمت وكان عدي يقول قد مضت اثنتان وبقيت الثالثة والله لتكونن قد رأيت القصور البيض من أرض بابل قد فتحت وقد رأيت المرأة تخرج من القادسية على بعيرها لا تخاف حتى تحج هذا البيت وايم الله لتكونن الثالثة ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه.
قدوم فروة بن مسيك المرادي *
قال ابن إسحاق وقدم فروة بن مسيك المرادي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة ومباعدا لهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان قبيل الإسلام بين مراد وهمدان وقعة أصابت فيها همدان من مراد ما أرادوا حتى أثخنوهم في يوم كان يقال له يوم الردم فكان الذي قاد همدان إلى مراد الأجدع بن مالك في ذلك اليوم.
شعر فروة في يوم الردم *
قال ابن إسحاق وفي ذلك اليوم يقول فروة بن مسيك § مررنا على لفاة وهن خوص ينازعن الأعنة ينتحينا فإن نغلب فغلابون قدما وإن نغلب فغير مغلبينا وما إن طبنا جبن ولكن منايانا وطعمة آخرينا كذاك الدهر دولته سجال تكر صروفه حينا فحينا فبينا ما نسر به ونرضى ولو لبست غضارته سنينا إذ انقلبت به كرات دهر فألفيت الألى غبطوا طحينا فمن يغبط بريب الدهر منهم يجد ريب الزمان له خئونا فلو خلد الملوك إذن خلدنا ولو بقي الكرام إذن بقينا فأفنى ذلكم سروات قومي كما أفنى القرون الأولينا.
قدوم فروة على الرسول وإسلامه *
قال ابن إسحاق ولما توجه فروة بن مسيك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفارقا لملوك كندة قال لما رأيت ملوك كندة أعرضت كالرجل خان الرجل عرق نسائها قربت راحلتي أؤم محمدا أرجو فواضلها وحسن ثرائها.
قال ابن إسحاق فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني يا فروة هل ساءك ما أصاب قومك يوم الردم قال يا رسول الله من ذا يصيب قومه مثل ما أصاب قومي يوم الردم لا يسوءه ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له أما إن ذلك لم يزد قومك في الإسلام إلا خيرا واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على مراد وزبيد ومذحج كلها وبعث معه خالد بن سعيد بن العاص على الصدقة فكان معه في بلاده حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن معديكرب في أناس من بني زبيد فأسلم وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يا قيس إنك سيد قومك وقد ذكر لنا أن رجلا من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول إنه نبي فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه فإن كان نبيا كما يقول فإنه لن يخفى عليك وإذا لقيناه اتبعناه وإن كان غير ذلك علمنا علمه فأبى عليه قيس ذلك وسفه رأيه فركب عمرو ابن معديكرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وصدقه وآمن به فلما بلغ ذلك قيس بن مكشوح أوعد عمرا وتحطم عليه وقال خالفني وترك رأيي فقال عمرو بن معديكرب في ذلك أمرتك يوم ذي صنعاء أمرا باديا رشده أمرتك باتقاء الله والمعروف تتعده § خرجت من المنى مثل الحمير غره وتده تمناني على فرس عليه جالسا أسده علي مفاضة كالنهي أخلص ماءه جدده ترد الرمح منثنى السنان عوائرا قصده فلو لاقيتني للقيت ليثا فوقه لبده تلاقي شنبثا شثن البراثن ناشزا كتده يسامى القرن إن قرن تيممه فيعتضده فيأخذه فيرفعه فيخفضه فيقتصده فيدمغه فيحطمه فيخضمه فيزدرده ظلوم الشرك فيما أحرزت أنيابه ويده.
ارتداده وشعره في ذلك *
قال ابن إسحاق فأقام عمرو بن معديكرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة § ابن مسيك فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد عمرو بن معديكرب وقال حين ارتد وجدنا ملك فروة شر ملك حمارا ساف منخره بثفر وكنت إذا رأيت أبا عمير ترى الحولاء من خبث وغدر.
قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة *
قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعث بن قيس في وفد كندة فحدثني الزهري بن شهاب أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمانين راكبا من كندة فدخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده وقد رجلوا جممهم وتكحلوا وعليهم جبب الحبرة وقد كففوها بالحرير فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألم تسلموا قالوا بلى قال فما بال هذا الحرير في أعناقكم قال فشقوه منها فألقوه ثم قال له الأشعث بن قيس يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت ابن آكل المرار قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث وكان العباس وربيعة رجلين تاجرين وكانا إذا شاعا في بعض العرب فسئلا ممن هما قالا نحن بنو آكل المرار يتعززان بذلك وذلك أن كندة كانوا ملوكا ثم قال لهم لا بل نحن بنو النضر § ابن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا فقال الأشعث بن قيس هل فرغتم يا معشر كندة والله لا أسمع رجلا يقولها إلا ضربته ثمانين.
حدثنا @TR2_AMIB@ أحمد بن محمد قال حدثنا @TR1_SACD@ إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق قال وقدم الأشعث بن قيس في وفد كندة على رسول الله قال ابن إسحاق فحدثني الزهري أنه قدم عليه في ثلاثين راكبا فقال له يا رسول الله نحن بنو آكل المرار وأنت بن آكل المرار فتبسم رسول الله وقال لا نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفو أمنا ولا ننتفي من أبينا فقال الأشعث بن قيس يا معشر كندة والله لا أسمع رجلا يقولها بعد اليوم إلا ضربته ثمانين.
قدوم صرد بن عبد الله الأزدي *
قال ابن إسحاق وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم صرد بن عبد الله الأزدي فأسلم وحسن إسلامه في وفد من الأزد فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وأمروه أن يجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبل اليمن فخرج صرد بن عبد الله يسير بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بجرش وهي يومئذ مدينة معلقة وبها قبائل من قبائل اليمن وقد ضوت إليهم خثعم فدخلوها معهم حين سمعوا بسير المسلمين إليهم فحاصروهم فيها قريبا من شهر وامتنعوا فيها منه ثم إنه رجع عنهم قافلا حتى إذا كان إلى جبل لهم يقال له شكر ظن أهل جرش أنه إنما ولى عنهم منهزما فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه عطف عليهم فقتلهم قتلا شديدا وقد كان أهل جرش بعثوا رجلين منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يرتادان وينظران فبينا هما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية بعد صلاة العصر إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي بلاد الله شكر فقام إليه الجرشيان فقالا يا رسول الله ببلادنا جبل يقال له كشر وكذلك يسميه أهل جرش فقال إنه ليس بكثر ولكنه شكر قالا فما شأنه يا رسول الله قال إن بدن الله لتنحر عنده الآن قال فجلس الرجلان إلى أبي بكر أو إلى عثمان فقال لهما ويحكما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعى لكما قومكما § فقوما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما فقاما إليه فسألاه ذلك فقال اللهم ارفع عنهم فخرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى قومهما فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله في اليوم الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر وخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا وحمى لهم حمى حول قريتهم على أعلام معلومة للفرس والراحلة وللمثيرة بقرة الحرث فمن رعاه من الناس فما لهم سحت فقال في تلك الغزوة رجل من الأزد وكانت خشعم تصيب من الأزد في الجاهلية وكانوا يعدون في الشهر الحرام يا غزوة ما غزونا غير خائبة فيها البغال وفيها الخيل والحمر حتى أتينا حميرا في مصانعها وجمع خثعم قد شاعت لها النذر إذا وضعت غليلا كنت أحمله فما أبالي أدانوا بعد أم كفروا وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك ورسولهم إليه بإسلامهم الحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال والنعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان وبعث إليه زرعة ذو يزن مالك ابن مرة الرهاوي بإسلامهم ومفارقتهم الشرك وأهله §فكتب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كلال وإلى نعيم بن عبد كلال وإلى النعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد ذلكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنه قد وقع بنا رسولكم منقلبنا من أرض الروم فلقينا بالمدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبرا ما قبلكم وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين وأن الله قد هداكم بهداه إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم خمس الله وسهم الرسول وصفيه وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء وعلى ما سقى الغرب نصف العشر وأن في الإبل الأربعين ابنة لبون وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر وفي كل خمس من الإبل شاة وفي كل عشر من الإبل شاتان وفي كل أربعين من البقر بقرة وفي كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة وأنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة فمن زاد خيرا فهو خير له ومن أدى ذلك وأشهد على إسلامه وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم وله ذمة الله وذمة رسوله وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها وعليه الجزية على كل حال ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف من قيمة المعافر أو عوضه ثيابا فمن أدى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله أما بعد فإن رسول الله محمدا النبي § أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيرا معاذ بن جبل وعبد الله بن زيد ومالك بن عبادة وعقبة بن نمر ومالك بن مرة وأصحابهم وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم وأبلغوها رسلي وأن أميرهم معاذ بن جبل فلا ينقلبن إلا راضيا أما بعد فإن محمدا يشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله ثم إن مالك بن مرة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير وقتلت المشركين فأبشر بخير وآمرك بحمير خيرا ولا تخونوا ولا تخاذلوا فإن رسول الله هو ولي غنيكم وفقيركم وأن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته إنما هي زكاة يزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل وأن مالكا قد بلغ الخبر وحفظ الغيب وآمركم به خيرا وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي وأولي دينهم وأولي علمهم وآمرك بهم خيرا فإنهم منظور إليهم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حدثني عبد الرحمن بن حفص أنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي إلى الحارث بن عبد كلال وإلى نعيم بن عبد كلال وإلى النعمان قيل ذي رعين ومعافر وهمذان أما بعد ذلكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنه قد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم فلقينا بالمدينة فبلغ ما أرسلتم به وخبرنا ما قبلكم وأتانا بإسلامكم وقتلكم المشركين وأن الله قد هداكم بهدايته إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله وأقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة وأعطيتم من المغانم خمس الله وسهم النبي وصفيه صلى الله عليه وسلم.
وصية الرسول معاذا حين بعثه إلى اليمن *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث معاذا أوصاه وعهد إليه ثم قال له يسر ولا تعسر وبشر ولا تنفر وإنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب يسئلونك ما مفتاح الجنة فقل شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قال فخرج معاذ حتى إذا قدم اليمن قام بما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته امرأة من أهل اليمن فقالت يا صاحب رسول الله ما حق زوج المرأة عليها قال ويحك إن المرأة لا تقدر على أن تؤدي حق زوجها فأجهدي نفسك في أداء حقه ما استطعت قالت والله لئن كنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم § إنك لتعلم ما حق الزوج على المرأة قال ويحك لو رجعت إليه فوجدته تنثعب منخراه قيحا ودما فمصصت ذلك حتى تذهبيه ما أديت حقه.
إسلام فروة بن عمرو الجذامي *
قال ابن إسحاق وبعث فروة بن عمرو النافرة الجذامي ثم النفاثي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا بإسلامه وأهدى له بغلة بيضاء وكان فروة عاملا للروم على من يليهم من العرب وكان منزله معان وما حولها من أرض الشام فلما بلغ الروم ذلك من إسلامه طلبوه حتى أخذوه فحبسوه عندهم فقال في محبسه ذلك طرقت سليمى موهنا أصحابي والروم بين الباب والقروان صد الخيال وساءه ما قد رأى وهممت أن أغفي وقد أبكاني لا تكحلن العين بعدي إثمدا سلمى ولا تدين للإتيان ولقد علمت أبا كبيشة أنني وسط الأعزة لا يحص لساني فلئن هلكت لتفقدن أخاكم ولئن بقيت لتعرفن مكاني ولقد جمعت أجل ما جمع الفتى من جودة وشجاعة وبيان فلما أجمعت الروم لصلبه على ماء لهم يقال له عفراء بفلسطين قال § ألا هل أتى سلمى بأن حليلها على ماء عفرا فوق إحدى الرواحل على ناقة لم يضرب الفحل أمها مشذبة أطرافها بالمناجل فزعم الزهري بن شهاب أنهم لما قدموه ليقتلوه قال بلغ سراة المسلمين بأنني سلم لربي أعظمي ومقامي ثم ضربوا عنقه وصلبوه على ذلك الماء يرحمه الله تعالى.
إسلام بني الحارث بن كعب على يدي خالد بن الوليد لما سار إليهم *
قال ابن إسحاق ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في شهر ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر إلى بني الحارث بن كعب بنجران وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثا فإن استجابوا فاقبل منهم وإن لم يفعلوا فقاتلهم فخرج خالد حتى قدم عليهم فبعث الركبان يضربون في كل وجه ويدعون إلى الإسلام ويقولون أيها الناس أسلموا تسلموا فأسلم الناس ودخلوا فيما دعوا إليه فأقام فيهم خالد يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبذلك كان أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هم أسلموا ولم يقاتلوا ثم كتب خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالد بن الوليد السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فإني أحمد إليك الله الذي § لا إله إلا هو أما بعد يا رسول الله صلى الله عليك فإنك بعثتني إلى بني الحارث ابن كعب وأمرتني إذا أتيتهم ألا أقاتلهم ثلاثة أيام وأن أدعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا أقمت فيهم وقبلت منهم وعلمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه وإن لم يسلموا قاتلتهم وإني قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعثت فيهم ركبانا قالوا يا بني الحارث أسلموا تسلموا فأسلموا ولم يقاتلوا وأنا مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم الله به وأنهاهم عما نهاهم الله عنه وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي رسول الله إلى خالد بن الوليد سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحارث بن كعب قد أسلموا قبل أن تقاتلهم وأجابوا إلى ما دعوتهم إليه من الإسلام وشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله وأن قد هداهم الله بهداه فبشرهم وأنذرهم وأقبل وليقبل معك وفدهم والسلام عليك ورحمة الله وبركاته فأقبل خالد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل معه وفد بني الحارث بن كعب منهم قيس بن الحصين ذي الغصة ويزيد بن عبد المدان ويزيد بن المحجل وعبد الله بن قراد الزيادي وشداد بن عبد الله القناني وعمرو بن عبد الله الضبابي § فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآهم قال من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند قيل يا رسول الله هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب فلما وقفوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلموا عليه وقالوا نشهد أنك رسول الله وأنه لا إله إلا الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم الذين إذا زجروا استقدموا فسكتوا فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الثانية فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الثالثة فلم يراجعه منهم أحد ثم أعادها الرابعة فقال يزيد بن عبد المدان نعم يا رسول الله نحن الذين إذا زجروا استقدموا قالها أربع مرار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن خالدا لم يكتب إلي أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رءوسكم تحت أقدامكم فقال يزيد ابن عبد المدان أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدا قال فمن حمدتم قالوا حمدنا الله عز وجل الذي هدانا بك يا رسول الله قال صدقتم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بم كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية قالوا لم نكن نغلب أحدا قال بلى قد كنتم تغلبون من قاتلكم قالوا كنا نغلب من قاتلنا يا رسول الله إنا كنا نجتمع ولا نفترق ولا نبدأ أحدا بظلم قال صدقتم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني الحارث بن كعب قيس بن الحصين فرجع وفد بني الحارث إلى قومهم في بقية من شوال أو في صدر ذي القعدة فلم يمكثوا بعد أن رجعوا إلى قومهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحم وبارك ورضي وأنعم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو ابن حزم ليفقههم في الدين ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم صدقاتهم وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده وأمره فيه بأمره بسم الله الرحمن الرحيم § هذا بيان من الله ورسوله يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره كله فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه وينهى الناس فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ويلين للناس في الحق ويشتد عليهم في الظلم فإن الله كره الظلم ونهى عنه فقال ألا لعنة الله على الظالمين ويبشر الناس بالجنة وبعملها وينذر الناس النار وعملها ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته وما أمر الله به والحج الأكبر الحج الأكبر والحج الأصغر هو العمرة وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب واحد صغير إلا أن يكون ثوبا يثني طرفيه على عاتقيه وينهى الناس أن يحتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء وينهى أن يعقص أحد شعر رأسه في قفاه وينهى إذا كان بين الناس هيج عن الدعاء إلى القبائل والعشائر وليكن دعواهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له فمن لم يدع إلى الله ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطفوا بالسيف حتى تكون دعواهم إلى الله وحده لا شريك له ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين ويمسحون برءوسهم كما أمرهم الله وأمر بالصلاة لوقتها وإتمام الركوع والسجود والخشوع ويغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة والمغرب حين يقبل الليل لا يؤخر حتى تبدو النجوم في السماء والعشاء أول الليل وأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها والغسل عند الرواح إليها وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء وعلى ما سقى الغرب نصف العشر وفي كل عشر من الإبل شاتان وفي كل عشرين أربع شياه وفي كل أربعين من البقر بقرة وفي كل ثلاثين من البقر تبيع § جذع أو جذعة وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة فمن زاد خيرا فهو خير له وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه ودان بدين الإسلام فإنه من المؤمنين له مثل ما لهم وعليه مثل ما عليهم ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يرد عنها وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه ثيابا فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله وذمة رسوله ومن منع ذلك فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية قبل خيبر رفاعة بن زيد الجذامي ثم الضبيبي فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما وأسلم فحسن إسلامه وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا إلى قومه وفي كتابه بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله لرفاعة بن زيد إني بعثته إلى قومه عامة ومن دخل فيهم يدعوهم إلى الله وإلى رسوله فمن أقبل منهم ففي حزب الله وحزب رسوله ومن أدبر فله أمان شهرين فلما قدم رفاعة على قومه أجابوا وأسلموا ثم ساروا إلى الحرة حرة الرجلاء ونزلوها.
ذكر الكذابين مسيلمة الحنفي والأسود العنسي *
ن
قال ابن إسحاق وقد كان تكلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذابان مسيلمة بن حبيب باليمامة في بني حنيفة والأسود بن كعب العنسي بصنعاء.
رؤيا الرسول فيهما *
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار أو أخيه سليمان بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على منبره وهو يقول أيها الناس إني قد رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ورأيت في ذراعي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأولتهما هذين الكذابين صاحب اليمن وصاحب اليمامة.
حديث الرسول عن الدجالين *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن أبي هريرة أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالا كلهم يدعي النبوة.
خروج الأمراء والعمال على الصدقات *
قال ابن إسحاق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات إلى كل ما أوطأ الإسلام من البلدان فبعث المهاجر بن أبي أمية ابن المغيرة إلى صنعاء فخرج عليه العنسي وهو بها وبعث زياد بن لبيد أخا بني بياضة الأنصاري إلى حضرموت وعلى صدقاتها وبعث عدي بن حاتم على طيئ وصدقاتها وعلى بني أسد وبعث مالك بن نويرة.
حدثني علي بن مسلم الطويسي نا زياد @TR1_ZATB@ البكائي عن محمد بن إسحاق قال قال الزهري كان ممن شهد لمالك بن نويرة بالإسلام وأبو قتادة حارث بن ربيعة أخو بني سلمة.
على صدقات بني حنظلة وفرق صدقة بني سعد على رجلين منهم فبعث الزبرقان بن بدر على ناحية منها وقيس بن عاصم على ناحية وكان قد بعث العلاء ابن الحضرمي على البحرين وبعث علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى أهل نجران ليجمع صدقتهم ويقدم عليه بجزيتهم وقد كان مسيلمة بن حبيب قد كتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك وإن لنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ولكن قريشا قوم يعتدون فقدم عليه رسولان له بهذا الكتاب.
قال ابن إسحاق فحدثني شيخ من أشجع عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لهما حين قرأ كتابه فما تقولان أنتما قالا نقول كما قال فقال أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما ثم كتب إلى مسيلمة بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى مسيلمة § الكذاب السلام على من اتبع الهدى أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين وذلك في آخر سنة عشر.
حجة الوداع *
قال ابن إسحاق فلما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذو القعدة تجهز للحج وأمر الناس بالجهاز له.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج لخمس ليال بقين من ذي القعدة.
ما أمر به الرسول عائشة في حيضها *
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم بن محمد عن عائشة قالت لا يذكر ولا يذكر الناس إلا الحج حتى إذا كان بسرف وقد ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم معه الهدي وأشراف من أشراف الناس أمر الناس أن يحلوا بعمرة إلا من ساق الهدي قالت وحضت ذلك اليوم فدخل علي وأنا أبكى فقال مالك يا عائشة لعلك نفست قالت قلت نعم والله لوددت أني لم أخرج معكم عامي في هذا السفر فقال لا تقولن ذلك فإنك تقضين كل ما يقضي الحاج إلا أنك لا تطوفين بالبيت قالت ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فحل كل من كان لا هدي معه وحل نساؤه بعمرة فلما كان يوم النحر أتيت بلحم بقر كثير فطرح في بيتي فقلت § ما هذا قالوا ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه البقر حتى إذا كانت ليلة الحصبة بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أخي عبد الرحمن بن أبي بكر فأعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي فاتتني.
قال ابن إسحاق وحدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن حفصة بنت عمر قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قلن فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا فقال إني أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي.
موافاة علي في قفوله من اليمن رسول الله في الحج *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث عليا رضي الله عنه إلى نجران فلقيه بمكة وقد أحرم فدخل على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها فوجدها قد حلت وتهيأت فقال مالك يا بنت رسول الله قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحل بعمرة فحللنا ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من الخبر عن سفره قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق فطف بالبيت وحل كما حل بأصحابك قال يا رسول الله إني أهللت كما أهللت فقال ارجع فاحلل كما حل أصحابك قال يا رسول الله إني قلت حين أحرمت اللهم إني أهل بما أهل به نبيك وعبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم قال فهل معك من هدي قال لا فأشركه رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وثبت على إحرامه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغا من الحج ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي عنهما.
شكا عليا جنده إلى الرسول لانتزاعه عنهم حللا من بز اليمن *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال لما أقبل علي رضي الله عنه من اليمن ليلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة تعجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على جنده الذين معه رجلا من أصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي رضي الله عنه فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فإذا عليهم الحلل قال ويلك ما هذا قال كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس قال ويلك انزع قبل أن تنتهي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانتزع الحلل من الناس فردها في البز قال وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.
قال ابن إسحاق فحدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان ابن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبي سعيد الخدري عن أبي سعيد الخدري قال اشتكى الناس عليا رضوان الله عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا فسمعته يقول أيها الناس لا تشكوا عليا فو الله إنه لأخشن في ذات الله أو في سبيل الله من أن يشكى.
خطبة الرسول في حجة الوداع *
قال ابن إسحاق ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حجه فأرى الناس مناسكهم وأعلمهم سنن حجهم وخطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا وكحرمة شهركم هذا وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون قضى الله أنه لا ربا وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله وأن كل دم كان في الجاهلية موضوع وإن أول دمائكم أضع دم § ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وكان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية أما بعد أيها الناس فإن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به مما تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم أيها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطؤا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان أما بعد أيها الناس فإن لكم على نسائكم حقا ولهن عليكم حقا لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضربا غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فزوجهن بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي فإني قد بلغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا أمرا بينا كتاب الله وسنة نبيه أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلمن أن كل مسلم أخ للمسلم وأن المسلمين إخوة فلا يحل لامرئ من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمن أنفسكم اللهم هل بلغت فذكر لي أن الناس قالوا اللهم نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد.
اسم الصارخ بكلام الرسول وما كان يردده *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال كان الرجل الذي يصرخ في الناس يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرفة ربيعة بن أمية بن خلف قال يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلا تدرون أي شهر هذا فيقول لهم فيقولون الشهر الحرام فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا ثم يقول قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي بلد هذا قال فيصرخ به قال فيقولون البلد الحرام قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة بلدكم هذا قال ثم يقول قل يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هل تدرون أي يوم هذا قال فيقوله لهم فيقولون يوم الحج الأكبر قال فيقول قل لهم إن الله قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا.
رواية ابن خارجة عما سمعه من الرسول في حجة الوداع *
قال ابن إسحاق حدثني ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب الأشعري عن عمرو بن خارجة قال بعثني عتاب بن أسيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة فبلغته ثم وقفت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لغامها ليقع على رأسي فسمعته وهو يقول أيها الناس إن الله قد أدى إلى كل ذي حق حقه وإنه لا تجوز وصية لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا.
بعض تعليم الرسول في الحج *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف بعرفة قال هذا الموقف للجبل الذي هو عليه وكل عرفة § موقف وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال هذا المنحر وكل منى منحر فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج وقد أراهم مناسكهم وأعلمهم ما فرض الله عليهم من حجهم من الموقف ورمي الجمار وطواف بالبيت وما أحل لهم من حجهم وما حرم عليهم فكانت حجة البلاغ وحجة الوداع وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها.
بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين *
قال ابن إسحاق ثم قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وضرب على الناس بعثا إلى الشام وأمر عليهم أسامة ابن زيد بن حارثة مولاه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين فتجهز الناس وأوعب مع أسامة بن زيد المهاجرون الأولون.
رواية ابن حبيب عن بعث الرسول رسله *
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري أنه وجد كتابا فيه ذكر من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البلدان وملوك العرب والعجم وما قال لأصحابه حين بعثهم قال فبعثت به إلى محمد بن شهاب الزهري فعرفه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه فقال لهم إن الله بعثني رحمة وكافة فأدوا عني يرحمكم الله ولا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى بن مريم قالوا وكيف يا رسول الله كان اختلافهم قال دعاهم لمثل ما دعوتكم له فأما من قرب به فأحب وسلم وأما من بعد به فكره وأبى فشكا ذلك عيسى منهم إلى الله فأصبحوا وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجه إليهم.
أسماء رسل عيسى *
قال ابن إسحاق وكان من بعث عيسى بن مريم عليه السلام من الحواريين والأتباع الذين كانوا بعدهم في الأرض بطرس الحواري ومعه بولس وكان بولس من الأتباع ولم يكن من الحواريين إلى رومية وأندرائس ومنتا إلى الأرض التي يأكل أهلها الناس وتوماس إلى أرض بابل من أرض المشرق وفيلبس إلى أرض قرطاجنة وهي إفريقية ويحنس إلى أفسوس قرية الفتية أصحاب الكهف ويعقوبس إلى أوراشلم وهي إيلياء قرية بيت المقدس وابن ثلماء إلى الأعرابية وهي أرض الحجاز وسيمن إلى أرض البربر ويهوذا ولم يكن من الحواريين جعل مكان يودس بسم الله الرحمن الرحيم قال حدثنا @TR2_AMIH@ أبو محمد عبد الملك بن هشام قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي وكان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه سبعا وعشرين غزوة منها غزوة ودان وهي غزوة الأبواء ثم غزوة بواط من ناحية رضوى ثم غزوة العشيرة من بطن ينبع ثم غزوة بدر الأولى يطلب كرز بن جابر ثم غزوة بدر الكبرى التي قتل الله فيها صناديد قريش ثم غزوة بني سليم حتى بلغ الكدر ثم غزوة السويق يطلب أبا سفيان بن حرب ثم غزوة غطفان وهي غزوة ذي أمر ثم غزوة بحران معدن بالحجاز ثم غزوة أحد ثم غزوة حمراء الأسد ثم غزوة بني النضير ثم غزوة ذات الرقاع من نخل ثم غزوة بدر الآخرة ثم غزوة دومة الجندل ثم غزوة الخندق ثم غزوة بني قريظة ثم غزوة بني لحيان من هذيل ثم غزوة ذي قرد ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة ثم غزوة الحديبية § لا يريد قتالا فصده المشركون ثم غزوة خيبر ثم عمرة القضاء ثم غزوة الفتح ثم غزوة حنين ثم غزوة الطائف ثم غزوة تبوك قاتل منها في تسع غزوات بدر وأحد والخندق وقريظة والمصطلق وخيبر والفتح وحنين والطائف وكانت بعوثه صلى الله عليه وسلم وسراياه ثمانيا وثلاثين من بين بعث وسرية غزوة عبيدة بن الحارث أسفل من ثنية ذي المروة ثم غزوة حمزة ابن عبد المطلب ساحل البحر من ناحية العيص وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة وغزوة سعد بن أبي وقاص الخرار وغزوة عبد الله ابن جحش نخلة وغزوة زيد بن حارثة القردة وغزوة محمد بن مسلمة كعب بن الأشرف وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة وغزوة أبي عبيدة بن الجراح ذا القصة من لمريق العراق وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر وغزوة علي ابن أبي طالب اليمن وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث الكديد فأصاب بني الملوح وكان من حديثها أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس حدثني عن مسلم ابن عبد الله بن خبيب الجهني عن المنذر عن جندب بن مكيث الجهني قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي § كلب بن عوف بن ليث في سرية كنت فيها وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح وهم بالكديد فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك وهو ابن البرصاء الليثي فأخذناه فقال إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا له إن تك مسلما فلن يضيرك رباط ليلة وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك فشددناه رباطا ثم خلفنا عليه رجلا من أصحابنا أسود وقلنا له إن عازك فاحتز رأسه قال ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس فكنا في ناحية الوادي وبعثني أصحابي ربيئة لهم فخرجت حتى آتي تلا مشرفا على الحاضر فأسندت فيه فعلوت على رأسه فنظرت إلى الحاضر فو الله إني لمنبطح على التل إذ خرج رجل منهم من خبائه فقال لامرأته إني لأرى على التل سوادا ما رأيته في أول يومي فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئا لا تكون الكلاب جرت بعضها قال فنظرت فقالت لا والله ما أفقد شيئا قال فناوليني قوسي وسهمين فناولته قال فأرسل سهما فو الله ما أخطأ جنبي فأنزعه فأضعه وثبت مكاني قال ثم أرسل الآخر فوضعه في منكبي فأنزعه فأضعه وثبت مكاني فقال لامرأته لو كان ربيئة لقوم لقد تحرك لقد خالطه سهماي لا أبا لك إذا أصبحت فابتغيهما فخذيهما لا يمضغهما علي الكلاب قال ثم دخل قال وأمهلناهم حتى إذا اطمأنوا وناموا وكان في وجه السحر شننا § عليهم الغارة قال فقتلنا واستقنا النعم وخرج صريخ القوم فجاءنا دهم لا قبل لنا به ومضينا بالنعم ومررنا بابن البرصاء وصاحبه فاحتملناهما معنا قال وأدركنا القوم حتى قروا منا قال فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد فأرسل الله الوادي بالسيل من حيث شاء تبارك وتعالى من غير سحابة نراها ولا مطر فجاء بشيء ليس لأحد به قوة ولا يقدر على أن يجاوزه فوقفوا ينظرون إلينا وإنا لنسوق نعمهم ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا ونحن نحدوها سراعا حتى فتناهم فلم يقدروا على طلبنا قال فقدمنا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وحدثني رجل من أسلم عن رجل منهم أن شعار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تلك الليلة أمت أمت فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها أبى أبو القاسم أن تعز بي في خضل نباته مغلولب صفر أعاليه كلون المذهب.
تعريف بعدة غزوات *
قال ابن إسحاق وغزوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه بني عبد الله بن سعد § من أهل فدك وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم أصيب بها هو وأصحابه جميعا وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة وغزوة أبي سلمة بن عبد الأسد قطنا ماء من مياه بني أسد من ناحية نجد قتل بها مسعود بن عروة وغزوة محمد بن مسلمة أخي بني حارثة القرطاء من هوازن وغزوة بشير بن سعد بني مرة بفدك وغزوة بشير بن سعد ناحية خيبر وغزوة زيد بن حارثة الجموم من أرض بني سليم وغزوة زيد بن حارثة جذام من أرض خشين.
غزوة زيد بن حارثة إلى جذام *
قال ابن إسحاق وكان من حديثها كما حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام كانوا علماء بها أن رفاعة بن زيد الجذامي لما قدم على قومه من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابه يدعوهم إلى الإسلام فاستجابوا له لم يلبث أن قدم دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ومعه تجارة له حتى إذا كانوا بواد من أوديتهم يقال له شنار أغار على دحية بن خليفة الهنيد بن عوص وابنه عوص بن الهنيد الضلعيان والضليع بطن من جذام فأصابا كل شيء كان معه فبلغ ذلك قوما من الضبيب رهط رفاعة بن زيد ممن كان أسلم وأجاب فنفروا إلى الهنيد وابنه فيهم من بني الضبيب النعمان بن أبي جعال حتى لقوهم فاقتتلوا وانتمى يومئذ قرة بن أشقر الضفاوي ثم الضلعي فقال أنا ابن لبنى ورمى النعمان بن أبى جعال بسبهم فأصاب ركبته فقال حين أصابه خذها وأنا ابن لبنى وكانت له أم تدعى لبنى وقد كان حسان بن ملة الضبيبي قد صحب دحية بن خليفة قبل ذلك فعلمه أم الكتاب.
تمكن المسلمين من الكفار *
قال ابن إسحاق حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام قال فاستنقذوا ما كان في يد الهنيد وابنه فردوه على دحية فخرج دحية حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره خبره واستسقاه دم الهنيد وابنه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم زيد بن حارثة وذلك الذي هاج غزوة زيد جذام وبعث معه جيشا وقد وجهت غطفان من جذام ووائل ومن كان من سلامان وسعد بن هذيم حين جاءهم رفاعة بن زيد بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا الحرة حرة الرجلاء ورفاعة بن زيد بكراع ربة لم يعلم ومعه ناس من بني الضبيب وسائر بني الضبيب بوادي مدان من ناحية الحرة مما يسيل مشرقا وأقبل جيش زيد بن حارثة من ناحية الأولاج فأغار بالماقص من قبل الحرة فجمعوا ما وجدوا من مال أو ناس وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بني الأجنف.
شأن حسان وأنيف ابني ملة *
قال ابن إسحاق في حديثه ورجلا من بني الخصيب فلما سمعت بذلك بنو الضبيب والجيش بفيفاء مدان ركب نفر منهم وكان فيمن ركب معهم حسان بن ملة على فرس لسويد بن زيد يقال لها العجاجة وأنيف بن ملة على فرس لملة يقال لها رغال وأبو زيد بن عمرو على فرس يقال له لها شمر فانطلقوا حتى إذا دنوا من الجيش قال أبو زيد وحسان لأنيف بن ملة كف عنا وانصرف فإنا نخشى لسانك فوقف عنهما فلم يبعدا منه حتى جعلت فرسه تبحث بيديها وتوثب فقال لأنا أضن بالرجلين منك بالفرسين فأرخى لها حتى أدركهما فقالا له أما إذا فعلت ما فعلت فكف عنا § لسانك ولا تشأمنا اليوم فتواصوا أن لا يتكلم منهم إلا حسان بن ملة وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفها بعضهم من بعض إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال بورى أو ثورى فلما برزوا على الجيش أقبل القوم يبتدرونهم فقال لهم حسان إنا قوم مسلمون وكان أول من لقيهم رجل على فرس أدهم فأقبل يسوقهم فقال أنيف بورى فقال حسان مهلا فلما وقفوا على زيد بن حارثة قال حسان إنا قوم مسلمون فقال له زيد فاقرءوا أم الكتاب فقرأها حسان فقال زيد بن حارثة نادوا في الجيش أن الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاءوا منها إلا من ختر.
قدومهم على الرسول وشعر أبي جعال *
قال ابن إسحاق وإذا أخت حسان بن ملة وهي امرأة أبي وبر بن عدي ابن أمية بن الضبيب في الأسارى فقال له زيد خذها وأخذت بحقويه فقالت أم الفزر الضلعية أتنطلقون ببناتكم وتذرون أمهاتكم فقال أحد بني الخصيب إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم فسمعها بعض الجيش فأخبر بها زيد بن حارثة فأمر بأخت حسان ففكت يداها من حقويه وقال لها اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه فرجعوا ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاءوا منه فأمسوا في أهليهم واستعتموا ذودا لسويد بن زيد فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة بن زيد وكان ممن ركب إلى رفاعة بن زيد تلك الليلة أبو زيد ابن عمرو وأبو شماس بن عمرو وسويد بن زيد وبعجة بن زيد وبرذع بن زيد وثعلبة بن زيد ومخربة بن عدي وأنيف بن ملة وحسان § ابن ملة حتى صبحوا رفاعة بن زيد بكراع ربة بظهر الحرة على بئر هنالك من حرة ليلى فقال له حسان بن ملة إنك لجالس تحلب المعزى ونساء جذام أسارى قد غرها كتابك الذي جئت به فدعا رفاعة بن زيد بجمل له فجعل يشد عليه رحله وهو يقول هل أنت حي أو تنادي حيا ثم غدا وهم معه بأمية بن ضفارة أخي الخصيبي المقتول مبكرين من ظهر الحرة فساروا إلى جوف المدينة ثلاث ليال فلما دخلوا المدينة وانتهوا إلى المسجد نظر إليهم رجل من الناس فقال لا تنيخوا إبلكم فتقطع أيديهن فنزلوا عنهن وهن قيام فلما دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورآهم ألاح إليهم بيده أن تعالوا من وراء الناس فلما استفتح رفاعة بن زيد المنطق قام رجل من الناس فقال يا رسول الله إن هؤلاء قوم سحرة فرددها مرتين فقال رفاعة بن زيد رحم الله من لم يحذنا في يومه هذا إلا خيرا ثم دفع رفاعة ابن زيد كتابه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان كتبه له فقال دونك يا رسول الله قديما كتابه حديثا غدره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأه يا غلام وأعلن فلما قرأ كتابه استخبره فأخبروهم الخبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع بالقتلى ثلاث مرات فقال رفاعة أنت يا رسول الله أعلم لا نحرم عليك حلالا ولا نحلل لك حراما فقال أبو زيد ابن عمرو أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هذه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو زيد اركب معهم يا علي فقال له علي رضي الله عنه إن زيدا لن يطيعني يا رسول الله قال فخذ سيفي هذا فأعطاه سيفه فقال علي ليس لي يا رسول الله راحلة أركبها فحملوه على بعير لثعلبة بن عمرو يقال له مكحال فخرجوا فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة § من إبل أبي وبر يقال لها الشمر فأنزلوه عنها فقال يا علي ما شأني فقال ما لهم عرفوه فأخذوه ثم ساروا فلقوا الجيش بفيفاء الفحلتين فأخذوا ما في أيديهم حتى كانوا ينزعون لبيد المرأة من تحت الرحل فقال أبو جعال حين فرغوا من شأنهم وعاذلة ولم تعذل بطب ولولا نحن حش بها السعير تدافع في الأسارى بابنتيها ولا يرجى لها عتق يسير ولو وكلت إلى عوص وأوس لحار بها عن العتق الأمور ولو شهدت ركائبنا بمصر تحاذر أن يعل بها المسير وردنا ماء يثرب عن حفاظ لربع إنه قرب ضرير بكل مجرب كالسيد نهد على أقتاد ناجية صبور فدى لأبي سليمى كل جيش بيثرب إذ تناطحت النحور غداة ترى المجرب مستكينا خلاف القوم هامته تدور.
غزوة زيد بن حارثة بني فزارة ومصاب أم قرفة *
وغزوة زيد بن حارثة أيضا وادي القرى لقي به بني فزارة فأصيب بها ناس من أصحابه وارتث زيد من بين القتلى وفيها أصيب ورد بن عمرو بن مداش وكان أحد بني سعد بن هذيل أصابه أحد بني بدر.
معاودة زيد لهم *
قال ابن إسحاق فلما قدم زيد بن حارثة آلى أن لا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة فلما استبل من جراحته بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني فزارة في جيش فقتلهم بوادي القرى وأصاب فيهم وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر وأسرت أم قرفة فاطمة بنت ربيعة بن بدر كانت عجوزا كبيرة عند مالك بن حذيفة ابن بدر وبنت لها وعبد الله بن مسعدة فأمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل أم قرفة فقتلها قتلا عنيفا ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنة أم قرفة وبابن مسعدة وكانت بنت أم قرفة لسلمة بن عمرو بن الأكوع كان هو الذي أصابها وكانت في بيت شرف من قومها كانت العرب تقول لو كنت أعز من أم قرفة ما زدت فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمة فوهبها له فأهداها لخاله حزن بن أبي وهب فولدت له عبد الرحمن بن حزن فقال قيس بن المسحر في قتل مسعدة § سعيت بورد مثل سعي ابن أمه وإني بورد في الحياة لثائر كررت عليه المهر لما رأيته على بطل من آل بدر مغاور فركبت فيه قعضبيا كأنه شهاب بمعراة يذكى لناظر وغزوة عبد الله بن رواحة خيبر مرتين إحداهما التي أصاب فيها اليسير بن رزام.
غزوة عبد الله بن رواحة لقتل اليسير بن رزام ,غزوة عبد الله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي
وكان من حديث اليسير بن رزام أنه كان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في نفر من أصحابه منهم عبد الله بن أنيس حليف بني سلمة فلما قدموا عليه كلموه وقربوا له وقالوا له إنك إن قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك وأكرمك فلم يزالوا به حتى خرج معهم في نفر من يهود فحمله عبد الله بن أنيس على بعيره حتى إذا كان بالقرقرة من خيبر على ستة أميال ندم اليسير بن رزام على مسيره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ففطن له عبد الله بن أنيس وهو يريد السيف فاقتحم به ثم ضربه بالسيف فقطع رجله وضربه اليسير بمخرش في يده من شوحط فأمه ومال كل § رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صاحبه من يهود فقتله إلا رجلا واحدا أفلت على رجليه فلما قدم عبد الله بن أنيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل على شجته فلم تقح ولم تؤذه وغزوة عبد الله بن عتيك خيبر فأصاب بها أبا رافع بن أبي الحقيق
وغزوة عبد الله بن أنيس خالد بن سفيان بن نبيح بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وهو بنخلة أو بعرنة يجمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ليغزوه فقتله.
قال ابن إسحاق حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير قال قال عبد الله بن أنيس دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني وهو بنخلة أو بعرنة فأته فاقتله قلت يا رسول الله انعته لي حتى أعرفه قال إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة قال فخرجت متوشحا سيفي حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلا وحيث كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة فأقبلت نحوه وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي فلما انتهيت إليه قال من الرجل قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لذلك § قال أجل إني لفي ذلك قال فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف فقتلته ثم خرجت وتركت ظعائنه منكبات عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني قال أفلح الوجه قلت قد قتلته يا رسول الله قال صدقت ثم قام بي فأدخلني بيته فأعطاني عصا فقال أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله بن أنيس قال فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا قلت أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها عندي قالوا أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا قال آية بيني وبينك يوم القيامة إن أقل الناس المتخصرون يومئذ قال فقرنها عبد الله بن أنيس بسيفه فلم تزل معه حتى مات ثم أمر بها فضمت في كفنه ثم دفنا جميعا.
غزوات أخر *
قال ابن إسحاق وغزوة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة مؤتة من أرض الشام فأصيبوا بها جميعا وغزوة كعب بن عمير الغفاري ذات أطلاح من أرض الشام أصيب بها هو وأصحابه جميعا وغزوة عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بني العنبر من بني تميم.
غزوة عيينة بن حصن بني العنبر من بني تميم *
وكان من حديثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليهم فأغار عليهم فأصاب منهم أناسا وسبى منهم أناسا فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عائشة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن علي رقبة من ولد إسماعيل قال هذا سبي بني العنبر يقدم الآن فنعطيك منهم إنسانا فتعتقينه.
قال ابن إسحاق فلما قدم بسبيهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فيهم وفد من بني تميم حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ربيعة ابن رفيع وسبرة بن عمرو والقعقاع بن معبد ووردان بن محرز وقيس § ابن عاصم ومالك بن عمرو والأقرع بن حابس وفراس بن حابس فكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فأعتق بعضا وأفدى بعضا وكان ممن قتل يومئذ من بني العنبر عبد الله وأخوان له بنو وهب وشداد بن فراس وحنظلة بن دارم وكان ممن سبي من نسائهم يومئذ أسماء بنت مالك وكاس بنت أري ونجوة بنت نهد وجميعة بنت قيس وعمرة بنت مطر فقالت في ذلك اليوم سلمى بنت عتاب لعمري لقد لاقت عدي بن جندب من الشر مهواة شديدا كئودها تكنفها الأعداء من كل جانب وغيب عنها عزها وجدودها.
غزوة غالب بن عبد الله أرض بني مرة وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل
قال ابن إسحاق وغزوة غالب بن عبد الله الكلبي كلب ليث أرض بني مرة فأصاب بها مرداس بن نهيك حليفا لهم من الحرقة من جهينة قتله أسامة بن زيد ورجل من الأنصار.
قال ابن إسحاق وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال أدركته أنا ورجل من الأنصار فلما شهرنا عليه السلاح قال أشهد أن لا إله إلا الله قال فلم ننزع عنه حتى قتلناه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره فقال يا أسامة من لك بلا إله إلا الله قال قلت يا رسول الله إنه إنما قالها تعوذا بها من القتل قال فمن لك بها يا أسامة قال فو الذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن وأني كنت أسلمت يومئذ وأني لم أقتله قال قلت أنظرني يا رسول الله إني أعاهد الله أن لا أقتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا قال تقول بعدي يا أسامة قال قلت بعدك وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بني عذرة وكان من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه يستنفر العرب إلى الشام وذلك أن أم العاص ابن وائل كانت امرأة من بلي فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يستألفهم لذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلسل وبذلك سميت تلك الغزوة غزوة ذات السلاسل فلما كان عليه خاف فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وقال لأبي عبيدة حين وجهه لا تختلفا فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو إنما جئت مذدا لي قال أبو عبيدة لا ولكني على ما أنا عليه وأنت على ما أنت عليه § وكان أبو عبيدة رجلا لينا سهلا هينا عليه أمر الدنيا فقال له عمرو بل أنت مدد لي فقال أبو عبيدة يا عمرو وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي لا تختلفا وإنك إن عصيتني أطعتك قال فإني الأمير عليك وأنت مدد لي قال فدونك فصلى عمرو بالناس قال وكان من الحديث في هذه الغزاة أن رافع بن أبي رافع الطائي وهو رافع بن عميرة كان يحدث فيما بلغني عن نفسه قال كنت امرأ نصرانيا وسميت سرجس فكنت أدل الناس وأهداهم بهذا الرمل كنت أدفن الماء في بيض النعام بنواحي الرمل في الجاهلية ثم أغير على إبل الناس فإذا أدخلتها الرمل غلبت عليها فلم يستطع أحد أن يطلبني فيه حتى أمر بذلك الماء الذي خبأت في بيض النعام فأستخرجه فأشرب منه فلما أسلمت خرجت في تلك الغزوة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل قال فقلت والله لأختارن لنفسي صاحبا قال فصحبت أبا بكر قال فكنت معه في رحله قال وكانت عليه عباءة له فدكية فكان إذا نزلنا بسطها وإذا ركبنا لبسها ثم شكها عليه بخلال له قال وذلك الذي له يقول أهل نجد حين ارتدوا كفارا نحن نبايع ذا العباءة قال فلما دنونا من المدينة قافلين قال قلت يا أبا بكر إنما صحبتك لينفعني الله بك فانصحني وعلمني قال لو لم تسألني ذلك لفعلت قال آمرك أن توحد الله ولا تشرك به شيئا وأن تقيم الصلاة وأن تؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج هذا البيت وتغتسل من الجنابة ولا تتأمر على رجل من المسلمين أبدا قال قلت يا أبا بكر أما أنا والله فإني أرجو أن لا أشرك بالله أحدا أبدا وأما الصلاة فلن أتركها أبدا إن شاء الله وأما الزكاة فإن يك لي مال أؤدها إن شاء الله وأما رمضان فلن أتركه أبدا إن شاء الله وأما الحج فإن أستطع أحج إن شاء الله تعالى وأما الجنابة فسأغتسل منها إن شاء الله وأما الإمارة فإني رأيت الناس يا أبا بكر لا يشرفون عند رسول الله § صلى الله عليه وسلم وعند الناس إلا بها فلم تنهاني عنها قال إنك إنما استجهدتني لأجهد لك وسأخبرك عن ذلك إن الله عز وجل بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين فجاهد عليه حتى دخل الناس فيه طوعا وكرها فلما دخلوا فيه كانوا عواذ الله وجيرانه وفي ذمته فإياك لا تخفر الله في جيرانه فيتبعك الله خفرته فإن أحدكم يخفر في جاره فيظل ناتئا عضله غضبا لجاره أن أصيبت له شاة أو بعير فالله أشد غضبا لجاره قال ففارقته على ذلك قال فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أبو بكر على الناس قال قدمت عليه فقلت له يا أبا بكر ألم تك نهيتني عن أن أتأمر على رجلين من المسلمين قال بلى وأنا الآن أنهاك عن ذلك قال فقلت له فما حملك على أن تلي أمر الناس قال لا أجد من ذلك بدا خشيت على أمة محمد صلى الله عليه وسلم الفرقة.
تقسيم عوف الأشجعي الجزور بين قوم *
قال ابن إسحاق أخبرني يزيد بن أبي حبيب أنه حدث عن عوف بن مالك الأشجعي قال كنت في الغزاة التي بعث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل قال فصحبت أبا بكر وعمر فمررت بقوم على جزور لهم قد نحروها وهم لا يقدرون على أن يعضوها قال وكنت امرأ لبقا جازرا قال فقلت أتعطونني منها عشيرا على أن أقسمها بينكم قالوا نعم قال فأخذت الشفرتين فجزأتها مكاني وأخذت منها جزءا فحملته إلى أصحابي فاطبخناه فأكلناه فقال لي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أنى لك هذا اللحم يا عوف قال فأخبرتهما خبره فقالا والله ما أحسنت حين § أطعمتنا هذا ثم قاما يتقيئان ما في بطونهما من ذلك قال فلما قفل الناس من ذلك السفر كنت أول قادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجئته وهو يصلي في بيته قال فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قال أعوف بن مالك قال قلت نعم بأبي أنت وأمي قال أصاحب الجزور ولم يزدني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك شيئا.
غزوة ابن أبي حدرد بطن إضم وقتل عامر ابن الأضبط الأشجعي وغزوة ابن أبي حدرد وأصحابه بطن إضم وكانت قبل الفتح *
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله ابن أبي حدرد عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم بن جثامة بن قيس فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له ومعه متيع له ووطب من لبن قال فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه وأخذ بعيره وأخذ متيعه قال فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا إلى آخر الآية.
ابن حابس وابن حصن يختصمان في دم ابن الأضبط إلى الرسول *
قال ابن إسحاق حدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير قال سمعت زياد بن ضميرة بن سعد السلمي يحدث عن عروة بن الزبير عن أبيه عن جده وكانا شهدا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس تحتها وهو بحنين فقام إليه الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر يختصمان في عامر ابن أضبط الأشجعي عيينة يطلب بدم عامر وهو يومئذ رئيس غطفان والأقرع ابن حابس يدفع عن محلم بن جثامة لمكانه من خندف فتداولا الخصومة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع فسمعنا عيينة بن حصن وهو يقول والله يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا وهو يأبى عليه إذ قام رجل من بني ليث يقال له مكيثر قصير مجموع.
فقال والله يا رسول الله ما وجدت لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فرميت أولاها فنفرت أخراها اسنن اليوم وغير غدا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا قال فقبلوا الدية قال ثم قالوا أين صاحبكم هذا يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم § قال فقام رجل آدم ضرب طويل عليه حلة له قد كان تهيأ للقتل فيها حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ما اسمك قال أنا محلم بن جثامة قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاثا قال فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه قال فأما نحن فنقول فيما بيننا إنا لنرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر له وأما ما ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا.
موت محلم وما حدث له *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس بين يديه أمنته بالله ثم قتلته ثم قال له المقالة التي قال قال فو الله ما مكث محلم بن جثامة إلا سبعا حتى مات فلفظته والذي نفس الحسن بيده الأرض ثم عادوا له فلفظته الأرض ثم عادوا فلفظته فلما غلب قومه عمدوا إلى صدين فسطحوه بينهما ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه قال فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنه فقال والله إن الأرض لتطابق على من هو شر منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم بما أراكم منه.
دية ابن الأضبط *
قال ابن إسحاق وأخبرنا سالم أبو النضر أنه حدث أن عيينة بن حصن وقيسا حين قال الأقرع بن حابس وخلا بهم يا معشر قيس منعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلا يستصلح به الناس أفأمنتم أن يلعنكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيلعنكم الله بلعنته أو أن يغضب عليكم فيغضب الله عليكم بغضبه والله الذي نفس الأقرع بيده لتسلمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم § فليصنعن فيه ما أراد أو لآتين بخمسين رجلا من بني تميم يشهدون بالله كلهم لقتل صاحبكم كافرا ما صلى قط فلأطلن دمه فلما سمعوا ذلك قبلوا الدية.
غزوة ابن أبي حدرد لقتل رفاعة بن قيس الجشمي *
قال ابن إسحاق وغزوة بن أبي حدرد الأسلمي الغابة وكان من حديثها فيما بلغني عمن لا أتهم عن ابن أبي حدرد قال تزوجت امرأة من قومي وأصدقتها مائتي درهم قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعينه على نكاحي فقال وكم أصدقت فقلت مائتي درهم يا رسول الله قال سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد ما زدتم والله ما عندي ما أعينك به قال فلبثت أياما وأقبل رجل من بني جشم بن معاوية يقال له رفاعة بن قيس أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من بني جشم حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة يريد أن يجمع قيسا على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذا اسم في جشم وشرف قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلين معي من المسلمين فقال اخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم قال وقدم لنا شارفا عجفاء فحمل عليها أحدنا فو الله ما قامت § به ضعفا حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم حتى استقلت وما كادت ثم قال تبلغوا عليها واعتقبوها قال فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف حتى إذا جئنا قريبا من الحاضر عشيشية مع غروب الشمس قال كمنت في ناحية وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم وقلت لهما إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في ناحية العسكر فكبرا وشدا معى قال فو الله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم أو أن نصيب منهم شيئا قال وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء وقد كان لهم راع قد سرح في ذلك البلد فأبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه قال فقام صاحبهم ذلك رفاعة بن قيس فأخذ سيفه فجعله في عنقه ثم قال والله لأتبعن أثر راعينا هذا ولقد أصابه شر فقال له نفر ممن معه والله لا تذهب نحن نكفيك قال والله لا يذهب إلا أنا قالوا فنحن معك قال والله لا يتبعني أحد منكم قال وخرج حتى يمر بي قال فلما أمكنني نفحته بسهمي فوضعته في فؤاده قال فو الله ما تكلم ووثبت إليه فاحتززت رأسه قال وشددت في ناحية العسكر وكبرت وشد صاحباي وكبرا قال فو الله ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم وما خف معهم من أموالهم قال واستقنا إبلا عظيمة وغنما كثيرة فجئنا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجئت برأسه § أحمله معي قال فأعانني رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الإبل بثلاثة عشر يعيرا في صداقي فجمعت إلي أهلي.
غزوة عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل *
قال ابن إسحاق وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي رباح قال سمعت رجلا من أهل البصرة يسأل عبد الله بن عمر بن الخطاب عن إرسال العمامة من خلف الرجل إذا اعتم قال فقال عبد الله سأخبرك إن شاء الله عن ذلك بعلم كنت عاشر عشرة رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود ومعاذ ابن جبل وحذيفة بن اليمان وأبو سعيد الخدري وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل فتى من الأنصار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس فقال يا رسول الله صلى الله عليك أي المؤمنين أفضل فقال أحسنهم خلقا قال فأي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكرا للموت وأحسنهم استعدادا له قبل أن ينزل به أولئك الأكياس ثم سكت الفتى وأقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا نزلن بكم وأعوذ بالله أن تدركوهن إنه لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا الزكاة من أموالهم إلا منعوا القطر من السماء فلولا البهائم ما مطروا وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدو من غيرهم فأخذ بعض ما كان في أيديهم وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله وتجبروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم § ثم أمر عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية بعثه عليها فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سوداء فأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ثم نقضها ثم عممه بها وأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحوا من ذلك ثم قال هكذا يا بن عوف فاعتم فإنه أحسن وأعرف ثم أمر بلالا أن يدفع إليه اللواء فدفعه إليه فحمد الله تعالى وصلى الله على نفسه ثم قال خده يا بن عوف اغزوا جميعا في سبيل الله فقاتلوا من كفر بالله لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا فهذا عهد الله وسيرة نبيه فيكم فأخذ عبد الرحمن بن عوف اللواء.
غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر *
قال ابن إسحاق وحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده عبادة بن الصامت قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى سيف البحر عليهم أبو عبيدة بن الجراح وزودهم جرابا من تمر فجعل يقوتهم إياه حتى صار إلى أن يعده عليهم عددا قال ثم نفد التمر حتى كان يعطى كل رجل منهم كل يوم تمرة قال فقسمها يوما بيننا قال فنقصت تمرة عن رجل فوجدنا فقدها ذلك اليوم قال فلما جهدنا الجوع أخرج الله لنا دابة من البحر فأصبنا من لحمها وودكها وأقمنا عليها عشرين ليلة حتى سمنا وابتللنا وأخذ أميرنا ضلعا من أضلاعها فوضعها على طريقه ثم أمر § بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا قال فجلس عليه قال فخرج من تحتها وما مست رأسه قال فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبرها وسألناه عما صنعنا في ذلك من أكلنا إياه فقال رزق رزقكموه الله.
سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك وغزوة عمير بن عدي الخطمي لقتل عصماء بنت مروان *
قال ابن إسحاق وغزوة سالم بن عمير لقتل أبي عفك أحد بني عمرو § ابن عوف ثم من بني عبيدة وكان قد نجم نفاقه حين قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحارث بن سويد بن صامت فقال لقد عشت دهرا وما إن أرى من الناس دارا ولا مجمعا أبر عهودا وأوفى لمن يعاقد فيهم إذا ما دعا من أولاد قيلة في جمعهم يهد الجبال ولم يخضعا فصدعهم راكب جاءهم حلال حرام لشتى معا فلو أن بالعز صدقتم أو الملك تابعتم تبعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لي بهذا الخبيث فخرج سالم بن عمير أخو بني عمرو بن عوف وهو أحد البكاءين فقتله فقالت أمامة المزيرية في ذلك تكذب دين الله والمرء أحمدا لعمر الذي أمناك أن بئس ما يمني حباك حنيف آخر الليل طعنة أبا عفك خذها على كبر السن وغزوة عمير بن عدي الخطمي عصماء بنت مروان وهي من بني أمية ابن زيد فلما قتل أبو عفك نافقت فذكر عبد الله بن الحارث بن الفضيل § عن أبيه قال وكانت تحت رجل من بني خطمة ويقال له يزيد بن زيد فقالت تعيب الإسلام وأهله باست بني مالك والنبيت وعوف وباست بني الخزرج أطعتم أتاوي من غيركم فلا من مراد ولا مذحج ترجونه بعد قتل الرءوس كما يرتجى مرق المنضج ألا أنف يبتغي غرة فيقطع من أمل المرتجي قال فأجابها حسان بن ثابت فقال بنو وائل وبنو واقف وخطمة دون بني الخزرج متى ما دعت سفها ويحها بعولتها والمنايا تجي فهزت فتى ماجدا عرقه كريم المداخل والمخرج فضرجها من نجيع الدماء بعد الهدو فلم يحرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك ألا آخذ لي من ابنة مروان فسمع ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عمير بن عدي الخطمي وهو عنده فلما أمسى من تلك الليلة سرى عليها في بيتها فقتلها ثم أصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد قتلتها فقال نصرت الله ورسوله يا عمير فقال هل علي شيء من شأنها يا رسول الله فقال لا ينتطح فيها عنزان § فرجع عمير إلى قومه وبنو خطمة يومئذ كثير موجهم في شأن بنت مروان ولها يومئذ بنون خمسة رجال فلما جاءهم عمير بن عدي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا بني خطمة أنا قتلت ابنة مروان فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون فذلك اليوم أول ما عز الإسلام في دار بني خطمة وكان يستخفي بإسلامهم فيهم من أسلم وكان أول من أسلم من بني خطمة عمير بن عدي وهو الذي يدعى القارئ وعبد الله بن أوس وخزيمة بن ثابت وأسلم يوم قتلت ابنة مروان رجال من بني خطمة لما رأوا من عز الإسلام بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال خرجت خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت رجلا من بني حنيفة لا يشعرون من هو حتى أتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتدرون من أخذتم هذا ثمامة بن أثال الحنفي أحسنوا إساره ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال اجمعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه وأمر بلقحته أن يغدى عليه بها ويراح فجعل لا يقع من ثمامة موقعا ويأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول أسلم يا ثمامة فيقول إيها يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن ترد الفداء فسل ما شئت فمكث ما شاء الله أن يمكث ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما أطلقوا ثمامة فلما أطلقوه خرج حتى أتى البقيع فتطهر فأحسن طهوره ثم § أقبل فبايع النبي صلى الله عليه وسلم على الإسلام فلما أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه من الطعام فلم ينل منه إلا قليلا وباللقحة فلم يصب من حلابها إلا يسيرا فعجب المسلمون من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك مم تعجبون أمن رجل أكل أول النهار في معى كافر وأكل آخر النهار في معى مسلم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معى واحد.
سرية علقمة بن مجزز وسرية كرز بن جابر لقتل البجليين الذين قتلوا يسارا *
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز § لما قتل وقاص بن مجزز المدلجي يوم ذي قرد سأل علقمة بن مجزز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعثه في آثار القوم ليدرك ثأره فيهم فذكر عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمرو بن علقمة عن عمرو بن الحكم بن ثوبان عن أبي سعيد الخدري قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز قال أبو سعيد الخدري وأنا فيهم حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله ابن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت فيه دعابة فلما كان ببعض الطريق أوقد نارا ثم قال للقوم أليس لي عليكم السمع والطاعة قالوا بلى قال أفما أنا آمركم بشيء إلا فعلتموه قالوا نعم قال فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار قال فقام بعض القوم يحتجز حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال لهم اجلسوا فإنما كنت أضحك معكم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أمركم بمعصية منهم فلا تطيعوه وذكر محمد بن طلحة أن علقمة بن مجزز رجع هو وأصحابه ولم يلق كيدا حدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن محمد بن طلحة عن عثمان بن عبد الرحمن قال أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة محارب وبني ثعلبة عبدا يقال له يسار فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في لقاح له كانت ترعى § في ناحية الجماء فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من قيس كبة من بجيلة فاستوبئوا وطحلوا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو خرجتم إلى اللقاح فشربتم من ألبانها وأبوالها فخرجوا إليها فلما صحوا وانطوت بطونهم عدوا على راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم يسار فذبحوه وغرزوا الشوك في عينيه واستاقوا اللقاح فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم كرز بن جابر فلحقهم فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من غزوة ذي قرد فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وغزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى اليمن غزاها مرتين.
بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين وهو آخر البعوث *
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد بن حارثة § إلى الشام وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين فتجهز الناس وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون.
ابتداء شكوى رسول الله صلى الله عليه وسلم *
قال ابن إسحاق فبينا الناس على ذلك ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكوه الذي قبضه الله فيه إلى ما أراد به من كرامته ورحمته في ليال بقين من صفر أو في أول شهر ربيع الأول فكان أول ما ابتدئ به من ذلك فيما ذكر لي أنه خرج إلى بقيع الغرقد من جوف الليل فاستغفر لهم ثم رجع إلى أهله فلما أصبح ابتدئ بوجعه من يومه ذلك.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن عمر عن عبيد بن جبير مولى الحكم ابن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنئ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها الآخرة شر من الأولى ثم أقبل علي فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة قال فقلت بأبي أنت وأمي فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة ثم أستغفر لأهل البقيع ثم أنصرف فبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي قبضه الله فيه.
حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال ثنا @TR1_YBWS@ يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر بن ربيعة عن عبيد مولى الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهبني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع فخرجت معه حتى أتى البقيع فرفع يديه فاستغفر لهم طويلا ثم قال ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها والآخرة أشد من الأولى يا أبا مويهبة إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم خيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة فقلت يا رسول الله بأبي أنت فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة فقال والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة ثم انصرف رسول الله صلى § الله عليه وسلم فلما أصبح ابتدئ بوجعه الذي قبضه الله فيه صلى الله عليه وسلم حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال قال ابن إسحاق حدثني عبد الله بن عمر بن ربيعة عن عبيد بن حنين مولى الحكم بن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مثله.
تمريضه في بيت عائشة *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم الزهري عن § عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي وأنا أقول وا رأساه فقال بل أنا والله يا عائشة وا رأساه قالت ثم قال وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك قالت قلت والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استعز به وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن في أن يمرض في بيتي فأذن له.
قال ابن هشام حدثنا بهذا الحديث زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة.
تمريض رسول الله في بيت عائشة *
قال ابن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة عن محمد بن مسلم الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر عاصبا رأسه تخط قدماه حتى دخل بيتي قال عبيد الله فحدثت هذا الحديث عبد الله بن العباس فقال هل تدري من الرجل الآخر قال قلت لا قال علي بن أبي طالب ثم غمر رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتد به وجعه فقال هريقوا علي سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم قالت فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول حسبكم حسبكم.
كلمة للنبي واختصاصه أبا بكر بالذكر *
قال ابن إسحاق وقال الزهري حدثني أيوب بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر ثم كان أول ما تكلم به أنه صلى على أصحاب أحد واستغفر لهم فأكثر الصلاة عليهم ثم قال إن عبدا من عباد الله خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله قال ففهمها أبو بكر وعرف أن نفسه يريد فبكى وقال بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا فقال على رسلك يا أبا بكر ثم قال انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد فسدوها إلا بيت أبي بكر فإني لا أعلم أحدا كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله عن بعض آل أبي سعيد ابن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ في كلامه هذا فإني لو كنت متخذا من العباد خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده.
أمر الرسول بإنفاذ بعث أسامة *
وقال ابن إسحاق وحدثني @EW1_MJZA@ محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استبطأ الناس في بعث أسامة ابن زيد وهو في وجعه فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر وقد كان الناس قالوا في إمرة أسامة أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال أيها الناس أنفذوا بعث أسامة فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله وإنه لخليق للإمارة وإن كان أبوه لخليقا لها قال ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وانكمش الناس في جهازهم واستعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فخرج أسامة وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف من المدينة على فرسخ فضرب به عسكره وتتام إليه الناس وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام أسامة والناس لينظروا ما الله قاض في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصية الرسول بالأنصار *
وقال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني عبد الله بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم صلى واستغفر لأصحاب أحد وذكر من أمرهم ما ذكر مع مقالته يومئذ يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرا فإن الناس يزيدون وإن الأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم كانوا عيبتي التي أويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم § قال عبد الله ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيته وتتام به وجعه حتى غمر قال عبد الله فاجتمع إليه نساء من نسائه أم سلمة وميمونة ونساء من نساء المسلمين منهن أسماء بنت عميس وعنده العباس عمه فأجمعوا أن يلدوه وقال العباس لألدنه قال فلدوه فلما أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صنع هذا بي قالوا يا رسول الله عمك قال هذا دواء أتى به نساء جئن من نحو هذه الأرض وأشار نحو أرض الحبشة قال ولم فعلتم ذلك فقال عمه العباس خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب فقال إن ذلك لداء ما كان الله عز وجل ليقذفني به لا يبق في البيت أحد إلا لد إلا عمي فلقد لدت ميمونة وإنها لصائمة لقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوبة لهم بما صنعوا به.
دعاء الرسول لأسامة بالإشارة *
قال ابن إسحاق وحدثني سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن أسامة عن أبيه أسامة بن زيد قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي فأعرف أنه يدعو لي.
قال ابن إسحاق وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبيد بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما أسمعه يقول إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره قالت فلما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر كلمة سمعتها وهو يقول بل الرفيق الأعلى من الجنة قالت فقلت § إذا والله لا يختارنا وعرفت أنه الذي كان يقول لنا إن نبيا لم يقبض حتى يخير قال الزهري وحدثني حمزة بن عبد الله بن عمر أن عائشة قالت لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم قال مروا أبا بكر فليصل بالناس قالت قلت يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن قال مروه فليصل بالناس قالت فعدت بمثل قولي فقال إنكن صواحب يوسف فمروه فليصل بالناس قالت فو الله ما أقول ذلك إلا أني كنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر وعرفت أن الناس لا يحبون رجلا قام مقامه أبدا وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر.
قال ابن إسحاق وقال ابن شهاب حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال لما استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين قال دعاه بلال إلى الصلاة فقال مروا من يصلي بالناس قال فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقلت قم يا عمر فصل بالناس قال فقام فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون يأبى الله ذلك والمسلمون قال فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس قال قال عبد الله بن زمعة قال لي عمر ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك ولولا ذلك ما صليت بالناس قال قلت والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك ولكني حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.
كما قد حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي حدثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام النحوي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي قال قال ابن إسحاق قال ابن شهاب حدثنا عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب قال لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة قال مروا من يصلي بالناس فلم أر أحدا فيمن حضر أحق بها من عمر بن الخطاب وكان أبو بكر رضي الله عنه غائبا فأمرت عمر أن يصلي بالناس فلما كبر وكان رجلا جهير الصوت سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فقال أين أبو بكر يأبى الله عز وجل والمسلمون ذلك فدعي أبو بكر فصلى بالناس فقال عمر لابن زمعة ويحك ماذا صنعت والله لولا أني ظننت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أمرك أن تأمرني بالصلاة ما صليت بالناس.
اليوم الذي قبض الله فيه نبيه *
قال ابن إسحاق وقال الزهري حدثني أنس بن مالك أنه لما كان يوم § الاثنين الذي قبض الله فيه رسوله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الناس وهم يصلون الصبح فرفع الستر وفتح الباب فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام على باب عائشة فكاد المسلمون يفتتنون في صلاتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه فرحا به وتفرجوا فأشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سرورا لما رأى من هيئتهم في صلاتهم وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن هيئة منه تلك الساعة قال ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أفرق من وجعه فرجع أبو بكر إلى أهله بالسنح.
قال ابن إسحاق وحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن القاسم بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين سمع تكبير عمر في الصلاة أين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون فلولا مقالة قالها عمر عند وفاته لم يشك المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخلف أبا بكر ولكنه قال عند وفاته إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني وإن أتركهم فقد تركهم من هو خير مني فعرف الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا وكان عمر غير متهم على أبي بكر.
قال ابن إسحاق وحدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مليكة قال لما كان يوم الاثنين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا رأسه إلى الصبح وأبو بكر يصلي بالناس فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرج الناس فعرف أبو بكر أن الناس لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنكص عن مصلاه فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظهره وقال صل بالناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه فصلى قاعدا عن يمين أبي بكر فلما فرغ من الصلاة أقبل على الناس فكلمهم رافعا صوته حتى خرج صوته من باب المسجد يقول أيها الناس سعرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل § المظلم وإني والله ما تمسكون علي بشيء إني لم أحل إلا ما أحل القرآن ولم أحرم إلا ما حرم القرآن قال فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه قال له أبو بكر يا نبي الله إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما نحب واليوم يوم بنت خارجة أفآتيها قال نعم ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح.
شأن العباس وعلي *
قال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني عبد الله بن كعب بن مالك عن عبد الله بن عباس قال خرج يومئذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه على الناس من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصبح بحمد الله بارئا قال فأخذ العباس بيده ثم قال يا علي أنت والله عبد العصا بعد ثلاث أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كنت أعرفه في وجوه بني عبد المطلب فانطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه وإن كان في غيرنا أمرناه فأوصى بنا الناس قال فقال له علي إني والله لا أفعل والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحد بعده فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحاء من ذلك اليوم.
سواك الرسول قبيل الوفاة *
قال ابن إسحاق وحدثني يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عروة عن عائشة قال قالت رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم حين دخل من المسجد فاضطجع في حجري فدخل علي رجل من آل أبي بكر وفي يده سواك أخضر قالت فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه في يده نظرا عرفت أنه يريده قالت فقلت يا رسول الله أتحب أن أعطيك هذا السواك قال نعم قالت فأخذته فمضغته له حتى لينته ثم أعطيته إياه قالت فاستن به كأشد ما رأيته يستن بسواك قط ثم وضعه ووجدت رسول الله صلى الله عليه § يثقل في حجري فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص وهو يقول بل الرفيق الأعلى من الجنة قالت فقلت خيرت فاخترت والذي بعثك بالحق قالت وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم مع النساء وأضرب وجهي.
مقالة عمر بعد وفاة الرسول *
قال ابن إسحاق قال الزهري وحدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب فقال إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات وو الله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات قال وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر وعمر يكلم الناس فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى في ناحية البيت عليه برد حبرة فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم أقبل § عليه فقبله ثم قال بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة أبدا قال ثم رد البرد على وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال على رسلك يا عمر أنصت فأبى إلا أن يتكلم فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت قال ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ قال وأخذها الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم قال فقال أبو هريرة قال عمر والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات.
أمر سقيفة بني ساعدة *
قال ابن إسحاق ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة واعتزل علي بن أبي طالب والزبير ابن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر وانحاز معهم أسيد بن حضير في بني عبد الأشهل فأتى آت إلى أبي بكر وعمر فقال إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة قد انحازوا إليه فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته لم يفرغ من أمره قد أغلق دونه الباب أهله قال عمر فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار حتى ننظر ما هم عليه.
ابن عوف ومشورته على عمر بشأن بيعة أبي بكر *
قال ابن إسحاق وكان من حديث السقيفة حين اجتمعت بها الأنصار أن عبد الله بن أبي بكر حدثني عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال أخبرني عبد الرحمن بن عوف قال وكنت في منزله بمنى أنتظره وهو عند عمر في آخر حجة حجها عمر قال فرجع عبد الرحمن بن عوف من عند عمر فوجدني في منزله بمنى أنتظره وكنت أقرئه القرآن قال ابن عباس فقال لي عبد الرحمن بن عوف لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت قال فغضب عمر فقال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار السنة وتخلص بأهل الثقة وأشراف الناس فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا فيعي أهل الفقه مقالتك ويضعوها على مواضعها قال فقال عمر أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس فأجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حذوه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف قال فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك وقال ما عسى § أن يقول مما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهل له ثم قال أما بعد فإني قائل لكم اليوم مقالة قد قدر لي أن أولها ولا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فلا يحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعلمناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء وإذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر فمن بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا إنه كان من خبرنا حين توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن الأنصار خالفونا فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة وتخلف عنا علي بن أبي طالب والزبير بن العوام ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلا صالحان فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم وقال أين § تريدون يا معشر المهاجرين قلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار قالا فلا عليكم أن لا تقربوهم يا معشر المهاجرين اقضوا أمركم قال قلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ما له فقالوا وجع فلما جلسنا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا ويغصبونا الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فقال أبو بكر على رسلك يا عمر فكرهت أن أغضبه فتكلم وهو كان أعلم منى وأوقر فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته أو مثلها أو أفضل حتى سكت قال أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ولم أكره شيئا مما قاله غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها § المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش قال فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته ثم بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة قال فقلت قتل الله سعد بن عبادة.
تعريف بالرجلين اللذين لقيا أبا بكر وعمر في طريقهما إلى السقيفة *
قال ابن إسحاق قال الزهري أخبرني عروة بن الزبير أن أحد الرجلين اللذين لقوا من الأنصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة والآخر معن بن عدي أخو بني العجلان فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الذين قال الله عز وجل لهم فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم المرء منهم عويم بن ساعدة وأما معن بن عدي فبلغنا أن الناس بكما على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفاه الله عز وجل وقالوا والله لوددنا أنا متنا قبله إنا نخشى أن نفتتن بعده قال معن بن عدي لكني والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حيا فقتل معن يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر يوم مسيلمة الكذاب.
خطبة عمر قبل أبي بكر عند البيعة العامة *
قال ابن إسحاق وحدثني الزهري قال حدثني أنس بن مالك قال لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أيها الناس إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ولا كانت عهدا عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا يقول يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به § هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني اثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني الصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.
قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وهو عامد إلى حاجة له وفي يده الدرة وما معه غيري قال وهو يحدث نفسه ويضرب وحشي قدمه بدرته قال إذ التفت إلي فقال يا بن عباس هل تدري ما كان حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت لا أدري يا أمير المؤمنين أنت أعلم قال فإنه والله إن كان الذي حملني على ذلك إلا أني كنت أقرأ هذه الآية وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر أعمالها فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت.
جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه *
قال ابن إسحاق فلما بويع أبو بكر رضي الله عنه أقبل الناس على جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء فحدثني عبد الله بن أبي بكر وحسين ابن عبد الله وغيرهما من أصحابنا أن علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وقثم بن العباس وأسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين ولوا غسله وأن أوس بن خولي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي بن أبي طالب أنشدك الله يا علي وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أوس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بدر قال ادخل فدخل فجلس وحضر غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسنده علي بن أبي طالب إلى صدره وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه وكان أسامة بن زيد وشقران مولاه هما اللذان يصبان الماء عليه وعلي يغسله قد أسنده إلى صدره وعليه قميصه يدلكه به من ورائه لا يفضى بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي يقول بأبي أنت وأمي ما أطيبك حيا وميتا ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت.
كيف غسل الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد عن عائشة قالت لما أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه فقالوا والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أو نغسله وعليه ثيابه قالت فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي وعليه ثيابه قالت فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه والقميص دون أيديهم.
تكفين الرسول *
قال ابن إسحاق فلما فرغ من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيها إدراجا كما حدثني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده علي بن الحسين والزهري عن علي بن الحسين.
حفر القبر *
قال ابن إسحاق وحدثني حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس قال لما أرادوا أن يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي يحفر لأهل المدينة فكان يلحد فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما اذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح وللآخر اذهب إلى أبي طلحة اللهم خر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع في سريره في بيته وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل ندفنه في مسجده وقال قائل بل ندفنه مع أصحابه فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي عليه فحفر له تحته ثم دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه أرسالا دخل الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء حتى إذا فرغ النساء أدخل الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد § ثم دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الأربعاء.
دفن الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن أبي بكر عن امرأته فاطمة بنت عمارة عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة رضي الله عنها جوف الليل من ليلة الأربعاء وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب والفضل ابن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب يا علي أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له انزل فنزل مع القوم وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وبنى عليه قد أخذ قطيفة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها ويفترشها فدفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك أبدا قال فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان المغيرة بن شعبة يدعي أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت إن خاتمي سقط مني وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أحدث الناس عهدا به صلى الله عليه وسلم.
وحدثني الحسين بن علي بن الأسود عن يحيى بن آدم عن البكائي عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت محمد بن عمارة امرأة عبد الله بن أبي بكر ابن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا أصوات المساحي في جوف الليل ليلة الأربعاء وروي عن أبي معشر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدئ يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من صفر وقبض لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول فكانت شكايته ثلاث عشرة ليلة.
قال ابن إسحاق فحدثني أبي إسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبد الله بن الحارث قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في زمان عمر أو زمان عثمان فنزل على أخته § أم هانئ بنت أبي طالب فلما فرغ من عمرته رجع فسكب له غسل فاغتسل فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا حسن جئنا نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه قال أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أجل عن ذلك جئنا نسألك قال كذب قال أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم بن عباس.
خميصة الرسول *
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة حدثته قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة سوداء حين اشتد به وجعه قالت فهو يضعها مرة على وجهه ومرة يكشفها عنه ويقول قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر من ذلك على أمته.
قال ابن إسحاق وحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال لا يترك بجزيرة العرب دينان.
افتتان المسلمين بعد موت الرسول *
قال ابن إسحاق ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمت به مصيبة المسلمين فكانت عائشة فيما بلغني تقول لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والنصرانية ونجم النفاق وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيهم صلى الله عليه وسلم حتى جمعهم الله على أبي بكر.
قال ابن إسحاق وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم نب المساكين أن الخير فارقهم مع النبي تولى عنهم سحرا من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطرا أم من نعاتب لا نخشى جنادعه إذا اللسان عتا في القول أو عثرا كان الضياء وكان النور نتبعه بعد الإله وكان السمع والبصرا فليتنا يوم واروه بملحده وغيبوه وألقوا فوقه المدرا § لم يترك الله منا بعده أحدا ولم يعش بعده أنثى ولا ذكرا ذلت رقاب بني النجار كلهم وكان أمرا من امر الله قد قدرا واقتسم الفيء دون الناس كلهم وبددوه جهارا بينهم هدرا وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا آليت ما في جميع الناس مجتهدا مني ألية بر غير إفناد تا الله ما حملت أنثى ولا وضعت مثل الرسول نبي الأمة الهادي ولا برا الله خلقا من بريته أوفى بذمة جار أو بميعاد من الذي كان فينا يستضاء به مبارك الأمر ذا عدل وإرشاد أمسى نساؤك عطلن البيوت فما يضربن فوق قفا ستر بأوتاد مثل الرواهب يلبسن المباذل قد أيقن بالبؤس بعد النعمة البادي يا أفضل الناس إني كنت في نهر أصبحت منه كمثل المفرد الصادي.
كتاب الايام
ثم دخلت سنة إحدى عشرة
توفيت فاطمة
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال توفيت فاطمة وهي بنت ثمان وعشرين وكان مولدها وقريش تبني الكعبة وبنت قريش الكعبة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بسبع سنين وستة أشهر وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين بعد مبعثه ثم هاجر فأقام عشرا ثم عاشت فاطمة بعده ستة أشهر وتوفيت سنة إحدى عشرة من الهجرة.
ثم دخلت سنة سنة ثلاث عشرة
ذكر مرض ابى بكر ووفاته
حدثنا علي بن مسلم نا @TR1_ZATB@ زياد البكائي عن محمد بن إسحاق قال كانت خلافة أبي بكر سنتين وثلاثة أشهر واثنتين وعشرين يوما توفي في حمادى الأولى.
ثم دخلت سنة ثلاث وستين
ماتت ميمونة بنت الحارث
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال ماتت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحرة سنة ثلاث وستين.
دخلت سنة ثلاث وعشرين
وفاة عمر بن الخطاب
قال @TR1_ZATB@ زياد وحدثني ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال طعن أبو لؤلؤة عمر وهو يوقظ الناس لصلاة الصبح وكان إذا خرج أهيب الناس بدرته يقول الصلاة الصلاة قال فطعنه أبو لؤلؤة ثلاث طعنات طعنتين فوق سرته وطعنة تحت سرته فكانت التي قتلته التي تحت سرته § ثم أغار على الناس يطعن فيهم فطعن ثلاثة عشر إنسانا فلما غلب عمر قال مروا عبد الرحمن بن عوف يصلي واحتمل إلى بيته فما علم به عظم الناس حتى سمعوا قراءة عبد الرحمن بن عوف قال ورمى مباح عليه برنسا أو خميصة سوداء فلما رأى أنه قد طرحها عليه قتل نفسه قال فلما فرغ الناس من صلاتهم ودخلوا على عمر قال من أصابني قالوا قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة قال ابن إسحاق وكان من أهل نهاوند وكان مجوسيا فقال عمر الحمد لله الذي لم يجعله مسلما صلى يوما واحدا صلاة يخاصمني بها عند الله قال ثم أغمي عليه بعد فأنبهناه لصلاة الصبح وقد أسفر فقال نعم ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة قال ثم قال ادعوا لي رجلا فلينظر قال فدعي له رجل من العرب فسقاه النبيذ فأشكل عليه ثم دعي له رجل من الأنصار فسقاه اللبن فخرج يصلد فقال اعهد يا أمير المؤمنين فقال عمر صدقني أخو بني معاوية ولو قال غير ذلك كذبته.
قال ابن إسحاق وحدثني نافع عن ابن عمر قال مات ممن أصاب أبو لؤلؤة ثمانية نفر منهم كليب بن قيس وبقي سبعتهم.
قال ابن اسحاق وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عبد الله بن الزبير قال طعن عمر يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة ثم بقي ثلاثة أيام ثم مات رحمه الله.
قال ابن إسحاق وحدثني إبراهيم بن كثير مولى آل الزبير عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال لما طعن عمر أتاه الناس فسمع لهم هدة على الباب وهم يطلبون الدخول على عمر قال فقال الناس يا أمير المؤمنين استخلف علينا عثمان بن عفان قال فكيف بحبه المال والخيلة قال فخرجوا من عنده ثم سمع لهم هدة فقال ما شأن الناس قالوا يا أمير المؤمنين يريدون الدخول عليك فأذن لهم فدخلوا فقالوا استخلف علي بن أبي طالب قال إذا يحملكم على طريقه من الحق.
قال ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن عمر قال أكببت عليه عند ذلك فقلت يا أمير المؤمنين ما يمنعك منه قال أي بني أحملها حيا وميتا.
قال ابن إسحاق وقد كان عبيد الله بن عمر حين طعن عمر قيل له § إن أبا لؤلؤة قد كان بالأمس هو والهرمزان وجفينة رجل من أهل الحيرة وكان نصرانيا وكان يكون على خيل سعد بن أبي وقاص فوثب عبيد الله على الهرمزان فقتله وقتل جفينة فبلغ ذلك عمر فطلبه فهرب فلم يزل هاربا حتى مات عمر.
قال ابن إسحاق عن صالح بن كيسان عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال كان الذي شبه عليهم في جفينة والهرمزان أن عبد الله بن أبي بكر قال إني قد مررت بهم أمس وجفينة والهرمزان وأبو لؤلؤة جلوس يتناجون فمرت بهم دابة ففرقت منهم فبرز منهم سهم خنجر له رأسان فإن كان الذي أصيب به عمر هذه الصفة فلا أرى القوم إلا قد كانوا فيه جميعا فنظر إلى الخنجر فإذا هو كما وصف فمن ثم استحل عبيد الله من القوم ما استحل.
ثم دخلت سنة خامسة وثلاثين
وفاة عثمان بن عفان
وقال @TR1_ZATB@ زياد قال ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمي قال لما قتل عثمان سجي بثوبه واجتمع الناس إليه قعد محمد بن أبي بكر على بابه ومعه شيء كأنه ينكث في الأرض به ونائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان جالسة في البيت تلعنه وتقول عليك لعنة الله من ابن للعشيرة جمعت إلى أمير المؤمنين أوباش العرب وكلاب الناس حتى قتلوه عليك لعنة الله فلما أكثرت عليه قال وعليك لعنة الله والله ما أنا إلا في شأنك أيقع عليك السهم أم لا قالت قبحك الله.
قال ابن إسحاق بلغني أن الذي أجهز على عثمان حين وجأه محمد بن أبي بكر سودان بن حمران المرادي من أهل مصر علاه بالسيف حتى قتله.
وحدثني غير واحد عن أسد عن @TR1_ZATB@ زياد عن ابن اسحاق قال حدثني يعقوب ابن عتبة عن عقبة بن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه قال كنت في النظارين يومئذ يعني يوم الدار قال فخرج عبد الله بن زمعة يعني يوم الدار وكان رجلا جبارا فقال هل من مبارز يقول ذلك مرتين أو ثلاثة فخرج عبيد بن رفاعة حتى كمن له خلف الباب فلما خرج صاح به من خلفه وخرج مبادرا يشتد في سكك المدينة وخرج في أثره قال وطلب الرجل وجعل يسأل عنه § في سكك المدينة فكل ما سأل عنه أحدا قال والله مر يشتد وخلفه رجل يشتد بالسيف يتبعه ما ندري ما أمره حتى أدركه في بعض سكك المدينة فقتله.
قال @TR1_ZATB@ زياد قال ابن إسحاق وقد قتل يوم الدار مع عثمان من بني أسد ابن عبد العزى عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود بن المطلب وعبد الله بن عبد الرحمن ابن العوام بن خويلد بن أسد ومن بني عبد الدار بن قصي عبد الله بن أبي هبيرة ابن عوف بن السباق بن عبد الدار بن قصي ومن بني زهرة بن كلاب المغيرة بن الأخنس بن شريق وضرب سعيد بن العاص على رأسه ضربة فاشتد فلم يزل مأموما حتى مات وجرح عبد الله بن الزبير جراحة في ثديه وجرح مروان بن الحكم حتى ارتث.
ثم دخلت سنة ستة وثلاثين
يوم الجمل
قتل يوم الخمل من النلس
وقال ابن إسحاق وقال علي لو كان الزبير على بصيرة ما ولى أبدا وإن كان لهو الشجاع قال وبلغني أن عاتكة بنت زيد بن عمرو وكانت عند عبد الرحمن بن أبي بكر فخلف عليها بعده عمر بن الخطاب ثم خلف عليها الزبير بن العوام فقتل عنها فقالت § غدر ابن جرموز بفارس نجدة يوم اللقاء وكان غير معرد والله لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش اللسان ولا اليد شلت يمينك إن قتلت مباركا حلت عليك عقوبة المتعمد.
وحدثني غير واحد عن أسد بن الفرات عن @TR1_ZATB@ زياد عن ابن إسحاق قال قتل يوم الجمل من الناس من قريش ثم من بني أمية بن عبد شمس عبد الرحمن بن عتاب ابن أسيد ومن بني حبيب بن عبد شمس عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر بن كرير ومن بني عبد العزى بن عبد شمس علي بن عدي بن محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس وعبد الله بن محرز بن حارثة بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس وعبد الرحمن بن وليد بن علي بن ربيعة ومن بني نوفل بن عبد مناف مسلم بن قرظة بن محمد بن عمرو بن نوفل ومن بني أسد بن عبد العزى الزبير بن العوام وعبد الله ابن حكيم بن حزام ومن بني عبد الدار بن قصي عبد الله بن الحارث وعبد الله بن مسافع بن طلحة بن أبي طلحة ومن بني زهرة بن كلاب الأسود بن عوف وعبد الله بن المغيرة بن الأخنس بن شريق ومعبد بن المقداد بن عمرو ومن بني مخزوم عبد الرحمن بن الوليد ومعبد بن زهير بن § أبي أمية بن المغيرة ومن بني تيم بن مرة طلحة بن عبيد الله ومحمد بن طلحة وعبد الرحمن بن عبيد الله وعثمان بن عبيد الله بن عثمان وعبد الرحمن بن أبي سلمة بن الحارث ومن بني عدي بن كعب سليمان بن مطيع بن الأسود بن حارثة بن نصلة والمقداد بن مطيع ومن بني جمح عبد الرحمن بن وهب بن أسيد بن عقبة بن وهب وعبد الله بن زمعة بن ربيعة بن رياح حليف لهم وعبد الله بن هانئ مولى عبد الله بن مسلم مولى الحارث بن حاطب وهبار بن وهب بن حذافة ومسلم بن حسان وعامر بن خريم بن سليمان بن ربيعة بن سعد بن جمح وتميم ابن صلت حليف لهم ومن بني سهم حسان بن علي بن فروة بن قيس بن عبد الله بن سهم ومن بني عامر بن لؤي عمرو بن حمير وعبد الرحمن بن حمير بن عمرو بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود وأبو سفيان بن حويطب بن عبد العزى وأبو السائب مولى لهم ومن بني علي بن معيص عبد الله بن مطيع بن أنس بن عبد وهب بن جابر بن الصلت ومن بني الحارث بن فهر إسرائيل بن أبي إسرائيل ومن بني محارب بن فهر علي بن مضرس وحكيم بن مضرس بن حبيس بن كثير بن عمرو بن حبيب بن سفيان بن محارب.
وحدثت عن @TR1_ZATB@ زياد عن أبي إسحاق قال مر علي أيضا بمحمد بن طلحة قتيلا فقيل له هذا محمد قتيلا قال السجاد وكان أطول الناس سجودا فتمثل علي بهذا البيت نفلق هاما من رجال أعزة علينا وهم كانوا أعق وأظلما.
حدثني غير واحد عن أسد عن @TR1_ZATB@ زياد عن أبي إسحاق قال حدثني شيخ من طيء قال كان حابس بن سعد رجلا قد شرف بالشام وكان يسكنها زمن عمر بن الخطاب قال فقدم وافدا على عمر بن الخطاب فقال له عمر ويحك إن أردنا أن نستعملك على بعض أعمالنا في بلادك فكيف أنت قاض بين الناس إن وليناك ما هناك فقال أقضي فيه بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم أجد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتهدت فيه برأي قال عمر قضى الذي عليه اذهب فقد وليناك كذا وكذا قال فولي غير بعيد ثم رجع فقال يا أمير المؤمنين قد رأيت رؤيا وأردت أن أعرضها عليك قال ما هي قال رأيت الشمس والقمر اختلفا فرأيت مع هذا ناسا ومع هذا ناسا قال فمع أيهما كنت قال مع القمر قال مع الآية الممحوة لا والله لا تكن لي على عمل أبدا فالحق § بشأنك فقتل مع معاوية بصفين فمر به علي بن أبي طالب وهو منعفر في التراب فضربه برجله ثم قال خدعوك والله يا أبا سعيد بدنياهم عن دينك.
ثم دخلت سنة سبع وثلاثين
يوم صفين
وحدث عن أسد بن الفرات عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن إسحاق قال حدثنا صالح بن إبراهيم عن شيخ من أسلم قال شهدنا صفين مع علي بن أبي طالب قال فوالله إن الناس لفي سكناهم ومنازلهم الرجل يصلح سرجه والرجل يعلف دابته قال فوالله ما راعنا إلا عمار يصرخ بأعلى صوته يا معشر المسلمين من رائح إلى الله عز وجل الظمآن يرد الماء الجنة تحت ظلال السيوف وأطراف العوالي فأخذ الناس في السلاح والتهيئ والركوب قال ثم التقينا حتى صارت الشمس على رؤوسنا فتنازعنا حتى انتصف الليل فقتل عمار بن ياسر وأبو جهم وحذيفة بن ثابت الأنصاري وأبو الهيثم بن التيهان.
خلافة معاوية
قصة أمرأة أبي الأسود الديلي
وباسناده عن محمد بن زكريا الغلأبي قال حدثنا أبو زيد بحاح ممدح ابن عمير الحنفي قال حدثنا بشر بن ابراهيم إلانصاري عن الأوزاعي قال الغلأبي وحدثنا عبد الله بن الضحاك قال حدثنا هشأم بن محمد عن عوانة قال الغلابي حدثنا محمد بن عبيد الله الجشمي عن عطاء بن مصعب عن عاصم بن الحدثان قال الغلابي وحدثنا كثير بن يحيى قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد البكائي عن محمد بن اسحاق عن عبد الملك بن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة بن قارب الثقفي قالوا كان أبو الاسود الديلي كثيرا عند معاوية وكان يقرب مجلسه ويدنيه إذا وفد عليه ويسإله عن اشياء فيقول فيها بعلم فبينا هو ذات يوم عند معاوية اذ دخلت أمرأة برزة فقالت § اصلح الله أمير المؤمنين وأمتع به ان الله جعلك خليفة في البلاد ورقيبا على العباد يستسقى بك المطر ويستنبت بك الشجر ويأمن بك الخائف وأنت الخليفة المصطفى وإلأمير المرتضى فاسال الله لك النعمة في غير تقصير والبركة في غير تقتير فقد الجإني اليك يا أمير المؤمنين أمر ضاق به عني المخرج من أمر كرهت اعادته لما أردت اظهاره فليكشف عني أمير المؤمنين إلهم ولينصفني من الخصم ليكن ذلك على يديه وإني اعوذ بعقوتك من العار الوبيل وإلامر الجليل الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول إلاخيار فقال لها معاوية من هذا الذي يشعرك شناره قالت أمر طلاق جاءني من بعل غادر لا تاخذه من الله مخافة ولا يجدي حذافه قال ومن بعلك قالت هو أبو إلاسود الديلي فالتفت معاوية إليه وقال احقا ما تقول هذه المراة § قال إنها لتقول من الحق بعضا وليس يطيق احد عليها نقضا أما ما ذكرت من أمر طلاقها فهو حق وساخبرك أما والله ما طلقتها لريبة ظهرت ولا لهفوة خطرت ولكني كرهت شمائلها فقطعت حبائلها قال واي شمائلها كرهت قال انك مهيجها علي بجواب عتيد ولسان شديد قال لابد لك من مجأوبتها فاردد عليها قولها عند محأورتها قال هي يا أمير المؤمنين كثيرة الصخب دائمة الذرب مهينة للأهل مؤذية للبعل ان ذكر خيرا دفنته وان ذكر شرا إذاعته تخبر بالباطل وتطير مع إلهازل لا تنكل عن عتب ولا يزال زوجها معها في تعب قالت له والله لولا حضور أمير المؤمنين ومن حضره من المسلمين لرددت عليك نوادر كلأمك بنوادر تدع كل سهأمك فقال معاوية عزمت عليك لما اجبته قالت يا أمير المؤمنين هو والله جهول ملحاح بخيل ان قال فشر قائل وان سكت فذو دغائل ليث حين يأمن ثعلب حين يخاف شحيح حين يضاف ان التمس الجود عنده انقمع لما يعلم من لؤم § آبائه وقصر رشائه ضيفه جائع وجاره ضائع لا يحمي ذمارا ولا يضرم نارا ولا يرعى جوارا اهون الناس عنده من أكرمه وأكرمهم عليه من اهإنه فقال معاوية ما رايت أعجب من أمر هذه المرأة انصرفي الي رواحا فلما كان من العشي جاءت وإذا معاوية يخطب فلما رآها أبو إلاسود قال اللهم اكفني شرها قالت قد كفاك الله شري وأرجو أن يعيذك مناشر نفسك قال ناوليني هذا الصبي حتى احمله قالت ما جعلك الله باحق بحمل ابني مني فوثب فانتزعه منها فقال معاوية مهلا يا ابا الاسود قال يا أمير المؤمنين حملته قبل ان تحمله ووضعته قبل ان تضعه قالت صدق حمله خفا وحملته ثقلا ووضعه شهوة ووضعته كرها وقد كان حجري حواءه وبطني وعاءه وثديي سقاءه فقال ما رايت أعجب من هذه المرأة فقال أبو إلاسود يا أمير المؤمنين إنها تقول من الشعر أبياتا فتجيدها § قال فتكلف أنت لعلك تقهرها بالشعر فقال أبو إلاسود مرحبا بالتي تجور علينا ثم سهلا بحامل محمول اغلقت بابها علي وقالت ان شر النساء ذات البعول شغلت قلبها علي فراغا هل سمعتم بفارغ مشغول فقالت ترد عليه ليس من قال بالصواب وبالحق كمن حاد عن سواء السبيل كان حجري حواءه حين يضحي ثم ثديي سقاءه للاصيل لست ابغي بواحدي يا ابن حرب بدلا ما رايته والجليل قال معاوية ليس من قد غذاه طفلا صغيرا وسقاه من ثديه بالخدول هي أولى به واقرب رحما من أبيه وفي قضايا الرسول أمه ما حنت عليه هي أولى من أبيه بذا الغلام الأصيل قال فدفعه إليها.
كتاب السنة الرسول الله
كتاب العبادة
كتاب أحكام الطتهارة
وضوء
حدثنا مطلب بن شعيب الأزدي ثنا عبد الله بن صالح حدثني الليث حدثني زيد بن جبيرة بن محمود بن أبي جبيرة الأنصاري من بني الأشهل عن أبيه جبيرة بن محمود عن سلمة بن سلامة بن وقش صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما دخلا وليمة وسلمة على وضوء فأكلوا ثم خرجوا فتوضأ سلمة فقال له جبيرة ألم تكن على وضوء قال بلى ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا من دعوة دعونا لها ورسول الله صلى الله عليه وسلم على وضوء فأكل ثم توضأ فقلت له ألم تكن على وضوء يا رسول الله قال بلى ولكن الأمر يحدث وهذا مما قد حدث حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق ح وحدثنا سهل بن موسى شيران الرامهرمزي ثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا وهب بن جرير بن حازم ثنا @TR1_JHZA@ أبي عن محمد بن إسحاق أنا صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن محمود بن لبيد عن سلمة بن سلامة بن وقش قال كان بين أبياتنا رجل يهودي وذكر الحديث.
كتاب الصلاة
حدثنا نصر بن علي قال نا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله قال نا ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عمر بن الحكم قال صلى بنا عمار صلاة فخففها فقال له رجل لقد خففتها قال هل رأيتني نقصت من ركوعها أو حدودها شيئا قال لا ولكنك خففتها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرجل ليصلي الصلاة ولعله أن لا تكون له من صلاته إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها حتى انتهى إلى آخر العدد.
وحدثنا عمر بن يحيي الأبلي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله حدثنا محمد ابن إسحاق عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله @TR1_ZATB@ عليه وسلم قال من نام عن صلاة فليصلها إذا ذكرها.
حدثنا محمد بن موسى الأبلي قال نا عمر بن يحيى الأبلي قال نا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ثم تلا أقم الصلاة لذكري .
نا محمد بن موسى الحرشي نا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله نا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب فذكر الحديث وقال أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم قال بلى.
كتاب العيع
أخبرنا الشيخ أبو نصر عبد السيد بن الصباغ قال أخبرنا أبو الحسين بن القطان قال أخبرنا إسماعيل هو الصفار قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثني @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم § إياكم وكثرة الحلف عند البيع فإنه ينفق ثم يمحق.
تراجم
تراجم الرجال
تميم بن عمرو أبو الحسن المازني
حدثنا أحمد بن عبد الله البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال أبو الحسن المازني جد عمرو بن يحيى اسمه تميم بن عمرو استعمله علي بن أبي طالب على المدينة حين خرج إلى العراق حين خرج إليه سهل بن حنيف.
حسان بن ثابت بن عمرو بن زيد بن عدي بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال توفي حسان بن ثابت سنة أربع وخمسين.
أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق في تسمية من شهد بدرا من الأنصار ثم من بني الخزرج ثم من بني النجار أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار وتوفي بالقسطنطينية مع يزيد بن معاوية بن أبي سفيان سنة إحدى وخمسين.
سهيل بن وهب بن ربيعة
بدري توفي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد نسبته وهو سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر وبيضاء أمه واسمها دعد بنت أسد بن جحذم بن أمية بن الحارث بن فهر حدثنا أحمد بن عبد الرحمن البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق بهذه النسبة.
زيد بن حارثة بن شراحيل
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى بن امرئ القيس بن عامر بن النعمان بن عامر بن عبد ود بن عوف بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد الله بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن الحارث بن قضاعة ويقال إن أم زيد سعاد بنت زيد من طيئ.
طلحة بن عبيد الله
حدثنا محمد بن معاذ الحلبي قال حدثنا أبو عمر الضرير قال حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن مالك بن أبي عامر قال سمعت طلحة بن عبيد الله يقول لا تجد إنسانا فيه خير يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبد الرحمن بن عوف
حدثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق أن عبد الرحمن بن عوف كان ساقط الثنيتين أهتم أعسر أعرج كان أصيب يوم أحد فهتم وجرح عشرين جراحة أو أكثر أصابه بعضها في رجله فعرج.
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال ثنا عبد الملك بن هشام قال ثنا زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال كان عبد الله بن جعفر يخضب بالحناء.
عبد الله بن عباس
حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي كتبنا عنه في حياة هشيم كان قد سمع المغازي عن محمد بن إسحاق حدثنا منصور يعني ابن المعتمر عن مجاهد رضي الله عنهما قال هاجت § ريح على عهد عبد الله بن عباس فسبها الناس فقال ابن عباس لا تسبوها فإنها تجيء بالعذاب والرحمة ولكن قولوا اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم لا تجعل الريح علينا عذابا.
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال كان ابن عباس طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه له ضفيرتان.
عمر بن الخطاب
دثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن ابن إسحاق قال عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك يكنى أبا حفص رضي الله عنه وأمه حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وأم حنتمة الشفاء بنت عبد قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي.
محمد بن عبد الله بن جحش
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال محمد بن عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار حليف بني أمية جدته أم أبيه أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل أبوه يوم أحد شهيدا وعمته زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا سليمان بن أحمد ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال محمد بن عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار حليف بني أمية جدته أم أبيه أم أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أبوه عبد الله بن جحش يوم أحد شهيدا § وجدع أنفه وعمة محمد زينب بنت جحش زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وعمته الأخرى حمنة بنت جحش كانت حمنة تحت مصعب بن عمير ثم خلف عليها طلحة بن عبيد الله وهي أم محمد بن طلحة السجاد هاجر مع أبيه وعمه أبي أحمد بن جحش يعد في قريش بالحلف وذلك أن جحشا قدم مكة ومعه ألف بعير فقال لا أنزل عن راحلتي حتى أصاهر سيد أهل مكة وأحالف أعز أهل مكة فتزوج أميمة بنت عبد المطلب وحالف حرب بن أمية وأولاده منها.
محمد بن عمرو بن العاص
قال أبو العرب حدثني غير واحد عن أسد بن الفرات عن @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال حدثني رجل عن ابن سيرين عن أنس بن مالك أنه قال بينما نحن عند عمر بمنى إذ دخل عليه رجل من أهل مصر فقال يا أمير المؤمنين إنني استبقت أنا ومحمد بن عمرو بن العاص فسبقته فعدى علي فضربني بين ظهراني المسلمين وهو يقول خذها وأنا ابن الكريمين فجئت أباه أستأذنه فيما صنع بي فحبسني أربعة أشهر ثم أرسلني فخرجت في حاج المسلمين فجئت إليك لتأخذ مظلمتي فقال أعجل علي بعمرو بن العاص وابنه قال فأوتي بهما قال عمر ويحك ما بينتك على ما تقول قال الجند كلهم يا أمير المؤمنين من وافى الحاج منهم فسأل الناس فأخبروه ذلك فدعا بمحمد بن عمرو فجرد من ثيابه ثم أمكن المصري من السوط ثم قال له اضرب فضرب المصري وعمر يقول خذها وأنت ابن اللئيمين حتى تركه قال ونحن والله ما نشتهي أن يزيده حتى نزع عنه وقال عمر أما والذي نفسي بيده لو ضربته § ما أمسكت يدك عنه ما ضربت ثم قال علي بعمرو فأوتي به شيخ أصلع فمزقت ثيابه ونحن والله نشتهي أن يوجعه ضربا ثم قال اضرب فقال يا أمير المؤمنين إنه حبسني ولم يضربني قال أما والله لو ضربته ما أمسكت يدك عنه ما ضربت قل عمرو أما قد فعلت هذا لا نعلم لك قال أجل فاذهب حيث شئت والله يا معشر قريش إن تريدون إلا أن تردوا الناس خولا ما مثلهم ومثلكم إلا كقوم اصطحبوا في سفر فقالوا لرجل تقدم فأمنا في صلاتنا وأقسم علينا فيئنا أفأساءوا بذلك أم أحسنوا.
معيقيب بن أبي فاطمة
معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي من مهاجرة الحبشة حليف بني سعيد بن العاص الأكبر وكان جارا لعمر بن الخطاب على بيت المال حدثنا بذلك أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق.
المقداد بن عمرو بن ثعلبة
حدثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام السدوسي ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق قال المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد بن زهير بن ثور بن ثعلبة بن مالك بن الشريد بن هزل بن قابس بن دريم بن القين بن أهود بن بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة وإنما نسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة لأنه تبناه وحالفه وكان آدم أبطن يصفر لحيته أقنى طويل الأنف مات بالمدينة وهو ابن سبعين سنة وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
النعيمان
حدثنا محمد بن موسى الحرشي حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالنعيمان قد شرب الخمر ثلاثا فأمر بضربه فلما كان في الرابعة أتي به قد شرب فأمر به فجلد فكان ذلك ناسخا للقتل.
حدثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله ثنا ابن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وقال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم النعيمان أربع مرات.
تراجم النساء
أم الفضل لبابة بنت الحارث بن حزن
حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي ثنا @TR2_AMIH@ عبد الملك بن هشام ثنا @TR1_ZATB@ زياد بن عبد الله عن محمد بن إسحاق قال لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن ريبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية.
This passage, dealing the the story of God's command that Ibrāhīm sacrifice his son, is not found in the redaction of Ibn Hishām. A version of the story is found in WSAFB (WITNESS NOT FOUND) on TBRBV01P274B (al-Ṭabarī, Taʾrīkh al-rusul waʾl-mulūk (1967), vol. 1 p. 274), TBJXV14P446A (al-Ṭabarī, Jāmiʿ al-bayān ʿan tāʾwīl āy al-Qurʾān, vol. 14 p. 446), and RZTXV04P1117K (Ibn Abī Ḥātim al-Rāzī, Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm, vol. 4 p. 1117).